الكتاب: الكنى والألقاب
المؤلف: الشيخ عباس القمي
الجزء: ٣
الوفاة: ١٣٥٩
المجموعة: مصادر سيرة النبي والائمة
تحقيق:
الطبعة:
سنة الطبع:
المطبعة:
الناشر: مكتبة الصدر - طهران
ردمك:
ملاحظات: تقديم محمد هادي الأميني

الكنى والألقاب
1

الكنى والألقاب
تأليف
المحقق الشهير والمؤرخ الكبير
الشيخ عباس القمي
الجزء الثالث
3

بسم الله الرحمن الرحيم
(الفارابي)
أبو نصر محمد بن طرخان الفارابي التركي الحكيم المشهور، صاحب التصانيف
في المنطق والموسيقى، قالوا انه كان أكبر فلاسفة المسلمين، ولم يكن فيهم
من بلغ رتبته في فنونه.
والرئيس أبو علي بن سينا بكتبه تخرج، وبكلامه انتفع في تصانيفه،
وكان تركيا نشأ في بلدة فاراب، ثم خرج من بلده، وانتقلت به الاسفار
إلى أن وصل إلى بغداد، ثم اشتغل بعلوم الحكمة، وأخذ عن أبي بشر الحكيم
وهو يقرأ كتاب أرسطاطاليس في المنطق، ويملي على تلامذته شرحه ثم ارتحل
إلى مدينة حران وأخذ عن يوحنا ابن جيلان الحكيم النصراني طرفا من المنطق
أيضا، ثم قفل راجعا إلى بغداد وقرأ بها علوم الفلسفة، وتناول جميع كتب
أرسطاطاليس وتمهر في استخراج معانيها والوقوف على أغراضه فيها يروى عنه
انه سئل من اعلم الناس بهذا الشأن أنت أم أرسطاطاليس؟ فقال: لو أدركته
لكنت أكبر تلامذته.
ويقال: انه وجد كتاب النفس لأرسطاطاليس وعليه مكتوب بخط الفارابي
اني قرأت هذا الكتاب مائة مرة.
وله قصة مشورة من وروده على السلطان سيف الدولة بزي الأتراك قبل
ان يعرفه أحد، وكان مجلسه مجمع الفضلاء، فتخطى رقابهم حتى جلس في مسند
سيف الدولة، وتكلم بلسان مماليك سيف الدولة، وكان لسانا مخصوصا ثم
4

اخرج من خريطته عيدانا وركبها ثم لعب بها فضحك منها كل من كان في المجلس
ثم ركبها تركيبا آخر فضرب بها فبكى كل من حضر، ثم غير تركيبها فنام كل
من في المجلس حتى البواب، ثم تركهم نياما وخرج.
(ويحكى) انه كان منفردا بنفسه لا يجالس الناس، وكان مدة مقامه
بدمشق لا يكون غالبا إلا عند مجتمع ماء أو مشتبك رياض ويؤلف هناك كتبه
ويتناوبه المشتغلون عليه.
وكان أزهد الناس في الدنيا لا يحتفل بأمر مكسب ولا مسكن، وأجرى
عليه سيف الدولة كل يوم من بيت المال أربعة دراهم، وهو الذي اقتصر عليها
لقناعته، ولم يزل على ذلك إلى أن توفى بدمشق سنة 339 (شلط) وقد ناهز ثمانين سنة، وصلى عليه سيف الدولة في أربعة من خواصه ودفن بظاهر دمشق
خارج الباب الصغير. (والفارابي) نسبة إلى فاراب، وهي مدينة فوق شاش قريبة من مدينة
بلاساعون بفتح الموحدة بلدة في بعض ثغور الترك وراء نهر سيحون بالقرب من
كاشغر، وكاشغر: بسكون الشين وفتح الغين المعجمتين وهي من المدن العظام
في تخوم الصين.
(والفارياب) بلد ببلخ، (وظهير الفاريابي) شاعر أديب معروف،
ومن شعره في الموعظة:
بكوش تابسلامت بمأمني برسي
كه رآه سخت مخوف است ومنزلت بس دور
ببين كه چند فراز ونشيب در رآه است
زآستان عدم تابه بيشكاه نشور
تورا مسافت دور دراز دربيش است
بدين دور روزه إقامت چرا شوي مغرور
5

برآستان فنا دل منه كه جاي دگر
برأي نزهت تو بر كشيده اندقصور
روى شيخنا المفيد (ره) في الارشاد انه كان أمير المؤمنين عليه السلام ينادي
في كل ليلة حين يأخذ الناس مضاجعهم بصوت يسمعه كافة من في المسجد ومن
جاوره من الناس: تزودوا (تجهزوا خ ل) رحمكم الله فقد نودي فيكم بالرحيل
وأقلوا العرجة على الدنيا، وانقلبوا بصالح ما يحضر كم (بحضرتكم خ ل) من
الزاد، فان أمامكم عقبة كؤدا، ومنازل مهولة، لابد من الممر بها،
والوقوف عليها.
(الفارسي)
أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفسوي النحوي، فارس ميدان
العلم والأدب، والذي ينسل إلى فضله من كل حدب، المرجوع إلى تحقيقاته
الرشيقة في الكتب الأدبية، والقواعد العربية، ولد بمدينة فسا سنة 288 (حرف)
وقدم بغداد واشتغل بها سنة 307، وكان إمام وقته في علم النحو، وأقام
بحلب عند سيف الدولة بن حمدان مدة، وكان قدومه عليه في سنة 341 وجرت
بينه وبين المتنبي مجالس.
قال الخطيب: وعلت منزلته في النحو حتى قال قوم من تلامذته هو فوق
المبرد، وأعلم منه.
وصنف كتبا عجيبة حسنة لم يسبق إلى مثلها، واشتهر ذكره في الآفاق
وبرع له غلمان حذاق مثل عمان بن جني وعلي بن عيسى الشيرازي وغير هما وخدم
الملوك ونفق عليهم، وتقدم عند عضد الدولة.
قال التنوخي: سمعت أبي يقول: سمعت عضد الدولة يقول: أنا غلام
أبى علي النحوي الفسوي في النحو، وغلام أبى الحسين الرازي الصوفي في النجوم
6

قال الخطيب: قلت ومن مصنفاته الايضاح في النحو، وكتاب المقصور والممدود
وكتاب الحجة في علل القراءات.
قال محمد بن أبي الفوارس في سنة 377: توفي أبو علي الفسوي النحوي
ولم أسمع منه شيئا، وكان متهما بالاعتزال، إنتهى.
(أقول): وصنف لعضد الدولة التكملة والمسائل الشيرازيات وهي مشتملة
على ثلاثة عشر جزءا رأيتها في مشهد مولانا أمير المؤمنين عليه السلام وكانت بخط احمد
ابن سابور وعلى ظهرها خط مصنفها أبي علي هكذا قرأ علي أبو غالب أحمد بن
سابور هذا الكتاب وكتب الحسن بن أحمد الفارسي بخطه إنتهى.
وأورده ابن خلكان في تاريخه وأثنى عليه. وذكر مناما له يتعلق به
ثم قال: وبالجملة فهو أشهر من أن يذكر فضله، وكان متهما بالاعتزال إنتهى
توفى ببغداد سنة 377 (شعر) ودفن بالشونيزي.
وقد يطلق الفارسي على الشيخ أبى إسحاق إبراهيم بن علي، الفارسي
اللغوي النحوي، صاحب كتاب شرح الجرمي وغيره، تلميذ أبى علي
الفارسي المذكور.
(الفارقي)
أبو علي الحسن بن إبراهيم بن علي بن برهون الفقيه الشافعي، كان مبدء
اشتغاله بميافارقين، ثم انتقل إلى بغداد واشتغل على الشيخ أبى إسحاق الشيرازي
وعلى أبى نصر بن الصباغ، وتولى القضاء بمدينة واسط.
وكان زاهدا متورعا، له كتاب الفوائد على المهذب، توفى
سنة 538 بواسط.
(الفاسي)
يطلق على جمع من الفضلاء (منهم) أبو الطيب تقي الدين محمد بن شهاب
الدين أحمد بن علي الحسني المكي المحدث البارع المؤرخ صاحب التواريخ الحافلة
7

للبلد الحرام، منها العقد الثمين، وشفاء الغرام، وغير ذلك، توفى سنة
832 (ضلب).
(ومنهم) أبو محمد عبد القادر بن علي بن يوسف المغربي الفارسي المالكي
المحدث المفسر الصوفي البارع في كثير من العلوم، أخذ منه كثير من الناس،
له حاشية على صحيح البخاري، ورسالة في الإمامة العظمى وغير ذلك، توفى سنة
1091 (غصا)، (والفاسي) نسبة إلى فاس بلد عظيم بالمغرب
(الفاضل)
آية الله العلامة الحلي (والفاضلان) العلامة والمحقق الحليان.
(الفاضل الآبي)
الحسن بن أبي طالب، وقد تقدم قي الآبي.
(الفاضل الأردكاني)
تقديم في الأردكاني.
(الفاضل الإيرواني)
العالم الجليل والفاضل النبيل المولى محمد بن محمد باقر الإيرواني النجفي الكربلائي
اخذ عن صاحبي الضوابط والجواهر وصاحب أنوار الفقاهة، وبالأخير اختص
بشيخ الطائفة العلامة الأنصاري، واستقل بالتدريس بعده وبعد العلامة
الكوهكمري سنة 1299، (أتته) شهرة طائلة وزعامة دينية كبرى، فطفق
يعول الأفاضل بعلمه الجم، ووفره الواسع فصاروا ببركته من كبار العلماء،
لهم تراجم ومؤلفات، له رسائل كثيرة في الفقه والأصول وتعليقة على رسائل
أستاذه العلامة الأنصاري، وحواش على قواعد العلامة، وعلى تفسير البيضاوي
ورسالة عملية فارسية في العبادات، وأخرى في المعاملات، وكتاب في المكاسب
8

المحرمة، ورسالة اجتماع الأمر والنهي وغير ذلك، توفى 3 ع ل سنة 1306، ودفن بمدرسته المعروفة في النجف الأشرف.
(الفاضل التوني)
انظر التوني.
(الفاضل الجواد)
هو الشيخ جواد بن سعد الله بن جواد البغدادي الكاظمي في (ضا)،
كان اسمه محمدا كما يظهر من بعض مصنفاته، وهو من العلماء المعتمدين والفضلاء
المجتهدين، صاحب تحقيقات أنيقة وتدقيقات رشيقة في الفقه والأصول والمعقول
والمنقول والرياضي والتفسير وغير ذلك.
ذكره الحسن بن عباس البلاغي النجفي في كتابه الموسوم بتنقيح المقال
وقال: كان كثير الحفظ، شديد الادراك، مستغرق الأوقات في الاشتغال بالعلوم، إنتهى
(وكان) أصله ومحتده ارض الكاظمين، إلا إنه ارتحل في مبادئ أمره
إلى بلدة أصفهان، فكان متلمذا في الغالب على شيخنا البهائي (ره) إلى أن صار
من أخص خواصه وأعز ندمائه فصنف بأمره النافذ كتابه المسمى بغاية المأمول
في شرح زبدة الأصول، وهو كتاب حسن في الغاية، جميل التأليف يقرب
من أربعة عشر ألف بيت.
(وله أيضا) شرح كبير على رسالة خلاصة الحساب لشيخه المذكور،
وكتاب آخر كبير من أكبر ما كتب في شأنه وأتمها فائدة سماه مسالك الأفهام
في شرح آيات الاحكام، وشرح على دروس الشهيد (ره) ينقل عنه في الحدائق
وكأنه إلى كتاب الحج كما أفيد وشرح على جعفرية الشيخ علي المحقق وغير ذلك
ولم أعرف الرواية له أيضا إلا عن شيخنا البهائي شيخ قرائته وإجازته، وعنه
9

الرواية لجماعة منهم السيد الفاضل الأمير محمود بن فتح الله الحسيني الكاظمي النجفي
صاحب الرسالة في تقسيم الأخماس في هذه الأزمان، ومقالات في الرجعة،
والأحاديث المتعلقة بها، ورسالة في صعود جثة الامام إلى السماء من بعد ثلاثة
أيام، وغير ذلك إنتهى.
(الفاضل السيوري)
ويقال له أيضا (الفاضل المقداد) هو الشيخ الأجل أبو عبد الله المقداد
ابن عبد الله بن محمد بن الحسين بن محمد السيوري الحلي الأسدي الغروي، كان
عالما فاضلا فقيها محققا مدققا.
له كتب منها شرح نهج المسترشدين في أصول الدين، وكنز العرفان في
فقه القرآن، والتنقيح الرايع في شرح مختصر الشرائع، وشرح الباب الحادي
عشر، وشرح مبادئ الأصول، وشرح ألفية الشهيد، ونضد القواعد رتب
فيه قواعد الشهيد (ره) وشرح فصول الخواجة نصير الدين واللوامع في الكلام
إلى غير ذلك.
(يروى) عن الشيخ الشهيد محمد بن مكي العاملي قدس سره ويروى عنه
محمد بن شجاع القطان الحلي، كان فراغه من شرح نهج المسترشدين سنة 792
وأجاز لبعض تلاميذه في ج 2 سنة 822، توفى سنة 726 (ضكو).
(والسيوري) بضم السين مع الياء المخففة التحتانية نسبة إلى سيور، وهي
قرية من قرى الحلة.
قال (ضا) في ذيل ترجمة هذا الفاضل الجليل: هذا ومن جملة ما يحتمل
عندي قويا هوان تكون البقعة الواقعة في برية شهروان بغداد المعروفة عند أهل
تلك الناحية بمقبرة مقداد مدفن هذا الرجل الجليل الشأن.
10

(الفافل المراغي)
المولى أحمد بن علي أكبر نزيل تبريز، تلمذ في النجف الأشرف على شيخ
الطائفة العلامة الأنصاري فهبط تبريز، وظهرت فيها فضائلة.
له حواش على كثير من كتب العلم، منها حاشيته على شرح الشمسية،
والصمدية، والقوانين، والمطول، وله تعليقات تفسيرية، وتعليقات
على نهج البلاغة، توفي في 5 محرم سنة 1310 هج‍، ونقل جثمانه إلى
النجف الأشرف.
(الفاضل الهندي)
هو الشيخ الأجل تاج المحققين والفقهاء وفخر المدققين والعلماء بهاء الدين
محمد بن الحسين بن محمد الأصبهاني، وحيد عصره وأعجوبة دهره مروج الاحكام
صاحب كشف اللثام عن قواعد الأحكام، الذي حكي عن صاحب الجواهر رحمه الله
انه كان له اعتماد عجيب فيه وفي فقه مؤلفه، وانه كان لا يكتب شيئا من الجواهر
لو لم يحضره ذلك الكتاب.
وناهيك به انه فرغ من تحصيل العلوم معقولها ومنقولها ولم يكمل ثلاث
عشرة سنة، وشرع في التصنيف ولم يكمل اثني عشرة سنة، عد مصنفاته إلى
ثمانين، يروى عن والده تاج أرباب العمامة تاج الدين حسن المعروف بملا تاجا
عن المولى حسن علي أحد مشايخ العلامة المجلسي (رحمة الله)، توفي في فتنة
الأفاغنة بأصبهان 25 (مض) سنة 1137 (غقلز) ودفن بمقبرة تخته فولاد،
وبجنبه قبر العالم الفاضل الحاج مولى محمد النائيني المتوفى سنة 1263 (غرسج)
ويعبر أهل أصبهان عنهما بالفاضلان، وهذا الفاضل النائيني والد العالم الجليل
الآقا رضا النائيني الذي يروي عنه شيخنا ثقة الاسلام النوري بعض الحكايات
في كتاب دار السلام.
11

(الفاكهي)
جمال الدين عبد الله بن أحمد بن علي المكي الشافعي النحوي، اشتغل
بالعلم على والده وغيره، ودرس وانتفع به الناس وألف كتبا منها شرح القطر
يقال انه ألفه وهو ابن ثماني عشرة سنة وله الفواكه الجنية على متممة الأجرومية
وحسن التوسل في آداب زيارة أفضل الرسل صلى الله عليه وآله، وكشف النقاب عن
مخدرات ملحة الاعراب، وهو شرح مختصر على ملحة الاعراب للحريري،
توفى سنة 972 (ظعب).
(الفالي)
أبو الحسن علي بن أحمد بن علي بن سلك الأديب الفالي، أقام بالبصرة
طويلا وسمع من شيوخ ذلك الوقت، وقدم بغداد واستوطنها وحدث بها
وكان شاعرا أديبا.
روى عنه الخطيب صاحب تاريخ بغداد وتقدم في علم الهدى قصة ربيعة
الجمهرة للشريف المرتضى وأشعاره في ذلك، ورد السيد رحمه الله الكتاب عليه،
والفالي نسبة إلى فالية بالفاء هي بلدة بخوزستان.
(الفتال)
هو الشيخ الأجل السعيد الشهيد أبو علي محمد بن الحسن بن علي بن أحمد
النيسابوري المعروف بابن الفارسي الحافظ الواعظ صاحب كتاب روضة الواعظين
والتنوير في التفسير.
كان من علماء المائة السادسة ومن مشايخ ابن شهرآشوب، يروى عن
الشيخ الطوسي وعن أبيه الحسن بن علي عن السيد المرتضى رضي الله تعالى عنه
قال ابن داود في حقه متكلم جليل القدر فقيه عالم زاهد ورع، قتله أبو المحاسن
عبد الرزاق رئيس نيسابور الملقب بشهاب الاسلام إنتهى.
12

(الفتال) من أسماء البلبل، ولعله لقب به لطلاقة في لسانه في الخطابة
والوعظ، وعذوبة في لهجته ورقة في ألفاظه.
(فخر الدولة الموصلي)
انظر ابن جهير وعميد الدولة.
(الفخر الرازي)
أبو عبد الله محمد بن عمر بن الحسين بن الحسن بن علي التيمي الطبري الأصل
الرازي المولد الأشعري الأصول الشافعي الفروع، المعروف با الامام فخر الدين
والملقب بابن الخطيب، صاحب التفسير الكبير الذي أكمله نجم الدين القمولي
وشهاب الدين الخوبي.
وله أساس التقديس في علم الكلام، ولباب الإشارات ولوا مع البينات
في شرح أسماء الله والصفات، ومحصل أفكار المتقدمين والمتأخرين إلى غير ذلك
كان مبدأ اشتغاله على والد ضياء الدين عمر، ثم اشتغل على المجد الجيلي بمراغة
ثم هرع إلى خوارزم وما وراء النهر وخراسان، واتصل بخوارزم شاه ونال
عنده أسنى المراتب، واستوطن مدينة هراة، وكان يلقب بها شيخ الاسلام،
ونال من الدولة إكراما عظيما، فاشتد ذلك على الكرامية ولم يزل بينه وبينهم
السيف الأحمر حتى قيل إنهم سموه
حكي ان له في الوعظ اليد البيضاء ويعظ باللسانين العربي والعجمي وكان
يلحقه الوجد في حال الوعظ ويكثر البكاء
وعن أبي عبد الله الحسين الواسطي قال: سمعت فخر الدين بهراة ينشد
على المنبر عقيب كلام عاتب أهل البلد:
المرء ما دام حيا يستهان به * ويعظم الرزء فيه حين يفتقد
إنتهى
13

ونسب إليه هذه الأبيات:
نهاية اقدام العقول عقال * وأكثر سعي العالمين ضلاك
وأرواحنا في وحشة من جسومنا * وحاصل دنيانا أذى ووبال
ولم نستفد من بحثنا طول عمرنا * سوى ان جمعنا فيه قيل وقاك
وكم قد رأينا من رجال ودولة * فبادوا جميعا مسرعين وزالوا
وكم من حبال قد علت شرفاتها * رجال فزالوا والجبال جبال
وفي العبقات قال الذهبي في ميزان الاعتدال: الفخر ابن الخطيب صاحب
التصانيف، رأس الذكاء والعقليات لكنه عري من الآثار.
وله تشكيكات علي مسائل من دعائم الدين يورث الحيرة، نسأل الله ان
يثبت الايمان في قلوبنا.
وله كتاب السر المكتوم في مخاطبة النجوم سحر صريح فلعله تاب من
تأليفه إن شاء الله تعالى إنتهى.
وعده ابن تيمية في منهاج السنة في الجبرية، وهم الفرقة الضالة الهالكة
وقال الشيخ عبد الوهاب الشعراني في إرشاد الطالبين وقد طلب الشيخ فخر الدين
الرازي الطريق إلى الله تعالى فقال الشيخ نجم الدين الكبرى لا تطيق مفارقة
صنمك الذي هو علمك، فقال: يا سيدي لا بد إن شاء الله فأدخله الشيخ
الخلوة وسلبه جميع ما معه من العلوم، فصاح في الخلوة بأعلى صوته لا
أطيق فأخرجه.
قال ابن حجر السقلاني في لسان الميزان في حقه: وكان مع تبحره في
الأصول يقول: من التزم دين العجائز فهو الفائز، وكان يعاب بايراد الشبه
الشديدة، ويقصر في حلها، حتى قال بعض المغاربة: يورد الشبهة نقدا
ويحلها نسيئة، وذكره ابن دحية فمدح وذم، وذكره ابن شامة فحكى عنه
أشياء ردية، وكانت وفاته بهراة يوم عيد الفطر سنة 606 (خو) إنتهى.
14

ولبعض أرباب الوجد والعرفان (هو ابن العربي) كتاب كبته إلى الفخر
الرازي يعجبني نقل بعض كلماته قال فيه! وقد وقفت على بعض تأليفك وما
أيدك الله به من القوة المتخيلة والفكرة الجيدة، ومتى تغذت النفس كسب يديها
فإنها لا تجد حلاوة الجود والوهب، وتكون ممن اكل من تحته، والرحل من
يأكل من فوقه كما قال الله تعالى: (ولو أنهم أقاموا التوراة والإنجيل وما انزل
إليهم من ربهم لأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم) وليعلم وليي وفقه الله ان
الوراثة الكاملة وهي التي تكون من كل الوجوه لا من بعضها، والعلماء ورثة
الأنبياء، فينبغي للعاقل العالم ان يجتهد لان يكون وارثا من كل الوجوه،
ولا يكون ناقص الهمة، إلى أن قال: وينبغي للعالي الهمة ان لا يكون معلمه
مؤنثا، كما لا ينبغي ان يأخذ من فقير أصلا، وكل مالا كمال له إلا بغيره فهو
فقير، وهذا حال كل ما سوى الله تعالى.
فارفع الهمة في أن لا تأخذ علما إلا من الله سبحانه على الكشف واليقين،
ولقد أخبرني من ألفت به من إخوانك ومن له فيك نية حسنة انه رآك وقد
بكيت يوما فسألك هو ومن حضر عن بكائك، فقلت: مسألة اعتقدتها منذ
ثلاثين سنة تبين لي الساعة بدليل لاح لي ان الامر علي خلاف ما كان عندي
فبكيت وقلت: لعل الذي لاح لي أيضا يكون مثل الأول، فهذا قولك،
ومن المحال على الواقف بمرتبة العقل والفكر أن يسكن أو يستريح ولا سيما
في معرفة الله تعالى.
وقال: وينبغي العاقل ان لا يطلب من العلوم إلا ما يكمل به ذاته وينقل
معه حيث انتقل، وليس ذلك إلا العلم بالله تعالى، فان علمك بالطب إنما يحتاج
إليه في عالم الأمراض والأسقام، فإذا انتقلت إلى عالم ما فيه السقم ولا المرض
فمن تداوى بذلك العلم.
وكذلك العلم بالهندسة إنما يحتاج إليه في عالم المساحة، فإذا انتقلت تركته
15

في عالمه، ومضت النفس ساذجة ليس عندها شئ منه.
وكذلك الاشتغال بكل علم تركته النفس عند انتقالها إلى عالم الآخرة
فينبغي للعاقل ان لا يأخذ منه إلا ما مست إليه الحاجة الضرورة، وليجتهد في
تحصيل ما ينتقل معه حيث انتقل، وليس ذلك إلا علمان خاصة العلم بالله، والعلم
بمواطن الآخرة، إنتهى.
(فخر المحققين)
أبو طالب محمد بن الحسن بن يوسف بن المطهر الحلي، وجه من وجوه
هذه الطائفة وثقاتها، جليل القدر عظيم المنزلة رفيع الشأن، كثير العلم،
وحيد عصره وفريد دهره، جيد التصانيف، حاله في علو قدره وسمو مرتبته
وكثرة علومه أشهر من أن يذكر، كفى في ذلك أنه فاز بدرجة الإجتهاد في
السنة العاشرة من عمره الشريف، وكان والده العلامة يعظمه ويثني عليه ويعتني بشأنه كثيرا حتى أنه ذكره في صدر جملة من مصنفاته الشريفة، وأمره في
وصيته التي ختم بها القواعد باتمام ما بقي ناقصا من كتبه بعد حلول الاجل،
وإصلاح ما وجد فيها من الخلل له غير ما أتم من كتب والده العلامة، كتب
شريفة منها شرح القواعد سماه إيضاح الفوائد، والفخرية في النية، وحاشية
الارشاد، والكافية الوافية في الكلام، وشرح نهج المسترشدين، وشرح
تهذيب الأصول الموسوم بغاية السؤل، وشرح مبادئ الأصول وشرح خطبة
القواعد إلى غير ذلك.
يروي عن أبيه العلامة وغيره، ويروي عنه شيخنا الشهيد (ره) وأثنى
عليه في بعض إجازاته ثناء بليغا.
ولد ليلة 20 ج 1 سنة 682، وتوفى ليلة 25 ج 2 سنة 771، قال صاحب
نخبة المقال في تاريخه:
16

فخر المحققين نجل الفاضل * ذاع 771 للارتحال بعدنا حل 89
(فخر الملك)
أبو غالب محمد بن علي بن خلف الواسطي كان وزير بهاء الدولة أبى نصر
ابن عضد الدولة بن بويه، وكان من أعظم وزراء آل بويه بعد ابن العميد
والصاحب بن عباد، وكان جم الفضائل والافضال جزيل العطايا والنوال.
حكى القاضي نور الله انه كان كثير الصلاة والصدقات، حتى أنه كان
يكسي في يوم ألف فقير.
وكان أول من قسم الحلوا على الفقراء ليلة النصف من شعبان،
وكان يتشيع، إنتهى.
حكي ان رجلا شيخا رفع إلى فخر الملك قصة سعى فيها بهلاك شخص،
فلما وقف فخر الملك عليها قلبها وكتب في ظهرها: السعاية قبيحة وإن كانت
صحيحة، فان كنت أجريتها مجرى النصح فخسرانك فيها أكثر من الربح،
ومعاذ الله ان نقبل من مهتوك في مستور، ولولا انك في خفارة من شيبك
لقابلناك بما يشبه مقالك، وتردع به أمثالك، فاكتم هذا العيب، واتق من
يعلم الغيب والسلام.
ومحاسن فخر الملك كثيرة، ولم يزل في عزه وجاهه إلى أن نقم عليه
مخدومه سلطان الدولة، فحبس ثم قتل في سنة 407 (تز).
قال ابن خلكان: ورثاه الشريف الرضي بأبيات ما اخترت منها شيئا حتى
أثبته هاهنا، قلت العجب منه كيف ذكر هذا مع أنه أثبت وفاة الشريف الرضي
في سنة 406 (تو) قبل فخر الملك بسنة.
(الفراوي)
كمال الدين أبو عبد الله محمد بن الفضل بن أحمد النيسابوري، الفقيه المحدث
17

الواعظ، كان يقال في حقه الفراوي ألف راوي، توفى سنة 530 (ثل).
والفراوي - بضم الفاء نسبة إلى فراوة، وهي بليدة مما يلي خوارزم بناها
عبد الله بن طاهر في خلافة المأمون.
(الفراء)
أبو زكريا يحيى بن زياد بن عبد الله بن منظور الأسلمي الديلمي الكوفي
تلميذ الكسائي، وصاحبه كان أبرع الكوفيين، وأعلمهم بالنحو واللغة
وفنون الأدب.
حكي عن ثعلب انه قال: لولا الفراء لما كانت عربية، لأنه
خلصها وضبطها، إنتهى.
ومما رفع قدره وجمع الأدباء حوله حظوته عند المأمون الخليفة فإنه كان يقدمه
وعهد إليه تعليم ابنيه النحو واقترح عليه ان يؤلف ما يجمع به أصول النحو وما
سمع من العربية.
وأمران تفرد له حجرة من الدار ووكل بها جواري وخدما للقيام بما يحتاج إليه
وصير إليه الوراقين يكتبون ما يمليه، حتى صنف كتاب الحدود في سنتين، وعظم
قدر الفراء في الدولة العباسية، حتى تسابق تلميذاه ابنا المأمون إلى تقديم فعله
إليه لما نهض للخروج، ثم اصطلحا على أن يقدم كل منهما فرده، وبلغ المأمون
ذلك، فاستدعاه وقال له بذلك، فقال: لقد أردت منعها ولكن خشيت ان
ادفعهما عن مكرمة سبقا إليها أو أكسر نفوسهما عن شريفة حرصا عليها،
ففرح المأمون وقال: لو منعتهما عن ذلك لأوجعتك لوما، توفى سنة 207
(رز) في طريق مكة.
(والفراء) بالفاء وتشديد الراء، قالوا قيل له الفراء لأنه كان يفرى الكلام
ولم يكن يعمل الفراء ولا يبيعها.
18

وإطلاق الفراء على معاذ بن مسلم النحوي اشتباه بالهراء فراجع الهراء،
(قال) ابن خلكان: وذكر أبو عبد الله المرزباني في كتابه ان زيادا والد
الفراء كان اقطع، لأنه حضر وقعة الحسين بن علي رضي الله عنهما، فقطعت يده
في ذلك الحرب، وهذا عندي فيه نظر لان الفراء عاش ثلاثا وستين سنة فتكون
ولادته سنة أربع وأربعين ومائة، وحرب الحسين كانت سنة إحدى وستين للهجرة
فبين حرب الحسين وولادة الفراء أربع وثمانون سنة، فكم قد عاش أبوه، فان كان
الأقطع جده فيمكن، والله أعلم إنتهى كلامه.
(أقول): العجب من ابن خلكان مع تبحره واطلاعه وإحاطته بالتاريخ
كيف لم يفهم ان المراد من الحسين بن علي هنا هو الحسين بن علي بن الحسن بن
ابن الحسن بن علي أبي طالب الشهيد بفخ في سنة 169 لا الحسين بن علي
ابن أبي طالب (ع) الشهيد بالطف سنة 61، ولكن هو معذور، لأنه وأمثاله
لم يكونوا يراجعون إلى كتب الشيعة، ولا إلى تواريخهم، ولا إلى سيرة أئمتنا
الاثني عشر عليهم السلام، وكفى شاهدا على قولي الرجوع إلى كتابه، فتراه
كتب في أحوال أدنى شاعرا أو فاسق أو ساقط ما يدلك على أحواله وسيرته وشأنه
وأما في أحوال أئمتنا (ع) فيكتفي باسمه واسم آبائه ووفاته مثلا كتب في باب
الميم الإمام محمد باقر والإمام محمد الجواد والامام صاحب الزمان (ع) فلا يبلغ
تمام ما كتب في أحوالهم (ع) صفحة من كتابه فاكتفى في أحوال الإمام المهدي
صاحب الزمان عليه السلام الذي كتب في أحواله العامة والخاصة كتبا كثيرة بهذه
الكلمات أبو القاسم محمد بن الحسن العسكري ابن علي الهادي بن محمد الجواد
المذكور قبله ثاني عشر الأئمة الاثني عشر على اعتقاد الامامية المعروف بالحجة،
وهو الذي تزعم الشيعة انه المنتظر والقائم والمهدي وهو صاحب السرداب عندهم
وأقاويلهم فيه كثيرة، وهم ينتظرون ظهوره في آخر الزمان من السرداب بسر
من رأى، ثم ذكر تاريخ ولادته وتاريخ دخوله السرداب.
19

هذا ما كتب في تاريخ هذا الإمام الحجة من الله على الناس مع ما فيه
من مواقع النظر والاعتراض.
(الفرخي)
علي بن جولوغ السجستاني شاعر معروف من شعراء السلطان محمود الغزنوي
كان فاضلا أديبا، له كتاب ترجمان البلاغة.
قيل: ان الرشيد الوطواط نسج على منواله كتابه (حدائق السحر) وله
أيضا ديوان شعر، توفى سنة 429.
(الفردوسي)
سحبان العجم الحكيم: أبو القاسم الحسن بن محمد الطوسي الشاعر المعروف
له يد في تمام فنون الكلام من التشبيب، والغزل، والحكمة، والاعذار،
والانذار، والمدح، والهجاء، والرثاء، والافتخار، والعتاب وغيرها من
أغراض الشعر، ولذلك يعد من أكبر شعراء إيران وأشهر هم، لا لأنه أتى بالشعر
الحماسي الذي أحيى به القومية الإيرانية.
ولذلك قيل في وصف الشاهنامة هي المرجع المهم في التاريخ والأدب الفارسي
لجميع الأدباء والمؤرخين، وهو كنز اللغة الفارسية وقاموسها، فليس هو كتابا
تاريخيا يشتمل على ذكر الملوك والابطال وقضايا إيران وحوادثها الماضية فحسب
بل هو محتو على أغلب فنون الأدب، ففيه حكمة وغزل وأخلاق وموعظة وتزهيد
في أسلوب قريب وطرز بديع.
(قيل): كان من دهاقين طوس، نظم كتاب (شاهنامه) من أول
زمان كيومرث إلى زمان يزدجرد بن شهريار في ستين ألف بيت في مدة ثلاثين سنة، آخرها سنة 384، وذكره السيد الشهيد القاضي نور الله في مجالسه
20

ومدحه بقوله:
يگانه فارس ميدان فرس فردوسي
كه در محاربه غريده همچو شير عرين
بران زمين كه قدم رانده شخص فطرت أو
سخنوران أزل تا أبد نهاده جبين
وقال: اسمه حسن بن إسحاق بن شرفشاه، ونقل منه هذه الاشعار
التي تدل على تشيعه:
بگفتار بيغمبرت رآه جوي * دل از تيرگيها بدين آب شوي
چه كفت آن خداوند تنزيل وحي * خداوند أمر خداوند نهي
كه من شهر علمم عليم دراست
درست أين سخن گفت پيغمبر است
گواهى دهم كاين سخن رازاو ست
توگوئي دوگوشم برآواز اواست
منم بنده أهل بيت نبي
ستاينده خاك پاي وصي
اگر چشم داري بديگرسراي
بنزد نبي ووصي گير جاي
گرت زين بدآيد گناه من است
چنين است وأين رسم رآه من است
بدين زادهم وهم بدين بگذرم * چنان دان كه خاك پي حيدرم
أبا ديگران مر مرا كار نيست * جزاين درمرا هيج گفتار نيست
نبي وعلي دختر وهر دوپور * گزيدم وزان ديگرانم نفور
دلت گربراه مايل است * تورا دشمن اندر خود دل است
21

هرآنكس كه دردلش نغض علي است
از أو خوارتر در جهان زاركيست
نباشد مگر بي پدر دشمنش * كه يزدان بآتش بسوزد تنش
توفي بطوس سنة 411.
(الفرزدق)
أبو فراس همام بن غالب بن صعصمة بن ناجية بن عقال بن محمد بن سفيان
ابن مجاشع بن دارم التميمي، الشاعر المشهور صاحب جرير، كان أبوه غالب
من سراة قومه، وأمه ليلى بنت حابس أخت الأقرع بن حابس.
قال السيد علي خان رضوان الله عليه: كان أبوه من أجلة قومه وسراتهم
سيد بادية تميم، وله مناقب مشهورة ومحامد ومأثورة.
فمن ذلك: انه أصاب أهل الكوفة مجاعة فخرج أكثر الناس إلى البوادي
فكان هو رئيس قومه، وكان سحيم بن وثيل رئيس قومه، فاجتمعوا بمكان
يقال له صوار في طرف السماوة من بلا د كلب على مسيرة يوم من الكوفة، فعقر
غالب لأهله ناقة وصنع منها طعاما، وأهدى إلى قومه من بني تميم جفانا من
ثريد، ووجه إلى سحيم جفنة فكفاها، وضرب الذي اتى بها وقال: أنا مفتقر
إلى طعام غالب إذ انحر ناقة نحرت أخرى فوقعت المنافرة، ونحر سحيم لأهله
ناقة، فلما كان من الغد عقر غالب ناقتين، فعقر سحيم لأهله ناقتين، فلما
كان اليوم الثالث نحر غالب ثلاثا فنحر سحيم ثلاثا، فلما كان اليوم الرابع
عقر غالب مائة ناقة، فلم يكن عند سحيم هذا القدر فلم يعقر شيئا وأسرها
في نفسه، فلما انقضت المجاعة ودخلت الناس الكوفة قال بنور رياح لسحيم:
جررت علينا عار الدهر هلا نحرت مثل ما نحر و كنا نعطيك مكان كل ناقة
ناقتين، فاعتذر ان إبله كانت غائبة، وعقر ثلاثمائة وقال للناس شأنكم والاكل
22

وكان ذلك في خلافة أمير المؤمنين عليه السلام فاستفتي (ع) في الاكل منها فقضى
بتحريمها، وقال: هذه ذبحت لغير مأكلة ولم يكن المقصود منها إلا المفاخرة
والمباهات، فألقيت لحومها على كناسة الكوفة فأكلتها الكلاب والعقبان
والرخم، انتهى. وهي قصة مشهورة، وعمل فيها الشعراء اشعارا كثيرة،
(وجد الفرزدق صعصعة بن ناجية) عدة علماء رجال العامة من الصحابة
وقالوا: كان من اشراف بني تميم ووجوه بني مجاشع، وكان في الجاهلية
يفتدي المؤودات - أعني البنات اللواتي كانوا يدفنونهن حيات - وقد أحيى
ثلاثمائة وستين موؤدة، اشترى كل واحدة منهن بناقتين عشراوين وجمل،
ووعده رسول الله صلى الله عليه وآله ان يؤجر عليها حيث أسلم.
وفي كامل المبرد قال الفرزدق:
ألم تر إنا بني دارم * زرارة منظا أبو معبد
ومنا الذي منع الوائدات * وأحي الوئيد فلم توأد
ألسنا الذين تميم بهم * تسامى وتفخر في المشهد
وناجية الخير والا قرعان * وقبر بكاظمة المورد
إذا ما اتى قبره عائذ * أناخ على القبر بالأسعد
(قوله: وقبر بكاظمة الخ) يعني قبر أبيه غالب بن صعصعه، وكان
الفرزدق يجير من استجار بقبر أبيه.
وكان أبوه جوادا شريفا، فممن استجار بقبر غالب فأجاره الفرزدق
امرأة من بني جعفر بن كلاب، خافت لما هجا الفرزدق بني جعفر بن كلاب ان
يسميها ويسبها فعاذت بقبر أبيه، فلم يذكر لها اسما ولا نسبا، ولكن قال في
كلمته التي يهجو فيها نبي جعفر بن كلاب:
عجوز تصلي الخمس عاذت بغالب * فلا والذي عاذت به لا أضيرها
ومن ذلك أن الحجاج لما ولي تميم بن زيد القيني السند دخل البصرة فجعل
23

يخرج من أهلها من شاء، فجاءت عجوز إلى الفرزدق فقالت: اني استجرت
بقبر أبيك وأتت منه بحصيات، فقال لها، وما شأنك؟ فقالت: ان تميم بن
زيد خرج بابن لي معه ولا قرة لعيني ولا كاسب لي غيره.
فقال لها: وما اسم ابنك؟ فقالت: خنيس، فكتب إلى تميم بن زيد
مع بعض من شخص:
تميم بن زيد لا تكونن حاجتي * بظهر فلا يعبأ علي جوابها
وهب لي خنيسا واحتسب فيه منة * لعبرة أم ما يسوغ شرابها
أتتني فعادت يا تميم بغالب * وبالحفرة السافي عليها ترابها
وقد علم الأقوام انك ماجد * وليث إذا ما الحرب شب شهابها
فلما ورد الكتاب على تميم تشكك في الاسم، فقال: أحبيش أم خنيس
ثم قال: انظروا من له مثل هذا الاسم في عسكرنا؟ فأصيب ستة ما بين حبيش
وخنيس، فوجه يهم إليه.
(وذكر ابن خلكان) مع تعصبه وانحرافه في أحوال الفرزدق ما ينبغي
نقله، قال: وتنسب إليه مكرمة يرجى له بها الجنة وهي انه لما حج هشام بن عبد
الملك في أيام أبيه فطاف وجهد ان يصل إلى الحجر ليستلمه فلم يقدر عليه لكثرة
الزحام، فنصب له منبر وجلس عليه ينظر إلى الناس ومعه جماعة من أعيان أهل الشام
، فبينما هو كذلك إذ قبل زين العابدين علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب
عليه السلام، وكان من أحسن الناس وجها، وأطيبهم أرجا، فطاف بالبيت
فلما انتهى إلى الحجر تنحى له الناس حتى استلم، فقال رجل من أهل الشام:
من هذا الذي قد هابه الناس هذه الهيبة؟ فقال هشام: لا أعرفه مخافة ان
يرغب فيه أهل الشام فيملكوه وكان الفرزدق حاضرا فقال أنا أعرفه فقال الشامي
من هو يا أبا فراس؟ فقال:
هذا الذي تعرف البطحاء وطأته * والبيت يعرفه والحل الحرام
24

هذا ابن خير عباد الله كلهم * هذا التقي النقي الطاهر العلم
إذا رأته قريش قال قائلها * إلى مكارم هذا ينتهي الكرم
ينمي إلى ذروة العز التي قصرت * عن نيلها عرب الاسلام والعجم
يكاد يمسكه عرفان راحته * ركن الحطيم إذا ما جاء يستلم
في كفه خيزران ريحه عبق * من كف أروع في عرنينه شمم
يغضي حياء ويغضي من مهابته * فما يكلم إلا حين يبتسم
ينشق نور الهدى عن نور غرته * كالشمس ينجاب عن اشراقها الظلم
مشتقة من رسول الله نبعته * طابت عناصره والخيم والشميم
هذا ابن فاطمة إن كنت جاهله * بجده أنبياء الله قد ختموا
الله شرفه قدما وعظمه * جرى بذاك له في لوحه القلم
فليس قولك من هذا بضائره * العرب تعرف من أنكرت والعجم
كلتا يديه غياث عم نفعهما * يستوكفان ولا يعروهما عدم
سهل الخليقة لا تخشى بوادره * يزينه اثنان حسن الخلق والشيم
حمال أثقال أقوام إذا فدحوا * حلوا الشمائل تحلو عنده النعم
ما قال لاقط إلا في تشهده * لولا التشهد كانت لاءه نعم
لا يخلف الوعد ميمون نقيبته * رحب الفناء أريب حين يعتزم
عم البرية بالاحسان فانقشعت * عنها العماية والإملاق والعدم
من معشر حبهم دين وبغضهم * كفر وقربهم منجى ومعتصم
إن عد أهل التقى كانوا أئمتهم * أو قيل من خير أهل الأرض قيل هم
لا يستطيع جواد بعد غايتهم * ولا يدانيهم قوم وإن كرموا
هم الغيوث إذا ما أزمة أزمت * والأسد أسد الشرى والباس محتدم
لا يقبض العسر بسطا من أكفهم * سيان ذلك أن أثروا وان عدموا
مقدم بعد ذكر الله ذكرهم * في كل فرض ومختوم به الكلم
25

يأبى لهم ان يحل الذم ساحتهم * خيم كريم وأيد بالندى ديم
أي الخلائق ليست في رقابهم * لأولية هذا أو له نعم
من يعرف الله يعرف أولية ذا * فالدين من بيت هذا ناله الأمم
ولما سمع هشام هذه القصيدة غضب وحبس الفرزدق وأنفذ له زين العابدين (ع)
اثني عشر ألف درهما فردها، وقال: مدحته الله تعالى لا للعطاء فقال عليه السلام: انا
أهل بيت إذا وهبنا شيئا لا نستعيده فقبلها إنتهى.
(ومن شعر الفرزدق).
أخاف وراء القبران لم يعافني * أشد من الموت التهابا وأضيقا
إذا جاءني يوم القيامة قائد * عنيف وسواق يسوق الفرزدقا
لقد خاب من أولاد آدم من مشى * إلى الغار مغلول القلادة أزرقا
يقاد إلى نار الجحيم مسر بلا * سرابيل قطران لباسا محرقا
اخذ قوله: أخاف وراء القبر، من كلام أمير المؤمنين عليه السلام فيما كتب لمحمد بن
أبي بكر: يا عباد الله ما بعد الموت لمن لا يغفر له أشد من الموت القبر (1).
فاحذروا ضيقه وضنكه وغربته، ان القبر يقول كل يوم: أنا بيت
الغربة، أنا بيت الوحشة، أنا بيت الدود، والقبر روضة من رياض الجنة أو
حفرة من حفر النار، ان العبد المؤمن إذا دفن قالت له الأرض: مرحبا وأهلا
قد كنت ممن أحب ان تمشي على ظهري فإذا وليتك فستعلم كيف صنيعي بك
فيتسع له مد البصر، وان الكافر إذا دفن قالت له الأرض: لا مرحبا بك ولا

(1) وقال أبو العتاهية:
ان يوم الحساب يوم عسير * ليس للظالمين فيه مجير
فاتخذ عدة لمطلع القبر وهول الصراط يا منصور
منصور هو ابن عمار الواعظ المحدث الخراساني البغدادي.
26

أهلا، لقد كنت من أبغض من يمشي على ظهري، فإذا وليتك فستعلم كيف
صنيعي بك، فتضمه حتى تلتقي أضلاعه.
وان المعيشة الضنك التي حذر الله منها عدوه عذاب القبر انه يسلط على
الكافر في تسعة وتسعين تنينا فينهشن لحمه ويكسرن عظمه، يترددن عليه
كذلك إلى يوم يبعث، لوان تنينا منها نفخ في الأرض لم تنبت زرعا.
يا عباد الله ان أنفسكم الضعيفة، وأجسادكم الناعمة الرقيقة، التي يكفيها
اليسير تضعف عن هذا، فان استطعتم ان تجزعوا لأجسادكم وأنفسكم بما لا
طاقة لكم به، ولا صبر لكم عليه فاعملوا بما أحب الله واتركوا ماكره الله (الخ).
قال ابن خلكان قال محمد بن حبيب: صعد الوليد بن عبد الملك المنبر فسمع
صوت ناقوس فقال: ما هذا؟ فقيل: البيعة، فأمر بهدمها، وتولى بعض
ذلك بيديه، فتتابع الناس يهدمون فكتب إليه الأحزم ملك الروم: ان هذه
البيعة قد أقرها من كان قبلك فان يكونوا أصابوا فقد أخطأت، وإن يكن
أصبت فقد أخطأوا، فقال: من يجيبه؟ فقالوا الفرزدق، فكتب إليه:
(وداود وسليمان إذ يحكمان في الحرث إذ نفثت فيه غنم القوم وكنا لحكمهم
شاهدين ففهمناها سليمان وكلا آتينا حكما وعلما) الآية.
وأخبار الفرزدق كثيرة لا يسعها المقام، توفى بالبصرة سنة 110، ولما
مات الفرزدق وبلغ خبره جريرا بكى وقال: أما والله اني لأعلم اني قليل البقاء
بعده، ولقد كان نجمنا واحدا، وكل واحد منا مشغول بصاحبه، وقل ما
مات ضد أو صديق إلا وتبعه صاحبه.
وكذلك كان توفى جرير سنة 110 التي مات فيها الفرزدق.
والفرزدق: كسفرجل الرغيف يسقط في التنور، والفرزدقة القطعة
من العجين.
27

(الفرضي الحاسب)
أبو عبد الله الحسين بن محمد الوفي، كان إماما في الفرائض، وله فيها،
تصانيف كثيرة، سمع منه الحيري والخطيب التبريزي وغيرهما، قتل في واقعة
البساسيري ببغداد سنة 451.
وقد يطلق على فخر الدين أبي شجاع محمد بن علي بن شعيب المعروف
بابن الدهان البغدادي الذي تقدم في برهان الدين.
(الفرغاني)
سعيد الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد بن محمد الفرغاني، له منتهى المدارك
وهو شرح التائية الكبرى لابن فارض، فرغ من تأليف الشرح سنة 730 (ذل)
وفرغان كسكران قرية بفارس وبلد باليمين.
(فريد خراسان)
العالم المتبحر أبو الحسن بن الشيخ أبى القاسم بن الحسين البيهقي،
الفاضل المتكلم الجليل، من أجلة مشايخ ابن شهرآشوب المتوفى سنة 588،
أول من شرح نهج البلاغة.
(الفزاري)
أبو إسحاق إبراهيم بن حبيب من ولد سمرة بن جندب، وهو أول من عمل
في الاسلام أسطرلابا، وعمل مبطحا ومسطحا، قاله ابن النديم.
(وقد يطلق) القزاري على ابنه أبى عبد الله محمد بن إبراهيم الذي أشير
إليه في ابن المقفع.
وكان نحويا ضابطا جيد الخط، اخذ عن المازني وقرأ على الأصمعي
كتاب الأمثال، وكان عالما بالنجوم.
28

(وسمرة بن جندب) الذي ينتهي إليه - هو بفتح السين وضم الميم -
صحابي، وكان منافقا لأنه كان يبغض عليا " ع ".
وكان بخيلا، وهو الذي ضرب ناقة رسول الله صلى الله عليه وآله
القصوى بعنزة كانت له على رأسها فشجها، فخرجت إلى النبي صلى الله عليه وآله فشكته،
وعن أبي جعفر الإسكافي ان معاوية بذل لسمرة بن جندب مائة ألف درهم حتى
يروي ان هذه الآية نزلت في علي " ع ": (ومن الناس من يعجبك قوله)
الآية، وان الآية الثاية وهي: (ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات
الله) نزلت في ابن ملجم فلم يقبل فبذل له مائتي ألف درهم فلم يقبل، فبذل
ثلاثمائة الف فلم يقبل فبذل أربعمائة فقبل.
قال ابن أبي الحديد: كان سمرة أيام مسير الحسين (ع) إلى الكوفة على
شرطة ابن زياد، وكان يحرض الناس على الخروج إلى الحسين (ع) وقتاله.
وعن تاريخ الطبري وابن الأثير انه لما هلك المغيرة بن شعبة وكان واليا
على الكوفة، استعمل معاوية زيادا عليها فلما وليها سار إليها واستخلف على
البصرة سمرة بن جندب، وكان زياد يقيم بالكوفة ستة أشهر وبالبصرة ستة أشهر
فلما استخلف سمرة على البصرة أكثر القتل فيها.
فقال ابن سيرين: قتل سمرة في غيبة زياد هذه ثمانية آلاف، فقال له
زياد: أما تخاف ان تكون قتلت بريئا؟ فقال لو قتلت معهم مثلهم ما خشيت
وقال أبو سوار العدوي: قتل سمرة من قومي في غداة واحدة سبعة وأربعين
كلهم قد جمع القرآن.
وأخرج الطبري عن عوف قال: اقبل سمرة من المدينة فلما كان عند
دور بني أسد خرج رجل من بعض أزقتهم ففاجأ أول الخيل، فحمل عليه رجل
من القوم فأوجره الحربة (عبثا وعتوا).
قال: ثم مضت الخيل فأتى عليه سمرة بن جندب وهو متشحط بدمه فقال
29

ما هذا، قيل: اصابته أوائل خيل الأمير، قال: (عتوا واستكبارا) إذا
سمعتم بنا قد ركبنا فاتقوا أسنتنا إلى غير ذلك، وإذا كانت هذه اعمال سمرة
في ستة أشهر وهو ثقة البخاري واحتج به في صحيحه، فما ظنك بأعمال زياد بن
سمية الخبيث الفاسق وقد ولاه معاوية.
فانظر ما ذكره الطبري في احداث سنة خمسين من تاريخه، فكم حرمة لله
انتهكت، وكم دماء محرمة سفكت وكم شرعة اندرست وكم بدعة أسست،
وكم أعين سملت، وأيد وأرجل قطعت إلى غير ذلك من الفظائع التي تقشعر لها
الجلود وتتصدع بها الجلمود.
فكان ما كان مما طار في الأجواء، وطبق رزؤه الأرض والسماء رجعنا
إلى ترجمة سمرة: ومن المساوئ التي ثبتت عن سمرة بيعه الخمر على عهد عمر
فيها رواه المحدثون.
فعن مسند أحمد بن حنبل قال: ذكر لعمر ان سمرة باع خمرا فقال قاتل
الله سمرة ان رسول الله قال: لعن الله اليهود حرمت عليهم الشحوم فباعوها
ومن مساويه ما رواه الشيخ الكليني (ره) عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام ان
سمرة بن جندب كان له عذق (كفلس: النخلة بحملها) في حائط لرجل من
الأنصار، وكان منزل الأنصاري بباب البستان، فكان يمر به إلى نخلته ولا
يستأذن، فكلمه الأنصاري ان يستأذن إذا جاء، فأبى سمرة فلما تأبى جاء
الأنصاري إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فشكى إليه وخبره الخبر، فأرسل إليه رسول الله
وخبره بقول الأنصاري وما شكي وقال: إذا أردت الدخول فاستأذن فأبى، فلما
أبى ساومه حتى بلغ من الثمن ما شاء الله فأبى ان يبيع، فقال: لك بها عذق
مدلل في الجنة فأبى ان يقبل فقال رسول الله صلى عليه وآله للأنصاري: إذهب فاقلعها
وارم بها إليه فإنه لا ضرر ولا ضرار.
(والفزاري) أيضا إسماعيل بن موسى الكوفي، قيل: انه كان ابن بنت
30

السدي يروي عنه المشايخ.
وعن ميزان الذهبي أنكروا منه غلوا في التشيع، توفى سنة 245،
وأبو يحيى الفزاري علي بن غراب الكوفي.
قال ابن حبان: كان غالبا في التشيع، وذكره جمع من علماء السنة وصرحوا
بأنه صدوق، مات سنة 184 بالكوفة أيام هارون.
(الفزاري) نسبة إلى فزارة كسحابة أبو قبيلة من غطفان، وغطفان
محركة، حي من قيس.
(الفسيحي)
أبو الحسن علي بن أبي زيد محمد بن علي النحوي الاسترآبادي، شيخ فاضل
أديب نحوي من الشيعة الإمامية، اخذ النحو عن الشيخ عبد القاهر الجرجاني،
وقدم بغداد واستوطنها، ودرس النحو بالمدرسة النظامية مدة.
(حكي) انه لما علم أنه يتشيع عزل وأقيم مقامه أبو منصور الجواليقي،
وكان يكتب خطا في نهاية الصحة، وكتب كتبا كثيرة من كتب الأدب،
وانتفع به خلق كثير.
وممن اخذ عنه ملك النحاة الحسن بن صافي، وله اشعار في رد اشعار
ابن السكرة في حرمة المتعة أوردها الشيخ أبو الفتوح في تفسيره.
قال ابن خلكان روى عنه الحافظ أبو طاهر السلفي الأصفهاني وقال جالسته
ببغداد وسألته عن أحرف من العربية وقال أنشدني لبعض النحاة:
النحو شوم كله * يذهب بالخير من البيت
خير من النحو وأصحابه * ثريدة تعمل بالزيت
وتوفى 13 حج سنة 516 (ثيو) ببغداد رحمة الله تعالى، ولم أعرف نسبته
بالفصيحي إلى كتاب الفصيح أم إلى شئ آخر.
31

والاسترابادي: نسبة إلى استراباد، بليدة من اعمال مازندران
بين سارية وجرجان.
(الفضالي)
الشيخ محمد بن شافعي، أستاذ إبراهيم الباحوري، له رسالة في
لا إله إلا الله وكفاية العوام فيما يجب عليهم من علم الكلام، توفي سنة 1236.
(الفغاني) الشاعر الفارسي المشهور ب‍ (بابافغاني)، كان مولده بشيراز وسكن أبيورد
وفي آخر أيامه انتقل إلى مشهد الرضا، وتوفى سنة 925 (ظكه)، له ديوان
وقصائد في مدح أمير المؤمنين (ع) وأهل بيته الطاهرين عليهم السلام.
منها قوله:
قسم بخالق بيچون وصدر بدر أنام
كه بعد سيدكونين حيدر است أمام
إمام اواست بحكم خداوقول رسول
كه مستحق إمامت بود بنص كلام
إمام اواست كه چون پاى درركاب آورد
روان زطي لسان كرد هفت سبع تمام
إمام اواست كه دست بريده كرد دردست
نه آنكه كردبصد حيله وصله براندام
ميانه حق وباطل چگونه فرق نهد
مقلدي كه نداند حلال را زحرام
أسير چاه طبيعت كجا خبر دارد
كه مبطلات كدام است وواجبات كدام
32

فغاني از أزل آورده مهر حيدر وآل
بخود نساخته از بهر التفات عوام
سفينهء دلم ازبهرشاه پرگهراست
گواه حال بدين علم عالم العلام
(وله من قصيدة في مدح أبى الحسن الرضا (ع):
چمن شكفت وجهان پرزسوسن وسمن است
بصد هزار زبان روزكاردر سخن است
إلى قوله:
تبارك الله ازآن روضهء بهشت آئين
كه يك غبار درش آبروي نه چمن است
چه جاي گلشن عالم كه هشت باغ بهشت
طفيل روضهء سلطان دين أبو الحسن است
علي موسى جعفر إمام گلشن وحي
كه طوف بارگهش ازفرائض وسنن است
بگرد روضه توكر نعيم هشت بهشت
شود نثار يكايك بجاي خويشتن است
فرو گرفت جهان راچراغ دولت تو
چه آفتاب كه خنجر گذار وتيغ زن است
كلي كه ازچمن كبرياي توسر زد
شگفته باد كه چشم وچراغ انجمن است
باب ديده فغاني چه مدحت تونوشت
سواد كاغد شعرش بنفشهء زمن است
33

(الفناري)
شمس الدين محمد (أحمد خ ل) بن حمزة بن محمد الفناري الرومي العالم الفاضل
صاحب كتاب الفناري في المنطق، وشرح إيساغوجي وفصول البدائع لأصول
الشرائع وغير ذلك.
ذكره طاشكبرى زاده في الشقائق النعمانية، وقال قال السيوطي سمعت
من شيخنا العلامة محيي الدين الكافيجي ان نسبة الفناري إلى صنعة الفنار قلت:
سمعت والدي (ره) يحكى عن جدي ان نسبته إلى قرية مسماة بفنار والله أعلم
قال ابن حجر: كان المولى الفناري عارفا بالعلوم العربية، وعلمي المعاني والبيان
وعلم القراءات، كثير المشاركة في الفنون، ولد سنة 751، ثم ذكر أحواله
من أراده فعليه بالشقائق.
ويأتي في الفيروزآبادي انه واحد الرؤساء الذين انفرد كل منهم بفن على
رأس القرن الثامن، توفى سنة 834 (ضلد).
(ومن أحفاده) علاء الدين علي بن يوسف بن شمس الدين الفناري، كان
عالما فاضلا حريصا على الاشتغال بالعلوم، له شرح الكافية في النحو، توفى
سنة 903 أو 901.
(وقد يطلق الفناري) على محمد بن علي الفناري صاحب لسان الحكمة في
اللغة المتوفى سنة 957 (ظنز).
(الفنجكردي)
السيخ أبو الحسن علي بن أحمد النيسابوري الأديب الفاضل، جمع اشعار
أمير المؤمنين عليه السلام، توفى سنة 512، أو غير ذلك، ومن شعره كما في
مناقب ابن شهرآشوب:
لا تنكرن غدير خم انه * كالشمس في اشراقها بل أظهر
34

فيه إمامة حيدر وكماله * وجلاله حتى القيامة تذكر
(الفندرسكي)
السيد الأمير أبو القاسم الفندرسكي الحسيني الموسوي، من أكابر
حكماء الامامية.
قال صاحب رياض العلماء: كان حكيما فاضلا فيلسوفا صوفيا ماهرا في
العلوم العقلية والرياضية، معاصرا للسلطان شاه عباس الماضي الصفوي،
والسلطان شاه صفي، معظما عندهما، وله إلمام بالشعر، سافر إلى الهند
وأكرمه سلاطينها.
ونقل من وفور مهارته في العلوم الهندسية والرياضية انه قد جرى ذات
يوم ذكر مسألة هندسية من كلام المحقق الطوسي، وكان متكئا، فأقام السيد
المذكور عليها برهانا بداهة وقال هذا الذي قال المحقق الطوسي في مقام البرهان
قالوا: لا، فأقام برهانا آخر ثم سأله انه هو الذي أقامه؟ قالوا: لا، إلى أن
أقام دلائل وبراهين عديدة، إلى أن قال له من المؤلفات الرسالة الصناعية
بالفارسية مختصرة معروفة، ذكر فيها جميع موضوعات الصنايع، وتحقيق
حقيقة العلوم.
وله شرح كتاب المهارة من كتب حكماء الهند بالفارسية، وهو المعروف
بشرح الجول ولعله غيره، وتوفى في دولة الشاه صفي، وقبره معروف فيها،
وكان له من العمر نحو من ثمانين سنة تقريبا.
ويقال: انه أوصى بجميع كتبه للسلطان شاه صفي، ونقلت
بعده إلى خزانته.
(جده) السيد صدر الدين، كان من أكابر السادات، ذا أملاك وعقارات
اتصل بالشاه عباس الماضي الصفوي، وخلف ولدا وهو اميرزا بيك بعد وفاة
35

صدر الدين المذكور خدم هذا السلطان واتصل به وصار مكرما عنده، والظاهر أنه
جد السيد أبو القاسم المترجم (سبطه).
وكان له سبط في عصرنا يسمى الآميرزا أبو طالب بن الآميرزا بيك
الفندرسكي من جملة أرباب الفضل.
شاعر منشئ، قرأ على المجلسي وغيره، له مؤلفات عديده في أكثر
الفنون، منها كتاب المنتهى في النجوم.
ثم عد كتبه إلى أن قال: له ترجمة شرح اللمعة بالفارسية ورسالة فارسية
سماها نگارخانه چين، جمع فيها إنشاءاته ومكاتيبه بالعربية والفارسية وديوان
موسوم بغزوات حيدري، نظم فيه غزوات علي (ع) بالفارسية، ومنظوم آخر
بالفارسية اسمه سامي نامي وله غير ذلك.
(الفندرسكي): بكسر الفاء والنون نسبة إلى فندرسك قصبة من ناحية
اعمال استراباد، وبينهما 12 فرسخا.
(الفوراني)
أبو القاسم عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن فوران المروزي الفقيه الشافعي
أخذ عن القفال الشاشي، واليه انتهت رئاسة الطائفة الشافعية، حكي ان إمام
الحرمين كان يحضر حلقته.
له كتاب الإبانة في الفقه، ويأتي إليه الإشارة في المتولي، توفى
بمرو سنة 461 (است).
(الفياض)
العالم الفاضل الحكيم المدقق المحقق المولى عبد الرزاق بن علي بن
الحسين اللاهيجاني الجيلاني القمي، صاحب الشوارق، وكوهر مراد،
وسرمايه إيمان، وغيره.
36

كان تلميذ المولى صدرا وختنه، وكان مدرسا بمدرسة (معصومة قم)،
توفى بها سنة 1051 (غنا).
وابنه الفاضل الجليل الصالح الميرزا حسن كتاب جمال الصالحين في
الأدعية، وشمع اليقين في الإمامة، وقبره معروف في شرقي مقبرة قم،
قرب الشيخان الكبير.
ولا يخفى ان المولى عبد الرزاق المذكور غير المولى عبد الرزاق القاشاني
صاحب تأويل الآيات، وشرح الفصوص، وشرح منازل السائرين وغيرها،
توفى سنة 730 أو سنة 735.
واللاهجي نسبة إلى لاهج بكسر الهاء ناحية في بلاد جيلان، يجلب منها
الإبريسم اللاهجي، قاله الحموي.
(الفيروز آبادي)
قاضي القضاة أبو طاهر مجد الدين محمد بن يعقوب بن محمد الصديقي،
الشيرازي الشافعي.
قال صاحب الشقائق النعمانية وغيره في ترجمة، كان ينتسب إلى الشيخ،
أبى إسحاق الشيرازي صاحب التنبيه، وربما رفع نسبه إلى أبى بكر الصديق،
وكان يكتب بخطه: الصديقي دخل بلاد الروم، واتصل بخدمة السلطان بايزيدخان
العثماني، ونال عنده مرتبة وجاها، وأعطاه السلطان المذكور مالا جزيلا،
وأعطاه الأمير تيمورخان خمسة آلاف دينار.
ثم جال البلاد شرقا وغربا وأخذ من علمائها، وكان لا يدخل بلدة إلا
وأكرمه واليها، فدخل واسط بغداد وأخذ عن قاضيها وغير ه، ونظر في اللغة
فمهر فيها، إلى أن بهر وفاق، ودخل الشام فسمع بها من ابن الخباز وابن القيم
37

والتقي السبكي، والفرضي، وجمال الدين محمد بن محمد بن نباتة المصري،
والشيخ خليل المالكي.
وظهرت فضائله، وكثر الآخذون عنه، ثم دخل القاهرة، ثم دخل بلاد
الروم، فبرع في العلوم كلها سيما الحديث والتفسير واللغة.
وله تصانيف تنيف على أربعين مصنفا، وأجل مصنفاته: اللامع المعلم
العجاب الجامع بين المحكم والعباب، وكان تمامه في ستين مجلدا ثم لخصها في
مجلدين، وسمى ذلك الملخص بالقاموس المحيط.
وله تفسير القرآن العظيم وشرح البخاري وسفر السعادة، والمشارق،
وزاد المعاد في وزن بانت سعاد (1).
إلى غير ذلك وقد مدح كتابه القاموس غير واحد ممن عاصره وغير هم إلى
زماننا هذا، فمما قيل في مدحه:
مذ مد مجد الدين في أيامه * من بعض (2) أبحر علمه القاموسا
ذهبت صحاح الجوهري كأنها * سحر المدائن حين ألقى موسى
ورد عليه ابن النابلسي بقوله:
من قال قد بطلت صحاح الجوهري * لما أتى القاموس فهو المفتري
(1) بانت سعاد قصيدة مشهورة لكعب بن زهير في مدح رسول الله صلى الله عليه وآله
لها شروح كثيرة وهي في 57 بيتا، منها قوله:
نبئت ان رسول الله أوعدني * والعفو عند رسول الله مأمول
لا تأخذني بأقوال الوشاة ولم * أذنب ولو كثرت في الأقاويل
ان الرسول لنور يستضاء به * مهند من سيوف الله مسلول
في عصبة من قريش قال قائلهم * ببطن مكة لما أسلموا زولوا
شم العرانين ابطال لبؤسهم * من نسج داود في الهيجا سرابيل
زولوا: أي انتقلوا من مكة إلى المدينة. (2) فيض خ ل
38

قلت اسمه القاموس وهو البحران * يفخر فمعظم فخره بالجوهري
وقيل في مدحه:
من رام في اللغة العلو على السها * فعليه منها ما حوى قاموسها
مغن عن الكتب النفيسة كلها * جماع شمل شتيتها ناموسها
فإذا دواوين العلوم تجمعت * في محفل للدرس فهو عروسها
لله مجد الدين خير مؤلف * ملك الأئمة وافتدته نفوسها
كان سريع الحفظ، وكان يقول: لا أنام إلا وأحفظ مائتي سطر، وكان آية
في الحفظ والاطلاع والتصنيف.
ولد سنة 729 بكازرين، وتوقى قاضيا بزبيد من بلاد اليمن ليلة العشرين
من شوال سنة 816، أو سنة 817 وهو ممتع بحواسه وقد ناهز التسعين،
ودفن بتربة الشيخ إسماعيل الجبرتي، وهو آخر من مات من الرؤساء الذين
انفرد كل منهم بفن فاق فيه أقرانه على رأس القرن الثامن وهم الشيخ سراج الدين
البلقيني في الفقه على مذهب الشافعي، والشيخ زين الدين العراقي في الحديث
والشيخ سراج الدين الملقن في كثرة التصانيف في فن الفقه والحديث، والشيخ
شمس الدين الفناري في الاطلاع على كل العلوم العقلية والنقلية والعربية والشيخ أبو عبد الله بن عرفة في فقه المالكية وفي سائر العلوم بالمغرب، والشيخ مجد
الدين الشيرازي في اللغة.
والفيروز آبادي نسبة إلى فيروز آباد، وهو كما في القاموس مكتوب بفتح
الفاء، وقال: وتكسر فاءه بلد بفارس وقرية بها قرب مردشت.
(الفيض)
لقب العالم الفاضل الكامل العارف المحدث المحقق المدقق الحكيم المتأله محمد
ابن المرتضى المدعو بالمولى محسن القاشاني، صاحب التصانيف الكثيرة الشهيرة
39

كالوافي، والصافي، والشافي، والمفاتيح، والنخبة، والحقائق وعلم اليقين
وعين اليقين، وخلاصة الاذكار، وبشارة الشيعة، ومحجة البيضاء في احياء
الاحياء، إلى غير ذلك مما يقرب من مائة تصنيف.
وله ديوان شعر كبير فارسي مشتمل على فنون من الشعر وأنواع من
القصائد والغزل والمديح والمناجاة وغيرها.
ومن شعره بالفارسية كما في (ضا):
ايستادن نفسي نزد مسيحا نفسي
به زصد سال نمازاست ببايان بردن
يك طواف سركوي ولي حق كردن
به زصد حج قبول است بديوان بردن
تا تواني زكسي بار گراني برهان
به زصد ناقهء حمر است بقربان بردن
يك گرسنه بطعامي بنوازي روزى
به زصوم رمضان است بشعبان بردن
يكجو از دوش مدين دين اگر بردارى
به زصد خرمن طاعات بديان بردن
به زآزادى صد بندهء فرمان بردار
حاجت مؤمن محتاج باحسان بردن
دست افتاده بگيري ززمين برخيزد
به زشب خيزي وشاباش زياران بردن
نفس خودرا شكني تاكه أسير توشود
به زإشكستن كفار وأسيران بردن
40

خواهي ازجان بسلامت ببرى تن در ره
طاعتش راندهى تن نتوان جان بردن
سر تسليم بنه هرچه بگويد بشنو
أزخداوند إشارات زتوفرمان بردن
وله أيضا:
بهوش باش كه حرف نگفتنى نجهد
نه هر سخن كه بخواطر رسد توان گفتن
يكي زبان ودو گوش أهل معنى را
إشارتى بيكي گفتن ودو بشنفتن
سخن چه سود ندارد نگفتنش أولى است
كه بهتر است زبيدارى عبث خفتن
إلى غير ذلك، وبالجملة أمره في الفضل والأدب، وطول الباع وكثرة الاطلاع
وجودة التعبير، وحسن التحرير والاحاطة بمراتب المعقول والمنقول أشهر من أن
يخفى، تفرق الناس فرقا في مدحه والقدح فيه، والتعصب له أو عليه،
وذلك دليل على وفور فضله وتقدمه على أقرانه، والكامل بمن عدت سقطاته،
والسعيد من حسبت هفواته.
يروى عن جماعة من المشائخ وأساتيذ الدين، كالشيخ البهائي، والمولى
محمد صالح، والسيد ماجد، والمولى محمد طاهر القمي، والمولى خليل والشيخ
محمد بن صاحب المعالم، المولى صدرا وغير هم رحمهم الله.
توفى سنة 1091 (غصا) في بلدة قاشان ودفن بها، وكان ختنا للمولى
صدرا، كما أن الفياض ختنا له علي ابنته الأخرى.
(وقاشان) معرب كاشان بلد معروف، قال الحموي في المعجم: قاشان
بالشين المعجمة وآخره نون مدينة قرب أصبهان تذكر مع قم، ومنها تجلب
41

الغضار القاشاني، والعامة تقول القاشي وأهلها كلها شيعة إمامية، إلى أن قال
وأنشد ابن الهبارية فيها وفي عدة مدن من مدن الجبل:
لا بارك الله في قاشان من بلد * زرت على اللؤم والبلوى بنائقه
ولا سقى ارض قم غير ملتهب * غضبان تحرق من فيها صواعقه
وأرض ساوة ارض ما بها أحد * يرجى نداه ولا تخشى بوائقه
فاضرط عليها إلى قزوين ضرط فتى * تجد من كل ما فيها علائقه
(الفيومي)
شهاب الدين أبو العباس أحمد بن الشيخ كمال الدين محمد بن أبي الحسن
علي المصري الحموي، شيخ فاضل أديب لغوي مقري، صاحب المصباح المنير
في غريب الشرح الكبير، والشرح الكبير هو شرح الرافعي على كتاب الوجيز
في الفروع للغزالي والمصباح في شرح غريب ذلك الشرح.
ومما ذكر فيه قال في لغة المتاع منه قيل في قوله تعالى: (فما استمتعتم
به منهن فآتوهن أجورهن) المراد نكاح المتعة، والآية محكمة غير منسوخة
والجمهور من أهل السنة على تحريم نكاح المتعة.
أقول: وفي روايات أهل السنة ان كلا من أبي بن كعب وابن عباس
وسعيد بن جبير وغيرهم كانوا يقرؤنها: فما استمعتم به منهن إلى اجل مسمى.
وأخرج مسلم من صحيحه عن أبي الزبير قال: سمعت جابر بن عبد الله
يقول كنا نستمتع بالقبضة من التمر والدقيق الأيام على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله
وأبى بكر، حتى نهى عنه عمر في شأن عمرو بن حريث.
وعنه في رواية أخرى في المتعتين قال جابر: فعلناهما مع رسول الله صلى الله عليه وآله ثم نهانا عنهما عمر فلم نعد لهما.
حكي ان رجلان كان يتمتع بالنساء، فقيل له: عمن اخذت حلها؟ قال:
42

عن عمر، قيل له: كيف ذلك وعمر هو الذي نهى عنها و عاقب عليها. فقال
لقوله: متعتان كانتا على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وأنا أحرمهما وأعاقب عليهما
متعة الحج ومتعة النساء، فأنا اقبل روايته في شرعيتها على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله
ولا اقبل نهيه من قبل نفسه.
قال سيدنا العلامة شرف الدين دام علاه في الفصول المهمة: ومن غرائب
الأمور دعواهم النسخ بقوله تعالى: (والذين هم لفروجهم حافظون إلا على
أزواجهم أو ما ملكت ايمانهم) بزعم انها ليست بزوجة ولا ملك يمين، قالوا:
أما كونها ليست بملك يمين فمسلم، وأما كونها ليست بزوجة فلأنها لا نفقة لها
ولا إرث ولا ليلة، والجواب انها زوجة شرعية بعقد نكاح شرعي، أما عدم
النفقة والإرث والليلة فإنما هو بأدلة خاصة تخصص العمومات الواردة في احكام
الزوجات كما بيناه من قبل على أن هذه الآية مكية نزلت قبل الهجرة بالاتفاق
فلا يمكن ان تكون ناسخة لإباحة المتعة المشروعة بالمدينة بعد الهجرة بالاجماع
ومن عجيب أمر هؤلاء المتكلفين ان يقولوا: بأن آية المؤمنون ناسخه للمتعة
إذ ليست بزوجة ولا ملك يمين.
فإذا قلنا لهم: ولم لا تكون ناسخة لنكاح الإماء المملوكات لغير الناكح
وهن لسن بزوجات ولا ملك يمين له؟ قالوا حينئذ إن آية المؤمنون مكية،
ونكاح الإماء المذكورات إنما شرع بقوله تعالى في سورة النساء وهي مدنية:
(فمن لم يستطع منكم طولا ان ينكح المحصنات فمما ملكت أيمانكم) الآية:
والمكي لا يمكن ان يكون ناسخا للمدني لوجوب تقدم المنسوخ على الناسخ
يقولون هذا وينسبون ان المتعة إنما شرعت بالمدينة بقوله في سورة النساء
أيضا (فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن) وقد منينا بقوم لا يتدبرون
فان الله وإنا إليه راجعون.
وفيه أيضا: وأخرج البخاري عن عمران بن حصين قال: نزلت آية
43

المتعة في كتاب الله ففعلناها مع رسول الله صلى الله عليه وآله ولم ينزل قرآن يحرمها ولم ينه
عنها حتى مات صلى الله عليه وآله، قال رجل برأيه ما شاء.
وأخرج أحمد في مسند ه، والفخر الرازي في تفسيره ما يقرب
من ذلك.
وفيه أيضا: وأمر المأمون أيام خلافته فنودي بتحليل المتعة فدخل عليه
محمد بن منصور وأبو العيناء فوجداه يستاك ويقول وهو متغيظ: متعتان كانتا
على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعلى عهد أبى بكر وأنا أنهى عنهما، ومن أنت
يا جعل حتى تنهى عما فعله رسول الله صلى الله عليه وآله وأبو بكر؟!
فأراد محمد بن منصوران يكلمه فأومأ إليه أبو العيناء وقال: رجل يقول
في عمر بن الخطاب ما يقول نكلمه نحن، فلم يكلماه، ودخل عليه يحيى بن
أكثم فخوفه من الفتنة، وذكر له ان الناس يرونه قد أحدث في الاسلام بسبب
هذا النداء حدثا عظيما لا ترتضيه الخاصة ولا تصبر عليه العامة، إذ لا فرق عندهم
بين النداء بإباحة المتعة والنداء بإباحة الزنا، ولم يزل به حتى صرف عزيمته احتياطا
على ملكه وإشفاقا على نفسه.
توفى الفيومي في نيف وسبعين وسبعمائة، وفيوم: كقيوم اسم
ناحية بمصر.
(القاءاني)
الميرزا حبيب الله بن الميرزا أبى الحسن محمد علي المعروف ب‍ (الگلشن
الشيرازي) كان من الشعراء المشهورين من أهل ذنكنه، له ديوان كبير
طبع مرارا.
توفى سنة 1272 أو سنة 1270، وهو عم الشيخ الأجل الأورع حجة
الاسلام الميرزا محمد تقي بن العارف الكامل الصفي الحاج ميرزا محب علي بن
44

الميرزا محمد علي الكلشن الشيرازي.
ولد بشيراز ونشأ في الحائر الشريف حتى كمل، وبرع عند العلامة المولى
محمد حسين الشهير بالفاضل الأردكاني.
وهاجر في أوائل المهاجرين مع صديقه وشريك بحثه العلامة السيد محمد
الفشاركي الأصبهاني إلى سامراء حتى صار من أعاظم تلاميذ آية الله الشيرازي،
بل من أركان بحثه، فجاور العسكريين قائما بوظائف الافتاء تربية العلماء حتى
خرج من مجلس بحثه جملة من المجتهدين العظام
له كتب كثيرة، منها: شرحه على المنظومة الرضاعية، للسيد
صدر الدين العاملي، وله القصائد الفاخرة في مدائح العترة الطاهرة.
قال السيد الاجل السيد أبو محمد الحسن الصدر صاحب تكملة أمل الآمل:
عاشرته منذ عشرين سنة ما رأيت منه زلة، ولا أنكرت منه خلة، وباحثته
اثني عشر سنة ما سمعت منه إلا الانظار الدقيقة، والأفكار العميقة،
والتنبيهات الرشيقة، توفى (ره) بكربلا 3 حج سنة 1338، ودفن في
الصحن المقدس.
(القابوسي)
المنذر بن محمد بن المنذر بن سعيد بن أبي الجهم القابوسي أبو القاسم
من ولد قابوس بن المنذر (جش)، ثقة من أصحابنا من بيت جليل.
له كتب منها:
وفود العرب إلى النبي صلى الله عليه وآله، وكتاب
جامع الفقه، وكتاب الجمل، وكتاب صفين، وكتاب النهروان،
وكتاب الغارات.
(القادري)
أبو محمد عبد السلام بن الطيب بن محمد القادري، شيخ المشايخ، ولد بفاس
45

وأكب على اقتناء العلوم حتى برع وتقدم على أقرانه وتصدى للتدريس
والمناظرة والتصنيف.
وكان له مزيد اختصاص بمعرفة الأنساب لا سيما قريش، له: الاشراف
على نسب الأقطاب الأربعة، والجواهر المنطقية وغير ذلك، توفى سنة 1111.
(والقادري أيضا) محمد بن الطيب بن عبد السلام الحسني القادري، تفقه
على جماعة من مشايخ عصره حتى فاق.
وألف تآليف عديدة منها: نشر المثاني في تراجم أهل القرن الحادي عشر
والثاني، وهو تكملة لدوحة الناشر، تأليف ابن عساكر، والعبر في أعيان
أهل المائة الحادية والثانية عشر، والإكليل، والتاج، وغير ذلك،
توفي سنة 1187.
(القارى)
بتشديد الياء: نسبة إلى قارة ينسب إليها عبد الرحمن بن عبد المدني عامل
عمر على بيت المال، وكان حليف بني زهرة.
روى عن عمر وأبى طلحة، وأبى أيوب، وأبي هريرة، وروى عنه
ابنه محمد والزهري ويحيى بن جعدة بن هبيرة.
مات سنة ثمانين، وله 78 سنة، اخرج البخاري في كتاب صلاة
التراويح من صحيحه عنه قال:
خرجت مع عمر ليلة في رمضان إلى المسجد فإذا الناس أوزاع متفرقون
إلى أن قال:
فقال عمر اني أرى لو جمعت هؤلاء على قاري واحد كان أمثل،
ثم عزم فجمعهم على أبي بن كعب، قال: ثم خرجت معه ليلة أخرى والناس
يصلون بصلاة قارئهم، قال عمر: نعمت البدعة هذه.
قال العلامة القسطلاني في إرشاد الساري في شرح صحيح البخاري في
46

أوائل الجزء الخامس عند بلوغه إلى قول عمر في هذا الحديث: نعمت البدعة
هذه سماها بدعة لان رسول الله صلى الله عليه وآله لم يسن لهم الاجتماع لها، ولا كانت في
زمن الصديق، ولا أول الليل، ولا كل ليلة، ولا هذا العدد (الخ).
(أقول): صلاة التراويح هي نافلة شهر رمضان جماعة، سميت بذلك
للاستراحة فيها بعد كل أربع ركعات، ونحن نصلي نافلة شهر رمضان فرادى
كما كانت على عهد النبي صلى الله عليه وآله، وإنما سن التراويح الخليفة الثاني
سنة 14 بالاجماع.
ذكر أبو هلال العسكري وابن شحنة والسيوطي غيرهم في أوليات عمر
انه أول من سمي أمير المؤمنين، وأول من كتب التاريخ، وأول من اتخذ
بيت المال، وأول من سن قيام شهر رمضان بالتراويح، وأول من عس
بالليل، وأول من عاقب على الهجاء، وأول من حرم المتعة، وأول من نهى
عن بيع أمهات الأولاد، وأول من جمع الناس على أربع تكبيرات في
صلاة الجنائز، إنتهى.
(قاسم الأنوار)
معين الدين علي الموسوي الآذربايجاني الهروي العارف الفاضل الشاعر المعروف
ذكر في اشعاره انه أفيض عليه العلم وهو في سن ثلاث سنين، قال:
مراد علم أزل درسينه دادند * عجب علمي ولي درسي ندادند
مرا سه سأله حالي گشت معلوم * كه شيخ چله رادرسي بدادند
كان من تلامذة السلطان صدر الدين ابن الشيخ صفي الدين جد السلاطين الصفوية
(رضوان الله عليهم).
حكي انه تشرف بالحج ماشيا أربع مرات، مرتان منها كان حافيا
بلا فعل، توفي سنة 838 في خرجرد من اعمال جام، وجام من اعمال نيسابور.
47

(القاضي البيضاوي)
انظر البيضاوي.
(قاضى الجماعة)
أبو العباس أحمد بن عبد الرحمن بن محمد القرطبي المعروف بابن مضا اللخمي
أحد من ختمت به المائة السادسة من افراد العلماء.
كان له تقديم في علم العربية، واعتناء وآراء فيها، ومذاهب مخالفة لأهلها
ولي قضاء فاس وغيرها.
صنف كتاب تنزيه القرآن عمالا يليق بالبيان، والمشرف في النحو
وكتاب الرد على النحويين، مات بأشبيلية سنة 592.
(قاضى الجن)
محمد بن عبد الله بن علاثة الحراني، كان قاضيا بالجانب الشرقي من
بغداد زمن المهدي.
ذكره الخطيب في تاريخه ووثقه، وقال: يقال له قاضي الجن، وذلك أن
بئرا كانت بين حران وحصن مسلمة فكان من شرب منها خبطته الجن،
قال: فوقف عليها فقال: أيها الجن أنا قد قضينا بينكم وبين الانس، فلهم
النهار ولكم الليل، قال: فكان الرجل إذا استسقى منها بالنهار لم يصبه شئ
وقال: وكان صديقا لسفيان الثوري، فلما ولى القضاء أنكر عليه سفيان ذلك
فاستأذن على سفيان فلم يأذن له فدخل عمار بن محمد ابن أخت سفيان فاستأذن له
فلم يأذن، فلم يزل به عمار حتى أذن له، فدخل ابن علاثة فلم يحول سفيان
وجهه إليه، ثم قال له: يا ابن علاثة ألهذا كتبت العلم؟! لو اشتريت صيرا
بدرهم يعني سميكا ثم درت في سكك الكوفة لكان خيرا من هذا، توفى
في حدود سنة 163.
48

(قاضى الري)
سلمة بن الفضل الأبرش أبو عبد الله الرازي، راوي المغازي، عن ابن إسحاق
حكي عنه قال: سمعت المغازي من ابن إسحاق مرتين، وكتبت عنه من
الحديث مثل المغازي.
قال ابن معين: سلمة الأبرش رازي يتشيع، قد كتب عنه وليس
به بأس، وعن الذهبي انه قال: كان صاحب صلاة وخشوع، مات سنة
191 (قصا).
(القاضي زاده)
يطلق على جماعة:
(1) (القاضي زاده الخوارزمي) أحمد بن القاضي محمود، كان فاضلا أديبا
مدققا، حكيما له تعليقات على تفسير القاضي وعلى إلهيات شرح التجريد،
وعلى رسالة إثبات الواجب، للمحقق الدواني، وغير ذلك، توفى سنة
988 (طفح)
(2) (القاضي زاده الرومي) موسى بن محمود، من علماء القرن التاسع،
كان أبوه المولى محمود قاضيا بمدينة بروسة، له ولدان فاضلان أحدهما محمد وقد
مات شابا، وثانيهما موسى، وهو ارتحل إلى بلاد العجم، وقرأ على مشايخ
خراسان ثم ارتحل إلى ما وراء النهر، وقرأ على علمائها أيضا، فاشتهرت فضائله ودار على الألسنة ذكره، ولقبوه بالقاضي زاده الرومي، واتصل بخدمة الغ بيك
وأقبل عليه الأمير المذكور إقبالا عظيما، وقرأ عليه بعض العلوم، شرح كتاب
والجغميني سنة 814، وكان انه في علم الرياضي المرتبة العالية.
(3) (القاضي زاده الكرهرودي) المسمى بعبد الخالق، قال (ضا) كان
من تلامذة شيخنا البهائي (ره)
49

ذكره صاحب رياض العلماء في سلسلة العلماء الامامية، وقال في وصفه:
كان فاضلا عالما محققا مدققا متكلما شاعرا مجيدا منشيا صوفيا.
ناظرا الشيخ المذكور في الإمامة، وكتب رسالة بالفارسية سماها
التحفة الشاهية.
ورسالة أخرى أكبر من أختها في ذلك المعنى يذكر فيها حكاية مناظرته
مع القاضي زاده الخوارزمي في مجلس السلطان شاه عباس الأول، قال (ضا)
وكتاب مناظرته المذكورة مع الخوارزمي موجود عندنا، وهو من أحسن ما
كتب في النقض على العامة في أصولهم وفروعهم، وهو يزيد على عشرة آلاف
بيت منقحا به أمر المذهب الحق بأحسن التنقيح إنتهى.
وذكر صاحب (ض) ان جماعة من أهل العلم يعرفون بقاضي زاده
الكرهرودي، والكرهرودي نسبة إلى كرهرود، وهي قرية بل قصبة بين
همدان وإصبهان.
(4) " القاضي زاده الهمداني " ظهير الدين الميرزا السيد إبراهيم بن الميرزا
قوام الدين حسين بن السيد عطاء الله الحسيني الهمداني، سيد الحكماء المتألهين
والمتكلمين الذي قال في حقه صاحب السلافة بعد جملة من أسجاعه برهان العلم
القاطع وقمر الفضل والساطع ومنار الشريعة ومنير جمالها ومحقق الحقيقة ومفصل
اجمالها وجامع شمل العلوم، إلى أن قال فيه:
وزاد به الدين الحنيفي رتبة * وشاد دروس العلم بعد دروسها
وأحيى موات العلم منه بهمة * تلوح على الاسلام منه شموسها
أخبرني غير واحد ان الشاه عباس قصد يوما زيارة الشيخ بهاء الدين
محمد، فرأى بين يديه من الكتب ما ينوف، على الألوف، فقال له السلطان:
هل في العالم عالم يحفظ جميع ما في هذه الكتب؟ فقال الشيخ: لا، وان يكن
فهو الميرزا إبراهيم إنتهى.
50

وعن رياض العلماء عن كتاب تقويم البلدان ما معناه ان الميرزا إبراهيم
الهمداني المشهور بالقاضي زاده، كان من علماء دولة الشاه طهماسب ومن بعده
ومن السادة الطباطبائية الحسنية.
وكان والده قاضيا بهمدان، وكان ولده هذا في قزوين مشتغلا بتحصيل
العلوم العقلية عند العلامة أمير فخر الدين السماكي الاسترآبادي.
وقد ترقى في العلوم الحكمية، وظهر أمره، وبعد موت والده وموت السلطان
المذكور صار قاضيا بهمذان.
وذكر نحوه صاحب تاريخ عالم آرا وقال: ورث منصب القضاء عن والده
في همذان، ولكن قل ما اشتغل بأمر القضاء، بل كان يكل أمر المرافعة وفصل
الخصومات إلى نوابه ويصرف أوقاته الشريفة في المطالعة والمباحثة، وحضر مجلس
درسه جمع كثير من الطلبة واستقادوا منه، وكتب في المعقول والحكمة كتبا
وحواشي دقيقة إنتهى.
وقال (ض): وكان بينه وبين شيخنا البهائي من المؤاخاة والمصافاة ما
يفوق الوصف، وكان الشيخ البهائي يمدحه ويعترف له بالفضل، ويصف علمه
وفضله، ويرجحه على السيد الداماد المعاصر لهما، وبينهما مراسلات ومكاتبات
لطيفة، يروي عن الشيخ محمد بن أحمد بن خاتون، وعن الشيخ البهائي ويروي
عنه المولى محمد تقي المجلسي.
له حاشية على الكشاف، وعلى إلهيات الشفا وغير ذلك، توفي سنة 1025
أو سنة 1026.
(القاضي السعيد)
ابن سناء الملك هبة الله بن القاضي الرشيد، الشاعر المشهور المصري صاحب
الديوان من الشعر البديع ونظم الرائق أحد الفضلاء الرؤساء.
51

اخذ الحديث عن الحافظ السلفي، واختصر كتاب الحيوان للجاحظ،
وسماه روح الحيوان، واتفق في عصره بمصر جماعة من الشعراء المجيدين،
وكانت لهم مجالس تجري بينهم المفاكهات والمحاورات، توفى بالقاهرة سنة
608 (خح).
(القاضي سعيد القمي)
هو محمد بن محمد مفيد القمي، العالم الفاضل الحكيم المتشرع العارف الرباني
والمحقق الصمداني، من أعاظم علماء الحكمة والأدب والحديث، إنتهى إليه
منصب القضاء في بلدة قم.
كان من تلامذة المحقق الفيض الكاشاني، والمولى عبد الرزاق اللاهيجي
له مصنفات فائقة، منها شرحه على كتاب توحيد الصدوق في مجلدات، والأربعينيات
وغير ذلك، وأشهر مصنفاته شرحه على التوحيد، وهو مشتمل على الفوائد
الكثيرة، فلنذكر فائدة مختصرة منها:
روى الصدوق عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لما أمر الله عز وجل إبراهيم
وإسماعيل عليهما السلام ببنيان البيت، وتم بناؤه أمره ان يصعد ركنا ينادي
في الناس: ألا هلم الحج، فلو نادى هلموا إلى الحج لم يحج ألا من كان يومئذ
انسيا مخلوقا، ولكن نادى هلم الحج، فلبى الناس في أصلاب الرجال لبيك
داعي الله، لبيك داعي الله، فمن لبى عشرا حج عشرا، ومن لبى خمسا حج
خمسا، ومن لبى أكثر فبعد ذلك، ومن لبى واحدا حج واحدا، ومن
لم يلب لم يحج.
قال القاضي سعيد في معنى الخبر: عندي ان الوجه فيه ان استعمال هلم
لمجرد الامر، وطلب الحضور مع تجريد من خصوصية المخاطب بالافراد والجمعية
والتذكير والتأنيث، والمعنى: ليكن اتيان بالحج، وليصدر قصد إلى البيت
ممن يأتي منه هذا القصد من افراد البشر، وهذا إنما يصح في صيغة المفرد،
52

حيث لم يكن فيه علامة الزيادة لأجل التأنيث والتثنية والجمع بخلاف صيغة الجمع
فان الزيادة فيه مانعة عن ذلك، كما لا يخفى على المتدرب في العلوم إنتهى.
(وأخوه) محمد الحسين الحكيم صاحب تفسير كبير بالفارسية (وابنه) المولى
صدر الدين بن محمد سعيد، كان أيضا من أهل العلم، كان يدرس أصول الكافي
بقم في الحضرة الفاطمية لا زالت مهبطا للفيوضات السبحانية.
(القاضي عبد الجبار)
عبد الجبار المعتزلي ابن أحمد بن عبد الجبار الهمداني الأسد آبادي شيخ
المعتزلة في عصره.
استدعاه الصاحب بن عباد إلى الري من بغداد بعد سنة 360 (شس)،
وبقي فيها مواظبا على التدريس إلى أن توفي
وكان للصاحب اعتقاد عظيم في فضله، يقال: ان له أربعمائة ألف ورقة
مما صنف في كل فن، توفى سنة 415.
(القاضي عياض)
عياض، كرياض، أبو الفضل بن موسى بن فياض المالكي اليحصبي
الأندلسي الأصل.
كان إمام وقته في الحديث وعلومه، وصنف التصانيف الشاهدة بكماله،
منها: مشارق الأنوار في تفسير غريب الحديث المختص بالصحاح الثلاثة الموطأ،
والبخاري ومسلم والاكمال في شرح كتاب مسلم، وشرح حديث أم زرع
شرحا مستوفى.
وله كتاب الشفافي تعريف حقوق المصطفى صلى الله عليه وآله، تولى القضاء بغرناطة
- بفتح الغين المعجمة وسكون الراء - مدينة بالأندلس، وتوفى بمراكش
سنة 544 (ثمد).
53

واليحصبي - بفتح الياء وسكون الحاء وتثليث الصاد - نسبة إلى يحصب
ابن مالك قبيلة من حمير.
ثم اعلم أن الشفاء كتاب اعتنى به المحدثون والعلماء، وشرحوه
شروحا كثيرة.
فممن شرحه نور الدين علي بن سلطان محمد الهروي المعروف بملا علي القاري
أخذ عن الأستاذ أبى الحسن البكري وأحمد بن حجر الهيثمي، واشتهر ذكره
وطار صيته، ولكنه امتحن بالاعتراض على الأئمة الأربعة، لا سيما الشافعي
وأصحابه، واعتراض على الامام مالك في إرسال اليد في الصلاة، وألف في ذلك
رسالة، توفي بمكة سنة 1014.
يحكى انه لما بلغ موته علماء مصر صلوا عليه بالجامع الأزهر صلاة
الغيبة في مجمع حافل يجمع أربعة آلاف نسمة فأكثر، ولا يخفى انه غير
المولى علي المتقي صاحب كنز العمال في سنن الأقوال والأفعال، ومختصره
الذي يأتي في المتقي.
(القاضي الفاضل)
مجير الدين أبو علي عبد الرحيم بن القاضي الأشرف علي بن القاضي السعيد
أبى محمد محمد بن الحسن العسقلاني المصري.
كان وزير السلطان الملك الناصر صلاح الدين، برز في صنعة الانشاء،
وفاق المتقدمين، كان معاصر عماد الدين الكاتب الأصبهاني.
يحكى: انه لقاه يوما عماد الدين المذكور وهو راكب، وكان القاضي
راكبا على فرس، فقال له العماد: (سرفلا كبابك الفرس) فقال له القاضي
(دام علا العماد) وكل واحد من قولهما يقرأ مقلوبا مثل ما يقرأ صحيحا،
توفى فجأة بالقاهرة سنة 596.
54

وكان ولده القاضي الأشرف احمد كبير المنزلة عند الملوك، توفى بالقاهرة
سنة 643 (خمج).
(القاضي القضاعي)
بضم القاف، أبو عبد الله محمد بن سلامة بن جعفر بن علي الفقيه الشيعي
أو الشافعي، صاحب كتاب الشهاب.
كان متفننا في عدة علوم، تولى القضاء بمصر، وله عدة تصانيف غير
الشهاب، كتواريخ الخلفاء وكتاب خطط مصر وغير ذلك، وكتاب الشهاب
مقصور على الكلمات الوجيزة النبوية صلى الله عليه وآله، وقد اعتنى به العامة والخاصة،
وشرحه جماعة من علماء الفريقين، فمنا الراونديان والشيخ أبو الفتوح الرازي،
وغيرهم، ومن العامة فكثير.
وقد روى الخطيب عنه في تاريخ بغداد قال شيخنا في المستدرك: وربما
يستأنس لتشيعه بأمور منها توغل الأصحاب على كتابه والاعتناء به والاعتماد
عليه، وهذا غير معهود منهم بالنسبة إلى كتبهم الدينية، كما لا يخفى على المطلع
بسيرتهم، ثم عد القرائن إلى أن قال: ومنها ان جل ما فيه من الاخبار
موجود في أصول الأصحاب ومجاميعهم كما أشار إليه العلامة المجلسي (ره)
وليس في باقيه ما ينكر ويستغرب، وما وجدنا في كتب العامة له نظيرا
ومشابها، إنتهى.
(أقول): وما يدل على تشيعه انه كان يخدم الدولة العبيدية، وكان
يكتب عن الوزير أبى القاسم علي بن أحمد وزير الظاهر لاعزاز دين الله أحد الخلفاء
الفاطمية بمصر، الذين أظهروا مذهب التشيع في الديار المصرية، وقد تقدم في
العبيدية، توفي بمصر سنة 454 (تند).
والقضاعي نسبة إلى قضاعة، وهو من حمير، وتنسب إليه قبائل كثيرة.
55

(القاضي نعمان المصري)
انظر أبو حنيفة الشيعة.
(القاضي نور الله)
نور الله بن شريف الدين الحسيني المرعشي الشوشتري، صاحب كتاب
مجالس المؤمنين، وإحقاق الحق، ومصائب النواصب والصوارم المهرقة وكتاب
العقائد الامامية، وكتاب العشرة الكاملة، وتعليقات على تفسير القاضي، ورسالة
في تحقيق آية الغار، ألفها سنة ألف.
وله حاشية على شرح المختصر للعضدي، ومجموعة مثل الكشكول، إلى غير
ذلك، وكفى للاطلاع على فضله، وكثرة تبحره وإحاطته بالعلوم وحسن تصنيفه
الرجوع إلى كتابه إحقاق الحق وغيره، كان (ره) معاصر الشيخ البهائي،
قتل لأجل تشيعه في أكبر آباد الهند.
(وكيفية قتله) على ما نقل من التذكرة للفاضل الشيخ علي الحزين المعاصر
للعلامة المجلسي وهو علماء الهند ما خلاصته: ان السيد الجليل المذكور كان
يخفي مذهبه، ويتقي عن المخالفين، وكان ماهرا في المسائل الفقهية للمذاهب
الأربعة، ولهذا كان السلطان أكبر شاه وأكثر الناس يعتقدون تسننه، ولما
رأى السلطان عمله وفضله ولياقته جعله قاضى القضاة، وقبل السيد على شرط
ان يقضي في الموارد على طبق أحد المذاهب الأربعة بما يقتضي اجتهاده، وقال
له: لما كان لي قوة النظر والاستدلال لست مقيدا بأحدها، ولا اخرج من
جميعها، فقبل السلطان شرطه.
وكان يقضى على مذهب الإمامية، فإذا اعترض عليه في مورد يلزمهم انه
على مذهب أحد الأربعة، وكان يقضي كذلك، ويشتغل في الخفية بتصانيفه
إلى أن هلك السلطان.
56

وقام بعده ابنه جهانگير شاه والسيد علي شغله، إلى أن تفطن بعض علماء
المخالفين المقربين عند السلطان انه على مذهب الإمامية، فسعى إلى السلطان
واستشهد على إماميته بدم التزامه بأحد المذاهب الأربعة، وفتواه في كل مسألة
بمذهب من كان فتواه مطابقا للامامية، فأعرض السلطان عنه وقال: لا يثبت
تشيعه بهذا، فإنه اشترط ذلك في أول قضاوته، فالتمسوا الحيلة في إثبات تشيعه
وأخذ حكم قتله من السلطان، ورغبوا واحدا في أن يتلمذ عنده ويظهر تشيعه
ويقف على تصانيفه، فالتزمه مدة، وأظهر التشيع إلى أن اطمئن به، ووقف
على كتابه مجالس المؤمنين، وبعد الالحاح اخذه واستنسخه وعرضه على طواغيته
فجعلوه وسيلة لاثبات تشيعه، وقالوا للسلطان: انه ذكر في كتابه كذا وكذا
واستحق لا جزاء الحد عليه، فقال: ما جزاؤه؟ فقالوا: أن يضرب بالدرة
العدد الفلاني، فقال: الامر إليكم، فقاموا فأسرعوا في اجراء هذه العقوبة
عليه، فمات رحمه الله شهيدا، وكان ذلك في أكبر آباد من أعاظم بلاد الهند،
ومرقده هناك يزار ويتبرك به، وكان عمره قريبا من سبعين إنتهى.
(القالي)
أبو علي إسماعيل بن القسم بن عيذون البغدادي النحوي، ولد سنة 288
بديار بكر، وقدم بغداد سنة 303، وأقام بها إلى سنة 328، فقرأ النحو
والأدبية على ابن درستويه والزجاج والأخفش الصغير، وأخذ الأدب عن جماعة
من أعيان العلماء كابن دريد وابن الأنباري ونفطويه وغيرهم، وسمع الحديث
عن جماعة من المحدثين، وصنف كتاب الأمالي والمقصور والممدود، وكتاب
خلق الانسان، وغير ذلك.
دخل قرطبة سنة 330 واستوطنها، وأملى كتابه الأمالي بها، وكان
ذلك في أيام عبد الرحمن الناصر لدين الله.
57

وكان ابنه الأمير أبو العاص الحكم بن عبد الرحمن من أحسن ملوك الأندلس
للعلم، وأكثرهم اشتغالا به وحرصا عليه، فتلقاه بالجميل وبالغ في إكرامه فحظى
عنده، وبث علومه هناك، توفى بقرطبة سنة 356.
(والقالي) نسبة إلى قالي قلا من اعمال أرمينية التي هي من بلاد ديار بكر
قيل له القالي: لأنه سافر إلى بغداد مع أهل قالي قلا.
(القداح)
ميمون المكي مولى هاشم روى عنهما (ع) " كا " عن سلام بن سعيد
المخزومي قال:
بينا أنا جالس عند أبي عبد الله عليه السلام إذ دخل عليه بن كثير عابد
أهل البصرة وابن شريح فقيه أهل مكة وعند أبى عبد الله عليه السلام ميمون القداح
مولى أبي جعفر عليه السلام فسأله عباد بن كثير فقال: يا أبا عبد الله في كم ثوب
كفن رسول الله؟ فقال: في ثلاثة أثواب، ثوبين صحاريين وثوب حبرة،
وكان في البرد قلة فكأنما أزور عباد بن كثير من ذلك، فقال أبو عبد الله عليه السلام
ان نخلة مريم عليها السلام إنما كانت عجوة، ونزلت من السماء فما نبت من أصلها
كان عجوة وما كان من لقاط فهو لون، فلما خرجوا من عنده قال عباد بن كثير
لابن شريح: والله ما أدري ما هذا المثل الذي ضربه لي أبو عبد الله عليه السلام،
فقال ابن شريح: هذا الغلام يخبرك فإنه منهم، يعني ميمون، فسأله فقال
ميمون: أما تعلم ما قال لك؟ لا والله، قال: انه ضرب لك مثل نفسه
فأخبرك انه ولد من رسول الله صلى الله عليه وآله وعلم رسول الله صلى الله عليه وآله عندهم، فما جاء من
عندهم فهو صواب، وما جاء من عند غيرهم فهو لقاط.
(بيان) أزور: عدل وانحرف. واللون: الدقل من النخل.
58

(القدوري)
أبو الحسين أحمد بن محمد بن أحمد الفقيه الحنفي البغدادي، انتهت إليه رئاسة الحنفية بالعراق.
يروي عنه الخطيب صاحب التاريخ وقاضي القضاة أبو عبد الله الدامغاني،
له المختصر في فروع الحنفية، وكتاب في النكاح.
توفى ببغداد سنة 428 (تكح)، ودفن بجنب أبى بكر الخوارزمي،
والقدوري نسبة إلى صنعة القدور أو بيعها، جمع قدر بالكسر، أو هي اسم
قرية من قرى بغداد يقال لها قدوره.
(القديمان)
ابن الجنيد وابن أبي عقيل وقد تقدما.
(القرافي)
شهاب الدين أبو العباس أحمد بن إدريس بن عبد الرحمن الصنهاجي،
المصري الفقيه المالكي.
إنتهت إليه رئاسة المالكية في زمانه، كان معاصر ابن دقيق العيد، له
شرح تنقيح الفصول في اختصار المحصول، ومختصر تنقيح الفصول الأجوبة
الفاخرة عن الأسئلة القاصرة، كتبها ردا على اليهود والنصارى.
توفى سنة 684 (خفد) ودفن بالقرافة، وهي كسحابة، مقبرة بمصر.
(القرطبي)
صائن الدين أبو بكر يحيى بن سعدون بن تمام بن محمد الأزدي الأندلسي
أحد الأئمة المتأخرين في القراءات، وعلوم القرآن الكريم، والحديث والنحو
واللغة وغير ذلك.
59

وكان ابن شداد قاضي حلب يفتخر برؤيته وقرائته عليه، توفى بالموصل
سنة 567 (ثسز).
(وقد يطلق) على أبى عبد الله شمس الدين محمد بن أحمد بن أبي بكر بن
فرج الأنصاري الخزرجي الأندلسي المتوفى سنة 671 (خعا) صاحب التذكرة
بأحوال الموتى وأمور الآخرة.
(والقرطبي) بضم القاف وسكون الراء وضم الطاء المهملتين، نسبة إلى قرطبة
وهي مدينة كبيرة من بلاد الأندلس، وهي دار مملكتها.
(القرماني)
أبو العباس احمد چلبي بن يوسف بن أحمد الشهير بأحمد بن سنان القرماني
الدمشقي صاحب اخبار الدول وآثار الأول، لخصه من تاريخ الجنابي وهو المولى
مصطفى بن السيد حسن الرومي المتوفى سنة 999 وزاد فيه أشياء.
حكي أقدم أبوه سنان إلى دمشق، وولي نظارة البيمارستان ونظارة الجامع
الأموي، وانتقد عليه انه باع بسط الجامع الأموي وحصره، وانه خرب مدرسة
المالكية فقتل بسبب هذه الأمور سنة 966.
ثم نشأ ابنه احمد وصار كاتب وقف الحرمين، ثم ناظره وكان حسن المناظرة
وله مخالطة مع الحكام.
وعمر بيتا وحديقة بمحلة الجسر الأبيض من الصالحية، وجمع تاريخه الشائع
وتعرض فيه لكثير من الموالى والامراء المتأخرين، مات بدمشق سنة 1019 (غيط)
ودفن بمقبرة الفراديس.
قال الفيروزآبادي: قرمان ككرمان، وقد يحرك: إقليم بالروم.
(القزاز)
القيرواني أبو عبد الله محمد بن جعفر التميمي النحوي اللغوي صاحب
كتاب الجامع في اللغة.
60

حكي انه كان في خدمة العزيز بن المعز العبيدي صاحب مصر، وصنف
له كتبا، وكان له شعر مطبوع، وكانت وفاته بالحضرة - أي القيروان - سنة 412
(تيب).
والقزاز بالزائين، كشداد، نسبة إلى عمل القز وبيعه، والقيرواني
يأتي في القيرواني.
(وقد يطلق القزاز) على أبى القاسم حبيب بن الحسن بن داود، سمع
جماعة كثيرة من المشايخ، وروى عنه الدارقطني وابن شاهين، قال الخطيب
وحبيب: عندنا من الثقاة، وكان يؤثر عنه الصلاح.
وقد سألت أبا نعيم عنه فقال: ثقة، توفى سنة 359، وكان ثقة مستورا
دفن في الشونيزية، ذكران قوما من الرافضة أخرجوه من قبره ليلا، وسلبوه
كفنه إلى أن أعاد له ابنه كفنا وأعاد دفنه، إنتهى ملخصا.
(القزويني)
زكريا بن محمد بن محمود القزويني، ينتهي نسبه إلى مالك بن انس
خادم رسول الله صلى الله عليه وآله
كان عالما فاضلا، ولد في قزوين، ورحل إلى دمشق، وتولى قضاء واسط
والحلة في زمن المستعصم، فسقطت بغداد وهو في ذلك المنصب.
له مؤلفات، أعجبها: عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات وآثار البلاد
وأخبار العباد، جمع فيه ما عرف وسمع وشاهد من خصائص البلاد والعباد،
ولكن فيه الغث والسمين كما يوجد في أمثاله، توفى سنة 683.
(والقزويني) نسبة إلى قزوين، كتقويم وبكسر القاف أيضا مدينة كبيرة
في عراق العجم عند قلاع الإسماعيلية، وهي من بلاد الجبل ثغر الديلم وبلاد
الجبل مدن بين أذربيجان وعراق العرب وخوزستان وفارس وبلاد الديلم،
61

والقزويني زكريا بن محمد كما علمت، وأما القزويني في هذا الشعر:
يا نصير الدين يا جقر * ألف قزويني ولا عمر
لو رماه الله في سقر * لاشتكت من ظلمه سقر
هو رجل ظالم ولاه نصير الدين أبو سعيد جقر بن يعقوب صاحب الجزيرة
والموصل بالموصل، فسار سيرة قبيحة، وكثر شكوى الناس منه فعزله وجعل
مكانه عمر بن شكلة فأساء في السيرة أيضا، فعمل أبو عبد الله الحسين الموصلي
هذا الشعر.
وورد مدح قزوين في النبوي صلى الله عليه وآله الذي وجد في أصل عتيق
من أصول أصحابنا بأنه باب من أبواب الجنة، وللرافعي القزويني كتاب في
تاريخ علماء قزوين.
(ثم اعلم): انه ينسب إلى قزوين جماعة كثيرة من علمائنا الربانيين لا
مجال لذكر بعضهم، فضلا عن كثير منهم، نعم ينبغي لنا الإشارة إلى
قليل منهم:
(1) السيد الاجل السيد مهدي القزويني الحلي، ذكره شيخنا صاحب
المستدرك في مشايخ إجازته بالتعظيم والتبجيل بعبارات رائقة.
ثم قال: وهو من العصابة الذين فازوا بلقاء من إلى لقائه تمد الأعناق صلوات الله
عليه ثلاث، مرات، وشاهد الآيات البينات المعجزات الباهرات.
ثم ذكرانه ورث العلم والعمل عن عمه الاجل الأكمل السيد باقر القزويني
صاحب سر خاله بحر العلوم، وكان عمه أدبه ورباه واطلعه على أسراره، وذكر
انه لما هاجر إلى الحلة صار ببركة دعوته من داخل الحلة وأطرافها من طوائف
الاعراب قريبا من مائة ألف نفس شيعيا إماميا مخلصا مواليا لأولياء الله
معاديا لأعداء الله.
62

ثم ذكر كمالاته النفسانية ومجاهداته وتصانيفه في الدين وغير ذلك،
وقال: كنت معه في طريق الحج ذهابا وإيابا، وصلينا معه في مسجد الغدير
والجحفة، وتوفي (ره) في 12 ع 1 سنة 1300 (غش) قبل الوصول إلى
السماوة بخمس فراسخ تقريبا، وظهر منه حينئذ كرامة باهرة بمحضر جماعة من
الموافق والمخالف، إنتهى ملخصا.
(2) سلالة الفقهاء وسلافة الأدباء أبو المعز السيد محمد بن السيد مهدي بن
السيد حسن بن السيد احمد، الذي هو أول من انتقل من قزوين إلى العراق
وقطن النجف الأشرف ابن محمد بن الحسين بن الأمير أبى القاسم أمير الحاج في
الدولة الصفوية، ينتهي نسبه إلى محمد بن زيد الشهيد بن علي بن الحسين بن أبي طالب
عليه السلام.
ولد في الحلة سنه 1262، وأخذ في التعلم إلى أن راهق البلوغ، فهاجر
هو وأخويه الاعلام وهم الميرزا جعفر والسيد حسين المتوفى سنة 1325 إلى النجف
مقر العلم والعلماء، ومنتدى الأدب والأدباء، فأتقن العلوم العقلية والنقلية على
كثير من الأساتذة العظام والفضلاء والفخام.
وكان بعكس أبيه قليل التأليف والتصنيف، لا يكاد يرتضى ما صنفه
حتى يغيره بعد الملاحظة والمراجعة، فظهرت له منظومة في المواريث، ورسالة في
علم التجويد، ومنسك في الحج، وديوان شعره.
وله آثار إصلاحية كاصلاح نهر الحلة، وتعمير قبور علماء الحلة، كقبر
المحقق، وآل طاوس، وابن إدريس، والشيخ ورام وغيرهم، ومقام الغيبة
وتجديد مقام مشهد الشمس.
ولما خلت الحلة من اعلام هذه الأسرة، واستأصل الموت شأفتهم كتب
إليه الحليون وحثوه على المجيئ فلبى دعوتهم، فهاجر إلى الحلة سنة 1313، فاستقبله جمهورهم على مسافة ميلين، وكان يوما مشهودا كيوم وفاته، وأخذت
63

العلماء والشعراء يفدون عليه ليهنئوه، وكان في الحلة إلى أن باغتته المنية وأنشبت
فيه أظفارها وذلك في أول سنة 1335، ونقل إلى النجف الأشرف ودفن في مقبرة
آل قزوين قدس الله سره.
(3) السيد حسين بن إبراهيم بن العالم الكامل الأمير محمد معصوم الحسيني
القزويني، وهو كما في المستدرك العالم الجليل والسيد النبيل صاحب الكرامات
الباهرة، وصاحب كتاب معارج الاحكام في شرح مسالك الأفهام، وشرايع
الاسلام، وهو كتاب كبير شريف، له مقدمات حسنة نافعة وغير ذلك، وقبره
الشريف بقزوين مزار معروف يتبرك به وتظهر منه الخوارق، ويروي عنه العلامة
الطباطبائي بحر العلوم، وهو عن والده، وقد تقدم ذكره في جمال الدين عن
جماعة أولهم العلامة المجلسي (ره).
(4) قال (ضا) في ذيل أحوال السيد الاجل المير السيد علي صاحب الشرح
الكبير فيمن روى عنه.
ومنهم الاخوان الفاضلان الكاملان الفقيهان الباذلان الحاج مولانا محمد
تقي والحاج مولانا محمد صالح البرغيان القزوينيان المعاصران المتوفيان بالشهادة
وحتف الانف مع رعاية الترتيب في اللف والنشر في حدود السبعين والمائتين بعد
الألف بفاصلة غير كثيرا عني صاحبي المجالس ومخزن البكاء في الموعظة ومقاتل
الشهداء، وكتب كثيرة في الفقه والأصول: مثل شرحيهما الكبيرين المعروفين
في البلاد على الشرائع والارشاد وغير ذلك من المصنفات الجياد إنتهي.
(القسطلاني)
أبو العباس شهاب الدين أحمد بن محمد بن أبي بكر بن عبد الملك المصري
الفاضل المحدث.
64

اخذ عن خالد الأزهري، والفخر المقسمي، والجلال البكري وغيرهم،
كان يعظ بالجامع العمري وغيره.
وكان قليل النظير في الوعظ، صنف التصانيف المقبولة، وشرحه على
صحيح البخاري معروف اسمه إرشاد الساري، وله المواهب اللدنية بالمنح
المحمدية صلى الله عليه وآله.
يحكى ان السيوطي كان يغض منه، ويزعم أنه يأخذ من كتبه ويستمد
منها ولا ينسب النقل إليها، وانه ادعى عليه بذلك بين يدي شيخ الاسلام
زكريا الأنصاري، توفى سنة 923 (ظكج).
وقد يطلق القسطلاني على قطب الدين أبي بكر محمد بن أحمد المالكي
صاحب كتاب عروة الوثيق في النار والحريق، صنف في حريق المسجد النبوي
صلى الله عليه وآله والنار الظاهرة في الحجاز.
والقسطلاني: نسبة إلى قسطلة بلد بالأندلس.
(القشاشي)
صفي الدين أحمد بن محمد بن يونس الحسيني المدني، لزم الشيخ الكبير
أحمد بن علي الشناوي، وتمذهب بمذهبه، وسلك طريقته، وأخذ عنه
الحديث وغيره.
له السمط المجيد في تلقين الذكر، وسلاسل أهل التوحيد، توفى سنة
1071، (قيل) القشاشي نسبة إلى القشاشة، وهي سفط المتاع، كان
يبيع ذلك بالمدينة.
(القشيري)
أبو القاسم عبد الكريم بن هوازن بن عبد الملك النيسابوري الفقيه الشافعي
الصوفي المحدث الفاضل الأديب، جمع بين الشريعة والحقيقة، أصله من ناحية
65

أستوا (1) من العرب الذين قدموا خراسان.
توفى أبوه وهو صغير، فقرأ الأدب في صباه، وكانت له قرية مثقلة
الخراج، فسافر إلى نيسابور ليتعلم طرفا من الحساب ليتولى الاستيفاء ويحمي
قريته من مثقلة الخراج، فاتفق حضوره مجلس الشيخ أبى علي الدقاق، فلما سمع
كلامه أعجبه ووقع في قلبه، فرجع عن ذلك العزم وسلك طريق الإرادة، فقبله
الدقاق وأشار عليه بالاشتغال بالعلم، فأخذ عن أبي بكر محمد بن أبي بكر الطوسي
وأبى بكر بن فورك، والحاكم بن البيع والأستاذ أبى إسحاق الأسفرايني،
ويحضر مجلس أبى علي الدقاق، فزوجه الدقاق ابنته.
وبعد وفاة الدقاق سلك القشيري مسلك المجاهدة والتجريد وصنف التيسير
في علم التفسير والرسالة والقشيرية في رجال الطريقة.
حكي عن هذه الرسالة انه كتب في باب الجود والسخاء ان عبد الله بن
جعفر خرج إلى ضيعة فنزل على نخيل قوم وفيهم غلام اسود يعمل عليها إذا أتى
الغلام بغذائه وهو ثلاثة أقراص، فرمى بقرص منها إلى كلب كان هناك فأكله
ثم رمى إليه الثاني والثالث فأكلهما وعبد الله بن جعفر ينظر، فقال: يا غلام كم
قوتك كل يوم؟ قال: ما رأيت، قال: فلم آثرت هذا الكلب؟ قال إن هذه
الأرض ليست بأرض كلاب، وانه جاء من مسافة بعيدة جائعا فكرهت رده،
فقال عبد الله بن جعفر: فما أنت صانع اليوم؟ قال: أطوي يومي هذا، فقال
عبد الله بن جعفر لأصحابه: ألام على السخاء وهذا أسخى مني، ثم اشترى
الغلام فأعتقه، واشترى الحائط وما فيه ووهب ذلك له إنتهى.
وله مجالس الوعظ والتذكير، قال الباخرزي في الثناء عليه: لو قرع
الصخر بصورت تحذيره لذاب، ولو ربط إبليس في مجلسه لتاب.
وذكره الخطيب في تاريخه وقال: قدم علينا - يعني إلى بغداد - في سنة

(1) أستوا: بضم أوله وسكون ثانيه ناحية بنيسابور كثيرة القرى
66

448، وحدث ببغداد وكتبنا عنه.
وكان ثقة حسن الموعظة مليح الإشارة، وكان يعرف الأصول على مذهب
الأشعري والفروع على مذهب الشافعي إنتهى، وحكى عن القشيري انه كان
كثيرا ما ينشد لبعضهم:
لو كنت ساعة بيننا ما بيننا * وشهدت كيف تكرر التوديعا
أيقنت ان من الدموع محدثا * وعلمت ان من الحديث دموعا
ولد سنة 376، وتوفى بنيسابور سنة 465، ودفن بالمدرسة تحت شيخه
أبى علي الدقاق.
(وابنه) أبو نصر عبد الرحيم كان إماما كبيرا، أشبه أباه في علومه ومجالسه
خرج إلى بغداد وعقد بها مجلس وعظ، وحصل له قبول عظيم، وكان
يعظ في المدرسة النظامية و رباط شيخ الشيوخ، وحضر الشيخ أبو إسحاق
الشيرازي مجلسه، توفى بنيسابور سنة 514.
(وسبط القشيري) أبو الحسن عبد الغافر بن إسماعيل بن عبد الغافر الفارسي
كان إماما في الحديث والعربية، اخذ عن إمام الحرمين، وسمع على جده القشيري
وجدته فاطمة بنت أبي الدقاق، وخاليه أبى علي سعد وأبى سعيد ولدي القشيري
ووالده إسماعيل، ووالدته أمة الرحيم بنت القشيري.
وصنف كتبا منها: المفهم لشرح غريب صحيح مسلم، والسياقي لتاريخ
نيسابور، ومجمع الغرائب في غريب الحديث وغير ذلك، توفى بنيسابور
سنة 529 (ثكط).
(والقشيري) بضم القاف وفتح الشين المعجمة نسبة إلى قشير بن كعب
وهي قبيلة كبيرة.
(القضاعي)
انظر القاضي القضاعي
67

(القطامي)
عمير بن شييم - مصغرا - ابن عمرو التغلبي، شاعر نصراني، كان معاصرا
للأخطل، له ديوان يعد من الطبقة الأولى.
حكي انه قدم دمشق في خلافة الوليد بن عبد الملك ليمدحه، فقيل له: انه
بخيل لا يعطي الشعراء، والشعر الا ينفق عنده، وهذا عبد الواحد بن سليمان
فامدحه، فمدحه، فقال: كم أملت من أمير المؤمنين؟ قال: أملت ان يعطيني
ثلاثين ناقة، فقال: قد أمرت لك الخمسين ناقة موقرة برا وتمرا وثيابا، ثم
أمر بدفع ذلك إليه، توفى سنة 710 الميلادية.
(والقطامي): بالفتح ويضم الصقر أو اللحم منه، قاله الفيروزآبادي،
ثم قال: وشاعر كلبي اسم الحصين بن جمال أبو الشرقي وآخر تغلبي واسمه
عمير بن شييم.
(القطان)
يطلق على جماعة كثيرة لا يحصى، (منهم) أبو سعيد يحيى بن سعيد
البصري محدث زمانه، عده الشيخ من أصحاب الصادق عليه السلام وقال: كان من
أئمة الحديث، وظاهره كونه إماميا.
وعده ابن قتيبة من رجال الشيعة واحتج به أصحاب الصحاح الستة وغيرهم
توفى سنة 198 (قصح).
(وقد يطلق) على ابن ابنه أحمد بن محمد بن يحيى بن سعيد البصري،
سكن بغداد، وحدث بها عن جده يحيى بن سعيد وغيره.
روى الخطيب عنه باسناده عن زيد بن أسلم عن أبيه قال: ما رجل ضل
بعيره بأرض فلاة بأشد اتباعا لا تر بعده من عمر لعمر، توفى سنة 258.
(وقد يطلق) على أحمد بن الحسن القطان المعدل، يروي عنه الشيخ الصدوق
68

(رحمه الله) وقال: كان شيخا لأصحاب الحديث ببلد الري، ويعرف
بأبي علي بن عبد ربه.
(وقد يطلق) على أبى أحمد بن أبي منصور بن علي القطيفي صاحب
القصيدة اللامية:
يا أيها المنزل المحيل * عادتك مستحفر هطول
أزرى عليك الزمان لما * شجاك من أهلك الرحيل
لا تغترر بالزمان واعلم * ان يد الدهر تستطيل
فان آجالنا قصار * فيه وآمالنا طويل
تفني الليالي وليس يفني * شوقي ولا حسرتي تزول
لا صاحب منصف فأسلو * به ولا حافظ وصول
(الأبيات)
(وقد يطلق) على أبى بكر محمد بن عبد الله بن محمد بن أحمد بن أيوب
القطان، سمع من محمد بن جرير الطيري وجماعة كثيرة وذكرهم الخطيب في تاريخه وقال
سمعت الأزهري ذكره فقال: كان سماعه صحيحا من أبى جعفر الطبري إلا أنه
كان رافضيا خبيث المذهب، سألت القاضي أبا بكر محمد بن عمر الداودي
عن ابن أيوب فقال: كان ثقة صحيح السماع، قلت: ذكرانه كان سيئ
المذهب في الرفض فقال ما سمعت منه في هذا المعنى شيئا أنكره لكني أحسبه كان
يذهب إلى تفصيل علي حسب، توفى سنة 387.
(وقد يطلق) على أحمد بن محمد بن عبد الله بن زياد أبي سهل القطان
سكن دار القطن ببغداد، وحدث عن خلق كثير.
ذكره الخطيب في تاريخ بغداد وقال: كان صدوقا أديبا شاعرا راوية
للأدب عن أبي العباس ثعلب والمبرد وأبى سعيد السكري، وكان
يميل إلى التشيع.
69

وروى عنه الدارقطني والمرزباني وغيرهما من المتقدمين، ثم روى عن أبي عبد الله
ابن بشر القطان قال: ما رأيت رجلا أحسن انتزاعا لما أراد من آي القرآن من
أبى سهل بن زياد، فقيل له: ما السبب في ذلك؟ فقال: كان جارنا وكان
يديم صلاة الليل وتلاوة القرآن، فلكثرة درسه صار كأن القرآن نصب عينيه
ينتزع منه ما شاء من غير تعب.
قال الخطيب: وكان في أبى سهل مزاح ودعابة، وقال: سئل أبو بكر
البرقاني عن أبي سهل بن زياد فقال صدوق.
وقد روى عنه الدارقطني في الصحيح وإنما كرهوه لمزاح كان فيه،
توفى سنة 350 (شن) ودفن بقرب قبر المعروف الكرخي.
(وقد يطلق) على شمس الدين محمد بن شجاع القطان مؤلف
كتاب معالم الدين في فقه آل يس، وقد تقدم في ابن القطان، والقطان
كشداد بياع القطن.
(قطب الدين الإشكوري)
محمد بن شيخ علي الشريف الديلمي اللاهجي الحكيم العارف المتأله الفاضل
صاحب كتاب محبوب القلوب ورسالة في العالم المثالي، تلميذ المحقق الداماد (ره)
(قطب الدين الرازي)
الشيخ الأجل أبو جعفر محمد بن محمد البويهي الحكيم الفقيه المتأله المحقق
المدقق صاحب شرح الشمسية، وشرح المطالع، وشرح القواعد والمحاكمات
وحاشيتين للكشاف: الأصغر بحر الأصداف، والأكبر تحفة الاشراف وغير ذلك
أصله من ورامين الري من جهة المولد والبلد، ينتهي نسبه إلى آل بويه سلاطين
الديالمة، كما عن الشيخ علي بن عبد العالي، أو إلى بابويه القمي، كما عن
بعض إجازات الشهيد الثاني.
70

ونقل عن كتاب محبوب القلوب انه قال: المولى العلامة البهي الألمعي
قطب الدين الرازي شمس فضله عن مطلع شرح المطالع طالع ومحكمات حكمة من
أفق كتاب المحاكمات ساطع.
مولده ومنشأه في الورامين من الري، وبعد استفادته عند جم من الاعلام
قد فاز بالتلمذية عند العلامة العلم جمال الملة والدين الحلي طاب ثراه، وقد انتسخ
كتاب قواعد الأحكام من مصنفات العلامة بخطه وقرأه عنده.
وقد أجازه العلامة في ظهر كتابه بخطه، وعبر عنه بالشيخ الفقيه العالم
الفاضل المحقق المدقق زبدة العلماء والأفضل قطب الملة والدين محمد بن الرازي
وأرخ الإجازة بثالث شعبان سنة 713 (ذيج) إنتهى.
ونقل شيخنا عن الشهيد محمد بن مكي قدس الله روحه قال: اتفق اجتماعي به
بدمشق آخريات شعبان سنة 776 (ذعو) فإذا بحر لا ينزف، وأجازني جميع
ما يجوز عنه روايته.
ثم توفى في (يب) (قع) من السنة المذكورة بدمشق ودفن بالصالحية،
قال: وكان إمامي المذهب بغير شك وريبة صرح بذلك وسمعته منه، وانقطاعه
إلى بقية أهل البيت عليهم السلام معلوم.
وقال الشهيد أيضا في إجازته لابن الخازن: ومنهم الامام العلامة سلطان
العلماء وملك الفضلاء الحبر البحر قطب الدين محمد بن محمد الرازي البويهي،
فاني حضرت في خدمته قدس الله لطيفته بدمشق عام ثمانية وستين وسبعمائة،
واستفدت من أنفاسه، وأجاز لي جميع مصنفاته في المعقول والمنقول ان أرويها
عنه وجميع مروياته، وكان تلميذا خاصا للشيخ الامام جمال الدين
المشار إليه إنتهى.
وذكره المحقق الثاني " ره " وقال إنه من اجل تلامذة العلامة، ومن أعيان
أصحابنا الامامية قدس الله تعالى أرواحهم ورضى عنهم أجمعين.
71

(قطب الدين الراوندي)
أبو الحسن سعيد بن هبة الله بن الحسن، العالم المتبحر الفقيه المحدث
المفسر المحقق الثقة الجليل صاحب الخرائج والجرائح وقصص الأنبياء ولب اللباب
وشرح النهج وغيره.
كان من أعاظم محدثي الشيعة، قال شيخنا في المستدرك: فضائل القطب
ومناقبه وترويجه للمذهب بأنواع المؤلفات المتعلقة به أظهر وأشهر من أن يذكر
وكان له أيضا طبع لطيف، ولكن أغفل عن ذكر بعض اشعاره
المترجمون له، إنتهى.
وهو أحد مشايخ ابن شهرآشوب، يروى جماعة كثيرة من المشايخ
كأمين الاسلام والسيد المرتضى والرازي وأخيه السيد مجتبى وعماد الدين
الطبري وابن الشجري والآمدي، ووالد المحقق الطوسي، وغيرهم رضوان الله
عليهم أجمعين.
ويروي عن الشيخ عبد الرحيم البغدادي المعروف بابن الاخوة، عن الفاضلة
الجليلة السيدة النقية بنت السيد المرتضى علم الهدى عن عمها الشريف الرضي (ره)
وكان والد القطب الراوندي وجده وأولاده كلهم علماء.
وصرح الشيخ منتجب الدين بأن أبا الفضل محمد بن القطب الراوندي وأخاه
عماد الدين عليا كانا فقيهين ثقتين.
توفى القطب 4 شوال سنة 573 (ثعج) كما في البحار نقلا عن خط
الشهيد (ره)، وقبره ببلدة قم جوار الحضرة الفاطمية عليها السلام،
مزار معروف.
ولا يخفى انه غير سعيد بن هبة الله بن محمد بن الحسين الفاضل المشتهر في
العلوم الحكمية، فإنه كان من الأطباء المتميزين في صناعة الطب، خدم المقتدى
72

بأمر الله، والمستظهر بالله بصناعة الطب، وكان يتولى مداواة المرضى في
البيمارستان العضدي.
له كتاب المغني في الطب، صنفه للمقتدى، وكتاب خلق الانسان،
توفى سنة 495
(قطب الدين الشيرازي)
محمود بن مسعود بن مصلح الكازروني الفارسي الشافعي الفاضل الفهامة الملقب
بالعلامة، تلميذ الخواجة نصير الدين الطوسي (ره).
قيل: كان وحيد عصره في المعقول، وكان في غاية الذكاء، وله تلاميذ
كثيرة وتصانيف شهيرة، منها: شروحه على القسم الثالث من المفتاح وعلى
المختصر الحاجبي، وعلى كليات ابن سينا، كان مولده بشيراز، ودخل بغداد ودمشق
واستوطن بالآخرة تبريز.
حكي عن شدة ذكائه انه سئل في مجمع من الشيعة والسنة عن أفضل
الناس بعد النبي صلى الله عليه وآله هل هو أمير المؤمنين عليه السلام أو أبو بكر؟ فأجاب:
خير الورى من بعد النبي من بنته في بيته
من في دجى ليل العمى ضوء الهدى في زيته
(قلت): تقدم في ابن الجوزي ما يشبه ذلك، حكي انه كان مواظبا
على الجماعة، لا يصلي فرائضه إلا بالجماعة.
توفى بتبريز سنة 710 (ذي)، ودفن بقرب البيضاوي، ورثاه
ابن الوردي بقوله:
لقد عدم الاعلام حبرا مبرزا * كريم السجايا فيه من بعده قرب
عجيب وقد دارت رحى العلم بعده * وهل للرحى دور وقد عدم القطب
73

(قطب الدين الكوشكناري)
محمد المعروف بالقطب المحيي، أستاذ المولى جلال الدواني، المتوفى في
أوائل المائة العاشرة.
وهو أحد مشايخ الصوفية السنية، صاحب المكاتبات المعروفة بمكاتبات
القطب المحيي بالفارسية.
(قطب الدين الكيدري)
أبو الحسن محمد بن الحسين بن الحسن البيهقي النيسابوري الامامي، الشيخ
الفقيه، الفاضل الماهر، والأديب الأريب، البحر الزاخر، صاحب الاصباح
في الفقه، وأنوار العقول في جمع اشعار أمير المؤمنين عليه السلام، وشرح
النهج، وغير ذلك.
وله اشعار لطيفة، وكان معاصرا للقطب الراوندي، وتلميذا لابن حمزة
الطوسي، فرع من شرحه على النهج سنة 576 (ثعو).
والكيدر قرية من قرى بيهق، وعن طراز اللغة للسيد علي خان انه ضبطه
بالذال المعجمة، وعدل بعض الاعلام (أي كاشف اللثام) عن ذلك، وضبطه بالنون
نسبة إلى كندر قرية بنيسابور وقرية قرب قزوين.
(قطران)
إمام الشعراء أبو منصور التبريزي الترمذي، قيل: كان في أول أمره
دهقانا، فاشتغل بنظم الشعر فصار شاعرا معروفا.
وقد أشار إلى ذلك بقوله:
يكى دهقان بدم شاها شدم شاعر بناداني
مرا از شاعري كردن توكردى باز دهقاني
له اشعار كثيرة في مدح الأمير أبى منصور وهسودان الذي كانت له السلطنة
74

في تبريز إلى حدود 450، ومن شعره في الشكر:
گرهزارستم دهان درهريكي سيصدزبان
شكر نيكيهات نتوانم يكي گفت ازهزار
قيل إنه توفي سنة 465.
(قطرب)
أبو علي محمد بن المستنير بن أحمد البصري النحوي اللغوي الأديب البارع
اخذ الأدب عن سيبويه، فصار من أئمة عصره.
يروى عن الصادق " ع " روى الشيخ في (يب) في باب (النفر من منى)
عن الحسن بن محبوب عنه عن أبي عبد الله " ع " له مصنفات منها كتاب معاني
القرآن وكتاب الرد على الملحدين في متشابه القرآن، وكتاب العلل في النحو
وغير ذلك، وهو أول من وضع المثلث في اللغة، وكان معلم أولاد أبى دلف
العجلي، وينسب إليه هذان البيتان:
إن كنت لست معي فالذكر منك معي * يراك قلبي إذا ما غبت عن بصرى
والعين تبصر من تهوى وتفقده * وباطن القلب لا يخلو من النظر
قال الدميري في حياة الحيوان: قطرب طائر يجول الليل كله لا ينام
وقالوا: أجول من قطرب وأسهر من قطرب.
وقطرب لقب محمد بن المستنير النحوي صاحب المثلث وغيره، وكان من
أهل العربية، وكان حريصا على الاشتغال والتعلم، فكان يبكر إلى سيبويه قبل
حضور أحد من التلامذة، فقال له يوما: ما أنت إلا قطرب ليل، فبقى عليه
هذا اللقب توفي سنة ست ومائتين.
75

(القطوني)
خالد بن مخلد أبو الهيثم الكوفي، شيخ البخاري في صحيحه، ذكره
ابن سعد في محكي طبقاته من الجزء السادس ص 283 فقال: وكان متشيعا توفى
بالكوفة في النصف من المحرم سنة 213 في خلافة المأمون، وكان في التشيع مفرطا
وكتبوا عنه إنتهى.
وعن أبي داود أنه ذكره فقال: صدوق لكنه يتشيع، ونقل
البخاري ومسلم في مواضع من صحيحيهما، بل أصحاب السنن كلهم يحتجون
بحديثه وهم يعلمون بمذهبه.
(القطيفي) الشيخ إبراهيم بن سليمان البحراني، المجاور حيا وميتا بالغري السري
كان عالما فاضلا ورعا صالحا من كبار المجتهدين، وأعلام الفقهاء والمحدثين، كان
في غاية الفضل، معاصرا للشيخ نور الدين المحقق الكركي، ويروي عنه بالإجازة
أيضا، وكانت بينهما مناظرات.
نقل ان الإمام الحجة القائم صلوات الله عليه دخل عليه في صورة رجل كان
يعرفه وسأله عن أبلغ آية في الموعظة، فقرأ الشيخ قوله تعالى: (ان الذين
يلحدون في آياتنا لا يخفون علينا) الآية فقال له الإمام عليه السلام: صدقت يا شيخ
ثم خرج فسأل عنه أهل بيته فقالوا: ما رأينا داخلا ولا خارجا إنتهى.
(وله) مصنفات كثيرة منها: السراج الوهاج، والهادي إلى سبيل
الرشاد وكتاب تعيين الفرقة الناجية من اخبار المعصومين (ع) ونفحات الفوائد
ورسالة في احكام الرضاع، ورسالة في الصوم، ورسالة في أدعية سعة الرزق
وقضاء الدين، وشرح ألفية الشهيد، وشرح أسماء الله الحسنى، فرغ
منه سنة 934.
76

وكان عندي رسالة منه الموسومة بالنجفية، وكان في آخرها خطه الشريف
وتاريخ كتابته سنة 927. قال (ضا): وله اجازة لتلميذه معز الدين محمد بن تقي الدين الأصفهاني
يظهر منها ان الشيخ علي بن هلال الجزائري عمه، وتاريخ الإجازة سنة 928
وفيها: انه أجازه عدة من المشايخ أوثقهم الشيخ إبراهيم بن حسن الوراق
عن الشيخ علي بن هلال وتاريخها سنة عشرين وتسعمائة إنتهى.
(والقطيفي) نسبة إلى قطيف، كشريف بلد بالبحرين.
(القعبي)
أبو عبد الرحمن عبد الله بن مسلمة بن قعنب الحارثي المدني، اخذ العلم
والحديث عن الامام مالك، وهو من جملة أصحابه وأحد رواة الموطأ عنه، وكان
يسمى الراهب لعبادته وفضله، وكان يسكن البصرة، وتوفى بها أو بمكة
سنة 221 (ركا).
(الفقال الشاشي)
أبو بكر محمد بن علي بن إسماعيل الفقيه الشافعي المحدث اللغوي،
الشاعر الأصولي.
رحل إلى خراسان والعراق والحجاز والشام، وأخذ عن ابن سريج،
وروى عن ابن جرير الطبري، وروى عنه الحاكم وابن مندة وجماعة كثيرة،
وكان من أعيان تلامذته أبو عبد الله محمد بن أحمد الخضري المروزي الفقيه
الشافعي الذي يضرب به المثل في قوة الحفظ، وتوفى في عشر الثمانين والثلثمائة
وتوفي الفقال المذكور بالشاش في سنة 336 وقيل 365 وكان والد القاسم صاحب
كتاب التقريب (والشاشي) نسبة إلى الشاش مدينة وراء نهر سيحون.
77

(القفال المروزي)
أبو بكر عبد الله بن أحمد بن عبد الله الفقيه الشافعي، كان وحيد زمانه،
وله في مذهب الإمام الشافعي من الآثار ما ليس لغيره من أبناء عصره، كان
ابتداء اشتغاله بالعلم على كبر السن بعد ما أفنى شبيبته في عمل الأقفال، ولذلك
قيل له القفال، وكان ماهرا في عملها.
ويقال: انه لما شرع في الفقه كان عمره ثلاثين سنة، توفى سنة 417 (تيز)
ودفن بسجستان، وهو الذي صلى بين يدي السلطان محمود سبكتكين ركعتين
على مذهب الشافعي وركعتين على مذهب أبي حنيفة، فاختار السلطان محمود
مذهب الشافعي لذلك، وقصته مشهورة ذكرها الدميري وابن خلكان، ونحن
ننقلها هاهنا من ابن خلكان:
قال في ترجمة يمين الدولة السلطان ناصر الدولة محمود بن سبكتكين المتوفى
سنة 433 بغزنة نقلا من كتاب مغيث الخلق في اختيار الأحق لإمام الحرمين الجويني
ان السلطان محمود المذكور كان على مذهب أبي حنيفة.
وكان مولعا بعلم الحديث، وكانوا يسمعون الحديث من الشيوخ بين
يديه وهو يسمع.
وكان يستفسر الأحاديث فوجد أكثرها موافقا لمذهب الشافعي فوقع
في خلده حكة فجمع الفقهاء من الفريقين في مرو والتمس منهم ما الكلام في ترجيح
أحد المذهبين
على الآخر، فوقع الاتفاق على أن يصلوا بين يديه ركعتين على
مذهب الإمام الشافعي وعلى مذهب أبي جنيفة لينظر فيه السلطان ويتفكر ويختار
ما هو أحسنهما، فصلى القفال المروزي بطهارة مسبغة وشرائط معتبرة من
الطهارة والسترة واستقبال القبلة، وأتى بالأركان والهيئات والسنن والآداب
والفرائض على وجوه الكمال والتمام، وقال: هذه صلاة لا يجوز الإمام الشافعي
78

دونها، ثم صلى ركعتين على ما يجوز أبو حنيفة رضي الله عنه فلبس جلد كلب
مدبوغا ثم لطخ ربعه بالنجاسة وتوضأ بنبيذ التمر، وكان في صميم الصيف في
المفازة واجتمع عليه الذباب والبعوض، وكان وضوءه منكسا منعكسا، ثم
استقبل القبلة وأحرم بالصلاة من غير نية في الوضوء، وكبر بالفارسية ثم قرأ
آية بالفارسية (دوبرك سبز) ثم نقر نقرتين كنقرات الديك من غير فصل
ومن غير ركوع وتشهد، وضرط في آخره من غير نية السلام وقال: أيها
السلطان هذه صلاة أبي حنيفة.
فقال السلطان: لو لم يكن هذه الصلاة أبي حنيفة لقتلتك لان مثل
هذه الصلاة لا يجوزها ذو دين، فأنكرت الحنفية ان تكون هذه صلاة أبي حنيفة
فأمر القفال باحضار كتب أبي حنيفة، وأمر السلطان نصرانيا كاتبا يقرأ
المذهبين جميعا فوجدت الصلاة على مذهب أبي حنيفة على ما حكاه القفال،
فأعرض السلطان عن مذهب أبي حنيفة، وتمسك بمذهب الشافعي " رضي
الله عنهما " إنتهى.
(قفطان)
كقربان، لقب لجماعة، منهم الشيخ أحمد بن الشيخ حسن بن الشيخ علي
النجفي، الفاضل الأديب الشاعر، له اشعار وقصائد كثيرة، أشار إليها في
أعيان الشيعة، وفيه وروى شيخنا الشيخ محمد طه نجف النجفي عنه انه رأى الإمام المنتظر
عليه السلام فيما يرى النائم وعاتبه، فأجابه بهذين البيتين:
لنا أوبة من بعد غيبتنا العظمى * فنملأها عدلا كما ملئت ظلما
سينجز وعدي قل لمن يكفرون لي * لقد كان ذا حقا على ربنا حتما
توفي بالنجف سنة 1293 (غرصج) وأخوه الشيخ إبراهيم من
الفضلاء المعروفين.
79

(القفطي)
جمال الدين أبو الحسن علي بن يوسف بن إبراهيم الشيباني الوزير أحد الكتاب
المشهورين، كان أبوه القاضي الأشرف كاتبا أيضا بمصر.
ولد بقفط سنة 563، وسمع الحديث من أبى طاهر بن بنان بمصر وبحلب
من جماعة، فصار مشاركا لأرباب كل علم من النحو واللغة والفقه والحديث وعلم القرآن والأصول والمنطق والنجوم والهندسة والتاريخ.
أسكنه أبوه القاهرة طفلا ثم خرج إلى الشام فأقام بحلب، وصحب بها
الأمير الميمون القيصري، وبعد وفاة الأمير لزم منزله فألزم بالخدمة في أمور
الديوان في أيام الملك الظاهر، ولما مات الملك انقطع في منزله فقلده الملك العزيز
وزارته سنة 633.
حكي انه اجتمع لديه من الكتب مالا يوصف، وكان لا يحب من الدنيا
سواها، ولم يكن له دار ولا زوجة، وأوصى بكتبه للناصر صاحب حلب
وكانت تساوي خمسين ألف دينار، له تاريخ مصر، وأخبار العلماء بأخبار
الحكماء، توفى سنة 646.
(القلقشندي)
شهاب الدين أحمد بن علي بن أحمد المصري الشافعي، كان أديبا
منشيا قوي الحافظة.
له صبح الأعشى في صناعة الانشاء، ونهاية الإرب في معرفة قبائل العرب
وضوء الصبح المسفر وجني الدوح المثمر، وهو مختصر صبح الأعشى، قال في
أوائل الجزء الثاني من صبح الأعشى ما هذا لفظه:
ومن غريب ما يحكى ان رجلا اخذ خطرا من قوم على أن يغضب معاوية
ابن أبي سفيان مع غلبة حلمه، فعمد إلى معاوية وهو ساجد في الصلاة فوضع
80

يده على عجيزته، وقال: ما أشبه هذه العجيزة بعجيزة هند يعني أم معاوية فلما
سلم من صلاته التفت إلى ذلك الرجل وقال: يا هذا ان أبا سفيان كان محتاجا
من هند إلى ذلك، وإن كان أحد جعل لك شيئا على ذلك فخذه.
(أقول): لا يخفى عليك ان هذا من معاوية ليس بحلم، ولا حسن خلق
بل هو النكري والشيطنة، وكيف يكون ذا حلم وخليقا من قتل عباد الله
الصالحين كعمرو بن الحمق الخزاعي الصحابي الذي أبلته العبادة، قتله بحبه عليا وكحجر بن عدي الكندي، وكان من فضلاء الصحابة من أصحاب أمير المؤمنين
وكان من الابدال، ويعرف بحجر الخير، وكان معروفا بالزهد وكثرة العبادة
والصلاة حتى روى أنه كان يصلي في اليوم والليلة ألف ركعة.
قتله معاوية في سنة 51 وأصحابه البررة الأتقياء، إذ لم يلعنوا له
عليا عليه السلام.
روي أن معاوية دخل على أم المؤمنين عائشة (رض) فقالت: ما حملك على
قتل أهل عذراء حجر وأصحابه؟ فقال: يا أم المؤمنين اني رأيت قتلهم صلاحا
للأمة، وبقاءهم فسادا للأمة، فقالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله قال: سيقتل
بعدي بعذراء أناس يغضب الله لهم وأهل السماء.
(أقول): عذراء بفتح المهملة وسكون المعجمة: قرة بغوطة دمشق،
قال ابن الأثير: وقبره مشهور بعذراء.
وكان مجاب الدعوة، قلت: اني تشرفت بزيارته رضي الله عنه، وكان
مهجورا متروكا لا يزوره الناس مع قربه بالشام، وكثرة جلالته، ولعل
ذلك لأجل تشيعه.
ومعاوية هو الذي قتل الحسن بن علي عليه السلام بسم دس إليه، فسقته إياه
بنت الأشعث، علم بذلك كافة أهل البيت وشيعتهم، واعترف به جماعة من غيرهم
منهم المدائني وأبو الفرج المرواني.
81

وحسبك ما أجمع أهل الأخبار على نقله، واتفق أهل العلم على صدور من
بعثه بسرا سنة أربعين إلى الحجاز واليمن وأمره بقتل شيعة علي (ع) ونهب
أموالهم، ففعل ما فعل من الظلم والفساد مما أشرنا إلى بعضه في ابن جرموز،
وما ينس فلا ينس ما فعله يومئذ بنساء همدان، إذا سباهن فأقمن في السوق وكشف
عن سوقهن، فأيتهن كانت أعظم ساقا اشتريت على عظم ساقها.
كذا عن الاستيعاب، قال: فكن أول مسلمات سبين في الاسلام،
وهل هذه أفظع وأوجع أم ما فعله بطفلي عبيد الله بن العباس فذبحهما
بين يدي أمهما فهامت على وجهها جنونا مما نالت، وكانت تأتي الموسم
تنشدهما فتقول:
يا من أحس بابني الذين هما * كالدرتين تشظى عنهما الصدف
يا من أحس بابني الذين هما * قلبي وسمعي فقلبي اليوم مختطف
نبئت بسرا وما صدقت ما زعموا * من إفكهم ومن الاثم الذي اقترفوا
أنحى على ودجي ابني مرهفة * مشحوذة وكذاك الاثم يقترف
الأبيات
كذا عن الاستيعاب وابن الأثير، ومعاوية هو الذي رفع ابنه يزيد
السكير المتهتك إلى أوج الخلافة وأحله عرش الملك والإمامة وملكه رقاب المسلمين
وسلطه على احكام الدنيا والدين مع اطلاعه بكلابه وقروده وصقوره وفهوده
وخموره وفجوره والفظائع من كل أموره.
فكان منه في طف كربلاء مع سيد شباب أهل الجنة (ع) ما أثكل النبيين
عليهم السلام، ولا ينسى عظم مصيبته إلى يوم الدين، ورمى المدينة الطيبة
بمسرف بن عقبة، وكان أبوه معاوية قد عهد بذلك إليه.
فكان ما كان مما لست أذكره * فظن خيرا ولا تسأل عن الخبر
82

وحسبك انهم أبا حوا المدينة المعظمة ثلاثة أيام حتى افتض فيها ألف عذراء من
بنات المهاجرين والأنصار، كما نص عليه السيوطي في تاريخ الخلفاء.
وحكي انه قتل يومئذ من المهاجرين والأنصار وأبنائهم وسائر المسلمين
اللائذين بضريح سيد المرسلين صلى الله عليه وآله 10780 رجلا ولم يبق بعدها بدري، وقتل
من النساء والصبيان عدد كثير، حتى حكي عن بعض جنده انه اخذ برجل رضيع
فجذبه من ثدي أمه وضرب به الحائط فنثر دماغه على الأرض وأمه تنظر إليه
وتقدم في أبو سعيد الخدري ذكر ما فعلوا به ثم أمروا بالبيعة ليزيد على أنهم
خول وعبيد إن شاء استرق وان شاء أعتق، فبايعوه على ذلك وأموالهم مسلوبة
ورجالهم منهوبة ودماء هم مسفوكة ونساءهم مهتوكة.
ثم توجه ابن عقبة لقتال ابن الزبير فهلك في الطريق، وتأمر بعده الحصين
ابن نمير بعهد من يزيد فأقبل حتى نزل على مكة المعظمة ونصب عليها العرادات
والمجانيق وفرض على أصحابه عشرة آلاف صخرة في كل يوم يرمونها بها على
ما يحكى من ابن قتيبة في الإمامة والسياسة فحاصروهم ما يقرب من ثلاثة أشهر
حتى جاءهم موت يزيد، وكانت المجانيق أصابت جانب البيت فهدمته مع الحريق
الذي أصابه، قال الشاعر:
ابن، نمير بئس ما تولى * قد أحرق المقام والمصلى
وفظائع يزيد من أول عمره إلى انتهاء امره أكثر من أن تحويها الدفاتر
أو تحصيها الأقلام والمحابر، قد شوهت وجه التاريخ، وقبحت صحائف
السير، وقد أشرنا إلى بعض ما يتعلق بذلك في أبو سفيان، وابن زياد،
وابن النابغة، وغير هؤلاء.
قال ابن خلكان والذهبي انه ذكر عند شريك معاوية فوصف بالحلم فقال
ليس بحليم من سفه الحق، وقاتل علي بن أبي طالب عليه السلام.
رجعنا إلى القلقشندي: توفى سنة 821 (ضكا)، والقلقشندي بفتح القافين
83

وسكون اللام والنون نسبة إلى قلقشندة قرية من الوجه البحري من القاهرة بينها
وبين القاهرة مقدار ثلاثة فراسخ.
(القليوبي)
شهاب الدين أحمد بن أحمد بن سلافة القليوبي المصري الشافعي، أحد
الفضلاء، اخذ العلم والحديث عن المشايخ.
وكان في الطب ماهرا، وكان يحب الفقراء، وكان حسن التقرير ويبالغ
في تفهيم الطلبة ويكرر لهم تصوير المسائل، والناس في درسه كأن على رؤوسهم
الطير، له تحفة الراغب في سيرة جماعة من أهل البيت الأطائب، والتذكرة في الطب
ونوادر القليوبي وغير ذلك، توفى سنة 1069 (غسط).
(القمي)
علي بن إبراهيم بن هاشم أبو الحسن القمي (جش) ثقة في الحديث ثبت
معتمد صحيح المذهب، سمع فأكثر، وصنف كتبا وأضر - أي وصار
ضريرا - في وسط عمره.
وله كتاب التفسير، كتاب الناسخ والمنسوخ، كتاب قرب الاسناد
كتاب الشرائع (الخ).
وبالجملة: هو من اجل رواة أصحابنا، ويروي عنه مشايخ أهل الحديث
ولم نقف على تاريخ وفاته، إلا أنه كان حيا في سنة 307، لان الصدوق روى
عن حمزة بن محمد بن أحمد العلوي في رجب سنة 339 قال: أخبرني علي بن إبراهيم
ابن هاشم فيما كتب إلى سنة سبع وثلاثمائة (الخ).
(وابنه) أحمد بن علي بن إبراهيم بن هاشم القمي يروي عنه الصدوق (ره)
مترضيا ويكثر من الرواية عنه وعن لسان الميزان أحمد بن علي بن إبراهيم بن
الجليل القمي أبو علي نزيل الري.
84

ذكره ابن بابويه في تاريخ الري، وقال: سمع أباه وسعد بن عبد الله
وعبد الله بن جعفر الحميري، وأحمد بن إدريس وغيرهم.
وكان من شيوخ الشيعة، روى عنه أبو جعفر محمد بن علي بن بابويه
وغيره، إنتهى.
(ووالده) إبراهيم هاشم (ست) أبو إسحاق القمي، أصله من
الكوفة انتقل إلى قم، وأصحابنا يقولون: انه أول من نشر حديث الكوفيين
بقم، وذكروا انه لقي الرضا عليه السلام.
وفي (جخ) انه تلميذ يونس بن عبد الرحمن، (قلت): قد أطالوا الكلام
في ترجمته، وعد المشهور حديثه حسنا، وصرح جمع من المحققين بوثاقته، منهم المحقق الداماد في الرواشح، ووالد شيخنا البهائي، والمجلسي، والمحقق
الأردبيلي، وقال العلامة الطباطبائي بحر العلوم: والأصح عندي انه ثقة
صحيح الحديث لوجوه
وذكر شيخنا في المستدرك وجوها لتوثيقه، منها قولهم في حقه: وأصحابنا
يقولون انه أول من نشر حديث الكوفيين بقم، فان النشر كما شرح به الأستاذ
الأكبر لا يتحقق إلا بالقبول، وان انتشاره عندهم من حيث العمل والاعتماد
لا من حيث النقل.
وقال السيد الاجل بحر العلوم في وجه تقريب دلالته على التوثيق تلقى
القميين من أصحابنا أحاديثه بالقبول، ان العمدة فيه ملاحظة أحوال القميين
وطريقتهم في الجرح والتعديل، وتضييقهم أمر العدالة، وتسرعهم إلى القدح
والجرح والهجر والاخراج بأدنى رتبة، كما يظهر من استثنائهم كثيرا من
رجال نوادر الحكمة، وطعنهم في يونس بن عبد الرحمن مع جلالته وعظم منزلته
وإبعادهم لأحمد بن محمد بن خالد من قم، لروايته عن المجاهيل، واعتماده على
المراسيل، وغير ذلك مما يعلم بتتبع الرجال، فلو لا ان إبراهيم بن هاشم عندهم
85

بمكان من الثقة والاعتماد لما سلم من طعنهم وغمزهم بمقتضى العادة، ولم يتمكن
من نشر الأحاديث التي لم يعرفوها إلا من جهته في بلده.
ومن ثم قال في الرواشح ومدحهم إياه بأنه أول من نشر حديث الكوفيين
بقم كلمة جامعة وكل الصيد في جوف الفرا إنتهى.
ومما يدل على جلالته ان الأدعية والأعمال الشائعة في مسجد المهلة، وفي
مسجد زيد المتداولة المتلقاة بالقبول المذكورة في المزار الكبير، ومزار الشهيد
وغيرهما ينتهي سندها إليه لا غير (رضوان الله عليه).
(والقمي) بضم القاف وتشديد الميم: نسبة إلى قم مدينة مستحدثة اسلامية
لا أثر للأعاجم فيها، وأول من مصرها طلحة بن الأحوص الأشعري، وبها آبار
ليس مثلها عذوبة وبردا، وأهلها كلها شيعة إمامية.
وكان بدء تمصيرها في أيام الحجاج بن يوسف سنة 83، وذلك أن
ابن الأشعث لما خرج على الحجاج كان في عسكره سبعة عشر نفسا من علماء
التابعين من العراقيين فلما انهزم ابن الأشعث ورجع إلى كابل كان في جملته
إخوة يقال لهم عبد الله والأحوص وعبد الرحمن وإسحاق ونعيم، وهم وبنو سعد
ابن مالك بن عامر الأشعري وقعوا إلى ناحية قم.
وكان هناك سبع قرى اسم إحداها كمندان، فنزل هؤلاء الاخوة على
هذه القرى حتى افتتحوها، وقتلوا أهلها، واستولوا عليها، وانتقلوا إليها
واستوطنوها، واجتمع إليهم بنو عمهم، وصارت السبع قرى سبع محال بها
وسميت باسم أحدها وهي كمندان، فأسقطوا بعض حروفها فسميت بتعريبها
قما، وكان متقدم هؤلاء الاخوة عبد الله بن سعد، وكان له ولد قد ربي
بالكوفة، فانتقل منها إلى قم، وكان إماميا، وهو الذي نقل التشيع إلى
أهلها، فلا يوجد بها سني قط. كذا قال الحموي في معجم البلدان.
(أقول): قد وردت روايات كثيرة عن أئمة أهل البيت عليهم السلام في
86

مدح قم وأهلها، وانها مما سبقت إلى قبول الولاية، فزينها الله تعالى بالعرب
وفتح إليه من أبواب الجنة، وانها قطعة من بيت المقدس، وأنها عش آل محمد
وعش شيعتهم، وانه إذا عمت البلدان الفتن فعليكم بقم وحواليها ونواحيها فان
البلاء مدفوع عنها، وان الملائكة لتدفع البلايا عن قم وأهله، وما قصده جبار
بسوء إلا قصمه قاصم الجبارين، وشغله عنهم بداهية أو مصيبة أو عدوان، بقم
موضع قدم جبرائيل عليه السلام، وان أهل قم يحاسبون في حفرهم، ويحشرون
من حفرهم إلى الجنة.
وفي البحار عن المناقب انه كتب أبو محمد (ع) إلى أهل قم وآبة ان الله تعالى بجوده ورأفته قد من عباده بنبيه محمد صلى الله عليه وآله بشيرا ونذيرا ووفقكم
لقبول دينه، وأكرمكم بهدايته، وغرس في قلوب أسلافكم الماضين رحمة الله عليهم
وأصلابكم الباقين تولى كفايتهم، وعمرهم طويلا في طاعته حب العترة الهادية،
فمضى من مضى على وتيرة الصواب ومنهاج الصدق وسبيل الرشاد، فوردوا موارد الفائزين واجتنوا ثمرات ما قدموا ووجدوا غب ما أسلفوا.
وعن كتاب الغيبة للشيخ الطوسي (ره) عن سلامة بن محمد قال: انفذ
الشيخ الحسين بن روح رضي الله تعالى عنه كتاب التأديب إلى قم، وكتب إلى
جماعة الفقهاء بها، وقال لهم: انظروا في هذا الكتاب وانظروا فيه شئ يخالفكم
فكتبوا إليه انه كله صحيح، وما فيه شئ يخالف إلا قوله في الصاع،
في الفطرة نصف صاع في الطعام، والطعام عندنا مثل الشعير من كل
واحد صاع.
وروي عن الصادق عليه السلام قال: قم بلدنا وبلد شيعتنا، مطهرة مقدسة
قبلت ولايتنا أهل البيت، لا يريدهم أحد بسوء إلا عجلت عقوبته ما لم يخونوا
إخوانهم، فإذا فعلوا ذلك سلط الله عليهم جبابرة سوء، أما انهم أنصار قائمنا
ورعاة حقنا، ثم رفع رأسه إلى السماء وقال: اللهم اعصمهم من كل فتنة،
87

ونجهم من كل هلكة.
ومفاخر أهل قم كثيره، منها: انهم وقفوا المزارع والعقارات الكثيرة
على الأئمة عليهم السلام.
ومنها: انهم أول من بعث الخمس إليهم عليهم السلام، ومنها: انهم
عليهم السلام أكرموا جماعة كثيرة منهم بالهدايا و التحف والأكفان كأبي جرير
زكريا بن إدريس، وزكريا بن آدم، وعيسى بن عبد الله بن سعد وغيرهم ممن
يطول يذكرهم الكلام، وشرفوا بعضهم بالخواتيم والخلع، وانهم اشتروا من دعبل
ثوب الرضا عليه السلام بألف دينار من الذهب إلى غير ذلك من الروايات الكثيرة التي
أوردها العلامة المجلسي في كتاب السماء والعالم.
(أقول): زكريا بن إدريس تقدم ذكره في أبو جرير، وزكريا
ابن آدم بن عبد الله بن سعد الأشعري القمي، ثقة جليل القدر، كان له
وجه عند الرضا عليه السلام.
روي أنه قال للرضا عليه السلام: اني أريد الخروج عن أهل بيتي، فقد كثر
السفهاء فيهم، فقال لا تفعل فان أهل قم يدفع عنهم بك كما يدفع عن أهل بغداد
بأبي الحسن عليه السلام.
وروي عن علي بن المسيب قال: قلت للرضا عليه السلام: شقتي بعيدة
ولست أصل إليك في كل وقت فممن آخذ معالم ديني؟ قال: من زكريا بن آدم
القمي المأمون على الدين والدنيا.
وروي انه حج الرضا (ع) سنة من المدينة، وكان زكريا بن آدم زميله
(وعيسى بن عبد الله بن سعد القمي) هو الذي قال له الصادق (ع) انه منا
أهل البيت، وقال ليونس بن يعقوب: يا يونس عيسى بن عبد الله رجل منا
حي وهو منا ميت.
(وأخوه عمران بن عبد الله بن سعد الأشعري القمي) هو الذي صنع
88

مضارب للصادق (ع) وأهداها إليه، وقال: ان الكرابيس من صنعتي وعملتها
لك، فأنا أحب جعلت فداك ان تقبلها هدية، فقبض أبو عبد الله عليه السلام
على يده، ثم قال، اسأل الله ان يصلي على محمد وآل محمد وان يظلك وعترتك
يوم لا ظل إلا ظله.
وكان عليه السلام يقربه ويبشه ويسأل أحواله وأحوال أهل بيته وأقربائه
ويقول: هو نجيب قوم نجباء ما نصب لهم جبار إلا قصمه الله.
(وحفيد عيسى بن عبد الله بن سعد) هو أحمد بن محمد بن عيسى أبو جعفر
شيخ القميين ووجههم وفقيههم غير مدافع.
وكانا أيضا الرئيس يلقي السلطان ولقي أبا الحسن وأبا جعفر الثاني
وأبا الحسن العسكري عليهم السلام.
وكان ثقة، وله كتب، ومن أهل بيته أحمد بن إسحاق بن عبد الله بن سعد
الأشعري القمي، كان ثقة وافد القميين.
روى عن أبي جعفر الثاني وأبي الحسن عليهما السلام، وكان خاصة أبى محمد
عليه السلام وهو شيخ القميين، رأى الزمان صلوات الله عليه.
روى أنه توفى بحلوان وبعث أبو محمد العسكري (ع) كافور الخادم
بالأكفان فغسله وكفنه ثم غاب (رحمة الله).
(القمولي)
أبو العباس نجم الدين أحمد بن محمد بن مكي القرشي المخزومي القمولي المصري
اشتغل إلى أن برع، ودرس وأفتى وصنف وولى القضاء، وله شرح الوسيط
في الفقه سماه البحر المحيط، وشرح مقدمة أين الحاجب، وأكمل تفسير الفخر
الرازي، توفى في رجب سنة 727.
(القنبيطي)
89

أبو الحسن محمد بن الحسين بن خالد، سمع جماعة كثيرة من العلماء، وروى
(عنه ابن بنته عيسى بن حامد الرخجي، وأبو علي بن الصواف وغيرهما.
روى الخطيب عن ابن بنته قال: كنت مع جدي فرآه منقار فقال له:
لو اخذت معاوية على كتفك لقال الناس رافضي، ولو اخذت انا عليا على كتفي
لقال الناس ناصبي.
قال الخطيب: احتسب ان القائل هذا القنبيطي، لان المعروف بمنقار هو
الذي كان يرمى بالرفض، والله أعلم، تولى سنة 304 (شد).
قال الفيروزآبادي: القنبيط بالضم وفتح النون المشددة أغلظ أنواع الكرنب
مبخر مغلظ ومحتملة بزوره لا تحبل، ومحمد بن الحسين القنبيطي محدث.
(قوام الدين)
القزويني الميرزا محمد بن محمد مهدي الحسيني، السيد الفاضل الكامل والأديب
الأريب الشاعر المجيد الفقيه النبيه.
له مهارة عظيمة في الشعر، نظم اللمعة الدمشقية، والكافية، والشافية، والزبدة
وخلاصة الحساب، ومختصر الحاجبي وغير ذلك.
وله القصائد، والمقطعات، وأشعار كثيرة في المراثي، وفي البراءة
عن أعداء الدين.
وكان هو من تلاميذ الشيخ جعفر الكمرئي الأصبهاني ومن خواصه،
وينبغي هنا الإشارة إلى ترجمة شيخه المذكور فنقول: هو الشيخ الأجل جعفر
ابن عبد الله بن إبراهيم الكمرئي القاضي، جليل القدر عظيم الشأن رفيع المنزلة
دقيق الفطنة، ثقة ثبت عين عارف بالاخبار والتفسير والفقه والأصول والكلام
والحكمة والعربية، الجامع لجميع الكمالات، وليس له في جامعيته نظير، كذا
90

عن جامع الرواة. وقال: كان أستاذنا ومعتمدنا، وبه في جميع العلوم
استنادنا، إنتهى.
وقال (ضا): والظاهر أن غالب تلمذه واشتغاله كان على المحقق السبزواري
وعلى المدقق الآقا حسين الخونساري، وكان الآقا شديد التعلق به حسن الاعتقاد
به، مقدما إياه على سائر رجاله الأجلة في إرجاع عزائم الأمور إليه، كما استفيد
لنا من بعض المجاميع.
وكان اشتغاله في الحديث على مولانا التقي المجلسي (ره)، وله الرواية أيضا
عنه، وكان من أشهر مناصبه القضاء بأصبهان طول حياته.
وله قيود وحواش وتعليقات على كثير من مصنفات القوم، ولم يبرز لنا
منا إلا تعليقته على شرح اللمعة وحواشيه على كفاية أستاذه المحقق السبزواري
ورسالة في أصول الدين، وأخرى في التعقيبات سماها ذخائر العقبى إلى غير ذلك
وقد تلمذ عليه وأخذ منه، كما استفيد لنا من بعض إجازات المتأخرين جماعة
منهم الشيخ الأجل الأكمل مولانا محمد أكمل، والمحدث الجليل المولى محمد بن
علي الأردبيلي صاحب جامع الرواة (1)، والسيد المدقق السيد صدر الدين
القمي، والميرزا قوام الدين رضي الله تعالى عنهم أجمعين، إنتهى ملخصا.
وقال شيخنا في المستدرك في ترجمة، وقال الأمير إسماعيل الخاتون آبادي
المعاصر له في تاريخه انه صار شيخ السلام بعد وفاة المجلسي (ره) بسنة ونصف
قال: وفي جمادي الثانية من سنة 1115 حج بيت الله الحرام محمود آقا التاجر

(1) جامع الرواة: كتاب شريف كثير الفائدة قليل النظير، جمعه الأردبيلي
المذكور في مدة عشرين سنة، وقال: وبالجملة وبسبب نسختي هذه يمكن ان
يصير قريب من اثني عشر ألف حديث أو أكثر من الاخبار التي كانت بحسب
المشهور بين علمائنا مجهولة أو ضعيفة أو مرسلة معلومة الحال وصحيحة. كان
معاصرا للعلامة المجلسي والمحقق الخونساري رضوان الله تعالى عليهم أجمعين.
91

ومعه الشباك لحرم الكاظمين عليهما السلام، وكان معه من أهل حرم السلطان
وأعيان الدولة وغيرهم زهاء عشرة آلاف، الحجاج منهم ثلاثة آلاف ومعه دراهم
كثيرة لعمارة المشهد الحسيني على مشرفها السلام.
قال: وكان معه الفاضل المدقق صاحب الفطرة العالية الشيخ محمد جعفر
الكمرئي شيخ الاسلام بأصبهان قاصدا زيارة بيب الله الحرام فمرض في كرمانشاهان
وعافاه في الكاظمين ثم عاد المرض فذهب إلى كربلا ومنها إلى النجف الأشرف وتوفى
قبل وصوله إليه على رأس فرسخين منه، وقام بتجهيزه العالم الجليل المولى
محمد سراب الذي كان هو أيضا من جملة قافلتهم، ودفن في حول قبر العلامة
طاب ثراهما، إنتهى، ورثاه تلميذه قوام الدين القزويني بقصيدة فاخرة
غراء أولها:
الدهر ينعى إلينا المجد والكر ما * والعلم والحلم والأخلاق والشيما
إلى قوله:
قف بالسلام على ارض الغري وقل * بعد السلام على من شرف الحرما
مني السلام على قبر بحضرته * أهمى على سحاب الرحمة الديما
واقرأ عليه بترتيل ومرحمة * طه ويس والفرقان مختتما
وابسط هناك وقل يا رب صل على * محمد خير من لبى ومن عزما
وآله الطيبين الطاهرين بما * أسدوا إلينا صنوف الخير والنعما
وحف بالروح والريحان تربته * واقبل شفاعتهم في حقه كرما
تاريخ ما قد دهانا غاب نجم هدى * فالله يهدي بباقي نوره الأمما
1115.
يغلي الفؤاد ولا تمتد زفرته * ضعف القوام أكل النطق والقلما
وروي ان الشيخ جعفر القاضي المبرور المذكور لما أراد سفر الحج ذهب
إلى الجامع ورقى إلى ذروة المنبر، وكان من جملة ما تكلم به: أيها الناس من
92

حكمت عليه ولا يرضى مني فلا يرضى، فاني ما حكمت بشئ إلا وقد قطعت عليه
وعلمت يقينا انه حكم الله، ما قلت خلاف الحق، ومن ضاع حقه وماله
بسبب تدقيقي في الشهود وعدم ثبوت الحكم بشهادتهم له وكان الحق له في
الواقع ولم يتبين لي فليرض عنى ويحللني فإنه ربما يكونه الامر كذلك ولم
يتحقق عندي، إنتهى.
(والكمرئي) نسبة إلى الكمرة بالفتحات الثلاث علما لناحية من نواحي
بروجرد ذات قرى ومزارع كثيره بينها وبين الجرباذقان خمسة فراسخ تقريبا
كذا في (ضا).
وليعلم انه غير الفاضل الجليل الشيخ جعفر بن كمال الدين البحراني العالم
النبيل الذي هاجر إلى بلاد الهند، واستوطن في حيدر آباد، فصار علما للعباد
ومنهلا عذبا للوراد، رئيسا للفضلاء، وملجأ للأعاظم والامراء، توفى
سنة 1088 أو 1091.
يروى عن السيد نور الدين العاملي أخي صاحب المدارك، وعن الشيخ
علي بن سليمان البحراني قال (ضا): وكان له مع الشيخ الفاضل المحدث الفقيه
صالح بن عبد الكريم الكزركاني البحراني مصادقة تامة ومرافقة خاصة غير عامة
بحيث قد نقل انهما سافرا في مبادئ الامر بلاد شيراز المحمية لضيق معيشتهما
فبقيا فيها زمانا، وكانت مترعة بالفضلاء الأعيان، ثم انهما تواطئا على أن
يمضي أحدهما إلى بلاد الهند، ويقيم الاخر في ديار العجم، فأيهما أثرى أولا
أعان الآخر.
فسافر الشيخ جعفر إلى بلاد الهند واستوطن حيدر آباد، وبقي الشيخ
صالح في شيراز، وكان من التوفيقات الربانية، والأقضية السماوية السبحانية
ان كلا منهما صار علما للبلاد ومرجعا للعباد، وانقادت لهما أزمة الأمور وحازا
سعادة الدنيا والدين في الورود والصدور.
93

وكانت وفاة الشيخ جعفر هذا في ارض الهند، في سنة 1088
(غفح)، إنتهى.
(قوام الدين المرعشي)
المازندراني الذي ينتهي إليه السلاطين القوامية المرعشية بمازندران هو السيد
قوام الدين صادق بن عبد الله بن محمد بن أبي هاشم بن علي بن الحسن بن علي
المرعش بن عبيد الله بن محمد بن الحسن بن الحسين الأصغر بن الإمام زين العابدين
عليه السلام المشهور ب‍ (ميربزرك) أي المير المعظم.
توفى سنة 781 ودفن بآمل، وقد ذكر ترجمته القاضي نور الله في المجالس
(القوشجي)
المولى علاء الدين علي بن محمد، الذي حصل في حداثة سنه غالب العلوم،
وبهمته كمل زيج الغ بيك.
ذكره طاشكبري زادة في الشقائق النعمانية وغيرة، وحاصل ما قالوا انه
كان أبوه محمد بن خدام الأمير الغ بيك بن شاهرخ بن الأمير تيمور الكور
كان ملك ما وراء النهر، وكان هو حافظ البازي وهو معنى القوشجي في لغتهم
قرأ على علماء سمرقند، وقرأ على المولى الفاضل القاضي زاده الرومي، وقرأ عليه
العلوم الرياضية، وقرأ أيضا على الأمير الغ بيك، وكان الأمير المذكور
مائلا إلى العلوم الرياضية.
ثم ذهب القوشجي مختفيا إلى بلاد كرمان، فقرأ هناك على علمائها،
ثم انه عاد إلى سمرقند، ووصل إلى خدمة الأمير المذكور واعتذر عن غيبته
بأن تلك كانت لتحصيل العلم فقبل عذره.
ثم إن الأمير الغ بيك بنى موضع رصد سمرقند وصرف فيه مالا عظيما
وتولاه أولا غياث الدين جمشيد من مهرة هذا العلم، فتوفى في أوائل الامر،
94

ثم تولاه القاضي زاده الرومي فتوفى قبل إتمامه.
وأكمله المولى علي القوشجي، فكتبوا ما حصل لهم من الرصد، وهو
المشهور بالزيج الجديد الألغ بيك، وهو أحسن الزيجات وأقربها من الصحة،
ولما مات الغ بيك رحل القوشجي إلى تبريز، فأرسله السلطان حسن الطويل إلى
السلطان محمد خان العثماني ليصالح بينهما، فأكرمه السلطان محمد خان وسأله ان
يسكنه في ظل حمايته ثم أعطاه مدرسة أياصوفيا، وعين له كل يوم مائتي درهم،
وعين لكل من أولاده وتوابعه منصبا.
وله من التصانيف: شرحه للتجريد المشهور بالشرح الجديد، والرسالة
المحمدية في علم الحساب سماها باسم السلطان محمد خان، والرسالة الفتحية في علم
الهيئة، سماها بذلك لمصادفتها فتح السلطان محمد خان عراق العجم، وله حاشية
على أوائل شرح الكشاف للتفتازاني إلى غير ذلك.
وقد جمع عشرين متنا في مجلدة واحدة، كل متن من علم وسماه محبوب
الحمائل، وكان بعض غلمانه يحمله ولا يفارقه ابدا، وكان ينظر فيه كل وقت
وشرحه للتجريد شرح لطيف في غاية اللطافة.
قال في محكي أواخر مبحث الإمامة منه: ان عمر قال وهو على المنبر: أيها
الناس ثلاث كن على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وأنا أنهى عنهن وأحرمهن وأعاقب
عليهن: متعة النساء ومتعة الحج وحي على خير العمل، ثم اعتذر عنه بأن هذا
إنما كان منه عن تأول واجتهاد.
وعن العلامة الحلبي قال في باب (بدء الاذان) ص 110 من الجزء الثاني من
سيرته ان ابن عمر (رض) والإمام زين العابدين علي بن الحسين " ع " كانا يقولان
في الاذان بعد حي علي الفلاح حي على خير العمل.
ونقل العلامة والشهيد الثاني رحمهما الله عن صحيح الترمذي ان
رجلا من أهل الشام سأل ابن عمر عن متعة النساء فقال: هي حلال، فقال إن
95

أباك قد نهى عنها، فقال ابن عمر: أرأيت ان كان أبي نهى عنها وصنعها
رسول الله صلى الله عليه وآله، أنترك السنة ونتبع قول أبي.
(أقول): قد تقدم ما يتعلق بذلك في الفيومي.
توفى القوشجي بمدينة قسطنطينية سنة 879 (ضعط) ودفن بجوار
أبى أيوب " رحمه الله "
. (القونوي)
أبو المعالي صدر الدين محمد بن إسحاق الشافعي، صاحب التصانيف
في التصوف.
تزوج بأمة الشيخ محيي الدين بن العربي ورباه واهتم به، وجمع بين
العلوم الشرعية وعلوم التصوف، فصار مجمعا للبحرين، يقصده الأفاضل من
الآفاق، منهم العلامة قطب الدين الشيرازي، أتاه وهو بقونية وقرأ عنده، وله
مكاتبات ومراسلات مع الخواجة نصير الدين الطوسي.
ومن مصنفاته: تفسير الفاتحة وشرح الأحاديث الأربعينية، كتاب
الفكوك إلى غير ذلك، توفى سنة 673 (خعج)
(والقونوي) نسبة إلى قونية بالضم وكسر النون وتخفيف الياء بلد بالروم
جليل بين الشام وقسطنطينية.
ويسب إليها أيضا أبو الفداء إسماعيل بن محمد بن مصطفى القونوي الحنفي
صاحب الحاشية على تفسير البيضاوي المتوفى سنة 1190 (غقصه).
(القهبائي)
المولى الفاضل زكى الدين عناية الله بن شرف الدين علي القهبائي
الأصبهاني الرجالي (ضا) الملقب بالزكي النجفي، لكون أصله ومحتده ومحل
تحصيله النجف الأشرف.
96

وهو صاحب كتاب مجمع الرجال الذي هو من معاريف كتب هذا المجال
وكتاب ترتيب اختيار رجال الكشي، وكتاب ترتيب رجال النجاشي
والحواشي الكثيرة عليه وغير ذلك.
وكان عالما محققا، من تلامذة المحقق الأردبيلي وشيخنا البهائي والمولى
عبد الله التستري عليهم الرحمة، كما يستفاد من مطاوي كتاب رجاله المشهور
ومعاصرا للسيد الأمير مصطفى التفريشي.
(والقهبائي): بضم القاف نسبة إلى قهباية، معرب كوه پايه،
أي الواقعة على سفح الجبل مثل قهستان الذي هو معرب كوهستان، والعامة
يسمونها الآن كوپا، وهي القصبة الواقعة على رأس مرحلتين من شرقي
بلدة أصبهان.
وممن ينسب إلى هذه القصبة السيد الفاضل المحدث الماهر الأمير السيد قاسم
ابن الأمير السيد محمد الحسني الحسيني الطباطبائي الذي يروي عنه العلامة المجلسي (ره)
إنتهى (ضا) ملخصا.
(القيراطي)
برهان الدين أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الله بن عسكر الطائي، الأديب
الماهر الشاعر.
سلك طريق الشيخ جمال الدين بن نباتة، وتلمذ له، وكان له اختصاص
بالسبكي وأولاده، وله منهم مدائح ومراثي وبينهم مراسلات، له ديوان، جاور
بمكة ومات بها سنة 781.
(القيرواني)
أبو الحسن علي بن عبد الغني المقري الضرير الحصري الشاعر المشهور،
كان عالما بالقراءات وطرقها.
97

وله قصيدة نظمها في قراءات نافع عدد أبياتها 209 أبيات، توفى
سنة 488 (تفح).
(وقد يطلق) على أبى الحسن بن رشيق (كشريف) أحد الأفاضل البلغاء
له التصانيف المليحة والنظم الجيد.
له كتاب في شعراء عصره، والظاهرة هو العمدة الذي نقل عن ابن خلدون
انه قال: لم يؤلف مثله قبله ولا بعده، وكانت بينه وبين أبى عبد الله محمد بن أحمد
المعروف بابن شرف الأدب القيرواني مناقصات ومحاقدات، وصنف في الرد عليه عدة
تصانيف، توفى سنة 456 أو سنة 463.
(والقيرواني) بفتح القاف وسكون الياء المثناة من تحتها وفتح الراء
المهملة نسبة إلى القيروان مدينة بإفريقية بناها عقبة بن عامر الصحابي، والقيروان
معرب كاروان أي القافلة، يقال: ان قافلة نزلت بذلك المكان ثم بنيت المدينة
في موضعها فسميت باسمها.
وإفريقية سميت باسم إفريقين بن قيس بن صيقي الحميري، وهو الذي افتتح
إفريقية وسميت به وقتل ملكها جرجير، ويومئذ سميت البربر.
(القيصري)
داود بن محمود بن محمد الرومي الساوي محتدا نزيل مصر، شارح الفصوص
لابن العربي المعروف بشرح فصوص الحكم القيصري، توفي سنة 751.
(كاتب جلبي)
العالم المتتبع الخبير مصطفى بن عبد الله الشهير بحاجي خليفة، أبوه
من رجال الجند.
ولد في قسطنطينية سنة 1004، (غد)، ولما ترعرع استخدم كاتبا في
نظارة الجيش بالأناضول وانتقل إلى بغداد وارتقى في المناصب حتى صار من
رؤساء الكتاب.
98

وكان علما أديبا، وله همة عالية في التآليف، له مؤلفات أشهرها كشف
الظنون عن أسامي الكتب والفنون قيل إن فيه 14500 أسم كتاب، توفى
بقسطنطينية سنة 1068 (غسح).
(الكاتب الرومي)
القائد أبو الحسن جوهر بن عبد الله مولى المعز لدين الله، أحد الخلفاء
الفاطميين بمصر، وقد تقدم ذكره في العبيدية.
(كاتب الواقدي)
أبو عبد الله محمد بن سعد بن منيع، قال الخطيب في تاريخ بغداد كان
من أهل الفضل والعلم.
صنف كتابا كبيرا في طبقات الصحابة والتابعين والخالفين إلى وقته
فأجاد فيه وأحسن.
روي عن الحسين بن فهم قال: كنت عند مصعب الزبيري فمر بنا يحيى
ابن معين فقال له مصعب: يا أبا زكريا حدثنا محمد بن سعد الكاتب بكذا وكذا
وذكر حديثا، فقال له يحيى كذب.
قال الخطيب قلت: ومحمد بن سعد عندنا من أهل العدالة وحديثه يدل
على صدقه فإنه يتحرى في كثير من رواياته، ولعل مصعبا الزبيري ذكر ليحيى
عنه حديثا من المناكير التي يرويها الواقدي فنسبه إلى الكذب.
ثم روى عن إبراهيم الحربي قال: كان أحمد بن حنبل يوجه في كل جمعة
بحنبل بن إسحاق إلى ابن سعد يأخذ منه جزئين من حديث الواقدي ينظر
فيهما إلى الجمعة الأخرى، ثم يردهما ويأخذ غيرهما، قال إبراهيم: ولو ذهب
سمعهما كان خيرا له.
99

توفى ببغداد 4 ج 2 سنة 230، ودفن في مقبرة باب الشام وهو
ابن 62 سنة.
وكان كثير العلم، كثير الحديث والرواية، وكثير الطلب، وكثير
الكتب، كتب الحديث وغيره من كتب الغريب والفقه إنتهى.
أقول: تقدم ذكره في ابن سعد.
(الكاتبي)
نجم الدين أبو الحسين علي بن عمر الشافعي القزويني، كان اعلم أهل عصره
بالمنطق والهندسة وآلات الرصد، وكان من تلامذة المحقق الخواجة
نصير الدين الطوسي.
له مصنفات منها: حكمة العين، والشمسية، وهي التي شرحها القطب
الرازي، والتفتازاني.
وممن تلمذ عليه آية الله العلامة الحلي عطر الله مرقده، قال في اجازته المعروفة
لبني زهرة في وصف الكاتبي: كان من فضلاء العصر وأعلمهم بالمنطق، وله تصانيف
كثيرة قرأت عليه شرح الكشف إلا ما شذ، وله خلق حسن ومناظرات جيدة،
وكان من أفضل علماء الشافعية عارفا بالحكمة، إنتهى، توفى سنة 675
خمس وسبعين وستمائة.
وأما ما ذكره الجلبي في كشف الظنون في باب الشين في ذيل الشمسية تاريخ
وفاته سنة 493 ثلاث وتسعين وأربعمائة فاشتباه منه قطعا.
(وقد يطلق الكاتبي) على محمد بن عبد الله الترشيزي النيشابوري شاعر
مشهور أورده القاضي نور الله في المجالس في شعراء الشيعة وذكر بعض قصائده
في مدح أمير المؤمنين عليه السلام منها قوله:
100

أي دل سخن زدست ودل بوتراب كن
آباد ساز كعبه وخيبر خراب كن
خاك عدو بباد ده از كرد دلدلش
واز ذكر تبغ أو جگر خصم آب كن
باهر كه آنجناب انس گرفت انس گير
واز هر كه اجتناب نمود اجتناب كن
تسبيح خارجي كه نه درذكر حيدراست
درگردن سكان جهنم طناب كن
توفي في استراباد في سنة 889.
(كاشف الغطاء)
هو الشيخ الأكبر جعفر بن الشيخ خضر الجناجي النجفي، علم الاعلام
وسيف الاسلام، شيخ الفقهاء، صاحب كشف الغطاء.
قال شيخنا في المستدرك في وصفه: هو من آيات الله العجيبة التي تقصر
عن دركها العقول، وعن وصفها الألسن، فان نظرت إلى علمه فكتابه كشف
الغطاء الذي ألفه في سفره ينبئك عن أمر عظيم، ومقام علي في مراتب العلوم،
الدينية أصولا وفروغا.
وكان الشيخ الأعظم الأنصاري (ره) يقول ما معناه: من أتقن القواعد
الأصولية التي أودعها الشيخ في كشفه فهو عندي مجتهدي، وإن تأملت في
مواظبته للسنن والآداب وعباداته ومناجاته في الأسحار ومخاطبته نفسه بقوله:
كنت جعيفرا ثم صرت جعفرا ثم الشيخ جعفر ثم الشيخ العراق ثم رئيس الاسلام
وبكائه وتذلله لرأيته من الذين وصفهم أمير المؤمنين عليه السلام من أصحابه للأحنف
ابن قيس، وإن تفكرت في بذله الجاه العظيم الذي أعطاه الله تعالى من بين
101

أقرانه والمهابة والمقبولية عند الناس على طبقاتهم من الملوك والتجار والسوقة
للفقراء والضعفاء من المؤمنين، وحضه على طعام المسكين لرأيت شيئا عجيبا،
وقد نقل عنه في ذلك مقامات وحكايات لو جمعت لكانت رسالة طريفة نافعة،
(ومن طريف) ما سمعناه ونتبرك به في هذه الأوراق ما حدثني به الثقة العدل
الصفي السيد مرتضي النجفي، وكان ممن أدركه في أوائل عمره قال: أبطأ الشيخ
في بعض الأيام عن صلاة الظهر وكان الناس مجتمعين في المسجد ينتظرونه، فلما
استيأسوا منه قاموا إلى صلاتهم فرادى وإذ الشيخ قد دخل في المسجد فرآهم
يصلون فرادى فجعل يوبخهم وينكر عليهم ذلك ويقول: أما فيكم من تثقون به
وتصلون خلفه، ووقع نظره من بينهم إلى رجل تاجر صالح معروف عنده بالوثاقة
والديانة يصلى في جنب سارية من سواري المسجد، فقام الشيخ خلفه واقتدى
به، ولما رأوا الناس ذلك اصطفوا خلفه وانعقدت الصفوف وراءه فلما أحس
التاجر بذلك اضطرب واستحيى ولا يقدر على قطع الصلاة ولا يتمكن من إتمامها
كيف وقد قامت صفوف خلفه تغتبط منها الفحول من العلماء فضلا عن العوام،
ولم يكن له عهد بالإمامة سيما التقدم على مثل هؤلاء المأمومين، ولما لم يكن له بد
من الاتمام أتمها والعرق يسيل من جوانبه حياء، ولما سلم قام فأخذ الشيخ بعضده
وأجلسه، قال: يا شيخ قتلتني بهذا الاقتداء مالي ولمقام الإمامة، فقال الشيخ
لا بدلك من أن تصلي بنا العصر، فجعل يتضرع ويقول: تريد تقتلني لا قوة لي
على ذلك وأمثال ذلك من الكلام، فقال الشيخ: إما ان تصلي أو تعطيني مائتي
شامي أو أزيد والترديد منى، قال: بل أعطيك ولا أصلي، فقال الشيخ:
لابد من إحضارها قبل الصلاة فبعث من أحضرها ففرقها على الفقراء ثم قام إلى
المحراب وصلى بهم العصر.
وكم له (ره) من أمثال هذه القضية جزاه الله تعالى عن الاسلام والمسلمين خير جزاء المحسنين إنتهى.
102

كان غالب تلمذه على الشيخ محمد مهدي الفتوني العاملي، والسيد صادق
الفحام، والشيخ محمد تقي الدورقي، والأستاذ الأكبر والعلامة بحر العلوم
رضوان الله عليهم أجمعين.
(ويروي عنه) غالب فقهاء عصره مثل حجة الاسلام الشفتي والمحقق الكرباسي
وشيخ فقهاء الاسلام صاحب جواهر الكلام وصهريه الجليلين الفاضلين السيد
صدر الدين العاملي الشيخ محمد تقي الرازي الأصبهاني.
(وأبناؤه) الأجلة الكرام مشايخ الاسلام والفقهاء الاعلام:
(1) الفقيه الأكبر موسى بن جعفر الذي قيل في حقه كان خلاقا للفقه،
بصيرا بقوانينه لم تبصر بنظيره الأيام، وكان أبوه يقدمه في الفقه على من عد
المحقق الشهيد رضوان الله عليهم.
(2) والشيخ الأجل المسلم فقهه الشيخ علي صاحب كتاب الخيارات.
(3) والشيخ حسن الذي انتهت إليه وإلى سميه رئاسة الفقهاء في زمانه،
وللشيخ الأكبر غير كشف الغطاء كتاب كبير في الطهارة، ورسالة في الطهارة
والصلاة سماها بغية الطالب، ورسالة له في مناسك الحج، والعقائد الجعفرية،
والحق المبين في الرد على الأخباريين.
وله شرح على بعض أبواب المكاسب من قواعد العلامة إلى غير ذلك،
توفى (ره) في شهر رجب سنة 1128 (غركح)، وقبره في النجف الأشرف
مزار مشهور، ومعه صهره العالم الفاضل الجليل، والفقيه النبيه النبيل المحقق
المدقق الشيخ أسد الله بن الحاج إسماعيل الكاظمي، صاحب المقاييس،
المتوفى سنة 1220.
(أقول): ويناسب هنا الإشارة إلى ترجمة سمي كاشف الغطاء مروج المذهب
الجعفري (الحاج مولى جعفر بن المولى سيف الدين الاسترآبادي نزيل طهران).
كان (قدس سره) من أكابر الفقهاء والمجتهدين، شديد الورع والاحتياط
103

في الدين، له كتب كثيرة ومصنفات شهيرة، منها أنيس الواعظين في المواعظ
القرآنية، وأنيس الزاهدين في التعقيبات وغيرها، ومدائن العلوم، ومائدة
الزائرين، وتحفة العراق، والمصابيح، وينابيع الحكمة، والفقه
المحمدي، ونجم الهداية، وإيقاظ النائمين إلى غير ذلك مما لا مجال لذكرها،
ذكر ذلك (ضا). ثم قال: ومن جملة ما ينسب إليه من الشعر بالفارسية قوله في مقام الافتخار
بمرتبته في الأصول:
تخم أصول فقه در أيام اندراس * آقاى بهبهاني از آن گشت با أساس
دروقب آب سيد دامادش آب داد
والى نمود خرمنش أي خوشه جين بداس
وفيه أيضا من الدولة على كونه صاحب الطبع الموزون ومتخلصا بالوالي
وكان (ره) من كبار تلامذة صاحب الرياض ومن في طبقته، وجاور ارض الحائر
الطاهر أيضا سنين عديدة إلى زمن محاصرة داود پاشا، وخراب الحائر المقدس
بهذا الواسطة، فانتقل منها إلى طهران الري، فكان بها قريبا من عشرين سنة
مشتغلا بالإمامة والتدريس والقضاء والفتيا إلى تولى توفى بها في ليلة الجمعة العاشر من
صفر سنة 1263 (غرسج).
ثم حمل نعشه الشريف إلى النجف الأشرف ودفن في الإيوان المطهر عند
مرقد العلامة أعلى الله مقامه.
ثم قال (ضا): وهو غير الفاضل الفقيه النبيه المعاصر مولانا الحاج محمد
جعفر بن محمد صفي الآبادي الفارسي المفتي بأصبهان صاحب تلخيص كتاب
تحفة الأبرار لسمينا الموسوي صاحب المطالع برسالة سماها الوجيزة وغير
ذلك من المصنفات الكثيرة في الفقه والأصول أدام الله تعالى ظلاله وكثر بين
السلسلة أمثاله إنتهى.
104

(الكاشفي)
العالم الفاضل المولى حسين بن علي البيهقي السبزواري، واعظ جامع للعلوم
الدينية، مفسر محدث متبحر خبير.
كان زوج أخت المولى عبد الرحمن الجامي، له مصنفات كثيرة، منها:
جواهر التفسير ومختصره، وأنوار السهيلي في تهذيب كليلة ودمنة، ألفه باسم
الأمير احمد الشهير بالسهيلي، وأخلاق محسني فارسي كتبه باسم الشاه سلطان حسين
ميرزا ابن بايقرا وولده محسن ميرزا، وقال في تاريخه:
أخلاق محسني بتمامي توشته شد
تاريخ هم نويس (زأخلاق محسني) 7، 9
وروضة الشهداء وغير ذلك، ومن اشعاره قصيدة في مناقب أمير المؤمنين
عليه السلام منها هذان البيتان:
ذريتي سؤال خليل خدا بخوان * وازلاينال عهد جوابش بكن ادا
گرددتورا أعيان كه إمامت نه لايق است
آنرا كه بوده بيشتر عمر درخطا
وهذا يدل على تشيعه، توفى بهراة في حدود سنة 910 (شيخ).
(الكافيجي)
محيي الدين أبو عبد الله محمد بن سلمان بن سعد بن مسعود الرومي الحنفي
كان إماما في العلوم العقلية والنقلية، تولد سنة 788 واشتغل بالعلم أول ما بلغ
ورحل إلى بلاد العجم وتبريز، ولقي العلماء الاجلاء وأخذ عن شمس الدين
الفناري وغيرة، وأخذ عنه الفضلاء والأعيان، ومنه السيوطي، وكان حسن
الاعتقاد في الصوفية، محبا لأهل الحديث، واسمع العلم.
105

قال السيوطي على ما حكي عنه: لا زمته أربع عشرة سنة فما جئته من
مرة إلا وسمعت من التحقيقات والعجائب ما لم أسمعه قبل ذلك، له مؤلفات أكثرها
مختصرات، توفي سنة 879.
والكافيجي: مخفف الكافية جي، لقب به لكثرة اشتغاله بكتاب
الكافية في النحو.
(الكافي الأوحد)
أبو العباس أحمد بن إبراهيم الضبي الوزير بعد الصاحب بن عباد
لفخر الدولة الديلمي.
ذكره الثعالبي فقال على ما يحكى عنه: هو جذوة من نار الصاحب ونهر
من بحره، وخليفته النائب منابه في حياته، القائم مقامه بعد وفاته.
وكان الصاحب استصحبه منذ الصبا، واجتمع له فيه الرأي والهوى واصطنعه
لنفسه، وأدبه بآدابه، وقدمه بفضل الاختصاص على سائر صنائعه وندمائه وخرج
به صدرا يملأ الصدور كمالا، ويجري في طريقه ترسما، وفي ذرى المعالي ترقلا،
ويحقق قول أبى محمد الخازن فيه من قصيدة:
تزهي بأترابها كما زهيت * ضبة بالماجد ابن ماجدها
سماؤها شمسها غمامتها * هلالها بدرها عطاردها
يروى كتاب الفخار أجمع عن * كافي كفاة الورى وواحدها
إنتهى
وله اشعار كثيرة منها قوله في أمير المؤمنين (ع):
لعلي الطهر الشهير * مجد أناف على ثبير
صنو النبي محمد * ووزيره يوم الغدير
وجليل فاطمة ووالد
د شبر وشبير
106

وله أيضا: حب النبي احمد * والآل فيه متجري
أحنو عليهم ماحنا * على حياتي عمري
إلى قوله:
لعائن الله على * من ضل فيهم أثري
إلى غير ذلك، توفى ببروجرد سنة 399، ودفن في مشهد الحسين
ابن علي عليه السلام حسب وصيته، ورثاه مهيار الديلمي بقصيدة، وعزى
ابنه سعدا يقول فيها:
لم سد باب الملك وهو مواكب * وخلت مجالسه وهن محافل
المجد في جدث ثوى أم كوكب الدنيا هوى أم ركن ضبة مائل
أبكيك لي ولمرملين بنوهم * الأيتام بعدك والنساء أرامل
القصيدة.
(كافي الكفاة)
انظر الصاحب بن عباد.
(الكتكاني)
السيد هاشم بن سليمان بن إسماعيل بن عبد الجواد الحسيني التوبلي البحراني
عالم فاضل مدقق فقيه، عارف بالتفسير والعربية والرجال، كان محدثا متتبعا للاخبار
بما لم يسبق إليه سابق سوى العلامة المجلسي، وقد صنف كتبا كثيرة تشهد
بشدة تتبعه واطلاعه.
قال (ضا): اني لم اقف له على كتاب فتاوى الأحكام الشرعية بالكلية
ولو في مسألة جزئية، وإنما كتبه مجرد جمع وتأليف، ولم يتكلم في شئ منها
مما وقفت عليه على ترجيح في الأقوال أو بحث أو اختيار مذهب.
107

ولا أدري ان ذلك لقصور درجته عن مرتبة النظر والاستدلال،
أم تورعا من ذلك، كما نقل عن السيد رضي الدين بن طاوس، كان (ره) من
الأتقياء المتورعين شديدا على الملوك والسلاطين، له كتاب البرهان في تفسير القرآن
في مجلدات، ومعالم الزلفى، ومدينة المعجاز، وسلاسل الحديد، وغاية المرام،
إلى غير ذلك من الكتب المعروفة.
توفى في السنة السابعة بعد المائة والألف، ودفن بتوبلي، والكتكاني
نسبة إلى كتكان بفتح الكافين والتاء المثناة من فوقها: قرية من قرى توبلي
بالمثناة الفوقانية ثم الواو الساكنة ثم الباء الموحدة ثم اللام والياء أخيرا: أحد
اعمال البحرين، إنتهى (ضا) ملخصا.
(الكرابيسي)
أبو على الحسين علي يزيد البغدادي صاحب الإمام الشافعي وأشهرهم
بانتياب مجلسه، وأحفظهم لمذهبه، صاحب المصنفات في الفقه والأصول، توفى
سنة 245، أو 248.
والكرابيسي نسبة إلى كرابيس وهي الثياب الغليظة، واحدها كرباس بكسر
الكاف وهو لفظ فارسي عرب، ولعل الكرابيسي كان يبيعها فنسب إليها.
قال ابن النديم: انه كان من المجبرة، وعارفا بالحديث والفقه، وله من
الكتب كتاب المدلسين في الحديث كتاب الإمامة، وفيه غمز على علي (ع)
ومن غلمانه فستقه واسمه محمد بن علي وابن ماحية وشمخصه، ولفستقه كتاب
غريب الحديث، وتصحيح الآثار لم يتمه كبير.
(الكراجكي)
أبو الفتح محمد بن علي بن عثمان الكراجكي، شيخ فقيه جليل الذي يعبر
عنه الشهيد كثيرا ما في كتبه بالعلامة مع تعبيره عن العلامة الحلي بالفاضل وفي
108

المنتجب: فقيه الأصحاب، وفي (مل): عالم فاضل متكلم فقيه محدث ثقة جليل
القدر، ثم ذكر بعض مؤلفاته.
وذكره شيخنا في المستدرك وذكر مؤلفاته، ثم ذكر مشايخه منهم
الشيخ المفيد والسيد المرتضى وسلار بن عبد العزيز الديلمي والحسين بن عبيد الله
الواسطي وأبى الحسن بن شاذان القمي الذي تقدم ذكره في ابن شاذان.
قال العلامة المجلسي (ره): وأما الكراجكي فهو من أجلة العلماء والفقهاء
والمتكلمين، وأسند إليه جميع أرباب الإجازات، وكتابه كنز الفوائد
من الكتب المشهورة التي اخذ عنه جل من أتى بعده، وسائر كتبه في
غاية المتانة، " إنتهى ".
توفى كما عن تاريخ اليافعي سنة 449، والكراجكي بالكاف المفتوحة والراء
المهملة والألف والجيم المضمومة والكاف والياء نسبة إلى كراجك قرية على باب
واسط، كذا عن المراصد.
(الكرباسي)
الشيخ الأجل الأفقه الأورع الحاج المولى محمد إبراهيم بن محمد حسن
الكراجكي الأصبهاني المعروف بالكلباسي مصدر العلم والحكم والآثار، مركز
دائرة الفضلاء الأخيار، ركن الشيعة وشيخنا الجليل المنزلة والمقدار، صاحب
كتاب المنهاج والنخبة والإشارات.
تلمذ على العلامة الطباطبائي بحر العلوم، والشيخ الأكبر، وصاحب
الرياض وغيرهم رضوان الله عليهم، بل أدرك مجلس الأستاذ الأكبر المحقق البهبهاني
توفي سنة 1262 (غرسب) وقبره بأصبهان جنب مسجد الحكيم مزار معروف،
وابنه العالم الورع أبو المعالي تقدم ذكره.
109

(الكرخي)
بفتح أوله وسكون ثانيه أبو محفوظ معروف بن فيروز العارف المعروف
الذي كان للصوفية والعرفاء فيه اعتقاد عظيم، يذكرون له كرامات ويقولون انه
كان أبواه نصرانيين فأسلماه إلى مؤدبهم وهو صبي، وكان المؤدب يقول: قل
ثالث ثلاثة فيقول: معروف بل هو الواحد فيضربه المعلم على ذلك ضربا مبرحا
فهرب منه ثم أسلم على يد الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام وببركته أسلم أبواه
قال ابن خلكان: انه كان مشهورا بإجابة وأهل بغداد يستسقون بقبره
ويقولون قبر معروف ترياق مجرب.
وكان سري السقطي تلميذه، وقال له يوما: إذا كانت لك حاجة إلى الله
تعالى فاقسم عليه بي.
وقال سري السقطي: رأيت معروفا الكرخي في النوم كأنه تحت العرش
والباري جلت قدرته يقول لملائكته: من هذا؟ وهم يقولون أنت تعلم (اعلم ظ)
يا ربنا منا فقال: هذا معروف الكرخي سكر من حبي فلا يفيق إلا بلقائي، ثم
ذكر نبذا من سيرته إلى أن قال: وقيل لمعروف في مرض موته أوصى، فقال
إذا مت فتصدقوا بقميصي فاني أريد ان اخرج من الدنيا عريانا كما دخلتها عريانا،
ومر معروف بسقاء وهو يقول: رحم الله من يشرب، فتقدم وشرب وكان
صائما، فقيل له: ألم تك صائما؟ فقال: بلى ولكن رجوت دعاءه، وأخبار
معروف ومحاسنه أكثر من أن تعد، وتوفي سنة 200، وقيل 201، وقيل 204
ببغداد، وقبره مشهور بها يزار، إنتهى ما نقلناه من ابن خلكان.
قال ابن النديم في الفهرست في ذكر اخبار السياح والزهاد والعباد المتصوفة
قرأت بخط أبى محمد جعفر الخلدي، وكان رئيسا من رؤساء المتصوفة ورعا
زاهدا، وسمعته يقول ما قرأته بخطه: اخذت عن أبي القسم الجنيد بن محمد
110

وقال لي: اخذت عن أبي الحسن السري بن المفلس السقطي، وقال: اخذ السري
عن معروف الكرخي، وأخذ معروف الكرخي عن فرقد السنجي، وأخذ
الفرقد عن الحسن البصري، وأخذ الحسن عن انس بن مالك، ولقي الحسن
سبعين من البدريين إنتهى.
ولا يخفى عليك ان معروفا الكرخي المذكور غير معروف بن خربوذ
المكي الذي كان ممن أجمعت العصابة على تصديقهم وانقادوا لهم بالفقه (وهو
الذي ما بيننا معروف).
وكان معروفا بين العامة والخاصة، يروي عن بشير بن تيم الصحابي فراجع
أسد الغابة فإذا يعد من التابعين، روى عن الفضل بن شاذان قال: دخلت على
محمد بن أبي عمير وهو ساجد فأطال السجود، فلما رفع رأسه ذكر له الفضل
طول سجوده فقال: كيف لو رأيت جميل بن دراج ثم حدثه انه دخل على جميل
ابن دراج فوجده ساجدا فأطال السجود فلما رفع رأسه قال له محمد بن أبي عمير
أطلت السجود فقال له: لو رأيت معروف بن خربوذ.
خربوذ: بفتح الخاء وتشديد الراء وضم الموحدة، وآخره ذال معجمة،
والكرخي: نسبة إلى الكرخ اسم محل ببغداد.
قال الخطيب في أحوال أحمد بن عبد الله أبى العباس انه كان شديدا في
السنة، وسمعت من يذكر عنه انه اجتاز يوما في سوق الكرخ فسمع سب بعض
الصحابة فجعل على نفسه ان لا يمشي قط في الكرخ.
وكان يسكن باب الشام فلم يعبر قنطرة الفرات حتى مات، واليه انتسب
أيضا أبو الحسن عبيد الله بن الحسن الكرخي، الفقيه العراقي ممن يشار إليه ويؤخذ عنه، توفى سنة 340 (شم).
111

(الكركي) انظر المحقق الكركي.
(الكرماني)
شمس الدين محمد بن يوسف بن علي الكرماني البغدادي، عالم فاضل
مفسر محدث، شرح صحيح البخاري، والمواقف، ومختصر الحاجبي وغيره
توفى سنة 786 (ذفو).
والكرماني نسبة كرمان بالفتح ثم السكون، وآخره نون وربما كسرت
والفتح أشهر بالصحة وهي ولاية مشهورة وناحية كبيرة معمورة ذات بلاد وقرى
ومدن واسعة بين فارس ومكران وسجستان.
وخراسان: تشبه البصرة في كثرة التمور وجودتها، وسعة الخيرات،
كذا قال الحموي.
(الكسائي)
أبو الحسن علي بن حمزة الكوفي البغدادي الشيعي المقري النحوي اللغوي
أحد القراء السبعة، مؤدب محمد الأمين بن هارون الرشيد.
قال العلامة الطباطبائي بحر العلوم رحمه الله: انه اخذ القراءة عن حمزة بن
حبيب الزيات، وجاء إليه وهو ملتف بكساء، فقال حمزة: من يقرأ؟ فقيل
الكسائي فبقي علما له، وقيل: بل أحرم في كساء فنسب إليه إنتهى.
وقال ابن النديم: انه قرأ على عبد الرحمن بن أبي ليلى وحمزة بن حبيب
فما خالف فيه الكسائي حمزة فهو بقراءة ابن أبي ليلى، وكان ابن أبي ليلى يقرأ بحرف علي عليه السلام.
وكان الكسائي من قراء مدينة السلام، وكان أولا يقرئ الناس بقراءة
حمزة ثم اختار لنفسه قراءة فاقرأ بها الناس في خلافة هارون.
112

وقال أيضا: قرأت بخط أبى الطيب قال: أشرف الرشيد على الكسائي
وهو لا يراه فقام الكسائي ليلبس نعله لحاجة يريدها فابتدرها الأمين والمأمون
فوضعاها بين يديه فقبل رؤسهما وأيديهما ثم أقسم عليها ألا يعاودا، فلما
جلس الرشيد مجلسه قال: أي الناس أكرم خادما؟ قالوا أمير المؤمنين أعزه الله،
قال: بل الكسائي يخدمه الأمين والمأمون وحدثهم الحديث إنتهى.
حكي ان الرشيد سافر إلى طوس في سنة 189 وكان معه الكسائي ومحمد
ابن الحسن الشيباني الفقيه الحنفي، فاتفق انهما ماتا بالري، فقال هارون:
دفنا الفقه والعربية بالري.
وفي فهرست ابن النديم: ان الكسائي مات سنة 179 في رنبويه،
قرية من اعمال الري.
وقد يطلق الكسائي على أبى الحسن مجد الدين الكسائي الشاعر من أهل
مرو من أكابر شعراء عصر الساميان.
كان مولده سنة 341، وأما سنة وفاته فلم اعلم، إلا أنه كان حيا
سنة 391، وكان معاصرا للعتبي الوزير، ومدحه بقصائد كثيرة، ووصله العتبي
بأموال كثيرة، قال السوزني في ذلك:
كرد عتبى باكسائي همچنين كردار خوب
ماند عتبي ازكسائي تاقيامت زنده نام
وكان الكسائي يتشيع، ومن شعره في مدح أمير المؤمنين (ع):
مدحت كن وبسناي كسي راكه بيمبر
بستود وثنا كرد وبدوداد همه كار
آن كيست بدين حال وكه بوده است وكه باشد
جز شير خداوند جهان حيدر كرار
113

(الكسعي)
غامد بن الحرث الكسعي، نسبة إلى كسع، كصرد حي باليمن أو من
بني ثعلبة بن سعد بن قيس عيلان، يضرب به المثل في الندامة، كان اتخذ
قوسا وخمسة أسهم، وكمن قي قترة فمر قطيع فرمى عيرا فأخطأه السهم وصدم
الجبل فأورى نارا فظن أنه قد أخطأ، فرمى ثانيا وثالثا إلى آخرها وهو يظن
خطأه، فعمد إلى قوسه فكسرها ثم بات فلما أصبح نظر فإذا الحمر مطرحة مصرعة
وأسهمه بالدم مضرجة فندم فقطع إبهامه وأنشد:
ندمت ندامة لوان نفسي * تطاوعني إذا لقطعت خمسي
تبين لي سفاه الرأي مني * لعمر أبيك حين كسرت قوسي
(كشاجم)
محمود بن الحسين بن السندي بن الشاهك، ذكره ابن شهرآشوب
في شعراء أهل البيت عليهم السلام المجاهرين، وله قصائد في مدح آل محمد
عليهم السلام.
ويقال له كشاجم، لأنه كان كاتبا شاعرا أديبا جامعا منجما فأخذ من
كل صفة حرف أولها فصارت كشاجم.
قال المسعودي في مروج الذهب: أخبرني أبو الفتح محمد بن الحسن بن
السندي بن الشاهك الكاتب المعروف بكشاجم، وكان من أهل العلم
والرواية والمعرفة والأدب، انه كتب إلى صديق له يذم النرد، وكان
مشتهرا أبياتا الخ.
أقول: كانت عمة والد كشاجم أخت السندي من المحبين لأهل البيت
عليهم السلام، وكانت تلي خدمة موسي بن جعفر عليه السلام لما كان
في محبس السندي.
114

قال الخطيب في تاريخ بغداد: أخبرنا الحسن بن أبي بكر أخبرنا الحسن
ابن محمد العلوي حدثني جدي حدثني عمار بن أبان قال: حبس أبو الحسن موسى
ابن جعفر عليه السلام عند السندي فسألته أخته ان تتولى حبسه، وكانت
تتدين ففعل فكانت في خدمته.
فحكي لنا انها قالت: كان إذا صلى العتمة حمد الله ومجده ودعاه فلم يزل
كذلك حتى يزول الليل فإذا زال الليل قال يصلى حتى يصلى الصبح، ثم يذكر
قليلا حتى تطلع الشمس، ثم يقعد إلى ارتفاع الضحى ثم يتهيأ ويستاك ويأكل
ثم يرقد إلى قبل الزوال ثم يتوضأ ويصلي حتى يصلي العصر ثم يذكر في القبلة حتى يصلي المغرب، ثم يصلي ما بين المغرب والعتمة، فكان هذا دأبه، فكانت
أخت السندي إذا نظرت إليه، قالت: خاب قوم تعرضوا لهذا الرجل، وكان
عبدا صالحا إنتهى.
قال ابن شهرآشوب في المناقب: ولما مات موسى بن جعفر أخرجه السندي
ووضعه على الجسر ببغداد ونودي: هذا موسي بن جعفر الذي تزعم الرافضة
ان لا يموت فانظروا إليه، وإنما قال ذلك لاعتقاد الواقفة انه القائم وجعلوا حبسه
غيبة القائم فنفر بالسندي فرسه نفرة وألقاه في الماء فغرق فيه وفرق الله جموع
يحيى بن خالد إنتهى.
(الكشي)
هو الشيخ الجليل المتقدم أبو عمر ومحمد بن عمر بن عبد العزيز الكشي، قال
الشيخ الطوسي: انه ثقة بصير بالاخبار والرجال، حسن الاعتقاد.
وله كتاب الرجال أخبرنا جماعة عن أبي محمد هارون بن موسى عنه إنتهى
(جش): كان ثقة عينا روى عن الضعفاء كثيرا، وصحب العياشي وأخذ عنه
وتخرج عليه في داره التي كانت مرتعا للشيعة وأهل العلم، له كتاب الرجال
115

كثير العلم إلا ان فيه أغلاطا كثيرة، إنتهى.
ويظهر من معالم العلماء ان اسم كتابه معرفة الناقلين عن الأئمة الصادقين (ع)
واختصره شيخ الطائفة وسبب الاختصار على ما صرح به جماعة ان كتابه (ره)
كان جامعا للأخبار الواردة في مدح الرواة وذمهم من العامة والخاصة فجرده
الشيخ للخاصة، وأزال عنه رواتهم ويظهر من آخرين ان السبب ما أشار إليه
(جش) و (صه) من أنه كان فيه أغلاطا كثيرة، فعمد الشيخ إلى تهذيبه
وسماه اختيار الرجال.
وصرح جماعة من أئمة الفن ان الموجود المتداول من (كش) من عصر
العلامة إلى وقتنا هذا هو اختيار الشيخ، وأما الأصل فذكر جماعة من المتتبعين
انهم لم يقفوا عليه ورتبه جماعة من العلماء.
(والكشي): نسبة إلى كش بفتح الكاف وتشديد الشين المعجمة من
بلاد ما وراء النهر بلد عظيم.
(الكعبي)
أبو القسم عبد الله بن أحمد بن محمود البلخي الفاضل المشهور، كان رأس
طائفة من المعتزلة يقال لهم الكعبية، وهو صاحب مقالات، وله اختيارات في علم
الكلام، توفي سنة 317 (شيز).
والكعبي بفتح أوله وسكون ثانية نسبة إلى بني كعب، والبلخي نسبة إلى
بلخ إحدى مدن خراسان.
(الكفعمي)
الشيخ تقي الدين إبراهيم بن علي بن الحسن بن محمد بن صالح العاملي، كان
ثقة فاضلا أديبا، شاعرا عابدا زاهدا ورعا.
له كتب منها المصباح وهو الجنة الواقية والجنة الباقية وهو كبير كثير
116

الفوائد، تاريخ تصنيفه سنة 895 (ضصه) وله مختصر منه لطيف، وله أيضا
البلد الأمين وهو أيضا كتاب كبير أكبر من المصباح ينقل منه العلامة المجلسي
(رضي الله عنه) في البحار.
وله أخ عالم عامل جليل، جمال الدين أحمد بن علي، مات في حياة أخيه،
له كتاب زبدة البيان في عمل شهر رمضان، ينقل عنه أخوه في بلد
الأمين، وغيره.
(والكفعمي) نسبة إلى كفعم، كزمزم قرية من قرى جبل عامل.
(الكلبي)
النسابة، ويقال له ابن الكلبي أيضا، أبو المنذر هشام بن أبي النصر محمد
ابن السائب بن بشر الكلبي الكوفي.
كان من اعلم الناس بعلم الأنساب، وقد اخذ بعض الأنساب عن أبيه
أبى النضر محمد بن السائب الذي كان من أصحاب الباقر والصادق عليهم السلام،
وأخذ أبو النضر نسب قريش عن أبي صالح عن عقيل بن أبي طالب (ره).
قال ابن قتيبة: وكان جده بشر وبنوه السائب وعبيد الرحمن شهدوا
الجمل وصفين مع علي بن أبي طالب عليه السلام.
وقتل السائب مع مصعب بن الزبير، وشهد محمد بن السائب الكلبي
الجماجم مع ابن الأشعث.
وكان نسابا عالما بالتفسير، وتوفى بالكوفة سنة 146 (قمو) إنتهى.
أقول: قال أبو الحسن أحمد بن محمد بن إبراهيم الأشعري والكاتب الجلي
إن علم الأنساب علم عظيم النفع جليل القدر، أشار الكتاب العظيم في آية:
(وجعلنا كم شعوبا وقبائل لتعارفوا) إلى تفهمه.
وقد صنف الناس في هذه الفن كتبا مختصرة ومطولة ومجملة مفصلة،
117

واجتهدوا غاية الاجتهاد، وبحثوا عن الآباء والأجداد امتثالا للحديث النبوي
المنقول تعلموا من أنسابكم ما تصلون به أرحامكم، فان صلة الرحم منساة في الاجل
محببة في الاهل، مثراة في المال، والذي فتح هذا الباب وضبط علم الأنساب هو
الامام النسابة هشام بن محمد بن السائب الكلبي، وله في هذا العلم خمسة كتب:
المنزلة، والجمهرة، والوجيز، والفريد، والملوكي، كتبه لجعفر البرمكي،
ثم اقتفى اثره جماعة.
(قلت): نشأ أبو المنذر هشام الكلبي بالكوفة، وكان عالما بأخبار العرب
وأيامها ومثالبها ووقائعها، وأخذ عن أبيه.
وكان أبوه محمد من علماء الكوفة، عالما بالتفسير والاخبار وأيام
الناس، معدودا بن المفسرين والنسابين، توفى ولم يخلف إلا كتابا في
تفسير القرآن.
وأما ابنه هشام فخلف نحو مائة كتاب.
وعن ابن النديم قال: ان سليمان بن علي (هو عم السفاح والمنصور)
أقدم محمد بن السائب من الكوفة إلى البصرة وأجلسه في داره فجعل يملي على
الناس القرآن حتى بلغ إلى آية في سورة براءة ففسرها على خلاف ما يعرف،
فقالوا: لا نكتب هذا التفسير، فقال: والله لا أمليت حرفا حتى يكتب تفسير
هذا الآية على ما أنزله الله، فرفع ذلك إلى سليمان بن علي فقال اكتبوا ما يقول
ودعوا ما سوى ذلك إنتهى.
وعن السمعاني انه قال في ترجمة محمد بن السائب انه صاحب التفسير كان من
أهل الكوفة قائلا بالرجعة، وابنه هشام ذا نسب عال وفي التشيع غال.
(وفي الرجال الكبير) هشام بن محمد بن السائب أبو المنذر الناسب العالم
المشهور بالفضل والعلم، العارف بالأيام، كان مختصا بمذهبنا، قال: اعتللت علة
عظيمة نسيت علمي فجئت إلى جعفر بن محمد (ع) فسقاني العلم في كأس فعاد
118

إلي علمي، وكان أبو عبد الله (ع) يقربه ويدنيه وينشطه (صه).
قلت حكي السمعاني وغيره عن قوة حفظه انه حفظ القرآن في ثلاثة أيام،
وأنا أقول لا بدع في ذلك فان من سقاه الصادق (ع) العلم في كأس يحفظ القرآن
بأقل من ثلاثة أيام، توفى سنة 206 أو 204.
روى السيد عبد الكريم بن طاووس رحمه الله على ما حكي عن فرحة الغري
باسناده عن هشام بن محمد الكلبي عن أبي بكر بن عياش قال: سألت أبا حصين
وعاصم بن بهدلة والأعمش وغيرهم فقلت: أخبركم أحد انه صلى على علي (ع)
أو شهد دفنه قالوا: لا فسألت أباك محمد بن السائب فقال: اخرج به ليلا،
وأخرج به الحسن والحسين ومحمد بن الحنفية (ع) وعبد الله بن جعفر " ره "
وعدة من أهل بيته، فدفن في ظهر الكوفة، فقلت لأبيك لم فعل به ذلك
قال مخافة ان تنبشه الخوارج وغيرهم.
والكلبي بفتح الكاف وسكون اللام نسبة إلى كلب بن وبرة قبيلة كبيرة من قضاعة ينسب إليها خلق كثير.
(الكلباسي)
انظر الكرباسي.
(الكلوذاني)
عباس بن عمر بن العباس المعروف بابن مروان، يظهر من (جش) في ترجمة
المازني وغيره انه من أجلاء علماء الإمامية ومن مشايخ إجازتهم.
ويروي عنه (جش) و (الكلوذاني) نسبة إلى كلواذى بالفتح
مقصورا، وقد تمد قرية بأسفل بغداد، أبو القاسم عبيد الله بن محمد الكلوذاني
وزير المقتدر بالله، ذكره ابن الطقطقي في الفخري قال: كانت وزارته
مدة شهرين.
119

(الكليني)
هو الشيخ الأجل قدوة الأنام، وملاذ المحدثين العظام، ومروج المذهب
في غيبة الإمام عليه السلام، أبو جعفر محمد بن يعقوب بن إسحاق الكليني الرازي
الملقب ثقة الاسلام.
ألف الكافي الذي هو أجل الكتب الاسلامية وأعظم المصنفات الامامية
والذي لم يعمل للامامية مثله.
قال المولى محمد امين الاسترآبادي في محكي فوائده: سمعنا عن مشايخنا
وعلمائنا انه لم يصنف في الاسلام كتاب يوازيه أو يدانيه، وكان خاله علان
الكليني الرازي.
قال (جش) في حقه: شيخ أصحابنا في وقته بالري ووجههم، وكان
أوثق الناس في الحديث وأثبتهم.
صنف الكتاب الكبير المعروف بالكليني يسمى الكافي في عشرين سنة،
إلى أن قال: وله غير كتاب الكافي كتاب الرد على القرامطة كتاب رسائل الأئمة
عليهم السلام، كتاب تعبير الرؤيا وكتاب الرجال، كتاب ما قيل في الأئمة
عليهم السلام من الشعر، كنت أتردد إلى المسجد المعروف بمسجد اللؤلؤي،
وهو مسجد نفطويه النحوي، اقرأ القرآن على صاحب المسجد وجماعة من
أصحابنا يقرؤن كتاب الكافي على أبى الحسين أحمد بن أحمد الكوفي الكاتب، إلى أن
قال: ومات أبو جعفر الكليني رحمه الله تعالى ببغداد سنة 329 (شكط) سنة
تناثر النجوم، وصلى عليه محمد بن جعفر الحسنى أبو قيراط، ودفن بباب
الكوفة، وقال لنا أحمد بن عبدون: كنت أعرف قبره، وقد درس رحمه الله، إنتهى.
وعن جامع الأصول لابن الأثير قال أبو جعفر محمد بن يعقوب الرازي
120

الامام على مذهب أهل البيت، عالم في مذهبهم، كبير فاضل، عندهم مشهور، وعد
من مجددي مذهب الإمامية على رأس المائة الثانية إنتهى
وشرح ذلك ما ذكره هو في الباب الرابع من كتاب النبوة من
جامع الأصول حيث خرج حديثا من صحيح أبى داود عن النبي صلى الله عليه وآله ان الله
يبعث لهذه الأمة عند رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها.
ثم قال في شرح غريب هذا الباب: والأجدر ان يكون ذلك إشارة إلى
حدوث جماعة من الأكابر المشهورين على رأس كل مائة يجددون للناس دينهم،
ويحفظون مذاهبهم التي قلدوا فيها مجتهديهم وأئمتهم ونحن نذكر المذاهب المشهورة
في الاسلام التي عليها مدار المسلمين في أقطار الأرض هي: مذهب الشافعي،
وأبي حنيفة، مالك، وأحمد، ومذهب الامامية، ومن كان المشار إليه من
هؤلاء كان رأس كل مائة.
وكذلك من كان المشار إليه في باقي الطبقات، وأما من كان قبل تلك
المذاهب المذكورة فلم يكن الناس مجتمعين على مذهب إمام بعينه ولم يكن
قبل إلا المائة الأولى.
ثم انه عدم من كان مجددا لمذهب الامامية على رأس المائة الأولى محمد بن علي
الباقر عليه السلام، وعلى رأس المائة الثانية علي بن موسى الرضا عليه السلام
وعلى رأس المائة الثالثة أبو جعفر محمد بن يعقوب الكليني الرازي، وعلى رأس
المائة الرابعة المرتضى الموسوي أخو الرضي إنتهى.
والكليني بتخفيف اللام مصغرا نسبة إلى كلين، كزبير قرية من قرى
فشارية التي هي إحدى كور الرح، وفيه قبر أبيه يعقوب (ره) لا مكبرا كأمير
الذي هو قرية من ورامين، كما زعمه الفيروزآبادي
121

(كمال الدين)
أبو جعفر أحمد بن علي بن سعيد بن سعادة البحراني، وهو كما عن
(ض) متكلم جليل، وعالم نبيل، كان معاصرا للخواجه نصير الدين
الطوسي، ومات قبله.
قرأ عليه الشيخ جمال الدين أبو الحسن علي بن سليمان البحراني الفاضل
المشهور المعاصر لنصير الدين الطوسي.
ومن مؤلفات الشيخ كمال الدين احمد رسالة في مسألة العلم وما يناسبها
من صفاته تعالى ومجموع مسائلها أربع وعشرون مسألة، وهي التي أرسلها تلميذه
المذكور إلى نصير الدين بعد وفاة أستاذه والتمس منه شرح مشكلاتها، فشرحها
نصير الدين ثم أرسلها إليه، وأول الرسالة هكذا:
بسم الله الرحمن الرحيم: اعلم أدام الله هدايتك ان المتكلمين أطلقوا القول
بأن العلم تابع للمعلوم وأطلقوا على صحة هذا الحكم (الخ).
ثم ابتدأ العلامة المحقق نصير الدين الطوسي فقال:
(بسم الله الرحمن الرحيم)
أتاني كتاب في البلاغة منته * إلى غاية ليست تقارب بالوصف
فمنظومه كالدر جاد نظامه * ومنشوره مثل الدراري في اللطف
إلى أن قال:
قرأت من العنوان حين فتحته * وقبلت تقبيلا يزيد على الألف
ولما بدا لي ذكركم في مسامعي * تعشقكم قلبي ولم يركم طرفي
فصادفت هذا البيت في شرح قصتي * وإيضاح ما عاينته جملة تكفي
وردت رسالة شريفة ومقالة لطيفة مشحونة بفرائد الفوائد مشتملة على صحائف
اللطائف، مستجمعة لعرائس النفائس، مملوءة من زواهر الجواهر من الجناب
122

الكريم السيدي السندي العالمي العاملي الفاضل المفضلي المحقق المدقق الجمالي
الكمالي أدام الله جماله وحرس الله كماله إلى الداعي الضعيف المجرم اللهيف محمد
الطوسي، فاقتبس من سرار ناره نكت الزبور، وأنس من جانب طوره أثر
النور، فوجدها بكرا حملت حرة كريمة، وصادفها صدفا تضمنت درة يتيمة،
هي أوراق مشتملة على رسائل في ضمنها مسائل أرسلها وسأل عنها من كان أفضل
زمانه وأوحد أقرانه، الذي نطق الحق على لسانه، ولوح الحقيقة من بيانه،
أدام الله فضائله، وقد سألني الكلام فيها، وكشف القناع عن مطاويها وأين أنا
من المبارزة مع فرسان الكلام والمعارضة مع بدر التمام، وكيف يصل الأعرج
إلى قلة الجبل المنيع وأنى يدرك الطالع شأو الضليع، لكن لحرصي على طلب
التوصل الروحاني إليه بإجابة سؤاله، وشغفي بنيل التوسل الحقيقي لديه لا يراد
الجواب عن مقاله، اجترأت فامتثلت أمره واشتغلت بمرسومه، فان كان
موافقا لما أراد فقد أدركت طلبتي، إلا فليعذرني إذ قدمت معذرتي، والله
المستعان، وعليه التكلان.
ثم شرع في شرح الرسالة بصورة قال أقول: وفيها 24 مسألة وهي في التوحيد
ومن ذلك يعلم جلالة قدر صاحب الرسالة، وجلالة قدر مرسلها علي بن سليمان،
وحسن أخلاق شارحها رضي الله تعالى عنهم أجمعين، وكمال الدين المشتهر بالميرزا
كمالا يأتي في الميرزا.
(الكنجي)
هو الحافظ أبو عبد الله محمد بن يوسف بن محمد الكنجي الشافعي صاحب
كتاب كفاية الطالب في المناقب المتوفى سنة 658.
وقد يطلق على أبى القاسم يحيى بن زكريا الكنجي الذي عده الشيخ فيمن
لم يرو عنهم عليهم السلام، وروى عنه التلعكبري وسمع منه سنة 318.
123

(الكندي)
أبو عمر محمد بن يوسف بن يعقوب الكندي المصري التجيبي العالم النساب
كان من اعلم الناس بالبلد وأهله وأعماله وثغوره، وكان عالما بعلوم العرب،
وسمع من النسائي وغيره.
له مصنفات كثيرة في تاريخ مصر وأخبارها وقضاة مصر (1) وغير ذلك
توفى سنة 350 أو بعد ذلك.
والكندي أيضا أبو يوسف يعقوب بن إسحاق بن الصباح، وقد وتقدم
في أبو معشر.
(الكواشي)
موفق الدين أحمد بن يوسف بن حسن بن رافع الكواشي الموصلي
المفسر الفقيه الشافعي.
قرأ على والده والسخاوي، وبرع في العربية والقراءات والتفسير، له
التفسير الكبير الصغير، وعليه اعتمد جلال الدين المحلي في تفسيره، توفى بالموصل
في سنة 680 (خف).
(الكوراني)
أبو إسحاق إبراهيم بن حسن بن شهاب الدين الكردي الكوراني الشهرزوري
نزيل المدينة المنورة، لازم الصفي القشاشي وبه تخرج، وأجازه الشهاب الخفاجي
والشمس البابلي، وعبد الله بن سعيد اللاهوري وغيرهم، له مؤلفات منها: شرحاه

(1) أول من جمع قضاة مصر الكندي المذكور، ذكرهم إلى سنة 246،
ثم ذيله ابن زولاق بدأ يذكر القاضي بكار وختم بمحمد بن النعمان في رجب سنة
386، ثم ذيله ابن حجر العسقلاني بمجلد كبير سماه: رفع الاجر عن قضاة مصر،
وله مختصرات.
124

على عقيدة شيخه القشاشي، وله الأمم لإيقاظ الهمم في مصطلح الحديث إلى
غير ذلك، توفى سنة 1101.
(الكوفي)
نسبة إلى الكوفة بالضم المصر المشهور بأرض بابل من سواد العراق،
ذكرها ياقوت الحموي في معجمه، وأطال الكلام في وجه تسميتها بالكوفة وقال
وأما تمصيرها فكانت في أيام عمر بن الخطاب في السنة التي مصرت فيها البصرة
وهي سنة 17.
وقال قوم: انها مصرت بعد البصرة بعامين سنة 19، وقيل في سنة 18
ثم ذكر الروايات في فضلها وفضل مسجدها.
وأما ظاهرا الكوفة فإنها منازل النعمان بن المنذر والحيرة والنجف والخورنق
وغير ذلك، وقال: ومن حفاظ الكوفة محمد بن العلاء بن كريب الهمداني
الكوفي، سمع بالكوفة عبد الله بن المبارك وعبد الله بن إدريس وحفص بن غياث
ووكيع بن الجراح وخلقا وغيرهم.
وروى عنه محمد بن يحيى الذهلي، وعبد الله بن يحيى بن حنبل وأبو يعلي
الموصلي والحسن بن سفيان الثوري والبخاري ومسلم وأبو داود السجستاني
والترمذي والنسائي وابن ماجة وخلق سواهم.
وكان ابن عقدة يقدمه على جميع مشايخ الكوفة في الحفظ والكثرة، فيقول
ظهر لابن كريب بالكوفة ثلاثمائة ألف حديث، وكان ثقة مجمعا عليه، ومات لثلاث
بقين من ج 1 سنة 243، وأوصى ان تدفن كتبه فدفنت.
(الكوكبي)
أبو جعفر محمد بن أحمد الرخ بن محمد بن إسماعيل بن محمد الأرقط بن عبد
الباهر بن الإمام علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (ع) وحفيده أبو الحسن
125

أحمد بن علي بن محمد الكوكبي نقيب النقباء ببغداد في أيام معز الدولة بن بويه.
(الكوهكمري)
نسبة إلى كوه كمر قرية كلها سادات اشراف من اعمال كنى من مضافات
تبريز عاصمة آذربيجان، ينسب إليه حجة الاسلام الحاج السيد حسين بن محمد
ابن الحسن بن حيدر الحسيني، ينتهي نسبة إلى الحسين بن علي بن أبي طالب
عليه السلام (1).
تلمذ في تبريز على الميرزا احمد المجتهد وابنه الحاج ميرزا لطف علي إمام
الجمعة تلميذي صاحب الرياض، وفي كربلاء على صاحبي الضوابط والفصول
وشريف العلماء، وفي النجف الأشرف على الغرر اللائحة على جبهة الدهر
الشيخ علي آل كاشف الغطاء، وصاحب الجواهر، وشيخ الطائفة الأنصاري
رضوان الله عليهم أجمعين.
وكان يقرر بحث الشيخ لتلامذته فتهافتت الأفاضل للحضور تحت منبره
وكانت تقدر عدتهم بأربعمائة فاضل.
وله كتاب علمية كثيرة لكنها لضعف الخط وعدم الروابط في أذيال الصفحات
كان من المستصعب، تدوينها، فلذلك عصفت عليها عواصف الضياع، غيران
الموجود منها رسالة في الاستصحاب، وفي مقدمة الواجب والخلل والحج والإجارة
والإرث والقضاء والصلاة والزكاة.
ومن تقرير بحثه في الأصول أوثق الوسائل حاشية على الرسائل، وبشرى
والوصول إلى علم الأصول.
توفى (رحمه الله) 23 رجب سنة 1299، ودفن في بقعته المعروفة في
النجف الأشرف، ورثته أدباء عصره منهم السيد محمد سعيد الحبوبي والشيخ

(1) رأيت في بعض المواضع ترجمته فأوردتها ملخصا.
126

كاظم السبتي وغيرهما:
وما كان قيس هلكه هلك واحد * ولكنه بنيان قوم تهدما
(اللساني)
الشاعر المشهور، أصله من شيراز، ولكن أكثر أوقاته كان في بغداد وتبريز
له اشعار كثيرة تنوف على مائة ألف بيت، له قصائد في مدح أمير المؤمنين عليه السلام
منها قصيدة نظمها في طريق زيارته سلام الله عليه، أولها:
ميرسم ازگرد رآه رقص كنان چون صبا
باد جنون دردماغ عاشق سردرهوا
برسر من ريخته سنگ حصار ستم
بررخ من ببخته گرد ديار بلا
وله:
گربند لساني گسلد از بغدش * درخاك شود وجود حاجتمندش
بالله كه زمشرق دلش سرنزند * جزمهر علي ويازده فرزندش
توفى بتبريز سنة 940، ودفن في مقبرة سرخاب.
(الماجشون)
القرشي مولى آل المنكدر أبو يوسف يعقوب بن أبي سلمة التيمي المدني
سمع ابن عمر وعمر بن عبد العزيز ومحمد بن المنكدر، وهو الذي روى ابن خلكان
عن ابنه انه قال: عرج بروح الماجشون فوضعناه على سرير الغسل فرأى الغسال
عرقا يتحرك في أسفل قدمه فأخر امره، فمكث ثلاثا على حاله ثم استوى جالسا
فقال ائتوني بسويق فأتى به فشربه فقالوا: أخبرنا ما رأيت؟ قال نعم خرجت
روحي إلى السماوات حتى انتهيت إلى السماء السابعة، فقيل له: من معك؟ قال
الماجشون فقيل له: لم يؤذن له بعد بقي من عمره كذا وكذا، ثم هبط بي
127

فرأيت النبي صلى الله عليه وآله وأبا بكر عن يمينه، وعمر عن يساره، وعمر بن عبد العزيز
بين يديه، فقلت للملك الذي معي: من هذا؟ قال، عمر بن عبد العزيز،
قلت، انه لقريب المقعد من رسول الله؟ قال إنه عمل بالحق في زمن الجور
وأنهما عملا بالحق في زمن الحق، مات سنة 164، قال نقلته من تاريخ الحافظ
ابن عساكر، إنتهى. (1)
والمنكدر هو ابن هدير التيمي والد محمد بن المنكدر المعروف الزاهد العابد
الذي حكى عنه صاحب المستطرف انه جزء عليه وعلى أمه وعلى أخته الليل أثلاثا
فماتت أخته فجزء عليه وعلى أمه فماتت أمه فقام الليل كله، لكن مع هذه العبادة
كان قليل المعرفة.
روى الشيخ الكليني (ره) باسناده عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ان محمد
ابن المنكدر كان يقول ما كنت أرى ان علي بن الحسين عليه السلام يدع خلفا أفضل
منه حتى رأيت ابنه محمد بن علي عليه السلام فأردت ان أعظه فوعظني فقال له أصحابه
بأي شئ وعظك؟
قال: خرجت إلى بعض نواحي المدينة في ساعة حارة فلقيني أبو جعفر محمد ابن علي عليه السلام، وكان رجلا بادنا ثقيلا وهو متكئ على غلامين أسودين أو
موليين، فقلت في نفسي سبحان الله شيخ من أشياخ قريش في هذه الساعة على

(1) أقول: الظاهر أن ابن خلكان لم يعتن بما حكاه عن الماجشون من
رؤيته النبي صلى الله عليه وآله وصاحبيه، وعمر بن عبد العزيز ومقامه وظنه تخييلا له لأنه
نقل عن عبد الله بن المبارك في جواب من سأله أيما أفضل معاوية بن أبي سفيان
أم عمر بن عبد العزيز؟ انه قال: والله ان الغبار الذي دحل في أنف معاوية مع
رسول الله صلى الله عليه وآله أفضل من عمر بألف مرة، صلى معاوية خلف رسول الله صلى الله عليه وآله
فقال: سمع الله لمن حمده، فقال معاوية ربنا ولك الحمد فما بعد هذا.
128

هذه الحال في طلب الدنيا اما لأعظنه فدنوت منه فسلمت عليه فرد علي بنهر وهو
يتصاب عرقا، فقلت: أصلحك الله شيخ من أشياخ قريش في هذه الساعة على
هذه الحال في طلب الدنيا أرأيت لو جاءك اجلك وأنت على هذه الحال ما كنت
تصنع؟ فقال: لو جاءني الموت وأنا على هذه الحال جاءني وأنا في طاعة من
طاعة الله عز وجل اكف بها نفسي وعيالي عنك وعن الناس وإنما كنت أخاف
ان لو جاءني الموت وأنا على معصية من معاصي الله، فقلت: صدقت يرحمك الله
أردت ان أعظك فوعظتني.
وعن جامع الأصول انه سمع جابر بن عبد الله وأنس بن مالك، وروى عنه
الثوري وشعبة ومالك، مات سنة 131 إنتهى.
وله اخوان فقيهان عابدان أبو بكر وعمر ابنا المنكدر، وللمنكدر أخ
يقال له ربيعة بن هدير من فقهاء الحجاز قيل له: أي الأعمال أفضل؟ قال إدخال
السرور على المؤمن.
(وقد يطلق) الماجشون على ابن أخيه عبد العزيز بن عبد الله بن أبي
سلمة المدني الثقة عند العامة، الذي عده الشيخ (ره) من رجال الصادق
عليه السلام، وانه أسند عنه.
وذكره الخطيب في تاريخ بغداد، وذكر أنه سمع ابن شهاب محمد
ابن المنكدر وعبد الله بن دينار إلى غير ذلك، وروى عنه جمع كثير، وكان
عالما فقيها قدم بغداد فسكنها.
روى أنه حج المنصور فشيعه المهدي فلما أراد الوداع قال: يا بني
استهدني، قال: أستهديك رجلا عاقلا، فأهدى له عبد العزيز بن أبي
سلمة الماجشون.
توفى سنة 164 في خلافة المهدي وصلى عليه ودفنه في مقابر قريش، وابنه
أبو مروان عبد الملك بن عبد العزيز الفقيه المالكي.
129

تفقه على مالك، وعلى أبيه عبد العزيز وغيرهما، قيل: انه عمي
في آخر عمره.
توفى سنة 213، والماجشون: بكسر الجيم وضم الشين معرب ماه گون
أي القمر الوجه.
(ماجيلويه)
محمد بن أبي القاسم عبيد الله بن عمران الجنابي البرقي أبو عبد الله الملقب
ماجيلويه، وأبو القاسم يلقب بندار سيد من أصحابنا القميين، ثقة عالم فقيه
عارف بالأدب والشعر والغريب، وهو صهر أحمد بن أبي عبد الله البرقي على
ابنته وابنه علي بن محمد منها، وكان اخذ عنه العلم والأدب، له كتب منها كتاب
المشارب، قاله (جش).
(وقد يطلق) ماجيلويه على سبطه محمد بن علي بن محمد بن أبي القاسم، يروى
عنه شيخنا الصدوق محمد بن علي الحسين بن بابويه (ره).
(المادراني)
أحمد بن الحسن المادرائي، عن مجالس المؤمنين ان أهل الري في الأصل
لم يكونوا شيعة إلى أن تغلب عليها أحمد بن الحسن المادراني، وأظهر مذهب
التشيع، فتقرب إليه الناس بتصنيف الكتب في مذهب الشيعة، ومنهم عبد الرحمن
ابن أبي حاتم وغيره فصنفوا كتبا في فضائل أهل البيت (ع).
واستولى احمد المذكور على الري في زمان المعتمد العباسي سنة 275،
وكان قبل هذا في خدمة صاحبه كوتكين بن تكين التركي، ومن ذلك
الوقت استولى فيه على الري، إلى الآن هذا المذهب مستمر في تلك
الديار، إنتهى.
والمادراني - بفتح الدال المهملة بعد الألف وبعدها الراء، هذه النسبة
130

إلى مادرانا، والظاهر أنه من اعمال البصرة.
(الماراني)
ضياء الدين أبو عمر وعثمان بن عيسى بن درباس الماراني، كان من اعلم
فقهاء وقته بمذهب الشافعي، وهو أخو القاضي صدر الدين أبى القاسم عبد الملك
الحاكم بالديار المصرية، وناب عنه في الحكم بالقاهرة.
شرح المهذب شرحا شافيا في قريب من عشرين مجلدا ولم يكلمه، وسماه
الاستقصاء لمذاهب الفقهاء، وشرح اللمع في أصول الفقه للشيخ أبى إسحاق
الشيرازي، توفي بالقاهرة سنة 602 (خب)، و (الماراني) هذه النسبة إلى
بني ماران بالمروج تحت الموصل.
(المازري)
أبو عبد الله محمد بن علي بن عمر الفقيه المالكي المحدث الذي شرح صحيح
مسلم سماه كتاب المعلم بفوائد مسلم، توفى سنة 536 (لوث).
و (المازري) بتقديم الزاي المفتوحة على الراء، وقد تكسر أيضا نسبة
إلى مازر، بليدة بجزيرة صقلية.
(المازني)
أبو عثمان بكر محمد بن بقية البصري النحوي اللغوي، سيد أهل العلم
بالنحو والعربية واللغة بالبصرة، ومقدمته مشهورة بذلك.
وكان من علماء الإمامية، ومن غلمان (1) إسماعيل بن ميثم، وأخذ
الأدب عن أبي عبيدة والأصمعي وأبي زيد وغيرهم، وأخذ عنه أبو العباس المبرد
وبه انتفع، وله عنه روايات كثيرة.
ومما رواه المبرد عنه ان بعض أهل الذمة قصده ليقرأ عليه كتاب سيبويه

(1) الغلام بمعنى المتأدب والتلميذ في عبائر القوم كثير.
131

وبذل له مائة دينار في تدريسه إياه فامتنع أبو عثمان من ذلك، قال فقلت له
جعلت فداك أترد هذه المنفعة مع فاقتك وشدة إضاقتك فقال: ان هذا
الكتاب يشتمل على ثلاثمائة كذا وكذا آية من كتاب الله عز وجل، ولست أرى
ان أمكن منها ذميا غيرة على كتاب الله وحمية له، قال: فاتفق ان غنت جارية
بحضرة الواثق بقول العرجي:
أظلوم ان مصابكم رجلا * أهدى السلام تحية ظلم
فاختلف من كان في المجلس في اعراب (رجلا)، فمنهم من نصبه وجعله
اسم ان، ومنهم من رفعه على أنه خيرها، والجارية مصرة على أن شيخها
أبا عثمان المازني لقنها إياه بالنصب، فأمر الواثق بإشخاصه، قال أبو عثمان: فلما
مثلت بين يديه قال: ممن الرجل؟ قلت: من بني مازن، قال: ثم سألني
عن الشعر فقال: أترفع رجلا أم تنصبه؟ فقلت: الوجه النصب، قال لم؟
فقلت: ان مصابكم مصدر بمعنى أصابتكم فهو بمنزلة قولك ان ضربك زيدا
ظلم، فالرجل مفعول مصابكم والدليل عليه ان الكلام معلق إلى أن تقول ظلم
فاستحسنه الواثق، ثم أمر له بألف دينار ورده مكرما.
قال المبرد: فلما عاد إلى البصرة قال لي: كيف رأيت يا أبا العباس
رددنا الله مائة فعوضنا ألفا؟ نقلت ذلك من الوفيات، وفي ذلك كان
معجزة للقرآن الكريم.
له مصنفات كثيرة في النحو والتصريف والعروض والقوافي وغير ذلك،
وعن تعليقات الشهيد على الخلاصة قال ابن داود نقلا عن (كش) انه
يعني المازني إمام ثقة، إنتهى.
وحكي عن القاضي بكار بن أبي قتيبة الحنفي المصري قال: ما رأيت نحويا
قط يشبه الفقهاء إلا حيان الهلال والمازني وكان في غاية الورع،
توفي بالبصرة سنة 249 أو 248.
132

(الماسرجسي) أبو الحسن محمد بن علي بن سهل الفقيه الشافعي، صحب أبا إسحاق المروزي
وتفقه عليه، درس بنيسابور وعنه اخذ فقهاؤها، توفى سنة 384.
(والماسرجسي) بفتح السين وكسر الجيم نسبة إلى ماسرجس اسم لجد أمه
كان نصرانيا أسلم على يد عبد الله بن المبارك.
(المالقي)
أبو بكر أحمد بن عبد الله بن الحسن الأنصاري المعروف بحميد، قالوا
انه كان نحويا فقيها حافظا أديبا كاتبا شاعرا ورعا سريع العبرة كثير البكاء،
معرضا عن الدنيا، لا يفوه بما يتعلق بها، ولا يضحك إلا مبتسما نادرا،
ثم يعقبه بالبكاء والاستغفار، مقتصدا في مطعمه وملبسه، مدت بمصر،
سنة 652 (خنب).
والمالقي: نسبة إلى مالقة بفتح اللام والقاف مدينة بالأندلس.
(المامقاني)
الشيخ الأجل الفقيه الورع الشيخ محمد حسن بن المولى عبد الله
المامقاني النجفي، كان من أعاظم العلماء الامامية، مرجعا للتقليد، وكان مروجا
للدين بعلمه وعمله، وحاله بعد الرئاسة التامة كحاله قبل الرياسة بدون تغيير في
مأكله ومشر به وملبسه ومعاملاته.
وكان في غاية التورع عن الحطام الدنيوية، لا يقبل من الظلمة شيئا،
ولا يتصرف في الوجوه.
اخذ عن العلامة الأنصاري، والحاج السيد حسين الكوهكمري، والشيخ
راضي، والشيخ مهدي آل كاشف الغطاء.
له (البشرى في علم الأصول)، (وذرائع الأحلام في شرح
133

شرائع الاسلام) وغير ذلك.
وقد كتب ابنه الفاضل الماهر المتبحر الشيخ عبد الله صاحب المصنفات
الكثيرة رسالة في ترجمته.
توفي في المحرم سنة 1323 عن خمس وثمانين سنة، ودفن في النجف الأشرف
في مقبرة المعروفة. وتوفي نجله المذكور 16 (شل) سنة 1351، ودفن معه رحمة الله
ورضوانه عليهما.
(الماوردي)
أقضى القضاة أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب البصري البغدادي كان من
وجوه الفقهاء الشافعية وكبارهم.
اخذ عن أبي القسم الصيمري بالبصرة، وأبى حامد الأسفرايني ببغداد،
وأخذ عنه صاحب تاريخ بغداد، وفوض إليه القضاء ببلدان كثيرة، واستوطن
بغداد في درب الزعفراني.
وله مصنفات، منها: كتاب أدب الدين والدنيا، والاقناع والحاوي
وتفسير القرآن، وغير ذلك.
حكي عنه قال: ومما ما أتدارك من خالي اني صنفت في البيوع كتابا جمعية
ما استطعت من كتب الناس، واجتهدت فيه نفسي، وكررت فيه خاطري حتى
إذ انهدت واستكمل وكدت أعجب به، وتصورت اني اشهد الناس اطلاعا بعمله
حضرني وأنا في مجلسي أعرابيان، فسألاني عن بيع عقداه في البادية على شروط
تضمنت أربع مسائل لم أعرف لشئ منها جوابا، فأطرقت مفكرا وبحالي وحالهما
معتبرا، فقالا: أما عندك فيما سألناك جواب وأنت زعيم هذه الجماعة؟
فقلت: لا، فقالا، أيها لك وانصرفا.
134

ثم أتيا من قد يتقدمه في العلم كثير من أصحابي فسألاه فأجابهما مسرعا
بما أقنعهما، فانصرفا عنه راضيين بجوابه حامدين لعلمه.
قال: فكان ذلك زاجر نصيحة، وتدبر عظيمة تذلل لهما قياد النفس،
وانخفض لهما جناح العجب.
توفي آخر (ع ل) سنة 450 (تن) ودفن في مقبرة باب حرب ببغداد،
ذكره الخطيب في تاريخ بغداد، وقال: صليت عليه في جامع المدينة، وكان
قد بلغ 86 سنة، قال وكتبت عنه وكان ثقة إنتهى، و (الماوردي) نسبة
إلى بيع ماء الورد.
(المبرد)
أبو العباس محمد بن يزيد بن عبد الأكبر الأزدي الثمالي البصري النحوي
اللغوي الفاضل الامامي المقبول القول عند الفريقين:
وإذا يقال من الفتى كل الفتى * والشيخ والكهل الكريم العنصر
والمستضاء برأيه وبعلمه * وبعقله قلت ابن عبد الأكبر
صاحب كتاب الكامل المعروف، والروضة، والمقتضب (1)، ومعاني القرآن
وغيرها من الكتب النافعة.

(1) المقتضب في الخطب: شرحه علي بن عيسى الرماني، روى الخطيب
عن علي بن عيسى بن علي النحوي قال: كان أبو بكر بن السراج يقرأ عليه
كتاب الأصول الذي صنفه فمر فيه باب استحسنه بعض الحاضرين فقال: هذا
والله أحسن من كتاب المقتضب، فأنكر عليه أبو بكر ذلك، وقال: لا
نقل هذا، وتمثل ببيت وكان كثيرا ما يتمثل فيما يجري له من الأمور بأبيات
حسنة، فأنشد (ح):
ولكن بكت قبلي فهاج لي البكا * بكاها فقلت الفضل للمتقدم
135

كان إماما في النحو واللغة، قال الخطيب في تاريخ بغداد بعد سرد
نسبه ما لفظه: أبو العباس الأزدي ثم الثمالي المعروف بالمبرد، شيخ أهل النحو
وحافظ علم العربية، كان من أهل البصرة فسكن بغداد، وروى بها عن أبي
عثمان المازني، وأبى حاتم السجستاني وغيرهما من الأدباء.
وكان عالما فاضلا موثوقا به في الرواية، حسن المحاضرة مليح الاخبار
كثير النوادر، حدث عنه نفطويه النحوي، ومحمد بن أبي الأزهر، ثم عد
جماعة، ثم ذكر بعض ما قيل في مدحه من شعر الشعراء، فممن مدحه أحمد بن
عبد السلام الشاعر فقال:
يا ابن سراة الأزد أزد شنوءة * وأزد العتيك الصدر رهط المهلب
وأنب الذي لا يبلغ الناس مدحه * وان أطنب المداح مع كل مطنب
رأيتك والفتح بن خاقان راكبا * وأنت عديل الفتح في كل موكب
وآويت علما لا يحيط بكنهه * علوم بني الدنيا ولا علم ثعلب
يؤوب إليك الناس حتى كأنهم * ببابك في أعلى منى والمحصب
ولبعضهم في مدحه:
رأيت محمد بن يزيد يسمو * إلى العلياء في جاه وقدر
جليس خلائق وغذي ملك * واعلم من رأيت بكل أمر
وفتيانيه الظرفاء فيه * وأبهة الكبير بغير كبر
وينثران اجاك الفكر درا * وينثر لؤلؤا من غير فكر
وقالوا ثعلب رجل عليم * وأين النجم من شمس وبدر
وقالوا ثعلب يملي ويفتي * وأين الثعلبان من الهزير
إنتهى
كان المبرد وثعلب عالمين متعارضين، قد ختم بهما تاريخ الأدباء، وفيهما
يقول أبو بكر بن أبي الأزهر:
136

أيا طالب العلم لا تجهلن * وعذ بالمبرد أو ثعلب
تجد عند هذين علم الورى * فلا تك كالجمل الأجرب
علوم الخلائق مقرونة * بهذين في الشرق المغرب
كان المبرد (ره) فصيحا مفوها، كثير الأمالي، حسن النوادر، فمما
أملاه. ان المنصور أبا جعفر ولى رجلا على العميان والأيتام والقواعد من
النساء اللاتي لا أزواج لهن، فدخل على هذا المتولي بعض المتخلفين ومعه ولده
فقال المتولي: ان القواعد نساء فكيف أثبتك فيهن؟ فقال: ففي العميان فقال
أما هذا فنعم فان الله تعالى يقول: (لا تعمى الابصار ولكن تعمى القلوب التي
في الصدور)، فقال: وتثبت ولدي في الأيتام فقال: هذا أفعله أيضا فإنه من
يكن أنت أباه فهو يتيم فانصرف عنه، وقد أثبته في العميان وولده في الأيتام،
وحكي انه كان كثيرا ما ينشد في مجالسه:
يا من تلبس أثوابا يتيه بها * تيه الملوك على بعض المساكين
ما غير الجل أخلاق الحمير ولا * نقش البرادع أخلاق البراذين
وذكر الخطيب في ترجمة إسماعيل بن إسحاق البصري الفاضل الفقيه
صاحب المسند، وكتب في علوم القرآن، وكان استوطن بغداد وولي
القضاء بها إلى أن مات.
عن أبي العباس المبرد قال: لما توفيت والدة إسماعيل بن إسحاق القاضي
ركبت إليه أعزيه وأتوجع له فألفيت عنده الجلة من بني هاشم والفقهاء والعدول
ومستوري مدينة الاسلام ورأيت من ولهه ما أبداه ولم يقدر على ستره وكلا يعزيه
وقد كاد لا يسلو فلما رأيت ذلك منه ابتدأت بعد التسليم فأنشدته:
لعمري لئن غال ريب الزمان * فينا لقد غال نفسا جبيبة
ولكن علمي بما في الثواب * عند المصيبة ينسى المصيبة
فتفهم كلامي واستحسنه ودعا بدواة وكتبه ورأيته بعد قد انبسط وجهه وزال
137

عنه ما كان فيه من تلك الكآبة وشدة الجزع
توفى سنة 285 ببغداد ودفن في مقبرة باب الكوفة في دار اشتريت له،
ولما توفي لم يبق له مماثل إلا ثعلب فنظم أبو بكر بن العلاف أبياتا كان ابن الجواليقي
كثيرا ما ينشد ها وهي هذه:
ذهب المبرد وانقضت أيامه * وليذهبن أثر المبرد ثعلب
بيت من الآداب أصبح نصفه * خربا وباقي بيتها فسيخرب
فابكوا لما سلب الزمان ووطنوا * للدهر أنفسكم على ما يسلب
وتزودوا من ثعلب فبكأس ما * شرب المبرد عن قريب يشرب
وأرى لكم ان تكتبوا أنفاسه * إن كانت الأنفاس مما يكتب
(تذييل) حكى شيخنا في المستدرك عن كامل المبرد خبر أبي نيزر أحببت ايراده
هنا قال: كان أبو نيزر من أبناء بعض ملوك العجم قال: وصح عندي بعد
انه من ولد النجاشي، فرغب في الاسلام صغيرا فأتى رسول الله صلى الله عليه وآله فأسلم وكان
معه في بيوته فلما توفى رسول الله صلى الله عليه وآله صار مع فاطمة وولدها عليهم السلام قال
أبو نيزر جاءني علي بن أبي طالب عليه السلام وأنا أقوم بالضيعتين عين أبى نيزر والبغيبغة
فقال: هل عندك من طعام فقلت طعام لا أرضاه لأمير المؤمنين عليه السلام قرع من
قرع الضيعة صنعته باهالة سنخة فقال علي به فقام إلى الربيع وهو جدول غسل
يده، ثم أصاب من ذلك شيئا، ثم رجع إلى الربيع فغسل يديه بالرمل حتى
أنقاهما ثم ضم يديه كل واحدة منهما إلى أختها وشرب بهما حسا من ماء الربيع
ثم قال: يا با نيزر ان الأكف أنظف الآنية ثم مسح ندى ذلك الماء على بطنه
وقال: من أدخله بطنه في النار فأبعده الله، ثم اخذ المعول وانحدر في العين
فجعل يضرب وبطأ عليه الماء فخرج وقد تنضح جبينه عليه السلام عرقا فانتكف
العرق عن جبينه ثم اخذ المعول وعاد إلى العين فأقبل يضرب فيها وجعل يهمهم
فانثالت كأنها عنق جزور فخرج مسرعا وقال: اشهد الله انها صدقة، علي بداوة
138

وصحيفة قال: فعجلت بهما إليه فكتب:
(بسم الله الرحمن الرحيم) هذا ما تصدق به علي أمير المؤمنين تصدق بالضيعتين
المعروفتين بعين أبى النزر والبغيبغة على فقراء أهل المدينة وابن السبيل ليقي الله
بهما وجهه حر النار يوم القيامة لا تباعا ولا توهبا حتى يرثهما الله وهو خير
الوارثين إلا ان يحتاج إليهما الحسن والحسين فهما طلق لهما وليس لأحد غيرهما
قال محمد بن هشام: فركب الحسين (ع) دين فحمل إليه معاوية بعين أبى نيزر
مائتي ألف دينار فأبى ان يبيع، وقال إنما تصدق بها أبي ليقي الله وجهه حر النار
ولست بايعهما بشئ.
(مبرمان)
كنهروان، أبو بكر محمد بن علي بن إسماعيل العسكري النحوي، اخذ عن
المبرد، وأكثر بعده عن الزجاج.
وكان قمينا بالنحو، اخذ عنه الفارسي والسيرافي، قيل: انه
كان ضنينا بالأخذ منه، ويحكى في ذلك حكايات لا يهمنا ذكرها، توفى
سنة 354 (شمه).
(المتنبي)
أبو الطيب أحمد بن الحسين بن الحسن بن عبد الصمد الجعفي الكندي
الكوفي الشاعر المشهور.
ولد بالكوفة سنة 303 وقدم الشام في حال صباه وجال في أقطاره، واشتغل
بفنون الأدب ومهر فيها، وكان من المكثرين من نقل اللغة، والمطلعين
على غريبها وحواشيها، ولا يسئل عن شئ إلا واستشهد فيه بكلام العرب
من النظم والنثر.
وأما شعره فهو في النهاية، والناس في شعره على طبقات: فمنهم
139

من يرجحه على أبى تمام، ومنهم من يرجح أبا تمام عليه.
وقال الواحدي في شعره:
ما رأى الناس ثاني المتنبي * أي ثان يرى لبكر الزمان
وهو في شعره نبي ولكن * ظهرت معجزاته في المعاني
واعتنى العلماء بديوانه فشرحوه، قال ابن خلكان: قال لي أحد المشايخ الذين
اخذت عنهم: وقفت على أكثر من أربعين شرحا ما بين مطولات ومختصرات ولم
يفعل هذا بديوان غيره.
وممن شرح شعره أبو العلاء المعري، صنف كتاب اللامع العزيزي في شرح
شعر المتنبي، وقال أبو العلاء كأنما نظر إلي بلحظ الغيب حيث يقول:
أنا الذي نظر الأعمى إلى أدبي * وأسمعت كلماتي من به صمم
قال ابن خلكان: كان الشيخ تاج الدين الكندي يروي له بيتين لا يوجدان في
ديوانه فأحببت ذكرهما لغرابتهما، وهما:
أبعين مفتقر إليك نظرتني * فأهنتني وقذفتني من حالق
لست الملوم أنا الملوم لأنني * أنزلت آمالي بغير الخالق
وذكره الخطيب في تاريخ بغداد وقال: بلغني انه ولد بالكوفة سنة 303،
ونشأ بالشام وأكثر المقام بالبادية، وطلب الأدب وعلم العربية، ونظر في أيام
الناس، وتعاطى قول الشعر من حداثته (1) حتى بلغ فيه الغاية التي فاق أهل عصره
وعلا شعراء وقته، واتصل بالأمير أبى الحسن بن حمدان المعروف بسيف الدولة

(1) فمما قال في حداثته وصباه قوله:
أبلى الهوى أسفا يوم النوى بدني * وفرق الهجر بين الجفن والوسن
روح تردد في مثل الخلال إذا * أطارت الريح عنه الثوب لم يبن
كفى بجسمي نحو لا انني رجل * لولا مخاطبتي إياك لم ترن
140

وانقطع إليه وأكثر القول في مدحه.
ثم مضى إلى مصر فمدح بها كافور الخادم، وأقام هناك مدة ثم خرج
من مصر وورد العراق ودخل بغداد وجالس بها أهل الأدب، وقرئ عليه
ديوانه، ثم ذكر الخطيب من حفظه انه حفظ كتابا كان نحو ثلاثين
ورقة بنظرة واحدة.
(أقول): وله في أبى المسك كافور الأخشيدي مدائح كثيرة منها قوله:
قواصد كافور توارك غيره * ومن قصد البحر استقل السواقيا
فجاءت بنا إنسان عين زمانه * وخلت بياضا خلفها ومآقيا
وقال في قصيدة أخرى:
وأخلاق كافور إذا شئت مدحه * وان لم تشأ تملي عليك فتكتب
إذا ترك الانسان أهلا وراءه * ويمم كافورا فما يتغرب
إلى أن قال:
وكل امرئ يولي الجميل جميل * وكل مكان ينبت العز طيب
ومن غرر قصائد المتنبي قصيدة مدح بها أبا شجاع فاتك الكبير صاحب مصر
المعروف بالمجنون الرومي أولها:
لا خيل عندك تهديها ولا مال * فليسعد النطق إن لم يسعد الحال
وتوفى فاتك سنة 350، ورثاه المتنبي بقصيدة عينية فائقة منها قوله:
تصفو الحياة لجاهل أو غافل * عما مضى منها وما يتوقع
أين الذي الهرمان من بنيانه * ما قوله ما يومه ما المصراع
تتخلف الآثار عن أصحابها * حينا فيدركها الفناء فتتبع
وله أيضا في رثائه إياه:
لا فاتك آخر في مصر نقصده * ولا له خلف في الناس كلهم
من لا تشابهه الاحياء في شيم * أمسى تشابهه الأموات في الرمم
141

وذكره القاضي نور الله (وه) في شعراء الشيعة ونقل عن الشيخ عبد الجليل
الرازي انه نقل منه هذا الشعر:
أبا حسن لو كان حبك مدخلي * جهنم كان الفوز عندي جحيمها
وكيف يخاف النار من بات موقنا * بأن أمير المؤمنين قسيمها
وعن نسمة السحر بذكر من تشيع وشعر: ان أبا الطيب المتنبي كان يتحقق
بولاء أمير المؤمنين عليه السلام تحققا شديدا، وان له فيه عدة قصائد سماها
العلويات، وقال: ويقوي تشيعه انه كوفي، والكوفة أحد معادن الشيعة إنتهى،
ويؤيد تشيعه أيضا: ان أمه همدانية من صلحاء النساء الكوفيات،
وتشيع قبيلة همدان أشهر من نار على علم، فقد رضع المتنبي التشيع مع
اللبن، كما قال الشاعر:
لا عذب الله أمي انها شربت * حب الرضي وغذتنيه باللبن
وكان لي والد يهوى أبا حسن * فصرت من ذي وذا أهوى أبا حسن
وتقدم في أبو نواس شعره في مدح أمير المؤمنين عليه السلام يحكى انه كان لسيف الدولة
مجلس يحضره العلماء كل ليلة فيتكلمون بحضرته، فوقع بين المتنبي وبين
ابن خالويه النحوي كلام فوثب ابن خالويه على المتنبي فضرب وجهه بمفتاح كان
معه فشجه وخرج دمه يسيل على ثيابه فغضب خرج إلى مصر وامتدح
كافور الأخشيدي، ثم رحل عنه وقصد بلاد فارس، ومدح عضد الدولة الديلمي
فأجزل جائزته، ولما رجع من عنده قاصدا بغداد ثم إلى الكوفة في شعبان لثمان
خلون منه سنة 354 (شند)، عرض له فاتك بن أبي الجهل الأسدي في عدة من
أصحابه، وكان مع المتنبي أيضا جماعة من أصحابه فقاتلوهم فقتل المتنبي وابنه
محمد وغلامه مفلح بالقرب من النعمانية (بلد بين واسط وبغداد) في موضع
يقال له الصافية من الجانب الغربي من سواد بغداد عند دير العاقول بينهما مسافة
ميلين، كذا عن ابن خلكان.
142

وعنه ذكر ابن رشيق في كتاب العمدة في باب منافع الشعر ومضاره
ان أبا الطيب لما فرحين رأى الغلبة، قال له غلامه: لا يتحدث الناس عنك
بالفرار وأنت القائل:
الخيل والليل والبيداء تعرفني * والحرب والضرب والقرطاس والقلم
فكر راجعا حتى قتل، وكان سبب قتله هذا البيت، وقال ابن خلكان إنما
قيل له المتنبي لأنه ادعى النبوة في بادية السماوة وتبعه خلق كثير من بني كلب
وغيرهم، فخرج إليه لؤلؤ أمير حمص نائب الأخشيدية، فأسره وتفرق أصحابه،
وحبسه طويلا ثم استتابه وأطلقه، وقيل إنه قال أنا أول من تنبأ بالشعر إنتهى
وعن صاحب يتيمة الدهر قال: قال ابن جني النحوي سمعت أبا الطيب يقول
إنما لقبت بالمتنبي لقولي:
أنا ترب الندى ورب القوافي * وسمام العدى وغيظ الحسود
أنافي أمة تداركها الله غريب * كصالح في ثمود
ما مقامي بأرض نحلة إلا * كمقام المسيح بين اليهود
(أقول): نحلة بالحاء المهملة، قرية بقرب بعلبك بينهما ثلاثة أميال
وأنا رأيتها ونزلت بها، فلعل المتنبي أقام بها مدة فإنه كان يتردد إلى تلك
البلاد والله العالم.
(المتوكل على الله)
جعفر بن محمد المعتصم بن هارون الرشيد، يكنى أبا الفضل، بويع له بعد
الواثق، ذكره الخطيب في تاريخ بغداد وأثنى عليه ثناء قتل 4 شوال سنة
247 وذكران في الليلة التي قتل فيها غارت زمزم.
وروي عن إبراهيم بن محمد التيمي قاضي البصرة يقول: الخلفاء ثلاثة
أبو بكر الصديق قاتل أهل الردة حتى استجابوا له، وعمر بن عبد العزيز رد مظالم
143

بني أمية، والمتوكل محى البدع وأظهر السنة إنتهى.
وذكره ابن العربي في الفتوحات، وعده من الأقطاب، وممن حاز
الخلافة الظاهرة والباطنة.
قلت: قد ذكر المؤرخون وأهل السير ما فعله المتوكل بقبر الحسين (ع)
من الهدم والاستخفاف، وانه كان شديد البغض لعلي بن أبي طالب
عليه السلام ولأهل بيته.
قال أبو الفرج في مقاتل الطالبيين: وكان المتوكل شديد الوطأة على آل
أبي طالب، غليظا على جماعتهم، مهتما بأمورهم، شديد الغيظ والحقد عليهم
ثم ذكر من ذلك كرب قبر الحسين (ع) وعفاء آثاره، (إلى أن قال) واستعمل
على المدينة ومكة عمر بن الفرج الرخجي فمنع الناس من بر آل أبي طالب وكان
لا يبلغه ان أحدا بر أحدا منهم بشئ وان قل إلا أنهكه عقوبة وأثقله غرما
حتى كان القميص يكون بين جماعة من العلويات يصلين فيه واحدة بعد واحدة
ثم ينزعنه ويجلسن على مغازلهن عواري حواسر إلى أن قتل المتوكل فعطف
المنتصر عليهم وأحسن إليهم ووجه بمال فرقة فيهم، وكان يؤثر مخالفة أبيه في
جميع أحواله ومضادة مذهبه طعنا عليه ونفرة لفعله إنتهى.
وعن مناقب ابن شهرآشوب أبو محمد الفحام قال: سأل المتوكل ابن الجهم
عن اشعر الناس فذكر شعراء الجاهلية والاسلام، ثم سأل أبا الحسن (ع) أشعرهم
الحماني حيث يقول:
لقد فاخرتنا من قريش عصابة * بمط خدود وامتداد أصابع
ترانا سكونا والشهيد بفضلنا * عليهم جهير الصوت في كل جامع
فلما تنازعنا المقال قضى لنا * عليهم بما نهوى نداء الصوامع
فان رسول الله احمد جدنا * ونحن بنوه كالنجوم الطوالع
قال المتوكل: وما نداء الصوامع يا أبا الحسن؟ قال: اشهد ان لا إله إلا الله
144

وأشهد ان محمدا رسول الله صلى الله عليه وآله جدي أم جدك؟ فضحك المتوكل ثم قال هو
جدك لا ندفعه عنك.
(المتولي)
أبو سعيد عبد الرحمن بن أبي محمد مأمون بن علي، المتولي الفقيه
الشافعي النيسابوري.
له يد قوية في الأصول والفقه والخلاف، تولى التدريس بالمدرسة النظامية
ببغداد بعد وفاة أبى إسحاق الشيرازي، صنف في الفقه كتاب تتمة الإبانة تمم
به الإبانة تصنيف شيخه الفوراني لكنه لم يكمل وعاجلته المنية وأتمه من بعده جماعة
منهم أبو الفتوح أسعد العجلي، توفى ببغداد سنة 478 (تعح).
(المجاشعي)
أبو الحسن علي بن الفضال القيرواني المفسر اللغوي النحوي صاحب التفسير
العميدي وشرح بسم الله الرحمن الرحيم في مجلدة كبيرة، ومن شعره:
ما هذه الألف التي قد زدتم * فدعوتم الخوان بالإخوان
توفى سنة 479 (تعط).
(مجد الدين الحلبي العريضى)
هو السيد الاجل علي بن الحسن بن إبراهيم بن علي بن جعفر بن محمد بن علي
ابن الحسن بن عيسى بن محمد بن عيسى بن علي العريضي صاحب المسائل عن
أخيه الكاظم بن الإمام جعفر الصادق (ع)، فاضل جليل من مشايخ المحقق
الحلي (ره)، وجده علي بن جعفر العريضي (ره) كان راوية للحديث سديد
الطريق شديد الورع كثير الفضل، ولزم أخاه الإمام موسى بن جعفر عليه السلام
وروى عنه شيئا كثيرا، وذكره العلامة في محكي (صه) وقال علي بن جعفر
أخو موسى الكاظم (ع) من أصحاب الرضا (ع) ثقة.
145

روى الكشي عنه ما يشهد بصحة عقيدته، وتأدبه مع أبي جعفر الثاني
عليه السلام وحاله اجل من ذلك، سكن العريض بضم العين المهملة من نواحي
المدينة فنسب ولده إليها إنتهى.
(أقول): قد ذكرت ما يتعلق بهذا السيد الجليل في السفينة، ومنتهى
الآمال وغيرهما، وذكرت ان التقي المجلسي قال في حقه: جلالة قدره اجل من أن
تذكر، وقبره بقم مشهور.
وسمعت ان أهل الكوفة التمسوا منه مجيئه من المدينة إليهم وكان في
الكوفة مدة، وأخذ أهل الكوفة الاخبار وأخذ منهم، ثم استدعى القميون
نزوله إليهم فنزلها وكان بها حتى مات (ره) إنتهى.
وقال ابنه العلامة المجلسي (ره) في البحار: اعلم أن المشاهد المنسوبة
إلى أولاد الأئمة الهادية (ع) والعترة الطاهرة وأقاربهم يستحب زيارتها والالمام
بها فان تعظيمهم تعظيم الأئمة وتكريمهم عليهم السلام والأصل فيهم الايمان
والصلاح إلى أن يعلم منهم خلافهما كجعفر الكذاب وأضرابه.
لكن المعلوم حاله من بينهم بالجلالة، والمعروف بالنبالة جعفر بن أبي طالب
المدفون بموتة، وفاطمة بنت موسى (ع) المدفونة بقم، وعبد العظيم الحسني
المقبور بالري (ره) وعلي بن جعفر (ع) المدفون بقم، وجلالته أشهر من أن
تحتاج إلى البيان، واما كونه مدفونا في قم فغير مذكور في الكتب المعتبرة
لكن أثر قبره الشريف موجود قديم وعليه اسمه مكتوب إنتهى.
وقال شيخنا في المستدرك: والحق ان قبره بعريض كما هو معروف عند
أهل المدينة وقد نزلنا عنده في بعض أسفارنا وعليه قبة عالية ويساعده الاعتبار
واما الموجود في قم فيمكن ان يكون من أحفاده
وقال: ان عريض قرية من قرى المدينة على فرسخ منها، وكانت للباقر
والصادق (ع) أوصى بها لولده وكان عمره عند وفاة الصادق عليه السلام بسنتين
146

ولما كبر سكن القرية ولذا يقال لولده العريضية إنتهى.
ثم اعلم أن مجد الدين المذكور ليس السيد مجد الدين الحسيني صاحب زينة
المجالس فإنه معاصر لشيخنا البهائي واسمه السيد محمد الملقب بالمجدي.
(المجدويه)
أبو الفضل أحمد بن أبي بكر الخازراني النحوي الأديب صاحب شرح المفضل
وغيره، توفى سنة 620 (خك).
(المجلسي)
إذا أطلق فهو شيخ الاسلام والمسلمين، مروج المذهب والدين،
الامام العلامة المحقق المدقق محمد باقر بن محمد تقي بن المقصود علي المجلسي
قدس الله تعالى أرواحهم.
قال شيخنا صاحب المستدرك: لم يوفق أحد في الاسلام مثل ما وفق هذا
الشيخ المعظم والبحر الخضم والطود الأشم من ترويج المذهب وإعلاء كلمة الحق
وكسر صولة المبتدعين، وقمع زخارف الملحدين، وإحياء دارس سنن الدين
المبين، ونشر آثار أئمة المسلمين بطرق عديدة وأنحاء مختلفة اجله وأبقاها
التصانيف الرائقة الأنيقة الكثيرة التي شاعت في الأنام وينتفع بها في آناء الليل
والأيام، العالم والجاهل والخواص والعوام، والعجمي والعربي مع ما خرج من
مجلسه جماعة كثيرة من الفضلاء.
وصرح تلميذه الاجل الا ميرزا عبد الله الأصبهاني في (ض) انهم بلغوا
إلى ألف نفس، وفي اللؤلؤة والروضة البهية في ترجمته وهذا الشيخ لم يوجد
في عصره ولا قبله قرين في ترويج الدين وإحياء شريعته سيد المرسلين صلى الله عليه وآله
بالتصنيف والتأليف، والامر والنهي وقمع المعتدين والمخالفين من أهل الأهواء
والبدع سيما الصوفية والمبدعين.
147

وكان إماما في الجمعة والجماعة، وهو الذي روج الحديث ونشره سيما في
بلاد العجم، وترجم لهم الأحاديث لهم الأحاديث بالفارسية بأنواعها من الفقه والأدعية والقصص
والحكايات المتعلقة بالمعجزات والغزوات وغير ذلك مما يتعلق بالشرعيات مضافا
إلى تصلبه في الامر بالمعروف والنهي عن المنكر وبسط يد الجود والكرم لكل
من قصده، وقد كانت مملكة الشاه السلطان حسين لمزيد خموله وقلة تدبيره
محروسة بوجوده الشريف، فلما مات انتقضت أطرافها وبدا اعتسافها.
وأخذت من يده في تلك السنة بلدة قندهار، ولم يزل الخراب يستولي عليها
حتى ذهبت من يده إنتهى.
ومن خصائص فصائله انه كان المتصدي لكسر أصنام الهنود في دولتخانه كما
ذكره معاصره الأمير عبد الحسين الخواتون آبادي في وقائع جمادى الأولى من سنة
1098 (غصح) من تاريخه.
(وقال) صهره العالم الجليل الأمير محمد صالح الخاتون آبادي في حدائق
المقربين في ترجمته بعد مدحه بعبارات رشيقة ما ملخصه: وحقوق جنابه المفضل
على هذا الدين من وجوه شتى أوضحها ستة وجوه:
(أولها) انه استكمل شرح الكتب الأربعة التي عليها المدار في جميع الأعصار
وسهل الامر في حل مشكلاتها، وكشف معضلاتها على سائر فضلاء الأقطار،
واكتفى بشرح والده على الفقيه حيث لم يشرحه، وأمرني أيضا بشرح الاستبصار
فشرحته بيمن إشارته.
(وثانيها): انه جمع سائر المروية في مجلدات بحاره الذي لم
يكتب في الشيعة كتاب مثله.
(وثالثها): المؤلفات الفارسية التي في غاية النفع والثمرة للدنيا والآخرة.
(ورابعها): إقامة الجمعة والجماعات وتشييده لمجامع العبادات.
(وخامسها): الفتاوى وأجوبة مسائل الدين الصادرة منه التي كان ينتفع:
148

المسلمون في غاية السهولة واليوم بقيت الناس حيارى.
(سادسها): قضاؤه لحوائج المؤمنين وإعانته إياهم ودفعه عنهم ظلم الظلمة
وما كان من شرورهم وتبليغه عرائض الملهوفين إلى اسماع الولاة والمتسلطين
ليقوموا بانجاحهم.
وبالجملة حقوقه كثيرة على أهل الدين وبقيت آثاره ومؤلفاته إلى يوم القيامة
وكل مؤلفاته الشريفة على ما وقع عليها التخمين تبلغ ألف ألف بيت وأربعة
آلاف بيت وكسرا، ولما حاسبناه بتمام عمره المكرم جعل قسط كل يوم ثلاث
وخمسون وكسر، وحقوقه علي غير متناهية، ولقد كنت في حداثة سني حريصا
على فنون الحكمة والمعقول، صارفا جميع الهمة دون تحصيلها وتشييدها إلى أن
شرفني الله تعالى بصحبته الشريفة في طريق الحج فارتبطت بجنابه واهتديت
بنور هدايته، وأخذت في تتبع كتب الفقه والحديث، وعلوم الدين وصرفت
في خدمته أربعين سنة من بقية عمري متمتعا بفيوضاته مشاهدا آثار كراماته
واستجابة دعواته، إنتهى.
توفى (ره) سنة 1110 في ليلة السابع (1) والعشرين من شهر رمضان،
وفي تاريخ الخاتون آبادي في 27 (مض) سنة 1111 صار إلى رحمة الله تعالى،
وبالجملة عمره إذ ذاك ثلاثا وسبعين فإنه في سنة 1037 وهو يوافق عدد
(جامع كتاب بحار الأنوار).
وما قيل في تاريخ وفاته من النظم والنثر أكثر من أن يذكر،
وأحسن ما أنشد فيه:
ماه رمضان چه بيست وهفتش كم شد * تاريخ وفاة باقر اعلم شد

(1) كتب في السفينة ليلة السابع عشر وهو غلط، والصحيح
السابع والعشرين
149

فانظر إلى سحر البلاغة ومعجزتها، فقد تضمن هذا المضمون ليوم الوفاة
وشهرها وسنتها من غير ارتكاب ضرورة ولا اطناب.
ومرقده الشريف الآن ملجأ الخلائق بأصبهان في باب القبلي من جامعها
الأعظم العتيق، ومن المجربات استجابة الدعوات عند مضجعه المنيف، وفى تلك
البقعة الشريفة مقابر جملة من العلماء العظماء والصلحاء الفخام منهم والده المعظم
وصهره المولى محمد صالح المازندراني، وولده الآقا هادي بن محمد صالح والفاضل
النحرير المولى محمد مهدي الهرندي، والمولى محمد علي الاسترآبادي وابن ابن أخيه
الميرزا محمد تقي الألماسي وغيرهم رضوان الله عليهم.
ويظهر من جملة المنامات الصادقة له التقدم في النشأة الآخرة، (حدث)
شيخنا العلامة النوري عن بعض تلامذة صاحب الجواهر (ره) قال: حدثنا
أستاذنا شيخ الفقهاء في عصره صاحب جواهر الكلام يوما في مجلس البحث
والتدريس فقال: رأيت البارحة كأني بمجلس عظيم فيه جماعة من العلماء وعلى بابه بواب فاستأذنته فأدخلني فرأيت فيه جميع من تقدم وبآخر من العلماء مجتمعين
فيه وفي صدر المجلس مولانا العلامة المجلسي فتعجبت من ذلك فسألت البواب
عن سر تقدمه فقال: هو معروف عنه الأئمة (ع).
ووالده محمد تقي المجلسي، كان وحيد عصره وفريد دهره، أورع أهل زمانه
وأزهدهم وأعبدهم.
قال صاحب حدائق المقربين كما في (ضا)، كان في علوم الفقه والحديث
والرجال، فائق أهل الدهر، وفي الزهد والعبادة والتقوي والورع وترك الدنيا
تاليا تلو أستاذه المولى عبد الله الشوشتري مشتغلا طول حياته بالرياضات والمجاهدات
وتهذيب الأخلاق والعبادات، وترويج الأحاديث والسعي في حوائج المؤمنين
وهداية الخلق وانتشر بيمن همته أحاديث أهل البيت (ع)، وكان مؤيدا من
عند الله ومسددا، وأكثر العلماء الاعلام من تلامذته مثل الآقا حسين الخونساري
150

واستاذنا المولى محمد باقر بل سائر الفضلاء الأعيان الذين كانوا قبل هذه الطبقة
كانوا من تلامذته وأخذوا عنه الفقه والحديث والتفسير، وأجيزوا عنه في
الرواية وآثاره كثيرة جدا ولو لم يكن له أثر غير ولده المبرور لكان يكفيه فضلا
عن سائر فضلاء عصره الذين صاروا ببركته علماء الدين.
ومصنفاته كثيرة،، منها شرحاه العربي والفارسي على كتاب من لا يحضره
الفقيه وكل منهما يزيد على مائة ألف بيت.
وارتحل إلى جوار رحمة الله تعالى في سنة 1070 وأنشد بعضهم في تاريخه:
(أفسر شرع اوفتادوبي سروپا گشت فضل)
إنتهى
استفاد العلم من شيخ الاسلام والمسلمين الشيخ بهاء الدين العاملي والعلامة
الزاهد المقدس الورع المولى عبد الله الشوشتري، وبعد فراغه من التحصيل
أتى النجف الأشرف واشتغل بالرياضيات، وتهذيب الأخلاق، وتصفية الباطن
وله مكاشفات ومنامات حسنة ليس مقام نقلها.
وأبوه المولى مقصود علي كان بصيرا ورعا مروجا لمذهب الاثني عشرية،
له أبيات رائقة بديعة، ولحسن محاضرته وجودة مجالسته سمي بالمجلسي وتخلص
به فصار هذا لقبا في هذه الطائفة الجليلة والسلسلة العلية.
وكانت أم المولى محمد تقي عارفة مقدسة صالحة، بنت العالم الجليل كمال الدين
درويش محمد بن الشيخ حسن العاملي ثم النطنزي ثم الأصفهاني من أكبر ثقاة
العلماء، يروى عن المحقق الشيخ علي الكركي.
وعن مناقب الفضلاء قال: وهذا المولى كمال الدين (ره) من أهل العبادة
والزهادة، وهو مدفون في نطنز وله قبة معروفة.
وقال الشيخ يوسف البحراني: انه أول من نشر الحديث في الدولة
الصفوية بأصفهان.
151

وعن مرآة الأحوال: كان فاضلا عالما مقدسا من تلامذة أفضل المتأخرين
الشيخ زين الدين الشهيد الثاني.
(مجير الجراد)
مدلج بن سويد الطائي الذي يضرب به المثل فيقال أحمى من مجير الجراد
وقصته على ما حكي عن الكلبي انه خلا ذات يوم في خيمته فإذا هو بقوم من طي
ومعهم أوعيتهم، فقال: ما خطبكم؟ قالوا: جراد وقع بفنائك فجئنا لنأخذه
فركب فرسه وأخذ رمحه وقال:
والله لا يتعرض له أحد منكم إلا قتلته، أيكون
الجراد في جواري ثم تريدون اخذه، ولم يزل يحرسه حتى حميت عليه الشمس
فطار، فقال: شأنكم الآن به فقد تحول عن جواري إنتهى.
ومن خطبة لأمير المؤمنين عليه السلام في صفة عجيب خلق من أصناف الحيوان،
قال: وإن شئت قلت في الجراد إذ خلق لها عينين حمراوين، وأسرج لها
حدقتين قمراوين، وجعل لها السمع الخفي، وفتح لها السمع السوي، وجعل
لها الحسن القوي، ونابين بهما تقرض، ومنجلين بهما تقبض، ترهبها الزراع
في زرعهم، ولا يستطيعون ذبها ولو أجلبوا بجمعهم، حتى ترد الحرث في
نزواتها وتقضي منه شهواتها، وخلقها كله لا يكون أصبها مستدقة، فتبارك الذي
يسجد له من في السماوات والأرض طوعا وكرها.
(بيان) المنجل: كمنبر حديده يقضب بها الزرع شبهت بها يدها، والذب
الدفع، نزواتها أي وثباتها وخلقها كله الواو حالية.
(أقول): قيل في الجراد خلقة عشرة من جبابرة الحيوان مع ضعفه: وجه
فرس وعينا فيل وعنق ثور وقرنا أيل وصدر أسد وبطن عقرب وجناحا نسر
وفخذا جمل ورجلا نعامة وذنب حية.
ولقد أجاد من قال في وصفه:
152

لها فخذا بكر وساقا نعامة * وقادمتا نسر وجؤجؤ ضيغم
حبتها أفاعي الأرض بطنا وأنعمت * عليها جياد الخيل بالرأس والفم
(المحاملي)
القاضي أبو عبد الله الحسين بن إسماعيل بن محمد الضبي البغدادي،
كان عالما فاضلا.
ولي قضاء الكوفة ستين سنة، سمع البخاري ومحمد بن المثنى العنزي الزبير
ابن بكار وطبقتهم ومن بعدهم.
وروي عنه الطبراني، والدار قطني أبو بكر بن الجعابي وأبو حفص
ابن شاهين وغيرهم.
يحكى انه كان يحضر مجلس إملائه عشرة آلاف رجل، وكانت ولادته
سنة 235 أو 236 ومات في ع 2 سنة 330 (شل).
(محب الدين الطبري)
أحمد بن عبد الله صاحب كتاب صفة حج النبي صلى الله عليه وآله على اختلاف طرقها
توفى سنة 694 (خصد).
(المحبي)
محمد امين بن فضل الله بن محب الله بن محب الدين الدمشقي الحنفي، اخذ
عن أبيه وعن عبد الغني النابلسي وعلاء الدين الحصكفي وغيرهم من مشايخ وقته
حتى برع وتفوق في صناعة الانشاء والأدب والشعر وغيره.
ولي تدريس المدرسة الأمينية بدمشق، وصنف خلاصة الأثر في أعيان
القرن الحادي عشر، توفى سنة 1111.
153

(المحسن الكاشاني) انظر الفيض
(المحقق والمحقق الحلي)
الشيخ الأجل الأعظم، شيخ الفقهاء بغير جاحد، وواحد هذه الفرقة
وأي واحد، أبو القاسم نجم الدين جعفر بن الحسن بن يحيى بن سعيد الحلي
حاله في الفضل والعلم والثقة والجلالة والتحقيق والتدقيق والفصاحة والبلاغة
والشعر والأدب والانشاء وجميع الفضائل والمحاسن أشهر من أن يذكر، كان
عظيم الشأن جليل القدر، رفيع المنزلة، لا نظير له في زمانه، له شعر جيد
وإنشاء حسن.
قال تلميذه ابن داود في وصفه نجم الدين أبو القاسم المحقق المدقق الامام
العلامة واحد عصره، كان ألسن أهل زمانه وأقومهم بالحجة وأسرعهم استحضارا
قرأت عليه، ورباني صغيرا، وكان له علي إحسان عظيم والتفات، وأجاز
لي جميع ما صنفه وقرأة ورواه، وكل ما تصح روايته عنه، توفى في ع 2
سنة 676 (خعو).
له تصانيف حسنة محققة مقررة محررة عذبة، فمنها كتاب شرائع الاسلام
مجلدان، (كتاب) النافع في مختصره مجلد، (كتاب) المعتبر في شرح المختصر
لم يتم مجلدان، (كتاب) المسائل العربية مجلد، (كتاب) المسائل المصرية مجلد
(كتاب) المسلك في أصول الدين مجلد، (كتاب) المعارج في أصول الفقه مجلد
(كتاب) الكهنة في المنطق مجلد.
وله كتب غير ذلك ليس هذا موضع استيفائها فأمرها ظاهر، وله تلاميذ فقهاء فضلاء، إنتهى.
(أقول) ومن فضلاء تلاميذه ابن أخته جمال الدين آية الله العلامة الحلي
وأخوه الشيخ رضي الدين علي بن يوسف صاحب العدد القوية والسيد عبد الكريم
154

ابن طاووس صاحب فرحة الغري، والفاضل الآبي والشيخ صفي الدين الحلي
والوزير شرف الدين أبو القاسم علي بن الوزير مؤيد الدين محمد بن العلقمي،
وكان عالما جليل القدر شاعرا أديبا وأبوه كان وزير المستعصم العباسي ويأتي
ذكره في الوزير العلقمي والشيخ شمس الدين محفوظ بن وشاح بن محمد، وكان
عالما فاضلا أديبا شاعرا جليلا من أعيان العلماء في عصره، وجرى بينه وبين
المحقق مكاتبات ومراسلات، ومما كتب إلى المحقق قوله:
قلبي شخصك مقرونان في قرن * عند انتباهي وبعد النوم يغشاني
حللت فيه محل الروح في جسدي * فأنت ذكري في سر وإعلان
لولا المخافة من كره ومن ملل * لطال نحوك تردادي وإتياني
يا جعفر بن سعيد يا إمام هدى * يا واحد الدهر يا من لا له ثاني
فأنت سيد أهل الفضل كلهم * لم يختلف ابدا في فضلك اثنان
وله قصيدة في مرثية المحقق، أورد بعض اشعارها شيخنا الحر العاملي
في (مل).
ومن تلاميذ المحقق الشيخ المحدث الفقيه جمال الدين يوسف بن حاتم
الشامي، صاحب كتاب الدر النظيم في مناقب الأئمة اللهاميم عليهم السلام،
إلى غير ذلك.
(وأما) أساتيذ المحقق ومن يروي عنهم فهم جماعة أجلاء، أشهرهم
الفقيه الاجل ابن نما الحلي، والسيد فخار بن معد الموسوي، ووالده الحسن
ابن يحيى بن سعيد إلى غير ذلك.
حكي ان الحقق الطوسي نصير الدين رحمه الله حضر درس المحقق وأمرهم
باكمال الدرس فجرى البحت في مسألة استحباب التياسر (يعني في العراق) فقال
المحقق الطوسي: لا وجه للاستحباب، لان التياسر إن كان من القبلة إلى غيرها
فهو حرام، وإن كان من غيرها إليها فواجب، فقال المحقق في الحال بل منها إليها
155

فسكت المحقق الطوسي.
ثم ألف المحقق في ذلك رسالة لطيفة أوردها الشيخ أحمد بن فهد في
المهذب بتمامها وأرسلها إلى الحقق الطوسي فاستحسنها، وكان مرجع أهل عصره
في الفقه وغيره، يروي عن أبيه عن جده يحيى الأكبر إنتهى.
وذكر الشيخ أبو علي الحائري عن إجازة الشيخ يوسف البحراني انه قال
قال بعض الاجلاء الاعلام من متأخري المتأخرين رأيت بخط بعض الأفاضل ما
صورة عبارته في صبح يوم الخميس ثالث عشر ربيع الآخر سنة ست وسبعين
وستمائة سقط الشيخ الفقيه أبو القاسم جعفر بن الحسن الحلي (ره) من أعلى
درجة في داره فخر ميتا لوقته من غيره نطق ولا حركة، فتفجع الناس لوفاته
واجتمع لجنازته خلق كثير، وحمل إلى مشهد أمير المؤمنين عليه السلام، وسئل عن
مولده قال: سنة اثنتين وستمائة.
(أقول): وعلى ما ذكره هذا الفاضل يكون عمر المحقق المذكور أربعا
وسبعين سنة تقريبا، إنتهى.
وما نقله (ره) من حمله إلى مشهد أمير المؤمنين عليه السلام عجيب، فان الشائع
عند الخاص العام ان قبره طاب ثراه بالحلة، وهو مزار معروف وعليه قبة وله
خدام يخدمون قبره، يتوارثون ذلك أبا عن جد، وقد خربت عمارته فأمر
الأستاذ العلامة دام علاه بعض أهل الحلة فعمروها، وقد تشرفت بزيارته قبل
ذلك وبعده، والله العالم إنتهى.
(المحقق الأعرجي)
البحر الطامي ومفخر كل شيعي أمامي، أبو الفضائل السيد محسن بن السيد
حسن الحسيني الكاظمي.
قال (ضا) ما ملخصه: كان رحمه الله من أفاضل عصره وأفاخم دهره،
156

محققا في الأصول الحقة، ومعطيا للوصول الفقه مع أنه اشتغل بالتحصيل
في زمن كبره، ومضى أكثر من ثلاثين سنة عمره، وهذا من رفيع منزلته
وبديع امره، كان معظم قراءته على السيد صدر الدين القمي والأستاذ الأكبر
يروي عن الشيخ سليمان بن معتوق العاملي الراوي عن الشيخ يوسف البحراني
وعن المحقق القمي عن المحقق البهبهاني وتلمذ عنده كثير من الأعاظم مثل حجة
الاسلام الشفتي، والسيد صدر الدين العاملي، والسيد عبد الله شبر وغير هؤلاء
رضوان الله عليهم أجمعين.
وله من المصنفات المشهورة كتاب المحصول في علم الأصول وشرح الوافية
وسلالة الاجتهاد في الفقه، ومنظومة الأشباه والنظائر على حذو كتاب نزهة
الناظر ليحيي بن سعيد الحلي.
وله اشعار جيدة، ومراثي فاخرة كثيرة في أهل بيت العصمة والطهارة
عليهم السلام.
وكان (ره) في غاية الورع والتقوى الزهد والإنصاف، قاطنا ببلدة
الكاظمين، ومقيما للجماعة هناك.
وكان له ولد صالح فقيه توفى في حياة أبيه، ونقل عنه أبوه بعض تحقيقاته
في مجمع المباحثة كما أفيد، توفى سنة 1240 إنتهى.
قال شيخنا في المستدرك، العالم المحقق الناقد الزاهد السيد محسن بن
السيد حسن الحسيني الأعرجي الكاظمي البغدادي صاحب الوسائل في الفقيه في
عدة مجلدات، وهو من الكتب النفيسة الحاوية الجامعة.
وكان الشيخ الأستاذ أي " الحاج عبد الحسين (ره) يقول: ان كتاب
القضاء من وسائل السيد أحسن ما كتب في هذا الباب.
وقال شيخنا أيضا: وكان رحمه الله من الزهاد والناسكين، حدثني الأخ
الصفي الروحاني جامع الكمالات آغا رضا الأصبهاني عن العالم الجليل صاحب
157

الكرامات الباهرة المولى زين العابدين السلماسي (1) قال: رأيت في الطيف بيتا
عاليا رفيعا منيعا، له باب كبير واسع وعليه وعلى جدران الدار مسامير من
الذهب تسر الناظرين، فسألت عن صاحب الدار فقيل انه للسيد محسن الكاظمي
فتعجبت من ذلك، وقلت: كانت داره التي في مشهد الكاظمين صغيرة حقيرة
ضيقة الباب والفناء فمن أين أوتي هذا البناء؟ فقالوا: انه لما دخل من ذلك
الباب الحقير اعطاء الله تعالى هذا الباب العالي الكبير.
وكان بيته رحمه الله كما ذكره المولى في المنام في غاية الحقارة، وبلغ من
زهد على ما حدثني به جماعة انه لم يكن له من المتاع ما يضع سراجه فيه، وكان
يوقد الشمعة على الطابوق والمدر، شكر الله سعيه.
يروي عن العالم النبيل الشيخ سليمان بن معتوق العاملي عن شيخنا صاحب
الحدائق، ويروي عنه حجة الاسلام الشفتي الأصبهاني رحمه الله.
والأعرجي نسبة إلى عبيد الله الأعرج بن الحسين الأصغر بن الإمام زين العابدين
علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام.
(المحقق الثاني) انظر المحقق الكركي
(المحقق الخونساري)
أستاذ الحكماء والمتكلمين، ومربي الفقهاء المحدثين، كنز الفضائل ونهرها
الجاري المولى الاجل الحسين بن جمال الدين محمد بن الحسين الخونساري.

(1) المولى زين العابدين السلماسي المذكور كان صاحب كرامات ومقامات
عاليات تلميذ آية الله العلامة الطباطبائي بحر العلوم، وكان من خاصته في السر
والعلانية رحمة الله ورضوانه عليه، وسلماس بفتح أوله وثانيه وآخره سين أخرى
مدينة مشهورة بآذربيجان، بينها وبين أرمية يومان، وبينها وبين تبريز ثلاثة أيام
وهي بينهما، وقد خرب الآن معظمهما وبين سلماس وخوي مرحلة قاله الحموي.
158

قال صاحب جامع الرواة في وصفه: فريد عصره ووحيد دهره، قدوة
المحققين، سلطان الحكماء المتألهين، وبرهان أعاظم المتكلمين، إنتهت إليه رئاسة
الفضيلة في زمانه إليه، وأمره في علو قدره، وعظم شأنه وسمو رتبته وتبحره
في العلوم العقلية والنقلية، ودقة نظره، وإصابة رأيه وحدسه وثقته وأمانته
وعدالته أشهر من أن يذكر وفوق ما تحوم حوله العبارة.
وكان ملجأ للفقراء والمساكين، ساعيا في حوائجهم، جزاه الله تعالى
خير جزاء المحسنين.
له تلامذة أجلاء، وله كتب جيدة منها: شرح الدروس في غاية البسط
وكمال الدقة مشتمل على جميع اخبار الأئمة عليهم السلام وأقول فقهائنا الامامية
رضي الله عنهم بحيث لا يشذ منه شئ، ثم عد كتبه، ثم قال: ولد في شهر
ذي القعدة سنة 1016 (غيو)، ومات غرة رجب سنة 1098 (غصح)
رضي الله عنه وأرضاه إنتهى.
وفي الامل: فاضل عالم حكيم مدقق ثقة جليل القدر، عظيم الشأن
علامة العلماء، فريد العصر.
له مؤلفات، منها: شرح الدروس، حسن لم يتم، وعدة كتب
في الكلام والحكمة، وترجمة الصحيفة وغير ذلك من المعاصرين أطال الله بقاه
نروي عنه إجازة، إنتهى.
أقول: قبره في أصبهان في مقبرة تخته فولاد بقرب بابا ركن الدين
مزار معروف، وبنى عليه الشاه سليمان الصفوي قبة عالية، ومعه ولده العالم
الجليل الآقا جمال الدين العالم الفاضل الحاج مولى حسين علي التويسركاني المتوفى
سنة 1286 (فروغ).
(المحقق السبزواري)
المولى محمد باقر بن المولى محمد مؤمن الخراساني السبزواري، كان عالما
159

فاضلا حكيما متكلما، وفقيها أصوليا محدثا نبيلا، أصله من سبزوار وسكن
أصبهان إلى أن اعتلا أمره عند السلطان الشاه عباس الصفوي الثاني، ففاز
بامام الجمعة والجماعة ومنصب شيخوخة الاسلام، وبقي هذا المنصب في سلالته
وكان السيد الوزير الكبير سلطان العلماء يحبه كثيرا ويقمه على أقرانه بحيث
فوض تدريس مدرسة المولى عبد الله التستري (ره) إليه.
وكان بينه وبين المولى محسن الفيض أيضا ألفة تامة وموافقة كاملة، له
شرح كبير على الارشاد سماه ذخيرة المعاد، وله أيضا الكفاية في الفقه ورسالتان
في عينيه صلاة الجمعة، ورسالة في تحريم الغناء، ورسالة في الصلاة والصوم بالفارسية
وكتاب كبير في الدعاء سماه مفاتيح النجاة.
كان من تلامذة الشيخ بهاء الدين العاملي، ويروي عنه وعن السيد حسين
ابن حيدر العاملي، ومن كبار تلامذته زوج أخته المحقق الخونساري، والمولى
محمد السراب ومن اشعاره بالفارسية:
درعا لم تن چه مانده بيمايه * پائي بردار وبگذاراز نه بايه
ازمشرق جان برتو نتابد نوري * تااز بسى تو چون سايه
ويقرب منه قول الشيخ سعدى:
اگرلذت ترك لذت بداني * دگرلذت نفس لذت نخواني
هزاران درازخلق بر خود ببندى * گرت باز شد درآسماني
چنان ميروى ساكن خواب درسر * كه مي ترسم ازكاروان بازمانى
وصيت همين جان بردار * كه أوقات ضايع مكن تاتوانى
توفى سنه 1090، وأرخه بعض شعراء العجم بقوله:
شدشريعت بي سرو * افتاد ازپا اجتهاد
إذ ذهبت من الشريعة رأسها بقي 680، وإذا سقطت من الاجتهاد رجله
بقي 410 فيصير مجموعهما 1090.
160

ثم نقل نعشه الشرق إلى المشهد القدس الرضوي على مشرفه السلام.
ودفن في مدرسة الميرزا جعفر.
(المحقق القمي) انظر أبو القاسم القمي
(الحقق الكركي)
مروج المذهب والملة، ورأس المحققين الجلة، شيخ الطائفة في زمانه وعلامة
عصره وأوانه، الشيخ الأجل نور الدين علي بن عبد العالي الكركي العاملي،
الملقب تارة بالشيخ العلائي، وأخرى بالمحقق الثاني
قال شيخنا الحرفي (مل): أمره في الثقة والعلم والفضل وجلالة القدر،
وعظم الشأن وكثرة التحقيق أشهر من يذكر.
ومصنفاته كثيرة مشهورة، منها: شرح القواعد ست مجلدات إلى بحث
التفويض من النكاح، والجعفرية ورسالة الرضاع، ورسالة الخراج، ورسالة
أقسام الأرضين، ورسالة صيغ العقود والايقاعات، ورسالة سماها نفحات
اللاهوت، وشرح الشرائع، ورسالة الجمعة، وشرح الألفية وحاشية الارشاد
وحاشية المختلف.
ثم عد كتبا أخر، ثم قال: روى عنه فضلاء عصره، منهم الشيخ علي
ابن عبد العالي الميسي، رأيت اجازته، وكان حسن الخط، وذكره السيد
مصطفى التفريشي في كتاب الرجال فقال فيه: شيخ الطائفة وعلامة وقته
صاحب التحقيق والتدقيق، كثير العلم، نقي الكلام، حيد التصانيف من
أجلاء هذه الطائفة.
له كتب منها شرح قواعد الحلي، إنتهى، وكانت وفاته سنة 937 وقد
زاد عمره على السبعين، إنتهى.
وقال في المستدرك: وفي سنة 940 كانت وفاة الشيخ المحقق المدقق مروج
161

مذهب أهل البيت (ع) الشيخ علي عبد العالي في يوم الاثنين الثامن عشر
من ذي الحجة فما في الامل من أن الوفاة كانت في سنة 937 من سهو القلم،
وفي (ض) عن تاريخ (عالم آراء) انه (قد) مات في مشهد علي عليه السلام في 18 ذي الحجة
وهو يوم الغدير سنة 940 زمن السلطان شاه طهماسب إنتهى.
قال شيخنا رحمه الله: وكان فقيه عصره، صاحب جواهر الكلام يقول:
من كان عنده جامع المقاصد والوسائل والجواهر لا يحتاج بعدها إلى كتاب
آخر للخروج عن عهدة الفحص الواجب على الفقيه في آحاد المسائل الفرعية،
قال صاحب الرياض وقال حسن بيك روملو المعاصر للشيخ علي في تاريخه بالفارسية
ما معناه: ان بعد الخواجة نصير الدين في الحقيقة لم يسمع أحد سعى أزيد
مما سعى الشيخ علي الكركي هذا في إعلاء اعلام المذهب الحق الجعفري، ودين
الأئمة الاثني عشر، وكان له في منع الفجرة والفسقة وزجرهم، وقلع قوانين
المبتدعة وقمعها، وفي إزالة الفجور والمنكرات، وإراقة الخمور والمسكرات،
وإجراء الحدود والتعزيرات، وإقامة الفرائض والواجبات والمحافظة على أوقات
الجمعة والجماعات، وبيان احكام الصيام والصلوات والفحص عن أحوال الأئمة
والمؤذنين، ودفع شرور المفسدين، وزجر مرتكبي الفسوق والفجور
حسب المقدور، مساعي جميلة ورغب عامة العوام في تعلم الشرائع وأحكام
الاسلام وكلفهم بها.
ونقل حسن بيك ان محمود بيك مهردار كان من ألد الخصام له، فكان
يوما في ميدان صاحب آباد يلاعب بالصولجان، وكان الشيخ مشغولا
بدعاء السيفي وقت عصر يوم الجمعة ولم يتم دعاءه حتى وقع محمود بيك من
فرسه واضمحل رأسه إنتهى.
(ابن المحقق الكركي)
الشيخ عبد العالي فاضل فقيه محدث متكلم محقق عابد من مشايخ الاجلاء
162

يروي عنه المير الداماد.
له شرح الألفية، وشرح الارشاد، ورسالة في القبلة، ورسالة في
قبلة خراسان.
توفى سنة 993 يطابق جملة (ابن مقتداي شيعة)، كما أن تاريخ وفاة
والده يطابق (مقتداي شيعة).
ثم إن نور الدين علي بن عبد العالي الميسي العاملي غير نور الدين علي بن
عبد العالي الكركي فينبغي هنا ذكره ليعرفه من جهله حتى لا يقع في الاشتباه
ففي (مل) كان فاضلا عالما متبحرا محققا مدققا جامعا كاملا ثقة زاهدا عابدا
ورعا جليل القدر عظيم الشأن فريدا في عصره.
روى عنه شيخنا الشهيد الثاني بغير واسطة، ويروى عنه بواسطة السيد
حسن بن جعفر بن فخر الدين حسن بن نجم الدين الأعرج الحسيني، إنتهى،
وهو زوج خالة الشهيد الثاني ووالد زوجته الكبرى، يروي عن الشيخ محمد بن
داود الجزيني ابن عم الشهيد الأول، وعن المحقق الكركي عن الشيخ شمس الدين
محمد بن داود والشيخ علي بن هلال عن ابن فهد الحلي.
ويروي أيضا عن الشيخ محمد بن أحمد بن محمد الصهيوني العاملي الفاضل
العالم الورع المحقق عن الشيخ عز الدين حسن بن أحمد بن يوسف علي الكركي
المعروف بابن العشرة الفقيه الفاضل الكامل الورع عن أبي طالب محمد بن الشهيد
الأول عن أبيه رضوان الله عليهم.
وعن الرياض قال: رأيت بهراة بخط الشيخ حسين بن عبد الصمد والد
الشيخ البهائي في مجموعة هكذا.
توفى شيخنا الامام العلامة التقي الورع الشيخ علي بن عبد العالي الميسي
أعلى الله نفسه الزكية ليلة الأربعاء عند انتصاف الليل دخل قبره الشريف بجبل
صديق النبي ليله الخميس الخامس أو السادس والعشرين من شهر جمادى الأولى سنة
163

938 ثمان وثلاثين وتسعمائة، وظهر له كرامات كثيرة قبل موته وبعده، وهو
ممن عاصرته وشاهدته ولم اقرأ عليه شيئا لانقطاعه وكبره.
(المحلى)
جلال الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد بن محمد الشافعي، ولد بالقاهرة
سنة 791، وكان آية في الذكاء والفهم، فاشتغل بالعلم، وبرع في الفنون
فقها وكلاما وأصولا ونحوا ومنطقا وغيرها.
عرض عليه القضاء فامتنع، وتولى تدريس الفقه بالمدرسة المؤيدية والبرقوقية
ألف كتبا بغاية الاختصار منها: تفسير القرآن الكريم الذي أكمله جلال الدين
السيوطي على نمطه وسمي تفسير الجلالين، توفى سنة 864 (ضسد). وقد يطلق المحلي على الشيخ حسين بن محمد المحلي الشافعي الفقيه الأصولي
له فتح البرية على متن السخاوية
قيل: كان يكتب ما ألفه بخطه ويبيعها لمن يرغب فيها، ويأخذ من
الطالبين أجرة على تعليمهم ويقول: لا أبذل العلم رخيصا، وألف كتابا حافلا
في الفروع الفقهية على مذهب الشافعي.
توفى سنة 1170 (غقع)، أقول: اني ما اطلعت على ضبط
المحلي، ويحتمل ان يكون بفتح الميم وكسر الحاء وتشديد اللام نسبة
إلى المحل قرية باليمين.
(محيي الدين بن العربي)
الذي يعبرون عنه بالشيخ الأكبر أبو عبد الله محمد بن علي بن محمد الحاتمي
الطائي الأندلسي المكي الشامي، صاحب كتاب الفتوحات المكية.
برع في علم التصوف، ولقي جماعة من العلماء والمتعبدين، والناس فيه
على ثلاثة أقسام:
164

(الأول) من يكفره بناء على كلامه المخالف للشريعة المطهرة، وألفوا في
ذلك الرسائل، منهم العلامة السخاوي والتفتازاني والمولى علي القارى، حكى
القاضي نور الله في الإحقاق عن نجم الوهاج للدميري في شرح منهاج النووي
في بحث الوصايا انه قال: ومن كان من هؤلاء الصوفية كابن العربي والقطب
البونوي العفيف التلمساني فهؤلاء ضلال جهال خارجون عن طريقة الاسلام،
فضلا من العلماء الاعلام إنتهى.
(الثاني) من يجعله من أكابر الأولياء العارفين، وسند العلماء العاملين
بل يعده من جملة المجتهدين، منهم: الفيروز آبادي صاحب القاموس، والنابلسي
والشعراني والكوراني.
قال الفيروزآبادي في حقه على ما حكي عنه: هو عباب لا تكدره الدلاء
وسحاب تتقاصر عنه الأنواء، كانت دعواته تخترق السبع الطباق، وتفترق
بركاته فتملأ الآفاق، واني أصفه وهو يقينا فوق ما وصفته، وغالب ظني
اني ما أنصفته.
وأما كتبه ومصنفاته فالبحار الزواخر، ثم وصف كتبه وقال،
خصه الله بالعلوم اللدنية الربانية، وكان مسكنه وظهوره بدمشق، ينشر
فيها علومه، إنتهى.
(والقسم الثالث) من اعتقد ولايته وحرم النظر في كتبه منهم الجلال
السيوطي والحصكفي وغيرهما.
له مصنفات كثيرة، وأعظم كتبه وآخرها تأليفا الفتوحات المكية في
معرفة الاسرار المالكية والملكية قال فيه، كنت نوبت الحج العمرة فلما وصلت
أم القرى أقام الله في خاطري ان أعرف المولى بفنون من المعارف حصلتها في غيبتي
وكان الأغلب منها ما فتح الله تعالى علي عند طوافي بيته المكرم (إلى آخره)
ذكر الدميري في حياة الحيوان عن الذهبي عن أبي الفتح القشيري عن عز الدين
165

عبد السلام وقد سئل عن أبي عربي فقال: شيخ سوء كذاب فقال وكذاب
أيضا قال: نعم تذاكرنا يوما نكاح الجن، فقال الجن روح لطيف والانس
جسم كثيف فكيف يجتمعان، ثم غاب عنا مدة وجاءوا في رأسه شجة فقيل
له في ذلك، فقال: تزوجت امرأة من الجن فحصل بيني وبينها شئ فشجتني
هذه الشجة.
قال الامام الذهبي بعد ذلك: وما أظن عن ابن عربي تعمد هذه الكذبة
وإنما هي من خرافات الرياضية إنتهى.
توفي سنة 638 (خلح) بعد وقاة الشيخ عبد القادر بثمان وسبعين سنة،
وقبره بصالحية دمشق مزار مشهور.
قال الشعراني على ما حكي عنه: وقد بني عليه بقعة عظيمة وتكية شريفة
بالشام فيها طعام وخيرات واحتاج إلى الحضور عنده من كان ينكر عليه من
القاصرين بعدان كانوا يبولون على قبره إنتهى.
وفي (ضا) نقل منه انه قال: لا يجوز ان يدان الله بالرأي وهو القول
بغير حجة وبرهان من كتاب ولا سنة ولا إجماع.
وأما القياس فلا أقول به ولا أقلد فيه جملة واحدة فما أوجب الله علينا الاخذ
بقول أحد غير رسول الله صلى الله عليه وآله قال هذا أكثر القول به في هذا المعنى في مواضع
من كتبه، ومن اشعاره: رأيت ولائي آل طه وسيلة * على رغم أهل البعد يورثني القربى
فما طلب المبعوث اجرا على الهدى * بتبليغه إلا المودة في القربى
(محيي الدين النيسابوري)
أبو سعيد محمد بن يحيى الفقيه الشافعي، تفقه على أبى حامد الغزالي وبرع
في الفقه وصنف فيه، وانتهت إليه رئاسة الشافعية بنيسابور.
166

كان يدرس بنظامية نيسابور، ثم درس بمدينة هراة في المدرسة
النظامية، ومن شعره:
وقالوا يصير الشعر في الماء حية * إذا الشمس لاقته خلته صدقا
فلما ثوى صدغاه في ماء وجهه * وقد لسعا قلبي تبقنته حقا
قتلته الغز في شهر رمضان سنة 548 لما استولوا على نيسابور في
وقعتهم مع السلطان سنجر السلجوقي، فرثاه جماعة منهم: أبو الحسن علي بن أبي
القسم البيهقي فقال:
يا سافكا دم عالم متبحر * قد طار في أقصى الممالك صيته
تالله قلي يا ظلوم ولا تخف * من كان محيي الدين كيف تميته
وقال الحكيم الخاقاني في رثائه بالفارسية:
ان نيل مكرمت كه توديدي سراب شد
وان مصرمعدلت كه شنيدي خراب شد
كردون سر محمد يحيى بباد داد * حرمان نصيب سنجرمالك رقاب شد
اي مشتري ردابنه ازسركه طيلسان * درگردن محمد يحيى طناب شد
(محيي السنة) انظر البغوي
(المخزومي)
الشاعر أبو الخطاب عمر بن عبد الله بن أبي ربيعة بن المغيرة بن عبد الله بن
عمر بن مخزوم بن يقظة بن مرة القرشي.
قيل لم يكن في قريش اشعر منه، وكان كثير الغزل والنوادر، ولد في
الليلة التي قتل فيها عمر بن الخطاب، وهي ليلة الأربعاء لأربع بقين من ذي الحجة
سنة 23، وغزا في البحر لأحرقوا السفينة، فاحترق في حدود سنة 93، وكان
جده أبو ربيعة يلقب ذا الرمحين.
167

وكان أبوه أخا أبي جهل بن هشام بن المغيرة المخزومي لامه وهما ابنا عم
يجمعها المغيرة بن عبد الله.
وكان عبد الله والد المخزومي المذكور ابن عم المهاجر بن خالد بن الوليد
الصحابي الامامي الذي كان مع أمير المؤمنين عليه السلام يوم الجمل ويوم صفين بخلاف
أخيه عبد الرحمن حيث كان عثمانيا، وكان مع معاوية، واستشهد المهاجر بصفين
مع علي علية السلام.
(أقول): ذكر الشيخ المفيد في الارشاد من جملة خاصة الكاظم عليه السلام
وثقاته وأهل الورع والعلم والفقه من شيعته المخزومي، فقيل، هو عبد الله بن
الحارث المخزومي الذي أمه من ولد جعفر بن أبي طالب.
وقيل: انه المغيرة بن توبة المخزومي الذي عده الشيخ من أصحاب
الصادق عليه السلام.
وروى (كش) عنه قال قلت لأبي الحسن (ع) قد حملت هذا الفتى في
أمورك فقال اني حملته ما حملنيه أبي.
(المدائني)
أبو الحسن علي بن محمد بن عبد الله البصري المدائني، الشيخ المتقدم
الخبير الماهر، صاحب التصانيف الكثيرة، منها: كتاب خطب النبي صلى الله عليه وآله
وكتاب خطب أمير المؤمنين (ع)، وكتاب من قتل من الطالبيين، وكتاب
الفاطميات وغير ذلك.
ينقل منه ابن الحديد المدائني في شرحه على النهج، وشيخنا المفيد (ره)
في الارشاد وغيرهما، توفى ببغداد سنة 225 (كهر) وقد بلغ التسعين.
(والمدائني) نسبة إلى المدائن وهو كما عن تلخيص الآثار (1) وغيره

(1) تلخيص الآثار في عجائب الأقطار لعبد الرشيد بن صالح بن نوري
الباكوي مختصر على ترتيب الأقاليم السبعة. (كشف الظنون)
168

عبارة من مدن سبع كانت من بناء أكاسرة العجم على طرف دجلة بغداد يسكنها
ملوك بني ساسان إلى زمن عمر بن الخطاب، فلما ملك العرب ديار الفرس واختطت
البصرة والكوفة إنتقل الناس إليهما، ثم انتقلوا إلى واسط، فلما اختط المنصور
بغداد إنتقل أكثر الناس إليها.
قال صاحب التلخيص: وأما الآن فهي شبه قرية في الجانب الغربي من
دجلة، أهلها فلاحون شيعة إمامية، من عادتهم ان نساءهم لا يخرجن نهارا
أصلا، وفي الجانب الشرقي منها مشهد سلمان الفارسي رضي الله تعالى عنه، وله
موسم في منتصف شعبان، ومشهد حذيفة بن اليمان، وكان للأكاسرة هناك
قصر كان باقيا إلى زمن المكتفي فأمر بنقضه وبناه التاج الذي بدار الخلافة بغداد
وتركوا منه إيوان كسرى، ذكر انه من بناء أنوشروان من أعظم الأبنية
وأعلاها، والآن بقي منه طاق الإيوان وجناحاه وازجة قد بني بآجر طوال بقائه
إلى زماننا هذا من نتائج عدله، كما قال الشاعر:
جزاي حسن عمل بين كه روو كار هنوز
خراب ميكندبار گاه كسرى را
إنتهى
قال الخطيب البغدادي: لم تزل المدائن دار مملكة الأكاسرة ومحل
كبار الأساورة، ولهم بها آثار عظيمة وأبنية قديمة. منها: الإيوان
العجيب الشأن لم أر في معناه أحسن منه صنعة ولا أعجب منه عملا، وقد وصفه
البحتري في قصيدته التي أولها:
صنت نفسي عما يدنس نفسي * وترفعت عن جدا كل جبس
إلى أن قال:
وكأن الإيوان من عجب الصنعة * جوب في جنب أرعن جلس
مشمخر تعلو له شرفات * رفعت في رؤوس رضوى وقدس
169

ليس يدرى أصنع انس لجن * سكنوه أم صنع جن لإنس
غير أني أراه يشهد إن لم * يك بانيه في الملوك بنكس
والذي بنى الإيوان على ما ذكر عبد الله بن مسلم بن قتيبة هو سابور بن هرمز
المعروف بذي الأكتاف، إنتهى.
(أقول): ما ذكره الخطيب من اشعار البحتري كان أكثر من هذا
ولكني اكتفيت بهذا المقدار مناسبا للمقام قوله: (جدا كل جبس)، جدا
بالفتح أي العطية، والجبس بكسر الجيم وسكون الموحدة أي الفاسق والجبان
واللئيم (جوب) بالفتح درع للمرأة، والأرعن الأهوج في منطقه، والأحمق
المسترخي، وجلس بالكسر أي الجليس، والمشمخر الجبل العالي، ورضوى
كسكرى جبل بالمدينة، والقدس بالضم جبل عظيم بنجد، حكي انه اجتاز الملك
جلال الدولة البويهي على الإيوان فكتب عليه:
يا أيها المغرور بالدنيا اعتبر * بديار كسرى فهي معتبر الورى
غنيت زمانا بالملوك وأصبحت * من بعد حادثة الزمان كما ترى
وقال ابن الحاجب في وصف الإيوان على ما يحكى من معجم البلدان:
يا من بناه بشاهق البنيان * أنسيت صنع الدهر بالإيوان
كتب الليالي في ذراها أسطرا * بيد البلى وأنامل الحدثان
ان الحوادث والخطوب إذا سطت * أودت بكل موثق الأركان
روى أن أمير المؤمنين (ع) مر على المدائن فلما رأى آثار كسرى وقرب خرابها، قال رجل ممن معه:
جرت الرياح على رسوم ديارهم * فكأنهم كانوا على ميعاد
وإذا النعيم كل ما يلهى به * يوما يصير إلى بلى ونفاد
فقال أمير المؤمنين (ع): أفلا قلتم (قلت خ ل) " كم تركوا من جنات وعيون، وزروع ومقام كريم، ونعمة كانوا فيها فاكهين، كذلك وأورثناها
170

قوما آخرين، فما بكت عليهم السماء والأرض وما كانوا منظرين ".
وقال عليه السلام إن هؤلاء كانوا وارثين فأصبحوا موروثين لم يشكروا النعمة
فسلبوا دنياهم بالمعصية، إياكم وكفر النعم لا تحل بكم النقم.
(أقول) وكان الخاقاني بعد التأمل في هذا الخير عمل القصيدة الإيوانية:
هان أي دل عبرت بين از ديده نظركن هان
ايوان مدائن را آئينه عبرت دان
پرويز كه بنهادى برخوان تره رزين
زرين تره كوبرخوان رو كم تر كوبرخوان
قال ابن خلكان: وحكى الخطيب في تاريخ بغداد ان الإسكندر جعل
المدائن دار إقامته ولم يزك بها إلى أن توفي هناك وحمل تابوته إلى الإسكندرية
لان أمه كانت مقيمة هناك ودفن عندها إنتهى.
(تذييل) ذكر الخطيب في تاريخ بغداد أسماء جماعة وردوا المدائن،
أحببت إيراد بعضها هنا:
(1) يزيد بن نويرة: قال ورد المدائن وقتل مع علي بن أبي طالب
عليه السلام يوم النهروان.
وروى عن أبي يعقوب إسحاق بن إبراهيم المدني قال وأول قتيل قتل
من أصحاب علي (ع) يوم النهروان رجل من الأنصار يقال له يزيد بن نويرة
شهد له رسول الله صلى الله عليه وآله بالجنة مرتين.
(2) و (3) عبد الله ومحمد ابنا بديل بن ورقاء الخزاعيان، وردا المدائن في
عسكر علي (ع) حيث سار إلى صفين وقتلا بصفين.
(4) أبو جحيفة السوائي وهب بن عبد الله شهد مع علي (ع) يوم
النهروان ووردا المدائن في صحبته.
171

(5) أبو الطفيل عامر بن واثلة، ورد المدائن في حياة حذيفة وفي صحبة
علي عليه السلام.
(6) وائل بن حجر، ورد المدائن في صحبة علي (ع) حين خرج إلى
صفين وكان علي راية حضرموت يومئذ.
(7) هاشم المرقال الذي قتل بصفين مع علي عليه السلام.
(8) عمر بن أبي سلمة المخزومي ريب رسول الله صلى الله عليه وآله ورد المدائن في
صحبة علي عليه السلام لما سار إلى صفين.
(9) عبد الله بن مسعود، قال الخطيب: كان أحد حفاظ القرآن
وكان أيضا من فقهاء الصحابة.
ذكره عمر بن الخطاب (ره) فقال كنيف ملئ علما وبعثه إلى أهل الكوفة
ليقريهم القرآن، ويعلمهم الشرائع والاحكام، فبث عبد الله فيهم
علما كثيرا، وفقه منهم جما غفيرا، ورد المدائن ثم عاد إلى مدينة رسول الله صلى الله عليه وآله
فأقام بها إلى حين وفاته، فمات بها سنة 32، ودفن بالبقيع، وكان نحيف الجسم
أدم شديد الأدمة.
(10) عمار بن ياسر (ره)، قال الخطيب: ومناقبه مشهورة،
وسوابقه معروفة، ورد المدائن غير مرة في خلافة عمر وبعدها، وشهد مع علي بن أبي طالب عليه السلام حروبه حتى قتل بين يديه بصفين، وصلى عليه علي
عليه السلام ودفنه هناك.
(11) أبو أيوب الأنصاري الخزرجي، حضر مع علي بن أبي طالب (ع)
حرب الخوارج بالنهروان، وورد المدائن في صحبته.
(12) أبو قتادة الأنصاري، كان من أفاضل الصحابة لم يشهد بدرا،
وشهد ما بعدها، وعاش إلى خلافة علي بن أبي طالب عليه السلام، وحضر معه قتال
الخوارج بالنهروان، وورد المدائن في صحبته، وقيل: بل بقي بعده زمانا
172

طويلا، ومات سنة 54، وروي انه توفى سنة 38 بالكوفة، وصلى عليه علي عليه السلام.
(13) حذيفة بن اليمان، كان صاحب سر رسول الله صلى الله عليه وآله لقربه منه
وثقته به، وعلو منزلته عنه، ولاه عمر بن الخطاب المدائن فأقام بها إلى حين
وفاته ومات بها سنة 36.
(14) سلمان الفارسي رضي الله عنه، يكني أبا عبد الله لم يزل بالمدينة
حتى غزا المسلمون العراق فخرج معهم، وحضر فتح المدائن ونزلها حتى مات
بها، وقبره الآن ظاهر معروف بقرب إيوان كسرى، عليه بناء، وهناك
خادم مقيم لحفظ الموضع وعمارته والنظر في أمر مصالحه، وقد رأيت الموضع
وزرته غير مرة.
ثم روى أنه عاش ثلاثة وخمسين سنة، وكان من المعمرين، قيل: انه
أدرك وصي عيسى بن مريم عليه السلام، وأدرك علم الأول والآخر، وقرأ الكاتبين
وروي عنه قال تناولني بضع عشرة من رب إلى رب.
(15) عبد الله بن عباس عبد المطلب، ولد بمكة في شعب بني هاشم
قبل الهجرة بثلاث سنين، دعا له رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: اللهم فقه في الدين
وعلمه الحكمة والتأويل.
وكان عمر بن الخطاب يقربه ويدنيه ويستشيره مع شيوخ الصحابة،
ويقول: نعم ترجمان القرآن ابن عباس، وكانت عائشة تقول: هو اعلم
من بقي بالسنة.
وكان ابن عمر يقول: هو اعلم الناس بما انزل على رسول الله صلى الله عليه وآله
شهد مع علي بن أبي طالب عليه السلام صفين، وقتال الخوارج بالنهروان،
وورد في صحبته المدائن.
(16) ثابت بن قيس بن الحطيم، شهد مع رسول الله صلى الله عليه وآله أحد،
173

والمشاهد بعدها، واستعمله أمير المؤمنين عليه السلام على المدائن، وعاش
إلى أيام معاوية.
(17) البراء بن عازب، كان رسول علي إلى الخوارج بالنهروان يدعوهم
إلى الطاعة وترك المشاقة.
(18) قيس بن سعد بن عبادة الخزرجي، كان شجاعا بطلا كريما
سخيا حمل لواء رسول الله (ص) في بعض مغازيه، وولاه أمير المؤمنين عليه السلام إمارة
مصر، وحضر معه حرب الخوارج بالنهروان.
وكان مع الحسن بن علي عليه السلام على مقدمته بالمدائن، توفي بالمدينة
في آخر أيام معاوية.
(19) عثمان بن حنيف، (أقول): كان هو من السابقين الذين رجعوا إلى أمير المؤمنين عليه السلام وكان عامله على البصرة.
(20) أبو سعيد الخدري، كان من أفاضل الأنصار، وحفظ عن
رسول الله صلى الله عليه وآله حديثا كثيرا.
وروى عنه من الصحابة جابر بن عبد الله الأنصاري، وابن عباس،
ورد المدائن في حياة حذيفة وبعد ذلك مع أمير المؤمنين (ع) لما حارب الخوارج
بالنهروان، مات سنة 74.
(21) أبو برزة الأسلمي نضلة بن عبيد، شهد مع رسول الله صلى الله عليه وآله
فتح مكة ثم تحول إلى البصرة فنزلها.
وحضر مع علي بن أبي طالب (ع) قتال الخوارج بالنهروان، وورد
المدائن في صحبته، وغزا بعد ذلك خراسان فمات بها.
روى الخطيب باسناده عن قتادة ان أبا برزة الأسلمي كان يحدث ان
رسول الله صلى الله عليه وآله مر على قبر وصاحبه يعذب، فأخذ جريدة فغرسها إلى القبر
وقال: عسى ان يرفه عنه ما دامت رطبه، فكان أبو برزة يوصي إذا مت فضعوا
174

معي في قبري جريدتين، قال: فمات في مفازة بين كرمان وقومس فقالوا:
كان يوصينا ان نضع في قبره جريدتين، وهذا موضع لا نصيبهما فيه، فبينا هم
كذلك إذ طلع عليهم ركب من قبل سجستان فأصابوا معهم سعفا فأخذوا منه
جريدتين فوضعوهما في قبره، مات بعد أربع وستين، له دار بالبصرة.
(22) قرظة بن كعب الخزرجي الأنصاري، ورد المدائن في صحبة
أمير المؤمنين عليه السلام لما سار إلى صفين، وكان على راية الأنصار يومئذ
توفي بالكوفة في خلافة أمير المؤمنين عليه السلام وصلى عليه وولده بالكوفة.
(23) نافع بن عتبة بن أبي وقاص مالك بن وهيب بن عبد مناف بن زهرة
ابن كلاب، وهو ابن أخي سعد بن أبي وقاص.
حفظ عن رسول الله صلى الله عليه وآله حديثا رواه عنه جابر بن سمرة السوائي،
ويعد نافع فيمن نزل الكوفة من الصحابة، وورد المدائن في صحبة علي عليه السلام
لما سار إلى صفين.
(24) أبو ليلى الأنصاري، أسند عن رسول الله صلى الله عليه وآله، وهو ممن
نزل الكوفة وأعقب بها، وفي ولده جماعة يذكرون بالفقه ويعرفون بالعلم، وكان
أبو ليلى خصيصا بعلي عليه السلام يسمر معه ومنقطعا إليه وورود المدائن في صحبته،
وشهد صفين معه، ذكر ذلك غير واحد من أهل العلم.
(25) عدي بن حاتم الطائي، حضر فتح المدائن، وشهد مع علي الجمل
وصفين النهروان، ومات بعد ذلك بالكوفة.
(26) سليمان بن صرد أبو المطرف الصحابي أمير التوابين، نزل
الكوفة، وابتنى بها دارا في خزاعة، وورد المدائن، وحضر صفين علي
عليه السلام، وقتل يوم عين الوردة بالجزيرة سنة 65 رماه يزيد بن الحصين بن نمير بسهم فقتله.
(27) عبد الله بن خباب بن الأرت، ورد المدائن وقتله الخوارج بالنهروان
175

(المديني)
أبو موسى محمد بن أبي بكر بن عمر بن أحمد بن عمر الأصبهاني الحافظ المشهور
صاحب كتاب المغيث في مجلد، كمل به كتاب الغريبين للهروي واستدرك عليه
وله ذيل على كتاب شيخه أبى الفضل محمد بن طاهر المقدسي الذي سماه الأنساب
رحل عن أصبهان في طلب الحديث، ثم رجع إليها وأقام بها، توفى بها سنة
581، والمدينة نسبة إلى مدينة النبي (ص) وعدة مدن أخرى منها مدينة
أصبهان وهي المراد هنا.
(المرادي)
الحسن بن قاسم المصري الفقيه النحوي اللغوي المعروف بابن أم قاسم،
صاحب شرح المفصل، وشرح التسهيل، وشرح الألفية، توفى يوم عيد الفطر
سنة 749 (ذمط).
وقد يطلق المرادي على شيخ الاسلام أبى الفضل محمد خليل بن بهاء الدين
محمد المرادي البخاري الدمشقي النقشبندي، مفتي السادة الحنفية بدمشق، له سلك
الدرر في أعيان القرن الثاني عشر، توفي سنة 1206 (غرو).
(المرتضى) انظر علم الهدى
(المرتضى الزبيدي)
أبو الفيض محمد بن محمد بن عبد الرزاق الشهير بالسيد مرتضى الحسيني
اليماني، صاحب تاج العروس في شرح القاموس، ارتحل إلى طلب العلم وحج
مرارا، واجتمع بالسيد عبد الرحمن العيدروس بمكة وألبسه الخرقة، وأجازه
بمروياته مسموعاته، واجتمع بالأكابر وأرباب العلم والسلوك، وله غير تاج
العروس اتحاف السادة المتقين بشرح اسرار احياء علوم الدين وبلغة الغريب،
وتنبيه العارف البصير على اسرار الحزب الكبير وهو شرح على حزب البر لأبي الحسن
176

الشاذلي، توفى بالطاعون بمصر سنة 1205 (غره).
(المرزبان)
أبو الحسن علي بن أحمد البغدادي الشافعي الفقيه، اخذ الفقه عن ابن القطان
وأخذ عنه أبو حامد الأسفرايني أول قدومه بغداد حكى عنه قال ما اعلم أن لأحد علي مظلمة، توفى سنة 306 (شو)، والمرزبان يأتي معناه في المرزباني.
(المرزباني)
أبو عبد الله محمد بن عمران بن موسى بن سعيد بن عبيد الله المرزباني
الشيعي الخراساني الأصل البغدادي المولد، صاحب التصانيف المشهورة، قيل
هو من مشايخ المفيد.
له كتاب ما نزل من القرآن في علي (ع)، وكتاب المفصل في علم البيان
في نحو ثلاثمائة ورقة، قيل: هو أول من أسس علم البيان ودونه، وإن عد
الشيخ عبد القاهر المؤسس.
قال ابن خلكان: كان راوية للأدب، صاحب اخبار، وتآليفه كثيرة
وكان ثقة في الحديث، ومائلا إلى التشيع في المذهب، حدث عن عبد الله بن
محمد البغوي وأبى بكر بن أبي داود السجستاني، وهو أول من جمع ديوان يزيد
ابن معاوية بن أبي سفيان الأموي واعتني به وهو صغير الحجم إنتهى.
وقال الخطيب في تاريخ بغداد ما ملخصه: أبو عبد الله الكاتب المعروف
بالمرزباني، حدث، عن أبي القسم البغوي، وأحمد بن سليمان الطوسي وابن دريد
ونفطويه، وأبى بكر بن الأنباري ومن في طبقتهم وبعدهم.
حدثنا عنه القاضيان أبو عبد الله الصيمري، وأبو القسم التنوخي وعلي
ابن أيوب القمي وغيرهم، وكان صاحب اخبار ورواية للآداب، وصنف كتبا
كثيره في اخبار الشعراء المتقدمين والمحدثين على طبقاتهم وغير ذلك.
177

وكان حسن الترتيب لما يجمعه، غيران أكثر كتبه لم يكن سماعا له،
وكان يرويها إجازة.
قال لي علي بن أيوب القمي: يقال ان أبا عبيد الله أحسن تصنيفا من
الجاحظ، وقال: دخلت يوما على أبى علي الفارسي النحوي فقال: من أين
أقبلت؟ قلت: من عند أبي عبيد الله المرزباني، فقال أبو عبيد الله من محاسن
الدنيا، قال لي علي بن أيوب: وكان عضد الدولة، يجتاز على بابه فيقف ببابه
حتى يخرج إليه أبو عبيد فيسلم عليه ويسأله عن حاله وقال: سمعت أبا عبيد الله
يقول: سودت عشرة آلاف ورقة فصح لي منها مبيضا ثلاثة آلاف ورقة،
وحدثني القاضي الصيمري قال: سمعت المرزباني يقول كان في داري خمسون ما
بين لحاف ودواج معدة لأهل العلم الذين يبيتون عندي.
قال الخطيب: ليس حال أبى عبيد الله عندنا الكذب وأكثر ما عيب به
المذهب ورواياته عن إجازات الشيوخ له من غير تبيين الإجازة.
وكان مولده سنة 296، وتوفى سنة 384 وصلى عليه أبو بكر الخوارزمي
الفقيه، وحضرت الصلاة عليه، ودفن في داره في الجانب الشرقي.
وكان مذهبه التشيع والاعتزال، وكان ثقة في الحديث، إنتهى
كلام الخطيب ملخصا.
وذكره ابن النديم وعد تصانيفه وقال: أصله من خراسان، آخر من
رأيناه من الأخباريين المصنفين راوية صادق اللهجة واسع المعروفة بالروايات. الخ
قلت: قد أكثر النقل عنه علم الهدى في كتاب الغرر والدرر.
والمرزباني: بفتح الميم والزاي بعد الراء الساكنة، نسبة إلى بعض أجداده
وكان اسمه المرزبان (1) وهذا الاسم عند العجم لا يطلق إلا على الرجل

(1) ولعله هو المرزبان بن عمران بن عبد الله بن سعد الأشعري القمي الذي
عده الشيخ من أصحاب الرضا عليه السلام.
178

العظيم القدر، وتفسيره بالعربية (حافظ الحد).
(المرزوقي) انظر الامام المرزوقي
(المرشدي)
الشيخ عبد الرحمن بن عيسى بن المرشد العمري المعروف بالمرشدي الحنفي
مفتي الحرم المكي ولي إمامة المسجد الحرام وخطابته.
حكي عن المولى الحين البوريني المعاصر لشيخنا البهائي انه ذكره وأثنى
عليه ثناء عظيما، وقال: اجتمعت به في مكة فرأيت عربيته متينة، وقريحته في
فهم الاخبار جيدة، إنتهى.
له شرح على عقود الجمان للسيوطي، ومنظومة في علم التصريف سماها
الترصيف عدتها خمسمائة بيت من بحر الرجز أوله:
أفضل ما إليه تصريف الهمم * يحسن حمد الله وهاب النعم
توفي سنة 1037
(المرعث)
بشار بن برد أبو معاذ الشاعر (في تاريخ بغداد) انه ولد أعمى وهو المقدم
من الشعراء المحدثين، أكثر الشعر وأجاد القول، وهو بصرى قدم بغداد،
وكان المهدي اتهمه بالزندقة فقتله، قيل له المرعث لأنه كان يلبس في اذنه وهو
صغير رعاثا، والرعاث القرط.
حكي عن الأصمعي قال قلت لبشار ما رأيت أذكى منك قط فقال هذا لأني
ولدت ضريرا اشتغلت عن الخواطر للنظر، ثم أنشدني:

وروى (كش) عنه قال قلت لأبي الحسن الرضا (ع) أسألك عن أهم
الأمور إلي امن شيعتكم أنا؟ فقال نعم، قال قلت اسمي مكتوب عندكم؟ قال:
نعم، وذكره (جش) وقال له كتاب.
179

عميت جنينا والذكاء من العمى * فجئت عجيب الظن العلم موئلا
وغاض ضياء العين للقلب رائدا * بحفظ إذا ما ضيع الناس حصلا
وبه:
ولها مبسم كثغر الأقاحي * وحديث كالوشي وشي البرود
نزلت في السواد من حبة ألقاب * وزادت زيادة المستزيد
عندها الصبر عن لقائي وعندي * زفرات يأكلن صبر الجليد
روى الخطيب عن أبي جعفر الأعرج الكوفي قال: دخل بشار على المهدي يعزيه
على البانوجة فقال: يا ابن معدن الملك وثمرة العلم إنما الخلق للخالق وإنما الشكر
للمنعم ولا بد مما هو كائن كتاب الله تعالى عظتنا ورسول الله صلى الله عليه وآله أسوتنا،
فأية عظة بعد كتاب الله، وأية أسوة بعد رسول الله صلى الله عليه وآله، مات فما أحسن
الموت بعده، قتل سنة 167 أو 168.
(المرقال)
هاشم بن عتبة بن أبي وقاص حامل الراية العظمى بصفين، لقب المرقال لأنه
كان يرقل في الحرب أي يسرع.
كان من أفاضل أصحاب النبي (ص) وقتل رضي الله عنه في نصرة مولانا
أمير المؤمنين (ع) بصفين يوم شهادة عمار رضي الله عنه.
وكان عظيم الشأن جليل القدر، من أراد تحقيق ذلك فليراجع كتاب
صفين، فإنه جاهد في صفين، وقاتل قتالا شديدا، ونصح لرجل شامي،
فهداه الله تعالى.
روى أن في صفين كان عمار لا يمر بواد من أودية صفين إلا تبعه من
كان هناك من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله.
ثم جاء إلى هاشم بن عتبة المرقال وكان صاحب راية علي (ع) فقال يا هاشم
180

أعورا وجبنا لا خير في أعور لا يغشى الناس اركب يا هاشم فركب ومضى معه
وهو يقول:
أعور يبغي أهله محلا * قد عالج الحياة حتى ملا
وعمار يقول: تقدم يا هاشم الجنة تحت ظلال السيوف، والموت تحت أطراف
الأسنة، وقد فتحت أبواب السماء وزينت الحور العين، اليوم ألقى الأحبة محمدا
وحزبه، وقاتل قتالا شديدا، وحمل عليه الحرث بن المنذر فطعنه فسقط وقد
انشق بطنه فلما سقط رأى عبيد الله بن عمر قتيلا إلى جانبه فجثا حتى دنا منه
فعض على ثديه حتى تبينت فيه أنيابه، ثم مات هاشم وهو على صدر عبيد الله
ولما قتل هاشم جزع الناس عليه جزعا شديدا وأصيبت معه عصابة من أسلم من
القراء فمر بهم على وهم قتلى حوله، فقال عليه السلام:
جزى الله خيرا عصبة أسلمية * صباح الوجوه صرعوا حول هاشم
وأخوه نافع بن عتبة، كان مع علي عليه السلام في صفين وتقدم ذكره في
المدائن فيمن ورد المدائن.
(المزي)
أبو الحجاج الحافظ جمال الدين يوسف بن عبد الرحمن بن يوسف الدمشقي
الشافعي المحدث المشهور صاحب تحفة الاشراف وتهذيب الكمال في أسماء الرجال
الذي لخصه الذهبي وسماه تذهيب التهذيب، ولخص منه ابن حجر العسقلاني
وزاد عليه شيئا كثيرا وسماه تهذيب التهذيب.
قال السبكي في محكي الطبقات الشافعية في حقة شيخنا وأستادنا وقدوتنا
الشيخ جمال الدين أبو الحجاج المزي حافظ زماننا حامل راية السنة والجماعة والقائم
بأعباء هذه الصناعة، إنتهى.
توفى سنة 742 (ذهب)، والمزي نسبة إلى مزة بفتح الميم والزاي المشددة
قرية بضواحي دمشق.
181

(المزني)
بضم الميم وفتح الزاي أبو إبراهيم إسماعيل بن يحيى بن عمرو بن إسحاق
المصري الشافعي الفقيه النحوي، صاحب كتاب المختصر في فروع الشافعية، وهو
أول من صنف في مذهب الشافعي.
حكي انه إذا فرغ من مسألة وأودعها مختصره قام إلى المحراب وصلى ركعتين
شكر الله تعالى.
وقيل: انه كان إذا فاتته الصلاة في جماعة صلى منفردا خمسا وعشرين
صلاة استدراكا لفضيلة الجماعة، مستندا إلى الحديث النبوي المشهور صلاة
الجماعة أفضل من صلاة أحدكم وحده بخمس وعشرين درجة، توفى بمصر
سنة 264 (سدر).
قال ابن النديم: المزني هو أبو إبراهيم إسماعيل بن إبراهيم المزني من
مزينة قبيلة من قبائل اليمن، اخذ عن الشافعي ولم يكن في أصحاب الشافعي أفقه
من المزني ولا أصلح من البويطي اسمه يوسف بن يحيى إنتهى.
(أقول): روى الخطيب في تاريخه عن أبي العباس بن سريح قال: يؤتى
يوم القيامة بالشافعي وقد تعلق بالمزني يقول رب هذا أفسد علومي، فأقول: أنا
مهلا يا أبا إبراهيم فاني لم أزل في اصلاح ما أفسده.
(أقول): أبو العباس بن سريج هو القاضي أحمد بن عمر بن سريج إمام
أصحاب الشافعي في وقته شرح المذهب ولخصه وعمل المسائل في الفروع، وصنف
الكتب في الرد على المخالفين من أهل الرأي وأصحاب الظاهر، ذكر ذلك الخطيب
في تاريخ بغداد، وذكران شيخا من أهل العلم قال لأبي العباس ابن سريج
ابشر أيها القاضي فان الله بعث عمر بن عبد العزيز على رأس المائة فأظهر كل سنة
وأمات كل بدعة، ومن الله على رأس المائتين بالشافعي حتى أظهر السنة
182

وأخفى البدعة، ومن الله علينا على رأس الثلاثمائة بك حتى قويت كل سنة،
وضعفت كل بدعة، وقد قيل في ذلك:
اثنان قد مضيا فبورك فيهما * عمر الخليفة ثم حلف السؤدد
الشافعي الألمعي المرتضى * خير البرية وابن عم محمد
أر جوابا العباس انك ثالث * من بعدهم سقيا لتربة احمد
توفى سنة 306، وتقدم ذكره في ابن سريج، (وقد يطلق) المزني علي
أبى عمرة محمد بن محمد بن داود المزني الذي عده الشيخ في رجاله من أصحاب
الصادق (ع)، توفى سنة 164.
(وقد يطلق المزني) أيضا على النعمان بن مقرن الصحابي، سكن البصرة
وتحوك منها إلى الكوفة وقدم المدينة وفتح القادسية، ثم مضى إلى قتال الفرس
بنهاوند ومعه جماعة منهم حذيقة بن اليمان، قتل بها يوم الجمعة سنة 21 في زمن
عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
(المزيدي)
ملك الأدباء وعين الفضلاء الشيخ رضي الدين أبو الحسن علي بن جمال الدين
أحمد بن يحيى الحلي، عالم فاضل فقيه يروي عن آية الله العلامة الحلي وابن داود
وعن أبيه، ويروي عنه الشيخ الشهيد (ره).
توفى غروب يوم عرفة سنة 757 (ذنز) ودفن في النجف الأشرف،
والمزيدي نسبة إلى بطن من بطون بني أسد كانوا من الشيعة قديما.
(المسجى)
الأمير المختار عز الملك محمد بن أبي القسم عبيد الله بن أحمد الكاتب
الحراني الأصل المصري المولد، صاحب التاريخ المشهور وهو اخبار مصر ومن
183

حلها من الولاة والامراء والأئمة والخلفاء وما بها من العجائب والأبنية وذكر نيلها
وأحوال من حل بها إلى غير ذلك.
قيل: هو ثلاثة عشر ألف ورقة، وكان على زي الأجناد، واتصل
بخدمة الحاكم الفاطمي صاحب مصر.
وله مصنفات كثيرة غير التاريخ، وله شعر حسن، توفى سنة
420 (تك).
(المستظهري) تقدم في الشاشي
(المستغفري)
أبو العباس جعفر بن محمد بن أبي بكر النسفي السمرقندي، خطيب حافظ
مفسر محدث، صاحب كتاب طب النبي وشمائل النبي ودلائل النبوة صلى الله
على النبي وآله، والظاهر أنه من علماء العامة، ولكن قال صاحب (ض) في ترجمته
ويلوح من فهرس بحار الأنوار للأستاذ الاستناد (قده) انه من علماء الشيعة،
قال رحمه الله في أول البحار في طي تعداد كتب الامامية وكتاب طب النبي (ص)
للشيخ أبى العباس المستغفري.
ثم قال: وكتاب طب النبي صلى الله عليه وآله وإن كان أكثر اخباره من طرق
المخالفين لكنه مشهور متداول بين علمائنا.
وقال نصير الدين الطوسي في كتاب آداب المتعلمين ولا بد أن يتعلم شيئا
من الطب ويتبرك بالآثار الواردة في الطب الذي جمعه الشيخ الإمام أبو العباس
المستغفري في كتابه المسمى بطب النبي صلى الله عليه وآله إنتهى، توفى سنة 432 (قلب)
وقبره بنسف بلدة بين جيحون وسمرقند.
المسعودي)
شيخ المؤرخين وعمادهم أبو الحسن علي بن الحسين بن علي المسعودي الهذلي
184

العالم الجليل الألمعي، ذكره العلامة (ره) في القسم الأول من (صه) وقال: له
كتاب في الإمامة وغيرها، منها كتاب في إثبات الوصية لعلي بن أبي طالب (ع)
وهو صاحب مروج الذهب إنتهى.
حكي انه نشأ في بغداد، وساح في البلاد، فطاف فارس وكرمان سنة
309 وقصد الهند إلى ملتان، وعطف إلى كنباية فسرنديب ثم ركب البحر إلى
بلاد الصين وطاف البحر الهندي وعاد إلى عمان.
ورحل رحلة أخرى سنة 314 إلى ما وراء أذربيجان وجرجان، ثم إلى
الشام وفلسطين، وكان يسكن مصر تارة والشام أخرى، ومن سنة 336 إلى
334 أقام بالفسطاط.
له كتاب اخبار الزمان ومن اباده الحدثان في ثلاثين مجلدا لا يوجد منه
إلا جزء واحد، وله أيضا ذخائر العلوم وما كان في سالف الدهور، وكتاب
في اخبار الأمم من العرب والعجم، وكتاب المقالات في أصول الديانات،
وكتاب مروج الذهب ومعادن الجوهر، قال العلامة المجلسي في مقدمة البحار
والمسعودي عده (جش) في فهرسته من رواة الشيعة، وقال: له كتب، منها:
كتاب إثبات الوصية لعلي بن أبي طالب عليه السلام، وكتاب مروج الذهب،
مات سنة 333 (شلج) إنتهى.
وقيل: انه بقي إلى سنة 345 (شمه)، (وقد يطلق) المسعودي عند العامة على
أبى عبد الله محمد بن عبد الله بن مسعود احمد الفقيه الشافعي تلميذ القفال المروزي
شارح مختصر المزني، توفى سنة نيف وعشرين وأربعمائة بمصر.
(مشكدانه)
عبد الله بن عمر بن محمد بن أيام بن صالح بن عمير القرشي الكوفي، شيخ
مسلم وأبى داود والبغوي وخلق من طبقتهم أخذوا عنه.
185

حكي انه ذكره أبو حاتم فقال: صدوق، ويروى عنه انه شيعي،
وذكره صالح بن محمد بن جزرة فقال، كان غاليا في التشيع، وذكره
الذهبي في الميزان فقال: صدوق صاحب حديث، سمع ابن المبارك. الخ
توفى سنة 239 أو 238.
(مصنفك)
علاء الملة والدين علي بن مجد الدين محمد بن مسعود بن محمود بن الفخر
الرازي البسطامي الشاهرودي.
له تصانيف وتعليقات كثيرة، وله شرح المصابيح للبغوي وشرح اللباب
في النحو، وشرح المطول، وشرح المفتاح للسيد الشريف، وشرح القصيدة
المعروفة بالبردة، وشرح القصيدة العينية للشيخ الرئيس:
(هبطت إليك من المحل الا رفع)
توفى بقسطنطينية سنة 875 (ضعه) ودفن عند أبي أيوب الأنصاري (ره)
ولقب بمصنفك لاشتغاله بالتصنيف في حداثة سنه، والكاف في آخر الأسماء
في لغة العجم للتصغير.
(المطرز)
أبو عمر الزاهد محمد بن عبد الواحد الباوردي غلام ثعلب أجد أئمة اللغة
المشاهير المكثرين صحت أبا العباس ثعليا زمانا فعرف به ونسب إليه وأكثر من
الاخذ عنه له كتاب اليواقيت، وشرح الفصيح لثعلب، وكتاب يوم وليلة
إلى غير ذلك.
قيل: لم يتكلم في علم اللغة أحد من الأولين والآخرين اعلم منه، كان
ينقل غريب اللغة وحواشيها، وحكي عنه غرائب، وكان لسبعة روايته يكذبه
أدباء زمانه في أكثر نقل اللغة ويقولون لو طار طائر لقال أبو عمر حدثنا ثعلب
186

عن ابن الاعرابي، ويذكر في معنى ذلك شيئا.
وكان أكثر ما يمليه من التصانيف يلقيه بلسانه من غير صحيفة يراجعها
حتى قيل: انه أملى من حفظه ثلاثين ألف ورقة من اللغة، فهذا الاكثار
نسب إلى الكذب.
وكان يسئل عن شئ تكون الجماعة قد تواطأت على وضعه فيجيب عنه
ثم يترك سنة ويسئل عنه فيجيب بذلك الجواب بعينه وقد امتحنته جماعة فقلبوا
القنطرة وسألوه عن الهرنطق فقال: كذا وكذا فتضاحك الجماعة سرا ثم بعد
شهر سئل عنه فأجاب بمثل ما أجاب أولا، فعجبت الجماعة من ذكائه واستحضاره
المسألة وإن لم يتحققوا صحة ما ذكره.
توفى ببغداد سنة 345 (شمعه)، والمطرز كمصنف يقال لمن يطرز الثياب،
وكانت صناعة أبى عمر المذكور التطريز.
قال ابن خلكان: وكان مغاليا في حب معاوية وعنده وجزء من فضائله،
وكان إذا ورد عليه من يروم الاخذ عنه ألزمه بقراءة ذلك الجزء إنتهى.
والباوردي نسبة إلى أبيورد، وقد تقدم ما يتعلق به في الأبيوردي، كما أنه
تقدم في السياري ما يتعلق بأبي عمر المذكور، ونقل من كتاب يواقيته انه
قال: انه أمير المؤمنين عليه السلام أمر بكنس بيت المال ورشه فقال: يا صفراء غري غيري
يا بيضاء غري غيري، ثم تمثل:
هذا جناي وخياره فيه * إذ كل جان يده إلى فيه
(بيان) قال الجزري في النهاية في حديث علي عليه السلام هذا جناي. الخ
هذا مثل أول من قاله عمرو بن أخت جذيمة الأبرش، كان يجني الكمأة مع أصحاب
له فكانوا إذا وجدوا خيار الكمأة أكلوها، وإذا وجدها عمرو جعلها في كمه حتى
يأتي بها خاله فقال هذه الكلمة فصارت مثلا، أراد علي عليه السلام بقوله انه لم يتلطخ
بشئ من فئ المسلمين بل وضعه مواضعه.
187

(المطرزي)
أبو الفتح ناصر بن عبد السيد بن علي المطرز الخوارزمي الحنفي المعتزلي
اللغوي النحوي، يقال له خليفة الزمخشري.
له مصنفات منها مغرب اللغة والمطرزية شرح المقامات للحريري، ومختصر
الاصلاح، توفى بخوارزم سنة 610 (بخ)
والمطرزي بضم الميم وفتح الطاء وتشديد الراء المكسورة هذه النسبة إلى
من يطرز الثياب ويرقمها.
(المعبدي)
أحمد بن محمد بن عبد الله المعبدي الكوفي من ولد معبد بن العباس بن
عبد المطلب الهاشمي.
كان احمد من اشتهر بالنحو والعربية من الكوفيين، وكان من وجوه
أصحاب ثعلب النحوي.
توفي سنة 292 (صبر) قلت: وأما أبو بكر المعبدي محمد بن فارس بن
حمدان قال الخطيب: كان يذكرانه من ولد أم معبد الخزاعية، روى عنه
الدارقطني، وحدثنا عنه علي بن أحمد الرزاز، وأبو بكر البرقاني وأبو نعيم
الأصبهاني وسألت أبا نعيم عنه فقال: كان رافضيا غاليا في الرفض، وكان أيضا
ضعيفا في الحديث.
حدثت عن أبي الحسن محمد بن الفرات قال: توفى أبو بكر المعبدي في ذي الحجة
سنة 361، وكان غير ثقة ولا محمود المذهب إنتهى.
(أقول): قد عرفت سابقا ان ضعف أمثال هؤلاء ليس إلا لأجل تشيعهم
وأم معبد الخزاعية هي التي مر على خيمتها النبي صلى الله عليه وآله ومن معه لما هاجر من مكة
188

اليم المدينة، وكانت برزة (1) جلدة (2) تحتبي بفناء الخيمة ثم تسقي وتطعم،
فسألوها تمرا ولحما يشترون فلم يصيبوا عندها شيئا من ذلك فإذا القوم مرملون (3)
مسنتون (4) فقالت: والله لو كان عندنا شئ ما أعوزناكم القرى، فنظر
رسول الله صلى الله عليه وآله إلى شاة في كسر الخيمة، فقال: ما هذه الشاة يا أم معبد؟
فقالت: شاة خلفها الجهد (ه) من الغنم، قال: هل بها من لبن؟ قالت: هي
اجهد من ذلك، قال: أتأذنين ان أحلبها؟ قالت: نعم بأبي أنت وأمي إن
رأيت بها حلبا فاحلبها، فدعا بها رسول الله فمسح بيده ضرعها وسمى الله عز وجل
ودعا لها في شاتها فتفاجت (6) عليه ودرت (7) واجترت (8) ودعا باناء يربض (9)
الرهط فحلب فيه ثجا (10) حتى علاه البهاء (11) ثم سقاها حتى رويت وسقى أصحابه

(1) برزة: أي كبيرة السن تبرز للناس ولا تستتر منهم ومع ذلك عفيفة
عاقلة تجلس للناس وتحدثهم من البروز.
(2) جلدة: أي عاقلة.
(3) والمرملون: الذين فنيت أزوادهم، واصله من الرمل كأنهم
لصقوا بالرمل.
(4) والمسنتون الذين لم يصب أرضهم مطر فلم تنبت شيئا.
(5) الجهد: المشقة والهزال.
(6) التفاج المبالغة في التفريج ما بين الرجلين.
(7) درت: أي أرسلت اللبن.
(8) اجترت: اجتر البعير أعاد الاكل من بطنه فمضغه ثانية وإنما يفعل ذلك
الممتلي علفا فصارت هذه الشاة كذلك.
(9) يربض: أي يروى الرهط حتى يربضوا، أي يقعوا على الأرض
للنوم والاستراحة.
(10) الثج: السيلان. (11) والبهاء وبيض رغوة اللبن.
189

حتى رووا، ثم شرب رسول الله صلى الله عليه وآله آخرهم ثم أراضوا ثم حلب ثانيا بعد
بداء حتى امتلأ الاناء ثم غادره عندها ثم بايعها وارتحلوا. الخ.
(وأم خالد المعبدية) هي التي روى (كا) عن أبي بصير قال: دخلت
أم خالد المعبدية على أبى عبد الله عليه السلام وأنا عنده فقالت: جعلت فداك انه
يعتريني قراقر في بطني وقد وصف لي أطباء العراق النبيذ بالسويق وقد وقفت
وعرفت كراهتك له فأحببت ان أسألك عن ذلك؟ فقال لها: وما يمنعك عن
شربه؟ قالت: قد قلدتك ديني فألقى الله عز وجل حين ألقاه فأخبره ان جعفر
ابن محمد عليه السلام أمرني ونهاني فقال: يا أبا محمد ألا تسمع إلى هذه المرأة وهذه المسائل
لا والله لا آذن لك في قطرة منه فإنما تندمين إذ بلغت نفسك هاهنا وأومى بيده
إلى حنجرته يقولها ثلاثا أفهمت، ثم قال أبو عبد الله عليه السلام: ما يبل الميل ينجس
حبا من ماء يقولها ثلاثا:
(المعتصم التجيبي)
الأمير أبو يحيي محمد بن معن بن محمد الأندلسي، كان رحب الفناء، جزيل
العطاء، لزمه جماعة من الشعراء، وله اشعار حسنة، منها قوله:
وزهدني في الناس معرفتي بهم * وطول اختباري صاحبا بعد صاحب
فلم ترني الأيام خلا تسرني * مباديه إلا ساءني في العواقب
ولا صرت أرجوه لدفع ملمة * من الدهر إلا كان إحدى النوائب
توفى سنة 484 (تفد) التجيبي نسبة إلى ثجيب بالضم والفتح بطن من كندة
منهم كنانة بن بشر التجيبي قاتل عثمان (ره).
(معتمد الدولة)
الحاج فرهاد ميرزا بن نائب السلطنة عباس بن فتح علي شاه القاجار، كان
فاضلا كاملا أديبا مؤرخا جامعا للفنون.
190

له مصنفات كثيرة شهيرة، منها القمقام وجام جم وهداية للسبيل وغير
ذلك، ذكره صاحب الذريعة وقال: ومن آثاره الخيرية تعمير صحن الكاظمين
عليهما السلام وتذهيب مناراته في سنة 1298. وتوفى سنة 1305، وحمل إلى مقبرته المشهورة بالمقبرة الفرهادية
في سنة 1306.
(المعتمد على الله ابن عباد)
أبو القسم محمد بن المعتضد بالله أبى عمرو عباد بن الظافر المؤيد بالله أبى القسم
محمد قاضي أشبيلية ابن أبي الوليد إسماعيل بن قريش بن عباد ينتهي إلى النعمان بن
المنذر اللخمي آخر ملوك الحيرة.
كان المعتمد المذكور صاحب قرطبة وإشبيلية وما والاهما من جزيرة الأندلس
وفيه وفي أبيه المعتضد يقول بعض الشعراء:
من بنى المنذرين وهو انتساب * زاد في فخرهم بنو عباد
فتية لم تلد سواها المعالي * والمعالي قليلة الأولاد
وأخبار والده المعتضد في جميع أفعاله وضروب أنحائه وسلطنته غريبة
بديعة لا يسع المقام نقلها، وكان شبيها بأبي جعفر المنصور في حزمه وشجاعة
قلبه وحدة نفسه.
ويحكى عنه حكايات في دهائه وحيله وقسوة قلبه، فمما يروى عن قسوة
قلبه وفتكه انه اتخذ خشبا في ساحة قصره جللها برؤوس الرؤساء والاشراف
عوضا عن الأشجار التي تكون في القصور، وكان يقول: في مثل هذا
البستان فليتنزه.
وكان ذا كلف بالنساء، فاستوسع في اتخاذ هن ففشا نسله، وله من
الولد ذكورا وأناثا نحو أربعين، ولدا، ولم يزل في عز سلطانه حتى مات بعلة
191

الذبحة سنة 461 بأشبيلية.
وقام ولده المعتمد على الله مقامه، وكان من أكبر ملوك الطوائف وأكثرهم
بلادا وأعظمهم ثمادا وأرفعهم عمادا.
وكانت حضرته ملقى الرحال وقبلة الآمال وموسم الشعراء ومألف الفضلاء
حتى قيل: انه لم يجتمع بباب أحد من ملوك عصره من أعيان الشعراء وأفاضل.
الأدباء ما كان يجتمع ببابه ويشتمل عليه حاشية جنابه، وكان للمعتمد شعر كما
انشق الكمام عن الزهر، ولم يزل في عز سلطانه إلى أن وقعت واقعة عام الزلاقة
وهي واقعة شهيرة ذكرها ابن خلكان في الوفيات، وقد ظهر منه فيها الشجاعة
والشهامة وشدة بأسه ومصابرته ما لم يسمع بمثله، فصار عاقبة ذلك أن اخذت
قرطبة، وقبض علي المعتمد وأهله، وقتل له ولدان رشيدان المأمون والراضي
ثم قيدوه من ساعته وجعل مع أهله في سفينة وحملوه إلي الأمير يوسف بمراكش
والناس يبكون على حاله.
قال الشاعر في قصيدة يذكر حملهم في السفن المنشآت وبكاء الناس عليهم:
نسيت إلا غداة النهر كونهم * في المنشآت كأموات بألحاد
والناس قد ملأوا العبرين واعتبروا * من لؤلؤ طافيات فوق أزباد
حان الوداع فضجت كل صارخة * وصارخ من مفداة ومن مفاد
سارت سفائهم والنوح يصحبها * كأنهم إبل تحدوا بها الحادي
فأمر الأمير بارسال المعتمد إلى مدينة اغمات واعتقله بها ولم يخرج منها إلى الممات
وكان لسان حاله ينشد:
محوت نقوش الجاه عن لوح خاطري * فأضحى كأن لم تجر فيه قلام
أنست بلأواه الزمان وذله * فيا عزة الدنيا عليك سلام
وله في حبسه بأغمات اشعار كثيرة، حكي انه دخل عليه يوما بناته السجن
وكان يوم عيد وكن يغزلن للناس بالأجرة في اغمات حتى أن إحداهن غزلت لبنت
192

صاحب الشرطة الذي كان في خدمة أبيها وهو في سلطانه فرآهن في أطمار رثة،
وحالة سيئة فصدعن قلبه وأنشد:
فيما مضى كنت بالأعياد مسرورا * فساءك العيد في اغمات مأسورا
ترى بناتك في الأطمار جائعة * يغزلن للناس لا يملكن قطميرا
برزن نحوك للتسليم خاشعة * أبصارهن حسيرات مكاسيرا
يطأن في الطين والاقدام حافية * كأنها لم تطأ مسكا وكافورا
قد كان دهرك ان تأمره ممتثلا * فردك الدهر منهيا ومأمورا
من يأت بعدك في ملك يسر به * فإنما بات بالأحلام مغرورا
ودخل عليه وهو في تلك الحال ولده أبو هاشم والقيود قد عضت بساقيه عض
الأسود، والتوت عليه التواء الأساود السود وهو لا يطيق اهمال قدم ولا يريق
دمعا إلا ممتزجا بدم بعد ما عهد نفسه فوق منبر وسرير وفي وسط جنة وحرير
تخفق عليه الألوية وتشرق منه الأندية فلما رآه بكي وقال:
قيدي أما تعلمني مسلما * أبيت ان تشفق أو ترحما
دمى شراب لك واللحم قد * أكلته لا تهشم الأعظما
يبصرني فيك أبو هاشم * فينثني والقلب قد هشما
ارحم طفيلا طائشا لبه * لم يخش ان يأتيك مسترحما
وارحم أخيات له مثله * جرعتهن السم والعلقما
منهن من يفهم شيئا فقد * خفنا عليه للبكاء العمى
والغير لا يفهم شيئا فما * يفتح إلا لرضاع فما
وكان قد اجتمع عليه جماعة من الشعراء، وألحوا عليه في السؤال وهو
على تلك الحال فأنشد:
سألوا اليسير من الأسير وانه * بسؤالهم لاحق منهم فأعجب
لولا الحياء وعزة لخمية * طي الحشا لحكاهم في المطب
193

وأشعاره وأشعار الناس فيه كثيرة، توفى في السجن باغمات سنة 488 (تفح)
اغمات مدينة وراء مراكش بينهما مسافة يوم.
(المعرى)
أحمد بن عبد الله بن سليمان، المعروف بأبي العلاء المعرى، الشاعر
الأديب الشهير.
كان نسيج وحده بالعربية، ضربت له آباط الإبل إليه، وله كتب كثيرة
وكان أعمى ذا فطانة، وله حكايات من ذكائه وفطانته.
حكي انه لما سمع فضائل الشريف السيد المرتضى اشتاق إلى زيارته فحضر
مجلس السيد وكان سيد المجالس فجعل يخطو ويدنو إلى السيد فعثر على رجل
فقال الرجل: من هذا الكلب فقال المعرى * من لا يعرف للكلب سبعين اسما
فلما سمع الشريف ذلك منه قربه وأدناه، فامتحنه فوجده وحيد عصره
وأعجوبة دهره.
فكان أبو العلاء يحضر مجلس السيد، وعد من شعراء مجلسه وجرى بينهما
مذاكرات من الرموز ما هو مشهور وفي كتب الاحتجاج مسطور.
قيل إن المعرى لما خرج من العراق سئل عن السيد المرتضى رضى الله
تعالى عنه فقال:
يا سائلي عنه لما جئت أسأله * ألا هو الرجل العاري من العار
لو جئته لرأيت الناس في رجل * والدهر في ساعة والأرض في دار
ومن شعره:
لو اختصرتم من الاحسان زرتكم * والعذب يهجر للإفراط في الخصر
(الخصر): البرد.
194

ومن شعر المعرى قصيدة يرثي بها بعض أقاربه:
غير مجد في ملتي واعتقادي * نوح باك ولا ترنم شاد
وشبيه صوت النعي إذا * قيس بصورت البشير في كل نادى
أبكت تلكم الحمامة أم غنت * على فرع غصنها المياد
صاح هذى قبورنا تملأ الأرض * فأين القبور من عهد عاد
خفف الوطئ ما أظن أديم الأرض * إلا من هذه الأجساد
وقبيح بنا وإن قدم العهد * هوان الآباء والأجداد
رب لحد قد صار لحدا مرارا * ضاحكا من تزاحم الأضداد
ودفين على بقايا دفين * في طويل الأزمان والآباد
فاسأل الفرقدين عمن أحسا * من قبيل وآنسا من بلاد
كم أقاما على زوال نهار * وأنار المدلج في سواد
تعب كلها الحياة فما أعجب * إلا من راغب في ازدياد
إن حزنا في ساعة الموت * اضعاف مرور في ساعة الميلاد
خلق الناس للبقاء فضلت * أمة تحسبونهم للنفاد
إنما ينقلون من دار اعمال * إلى دار شقوة أو رشاد
حكي عنه انه كان يقول: أتمنى ان أرى الماء الجاري وكواكب السماء حيث كان
أعمى، وفي عماه يقول بعض الشعراء:
أبا العلاء بن سليمانا * ان العمى أولاك إحسانا
لو أبصرت عيناك هذا الورى * لم ير إنسانك إنسانا
(قلت): وبمعناه شعر ضياء الدين الكاشاني بالفارسية حيثما عرض
له رمد فقال:
از خلق زمانه پا كشيدن خوشتر * در گوشه عزلت آرميدن خوشتر
زنهار عنيا علاج چشمت مكني * أوضاع زمانه رانديدن خوشتر
195

توفي بمعرة النعمان سنة 449 (تمط)، والمعري بفتح الميم والعين
المهملة وتشديد الراء نسبة إلى معرة النعمان، بلدة قديمه مشهورة بالشام بالقرب
من حماة وشيزر.
قيل: انها منسوبة إلى النعمان بن بشير الأنصاري، وقيل غير ذلك،
حكي ان المعري مكث مدة خمس وأربعين سنة لا يأكل اللحم تدينا لأنه كان
يرى رأي الحكماء المتقدمين وهم لا يأكلونه كي لا يذبحوا الحيوان، ولهذا
قال تلميذه في رثائه له:
إن كنت لم ترق الدماء زهادة * فلقد أرقت اليوم من جفني دما
سيرت ذكرك في البلاد كأنه * مسك فسامعه تضمخ أو فما
تضمخ: أي تلطخ، أو فما: أي تلطخ فم الذاكر.
(معز الدين)
علامة العلماء المير محمد الأصبهاني الفاضل الكامل الجامع للعلم والعمل معاصر
المحقق الكركي الذي فوض إليه الصدارة بعد أن عزل المير غياث الدين منصور،
وتقدم في البهائي ذكر قصة له تتعلق بمفتاح الفلاح.
(معين الدين المصري)
الشيخ الأجل سالم بن بدران بن علي المازني الامامي، يروى عن أبي المكارم
ابن زهرة، وأجاز للمحقق الطوسي في سنة 619 (خيط).
(مغلطاي)
علاء الدين مغلطاي بن قليح بن عبد الله البكجري القاهري الحنفي الحافظ
النسابة العارف بفنون الحديث، المدرس بالظاهرية، صاحب المؤلفات الكثيرة،
منها: شرح البخاري والسيرة النبوية.
توفى سنة 761 (ساذ)، وقد نظم سيرته الباغوني شمس الدين محمد بن
196

أحمد بن الناصر الدمشقي للشافعي الفاضل الأديب صاحب تحفة الظرفاء في تواريخ
الملوك والخلفاء، توفى سنة 871.
(للفجع)
كتجم محمد بن أحمد بن عبد الله أبو عبد الله البصري الامامي (جش) جليل
من وجوه أهل اللغة والأدب الحديث.
وكان صحيح المذهب حسن الاعتقاد، وله شعر كثير في أهل البيت عليهم السلام
يذكر فيه أسماء الأئمة عليهم السلام، ويتفجع على قتلهم حتى سعي للفجع،
وقد قال في بعض شعره:
إن يكن قيل لي المفجع نيزا * فلعمري أنا المفجع هما
له كتب منها: كتاب الترجمان في معاني الشعر لم يعمل مثله في معناه، وكتاب
المنقذ وقصيدته الأشباه شبه أمير المؤمنين عليه السلام بسائر الأنبياء عليهم السلام، أخبرنا
محمد بن عثمان بن الحسن قال حدثنا أبو عبد الله الحسين بن خالويه عنه بها، إنتهى.
فظهر ان ابن خالويه المتوفى سنة 370 يروى عنه أيضا أبو بكر الدوري
الذي يروى عنه ابن عبدون وهو يروى عن ابن أخي طاهر.
(المفيد)
أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان بن عبد السلام البغدادي، شيخ المشايخ
الجلة ورئيس رؤساء الملة، فخر الشيعة ومحيي الشريعة، مطهم الحق ودليله ومنار
الدين وسبيله، اجتمعت فيه خلال الفضل وانتهت إليه رئاسة الكل واتفق الجميع
على علمه فضله وفقهه وعدالته وثقة وجلالته.
كان (ره) كثير المحاسن جم المناقب حديد الخاطر، حاضر الجواب
واسع الرواية، خبير بالاخبار والرجال والاشعار.
وكان أوثق أهل زمانه بالحديث، وأعرفهم بالفقه والكلام، وكل من
تأخر عنه استفاد منه.
197

وقال علماء العامة في حقه: هو شيخ مشايخ الامامية، رئيس الكلام
والفقه والجدل، وكان يناظر أهل كل عقيدة، وكان كثير الصدقات عظيم
الخشوع، كثير الصلاة والصوم، خشن اللباس.
وكان شيخا ربعة نحيفا أسمر، عاش ستا وسبعين سنة، وله أكثر
من مائتي مصنف.
كانت جنازته مشهورة، شيعه ثمانون ألفا من الرافضة والشيعة،
وأراح الله منه أهل السنة، وكان كثير التقشف، والتخشع والاكباب على العلم
وكان يقال له على كال إمامي منة.
وقال الشريف أبو يعلى الجعفري، وكان تزوج بنت المفيد (ره): ما
كان المفيد ينام من الليل إلا هجعة ثم يقوم يصلي أو يطالع أو يدرس أو يتلو،
وقال ابن النديم: في عصرنا انتهت رئاسة متكلمي الشيعة إليه، مقدم في
صناعة الكلام على مذهب أصحابه، ودقيق الفطنة، ماضي الخاطر، شاهدته
فرأيته بارعا، إنتهى.
توفي رحمه الله ليلة الثالث من شهر رمضان بغداد سنة 413 (تيج)،
وكان مولده يوم الحادي عشر من ذي القعدة سنة 336 (شلو)، وصلى عليه
الشريف المرتضى بميدان الأشنان.
قال الشيخ الطوسي: وكان يوم وفاته يوما لم ير أعظم منه من كثرة الناس
للصلاة عليه وكثرة البكاء من المخالف والموالف إنتهى، ورثاه مهيار الديلمي
بقصيدة منها قوله:
ما بعد يومك سلوة لمعلل * مني ولا ظفرت بسمع معذل
سوى المعماب بك القلوب على الجوى * قيد الجليد على حشا المتململ
وتشابه الباكون فيك فلم يبن * دمع المحق لنا من المتعمل
وتقدم في ابن قولويه ان قبره في البقعة الكاظمية، وذكر جماعة من العلماء
198

منهم الميرزا محمد مهدي الشهرستاني في إجازته للسيد ميرزا محمد مهدي بن ميرزا
محمد تقي الطباطبائي التبريزي المتوفي سنة 1241 ان الشيخ الفيد رحمه الله رثاه
صاحب الامر عليه السلام حيث وجد مكتوبا على قبره:
لا صوت الناعي بفقدك انه * يوم على آل الرسول عظيم
إن كنت قد غيبت في جدث الثرى * فالعدل والتوحيد فيك مقيم
والقائم المهدي يفرح كلما * تليت عليك من الدروس علوم
يروي عن الشيخ أبو القاسم جعفر بن قولويه، والشيخ الصدوق،
والشيخ أحمد بن محمد بن الحسن بن الوليد القمي، وأبى غالب الزراري والشيخ محمد
ابن أحمد بن داود القمي والصفواني وأبى محمد الحسن بن حمزة الطبري المرعشي،
والجعابي إلى غير ذلك مما يبلغ خمسين شيخا رضوان الله تعالى عليهم أجمعين.
(المفيد الثاني)
هو الشيخ الأجل العالم الفاضل الكامل الفقيه المحدث الثقة أبو علي الشيخ
حسن بن شيخ الطائفة محمد بن الحسن الطوسي صاحب كتاب شرح النهاية وكتاب
الأمالي الدائر بين سدنة الاخبار وغيرهما ينتهي إليه أكثر الإجازات.
(المفيد الرازي)
عز العلماء أبو الوفاء عبد الجبار بن عبد الله بن علي المقري النيسابوري ثم
الرازي فقيه الأصحاب بالري.
قرأ على الشيخ أبى جعفر الطوسي جميع تصانيفه، وقرأ على سالار وابن
البراج، يروي عنه السيد فضل الله الراوندي رحمه الله.
(المفيد النيسابوري)
هو الشيخ الأجل عبد الرحمن بن أحمد بن الحسين الخزاعي النيسابوري نزيل
الري، شيخ أصحابنا الامامية في الري، الحافظ الواعظ الثقة صاحب التصانيف
199

الكثيرة منها: سفينة النجاة في مناقب أهل البيت عليهم السلام والرضويات والأمالي وعيون
الاخبار، ومختصرات في الزواجر والمواعظ.
كان عم والد الشيخ أبى الفتوح الرازي حسين بن علي بن محمد بن أحمد
رحمهم الله تعالى.
قرأ على السيدين والشيخ والكرانجكي وسالار وابن البراج وغيرهم
رضوان الله عليهم أجمعين.
وكان سافر في البلاد شرقا وغربا، و سمع الأحاديث من المؤالف والمخالف
يروي عنه السيدان المرتضى والمجتبي ابنا الداعي الحسيني وابن أخيه الشيخ
أبو الفتوح الخزاعي، قاله الشيخ منتجب الدين.
(مفيد الدين)
هو الشيخ الجليل محمد بن علي بن محمد بن جهم الأسدي، أحد مشايخ الفقهاء
الأجلة، وهو الذي لما سأل الخواجة نصير الدين الطوسي المحقق نجم الدين لما حضر
عنده بالحلة واجتمع عنده فقهاؤها الجلة عن اعلم الجماعة بالأصولين أشار المحقق في
الجواب إليه وإلى والد العلامة وقال: وهذان اعلم الجماعة بعلم الكلام وأصول الفقه
وهو أحد مشايخ العلامة يروي عن السيد فخار (قده).
(المقدس الأردبيلي)
المولى الاجل العالم الرباني والمحقق الفقيه الصمداني مولانا أحمد بن محمد الأردبيلي
النجفي، أمره في الثقة والجلالة والفضل والنبالة والزهد والديانة والورع والأمانة
أشهر من أن يحيط به قلم يحويه رقم.
كان متكلما فقيها، عظيم الشأن جليل القدر رفيع المنزلة، أورع
أهل زمانه وأعبدهم و أتقاهم.
وكفى في ذلك ما قال العلامة المجلسي (ره) والمحقق الأردبيلي في الورع
200

والتقوى والزهد والفضل بلغ الغاية القصوى ولم اسمع بمثله في المتقدمين والمتأخرين
جمع الله بينه وبين الأمة الطاهرين.
وذكره في البحار في باب من رأى الامام صاحب الزمان عليه السلام في الغيبة
الكبرى قال: أخبرني جماعة عن السيد الفاضل أمير غلام قال: كنت في بعض
الليالي في صحن الروضة المقدسة بالغري على مشرفها السلام وقد ذهب كثير من
الليل فبينا أنا أجول فيها إذا رأيت شخصا مقبلا نحو الروضة المقدسة فأقبلت
إليه فلما قربت منه عرفته انه أستاذنا الفاضل العالم التقي الزكي مولانا احمد الأردبيلي
قدس الله روحه فأخفيت نفسي عنه حتى أتى الباب وكان مغلقا فانفتح له عند
وصوله إليه ودخل الروضة فسمعته يكلم كأنه يناجي أحدا، ثم خرج وأغلق
الباب فمشيت خلفه حتى خرج من الغري وتوجه نحو مسجد الكوفة فكنت
خلفه بحيث لا يراني دخل المسجد وصار إلى المحراب الذي استشهد أمير المؤمنين
عليه السلام عند ومكث طويلا، ثم رجع وخرج من المسجد وأقبل نحو الغري
فكنت خلفه حتى قرب من الحنانة فأخذني سعال لم أقدر على دفعه فالتفت إلى
فعرفني وقال: أنت مير غلام؟ قلت: نعم، قال: ما تصنع هاهنا؟ قلت:
كنت معك حيث دخلت الروضة المقدسة الا الآن، وأقسم عليك بحق صاحب
القبران تخبرني بما جرى عليك في تلك الليلة من البداية إلى النهاية، فقال أخبرك
على أن لا تخبر به أحدا ما دمت حيا، فلما، توثق ذلك مني قال كنت أفكر
في بعض المسائل وقد أغلقت علي فوقع في قلبي ان آتي أمير المؤمنين عليه السلام
وأسأله عن ذلك، فإنما وصلت إلى الباب فتح لي بغير مفتاح كما رأيت قد خلت
الروضة وابتهلت إلى الله تعالى في أن يجيبني مولاي عن ذلك فسمعت صوتا من
القبران أئت مسجد الكوفة وسل القائم صلوات الله عليه فإنه إمام زمانك فأتيت
عند المحراب وسألته عنها وأجبت، وها أنا ارجع إلى بيتي.
له مصنفات جيدة منها: آيات الاحكام، ومجمع البرهان شرحه
201

على الارشاد، وحديقة الشيعة.
قرأ على بعض تلامذة الشهيد الثاني وفضلاء العراقين، وله الرواية من
السيد على الصائغ، وهو من كبار تلامذة الشهيد الثاني، وقرأ عليه جملة من
الاجلاء كصاحبي المعالم والمدارك، والمولى عبد الله التستري.
توفى (ره) في المشهد المقدس الغروي في شهر صفر سنة 993، ودفن في
الحجرة المتصلة بالمخزن المتصل بالرواق الشريف.
(قال ضا): وأردبيل، على وزن زنجبيل مدينة بآذربيجان طيبة التربة،
عذبة الماء لطيفة الهواء، بها انها كثيرة ومع ذلك فإنه ليس لها شئ من الأشجار
التي لها فاكهة، بناها فيروز الملك وهي من البحر على يومين.. الخ.
(المقدس الأعرجي) انظر المحقق الأعرجي
(المقدس الصالح)
العالم العلام المولى المعظم القمقام فخر المحققين الصالح الزاهد المجاهد المولى
محمد صالح بن المولى احمد السروري الطبرسي.
كان جليل القدر عظيم المنزلة دقيق القطنة فاضل كامل متبحر في العلوم
العقلية والنقلية، ثقة ثبت عين.
له أخلاق كريمة، وخصائص حسنة، له كتاب منها: شرح أصول الكافي
كتاب حسن جيد كبير خمس مجلدات (1) وكتاب شرح الروضة، وكتاب
شرح زبدة الأصول، وحاشية على معالم الأصول وغيرها.
توفي سنة 1086 رضي الله تعالى عنه وأرضاه، كذا عن جامع الرواة
وقبره عند قبر المجلسيين بأصبهان، ومعه ابنه الفاضل الجليل الآغا محمد هادي
(1) قال شيخنا العلامة النوري: شرحه على الكافي أحسن الشروح
التي عثرنا عليه.
202

ابن المولى صالح بن العالمة الفاضلة الصالحة المتقية آمنة بيكم، بنت المجلسي
الأول (رضي الله تعالى عنه).
(المقدس الكاظمي)
العالم الفاضل الفقيه الصالح الجليل المولى محمد امين بن المولى محمد علي الكاظمي
صاحب هداية المحدثين المعروف بمشتركات الكاظمي، وهو
معاصر شيخنا الاجل الشيخ الحر العاملي وتلميذ الشيخ الطريحي، وهو غير
الفاضل المحقق المدقق الماهر المولى محمد امين بن محمد الاسترآبادي نزيل مكة
المعظمة، والمتوفى بها في العشر الرابع من المائة الأولى بعد الألف، له مصنفات
كثيرة منها القوائد المدينة.
(المقدسي)
أبو محمد عبد الله بن أبي الوحش برى بن عبد الجبار المصري المقدسي الأصل
المشهور بالعلامة المقدسي النحوي اللغوي.
حكي انه كان علامة عصره وحافظ وقته ونادرة دهره، اطلع على أكثر
كلام العرب، وله على كتاب الصحاح للجوهري حواش فائقة، واستدرك عليه
فيها مواضع كثيرة وهي دالة على سعة علمه وغزارة مادته وعظم اطلاعه وصحبه
خلق كثير اشتغلوا عليه وانتفعوا به،
منهم: أبو موسى الجزولي صاحب المقدمة
الجزولية، وكان عارفا بكتاب سيبويه وعلله.
وكان إليه التصفح في ديوان الانشاء لا يصدر كتاب عن الدولة إلى ملك
من ملوك النواحي إلا بعد أن يتصفحه ويصلح ما وجده فيه من خلل خفي،
وهذه كانت وظيفة بابشاذ.
توفى بمصر سنة 582، وأبو الفضل المقدسي تقدم في ابن القيسراني.
203

(المقريزي)
تقي الدين أحمد بن علي بن عبد القادر البعلبكي المصري، صاحب الكتب
الكثيرة، منها: تاريخ مصر المسمى بالمواعظ و الاعتبار بذكر الخطط والآثار
أصله من بعلبك، ويعرف بالمقريزي نسبة إلى حارة ببعلبك كانت تعرف بحارة
المقارزة، توفى سنة 845 (ضمه).
(المقلاص)
لقب أبى جعفر المنصور الدوانيقي قال ابن الطقطقي في كتاب الفخري ص 117
في شرح بناء بغداد ما هذا لفظه: ومن طريف ما اتفق في ذلك أن راهبا من
رهبان الدير المعروف الآن بدير الروم سأل بعض أصحاب المنصور، من يريد
ان يبني في هذا الموضع مدينة فقال، له ذلك الرجل أمير المؤمنين المنصور خليفة
الناس قال: ما اسمه؟ قال: عبد الله، قال: فهل له اسم غير هذا؟ قال:
اللهم لا إلا ان كنيته أبو جعفر ولقبه المنصور، قال الراهب: فاذهب إليه
وقل له: لا يتعب نفسه في بناء هذه المدينة فأنا نجد في كتبنا ان رجلا اسمه
مقلاص يبني هاهنا مدينة ويكون لها شأن من الشأن وان غيره لا يتمكن من
ذلك، فجاء ذلك الرجل إلى المنصور وأخبره بما قال الراهب، فنزل المنصور
عن دابته وسجد طويلا، ثم قال: أما والله كان اسمي مقلاصا، وكان هذا
اللقب قد غلب على ثم ذهب عني، وذاك ان لصا كان في صباي يسمي مقلاصا
وكان يضرب به الأمثال، وكانت لنا عجوز تربيني فاتفق ان صبيان المكتب جاؤوا يوما إلي وقالوا لي: نحن اليوم أضيافك ولم يكن معي ما أنفقه عليهم،
وكان للعجوز غزل فأخذته وبعته ثم أنفقته عليهم، فلما علمت اني سرقت
غزلها سمتني مقلاصا، وغلب هذا اللقب علي ثم ذهب عني والآن عرفت اني
ابني هذه المدينة إنتهى.
204

(أقول): قد ظهر من هذا أراد أمير المؤمنين عليه السلام في الخطبة اللؤلؤة
في الإشارة إلى خلفاء بني العباس بقوله: فيهم السفاح والمقلاص، والخطبة كما
في البحار التاسع عن كفاية الأثر (ص 157) باسناده عن إبراهيم الخمي عن
علقمة بن قيس قال: خطبنا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب على منبر الكوفة خطبة
اللؤلؤة فقال فيما قال في آخرها: الأواني ظاعن عن قريب ومنطلق إلى المغيب
فارتقبوا الفتنة الأموية والمملكة الكسروية، وإمامة ما احياء الله، وإحياء ما
أماته الله، واتخذوا صوامعكم بيوتكم، وعضوا على مثال جمر الغضا، واذكروا
الله كثيرا، فذكره أكبر لو كنتم تعلمون، ثم قال: وتبنى مدينة يقال
لها الزوراء، إلى قوله: وتوالت عليها ملوك بني الشيصبان أربعة وعشرون
ملكا على عدد سني الملك فيهم: السفاح والمقلاص والجموح والهذوع،
والمظفر والمؤنت.. الخ.
(المقنع الخراساني)
اسمه عطا، وقيل الحكم، كان في مبدأ امره قصارا من أهل مرو،
وكان يعرف شيئا من السحر والنيرنجات، فادعى الربوبية.
قال ابن الطقطقي: كان هذا المقنع رجلا أعورا قصيرا من أهل مرو،
وكان قد عمل وجها من ذهب وركبه على وجهه لئلا يرى وجهه، وادعى الألوهية
وكان يقول: ان الله خلق آدم فتحول في صورته ثم في صورة نوح، وهكذا
هلم جرا إلى أبى مسلم الخراساني وسمى نفسه هاشما.
وكان يقول بالتناسخ وبايعه خلق من ضلال الناس، وكانوا يسجدون
إلى ناحية أين كانوا من البلاد، وكانوا يقولون في الحرب: يا هاشم أعنا
واجتمع إليه خلق كثير، فأرسل المهدي إليه جيشا فاعتصم منهم بقلعة هناك
فحاصروه، فطلب أكثر أصحابه الأمان وبقي معه نفر يسير فأضرم نارا عظيمة
205

وأحرق جميع ما في القلعة من دابة وثوب ومتاع، ثم جمع نساءه وأولاده وقال
لأصحابه: من أحب منكم الارتفاع معي إلى السماء فليلق نفسه في هذه النار ثم
ألقى فيها نفسه وأولاده ونساءه خوفا ان يظفر بجثته أو بحرمه فلما احترقوا فتحت
أبواب القلعة فدخلها عسكر المهدى فوجدوها خالية خاوية.
(المكحولي)
أبو يحيى محمد بن راشد الخزاعي الشامي، سمع مكحولا أبا عبد الله
الهدلي وغيره. روى عنه الثوري وشعبة ويحيى بن سعيد القطان وعبد الرزاق بن همام
وعلي بن الجعد وغيرهم.
روى الخطيب عن عبد الله بن أحمد بن حنبل انه سأل أباه عن المكحولي
فقال ثقة، وقال عبد الرزاق ما رأيت أحدا أورع في الحديث منه، وروي عن
شعبة انه قال: ما كتبت عن هذا، أما انه صدوق، ولكنه شيعي أو قدري
مات بعد سنة ستين ومائة.
(المكودي)
أبو زيد عبد الرحمن بن أحمد صالح المطرزي، صاحب شرح الأجرومية
وشرح الألفية وغيرها.
توفى بفاس سنة 807، المكود: كثمود، الناقة الدائمة الغزر،
والقليلة البن ضد.
(الملك الصالح)
أبو الفارات طلايع بن رزيك بضم الراء وتشديد الزاي المكسورة وسكون
الياء المثناة من تحتها وبعدها كاف فارس المسلمين.
كان وزير مصر للخليفة العاضد بعد وزارته للفائز، وتزوج العاضد بابنته
206

وكان فاضلا سمحا في العطاء محبا لأهل الأدب.
حكي انه أرسلت له عمة العاضد الخليفة من قتله بالسكاكين ولم يمت من
ساعته وحمل إلى بيته، وأرسل يعتب على العاضد فاعتذر وحلف وأرسل عمته إليه
فقتلها ثم مات وكان ذلك في 19 شهر رمضان سنة 556.
واستقر ابنه رزيك في الوزارة، ولقب الملك العادل، وكان لطلايع
المذكور شعر حسن فمنه قوله:
أبى الله إلا ان يدين لنا الدهر * ويخدمنا في ملكنا العز والنصر
علمنا بأن المال تفنى ألوفه * ويبقى لنا من بعده الذكر والاجر
خلطنا الندى باليأس حتى كأننا * سحاب لديه الرعد والبرق والقطر
وله رحمه الله:
بحب علي ارتقي منكب العلى * وأسحب ذيلي فوق هام السحائب
امامي الذي لما تلفظت باسمه * غلبت به من كان بالكثر غالبي
وله:
وفي الطائر المشوي أوفى دلالة * لو استيقظوا من غفلة وسبات
وفي نسمة السحر طلايع بن رزيك وزير مصر الملك الصالح فارس المسلمين
الذي قتل في 19 شهر رمضان سنة 556.
كان شجاعا كريما جوادا فاضلا، محبا لأهل الأدب، شديد
المقالات في التشيع.
له كتاب الاعتماد في الرد على أهل العناد، وناظرهم عليه وهو يتضمن
إمامة أمير المؤمنين عليه السلام، وهو ممن أظهر مذهب الإمامية.
ومن شعره: يا أمة سلكت ضلالا بينا * حتى استوى اقرارها وجحودها
قلتم ألا المعاصي لم تكن * إلا بتقدير الاله وجودها
207

لو صح ذا كان الاله بزعمكم * منع الشريعة ان تقام حدودها
حاشا وكلا ان يكون إلهنا * ينهى عن الفحشاء ثم يريدها
(ملك النحاة)
أبو نزار الحسن بن أبي الحسن صافي بن عبد الله بن نزار البغدادي الشاعر
الأديب النحوي، له الرحلة في البلاد العلم، اخذ النحو من الفصيحي.
وله مصنفات، منها: الحاوي، والعمدة، والمقتصد وغير ذلك،
توفى سنة 568.
(المنازي)
أبو نصر أحمد بن يوسف السليكي الكاتب الفاضل الشاعر، جمع كتبا كثيرة
ثم وقفها على جامع ميافارقين وجامع آمد، ومن شعره:
ولي غلام طال في دقة * كخط أقليدس لا عرض له
وقد تناهى عقله خفة * فصار كالنقطة لا جزء له
قال ابن خلكان: وتوجد له بأيدي الناس مقاطيع، وأما ديوانه
فعزيز الوجود.
توفى سنة 437 (تلز)، والمنازي بالفتح نسبة إلى مناز جرد مدينة عند
خرت برت بين حلب ومنبج.
(المناوي)
زين الدين عبد الرؤوف محمد بن تاج العارفين علي بن زين العابدين القاهري
الشافعي المحدث الأديب الفاضل، اخذ من أبيه ومن مشايخ عصره.
حكي انه انقطع من مخالطة الناس وانعزل في منزله وأقبل على التأليف،
فصنف في غالب العلوم، وكان يقتصر في يوم وليلة على اكلة واحدة من الطعام، وكان مع ذلك لم يخل من طاعن وحاسد حتى دس عليه السم فتوالى
208

عليه بسبب ذلك نقص في أطرافه وبدنه من كثرة التداوي.
ومن مؤلفاته: التيسير بشرح الجامع الصغير، وشرح شمائل الترمذي
وشرح شهاب القضاعي، وشرح قصيدة النفس لابن سينا، وكنوز الحقائق في
حديث خير الخلائق إلى غير ذلك، توفى سنة 1031 أو 1035.
(منتجب الدين)
الشيخ أبو الحسن علي بن الشيخ أبى القسم عبيد الله بن الشيخ
أبى محمد الحسن الملقب بحسكا الرازي ابن الحسين بن الحسن بن الحسين بن علي
ابن بابويه القمي.
قال شيخنا الحر العاملي (قده) في الامل، كان فاضلا عالما ثقة صدوقا
محدثا حافظا راوية علامة.
له كتاب الفهرست في ذكر المشايخ المعاصرين للشيخ الطوسي والمتأخرين
إلى زمانه، نقلنا كل ما فيه في هذا الكتاب.
وله أيضا كتاب الأربعين في فضائل أمير المؤمنين عليه السلام وغير ذلك إنتهى،
وكان هذا الشيخ حسن الضبط، كثير الرواية، واسع الطرق عن
آبائه وأقاربه وأسلافه.
حكي ان مشايخه الذين يروى عنهم يزيد على مائة، منهم: الشيخ أبو الفتوح الرازي، وأمين الدين الطبرسي، والسيد أبو تراب المرتضى الرازي
صاحب كتاب تبصرة العوام في المذاهب بالفارسية، وهو كتاب شريف عديم
النظير كثير الفائدة، وأخو المرتضى أبو حرب المجتبى وابن عمه الشيخ الجليل
بابويه عن أبيه محمد عن أبيه الحسن عن أبيه الحسين عن والده شيخ الشيعة علي
ابن الحسين بن موسى بن بابويه القمي رضوان الله عليهم أجمعين.
ومنهم الراونديان وأبوه الشيخ الجليل الامام موفق الدين عبيد الله عن
209

والده الفقيه الثقة الجليل صاحب التصانيف في الفقه وغيره، أبى محمد الحسن
المعروف بحسكا الذي قرأ على الشيخ الطوسي جميع تصانيفه بالغري، وقرأ
على سالار بن عبد العزيز وابن البراج جميع تصانيفهما أيضا، يروي عنه عماد الدين
الطبري في بشارة المصطفى.
وحسكا: مخفف حسن كيا، والكيا لقب له ومعناه بلغة دار المرز جيلان
ومازندران الرئيس ونحوه من كلمات التعظيم ويستعمل في مقام المدح
وقال الرافعي الشافعي في محكي كتابه التدوين في علماء قزوين في حق
الشيخ منتجب الدين شيخ ديان من (علماء) علم الحديث سماعا وضبطا وحفظا وجمعا
يكتب ما يجد ويسمع ممن يجد، ويقل ما يدانيه في هذه الاعصار في كثره الجمع
والسماع، إلى أن ذكر ولادته في سنة 504 (ثد) ووفاته بعد سنة 585.
وختم الكلام بقوله: ولئن أطلت عند ذكره بعض الإطالة فقد كثر انتفاعي
بمكتوباته وتعليقاته فقضيت بعض حقه بإشاعة ذكره وأحواله إنتهى.
(المنجم النديم)
أبو الحسن علي بن يحيى بن أبي منصور المنجم، كان نديم المتوكل
ومن جلسائه وخواصه، ثم انتقل إلى من بعده من الخلفاء ولم يزك عندهم
في المنزلة العلية.
وكان راوية للاشعار والاخبار، حاذقا في صنعة الغناء، اخذ عن إسحاق
الموصلي، وصنف عدة كتب، وله اشعار حسان، مات في أواخر أيام
المعتمد على الله بسر من رأى سنة 275.
وابنه أبو عبد الله هارون بن علي بن يحيى الأديب الفاضل، الحافظ
الراوية الاشعار، صاحب كتاب البارع الذي أشرنا إليه في عماد الدين
الكاتب، توفي سنة 228 (حرف).
210

وابنه الآخر أبو أحمد يحيى بن علي بن يحيى، تقدم في ابن المنجم وحفيده
سميه وكنيه أبو الحسن علي بن أبي عبد الله هارون بن علي بن يحيى، شاعر
مشهور أديب ذو نسب عريق في ظرفاء الأدباء وندماء الخلفاء والوزراء، وله مع
الصاحب بن عباد مجالس، وفي تشريفه يقول الصاحب:
لبني المنجم فطنة لهبية * ومحاسن عجمية عربية
ما زلت أمدحهم وأنشر فضلهم * حتى عرفت بشدة العصبية
له مصنفات، منها: كتاب شهر رمضان عمله للامام الراضي، وكتاب
النيروز والمهرجان، إلى غير ذلك.
ذكره الخطيب في تاريخ بغداد وأنثى عليه، وذكر في ترجمته فائدة
لتقويم لسان الألثغ، وان اللثغة سوء عادة، توفي سنة 352 (شنب).
وجد هؤلاء الجماعة أبو منصور، كان منجم أبى جعفر المنصور، وكان
مجوسيا، وكان ابنه يحيى متصلا بذي الرياستين الفضل بن سهل، وكان
الفضل يعمل برأيه في احكام النجوم.
وبعد الفضل صار منجم المأمون ونديمه، فاجتباه واختص به فأسلم علي
يده فصار بذلك مولاه، وهم أهل بيت فيهم الفضلاء والأدباء والشعراء، جالسوا
الخلفاء ونادموهم، وقد عقد لهم الثعالبي في كتابه اليتيمة بابا مستقلا.
(المنذري)
الحافظ الكبير زكى الدين أبو محمد عبد العظيم بن عبد القوي عبد الله بن
سلامة الشامي الأصل المصري المولد والوفاة.
وقد بصر وتفقه على الامام أبى القسم عبد الرحمن محمد بن القرشي وساير
مشايخ ذلك العصر، فصار إماما حجة بارعا في الفقه والعربية والقراءات،
له الترغيب والترهيب، وأربعون حديثا في فصل اصطناع المعروف، توفى
سنة 656 (خون).
211

(المنوچهري)
أبو النجم أحمد بن قوص بن أحمد الدامغاني من شعراء مسعود بن محمود
الغزنوي، كان معاصرا للفردوسي والعنصري، له ديوان شعر، ومن شعره
قصيدة لامية أولها:
الا يا خيمكي خيمه فروهل * كه بيش آهنك بيرون شدزمنزل
توفى سنة 432.
(المنيني)
الشيخ أحمد بن علي بن عمر بن صالح الحنفي الطرابلسي الدمشقي، ولد سنة
1089 بقرية منين من قرى دمشق، ولما بلغ ثلاثة عشر سنة قدم إلى دمشق واشتغل
بالتحصيل، فقرأ على جماعة كثيرة منهم: أبو المواهب المفتي وولده الشيخ عبد
الجليل والشيخ عبد الغني النابلسي وغيرهم، ودرس بالعادلية الكبرى وبالجامع
الأموي مدة عمره.
له شرح قصيدة شيخنا البهائي العاملي (ره) في مدح إمامنا صاحب العصر
والزمان صلوات الله عليه، وشرح على التاريخ المييني سماه الفتح الوهبي على تاريخ
أبو نصر العتبي، في سنة 1172.
(الموصلي)
نسبه إلى الموصل، وهو كما في المعجم بالفتح وكسر الصاد المدينة المشهورة
العظيمة، إحدى قواعد بلاد الاسلام، قليلة النظير كبرا وعظما وكثرة خلق
وسعة ورقعة، فهي محط رحال الركبان، ومنها يقصد إلى جميع البلدان، فهي
باب العراق ومفتاح خراسان ومنها يقصد إلى أذربيجان.
قال: وكثيرا ما سمعت ان بلاد الدنيا العظام ثلاثة: نيسابور
لأنها باب الشرق، ودمشق لأنها باب الغرب، والموصل لان القاصد
212

إلى الجهتين قل مالا يمريها.
قيل: وسميت الموصل لأنها وصلت بين الجزيرة والعراق، أو بين
دجلة والفرات، أو بين بلد سنجار والحديثة إلا غير ذلك، والموصلان
الجزيرة والموصل، إنتهى ملخصا.
وينسب إليها جماعة كثيرة، منها: النديم الموصلي، وبظاهر الموصل
قبر عمرو بن الحمق الخزاعي، وهو الذي صحب النبي صلى الله عليه وآله وحفظ عنه أحاديث،
وكان يعد من حواري أمير المؤمنين عليه السلام، وكان منه منزلة سلمان من رسول الله
صلى الله عليه وآله، وشهد معه مشاهده كلها الجمل وصفين والنهروان
قتله معاوية، ورأسه أول رأس حمل في الاسلام، ذكرت مقتله مع مقتل حجر بن
عدي في نفس المهموم، ودفن بظاهر الموصل، وابتدأ بعمارته أبو عبد الله سعيد
ابن حمدان ابن عم سيف الدولة في شعبان من سنة 336.
(المولى ميرزا).
عمدة المحقين وقدوة المدققين الفاضل الكامل العلامة الفهامة محمد بن الحسين
الشيرواني أحد أصهار المجلسي الأول.
فعن جامع الرواة قال في وصفه العلامة المحقق المدقق الرضي الزكي الفاضل
الكامل المتبحر في العلوم كلا، دقيق كثير الحفظ، وأمره في جلالة قدره
وعظم شأنه وسمو رتبته وتبحره كثرة حفظه ودقة نظره وإصابة رأيه وحدسه
أشهر من أن يذكر وفوق ما تحوم حوله العبارة.
له تصانيف جيدة منها: حاشية عربية على معالم الأصول، وحاشية
فارسية عليه ثم عد تصانيفه.
وقال في آخره: توفى (ره) في شهر رمضان سنة 1098 (غصح) إنتهى
وقبره في المشهد الرضوي على مشرفة السلام في مدرسة الميرزا جعفر.
213

(مهذب الدين الشاعر)
أبو الحسن علي بن أبي الوفاء سعد بن علي بن عبد الواحد الموصلي، كان
شاعرا بارعا رئيسا مقدما، تنقل في أكثر قرى الموصل ومدح الخلفاء والملوك
والامراء، له ديوان شعر كبير، ومن شعره:
فاخر فإنك من سلالة معشر * عقدوا عمائمهم على التيجان
كل الأنام بنو أب لكما * بالفضل تعرف قيمة الانسان
توفى سنة 543 (ثمج).
المهلبي)
الوزير أبو محمد الحسن بن محمد بن هارون ينتهي إلى المهلب بن أبي صفرة
الأزدي الذي تقدم في أبو صفرة.
كان وزيرا لمعز الدولة الديلمي الذي تقدم ذكره في عضد الدولة، كان
شيعيا إماميا، وكان من ارتفاع القدر واتساع وعلو الهمة، فيض
الكف على ما هو مشهور به، وكان غاية في الأدب والمحبة لأهله.
وكان قبل اتصاله بمعز الدولة في شدة عظيمة من النصر والفاقة،
وقد سافر مرة ولقي في سفره مشقة صعبة، واشتهى اللحم فلم يقدر عليه
فقال ارتجالا:
ألا موت يباع فأشتريه * فهذا العيش مالا خير فيه
ألا موت لذيذ الطعم يأتي * يخلصني من العيش الكريه
إذا أبصرت قبرا من بعيد * وددت لو انني مما يليه
ألا رحم المهيمن نفس حر * تصدق بالوفاة على أخيه
توفى سنة 352 (شنب) وهي السنة التي ألزم مخدومه معز الدولة في يوم عاشوراء
أهل بغداد بالمأتم والنوح على الحسين بن علي عليه السلام وأمر بأن يغلق الأسواق
214

وأن يعلق عليها المسوح، وأن لا يطبخ طباخ وخرجت نساء الشيعة مسخمات
الوجوه يلطمن وينحن، ثم فعل ذلك سنوت، كذا عن الذهبي، وكانت
وفاة المهلبي في طريق واسط، وحمل إلى بغداد، ودفن مقابر قريش في
مقبرة النوبختية أهل بيت فضل وصلاح من الشيعة الإمامية، ورثاه ابن الحجاج
بأبيات منها:
مات الذي أمسى الثناء وراءه * والعفو عفو الله بين يديه
هدم الزمان بموته الحصن الذي * كنا نفر من الزمان إليه
فليملمن بنو بويه انه * فجعت به أيام آل بويه
وأبو الحسن المهلبي علي بن بلال بن أبي معاوية الأزدي من فقهاء الشيعة ذكره
الشيخ في رجاله.
وقال: له كتاب الغدير، أخبر نا أحمد بن عبدون عنه، وذكره جش
وقال: شيخ أصحابنا بالبصرة ثقة سمع الحديث فأكثر، وصنف كتاب المتعة
كتاب المسح على الخفين، كتاب المسح على الرجلين، كتاب البيان عن خيرة
الرحمن في ايمان أبو طالب وآباء النبي صلى الله عليه وآله.
(الميبذي)
كمال الدين حسين بن معين الدين شارح ديوان أمير المؤمنين عليه السلام،، فرغ
من شرحه سنة 890، وله شرح خبر قد صعدنا ذرى الحقائق، شرحه في سنة
908، وله الهداية الأثيرية.
وعبر عنه صاحب كشف الظنون بالقاضي المير حسين الحسيني، فيظهر منه
انه من السادة الحسينية.
وله جام گيتى نمافارسي في الحكمة الفلسفة، ألفه بشيراز في سنة 897
مطابق قوله (وضع جديد).
215

والميبذي: نسبة إلى ميبذ بالفتح السكون وضم الباء الموحدة، وذال
معجمة بلدة من نواحي أصبهان بها حصن حصين.
وفي (ضا): انها بالموحدة المكسورة، قرية كبيرة بقرب مدينة
يزد على رأس عشرة فراسخ منها تقريبا، لأهله يد باسطة في نسج
البساطات القطنية الضخمة المرسلة منها إلى سائر البلاد، وكانت من البلاد
المشهورة قديما.
(الميثمي)
أبو الحسن علي بن إسماعيل بن شعب بن ميثم التمار، كان من متكلمي
علمائنا الامامية في عصر المأمون والمعتصم، له مناظرات مع الملاحدة ومع المخالفين
(جش)، انه أول من تكلم في مذهب الإمامية وصنف كتبا في الإمامة، وكان
كوفيا سكن البصرة، وكان من وجوه المتكلمين من أصحابنا إنتهى.
وروى عن عون بن محمد الكندي قال: ما رأيت أحدا حافظ أعرف بأمور
الأئمة عليهم السلام وأخبارهم ومناكحهم منه.
وكان (ره) معاصرا لأبي (1) الهذيل العلاف شيخ معتزلة البصريين وكلمه
وكلهم النظام، وتقدم احتجاجه على أبى الهذيل.
وعن كتاب المفصول للسيد المرتضى قال: أخبرني الشيخ أيده الله
(أي الشيخ المفيد) قال قال أبو الحسن علي بن ميثم (ره) لرجل نصراني: لم
علقت الصليب في عنقك؟ قال: لأنه شبه الشئ الذي صلب عليه عيسى عليه السلام،
قال أبو الحسن: أفكان يحب ان يمثل به؟ قال لا، قال فأخبرني عن عيسى (ع)
أكان يركب الحمار ويمضي عليه في حوائجه؟ قال: نعم، قال أفكان يحب بقاء
الحمار حتى يبلغ عليه حاجته؟ قال نعم قال فتركت ما كان يحب عيسى بقاء وما
216

كان يركبه في حياته بمحبته منه عمدت إلى ما حمل عليه عيسى عليه السلام بالكره
وأركبه بالبغض له فعلقته في عنقك، فقد كان ينبغي على هذا القياس ان
تعلق الحمار في عنقك وتطرح الصليب وإلا فقد تجاهلت إلى غير ذلك.
(أقول): ولما كان رحمه الله ينتهي إلى ميثم التمار ينبغي لنا ان نشير هنا
إلى مختصر من حاله رحمه الله.
كان ميثم رضي الله عنه عبدا لامرأة من بني أسد فاشتراه أمير المؤمنين
عليه السلام وأعتقه واطلعه على علم كثير وأسرار خفية من اسرار الوصية، فكان
ميثم يحدث ببعض ذلك، فيشك فيه قوم من أهل الكوفة وينسبون عليا (ع)
في ذلك إلى المخرقة والايهام والتدليس، حتى قال عليه السلام، له يوما بحضر
خلق كثير من أصحابه وفيهم الشاك والمخلص: ميثم انك تؤخذ بعدي
وتصلب وتطعن بخربة، فإذا كان ذلك اليوم الثالث ابتدر منخراك وفمك دما،
فتخضب لحيتك فانتظر ذلك الخضاب، فتصلب على باب دار عمر ين حريث عاشر
عشرة أنت أقصرهم خشبة وأقربهم من المطهرة وأمض حتى أريك النخلة التي تصلب
على جذعها، فأراه إياها.
(وكان) ميثم يأتيها فيصلي عندها ويقول: بوركت من نخلة، لك
خلقت ولي غذيت، ولم يزل يتعاهدها حتى قطعت، حتى عرف الموضع
217

الذي يصلب عليها بالكوفة.
وحج في السنة التي قتل فيها فدخل على أم سلمة رضي الله عنها فقالت من
أنت؟ قال: أنا ميثم، قالت: والله لربما سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يذكرك
ويوصي بك عليا (ع) في جوف الليل فسألها عن الحسين (ع) فقالت: هو في
حائط له قال: أخبريه انني أحببت السلام عليه ونحن ملتقون عند رب العالمين
إن شاء الله، فدعت بطيب وطيبت لحيته وقال: أما انها ستخضب بدم، فقدم
الكوفة فأخذه عبيد الله بن زياد فحبسه وحبس معه المختار بن أبي عبيدة، قال
له ميثم، انك تفلت وتخرج ثائرا بدم الحسين (ع) فتقتل هذا الذي يقتلنا
فلما دعا عبيد الله بالمختار ليقتله طلع بريد بكتاب يزيد إلى عبيد الله يأمره بتخلية
سبيله فخلاه وأمر بميثم ان يصلب فلما رفع على الخشبة الناس حوله على
باب عمر وبن حريث، قال عمرو: وقد كان والله يقول اني مجاورك فلما صلب
أمر جاريته بكنس تحت خشبته ورشه تجميره، فجعل ميثم بفضائل
بني هاشم فقيل لابن زياد: قد فضحكم هذا العبد، فقال: ألجموه، وكان أول
خلق الله ألجم في الاسلام.
(وكان قتل ميثم رحمه الله) قبل قدوم الحسين عليه السلام إلى العراق بعشرة
أيام، فلما كان اليوم الثالث من صلبه طمن بالحربة فكبر، ثم انبعث في آخر
النهار فمه وأنفه دما.
(الميداني)
أبو الفضل أحمد بن محمد بن أحمد بن إبراهيم النيسابوري، كان أديبا
فاضلا، اخذ من أبى الحسن علي بن أحمد الواحدي، وصنف تصانيف حسنة
أشهرها: مجمع الأمثال، والسامي في الأسامي، ونزهة الطرف في علم الصرف
والهادي للشادي.
يحكي انه قدم عليه الزمخشري فنظر في كتابه الهدي فأفكر عليه تسمية
218

الكتاب بهذا الاسم، وقال له: كيف سميت هذا الكتاب بهذا الاسم مع نفاسة
وغموض معانيه، فان الشادي ما اخذ طرفا ومن العلم، وهذا الكتاب لا يلبق
إلا بمن كان منتهيا.
توفى بنيسابور سنة 518 (حيث) وابنه أبو سعيد سعيد بن أحمد، كان
أيضا فاضلا أديبا، له كتاب الأسمى في الأسماء، توفى سنة 539.
والميداني، بفتح الميم نسبة إلى ميدان زياد بن عبد الرحمن محلة نيسابور،
(واعلم) ان مجمع الأمثال كتاب اعتنى الفضلاء به، اختصره جماعة من أهل العلم
والأدب، وقد جمع أمثاله التي كانت من كلام أمير المؤمنين عليه السلام بعض أهل
الفضل من المسيحيين، وترجمه باللغة اللاتينية وطبعه في ضمن كتاب جمعه من
حكم أمير المؤمنين عليه السلام، فانظر معجم المطبوعات ليوسف اليان سركيس
فيه هكذا:
فان ونين كرنيليوس * حكم علي بن أبي طالب
ثم كتب أسم الكتاب باللغة اللاتينية، ثم كتب وهو يشتمل على
أربع رسائل:
(1) نثر اللآلئ، في الحكم والأمثال، من كلام أمير المؤمنين على ابن أبي طالب عليه سلام.
(2) مختارات من كتاب غرر الحكم ودرر الكلم الذي جمعه العلامة
عبد الواحد من كلام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام.
(3) بعض الأمثال التي جمعها أبو الفضل الميداني النيسابوري من كلام
أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام.
(4) طفافة بعض الأمثال التي ذكرها شظاظا المفضل بن سلمة الضبي،
ورفعها الميداني إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام طبع مع ترجمته اللاتينية
219

وتقييدات وشروج في اوكسوينا 1806، انتهى.
(الميرخواند)
محمد بن خاوند شاه بن محمود المؤرخ المطلع الماهر، صاحب كتاب روضة
الصفا في سيرة الأنبياء والملوك والخلفا.
توفى سنة 903 (ظج) واختصره ابنه غياث الدين خواندمير وسماه حبيب
السير في اخبار افراد البشر.
قال صاحب كشف الظنون: وهو في مجلدات كبار من الكتب
الممتعة المعتبرة إلا أنه أطال في وصف ابن حيدر، أي شاه إسماعيل الصفوي
ابن السلطان حيدر الموسوي، كما هو مقتضى حال عصره وهو معذور فيه
تجاوز الله سبحانه وتعالى عنه.
(الميرزا أبو طالب)
صاحب الحاشية على شرح السيوطي على ألفية بن مالك، عالم فاضل بارع
ماهر أديب متكلم فقيه لغوي نحوي مفسر محدث، من أجلاء تلامذة السيد صاحب الرياض، له مصنفات، فرغ من الحاشية سنة 1223.
(الميرزا الاسترآبادي)
محمد بن علي بن إبراهيم العالم الفاضل الجليل الكامل المتكلم المحقق المدقق
العالم الزاهد الثقة الورع، أستاذ أئمة الرجال، صاحب منهج المقال الذي يعبر
عنه بالرجال الكبير وهو كتاب حسن الترتيب يشتمل على جميع أسماء الرجال ويحتوي
على جميع أقوال القوم إلا شاذا.
وله آيات الاحكام أيضا، جاور بيت الله الحرام إلى أن مضى إلى رحمة الله
في 13 (قع) سنة 1028، فدفن في المعلاة عند سيدتنا خديجة الكبرى
رضي الله تعالى عنها.
220

قال العلامة المجلسي (ره) أخبرني جماعة عن جماعة عن السيد السند
الفاضل الكامل ميرزا محمد الاسترآبادي انه قال: اني كنت ذات ليلة أطواف
حول بيت الله الحرام إذ أتى شاب حسن الوجه فأخذ في الطواف فلما قرب مني
أعطاني طاقة ورد احمر في غير أوانه فأخذت منه وقلت له: من أين يا سيدي؟
قال: من الخرابات ثم غاب عني فلم أراه إنتهى.
(الميرزا جان)
المولى حبيب الله الباغنوي الشيرازي الأشعري الشافعي المتكلم
الأصولي المنطقي.
قال (ضا): كان آية في النظر والذكاء وهمة المطالعة بحيث نقل
انه كان يجلس كثيرا من الليالي في أول الليل الصباح ويدافع عن نفسه
البول حتى إذا أراد يبول بعد ذلك كان يبول دما، وكان ذلك من
جهة احتراق بعض مواده المستعدة من شدة توجه القوى بالكلية إلى أمر
العلم وتعطلها عن تدبير مملكة البدن، ثم انتقال، ذلك إلى المثانة وخروجه
من مخرج البول إنتهى.
له تعليقات على شرح المختصر العضدي، وفي كشف الظنون في ذيل
تجريد الكلام قال: ومن الحواشي على الشرح الجديد والحاشية القديمة حاشية
المولى المحقق ميرزاجان حبيب الله الشيرازي المتوفى سنة 994 (ظعد) إنتهى،
والباغنوي نسبة إلى باغنو محلة بشيراز.
(الميرزا الجزائري)
السيد الاجل العالم الفقيه المحدث الحافظ العابد محمد بن شرف الدين علي بن
نعمة الله الموسوي صاحب كتاب جوامع الكلم مجموع من الكتب الأربعة مع البحث
عن أسانيدها والمتكلم في أحوال رجالها.
يروي عنه الشيخ الحر والعلامة المجلسي، وهو يروي عن الشيخ عبد النبي
221

ابن سعد الجزائري المتوفى سنة 1021 (غكا) صاحب كتاب حاوي الأقوال في
الرجال وقد تقدم ذكره مع الجزائري في السيد الجزائري.
(الميرزا الشيرازي)
آية الله المذهب الحاج ميرزا محمد حسن بن السيد ميرزا محمود
ابن السيد ميرزا إسماعيل الحسيني الشيرازي، ذكر جماعة ترجمة وألفوا في ذلك
كتبا (1) ورسائل ونحن نذكر هاهنا ملخص ما أورده بعض الأفاضل، قال ولده
رضي الله عنه في 15 ج 1 سنة 1230 وحضر درس المحقق السيد حسن المدرس
وبحث المحقق الكلباسي، وقصد العراق في حدود سنة 1259، وحضر الأندية
العلمية حتى نص صاحب الجواهر باجتهاده في كتاب له إلى والي فارس واختص في
التلمذة والحضور بأبحاث المحقق الأنصاري قدس سره حتى صار يشار إليه بين
تلاميذه، وله الحظوة الكبرى عنده إلى قضى الشيخ رحمه الله نحبه فماجت
الناس في تعيين المرجع فنص لمة من تلامذة الشيخ بتعبية للمرجعية الكبرى منهم
الحاج ميرزا حسن الآشتياني، والعلامة الحاج ميرزا حبيب الله الرشتي والآقا
حسن الطهراني والميرزا عبد الرحيم النهاوندي رضوان الله عليهم أجمعين وهؤلاء
أعيان تلامذة الشيخ ووجوه أصحابه.
وحج بيت الله سنة 1288 وهاجر إلى سامراء في شعبان سنة 1291 ثم
تبعه أصحابه وتلاميذه فصارت سامراء مباءة للعلم والعمل، ومنبثق الفضيلة
والكمال، وأخذ منه كثير من فحول العماء، منهم العلامة الحاج ميرزا
إسماعيل ابن عمه، والسيد محمد الأصبهاني، والميرزا محمد تقي الشيرازي والحاج
222

آقا رضا الهمداني، والحاج الشيخ فضل الله النوري، والفاضلان والكاظمان
والسيد عبد المجيد الكرسي، والحاج الشيخ حسن علي الطهراني، والميرزا
إبراهيم الشيرازي، والسيد إبراهيم الدامغاني، والدزودي والمولى علي النهاوندي
والشيخ إسماعيل الترشيزي، والحاج ميرزا أبو الفضل الطهراني، والحاج ميرزا
حسين السبزواري، والحاج ميرزا السيد حسين القمي، والمولى محمد تقي القمي
وأولئك الذين رباهم وهذبهم عادوا أئمة يقتدى بهم، قد نشروا علمه الجم وفضله
الباهر على صهوات المنابر وبين طيات الكتب والدفاتر.
وله قدس سره في سجاحة الأخلاق وأصالة الرأي، وقوة العارضة،
وسداد الذاكرة، إصابة الحدس، وحدة التفرس، والحصافة في القول،
ووفور العطاء، وقضاء الحوائج، وتواصل العبادة والزهد البالغ مع
توجه الدنيا عليه مقامات، أو كرامات لم يدلنا التاريخ على اجتماعها في
رجل واحد، ولكن:
ليس على الله بمستنكر * ان يجمع العالم في واحد
وبذلك كله تقلد رئاسة كبرى حتى لا يذكر معه غيره، وانقادت له الأمور
بأسرها، وعنت له الوجه، أذعن به العلماء وهابته الملوك، وانثالت عليه الأموال
من أقطار المعمورة يدرها على الطلبة والفقراء؟ في المشاهد المقدسة أجمع،
لا يمكن حصر فضائله الشريفة.
توفى (ره) ليلة الأربعاء 24 شعبان 1312 في سامراء، وحمل نعشه
الشريف على الرؤوس إلى النجف الأشرف، وطيف به المراقد المطهرة، ودفن
في مقبرته المعروفة.
223

ليلة 5 (قع) سنة 1270، وهاجر به والده إلى سامراء سنة 1291، ورباه
أولا البارع السيد ميرزا أقا ابن أخي السيد المجدد، ثم كان تلمذه على المحقق
السيد محمد الفشاركي الأصبهاني علم العلم، وكان في الرعيل الأول من تلمذه أبيه
المحقق، لكن الأسف انه توفى في المصيب سنة 1370 وحمل جثمانه إلى النجف
الأشرف ودفن في إحدى الحجر الشرقية من الصحن الشريف المقدس، (خلفه
أربعة كرام): ميرزا جعفر هاشم ميرزا تقي ميرزا محمود، ولغير الثالث
ذراري وفيهم من تحلى بفضائل جمة.
(2) العلامة الورع السيد ميرزا علي آقا خلف آية الله المجدد، ولد سنة
1287، وأخذه والده إلى سامراء سنة 1291 وهو خماسي، وفيها شب ونما
واحتضنته حجور علمية من تلمذة أبيه حتى حكي عن العلامة السيد محمد الفشاركي
قال إنه تربى في حجر خمسين مجتهدا.
ومنهم نفس هذا العبقري والعلامة الميرزا محمد تقي الشيرازي ناشر ألوية
العلم والتحقيق وغيرها حتى استأهله والده للحضور لديه والتلمذة عليه في درس
خاص به، فلم يزل الحقائق تفاض عليه حتى نص (قده) باجتهاده وهو حديث
عهد بتمام العقد الثاني من عشرانه، فلم يزل متربعا على منصة العلم والفضيلة
بسامراء بعد وفاة والده سنة 1213 مفيدا ومدرسا، ومع ذلك لم بترك الحضور
عند المحقق الميرزا محمد تقي الشيرازي في بحث خاص به لا يحضره غيرها.
وبعد وفاة أستاذ المحقق الشيرازي اخذ صيته في النشور عصار في الطراز
الأول من الذين قدور عليهم الفتيا والتقليد وهو على نبوغه في الفقه وأصوله إلى
غاية، له مقام شامخ في الحكمة والكلام والطب والتاريخ والأدب.
وأما خلائقه الكريمة وورعه واحتياطاته في الشريعة والرياضات والمجاهدات
له فأشهر من أن يسطر.
توفى رحة الله ورضوانه عليه في النجف الأشرف في أوائل ليلة الأربعاء
224

18 ع 2 سنة 1355.
وأشعار الأدباء والشعراء في مدائحه ومراثيه أكثر من أن تذكر وليس
مجال ذكرها في هذا المختصر.
له نجلان فاضلان بارعان على وتيرة سلفهما الطاهر في سلوك سنن العلم
والتقى الميرزا محمد حسن، والميرزا محمد حسين حفظ هما الله تعالى، كما حفظ ما الغلامين
والبنات زادهم الله عزا وشرفا.
وكان لسيدنا المجدد (ابنتان)، إحداها تحت الناسك الزاهد الميرزا
محمد علي الملقب بميرزا أقا، وكان من العباد المتنسكين متفانيا في السلوك
إلى الله تعالى.
توفى سنة 1335 وهو ابن البارع الميرزا احمد أخي السيد المجدد
خلف الميرزا آقا العالم البارع السيد ميرزا هادي المتولد في سنة 24 ع 1 سنة 1296.
(والأخرى) تحت السيد الجليل الميرزا علي محمد بن السيد ميرزا أبو القاسم الشيرازي
كان السيد ميرزا أبو القاسم عديل سيدنا المجدد، (ولاية الله سيدنا المجدد
أخ ثالث الحاج ميرزا أسد الله،) كان وحيدا في فنه، مسلم الفضيلة
في الطب في عصره.
توفى سنة 1310 بسامراء، وكان على جانب عظيم من التقى وحسن
الأخلاق، فخلفه الفاضل البارع الحاج ميرزا علي دام فضله، له قسط من
فضيلة العلم والطب والتقى.
(العلم الحجة الحاج ميرزا إسماعيل) ابن عم الميرزا السيد الرضي بن الميرزا
إسماعيل بن السيد المجدد وأخو زوجته وخال العلامة ميرزا علي آقا، تربى في حجر
ابن عمه المذكور، وأخذ عنه علمه حتى عاد أفضل، تلاميذه العلماء ومعقد آمال
الأمة للزعامة الدينية العامة بعده بنص منه وإجماع من أصحابه، غيران الاجل لم
يمهله، فتوفى 10 (شع) سنة 1305، وكان مولده سنة 1258.
225

قضى نحبه بالكاظمية، ونقل جسده الشريف إلى النجف الأشرف ودفن
في إحدى الحجر الشرقية من الصحن المقدس، وهي التي دفن فيها ابن عمه العالم
الحاج ميرزا محمد والمحقق السيد محمد الفشاركي، وتواترت من شعراء العراق
قصائد في تعزية ابن عمه به، كانت له في القلوب مكانة عالية ومقام محمود، وله
اخبار رشيقة في الكرم والأخلاق.
(خلفه اثنان) ميرزا عبد الحسين: سلك مسلك الزهد والاعراض عن
زخارف الدنيا وحطامها والاعتزال عن الناس، وهو نزيل طهران.
(والعلامة الحجة السيد ميرزا عبد الهادي) علم العلم، والمحقق النحرير
الفقيه الأديب الجليل.
ولد دام ظله عام وفاة أبيه، وأخذ عن العلامة الميرزا علي آقا ابن عمته
والميرزا محمد تقي، والمحقق الخراساني، وهو اليوم أحد المدرسين خارجا في
النجف الأشرف.
له تحقيقات علية، ونظريات دقيقة، ومكتوبات علمية، وله أخلاق
كريمة مرضية عرقها فيه سلفه الطاهر، ولا بدع فنفس أبيه بين جنبيه وخلائق
أسلافه موروثة له.
له أنف حمي، وعلم جم، وخلق مرضي أبقاه الله علما للدين وغوثا
للمسلمين، له شعر رائق باللسانين، فمن شعره بالعربية يمدح بها شيخ البطحاء
أبا طالب عليه السلام:
أبو طالب حامي الحقيقة سيد * تزان به البطحاء في البر و البحر
الأبيات
(الميرزا الشيرواني) انظر المولى ميرزا
(الميرزا القمي) انظر أبو القاسم القمي
226

(الميرزا كمال الدين المشتهر بميرزا كمالا)
محمد بن معين الدين محمد الفسوي الفارسي الشيرازي، كان من أجلة علماء
أوائل القرن الثاني عشر فقيها مفسرا أديبا فاضلا كاملا، له شرح على شافية
ابن الحاجب، وشرح على قصيدة دعبل، فرغ من شرح القصيدة سنة 1103،
وكان صهرا للمجلسي الأول.
(النابغة الجعدي)
بفتح الجيم وسكون العين قيس بن كعب بن عبد الله بن عامر بن
ربيعة بن جعدة بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصمة، يكنى أبا ليلى،
كان من المعمرين.
في البحار عن هشام الكلبي انه عاش مائة وثمانين سنة، وقيل إنه عاش مائتي
سنة وأدرك الاسلام، ومن شعره قوله:
ولقد شهدت عكاظ قبل محلها * فيها وكنت أعد مل فتيان
(الأبيات) مل فتيان: مخفف من الفتيان.
وروي ان النابغة الجعدي أنشد رسول الله صلى الله عليه وآله:
بلغنا السماء عزة وتكرما * وإنا لنرجو فوق ذلك مظهرا
فقال: إلى أين يا ابن أبي ليلى؟ قال: إلى الجنة يا رسول الله، قال:
أحسنت لا يفضض الله فاك.
قال الراوي: فرأيته شيخا له مائة وثلاثون سنة، وأسنانه مثل ورق
الأقحوان نقاء وبياضا، قد هدم جسمه الآفات.
روى العلامة المجلسي في سادس البحار ص 698 عن (جا) عن أبي عبيدة قال:
كان النابغة الجعدي ممن يتأله في الجاهلية، وأنكر الخمر والسكر، وهجر الأوثان
والأزلام، وقال في الجاهلية كلمته التي قالها فيها:
227

الحمد لله لا شريك له * من لم يقلها لنفسه ظلما
وكان يذكر دين إبراهيم عليه السلام والحنيفية ويصوم ويستغفر ويتوقى أشياء
لغوا فيها، ووفد على رسول الله صلى الله عليه وآله قال:
أتيت رسول الله إذ جاء بالهدى * ويتلو كتابا كالمجرة نشرا
الأبيات
وكان البابغة علوي الرأي، خرج بعد رسول الله صلى الله عليه وآله مع أمير المؤمنين
عليه السلام إلى صفين.. الخ.
(النابغة الذبياني)
أبو أمامة زياد بن معاوية الذي حكي انه كان من اشراف الشعراء من
أصحاب المعلقات، وكان يفد على النعمان، وكان خاصا به، وجمع من عطاياه
ثروة كاملة، وله منزلة كبرى عند شعراء عصره فإذا جاء عكاظ ضربوا له في سوقها
قبة من جلد وجاء الشعراء ينشدون أشعارهم.
وأول من أنشده الأعشى، ثم حسان، ثم الخنساء وهذا شرف لم ينله
أحد من الشعراء سواه.
توفى على الجاهلية، ولم يدرك الاسلام، وكان الجعدي أسن منه،
كان مع المنذر بن محرق، والذبياني كان مع النعمان بن المنذر بن محرق.
قال الفيروز آبادي: النابغة الرجل العظيم الشأن، والنوابغ الشعراء زياد
ابن معاوية الذبياني وقيس بن عبد الله الجعدي وعبد الله بن المخارق الشيباني،
ويزيد بن أبان الحارثي وهو نابغة بني الديان، والنابغة بن لأي الغنوي
والحارث بن بكر اليربوعي، والحارث بن عدوان التغلبي، والنابغة العدواني
ولم يسم إنتهى، وذبيان: بالضم والكسر وسكون الموحدة قبيلة منهم
النابغة المذكور.
228

(النابلسي)
نسبة إلى نابلس قرية بالقدس قرب جماعيل ينسب إليها عبد الغني النابلسي
الذي تقدم ذكره في الجماعيلي.
وينسب إليها أيضا الشيخ عبد بن إسماعيل بن عبد الغني بن إسماعيل النابلسي
الحنفي الدمشقي النقشبندي القادري، أحد أرباب العرفان والتصوف.
أخذ علمه عن مشايخ عصره، والطريقة القادرية عن السيد عبد الرزاق
الجيلاني، وأدمن المطالعة في كتب محيي الدين بن العربي، وكتب الصوفية
وصنف إيضاح الدلالات في جواز سماع الآلات، وجواهر النصوص في حل
كلمات الفصوص، ونفحات الأزهار على نسمات الأسحار في مدح النبي المختار،
إلى غير ذلك، توفي سنة 1143 (غقمج).
(الناشئ الأصغر)
أبو الحسن علي بن عبد الله بن وصيف البغدادي الحلاء الفاضل المتكلم
الشاعر البارع الامامي المشهور.
له كتاب في الإمامة وأشعار كثيرة في أهل البيت عليهم السلام لا تحصى كثرة
حتى عرف بهم ولقب بشاعر أهل البيت عليهم السلام، ولد سنة 271 ويروي عن المبرد
وابن المعتز.
قال ابن خلكان: هو من الشعراء المحسنين، وله في أهل البيت عليهم السلام
قصائد كثيرة، وكان متكلما بارعا، اخذ علم الكلام عن أبي سهل إسماعيل
ابن علي بن نوبخت المتكلم.
وكان من كبار الشيعة، وله تصانيف كثيرة، وكان جده وصيف مملوكا
وأبوه عبد الله عطارا.
وقيل له: الحلاء لأنه كان يعمل حلية من النحاس ومضى إلى الكوفة
229

سنة 325 وأملى شعره بجامعها.
وكان المتنبي وهو صبي يحضر مجلسه بها، وكتب من إملائه
لنفسه من قصيدة:
كأن سنان ذاب له ضمير * فليس له عن القلوب ذهاب
وصارمه كبيعته نجم * مقاصدها من الخلق الرقاب
ونظم المتنبي هذا وقال:
كأن الهام في الهيجا عيون * وقد طبعت سيوفك من رقاد
وقد صغت الأسنة من هموم * فما يخطرن إلا في فؤادي
إنتهى ملخصا
ومن شعره في أمير المؤمنين عليه السلام:
ولو آمنوا بنبي الهدى * وبالله ذي الطول ما خالفوكا
ولو أيقنوا بمعاد لما * أزالوا النصوص ولا مانعوكا
ولكنهم كتعوا الشك في * أخيك النبي وأبدوه فيكا
الأبيات
توفى ببغداد سنة 366 أو 360.
والناشي كما عن أنساب الصنعاني يقال لمن نشأ في فمن من فنون الشعر واشتهر
به والمشهور بهذه النسبة علي بن عبد الله.
(الناشي الأكبر)
أبو العباس عبد الله بن محمد الأنباري البغدادي المعروف بابن شرشير
الشاعر، حكي انه كان في طبقة ابن الرومي والبحتري.
وكان نحويا عروضيا منطقيا متكلما، له قصيدة في فنون من العلم
تبلغ أربعة آلاف بيت.
230

وله عدة تصانيف وأشعار كثيره في جوارح الصيد وآلاته، والصيود
كأنه كان صاحب صيد.
وقد استشهد كشاجم بشعره في كتاب المصايد والمطارد في مواضع منها
توفى بمصر سنة 293 (جرص)، والأنباري تقدم في ابن الأنباري.
(ناصر الدولة الحمداني)
أبو محمد الحسن بن أبي الهيجاء عبد الله بن حمدان بن حمدون التغلبي، كان
صاحب الموصل وما والاها، وتنقلت به الأحوال تارات إلى أن ملك الموصل
بعد أن كان نائبا بها عن أبيه.
ثم لقبه الخليفة المتقي بالله ناصر الدولة في مستهل شعبان سنة 330،
ولقب أخاه أبا الحسن علي بن عبد الله سيف الدولة في ذلك اليوم أيضا،
وعظم شأنهما.
وكان المكتفي بالله قد ولى أباهما عبد الله الموصل وأعمالها في سنة 232 (صبر)،
وكان ناصر الدولة أكبر سنا من أخيه سيف الدولة وأقدم منزلة عند الخلفاء
وكان كثير التأدب معه، وكان شديد المحبة له.
توفى أبو الحسن سيف الدولة سنة 356 بحلب، ونقل إلى ميافارقين
ودفن في تربة أمه.
قال ابن خلكان: كان مرضه عسر البول، وكان قد جمع من نفض
الغبار الذي يجتمع عليه في غزواته شيئا وعمله لبنة بقدر الكف، وأوصى ان يوضع
خده عليها في لحده فنفذت وصيته في ذلك إنتهى.
قيل: ولما توفى تغيرت أحوال ناصر الدولة لكثرة محبته له، وتوفى سنة
358 ودفن بتل توتة شرقي الموصل، وتقدم في سيف الدولة ما يتعلق بذلك
وحفيده أبو المطاع ذو القرنين بن حمدان بن ناصر الدولة الملقب وجيه الدولة،
231

كان شاعرا طريفا حسن السبك، وله اشعار حسنة.
حكي انه قد وصل إلى مصر في أيام الظاهر بن الحاكم العبيدي
صاحب مصر، فقلده ولاية الإسكندرية وأعمالها في رجب سنة 414،
وتوفى سنة 428.
(الناصر الكبير)
الحسن بن علي بن الحسن بن علي بن عمر بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب
أبو محمد الأطروش ناصر الحق، والناصر الكبير جد السيدين المرتضى
والرضي من قبل أمهما فاطمة بنت أبي محمد الحسن بن أحمد بن الناصر الكبير،
وهو صاحب الديلم.
قال ابن أبي الحديد في حقه: شيخ الطالبيين وعالمهم وزاهدهم
وأديبهم وشاعرهم، ملك بلاد الديلم والجبل، ولقب بالناصر للحق، وجرت
له حروب عظيمة مع السامانية.
توفى بطبرستان سنة 304 (شد) وسنه 79 سنة إنتهى، (جش)
كان (ره) يعتقد الإمامة، صنف بها كتبا، منها: كتابا في الإمامة
صغير إلى أن قال كتاب أنساب الأئمة (ع) إلى صاحب الامر عليه السلام، وهذا
صريح في كونه من علماء الإمامية.
وقال السيد المرتضى في محكي شرح المسائل الناصرية: وأما أبو محمد الناصر
الكبير وهو الحسن بن علي فضله في علمه وزهده وفقهه أظهر من الشمس الباهرة
وهو الذي نشر الاسلام في الديلم حتى اهتدوا به بعد الضلالة وعدلوا به عائدين
عن الجهالة، وسيرته الجميلة أكثر من أن تحصى وأظهر من أن تخفى، وما ذكر
اسمه في هذا الشرح إلا مترضيا أو مترحما.
232

(الناصر لدين الله)
أبو العباس أحمد بن المستضئ، ولد 10 رجب سنة 553 بويع له عند
وفاة أبيه سنة 575 وهو ابن 23 سنة، ومدة خلافته 46 سنة و 10 أشهر و 28
يوما، ولم يل الخلافة من أهل بيته أطول مدة منه.
وكان في آبائه أربعة عشر خليفة، وكان نقش خاتمه رجائي من الله عفوه
وكان يتشيع ويميل إلى مذهب الإمامية.
قال ابن الطقطقي: كان الناصر من أفاضل الخلفاء وأعيانهم، بصيرا
بالأمور مجربا سائسا مهيبا مقداما عارفا شجاعا.
وكان يرى رأي الامامية، طالت مدته وصفى له الملك، وأحب مباشرة
أحوال الرعية بنفسه حتى كان يتمشى في الليل في دروب بغداد ليعرف اخبار
الرعية وما يدور بينهم، وصنف كتبا وسمع الحديث النبوي صلوات الله على صاحبه
وأسمعه ولبس لباس الفتوة وألبسه.
وكان باقعة زمانه ورجل عصره، في أيامه انقرضت دولة آل سلجوق
بالكلية، وكان للناصر من المبار والوقوف ما يفوت الحصر، وبنى دور
الضيافات والمساجد والربط ما يتجاوز حد الكثرة إنتهى ملخصا.
وفي أعيان الشيعة ما ملخصة: وكان الناصر عالما مؤلفا شجاعا شاعرا،
راويا للحديث، ويعد في الحدثين.
قال الذهبي: أجاز الناصر لجماعة من الأعيان فحدثوا عنه، منهم ابن سكينة
وابن الأخضر وابن النجار وابن الدامغاني وآخرون إنتهى.
وله كتاب في فضائل أمير المؤمنين عليه السلام رواه السيد ابن طاووس في كتابه
اليقين عن السيد فخار بن معد الموسوي عن الناصر حكي انه ذهبت إحدى عيني
الناصر في آخر عمره وبقي يبصر بالأخرى إبصارا ضعيفا ولا يشعر بذلك أحد،
233

وكانت له جارة علمها الخط بنفسه، فكانت تكتب مثل خطه، فتكتب
على التواقيع.
وعن تاريخ مختصر الخلفاء لابن الساعي قال: لم يل الخلافة أحد أطول
خلافة من الناصر فأقام فيها 47 سنة ولم يزل في عز وجلالة وقمع للأعداء
واستظهار على الملوك والسلاطين في أقطار الأرض مدة حياته، فما خرج عليه
خارجي إلا قمعه، ولا مخالف إلا دفعه ولا آوى إليه مظلوم مشتت الشمل إلا جمعه
وكان إذا أطعم أشبع وإذا ضرب أو جمع، وقد ملا القلوب هيبة وخيفة، فكان
يرهبه أهل الهند ومصر كما يرهبه أهل بغداد.
وكان الملوك والأكابر بمصر والشام إذا جرى ذكره في خلواتهم خفضوا
أصواتهم هيبة وإجلالا.
وملك من الممالك ما لم يملكه أحد ممن تقدمه الخلفاء والملوك، وخطب
له ببلاد الأندلس وبلاد الصين.
وكان أسد بني العباس تصدع لهيبته الجبال، إلى أن قال: وكان يتشيع
وجعل مشهد الإمام موسى الكاظم عليه السلام أمنا لمن لاذ به، فكان الناس يلتجئون
إليه في حاجاتهم ومهماتهم وجرائمهم فيقضي النصر لهم حوائجهم، ويعفو عن
جرائمهم، إنتهى. ومما ينسب إليه قوله:
قسما بمكة والحطيم وزمزم * والراقصات ومشيهن إلى منى
بغض الوصي علامة مكتوبة * تبدو على جبهات أولاد الزنا
من لم يوالي في البرية حيدرا * سيان عند الله صلى أز زنى
وحكي ابن عبيد الله نقيب الطالبيين بالموصل كتب إلى الناصر بلغنا انك
عدلت عن مذهب التشيع إلى التسنن، فان كان ذلك صحيحا فمروا باعلامي عن
السبب فأجابه الناصر بهذه الأبيات:
يمينا بقوم أوضحوا منهج الهدى * وصاموا وصلوا والأنام نيام
234

أصاب بهم عيسى ونوح بهم نجا * وناجى بهم موسى وأعقب سام
لقد كذب الواشون فيما تخرصوا * وحاشا الضحى ان يعتريه ظلام
والناصر هو الذي كتب إليه الملك الافل علي بن صلاح الدين يوسف بن أيوب
وكان أبوه أوصي إليه بالسلطنة وجعله ولى عهده وهو أكبر ولده، وأخذ له البيعة
على أخيه نجم الدين أبى بكر بن أيوب وعلى ابنه عثمان بن صلاح الدين، ولما مات
صلاح الدين وثبا عليه واغتصبا منه الملك فكتب إلى الامام الناصر بهذه الأبيات
وهي مشهورة وواها عامة المؤرخين مع جوابها:
مولاي ان أبا بكر وصاحبه * عثمان قد غصبا بالسيف حق علي
وهو الذي كان قد ولاه والده * عليهما فاستقام الامر حين ولي
فخالفاه وحلا عقد بيعته * والامر بينهما والنص فيه جلي
فانظر إلى حظ هذا الاسم كيف لقي * من الأواخر ما لاقى من الأول
فأجابه الناصر يقول:
وافى كتابك يا ابن يوسف ناطقا * بالصدق بخير ان أصلك طاهر
غصبوا عليا حقه إذ لم يكن * بعد النبي له بيثرب ناصر
فاصبر فان غدا عليه حسابهم * وابشر فناصرك الامام الناصر
وفي أعيان الشيعة أيضا، والامام الناصر الذي بني سرداب الغيبة في سامراء
وجعل فيه شباكا من الآبنوس الفاخر أو الساج، كتب على دائرة اسمه وتاريخ
عمله وهو باق لهذا الوقت وكأنما فرغ منه الصناع الآن.
وهذا صورة ما كتب عليه: (بسم الله الرحمن الرحيم قل لا أسألكم عليه
اجرا إلا المودة في القربى ومن يقترف حسنة نزد له فيها حسنا إن الله غفور
شكور) هذا ما أمر بعمله سيدنا ومولانا الامام المفترض طاعته على جميع الأنام
(أبو العباس احمد الناصر لدين الله) الخ.
ونقش في خشب الساج داخل الصفة في ظهر الحائط ما صورته:
235

(بسم الله الرحمن الرحيم) محمد رسول الله أمير المؤمنين علي ولي الله فاطمة
الحسن بن علي، الحسين بن علي، علي بن الحسين، محمد بن علي، جعفر بن محمد
موسى بن جعفر، علي بن موسى، محمد بن علي، علي بن محمد، الحسن بن علي،
القائم بالحق عليهم السلام، هذا عمل علي بن محمد ولي آل محمد رحمه الله إنتهى)،
وهذا السرداب هو سرداب الدار التي سكنها ثلاثة من أئمة أهل البيت الطاهر،
وهم: الإمام علي بن محمد الهادي وولده الإمام الحسن بن علي العسكري وولده
الإمام المهدي عليهم السلام، كما سكنوا أيضا في ذلك السرداب وتشرف بسكناهم فيه
وجرت لهم فيه الكرامات والمعجزات، وغاب المهدي عليه السلام، بعد ما سكنه ولذلك
تتبرك الشيعة وغيرها به، وتصلي لربها فيه وتدعوه وتطلب منه حوائجها طلبا
لبركته بسكنى آل رسول الله فيه وتشريفهم له.
وليس في الشيعة من يعتقد ان المهدي موجود في السرداب، أو غائب
فيه كما يرميهم به من يريد التشنيع، وينسب إليهم في ذلك أمورا لا حقيقة لها
مثل انهم يجتمعون كل جمعة على باب السرداب بالسيوف والخيول وينادون
اخرج إلينا يا مولانا، فان هذا كذب وافتراء، حتى أن بعض من ذكر ذلك
قال: انه بالحلة، مع أن السرداب في سامراء لا في الحلة، وبالجملة فليس
للسرداب مزية عند الشيعة إلا تشرفه بسكنى ثلاثة من أئمة أهل البيت (ع)
فيه، وهذا الامر لا يختص بالشيعة في تبركهم بالأمكنة الشريفة،
فليتق الله المرجفون إنتهى.
توفى الناصر أول شوال سنة 622.
(النامي)
أبو العباس أحمد بن محمد الدارمي المصيصي الشاعر المشهور، كان من
الشعراء المفلقين، ومن فحولة شعراء عصره، وخواص مداح سيف الدولة
236

ابن حمدان، كان عنده تلو المتنبي في المنزلة والرتبة.
وكان فاضلا أديبا بارعا باللغة والأدب، أخذ عن جماعة من العلماء والأفاضل
منهم والده محمد.
وله مع المتنبي وقائع ومعارضات في الأناشيد ذكره السيد ضياء الدين
يوسف بن يحيى الصنعاني المتوفى سنة 1121 في محكي نسمة السحر فيمن تشيع
وشعر، وله قصائد كثيرة في مدح سيف الدولة.
حكى ابن خلكان عن أبي الخطاب بن عون الحريري النحوي الشاعر قال:
دخلت على أبى العباس النامي فوجدته جالسا ورأسه كالثغامة بياضا وفيه شعرة
واحدة سوداء فقلت له يا سيدي في رأسك شعرة سوداء، فقال: نعم هذه بقية
شبابي وأنا أفرح بها ولي فيها شعر، فقلت أنشدنيه فأنشدني:
رأيت في الرأس شعرة بقيت * سوداء تهوى العيون رؤيتها
فقلت للبيض إذ تروعها، بالله إلا رحمت غربتها
فقل لبث السواد في وطن * تكون فيه البيضاء ضرتها
ثم قال: يا أبا الخطاب بيضاء واحدة تروع ألف سوداء، فكيف حال
سوداء بين ألف بيضاء إنتهى.
توفي سنة 399، والدارمي تقدم ذكره، والمصيصي بالميم المكسورة
بعدها الصاد المشددة، نسبة إلى المصيصة وهي مدينة على ساحل البحر
الرومي تجاور طرطوس، بناها صالح بن علي عم المنصور في سنة 140 (قم)
بأمر المنصور.
(النبهاني) يوسف بن إسماعيل البيروتي، الفاضل المحدث، صاحب المؤلفات
الكثيرة، منها: الشرف المؤبد لآل محمد الذي ينقل عنه كثيرا معاصره
237

سيدها الاجل فخر المحققين ثقة الاسلام السيد عبد الحسين شرف الدين
أدام الباري بركات وجوده الشريف وأعانه لنصرة الدين الحنيف.
قال في كتابه الكلمة الغراء في آية التطهير قال النبهاني صفحة 7 من
كتاب الشرف المؤبد ما هذا لفظه: وقد ثبت من طرق عديدة صحيحة ان
رسول الله صلى الله عليه وآله جاء ومعه علي وفاطمة وحسن وحسين عليهم السلام قد أخذ
كل واحد منهما بيد حتى دخل فأدنى عليا وفاطمة وأجلسهما بين يديه وأجلس حسنا
وحسينا كل واحد على فخذه ثم لف عليهم كساء ثم تلا هذه الآية: (إنما يريد
الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهر كم تطهيرا).
قال النبهاني قالت أم سلمة: فرفعت الكساء لأدخل معهم فجذبه من
يدي فقلت: وأنا معكم يا رسول الله؟ فقال: انك من أزواج النبي وانك
لعلى خير، ونقل عنه قال:
آل طه يا آل خير نبي * جدكم خيرة وأنتم خيار
أذهب الله عنكم الرجس أهل * البيت قدما فأنتم الأطهار
لم يسل جدكم على الدين اجرا * غير ود القربى ونعم الأجار
(النجاد)
أبو بكر أحمد بن سلمان بن الحسن بن إسرائيل الفقيه الحنبلي، كان
له في جامع المنصور يوم الجمعة حلقتان قبل الصلاة وبعدها، إحداهما
للفتوى في الفقه، والأخرى لإملاء الحديث، وهو ممن اتسعت رواياته،
وانتشرت أحاديثه.
ذكره الخطيب في تاريخ بغداد وأثنى عليه، وذكر عن أبي علي بن
الصواف انه قال: كان أبو بكر النجاد يجبئ معنا إلى المحدثين ونعله في يده
238

فقيل له: ولم لا تلبس نعلك؟ قال: أحب ان أمشي في طلب حديث رسول الله
صلى الله عليه وآله وأنا حاف.
وروي عن علي بن عبد العزيز قال: حضرت مجلس أبو بكر النجاد وهو
يملي فغلط في شئ من العربية فرد عليه بعض الحاضرين فاشتد عليه، فلما فرغ
من المجلس قال خذوا، ثم قال أنشدنا هلال بن العلاء الرقي:
سيبلى لسان كان يعرب لفظه * فيا ليته في موقف العرض يسلم
وما ينفع الاعراب إن لم يكن تقى * وما ضر ذا تقوى لسان معجم
كان قد كف بصره في آخر عمره، وتوفى ببغداد سنة 348، والنجاد:
ككتان من يعالج الفرش والوسائد ويخيطهما.
(النجاشي)
الشيخ الثقة الثبت الجليل، النقاد البصير، والمضطلع الخبير أبو العباس
أحمد بن علي بن أحمد العباس بن محمد بن عبد الله بن إبراهيم بن محمد بن
عبد الله النجاشي.
كان رحمه الله صاحب كتاب الرجال المعروف الدائر الذي اتكل عليه كافة
العلماء الامامية قدس الله أرواحهم المرموز (بجش).
كان رحمه الله من أعظم أركان الجرح والتعديل، وأعلم علماء هذا السبيل
وهو الرجل كل الرجل لا يقاس بسواه ولا يعدل به من عداه.
أجمع علماؤنا على الاعتماد عليه، وأطبقوا عليا الاستناد في أحوال الرجال
إليه، وبالجملة فجلالة قدره وعظم شأنه في الطائفة أشهر من أن يحتاج إلى نقل الكلمات
بل الظاهر منهم تقديم قوله ولو كان ظاهرا على قول غيره من أئمة الرجال في مقام
المعارضة في الجرح والتعديل ولو كان نصا.
يروي عن جماعة كثيرة من المشايخ كالشيخ المفيد، وأبى العباس السيرافي
239

وابن الجندي، وابن عبدون، والغضائري، وأبى الحسين بن أبي جيد
القمي، والتلعكبري، ومحمد بن هارون التلعكبري، ووالده علي بن أحمد وغيرهم
رضوان الله عليهم أجمعين.
كان مولد هذا الشيخ في صفر سنة 372 (شعب) وتوفى بمطير آباد من
نواحي سر من رأى سنة 450 موافق كلمة (ان الرحمة عليه).
وجده عبد الله النجاشي هو الذي كتب إلى الإمام الصادق عليه السلام:
بسم الله الرحمن الرحيم أطال الله بقاء سيدي ومولاي وجعلني من كل سوء فداه
ولا أراني فيه مكروها فإنه ولي ذلك والقادر عليه، إعلم سيدي ومولاي اني
بليت بولاية الأهواز فان رأى سيدي ان يحد لي حدا أو يمثل لي مثلا لاستدل به
على ما يقربني إلى الله عز وجل وإلى رسوله.. الخ.
فأجابه الصادق عليه السلام جوابا مفصلا، أورده الشهيد الثاني (ره) في كتاب
الغيبة مسندا عن مشايخه، وأورده العلامة الجلسي (ره) في كتاب العشرة
من البحار ص 215.
(نجم الدين الخبوشاني)
محمد بن الموفق بن سعيد الفقيه الشافعي الصوفي، الذي حكي انه
أفتى بقتل العاضد الخليفة الفاطمي، وقد تقدمت قصته في العبيدية،
توفى سنة 587.
والخبوشاني: بضم الخاء والباء الموحدة نسبة إلى خبوشان وهي
بليدة بناحية نيسابور.
(نجم الدين الكبرى)
أبو الجناب كشداد أحمد بن عمر الصوفي الخيوقي الخوارزمي، قيل كان له
في الارشاد وتربية السالكين شأن يختص به.
240

وكان يقول: اخذت علم الطريقة عن روزبهان، والعشق عن ابن العصر،
وعلم الخلوة والعزلة عن عمار، والخرقة عن إسماعيل القشيري.
نقل من مجالس القاضي ان الوجه في تلقب نجم الدين بالكبرى لأنه كان له
الغلبة دائما في المناظرات زمان تحصيله فلقبوه الطامة الكبرى، فأسقطت الطامة
لكثرة الاستعمال فقيل له الكبرى، قتل بأيدي عسكر المغول في خوارزم،
وخيوق بالكسر بلد بخوارزم.
(نجم الدين اليمنى)
الفقيه أبو محمد عمارة بن أبي الحسن علي بن زيدان اليميني الشاعر
المشهور، رحل إلى زبيد سنة 531، واشتغل بالفقه في بعض مدارسها
مدة أربع سنين.
وفي سنة 549 حج ثم أرسل رسولا إلى الديار المصرية فدخلها وصاحبها
يومئذ الفائز والوزير الصالح ابن رزيك فأنشدهما قصيدته الميمية في مدحهما،
منهما قوله بعد مدح الفائز:
لقد حمى الدين والدنيا وأهلهما * وزيره الصالح الفراج للغمم
اللابس الفخر لم تنسج غلائله * إلا يد الصانعين السيف والقلم
خليفة ووزير مد عدلهما * ظلا على مفرق الاسلام والأمم
زيادة النيل نقص عند فيضهما * فما عسى يتعاطى هاطل الديم
فاستحسنا قصيدته وأجزلا صلته، وكانت بينه وبين الكامل بن شاور صحبة
متأكدة قبل وزارة أبيه فلما وزر استحال عليه فكتب إليه:
إذا لم يسالمك الزمان فحارب * وباعد إذا لم تنتفع بالأقارب
ولا تحتقر كيد الضعيف فربما * تموت الأفاعي من سموم العقارب
فقد هد قدما عرش بلقيس هدهد * وخرب قار قيل ذا سد مأرب
241

إذا كان رأس المال عمرك فاحترز * عليه من الانفاق في غير واجب
فبين اختلاف الليل والصبح معرك * يكر علينا جيشه بالعجائب
قتله السلطان صلاح الدين بعد زوال دولة المصريين في سنة 569.
(نجيب الدين)
قد يطلق على ابن سعيد الحلي وقد تقدم، وقد يطلق على محمد بن
جعفر بن نما، وقد تقدم في ابن نما، وقد يطلق على الشيخ علي بن محمد بن
مكي العاملي الجبعي.
قال شيخنا الحر العاملي (قده) في (مل) كان عالما فاضلا فقيها محدثا مدققا
متكلما شاعرا أديبا منشيا جليل القدر.
قرأ على الشيخ حسن والسيد محمد والشيخ بهاء الدين وغيرهم، له شرح
الرسالة الاثني عشرية للشيخ حسن، وجمع ديوان الشيخ حسن، وله رحلة
منظومة لطيفة نحو ألفين وخمسمائة، وله رسالة في حساب الخطأين، وله شعر
جيد رأيته في أوائل سني قبل البلوغ ولم اقرأ عنده، يروي عن أبيه عن جده
عن الشهيد الثاني، ويروي عن مشايخه المذكورين وغيرهم.
وكان حسن الخط والحفظ، وله إجازة لولده ولجميع معاصريه، وذكره
السيد علي بن ميرزا احمد في سلافة العصر، فقال فيه نجيب: أعرق فضله وأنجب
وكماله في العلم معجب، وأدبه أعجب، سقى روض آدابه صيب البيان فحسنت
منه أزهار الكلام اسماع الأعيان، فهو للإحسان داع ومجيب، وليس
ذلك بعجيب من نجيب.
وله مؤلفات أبان فيها عن طول باعه واقتفائه لآثار الفضل واتباعه، وكان
قد ساح في الأرض وطوى منها الطول والعرض، فدخل الحجاز واليمن والهند
والعجم والعراق، ونظم في ذلك رحلة أودعها من بديع مارق وراق،
242

وقد حذا فيها حذو الصادح والباغم، ورد حاسد فضله بحسن بيانها وهو راغم
وقفت عليها فرأيت الحسن عليها موقوتا واجتليت محاسن ألفاظها ومعانيها أنواعا
وصنوفا و اصطفيت لهذا الكتاب، ما هو أرق من لطيف العتاب إنتهى، ثم نقل منها
نحو مائة بيت، وأنا أذكر يسيرا من شعره فمنه قوله: يا أمير المؤمنين المرتضى * لم أزل ارغب في أن أمدحك
غير اني لا أرى لي فسحة * بعد أن رب البرايا مدحك
ثم ذكر بعض اشعاره إلى قوله:
يا رب مالي عمل صالح * به أنال الفوز في الآخرة
إلا ولائي لبني هاشم * آل النبي العترة الطاهرة
وقوله من قصيدة يرثى بها الشيخ حسن والسيد محمد رحمهما الله تعالى:
أسفا لفقد أئمة لفواتهم * أيدي الفضائل والعلى جذاء
الأبيات
وقوله: علة شيبي قبل أيامه * هجر حبيبي في المقال الصحيح
ويدعي العلة في هجرة * شيبي وفي ذلك دور صريح
إنتهى
(النحاس)
أبو جعفر أحمد بن محمد بن إسماعيل المصري النحوي خال الزبيدي النحوي
كان من الفضلاء الأدباء صاحب كتاب التفسير وكتاب اعراب القرآن، والناسخ
والمنسوخ وشرح المعلقات السبع وغير ذلك.
اخذ النحو عن الأخفش والزجاج وابن الأنباري ونفطويه وسائر أدباء
العراق، وأخذ عنه خلق كثير، توفى بمصر سنة 338 (شلح).
243

قال ابن خلكان: كان سبب وفاته انه جلس على درج المقياس على شاطئ
النيل وهو في أيام زيادته وهو يقطع بالعروض شيئا من الشعر فقال بعض العوام
هذا يسحر النيل حتى لا يزيد فتغلوا الأسعار، فدفعه برجله في النيل فلم
يرقف له على خبر إنتهى.
ولا يخفى عليك انه غير النحاس الدمشقي صاحب مصارع العشاق في الجهاد
ومثير الغرام إلى دار السلام، وتنبيه الغافلين عن اعمال الجاهلين فان أحمد بن إبراهيم
ابن محمد الدمشقي الدمياطي الشافعي المتوفى سنة 814 (ضيد).
(النخعي)
نسبة إلى النخع بفتح النون والخاء والمعجمة، وبعدها عين مهملة وهي
قبيلة كبيرة من مذحج باليمن، واسم النخع جسر بن عمرو بن علة بن جلد
ابن مالك بن أدد، وإنما قيل له النخع لأنه انتخع، من قومه، أي بعد عنهم
وخرج منهم خلق كثير.
وممن ينسب إليه إبراهيم بن يزيد بن الأسود بن عمرو بن ربيعة بن
حارثة بن سعد بن مالك بن النخع الفقيه الكوفي التابعي، أحد الأئمة
المشاهير عند العامة.
قال ابن قتيبة في المعارف في وصفه: يكنى أبا عمران، وحمل عنه العلم
وهو ابن ثماني عشرة سنة.
وكان مزاحا، قيل له: ان سعيد بن جبير يقول كذا، قال قل له:
يسلك في وادي النوكى، وقيل لسعيد: ان إبراهيم يقول كذا، قال قل له
يقعد في ماء بارد (انتهى).
وفي مروج الذهب: وحبس الحجاج إبراهيم التميمي بواسط، ومات
في حبس الحجاج وإنما كان الحجاج طلب إبراهيم النخعي فنجا، ووقع إبراهيم
244

التميمي، وحكي عن الأعمش قال: قلت لإبراهيم النخعي أين كنت حين طلبك
الحجاج؟ فقال بحيث يقول الشاعر:
عوى الذئب فاستأنست بالذئب إذ عوى
وصوت إنسان فكدت أطير
(أقول): عده الشيخ من أصحاب أمير المؤمنين والسجاد (ع) ولكن
نسب العلامة المجلسي (ره) إليه النصب وقال: انه خرج مع ابن الأشعث
في جيش عبيد الله بن زياد إلى خراسان، وكان يقول: لا خير إلا في النبيذ
الصلب، إنتهى.
قلت: قد تقدم في الشعبي كلمة منه ينافي ما نسب إليه، نعم نقل عنه
امين الاسلام الطبرسي (ره) في مجمع البيان في سورة التوبة انه قال: ان أول
من أسلم بعد خديجة رضي الله تعالى عنها أبو بكر، قال ابن قتيبة: مات سنة
96 وهو ابن ست وأربعين سنة.
قال أبو عون: كنت في جنازة إبراهيم فما كان في إلا سبعة أنفس وصلى
عليه عبد الرحمن بن الأسود بن يزيد وهو ابن خاله.
(وممن ينسب إلى النخع) الأشتر النخعي رضوان الله عليه وقد تقدم،
(ومنهم): كميل بن زياد النخعي صاحب الدعاء المشهور: كان من أعاظم خواص
أمير المؤمنين عليه السلام وأصحاب سره.
قال الذهبي في ميزان الاعتدال في ترجمة قال ابن حبان: كان من المفرطين
في علي عليه السلام ممن روى عنه المعضلات.
وعن تقريب ابن حجر انه ثقة رمي بالتشيع من الثانية، مات سنة 83،
(ومنهم) علقمة بن قيس بن عبد الله النخعي أبو شبل، كان من أولياء آل محمد
عليهم السلام، وعده الشهرستاني وغيره من رجال الشيعة.
وكان علقمة وأخوه أبي من أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام،
245

وشهدا معه صفين فاستشهد أبي.
وكان يقال له أبي الصلاة لكثرة صلاته، أما علقمة فقد خضب سيفه من
دماء الفئة الباغية وعرجت رجله، فكان من المجاهدين في سبيل الله، ولم يزل
عدوا لمعاوية حتى مات، قيل عدالته وجلالته عند أهل السنة مع علمهم بتشيعه
من المسلمات، وقد احتج به أصحاب الصحاح الستة وغيرهم، مات سنة
62 بالكوفة.
(ومنهم) أبو أرطاة حجاج بن أرطاة النخعي الكوفي أحد العلماء بالحديث
والحفاظ له سمع عطا وجماعة من بعده.
وروى عنه سفيان الثوري، وشعبه بن الحجاج وابن المبارك وغيرهم،
وكان مع المنصور في وقت بناء مدينته، ويقال: انه ممن تولى خططها
ونصب قبلة جامعها.
قال الخطيب: وكان شريفا سريا، وكان في أصحاب أبي جعفر فضمه
إلى المهدي فلم يزل معه حتى توفى بالري، والمهدي بها يومئذ في جلافة أبى جعفر
وكان ضعيفا في الحديث.
وروي عن سفيان الثوري قال: ما رأيت احفظ من حجاج بن أرطاة
وذكر الخطيب انه كان فقيها، وكان أحد مفتي الكوفة، وولي قضاء البصرة
وكان جائز الحديث إلا صاحب ارسال، وكان يقع في أبي حنيفة ويقول:
ان أبا حنيفة لا يعقل إلى غير ذلك.
(وممن ينسب) إلى النخع شريك بن عبد الله بن سنان بن انس النخعي
الكوفي، ذكره ابن قتيبة والذهبي في رجال الشيعة.
وكان ممن روى النص على أمير المؤمنين عليه السلام كما في الميزان للذهبي، ومن
تتبع سيرته علم أنه كان يوالي أهل البيت عليهم السلام، وقد روى عن
أوليائهم، علما جمع، قال ابنه عبد الرحمن: كان عند أبي عشرة آلاف مسألة عن
246

جابر الجعفي وعشرة آلاف غرائب.
وقال عبد الله بن المبارك: شريك اعلم بحديث الكوفيين من سفيان،
وكان عدوا لأعداء علي عليه السلام، سئ القول فيهم، ومع ذلك وصفه الذهبي
بالحافظ الصادق أحد الأئمة.
ونقل عن ابن معين القول: بأنه صدوق ثقة، احتج به مسلم،
وأرباب السنن الأربعة.
قال الذهبي، قد كان شريك من أوعية العلم، حمل عنه إسحاق الأزرق
تسعة آلاف حديث إنتهى.
ولد بخراسان أو ببخارى سنة 95، ومات بالكوفة مستهل (قع)
سنة 177 أو 178.
(النديم الموصلي)
أبو إسحاق إبراهيم بن ماهان الأرجاني، لم يكن من الموصل وإنما سافر
إليها وأقام بها مدة فنسب إليها، لم يكن في زمانه مثله في الغناء واختراع الألحان
وكان إذ غنى وضرب له منصور المعروف بزلزل اهتز لهما المجلس، وكان إبراهيم
زوج أخت زلزل المذكور، توفى بعلة القولنج سنة 213، قيل: مات إبراهيم
الموصلي وأبو العتاهية وأبو عمرو الشيباني النحوي سنة 213 في يوم واحد
ببغداد، والموصلي قد تقدم.
(النسائي)
أبو عبد الرحمن أحمد بن علي بن شعيب النسائي الحافظ، كان من كبراء
عصره في الحديث.
ولد بنسأ مدينة بخراسان وسكن مصر وكان يسكن بزقاق القناديل، كان
كثير التهجد والعبادة، يصوم يوما ويفطر يوما.
247

وعن الحاكم قال: كان النسائي أفقه مشايخ عصره وأعرفهم بالصحيح
والسقيم من الآثار وأعرفهم بالرجال.
وعن الذهبي انه احفظ من مسلم إلى غير ذلك، له كتاب الخصائص
والسنن أحد الصحاح الست.
حكي انه لما اتى دمشق وصنف كتاب الخصائص في مناقب أمير المؤمنين
عليه السلام أنكر عليه ذلك، وقيل له: لم لا صنفت في فضائل الشيخين؟ فقال
دخلت دمشق المنحرف عن علي بها كثير فصنفت كتاب الخصائص رجاء ان
يهديهم الله تعالى به فدفعوا في خصيتيه وأخرجوه من المسجد ثم ما زالوا به حتى
أخرجوه من دمشق إلى الرملة فمات بها.
قال ابن خلكان: كان امام أهل عصره في الحديث، وله كتاب السنن،
وسكن مصر وانتشرت بها تصانيفه وأخذ عنه الناس.
قال محمد بن إسحاق الأصبهاني: سمعت مشايخنا بمصر يقولون: ان
أبا عبد الرحمن فارق مصر في آخر عصره وخرج إلى دمشق فسئل عن معاوية وما روي
من فضائله، فقال أما يرضى معاوية يخرج رأسا برأس حتى يفضل، وفي رواية
أخرى ما أعرف له فضيلة إلا لا أشبع الله بطنك (1).
وكان يتشيع فما زالوا يدفعون في حضنة حتى أخرجوه من المسجد
وفي رواية أخرى يدفعون في خصيتيه وداسوه ثم حمل إلى الرملة فمات بها إنتهى.

(1) حكي عن ربيع الأبرار للزمخشري انه كان معاوية يأكل في اليوم سبع
أكلات آخرهن بعد العصر.
وفيه انه كانت العرب لا تعرف الألوان وطعامهم اللحم بماء وملح حتى
كان زمن معاوية فاتخذ الألوان وتنوق فيها وما شبع مع كثرة ألوانه حتى مات
بدعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم عليه.
248

وروي انه كان يصوم يوما ويفطر يوما، وكانت وفاته في سنة
303 (شج).
ونسأ بفتح أوله والقصر: اسم بلدة بخراسان بينها وبين سرخس يومان،
وبينها وبين أبيورد يوم.
(النسفي)
نجم الدين أبو حفص عمر بن محمد بن إسماعيل السمرقندي الحنفي الفاضل
الأصولي المتكلم المفسر المحدث أحد العلماء المشهورين، صنف كتبا كثيرة،
منها: طلبة الطلبة في اصطلاحات الفقهية وتاريخ سمرقند والعقائد النسفية التي
اعتنى الفضلاء بها وشرحها المحقق التفتازاني.
حكي عنه انه أراد ان يزور الزمخشري في مكة المعظمة فلما دق بابه ليفتحه
قال الزمخشري: من هذا؟ قال عمر فقال الزمخشري انصرف، فقال النسفي:
يا سيدي عمر لا ينصرف فقال الزمخشري إذ أنكر صرف، تولد بنسف سنة 461
وتوفى بسمرقند سنة 537.
(وقد يطلق) على ابن البركات عبد الله بن أحمد بن محمود المعروف بحافظ
الدين النسفي الفقيه الأصولي المحدث، صاحب كنز الدقائق في فروع الحنفية
وهو متن مشهور في الفقه، والمنار متن في أصول الفقه وشرحه كشف الاسرار
دخل بغداد سنة 710 واتفق وفاته في هذه السنة أيضا.
النسفي نسبة إلى نسف كجبل بلد من بلاد السند في ما وراء النهر.
(نصر الدولة)
أبو نصر أحمد بن مروان الكردي الحميدي، صاحب ميافارقين
وديار بكر، كان رجلا مسعودا عالي الهمة، بلغ من السعادة ما يقصر الوصف عن شرحه.
249

حكي انه لم تفته صلاة الصبح عن وقتها مع انهماكه في اللذات، وانه كان
له ثلاثمائة وستون جارية يخلو في كل ليلة من ليالي السنة بواحدة فلا تعود النوبة
إليها إلا في مثل تلك الليلة من العام الثاني، وخلف أولادا كثيرة وقصده شعراء
عصره ومدحوه.
ومن سعادته انه وزر له وزيران كانا وزيري خليقتين أحدهما أبو القاسم
الحسين بن علي الوزير المغربي الذي يأتي ذكره، والآخر فخر الدولة أبو نصر
ابن جهير الذي تقدم ذكره في ابن جهير، ولم يزل على سعادته وقضاء أوطاره
إلى أن توفى 29 شوال سنة 453 (تنج).
(نصير الدين الطوسي)
حجة الفرقة الناجية الفيلسوف المحقق أستاذ البشر وأعلم أهل البدو الحضر
محمد بن محمد بن الحسن الطوسي الجهرودي سلطان العلماء والمحققين وأفضل الحكماء
والمتكلمين ممدوح أكابر الآفاق ومجمع مكارم الأخلاق الذي لا يحتاج إلى التصريف
لغاية شهرته مع أن كل ما يقال فهو دون رتبته.
ولد في 11 جمادى الأولى سنة 597 بطوس ونشأ بها ولذلك اشتهر بالطوسي
وكان أصله من چه رود المعروف بجهرود من اعمال قم من موضع يقال له وشارة
بالواو المكسورة بعدها الشين المعجمة على وزن عبارة.
قال قطب الدين الإشكوري صاحب كتاب محبوب القلوب في ترجمته انه
ولد بطوس ونشأ بها، واشتغل بالتحصيل في العلوم المعقولة عند خاله، ثم انتقل
إلى نيشابور، وبحث فريد الدين الداماد، وقطب الدين المصري وغيرهما
من الأفاضل الأماجد.
وفي المنقول عند تلميذ والده ووالده تلميذ السيد فضل الله الراوندي وهو
تلميذ السيد المرتضى (ره).
250

وقال أيضا كان فاضلا محققا ذلت رقاب الأفاضل من المخالف والمؤالف في
خدمته لدرك المطالب المعقولة والمنقولة وخضعت جباه الفحول في عتبته لاخذ
المسائل الفروعية والأصولية.
وصنف كتبا ورسائل نافعة نفيسة في فنون العلم، خصوصا قد بذل مجهوده
لهدم بنيان شبهات الفخرية في شرحه للإشارات:
تاطلسم سحرهاي شبهة راباطل كند * ازعصاي كلك أو آثار ثعبان آمده
(إنتهى)
له تجريد الكلام وهو كتاب كامل في شأنه، وصفه الفاضل القوشجي بأنه
مخزون بالعجائب مشحون بالغرائب، صغير الحجم وجيز النظم كثير العلم جليل
الشأن حسن الانتظام، مقبول الأئمة العظام، لم يظفر بمثله علماء الأمصار وهو في
الاشتهار كالشمس في رابعة النهار إنتهى.
شرحه جمع من أعاظم العلماء أولهم آية الله العلامة (ره)، وله كتاب
التذكرة النصيرية في علم الهيئة الذي شرحه النظام النيسابوري، والأخلاق
الناصرية، وآداب المتعلمين، وأصاف الاشراف، وكتاب قواعد العقائد
وتحرير المجسطي، وتحرير أصول الهندسة لأقليدس، وتلخيص المحصل وهو
مختصر لكتاب محصل أفكار المتقدمين والمتأخرين للفخر الرازي، وحل مشكلات
الإشارات لابن سينا وشرح قسم الإلهيات من الإشارات إلى غير ذلك
من الحواشي والرسائل والاشعار المشتملة على الفوائد والقصائد بالفارسية والعربية.
(حكي) انه قدس سره قد عمل الرصد العظيم بمدينة مراغة واتخذ في
ذلك خزانة عظيمة ملأها من الكتب وكانت تزيد على أربعمائة ألف مجلد، وكان
من أعوانه على الرصد من العلماء جماعة أرسل إليهم الملك هلاكو خان، منهم:
العلامة قطب الدين الشيرازي، ومؤيد الدين العروضي الدمشقي، وكان متبحرا
في الهندسة وآلات الرصد.
251

ونجم الدين القزويني، كان فاضلا في الحكمة والكلام، ومحيي الدين
الأخلاطي وكان مهندسا متبحرا في العلوم الرياضية، ومحيي الدين المغربي ونجم
الدين الكاتب البغدادي وكان فاضلا في اجراء الرياضي والهندسة وعلم الرصد،
وضبطوا حركات الكواكب.
(حكي) من أخلاقه الكريمة ان ورقة حضرت إليه من شخص فكان مما
فيها: يا كلب بن الكلب، فكان الجواب أما قوله يا كذا فليس بصحيح لان
الكلب من ذوات الأربع، وهو نابح طويل الأظفار، وأما أنا فمنتصب القامة
بادي البشرة عريض الأظفار ناطق ضاحك، فهذه الفصول والخواص غير تلك
الفصول والخواص، وأطال في نقض كلما قاله هكذا رد عليه بحسن طوية وتأني
غير منزعج ولم يقل الجواب كلمة قبيحة، وقلت: ليس هذا ببدع ممن قال
في حقه آية الله العلامة في إجازته الكبيرة.
وكان هذا الشيخ أفضل أهل عصره في العلوم العقلية والنقلية وله مصنفات
كثيرة في العلوم الحكمية والأحكام الشرعية على مذهب الإمامية، وكان أشرف من
شاهدناه في الأخلاق نور الله ضريحه.
قرأت عليه إلهيات الشفاء لأبي علي ين سينا وبعض التذكرة في الهيئة تصنيفه
رحمه الله تعالى، ثم أدركه الموت المحتوم قدس روحه إنتهى، توفى في يوم
الغدير سنة 672 ودفن في جوار الامامين موسى بن جعفر الجواد
عليهما السلام في المكان الذي أعد للناصر العباسي فلم يدفن فيه، قبل في
تأريخ وفاته بالفارسية:
نصير ملت ودين پادشاه كشور فضل
يگانه كه چه أو مادر زمانه نزاد
بسال ششصد وهفتاد ودو بذي الحجة
بروز هيجدهمش درگذشت در بغداد
252

(نصير الدين القاشي)
العالم المدقق الفهامة علي بن محمد بن علي الكاشاني الحلي، من أجلة متأخري
أصحابنا وكبار فقهائهم.
دكر صاحب (ض) عن مجالس القاضي انه قال: كان مولد هذا المولى
بكاشان وقد نشأ بالحلة، وكان معاصرا للقطب الراوندي (الرازي ظ) وكان
معروفا بدقة الطبع وحدة الفهم، وفاق على حكماء عصره وفقهاء دهره، وكان
دائما يشتغل في الحلة وبغداد بإفادة العلوم الدينية والمعارف اليقينية، ثم عد
بعض مؤلفاته قال: وقال السيد حيدر الآملي في كتاب منبع الأنوار في مقام
نقل اعتراضات أرباب الاستدلال بعجزهم عن الوصول إلى مرتبة تحقيق الحال
اني سمعت هذا الكلام مرارا من العليم العالم والحكيم الفاضل نصير الدين الكاشي
وكان يقول، غاية ما علمت في مدة ثمانين سنة من عمري هذا المصنوع
يحتاج إلى صانع ومع هذا يقين عجائز أهل الكوفة أكثر من يقيني، فعليكم
بالاعمال الصالحة، ولا تفارقوا طريقة الأئمة المعصومين عليهم السلام فان
كل ما سواه فهو هوى ووسوسة ومآله الحسرة الندامة، والتوفيق من
الصمد المعبود إنتهى.
وفي مجموعة الشهيد: توفى الشيخ الامام العلامة المحقق أستاذ الفضلاء
نصير الدين علي بن محمد القاشي بالمشهد المقدس الغروي سنة خمس وخمسين
وسبعمائة إنتهى، القاشي نسبة إلى قاشان معرب كاشان، وقد تقدم في الفيض.
(النظام)
أبو إسحاق إبراهيم ين سيار بن هاني البصري ابن أخت أبى الهذيل
العلاف شيخ المعتزلة.
وكان النظام صاحب المعرفة بالكلام أحد رؤساء المعتزلة، أستاذ الجاحظ
253

وأحمد بن الخالط، كان في أيام هارون الرشيد وقد ذكر جملة من كلماته وعقائده
في كتاب الحسنية المعروف، وإياه عنى أبو نواس بقوله:
فقل لمن يدعي في العلم فلسفة * حفظت شيئا وغابت عنك أشياء
ذكر ترجمته الصفدي في كتابه الوافي بالوفيات، ونقلها منه صاحب العبقات
مع بعض الأقوال منه كخبر المحسن وان الاجماع ليس بحجة، وكذلك القياس
وإنما الحجة قول المعصوم، وانه نص النبي صلى الله عليه وآله على أن الإمام علي وعينه وعرفت
الصحابة ذلك لكنه كتمه عمر لأجل أبى بكر رضي الله عنهما إنتهى.
وفي المناقب قال قال النظام: علي بن أبي طالب عليه السلام محنة على المتكلم إن
وفى حقه غلا، وإن بخسه حقه أساء، والمنزلة الوسطى دقيقه الوزن حايرة الشأن
صعب المراقي الأعلى الحاذق الدين.
والنظام كشداد لقب أبو إسحاق به لأنه كان ينظم الخرز في سوق البصرة
ويبيعها، وقالت المعتزلة إنما سمي ذلك لحسن كلامه نثرا ونظما.
(النظام الاسترآبادي)
شاعر مشهور من أفاضل شعراء استراباد، له ديوان وقصائد كثيرة في
مدح أهل البيت عليهم السلام، توفى سنة 921 (ظكا)، ومن شعره في مدح
أمير المؤمنين عليه السلام:
أمير صفدر غالب علي أبى طالب * وصي احمد مرسل ولي حي قدير
خمير مايه علمش نبودي اربودي * هذو زنان فضيلت بخوان دهر فطير
(القصيدة)
وله أيضا في مدحه عليه السلام من قصيدة أخرى:
دم سبيده صبحم گذشت درخاطر
كه بهترين عمل چيست شامگاه نشور
254

ندارسيد هماندم زعالم ملكوت
كه اي گناه تو يوم الحساب نامحصور
به ازمحبت سلطان أوليا نبود
زهر عمل كه شود درصحيفه ات مسطور
علي إمام معلاي هاشمي كه بود
سواد منقبش بربياض ديدهء حور
زحب أواست بروز جزانه ازطاعت
اميد مغفرات ازحي لا يزال غفور
نتيجه ندهد به محبتش درحشر
مكاشفات جنيد ورياضت منصور
زدل سواد معاصي برون بردمهرش
چنانكه ماه برد ظلمت ازشب ديجور
ببسته خدمت اورا ميان ضعيف وقوي
گشاده مدحت اورا زبان إناث وذكور
نسيم لطف توكرد رمشام خاك رود
برآورند سرازخاك أهل قبور
مراچه غم زغم روزگار مهر كسل
كه دل زمهر توام گشته جلوه گاه سرور
نظام چونكه زخواب عدم شود بيدار
زكاسه هاي سربزم معصيت مخمور
برأي دفع خمارش زمرحمت جامي
كرم نماي زخمخانه شراب طهور
255

(النظام الأعرج النيسابوري)
الحسن (الحسين خ ل) ابن محمد بن الحسين العالم الفاضل المفسر العارف،
صاحب التفسير الكبير الشهير وشرح الشافية المعروف بشرح النظام وشرح التذكرة
النصيرية ورسالة في علم الحساب وكتاب في أوقاف القرآن المجيد على حذو ما
كتبه السجاوندي إلى غير ذلك.
أصله وموطن أهله وعشيرته مدينة قم المحروسة، وكان منشؤه وموطنه
بديار نيسابور التي يقال هي من أحسن مدن خراسان، وأمره في الفضل والأدب
والتبحر والتحقيق وجودة القريحة أشهر من أن يذكر، كان من علماء رأس الماية
التاسعة وتقدم في الحاكم ما يتعلق بالنيسابوري.
(نظام الدين الأصبهاني)
ما رأيت له ترجمة أوردها هاهنا إلا ما نقل عن خط العلامة المجلسي
رحمه الله قال: انه كان أقضى القضاة بالعراق، ولقي نصير الملة والدين الطوسي،
وله قصائد في مدح أهل البيت عليهم السلام، وفي مدح شمس الدين محمد، صاحب
الديوان، وأخيه عطاء وولده بهاء الدين محمد مدحهم بها في ترويج مذهب
الشيعة الإمامية إنتهى.
(أقول): وذكر القاضي نور الله في إحقاق الحق هكذا فقال قال نظام
الدين الأصفهاني من معاصري هلاكو خان في قصيدته المشهورة:
لله دركم يا آل ياسينا * يا أنجم الحق اعلام الهدى فينا
لا يقبل الله إلا في محبتكم * أعمال عبد ولا يرضى له دينا
بكم أخفف أعباء الذنوب بكم * بكم أثقل في الحشر الموازينا
من لم يوالكم في الله لم ير من * فيح اللظى وعذاب القبر تسكينا
256

(نظام الدين الساوجي)
المولى محمد بن الحسين القرشي الساوجي المجاور لمشهد سيدنا عبد العظيم
الحسني عليه السلام بالري.
كان عالما فاضلا جامعا كاملا، من تلامذة شيخنا البهائي رحمه الله، وهو الذي
أتم الجامع العباسي الذي ألفه أستاذه البهائي، ولم يمهله الاجل لاتمامه، ومات
(رضي الله عنه) في 12 شوال سنة 1031، فأمره الشاه عباس الصفوي
باتمام بقية الأبواب إلى العشرين بابا بعد الأبواب الخمسة التي خرجت من قلم
الشيخ (رضي الله تعالى عنه)، توفى بعده وفاة الشاه عباس بقليل، وكانت وفاة
الشاه عباس في سنة 1038.
والساوجي: نسبة إلى ساوه، قال الحموي: ساوة بعد الألف واو مفتوحة
بعدها هاء ساكنة مدينة حسنة بين الري وهمذان في وسط بينهما وبين كل واحد
من همذان والري ثلاثون فرسخا، وبقربها مدينة يقال لها آوة.
فساوة سنية شافعية، وآوة أهلها شيعة إمامية وبينهما فرسخين، ولا
يزال يقع بينهما عصبية، وما زالتا معمورتين إلى سنة 617 فجاءها التتر الكفار
فخبرت بأنهم خربوها وقتلوا كل من فيها ولم يتركوا أحد البتة، وكان بها دار
كتب لم يكن في الدنيا أعظم منها، بلغني انهم أحرقوها.
وأما طول ساوة فسبع وسبعون درجة ونصف وثلث، وعرضها خمس
وثلاثون درجة إنتهى.
(نظام الملك الطوسي)
أبو علي الحسن بن إسحاق بن العباس الرادكاني الطوسي، كان من
أولاد الدهاقين.
ولد بنوقان إحدى مدينتي طوس 21 ذي القعدة سنة 408، واشتغل
257

بالحديث والفقه، ثم اتصل بخدمة علي بن شاذان المعتمد عليه بمدينة بلخ وكان
يكتب له فكان يصادره في كل سنة فهرب منه، وقصد داود بن ميكائيل السلجوقي
والد السلطان ألب أرسلان، فظهر له النصح المحبة فسلمه إلى ولده ألب أرسلان
وقال له: اتخذه والدا ولا تخالفه فيما يشير به، فلما ملك ألب أرسلان دبر امره
فأحسن التدبير وبقي في خدمته عشر سنين، فلما مات ألب أرسلان وملك ابنه
ملكشاه فصار الامر كله لنظام الملك وليس للسلطان إلا التخت والصيد وأقام على
هذا عشرين سنة.
وكان مجلسه عامرا بالفقهاء والصوفية، وكان إذا سمع الاذان أمسك عن
جميع ما هو فيه.
وبنى المدارس والربط والمساجد في البلاد، وهو أول من أنشأ المدارس
فاقتدى به الناس وشرع في عمارة مدرسته ببغداد سنة 457، وفي سنة 459
جمع الناس على طبقاتهم ليدرس بها الشيخ أبو إسحاق الشيرازي.
يحكى من حسن أخلاقه انه كان بينه وبين تاج الملك أبى الغنائم شحناء
ومنافسة كما جرت العادة بمثله بين الرؤساء، فقال أبو الغنائم لابن الهبارية وكان
من الملازمين لخدمة نظام الملك، إن هجوت نظام الملك فلك عندي كذا وأجزل
له الوعد فقال: كيف أهجو شخصا لا أرى في بيتي شيئا إلا من نعمته فقال لابد
من هذا فعمل هذه الأبيات:
لا غرو إن ملك * ابن إسحاق وساعده القدر
وصف له الدنيا * وخص أبو الغنائم بالكدر
والدهر كالدولاب * ليس يدور إلا بالبقر
فبلغت الأبيات نظام الملك فقال: هو يشير إلى المثل السائر على ألسنة
الناس وهو قولهم أهل طوس بقر.
وكان نظام الملك من طوس وأغضى عنه ولم يقابله على ذلك بل زاد في
258

أفضاله عليه فكانت هذه معدودة من مكارم أخلاق نظام الملك وسعة حلمه،
ويناسب ان يقال في حقه:
عشق المكارم فهو مستغل بها * والمكرمات قليلة العشاق
وأقام سوقا للثناء ولم تكن * سوق الثناء تعد في الأسواق
بث الصنايع في البلاد فأصبحت * يجبي إليه محامد الآفاق
ويقرب منه قصة فخر الدولة الموصلي وابن الهبارية وحلمه عنه وقد تقدمت
في ابن جهير.
يحكي ان في سنة 485 توجه نظام الملك صحبة ملك شاه إلى أصبهان فلما
وصل إلى سحنة قرية قريبة من نهاوند اعترضه، صبي ديلمي على هيئة الصوفية
معه فضربه بسكين في فؤاده فقيل: انه نادى أولا مظلوم مظلوم فقال الوزير:
انظروا ما ظلامته؟ فقال: معي رقعة أريد ان أسلمها إلى الوزير فلما دنى
منه وثب عليه وضربه بالسكين فقتله، وكان ذلك في شهر رمضان سنة 485
فحمل إلى أصبهان ودفن في مدرسة بها، وقتل القاتل في الحال، كذا في
ابن خلكان وقال فيه: لقد كان من حسنات الدهر، ورثاه الدولة أبو الهيجاء
مقاتل بن عطية وكان ختنه بقوله:
كان الوزير نظام الملك لؤلؤة * نفيسة صاغها الرحمن من شرف
عزت فلم تعرف الأيام قيمتها * فردها غيره منه إلى الصدف
(النظامي)
هو الشيخ أبو محمد الشاعر الحكيم المشهور، كان في طبقة الخاقاني
المتوفى سنة 582 (ثقب)، وقد فرغ من كتاب ليلى ومجنون في سنة 584
(ثفد) كما قال فيه: وأين چند هزار بيت وأكثر * شد گفته بچار ماه كمتر
259

گر شغل دگر حرام بودي * درچارده شب تمام بودي
برجلوه أين عروس آزاد * آباد بران كه گويد آباد
كاراسته شد به بهترين حال * درسلخ رجب بفا وثاذال
تاريخ عيان كه داشت باخود * هشتاد وچهار بود وپانصد
يردا ختمش به نغز كاري * وانداختمش دراين عماري
له: الخمسة، كتاب مخزن الاسرار وغى، ومن شعره في
الموعظة والتزهيد:
حديث كودكي وخود پرستي * رهاكن خماري بود ومستي
چه عمر ازسى گذشت وياكه ازبيست
نميشايد دگر چون غافلان ريست
الأبيات
وقد تقدمت في الصابي، وتقدم في البوصيري بعض اشعاره في معراج
النبي صلى الله عليه وآله إلى غير ذلك.
(النعالي)
أبو الحسن محمد بن طلحة بن محمد بن عثمان، شيخ من أهل البيت العلم والحديث
من الشيعة، كان معاصرا للخطيب البغدادي وشريكه في اخذ الحديث عن
بعض مشايخه، قال الخطيب: كتبت عنه وكان رافضيا، حدثني أبو القاسم
الأزهري قال: ذكر ابن طلحة بحضرتي يوما معاوية بن أبي سفيان فلعنه،
توفى في 7 ربيع الأول سنة 413 (تيج).
أقول: وروى الخطيب المذكور في ترجمة أبى بكر التمار أحمد بن محمد
ابن صالح عن النعالي المذكور بسنده إلى حبشي جنادة قال: كنت جالسا
عند أبي بكر فقال: من كانت له عند رسول الله عدة فليقم، فقام رجل فقال
260

يا خليفة رسول الله ان رسول الله صلى الله عليه وآله وعدني بثلاث حثيات من تمر قال فقال
أرسلوا إلى غير فقال: يا أبا الحسن ان هذا يزعم أن رسول الله صلى الله عليه وآله
وعده ان يحثى له ثلاث حثيات من تمر فأحثها له، قال: فحثاها فقال أبو بكر
عدوها فعدوها فوجدوها في كل حثية ستين تمرة لا تزيد واحدة عن الأخرى،
قال: فقال أبو بكر الصديق صدق الله ورسوله، قال لي رسول الله صلى الله عليه وآله
ليلة الهجرة ونحن خارجان من الغار نريد المدينة كفى وكف علي في
العدل سواء.
(قلت) روى النعالي المذكور عن الشيخ الصدوق (ره) وروى الخطيب عن
النعالي عنه قال في تاريخ بغداد: محمد بن علي بن الحسين بن بابويه أبو جعفر
القمي نزيل بغداد حدث بها عن أبيه، وكان من شيوخ الشيعة ومشهوري الفضة
حدثنا عنه محمد بن طلحة النعالي إنتهى.
قال الفيروز آبادي في (ق): النعل ما وقيت به القدم من الأرض (ج)
نعال والحسين بن أحمد بن طلحة، وإسحاق بن محمد، وأبو علي بن دوماء
النعاليون محدثون.
(النعماني)
نسبة إلى النعمانية بالضم كأنها منسوبة إلى رجل اسمه النعمان، بليدة بين
واسط وبغداد في نصف الطريق على ضفة دجلة معدودة من اعمال الزاب الأعلى
وهي قصبة وأهلها شيعة غالية كلهم قاله الحموي.
(قلت): وينسب إليها ابن أبي زينت وقد تقدم ذكره.
(نفطويه)
بكسر النون وفتحها أبو عبد الله إبراهيم بن محمد بن عرفة بن سليمان بن
المغيرة بن حبيب بن المهلب بن أبي صفرة الأزدي.
261

كان عالما بارعا نحويا لغويا محدثا، ولد سنة 244 (رمد) بواسط وسكن
بغداد، وكان طاهر الأخلاق حسن المجالسة حافظا للقرآن الكريم.
حكي انه جلس للاقراء أكثر من خمسين سنة، وكان يبتدئ في مجلسه
بالقرآن المجيد على رواية عاصم ثم يقرأ الكتب.
له كتاب اعراب القرآن والمقنع في النحو، ورياض النعيم وغير ذلك،
ذكره الخطيب في تاريخ بغداد وأثنى عليه وقال كان صدوقا.
وله مصنفات كثيرة منها: كتاب كبير في غريب القرآن وكتاب
التاريخ وغيرهما، إنتهى.
(قلت): تقدم في ابن جرير كلام المسعودي في مدح كتاب نفطويه
بأنه محشو من ملاحة كتب الخاصة مملوء من فوائد الشاذة، وكان أحسن أهل عصره
تأليفا وأملحهم تصنيفا إنتهى.
ويحكى عن لسان الميزان لابن حجر انه قال قال مسلمة كان فيه شيعية
أي ان نفطويه كان شيعيا.
(قلت) ويؤيد تشيعه ما نقل من كلام المنبئ عن استبصاره انه قال
أكثر الأحاديث الموضوعة في فضائل الصحابة إنما ظهرت في دولة بني أمية
ووضعوها لأجل التقرب إليهم.
وتقدم في الكليني من (جش) ان له مسجدا اللؤلؤي قال
كنت أتردد إلى المسجد المعروف اللؤلؤي وهو مسجد نفطويه النحوي
أقرأ القرآن على صاحب المسجد وجماعة من أصحابنا يقرؤون الكافي على أبى الحسين
أحمد بن محمد الكوفي الكاتب إنتهى.
وله شعر حسن فمنه قوله:
كم قد خلوت بمن أهوى فيمنعني * منه الحياء وخوف الله والحذر
كم قد خلوت بمن أهوى فيقنعني * منه الفكاهة والتحديث والنظر
262

أهوى الملاح وأهوى ان أجالسهم * وليس لي في حرام منهم وطر
كذلك الحب لا اتيان معصية * لا خير في لذة من بعدها مقر
قال أين خلكان حكي عبد العزيز بن الفضل قال: خرج القاضي أبو العباس
أحمد بن عمر بن سريج وأبو بكر محمد بن داود الظاهري وأبو عبد الله نفطويه
إلى وليمة دعوا لها فأفضى بهم الطريق إلى مكان ضيق فأراد كل واحد منهم
صاحبه ان يتقدم عليه، فقال ابن سريج ضيق الطريق يورث سوء الأدب،
وقال ابن داود: لكنه يعرف مقادير الرجال، فقال نفطويه: إذا استحكمت
المودة بطلت التكاليف إنتهى.
ويحكي عنه قال: إذا سلمت على المجوسي فقلت له أطال الله بقاءك وأدام
سلامتك وأتم نعمته عليك، فإنما أريد به الحكاية، أي ان الله تعالى فعل بك إلى
هذا الوقت، توفى ببغداد سنة 323 (شكج).
(النقاش)
أبو بكر محمد بن الحسن بن محمد بن زياد المقرى الموصلي الأصل البغدادي
المولد والمنشأ، الفاضل المفسر، صاحب كتاب شفاء الصدور في التفسير وغيره،
سافر شرقا وغربا، روى عن جلة من العلماء، ورووا عنه، لكن قالوا في حقه:
ان في حديثه مناكير.
(قلت): ومن حديثه ما أورده الخطيب في تاريخ بغداد عنه باسناده
عن ابن العباس قال: كنت عند النبي صلى عليه وآله وعلى فخذه الأيسر ابنه إبراهيم
وعلى فخذه الأيمن الحسين بن علي (ع) تارة يقبل هذا وتارة يقبل هذا إذ هبط
عليه جبرائيل عليه السلام بوحي من رب العالمين، فلما سرى عنه قال: أتاني جبرائيل
من ربي فقال لي: يا محمد إن ربك يقرأ عليك السلام ويقول لك: لست أجمعها
لك فأخذ أحدهما بصاحبه، فنظر النبي صلى الله عليه وآله إلى إبراهيم فبكى ونظر إلى الحسين
263

فبكى، ثم قال: ان إبراهيم أمه أمة ومتى مات لم يحزن عليه غيري، وأم
الحسين فاطمة، وأبوه علي ابن عمي ولحمي ودمي، ومتى مات حزنت ابنتي
وابن عمي وحزنت أنا عليه، وأنا أؤثر حزني على حزنهما، يا جبرائيل يقبض
إبراهيم فديته بإبراهيم، قال فقبض بعد ثلاث.
فكان النبي صلى الله عليه وآله إذا رأى الحسين مقبلا قبله وضعه إلى صدره، ورشف
ثناياه وقال: فديت من فديته بابني إبراهيم.
قال الخطيب دلس النقاش في سند الحديث توفى سنة 351، روى الخطيب
عن أبي الحسين القطان قال: حضرت أبا بكر النقاش وهو يجود بنفسه في يوم
الثلاثاء لثلاث خلون من شوال سنة 351 فجعل يحرك شفتيه بشئ لا اعلم
ما هو، ثم نادى بعلو صوته لمثل هذا فليعمل العاملون، يرددها ثلاثا، ثم
خرجت نفسه إنتهى.
(قلت): الظاهران النقاش كان يتشيع، وتحريك شفتيه وقت الموت
والاقرار بالإمامة وولاية أولياء الله، وكلام الخطيب في نسبة التدليس إليه
ليس إلا لنقله الحديث في أهل البيت عليهم السلام، وهذه شنشنة أخزمية كما
علمت في ابن معين.
(النمري)
أبو الفضل منصور بن سلمة بن الزبرقان الشاعر الجزري البغدادي
قيل: انه كان في الباطن محبا لأهل البيت عليهم السلام ويكثر مدحهم،
ولكن في الظاهر كان مع هارون الرشيد ويمدحه ويظهر موالاته ويذكر
اسمه في اشعاره، ويريد به أمير المؤمنين عليه السلام، فإنه بمنزلة هارون من
رسول الله صلى الله عليه وآله. فمما قاله في مدحه قوله:
آل الرسول خيار الناس كلهم * وخير آل رسول الله هارون
264

رضيت حكمك لا أبغي به بدلا * لان حكمك بالتوفيق مقرون
وقال أيضا:
أي امرئ بات من هارون في سخط
فليس بالصلوات الخمس ينتفع
إن المكارم والمعروف أودية * أحلك الله منها حيث يجتمع
وكان منصور تلميذ العتابي وراويته، وعنه اخذ، ومن بحره استقى
والعتابي وصفه للفضل بن يحيى، وقرظه عنده حتى استقدمه من الجزيرة
واستصحبه ثم وصله بالرشيد.
قيل: وجرت بعد ذلك بينه وبين العتابي وحشة حتى تهاجيا وتناقضا
وسعى كل منهما على هلاك صاحبه، فاتفق ان غاب النمري عن مجلس
هارون وخرج إلى الرقة فسعى به العتابي عند هارون فأمر بقتله، فاتفق
موته قيل إن يظفروا به.
وعن ابن حجر انه قال في حقه، ثقة ثبت حافظ، من كبار العاشرة
مات سنة 210 (رى) على الصحيح.
(أقول): وينسب إليه ما تقدم في الخطيب البغدادي في ذكر أبيات
في مدح بغداد.
(ولا يخفى) عليك انه ليس منصور بن المعتمر بن عبد الله بن ربيعة السلمي
الكوفي فإنه توفي سنة 132
وكان من أصحاب الباقر والصادق عليهما السلام، وعده ان قتيبة من
رجال الشيعة، وذكره ابن سعد في طبقاته (في الجزء 6 ص 235) وقال إنه عمش
من البكاء خشية من الله تعالى.
قال: وكانت له خرقة ينشف بها الدموع من عينيه، وزعموا أنه
صام ستين وقامها.. الخ.
265

وروي عن حماد بن زيد قال: رأيت منصورا بمكة قال وأظنه من هذه
الخشبية، وما أظنه كان يكذب الخ.
(أقول): قد يعبر أهل السنة عن الشيعة بالخشبية والترابية والرافضة،
وعن ابن قتيبة في كتاب المعارف قال: الخشبية هم من الرفضة.
كان إبراهيم الأشتر لقي عبيد الله بن زياد وأكثر أصحاب إبراهيم
معهم الخشب فسموا الخشبية.
(النميري)
أبو المرهف نصر بن منصور بن الحسن المضري العدناني الضرير الشاعر
المشهور، قدم بغداد في صباه وسكنها إلى حين وفاته، وحفظ القرآن وتفقه
على مذهب أحمد بن حنبل، وسمع الحديث من جماعة من أهل العلم، وقرأ
الأدب على أبى منصور بن الجواليقي، وقال الشعر، ومدح الخلفاء والوزراء
والأكابر، وحدث.
وكان زاهدا ورعا، له ديوان شعر، وكف بصره بالجدري وعمره أربع
عشرة سنة، توفى ببغداد سنة 588.
والنميري كالزبيري نسبة إلى نمير بن عامر أحد أجداده المذكور في عمود
نسبه، ذكره ابن خلكان.
(النواب الأربعة)
أولهم أبو عمر وعثمان بن سعيد السمان نصبه أبو الحسن الهادي، وابنه
أبو محمد الحسن بن علي العسكري عليهما السلام.
روى الشيخ باسناده عن أحمد بن إسحاق القمي قال: دخلت على
أبى الحسن علي بن محمد عليه السلام في يوم من الأيام فقلت: يا سيدي أنا أغيب
266

وأشهد ولا يتهيأ لي الوصول إليك إذا شهدت في كل وقت فقول من نقبل وأمر
من تمتثل؟ فقال لي صلوات الله عليه هذا أبو عمرو الثقة الأمين ما قاله لكم فضي
يقوله وما أداه إليكم فعني يؤديه، فلما مضى أبو الحسن عليه السلام وصلت إلى أبى محمد
ابنه الحسن صاحب العسكر عليه السلام ذات يوم فقلت له مثل قولي لأبيه فقال لي هذا
أبو عمرو الثقة الأمين الماضي وثقتي في المحيا والممات فما قاله لكم فعني يقوله وما
أدى إليكم فعني يؤديه.
ثم ذكر الشيخ رواية في آخرها انه قال أبو محمد العسكري عليه السلام لجمع
من شيعته اشهدوا علي ان عثمان بن سعيد العمري وكيلي وان ابنه محمدا
وكيل ابني مهديكم.
(ثانيهم) أبو جعفر محمد بن عثمان العمري: كان وكيل الناحية في خمسين
سنة والذي ظهر على يديه من طرف المأمول المنتظر عليه السلام معاجز كثيرة، وقال
أبو محمد عليه السلام لأحمد بن إسحاق العمري وابنه ثقتان فما أديا إليك فعني يؤديان
وما قالا لك فعني يقولان فاسمع لهما وأطعمهما فإنهما الثقتان المأمونان، وكانت
توقيعات صاحب الامر عليه السلام تخرج على يدي عثمان بن سعيد وأبى جعفر محمد
ابن عثمان إلى شيعته وخواص أبيه أبى محمد عليه السلام بالامر والنهي والأجوبة عما
تسأل الشيعة عنه إذا احتاجت إلى السؤال فيه بالخط الذي كان يخرج في حياة
الحسن عليه السلام فلم تزل الشيعة مقيمة على عدالتهما إلى أن توفى عثمان بن سعيد
رضي الله عنه وغسله ابنه أبو جعفر وتولى القيام به وحصل الامر كله مردودا
إليه والشيعة مجتمعة على عدالته وثقته وأمانته لما تقدم له من النص عليه بالإمامة
والعدالة، والامر بالرجوع إليه في حياة الحسن عليه السلام وبعد موته في حياة
أبيه عثمان رضي الله عنه.
وروي انه حفر لنفسه قبرا وسواه بالساج ونقش فيه آيات من القرآن
وأسماه الأئمة عليهم السلام على حواشيه.
267

قيل: سئل عن ذلك فقال للناس أسباب، وكان في كل يوم ينزل في قبره
ويقرأ جزءا من القرآن ثم يصعد.
مات في آخر جمادى الأولى سنة خمس أو أربع وثلاثمائة، وكان قد أخبر
عن يوم وفاته، وكان متوليا هذا الامر نحوا من خمسين سنة وقبره ببغداد عند
والدته في شارع باب الكوفة.
(أقول): وقبره اليوم في مقبرة كبيرة قرب درب سلمان رحمه الله ويعرف
عند أهل بغداد بالشيخ الخلاني.
(ثالثهم): الشيخ أبو القاسم الروحي رضي الله عنه، وقد تقدم
في باب الكنى.
(رابعهم): الشيخ المعظم الجليل أبو الحسن علي بن محمد السمري
رضي الله تعالى عنه، قام بأمر النيابة بعد أبي القاسم الحسين بن روح (رحمه الله)
ومضى في النصف من شهر شعبان سنة 329 (شكط)، وأخرج إلى الناس توقيعا
قبل وفاته بأيام (بسم الله الرحم الرحيم): يا علي بن محمد السمري عظم الله
أجرا إخوانك فيك فإنك ميت ما بينك وبين ستة أيام، فاجمع امرك ولا توص
إلى أحد.. الخ)
فلما كان اليوم السادس دخلوا عليه وهو يجود بنفسه، فقيل له: من
وصيك من بعدك؟ فقال: لله أمر هو بالغه وقضى رحمه الله، قبره ببغداد
بقرب الشيخ الكليني (ره).
روي أنه قال يوما لجمع من المشايخ عنده آجركم الله في علي بن الحسين
أي علي بن بابويه القمي فقد قبض في هذه الساعة، قالوا: فأثبتنا تاريخ
الساعة واليوم والشهر، فلما كان بعد سبعة عشر أو ثمانية عشر يوما
ورد الخبر انه قبض في تلك الساعة التي ذكرها الشيخ أبو الحسن
رضي الله تعالى عنه.
268

(النوبختي)
يطلق على جماعة من أكابر علمائنا المتكلمين، وتقدم بعضهم في أبو سهل
النوبختي وأبو محمد النوبختي.
(ويطلق) أيضا على أبى محمد الحسن بن الحسين بن علي بن العباس بن أبي
سهل النوبختي الكاتب المحدث الامامي.
قال الخطيب البغدادي حدثني عنه أبو بكر البرقاني والأزهري وأبو القاسم
التنوخي، وقال لي الأزهري كان النوبختي رافضيا ردى المذهب، سألت البرقاني
عن النوبختي فقال: كان معتزليا، وكان يتشيع إلا أنه تبين انه صدوق.
ثم نقل الخطيب عن بعض المشايخ ان وفاة النوبختي كانت سنة 402،
وانه كان ثقة في الحديث.
(نور الدين العاملي)
السيد الاجل علي بن علي بن الحسين بن أبي الحسن الموسوي أخو صاحب
المدارك وهو كما في (الامل) كان عالما فاضلا أديبا شاعرا منشيا جليل القدر
عظيم الشأن.
قرأ على أبيه وأخويه السيد محمد صاحب المدارك وهو أخوه لأبيه، والشيخ
حسن بن الشهيد الثاني وهو أخوه لامه.
وله كتاب شرح المختصر النافع أطال فيه المقال والاستدلال لم يتم،
وكتاب الفوائد المكية، وشرح الاثني عشرية في الصلاة للشيخ البهائي وغير
ذلك من الرسائل (إنتهى).
وذكره السيد علي خان في السلافة وقال: السيد نور الدين علي بن أبي
الحسن الحسيني الشامي العاملي، طود العلم وعضد الدين الحنيف،
ومالك أزمة التأليف والتصنيف، الباهر بالرواية والدراية، والرافع لخميس
269

المكارم أعظم راية، فضل يعثر في مداه مقتفيه، ومحل يتمنى البدر لو أشرق
فيه، وكرم يخجل المزن الهاطل، وشيم يتحلى بها جيد الزمن العاطل، وساق
بهذا النسق كلمات في مدحه إلى أن قال:
كان في مبدأ امره في الشام ثم انثنى عاطفا عنانه، فقطن بمكة شرفها الله
تعالى، وهو كعبتها الثانية تستلم أركانه كما تستلم أركان البيت العتيق وتستشم
أخلاقه كما يستشم المسك الفتيق، يعتقد الحجيج قصده في غفران الخطايا،
وينشد بحضرته:
(تمام الحج ان تقف المطايا)
ولقد رأيته بها وقد أناف على التسعين والناس تستعين به، والنور يسطع
من أسارير جبهته، والعزير تفع في ميادين جبهته، ولم يزل بها إلى دعي فأجاب
وكأنه الغمام أمرع البلاد فانجاب.
وكانت وفاته لثلاث عشرة بقين من ذي الحجة الحرام سنة ثمان
وستين وألف، إنتهى.
وقال شيخنا الحر العاملي: وقد رأيته في بلادنا، وحضرت درسه بالشام
أياما يسيرة وكنت صغير السن ورأيته بمكة أيضا أياما، وكان ساكنا بها
أكثر من عشرين سنة، ولما مات رثيته بقصيدة طويلة ستة وسبعين بيتا نظمتها
في يوم واحد وأولها:
على مثلها شقت حشا وقلوب * إذا شققت عند المصاب جيوب
لحى الله قلبا لا يذوب لفادح * تكاد له صم الصخور تذوب
خبا نور دين الله فارتد ظلمة * إذ اغتاله بعد الطلوع منيب
(إنتهى) يروى عنه المحدث العلامة السيد محمد مؤمن بن دوست محمد
الحسيني الاسترآبادي المجاور بمكة المعظمة العالم الفاضل الفقيه الشهيد بالحرم
الشريف الإلهي سنة 1088.
270

(النوفلي)
الحسين بن يزيد بن محمد بن عبد الملك المتطبب، قال شيخنا في المستدرك
أما النوفلي فقال (جش): كان شاعرا أديبا، وسكن الري، ومات بها،
وقال قوم من القميين: انه غلافي آخر عمره، والله أعلم، وما رأينا له رواية
تدل على هذا.. الخ.
وذكر الشيخ في (ست) كتابا له، وذكر الطريق إليه من غير
إشارة إلى غلوه.
وقال فخر المحققين في الايضاح احتج الشيخ بما رواه عن السكوني في
الموثق عن الصادق عليه السلام قال: السحت ثمن الميتة.. الخ.
ثم ذكر شيخنا رواية الاجلاء عنه، وقال في آخره: ومن جميع ذلك ربما
يورث الظن بوثاقته مضافا إلى ما يأتي في السكوني، مع أن الغلو في آخر العمر لو
سلم غير مضر بأحاديثه كما نص عليه الأستاذ الأكبر إنتهى.
والنوفلي بفتح النون والفاء نسبة إلى بني نوفل بطن من نهيد من القحطانية
وآخر من بني عبد مناف من قريش من العدنانية وهم بنو نوفل بن عبد مناف بن
قصي (وأبو محمد النوفلي) مصنف مجالس الرضا عليه السلام مع الأديان الحسين بن محمد
ابن الفضل بن يعقوب بن سعد بن نوفل بن الحرث بن عبد المطلب (جش) شيخ
من الهاشميين ثقة.
روى أبوه عن أبي عبد الله وأبى الحسن (ع) ذكره أبو العباس وعمومته
كذلك إسحاق ويعقوب وإسماعيل، وكان ثقة، صنف مجالس الرضا (ع)
مع أهل الأديان.
وذكره الشيخ المفيد (ره) في محكي الارشاد من خاصة الكاظم (ع) وثقاته
وأهل العلم والورع والفضل من شيعته.
271

(النووي)
أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف الدمشقي الشافعي، قيل: انه ولد
بنوى من عمل دمشق سنة 631، وقدم به والده دمشق سنة 649، وسكن
المدرسة، ولازم كمال الدين المغربي، وحج مع والده سنة 651، وبرع في
العلوم وصار مدققا حافظا للحديث عارفا بأنواعه.
وكان لا يصرف وقته إلا في وظيفته من الاشتغال ولا يأكل إلا مرة مما
يؤتى به من عند أبويه بعد العشاء ولا يشرب إلا شربة عند السحر، ويلبس
ثوب قطن وعمامة سنجابية.
وكان عليه سكينة ووقار في بحث العلوم الدينية، ولم يزل على ذلك إلى أن
مات بنوى حدود سنة 677.
له مصنفات كثيرة منها: الاذكار المنتخبة من كلام سيد الأبرار، ورياض
الصالحين من كلام سيد المرسلين صلى الله عليه وآله والتبيان في آداب حملة القرآن والمنهاج
شرح صحيح مسلم بن الحجاج إلى غير ذلك.
(وقد يطلق) النووي علي الشيخ محمد بن عمر بن عربي بن علي أحد
علماء القرن الرابع عشر، صاحب المؤلفات الكثيرة المطبوعة، منها بغية الأنام
في شرح مولد سيد الأنام، وهو شرح على كتاب مولد ابن الجوزي،
والتوشيح على شرح ابن قاسم الغزي على متن التقريب لأبي شجاع، وتيجان
الدراري شرح على رسالة الباجوري، ومصباح الظلم شرح على المنهج الأتم لعلي
المتقى بن حسام الدين الهندي إلى غير ذلك.
والنووي نسبة إلى نوى بليدة قرب دمشق، قال في المراصد: وهي منزل
أيوب (ع) وبها قبر سام بن نوح عليه السلام.
272

(النويري)
شهاب الدين أحمد بن عبد الوهاب بن محمد البكري التيمي القرشي
النويري الكندي.
كان من النويرة قرية بالصعيد الأدنى، وينسب إلى قبيلة بكر، صاحب
كتاب نهاية الإرب في فنون العرب، وهو تاريخ كبير في ثلاثين مجلدا،
توفى في حدود سنة 733.
(النهدي)
مالك بن إسماعيل بن زياد أبو غسان الكوفي النهدي، شيخ
البخاري في صحيحه.
ذكره ابن سعد في طبقاته، وقال: كان أبو غمان ثقة، صدوقا،
متشيعا شديد التشيع.
وذكره الذهبي في محكي ميزانه بما يدل على عدالته وجلالته، وانه اخذ
مذهب التشيع عن شيخه الحسن بن صالح، وان أبا حاتم قال: لم أر
بالكوفة أتقن منه لا أبو نعيم ولا غيره، له فضل وعبادة، كنت إذا نظرت
إليه رأيته كأنه خرج من قبر كانت عليه سجادتان، إنتهى، مات
بالكوفة سنة 219.
(النهرواني)
القاضي أبو الفرج المعافى بن زكريا بن يحيى بن حميد المعروف بابن طراز
الجريري النهرواني العالم الفاضل المعروف الذي قال في حقه خطيب بغداد: كان من
اعلم الناس في وقته بالفقه والنحو واللغة وأصناف الأدب.
وقال أبو محمد الباقي: إذا حضر القاضي أبو الفرج فقد حضرت العلوم
كلها، وكان الباقي يقول: لو أوصي رجل في ماله بأن يدفع إلى اعلم الناس
273

لأفتيت بأن يدفع إلى ابن طراز.
قال الخطيب قال البرقاني: لكن كان كثير الرواية للأحاديث التي يميل
إليها الشيعة، سألت البرقاني عنه مرة أخرى، فقال: ثقة، ولم اسمع
منه شيئا إنتهى.
وقال ابن النديم: انه أوحد عصره في مذهب أبي جعفر الطبري وحفظ
كتبه، ومع ذلك متفنن في علوم كثيرة مضطلع بها، مشار إليه فيها في
نهاية الذكاء وحسن الحفظ وسرعة الخاطر في الجوابات إنتهى، ويروي له
اشعار منها قوله:
أأقتبس الضياء من الضباب * وألتمس الشراب من السراب
أريد من الزمان النذل بذلا * واريا (1) من جنى سلع (2) وصاب (3)
أرجى ان ألاقي لاشتياقي * خيار الناس في زمن الكلاب
يقرب من قوله قول من قال:
إذا وصف الطائي بالبخل مادر * وعير قسا بالفهامة بأقل
وقال السهى للشمس أنت ضئيلة * وقال الدجى للصبح لونك حائل
وطاولت الأرض السماء سفاهة * وكاثرت الشهب الحصى والجنادل
فيا موت زر إن الحياة ذميمة * ويا نفس جودي ان عيشك هازل
وله في ذم الحسد:
ألا قل لمن كان لي حاسدا * أتدري على من أسأت الأدب
أسأت على الله في فعله * لأنك لم ترض لي ما وهب
فجازاك عنه بأن زادني * وسد عليك وجوه الطلب

(1) الاري: العسل.
(2) السلع محركة شجر مر ذو سم أو ضرب من الصبر والجمع سلع.
(3) الصابة: شجر مر، والجمع صاب.
274

وله أيضا:
مالك العالمين ضامن رزقي * فلماذا أملك الخلق رقي
قد قضى لي بما علي ومالي * خالقي جل ذكره قبل خلقي
فكما لا يرد عجزي رزقي * فكذا لا يجر رزقي حذقي
قال ابن خلكان: ومن غريب ما اتفق له ما حكاه أبو عبد الله الحميدي صاحب
الجمع بين الصحيحين قال: قرأت بخط أبى الفرج المعافى بن زكريا النهرواني قال
حججت سنة وكنت بمنى أيام التشريق فسمعت مناديا ينادي يا أبا الفرج فقلت
لعله، يريدني، ثم قلت في الناس خلق كثير ممن يكنى أبا الفرج ولعله ينادي
غيري فلم أجبه فلما رأى أنه لا يجيبه أحد نادى يا أبا الفرج المعافى فهممت ان
أجيبه، ثم قلت: قد يتفق ان يكون آخر اسمه المعافى، ويكنى أبا الفرج فلم
أجبه، فرجع فنادى يا أبا الفرج المعافى بن زكريا النهرواني فقلت: لم يبق
شك في مناداته إياي إذ ذكر اسمي وكنيتي واسم أبي وبلدي الذي انسب إليه
فقلت: ها انا ذا فما تريد؟ قال: لعلك من نهروان الشرق؟ فقلت: نعم
فقال: نحن نريد نهروان الغرب، فعجبت من اتفاق الاسم والكنية واسم
الأب وما انتسب إليه، وعلمت ان بالمغرب موضعا يسمى النهروان غير النهروان
الذي بالعراق إنتهى.
له مصنفات ممتعة: منها: كتاب الجليس الصالح الكافي، والأنيس
الناصح الشافي.
توفى في 18 ذي الحجة سنة 390 بالنهروان، والجريري: نسبة إلى
محمد بن جرير الطبري، لان أبا الفرج المذكور كان على مذهبه، مقلدا له
فإنه كان مجتهدا له اتباع.
والنهروان: ناحية وسيعة بين بغداد وواسط، وفي القاموس هو بفتح النون
وتثليث الراء، وبضمهما ثلاث قرى أعلى وأوسط، وأسفلهن بين واسط وبغداد.
275

(النيازي)
السيد ميرزا أحمد بن إسحاق بن أبي تراب، ينتهي نسبه إلى سلطان العلماء
كان محدثا فقيها مرتاضا أديبا، أمه بنت الشاه السلطان حسين الصفوي، وصار
صدرا وصهرا لخاله الشاه طهماسب الثاني بن الشاه السلطان حسين.
وكان قبلة لأدباء عصره وفضلاء مصره، وله شعر رائق بالفارسية وشعره
وان كان قليلا إلا أنه في غاية الجودة.
له ديوان شعر صغير يعرف بديوان النيازي الأصفهاني، توفى سنة 1216
وخلف الميرزا السيد علي.
(النيسابوري) انظر الحاكم النيسابوري
(النيلي)
نسبة إلى النيل بلدة على الفرات بين بغداد والكوفة، وقد تقدم في بهاء الدين
النيلي، خرج منها جماعة من العلماء وغيرهم منهم أبو سعيد النيلي مادح أمير المؤمنين
عليه السلام في قصيدة منها قوله:
ذلك الذي لولاه ما اتضحت لنا * سبل الهدى في غوره وسنامه
عبد الإله وغيره من جهله * ما زال معتكفا على أصنامه
(الوابصي)
أبو الفضل عبد السلام بن عبد الرحمن بن صخر بن عبد الرحمن بن وابصة
ابن معبد الأسدي الرقي.
كان قاضي الرقة، ثم ولي القضاء ببغداد في أيام المتوكل، وكان
رجلا جميل الطريقة.
توفى سنة 247 أو 249، وكان جده وابصة بن معبد الذي
ينسب إليه صحابي.
276

حكي انه سكن الكوفة، ثم انتقل إلى الرقة فأقام بها إلى أن مات، وكان
كثير البكاء لا يملك دمعته.
(الواحدي)
أبو الحسن علي بن أحمد النيسابوري المفسر النحوي، أستاذ عصره وواحد
دهره، كان النظام يكرمه ويعظمه.
له من الصنفات: البسيط والوسيط والوجيز في التفسير، ومنه اخذ الغزالي أسماء
كتبه الثلاثة في الفقه وأسباب النزول، وشرح ديوان المتنبي، وشرح أسماء الله
الحسنى، توفي بنيسابور سنة 468.
(الواسطي)
يطلق على جماعة (منهم) الشيخ أبو عبد الله محمد بن زيد الواسطي من جلة
المتكلمين وكبارهم، تلميذ أبى على الجبائي، توفى سنة 306.
(ومنهم): الشيخ أبو عبد الله الحسين بن عبد الله الفقيه المعاصر
للسيد المرتضى.
(ومنهم): موسى بن بكر الواسطي، عدة الشيخ من أصحاب
الصادق والكاظم (ع)، وقال: أصله كوفي واقفي، له كتاب روى عن
أبو عبد الله عليه السلام إنتهى (كش) عنه قال: أرسل إلي أبو الحسن عليه السلام
فأتيته فقال لي: مالي أراك مصفرا، وقال لي: ألم آمرك بأكل اللحم، قال:
فقلت ما اكلت غيره منذ أمرتني، فقال: كيف تأكله؟ قلت: طبيخا،
قال: كله كبابا، فأكلت فأرسل إلى بعد جمعة فإذا الدم قد عاد في وجهي،
فقال لي: نعم، ثم قال لي يخف عليك ان نبعثك في بعض حوائجنا، فقلت
انا عبدك فمرني بم شئت، فوجهني في بعض حوائجه إلى الشام.
والواسطي: نسبة إلى واسط، وقد عد في القاموس سبعة عشر موضعا
277

من البلاد والقرى والجبال والأراضي اسم كل منها واسط، أولها بلد
بالعراق اختطها الحجاج في سنتين.
ويقال واسط: القصب أيضا، وهو قصر كان قد بناه أولا قبل ان ينشئ
البلد، ومنه المثل: (تغافل كأنك واسطي) لأنه كان يتسخرهم في البناء فيهربون
وينامون بين الغرباء في المسجد فيجيئ الشرطي ويقول يا واسطي فمن رفع رأسه
اخذه فلذلك كانوا يتغافلون.
(الواعظ القزويني) انظر رفيع الدين القزويني
(الواقدي)
أبو عبد الله محمد بن عمر بن واقد المدني، كان إماما عالما، له التصانيف والمغازي
وفتوح الأمصار، وله كتاب الردة وغير ذلك.
كان من أقدم مؤرخي الاسلام، وكتاب مغازيه، له مقدمة وشروح
باللغة الانكليزية.
يروي عن كتابه محمد بن سعد وجماعة من الأعيان، تولى القضاء بشرقي
بغداد وولاء المأمون القضاء بسكر المهدي وهي المحلة المعروفة بالرصافة بالجانب
الشرقي من بغداد عمرها المنصور لولده المهدي فنسب إليه، وكان المأمون يكرم
جانبه ويبالغ في رعايته.
قال الخطيب البغدادي ما ملخصه: قدم الواقدي بغداد، وولي قضاء
الجانب الشرقي فيها، وهو ممن طبق شرق الأرض وغربها ذكره لم يخفف على
أحد عرف اخبار الناس امره، وسارت الركبان بكتبه في فنون العلم من
المغازي والسير والطبقات وأخبار النبي والاحداث التي كانت في وقته وبعد وفاته
صلى الله عليه وآله وكتب الفقه واختلاف الناس في الحديث وغير ذلك، وكان
جوادا كريما مشهورا بالسخاء.
278

يحكى عن أبي حذاقة قال: كان للواقدي ستمائة قمطر كتبا، وقال ابن سعد:
كان الواقدي يقول: ما من أحد إلا وكتبه أكثر من حفظه، وحفظي
أكثر من كتبي،
وعن إسماعيل بن مجمع الكلبي قال: سمعت أبا عبد الله الواقدي يقول:
ما أدركت رجلا من أبناء الصحابة وأبناء الشهداء ولا مولى لهم إلا وسألته هل
سمعت أحدا من أهلك يخبرك عن مشهده وأين قتل، فإذا أعلمني مضيت إلى
الموضع فأعلمنيه، ولقد مضيت إلى المريسيع فنظرت إليها، وما علمت غزاة إلا
مضيت إلى الموضع حتى أعاينه أو نحو هذا الكلام.
فعن هارون القروي قال: رأيت الواقدي بمكة ومعه ركوة، فقلت:
أين تريد؟ فقال: أريد ان امضي إلى حنين حتى أرى الموضع والوقعة.
قال الخطيب: وكان الواقدي مع ما ذكرناه من سعة علمه وكثرة حفظه
لا يحفظ القرآن.
ثم روى عن المأمون انه قال للواقدي: أريد ان تصلي الجمعة غدا بالناس
قال: فامتنع قال لا بد من ذلك، فقال: لا والله يا أمير المؤمنين ما احفظ سورة
الجمعة قال: فأنا أحفظك، قال: فافعل، فجعل المأمون يلقنه سورة الجمعة حتى يبلغ
النصف منها فإذا حفظه ابتدأ بالنصف الثاني فإذا حفظ النصف الثاني نسي الأول
فأتعب المأمون ونعس فقال لعلي بن صالح: يا علي حفظه أنت فذكر انه مثل
المأمون لم يقدر على أن يحفظه، فقال المأمون: اذهب فصل بهم واقرأ أي
سورة شئت.
وروى عن غسان قال: صليت خلف الواقدي صلاة الجمعة فقرأ إن هذا لفي
الصحف الأولى صحف عيسى وموسى.
وروي عن إبراهيم الحربي قال: كان الواقدي اعلم الناس بأمر الاسلام،
فأما الجاهلية فلم يعمل فيها شيئا، إنتهى ما نقلناه من تاريخ بغداد.
279

وقال ابن النديم: ان الواقدي كان يتشيع، حسن المذهب، يلزم
التقية، وهو الذي روى أن عليا عليه السلام كان من معجزات النبي صلى الله عليه وآله
كالعصا لموسى عليه السلام، وإحياء الموتى لعيسى بن مريم عليه السلام وغير
ذلك من الاخبار.
كان من أهل المدينة فانتقل إلى بغداد وولي القضاء بها للمأمون، وقال:
رأيت بخط قديم انه خلف ستمائة قمطر كتبا، كل قمطر حمل رجلين، وكان
له غلامان مملوكان يكتبان الليل والنهار، وقبل ذلك بيع له كتب
بألفي دينار، إنتهى.
قال ابن خلكان روى المسعودي في كتاب مروج الذهب: ان الواقدي
قال كان لي صديقان أحدهما هاشمي وكنا كنفس واحدة فنالتني ضائقة وحضر
العيد فقالت امرأتي: أما نحن في أنفسنا فنصبر على البؤس والشدة، وأما
صبياننا هؤلاء فقد قطعوا قلبي رحمة لهم لانهم يرون صبيان الجيران قد تزينوا
في عيدهم وأصلحوا ثيابهم وهم على هذه الحال من الثياب الرثة، فلو احتلت
في شئ فصرفته في كسوتهم، قال: فكتبت إلى صديقي الهاشمي أسأله التوسعة
علي بما حضر فوجه إلي كيسا مختوما ذكر ان فيه ألف درهم، فما استقر
قراري حتى كتب إلي الصديق الآخر يشكو مثل ما شكوت إلى صاحبي الهاشمي
فوجهت إليه الكيس بختمه، وخرجت إلى المسجد فأقمت فيه ليلتي مستحييا من
امرأتي، فلما دخلت عليها استحسنت ما كان مني ولم تعنفني عليه، فبينا أنا
كذلك إذ وافى صديقي الهاشمي ومعه الكيس كهيئته فقال لي: اصدقني عما
فعلته فيما وجهت به إليك، فعرفته الخبر على وجهه فقال لي: إنك وجهت إلى
وما أملك على الأرض إلا ما بعثت به إليك، وكتبت إلى صديقنا أسأله المواساة
فوجه إلي كيسي بخاتمي.
قال الواقدي: فتواسينا الألف درهم فيما بيننا، ثم إنا أخرجنا للمرأة
280

مائة درهم قبل ذلك، ونمى الخبر إلى المأمون فدعاني وسألني فشرحت له
الخبر وأمر لنا بسبعة آلاف دينار، لكل واحد منا ألفا دينار، وللمرأة
ألف دينار إنتهى.
ولد سنة 130، توفى سنة ببغداد سنة 207 (رز) وصلى عليه محمد بن سماعة
ودفن بمقابر خيزران، وتقدم في كاتب الواقدي ما يتعلق به.
وذكر الخطيب البغدادي: ان اشعب الطامع كان خال الواقدي، وانه
عمر دهرا طويلا، وأدرك زمن عثمان بن عفان، وروى عن عبد الله بن جعفر
ابن أبي طالب والقسم بن محمد بن أبي بكر وسالم بن عبد الله بن عمر، وعكرمة
مولى بن عباس وغير ذلك.
وكان من أهل المدينة المنورة، وله نوادر مأثورة، وأخبار مستطرفة،
منها: انه قيل له: قد أدركت الناس فما معك من العلم؟ قال: حدثني عكرمة
عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله: لله على عبده نعمتان ثم سكت،
فقيل له: وما النعمتان؟ قال: نسي عكرمة واحدة ونسيت أنا الأخرى.
وقيل لأشعب: ما بلغ من طمعك؟ قال: بلغ من طمعي انه ما زفت امرأة
بالمدينة إلا كنست بيتي رجاء ان تهدى إلي، وقال: ما خرجت في جنازة قط
فرأيت اثنين يتساران إلا ظننت ان الميت قد أوصى لي بشئ.
وحكي انه مر بقوم يعملون قفة فقال لهم أوسعوها، قالوا ولم يا أشعب؟
قال لعل ان يهدي لي إنسان فيها شيئا، قيل إنه توفى سنة 154 (قند).
(الوأواء الدمشقي)
أبو الفرج محمد بن أحمد الغساني، شاعر مشهور منسجم الألفاظ عذب
العبارة حسن الاستعارة، يعد في شعراء سيف الدولة الحمداني (ره)، له ديوان معروف، توفى سنة 390.
281

(الوتري البغدادي)
مجد الدين أبو عبد الله محمد بن أبي بكر البغدادي الواعظ الشافعي صاحب
الوتريات في مدح أفضل المخلوقات صلى الله عليه وآله، قال الچلبي وهي قصائد عظيمة كل أول
أبياتها على حرف القافية، أولها:
أصلي صلاة تملأ الأرض والسما * على من له أعلى العلا متبوء
وقال عمل قصائده على 21 بيتا في كل حرف، وأعرض عن اللغات الغربية وأتى
بالمواعظ والنصائح إنتهى، توفى سنة 662 (سبخ).
(الوتري الموصلي)
الشيخ أحمد بن محمد الموصلي البغدادي الشافعي الرفاعي، صاحب
كتاب مناقب الصالحين، ومختصره روضة الناظرين، توفى بالقاهرة سنة
970 أو 980.
(وجيه الدين) انظر ابن الدهان
(الوراق) انظر الرماني
(وقد يطلق) على محمد بن هارون أبى عيسى الوراق، صاحب كتاب
الإمامة وكتاب السقيفة وكتاب أخلاق الشيعة والمقالات، كان من المتكلمين
الاجلاء في طبقة من لم يرو عنهم (ع).
قال المحقق الداماد في محكي رواشحه: هو من أجلة المتكلمين من أصحابنا
وأفاضلهم والسيد المرتضى علم الهدى في المسائل.
وفي كتاب الشافي وفي البتانيات وغيرها، كثيرا ما ينقل عنه ويبني على
قوله ويقول عل كلامه ويكثر من قوله قال أبو عيسى الوراق في كتابه كتاب
المقالات والأصحاب يكثرون من النقل عن كتاب أبى عيسى الوراق في نقض
العثمانية، والعامة يبغضونه جدا إنتهى.
282

(وقد يطلق) على أحمد بن عبد الله بن خلف أبى بكر الدوري الوراق
حدث عن جماعة كثيرة من أهل العلم.
ذكره الخطيب في تاريخه وقال: حدثنا عنه عمر بن إبراهيم الفقيه،
والقاضيان أبو العلاء الواسطي، وأبو القاسم التنوخي، وكان رافضيا مشهورا
بذلك، وذكر أنه ولد سنة 299، وأول كتابته الحديث كان سنة 313،
ومات سنة 379.
(وقد يطلق) على أبى الحسن الفارسي الوراق أحمد بن الفرج بن منصور
ابن الحجاج من أهل الجانب الشرقي.
ذكره الخطيب في تاريخ بغداد وقال ولد ببغداد لليلتين بقيتا من ج 2 سنة
312، وأول سماعه للحديث في سنة 324 وكان ثقة.
حدثني أبو بكر البرقاني قال: ذكر عن أبي الحسن بن حجاج (أي
الوراق المذكور) انه كان يديم قراءة القرآن، وكان له في كل يوم ختمة،
قال وكان يذكر عنه التشيع، وتوفى 24 شعبان سنة 392 ودفن بالرصافة وكان
ثقة كتب الكثير إنتهى.
والوراق القمي ينقل منه ابن شهرآشوب الشعر في مدح أهل البيت عليهم السلام.
(الورش)
أبو سعيد عثمان بن سعيد المصري شيخ القراء وإمام الأدباء المرتلين، إنتهت
إليه رئاسة القراء بالديار المصرية في زمانه.
ولد بمصر سنة 110 ورحل إلى نافع أحد القراء المشهورين بالمدينة فعرض
عليه القرآن عدة ختمات، لقبه نافع بالورشان ثم خفف وقيل الورش وكان هذا
اللقب أحب إليه من اسمه.
توفى بمصر سنة 197 عن سبع وثمانين سنة، الورشان: بالتحريك
283

ذكر القماري، وقيل: انه الحمام الأبيض، وقيل: انه طائر يتولد بين
الفاختة والحمامة، ويوصف بالحنو على أولاده حتى أنه ربما يقتل نفسه إذا
رآها في يد القانص.
وورد عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من اتخذ طيرا في بيته
فليتخذ ورشانا فإنه أكثر شئ ذكر الله عز وجل، وأكثر تسبيحا، وهو
طير يحبنا أهل البيت.
(الوزير العلقمي)
العالم الفاضل السعيد أبو طالب محمد بن أحمد، كان (ره) إمامي المذهب
صحيح الاعتقاد، رفيع الهمة محبا للعلماء والزهاد كثير المبار، ولأجله صنف
ابن أبي الحديد شرح النهج والسبع العلويات، توفى سنة 656 (خون)،
كذا في إجازات البحار.
قال ابن الطقطقي في الفخري (وزارة مؤيد الدين أبى طالب محمد بن أحمد
العلقمي: هو أسدي أصلهم من النيل.
وقيل لجده: العلقمي لأنه حفر النهر المسمى بالعلقمي، وهو الذي برز الامر
الشريف السلطاني بحفره وسمي القازاني.
اشتغل في صباه بالأدب ففاق فيه وكتب خطا مليحا، وترسل ترسلا
فصيحا، وضبط ضبطا صحيحا.
وكان رجلا فاضلا كاملا لبيبا كريما وقورا، محبا للرياسة،
كثير التجمل، رئيسا، متمسكا بقوانين الرياسة، خبيرا بأدوات السياسة،
لبيق الاعطاف بآلات الوزارة، وكان يحب أهل الأدب ويقرب أهل العلم،
اقتنى كتبا كثيرة نفيسة.
حدثني ولده شريف الدين أبو القاسم، (ره) قال: اشتملت خزانة والده
284

على عشرة آلاف مجلد من نفائس الكتب، وصنف الناس له الكتب، فممن صنف
له الصغاني اللغوي، صنف له العباب وهو كتاب عظيم كبير في لغة العر ب،
وصنف له عز الدين عبد الحميد بن أبي الحديد كتاب شرح نهج البلاغة يشتمل
على عشرين مجلدا فأثابها وأحسن جائزتهما.
وكان ممدحا مدحه الشعراء وانتجمه الفضلاء، فممن مدحه كمال الدين بن
البوقي بقصيدة من جملتها:
مؤيد الدين أبو طالب * محمد بن العلقمي الوزير
وهذا بيت حسن جمع فيه لقبه وكنيته واسمه واسم أبيه وصنعته،
وكان مؤيد الدين الوزير عفيفا عن أموال الديوان وأموال الرعية،
متنزها مترفعا.
قيل: ان بدر الدين صاحب الموصل أهدى إليه هدية تشتمل على كتب
وثياب ولطائف قيمتها عشرة آلاف دينار، فلما وصلت إلى الوزير حملها إلى
خدمة الخليفة وقال: ان صاحب الموصل قد أهدى إلي هذا واستحييت منه
ان أرده إليه وقد حملته وأنا اسأل قبوله فقبل.
ثم انه أهدى إلى بدر الدين عوض هديته شيئا من لطائف بغداد قيمته
اثني عشر ألف دينار والتمس منه ان لا يهدى إليه شيئا بعد ذلك، وكان خواص
الخليفة جميعهم يكرهونه ويحسدونه، وكان الخليفة يعتقد فيه ويحبه،
وكثروا عليه عنده فكف يده عن أكثر الأمور، ونسبه الناس إلى أنه خامر
وليس ذلك بصحيح.
ومن أقوى الأدلة على عدم مخامرته سلامته في هذه الدولة، فان السلطان
هلاكو لما فتح بغداد وقتل الخليفة سلم البلد إلى الوزير وأحسن إليه وحكمه،
فلو كان قد خامر على الخليفة لما وقع الوثوق إليه، ذكر عن كمال الدين احمد
ابن الضحاك ابن أخت الوزير ما يؤيد ذلك، ثم قال: فلما فتحت بغداد سلمت
285

إليه وإلى علي بهادر الشحنة فمكث الوزير شهورا ثم مرض ومات (ره) في ج 1
سنة 656 إنتهى.
(الوزير المغربي)
العالم الفاضل أبو القاسم الحسين بن علي بن الحسين المنتهي نسبة إلى بهرام جور
أمه فاطمة بنت محمد بن إبراهيم النعماني صاحب كتاب الغيبة.
كان فاضلا أديبا عاقلا شجاعا، له مصنفات كثيرة منها خصائص علم القرآن
ومختصر اصلاح المنطق ورسالة اختيار شعر أبى تمام، وكتاب أدب الخواص،
وكتاب المأثور في ملح الخدور، وكتاب الايناس.
قال ابن خلكان: وهو مع صغر حجمه كثير الفائدة، ويدل على
كثرة اطلاعه إلى غير ذلك
نقل عن خط والده انه ولد ولده الوزير في 13 حج سنة 370 (شع) واستظهر
القرآن العزيز وعدة من الكتب في النحو واللغة ونحو خمسة عشر ألف بيت من
مختار الشعر القديم ونظم الشعر وتصرف في النثر، وبلغ من الخط إلى ما يقصر
عنه نظراؤه ومن حساب المولد والجبر والمقابلة وذلك كله قبل استكماله أربع
عشرة سنة إنتهى.
توفى سنة 418 (حيث) بميافارقين وحمل إلى الغري السري ودفن بجوار
أمير المؤمنين عليه السلام بوصية منه وأوصى ان يكتب على قبره:
كنت في سفرة الغواية والجهل * مقيما فحان مني قدوم
تبت من كل مأتم فعسى يمحى * بهذا الحديث ذاك القديم
بعد سبع وأربعين لقد ما * طلت إلا أنه الغريم كريم
وإنما يقال له الوزير المغربي لأنه مغربي، وقيل إنه لم يكن مغربيا وإنما أحد
أجداده كانت له ولاية في الجانب الغربي ببغداد، وكان يقال له المغربي فأطلقت
عليهم هذه النسبة.
286

(أقول): تقدم في ابن الحجاج في قصة نصر بن حجاج ذكر بيتين من
هذا الرجل أوردتهما هناك.
(الوشاء)
بالشد والمد، بياع الثوب الوشي أي المنقوش أو هو الناقش، والمراد
منه الحسن بن علي بن زياد الوشاء البجلي الكوفي من أصحاب الرضا عليه السلام وكان
من وجوه هذه الطائفة.
روى (جش) عن أحمد بن محمد بن عيسى قال: خرجت إلى الكوفة في
طلب الحديث فلقيت الحسن بن علي الوشاء فسألته ان يخرج إلى كتاب العلاء
ابن رزين القلا وأبان بن عثمان الأحمر فأخرجهما إلي فقلت له: أحب ان تجيزهما
لي فقال لي: يرحمك الله وما عجلتك اذهب فاكتبهما واسمع مني، فقلت لا آمن
الحدثان فقال: لو علمت أن هذا الحديث يكون له هذا الطلب لاستكثرت منه
فاني أدركت في هذا المسجد تسعمائة شيخ كل يقول: حدثني جعفر بن
محمد عليه السلام.
وكان هذا الشيخ عينا من عيون هذه الطائفة، وله كتب منها ثواب الحج
والمناسك والنوادر.
وقد ظهر من هذان قدماء أصحابنا رضوان الله عليهم كانوا يعتمدون
بما في الأصول: ولا يروون حتى يسمعونه من المشايخ، أو يأخذون
منه الإجازة.
(وقد يطلق) الوشاء على أبى الطيب محمد بن أحمد بن إسحاق بن يحيى الوشاء
الاعرابي النحوي من أهل الأدب والظرفاء، حسن التصنيف، توفى سنة 325،
وله ابن يعرف بابن الوشاء.
قال ابن النديم: وكان نحويا معلما لمكتب، وكان يعرف بالأعرابي،
287

وله من التصانيف ما يقارب العشرين كتابا منها زهرة الرياض عشرة مجلدات.
(وقد يطلق) الوشاء على الحسن بن محمد بن عنبر الوشاء: حدث عن علي
ابن الجعد الجوهري وابن معين وعلي بن المديني وغيرهم، وروى عنه جماعة كثيرة
توفى سنة 308.
(وقد يطلق) على أبى بكر أحمد بن محمد بن عبد العزيز بن الجعد سمع
جماعة كثيرة من العلماء، وروى عنه كثير من المحدثين، توفى سنة 301 ودفن
في مقابر الخيزران ببغداد.
(الوطواط)
جمال الدين محمد بن إبراهيم بن يحيى الأنصاري المصري الوراق الكتبي،
كان أديبا ماهرا عارفا بالكتب جمع مجاميع أدبية.
له غرر الخصائص الواضحة، ومناهج الفكر، وحواش على كامل
ابن الأثير وغير ذلك، توفى سنة 718، وهو غير رشيد الدين الوطواط
الذي تقدم.
(الوقائي)
الحاج المولى فتح الله بن المولى حسن بن العالم الحاج المولى رحيم التستري
الفاضل العارف الصالح التقي، صاحب الديوان المشهور بالوفائي وسراج المحتاج
في السير والسلوك والشهاب الثاقب في رد الصوفية، قيل: كتبه بأمر الشيخ الأجل
شيخ المسلمين، مروج شريعة سيد المرسلين البدر الأنور المحاج الشيخ
جعفر التستري في سنة 1294، توفى سنة 1304، حكي ان جده المولى رحيم
المدفون بمقام السيد صالح في تستر كان من أهل برية قرب فلاحية خوزستان
ونزل إلى تستر.
288

(الهاتف)
السيد احمد الأصفهاني، شاعر معروف له ديوان شعر فارسي مطبوع
توفى سنة 1198.
(الهاتفي)
المولى عبد الله بن أخت المولى الجامي، وصاحب كتاب ظفر نامه، نظم
وقائع التيمور بالاشعار الفارسية، توفى سنة 927.
(الهذلي) الفقيه تقدم في ابن أم عبد
(الهراسي) انظر الكيا الهراسي
(الهراء النحوي)
معاذ بن مسلم النحوي الكوفي من أصحاب الصادقين عليهما السلام، وكان
يكنى أبا مسلم فولد له ولد سماه عليا فصار يكنى به.
روى (كش) باسناده عن حسين بن معاذ بن مسلم النحوي عن أبيه عن أبي
عبد الله عليه السلام قال قال لي: بلغني عنك انك تقعد في الجامع فتفتي الناس،
قال قلت نعم وقد أردت ان أسألك عن ذلك قبل ان اخرج اني اقعد في الجامع
فيجيئني الرجل فيسألني عن الشئ فإذا عرفته بالخلاف لكم أخبرته بما يقولون
ويجيئ الرجل أعرفه بحبكم ومودتكم فأخبره بما جاء عنكم ويجيئ الرجل لا أعرفه
ولا أدري من هو فأقول: جاء عن فلان كذا وجاء عن فلان كذا فأدخل قولكم
فيما بين ذلك، قال فقال لي اصنع كذا فاني كذا اصنع.
وفي رواية أخرى قال: رحمك الله هكذا فاصنع، وذكره ابن خلكان
وقال: قرأ عليه الكسائي وروى عنه، وصنف في النحو كثيرا، وكان
يتشيع، وله شعر كشعر النحاة.
وكان في عصره مشهورا بالعمر الطويل، وكان له أولادا وأولاد أولاد
289

فمات الكل وهو باق، وفيه يقول أبو السري سهل بن أبي غالب الخزرجي الشاعر:
إن معاذ بن مسلم رجل * ليس لميقات عمره أمد
قد شاب رأس الزمان واكتهل * الدهر وأثواب عمره جدد
قل لمعاذ إذا مررت به * قد ضج من طول عمرك الأمد
يا بكر حواء كم تعيش وكم * نسجت ذيل الحياة يالبد (1)
قد أصبحت دار آدم خربا * وأنت فيها كأنك الوتد
(الأبيات)
وكان معاذ المذكور صديقا للكميت بن زيد الشاعر المشهور، قال محمد بن
سهل رواية الكميت سار الطرماح الشاعر إلى خالد بن عبد الله القسري أمير العراقين
وهو بواسط فامتدحه فأمر له بثلاثين ألف درهم وخلع عليه حلتي وشي لا قيمة
لهما فبلغ ذلك الكميت فعزم على قصده، فقال له معاذ الهراء لا تفعل فلست
كالطرماح فإنه ابن عمه وبينكما بون أنت مضري وخالد يمني متعصب على مضر
وأنت شيعي وهو أموي، وأنت عراقي وهو شامي فلم يقبل إشارته وأبى إلا
قصد خالد فقصده، فقالت اليمانية لخالد قد جاء الكميت، وقد هجانا بقصيدة
نونية قد خرق فيها علينا فحبسه خالد وقال في حبسه صلاح لأنه يهجو الناس ويتأكلهم
فبلغ ذلك معاذا فغمه فقال:
نصحتك والنصيحة إن تعدت * هوى المنصوح عزله القبول
فخالفت الذي لك فيه رشد * فغالت دونك ما أملت غول
فبلغ الكميت قوله فكتب إليه:
أراك كمهدي الماء للبحر حاملا * إلى الرمل من يبرين (2) متجرا رملا

(1) لبد كان آخر نسور لقمان بن عاد وقصته معروفة.
(2) يبرين ويقال أبرين: رمل لا يدرك أطرافه عن يمين مطلع الشمس
من حجر اليمامة وقرية قرب حلب.
290

ثم كتب تحته قد جرى علي القضاء فما الحيلة الآن، فأشار عليه ان
يحتال في الهرب وقال له: ان خالدا قاتلك لا محالة، فاحتال بامرأته وكانت
تأتيه بالطعام وترجع فلبس ثيابها وخرج كأنه هي، فلحق بمسلمة بن عبد الملك
فاستجار به فكان ذلك سبب نجاته من خالد.
توفى الهراء سنة 190 وقيل 187، والهراء بفتح الهاء كفراء لقب به لأنه
كان يبيع الثياب الهروية فنسب بها.
(الهرقلي)
إسماعيل بن الحسن بن أبي الحسن بن علي الهرقلي الحلي الذي خرج على
فخذه الأيسر توتة قطعة ألمها عن كثير من أشغاله، وكان في عصر السيد
رضي الدين بن طاووس فأحضر له السيد أطباء الحلة وبغداد قالوا: هذه التوتة
فوق العرق الأكحل وعلاجها خطر ومتى قطعت خيف ان ينقطع العرق فيموت
فتوجه إلى سر من رأى وزار الأئمة عليهم السلام ونزل السرداب فاستغاث بالامام صاحب
الزمان (ع) ثم مضى إلى دجلة واغتسل ورجع فتشرف بلقاء الإمام عليه السلام فمد يده
إليه وجعل يلمس جانبه من كتفه إلى أن أصابت يده التوثة فعصرها فبرئت فكشف
عن فخذه فلم ير لها أثرا فتداخله الشك فأخرج رجله الأخرى فلم ير شيئا فانطبق
الناس عليه ومرقوا قميصه، (الحكاية).
وله ولد فاضل عالم اسمه محمد بن إسماعيل، كان من تلامذة آية الله العلامة
الحلي، قال شيخنا المتبحر الحر العاملي في (الامل) رأيت المختلف بخطه ويظهر
منه انه كتبه في زمان مؤلفه، وانه قرأه عليه أو على ولده إنتهى.
(أقول): ورأيت كتاب الشرائع بخطه عند شيخي المحدث المتبحر
النوري نور الله مرقده، وقد أشار إلى ذلك في الحكاية الخامسة من
كتابه النجم الثاقب، والهرقلي: نسبة إلى هرقل، قرية مشهورة من بلد
الحلة، كما في المراصد.
291

(الهروي)
أبو عبيد أحمد بن محمد بن محمد بن أبي عبيد العبدي المؤدب الهروي الفاشاني
صاحب كتاب الغريبين.
كان من العلماء الأكابر، وكان يصحب أبا منصور الأزهري
اللغوي، وعليه اشتغل، وبه انتفع وتخرج، وكتابه المذكور جمع
فيه بين تفسير غريب القرآن والحديث النبوي، وسار في الآفاق، توفى
سنة 401 (تا).
(وقد يطلق) على أبى إسحاق إبراهيم بن عبد الله المحدث، ذكره
الخطيب في تاريخه.
وروى عنه إبراهيم الحربي انه يقول: كان إبراهيم الهروي حافظا متقنا
تقيا ما كان هاهنا أحد مثله.
وقال: كان إبراهيم الهروي يديم الصيام إلى أن يأتيه أحد يدعوه
إلى طعامه فيفطر.
توفى بسر من رأى سنة 244، (وقد يطلق) على أبى الفضل إسماعيل
ابن أحمد بن محمد السمسار الهروي.
قال الخطيب: قدم علينا بغداد حاجا، وسمعت منه في سنة 413 عند
مرجعه من الحج حديثا واحدا
وقال الخطيب: كان ثقة، فاضلا من أهل المعرفة بالأدب، وذكر
من شعره قوله:
وما أرسل الأقوام في نيل حاجة * كأبيض وضاح صحيح مدور
فأرسله مرتادا وأيقن بأنه * سيحصل ما ترتاد أو أسمح تصدر
ولا تعتمد شيئا سوى الدرهم الذي * ينال به المحروم حظ الموفر
فما درهم في فعله غير مرهم * ومدراءهم عن فؤاد محير
292

والهروي: نسبة إلى هراة، وقد تقدم في أبو الصلت الهروي
ما بتعلق بها.
والفاشاني: بالفاء نسبة إلى فاشان: كقاشان قرية من قرى هراة، ويقال
لها باشان بالباء الموحدة أيضا.
(والقاضي الهروي): أبو عاصم محمد بن أحمد بن محمد العبادي
الهروي الفقيه الشافعي، صاحب كتاب أدب القضاء، وطبقات الفقهاء،
توفى سنة 458.
(الهكاري)
أبو الحسن علي بن أحمد بن يوسف الملقب بشيخ الاسلام الهكاري، قيل
كان كثير الخير والعبادة، طاف البلاد واجتمع بالعلماء والمشايخ، وأخذ عنهم
الحديث ورجع إلى بلده وانقطع في بيته، وخرج من أولاده وأحفاده فقهاء
أمراء، توفى سنة 486.
والهكاري بفتح الهاء وتشديد الكاف نسبة إلى قبيلة من الأكراد لهم معاقل
وحصون وقرى من بلاد الموصل من جهتها الشرقية
.
(الهلالي)
قد اشتهر بهذه النسبة الشيخ الأقدم سليم بن قيس الهلالي، عدمن أصحاب
علي والحسن والحسين والسجاد عليهم السلام.
له كتاب معروف، وهو أصل من الأصول التي رواها أهل العلم وحملة
حديث أهل البيت عليهم السلام، وهو أول كتاب ظهر للشيعة معروف بين
المحدثين اعتمد عليه الشيخ الكليني والصدوق وغيرهما من القدماء رضوان الله عليهم
ويحكى عن ميزان الاعتدال انه لقب به لأنه كان يرى الهلال.
(أقول) وينسب إليه أيضا أبو سلمة مسعر بن كدام بكسر الكاف وتخفيف
293

الدال المهملة وليس هو من أصحابنا، وكان من عداد السفيانيين وأمثالهما.
وينسب إليه أيضا سعيد بن خيثم الهلالي، ذكره الذهبي في محكي ميزانه ووضع
على اسمه رمز الترمذي والنسائي إشارة إلى انهما قد أخرجا عنه في صحيحيهما.
قيل ليحيى بي معين ان سعيد بن خيثم شيعي فما رأيك به؟ قال فليكن شيعيا وهو ثقة
(الهندي)
قد يطلق على الشيخ شهاب الدين أحمد بن عمر الهندي شارح الكافية،
المتوفى سنة 849، والفاضل الهندي تقدم ذكره.
(الهوريني)
أبو الوفاء الشيخ نصر الهوريني المصري الشافعي الأديب الذي عنى بتصحيح
كتب كثيرة لا سيما القاموس وقد صدره بمقدمة في تعريف اللغة وبغض مبادئ هذا
العلم، وله مختصر من كتاب روض الرياحين في مناقب الصالحين لليافعي توفى سنة 1291
(الهيثمي)
الحافظ نور الدين علي بن أبي بكر بن سليمان الهيثمي القاهري الشافعي المحدث الفاضل
قيل: كان عجيبا في الزهد والاقبال على العلم والعبادة والمحبة للحديث
وأهله، وحدث بالكبر وأخذ الناس عنه وأكثروا، له مجمع الزوائد ومنبع
الفوائد، جميع فيه زوائد الكتب الستة من مسند بن حنبل والبزاز وأبى يعلى الموصلي
والمعاجم الثلاثة للطبراني، وصار كتابا حافلا في ست مجلدات كبار توفى سنة 807
(اليافعي)
أبو السعادات عفيف الدين عيد الله ابن أسعد اليميني نزيل الحرمين الشريفين
كان مولده بمدينة عدن ونشأ بها، ولم يكن في صباه يشتغل بشئ غير القرآن
والعلم، وحج سنة 12 من عمره، ثم جاور بمكة سنة 18 وتزوج ولازم
الاشتغال ورحل إلى القدس سنة 24 ودخل دمشق ثم دخل مصر.
294

له تأليفات كثيره في التصوف وأصول الدين والتفسير وغير ذلك فمنها
مرآة الجنان وعبرة اليقظان في معرفة حوادث الزمان وروض الرياحين في حكايات
الصالحين، والدر النظيم في لغات القرآن العظيم.
وله كلام في ذم ابن تيمية نقل عن الأسنوي المعاصر له قال: كان إماما
يستر شد بعلومه يهتدى بأنواره، وكان يقول الشعر الحسن.
توفى بمكة سنة 768 (ذسح) ودفن بباب المصلى إلى جنب الفضيل بن عياض.
(الياموري)
أحمد بن محمد بن إسحاق بن هشام أبو الحسن التنوخي البزار المعروف
بالياموري، سكن بغداد عند مسجد الأنباريين بيركة زلزل، وحدث عن جماعة
من المحدثين، وكان حافظا للقرآن الكريم.
روى عنه الدارقطني وقال: انه ثقة صدوق، كثير الحديث واسع
الرواية، ولد بالأنبار سنة 284، ومات ببغداد سنة 354، واليامور كما في (ق)
الذكر من الإبل.
(اليزيدي)
أبو محمد يحيى بن المبارك بن المغيرة العدوي المقري النحوي اللغوي صاحب
أبى عمرو بن العلاء المقري البصري، كان يؤدب أولاد يزيد بن منصور الحميري
خال ولد المهدي، واليه كان ينتسب ثم اتصل بهارون فجعل ولده المأمون في حجره
وكان يؤدبه، وله التصانيف الحسنة والشعر الجيد ومن شعره:
إذا نكبات الدهر لم تعظ الفتى * وتقرع منه لم تعظه عواذله
ومن لم يؤدبه أبوه وأمه * تؤدبه روعات الردى وزلازله
فدع عنك مالا تستطيع ولا تطع * هواك ولا يغلب بحقك باطله
وكان اليزيدي أحد القراء الفصحاء عالما بلغات العرب، وله كتاب نوادر في
اللغة، وأخذ علم العربية وأخبار الناس عن أبي عمرو الحضرمي والخليل بن
295

احمد ومن كان معهم في زمانهم، وكان يجلس في أيام الرشيد مع الكسائي
ببغداد في مسجد واحد ويقرآن الناس، وكان الكسائي يؤدب الأمين،
وهو يؤدب المأمون (حكي) انه دخل اليزيدي يوما على الخليل بن أحمد وهو
جالس على وسادة فأوسع له وأجلسه مع، فقال له اليزيدي أحسبني ضيقت عليك
فقال الخليل ما ضاق موضع على اثنين متحابين والدنيا لا تسع اثنين متباغضين،
وسأل المأمون اليزيدي عن شئ فقال: لا وجعلني الله فداك يا أمير المؤمنين فقال
لله درك ما وضعت الواو قط في موضع أحسن من موضعها في لفظك هذا ووصله
وحمله، توفى بخراسان سنة 202 (رب) نقلت ذلك عن تاريخ الخطيب وغيره،
ولليزيدي خمسة بنين كلهم علماء أدباء شعراء، وكان محمد أسنهم وأشهرهم.
(ويطلق اليزيدي)
أيضا على حفيده أبى العباس الفضل بن محمد بن أبي محمد
يحيى العدوي، كان أديبا نحويا عالما فاضلا، مات سنة 278، (ويطلق) علي أبى عبد الله
محمد بن العباس بن محمد بن أبي محمد يحيى العدوي، كان إماما في النحو والأدب
ونقل النوادر رواية للاخبار، له كتاب اخبار اليزيديين، كان في آخر عمره
مشغولا بتعليم أولاد المقتدر بالله، توفى سنة 310 (شي) وقد بلغ 82 سنة.
(واليزيدي) نسبة إلى يزيد بن منصور، والعدوي نسبة إلى عدي بن
عبد مناة بن أد بن طابخة بن الياس بن مضر قبيلة مشهورة.
(اليعقوبي)
أحمد بن أبي يعقوب بن جعفر بن وهب بن واضح الكاتب العباسي الشيعي
كان جده من موالي المنصور، وكان رحالة يحب الاسفار، ساح في بلاد الاسلام
شرقا وغربا ودخل أرمينية سنة 260 ثم رحل إلى الهند وعاد إلى مصر وبلاد المغرب
فألف في سياحته كتاب البلدان، وله التاريخ المعروف بالتاريخ اليعقوبي إلى غير
ذلك، توفى سنة 284.
تم المجلد
296