تقدير المرأة وإعزازها في المجتمع الإسلامي.

372

 

جعل الله ميزان الكرامة والفوز: التقوى والعمل الصالح وليس الذكورة والأنوثة
جعل الله ميزان الكرامة والفوز: التقوى والعمل الصالح وليس الذكورة والأنوثة

الحكمة – متابعة :

﴿ وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾(1).

مع بدء الدعوة الإسلامية ومع نزول الوحي على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كانت المرأة المسلمة شريكة الرجل المسلم وشقه الآخر في الإيمان بالرسالة، والدعوة إليها، وتحمل المشاق في سبيلها، والجهاد الدائب لنصرتها والدفاع عنها، وبرزت في السيرة أسماء مشرقة لها الدور الكثير من النساء المؤمنات المجاهدات الصابرات اللائي كان لهن أثر كبير في مسيرة الدعوة وجهادها، نذكر منهن على سبيل المثال لا الحصر: أمهات المؤمنين، زوجات النبي (صلى الله عليه وآله) ومنهن خاصة السيدة خديجة بنت خويلد رضي الله عنها، وأم المؤمنين أم سلمة، وزينب بنت الإمام علي (عليه السلام)وبعض الصحابيات الأخريات مثل أم شريك ونسيبة بنت كعب المازنية وصفية بنت عبد المطلب وأم سليم، وغيرهن كثير رضي الله عنهن جميعاً(2).

  إن المرأة من حيث كونها إنساناً مساوية للرجل، وهي مخاطَبة مثله بتكاليف الشريعة السماوية ، فهي مسؤولة مسؤولية كاملة، لا يحمل عنها في الدنيا والآخرة تبعات أعمالها غيرها فالمعروف أنَّ خطاب التكليف الإسلامي بأبعاده المتعددة إنما جاء عامًّا للرجل والمرأة على حد سواء، عقيدة وعبادة ومعاملة، وأمراً ونهياً، وموالاة وحقوقاً وواجبات، وجعل الله ميزان الكرامة والفوز: التقوى والعمل الصالح وليس الذكورة والأنوثة.

  إن عظمة مقام المرأة بينها الإسلام في تشريعاته فنجد في القرآن الكريم { وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا }(3). وفى سوره أخرى { مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ }(4).

  وفي سورة غافر:{ يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ (*) مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ }.

 أضف إلى ذلك ان الطعام والكسوة والسكن ونفقات العلاج وغيرها للزوجه قد أوجبها الإسلام على الزوج دون الزوجة. فالإسلام لا يوجب على المرأة الطبخ أو التنظيف داخل بيتها مثلا. نعم يستحب لها فعل ذلك ولا يجب بل لا يجوز للرجل شرعًا إكراه امرأته على ذلك (كما يفعل بعض المسلمين). أي إن المرأة مؤمًنة اجتماعيا واقتصاديا ومحفوظة الكرامة داخل وخارج اسرتها بحيث لا تحتاج إلى العمل مادامت متزوجة. فينما توجب القوانين الغربية والوضعية (بأغلبها) العمل على المرأة كي تعيش.

  يقول النبي الاكرم (صلى الله عليه وآله): (إنما النساء شقائق الرجال) وفسر العلماء كلمة (شقائق) بالأمثال… فالنساء في التكاليف وفى الحساب والعقاب والثواب سواء مع الرجال. بل إن النبي (صلى الله عليه وآله) يشير بوضوح أنه لو كان له أمر التفضيل لفضل النساء: (ساووا بين أولادكم في العطية، فلو كنت مفضلا أحدًا لفضلت النساء).

ويذكر القرآن بالتعظيم والتوقير نماذج لنساء ارتقين بطاعتهن لله فيقول عز وجل فى سورة التحريم: (وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِّلَّذِينَ آمَنُوا اِمْرَأَةَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ).

 لقد أعطى الإسلام للمرأة الحرية المالية الكاملة وجعلها مستقلة بمالها عن زوجها فان شاءت اعطته وان شاءت منعته، قال عز وجل: (وَآَتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا).

وهذا يدل على علو ومكانة المرأة في الإسلام. يقول القرآن الكريم فى سورة لقمان: (وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ) وبهذا الوهن والضعف وآلام الحمل قدم رسول الله (صلى الله عليه وآله) حسن صحبتها على حسن صحبة الوالد.

  فعن النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله) في حديث آخر: { جاء رجل فقال: يا رسول الله من أحقُّ الناس بحسن صحابتي ؟ قال: أُمُّك قال: ثم مَنْ قال: أمك قال: ثم مَنْ ؟ قال أُمُّك قال ثم مَنْ قال: أبوك }.

  و يقول (صلى الله عليه وآله): (أي رجل لطم امرأته لطمة أمر الله عز وجل خازن النيران فيلطمه على حر وجهه سبعين لطمة من نار جهنم) بل وإن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أعطى المرأة خصوصية كبيرة: فنهى عن تتبع عثرات النساء…. فليس للرجل أن يصير رقيبًا على زوجته يتسقط لها الأخطاء ويعاتبها ويشتد في عتابها

“موقع العتبة الحسينية المقدسة”

  (1)- سورة التوبة آية72.

  (2)- أحد المواقع الإسلامية.

  (3)- فى سورة النساء: الآية: 124.

  (4)- سورة النحل: الآية: 97.

ض ح

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*