مجلة ينابيع - تعنى بنشر فكر أهل البيت عليهم السلام - page 11

سبحانه وتعالى لما خلق الخلق وأنزلهم
إلى دار البلاء والاختبار، لم يتركهم
بهما، ولم يسلمهم إلى الأقدار والأهواء
تعبث بهم، وهو بعد ذلك يدعوهم إلى
عبادته وحسن الاتكال عليه وتنفيذ
أوامره والابتعاد عن نواهيه، دون أن
يخبرهم نوع العبادة الصحيحة وما هي
الأوامر والنواهي حتى يتمكن الإنسان
من الانسياق مع الأوامر والانصراف عن
النواهي وحتى يحسن الاتصال الصحيح
بين العبد والرب.
على هذا فقد أرسل الله عزوجل
من جنسهم هم أنبياء
ً
للناس رسلا
مكرمون وعباد صالحون يفعلون ما
يؤمرون، وينفذون ما أوصاهم به
ربهم ويوصيهم به ما داموا في الخدمة
الرسالية، وأمر الله جل جلاله بعد
ذلك الناس بالاقتداء بالرسل والأخذ
بمنهاجهم القويم وتنفيذ أوامر الرسول
،
)2(
وحسن الاقتداء به والطاعة المطلقة له
فالأنبياء وهم مثال الإنسانية ونموذجها
الأسمى في البصيرة والحكمة والنبل
والأخلاق الرفيعة، كانوا متعلقين بأدب
. ً
الدعاء أيضا
على الأنبياء أن يحسنوا
ً
وكان لزاما
تعليم الناس وتنويرهم إلى طريق الله
السالك والعماد النافع لحسن الاتصال به
عليهم أن يحسنوا
ً
، وكان لزاما
)3(
وجل
ّ
َ
عز
التصرفأمام الناسويكونوا قدوةصالحة
ويكونوا بحق مرآة الله في
)4(
لغيرهم
،
)5(
أرضه أو كما يقال (ظل الله في أرضه)
عليهم أن يكون دعاؤهم
ً
وأصبح لزاما
للناس لهدايتهم وطلب الغفران لهم منه
وجل)، وكانوا بحق كذلك، على
ّ
َ
(عز
من أدعيتهم لأنفسهم
ً
أنهم لم ينسوا حظا
وأهليهم، فكان دعاء الأنبياء في القرآن
على صورتين:
الصورة الأولى: دعاء الأنبياء
العام:
إن دعوة الأنبياء والصالحين الورعين
الذين هداهم الله لطاعته وحسن التوكل
عليه، قد رسمت للحياة الصالحة الهادئة
للتعايش السلمي
ً
ومنهاجا
ً
قويما
ً
سبيلا
في هذه الحياة ليكون فيه الناس سواسية
ا ويحترم بعضهم
ً
يحب بعضهم بعض
ا، يحافظ فيها القوي على الضعيف
ً
بعض
ويرحم فيها الغني الفقير ويترحم فيها
الشريف على الوضيع، ويقوى الإيثار
بينهم ليكونوا في هذه الدنيا مسالمين
سلميين بدل أن يكونوا أعداء متحاربين.
وكان ممن دعا له الأنبياء عباد الله
المؤمنين أن يثقوا بالله العلي القدير
من
)6(
اء
ّ
اء والضر
ّ
وأن يسألوا في السر
خيره وفضله ما يديم عليهم في هذه
الدنيا نعمه الجليلة، وأن لا يسألوه في
اء من خيره وفضله حتى يذهب
ّ
الضر
اء
ّ
عنهم الضر، وأن يسألوه في السر
أن يديم عليهم نعمه وأن يتفضل عليهم
بدوامها واستدامتها وزيادتها والإكثار
منها والطلب منه سبحانه غيرها مما لم
يبلغهم منها شيء بعد.
ً
وهكذا فقد رسم الأنبياء منهاجا
يعتمد في جملته على الاتكال على
ً
قويما
الله وحسن الظن به وإدامة الاتصال به
لطلب الخير منه وزيادته وإبعاد الشر
والضر والفحشاء عنهم وأن يتعاملوا مع
الناس بالحسنى. وكمثال على ذلك ما جاء
:
A
على لسان نوح
ا *
ً
ار
َّ
ف
َ
غ
َ
ان
َ
ك
ُ
ه
َّ
ن
ِ
إ
ْ
م
ُ
ك
َّ
ب
َ
وا ر
ُ
ر
ِ
ف
ْ
غ
َ
ت
ْ
(اس
صور الدعاء في القرآن الكريم
11
1...,12,13,14,15,16,17,18,19,20,21 2,3,4,5,6,7,8,9,10,...132
Powered by FlippingBook