مرائب عشوائية ونقل لا نظامي يستغل حاجة المواطنين

317

الحكمة – متابعة: لا يتمتع واقع النقل في العراق بمستوى جيد من الخدمة في اغلب المدن والمحافظات، ولا توجد مشاريع كبيرة لتطوير وسائط النقل العام او الخاص كما في دول مجاورة اخرى تتوفر فيها شبكات هائلة ومتنوعة لطرق ووسائل النقل، كشبكات مترو الانفاق والميكروباص وباصات النقل السريع التي جرى الحديث عنها كاستثمارات لمشاريع متطورة، لكنها لم تر النور.

القطاع الخاص هو من يتولى عملية ادامة واقع النقل البري في اغلب المدن العراقية وهو يعاني من سوء تنظيم كبير يتعلق بمشاكل كثيرة، بعضها فنية واخرى ادارية، من حيث تردي مستوى وسائل النقل وضعف قدراتها والاكتظاظ داخلها، حتى بات استخدامها يقتصر على ذوي الدخل المحدود جدا، ومقابل ذلك يلجأ الكثير من الناس وخاصة من هم مقتدرون ماديا إما إلى استخدام التاكسي أو السيارات الخاصة، ما يتسبب في مشكلة من نوع آخر تتمثل في أزمة الاختناقات المرورية لكثرة السيارات المستخدمة في اغلب شوارع بغداد وباقي المدن الاخرى.

نقل متأخر

يتراجع مستوى النقل في العراق عن دول اخرى كثيرة من حيث مستوى التطور التقني والفني والاداري، فما عدا خطوط سكك الحديد العراقية المملوكة للدولة لا توجد وسائل اخرى للنقل غير سيارات الاجرة الكبيرة والصغيرة واغلبها تعمل بشكل فردي من دون أدني شراكة مع شركات النقل العام او الخاص.

وفي كراج النهضة تصطف مئات باصات النقل الحديثة والقديمة وسيارات الاجرة (التاكسي)  في اماكن مخصصة لوقوفها داخل موقف المسافرين الى المحافظات والمدن العراقية ، فأغلب المسافرين يفضلون السفر بواسطة سيارات (التاكسي) مرتفعة التكاليف لعدم تأخرها وانتظار اكتمال عدد الركاب في الباصات الكبيرة ، ويقول منعم عبد الواحد (36) سنة ويعمل في تجارة مكائن الايس كريم : اسافر بشكل دائم الى المحافظات الشمالية في اقليم كردستان لشراء مكائن ومعدات تدخل في الصناعة الغذائية ، واغلب الاحيان استاجر المقعد الامامي  او الخلفي في التاكسي  للسفر براحة ، فلا يمكن ان اجلس في مكان ضيق لاكثر من 5  أو6 ساعات مستمرة، وباصات النقل الكبيرة  لا توجد لديها توقيتات محددة للانطلاق وهي تخضع  لرغبة السائق في الحركة والتوقف او انتظار اكتمال عدد الركاب الذي  يدوم لاكثر من ساعة او ساعتين .

 واضاف عبد الواحد أنه لو كانت لدينا شبكة سكك حديد متطورة وسريعة كما في دول اخرى كثيرة ، لتغير واقع النقل الى مرحلة اخرى واصبحت الشركات الناقلة شركات رابحة ، لكن اعتمادنا على شبكة سكك الحديد القديمة وقطارات لا ترقى الى طموح المواطن، ادى الى اعتماد اكثرية المسافرين على سيارات الاجرة  وباصات النقل الخاصة .

نقل داخلي

في محطات الوقوف والشوارع تتزاحم عشرات سيارات الاجرة (الكوستر) و(الكيا) في تقاطعات الطرق و(الترفك لايت) ويتبارى اصحابها عن طريق مساعديهم او منادي في الموقف بالصياح على الركاب كدلالة على وجهة السيارة والمناطق التي ستمر فيها، حمزة صاحب (22) سنة طالب جامعي في  كلية العلوم السياسية في منطقة الجادرية  كان متوجها الى بيته في مدينة الصدر اشار الى ضرورة  وجود شبكة خطوط مواصلات تربط جميع مناطق بغداد ، فهو كطالب يمر برحلة مكوكية تبدأ منذ الصباح الباكر الى نهاية المساء.

وبين صاحب أنه من اجل ان اصل الى الجامعة مع بداية الدوام يجب ان اركب سيارة اجرة (كوستر) من بيتي الى باب المعظم ومن هناك تنطلق سيارات اجرة (كوستر) ايضا الى منطقة الجادرية في ساعات محددة قبل الساعة السابعة والنصف ولغاية الثامنة والنصف بعد ذلك الوقت يكون وجود السيارات شحيحا الامر الذي يضطرني الى أن استاجر تاكسيا او أن أتاخر عن المحاضرة ، وهذا الامر يعاني منه مئات الطلاب يوميا .

مشاريع

 الباحث ايمن حسن المهندس والاستشاري في مشاريع النقل البري قال:

 أصبح المواطن العراقي مطلعا على تجارب الدول الاخرى ، ويرى المستوى المتطور لوسائل النقل مابين المدن وخارجها ، فهنالك قطارات سريعة جدا يمكن ان تصل سرعتها الى اكثر من 250 كيلومترا بالساعة ، وهي تسير بشكل مستمر وتتوفر فيها خدمات  السلامة والامان والراحة وحتى الرفاهية ، ايضا في ذروة الزحامات  نجد ان بعض العواصم المكتظة بالسكان والوافدين القريبة من العراق كاسطنبول مثلا ، تتغلب على هذه المشكلة بسهولة بسبب توفر شبكة مترو الانفاق والمترو باص  والترام واي ، وهي وسائط نقل سريعة تمر باتجاهات متعاكسة لتغطي جميع الاحياء والمناطق السكنية ، ولذلك تجد ان التنقل في اسطنبول لاي منطقة سهل وسلس ويتمتع بالسرعة ، وفي المقابل فان المردود المالي لهذه الوسائط هائل وكبير جدا.

واضاف حسن أنه في العراق سمعنا عن مشاريع نقل كثيرة تم الحديث عنها كمترو الانفاق وانشاء خطوط سكك حديد سريعة ، لكن لم  ينفذ ايا منها ، ومازالت مجرد افكار وحبر على ورق  برغم ان هذه المشاريع ستؤدي الى طفرة نوعية في مجال النقل وريعه الاقتصادي لخزينة الدولة وخدمته الممتازة للمواطنين .

خطط

 الشركة العامة للمسافرين والوفود وضعت خطة تهدف للنهوض بواقع النقل العام في بغداد والمحافظات، واعادة تشغيل الخطوط المتوقفة مثل خط (بغداد – الموصل)  بعد توقف دام اربعة اعوام بسبب الحرب على داعش

مدير الشركة التابعة لوزارة النقل عبد الله لعيبي، اوضح ان شركته اعدت خططا للنهوض بواقع النقل في بغداد والمحافظات اعتمادا على كثافة السكان والخطوط العاملة داخل المدن وبين المحافظات، من خلال زج الحافلات ذات الطابقين  في المحافظات، ومناطق و احياء بغداد، بالاضافة الى أن توجه شركته لزج حافلات ذات الطابقين في المناطق الاثرية والسياحية، واضاف ان 144 مركبة مختلفة الانواع زودت بنظام التتبع بنظام (GPS) وبعد ان اثبتت التجربة نجاحها وتحقيق النتائج التي كانت تطمح اليها الشركة، فقد ابرمت عقدا مع وزارة الصناعة والمعادن لتنصيب وتشغيل ومتابعة 500 مركبة مختلفة الانواع بنظام (GPS) والعمل مستمر لتزويد جميع حافلات الشركة بهذا النظام، بغية تطوير هذا القطاع وجعل جميع الحافلات مركزية ومحمية، علاوة على معرفة مسارات واماكن تواجدها بما يضمن زيادة نسبة الامان للسائقين والحافلات والمواطنين، الى جانب عملها في تأمين ايصال الطلبة والمواطنين بأجور رمزية تنافس القطاع الخاص في بغداد وبعض المحافظات وفي مقدمتها محافظة البصرة .

نقل غير نظامي

وزارة النقل بينت انها تعمل على وضع آلية  مشتركة مع مديرية المرور العامة للحد من النقل غير النظامي في العاصمة بغداد، بينما اعدت خطة موسعة للتعاون مع مؤسسات الدولة المعنية من اجل تنظيم قطاعها .

 مدير الشركة العامة لادارة النقل الخاص عبد العظيم الساعدي قال:

 ان مديريته اعدت خطة موسعة للتعاون مع مؤسسات الدولة المعنية من اجل تنظيم عمل قطاع النقل في بغداد، لاسيما في ظل انتشار المرائب العشوائية والنقل الجائر، مبينا ان اللجان الرقابية التابعة للشركة تقوم بجولات ميدانية لحصر هذه الظاهرة والحد منها.

واضاف ان اجتماعاً عقد مع مديرية المرور العامة بهدف وضع آلية عمل مشتركة تحد من النقل غير النظامي في العاصمة، لافتا الى التباحث مع مدير عام مديرية المرور بشأن الإجراءات الواجب اتخاذها بحق المخالفين من سائقي مركبات الخصوصي الذين يمارسون النقل الجائر خارج المرائب ، دون اي رادع اخلاقي مما اسهم في انتشارها بشكل كبير، مؤكدا تقديم عدد من المقترحات من أجل وضع آلية ناجحة لإنهاء ذلك وتأمين حصة المرائب والحفاظ على انسيابية المركبات، موضحا أنه تم الاتفاق مع وفد المرور العامة على ضرورة تنفيذ التوصيات التي تمخض عنها الاجتماع بما يخدم المصلحة العامة.

وتابع الساعدي ان الوزارة بصدد تطبيق هذه الاليات في المحافظات التي تعاني المشكلات ذاتها في قطاع النقل الخاص، منوها بان الشركة سبق ان نفذت حملة موسعة لرفع التجاوزات عن المرائب في بغداد وبعض المحافظات بهدف تنظيم عملية النقل الداخلي وضمان عدم التجاوز على الاملاك العامة والحفاظ على المظهر الحضاري لتلك المرائب وتيسير عمليات النقل.

واشار الى ان الشركة نجحت بتطبيق مشروع النقل الجماعي على مداخل العاصمة بغداد مما اسهم في تعظيم مواردها وتنظيم عملية دخول المركبات الى بغداد عبر خمسة منافذ، لافتا الى ان هذا الاجراء سيصب في صالح المواطنين من خلال رصد هذه المبالغ وتوظيفها لبناء مرائب نموذجية ومحطات نقل مسافرين حديثة تليق بالمواطن وتوفر بيئة عمل مناسبة لأصحاب مركبات الأجرة.

الصباح

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*