السياحة.. مورد اقتصادي معطل ينتظر فرص الاستثمار

443

holy-najaf-ashraf-air-imam-ali

      الحكمة – متابعات: عدد الفنادق العاملة في البلاد وفق آخر إحصائية لوزارة التخطيط، 766 فندقًا، 11 منها تحمل تصنيف الدرجة الممتازة، و55 منها من الدرجة الأولى، فيما توزعت بقية الفنادق بين الدرجات: الثانية والثالثة والرابعة، حصة بغداد من الفنادق 182، فيما بلغ عدد الموجود منها ضمن محافظة كربلاء المقدسة 279 والنجف الأشرف 229، في الوقت الذي لم تتجاوز حصة محافظة البصرة ذات الثقل الاقتصادي والتجاري الـ29 فندقا فقط.

أما مطاعم الدرجة الأولى وأماكن التسوق فهي لم تنتظم في مناطق جغرافية يمكن أن تجذب السائح، بسبب عدم تنظيمها ضمن التخطيط العمراني لأغلب المدن والمحافظات العراقية، والأسواق التراثية ما زالت تمارس نشاطها في الأحياء القديمة، لكنها بحاجة إلى إعادة ترميمها وتأهيلها كمعالم سياحية تستهوي السياح الأجانب كما كانت في سبعينيات القرن الماضي، المقاهي ومحال «الكوفي شوب» هي الأخرى بحاجة إلى إعادة تنظيمها في المناطق المهمة، فليس الحكمة في كثرتها بل في نوعية الموجود منها ومستوى الخدمة الذي يمكن أن تقدمه للسياح والأجانب.

عوائد مالية مهدورة

تعاني الدولة العراقية ظرفًا اقتصاديًا صعبًا، في حين تهمل موارد مالية يمكن أن تعوض في جوانب أخرى، السياحة في العراق وإن كانت لم ترق إلى نسبة 100 بالمئة، بسبب الظروف الأمنية في بعض المناطق العراقية، لكن ما يمكن أن يستغل منها في مدن أخرى يمكن أن يحقق نسبًا متقدمة ويؤسس إلى إشاعة عامل الاستقرار الأمني والاقتصادي، وتفعيل دور القطاع الخاص الذي يعاني من الخمول وفقر الإدارة والتنسيق مع المؤسسات المعنية بشؤون السياحة وضياع ملايين الدولارات سنويًا.

مواقع مهجورة

كثيرة هي الأماكن السياحية التي يلفها النسيان والإهمال، حتى أن قسمًا منها تحول إلى مناطق نائية أو مكب للنفايات، ومنها الأمثلة كثيرة كما يقول رائد عبد الواحد الخبير في شؤون السياحة، إذ بين «أن مواقع كثيرة تصلح أن تكون منتجعات سياحية ومدن ألعاب كبيرة اهملت ولم يلتفت إليها أحد، ومنها بحيرة الرزازة في كربلاء والحبانية ومناطق آثارية أخرى تحولت إلى مناطق مهجورة وجاذبة لسراق الآثار، بعد أن اختفت المطاعم والمقاهي، فضلًا عن عدم وجود فنادق سياحية وأماكن للترفيه يمكن أن تعزز القيمة السياحية لتلك الأماكن التي يمكن الاستفادة منها بشكل كبير وقابل للتوسع إلى مشاريع أخرى داعمة لها، كما أن أغلب المواقع الأثرية تفتقد إلى وجود الخدمات والطرق التي يمكن أن تسهل السياحة فيها، وكذلك باقي المدن كبغداد والبصرة وذي قار وكركوك وميسان وواسط فهي الأخرى تعاني من ضعف أو انعدام في مشاريع السياحة برغم أن السياحة مدرة اقتصاديًا ويمكن الاستفادة منها في تقوية الاقتصاد الوطني».

المدن الآمنة

وأضاف عبد الواحد أن «المدن الآمنة تضم أغلب المعالم السياحية في البلاد، وبالامكان تطويرها واستثمارها لغايات اقتصادية وثقافية، كما أن تشجيع الشركات الأجنبية والقطاع الخاص على الاستثمار في السياحة سيؤدي إلى تأهيل شوارع وأسواق وتحويلها إلى مناطق جذب سياحي شبيهة بتلك الموجودة في اسطنبول وبيروت، وعلى سبيل المثال، في اسطنبول كانت أغلب المناطق سكنية ومن المباني القديمة لكنها تحولت إلى منطقة سياحية بالكامل تمتلئ بالمطاعم والمقاهي والمتاحف ويزورها عشرات الآلاف من السياح سنويًا، وكذلك بعض المناطق في مدن عربية استفادت اقتصاديًا من استغلال مواقعها السياحية، علما أن السياحية الدينية في العراق لها شأن آخر، ويمكن لوحدها أن تعود على خزينة الدولة بملايين الدولارات سنويًا».

دون مستوى الطموح

منعم الشمري مستثمر وصاحب شركة لتفويج السياح أشار إلى «تردي مستوى البنى التحتية للسياحة بشكل عام في جميع المدن العراقية، بالرغم من توفر البيئة الطبيعية والمناخ وتنوع الجغرافية التي يمكن أن تجذب السائح العربي والأجنبي، لكن القصور في تنفيذ مشاريع كبرى لتطوير قاعدة البنى التحتية التي تشمل تأهيل المناطق الآثارية والتراثية وتطوير الأسواق وبناء شبكة فنادق حديثة ومطاعم ومتنزهات، إضافة إلى توفير الخدمات الصحية وشبكات الطرق وتنظيم عمل شركات السياحة وتسهيل الاجراءات للوافدين، أدت إلى تراجع السياحة التي تحتاج إلى حلول جذرية وإعادة تنظيم العلاقة بين المؤسسات الحكومية وشركات القطاع الخاص التي تعمل حاليًا بجهود ذاتية وبشكل محدود يقتصر على السياحة الدينية فقط».

مواقع للاستثمار

رئيس هيئة السياحة في وزارة الثقافة والسياحة والآثار محمود الزبيدي بين «أن وزارته في ظل الأزمة المالية التي تعيشها البلاد، اتخذت بعض الخطوات المهمة بهدف تحقيق موارد مالية لدعم موازنة الدولة ودفع قطاع السياحة إلى الأمام، ومن تلك الخطوات استثمار ما يصل إلى 40 موقعًا سياحيًا في البلاد سواء أكان ترفيهيًا أم أثريًا، فضلًا عن استغلال مجمعات سكنية وأسواق ومخازن تابعة للوزارة بالشكل الأمثل».

ولفت الزبيدي إلى «وجود لجنة خاصة بالاستثمار في الوزارة، مختصة بالإفادة من تلك المواقع السياحية بإحالتها إلى الاستثمار، كما تعمل على مراجعة العقود السابقة بين الوزارة والمستثمرين في عدد من المواقع وحل كل الاشكالات والمعوقات التي عرقلت استثمارها بشكل علمي صحيح».

ونوه بأن «وزارته ضمن خطتها ركزت على متابعة الشركات السياحية والفنادق والمطاعم في المحافظات التي يقصدها السياح العرب والأجانب وخاصة محافظتي النجف الأشرف وكربلاء المقدسة، من خلال تشكيل لجان ومكاتب لهذا الغرض»، موضحًا أن هدف الوزارة من ذلك يكمن في تحسين الأداء والاستمرارية في تقديم أفضل الخدمات للزائرين، فضلًا عن زيادة الإيرادات المالية من خلال الرسوم والضرائب والغرامات التي تجنيها الوزارة».

وأفصح عن أن «هيئة السياحة في الوزارة بصدد افتتاح مكاتب ضمن سبع دول يتوافد منها زائرو العتبات المقدسة وهي: إيران ولبنان والبحرين وأذربيجان وباكستان والهند، ما يضمن سهولة استحصال المبالغ المالية عن سمة الدخول إلى البلاد»، مضيفًا أن “الهيئة تعمل حاليًا على وضع الضوابط والشروط لافتتاح تلك المكاتب بما يجنبها تحمل أي مبالغ مالية»، منوهًا إلى أن “وزارته تعمل على إعادة تفعيل المكتب السياحي الذي سيأخذ على عاتقه إقامة السفرات والرحلات السياحية في البلاد بالتعاون مع شركات القطاع الخاص».

خبراء

من جانبها، دعت رئيسة لجنة السياحة والآثار والثقافة بمجلس محافظة النجف الأشرف أسيل الطالقاني «الحكومة إلى الاستعانة بخبراء السياحة بهدف تنشيط القطاع وجعله أحد الموارد المهمة للدولة من خلال إعداد خطة مدروسة»، لافتة إلى امتلاك البلاد للعديد من مقومات السياحة الدينية والأثرية والترفيهية التي يمكن استغلالها اقتصاديًا لدعم خزينة الدولة.

مقومات

رئيس مجلس الأعمال العراقي داود عبد زاير أكد «أهمية الإعداد لمبادرة تنهض بالقطاع السياحي الذي يعد موردًا ماليًا مهمًا يمكن أن يكون رافدًا مهما للموازنة الاتحادية العامة».

مبينًا «أن القطاع السياحي يحتاج إلى تدعيم جميع مفاصله دون استثناء، لاسيما أنه يعاني الضعف بسبب الإهمال الكبير منذ عقود»، لافتًا إلى إمكانية إطلاق مبادرة تنهض بالقطاع السياحي بشكل تدريجي ليسهم في تحقيق موارد مالية هائلة»، مشيرًا إلى أهمية العمل على إعداد الكفاءات المتخصصة بالشأن السياحي والقادرة على تقديم أفضل الخدمات السياحية لجمهور الوافدين إلى العراق أو السياح الداخليين، فضلًا عن الحاجة إلى فنادق ومنتجعات سياحية تعمل على استقطاب السياح من جميع أنحاء العالم».

واسترسل زاير «أن مقومات نجاح القطاع السياحي متوفرة في العراق وعلى نطاق واسع حيث يملك البلد جميع أنواع السياحة وهو من النادر توفره في بلدان كثيرة، فالسياحة الدينية والترفيهية والآثارية وكذلك الطبية يمكن أن تستقطب السائح من جميع دول العالم»، مؤكدًا أهمية توفر عناصر الجذب السياحي وفي مقدمتها العمل على فرض الاستقرار الأمني وسهولة الحصول على سمات الدخول».

معاهد

ولفت عبد زاير إلى «الحاجة لإنشاء معاهد متخصصة بإعداد الكفاءات المتخصصة بالشأن السياحي تعمل بإشراف خبراء دوليين يمكنهم أن ينقلوا التجارب العالمية الناجحة»، مؤكدًا أن هذا القطاع يحقق جدوى اقتصادية كبيرة للعراق في ظل انتشار المرافق السياحية بأغلب المدن العراقية، وما يرافق ذلك من خلق فرص عمل على نطاق واسع في السياحة والقطاعات الساندة وخلق أسواق جديدة وهذا بدوره يفعل الصناعات الحرفية وصناعات أخرى كثيرة اشتهر بها العراق لفترات طويلة من الزمن».

وحث زاير «على البدء بالمناطق التي تشهد استقرارًا أمنيًا والتي تملك المناطق السياحية المختلفة ثم اعتماد خطة توسع أفقي تشمل أكبر عدد من المدن الأخرى»، مؤكدًا أن القطاع الخاص قادر على دعم هذا التوجه والنهوض بجميع مفاصله وجعله موردًا ماليًا دائما للعراق”.

اتفاقات ثنائية

المختص بالشأن السياحي حسن علي عبد الكريم أوضح أن «النهوض بالقطاع السياحي يحتاج إلى تعاون وتنسيق بين المؤسسات الحكومية المعنية والقطاع الخاص لخلق بيئة جاذبة للسياح الراغبين بالحضور إلى العراق»، مبينًا إمكانية الدخول باتفاقات ثنائية مع شركات ترويج سياحي عالمية تسهم في الإعداد لتفويج السياح إلى العراق، لافتًا إلى أهمية العمل لتسهيل الحصول على سمات الدخول للسياح الأجانب ودور ذلك في النهوض بالقطاع السياحي بالشكل الذي يحقق الجدوى الاقتصادية للعراق».

(الصباح)

س م

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*