مجلة ينابيع - تعنى بنشر فكر أهل البيت عليهم السلام - page 122

: فينادي
A
بأرض المعركة) إلى أن قال
لال السيوف، فتكون
ِ
: الجنة تحت ظ
ٍ
مناد
الطعنة والضربة على الشهيد أهون من
شرب الماء البارد في اليوم الصائف، وإذا
زال الشهيد من فرسه بطعنة أو ضربة لم
يصل إلى الأرضحتى يبعث الله إليه زوجته
من الحور العين فتبشره بما أعد الله له من
.
)4(
الكرامة...)
وموطن الشاهد في الرواية، هو أن
الشهيد ليس فقط لا يحس بآلآم الطعنات
والضربات فحسب! بل إنه يلتذ بها كما يلتذ
شارب الماء البارد في اليوم الصائف على
، أي: إن الذي يشرب
F
حد تعبير النبي
ا
ً
الماء البارد مع شدة الحرارة يكون متلهف
ا
ّ
ا له، كذلك حال الشهيد لم
ً
للماء ومشتاق
قتل في سبيل الله، وأي ترغيب جميل
ُ
ي
محسوس كهذا الترغيب؟
والشهداء يقتلون وتفارقهم الحياة
الفانية كما تبدو لنا من ظاهرها، ولكن
لأنهم قتلوا في سبيل الله، وتجردوا له
من كل الأعراض والأغراض، واتصلت
أرواحهم بالله، فإن الله - سبحانه - يخبرنا
، ً
في الخبر الصادق أنهم ليسوا أمواتا
وينهانا أن نحسبهم كذلك، ويؤكد لنا أنهم
أحياء عنده، ويخبرنا بما لهم من خصائص
الحياة الأخرى، كونهم يرزقون فيتلقون
رزقه، وأنهم فرحون بما آتاهم الله من
فضله، فيوصل إليهم أنواع الفرح والسرور
والبشارة وأنهم لا يخافون ولا يحزنون، وإن
هذا النص كفيل بأن يغير مفاهيمنا للموت
والحياة وما بينهما من انفصال والتئام،
ويعلمنا أن الأمور في حقيقتها ليست كما
.
)5(
هي في ظواهرها التي ندركها
وكذلك عبر عن الشهداء بأنهم لا
يصيبهم خوف ولا حزن، قال تعالى:
) َ
ون
ُ
ن
َ
ز
ْ
ح
َ
ي
ْ
م
ُ
ه
َ
َ
و
ْ
م
ِ
ه
ْ
ي
َ
ل
َ
ع
ٌ
ف
ْ
و
َ
خ
َّ َ
، وجاء في تفسير الخوف
(آل عمران:071)
والحزن، أن الأول يكون بسب المستقبل،
والثاني يكون بسبب فوات المنافع في
الماضي، فلا خوف عليهم فيما سيأتيهم
من أحوال القيامة، ولا حزن لهم فيما
، وقد تضمنت هذه
)6(
فاتهم من نعيم الدنيا
الله لأوليائه، لأن زوال
ّ
الآية جميع ما أعد
الخوف يتضمن السلامة من جميع الآفات،
وزوال الحزن يقتضي الوصول إلى كل
، فيكون موت المؤمن
)7(
ات والمرادات
ّ
َ
اللذ
من مصاديق
ً
المتقي يمثل له مصداقا
الترغيب الحسي في الحياة الآخرة.
الترهيب الحسي الحاصل في
الموت
ن أن
ّ
بي
ُ
لاحظ أن القرآن الكريم ي
ُ
الم
ا من عناصر
ً
الموت إما أن يكون عنصر
الترغيب الحسي أو الترهيب الحسي،
فهو رحمة لما فيه من الراحة والاطمئنان
الذي تنشره الملائكة للمؤمنين، وهو في
ا من مظاهر
ً
الوقت نفسه يكون مظهر
النقمة والعذاب للظالمين، وإذا كان حال
لذة
ّ
المؤمنين ساعة الاحتضار الراحة وال
لما يلقونه في الموت، فإن حال الظالمين
تكون على عكس هذا المشهد الخاص
بالمتقين.
وما يستفاد من مجموع الآيات التي
لحظة استلال الروح على
َّ
ذكرت الموت أن
خلاف ما يقوله الماديون، لحظة صعبة
ها
ّ
لا تكون كذلك والحال أن
َ
م
ِ
ومؤلمة، ول
لحظة انتقال من هذا العالم إلى عالم آخر،
الإنسان كما ينتقل من عالم الأجنة
َّ
أي إن
بألم شديد،
ً
إلى عالم الدنيا مصحوبا
فكذلك الانتقال إلى العالم الآخر بهذا
العدد (37) ربيع الأول - ربيع الثاني 8341 ه
122
1...,123,124,125,126,127,128,129,130,131 112,113,114,115,116,117,118,119,120,121,...132
Powered by FlippingBook