السكان يبدأون استعادة حياتهم الطبيعية في قوقجلي شرق الموصل

319

401f8fda4cfdf15dfc778d65046f6b1e650a9b53متابعة الحكمة – قوقجلي (الموصل): في قوقجلي شرق الموصل، بدأ السكان يعودون الى حياتهم الطبيعية بعد حوالى شهر على انسحاب تنظيم داعش منها. عند مدخل القرية سوق مكتظ بالبضائع وزحمة مشترين في منطقة كانت حتى الامس القريب مسرحا للخوف والمعارك.

يعلو صراخ الباعة “دجاج، طماطم، سجائر” تقطعه اصوات انفجارات من داخل مدينة الموصل المحاذية لقوقجلي.

في غرفة صغيرة مبنية بألواح الزنك الحمراء اللون، يقطع خالد محمد صالح (55 عاما) الذي فرّ من المعارك في مدينته الموصل، اللحمة لبيعها. ويقول الرجل الذي لفّ رأسه بكوفية بيضاء وسوداء اللون لوكالة فرانس برس “المكان هنا آمن أكثر من اي مكان آخر في المنطقة، والسوق منذ حوالى اسبوع يشهد زحمة بهذا الشكل”.

في الاول من تشرين الثاني/نوفمبر، دخلت قوات مكافحة الارهاب بلدة قوقجلي ولاقاها السكان بالترحاب. خرجوا يومها للمرة الاولى بملابس عادية غير تلك التي فرضها عليهم الجهاديون لمدة سنتين، ورووا ما تعرضوا له من فظاعات على ايدي عناصر التنظيم المتطرف، بينها مثلا تعرض كل من يطلق اسم “داعش” على الجهاديين لـ”تخييط شفتيه”.

في السوق الجديد الذي أنشىء قبل حوالى 15 يوما، يضع عبد العزيز صالح على طاولة امامه اكياسا من الحلوى والمعلبات، ويحمل بيده قطعة حلوى مغلفة بكيس بلاستيكي ملون بالاحمر والازرق، ويقول “هذه النوعية ايرانية، وقد كانت ممنوعة تماما”.

ويؤكد بائع الخضار أشرف شكر (30 عاما) من جهته “في السابق، كان الجهاديون اذا صادفوا شخصا يبيع بضائع ايرانية، يصادرونها منه ويوقفونه فورا”.

ويروي انه لم يكن في إمكان المرأة أن تتبضع وحدها، “بل كان يرافقها دائما رجل او طفل يتكلم هو مع التاجر وهي تقف الى جانبه بخمارها على وجهها”.

ويروي شبان تجمعوا حول بسطة اصدقائهم كيف منعهم الإرهابيون من الدخان والنرجيلة والهواتف المحمولة وتصفيف الشعر وحتى من الالعاب النارية.

ويشير احدهم الى شعره الاسود المرتب بعناية ويقول “حتى تصفيف الشعر كان ممنوعا”.

ويضيف آخر “لم يكن مسموحا للاطفال خلال الاعياد ان يطلقوا الالعاب النارية، لم تكن لديهم سوى الاراجيح”.

وتتناقض الزحمة في السوق مع الركام الى جانب الطريق، والدمار في الابنية المحيطة. ويفترش الباعة بسطاتهم المليئة بصناديق الخضار من طماطم وباذنجان وبطاطس وبصل. فيما يعرض آخرون الحلوى والمعلبات، ويبيع شاب الكاز ورجل مسن اللب.

ويقول فارس ماهر(27 عاما) القادم من حي الزهراء الذي سيطرت عليه القوات العراقية داخل الموصل، ليشتري البضائع ويعود بها الى سكان منطقته، “آتي الى هنا كل يوم لشراء البضائع واعود بها لبيعها في حي الزهراء”.

ويضيف ان عناصر تنظيم داعش “كانوا يأتون بالبضائع من سوريا ويأخذون عمولة مرتفعة عليها. اما اليوم فكل شيء يأتي من اربيل”.

لم تتغير الاسعار كثيرا بين الامس واليوم، فسعر كيلو الطماطم او الباذنجان لا يتخطى الالف دينار، وفق ما يقول بائعون. لكن ما يغبط الناس، خصوصا الذين لم يكونوا قادرين على العمل اثناء حكم الجهاديين، هو عودتهم الى الانتاج.

ويقول فضل حميد (21 سنة) النازح من الموصل “لم تكن هناك أموال بعدما انقطعت عنا رواتبنا وتوقفت اشغالنا، اما اليوم فاموالنا عادت الينا”.

ويشرح فضل قصته لفرانس برس “كنت اعمل موظفا في التخطيط العمراني. حين دخل داعش، انقطع راتبي، لازمت المنزل أعتمد على راتب التقاعد الذي يحصل عليه والدي”.

ويضيف “بعد طرد الجهاديين ذهبت وسجلت أنني تحررت في الدوائر الحكومية، وقالوا لي انني ساحصل على راتبي مجددا بعد اربعة اشهر”.

– النازحون الزبائن –

في شوارع القرية الداخلية، فتح البعض محلات البقالة، وجلس آخرون امام أبواب منازلهم، فيما تحولت بيوت اخرى الى مقار عسكرية.

واستحدث أهالي قوقجلي السوق في الشارع الواقع عند مدخل القرية والذي تحول الى ممر إلزامي للنازحين الفارين من المعارك في الموصل. ويقول حسين حيدر (24 عاما) امام بسطته لبيع الخضار ان الزبائن الاساسيين في السوق هم “النازحون الموجودون هنا”.

ويضيف “الشغل كثير والناس يأتون يوميا للشراء، والبضائع تصل يوميا من مدينة إربيل”.

ويقاطعه شقيقه محمد الذي يقف الى جانبه قائلا “قبل ان يدخل داعش كنا نشتغل في الطلاء، ولكن توقفت حركة البناء تماما حين سيطروا على الموصل، فبدأنا ببيع الخضار”.

ويضيف “لا احد يستغني عن الاكل”.

خلف بسطة حسين ومحمد، وقفت شاحنات محملة بصناديق الخضار تسلم البضائع الى التجار.

عند طرف السوق المكتظ، يجلس نازحون على الارض بين الحقائب والاكياس ينتظرون ان تأتي سيارات لتقلهم الى مناطقهم التي طرد تنظيم داعش منها.

وتغطي حصة شعرها الابيض بحجاب اسود اللون وتزين ذقنها بوشم عربي تقليدي.

وتقول “نحن من قرية السفينة (جنوب الموصل)، اتينا الى هنا منذ شهر وننتظر السيارات لتأتي وتأخذنا الى بيوتنا المحررة.. لقد تعبنا كثيرا”.

ربى الحسيني

© 2016 AFP

س ف

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*