معوقات تعرقل صناعة الدواء محليا

722

الحكمة – متابعة: للصناعة الدوائية تاريخ طويل وحضور فاعل في العراق حيث بدأت  منذ العام 1956 عند افتتاح المصنع العراقي الاهلي لصاحبه لبيب مرزا من قبل الملك فيصل الثاني وفي العام 1959-1960 تم انشاء مصانع الادوية في سامراء، وفي العام 1971 بدأ الانتاج التجاري بالتعاون مع ثماني شركات عالمية كبرى مصنعة للادوية وكانت بريطانية والمانية وايطالية وبدأت شركة سامراء بانتاج واسع وكبير، وكان العراق يعد من الرواد في صناعة الدواء في المنطقة إلا ان هذه الصناعة  بدأت تتراجع وصار العراق يستورد الادوية بعد ان كان يصدرها سابقا .

عن اسباب تراجع صناعة الدواء تحدث لصحيفة “الصباح” الدكتورحمودي عباس مستشار الشؤون العلمية في وزارة الصناعة “مدير شركة سامراء سابقا ” قائلا:

 بعد العام 2003 تم فتح  استيراد الادوية بكميات كبيرة ومن مناشئ غير رصينة وباسعار زهيدة ما جعل الانتاج يتراجع لان كلف الانتاج في الداخل لم تعد منافسة لكلف الاستيراد، وهذا الحال ينطبق على المصانع الدوائية المحلية حيث تم انشاء اكثر من 24 مصنعا دوائيا للقطاع الخاص قبل عام 2003 على امل توفير جزء من حاجة البلد لهذه الصناعة التي تهم حياة المواطن، وكانت ادوية سامراء تتمتع بمكانة عالية على المستوى المحلي والاقليمي والدولي، وكانت تؤخذ الى لندن والدول الاوربية، لكونها تصنع وفق ارقى المواصفات ولا يزال الدواء العراقي ينتج وفق الدستور الاميركي والبريطاني ولكن هذا الانفلات في الاستيراد ادى الى التدهور، وصدر قانون رقم “11” لسنة 2010 وهو قانون حماية المنتج الوطني وتزامن معه في نفس العام صدور قوانين اخرى وهو قانون التعرفة الجمركية وقانون حماية المستهلك وهذه القوانين لو طبقت في حينها لكان وضعنا الان يختلف كثيرا.

حماية المنتج الوطني

ولفت الدكتور عباس الى ان الحكومة منذ العام  2014 قامت بتفعيل قانون حماية المنتج الوطني، وصدرت عشرات القرارات لحماية منتجات وطنية مختلفة من خلال فرض رسوم اضافية على سلع مستوردة مماثلة، وهذه الخطوات ما زالت ناقصة بسبب عدم ضبط المنافذ الحدودية، وهناك هيئة عامة للجمارك وجهات امنية على الحدود يجب ان تكون تحت اشراف الهيئة العامة للمنافذ الحدودية لكي يتم السيطرة على دخول البضائع لاسيما ان بعضها كان يدخل بدون اجازة استيراد والبعض منها عن طريق التهريب، والان في حال تطبيق قانون هيئة المنافذ الحدودية وسيطرة الهيئة على المنافذ الحدودية البحرية والجوية والبرية لن يسمح بادخال اية مادة ما لم يكن لها اجازة استيراد اصولية وتكون المواد خاضعة لسلطة  الجهاز المركزي للتقييس والسيطرة النوعية باستثناء الادوية التي تخضع لفحوصات الجهاز المركزي الوطني للبحوث والرقابة الدوائية التابع للصحة.

معوقات صناعة الدواء

وتابع عباس أن هناك معوقات عديدة للصناعة الدوائية على رأسها الاجراءات الروتينية المعقدة لوزارة الصحة لتسجيل الادوية الجديدة حيث يستغرق التسجيل عاما كاملا، وكل انتاجنا لشركة سامراء العملاقة مع 24مصنعا دوائيا لا يسد الحاجة المحلية الا بنسبة 10بالمئة و90بالمئة منه عبر الاستيراد علما  بان الحاجة للادوية وبشكل مقنن هو 3 مليارات دولار سنويا، وتخصيصات وزارة الصحة محدودة وهي دون المليار سنويا، لكن القطاع الخاص يستورد بملياري دولار سنويا فلو كانت هناك اجراءات وتسهيلات لتسجيل الدواء العراقي لما تعرقل الانتاج، ولذا ادعو وزارة الصحة الى ان تعطي ميزة خاصة للصناعة الدوائية المحلية بما لا يؤثر في النوعية المنتجة، فنحن مع جودة النوعية، والجميع يتذكر ان ادوية سامراء كانت تنتج بارقى مواصفات، ولم ترفض لها الرقابة الدوائية في وقتها اية وجبة جزئية او رئيسة لانها تنتج وفق الدستورين الاميركي والبريطاني، وهذا الحال ينطبق على المعامل الاهلية كذلك، ولدينا طاقات تغطي الحاجة لذا يجب ان يمنع الاستيراد، وهناك دول منعت الاستيراد ومنها السودان التي منعت 123نوعا من الادوية لكونها تنتج محليا في حين لدينا خطوط انتاجية متطورة، لذا نطالب باعادة النظر في السياقات المعمول بها حاليا مع المصانع المحلية بما لا يؤثر في نوعية الدواء واعطاء تسهيلات لكي يتم المباشرة بالانتاج وهناك العشرات من الادوية الجديدة المهمة ذات التاثير العالي بالامكان انتاجها محليا.

واشار عباس الى ان صناعة الدواء تركيبية فالمواد الاولية تستورد ثم تصنع، وهذا معمول به في كل الشركات العالمية الكبيرة وكذلك هو الحال في العراق، وليس من المجدي انتاجها محليا الا اذا كانت بطاقات عالية وبعشرات الاطنان.

ادوية سامراء ونينوى

وبين الدكتور ان معمل سامراء ينتج بطاقات عالية ولكن هذه الطاقات غير مستغلة لعدم وجود عقود مع وزارة الصحة والقطاع الخاص يستورد الان ادوية من مناشئ الكثير منها غير رصينة وهناك ادوية مهربة فلذلك الطاقات غير مستغلة بالكامل ولدينا قدرة على انتاج المليارات من الحبوب ومئات الملايين من الاشربة  والكبسول ومعمل سامراء ينتج مختلف الاشكال الصيدلانية اما الحقن “السرنجات” فمعملها محال الان الى الاستثمار ومن المخطط ان يبدأ الانتاج في عام 2019،  اما شركة نينوى فتتضمن معملين الاول معمل الادوية والثاني معمل المحاليل الوريدية فمعمل الادوية تم تدميره بشكل شبه كامل ومعمل المحاليل الوريدية قمنا باعادة تاهيله، وباشرنا بالوجبات التدريبية قبل دخول عصابات “داعش” ببضعة ايام وتعرض المعمل لاضرار، وهيأنا له خطوطا انتاجية حديثة وهو قيد اعادة التاهيل ونامل تشغيله خلال الستة اشهر القادمة.

رابطة صناعة الدواء

تمثل رابطة صناعة الدواء مجموعة شركات منتجة للدواء وعددها الان 18 شركة تنضوي تحت رابطة يرأسها الصيدلاني علاء الشماع الذي تحدث لـ”الصباح” عن عمل الرابطة قائلا:

 قبل عام 2003 كانت صناعة الدواء محصورة  بيد الحكومة، وكان مصنع سامراء الوحيد الذي ينتج الدواء ويعمل به عدد كبير من الصيادلة وكان انتاجه  ممتازا، وكان ينتج كل انواع الادوية وبما يقارب الـ 400-300 نوع من الدواء وكان القطاع الخاص ينتج قبل عام 2003 القليل من الادوية ويضم عددا قليلا من الشركات المنتجة وكانوا ينتظرون شح اي نوع من دواء سامراء ليقوموا بتصنيعه، وكان القطاع الخاص يشتري المواد الاولية بالدولار وبسعر”السوق السوداء” في الوقت الذي تعطي فيه الحكومة لسامراء الدولار بسعر “300 فلس”، وفي فترة الحصار عند شح الدواء عملت الحكومة على فتح شركات لتصنيع الدواء وجرى فتح 7-8 مصانع للدواء منها مصانع الشفاء والصفاء والشرق الاوسط وكانت هذه المصانع تنتج حسب الطلب وبموافقة شركة سامراء، وبعد التغيير في عام 2003 كان الانفراج الا اننا خلال عامين لم ننتج شيئا وفي عام 2005 و2006 دعتنا وزارة الصحة الى مناقصات لانتاج ادوية بسيطة وفي عام 2007 صارت العقود جيدة بفضل مدير عام شركة “كيماديا”، وكانت لكل انواع الادوية وفي عام 2008 توقفت العقود مع الصحة وفي عام 2009  كان السوق غارقا بادوية مهربة وفي العام نفسه عقدنا مؤتمرا حضره الكثير من المسؤولين وتمت الموافقة على مطالبنا بقرارات جيدة وحصلنا على دعم بنسبة 20% الا ان وزارة التخطيط لم توافق على هذا الدعم، واجرينا مباحثات مع وزارة الصحة لكننا لم نوفق وقامت وزارة الصحة بتقسيم مصانع الدواء الى ثلاث فئات “A” و”B” و”C” وكانت الـ”أي” تعني معمل درجة اولى والـ”بي” درجة الثانية وهكذا حصلت المعامل القريبة من الوزير على الدرجة الاولى .

واكد الشماع ان واقع  القطاع الخاص الان سيئ فسوق الدواء يغرق بالادوية المهربة وانتاج المعامل المحلية لا يقاوم هذا الاغراق .

واشار الشماع الى ان الرابطة تطالب بقانون خاص للصناعة الدوائية، ولدينا عقبات في استيراد المواد الاولية وحصلنا على قرار بعدم الحاجة الى اجازة استيراد الا ان دائرة الجمارك اعترضت، ونعمل الان على نظام التدرج للصيدلي لكي يعملوا في المصانع الوطنية لمدة خمس سنوات للحصول على تدرج صحي صيدلاني، وساعدتنا وزيرة الصحة في العام 2015 بتعليمات منها منح اجازات لمواد ومستحضرات خاصة بالمصانع ممكن تغطيتها كاملة للسوق المحلية في حالة حجبها من قبل المكاتب العلمية الا ان هذا لم ينفذ، واكد الشماع ان شركة سامراء ومعامل الرابطة لا تغطي نسبة 5-10% من الحاجة الفعلية للدواء المحلي سنويا. 

الصباح

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*