ماسحو الأحذية في العراق … فقراء يكدحون طويلًا بلا ضمان أو مستقبل

381

بدون عنوان

يكثر ماسحو الأحذية في العراق، وجلهم من الأولاد الفقراء أو من الطلاب الذين يضطرون إلى مسح الأحذية لتوفير مال يحتاجون إليه. يعملون ساعات طويلة، بلا أي ضمان إجتماعي يعينهم، أو اي مستقبل زاهر ينتظرهم.

     يشكّل ماسحو الأحذية نسبة غير بسيطة بين العاطلين في العراق، الذين يجدون في مسح الأحذية وترقيعها فرصة للتربح. وبينما تنتشر مهنة صباغة الأحذية بين الفتيان والشباب، حيث لا تكلف الذي يمارسها سوى صندوق خشبي وعلب أصباغ فإن عمليات التصليح تحتاج إلى خبرة، فتتركّز بين الكبار في السن في الاغلب. إلا أن هناك من يمارس كلاهما، لتصبح مهنة تصعب ممارستها، بحسب الإسكافي لطيف علوان من المحمودية.

أول شروط ممارسة مسح الأحذية أن يتجرّد الإنسان من الشعور بالعيب، لأن الكثيرين من الناس ينظرون إلى هذه المهنة باعتبارها معيبة، والشرط الآخر هو إتقانها.

مضطرون لممارسة المهنة

في مدينة صغيرة كالمحمودية، يمكن إحصاء نحو عشرين من ماسحي الأحذية في مركز المدينة فقط، وهو عدد ليس قليلًا إذا عرفنا أن هذه المهنة تشهد انحسارًا.

يقول علوان: “أغلب الذين يمارسون المهنة مضطرون، ولهذا ترى عملهم غير مهني، وتنقصه الخبرة، بينما أصحاب المهنة الاصليين يؤدون عملهم بإتقان كبير”.

ماسح الأحذية رعد مطلك (13 عامًا)، منقطع عن الدراسة، ولم يجد غير مسح الأحذية فرصة يربح منها بعض المال. ولم يستطع أن يطور نفسه بتعلم تصليح الأحذية، لأنها مهنة صعبة على حد تعبيره.

ويعترف مطلك أن دخله منها قليل جدًا، لا يتعدى عشرة دولارات يوميًا في أحسن الأحوال. وفي أوقات الصيف والشتاء يكون الاقبال جيدًا، اضافة إلى أيام العطل والمناسبات والأعياد، حين تكون فرصة الحصول على مبلغ جيد اكبر.

ويعترف المعلم باقر حسن، الذي وقف يصبغ حذاءه لدى احد الفتيان، انه لا يحتاج لفعل ذلك، لكن لديه الوقت في انتظار صديق، فلجأ إلى مسح حذائه تحت إلحاح الفتى.

وبالرغم من أن أجرة مسح الحذاء لا يتعدى 500 دينار، اي ما يعادل ربع دولار، الا أن البعض يعطف على ماسح الأحذية فيمنحه مبلغًا اكبر.

مهنة من نتاج البطالة

يرى الباحث الاجتماعي توفيق الدليمي أن هذه المهنة هي نتاج البطالة، وتسرب الأطفال من المدارس وتشرد أبناء الاسر المفككة او الفقيرة، وبينهم مدمنون على الكحول وتدخين السجائر.

وبحسب الدليمي فإن هذا النوع من المهن يخلق دائمًا إحساسًا بالعيب والمذلة، وغالبًا ما يعاني العاملون في هذه المهنة من نظرة المجتمع الدونية. وبحسب تقرير المركز العالمي للدراسات التنموية في العام 2012، فإن قرابة ثمانية ملايين عراقي يعيشون بأقل من دولار واحد في اليوم، وسبعة ملايين شخص لا يعرفون القراءة والكتابة. وفي الوقت نفسه لا توجد إحصائيات دقيقة لأعداد عمال القطاع الخاص في البلاد، فهم يتزايدون بسبب قلة التعيينات، بحسب قيس حميد من اتحاد نقابات بابل.

يقول حميد: “بالنسبة لماسحي الأحذية، فإن حالهم كحال بقية عمال الأعمال الحرة، يعيشون من دون ضمان اجتماعي يؤمن لهم العيش الكريم في حالات عجزهم أو مرضهم..

بدو

يمارسها الأطفال في العطل

في أغلب مدن العراق، ينتشر ماسحو الأحذية في الشوارع التجارية وأمام الكراجات، أو في مراكز المدن، حيث المناطق والساحات التي يتجول فيها الناس.

يقول الإسكافي تحسين علي (40 عامًا) من بابل، الذي يعمل في هذه المهنة منذ عقدين وله باع طويل في تصليح الأحذية، إن الماضي شهد تردد ماسحو الأحذية على المقاهي والكازينوهات حيث الموظفون و”الأفندية” الذي كانوا يحرصون على الظهور بأحسن حال.

ومثل أي صاحب بضاعة، يعرض كريم حسين (13 عامًا) بضاعته على المارة، فيسألهم إن كان يستطيع مسح أحذيتهم.

لكنه يقول إنه طالب ولا يمارس هذه المهنة إلا في العطل أو حين يحتاج إلى المال. وقد فقد كريم والده وهو صغير، أما والدته فتعمل خبازة.

وقدم ماسح الأحذية ساجت محمد إلى منطقة الكاظمية في بغداد من بلدة المسيب للعمل، حيث وجد انه يستطيع تأمين دخل جيد من تصليح وصباغتها. يقول: “الطلب يزداد على خدماتي بسبب الطرقات التي تمتلئ بالأطيان والمياه، فيلجأ كثيرون إلى اصلاح أحذيتهم أو صبغها”.

يضيف: “في الكثير من الحالات، تحتاج المرأة إلى تحويرات بسيطة في حذائها، وهذا يدر علينا مبلغًا جيدًا. ووحده الماهر في هذه المهنة يستطيع أن يكسب منها دخلاً مرتفعًا، أي ما يعادل 60 دولارًا في اليوم”.

وسيم باسم – إيلاف

2 تعليقات
  1. الناقد يقول

    المجتمع يخدم بعضه بعض من حيث لا يشعر وعلى المجتمع أن يحترم أصناف العمل ويحترم العاملين فيه لأن لولا هداية الله أن يسخر الناس إلى اي عمل كان لتوقفت الحياة لأن الكل يريد أن يصير أمير والعمل شرف مهما كان المهم أن يكسب بالحلال افضل من أن يمد يده وهناك قصة تعرفونها لها علاقة بالموضوع ـ يروى أن رجلاً ليس لديه عمل فجاءه رجل فطلب أن يعمل معه فوافق وكان نوع العمل هو تنظيف البالوعة الخاصة بالمياه الثقيلة وآنذاك العمل كان على الطريقة القديمة (يدوي) فأفبل صاحبنا إلى البالوعة ونظر إليها فأخذته العزة أن ينزل إليها وعندها خاطب نفسه (إن لم تنزلي وتعملي أنزلتك بأسوأ من هذا) فسمعه رجل فقال له وما هو الأسوأ من الذي أنت فيه فقال صاحبنا: (أن أمد يدي إلى الناس). هذا هو العمل وبعدين وين أكو ضمان في بقية الأعمال الحرة وصح المثل من كال (إذا أنت أمير وأنا من الذي يسوق الحمير).

  2. سرحان أبو ذيب يقول

    السلام عليكم ….أولا أشكر صاحب التحقيق على المبادرة , وأثني على كلام الأخ الناقد وقد نطق بما يجول في خاطري واجاد وانا أضيف :
    1 – نص التحقيق يحتاج الى مراجعة لغوية واملائية .
    2 – يظهر من التحقيق أنه جرى في محيط مدينة الحلة فقط , ولكن سياق الكلام في التحقيق كان على عموم العراق وهذا خلل في مصداقية التحقيق .
    3 – يقول صاحب التحقيق (( ويعترف مطلك أن دخله منها قليل جدًا، لا يتعدى عشرة دولارات يوميًا في أحسن الأحوال. وفي أوقات الصيف والشتاء يكون الاقبال جيدًا، اضافة إلى أيام العطل والمناسبات والأعياد، حين تكون فرصة الحصول على مبلغ جيد اكبر.)) …………… أليس تناقضا ؟؟ يعني الأمور جيدة والدخل ممتاز على طول أيام السنة.
    4 – يقول صاحب التقرير : ((وبحسب تقرير المركز العالمي للدراسات التنموية في العام 2012، فإن قرابة ثمانية ملايين عراقي يعيشون بأقل من دولار واحد في اليوم ))……… لا أدري هل الاحصائية عن القادرين عن العمل أم حتى عن أطفال العراق ؟؟
    4 – يقول صاحب التحقيق : (( في الكثير من الحالات، تحتاج المرأة إلى تحويرات بسيطة في حذائها، وهذا يدر علينا مبلغًا جيدًا. ووحده الماهر في هذه المهنة يستطيع أن يكسب منها دخلاً مرتفعًا، أي ما يعادل 60 دولارًا في اليوم”.)) ……………………………….. يا ليتني كنت ماسح أحذية !!!!!!

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*