القسم الخامس
فيما اعطاه تبارك وتعالى من اعظم المخلوقات اعني العرش


ولهذا الاعطاء كيفيات:

الاولى: في خصوصيات من العرش له (ع)، فنقول:

انه قد اعطاه من العرش ظله فجعله له مجلسا يجلس فيه يوم القيامة، ومعه زواره والباكون عليه، فيرسل اليهم ازواجهم من الجنة فيأبون ويختارون مجلسه وحديثه.

وقد اعطاه تعالى وتعالى يمين العرش فجعله مقرا له في برزخه، فانه عن يمين العرش دائما ينظر الى مصرعه، ومرحل فيه وينظر الى زواره والباكين عليه، ويستغفر لهم ويخاطبهم، ويسأل جده وأباه ان يستغفروا لهم.

وقد اعطاه تعالى فوق العرش محل حديث لزائره، واي حديث! فقد ورد في بعض اقسام زياراته انه يكون من محدثي الله تعالى فوق عرشه.

فالعرش مجلس حديث لزواره ظله لمن يحدثه، وفوقه لمن يحدثه الله تعالى وقد اعطاه نظير العرش من اصناف الملائكة المحدقين والطائفين، كما سنبينه ان شاء الله تعالى

الثانية: كيفية اعلى من ذلك وابلغ بأن نقول: انه قد اعطاه العرش فكأنه كله له، لانه اذا كان مع اخيه عليهما السلام زينة له وقرطا وشنفاً فكل شيء بزينته فلو تكلم العرش لقال: أنا من حسين.




القسم السادس
فيما اعطاه من احسن المخلوقات وهو الجنـة


وله ايضا كيفيتان:

الاولى: في الخصوصيات، فنقول:

اعطاه من الجنة شجرة خاصة، وقصرا خاصا، وجعل من الحور العين قابلة له، وجعلهن لاطمات عليه، وخلق حورية مخصوصة له (ع)، واعطاه منها باب مستقـلا اسمـه باب الحسين (ع) وهو اكبر ابوابها.

الثانية: في كيفية اعلى من ذلك وابلغ، فنقول قد اعطاه الجنة كلها، فإنها خُـلقت من نوره المبارك كما في الروايات، فالجنة كلها من الحسين وانها تشتاق الى الحسين سلام الله تعالى عليه كما في الروايات الصحيحة، فلو تكلمت لقالت بلسان الحقيق: انا من الحسين.




القسم السابع
فيما اعطاه الله تعالى من باقي مخلوقاته من الخصوصيات


فاستمع لذلك:

فنقول: قد اعطاه من كل مخلوق افضله، واجمل ما يمكن ان يعطي منه لواحد، ولنذكر اجمال ذلك في ابواب، ثم نفصلها:

باب ما اعطاه الله تبارك وتعالى من الملائكة

باب ما اعطاه من الانبياء عليهم السلام

باب ما اعطاه من الازمنة

باب ما اعطاه من السماء

باب ما اعطاه من الهواء والفضاء

باب ما اعطاه من المـاء

باب ما اعطاه من الاشجار

باب ما اعطاه من الانهار

باب ما اعطاه من البحار

باب ما اعطاه من الانس

باب ما اعطاه من الجن

باب ما اعطاه من الطير والوحش

باب ما اعطاه من الجبال

باب ما اعطاه من الظاهرية في هذه النشأة

هذا مجملها، وفهرسها فلنشرع في التفصيل فنقول:

باب السماء:

اعلم ان الله تعالى قد اعطاه من السموات خصائص خاصة، فجعلها مصعدا لجسد الحسين (ع) يوم قتله، وجعلها باكية عليه بالدم والتراب الاحمر والحمر.

ثم انه اعطى كربلاء من الخصائص الظاهرية والمعنوية خصائص افضل مما اعطى السماء.

ثم ان للحسين (ع) على وفق ما اعطى السموات السبع وما فوقهن، افضلها، فلاحظ الصفات المعنوية تارة، وانظر الى ما فيه من الموجودات الظاهرية الاخرى، واستمع لما يُتلى عليك.

ولاحظ التطبيق عند بيان كل واحدة، فلنتكلم اولا عن الصفات المعنوية للسماء.

فنقول:

السماء: معدن الفيوض الربانية، والحسين (ع)معدنها بنحو اسهل حصولا وايسر اسباب واعظم تأثيرا.

السماء: محل صعود الدعاء واستجابته، والحسين (ع) اسمه محل استجابة الدعاء، كما تحقق ذلك في دعاء آدم النبي وزكريا ويوسف وغيرهم من الانبياء بتوسلهم الى الله تعالى بالخمسة اصحاب الكساء.

السماء: يصل اليها صراخ المظلوم، وكربلاء قد ارتفع منها صراخ المظلومين بنحو خاص لا مثيل له.

السماء: يصل اليها انين الايتام، خصوصا اذا بكوا، بل خصوصا اذا كان بكاءهم ليلا، فيهتز لهم العرش، وكربلاء ارتفع منها انين ايتام قد اختصوا بكيفية خاصة بهم.

السماء: فيها البراق اوصلت راكبها المبارك (ص) الى قاب قوسين، وكربلاء فيها ذوالجناحين، فرس الامام الحسين (ع)اوصل راكبه المبارك الحسين (ع) الى مرتبة انا من حسين، لكن بسقوطه عنه.

السماء: معراج الانبياء عليهم السلام، وكربلاء معراج الملائكة وارواح الانبياء والاولياء صلوات الله عليهم

السماء: فيها اوضاع مؤثرة في الهواء والارض، وكربلاء فيها اوضاع اثرت في السماء والعرش والكون بل وجميع المخلوقات بأسرها الى يوم القيامة.

السماء: فيها زجل اي: الصوت الرفيع العالي. زجل التسبيح والتهليل والتكبير والتحميد واصناف من القائمين والراكعين والساجدين والقانتين، وكربلاء قد علا فيها زجل الضجيج والعويل والانين والاستغاثة من: يا أباه ويا أخاه ويا ولداه وواأباه، وواأخاه وواسيداه ويا سيداه وواعماه....... وهي احب الى الله تعالى في عالم العبودية والتسليم من زجل الملائكة بالتسبيح.

السماء: قد سجدت فيها الملائكة كلها لادم (ع)، كربلاء قد صلت فيها جميع الملائكة والانبياء على جسد الحسين المقطع اربا اربا المرضوض قبل الموت وبعده المضمخ بدمائه الزاكيات.

السماء: قد وصفها الله تعالى بالسقف المحفوظ، والحسيـن)ع) قد جعله تعالى سقفا حافظا لمن لاذ به.

السماء: قد وصفها الله بالسقف المرفوع، والحسين المظلوم (ع) قد جعله الله تعالى رافعا لدرجات من توسل به (ع).

السماء: قال الله تعالى عنها " وأنزل من السماء ماءً طهوراً "،، والحسين (ع) قد انزل الله تعالى به ذلك الماء الطهور اذ به (ع) ينزل الغيب، وقد نزل به ايضا الغيث عند الاستسقاء فسقى مما خلق انعاما وزروعا واناسي كثيرا، فقد خصّه بأن انزل به طهور جميع الارجاس والبليات المعنوية يذهب به رجز الشيطان، وبذلك الماء يطفيء النيران، وذلك الماء بعينه يكون من مياه الجنان كما ذكرناه وسنذكره.

السماء: قال تعالى بحقها " وفي السماء رزقكم وما توعدون "،، فرزق الحياة الزائلة في السماء.

والحسين (ع) فيه رزق الحياة الدنيا والبرزخ بل والاخرة الدائمة، وما توعدون به من الفوز بالجنان ورفع الدرجات والرضوان والخلود بالنعيم.

ثم لنتكلم ثانيا في الحياة الظاهرة، فنقول قوله تعالى " أفلم ينظروا إلى السماء فوقهم كيف بنيناها وزيّنـّاها "

ونقول: أفلم ينظروا الى الحبيب الحسين (ع) في ارض كربلاء كيف كان موقفه ومشهده ومصابيحه حوله ممن كان معه سواء الانصار او اهل بيته او عياله ونساءه، وكيف كان رجومه للشياطين، ونوره وضياؤه.

فارجع البصر ثم ارجع البصر كرتين الى حالة ينقلب اليك البصر خاسئا وهو حسير، ودمعه غزير، انظر الى الحسين عليه السلام، وانظر اولا الى السماء في اوضاعها وزينتها وتاثيراتها ومن حل فيها، ثم انظر الى الحسين (ع) ومدفنه كربلاء.

ففي السماء عرش عظيم: وفي كربلاء زينة العرش العظيم.

السماء: مسكن الملائكة، والحسين (ع (مختلف الملائكة.

السماء: معراج الانبياء (ع)، وكربلاء معراج الملائكة.

السماء: ذات البروج، والحسين (ع) ذو البروج كما في الرواية فانه امام واخو امام او بو التسعة الائمة المعصومين.

السماء: فيها الصراخ، كما في الحديث ان الله تعالى امر ملكا من الملائكة ان يجعل له بيتا يسمى بالصراخ، قبل البيت المعمور، يطوف به كل يوم سبعون ألفا ولا تقع لهم النوبة بعد، والحسين امامنا (ع) له صريخ، قد وكل به سبعون ألفا لا يُستبدلون كل يوم.

السماء فيها الجنة: والحسين (ع) زينة، وخلقت من نوره الجنة، وقبره تـُرعة من ترع الجنة، وهو سيد شباب اهل الجنة.

والسماء: فيها جبرئيل الملك (ع) وفي كربلاء مخدوم جبرئيل عليه السلام.

السماء: اُسري اليها النبي (ص) ليلا، كربلاء اسري اليها النبي (ص) نهارا كما قال (ص) هو: اُسريت الى موضع يقال له كربلاء.

السماء: فيها موسى (ع) وكربلاء فيها شجرة موسى عليه السلام

السماء: فيها عيسى عليه السلام وكربلاء ولد فيها عيسى النبي عليه السلام.

السماء: فيها جبرئيل (ع) وكربلاء فيها مخدوم جبرئيل (ع) ونزل في مدفنه جبرئيل عليه السلام.

السماء: فيها الشمس ويعرضها الكسوف، وشمس وجه الحسين (ع) ضحاها حين اشتد عليه الامر، وكام كلما قرب الامر اشرق لونه وازدهرت انواره بهاء وهيبة.

السماء: فيها اقمار، وكربلاء فيها قمر بني هاشم وقد انخسف حين حيل بينه وبين اخيه في ميدان الحرب، وهو القمر الذي اول ما تطالب بحقه الزهراء البتول (ع) في المحشر يوم القيامة، فاعرف من يكون وما هو قدر هذا القمر الازهر.

السماء: فيها كف الخضيب، والحسين (ع) له الرأس الخضيب والوجه الخضيب والبدن الخضيب …….. ولذا أثرت في استجابة الدعاء الى الله تعالى.

السماء: فيها السيارات السبع، وكربلاء فيها سيارات سبع من اولاد علي عليه السلام، واثنان وسبعون غيرهم قد ساروا برؤوسهم المباركة.

السماء: فيها نجوم ظاهرة ألف وخمسة وعشرون، وخفيات لا تعد، ولكل واحد تأثير مخصوص، والحسين (ع) في بدنه اربعة آلاف ظاهري من السيف والرمح والسهم ….. الخ. والخفيات لا تعد ولكل واحد تأثير خاص موجب لالطاف خاصة، كما لا ننسى الرض على الرض والجرح على الجرح والضربة فوق الضربة.

السماء: فيها القطب وبنات نعش تدور حوله، كربلاء فيها بدن قطب الامامة وبناته يدرن حوله واطفاله ونساءه، بالنوح والعويل.

السماء: فيها حامل الرأس، وكربلاء فيها الرؤوس الزاكيات المحمولة.

السماء: فيها البيت المعمور وهو قبال الصراخ والكعبة يطوف به كل يوم سبعون الف ملك يُخلقون في ذلك اليوم، ثم لا تقع عليهم النوبة.

والحسين (ع) له ايضا من الملائكة الطوافين حول قبره نفس هذا العدد، كما سنذكره في عنوان الملائكة ان شاء الله

السماء: فيها المجرة وهي البياض المعترض في السماء، يقال انها اثر كبش فداء اسماعيل (ع)، والحسين (ع) فيها مجرة يبقى اثرها حتى انه يحشر مع ذلك الاثر يوم القيامة من خصائصه وتأثيرات في ذلك لخلاص العاصين بواسطته.

باب الارض:

قد اعطاه الله تعالى منها ارضا شرّفها بخصوصيات على الارضين كما سيجيء في باب الاحترام لمدفنه وقد جعل له صفات الارض، وخصوصياتها كلها.

فنقول:

الارض: فيها معدن الجواهر والذهب والفضة، والحسين)ع) معدن القصور من اللؤلؤ والياقوت الذهب والفضة.

الارض: قد انبث الله تعالى فيها من كل زوج بهيج للناس، والحسين)ع) قد انبت له كل فرد بهيج ممتاز لا ينال بغيره.

كما سيظهر في العنوان الاتي.

الارض: قد جعلها الله تعالى للناس مهادا وكفاتا، اي: المنازل، يستقرون عليها اياما احياء وامواتا.

والحسين (ع): قد جعله الله للاستقرار الدائم مهدا ومهادا، وجعل مدفنه المبارك كفاتا لشيعته احياء وامواتا.

باب ما اعطاه تعالى من الهواء والفضاء:

قد اعطاه الله تعالى من هذين ما بين قبره والسماء بل ما بين الحائر والسماء

فجعل له اوصافا:

الاول: بأن جعله مختلف الملائكة، كما ورد " ما بين قبر الحسين (ع) الى السماء مختلف الملائكة "،، ومعراجا يعرج فيه باعمال زواره، وجعل اسماعيل (ع) صاحب الهواء يحضر ذلك الفضاء كل يوم ويسأل ملائكة الحائر ويسألونه.

الثاني: جعله مصعد عمل لم يصعد مثله.

الثالث: جعله مهبط رحمة خاصة لم يهبط مثلها.

الرابع: انه محل صعود الفيض من الارض لاهل السماء فانه معراج الملائكة.

باب ما اعطاه من الماء:

اعلم انه حيث منع من الماء الذي له فيه حق الشرب كسائر الناس قد اعطاه الله تعالى من الميـاه اربعة انواع:

الاول: الكوثر جعله حقا له لعطشه وعطش شهدائه، ارواهم منه في الطف حين وقوعهم على الارض، بل قبل خروج ارواحهم كما في رواية عليا الاكبر عليه السلام حين وقع طريحا: يا أبت هذا جدي (ص) قد سقاني بكأسه الأوفى شربة لا أظمأ بعدها أبدا "

وجعله حقا لمن بكى عليه يرويه منه يوم العطش الاكبر، كما في رواية مسمع، وهذا في كثير من الاعمال الحسنة، لكن خصوصية الحسين (ع) ان الكوثر ليفرح بشرب الباكي عليه منه.

الثاني: ماء الحيوان في الجنان يمزج بدموع الباكين عليه فيزيد عذوبته كما في الرواية المعتبرة.

الثالث: ماء الدموع جعله الله تعالى له، فانه صريع الدمعة، وانه قتيل العبرة، فهو على اثر سمه، وعلى اثر ما هو باسمه، وعلى ذكر مصيبته، وعلى اثر نظره، وعلى اثر شم تربته، كما ذكر تفصيل ذلك في الفصول السابقة.

الرابع: كل ماء بارد عذب يشربه احبته، فإن للحسين عليه السلام فيه حق الذكر

فإنه عليه السلام قال:

* شيعتي شيعتي ما إن شربتم عذب مـاء فاذكرونـي *

وقال الصادق (ع) " اني ما شربت ماء باردا الا وذكرت الحسين (ع)." والحكمة في تربيع الحقوق المتعلقة بالماء له يمكن ان تكون على احد وجهين:

فأولا: انه منع عن حقوق اربعة في الماء:

الاول: من حيث الاشتراك مع الناس في حق الماء: فان الناس كلهم في الماء والكلأ، ولا جاز الشرب من الانهار المملوكة وان لم يأذن المالك، بل لعل من ذلك استحباب سقي الكفار، اذا كانوا عطاشى،كما في رواية مصادف عن الصادق (ع) في طريق مكة.

الثاني: من حيث الاشتراك مع ذوات الارواح في حق الماء، فإن لكل ذات روح حقا فيه، ولذا يلزم التيمم مع الخوف من العطش على الحيوانات المملوكة وغيرها.

الثالث: من حيث ثبوت حق السقي له (ع) على اهل الكوفة بالخصوص، فإنه قد سقاهم ثلاث مرات: في الكوفة مرة حين الجدب، وفي صفين تارة، وفي القادسية تارة حين الملاقاة مع عسكر الحر.

والتفصيل في كتاب المراثي.

الرابع: من حيث ثبوت حق له (ع) في الفرات بخصوصه، فإنه من نحلة الله تعالى لفاطمة الزهراء عليها السلام، حين تزويجها بعلي عليه السلام.

فلم يرعوا واحدا من هذه الحقوق، حتى سألهم عن ذلك قطرة لطفله وأراهم الطفل يتلظى في الرمضاء فلم يرحموه.

ثم سألهم ذلك لنفسه فلم يعطوه، ومات عطشان ومن معه صلوات الله تعالى عليهم وعلى شيعتهم الصادقون اصحاب الايمان المستقر لا المستودع.


ما خلت قبلك بحرا مات من ظمأكلا ولا أسدا ترديه اجمال

وثانيا: ان عطشه عليه السلام قد اثر في اربعة اعضاء، فالشفة ذابلة من حر الظمأ، والكبد مفتت لعدم الماء، كما قال هو صلوات الله عليه حين كان واقفا وقد يئس من حياته بحيث علِم انهم يعلمون انه لا يعيش بعد ذلك فأظهر عطشه وقال (ع) " الان اسقوني قطرة من الماء فقد تفتت كبدي من الظمأ "،، واللسان مجروح من شدة اللوك، آه واإماماه وامظلوماه، وهو قد جاء في الحديث.

والعين مظلمة من العطش كما في حديث جبرئيل لادم عليهما السلام في بحار الانوار 44: 244, ولو تراه يا آدم وهو

يقول:

" واعطشـاه"، حتى يحول العطش بينه وبين السماء كالدخان، فقد اعطي الماء لاجل كل عضو قد اثر العطش فيه، فلا يبخل عليه بالماء الذي هو بأيدينا:


إبكوا شـهيـدا بالدماء مزمـلابـدم بـكـته اعين المدثر
ابكو لمظلوم مدحه لم يحص لوكانت له جريا مياه الابحر

باب الاشجار:

وافضل الاشجار الشجرة التي نودي منها النبي موسى عليه السلام، " إني أنا اللـه " وقد ورد في الروايات انها كانت محل قبر الامام الحسين عليه السلام، وافضل النخل نخلة مريم المقدسة سلام الله عليها، وولد عندها عيسى النبي عليه السلام، وقد ورد انها كانت في كربلاء.

باب البحار:

له منها خصوصية وهي انه (ع) لما قتل نادى ملك البحار على اهلها: يا أهل البحار البسوا ثوب الحزن، فإن فرخ الرسول المصطفى مذبـوح.

باب الجبال:

اشرفها طور سينـاء، وقد روي انه محل قبر الحسين عليه السلام، وهو الجودي الذي استوت عليه سفينة نجاة العالمين.

فإذا تأملت حالنا الان وجدتها كما قال الامير عليا عليه السلام " احذركم الدنيا، تميد بأهلها ميدان السفينة، تقصفها العواصف في لجج البحار، فمنهم الغرق الوبق، ومنهم الناجي على بطون الامواج، فما غرق منها فليس بمستدرك، وما نجا منها فإلى مهلك "، وما ندري إنّا اذا اُغرقنا ان نكون من الذين اُغرقوا فاُدخلوا ناراً، فهذه السفينة المائدة، أي: المتحركة المضطربة اذا قضيّ الامر ما ندري ما حالها لكن اذا استوت على جودي الحسين عليه السلام بأحد وجوه الاستواء رجونـا السلامة والنجـاة، يا الله

باب الجن والإنس:

اما الانس فقد اعطاه بالخصوص، منهم اصحابا قد وصفهم هو (ع) لا أحد ابّر ولا أوفى منهم، كما يظهر من ملاحظة حالهم واستيناسهم بالمنية استيناس الطفل لثدي امه، واعطاه منهم شيعة، لهم بالنسبة اليه (ع) محبة خاصة اضطرارية لا تدخل تحت ملاحظة التقرب الى الله تعالى ايضا، بل لو قلت لهم: ان هذا معصية لله لم يصغوا الى ذلك، كما يظهر من بعض حالاتهم في اللطم والجرح لانفسهم في حياتهم وفي عاشوراء خاصة.

بل في الخدمة للائمة عموما وللحسين خصوصا من بعض الشيعة مما يراها غير المحب تعبا ونصبا لا داعي له ولكن عند الشيعي الصادق لذة لا يفوقها شيء.

وقد حكى لي بعض من يوثق به ان في بعض بلاد ماجين طائفة من الشيعة، لهم كيفية خاصة في اللطم والضرب على الصدور في عاشوراء، وذلك بأنهم يحفرون اخدوداً يملأونه حطبا ويضرمون فيه النار، ثم يخوضون فيها عند الضرب على الصدور بالمرور مكررا، ويقولون إنا لا نحس بحرارة النار، وهذا واقع حيث نار الحزن والغم لمصاب اهل البيت وحبيب المصطفى صلوات الله عليه واله هو اشد من اي نار مادية او معنوية، وهو لا يتحقق الا لمن فنى في حبهم واتباع نهجهم فكان وليا لله تعالى في السر والعلن.

واما الجن، فقد اعطي منهم الحسين (ع) انصارا جاؤوا اليه يوم خروجه من المدينة، فقال لهم (ع) " الموعد حفرتي وبقعتي، فإذا وردتها فأتوني زوّراً ".

ومنهم من جاؤوا اليه يوم عاشوراء فاختار لقاء الله تعالى ولم يأذن لهم في المحاربة.

ومنهم انصار جاؤوا اليه ليلة الحادي عشر، فرأوه قتيلا، وكان منهم راثين وناعين عليه رجالهم ونساءهم وبناتهم، ولهم عليه مراث ونثرا في كربلاء حول جسده، وفي المدينة وفي البصرة وفي الكوفة وفي بيت المقدس وتحت العوسجة وانظر قصتها في البحار، الجزء 45والصفحة 233ايضا234، وكان منهم منادون بقتله، ناعون له في جميع الاقطار والجهات، وكانت نساء الجن نائحـات حول جسده المبارك ليلا حينما كان مطروحا فسمع منهن:


نـسـاء الجن يبكينمـن الحزن شجيات
ويـندبن حسينا عظــمت تلك المصيبات
ويلبسن الثياب السوديـعـد الـقـصيبات

وايضا كانت الجن تنوح:


مسح الرسول جبينهفله بريق في الخدود
ابواه من عليا قريشوجـده خير الجدود

باب خصائص الوحوش:

قد جعل الله تعالى الوحوش راثية له (ع) في كربلاء قبل دفنه، كما في رواية الظباء التي كلمت النبي عيسى بن مريم عليهما السلام في كربلاء، والسبع الذي رآه النبي عيسى (ع)، كما سيجيء، وجعلها في ليالي طرحه مادة اعناقها على جسده يبكينه حتى الصبـاح.

باب خصائص الطيور:

قد جعل الله تبارك وتعالى الطيور نائحة عليه (ع) وناشرة اجنحتها على جسده المبارك، ونائحة له في المدينة عند قبر جده المصطفى (ص)، ومخبرة لغيرها من الطيور بشهادته.

باب ما خصه من الخيل والابل:

قد خصه الله تعالى بفرس رسوله الحبيب المصطفى (ص) المرتجز، ولعله المسى بذي الجناح، والذي كان متأسيا بصاحبه في العطش، مؤثرا له على نفسه في ذلك.

فإنه لما ورد الماء عند التحام القتال وضع ذو الجناح فمه في الماء، وقال له: انا عطشان وانت عطشان، والله لا اشرب حتى تشرب، فرفع رأسه يعني يا مولاي لا اشربه حتى تشربه، فقال الامام الحسين (ع) " اشرب فأنا اشرب.

ثم مدّ يده الى الماء وصار ما صار مما يأتي في محله، وجعله متظلما من قتلته مناديا: " الظلمية الظليمـة من امة قتلت ابن بنت نبيهـا"، وجعله ناعيا له الى اهله واطفاله مجاهدا عنه بعد قتله، كما في الرواية.

وخصّه من الابل بناقة له قد ركبها صبح عاشوراء، وخطب عليها ثم نزل عنها، وقال لعقبة بن سمعان، اعقلها فظلت معقولة الى ان قتل، فضربت رأسها على الارض حتى ماتت.

باب ما خصه سبحانه وتعالى من الاوضاع الدنيوية:

لم يرد الله تعالى الدنيا لأوليائه، ولكن قد خصّ الحسين (ع) حيث منعوا عنه الماء والطعام وتركوه مطروحا بلا دفن، باعطاء ثلاثة اشياء من جنس ما منعوه، فجعل الله تعالى له سقاية، واطعاما، وعمارة متصلة دائمة الى يوم القيامة.

اما السقاية: فانه جعل ثوابا خاصا للسقي عند قبره لسلة عاشوراء، فقد ورد ان من سقى الماء ليلة عاشوراء عند قبره كان كمن سقى عسكر الحسين (ع)، وقد استنبط من ذلك ان معظم اجر سقي الماء الذي هو اول اجر يُعطى يوم القيامة انما يكون للحسين المظلوم العطشان عليه السلام.

ولذا فقد سبّل شيعته الماء في كل مكان، وجعلوه بإسم الحسين فقامت السقايات طوال السنة في كل مكان، خصوصا في عاشوراء باسم الحسين، اي ثوابه للحسين، وجعل تسبيل الماء كأنه مختص بما كان للحسين عليه السلام.

وكذلك الاطعام: في تعزيته قد استمر دائما خصوصا في شهر محرم، فلعل ايام السنة اذا لاحظتها يصل مصرف الاطعام في مجالس عزائه، لو قسمت على الايام كل يوم اكرارا الحساب المتعارف، واكرارا اي: جمع كر، وهو كيل معروف مقداره بالوزن 2160 كغم تقريبا كما يفهم من اهل اللغة.

واما العمارة: فانه حيث طرحوه على الارض عوضه الله العلي القدير، كما اخبر به جبرئيل (ع) عن الله سبحانه، وروته زينب (ع) عن السجاد صلوات الله عليهم، " وينصبون لهذا الطف علمَا لقبر ابيك سيد الشهداء لايندرس اثره، ولا يعفو رسمه، على كرور الليالي والايام ……… "، فجعل تبارك وتعالى عوض هذه، قبة عالية تزداد علوا ورفعة دائما تزدهر بنور الله تعالى الى يوم القيامة فترى بيت الله، والمشاهد كلها قد تمت عمارتها لكن حرم الحسين عليه السلام من يوم بني الى ان هدمه المتوكل، ثم بناه الهادم بنفسه، قد اشتغل الخلفاء والسلاطين ببنائه.

ولا ينتهي عمل البنائين والنقاشين والمزينين بالذهب والبلور فهم مشغولوان دائما، واني من اول مقامي هناك وانا عمري خمس سنين الى الان، وانا ابن ستين سنة، لم ار ولم اسمع بعدم الاشتغال فيه، اما بالعمارة او الزينة ولو يوما واحدا والظاهر استمرار ذلك الى يوم القيامة للنكتة التي ذكرناها.