هل كان “توأم الأرض الشرير” أول الكواكب الصالحة للعيش؟
392
شارك
الحكمة – متابعة: كوكب الزهرة أو كما يطلق عليه – “توأم الأرض الشرير”، هو الكوكب الأكثر سخونة في النظام الشمسي، لكن الأبحاث تشير إلى أنه ربما كان يضم محيطات شاسعة ومناخا لطيفا في الماضي.
فرغم أن سطح الزهرة ساخن بما يكفي لإذابة الرصاص وسماءه مظلمة جراء الغيوم السامة المتكونة من حمض الكبريتيك، فإنه يوصف غالبا بأنه “توأم الأرض الشرير. ولكن لم تكن الظروف على سطح الكوكب دوما أشبه بالجحيم. فنتائج بعض الأبحاث تشير إلى أنه كان أول مكان في المجموعة الشمسية صالحا للعيش.
ومن المقرر أن يتم عرض تفاصيل الدراسة خلال الأسبوع المقبل في اجتماع الجمعية الفلكية الأمريكية في باسادينا، والتي خلصت إلى أن الزهرة كان فيها مناخ لطيف ومحيطات شاسعة يصل عمقها إلى ألفي متر في وقت من الأوقات، ربما عندما كانت البكتيريا البدائية دون غيرها لا تزال تنشأ على بالأرض.
وقال مايكل واي الذي أشرف على العمل في معهد غودارد للدراسات الفضائية بمدينة نيويورك: “لو كنت تعيش منذ ثلاثة مليارات عام قريباً من خط الاستواء وعلى ارتفاع قليل فلن تكون حرارة السطح مختلفة بشدة عن الأماكن الاستوائية بكوكب الأرض”.
وعلى الأغلب فإن سماء كوكب الزهرة كانت غائمة مع أمطار مستمرة تهطل في بعض المناطق. “ففي حين تحصل على مشهد غروب شمس لطيف، فإنك قد تجد سماوات ملبدة بالغيوم في الغالب مع هطول الأمطار خلال النهار”.
والأهم من ذلك أنه إن كانت حسابات العلماء صحيحة، فمن المحتمل أن تكون هذه المحيطات قد استمرت كمحيطات حتى 715 مليون عام مضى، وهي فترة طويلة بما فيه الكفاية لاستقرار المناخ بحيث تنشأ حياة ميكروبية بشكل معقول.
وأضاف واي: “إذا كانت درجة الحرارة في محيطات كوكب الزهرة القديمة أكثر ثباتا، وكانت الحياة قد بدأت هناك من المحيط، وهو الأمر غير المؤكد بالنسبة لكوكب الأرض، فإن هذا من شأنه أن يكون نقطة انطلاق جيدة”.
واتفق علماء آخرون متخصصون في علم الكواكب على أن كوكبي الأرض والزهرة كانا متماثلين في البداية بالرغم من اختلاف مصير كل من هذين الكوكبين لاحقاً.
وقال البروفيسور تاكيهيكو ساتو الذي يعمل على تتبع مناخ كوكب الزهرة المداري في وكالة استكشاف الفضاء اليابانية أكاتسوكي “أنا لست في وضع يسمح لي بالإجابة عما إذا كان الكوكب آنذاك صالحا للعيش أم لا، لكن في ما يتعلق بالبيئة ربما وجِدت محيطات في كوكب الزهرة، وربما كانت بيئتا كوكبي الزهرة والأرض متماثلتين”.
ويعد كوكب الزهرة الكوكب الأكثر سخونة في المجموعة الشمسية اليوم بمعدل حرارة على السطح يساوي 462 درجة مئوية. وذلك جراء قربه من الشمس وغلافه الجوي الذي لا يخترق، فهو أكثر كثافة من غلاف الأرض الجوي بـ 90 مرة ما أدى إلى احتباس حراري خارج عن السيطرة في مرحلة ما في تاريخ هذا الكوكب، ولم تستطع المركبات الفضائية لا الروسية ولا الأمريكية التي أرسلت إلى الكوكب البقاء على سطحه سوى بضع ساعات قبل أن تحترق.
وقام واي وزملاؤه بمحاكاة مناخ كوكب الزهرة في أوقات معينة منذ 2.9 مليار عام و715 مليون عام مضت، مستخدمين نماذج مماثلة لتلك المستخدمة للتنبؤ بالتغيرات المناخية لكوكب الأرض مستقبلا، ولجأوا إلى تغذية تلك النماذج ببعض الاستنتاجات الأساسية بما في ذلك وجود الماء، وشدة أشعة الشمس، ومدى سرعة دوران الزهرة.
في تلك النسخة الافتراضية كان معدل حرارة كوكب الزهرة منذ 2.9 مليار عام 11 درجة مئوية فقط ووصلت في المتوسط إلى 15 درجة مئوية عندما كان وهج الشمس يشتد قبل 715 مليون عام.
ويمكن لقياسات أكثر دقة للتركيب الكيميائي لسطح كوكب الزهرة وغلافه الجوي المساعدة على تحديد كمية المياه التي كانت على الكوكب في الماضي ومتى بدأت في الاختفاء.
ويمكن لبعثة أكاتسوكي معرفة بعض تلك المعلومات الناقصة لأن هذه البعثة تراقب الأنظمة الجوية لكوكب الزهرة بدقة متناهية وغير مسبوقة.
وكان من المفترض أن يتوفر بعض هذه المعلومات بفضل عمل المركبة أكاتسوكي التي كان مفترضا أن تدخل مدار الكوكب في عام 2010. لكن بعد انفجار محركها ظلت تدور حول الشمس مثل نسخة مصغرة من كوكب صناعي لمدة خمس سنوات.
وفي العام الماضي استخدم العلماء دافعات صاروخية لإعادة توجيه المركبة إلى المدار حتى تتمكن من الإجابة عن بعض الأسئلة القديمة بشأن جارنا (الزهرة)، بما في ذلك إن كان عليها نشاط بركاني أم لا، وسبب دوران غلافه الجوي 60 مرة أسرع من الكوكب ذاته.
ويقول واي ” لبناء مركبة إنزال فضائية مجهزة تتحمل ظروف سطح كوكب الزهرة الحالية وتستطيع الحفر في أرضه سيتطلب الأمر قدرا كبيرا من التكنولوجيا المتطورة وبالطبع الكثير من المال” وأضاف: “لكن في حال ما إذا وجدت تلك الاستثمارات سيكون من الممكن البحث عن أدلة على الحياة على سطح الكوكب بما في ذلك الآثار الكيميائية”.