مجلة ينابيع - تعنى بنشر فكر أهل البيت عليهم السلام - page 20

20
مجلة ينابيع
العدد (17) ذو القعدة ــ ذو الحجة 7341هـ
؛ إذ
ً
في مناداته، فهو لم يناده باسمه أبدا
لا يمكن أن لا يجري ذلك على إبراهيم
، ذلك بأنه قد جاءت
ً
أو يصدر منه مطلقا
لفظة (آزر) في النص الكريم لبيان أن هذا
؛ بل هو زوج خالته
ً
المنادى ليس أباه فعلا
ً
ه مربيه، فلفظة (آزر) لم تكن جزءا
َّ
وأن
في خطابه لأبيه
A
من مقولة إبراهيم
ُ
يم
ِ
راه
ْ
ب
ِ
إ
َ
قال
ْ
ذ
ِ
إ
َ
ربي- فليس المعنى
ُ
-الـم
؛ بل تبدأ
) ً
ة
َ
ه
ِ
آل
ً
ناما
ْ
ص
َ
أ
ُ
ذ
ِ
خ
َّ
ت
َ
ت
َ
؛ أ
َ
ر
َ
: يا آز
ِ
يه
ِ
ب
َ
ل
ُ
ذ
ِ
خ
َّ
ت
َ
ت
َ
: ً
مقولة إبراهيم من قولته متسائلا
؛ وبهذا تنتفي التهمة عن
) ً
ة
َ
ه
ِ
آل
ً
ناما
ْ
ص
َ
أ
فلفظة (آزر) بدل بياني من
A
إبراهيم
لفظة (لأبيه) لا أكثر.
عليه نقول إن الدلالة الإعرابية
ً
وتأسيسا
في كون
َ
الأمر
ُ
للفظة (آزر) هي التي تحسم
من كلام إبراهيم أم لا،
ً
لفظة (آزر) جزءا
ذلك بأننا إذا ما أمعنا النظر في الحركة
الإعرابية للفظة (آزر) فإنا سنجدها الفتحة
، وهذا يدل على أنها
)1(
وهي قراءة الجمهور
ُ
البدل يتبع
َّ
؛ ذلك بأن
)2(
من لفظة (لأبيه)
ٌ
بدل
المبدل منه في الإعراب فلما كانت حركة
(لأبيه) الكسرة بوصفها لفظة مخفوضة،
ً
جاءت حركة (آزر) الفتحة بوصفها بدلا
من الكسرة؛ لأنه
ً
بالفتحة بدلا
ً
مخفوضا
، ولو
)3(
جمة
ُ
ممنوع من الصرف للعلمية والع
من كلام إبراهيم
ً
كانت لفظة (آزر) جزءا
لوجب أن تكون حركتها الضمة بوصفها
ً
ناما
ْ
ص
َ
أ
ُ
ذ
ِ
خ
َّ
ت
َ
ت
َ
أ
ُ
(آزر
علم منادى فيقول:
،) ً
ة
َ
ه
ِ
آل
ً
ناما
ْ
ص
َ
أ
ُ
ذ
ِ
خ
َّ
ت
َ
ت
َ
؛ أ
ُ
والمراد (يا آزر
) ً
ة
َ
ه
ِ
آل
فلما كانت حركة لفظة (آزر) هي (الفتحة)
من هنا أنها ليست من البنية الكلامية
َ
م
ِ
ل
ُ
ع
لإبراهيم البتة.
A
إبراهيم
َّ
عن هذا وذاك فإن
ً
فضلا
كان في صدد دعوة أبيه إلى الإيمان بالله
تعالى والدخول إلى دينه؛ وهذا المنطق
ُ
نادي إبراهيم أباه
ُ
ينافي القول بإمكان أن ي
باسمه أو يمارس معه سوء الأدب، فإذا
قة من سوء أدب
ِ
ل
َ
كان دعوته إلى أبيه منط
َ
ع
ِ
قن
ُ
ي
ْ
ـ حاشاه ـ فكيف له أن
A
إبراهيم
َّ
أباه بالإيمان -والحال هذه-؛ من هنا فإن
A
المنطلق المضموني لكلام إبراهيم
ـ الذي هو الدعوة إلى الإيمان ـ يتقاطع
َّ
والقول بممارسة قلة الأدب مع أبيه، لأن
، بل
ً
هذا يدعو القول بالتناقض محصلة
ينصرف إلى تماهي التصور إلى قلة وعي
إبراهيم بما يريد وبكيفية إيصال ما يريد
إلى الآخر؛ وبهذا يخرج من نطاق حكمة
التعامل مع الآخر وكيفية كسبه إلى نطاق
الإيمان، في الوقت الذي يعد فيه اعتماد
من أصول
ً
هذه الحكمة والتمسك بها أصلا
ُ
ع
ْ
(اد
نجاح دعوة كل نبي، يقول الله تعالى:
ِ
ة
َ
ظ
ِ
ع
ْ
و
َ
م
ْ
ال
َ
و
ِ
ة
َ
م
ْ
ك
ِ
ح
ْ
ال
ِ
ب
َ
ك
ِّ
ب
َ
ر
ِ
يل
ِ
ب
َ
لى س
ِ
إ
َّ
ن
ِ
إ
ُ
ن
َ
س
ْ
ح
َ
أ
َ
ي
ِ
ي ه
ِ
ت
َّ
ال
ِ
ب
ْ
م
ُ
ه
ْ
ل
ِ
جاد
َ
و
ِ
ة
َ
ن
َ
س
َ
ح
ْ
ال
َ
و
ُ
ه
َ
و
ِ
ه
ِ
يل
ِ
ب
َ
س
ْ
ن
َ
ع
َّ
ل
َ
ض
ْ
ن
َ
م
ِ
ب
ُ
م
َ
ل
ْ
ع
َ
أ
َ
و
ُ
ه
َ
ك
َّ
ب
َ
ر
(النحل: 521).
) َ
ين
ِ
د
َ
ت
ْ
ه
ُ
م
ْ
ال
ِ
ب
ُ
م
َ
ل
ْ
ع
َ
أ
قد
A
على هذا فإن إبراهيم
ُ
يزاد
استعمل مع أبيه أسلوب الاستدراج في
الكلام حتى يوصله للاقتناع بدعوته
ومن لوازم هذا الاستدراج أن لا يخاطب
غة التوبيخ أو لهجة
ُ
بل
َ
الآخر
ِ
الدعوة
ُ
صاحب
هذا يدعو إلى
َّ
الشدة والتحقير البتة؛ لأن
له ما
ُّ
نفرة المتلقي من المخاطب وعدم تقب
يدعوه إليه؛ وبهذا تتحطم الدعامة الأساس
التي تقوم عليها عملية الاستدراج للآخر،
وعند التأمل في النص الكريم نقف على أن
أسلوب الاستدراج مع
َ
ف
َّ
إبراهيم قد وظ
A
أبيه لاستمالته إلى الإيمان حيث بدأ
ً
ناما
ْ
ص
َ
أ
ُ
ذ
ِ
خ
َّ
ت
َ
ت
َ
الحوار مع أبيه بقوله:
؛
) ٍ
ين
ِ
ب
ُ
م
ٍ
لل
َ
ي ض
ِ
ف
َ
ك
َ
م
ْ
و
َ
ق
َ
و
َ
راك
َ
ي أ
ِّ
ن
ِ
إ
ً
ة
َ
ه
ِ
آل
إذ استعمل أسلوب الاستفهام الذي يحمل
1...,21,22,23,24,25,26,27,28,29,30 10,11,12,13,14,15,16,17,18,19,...148
Powered by FlippingBook