نمط حياة المسلمين في روسيا يجذب غير المسلمين

368

muslimat2

روسيا – متابعة الحكمة : الملابس المحتشمة، والطعام الحلال، وزينة المرأة الحلال، والمجلات أنيقة الإخراج المخصصة للمسلمين، وصالونات التجميل، والنوادي الرياضية للمسلمات.. كل هذه أمور كانت مجرد حلم عند مسلمي روسيا قبل عشر سنوات. وها هي اليوم صناعة تتطور بسرعة تحت تسمية “نمط الحياة الإسلامي”، علما بأنها لا تجتذب المسلمين فقط، بل وتحظى باهتمام آخرين بعيدين عن الإسلام.

يعيش في روسيا أكثر من 25 مليون مسلم. وخلال عقود بعد تفكك الاتحاد السوفيتي بدأت في روسيا، بمبادرة من المسلمين صناعة خاصة، هي صناعة الحلال، التي يجري في إطارها إنتاج سلع، وتقديم خدمات، وفق الشريعة الإسلامية.

التجميل على الطريقة الإسلامية :

افتتح في موسكو في الآونة الأخيرة صالون التجميل HADI Kavt الخاص بالمسلمات، هو الأول من نوعه حتى الآن. مؤسِسته، جديجة كافتويفا، ترى أن استحداث صناعة خاصة بالمسلمين الروس، ليس رغبة بالانعزال أو التفرد، بل هو، في الغالب، ضرورة من الضرورات التي تفرضها ظروف الواقع الروسي.

وعن ذلك تحدثنا خديجة، فتقول: “قررت فتح صالون للتجميل بمثل هذه الخصوصية، لسببين أساسيين: أولهما عدم وجود مكان كهذا للمسلمات، وثانيهما عدم توفر مناصب عمل للماهرات المسلمات في هذا المجال. وجدت المحل المناسب، وبادرت لإجراء التصليحات اللازمة عليه، فكنت أقوم ليلا بطلاء الجدران بلون الخزامى، وفي النهار كنت أبحث عن عاملات ماهرات. وعلى هذا النحو ظهر صالوننا إلى الوجود”.

الخاصية الرئيسة لصالون الجمال للنساء المسلمات هو منع دخول الرجال منعا باتا. زبائن الصالون ومن يعمل فيه، حصرا من النساء. ومن “المحرمات” في الصالون، الوشم وتغيير الشفاه. أما الأسعار فتحدد بناء على تعاليم الشريعة الإسلامية، التي تنهى عن رفع أسعار السلع والخدمات بصورة غير مبررة.

وتمضي خديجة موضحة أن زبونات الصالون “هن أساسا من المسلمات المحجبات. وأحيانا تزور الصالون مسلمات غير محجبات، وفتيات علمانيات. ولكن ذلك ليس غالبا، فلديهن خيارات عديدة من الصالونات. لا يوجد مثل صالوننا حتى في المناطق الإسلامية من بلادنا. وغالبا ما تصلنا رسائل من شمال القوقاز تطلب اقتتاح صالونات هناك بموجب حق الامتياز. إن جميع النساء يرغبن، بالقدر نفسه، أن يكن جميلات، بغض النظر عن الدين. الفرق بين المسلمات والعلمانيات يتلخص في أمر واحد فقط، وهو أن المسلمات يطمحن أن يكن جميلات لأزوجهن فقط، بينما الفتيات العلمانيات يرغبن بأن يكن جميلات في نظر الجميع”.

الحلال للجميع

في روسيا لا وجود لإحصائيات رسمية حول صناعة الحلال، لأن العمل في مجال “الحلال” في روسيا طوعي. ومنتجات الحلال المستوردة لا تسجل في أي مكان. ولكن يمكن القول إن حجم دورة الأموال في هذا المجال في البلد يبلغ بضعة مليارات الروبلات، على وجه التقريب.

نتاليا نارمين إيتشايفا، إحدى مؤسسي، WANDI Group ومديرة العلاقات العامة فيها، تقول إن هذه الشركة، تعنى بتطوير صناعة “نمط الحياة الإسلامي” في روسيا، وتضم الآن أكثر من 40 علامة تجارية. وتعزو نتاليا هذا النجاح، إلى أن “المجتمع الإسلامي في روسيا بقي منعزلا ومنغلقا جدا لزمن طويل. وكان ضعيف الاندماج في المجتمع الروسي. كانت الثياب، والمواد الغذائية، ومواد التجميل على الطريقة الإسلامية موجودة، ولكن في دائرة ضيقة جدا؛ بينما يلاحظ في السنوات الثلاث الأخيرة تنامي نشاط الصناعة الإسلامية بوتائر سريعة. ويمكن القول إن الأكثر أهمية ومتعة بالنسبة لمسلمي روسيا لا يزال أمامهم”.

مصممات أزياء مسلمات من روسيا: مواجهة القوالب النمطية وطلبٌ متزايد

وتضيف نتاليا أن تجربة عمل WANDI Group في صناعة “نمط الحياة الإسلامي”، تتيح التأكيد أن أكثر من 50% من مستهلكي المواد والخدمات والماركات التي يقدمها مسلمون، والمخصصة بداية للمسلمين، ليسوا مسلمين. وإذا لم يكن في موسكو قبل خمس سنوات من سمع بمفهوم “الحلال”، فثمة الآن تصور واضح عن ذلك عند العديد من غير المسلمين، بل أن هؤلاء يستهلكون منتوجات الحلال برغبة جلية.

وترى نتاليا أن “نمط الحياة السليم، وافتتاح محلات التجميل العضوي ومتاجر منتجات المزارعين، في كل مكان تقريبا، تحول إلى نزعة عالمية”. وفي هذا السياق تعتقد نتاليا أن تلك المصطلحات، كـ”عضوي”، و “طبيعي”، و “بلا تجارب على الحيوانات”، و”الطبيعة الخضراء” و”السلة الخضراء”، يمكن أن تختزل بمفهوم واحد، هو “الحلال”.

ماريا، من عشاق نمط الحياة السليم، وها هي منذ عامين تستعمل مواد التجميل “الحلال”

في حديث مع “روسيا ما وراء العناوين”، تقول هذه الفتاة “في حياتي كلها لم أستعمل أية مادة للوجه إلا وتسببت لي بالحساسية. ذات مرة، نصحتني إحدى الصديقات بمنتج “حلال”. في البداية تهيبت الأمر، فلم أكن أفهم ماذا تعني كلمة “حلال”. مع ذلك، جربت تلك المادة، فكانت النتيجة إيجابية. قرأت ماهي عناصر المادة، فرأيت أنها تقتصر على المكونات الطبيعية. ومن ذلك الحين، لا أستعمل سوى مواد التجميل “الحلال”.

الطب النبوي

ظهر الطب الإسلامي في روسيا منذ عهد غير بعيد نسبيا. والاختصاصيون في هذا الاتجاه في روسيا يعدون على الأصابع. منهم صفية، الطبيبة المسلمة، التي تجمع في السنوات السبع الأخيرة من عملها بين الطب الكلاسيكي والمعرفة الصحية حسب السُنة النبوية.

سبع حقائق يجب أن تعرفيها حول البوركيني

توضح صفية لـ”روسيا ما وراء العناوين”، أن “للإسلام مقاربة متكاملة لصحة الإنسان، هي: وحدة العقل والنفس والقلب والجسد. فعندما يزروني مريض ويسألني ما السبيل لمعالجة هذا المرض أو ذاك، أحاول بداية تحليل سبب سوء حالته الصحية. وبعد ذلك أصف العلاج الطبي”.

تلاوة القرآن، وسماع تلاوته بصوت الآخرين، وعمل الإنسان على تطوير نفسه بأفكاره، وأداء فريضة الصلاة بانتظام، وذكر الله، والحجامة… هذا ما يشكل أساس العلاج عند صفية.

تشير صفية إلى أن “بحثا عمليا أجري في بريطانيا، تبيَّن بنتيجته أن سماع تلاوة القرآن يخفض مستوى ضغط الشرايين، ويزيل آلام الصداع عبر التأثير على إيقاعات “ألفا” و”بيتا” في الدماغ. والحجامة وسيلة قوية لتخليص الجسم من السموم، وتحسين حالته الصحية، وتجديد شبابه. ولهذه المعالجة شعبية كبيرة عند النجوم في الغرب، اللواتي يتبعن نمط حياة صحي، مثل غوينث بالترو، وفيكتوريا بيكهام، وجينيفر أنيستون. وهذا علاج لا مثيل له، يسمى في الغرب بالعلاج الفراغي”.

وتمضي صفية قائلة: “ويزورني أيضا أناس من غير المسلمين. فالمرضى، بعد أن يروا الفائدة، يحاولون عادة معرفة مصدر هذا العلاج، ويبدون اهتماما أعمق بذلك. وأنا، كطبيبة، أشرح لهم كيف يفعل ذلك فعله، وأنقل إليهم مضمون الأحاديث النبوية في هذا المجال”.

 

المصدر:فاليري شاريفولين/ TASS

ك ح

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*