الكتاب: الكنى والألقاب
المؤلف: الشيخ عباس القمي
الجزء: ٢
الوفاة: ١٣٥٩
المجموعة: مصادر سيرة النبي والائمة
تحقيق:
الطبعة:
سنة الطبع:
المطبعة:
الناشر: مكتبة الصدر - طهران
ردمك:
ملاحظات: تقديم محمد هادي الأميني

الكنى والألقاب
1

الكنى والألقاب
تأليف
المحقق الشهير والمؤرخ الكبير
الشيخ عباس القمي
الجزء الثاني
من منشورات
مكتبة الصدر - طهران - شارع ناصر خسرو
3

بسم الله الرحمن الرحيم
الباب الثالث
في المعروفين بالألقاب والأنساب
(الآبي)
عز الدين الحسن بن أبي طالب اليوسفي المعروف بالفاضل الآبي، وابن
زينب عالم فاضل محقق فقيه قوي الفقاهة شارح نافع، وتلميذ المحقق،
شهرته دون فضله، وعلمه أكثر من ذكره ونقله وكتابه كشف الرموز،
كتاب حسن مشتمل على فوائد كثيرة، وتنبيهات جيدة، وله مع شيخه
مباحثات ومخالفات في كثير من المواضع وهو ممن اختار المضايقة في القضاء
وتحريم الجمعة في زمان الغيبة، وحرمان الزوجة من الرباع وإن كانت ذات ولد
وفرغ من تأليف كتابه سنة 672 نقلت ذلك عن العلامة الطباطبائي بحر العلوم
والآبي نسبة إلى آبة كساوة، ويقال لها أيضا آوة بليدة من توابع قم
رديفها المذكور، وأهلها شيعة من زمان الأئمة عليهم السلام، وقد ذكر القاضي
نور الله ما ورد في مدحها في مجالس المؤمنين واليها ينسب أيضا الوزير أبو سعيد
منصور بن الحسين الآبي صاحب نثر الدرر وزير مجد الدولة البويهي،
وينسب إليها أيضا السيد العابد الصالح الزاهد رضي الدين محمد الآوي يأتي
ذكره في الآوي.
4

(الآجري)
أبو بكر محمد بن الحسين بن عبد الله الفقيه الشافعي المحدث صاحب كتاب
الأربعين حديثا، روى عنه جماعة منهم أبو نعيم الأصبهاني، توفى بمكة سنة
360 (شين)، والآجري بالهمزة الممدودة وضم الجيم وتشديد الراء نسبة
إلى الآجر قرية من قرى بغداد، والآجري أيضا أبو بكر محمد بن خالد الآجري
ذكره الخطيب في تاريخه وقال: كان عبدا صالحا متصوفا.
ثم روى عن أبي نعيم الحافظ عن جعفر الخالدي قال. كنت اعمل الآجر
فبينما انا أمشي بين أشراج الآجر المضروبة إذ سمعت شرجا يقول لشرج عليك
السلام الليلة ادخل النار، قال: فنهيت الاجراء ان يطرحوها في النار وصارت
الكتل باقية على حالها وما عملت - يعني طبخ الآجر بعد ذلك -، أقول:
الظاهر أن الآجري يقال لهذا لعمل الآجر.
(الآزاد)
غلام علي الحسيني الواسطي البلكرامي صاحب الديوان وسبحة المرجان
في آثار هندوستان، ذكر في تراجم علماء الهند، توفي سنة 1200 (غر).
(الآزر)
لقب الحاج لطف علي بيك بن آقا خان البيكدلي المنتهي نسبه إلى بيكدل
خان بن ايلد كزخان بن اغور خان من أحفاد ترك بن يافث بن نوح عليه السلام
كان شاعرا أديبا ولد سنة 1134 (غقلد)، وصنف كتابا في أحوال الشعراء
سماه آتشكدة، توفى سنة 1195 اخذ ذلك من الذريعة.
(الآزري)
نور الدين حمزة بن علي الطوسي الشيخ العارف من شعراء الشيعة الإمامية،
5

سافر إلى الهند ومدح أهل البيت عليهم السلام بقصائد كثيرة، وإلى ذلك أشار بقوله
في بعض قصائده:
مداح أهل بيت نبي آزرى منم * چون طوطى شكر شكن شكرين مقال
هر كس زند دست إرادت بدامني * دست من است ودامن پاك علي وآل
حكي انه أدرك صحبة الشاه نعمة الله الكرماني وتوفي سنة 866 (سوض)
ومن شعره:
زهول روز جزا آزري از چه ميترسي * توكيستي كه در ان روز در شمارائي
(الآغا البهبهاني) انظر البهباني (الآغا الدربندي) انظر الدربندي.
(الآغا النجفي)
محمد تقي بن محمد باقر بن محمد تقي بن عبد الرحيم الأصبهاني العالم الفاضل
الفقيه المحدث، صاحب التأليفات الكثيرة المشهورة، كان من أهل بيت العلم
والفضل والجلالة، أما أبوه الشيخ محمد باقر: كان عالما جليلا، أمه بنت الشيخ
الأكبر كاشف الغطاء، وزوجته بنت العلامة السيد صدر الدين الموسوي،
وكانت بنت خالته أيضا، تلمذ على بعض تلامذة والده، تم على خاله العلامة
الشيخ حسن بن الشيخ جعفر، وعلى العلامة المحقق الشيخ مرتضى الأنصاري
رضوان الله تعالى عليهم، توفي في النجف الأشرف سنة 1301 (غشا).
وأما جده الشيخ محمد تقي فهو العالم الفاضل المحقق المدقق صاحب هداية
المسترشدين، وهو تعليقاته على كتاب المعالم، اخذ عن صهره الشيخ الأكبر
والسيد محسن الكاظمي، والأمير سيد علي الحائري الطباطبائي رضوان الله عليهم
أجمعين، فأصبح من أفاضل أهل عصره في الفقه والأصول والمعقول والمنقول،
وصار كأنه المجسم من الأفكار العميقة والانظار الدقيقة، توفي منتصف شوال
6

سنة 1248 (غرمح) بأصبهان، ودفن في مقبرة (تخته فولاد) بقرب قبر المحقق
الخونساري وأخوه الشيخ محمد حسين بن عبد الرحيم هو الفاضل المحقق المدقق
صاحب الفصول في الأصول، توفي سنة 1261 (غارس) بكربلاء ودفن في الجائر
الشريف حذاء قبر معاصره السيد الجليل الفاضل النبيل السيد إبراهيم بن السيد
محمد باقر الموسوي القزويني الحائري صاحب ضوابط الأصول، تلميذ صاحب
الرياض وشريف العلماء، والذي كان مدرسا، يجتمع في حلقة درسه سبعمائة
إلى ثمانمائة بل إلى ألف من الفضلاء، توفي سنة 1264 في كربلاء، ودفن
بمقبرة قرب باب الصحن الذي يذهب منه إلى زيارة العباس بن أمير المؤمنين عليه السلام
توفي الآغا النجفي سنة 1332 (غشلب) بأصبهان ودفن بها في بقعة رفيعة قرب
مقبرة السيد أحمد بن علي بن الإمام محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام
المعروف بامام زاده احمد، وأبوه السيد علي كان كما في الرياض من أعاظم أولاد
مولانا الإمام محمد الباقر عليه السلام وأكابرهم ولغاية عظم شأنه لا يحتاج إلى التطويل
في البيان، وقبره بحوالي بلدة كاشان، ومقبرته معروفة إلى الآن بمشهد بار كرس
وله قبة رفيعة عظيمة، وقد ذكر جماعة من علمائنا في شأنه فضائل جمة وأوردوا
في كراماته وكرامات مشهده حكايات عزيزة إنتهى.
(الآلوسي) انظر ابن الآلوسي
(الآمدي)
بكسر الميم السيد ناصح الدين عبد الواحد بن محمد؟؟ المحفوظ بن عبد
الواحد التميمي الآمدي صاحب كتاب " غرر الحكم ودرر الكلم " من كلمات
أمير المؤمنين عليه السلام فاضل عالم محدث شيعي إمامي، وفي المستدرك نقلا عن
الرياض وقال والمشهور انه لم يكن من السادات فلاحظ وقال وبالجملة فقد عده جماعة
من الفضلاء من جملة أجلاء العلماء الامامية منهم ابن شهرآشوب في أوائل كتاب
7

المناقب (1) حيث قال في أثناء تعداد كتب الخاصة وبيان أسانيد تلك الكتب
وقد أذن لي الآمدي في رواية غرر الحكم، وقد عول عليه وعلى كتابه هذا
المولى الأستاذ الاستناد في البحار وجعله من الامامية، وينقل عن كتابه فيه إلى أن
قال وبالجملة فلا مجال للشك في كونه من علماء الإمامية إنتهى
وقد يطلق الآمدي على أبى القاسم الحسن بن بشر بن يحيى البصري
المعاصر لابن النديم صاحب المصنفات المليحة الجيدة التي منها كتاب في شدة حاجة
الانسان إلى أن يعرف نفسه، وكتاب المختلف والمؤتلف في أسماء الشعراء اخذ
عن الأخفش والزجاج وابن دريد ونفطويه وغيرهم، وله شعر حسن، توفى
سنة 371 (شما)
وقد يطلق على أبي الحسن علي بن محمد بن سالم التغلبي سيف الدين الآمدي
الحنبلي الشافعي البغدادي المصري الدمشقي الحموي صاحب المصنفات في الفقه
والمنطق والحكمة وغيرها، المتوفى بدمشق سنة 631 (خلا).
والآمدي بالهمزة الممدودة والميم المكسورة نسبة إلى آمد مدينة كبيرة
من بلاد الجزيرة بين دجلة والفرات من ديار بكر.
(الآملي)
يطلق على الشيخ عز الدين الشيعي شريك المحقق الكركي في الدرس،
صاحب شرح " نهج البلاغة، والرسالة الحسينية "، وقد يطلق على شمس الدين
محمد بن محمود صاحب كتاب نفائس الفنون، قال القاضي نور الله في المجالس:
كان في عصر السلطان أو لجايتو محمد خدابنده مدرس السلطانية، وله مع القاضي
عضد الإيجي مناظرات ومجادلات، وله مصنفات منها: شرح كليات القانون،
وشرح كليات الطب للسيد شرف الدين الإيلاقي، وله شرح مختصر الأصول

(1) طبع في المطبعة الحيدرية في النجف الأشرف.
8

لابن الحاجب، وكتاب نفائس الفنون إنتهى.
قد يطلق على السيد حيدر الآملي المعاصر لفخر المحققين صاحب الكشكول
فيما جرى على آل الرسول (1) عليهم السلام.
(الآوي)
رضي الدين محمد بن محمد بن محمد بن زيد بن الداعي الحسيني الغروي النقيب
السيد العابد الزاهد الصالح صاحب المقامات العالية والكرامات الباهرة صديق
السيد ابن طاوس الذي يعبر عنه السيد في كتبه بالأخ الصالح، وهو الذي ينتهي
إليه سند بعض الاستخارات، وله قصة متعلقة بدعاء العبرات يروي عن آبائه
الأربعة: عن السيد المرتضى والشيخ الطوسي وسلار وابن البراج وأبي الصلاح
جميع ما صنفوه، توفي سنة 654 (خند).
(الأبرش الكلبي)
أبو مجاشع بن الوليد القضاعي الذي ذكره ابن عساكر في تاريخ دمشق
كان في عصر هشام بن عبد الملك وبقى إلى عصر المنصور، ويظهر من الروايات
والتواريخ انه كان من خواص هشام، وحكي انه كان بين مسلمة وهشام تباعد
وكان الأبرش يدخل عليهما فقال له هشام: كيف تكون خاصا بي وبمسلمة على
ما بيننا من المقاطعة؟ فقال لأبي كما قال الشاعر:
أعاشر قوما لست أخبر بعضهم * بأسرار بعض إن صدري واسع
فقال كذلك والله أنت، وحكي انه حدا الأبرش بالمنصور فقال:
أغر بين حاجبيه نوره * إذا توارى ربه ستوره
فأطرب له المنصور فأمر له بدراهم فقال يا أمير المؤمنين اني حدوت بهشام
ابن عبد الملك فطرب فأمر لي بعشرة آلاف درهم، فقال يا ربيع طالبه بها

(1) طبع في المطبعة الحيدرية في النجف الأشرف
9

وقد أعطاه الله ما لا يستحقه وأخذه من غير حله فلم يزل أهل الدولة يشفعون
فيه حتى رد الدراهم وخلى سبيله.
(الأبشيهي) انظر شهاب الدين
(الأبله الشاعر)
أبو عبد الله محمد بن بختيار بن عبد الله البغدادي جمع في شعره بين
الصناعة، والرقة له ديوان شعر توفي ببغداد سنة 579 أو 580 وإنما قيل
له إبله لأنه كان فيه طرف بله، وقيل له: لأنه كان في غاية الذكاء وهو من
أسماء الأضداد كما قيل للأسود كافور.
(الأبيوردي)
أبو المظفر محمد بن أحمد بن محمد ينتهي إلى عثمان بن عنبسة بن أبي سفيان
صخر بن حرب الأموي الشاعر المشهور كان راوية نسابة، وكان يكتب في
نسبه المعاوي ينسب إلى معاوية الأصغر في عمود نسبه. له ديوان ومقطعات،
وله من جملة قصيدة:
فسد الزمان فكل من صاحبته * راج ينافق أو مداج حاشي
وإذا اختبرتهم ظفرت بباطن * متجهم وبظاهر هشاش
ومن شعره أيضا:
تنكر لي دهري ولم يدر انني * أعز وأحوال الزمان تهون
وظل يريني الخطب كيف اعتداؤه * وبت أريه الصبر كيف يكون
كانت وفاته مسموما بأصبهان سنة 507 والأبيوردي بفتح الهمزة وكسر
الموحدة وسكون المثناة من تحت وفتح الواو وسكون الراء هذه النسبة إلى
أبيورد، ويقال لها أبا ورد وهي بلدة بخراسان، منها جماعة من العلماء وغيرهم
كذا قال ابن خلكان، قلت: ومن تلك الجماعة أبو العباس أحمد بن محمد بن
10

عبد الرحمان بن سعيد أحد الفقهاء الشافعيين من أصحاب أبي حامد الأسفراييني
سكن بغداد، وولي القضاء بها ثم عزل، وكان يدرس في قطيعة الربيع، حكي
انه كان يصوم الدهر وان غالب إفطاره كان على الخبز، وكان فقيرا يظهر المروءة
توفي ببغداد سنة 425 (تكه).
(أثير الدين الأبهري)
المفضل بن عمر الفاضل المحقق المنطقي صاحب إيساغوجي وهو لفظ يوناني
معناه الكليات الخمس، وله هداية الحكمة وغيره، كان من فضلاء القرن السابع
ذكر بعضهم وفاته في سنة 660.
(الأجهوري)
يطلق على جماعة أحدهم زين الدين عبد الرحمان بن يوسف العالم الفقيه
المالكي شارح مختصر خليل، توفي سنة 961، وثانيهم نور الدين بن زين
العابدين بن محمد الأجهوري المصري شيخ المالكية في عصره بالقاهرة، كان
فقيها كبيرا بارعا، درس وأفتى وصنف وألف، وعمر كثيرا، توفى
بمصر سنة 1066.
(الأحمر النحوي)
علي بن المبارك صاحب الكسائي: كان مؤدب الأمين، وهو أحد من
اشتهر بالتقدم في النحو واتساع الحفظ، وجرت بينه وبين سيبويه مناظرة لما
قدم سيبويه إلى بغداد، وحكي انه كان يحفظ أربعين ألف بيت شاهد في النحو
سوى ما كان يحفظ من القصائد وأبيات العرب، ذكره الخطيب في تاريخ
بغداد ولم يذكر سنة وفاته.
وقد يطلق الأحمر على سلمة بن صالح الجعفي الكوفي وكان يكنى أبا إسحاق
11

وكان قد ولي القضاء بواسط في زمن الرشيد، ثم عزل وقدم بغداد فأقام بها
إلى أن مات.
وكان كثير الحديث، توفي سنة 186 أو 188.
والأحمر أيضا أبو عبد الله جعفر بن زياد الكوفي، كان من رؤساء
الشيعة بخراسان، وذكره علماء أهل السنة ووثقوه مع تصريحهم بتشيعه،
ذكر الخطيب البغدادي انه قد خرج إلى خراسان فبلغ أبا جعفر المنصور عنه
أمر يتعلق بالإمامة، وانه ممن يرى رأى الرافضة فوجه إليه بمن قبض عليه
وحمله إلى بغداد فأودعه السجن دهرا طويلا، ثم أطلقه، توفى سنة 167،
وذكره أبو جعفر الطبري وقال: كان مولى مزاحم بن زفر من تيم الرباب من
ساكني الكوفة وبها كانت وفاته سنة 167، وكان كثير الحديث شيعيا.
(الأحنف بن قيس)
هو الضحاك بن قيس بن معاوية المنتهي نسبه إلى مناة بن تميم، وقيل
اسمه صخر، كان من أعاظم أهل البصرة من سادات التابعين، أدرك عهد النبي
صلى الله عليه وآله ولم يصحبه.
قال ابن قتيبة في المعارف: وكان أبو الأحنف يكنى أبا مالك، وقتله
بنو مازن في الجاهلية.
وكان الأحنف يكنى أبا بحر وأتى رسول الله صلى الله عليه وآله قومه يدعوهم إلى
الاسلام فلم يجيبوا، فقال لهم الأحنف انه ليدعوكم إلى الاسلام وإلى مكارم الأخلاق
، وينهاكم عن ذمائمها فأسلموا وأسلم الأحنف ولم يفد، فلما كان
زمن عمر بن الخطاب وفد إليه وقال: ولد الأحنف ملتزق الأليتين حتى شق
ما بينهما، وقال: كان عم الأحنف يقال له المتشمس بن معاوية يفضل على
الأحنف في علمه، وعمه الأصغر صعصعة بن معاوية كان سيد بني تميم
12

في خلافة معاوية، وفرسه الطرة اشتراها بستين ألف درهم.
وبقى الأحنف إلى زمان مصعب بن الزبير فخرج معه إلى الكوفة فمات،
وقد كبر جدا.
قال الأصمعي: ودفن الأحنف بالكوفة بالقرب من قبر زياد بن أبي
سفيان، وقبر زياد بالثوية إنتهى.
وكانت وفاته سنة 67، وشيعه مصعب بن الزبير، وكان الأحنف أحد
السادات الطلس، وكان سيد قومه موصوفا بالعقل والدهاء والعلم والحلم،
وروى عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام وعن عمر وعثمان، وروى عنه
الحسن البصري وأهل البصرة، وشهد مع أمير المؤمنين عليه السلام وقعة صفين ولم
يشهد وقعة الجمل مع أحد الفريقين، وشهد بعض فتوحات خراسان في زمن عمر
وعثمان، ويحكى من عظمة قدره عند الناس انه إذا دخل المسجد الجامع بالبصرة
يوم الجمعة لا تبقى حبوة إلا حلت إعظاما له.
وله كلمات حكمية، ومن كلامه في ثلاث خصال ما أقولهن إلا ليعتبر معتبر
ما دخلت بين اثنين قط حتى يدخلاني بينهما، ولا أتيت باب أحد من هؤلاء
ما لم ادع إليه - يعني الملوك -، وما حللت حبوتي إلى ما يقوم الناس إليه،
وقال: ما ادخرت الآباء للأبناء، ولا أبقيت الموتى للاحياء أفضل من اصطناع
معروف عند ذوي الأحساب والآداب، وقال: كثرة الضحك تذهب الهيبة
وكثرة المزاح تذهب المروءة، ومن لزم شيئا عرف به.
وروي عنه قال: شكوت إلى عمي صعصعة وجعا في بطني فنهرني، ثم
قال: يا بن أخي إذا نزل بك شئ لا تشكه إلى أحد مثلك، فان الناس رجلان
صديق يسوءه، وعدو يسره، والذي بك لا تشكه إلى مخلوق مثلك لا يقدر
على دفع مثله عن نفسه، ولكن إلى من ابتلاك به فهو قادر ان يفرج عنك،
يا بن أخي إحدى عيني هاتين ما أبصر بها سهلا ولا جبلا منذ أربعين سنة وما
13

اطلع على ذلك امرأتي ولا أحد من أهلي (1)، أقول: كأنه اخذ صعصعة
قوله فان الناس رجلان الخ من هذين البيتين الذين تمثل بهما أمير المؤمنين عليه السلام
في قصة السقيفة:
فان تسأليني كيف أنت فإنني * صبور على ريب الزمان صليب
يعز علي ان ترى بي كآبة * فيشمت عاد أو يساء حبيب
وكان الأحنف يضرب به المثل في الحلم فيقال: أحلم من الأحنف،
وكان يقول: ما تعلمت الحلم إلا من قيس (2) بن عاصم المنقري لأنه قتل
ابن أخ له بعض بنيه فأتى بالقاتل مكتوفا يقاد إليه فقال: ذعرتم الفتى ثم اقبل
على الفتى فقال: يا بني بئس ما فعلت نقصت عددك وأوهنت عضدك وأشمت
عدوك وأسأت بقومك، خلوا سبيله واحملوا إلى أم المقتول ديته فإنها غريبة،
ثم انصرف القاتل، وما حل قيس حبوته ولا تغير وجهه
(الأحول)
لقب مؤمن الطاق ويأتي ذكره في الطاقي، روي عن أبي عبد الله عليه السلام
انه قال زرارة وبريد بن معاوية ومحمد بن مسلم والأحول أحب الناس إلى أحياء
وأمواتا، والأحول أيضا أبو العباس محمد بن الحسن بن دينار حدث عن
ابن الاعرابي وروى عنه نفطويه النحوي ذكره الخطيب في تاريخه، وقال:

(1) ويقرب منه ما حكاه ابن خلكان عن أبي سليمان داود الطائي العارف
المعروف انه قال ابن أبي عدي: صام داود الطائي أربعين عاما ما علم به أهله،
وكان خزازا، وكان يحمل غذاءه معه ويتصدق به في الطريق ويرجع إلى أهله
يفطر عشاء ولا يعلمون انه صائم.
(2) قيس بن عاصم هو الذي قال عبيدة بن الطيب في مرثيته:
فما كان قيس هلكه هلك واحد * ولكنه بنيان قوم تهدما
14

كان ثقة أديبا عالما بالعربية، وله مصنفات منها كتاب الدواهي، وكتاب
الأشباه وغيرها إنتهى
(أخطب خوارزم)
أبو المؤيد الموفق بن أحمد الخوارزمي، فقيه محدث خطيب شاعر له كتاب
في مناقب أهل البيت " عليه السلام " (1)، قال في آخر المناقب:
هل أبصرت عيناك في المحراب * كأبي تراب من فتى محراب
لله در أبي تراب انه * أسد الحراب وزينة المحراب
هو ضارب وسيوفه كثواقب * هو مطعم وجفانه كجواب
هو قاصم الأصلاب غير مدافع * يوم الهياج وقاسم الأسلاب
ان النبي مدينة لعلومه * وعلي الهادي لها كالباب
لولا علي ما اهتدى في مشكل * عمر الإصابة والهدى لصواب
توفى سنة 568، وخوارزم اسم لناحية إحدى قراها الزمخشر، وهو
مركب من خوار بمعنى اللحم بلغة الخوارزمية ورم بمعنى الحطب، وسمي
بذلك لان أهله في أول ما سكنوا فيه كانوا يصيدون السمك ويشوون بالحطب
الذي كان عندهم فسمي بخوارزم، فخفف وقيل خوارزم.
(الأخطل)
الشاعر غياث بن غوث التغلبي النصراني الشاعر المشهور المقرب عند خلفاء
بنى أمية لمدحه إياهم وانقطاعه إليهم، وكان عبد الملك بصيرا بالشعر يعجبه شعر
الأخطل فيطرب لما يقوله فقربه وأكرمه وسماه شاعر بنى أمية ومن شعره في الحكمة:
وإذا افتقرت إلى الذخائر لم تجد * ذخرا يكون كصالح الأعمال
حكي عن الخليل انه كان كثيرا ما ينشد هذا البيت، واختلف في سبب

(1) طبع في المطبعة الحيدرية في النجف.
15

تلقبه بالأخطل قيل: انه هجا رجلا من قومه فقال له: يا غلام انك لأخطل،
أي سفيه، وقيل لقب بالأخطل لبذاءته وسلاطة لسانه، وتقدم في أبو صفرة
ثلاثة أبيات منه في مدح يزيد بن المهلب وصلة يزيد له، وتقدم في أبو خرزة انه
أحد الثلاثة الذين ليس في شعراء الاسلام مثلم.
(الأخيطل)
محمد بن عبد الله بن شعيب أبو بكر الشاعر مولى بني مخزوم، كان من أهل
الأهواز قدم بغداد ومدح محمد بن عبد الله بن طاهر وهو ظريف مليح الشعر،
يسلك طريق أبي تمام الطائي ويحذو حذوه كذا قال الخطيب في تاريخه.
(الأخفش)
يطلق على ثلاثة من كبار علماء النحو: الأول أبو الخطاب عبد الحميد
ابن عبد المجيد الهجري أستاذ سيبويه، والكسائي وأبي عبيدة، وكان تلميذ
أبي عمرو بن العلاء، وكان إمام أهل العربية، ولقي الاعراب وأخذ عنهم،
وهو أول من فسر الشعر كل بيت وهو الأخفش الأكبر، والثاني أبو الحسن سعيد
ابن مسعدة المجاشعي بالولاء البلخي صاحب المصنفات تلميذ الخليل وهو الأوسط
والثالث أبو الحسن علي بن سليمان وهو الأصغر، والأخفش إذا أطلق فهو الأوسط
كان أحد نحاة البصرة ومن أئمة العربية، وهو أفضل الثلاثة، وأخذ النحو
عن سيبويه، وكان أكبر منه، وكان يقول: ما وضع سيبويه في كتابه
شيئا إلا عرضه علي، وكان يرى أنه اعلم به مني وأنا اليوم اعلم به منه،
وهذا الأخفش هو الذي زاد بحر الخبب في العروض، توفى سنة 215 (ريه)
واعلم أن الأخافش من النحاة أحد عشر وهؤلاء الثلاثة هم المشهورون منهم،
وأول البقية أبو عبد الله أحمد بن عمران بن سلامة الألهاني الهمداني كان نحويا
لغويا أصله من الشام وتأدب بالعراق، وله اشعار كثيرة في أهل البيت عليهم السلام
16

وعن العلامة بحر العلوم انه عده من شعراء أهل البيت خالص الود لهم عليهم السلام
مات قبل الخمسين ومائتين.
ثم اعلم أن الأخفش - أي الصغير العينين - مع سوء بصرهما والخفاش
كرمان الوطواط سمي لصغر عينيه وضعف بصره.
ومن عجائبه انه دم ولحم يطير بغير ريش، ويلد كما يلد الحيوان فهو طائر
ولود، ويكون له الضرع ويخرج منه اللبن، ولا يبصر في ضوء النهار ولا في
ظلمة الليل وإنما يرى في ساعتين بعد غروب الشمس ساعة، وبعد طلوع الفجر
ساعة قبل ان يسفر جدا.
قال أمير المؤمنين عليه السلام في خطبة له يذكر فيها بديع خلقة الخفاش بعد الحمد
والثناء على الله عز وجل ومن لطائف صنعته وعجائب خلقته ما أرانا من غوامض
الحكمة في هذه الخفافيش التي يقبضها الضياء الباسط لكل شئ، ويبسطها الظلام
القابض لكل حي، وكيف عشيت أعينها عن أن تستمد من الشمس المضيئة نورا
تهتدي به في مذاهبها وتتصل (تصل خ ل) بعلانية برهان الشمس إلى معرفها إلى أن
قال عليه السلام: فسبحان من جعل الليل لها نهارا ومعاشا والنهار سكنا وقرارا،
وجعل لها أجنحة من لحمها تعرج بها عند الحاجة إلى الطيران كأنها شظايا الآذان
غير ذوات الريش ولا قصب، إلا انك ترى مواضع العروق بينة أعلاما، لها
جناحان لما يرقا فينشقا ولم يغلظا فيثقلا تطير وولدها لاصق بها لاجئ إليها،
يقع إذا وقعت ويرتفع إذا ارتفعت، لا يفارقها حتى تشتد أركانه ويحمله للنهوض
جناحه ويعرف مذاهب عيشه ومصالح نفسه، فسبحان البارئ لكل شئ على
غير مثال خلا من غيره.
(الأدفوي)
كمال الدين أبو الفضل جعفر بن ثعلب بن جعفر الشافعي، ولد سنة 685
17

بأدفوا من اعمال قوص بمصر، وأخذ عن ابن دقيق وغيره، وصحب أبان
وحمل عنه أشياء، وصنف الامتاع في احكام السماع والطالع السيد في تاريخ
الصعيد إلى غير ذلك، مات بالطاعون في حدود سنة 748.
(الأربلي)
بهاء الدين أبو الحسن علي بن عيسى بن أبي الفتح الأربلي من كبار العلماء
الامامية، العالم الفاضل الشاعر الأديب المنشئ النحرير والمحدث الخبير الثقة
الجليل أبو الفضائل والمحاسن الجمة صاحب كتاب كشف الغمة في معرفة الأئمة " عليه السلام "
فرغ من تصنيفه سنة 687، وله رسالة الطيف وديوان شعر وعدة رسائل،
وله شعر كثير في مدح الأئمة " عليه السلام " ذكر جملة منه في كشف الغمة، وكتابه
كشف الغمة كتاب نفيس جامع حسن، ولصاحبه بيان في تأويل ما نسب الأئمة
عليهم السلام إلى أنفسهم المقدسة من الذنب والخطايا والعصيان مع عصمتهم " عليه السلام "
يروى عن السيد رضي الدين بن طاووس والسيد جلال الدين بن عبد الحميد بن
فخار الموسوي والأربلي نصبة إلى إربل، كدعبل بلد بقرب الموصل من جهتها
الشرقية، ولا يخفى عليك انه غير الوزير الكبير أبى الحسن علي بن عيسى بن
داود البغدادي الكاتب وزير المقتدر والقاهر قال في (ضافي) ترجمته كان غنيا شاكرا
صدوقا دينا خيرا صالحا عالما من خيار الوزراء، وهو كثير البر والمعروف
والصلاة والصيام ومجالسة العلماء، توفى سنة 334، وزر للمقتدر مرتين، له كتاب
جامع الدعاء، وكتاب معاني القرآن وتفسيره، أعانه عليه أبو الحسين الواسطي
وأبو بكر بن مجاهد، وكتاب ترسل، وكان يستغل ضياعه في السنة سبعمائة
ألف دينار ويخرج منها في وجوه البر ستمائة ألف دينار وستين ألف دينار،
وينفق أربعين ألف دينار على خاصته.
وكانت غلته عند عطلته ولزوم بيته نيفا وثمانين ألف دينار ينفق على نفسه
18

وخاصته ثلاثين ألف دينار ويصرف الباقي في وجوه البر كذا في ذيل الصفدي
على تاريخ ابن خلكان.
ونقل أيضا عن الصولي انه قال وأشار على المقتدر زمن نكبته ان يقف
عقاره ببغداد على الحرمين والثغور وغلتها ثلاثة عشر ألف دينار في كل شهر،
والضياع الموروثة له بالسواد وغلتها نيف وثمانون ألف دينار ففعل ذلك وأشهد
على نفسه، وأفرد لهذه الوقوف ديوانا وسماه ديوان البر، وخدم السلطان
سبعين سنة لم يزل فيها نعمة عن أحد، وأحصى له أيام وزارته نيف وثلاثون الف
توقيع من الكلام السديد، ولم يقتل أحدا، ولا سعى في دمه، وكان على خاتمه
لله صنع خفي في كل أمر يخاف، وكان يجري على خمسة وأربعين ألف إنسان
جرايات تكفيهم.
ونقل القشيري في رسالته المشهورة باسناده المتصل إلى أبي عمر الأنماطي
قال: ركب علي بن عيسى الوزير في موكب عظيم فجعل الغرباء يقولون من
هذا؟ فقالت امرأة قائمة على الطريق إلى متى تقولون من هذا هذا عبد سقط من
عين الله فأبلاه الله بما ترون، فسمع علي بن عيسى ذلك ورجع إلى منزله واستعفى
من الوزارة وذهب إلى مكة وجاور بها، وقد غلط من نسب هذه الحكاية إلى شيخنا
المحدث الجليل علي بن عيسى الأربلي المتقدم ذكره صاحب كشف الغمة.
(الأرجاني)
القاضي أبو بكر ناصح الدين أحمد بن محمد بن الحسين التستري، كان نائب
القاضي بتستر وعسكر مكرم، كان فقيها شاعرا. له ديوان شعر يقال انه كان
له في كل يوم ينظم ثمانية أبيات على الدوام، ومن شعره:
أنا اشعر الفقهاء غير مدافع * في العصر أو أنا أفقه الشعراء
شعري إذا ما قلت دونه الورى * بالطبع لا بتكلف الالقاء
19

كالصوت في ظلل الجبال إذا علا * للسمع هاج تجاوب الأصداء
ومن شعره أيضا:
شاور سواك إذا نابتك نائبة * يوما وإن كنت من أهل المشورات
فالعين تنظر منها ما دنا ونأى * ولا ترى نفسها إلا بمرآة
وله أيضا:
ولما بلوت الناس اطلب عندهم * أخا ثقة عند اشتداد الشدائد
فلم أر فيما ساءني غير شامت * ولم أر فيما سرني غير حاسد
تطلعت في حالي رخاء وشدة * وناديت في الحالين هل من مساعد
تمتعتما يا ناظري بنظرة * وأوردتما قلبي أمر الموارد
أعيني كفا عن فؤادي فإنه * من البغي سعي اثنين في قتل واحد
وله أيضا:
أحب المرء ظاهره جميل * لصاحبه وباطنه سليم
مودته تدوم لكل هول * وهل كل مودته تدوم
وهذا البيت يقرأ معكوسا، توفى بمدينة تستر سنة 544 (ثمد) والأرجاني
بفتح الهمزة وتشديد الراء المهملة نسبة إلى أرجان من اعمال تستر، وهي من
كور الأهواز من بلاد خوزستان، وأكثر الناس يقولون انها بالراء المخففة،
واستعملها المتنبي في شعره في مدح ابن العميد:
أرجان أيتها الجياد فإنه * عزمي الذي يذر الوشيج مكسرا
(الأردبادي)
العالم الفاضل الأديب البارع الشاعر المتبحر الخبير الميرزا محمد علي الأردبادي
النجفي دام علاه، رأيت بخطه انه ولد في 21 رجب سنة 1312، وأخذ العلم
عن والده ثم عن أساتذة العلم شيخ الشريعة الأصبهاني وحجة الاسلام الميرزا علي
20

آقا الشيرازي والبلاغي قدس الله تعالى أسرارهم، والشيخ الأجل الحاج الشيخ
محمد حسين الأصبهاني دام ظله، له تآليف ورسائل ومقالات كثيرة واشعار جيدة
ومن شعره في مدح أمير المؤمنين عليه السلام:
لقد وضح الهدى في يوم خم * ينوء بعبئه النبأ العظيم
فغضت طرفها عنه نمير * كما عن رشده ضلت تميم
وذكر في أحوال والده الفقيه الجليل انه العلامة ميرزا أبو القاسم بن محمد
تقي الأردبادي أحد فقهاء العصر الحاضر، ولد في ج 1 سنة 1274 وأخذ من
أساطين الدين غير أنه أتم دروسه العالية في النجف الأشرف لدى الاعلام المحقق
الفاضل الإيرواني، والفقيه الشيخ محمد حسين الكاظمي، والمولى على النهاوندي
وغيرهم رضوان الله عليهم أجمعين.
وله ما يناهز الخمسين مؤلفا في الفقه والأصولين وغير ذلك، توفى في 5 شعبان
سنة 1333 بهمدان في طريقه إلى مشهد الإمام الرضا عليه السلام، وأودع جثمانه هناك
ثم نقل إلى النجف الأشرف.
والأردبادي: نسبة إلى أردباد بلدة تقع في الحدود بين أذربيجان
وقوفاس قرب نهر أرس.
(الأردكاني)
الشيخ الأجل العلامة المولى حسين بن محمد بن إسماعيل الأردكاني الحائري
كان عالما جليلا مرجعا للتقليد، خرج من مجلسه جماعة من المجتهدين العظام،
مثل العلامة الجليل الميرزا محمد تقي الشيرازي والسيد الاجل السيد محمد الأصبهاني
والسيد حسن الكشميري، والميرزا مهدي الشيرازي وغيرهم.
وله الرواية عن عمه الفاضل المولى محمد تقي الأردكاني المتوفى سنة 1267
نزيل طهران والمدرس هناك بمدرسة الخان عن السيد الاجل حجة الاسلام الرشتي
21

الأصبهاني، وللمولى الأردكاني تصانيف في الطهارة والصلاة والمتاجر وغير ذلك،
توفى بكربلاء سنة 1302 ودفن بمقبرة أستاذه صاحب الضوابط.
(الأرقط)
محمد بن عبد الله بن الإمام زين العابدين علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب
عليهم السلام، وكان أبوه عبد الله يلقب بالباهر لجماله، قيل: ما جلس مجلسا
إلا بهر جماله وحسنه من حضر، وأمه أم أخيه محمد الباقر عليه السلام، وكان يلي
صدقات رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وصدقات أمير المؤمنين عليه السلام.
وكان فاضلا فقيها، وروى عن آبائه عن رسول الله صلى الله عليه وآله اخبارا كثيرة
وحدث الناس عنه، وحملوا عنه الآثار.
وكانت زوجة الأرقط أم سلمة بنت عمه الإمام محمد الباقر عليه السلام وهي أم إسماعيل
ابن الأرقط وهي التي علمها الصادق عليه السلام لشفاء إسماعيل ولدها ان تصعد إلى
فوق البيت بارزة إلى السماء وتصلي ركعتين وتقول: (اللهم إنك وهبته لي ولم
يك شيئا، اللهم وإني أستوهبكه مبتدئا فأعرنيه).
قال الفيروز آبادي في (ق) الرقطة بالضم سواد يشوبه نقط بياض أو عكسه
وقد أرقط وأرقاط فهو أرقط وهي رقطاء، والأرقط النمر، ومن الغنم
الأبغث (1)، ولقب حميد بن مالك الشاعر لآثار كانت بوجهه.
(الأرموي)
سراج الدين محمود بن أبي بكر بن أحمد الأرموي صاحب التحصيل مختصر
المحصول في أصول الفقه والمطارح في المنطق، وهو كتاب اعتنى الفضلاء بشأنه
ويهتمون ببحثه ودرسه، وشرحه قطب الدين الرازي، توفى سنة 682 (خفب).
والأرموي نسبة إلى أرمية من بلاد أذربيجان.

(1) البغثاء الرقطاء من الغنم (ق).
22

(الآزري)
الشيخ كاظم بن الحاج محمد الحاج مراد بن الحاج مهدي بن إبراهيم بن
عبد الصمد بن علي التميمي الآزري البغدادي مادح أهل البيت عليهم السلام،
الفاضل الكامل الشاعر الأديب الماهر المنشئ البليغ الذي تشهد لذلك قصيدته
الهائية المعروفة (لمن الشمس في قباب قباها).
يحكى انه كان العلامة الطباطبائي بحر العلوم يعظمه كثيرا لحسن مناظرته
مع الخصوم، وأخواه الشيخ محمد رضا والشيخ محمد يوسف أيضا كانا من
الاجلاء، وكذا ولدى الأخير الشيخ راضي والشيخ مسعود.
وتوفى الشيخ الآزري في غرة ج 1 سنة 1211 ببغداد، وقبره وكذا
مقبرة الجماعة المذكورة تجاه مقبرة السيد المرتضى (ره) بالكاظمية ينقل عن
المتتبع الخبير سيدنا الاجل السيد أبي محمد الحسن الصدر قدس سره انه قال إن
القصيدة الهائية كانت تزيد على ألف بيت، وكانت مكتوبة في طومار فأكلت
الأرضة جملة منها، ووقعت النسخة المأكولة بيد السيد صدر الدين العاملي،
فاستخرج منها الموجود المطبوع الذي خمسة الشيخ جابر الكاظمي.
ونقل شيخنا صاحب المستدرك في كتاب (شاخة طوبى) ان العلامة
المحقق الشيخ محمد حسن صاحب الجواهر كان يتمنى ان يكتب في ديوان عمله
القصيدة الهائية الأزرية، ويكتب الجواهر في ديوان الآزري مكان القصيدة،
ولنتبرك بذكر اشعاره في مدح أمير المؤمنين عليه السلام في قصة عمرو بن عبد ود قال:
ظهرت منه في الورى سطوات * ما أتى القوم كلهم ما أتاها
يوم غصت بجيش عمرو بن ود * لهوات الفلا وضاق فضاها
وتخطى إلى المدينة فردا * لا يهاب العدى ولا يخشاها
فدعاهم وهم ألوف ولكن * ينظرون الذي يشب لظاها
23

أين أنتم من قسور عامري * تتقي الأسد بأسه في شراها
أين من نفسه تتوق إلى الجنات * أو يورد الجحيم عداها
فابتدي المصطفى يحدث عما * يؤجر الصابرون في أخراها
قائلا إن للجليل جنانا * ليس غير المجاهدين يراها
من لعمرو وقد ضمنت على الله * له من جنانه أعلاها
فالتووا عن جوابه كسوام * لا تراها مجيبة من دعاها
فإذا هم بفارس قرشي * ترجف الأرض خيفة ان يطأها
قائلا ما لها سواي كفيل * هذه ذمة علي وفاها
ومشى يطلب البراز كما تمشي * خماص الحشي إلى مرعاها
فاقتضى مشرفية فتلقى * ساق عمرو بضربة فبراها
وإلى الحشر رنة السيف منه * يملأ الخافقين رجع صداها
يا لها ضربة حوت مكرمات * لم يزن ثقل اجرها ثقلاها
هذه من علاه إحدى المعالي * وعلى هذه فقس ما سواها
روى الخطب في أوائل باب اللام من (تاريخ بغداد) في أحوال لؤلؤ بن
عبد الله باسناده عن النبي صلى الله عليه وآله قال: مبارزة علي بن أبي طالب لعمرو بن عبد ود
يوم الخندق أفضل من عمل أمتي إلى يوم القيامة.
(الأزهري)
أبو منصور محمد بن أحمد بن الأزهر بن طلحة بن نوح بن أزهر الهروي
الشافعي اللغوي. ولد سنة 282، وأخذ من الربيع بن سليمان ونفطويه وابن
السراج وأدرك ابن دريد ولم يرو عنه، ورد بغداد وأسرته القرامطة، فبقي
فيهم دهرا طويلا ويسكن البادية، فاستفاد من مجاورتهم ألفاظا جمة، وكان
رأسا في اللغة، اخذ منه الهروي صاحب الغريبين، وله من التصانيف التهذيب
24

في اللغة، والتقريب في التفسير، وشرح شعر أبي تمام وغير ذلك، وله تصنيف
في غريب الألفاظ التي يستعملها الفقهاء، وكان عارفا بالحديث، وكان عالي الاسناد
توفى في ع 2 سنة 370 (شع).
والأزهري أيضا الشيخ خالد الأزهري بن عبد الله بن أبي بكر النحوي
صاحب المؤلفات المعروفة منها: التصريح بمضمون التوضيح وهو شرح على
أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك لابن هشام، وتمرين الطلاب في صناعة الاعراب
المشهور بمعرب الألفية، وله أيضا شرح الأزهرية، وشرح الأجرومية وشرح
البردة وغير ذلك، توفى بالقاهرة سنة 905 (ظه).
(الأسفرائني)
أبو حامد أحمد بن أبي طاهر محمد بن أحمد الفقيه الشافعي شيخ الشافعية
في العراق، قال الخطيب: قدم بغداد وهو حدث، فدرس فقه الشافعي على
أبى الحسن بن المرزبان، ثم على أبى القاسم الداركي، وأقام ببغداد مشغولا
بالعلم حتى صار أوحد وقته، وانتهت إليه الرئاسة وعظم جاهه عند الملوك
والعوام، وقال: كان ثقة قد رأيته غير مرة، وحضرت تدريسه في مسجد
عبد الله بن المبارك وهو المسجد الذي في صدر قطيعة الربيع، وسمعت من
يذكر انه كان يحضر درسه سبعمائة متفقه، وكان الناس يقولون لو رآه الشافعي
لفرح به إنتهى.
قيل: كان لا يخلو له وقت عن اشتغال، حتى أنه كان إذا برأ القلم قرأ
القرآن أو سبح، وكذلك إذا كان مارا في الطريق.
حكي انه قابله بعض الفقهاء في مجلس المناظرة بما لا يليق، ثم أتاه في الليل
معتذرا إليه فأنشده:
جفاء جرى جهرا لدى الناس وانبسط * وعذر أتى سرا فأكد ما فرط
25

ومن ظن أن يمحو جلي جفائه * خفي اعتذار فهو في أعظم الغلط
توفى سنة 406 (تو) ببغداد ودفن بها في داره، ثم نقل إلى باب حرب
وذلك بعد ما قدم بغداد ودرس الفقه بها ستا وثلاثين سنة.
قال الخطيب: وصليت على جنازته في الصحراء، وكان الامام في الصلاة
عليه أبو عبد الله المهتدي خطيب جامع المنصور، وكان يوما مشهودا بكثرة
الناس وعظم الحزن وشدة البكاء إنتهى.
وقد يطلق على ركن الدين أبى إسحاق إبراهيم بن محمد بن إبراهيم الفقيه
الشافعي المتكلم الأصولي الذي اخذ عنه الكلام عامة شيوخ نيسابور صاحب
كتاب (أصول الدين والرد على الملحدين).
يحكى عن صاحب ابن عباد انه كان إذا انتهى إلى ذكر ابن الباقلاني وابن
فورك والإسفرائني وكانوا متعاصرين من أصحاب أبي الحسن الأشعري قال
لأصحابه ابن الباقلاني بحر مغرق، وابن فورك صل مطرق، والإسفرائني نار
تحرق، توفى يوم عاشوراء سنة 418 (تيمح) بنيسابور ثم إلى إسفراين ودفن فيها
وإسفراين بكسر الهمزة وسكون السين وفتح الفاء بلدة بخراسان من نواحي نيسابور
(الإسكافي)
محمد بن أحمد بن الجنيد أبو علي الكاتب الإسكافي من أكابر علماء الشيعة الإمامية
، جيد التصنيف، فعن العلامة الطباطبائي بحر العلوم انه وصفه بقوله:
كان من أعيان الطائفة وأعاظم الفرقة وأفاضل قدماء الامامية وأكثرهم علما وفقها
وأدبا وتصنيفا، وأحسنهم تحريرا وأدقهم نظرا، متكلم فقيه محدث أديب
واسع العلم، صنف في الفقه والكلام والأصول والأدب وغيرها، تبلغ مصنفاته
عدى أجوبة مسائله من نحو خمسين كتابا، ثم عد كتبه ثم قال: وهذا الشيخ
على جلالته في الطائفة والرئاسة وعظم محله قد حكي عنه القول بالقياس، إلى أن
قال واختلفوا في كتبهم، فمنهم من أسقطها ومنهم من اعتبرها إنتهى.
26

وعن (جش) بعد أن وصفه بقوله: وجه في أصحابنا، ثقة جليل القدر
سمعت بعض شيوخنا يذكرانه كان عنده مال للصاحب عليه السلام وسيف أيضا وانه
أوصى به إلى جاريته فهلك ذلك إنتهى، قيل: مات بالري سنة 381 (شفا)،
يروي عنه المفيد وغيره.
وقد يطلب الإسكافي على الشيخ الأقدم أبي علي محمد بن أبي بكر همام بن
سهيل بن بيزان الإسكافي الكاتب المعاصر للشيخ الكليني، كان ثقة جليل القدر،
روى عنه التلعكبري وسمع منه وذكره (جش) وقال شيخ أصحابنا ومتقدمهم
له منزلة عظيمة كثير الحديث إنتهى.
له كتاب الأنوار في تاريخ الأئمة الأطهار عليه السلام، ذكره الخطيب البغدادي
في تاريخه وقال: انه أحد شيوخ الشيعة.
وقال: توفى في ج 2 سنة 332، وكان يسكن في سوق العطش، ودفن
في مقابر قريش إنتهى.
وقد يطلق على أبي جعفر محمد بن عبد الله المعتزلي، قال الخطيب في تاريخ
بغداد: محمد بن عبد الله أبو جعفر المعروف بالإسكافي أحد المتكلمين من معتزلة
البغداديين، له تصانيف معروفة، وكان الحسين بن علي الكرابيسي يتكلم معه
ويناظره، وبلغني انه مات في سنة 240 إنتهى.
والإسكافي نسبة إلى الإسكاف بالكسر من نواحي النهروان بين بغداد
وواسط، وعن ابن إدريس انه قال في السرائر عند ذكر ابن الجنيد وإنما قيل
له الإسكافي لأنه منسوب إلى إسكاف وهي النهروانات وبنو الجنيد متقدموها من
أيام كسرى إلى أن قال والمدينة يقال لها إسكاف بني الجنيد.
(الأسنبوي)
جمال الدين عبد الرحيم بن الحسن بن علي الأموي الشافعي صاحب الطبقات
الشافعية، وشرح منهاج البيضاوي، وشرح الألفية، اخذ الفقه عن السبكي
27

والقزويني والسنباطي (1) وغيرهم، وأخذ النحو عن أبي حيان والعلوم العقلية
عن التستري والقونوي، إليه انتهت رئاسة الشافعية بالديار المصرية، توفى سنة
772 (ذعب).
وقد يطلق على القاضي نور الدين إبراهيم بن هبة الله بن علي الأسنوي
النحوي صاحب بعض المختصرات، المتوفي سنة 731 (ذكا).
والأسنوي نسبة إلى أسنى، قال الفيروز آبادي: أسنى بالكسر ويفتح
بلد بصعيد مصر.
(الأسواني) انظر ابن الزبير الغساني
(الأشتر النخعي)
هو مالك بن الحارث النخعي المجاهد في سبيل الله، والسيف المسلول على
أعداء الله الذي مدحه سيد أولياء الله في كلمات منها قوله عليه السلام في كتابه إلى
أهل مصر (واني قد بعثت إليكم عبدا من عباد الله لا ينام أيام الخوف ولا ينكل
عن الأعداء، حذر الدوائر من أشد عبيد الله بأسا وأكرمهم حسبا، أضر
على الفجار من حريق النار، وأبعد الناس من دنس أو عار، وهو مالك بن
الحارث الأشتر، لا نأبى الضريبة ولا كليل الحد، حليم في الحذر، رزين في
الحرب، ذو رأي أصيل، وصبر جميل، فاسمعوا له وأطيعوا أمره الخ).
قال ابن أبي الحديد في وصفه: كان شديد الباس جوادا رئيسا حليما
فصيحا شاعرا، وكان يجمع بين اللين والعنف فيسطو في موضع السطوة ويرفق
في موضع الرفق.

(1) السنباطي: محمد بن عبد الحق الشافعي صاحب روضة الفهوم في
نظم نقابة العلوم.
28

وقال أيضا: كان حارسا شجاعا رئيسا من أكابر الشيعة وعظمائها شديد
التحقق بولاء أمير المؤمنين ونصره.
ثم ذكر بعض مما يتعلق به، ثم قال وقد روى المحدثون حديثا يدل
على فضيلة عظيمة للأشتر وهي شهادة قاطعة من النبي صلى الله عليه وآله بأنه مؤتمن (مؤمن ظ)
وهو قوله لنفر من أصحابه فيهم أبو ذر ليموتن أحدكم بفلاة من الأرض تشهده
عصابة من المؤمنين، وكان الذي أشار إليه النبي أبو ذر رضي الله عنه، وكان
ممن شهد موته حجر بن عدي، والأشتر نقل هذا عن كتاب الاستيعاب،
قال السيد علي خان في أنوار الربيع في صنعة القسم ومن الغايات في ذلك
قول مالك الأشتر رحمه الله تعالى:
بقيت وفري وانحرفت على العلى * ولقيت أضيافي بوجه عبوس
إن لم أشن على ابن هند غارة * لم تخل يوما من نهاب نفوس
خيلا كأمثال السعالى شزبا * تغدو ببيض في الكريهة شوس
حمي الحديد عليهم فكأنه * ومضان برق أو شعاع شموس
فتضمن هذا الشعر الوعيد بالقسم بما فيه الفخر العظيم من الجود والكرم
والشرف والسؤدد والبسالة والشجاعة، وهذا الرجل كان من أمراء أمير المؤمنين
علي بن أبي طالب عليه السلام شديد الشوكة على من خالف أمره - ويعني بابن هند
معاوية بن أبي سفيان -.
ولعمري لقد بر قسمه في صفين وأبلى بلاء لم يبله غيره، قال بعضهم
لقد رأيت الأشتر في يوم صفين مقتحما للحرب وفي يده صفيحة يمانية كأنها البرق
الخاطف إذا هو نكسها كادت تسيل من كفه وهو يضرب بها قدما كأنه طالب ملك
قال ابن أبي الحديد: لله أم قامت عن الأشتر، لو أن إنسانا يقسم ان الله
تعالى ما خلق في العرب ولا في العجم أشجع منه إلا أستاذه علي بن أبي طالب
عليه السلام لما خشيت عليه الاثم.
29

ولله در القائل وقد سئل عن الأشتر ما أقول في رجل هزمت حياته أهل الشام
، وهزم موته أهل العراق.
وبحق ما قال فيه أمير المؤمنين عليه السلام: كان الأشتر لي كما كنت
لرسول الله صلى الله عليه وآله إنتهى.
وقال أمير المؤمنين عليه السلام: وليت فيكم مثله اثنان، بل ليت فيكم
مثله واحد يرى في عدوي مثل رأيه.
وتقدم في أبو دجانة: ان الأشتر أحد الذين يخرجون مع القائم عليه السلام
ويكونون بين يديه أنصارا وحكاما.
وقال ابن خلكان قال عبد الله بن الزبير: لاقيت الأشر النخعي يوم الجمل
فما ضربته ضربة حتى ضربني ستا أو سبعا، ثم اخذ برجلي والقاني في الخندق
وقال: قال أبو بكر بن أبي شيبة أعطت عائشة الذي بشرها بسلامة ابن الزبير لما
لاقى الأشتر النخعي عشرة آلاف درهم.
وقيل أيضا: ان الأشتر دخل على عائشة (رض) بعد وقعة الجمل فقالت
له: يا اشتر أنت الذي أردت قتل ابن أختي يوم الوقعة فأنشدها:
أعايش لولا انني كنت طاويا * ثلاثا لألفيت ابن أختك هالكا
فنجاه مني أكله وشبابه * وخلوة جوف لم يكن متماسكا
وقال زهير بن قيس: دخلت مع ابن الزبير الحمام فإذا في رأسه ضربة لو
صب عليه قارورة دهن لاستقر فقال لي: أتدري من ضربني هذه الضربة؟ قلت
لا قال: ابن عمك الأشتر النخعي إنتهى.
استشهد (ره) سنة 38 بالسم بخدعة ابن نافع مولى عثمان بالقلزم وهو
من مصر على ليلة روي أنه لما قتل الأشتر كان لمعاوية عين بمصر فكتب إليه بهلاك
الأشتر فقام معاوية خطيبا في أصحابه فقال: ان عليا كان له يمينان قطعت
إحداهما بصفين - يعني عمارا.
30

والأخرى اليوم ان الأشتر مر بأبلة متوجها إلى مصر فصحبه نافع مولى
عثمان فخدمه وألطفه حتى أعجبه واطمأن إليه فلما نزل القلزم أحضر له شربة من
عسل بسم فسقاها له فمات، ألا وان لله جنودا من عسل.
(أقول) وابنه إبراهيم بن الأشتر أبو النعمان كان كأبيه سيد نخع
وفارسها شجاعا شهما مقداما رئيسا، عالي النفس بعيد الهمة شاعرا فصيحا
مواليا لأهل البيت عليهم السلام.
وقال الفقيه ابن نما في رسالة شرح الثأر فنهض المختار (أي لاخذ الثأر)
نهوض الملك المطاع، ومد إلى أعداء الله يدا طويلة الباع فهشم عظاما تغذت
بالفجور، وقطع اعطاء أنشأت على الخمور، وحاز إلى فضيلة لم يرق إلى شعاف
شرفها عربي ولا عجمي، وأحرز منقبة لم يسبقه إليها هاشمي.
وكان إبراهيم بن مالك الأشتر مشاركا له في هذه البلوى، ومصدقا على
الدعوى، ولم يك إبراهيم شاكا في دينه ولا ضالا في اعتقاده ويقينه، والحكم
فيهما واحد.
وقال أيضا: وكان إبراهيم رحمه الله ظاهر الشجاعة واري زناد الشهامة
نافذ حد الضرامة، مشمرا في محبة أهل البيت عن ساقيه متلقيا راية النصح لهم
بكلتى يديه الخ.
وقال في وقعة خازر وقتله ابن زياد وحاز إبراهيم فضيلة هذا الفتح وعاقبة
هذا المنح الذي انتشر في الأقطار ودام دوام الاعصار، ولقد أحسن عبد الله
ابن الزبير الأسدي يمدح إبراهيم الأشتر فقال:
الله أعطاك المهابة والتقى * وأحل بيتك في العديد الأكثر
وأقر عينك يوم وقعة خازر * والخيل تعثر في القنا المتكسر
من ظالمين كفتهم أيامهم * تركوا لجاحلة وطير أعثر
ما كان أجرأهم جزاهم ربهم * يوم الحساب على ارتكاب المنكر
31

وقال أيضا ولقد أجاد أبو السفاح الزبيدي بمدحته إبراهيم وهجائه ابن زياد فقال:
أتاكم غلام من عرانين مذحج * جري على الأعداء غير نكول
الأبيات إلى قوله:
جزى الله خيرا شرطة الله انهم * شفوا بعبيد الله كل غليل
إنتهى
وعن تاريخ الطبري: انه (أي إبراهيم) كان يمر على أصحاب الرايات
في وقعة الخازر ويقول: يا أنصار الدين وشيعة الحق وشرطة الله هذا عبيد الله
ابن مرجانة قاتل الحسين بن علي بن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حال بينه وبين
بناته وشيعته وبين ماء الفرات ان يشربوا منه وهم ينظرون إليه، ومنعه ان يأتي
ابن عمه فيصالحه ومنعه ان ينصرف إلى رحله وأهله، ومنعه الذهاب في الأرض
العريضة حتى قتله وقتل أهل بيته، فوالله ما عمل فرعون بنجباء بني إسرائيل
ما عمل ابن مرجانة بأهل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله (الذين أذهب الله عنهم الرجس
وطهرهم تطهيرا)، قد جاءكم الله به وجاءه بكم، فوالله اني لأرجو ان لا يكون
الله جمع بينكم في هذا الموطن وبينه إلا ليشفي صدور كم بسفك دمه على أيديكم فقد
علم الله انكم خرجتم غضبا لأهل بيت نبيكم إنتهى.
قيل: ولما كان (رض) مجدا في قمع أصول الأمويين واجتياحهم مال إلى
مصعب بن الزبير وبالغ في قتال أهل الشام حتى قتل بدير جاثليق من مسكن سنة 72
(الأشج العبدي)
هو منذر بن عائد، وكان عمرو بن قيس ابن أخته، وهو أول من أسلم
من ربيعة، وذلك أن الأشج بعثه إلى رسول الله صلى الله عليه وآله ليعلم علمه فلما لقي
النبي صلى الله عليه وآله وأتى الأشج فأخبره بأخباره فأسلم الأشج وأتى رسول الله وقال: ان
فيك خلقين يحبهما الله تعالى: الحلم، والحياء، كذا في المعارف لابن قتيبة.
32

وقد يطلق الأشج على عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم بن أبي العاص
ابن أمية يعرف بأشج بني أمية لضربة من دابة في وجهه، كانت أمه أم عاصم
بنت عاصم بن عمر بن الخطاب.
قال الدميري: هو أول من اتخذ دار الضيافة من الخلفاء، وأول من
فرض لأبناء السبيل، وأزال ما كانت بنو أمية تذكر به عليا عليه السلام على المنابر،
وجعل مكان ذلك قوله تعالى: (ان الله يأمر بالعدل والاحسان) الآية،
وقال فيه كثير عزة:
وليت ولم تسبب عليا ولم تحف * مريبا ولم تقبل مقالة مجرم
وصدقت بالقول الفعال مع الذي * أتيت فأمسى راضيا كل مسلم
فما بين شرق الأرض والغرب كلها * مناد ينادي من فصيح وأعجم
يقول أمير المؤمنين ظلمتني * بأخذك ديناري وأخذك درهمي
وكتب إلى عماله ان لا يقيدوا مسجونا بقيد فإنه يمنع من الصلاة،
وكتب أيضا إذا دعتكم قدرتكم على الناس إلى ظلمهم فاذكروا قدرة الله تعالى
عليكم ونفاذ ما تأتون إليه، وبقاء ما يأتي إليكم من العذاب بسببهم إلى غير ذلك
توفى بدير سمعان من أرض حمص سنة 101 (قا)، ورثاه السيد الرضي
رضي الله عنه بقوله:
يا بن عبد العزيز لو بكت العين * فتى من أمية لبكيتك
أنت نزهتنا عن السب والشتم * فلو أمكن الجزا لجزيتك
دير سمعان لا أغبك غاد * خير ميت من آل مروان ميتك
في البحار: ان عمر بن عبد العزيز رد فدك على ولد فاطمة عليها السلام،
فاجتمع عنده قريش ومشايخ أهل الشام من علماء السوء وقالوا له: نقمت على
الرجلين فعلهما وطعنت عليهما ونسبتهما إلى الظلم والغصب فقال قد صح عندي
وعندكم ان فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ادعت فدك وكان في يدها وما كانت
33

لتكذب على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) مع شهادة علي عليه السلام وأم أيمن وأم سلمة وفاطمة
عليها السلام عندي صادقة فيما تدعي وإن لم تقم البينة وهي سيدة نساء أهل الجنة فأنا
اليوم أرد على ورثتها أتقرب بذلك إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأرجو ان تكون
فاطمة والحسن والحسين عليهم السلام يشفعون لي يوم القيامة، ولو كنت بدل أبي بكر
وادعت فاطمة كنت أصدقها على دعواها، فسلمها إلى الباقر عليه السلام.
وفي رواية الشافي قال: ان فدك كانت صافية في عهد أبى بكر وعمر، ثم
صار أمرها إلى مروان فوهبها لأبي عبد العزيز فورثتها أنا وأخوتي فسألتهم
ان يبيعوني حصتهم منا، فمنهم من باعني ومنهم من وهب لي حتى استجمعتها
فرأيت أن أردها على ولد فاطمة " عليه السلام ".
(الأشعث بن قيس الكندي)
قال ابن قتيبة في المعارف: ان اسمه معد يكرب بن قيس وسمي أشعث
لشعث رأسه، وهو من كندة، وكانت مراد قتلت أباه فخرج ثائرا بأبيه
فأسر ففدي نفسه بثلاثة آلاف بعير، ووفد إلى النبي (صلى الله عليه وآله) في سبعين رجلا من
كندة فأسلم.
ويكنى أبا محمد، ولما قبض رسول الله (صلى الله عليه وآله) أبى ان يبايع أبا بكر فحاربه
عامل أبي بكر حتى استأمنه على حكم أبى بكر وبعث به إليه فسأل أبا بكر ان
يستبقيه لجزية، وزوجه أخته أم فروة ففعل ذلك أبو بكر، ومات سنة 40،
وابنه عبد الرحمان بن محمد بن الأشعث الذي خرج على الحجاج وخرج معه
القراء والعلماء إنتهى.
أقول: ان ما ورد في ذم الأشعث أكثر من أن يذكر، وفي كلمات
أمير المؤمنين عبر عنه بابن الخمارة وعرف النار (عنق النار خ ل)، وقال عليه السلام:
ان الأشعث لا يزن عند الله جناح بعوضة، وانه أقل في دين الله من عفطة عنز
34

وفي نهج البلاغة انه عليه السلام كان على منبر الكوفة يخطب فمضى في بعض كلامه
شئ اعترضه الأشعث فقال: يا أمير المؤمنين هذه عليك لا لك، فخفض عليه السلام
إليه بصره ثم قال له: وما يدريك ما علي مما لي عليك لعنة الله ولعنة اللاعنين
حائك ابن حائك منافق ابن كافر، والله لقد أسرك الكفر مرة والاسلام أخرى
وعن الخرايج للقطب الراوندي روى أن الأشعث استأذن على علي فرده قنبر
فأدمى أنفه فخرج علي وقال: ما ذاك يا أشعث؟ أما والله لو بعبد ثقيف مررت
لاقشعرت شعيرات استك، قال: ومن غلام ثقيف؟ قال غلام يليهم لا يبقى
بيت من العرب إلا أدخلهم الذل، قال: كم يلي؟ قال عشرين ان بلغها،
قال الراوي: ولي الحجاج سنة خمس وسبعين ومات سنة خمس وتسعين، قال
ابن أبي الحديد: كل فساد كان في خلافة أمير المؤمنين عليه السلام وكل اضطراب
حدث فأصله الأشعث.
وروى الشيخ الكليني (ره) عن أبي عبد الله " عليه السلام " قال: ان الأشعث
ابن قيس شرك في دم أمير المؤمنين " عليه السلام "، وابنته جعدة سمت الحسن " عليه السلام "
ومحمدا ابنه شرك في دم الحسين " عليه السلام ".
(الأشعري)
بفتح الهمزة وسكون الشين وفتح العين المهملة نسبة إلى اشعر، واسمه
نبت بن أدد بن زيد بن يشجب، وإنما قيل له اشعر لان أمه ولدته، والشعر
على بدنه كذا عن السمعاني، وينسب إليه علي بن إسماعيل بن أبي بشر رئيس
الطائفة الأشعرية الذي تقدم في أبو الحسن الأشعري، وفي فهرست ابن النديم
الأشعري أبو جعفر محمد بن أحمد بن يحيى بن عمران الأشعري من علماء الشيعة
والروايات والفقه، وله من الكتب كتاب الجامع كتاب النوادر كتاب ما نزل
من القرآن في الحسين بن علي عليه السلام رواه أبو علي بن همام الإسكافي.
35

(الأشموني)
أبو الحسن نور الدين علي بن محمد الشافعي صاحب التأليفات الجليلة في
النحو والمنطق، منها شرح ألفية ابن مالك، كان من أجلة مشايخ عصره،
توفي سنة 900 (ظ).
(الأشناني)
أبو بكر محمد بن عبد الله بن إبراهيم بن ثابت ذكره الخطيب البغدادي
وقال: كان كذابا يضع الحديث، ثم نقل عنه بعض ما رواه من الأحاديث
الباطلة، منها ما رواه عن ابن عمر قال: رأيت النبي صلى الله عليه وآله متكئا على علي بن
أبي طالب وإذا أبو بكر وعمر قد أقبلا فقال له: يا أبا الحسن أحبهما فبحبهما
ندخل الجنة، واستدل الخطيب على بطلان هذا الخبر بأنه قد ذكر في سنده
حدثنا سري بن مغلس السقطي سنة 271، وان سريا مات سنة 253 ولا نعلم
خلافا في ذلك.
وذكر أيضا من الأحاديث الباطلة عنه ما رواه عن البراء بن عازب عن
النبي صلى الله عليه وآله قال: ان الله اتخذ لأبي بكر في أعلى عليين قبة من ياقوتة بيضاء معلقة
بالقدرة تخترقها رياح الرحمة للقبة أربعة آلاف باب كلما اشتاق أبو بكر إلى الله
انفتح منها باب ينظر إلى الله عز وجل إلى غير ذلك.
(الإصطخري)
أبو سعيد الحسن بن أحمد بن يزيد الفقيه قاضي قم سمع جمعا كثيرا من
المشايخ، وروى عنه محمد بن المظفر والدار قطني وابن شاهين والقواس ونظراؤهم
قال الخطيب: كان الإصطخري أحد الأئمة المذكورين، ومن شيوخ الفقهاء
الشافعيين، وكان ورعا زاهدا متقللا.
ثم روى عن أبي إسحاق المروزي انه سئل الإصطخري عن المتوفي عنها
36

زوجها إذا كانت حاملا هل يجب لها النفقة؟ فقال: نعم، فقيل له هذا مذهب
الشافعي فلم يصدق فأروه كتابه فلم يرجع وقال: إن لم يكن مذهبه فهو
مذهب على وابن عباس.
قال الطبري وحكى عن الداركي انه قال: ما كان أبو إسحاق المروزي يفتي
بحضرة أبي سعيد الإصطخري إلا باذنه إنتهى.
له مصنفات في الفقه، منها كتاب الأقضية، وكان قاضي قم، وتولى
حسبة بغداد، توفى سنة 328 (شكح) والاصطخري بالكسر نسبة إلى إصطخر
من بلاد فارس.
(الأصمعي)
عبد الملك بن قريب (بالقاف مصغرا) ابن عبد الملك بن علي بن اصمع (1)
البصري اللغوي النحوي صاحب النوادر والملح، والمنقول عن حاله انه كان ظريفا
مفاكها، خفيف الروح مليح الطبع، لا تتمكن من نفسه الغموم والهموم
ولهذا يقال: انه لم يظهر عليه أثر الشيبة إلى أن بلغ ستين سنة، ولم يمت حتى
ناهز عمره التسعين، توفى حدود سنة 216.
وكان في أوائل امره معسرا شديد الفاقة حتى اتصل بالرشيد وحسن حاله،
وكان يرتجل كثيرا من الاخبار المضحكة والأقاصيص المستغربة، وكان حسن
العبارة حتى قيل في حقه انه يبيع البعرة في سوق الدرة بعكس أبى عبيدة قدم
بغداد في أيام الرشيد مع أبي عبيدة فقيل لأبي نواس ذلك فقال: أما أبو عبيدة
فإذا أمكنوه قرأ عليهم اخبار الأولين والآخرين، وأما الأصمعي فبلبل
يطربهم بنغماته.

(1) عن كامل المبرد، انه كان أصمع بن مظهر جد الأصمعي قطعه علي " عليه السلام "
في السرقة فكان الأصمعي يبغضه.
37

وحكي انه كان شديد الحفظ يحفظ اثني عشرة الف أرجوزة، وإذا انتقل
حمل كتبه في ثمانية عشر صندوقا، ولما تولى المأمون كان الأصمعي قد عاد إلى
البصرة فاستقدمه فاعتذر بضعفه وشيخوخته، فكان المأمون يجمع المشكل من
المسائل ويسيرها إليه فيجيب عنها.
أقول وذكره الخطيب في تاريخه وأثنى عليه، وروي عن المبرد أنه يقول كان
أبو زيد الأنصاري صابح لغة وغريب ونحو، وكان أكثر من الأصمعي في
النحو، وكان أبو عبيدة اعلم من أبي زيد والأصمعي بالأنساب والأيام والاخبار
وكان الأصمعي بحرا في اللغة لا يعرف مثله فيها وفي كثرة الرواية، وكان دون
أبي في النحو قلت: وقد جمع الفضل بن الربيع بين الأصمعي وأبي عبيدة في
مجلسه، وروى الخطيب أيضا انه سأل الرشيد عن بيت الراعي:
قتلوا ابن عفان الخليفة محرما * ودعا فلم أر مثله مخذولا
ما معنى محرما؟ فقال الكسائي: أحرم بالحج، فقال الأصمعي: والله ما
كان أحرم بالحج، ولا أراد الشاعر انه أيضا في شهر حرام فيقال: أحرم
إذا دخل فيه. كما يقال أشهر إذا دخل في الشهر، وأعام إذا دخل في العام،
فقال الكسائي: ما هو غير هذا وفيما أراد، فقال الأصمعي: ما أراد عدي
ابن زيد بقوله:
قتلوا كسرى بليل محرما * فتولى لم يمتع بكفن
أي أحرم كسرى، فقال الرشيد: فما المعنى؟ قال: كل من لم يأت
شيئا يوجب عليه عقوبة فهو محرم لا يحل شئ منه، فقال الرشيد: ما تطاق
في الشعر يا أصمعي، ثم قال لا تعرضوا للأصمعي في الشعر إنتهى
توفى بالبصرة سنة 216 أو ما يقارب منه، وقد بلغ 88 سنة، قال
ابن خلكان قال أبو العينا: كنا في جنازة الأصمعي فحدثني أبو قلابة حبيش بن
عبد الرحمان الجرمي الشاعر فأنشدني لنفسه:
38

لعن الله أعظما حملوها * نحو دار البلى على خشبات
أعظما تبغض النبي وأهل البيت * والطيبين والطيبات
وقال أيضا: ومكان جد الأصمعي علي بن أصمع سرق بسفوان وهو موضع
بالبصرة فأتوا به علي بن أبي طالب عليه السلام فقال: جيئوني بمن يشهد انه أخرجها من
الرحل قال فشهد عليه بذلك عنده فأمر به فقطع من أشاجعه فقيل له يا أمير المؤمنين
ألا قطعته من هذه؟ فقال: يا سبحان الله كيف يتوكأ كيف يصلي كيف
يأكل؟ فلما قدم الحجاج بن يوسف الثقفي البصرة أتاه علي بن أصمع فقال أيها
الأمير ان أبوي عقياني فسمياني عليا فسمني أنت، فقال: ما أحسن ما توسلت
به قد وليتك اسمك البارجاه، وأجريت لك في كل يوم دانقين فلوسا، ووالله
لئن تعديتهما لأقطعن ما أبقاه على من يدك إنتهى.
قال المسعودي في مروج الذهب في اخبار سليمان بن عبد الملك بن مروان
ما هذا لفظه وكان شبعه أي شبع سليمان في كل يوم من الطعام مائة رطل بالعراقي
وكان ربما أتاه الطباخون بالسفافيد التي فيها الدجاج المشوية وعليه الوشي المثقلة
فلنهمه وحرصه على الاكل يدخل يده في كمه حتى يقبض على الدجاجة وهي
حارة فيفصلها.
وذكر الأصمعي قال: ذكرت للرشيد نهم سليمان وتناوله الفراريج
بكمه من السفافيد فقال: قاتلك الله ما أعلمك بأخبارهم إنه لما عرضت علي جباب
بني أمية فنظرت إلى جباب سليمان وإذا كل جبة منها في كمها أثر دهن فلم أدر
ما ذلك حتى حدثتني بالحديث، ثم قال علي بجباب سليمان فأتى بها فنظرنا فإذا
تلك الآثار فيها ظاهرة فكساني منها جبة، فكان الأصمعي ربما يخرج أحيانا
فيها فيقول: هذه جبة سليمان التي كسانيها الرشيد.
وذكر ان سليمان خرج من الحمام ذات يوم وقد اشتد جوعه فاستعجل الطعام
ولم يكن فرغ منه فأمر ان يقدم ما لحق من الشواء فقدم إليه عشرون خروفا
39

فأكل أجوافها كلها مع أربعين رقاقة، ثم قرب بعد ذلك الطعام فأكل مع ندمائه
كأنه لم يأكل شيئا.
وحكي عن جعفر بن يحيى البرمكي انه ركب ذات يوم وأمر خادما له ان
يحمل ألف دينار وقال سأجعل طريقي على الأصمعي فإذا حدثني فرأيتني ضحكت
فأجعلها بين يديه، ونزل جعفر على الأصمعي فجعل يحدثه بكل أعجوبة ونادرة
تطرب وتضحك فلم يضحك، وخرج من عنده فقيل له رأينا منك عجبا فقد
حركك بكل مضحكة فلم تضحك وليس من عادتك ان ترد إلى بيت مالك ما قد
خرج عنه فقال: انه قد وصل إليه من أموالنا مائة ألف درهم قبل هذه المرة
فرأيت في داره خباء مكسورا وعليه دراعة خلق ومقعدا وسخا وكل شئ
عنده رثا وأنا أرى ان لسان النعمة أنطق من لسانه، وان ظهور الصنيعة أمدح
وأهجى من مدحه وهجائه فعلى أي وجه أعطيه إذا كانت الصنيعة لم تظهر عنده،
ولم تنطق النعمة بالشكر عنه.
(الأصم)
أبو عبد الرحمان حاتم بن عنوان البلخي كان أحد من عرف بالزهد والتقلل
واشتهر بالورع والتقشف، ولم يكن اصم بل تصامم.
وله حكاية في وجه تلقبه بذلك، وحاصلها انه كانت امرأة تسأله عن
شئ فخرج منها ريح بصوت فخجلت فقال لها: ارفعي صوتك حتى اسمع وأرى
من نفسه انه اصم، فسرت المرأة وزال خجلها فغلب عليه هذا الاسم.
وله كلمات في الزهد والحكم (منها) قوله: العجلة من الشيطان إلا في
خمس: إطعام الطعام إذا حضر ضيف، وتجهيز الميت إذا مات، وتزويج البكر
إذا أدركت، وقضاء الدين إذا وجب، والتوبة من الذنب إذا أذنب.
(ومنها) قوله: لا تغتر بموضع صالح فلا مكان أصلح من الجنة فلقى
40

آدم منها ما لقى، ولا تغتر بكثرة العبادة فان إبليس بعد طول تعبده لقي ما لقي،
ولا تغتر بكثرة العلم فان بلعام بن باعورا كان يحسن اسم الله الأعظم فانظر ما لقي
توى بخراسان في حدود سنة 237 (لرز).
واعلم أن أستاذ الأصم كان شقيق البلخي، وهو أبو علي شقيق بن إبراهيم
البلخي الذي صاحب إبراهيم بن أدهم وأخذ عنه الطريقة.
حكي ان شقيقا في أول أمره كان ذا ثروة عظيمة كثير الاسفار للتجارة
فدخل سنة من السنين إلى بلاد الترك فدخل إلى بيت أصنامهم فقال لعالمهم: ان
هذا الذي أنت فيه باطل، وان لهذا الخلق خالق ليس كمثله شئ وهو السميع
العليم، وهو رازق كل شئ، فقال له: إن قولك هذا لا يوافق فعلك فقال
شقيق: وكيف ذلك؟ فقال: زعمت أن لك خالقا رازقا وقد تعنيت السفر
إلى هنا لطلب الرزق، فلما سمع شقيق منه هذا الكلام رجع وتصدق بجميع ما
يملكه ولازم العلماء والزهاد إلى أن مات، وكانت وفاته سنة 153، وهو الذي
رأى من دلائل موسى بن جعفر عليه السلام ما روته العامة والخاصة، ونظمه بعض
الشعراء بقوله:
سل شقيق البلخي عنه بما شاهد * منه وما الذي كان أبصر
قال لما حججت عاينت شخصا * ناحل الجسم شاحب اللون أسمر
سائرا وحده وليس له زاد * فما زلت دائبا أتفكر
وتوهمت انه يسأل الناس * ولم أدر انه الحج الأكبر
ثم عاينته ونحن نزول * دون فيد على الكثيب الأحمر
يضع الرمل في الاناء ويشربه * فناديته وعقلي محير
اسقني شربة فلما سقائي * منه عاينته سويقا وسكر
فسألت الحجيج من يك هذا * قيل هذا الإمام موسى بن جعفر
41

(الأطروش) انظر الناصر الكبير
(الأعسم)
يطلق على جماعة منهم عمرو بن محمد بن الحسن الزمن، ذكره الخطيب في
تاريخ بغداد، وقال بصري: سكن بغداد وحدث بها، ثم ذكر مشايخه منهم
فضيل بن مرزوق وإسماعيل بن عياش وغيرهما.
والأعسم في عصرنا يطلق على محمد علي بن الحسين بن محمد الأعسم النجفي
الزبيدي الشيخ العالم الفاضل من أعيان العلماء وكبار الشعراء، حضر على جماعة
من الفقهاء منهم العلامة الطباطبائي بحر العلوم (قده) وكان من ندمائه وجلسائه،
وله منظومة في المطاعم والمشارب، ومنظومة في المواريث ومنظومة في الرضاع
وغير ذلك، وله مراث في الحسين عليه السلام كثيرة، ومن شعره تخميس أبيات الشيخ
حسين نجف رحمه الله تعالى:
يا بن عم النبي فيك الصفات * خرقت عادة الورى معجزات
لخصوص النبي فيك سمات * لم تشاركك في صفاتك ذات
غير من كنت نفسها وأخاها
لم شمل الهدى وكان شتاتا * وبه المسلمون زادوا ثباتا
حاصل الأمران كساهم حياة * ملة الحق قبل كان مواتا
وعلي بسيفه أحياها
كم محى ملة رأى الكفر فيها * فانمحت لا ترى سوى واصفيها
قتل الشرك قتلة مشركيها * وأباد الأوثان مع عابديها
وأتى رسم دارها فمحاها
كم كفى المسلمين خطبا ملما * وجلى عنهم الدجى المدلهما
قد جلاه بنوره فاستتما * واستغاثت به الشريعة مما
حل فيها من الأذى فحماها
42

توفى سنة نيف و 1230 (غرل) فخلفه في كل مزية له ولد الشارح لمنظوماته
علم الاعلام ومروج الاحكام العالم الفاضل الكامل الشيخ عبد الحسين، وكان
من تلامذة المحقق المقدس الأعرجي.
توفى رحمه الله سنة 1247 (غرمز) ودفن عند أبيه في النجف الأشرف
في مقبرتهم المنتسبة إليهم في الصحن المقدس، ولا يخفى انه غير أعثم الكوفي محمد
ابن علي صاحب الفتوح المعروف فإنه بالثاء المثلثة كما تراه في الكتب، وأقدم
منه بزمان كثير، فإنه توفى في حدود سنه 314.
(الأعشى)
لقب لجمع من الشعراء منهم أعشى قيس الذي يقال له الأعشى الكبير وهو
أبو بصير ميمون بن قيس بن جندل الأسدي أحد المعروفين من شعراء الجاهلية
وفحولهم، يحكى انه سئل يونس النحوي من اشعر الناس؟ فقال: لا أومي إلى
رجل بعينه ولكن أقول امرء القيس إذا ركب والنابغة إذا رهب وزهير إذا رغب
والأعشى إذا طرب، وكانت العرب تعنى بشعر الأعشى، سكن الحيرة وكان يتردد
على النصارى فيها يأتيهم ويشتري الخمر منهم، له ديوان شعر ولا ميته معروفة،
وله هذا الشعر في الحث على كرم الأخلاق:
تبيتون في المشتى ملاء بطونكم * وجاراتكم غرثى يبتن خمائصا
وله قصيدة قالها في معاقرة علقمة بن علاثة وعامر بن الطفيل
وتمثل أمير المؤمنين عليه السلام في الخطبة الشقشقية ببيت من هذه القصيدة
وهو قوله:
شتان ما يومى على كورها * ويوم حيان أخي جابر
أرمي بها البيداء إذ هجرت * وأنت بين القرو والعاصر
في مجدل شيد بنيانه * بزل عنه ظفر الطائر
43

ومنهم أعشى باهلة وهو الذي قتله الحجاج بن يوسف الثقفي، وقد أخبر عن
ذلك أمير المؤمنين عليه السلام نقل عن شرح النهج لابن أبي الحديد عن إسماعيل
ابن رجا ان أمير المؤمنين " عليه السلام " كان يخطب ويذكر الملاحم فقام أعشى باهلة
وهو يومئذ غلام حدث إلى أمير المؤمنين " عليه السلام " فقال: يا أمير المؤمنين ما أشبه
هذا الحديث بحديث خرافة، فقال " عليه السلام ": إن كنت آثما فيما قلت يا غلام
فرماك الله بغلام ثقيف، ثم سكت فقالوا: ومن غلام ثقيف يا أمير المؤمنين؟
قال: غلام يملك بلدتكم هذه لا يترك لله حرمة إلا انتهكها يضرب عنق هذا
الغلام بسيفه، فقالوا: كم يملك يا أمير المؤمنين؟ قال: عشرين إن بلغها،
قالوا: فيقتل قتلا أم يموت موتا؟ قال: بل يموت حتف أنفه بداء البطن
يثقب سريره لكثرة ما يخرج من جوفه.
قال إسماعيل بن رجا: فوالله لقد رأيت بعيني أعشى باهلة وقد أحضر
في جملة الأسرى الذين أسروا من جيش عبد الرحمان بن الأشعث بين يدي الحجاج
فقرعه ووبخه واستنشد شعره الذي يحرض فيه عبد الرحمان على الحرب ثم ضرب
عنقه في هذا المجلس، أقول: قد تقدم في ابن الحجاج الإشارة إلى الحجاج
ابن يوسف الثقفي.
(الأعلم النحوي)
أبو الحجاج يوسف بن سليمان بن عيسى الأندلسي، رحل إلى قرطبة سنة 433
وأقام بها مدة، وأخذ عن جماعة من علمائها، وكان عالما بالعربية واللغة ومعاني
الاشعار، وقد أخذ عنه النسائي وغيره، وكف بصره في آخر عمره، له شرح
الجمل للزجاجي وغيره، توفى سنة 476 (تعو)، والأعلم مشقوق الشفة العليا
وقد يطلق الأعلم على أبي إسحاق إبراهيم بن قاسم البطليوسي النحوي
44

الأديب الشاعر صاحب تاريخ بطليوس الذي هو من بلاد جزيرة الأندلس،
توفى سنة 642 أو 646.
(الأعمش)
أبو محمد سليمان بن مهران الأسدي مولاهم الكوفي معروف بالفضل والثقة
والجلالة والتشيع والاستقامة، العامة أيضا يثنون عليه مطبقون على فضله وثقته
مقرون بجلالتهم مع اعترافهم بتشيعه، وقرنوه بالزهري ونقلوا عنه نوادر كثيرة
بل صنف ابن طولون الشامي كتابا في نوادره سماه الزهر الأنعش في نوادر الأعمش
فمما يحكى من نوادره: انه جلس يوما في موضع فيه خليج من ماء المطر وعليه
فروة خلقة فجاءه رجل وقال: قم عبرني هذا الخليج وجذب بيده فأقامه وركبه
وقال: (سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين) فمضى به الأعمش حتى
توسط الخليج ورمى به وقال: (وقل رب أنزلني منزلا مباركا وأنت خير
المنزلين)، ثم خرج وتركه يتخبط في الماء (في ضا).
ذكر ابن خلكان انه كان ثقة عالما فاضلا، وكان أبوه من دماوند التي
هي ناحية من رساتيق الري في الجبال، وكان يقاس بالزهري في الحجاز ورأى
انس بن مالك وكلمه لكنه لم يرزق السماع عليه.
وروى عن عبد الله بن أبي أوفى حديثا واحدا (1)، ولقى كبار التابعين
وروى عنه سفيان الثوري وشعبة بن الحجاج وحفص بن غياث وخلق كثير
من جلة العلماء.
وكان لطيف الخلق مزاحا، جاءه أصحاب الحديث يوما ليسمعوا عليه
فخرج إليهم وقال: لولا أن في منزلي من هو أبغض إلي منكم ما خرجت إليكم
وجرى بينه وبين زوجته كلاما يوما فدعا رجلا ليصلح بينهما فقال لها الرجل:

(1) وفي تاريخ الخطيب وروى عن عبد الله بن أبي أوفى مرسلا.
45

لا تنظري عمش عينيه وحموشة ساقيه فإنه إمام وله قدر، فقال له: أخزاك الله
ما أردت إلا ان تعرفها عيوبي.
وحكى انه قد عاده يوما جماعة فأطالوا الجلوس عنده فضجر منهم فأخذ
وسادته فقام وقال: شفى الله مريضكم بالعافية، أقول قد نظم بعض آداب
عيادة المريض فقال:
لا تضجرن مريضا جئت عائده * ان العيادة يوم أثر يومين
بل سل عن حاله وادع الاله له * واقعد بقدر فواق بين حلبين
من زار غبا أخا دامت مودته * وكان ذاك صلاحا للخليلين
وعن رجال الشيخ فرج الله الحويزي في ترجمة عبيد بن نضلة قال ابن الأعمش
لأبيه على من قرأت؟ قال: على يحيى بن وثاب، وقرأ يحيى بن وثاب على
عبيد بن نضلة كان يقرأ كل يوم آية ففرغ من القرآن في سبع وأربعين سنة،
ويحيى بن وثاب كان مستقيما ذكر الأعمش انه كان إذا صلى كأنه يخاطب أحدا
إنتهى ملخصا.
أقول: ذكره الخطيب في تاريخ بغداد وأثنى عليه كثيرا، وذكر انه
يكنى أبا محمد ثقة كوفي، وكان محدث أهل الكوفة في زمانه يقال انه ظهر له
أربعة آلاف حديث ولم يكن له كتاب، وكان يقرأ القرآن رأس فيه قرأ على
يحيى بن وثاب، وكان فصيحا، وكان أبوه من سبي الديلم، وكان مولى لبني
كاهل فخذ من بني أسد.
وكان عالما بالفرائض، ولم يكن في زمانه من طبقته أكثر حديثا منه
وكان فيه تشيع.
وروي عن هشيم انه قال: ما رأيت بالكوفة أحدا اقرأ لكتاب الله من
الأعمش ولا أجود حديثا، ولا أفهم ولا أسرع إجابة لما يسئل عنه، وعن
شعبة قال سليمان الأعمش: أحب إلي من عاصم.
46

وعن عيسى بن يونس قال: ما رأيت الأغنياء والسلاطين عند أحد أحقر
منهم عند الأعمش مع فقره وحاجته، وعن يحيى القطان قال: إذا ذكر الأعمش
كان من النساك، وكان محافظا على الصلاة في جماعة وعلى الصف الأول، قال
يحيى وهو علامة الاسلام إنتهى ملخصا.
مات في 25 ع ل سنة 148 (قمح) في المجمع والعمش بالتحريك في العين
ضعف الرؤية مع سيلان دمعها في أكثر أوقاتها، وهو من باب تعب والرجل
أعمش، والمرأة عمشاء.
(الأفطس)
الحسن بن علي الأصغر بن الإمام زين العابدين علي بن الحسين بن علي بن
أبي طالب، الفطس بالتحريك تطامن قصبة الانف وانتشارها.
عن أبي نصر البخاري قال: خرج الأفطس مع محمد بن عبد الله بن الحسن
النفس الزكية وبيده راية بيضاء وأبلى ولم يخرج معه أشجع منه ولا أصبر،
وكان يقال له رمح آل أبي طالب لطوله وطوله.
وعن أبي الحسن العمري انه كان صاحب راية محمد بن عبد الله الصفراء،
ولما قتل النفس الزكية اختفى الحسن الأفطس بن علي فلما دخل جعفر الصادق عليه السلام
العراق لقي أبا جعفر المنصور قال له يا أمير المؤمنين تريد ان تسدي إلى رسول الله
صلى الله عليه وآله يدا، قال: نعم يا أبا عبد الله قال: تعفو عن ابنه الحسن بن
علي؟ فعفا عنه.
وروي الشيخ الطوسي رضوان الله عليه عن سالمة مولاة أبي عبد الله " عليه السلام "
قالت كنت عند أبي عبد الله جعفر بن محمد عليهما السلام حين حضرته الوفاة
وأغمي عليه فلما أفاق قال أعطوا الحسن بن علي بن علي بن الحسين وهو الأفطس
سبعين دينارا، وأعطوا فلانا كذا، وفلانا كذا، فقلت: أتعطي رجلا
47

حمل عليك بالشفرة يريد ان يقتلك؟ قال تريدين ان لا أكون من الذين قال الله
عز وجل: (والذين يصلون ما أمر الله به ان يوصل ويخشون ربهم ويخافون
سوء الحساب)؟.
نعم يا سالمة ان الله تعالى خلق الجنة فطيبها وطيب ريحها، وان ريحها
يوجد من مسيرة ألفي عام، ولا يجد ريحها عاق، ولا قاطع رحم.
(الإفليلي)
أبو القاسم إبراهيم بن محمد بن زكريا ينتهي إلى سعد بن أبي وقاص الزهري
القرطبي النحوي اللغوي، كان متصدرا بالأندلس لاقراء الأدب وولي الوزارة
للمكتفي بالله بالأندلس.
توفى سنة 441 (مات)، والإفليلي بكسر الهمزة واللام نسبة إلى
الإفليل قرية بالشام.
(الأفندي)
المطلع الخبير بالرجال الميرزا عبد الله صاحب رياض العلماء وحياض الفضلاء
المولود في حدود سنة 1066، والمتوفى في حدود سنة 1130، قال في الرياض
في ترجمة نفسه ما ملخصه العبد الخاطئ الجاني عبد الله بن عيسى بيك بن محمد
صالح بيك الجيراني الأصل ثم الأصفهاني، كان الوالد من أفاضل عصره، وقد
شرعت في قراءة الشاطبية عليه وأنا في غاية الصغر، وكان لي ست سنين، وقد
مات الوالد وأنا ابن سبع سنين، وكان قد توفيت أمي وأنا ابن سبعة أشهر،
ثم رباني بعد موت والدي الأخ الأكبر المولى الفاضل الجليل آغا ميرزا محمد
جعفر، وبرهة من الزمان كنت في حضانة خالي ولكن خاليا من العلم، وقد
قرأت على الأخ المذكور وعلى جماعة كثيرة من أهل العلم في أقسام العلوم إلى أن
وفقت بالقراءة على جملة المشايخ الأسانيد الأجلة، فقرأت شطرا صالحا من
48

الكتب الأربعة الحديثية وقواعد العلامة (رض) على الأستاذ الاستناد (1) زيد
بركاته، وشطرا من تهذيب الحديث وشرح الإشارات وقدرا من أوائل
آلهيات الشفاء وغيرها على الأستاذ الفاضل رضي الله تعالى عنه، وشطرا من
الحاشية الجلالية القديمة على شرح التجريد، ومن شرح الإشارات على الأستاذ
المحقق المدقق قدس الله روحه وشطرا من التهذيب، وشرح مختصر الأصول،
وشرح الإشارات، وأصول الكافي وغير ذلك من الكتب المتداولة على الأستاذ
العلامة رحمة الله عليه، واتفق لي في أسفار كثيرة بحيث مضي نصف عمري في
السفر وجلت في أكثر البلاد من ديار العجم والروم والبحر والبر وأذربيجان
وخراسان وعراق وفارس وقسطنطينية وديار الشام ومصر، حتى أنه اتفق
ورودي على أكثر البلاد مرات عديدة، ورزقني الله إلى يومنا هذا وهو عام
ستة وماءة وألف من الهجرة، وقد مضى من العمر نحو من أربعين سنة ثلاث
حجات، ولزيارة مشهد الرضا عليه السلام ثلاث مرات، ولزيارة العتبات العالية
أيضا ثلاث دفعات، بل كنت شرعت في السفر في أوان الصبا وأنا ابن خمس سنين
حيث إن خالي الأكبر كان وزيرا بكاشان فذهبت مع جدتي لأجل وفاة والدتي
إلى ذلك البلد وأقمت بها نحوا من سنة أو أزيد، وقد سكنت برهة من الزمان
في حال عنفوان بمولدي ومحتدي أصفهان.
ثم اني سكنت بآذربيجان في بلدة تبريز سنين عديدة وتزوجت فيها ببعض
أرباب الدنيا من أقربائي وكان ذلك هو السبب لمزيد بلائي ووقوعي في المهالك
وعنائي، إنتهى المهم من كلامه.

(1) إعلم ان الميرزا عبد الله يعبر عن العلامة المجلسي (ره) بالأستاذ
الاستناد، وعن المحقق الآغا حسين الخونساري بالأستاذ المحقق، وعن المولى
محمد باقر السبزواري بالأستاذ الفاضل، وعن المدقق الشيرواني الميرزا محمد بن
حسن بأستاذنا العلامة.
49

وقال شيخنا في الفيض القدسي في ذكر تلاميذ العلامة المجلسي العالم المتبحر
النقاد المضطلع الخبير البصير الذي لم ير مثله في الاطلاع على أحوال العلماء
ومؤلفاتهم بديل ولا نظير الا ميرزا عبد الله بن العالم الجليل عيسى بن محمد صالح
الجيراني التبريزي الأصل، ثم الأصفهاني الشهير بالأفندي، لأنه لما حج إلى بيت
الله حصل بينه وبين الشريف منافرة فسار إلى قسطنطينية وتقرب إلى السلطان
إلى أن عزل الشريف ونصب غيره ومن يومئذ اشتهر بالأفندي وهو مؤلف
كتاب رياض العلماء وحياض الفضلاء من العامة والخاصة في عشر مجلدات عثرنا
على خمسة منها بخطه الشريف ولم يخرج بعد من المسودة، وكان في غاية التشويش
أتعبنا في نقله إلى البياض ويحتاج إلى التنقيح، ومنزلته في هذا الفن منزلة
جواهر الكلام في الفقه وغيره من المؤلفات التي منها الصحيفة الثالثة من المآخذ
المعتبرة وسائر أدعية الامام سيد العابدين " عليه السلام " مما سقط عن نظر المحدث الحر
العاملي في الصحيفة الثانية التي جمع فيها أدعيته " عليه السلام " غير ما في الصحيفة الكاملة
على نسقها، كما إنا عثرنا بعدما على جملة منها لا يوجد فيهما، وجعلنا رابعة
فصارت تلك الصحف الأربعة حاوية للدرر المكنونة التي خرجت من هذا البحر
الإلهي العذب الفرات السائغ شرابه إنتهى.
(الأكفاني)
يطلق على جمع منهم الحارث بن النعمان بن سالم أبو النصر البزاز الذي
يروي عنه أحمد بن حنبل وسعيد بن المسيب وغيرهما يقال له الأكفاني لأنه كان
يبيع الأكفان بباب الشام.
ومنهم شمس الدين أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن ساعد الأنصاري،
ولد بسنجار وطلب العلم ففاق في عدة فنون، وأتقن الرياضة والحكمة وصنف
فيها التصانيف الكثيرة، توفى سنة 749.
50

أقول: قد يقال لهذا الرجل ابن الأكفاني أيضا ولكن المعروف
بابن الأكفاني أبو محمد عبد الله بن محمد بن عبد الله الأسدي الذي ذكره الخطيب
في تاريخ بغداد، وقال: قال لي التنوخي ولي ابن الأكفاني قضاء مدينة
المنصور، ثم ولي قضاء باب الطاق، وضم إليه سوق الثلاثاء، ثم جمع له قضاء
جميع بغداد في سنة 396، توفى في سنة 405 (ته).
(الأكمه السدوسي)
أبو الخطاب قتادة بن دعامة البصري قال ابن خلكان: كان تابعيا، وكان
عالما كبيرا، قال أبو عبيدة ما كنا تفقد في كل يوم راكبا من ناحية بني أمية
ينيخ على باب قتادة فيسأله عن خبر أو نسب أو شعر، وكان قتادة أجمع الناس
وقال معمر: سألت أبا عمرو بن العلا عن قوله تعالى: (وما كنا له مقرنين)؟
فلم يجبني فقلت: اني سمعت قتادة يقول: مطيقين فسكت فقلت: ما تقول
يا أبا عمرو؟ قال: حسبك قتادة فلو لا كلامه في القدر، وقد قال صلى الله عليه وآله: إذا
ذكر القدر فأمسكوا لما عدلت به أحدا من أهل دهره.
وقال أبو عمرو: وكان قتادة من انسب الناس كان قد أدرك دغفلا وكان
يدور البصرة أعلاها وأسفلها بغير فائد فدخل مسجد البصرة فإذا بعمرو بن عبيد
ونفر معه قد اعتزلوا من حلقة الحسن البصري وحلقوا وارتفعت أصواتهم فأمهم
وهو يظن أنها حلقة الحسن فلما صار معهم عرف انها ليست هي فقال إنما هؤلاء
المعتزلة، ثم قام عنهم فمذ يومئذ سموا المعتزلة، وكانت ولادته سنة ستين،
وتوفى بواسط سنة 117 إنتهى.
والسدوسي بالفتح نسبة إلى سدوس بن شيبان قبيلة كبيرة ودغفل كجعفر
ابن حنظلة السدوسي النسابة، أدرك النبي صلى الله عليه وآله ولم يسمع منه شيئا، وقدم
على معاوية وكان انسب العرب، وقتلته الأزارقة، وقيل: انه غرق بدجيل،
51

وممن ينسب إلى سدوس أبو فيد مورج بن عمرو السدوسي النحوي البصري
الذي اخذ العربية عن الخليل.
وروى الحديث عن شعبة وأبي عمرو بن العلا، وكان الغالب عليه اللغة
والشعر له كتاب الأنواء وغريب القرآن وغيره توفى سنة 195.
(الكيا الهراسي)
أبو الحسن علي بن محمد بن علي الطبري الملقب عماد الدين الفقيه الشافعي
يقال له الكيا بكسر الكاف أي الكبير القدر المقدم بين الناس، كان من أهل
طبرستان وخرج إلى نيسابور، وتفقه على إمام الحرمين مدة إلى أن برع ثم
خرج من نيسابور إلى بيهق ودرس بها مدة، ثم خرج إلى العراق وتولى
تدريس المدرسة النظامية ببغداد إلى أن توفى، له لوامع الدلائل، وكان محدثا
يستعمل الأحاديث في مناظرته ومجالسه.
ومن كلامه: إذا جالت الفرسان الأحاديث في ميادين الكفاح طارت رؤوس
المقاييس في مهاب الرياح.
قال ابن خلكان: حدث الحافظ أبو طاهر السلفي قال: استفتيت شيخنا
أبا الحسن المعروف بالكيا الهراسي ببغداد سنة 495 لكلام جرى بيني وبين الفقهاء
بالمدرسة النظامية، وصورة الاستفتاء ما يقول الامام وفقه الله تعالى في رجل
أوصى بثلث ماله للعلماء والفقهاء هل تدخل حفظة الحديث تحت هذه الوصية أم لا؟
فكتب الشيخ تحت السؤال نعم وكيف لا وقد قال النبي صلى الله عليه وآله: من حفظ على
أمتي أربعين حديثا من أمر دينها بعثه الله يوم القيامة فقيها عالما.
وسئل الكيا أيضا عن يزيد بن معاوية هل هو من الصحابة أم لا؟ وهل
يجوز لعنه أم لا؟ فقال: انه لم يكن من الصحابة لأنه ولد في أيام عمر بن
الخطاب (ره)
52

وأما قول السلف في لعنه ففيه لأحمد قولان تلويح وتصريح، ولمالك
قولان تلويح وتصريح، ولأبي حنيفة قولان تلويح وتصريح، ولنا قول
واحد التصريح دون التلويح، وكيف لا يكون ذلك وهو اللاعب بالنرد والمتصيد
بالفهود، ومد من الخمر، وشعره في الخمر معلوم، ومنه قوله:
أقول لصحب ضمت الكأس شملهم * وداعي صبابات الهوي يترنم
خذوا بنصيب من نعيم ولذة * فكل وإن طال المدى يتصرم
ولا تتركوا يوم السرور إلى غد * فرب غد يأتي بما ليس يعلم
وكتب فصلا طويلا ثم قلب الورقة وكتب لو مددت ببياض لمددت العنان في
مخازي هذا الرجل، وكتب فلان بن فلان وقد أفتى الإمام أبو حامد الغزالي في
مثل هذه المسألة بخلاف ذلك فإنه سئل عمن صرح بلعن يزيد هل يحكم بفسقه أم
لا؟ وهل يكون ذلك مرخصا له فيه؟ وهل كان مريدا قتل الحسين أم كان
قصده الدفع؟ ويسوغ الترحم عليه أم السكوت عنه أفضل تنعم بإزالة الاشتباه
مثابا؟ فأجاب لا يجوز لعن المسلم أصلا، ومن لعن مسلما فهو الملعون، وقد
قال رسول الله صلى الله عليه وآله: المسلم ليس بلعان وكيف يجوز لعن المسلم؟ ولا يجوز
لعن البهائم وقد ورد النهي عن ذلك، وحرمة المسلم أعظم من حرمة الكعبة
بنص من النبي صلى الله عليه وآله ويزيد صح إسلامه وما صح قتله الحسين ولا أمره به ولا
رضاه بذلك ومهما لا يصح ذلك منه لا يجوز ان يظن ذلك به فان إساءة الظن
بالمسلم حرام، وقد قال الله تعالى: (اجتنبوا كثيرا من الظن ان بعض الظن
إثم)، وقد قال النبي صلى الله عليه وآله: ان الله تعالى حرم من المسلم دمه وماله وعرضه
وان يظن به ظن السوء، ومن زعم أن يزيد أمر بقتل الحسين أو رضي به
فينبغي ان يعلم به غاية الحماقة، فان من قتل من الأكابر والوزراء والسلاطين
في عصره لو أراد ان يعلم حقيقة من الذي أمر بقتله، ومن الذي رضي به ومن
الذي كرهه لم يقدر على ذلك وإن كان الذي قد قتل في جواره وزمانه وهو
53

يشاهده فكيف لو كان في بلد بعيد وزمن قديم قد انقضى فكيف يعلم ذلك فيما
انقضى عليه قريب من أربعمائة سنة في مكان بعيد، وقد تطرق التعصب في
الواقعة فكثرت فيها الأحاديث من الجوانب، فهذا الامر لا يعلم حقيقته أصلا
وإذا لم يعرف وجب إحسان الظن بكل مسلم يمكن إحسان الظن به ومع هذا
فلو ثبت على مسلم انه قتل مسلما فمذهب أهل الحق انه ليس بكافر والقتل ليس
بكفر بل هو معصية، وإذا مات القاتل فربما مات بعد التوبة، والكافر لو تاب
من كفره لم يجز لعنه فكيف من تاب عن قتل وبم يعرف ان قاتل الحسين مات
قبل التوبة وهو الذي يقبل التوبة عن عباده، فإذن لا يجوز لعن أحد ممن مات
من المسلمين ومن لعنه كان فاسقا عاصيا لله تعالى، ولو جاز لعنه فسكت لم يكن
عاصيا بالاجماع، بل لو لم يلعن إبليس طول عمره لا يقال له يوم القيامة لم لم تلعن
إبليس؟ ويقال للاعن لم لعنت؟ ومن أين عرفت انه مطرود ملعون؟ والملعون
هو البعيد عن الله عز وجل وذلك غيب لا يعرف إلا فيمن مات كافرا فان ذلك
علم بالشرع، وأما الترحم عليه فجائز بل هو مستحب بل هو داخل في قولنا
في كل صلاة اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات فان كان مؤمنا والله أعلم. كتبه الغزالي
وكانت ولادة الكيا في ذي القعدة سنة 450 (تن)، وتوفى يوم الخميس وقت العصر
مستهل المحرم سنة 504 (ثد) ببغداد ودفن في تربة الشيخ أبي إسحاق الشيرازي
إنتهى ما نقلناه من ابن خلكان، وبطلان كلمات الغزالي أظهر من أن يبين نسأل
الله التوفيق والاستقامة، وتقدم في ذيل أحوال أبي سفيان ما يتعلق بذلك
الهراسي نسبة إلى هراس كسحاب شجر شائك ثمره كالنبق، أو نسبة إلى الهراس
كشداد أي متخذ الهريسة.
(إمام الحرمين)
أبو المعالي عبد الملك بن أبي محمد عبد الله بن يوسف الجويني الفقيه الشافعي
أستاذ الغزالي والكيا وغيرهما في الفقه والأدب والأصولين حكي انه جاور بمكة
54

المعظمة أربع سنين وبالمدينة المشرفة يدرس ويفتي فلهذا قيل له إمام الحرمين،
له مصنفات في العلوم كنهاية المطلب، والشامل وغنية المسترشدين وغير ذلك،
وله إجازة من الحافظ أبي نعيم.
توفى سنة 478 (تعج) بنيسابور وغلقت الأسواق يوم موته وكسر منبره
بالجامع، وكان تلامذته قريبا من أربعمائة نفر فكسروا محابرهم وأقلامهم
وأقاموا على ذلك عاما.
وكان والده أيضا من أعاظم علماء وقته وإماما في التفسير والأصول والعربية
والأدب، قرأ الأدب أولا على أبيه أبي يعقوب يوسف بجوين ثم قدم نيسابور
واشتغل بالفقه والأصول والعربية على سهل بن محمد الصعلوكي ثم انتقل إلى مرو
واشتغل على أبي بكر القفال المروزي ثم عاد إلى نيسابور سنة 407، وتصدر
للتدريس والفتوى، وتخرج عليه خلق كثير منهم ولده إمام الحرمين، وصنف
في التفسير والفقه وغيره، وتوفى في ذي الحجة سنة 437 (تلح).
والجويني بضم الجيم وفتح الواو نسبة إلى جوين وهي ناحية كبيرة من
نواحي نيسابور تشتمل على قرى كثيرة مجتمعة.
وفي المعجم جوين اسم كورة جليلة نزهة على طريق القوافل من بسطام
إلى نيسابور، حدودها متصلة بحدود بيهق من جهة القبلة، وبحدود جاجرم
من جهة الشمال.
(الامام المرزوقي)
أبو علي أحمد بن محمد بن الحسن الأصبهاني، كان فاضلا كاملا وأديبا
ماهرا شاعرا مجيدا.
عن ابن شهرآشوب انه عده من شعراء أهل البيت عليهم السلام، قلت ويؤيد
تشيعه انه كان معلم أولاد بني بويه بأصبهان، قرأ على أبي علي الفارسي وقد
55

صنف شرح الحماسة، وشرح الفصيح، وشرح المفضليات وغير ذلك، قيل
في وصف شرح الحماسة:
كتاب لو تأمله ضرير * لعاد كريمتاه بلا ارتياب
ولو قد مر حامله بقبر * لصار الميت حيا في التراب
وعن السيوطي انه قال في وصفه كان آية في الذكاء والفطنة وحسن التصنيف
مات في ذي الحجة سنة 421 (تكا).
(الامامي)
هو السيد علي بن السيد محمد الأصبهاني العالم الفاضل الكامل تلميذ العلامة
المجلسي رضوان الله عليهما، له كتاب التراجيح في الفقه وترجمة الشفا والإشارات
وكتاب هشت بهشت، وإنما قيل له الامامي ينتهي إلى الامام زاده أبى الحسن
على زين العابدين بن نظام الدين أحمد بن شمس الدين عيسى بن جمال الدين محمد بن
علي العريضي ابن الإمام جعفر الصادق عليه السلام المدفون بمحلة جملان بأصبهان.
(امرؤ القيس)
يطلق على جماعة أشهرهم الملك الضليل (1) سليمان بن حجر الكندي اشعر
شعراء الجاهلية وأشرفهم أصلا، يتصل نسبه بملوك كندة من أهل نجد أمه فاطمة
أخت كليب ومهلهل يقال ان أباه كان ملك بني أسد فعسفهم عسفا شديدا فتمالؤا
عليه وقتلوه، وقد كان طرد ابنه امرء القيس لتشببه في النساء في شعره وتنقله
في احياء العرب يستتبع صعاليكهم وذؤبانهم، وله وقائع كثيرة مات على جاهلية
بجبل عسيب، ودفن بأنقرة.
وحكي انه اتصل بقيصر ومدحه فوشى به أحد بني أسد وقال لقيصر:

(1) روى الخطيب في تاريخه عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله:
امرؤ القيس قائد الشعراء إلى النار.
56

ان امرء القيس شتمك فصدقه قيصر وألبسه حلة مسمومة قتلته، ويقال: ان
قيصر الروم لما بلغته وفاته أمر فنحت له تمثالا، ونصب على ضريحه، وبقي هذا
التمثال إلى أيام المأمون فشهده المأمون عند مروره عليه.
وأشهر شعره المعلقة الطائرة الصيت (قفا نبك من ذكري حبيب ومنزل)
وهي قصيدة في وصف واقعة جرت له مع حبيبته وابنة عمه عنيزة بنت شرحبيل
وكان امرؤ القيس كثير التنقل والاسفار وكثير الصيد ولذلك لا تكاد تقر
له قصيدة إلا وجدت فيها أبياتا يصف بها فريسة أو ناقة أو نحو ذلك، وكان
شعره ممتازا برقة الألفاظ وحسن التشبيه كقوله:
كأن قلوب الطير رطبا ويابسا * لدى وكرها العناب والحشف البالي
وقوله:
كأن عيون الوحش حول قبابنا * وأرحلنا الجزع الذي لم يثقب
(أم الفتاوى)
الشيخ مصطفى بن شمس الدين الأختري القره حصاري الحنفي، صاحب
جامع المسائل في الفقه، توفى سنة 968 (ظسح).
(الأنباري) انظر ابن الأنباري
(الأندلسي) انظر ابن عبد ربه
(الأنطاكي)
نسبة إلى أنطاكية قصبة العواصم من الثغور الشامية، ينسب إليها جماعة
من أهل الفضل منهم الشيخ داود بن عمر الطبيب الضرير الحكيم الفيلسوف
الأنطاكي القاهري صاحب تزيين الأسواق وتذكرة أولي الألباب والنزاهة
المبهجة في تعديل الأمزجة
57

كان والده رئيس قرية حبيب النجار، واتخذ قرب مزار حبيب رباطا
للواردين، وبنى فيه حجرات للفقراء والمجاورين، ورتب لها في كل صباح من
الطعام ما يحمله إليها بعض الخدام، توفى سنة 1008 (غح).
(الأنماطي)
أبو القاسم عثمان بن سعيد بن بشار الأحول الفقيه الشافعي كان من كبار
الشافعية، أخذ عن المزني والربيع بن سليمان، وأخذ عنه ابن سريج وغيره
توفى ببغداد سنة 288 (حرف).
والانماطي: نسبة إلى أنماط وبيعها، وهي البسط التي تفرش وغير
ذلك من آلات الفرش.
(الأنوري)
الشاعر أوحد الدين علي بن إسحاق، حكيم ماهر في النجوم والشعر من
شعراء السلطان سنجر ينسب إليه اشعار تدل على تشيعه، توفى ببلخ سنة 547 (ثمز)
(الأوحد السبزواري)
يأتي في الخواجة أوحد والأوحدي المراغة الأصبهاني صاحب كتاب جام وجم
فارسي منظوم مشتمل على لطائف شعرية ومعارف صوفية، فرغ منه سنة 733
وله في ذم البنج والخمر هذه الأبيات بالفارسية.
مي سرخت نمد فروش كند * بنك سبزت كليم پوش كند
دل سياهي دهند ورخ زردي * بهر أين سرخ وسبزاكر مردي
خوردن آب كرم وسبزه خشك * خون بسوز أيدت چه نافه مشك
بت پرستي زمى پرستي به * مردن غافلان زهستي به
چند كوئي كه باده غم ببرد * دين ودنيا ببين كه هم ببرد
توفى سنة 738.
58

(الأوزاعي)
بفتح الهمزة وسكون الواو أبو عمرو عبد الرحمان بن عمرو بن يحمد
كيكرم إمام أهل الشام، ولم يكن بالشام اعلم منه، وكان يسكن بيروت،
روي أن سفيان الثوري لما بلغه مقدم الأوزاعي إلى مكة خرج حتى لقيه بذي طوى
فحل سفيان رأس بعيره من القطار ووضعه على رقبته فكان إذا مر بجماعة قال
الطريق للشيخ سمع الأوزاعي من الزهري وعطا.
وروى عن صعصعة بن صوحان والأحنف بن قيس عن ابن عباس وروى
عنه الثوري، وأخذ عنه عبد الله بن المبارك وجماعة كثيرة.
روى الخطيب في ترجمة إسماعيل بن عبد الله بن مهرجان عن الوليد بن
مسلم عن الأوزاعي قال: أردت بيت المقدس فرافقت يهوديا فلما صرنا إلى
طبرية نزل فاستخرج ضفدعا فشد في عنقه خيطا فصار خنزيرا فقال حتى اذهب
فأبيعه من هؤلاء النصارى، فذهب وباعه وجاء بطعام فركبنا فما سرنا غير بعيد
حتى جاء القوم في الطلب فقال لي: أحسبه صار في أيديهم ضفدعا قال: فحانت
مني التفاتة فإذا بدنه ناحية ورأسه ناحية، قال: فوقفت وجاء القوم فلما نظروا
إليه فزعوا من السلطان ورجعوا عنه.
قال تقول لي الرأس رجعوا قال: قلت نعم قال: فالتأم الرأس إلى البدن
وركبنا وركب فقلت: لا أرافقك ابدا إذهب عني.
وروى الخطيب أيضا عن الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير قال قال داود
النبي عليه السلام لابنه سليمان عليه السلام يا بني أتدري ما جهد البلاء؟ قال: لا قال: شراء
الخبز من السوق، والانتقال من منزل إلى منزل.
حكي انه دخل الحمام ببيروت وكان لصاحب الحمام شغل فأغلق الحمام عليه
وذهب ثم جاء ففتح الباب فوجده ميتا، وكانت وفاته سنة 157،
59

ويقال ان قبره في قرية على باب بيروت.
والأوزاعي نسبة إلى أوزاع بطن من همدان ينسب إليه الأوزاعي المذكور
لا القرية الواقعة بدمشق خارج باب الفراديس.
(الآهلي الشيرازي)
شاعر فاضل مشهور له قصائد في مدح أهل البيت عليهم السلام، توفي بشيراز
سنة 942، قيل في تاريخ فوته:
در ميان شعراء وفضلاء * بير با صدق وصفا بود أهلي
رفت با مهر علي أز عالم * بير وال علي بود أهلي
سال فوتش زخرد جستم كفت * پادشاه شعرا بود أهلي
(الأيادي)
نسبة إلى إياد بن نزار بن معد بن عدنان أخي مضر وربيعة وأنمار
ينسب إليه قس بن ساعدة، وقد تقدم في ابن الراوندي والقاضي والإيادي
أبو عبد الله أحمد بن أبي داود بن جرير.
قال الخطيب في تاريخه ما ملخصه: انه ولي قضاء القضاة للمعتصم، ثم
للواثق، وكان موصوفا بالجود والسخاء وحسن الخلق ووفور الأدب غير أنه
أعلن بمذهب الجهمية، وحمل السلطان على الامتحان بخلق القرآن.
وروى عن الحسن بن ثواب قال سألت أحمد بن حنبل عمن يقول القرآن
مخلوق قال كافر، قلت فابن أبي دوأد قال بالله العظيم قلت بماذا كفر؟ قال:
بكتاب الله قال الله تعالى: (ولئن اتبعت أهواءهم بعد الذي جاءك من العلم)،
فالقرآن من علم الله فمن زعم أن علم الله مخلوق فهو كافر بالله العظيم.
روي عن ثعلب قال أنشدني أبو الحجاج الاعرابي:
نكست الدين يا بن أبي دؤاد * فأصبح من أطاعك في ارتداد
60

زعمت كلام ربك كان خلقا * أما لك عند ربك من معاد
كلام الله أنزله بعلم * وأنزله على خير العباد
ومن أمسى ببابك مستضيفا * كمن حل الفلاة بغير زاد
لقد أظرفت يا بن أبي دوأد * بقولك انني رجل أياد
ونقل انه دخل أبو تمام على ابن أبي دوأد وقد شرب الدواء فأنشده:
أعقبك الله صحة البدن * ما ما هتف الهاتفات في الغصن
كيف وجدت الدواء أوجدك * الله شفاء به مدى الزمن
لا نزع الله عنك صالحة * أبليتها من بلائك الحسن
لا زلت تزهي بكل عافية * مجنبا من معارض الفتن
إن بقاء الجواد احمد في * أعناقنا منه من المنن
ثم ذكر الخطيب كلمات في ذمه، وروي عن أبي جعفر الصائغ قال هذا شعر قاله
ابن شراعة البصري في ابن أبي دوأد حين بلغه انه فلج فقال:
أفلت سعود نجمك ابن أبي دوأد * وبدت نحوسك في جميع إياد
فرحت بمصرعك البرية كلها * من كان منها موقنا بمعاد
لم نخش من رب السماء عقوبة * فسننت كل ضلالة وفساد
كم من كريمة معشر أرملتها * ومحدث أوثقت بالاقياد
لا زال فالجك الذي بك دائما * وفجعت قبل الموت بالأولاد
(الأبيات) عن عبد العزيز بن يحيى المكي قال: دخلت على أحمد بن أبي دوأد
وهو مفلوج فقلت: اني لم آتك عائدا ولكن جئت لأحمد الله تعالى على أنه
سجنك في جلدك.
مات ابنه أبو الوليد محمد بن أحمد في ذي الحجة سنة 239، ومات أبوه
في المحرم سنة 240 وهما منكوبان، فكان بينه وبين ابنه شهر أو نحوه.
وعن سفيان بن وكيع قال لبعض من حضره: تدرون ما رأيت الليلة؟
61

وكانت الليلة التي رأوا فيها النار ببغداد وغيرها رأيت كأن جهنم زفرت فخرج
منها اللهب أو نحو هذا الكلام فقلت ما هذا؟ قال أعدت لابن أبي دوأد إنتهى.
وقد تقدم بعض ما يتعلق به في ابن أبي دوأد.
(الإيجي) انظر العضد الإيجي
(بابا ركن الدين)
مسعود بن عبد الله الأنصاري العارف المتوفى في سنة 769 (ذسط) له
مزار معروف في مقبرة تخته فولاد بأصبهان، وعليه بقعة رفيعة، ويأتي في
البهاء ما يدل على جلالته.
(بابا شجاع الدين)
أبو لؤلؤة قد ذكرنا في بعض مصنفاتنا ما يتعلق به وابن أخيه أبو الزناد
عبد الله بن ذكوان عالم أهل المدينة الذي اثنى عليه علماء العامة وقد تقدم ذكره.
(بابا فغانى) انظر الفغانى
(بابشاذ)
هو ابن داود بن سليمان المصري وهو فارسي معناه سرور الأب ينسب
إليه ابن بابشاذ الحسن بن داود بن بابشاذ أبو سعيد المصري الفاضل الأديب المحاسب
ذكره الخطيب في تاريخ بغداد، وأثنى عليه كثيرا، وتوفى سنة 439، وأما
ابن بابشاد النحوي المعروف فقد تقدم ذكره.
(البابي الحلبي)
مصطفى بن عثمان الحنفي قاضي المدينة المنورة، الأديب الشاعر، اخذ
فضلاء الدهر، وأوحد أدباء العصر، له ديوان شعر، توفى بمكة المعظمة
سنة 1091 (غصا).
62

(الباخرزي)
أبو الحسن علي بن الحسن بن علي الشافعي المشهور تلميذ الشيخ أبي محمد
الجويني والد إمام الحرمين، صنف كتاب دمية القصر وعصرة أهل العصر تذييل
يتيمة الدهر للثعالبي، قتل سنة 467 (تسز) في مجلس الانس بباخرز وذهب دمه
هدرا، وباخرز بفتح الخاء المعجمة وسكون الراء بعدها الزاي ناحية من نواحي
نيسابور على قرى ومزارع.
وقد ذيل كتابه الحظيري الوراق أبو المعالي سعد بن علي بن القاسم الأنصاري
الخزرجي المعروف بدلائل الكتب وسماه زينة الدهر وعصرة أهل العصر، توفى
الحظيري ببغداد سنة 568 وهو بفتح الحاء المهملة وكسر الظاء المعجمة نسبة إلى
الحظيرة وهي موضع فوق بغداد ينسب إليه الثياب الحظيرية.
(البارع البغدادي)
أبو عبد الله الحسين بن محمد بن عبد الوهاب الدباس الشاعر المشهور الأديب
النديم، كان نحويا لغويا مقريا حسن المعرفة بصنوف آلة داب خصوصا باقراء
القرآن الكريم، وهو من بيت الوزارة فان جده القاسم بن عبيد الله بن سليمان
ابن وهب كان وزير المعتضد والمكتفي ابن الوزير ابن الوزير، وللبارع مصنفات
حسان وديوان شعر، وبينه وبين الشريف أبي يعلى بن الهبارية مداعبات لطيفة
فإنهما كانا رفيقين ومتحدين في الصحبة، توفى سنة 524 (تكد).
(الباغوني) انظر مغلطاي
(الباقلاني)
القاضي أبو بكر محمد بن الطيب البصري البغدادي ناصر طريقة أبى الحسن
الأشعري، كان مشهورا بالمناظرة وسرعة الجواب، يحكى انه ناظر شيخنا
المفيد (رحمه الله) فغلبه الشيخ، فقال للشيخ: ألك في كل قدر مغرفة؟
63

فقال الشيخ: نعم ما تمثلت بأدوات أبيك.
توفى سنة 403 (تج) ببغداد، والباقلاني بكسر القاف نسبة إلى
الباقلي وبيعه، وفيه لغتان، من شدد اللام قصر الألف، ومن خففها مد
الألف فقال: باقلاء.
(الببغاء)
بفتح الموحدتين وتشديد ثانيهما أبو الفرج عبد الواحد بن نصر بن محمد
المخزومي من أهل نصيبين، كان أديبا شاعرا لقب به لحسن فصاحته، خدم
سيف الدولة بن حمدان، توفى سنة 398 (شصح).
(البتاني)
أبو عبد الله محمد بن سنان الحراني الفلكي صاحب الزيج الصابي له الأعمال
العجيبة والأرصاد المتقنة، كان أوحد عصره في فنه وأعماله تدل على غزارة
فضله وسعة علمه، توفى سنة 317، والبتاني نسبة إلى بتان ناحية من اعمال حران
(البحتري)
أبو عبادة الوليد بن عبيد بن يحيى الطائي الشاعر المعروف، كان من فحول
شعراء القرن الثالث، معاصرا لأبي تمام، ومن الأدباء من يفضله على أبى تمام،
وسئل المبرد عنهما أيهما اشعر. قال: لأبي تمام استخراجات لطيفة ومعان طريقة
وجيدة أجود من شعر البحتري ومن شعر من تقدمه من المحدثين وشعر البحتري
أحسن استواء من أبى تمام، لان البحتري يقول القصيدة كلها فتكون سليمة
من طعن طاعن أو عيب عائب، وأبو تمام يقول البيت النادر ويتبعه البيت السخيف
وما أشبهه إلا بغائص البحر يخرج الدرة والمخشلبة (أي المرذول) في نظام واحد
إلى أن قال: وبالبحتري يختم الشعر.
وقال ابن خلكان: قيل للبحتري أيما اشعر أنت أم أبو تمام؟ فقال جيده
64

خير من جيدي ورديئي خير من رديئه، وكان يقال لشعر البحتري سلاسل الذهب
وهو في الطبقة العليا.
ويقال: انه قيل لأبي العلاء المعرى أي الثلاثة اشعر أبو تمام أم البحتري
أم المتنبي؟ فقال: المتنبي وأبو تمام حكيمان، وإنما الشاعر البحتري، ولد سنة
206 يمنبج من اعمال الشام، وتخرج بها، ثم خرج إلى العراق ومدح جماعة
من الخلفاء أولهم المتوكل وخلقا كثيرا من الأكابر والرؤساء، وأقام ببغداد
دهرا طويلا، ثم عاد إلى الشام، وله قصيدة في مدح المتوكل في ذكر خروجه
لصلاة عيد الفطر أولها:
أخفى هوى لك في الضلوع وأظهر * والام من كمد عليك وأعذر
منها قوله:
حتى طلعت بضوء وجهك فانجلى * ذاك الدجى وانجاب ذاك العثير (1)
فافتن فيك الناظرون فإصبع * يومى إليك بها وعين تنظر

(1) لا يخفى ان هذه الاشعار في مدح خليفة النبي صلى الله عليه وآله الذي لبس لباسه
وجلس مجلسه فان كان ذلك الخليفة خليفة حق وجلس مجلسه بالاستحقاق فهذه
الاشعار تصدق عليه وإن كان غاصبا ظالما فهذا المدح أيضا غصب وليس له كلبسه
ومجلسه بل هذا المدح لخليفته حقا ويصدق هنالك قول ابن نواس:
إذا نحن أثنينا عليك بصالح * فأنت الذي نثني وفوق الذي يثنى
وإن جرت الألفاظ منا بمدحة * لغير إنسانا فأنت الذي تعنى
قال العتابي اخذ أبو نواس ذلك من أبى الهذيل الجمحي:
وإذا يقال لبعضهم نعم الفتى * فابن المغيرة ذلك النعم
عقم النساء فلا يجئن بمثله * ان النساء بمثله عقم -
ويؤيد قولنا أيضا قول الشريف الرضي رضي الله عنه إنما رثيت فضله في جواب
من عابه في رثائه للصابي.
65

يجدون رؤيتك التي فازوا بها * من أنعم الله التي لا تكفر
ذكروا بطلعتك النبي فهللوا * لما خرجت إلى الصلاة وكبروا
حتى انتهيت إلى المصلى لابسا * نور الهدى يبدو عليك ويظهر
ومشيت مشية خاضع متواضع * لله لا يزهى ولا يتكبر
فلو ان مشتاقا تكلف ما * في وسعه لمشى إليك المنبر
أبديت من فصل الخطاب بحكمة * تنبي عن الحق المبين وتخبر
ووقفت في برد النبي مذكرا * بالله تنذر تارة وتبشر
روى المسعودي عن المبرد قال: وردت سر من رأى فأدخلت على المتوكل
وقد عمل فيه الشراب وبين يدي المتوكل البحتري الشاعر فابتدأ ينشده قصيدة
يمدح بها المتوكل أولها:
عن أي ثغر تبتسم * وبأي طرف تحتكم
حسن يضئ بحسنه * والحسن أشبه بالكرم
قل للخليفة جعفر * المتوكل بن المعتصم
المرتضى بن المجتبى * والمنعم بن المنتقم
إلى قوله:
نلنا الهدى بعد العمى * بك والغنى بعد العدم
فلما انتهى مشى القهقرى للانصراف فوثب أبو العنبس فقال يا أمير المؤمنين
تأمر برده فقد والله عارضته في قصيدته هذه فأمر برده فأخذ أبو العنبس ينشد:
من أي سلح تلتقم * وبأي كف تلتطم
أدخلت رأس البحتري * أبي عبادة في الرحم
ووصل ذلك بما أشبهه من الشتم فضحك المتوكل حتى استلقى على قفاه
وفحص برجله اليسرى وقال: يدفع إلى أبي العنبس عشرة آلاف درهم فقال الفتح
يا سيدي البحتري الذي هجى وأسمع المكروه ينصرف خائبا، قال: ويدفع
66

إلى البحتري عشرة آلاف درهم، إنتهى.
توفى بالسكتة بمنبج سنة 284 (رفد) ذكره القاضي نور الله في المجالس
في شعراء الشيعة.
وقال: أورده الشيخ عبد الجليل الرازي في شعراء الشيعة وابنه أبو الغوث
يحيى بن أبي عبادة كان مقيما بالشام وقدم بغداد قبل الثلاثمائة وسمع منه وجوه
أهلها اشعار أبيه، ونفي بعد ذلك.
والبحتري بضم الموحدة وسكون الحاء المهملة وضم التاء الثناة من فوقها
نسبة إلى بحتر وهو أحد أجداده.
قال الفيروز آبادي: البحتر بالضم القصير المجتمع الخلق وبلا لام فحل من
فحولهم، وابن عتود بن عنيزا بوحي من طي منهم أبو عبادة الشاعر، أقول
وإلى بحتر ينتسب أيضا أبو عبد الرحمان الهيثم بن عدي بن عبد الرحمان الطائي
الكوفي الذي كان راوية اخباريا، نقل من كلام العرب وعلومها وأشعارها الكثير
وله مصنفات كثيرة منها كتاب أخبار الحسن بن علي بن أبي طالب عليه السلام ووفاته
واختص بمجالسة المنصور والمهدي والهادي والرشيد وروى عنهم.
روى المسعودي في مروج الذهب خبر إحراق بني العباس قبور بني أمية
عنه، وتقدم ذلك في ذيل ترجمة ابن بقية، توفى سنة 206 (رو).
(بحر العلوم)
السيد محمد مهدي بن العالم السيد مرتضى بن العالم الجليل السيد محمد البروجردي
الطباطبائي، كان (ره) سيد علماء الاعلام. ومولى فضلاء الاسلام علامة دهره
وزمانه ووحيد عصره وأوانه.
قال شيخنا في المستدرك: قد أذعن له جميع علماء عصره ومن تأخر عنه
بعلو المقام والرئاسة النقلية والعقلية وسائر الكمالات النفسانية، حتى أن الشيخ
67

الفقيه الأكبر الشيخ جعفر النجفي مع ما هو عليه من الفقاهة والرئاسة، كان
يمسح تراب خفه بحنك عمامته، وهو من الذين تواترت عنه المكرمات ولقاءه
الحجة صلوات الله عليه، ولم يسبقه في هذه الفضيلة أحد فيما اعلم إلا السيد رضي
الدين علي بن طاوس، وقد ذكرنا جملة منها بالأسانيد الصحيحة في كتابنا دار
السلام، والجنة المأوى، والنجم الثاقب لو جمعت لكانت رسالة حسنة إنتهى،
تولد في الحائر الشريف سنة 1155 (غقنه).
حكي عن والده المرتضى انه رأى ليلة ولادة ابنه بحر العلوم ان مولانا
الرضا عليه السلام أرسل شمعة مع محمد بن إسماعيل بن بزيع وأشعلها على سطح دارهم
فعلى سناها ولم يدرك مداها يتحير عند رؤيته النظر، ويقول لسان حاله ما هذا
بشر، تلمذ على جماعة من أساطين الدين من الفقهاء والمحققين منهم الأستاذ الأكبر
البهبهاني، والعالم الجليل السيد حسين القزويني والسيد حسن الخونساري والسيد
الاجل المير عبد الباقي إمام الجمعة بأصبهان، والآغا محمد باقر الهزار جريبي والمحقق
الشيخ يوسف البحراني رضوان الله عليهم أجمعين.
وتلمذ عليه جماعة من الفحول، منهم الفاضل النراقي صاحب المستند وحجة
الاسلام الشفتي، والشيخ محمد على الأعسم وقد تقمد وممن تلمذ عليه، وكان
معظم قراءته عليه السيد السند الفقيه الفاضل المتتبع الماهر السيد جواد بن السيد
محمد العاملي الغروي صاحب الشرح الكبير على قواعد العلامة الموسوم بمفتاح
الكرامة قال في (ضا) لم تر عين الزمان ابدا بمثله كتابا مستوفيا لأقوال الفقهاء
ومواقع الاجماعات وموارد الاشتهارات وأمثال ذلك.
وله أيضا تعليقات كثيرة على القوانين، وقد أذعن لكثرة اطلاعه وطول
ذراعه وسعة باعه في الفقهيات أكثر معاصرينا أدركوا فيض صحبته بحيث نقل
ان المحقق الميرزا أبا القاسم صاحب القوانين كان إذا أراد تشخيص المخالف في
مسالة يراجع إليه فيظفر به
68

وله تلامذة فضلاء معروفون منهم الشيخ مهدي بن المولى كتاب والشيخ
محسن بن أعسم، والشيخ محمد حسن الفقيه الأعظم، توفى سنة 1226 إنتهى
وينبغي لنا ان نذكر عنه حكاية تشتمل على كرامة من أستاذه العلامة الطباطبائي
روى شيخنا الاجل صاحب المستدرك عن العالم الصالح الثقة السيد محمد بن العالم
السيد هاشم الهندي المجاور في المشهد الغروي عن العبد الصالح الزاهد الورع
العابد الحاج محمد الخزعلي، وكان ممن أدرك السيد قال: كان العالم الجليل السيد
جواد العاملي صاحب مفتاح الكرامة يتعشى ليلة إذ طارق طرق الباب عليه عرف
انه خادم السيد بحر العلوم فقام إلى الباب عجلا فقال له: ان السيد قد وضع بين
يديه عشاءه وهو ينتظرك فذهب إليه عجلا فلما لاح له السيد قال له السيد أما تخاف
الله؟ أما تراقبه؟ أما تستحي منه؟ فقال: ما الذي حدث؟ فقال له (1): ان
رجلا من إخوانك كان يأخذ من البقال قرضا لعياله كل يوم وليلة قسبا (2)
ليس يجد غير ذلك فلهم سبعة أيام لم يذوقوا الحنطة والأرز ولا أكلوا غير القسب
وفي هذا اليوم ذهب ليأخذ قسبا لعشائهم فقال له البقال: بلغ دينك كذا
وكذا فاستحيى من البقال ولم يأخذ منه شيئا وقد بات هو وعياله بغير عشاء
وأنت تتنعم وتأكل وهو ممن يصل إلى دارك وتعرفه وهو فلان، فقال: والله
مالي علم بحاله، فقال السيد: لو علمت بحاله وتعشيت ولم تلتفت إليه لكنت
يهوديا أو كافرا، وإنما أغضبني عليك عدم تجسسك عن إخوانك وعدم علمك
بأحوالهم فخذ هذه الصينية يحملها لك خادمي يسلمها إليك عند باب داره وقل
له: قد أحببت ان أتعشى معك الليلة، وضع هذه الصرة تحت فراشه أو
بوريائه أو حصيره وابق له الصينية فلا ترجعها، وكان كبيرة فيا عشاء

(1) أنا أتمثل في هذا المقام بقول الأعشى:
تبيتون في المشتى ملاء بطونكم * وجاراتكم غرثى يبتن خمائصا
(2) قسب: نوع من التمر يسمى الزهدي.
69

وعليها من اللحم والمطبوخ النفيس ما هو مأكل أهل التنعم والرفاهية.
وقال السيد: إعلم اني لا أتعشى حتى ترجع إلي فتخبرني انه قد تعشى
وشبع، فذهب السيد جواد ومعه الخادم حتى وصلوا إلى دار المؤمن فأخذ
من يد الخادم ما حمله ورجع الخادم وطرق الباب وخرج الرجل فقال له السيد:
أحببت ان أتعشى معك الليلة، فلما اكلا قال له المؤمن: ليس هذا زادك لأنه
مطبوخ نفيس لا يصلحه العرب ولا فأكله حتى تخبرني بأمره، فأصر عليه السيد
جواد بالاكل وأصر هو بالامتناع فذكر له القصة فقال: والله ما اطلع عليه
أحد من جيرتنا فضلا عمن بعد، وان هذا السيد لشئ عجيب قال سلمه الله
وحدث بهذه القضية ثقة آخر غيره وزاد فيه اسم الرجل وهو الشيخ محمد نجم
العاملي وان ما في الصرة كان ستين شوشيا كل شوشي يزيد على قرانين بقليل.
توفى العلامة الطباطبائي بحر العلوم في النجف الأشرف سنة 1212 غريب
ودفن بجنب باب المسجد الطوسي، وبجنبه دفن ولده العالم الفاضل السيد محمد
رضا رضى الله تعالى عنه.
ويأتي في الشهرستاني ذكر كرامة من بحر العلوم في أخباره بمن يصلي
على جنازته وليعلم ان العلامة بحر العلوم يتصل بالمجلسيين من بعض جداته فان
والده العالم الجليل السيد مرتضى كانت أمه بنت الأمير أبى طالب بن أبي المعالي
الكبير وأمها بنت المولى محمد نصير بن المولى عبد الله بن المولى محمد تقي المجلسي
وأم الأمير أبى طالب بنت المولى محمد صالح المازندراني من آمنة بيكم بنت المولى
محمد تقي المجلسي.
فنسب العلامة بحر العلوم يتصل إلى المجلسي الأول من طريقين فصار المجلسي
الأول له جدا والمجلسي الثاني خالا. كالأستاذ الأكبر المحقق البهبهاني فان أمه
بنت الآغا نور الدين بن المولى محمد صالح المازندراني وأمه آمنة بيكم بنت المولى
محمد تقي المجلسي، وكانت عالمة فاضلة صالحة متقية.
70

قال صاحب الرياض: وسمعنا ان زوجها مع غاية فضله قد يستفسر عنها
في حل بعض عبارات قواعد العلامة العلامة.
توفى السيد مرتضى والد بحر العلوم في سنة 1204 ورثاه معاصره سيد
الشعراء والأدباء السيد إبراهيم العطار الحسني بقصيدة منها قوله:
أرأيت هذا اليوم ما صنع الردى * بدعائم التقوى وأعلام الهدى
انظر إلى شمل المكارم والعلى * من بعد ذاك الجمع كيف تبددا
ميت له بكت المفاخر والعلى * ونعته أندية السماحة والندى
يا آل بيت المصطفى والمرتضى * صبرا على ما نابكم وتجلدا
ورضا بحكم الواحد الاحد الذي * هو بالدوام وبالبقاء تفردا
وكفى النفوس تسليا من بعده * بسليله مهدي أرباب الهدى
صدر الأفاضل قدوة العلماء من * بجدوده في القول والفعل اقتدى
المفرد العلم الذي بوجوده * أمسى بناء المكرمات موطدا
فهو الذي يحيي مآثر جده * ويشيد من عليائه ما شيدا
إن رمت تاريخ الشريف المرتضى * فهلم أرخ قد قضى علم الهدى
(البخاري)
أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم البخاري (1) صاحب كتاب
التاريخ وكتاب الصحيح المشهور أوثق المحدثين وأقدمهم رتبة عند علماء الجمهور
ذكر ابن خلكان في تاريخه انه رحل في طلب الحديث إلى أكثر محدثي الأمصار
وكتب بخراسان والجبال ومدن العراق والحجاز والشام ومصر وقدم بغداد
واجتمع إليه أهلها واعترفوا بفضله وشهدوا بتفرده في علم الرواية والدراية إلى

(1) ابن مغيرة بن بردزبه، قال ياقوت: وبردزبه مجوسي أسلم على
يديمان البخاري.
71

ان ذكر انه كان ابن صاعد (1) إذا ذكره يقول الكبش النطاح.
ونقل عنه محمد بن يوسف الفريري انه قال: ما وضعت في كتابي الصحيح
حديثا إلا اغتسلت قبل ذلك وصليت ركعتين.
وقال: صنف كتابي الصحيح لست عشرة سنة خرجته من ستمائة ألف
حديث وجعلته حجة فيما بيني وبين الله عز وجل.
أقول قال ابن حجر في مقدمة فتح الباري على ما يحكى عنه ينبغي لكل
مصنف ان يعلم أن تخريج صاحب الصحيح لأي راو كان مقتض لعدالته عنده
وصحة ضبطه وعدم غفلته، ولا سيما ما انضاف إلى ذلك من اطباق جمهور الأئمة
على تسمية الكتابين بالصحيحين وهذا معنى لم يحصل لغير من خرج عنه في
الصحيح فهو بمثابة اطباق الجمهور على تعديل من ذكر فيهما إنتهى.
وقال المولى علي في محكي المرقاة وقد كان أبو الحسن المقدسي يقول فيمن
خرج أحدهما في الصحيح هذا حاز القنطرة يعني لا يلتفت إلى ما قيل فيه لأنهما
مقدمان على أئمة عصرهما ومن بعدهما في معرفة الصحيح والعلل.
وقال أيضا: ولا يقدح فيهما - أي في الصحيحين إخراجهما لمن طعن فيه
لان تخريج صاحب الصحيح لأي راو كان مقتض لعدالته وصحة ضبطه،
وعدم غفلته إنتهى.
أقول: اني قد ذكرت الشيخ البخاري وما قيل في حق صحيحه في كتابي
المسمى بفيض القدير فيما يتعلق بحديث الغدير.
ولد سنة 194، وتوفى ليلة الفطر سنة 256 (رنو) بخرتنك قرية من قرى
سمرقند، وذكر الخطيب في تاريخ بغداد في ترجمة الأمير أبى الهيثم خالد بن أحمد
بن خالد الذهلي المتوفى سنة 270، ولي إمارة بخارى وسكنها وله بها
(1) ومثل ذلك ذكر الخطيب في تاريخ بغداد، وكان ابن خلكان
اخذ منه.
72

آثار مشهودة وأمور محمودة.
وكان قد سمع من إسحاق بن راهويه وذكر جمعا آخر من نظرائه، ثم
ذكر من روى عنه، وانه أنفق في طلب العلم أكثر من ألف ألف درهم ولما
استوطن بخارى أقدم على حضرته حفاظ الحديث فبسط يده بالاحسان إلى أهل العلم
فغشوه وقدموا إليه من الآفاق وأراد من محمد بن إسماعيل البخاري المصير
إلى حضرته فامتنع من ذلك، وفي رواية أخرى أظهر الاستخفاف به فأخرجه
من بخارى إلى ناحية سمرقند فلم يزل محمد هناك حتى مات إنتهى ملخصا،
والبخاري نسبة إلى بخارى من أعظم مدن ما وراء النهر بينها وبين سمرقند
مسافة ثمانية أيام.
قال الحموي في معجم البلدان: فقد ذم هذه المدينة الشعراء ووصفوها بالقذارة
وظهور النجس في أزقتها لانهم لا كنف لهم فقال لهم أبو الطيب طاهر بن محمد بن
عبد الله بن طاهر الطاهري:
بخارا من خرى لا شك فيه * يعز بربعها الشئ النظيف
فان قلت الأمير بها مقيم * فذا من فخر مفتخر ضعيف
إذا كان الأمير خرا فقل لي * أليس الخرء موضعه الكنيف
وقال محمد بن داود البخاري:
باء بخارى فاعلمن زائدة * والألف الوسطى بلا فائدة
فعي خرا محض وسكانها * كالطير في أقفاصها راكدة
وقال أبو أحمد الكاتب:
فقحة (1) الدنيا بخارى * ولنا فيها افتحام
ليتها تفسو بنا الآن * فقد طال المقام

(1) الفتحة حلقة الدبر أو واسعها.
73

(البدايعي البلخي)
محمد بن محمود أحد شعراء عصر السلطان محمود، ومن شعره في الموعظة:
جهان جون عروس است با رنك وبو * دريغا كه داماد خواراست أو
جه باشي جوان كار بيري بساز * كه اندر جواني نماني دراز
زبنجاه جون موي تو شد سبيد * مدار از جوان زن بنيكي اميد
عروس جوان كفت با بير شاه * كه موي سفيداست مار سياه
هميشه جوان وجوانمرد باش * زد وني وبيحاصلي فرد باش
كه نام جوانمرد اندر جهان * بود زنده نزد كهان ومهان
جوانمردي از كارها بهتر است * جوانمردي از خوي بيغمبر است
أقول: قد أخذ شعر أوله من كلام أمير المؤمنين عليه السلام في ذم الدنيا إحذروا
هذه الدنيا الخداعة الغدارة التي قد تزينت بحليها وفتنت بغرورها وغرت بآمالها
وتشوقت لخطابها، فأصبحت كالعروس المجلوة والعيون إليها ناظرة والنفوس بها
مشغوفة والقلوب إليها تائقة، وهي لأزواجها كلهم قاتلة، فلا الباقي بالماضي معتبر
ولا الآخر بسوء أثرها على الأول مزدجر إلى آخر ما قال صلوات الله عليه.
(البديع الأسطرلابي)
أبو القاسم هبة الله بن الحسين بن يوسف الشاعر المشهور، كان وحيد
زمانه في عمل الآلات الفلكية متقنا لهذه الصناعة، وحصل له من جهة علمها مال
جزيل في خلافة المسترشد بالله، توفى ببغداد سنة 534، والأسطرلابي بفتح
الهمزة وسكون السين وضم الطاء نسبة إلى الأسطرلاب وهو الآلة المعروفة كلمة
يونانية معناها ميزان الشمس، قيل: ان أول من وضعه بطليموس صاحب
المجسطي المعروف في الهيئة الذي قد حرره الخواجة نصير الدين الطوسي (قده)
قال (ضا) قيل: ان بطليموس كان تلميذ جالينوس وجالينوس تلميذ بليناس
74

وبليناس تلميذ أرسطو، وأرسطو تلميذ أفلاطون، وأفلاطون تلميذ سقراط
وسقراط تلميذ بقراط وبقراط تلميذ جاماسب وجاماسب أخو كشتاسب وهو من
تلامذة لقمان الحكيم مثل فيثاغورث الحكيم المشهور إنتهى.
(بديع الزمان)
أبو الفضل أحمد بن الحسين بن يحيى الهمذاني الشاعر المشهور فاضل جليل
إمامي أديب منشئ، له المقامات وهو مبدعها، ونسج الحريري على منواله،
وزاد في زخرفتها وطبعت المقامات مكررا وطبع بعضها مع ترجمتها باللغة الانكليزية
في مدارس.
وكان بديع الزمان معجزة همذان (1) ومن أعاجيب الزمان يحكى انه كان
ينشد القصيدة التي لم يسمعها قط وهي أكثر من خمسين بيتا فيحفظها كلها ويؤديها
من أولها إلى آخرها لا يخرم منها حرفا، وينظر في أربع أو خمس أوراق من
كتاب لم يعرفه ولم يره نظرة واحدة، ثم يمليها على ظهر قلبه، وكان يترجم ما
يقترح عليه من الأبيات الفارسية المشتملة على المعاني الغريبة بالأبيات العربية
فيجمع فيها بين الابداع والاسراع
ومن كلماته البديعة الماء إذا طال مكثه ظهر خبثه، وإذا سكن متنه تحرك
نتنه، وكذلك الضيف يسمج لقاؤه إذا طال ثؤاره ويثقل ظله إذا انتهى محله
روي عن ابن فارس وغيره، وسكن هراة من بلاد خراسان، وكانت وفاته
مسموما بمدينة هراة سنة 398 (شصح).
وحكي انه مات من السكتة وعجل دفنه فأفاق في قبره وسمع صوته بالليل
وانهم نبشوا قبره فوجدوه قد قبض على لحيته ومات من هول القبر.
وذكره الثعالبي في يتيمة الدهر من جملة شعراء الصاحب بن عباد وأثنى
عليه، وقد يطلق البديع على الشيخ عبد الواسع الجبلي وهو أيضا من أرباب

(1) يحكى انه ناظر أبا بكر الخوارزمي فغلبه وبذلك طار صيته في الآفاق.
75

الانشاء وأهل الأدب وهو غير بديع الزمان الهرندي القهبائي الفقيه المحدث،
صاحب شرح الصحيفة السجادية على منشأها آلاف السلام والتحية.
وكان هذا الرجل شيخ الاسلام ببلدة يزد في عهد الشاه عباس الصفوي
رضوان الله تعالى عليه.
(البديعي الدمشقي)
يوسف الفاضل الأديب الناظم الحلبي قاضى الموصل له الصبح المنبي عن
حيثية المتنبي مختصر يحوي على ذكر المتنبي وأخباره ونبذة من قلائد اشعاره
وله هبة الأنام فيما يتعلق بأبي تمام وغير ذلك، توفى سنة 1073 (غعج).
(البراثي)
نسبة إلى براثا بالثاء المثلثة والقصر قرية من نهر الملك ومحلة كانت في طرف
بغداد في قبلة الكرخ، وكان لها مسجد تصلي فيه الشيعة، وقد ورد له فضل
كثير، ويستحب الصلاة وطلب الحوائج فيه.
وتقدم في ابن القادسي انه كان يملي في جامع المنصور مدة، وكان خطيب
بغداد ممن يحضره، ثم مضى إلى مسجد براثا فأملى فيه، قال الخطيب وكانت
الرافضة تجتمع هناك وقال لهم: قد منعني النواصب ان أروي في جامع المنصور
فضائل أهل البيت عليهم السلام، ثم جلس في مسجد الشرقية واجتمعت إليه الرافضة ولهم
إذ ذاك قوة وكلمتهم ظاهرة إنتهى، وينسب إلى براثا أبو شعيب البراثي العابد
الذي أشرنا إليه في سائر كتبنا وغيره.
(البراوستاني)
سلمة بن الخطاب صاحب كتاب ثواب الأعمال وكتاب وفاة النبي صلى الله عليه وآله،
وكتاب مقتل الحسين عليه السلام وغير ذلك يروي عنه جمع من مشائخ قم منهم محمد
ابن الحسن الصفار والحميري وغيرهما رضوان الله تعالى عليهم أجمعين، والبراوستاني
76

بفتح الباء نسبة إلى براوستان من نواحي قم ينسب إليه أبو الفضل أسعد بن محمد
ابن موسى مجد الملك الشيعي الامامي وزير بركيا روق صاحب الآثار الحسنة
كقبة أئمة البقيع عليهم السلام ومشهد الامامين الهمامين الكاظمين " عليه السلام " ومشهد
عبد العظيم الحسني رضى الله تعالى عنه وغير ذلك، قتل سنة 492 (تصب) أو 472
(البرزالي)
الشيخ علم الدين أبو القاسم بن محمد الدمشقي المحدث الماهر المتتبع صاحب
التاريخ المعروف الذي جمع فيه وفيات المحدثين، توفى سنة 738 (ذلح).
(البرزنجي)
جعفر بن الحسن بن عبد الكريم الشافعي مفتي السادة الشافعية بالمدينة
المنورة، كان إماما وخطيبا ومدرسا بالمسجد النبوي، له مؤلفات إحداها
مولد النبي صلى الله عليه وآله المعروف بمولد البرزنجي، وجالية الكدر بأسماء أصحاب سيد
الملائك والبشر وهي منظومة جمع فيها أسماء أهل بدر وأحد، توفى سنة 1177
ودفن بالبقيع.
وقد يطلق البرزنجي على محمد بن عبد الرسول بن عبد السيد الشافعي
الشهرزوري صاحب نواقض الروافض وأنهار السلسبيل في شرح تفسير البيضاوي
توفى سنة 1103 ودفن بالمدينة المنورة
(برزويه الأصبهاني)
أبو جعفر أحمد بن يعقوب المعروف بغلام نفطويه النحوي اخذ عن اليزيدي
وغيره توفى سنة 354 (شند).
(البرزهي)
زين الدين محمد بن القاسم العالم الفقيه الفاضل الذي ينقل قوله في الكتب الفقهية
نسب إلى البرزة وهي قرية ببيهق من نواحي نيسابور منها حمزة بن حسين البيهقي
77

(البرسي) انظر الحافظ رجب
(البرقاني)
نسبة إلى برقان بفتح أوله، وبعضهم يقول: بكسره من قرى كاث شرقي
جيحون على شاطئه بينها وبين الجرجانية مدينة خوارزم يومان، منها أبو بكر
أحمد بن محمد بن أحمد بن غالب الخوارزمي البرقاني سمع ببلده وورد بغداد
فسمع أبا علي الصواف وأبا بكر القطيعي وسمع ببلاد كثيرة مثل جرجان
ونيسابور وهراة وغيرها، ثم استوطن بغداد وكتب عنه أبو بكر الخطيب،
وروى عنه كثيرا في تاريخ بغداد، قال الخطيب: وكان ثقة ورعا متقنا مثبتا
لم نر في شيوخنا أثبت منه كان حافظا للقرآن عارفا بالفقه، له حظ من علم العربية
كثير الحديث، صنف مسندا ضمنه ما اشتمل عليه صحيح البخاري ومسلم ولم
يقطع التصنيف إلى حين وفاته، وكان حريصا على العلم منصرف الهمة إليه،
وكان له كتب كثيرة إنتقل من الكرخ إلى قرب باب الشعير، وكان عدد أسفاط
كتبه ثلاثة وستين سفطا وصندوقين، وكان مولده في آخر سنة 336 ومات
سنة 425 ببغداد.
(البرقي)
أبو عبد الله محمد بن خالد بن عبد الرحمان بن محمد بن علي البرقي ينسب إلى
برق رود قرية من سواد قم على واد هناك، كان أديبا حسن المعرفة بالاخبار
وعلوم العرب له كتب، وعده ابن النديم من أصحاب الرضا عليه السلام وابنه الشيخ الأجل
الأقدم أبو جعفر أحمد بن محمد بن خالد البرقي قالوا في حقه انه كان ثقة في
نفسه يروى عن الضعفاء واعتمد المراسيل، وصنف كتاب المحاسن وغيرها وقد
زيد المحاسن ونقص.
أصله كوفي، وكان جده محمد بن علي، حبسه يوسف بن عمر بعد قتل
78

زيد ثم قتله، وكان خالد صغير السن فهرب مع أبيه عبد الرحمان إلى برق رود
قرية من قرى قم فأقاموا بها.
وعن ابن الغضائري قال: طعن عليه القميون، وكان أحمد بن محمد بن
عيسى أبعده عن قم، ثم أعاده إليها، واعتذر إليه، ولما توفى مشى أحمد بن
محمد بن عيسى في جنازته حافيا حاسرا ليبرئ نفسه مما قذفه به إنتهى.
ويقال: ان أحمد بن فارس وأبا الفضل العباس بن محمد النحوي الملقب عرام
شيخي الصاحب بن عباد كانا من تلاميذ البرقي، وعنه أخذا.
توفى سنة 274 أو سنة 280 بقم، وليس لقبره الشريف أثر في زماننا
ككثير من قبور العلماء والمحدثين.
قال العلامة المجلسي رحمة الله: ومقابر قم مملوءة من الأفاضل والمحدثين
وإكرامهم اكرام الأئمة الطاهرين عليهم السلام.
(برهان الدين)
ويقال ابن الدهان أيضا أبو شجاع محمد بن علي بن شعيب البغدادي الفرضي
الحاسب النحوي الأديب الشاعر الماهر في النجوم، صنف غريب الحديث، ومن
شعره ما كتبه إلى بعض وقد عوفي من مرضه.
نذر الناس يوم برئك صوما * غير اني عزمت وحدي فطرا
عالما ان يوم برئك عيد * لا أرى صومه ولو كان نذرا
توفى سنة 590 (ثص) بالحلة، وبرهان الدين الفرغاني المرغيناني شيخ الاسلام
أبو الحسن علي بن أبي بكر بن عبد الجليل الذي ذاع صيته بتأليف كتاب بداية
المبتدي مع شرحه المسمى بالهداية في الفقه الحنفي.
حكي انه بقي في تصنيفه ثلاث عشرة سنة وكان صائما في تلك المدة لا يفطر
أصلا، وكان يجتهد ان لا يطلع على صومه أحد فصار كتابه مرجعا للفضلاء
ومنظرا للفقهاء، توفى بسمرقند سنة 593.
79

(البزار)
أبو بكر أحمد بن عمر البصري الحافظ صاحب المسند الكبير من علماء العامة
كانوا يشبهونه بأحمد بن حنبل في زهده وورعه رحل في آخر عمره إلى الشام ونشر
علمه، توفى بالرملة من الشام سنة 292 (صبر)، وقد يطلق على خلف بن هشام
ابن ثعلب البغدادي أبي محمد البزار المقري، ذكره الخطيب في تاريخ بغداد
وأثنى عليه، وروى أنه كان يشرب من الشراب على التأويل، ثم تركه فكان
يصوم الدهر إلى أن مات، وانه كان عابدا فاضلا، وقال: أعدت صلاة أربعين
سنة كنت أتناول فيها الشراب على مذهب الكوفيين، توفى سنة 229، والبزار
بتقديم الزاي على الراء المهملة كشداد بياع نزر؟ الكتان أي زيته.
(البزنطي)
أحمد بن محمد بن أبي نصر الكوفي أحد من أجمع الأصحاب على تصحيح ما
يصح عنه، وأقروا له بالفقه، وكان ممن لقي الرضا وأبا جعفر عليهما السلام،
وكان عظيم المنزلة عندهما، وكان له كتاب الجامع، وكان من الواقفية فاستبصر
روى عن قرب الاسناد عن ابن عيسى عن البزنطي قال بعث إلى الرضا عليه السلام
بحمار له فجئت إلى صريا فمكثت عامة الليل معه، ثم اتيت بعشاء ثم قال افرشوا
له ثم اتيت بوسادة طبرية ومرادع وكساء قياصري وملحفة مروي فلما أصبت
من العشاء قال لي: ما تريد ان تنام؟ قلت بلى جعلت فداك فطرح علي الملحفة
والكساء ثم قال بيتك الله في عافية، وكنا على سطح فلما نزل من عندي قلت
في نفسي قد نلت من هذا الرجل كرامة ما نالها أحد قط فإذا هاتف يهتف بي
يا احمد ولم أعرف الصوت حتى جاءني مولى له فقال: أجب مولاي فنزلت فإذا
هو مقبل إلى فقال كفك فناولته كفي فعصرها، ثم قال: ان أمير المؤمنين عليه السلام
أتى صعصعة بن صوحان عائدا له فلما أراد ان يقوم من عنده قال: يا صعصعة بن
80

صوحان عائدا له، فلما أراد ان يقوم من عنده قال: يا صعصعة بن صوحان
لا تفتخر بعيادتي إياك وانظر لنفسك فكأن الامر قد وصل إليك ولا يلهينك الامل
استودعك الله واقرأ عليك السلام كثيرا.
وروى الشيخ الكليني عنه قال قلت لأبي الحسن الرضا " عليه السلام " جعلت فداك
اكتب لي إلى إسماعيل بن داود الكاتب لعلي أصيب منه، قال: أنا أظن بك
ان تطلب مثل هذا وشبهه ولكن عول على مالي، قال العلامة المجلسي في شرح
الخبر هذا يدل على رفعة شأن البزنطي وكونه من خواصه كما يظهر من سائر الأخبار
، إنتهى.
توفي سنة 221 (كار) والبزنطي نسبة البزنط بفتح الموحدة والزاي وسكون
النون موضع، منه الثياب البزنطية.
(البزوفري)
أبو عبد الله الحسين بن علي بن سفيان، من أجلاء الطائفة الإمامية يروي
عنه التلعكبري وغيره.
قال (جش) شيخ ثقة جليل من أصحابنا، له كتب منها: كتاب الحج
وكتاب ثواب الأعمال وكتاب احكام العبيد، قرأت هذا الكتاب على شيخنا
أبي عبد الله، كتاب الرد على الواقفة كتاب سيرة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والأئمة عليهم السلام
في المشركين أخبرنا بجميع كتبه أحمد بن عبد الواحد أبو عبد الله البزاز
عنه، إنتهى.
والبزوفري: نسبة إلى بزوفر، كغضنفر قرية قريبة من واسط في
غربي دجلة (عين).
(البساسيري)
أبو الحرث أرسلان بن عبد الله التركي مقدم الأتراك ببغداد الذي خطب
81

له على منابر العراق وخوزستان فعظم أمره وهابته الملوك ثم خرج على القائم (1)
بأمر الله وأخرجه من بغداد وخطب للمستنصر العبيدي صاحب مصر بجامع
المنصور وزيد الاذان حي على خير العمل فراح القائم بأمر الله إلى أمير العرب
محيي الدين العقيلي صاحب الحديثة وعانة فآواه وقام بجميع ما يحتاج إليه مدة
سنة كاملة حتى جاء طغرل بك السلجوقي وقاتل اليساسيري وقتله، وعاد القائم
إلى بغداد، وكان دخوله في مثل اليوم الذي خرج منها بعد حول كامل
وكان ذلك في 25 ذي القعدة سنة 451 (تسا) والبساسيري نسبة إلى بلدة بفارس
يقال لها بسا وبالعربية فسا والنسبة فسوي وأهل فارس يقولون بساسيري نسبة
شاذة على خلاف الأصل قيل كان سيد أرسلان المذكور بهاء الدولة بن عضد الدولة
من بسا فننسب المملوك إليه.
(البسامي) انظر ابن بسام
(البستي)
أبو الفتح علي بن محمد الشاعر الكاتب الأديب المعروف بجودة الشعر صاحب
القصيدة النونية المشتملة على الحكم والمواعظ أوردها الدميري في حياة الحيوان
في ثعبان منها قوله:
زيادة المرء في دنياه نقصان * وربحه بعد محض الخير خسران
وكل وجدان حظ لاثبات له * فان معناه في التحقيق فقدان

(1) هو عبد الله بن أحمد القادر بالله بن إسحاق بن جعفر المقتدر بالله بن أحمد
المعتضد بالله بن أبي احمد الموفق بن جعفر المتوكل على الله بن المعتصم بالله بن
هارون الرشيد، ولد 18 (قع) سنة 391، بويع بالخلافة بعد موت أبيه في 11
(حج) سنة 422 ولم يزل أمره مستقيما إلى أن قبض عليه سنة 450.
82

يا عامرا لخراب الدهر مجتهدا * بالله هل لخراب الدهر عمران
يا خادم الجسم كم تسعى لخدمته * فأنت بالنفس لا بالجسم إنسان
من رافق الرفق في كل الأمور فلم * يندم عليه ولم يذممه إنسان
وذو القناعة راض في معيشته * وصاحب الحرص ان أثرى فغضبان
هما رضيعا لبان حكمة وتقى * وساكنا وطن مال وطغيان
ومن شعر البستي أيضا:
من شاء عيشا رخيا يستفيد به * في دينه ثم في دنياه إقبالا
فلينظرن إلى ما فوقه أدبا * ولينظرن إلى ما دونه مالا
ومن ألفاظه البديعة قوله: من أصلح فاسده أرغم حاسده، من أطاع غضبه
أضاع أدبه، عادات السادات سادات العادات، من سعادة جدك وقوفك عند
حدك، ومن شعره في مدح الشريف أبي جعفر محمد بن موسى بن أحمد بن القاسم
ابن حمزة بن الإمام موسى الكاظم " عليه السلام ":
أنا للسيد الشريف غلام * حيثما كان فليبلغ سلامي
وإذا كنت للشريف غلاما * فأنا الحر والزمان غلامي
وقال في مدح آل فريغون:
بني فريغون قوم في وجوههم * سيما الهدى وسناء السؤدد العالي
كأنما خلقوا من سؤدد وعلا * وسائر الناس من طين وصلصال
من تلق منهم تقل هذا أجلهم * قدرا وأسخاهم بالنفس والمال
يا سائلي ما الذي حصلت عندهم * دع السؤال وقم فانظر إلى حالي
ألا ترى ان حالي كيف قد حليت * بهم ألم تر حالي عند ترحالي
فان أكن ساكنا عن شكر أنعمهم * فان ذاك لعجزي لا لاغفالي
توفى ببخارى في حدود سنة أربعمائة، والبستي نسبة إلى بست كقفل مدينة
من بلاد كابل بين سجستان وغزنين وهراة كثيرة الأشجار والأنهار.
83

(البصري)
نسبة إلى البصرة وهي بلدة معروفة، وفي مجمع البحرين البصرة وزن تمرة
بلدة إسلامية بنيت في خلافة الخليفة الثاني في ثماني عشرة من الهجرة سميت
بذلك لان البصرة الحجارة الرخوة وهي كذلك فسميت بها، وفي كلام أمير المؤمنين
عليه السلام البصرة مهبط إبليس ومغرس الفتن إنتهى.
ينسب إليها الحسن البصري أبو سعيد بن أبي الحسن يسار مولى زيد بن
ثابت الأنصاري أخو سعيد وعمارة وأمهم خيرة مولاة أم سلمة زوج النبي (صلى الله عليه وآله)
كان الحسن أحد الزهاد الثمانية، وكان يلقى الناس بما يهوون ويتصنع المرئاسة
وكان رئيس القدرية.
قال ابن أبي الحديد وممن قيل إنه يبغض عليا ويذمه الحسن بن أبي الحسن
البصري، وروى أنه كان من المخذلين عن نصرته وروى القطب الراوندي (ره)
ان أمير المؤمنين " عليه السلام " اتى الحسن البصر يتوضأ في ساقية فقال أسبغ طهورك
يا لفتى قال لقد قتلت بالأمس رجالا كانوا يسبغون الوضوء قال: وانك لحزين
عليهم؟ قال نعم، قال فأطال الله حزنك، قال أيوب السجستاني: فما رأينا
الحسن قط إلا حزينا كأنه رجع عن دفن حميم أو خرنبدج (1) ضل حماره
فقلت له في ذلك فقال: عمل في دعوة الرجل الصالح ولفتى بالنبطية شيطان،
وكانت أمه سمته بذلك ودعته به في صغره فلم يعرف ذلك أحد حتى دعا به علي
عليه السلام، وعن تقريب ابن حجر قال في حقه: ثقة فقيه فاضل مشهور،
وكان يرسل كثيرا ويدلس، وكان يروي عن جماعة لم يسمع منهم ويقول
حدثنا. إنتهى.

(1) خرنبدج لعله معرب خرنبده أي مكاري الحمار.
84

وروى عن تلميذه ابن أبي العوجاء انه لما قيل له لم تركت مذهب صاحبك
ودخلت فيما لا أصل له ولا حقيقة؟ قال: ان صاحبي كان ملطخا كان يقول:
طورا بالقدر وطورا بالجبر، وما أعلمه اعتقد مذهبا دام عليه، توفى في رجب
سنة 110 (قي)، ولد سنة 89.
وعنوان البصري هو الذي نقل عنه خبر في آداب العلم ينبغي ذكره لكثرة
فائدته، قال العلامة المجلسي (ره) في البحار وجدت بخط شيخنا البهائي قدس
الله روحه ما هذا لفظه: قال الشيخ شمس الدين محمد بن مكي نقلت من خط
الشيخ احمد الفراهاني " ره " عن عنوان البصري وكان شيخا كبيرا قد اتى
عليه أربع وتسعون سنة، قال: كنت اختلف إلى مالك بن انس سنين فلما
قدم جعفر الصادق " عليه السلام " المدينة اختلفت إليه وأحببت ان آخذ عنه كما اخذت
عن مالك، فقال لي يوما: اني رجل مطلوب ومع ذلك لي أوراد في كل ساعة
من آناء الميل والنهار فلا تشغلني عن وردي وخذ عن مالك واختلف إليه كما
كنت تختلف إليه فاغتممت من ذلك وخرجت من عنده وقلت في نفسي لو تفرس
في خيرا لما زجرني عن الاختلاف إليه والاخذ عنه فدخلت مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله)
وسلمت عليه ثم رجعت من الغد إلى الروضة وصليت فيها ركعتين وقلت أسألك
يا الله يا الله ان تعطف علي قلب جعفر وترزقني من علمه ما أهتدي به إلى صراطك
المستقيم ورجعت إلى دارى مغتما ولم اختلف إلى مالك بن انس لما اشرب قلبي من
حب جعفر فما خرجت من داري إلا إلى الصلاة المكتوبة حتى عيل صبري فلما
ضاق صدري تنعلت وترديت وقصدت جعفرا، وكان بعد ما صليت العصر فلما
حضرت باب داره استأذنت عليه فخرج خادم له فقال: ما حاجتك؟ فقلت.
السلام على الشريف فقال: هو قائم في مصلاه فجلست بحذاء بابه فما لبثت إلا
يسيرا إذ خرج خادم فقال ادخل على بركة الله فدخلت وسلمت عليه فرد السلام
وقال: اجلس غفر الله لك فجلست فأطرق مليا ثم رفع رأسه وقال: أيؤمن؟
85

قلت أبو عبد الله قال: ثبت الله كنيتك ووفقك يا أبا عبد الله ما مسألتك؟
فقلت في نفسي لو لم يكن لي من زيارته والتسليم غير هذا الدعاء لكان كثيرا،
ثم رفع رأسه ثم قال: ما مسألتك؟ فقلت: سألت الله ان يعطف قلبك علي
ويرزقني من علمك، وأرجو ان الله تعالى أجابني في الشريف ما سألته فقال:
يا أبا عبد الله ليس العلم بالتعليم إنما هو نور يقع في قلب من يريد الله تبارك
وتعالى ان يهديه فان أردت العلم فاطلب أولا في نفسك حقيقة العبودية واطلب
العلم باستعماله واستفهم الله يفهمك، قلت يا شريف: فقال: قل يا أبا عبد الله
قلت: يا أبا عبد الله ما حقيقة العبودية؟ قال: ثلاث أشياء ان لا يرى العبد
لنفسه فيما خوله الله ملكا، لان العبيد لا يكون لهم ملك يرون المال مال الله
يضعونه حيث أمرهم الله به، ولا يدبر العبد لنفسه تدبيرا وجملة اشتغاله فيما أمره
تعالى به ونهاه عنه، فإذا لم يرد العبد لنفسه فيما خوله الله تعالى ملكا هانت عليه
الانفاق فيما أمره الله تعالى ان ينفق فيه، وإذا فوض العبد تدبير نفسه على مدبره
هان عليه مصائب الدنيا، وإذا اشتغل العبد بما أمره الله تعالى ونهاه لا يتفرغ
منهما إلى المراء والمباهاة مع الناس، فإذا أكرم الله العبد بهذه الثلاثة هان عليه
الدنيا وإبليس والخلق، ولا يطلب الدنيا تكاثرا وتفاخرا، ولا يطلب ما عند
الناس عزا وعلوا، ولا يدع أيامه باطلا، فهذا أول درجة التقى.
قال الله تبارك وتعالى: (تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا
في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين)، قلت: يا أبا عبد الله أوصني، قال
أوصيك بتسعة أشياء فإنها وصيتي لمريدي الطريق إلى الله تعالى، والله اسأل ان
يوفقك لاستعماله، ثلاثة منها في رياضة النفس وثلاثة منها في الحلم وثلاثة منها
في العلم فاحفظها، وإياك والتهاون بها، قال عنوان ففرغت قلبي له فقال: أما
اللواتي في الرياضة فإياك ان تأكل ما لا تشتهيه فإنه يورث الحماقة والبله ولا تأكل
إلا عند الجوع، وإذا اكلت فكل حلالا وسم الله واذكر حديث الرسول صلى الله عليه وآله
86

ما ملا آدمي وعاء شرا من بطنه فان كان ولا بد فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث
لنفسه، وأما اللواتي في الحلم فمن قال لك ان قلت واحدة سمعت عشرا فقل
ان قلت عشرا لم تسمع واحدة، ومن شتمك فقل له: إن كنت صادقا فيما
تقول فاسأل الله ان يغفر لي، وإن كنت كاذبا فيما تقول فالله اسأل ان يغفر لك
ومن وعدك بالخناء فعده بالنصيحة والرعاء.
وأما اللواتي في العلم: فاسأل العلماء ما جهلت، وإياك ان تسألهم تعنتا
وتجربة، وإياك ان تعمل برأيك شيئا، وخذ بالاحتياط في جميع ما تجد إليه
سبيلا، واهرب من الفتيا هربك من الأسد، ولا تجعل رقبتك للناس جسرا،
قم عني يا أبا عبد الله فقد نصحت لك، ولا تفسد علي وردي فاني امرؤ ضنين بنفسي
والسلام على من اتبع الهدى.
(البطليوسي)
جماعة أشهرهم عبد الله بن محمد الذي تقدم في ابن السيد وأخوه علي بن محمد
وهو نسبة إلى بطليوس بفتح الموحدة بلد بالأندلس.
(البعلبكي)
نسبة إلى بعلبك بالعين الساكنة بين الفتحات وتشديد الكاف مدينة قديمة
فيها أبنية عجيبة وآثار عظيمة وقصور على أساطين الرخام لا نظير لها في الدنيا
بينها وبين دمشق ثلاثة أيام قال الحموي وببعلبك دبس وجبن وزيت ولبن ليس
في الدنيا مثلها يضرب بها المثل، قيل: ان بعلبك كانت مهر بلقيس وبها قصر
سليمان بن داود عليه السلام وهو مبني على أساطين الرخام، وبها قبر يزعمون أنه قبر
مالك الأشتر النخعي وليس بصحيح فان الأشتر مات مسموما بالقلزم في طريقه
إلى مصر ويقال انه نقل إلى المدينة فدفن بها، قال الحموي وقبره بالمدينة معروف
87

وينسب إليها جماعة من أهل العلم منهم أبو المضاء البعلبكي محمد بن علي بن الحسن
ابن محمد بن أبي المضاء سمع بدمشق أبا بكر الخطيب وأبا الحسن بن أبي الحديد
وغير ذلك، توفى سنة 509.
(البغوي)
أبو القاسم عبد الله محمد بن عبد العزيز صاحب المعجم، ولد ببغداد سنة
213 (جير) ونشأ بها، وكان محدث العراق في عصره، عمر عمرا طويلا حتى
رحل إليه الناس وكتب عنه الأجداد والأحفاد والآباء والأولاد، وكان يورق
أولا ثم رجع وصنف المعجم الكبير للصحابة، سمع أحمد بن حنبل وعلي ابن المديني
وخلقا يطول ذكرهم من شيوخ البخاري ومسلم.
توفى سنة 317 (شيز)، وقد يطلق على أبى محمد الحسين بن مسعود بن
محمد الشافعي المعروف بالفراء البغوي، والملقب بمحيي السنة، كان محدثا مفسرا
فاضلا، روى الحديث ودرس، وكان لا يلقي الدرس إلا على الطهارة وصنف
التهذيب في الفقه والجمع بين الصحيحين، وكتاب شرح السنة، ومعالم التنزيل
والمصابيح وغيره.
توفى بمروروذ سنة 510، وقيل سنة 516، والبغوي بفتحتين نسبة
إلى بغشور بفتح أوله وسكون ثانيه وضم ثالثه معرب باغ كور بلد بين هراة
وسرخس وهذه النسبة شاذة على غير قياس.
(البقباق)
كصلصال أبو العباس فضل بن عبد الملك الكوفي من أصحاب أبي عبد الله
الصادق عليه السلام وثقه جماعة من أرباب الرجال وعده الشيخ (ره) من فقهاء
أصحاب الصادقين الاعلام والرؤساء المأخوذ منهم الحلال والحرام والفتيا والاحكام
الذين لا يطعن عليهم ولا طريق إلى ذم واحد منهم.
88

(البكالي)
نوف بفتح النون وسكون الواو ابن فضالة الحميري من علماء التابعين
ويظهر من الروايات، انه كان له اختصاص بأمير المؤمنين عليه السلام قال الجوهري
نوف البكالي كان حاجب علي " عليه السلام ".
روى الشيخ الصدوق عن نوف قال: أتيت أمير المؤمنين عليه السلام وهو
في رحبة الكوفة فقلت: السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته فقال:
وعليك السلام يا نوف ورحمة الله وبركاته، فقلت: يا أمير المؤمنين عظني فقال:
يا نوف أحسن يحسن إليك، فقلت: زدني يا أمير المؤمنين فقال: يا نوف ارحم
ترحم، فقلت: زدني يا أمير المؤمنين قال: يا نوف قل خيرا تذكر بخير فقلت
زدني يا أمير المؤمنين قال: اجتنب الغيبة فإنها أدام كلاب النار، ثم قال قال " عليه السلام "
يا نوف كذب من زعم أنه ولد من حلال وهو يأكل لحوم الناس بالغيبة وكذب
من زعم أنه ولد من حلال وهو يبغضني ويبغض الأئمة من ولدي.
وكذب من زعم أنه ولد من حلال وهو يحب الزنا، وكذب من زعم أنه
يعرف الله عز وجل وهو يجترئ على معاصي الله كل يوم وليلة، يا نوف إقبل
وصيتي لا تكونن نقيبا ولا عريفا ولا عشارا ولا بريدا.
يا نوف: صل رحمك يزيد الله في عمرك وحسن خلقك يخفف الله في حسابك
يا نوف: إن سرك ان تكون معي يوم القيامة فلا تكن للظالمين معينا، يا نوف
من أحبنا كان معنا يوم القيامة، ولو أن رجلا أحب رجلا لحشره الله معه،
يا نوف إياك ان تتزين للناس وتبارز الله بالمعاصي فيفضحك الله يوم تلقاه، يا نوف
احفظ عني ما أقول لك تنل به خير الدنيا والآخرة.
أقول: روى الخطيب في تاريخ بغداد في المجلد السابع ص 162 عن جعفر
ابن مبشر الثقفي باسناده عن نوف البكالي قال: بايت عليا عليه السلام فأكثر الدخول
89

والخروج والنظر في السماء، ثم قال لي: أنائم أنت يا نوف؟ قلت رامق أرمقك
بعيني منذ الليلة يا أمير المؤمنين قال فقال لي: يا نوف طوبى للزاهدين في الدنيا
الراغبين في الآخرة أولئك قوم اتخذوا ارض الله بساطا وترابها فراشا وماءها طيبا
والكتاب شعارا، والدعاء دثارا، ثم قرضوا الدنيا قرضا قرضا على منهاج
المسيح ابن مريم.
يا نوف: ان الله أوحى إلى عبده المسيح ان قل لبني إسرائيل لا تدخلوا
بيتا من بيوتي إلا بقلوب طاهرة، وأبصار خاشعة، وأكف نقية، وذكر
باقي الحديث إنتهى.
وروى شيخنا الصدوق " ره " ما يقرب من ذلك عن نوف قال: بت ليلة
عند أمير المؤمنين عليه السلام فكان يصلي الليل كله ويخرج ساعة بعد ساعة فينظر
إلى السماء ويتلو القرآن، قال: فمر بي بعد هدء من الليل فقال: يا نوف أراقد
أنت أم رامق؟ قلت: بل رامق أرمقك ببصري يا أمير المؤمنين، قال يا نوف
طوبى للزاهدين في الدنيا الراغبين في الآخرة، الحديث، وفي آخره وقل لهم
اعلموا اني غير مستجيب لأحد منكم دعوة ولأحد من خلقي قبله مظلمة الخ.
أقول: روى العلامة المجلسي رحمه الله في البحار عن نوف قال: قلت
لأمير المؤمنين عليه السلام يا أمير المؤمنين اني خائف على نفسي من الشره والتطلع
إلى طمع من أطماع الدنيا، فقال لي: وأين أنت عن عصمة الخائفين وكهف
العارفين؟ فقلت: دلني عليه؟ قال الله العلي العظيم، الخبر.
وعن فلاح السائل عن حبة العرني قال: بينا أنا ونوف نائمين في رحبة
القصر إذ نحن بأمير المؤمنين " عليه السلام " في بقية من الليل واضعا يده على الحائط شبيه
الواله وهو يقول: (إن في خلق السماوات والأرض) إلى آخر الآية، قال:
ثم جعل يقرأ هذه الآيات ويمر شبه الطائر عقله، فقال لي: أراقد أنت
90

يا حبة (1) أم رامق؟ قال: قلت رامق هذا أنت تعمل هذا العمل فكيف نحن قال
فأرخى عينيه فبكى، ثم قال لي: يا حبة ان لله موقفا ولنا بين يديه موقفا لا يخفى
عليه شئ من أعمالنا.
يا حبة: ان الله أقرب إلي وإليك من حبل الوريد، يا حبة انه لا يحجبني
ولا إياك عن الله شئ.
قال ثم قال: أراقد أنت يا نوف؟ قال: لا يا أمير المؤمنين ما أنا براقد
وقد أطلت بكائي هذه الليلة، فقال: يا نوف إن طال بكاؤك في هذه الليلة مخافة
من الله تعالى قرت عيناك غدا بين يدي الله عز وجل.
يا نوف: انه ليس من قطرة قطرت من عين رجل من خشية الله إلا أطفأت

(1) حبة بن جوين بن علي بن فهم بن مالك أبو قدامة العرني الكوفي
تابعي حدث عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب " عليه السلام " وابن مسعود وحذيفة بن
اليمان، وروى عنه سلمة بن كهيل وأبو المقدام ثابت بن هرمز وغيرهما، ورد
المدائن في حياة حذيفة بن اليمان، وشهد بعد ذلك مع أمير المؤمنين عليه السلام
النهروان، ذكره الخطيب في تاريخ بغداد، وقال في حقه: انه من أصحاب
علي عليه السلام شيخ كوفي، وكان يتشيع
وروى عن سلمة بن كهيل قال: ما رأيت حبة العرني قط إلا يقول:
سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر إلا ان يكون يصلى أو يحدثنا
وروى عن حبة قال: انطلقت أنا وأبو مسعود إلى حذيفة بالمدائن فدخلنا عليه
فقلنا: يا أبا عبد الله حدثنا فانا نخاف الفتن فقال: عليكم بالفئة التي فيها ابن سمية
(يعني عمار بن ياسر) فاني سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: تقتله الفئة الباغية
عن الطريق، وان آخر رزقه ضياح من لبن، مات حبة سنة خمس أو ست وسبعين
رحمة الله تعالى عليه.
91

بحارا من النيران انه ليس من رجل أعظم منزلة عند الله تعالى من رجل بكى من
خشية الله وأحب في الله، وأبغض في الله.
يا نوف: انه من أحب في الله لم يستأثر على محبته، ومن أبغض في الله
لم ينل ببغضه خيرا عن ذلك استكملتم حقائق الايمان ثم وعظهما وذكرهما وقال
في أواخره فكونوا من الله على حذر فقد أنذرتكما، ثم جعل يمر وهو يقول:
ليت شعري في غفلاتي أمعرض أنت عني أم ناظر إلي، وليت شعري في طول
منامي وقلة شكري في نعمك علي ما حالي؟ قال: فوالله ما زال في هذا الحال
حتى طلع الفجر.
(والبكالي) بكسر الموحدة وتخفيف الكاف نسبة إلى بني بكال ككتاب بطن
من حمير منهم نوف بن فضالة المذكور.
(البكائي العامري)
أبو محمد زياد بن عبد الله بن الطفيل الكوفي روى سيرة رسول الله صلى الله عليه وآله
عن محمد إسحاق وروى عنه عبد الملك بن هشام، وخرج عنه البخاري في كتاب
الجهاد، ومسلم في مواضع من كتابه، توفى سنة 183 بالكوفة.
(والبكاء) بفتح الموحدة وتشديد الكاف، هذه النسبة إلى البكائي،
واسمه ربيعة بن عامر بن ربيعة بن عامر بن صعصعة، وسمى البكائي لان أمه
كانت تزوجت رجلا من بعد أبيه، فدخل يوما عليها الخباء فرأى أمه تحت
زوجها فتوهم انه يريد قتلها فرفع صوته بالبكاء وهنك عنهما الخباء وقال:
وا أماه فسمي البكاء.
(البلاذري)
أبو جعفر أحمد بن يحيى بن جابر البغدادي شاعر كاتب مترجم له كتاب
فتوح البلدان وأنساب الأشراف، وكتاب أردشير، كان منشأه ببغداد وكان
92

مقربا عند خلفاء عصره المتوكل والمستعين والمعتز، وكان أحد النقلة من الفارسي
إلى العربي، توفى سنة 279 (عطر).
(البلاغي)
يطلق على جمع من العلماء الفضلاء الساكنين في النجف الأشرف، ويقال
لهم البلاغيون: أولهم الشيخ الفقيه المتبحر الصفي محمد علي بن محمد البلاغي النجفي
قال سبطه الفاضل الشيخ حسن بن العباس بن محمد علي في كتاب تنقيح المقال
على ما حكى عنه (ضا) محمد علي بن محمد البلاغي جدي رحمه الله من وجوه علمائنا
المجتهدين المتأخرين وفضلائنا المتبحرين ثقة، عين صحيح الحديث واضح الطريق
نقي الكلام جيد التصانيف، له تلاميذ فضلاء أجلاء علماء، وله كتب حسنة
جيدة منها شرح أصول الكليني، ومنها شرح الارشاد للعلامة الحلي (ره) وله
حواش على التهذيب والفقيه، وله حواش على أصول المعالم وغيرها، وكان من
تلامذة الفاضل الورع أحمد بن محمد الأردبيلي.
توفى (ره) في كربلاء على مشرفها أفضل التحية، ودفن في الحضرة
المقدسة، وكان ذلك في شهر شوال سنة ألف هجرية على صاحبها الصلاة
والتحية، إنتهى.
2 - سبطه الشيخ حسن بن العباس بن الشيخ محمد علي المذكور صاحب
تنقيح المقال في علم الرجال وشرح الصحيفة السجادية جزءان فرغ منه في رجب
1105 وله تعليقات على الاستبصار وغيره.
3 - ابنه الشيخ عباس بن حسن البلاغي عالم كبير من فقهائنا المجتهدين
له رسالة عملية في الطهارة والصلاة مصدرة بالعقائد الحقة سماها بنية الطالب فرغ
منها سنة 1170 بالشام عند منصرفه من الحج، ورسالة فيما يتعلق بالنكاح من
السنن، فرغ منها سنة 1161.
93

وابنه الشيخ محمد علي عالم محقق له شرح تهذيب العلامة وكثير من أبواب
الفقه وهو والد الشيخ احمد العالم الفاضل وجد الشيخ طالب الآتي ذكره من
قبل أمه وابن أخيه الشيخ إبراهيم بن الحسين بن الشيخ عباس عالم فاضل مر في
منصرفه من الحج على جبل عاملة فطلب منه البقاء هنالك لخدمة الدين فأجابهم
على ذلك إلى أن توفاه الله تعالى بها وله إلى الآن في قرى جبل عامل ذرية
يعرفون ومنهم أدباء.
4 - الشيخ طالب بن العباس بن الشيخ إبراهيم بن الحسين بن الشيخ
عباس كان من تلامذة علامة الأواخر صاحب الجواهر (ره)، وكان معروفا
بالفضل التقوى والزهد والايثار ولأصحابه من أهل العلم فيه مدائح، وكان
العلامة الشيخ محمد طه نجف يذكر للشيخ طالب كرامة كبيرة ضمنها رسالته في
أحوال الشيخ حسين نجف.
5 - بطل العلم الشيخ محمد الجواد بن الشيخ حسن بن الشيخ طالب
المذكور ذكر ترجمته الفاضل الأديب الميرزا محمد علي الغروي الأردبادي وطبع
في مجلة الرضوان، ولما كان بناؤنا في هذا الكتاب على الاختصار فنكتفي بملخصه
وحاصله انه رحمه الله تعالى ولد في نيف و 1280 في النجف الأشرف وبها كان
نشوؤه وارتقاؤه ومبادئ تحصيله وغاياته غير أنه أتم دروسه العالية لدى اعلام
عصره الفطاحل المولى الاجل الحاج آقا رضا الهمداني، والشيخ محمد طه والمولى
محمد كاظم الخراساني، ثم كانت هجرته إلى سر من رأى على عهد العالم الجليل
القدر الميرزا محمد تقي الشيرازي فطوى هنالك عشرا من الأعوام وبها الف بعض
كتبه كالهدى وغيره، ثم عاد إلى النجف الأشرف واشتغل بالتصنيف والتأليف
وترويج الدين الحنيف.
فمما برز من قلمه الشريف (الرحلة المدرسية) ثلاثة اجزاء باحث فيها
الأديان على أصولها المسلمة عند منتحليها يعرف منها تضلعه في العلوم وسعة اطلاعه
94

واحاطته وقوة عارضته، وطبعت في النجف طبعتين وترجمت إلى الفارسية ترجمتين
(الهدي) إلى دين المصطفى جزءان رد شبهات المسيحية عن الاسلام فكسب
بذلك أهمية كبرى في العالم الاسلامي طبع في سوريا.
(أنوار الهدى) حاول فيه الجواب عن أسئلة سورية في الإلهيات فجاء كالمعول
الهدام لما نسجته عناكب المادية داروين وأصحابه طبع في النجف الأشرف،
(نصائح الهدى) في ادحاض معرة البابية وبيان تناقض دعاوي الباب، طبع
في بغداد، (المصابيح) في نقض مفتريات القاديانيين، (أعاجيب الأكاذيب)
طبع في النجف وله ترجمة فارسية مطبوعة.
(التوحيد والتثليث) طبع في سوريا، (البلاغ المبين) مجموع كبير
جمع فيه جواباته عن الأسئلة الواردة من الديار المختلفة في الدينيات، ولو طبع
لكان أكبر هدية إلى الملا الاسلامي.
(رسالة) في الرد على الوهابية، (أجوبة الأسئلة) البغدادية إلى غير
ذلك من الكتب والرسائل والتعليقات في الفقه والأصول وغير ذلك.
ولقد كان رحمه الله تعالى ضعيفا ناحل الجسم تفانت قواه في المجاهدات،
وكان في آخر أمره مكبا على تأليف تفسير القرآن المجيد بكل جهد أكيد ولكن
لم يمهله الاجل المحتوم فقضى نحبه ليلة 22 من شعبان سنة 1352 (غشنب) في
النجف الأشرف وكان لوفاته أثر كبير في نفوس عظماء الدين كافة وأقيمت الفواتح
له في البلدان العراقية، وتشادق في رثائه الأدباء، جزاه الله تعالى عن الاسلام
خير الجزاء.
(بندار)
أبو بكر محمد بن بشار بن عثمان البصري ذكره الخطيب في تاريخ بغداد
وروي عنه قال: ولدت في السنة التي مات فيها حماد بن سلمة، ومات حماد بن
95

سلمة سنة 167 (قسز).
وروي عن أبي داود السجستاني قال: كتبت عن بندار نحوا من خمسين
ألف حديث، مات في رجب سنة 252 (رنب).
(بندار الرازي)
من شعراء العجم، كان شاعر مجد الدولة الديلمي، أخذ الأدب من صاحب
ابن عباد (ره)، ومن شعره:
تا تاج ولايت علي بر سرمي * هر روز مرا خوشتر ونيكوتر مي
شكرانه انكه ميردين حيدر مي * أز لطف خدا وعفت مادر مي
(بنو زهرة) انظر ابن زهرة
(بنو فضال)
الحسن بن علي بن فضال الذي تقدم في ابن فضال وأولاده علي وأحمد
ومحمد، وهؤلاء فطحيون إلا الحسن كان فطحيا فرجع، والطائفة عملت
بما رواه بنو فضال.
(البوريني)
المولى حسن بن محمد بدر الدين الشافعي الفاضل الذي كان يحفظ الشعر
والآثار والأخبار الكثيرة، جرى بينه وبين شيخنا البهائي مباحثات علمية في
أيام سياحة الشيخ ووروده بدمشق، وله تحريرات على تفسير البيضاوي وحاشية
على المطول وشرح على ديوان ابن الفارض وغير ذلك.
توفى بدمشق سنة 1024 (غكد)، ورثاه تلميذه عبد الرحمان
المفتي بقصيدة مطلعها:
زلزل الكون والقتام علا * وهوى البدر بعد ما كملا
96

(البوزجاني)
أبو الوفا محمد بن محمد بن يحيى الحاسب أحد الأئمة المشاهير في علم الهندسة
وله فيه استخراجات غريبة، توفى سنة 376 (شعو) وبوزجان بالضم بلدة بخراسان
بين هراة ونيسابور.
(البوصيري)
شرف الدين أبو عبد الله محمد بن سعيد الدلاصي صاحب القصيدة الموسومة
بالكواكب الدرية (1) في مدح خير البرية صلى الله عليه وآله فمنها قوله:
محمد سيد الكونين والثقلين * والفريقين من عرب ومن عجم
فاق النبيين في خلق وفي خلق * ولم يدانوه في علم ولا كرم
وكلهم من رسول الله ملتمس * غرفا من البحر أو رشفا من الديم
فهو الذي تم معناه وصورته * ثم اصطفاه حبيبا بارئ النسم
منزه عن شريك في محاسنه * فجوهر الحسن فيه غير منقسم
فمبلغ العلم فيه انه بشر * وانه خير خلق الله كلهم
يا أكرم الخلق مالي من ألوذ به * سواك عند حلول الحادث العمم
فان من جودك الدنيا وضرتها * ومن علومك علم اللوح والقلم
يا نفس لا تقنطي من زلة عظمت * ان الكبائر في الغفران كاللمم
ومنها قوله في معراجه صلى الله عليه وآله:
سريت من حرم ليلا إلى حرم * كما سرى البرق في داج من الظلم
فظلت ترقى إلى أن نلت مرتبة * من قاب قوسين لم تدرك ولم ترم

(1) وسميت بالبردة أيضا، لما حكي انه نظمها في مدة مرض اعتراه
تبركا، فرأى أنه أتاه النبي صلى الله عليه وآله وغطاه ببردته فشفي، ولذلك
سمي بديعيته بالبردة.
97

وقدمتك جميع الأنبياء بها * والرسل تقديم مخدوم على خدم
وأنت تخترق السبع الطباق بهم * في موكب كنت فيه صاحب العلم
حتى إذا لم تدع شأوا لمستبق * من الدنو ولا مرقى لمستنم
خفضت كل مقام بالإضافة إذ * نوديت بالرفع مثل المفرد العلم
وقال الحكيم النظامي في ذلك بالفارسية:
شبي رخ تافته زين دار فاني * بخلوت در سراي أم هاني
رسيده جبرئيل از بيت معمور * براقي برق سير آورده از نور
چه مرغي ازمدينه بر پريده * بأقصى الغايت اقصى رسيده
فلك را قلب در عقرب دريده * أسد رادست بر جبهت كشيده
فرس بيرون جهاندار كل كونين * علم زد بر سرير قاب قوسين
أقول: وللبوصيري قصائد أخرى، منها القصيدة الهمزية في المدائح النبوية
وقصيدة لامية:
إلى متى أنت باللذات مشغول * وأنت عن كل ما قدمت مسؤول
وقد خمس الهمزية امام الأدباء في عصره الفاضل الكامل عبد الباقي الأفندي بن
سليمان الفاروقي العمري حفيد أبى الفضائل الشيخ على المفتي الحنفي الموصلي،
ولعبد الباقي قصائد في مدح سيدنا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام
منها القصيدة العينية أولها:
أنت العلى الذي فوق العلى رفعا * ببطن مكة عند البيت إذ وضعا
وله أيضا في مدح أمير المؤمنين عليه السلام:
يا أبا الأوصياء أنت لطه * صهره وابن عمه وأخوه
إن لله في معاليك سرا * أكثر العالمين ما عرفوه
أنت ثاني الآباء في منتهى الدور * وآباؤه تعد بنوه
خلق الله آدما من تراب * فهو أين له وأنت أبوه
98

وله قصيدة في مدح إمامنا موسى بن جعفر عليه السلام، توفى عبد الباقي ببغداد
سنة 1278 (غرعح).
وتوفى البوصيري سنة 694 (خصد)، والبوصيري أيضا أبو القاسم
هبة الله بن علي بن مسعود الأنصاري الخزرجي المصري، كان أديبا كاتبا، له
سماعات عالية، الحق الأصاغر بالأكابر في علو الاسناد، ولم يكن في آخر عصره
في درجته مثله، توفي في 2 صفر سنة 598 (ثصح)، وبوصير بليدة من صعيد
مصر قتل فيها مروان محمد بن محمد آخر ملوك بني مروان.
(البوفكي)
هو العمركي بن علي بن محمد البوفكي ينسب إلى بوفك قرية من قرى
نيشابور، شيخ من أصحابنا ثقة، روى عنه شيوخ أصحابنا منهم عبد الله
ابن جعفر الحميري، له كتاب الملاحم قاله (جش) وعده الشيخ من أصحاب
العسكري عليه السلام.
(البوني)
أبو العباس أحمد بن علي القرشي الفاضل الصوفي الجفري، الماهر في علم
الاعداد، صاحب الكتب في ذلك منها شمس المعارف الكبرى ينسب إلى بونة
بالضم مدينة في السواحل الإفريقية، توفى سنة 622 (خكب).
(البويطي)
أبو يعقوب يوسف بن يحيى المصري كان من أصحاب الشافعي والقائم مقامه
في الدرس، حمل من مصر إلى بغداد في خلافة الواثق أيام فتنة العلماء في مسألة
القرآن قديم أم مخلوق فحبس ببغداد ولم يزل مسجونا حتى مات سنة 231، قال
الفيروز آبادي بويط كزبير قرية بمصر منها يوسف بن يحيى الامام، أقول ويأتي
في المزني ما يتعلق به.
99

(البويهي)
الشيخ ناصر بن إبراهيم البويهي الأحسائي المنشأ العاملي الخاتمة، كان
من أجلاء العلماء المحققين الفضلاء، هاجر إلى جبل عامل في زمان شبابه وسكن
عيناثا حتى مات بها، واشتغل بطلب العلم، وكان من تلامذة الشيخ ظهير الدين
العاملي، وكان فاضلا محققا مدققا أديبا شاعرا فقيها، له حواش كثيرة على
كتب الفقه والأصول وحاشية على قواعد العلامة، توفى سنة 853 (ضنج)
فعن الشهيد الثاني انه قال: هو من أعقاب ملوك بني بويه ملوك العراقين والعجم
وهم مشهورون، وكان الصاحب بن عباد من وزرائهم، وهم الذين بنوا الحضرة
الشريفة الغروية على مشرفها السلام بعد إحراقها، وعمروا لأنفسهم تربة في مقابل
تربة أمير المؤمنين " عليه السلام " تعرف الآن بقبور السلاطين، وهذا معنى قوله في
كتبه البويهي إنتهى.
وقد يطلق البويهي أيضا على قطب الدين الرازي، الذي يأتي ذكره
إن شاء الله تعالى
(البهائي وبهاء الدين)
شيخ الاسلام والمسلمين محمد بن الحسين بن عبد الصمد الجبعي العاملي
الحارثي، قال صاحب السلافة في حقه ما ملخصه: هو علامة البشر ومجدد دين
الأئمة عليهم السلام على رأس القرن الحادي عشر، إليه انتهت رئاسة المذهب والملة، وبه
قامت قواطع البراهين والأدلة، وجمع فنون العلم فانعقد عليه الاجماع وتفرد
بصنوف الفضل فبهر النواظر والاسماع، فما من فن إلا وله فيه القدح المعلى
والمورد العذب المحلي، إلى أن قال لم يدع قولا لقائل، أو طال لم يأت غيره بطائل
مولده بعلبك عند غروب الشمس يوم الأربعاء لثلاث عشر بقين من ذي الحجة
سنة 953 (ظج)، وانتقل به إلى والده وهو صغير إلى الديار العجمية فنشأ
100

في حجره بتلك الأقطار المحمية، وأخذ عن والده وغيره من الجهابذ حتى أذعن
له كل مناضل ومنابذ، فلما اشتد كاهله وصفت له من العلم مناهله ولى بها شيخ
الاسلام وفوضت إليه أمور الشريعة على صاحبها الصلاة والسلام، ولم يزل آنفا
من الانحياش إلى السلطان راغبا في العزلة عازفا عن الأوطان، يؤمل العود إلى
السياحة، ويرجو الاقلاع عن تلك الساحة، فلم يقدر له حتى وافاه حمامه،
وترنم على أفنان الجنان حمامه، وأخبرني بعض ثقاة الأصحاب ان الشيخ (ره)
قصد قبل وفاته زيارة المقابر في جمع من الاجلاء الأكابر فما استقر بهم الجلوس
حتى قال لمن معه اني سمعت شيئا فهل فيكم من سمعه؟ فأنكروا سؤاله واستغربوا
مقاله، وسألوه عما سمعه فأوهم وعمى في جوابه، ثم رجع إلى داره فأغلق بابه
فلم يلبث ان أصاب داعي الردى فأجابه، وكانت وفاته لاثنتي عشرة خلون من
شوال المكرم سنة 1031 (غلا) بأصبهان ونقل قبل دفنه إلى طوس فدفن بها
في داره قريبا من الحضرة الرضوية على صاحبها أفضل الصلاة والسلام والتحية انتهى
حكي عن المجلسي الأول قال في ترجمة أستاذه الشيخ بهاء الدين انه سمع قبل
وفاته بستة أشهر صوتا من قبر بابا ركن الدين وكنت قريبا منه فنظر إلينا وقال:
سمعتم ذلك الصوت؟ فقلنا: لا فاشتغل بالبكاء والتضرع والتوجه إلى الآخرة
وبعد المبالغة العظيمة قال: اني أخبرت باستعداد الموت وبعد ذلك بستة أشهر
تقريبا توفى، وتشرفت بالصلاة عليه مع جميع الطلبة والفضلاء وكثير من الناس
يقربون من خمسين ألفا إنتهى.
أقول: حكي ان الذي سمعه الشيخ كان هذا (شيخنا در فكر خود باش)،
له مصنفات فائقة مشهورة أكثرها مطبوعة، منها حبل المتين، ومشرق الشمسين
والأربعين، والجامع العباسي، والكشكول، والمخلاة، والعروة الوثقى،
ونان وحلوا والزبدة، والصمدية، وخلاصة الحساب، وتشريح الأفلاك،
والرسالة الهلالية، ومفتاح الفلاح في عمل اليوم والليلة، وهذه الكتب كلها
101

مطبوعة في إيران، وله أيضا الاثني عشريات، والتهذيب، والحواشي على الفقيه
وعلى خلاصة الرجال، وعلى الكشاف والبيضاوي وغير ذلك.
وعن قطب الدين الإشكوري انه قال في ترجمة الشيخ البهائي، وحكى لي
بعض الاعلام انه سمع من المولى الفاضل والحبر الكامل القاضي معز الدين محمد
أقضى القضاة في مدينة أصبهان انه قال: رأيت ليلة من الليالي في المنام أحد
أئمتنا عليهم السلام فقال لي: اكتب كتاب مفتاح الفلاح ودوام العمل بما فيه فلما
استيقظت ولم اسمع اسم الكتاب قط من أحد فتصفحت من علماء أصبهان فقالوا
لم نسمع اسم الكتاب وفي هذا الوقت كان الشيخ الجليل مع معسكر السلطان في
بعض نواحي إيران فلما قدم الشيخ رحمه الله بعد مدة في أصبهان تصفحت منه
أيضا عن هذا الكتاب فقال: صنفت في هذا السفر كتاب دعاء سميته مفتاح
الفلاح إلا اني لم أذكر اسمه لواحد من الأصحاب ولا أعطيت نسخته للانتساخ
لأحد من الأحباب، فذكرت للشيخ المنام فبكى الشيخ وناولني النسخة التي
كانت بخطه وأنا أول من انتسخ ذلك الكتاب من خطه طاب ثراه إنتهى.
(والد الشيخ البهائي)
عز الدين الشيخ حسين بن عبد الصمد بن محمد العاملي قال شيخنا الحر
رضوان الله تعالى عليه في الامل كان عالما ماهرا محققا مدققا متبحرا جامعا أديبا
منشأ شاعرا عظيم الشأن جليل القدر ثقة، من فضلاء تلامذة شيخنا الشهيد
الثاني رحمه الله.
له كتب: منها كتاب الأربعين حديثا ورسالة في الرد على أهل الوسواس
سماها العقد الحسيني، وحاشية الارشاد، ورسالة رحلته وما اتفق في سفره،
وديوان شعره، ورسالة سماها تحفة أهل الايمان في قبلة عراق العجم وخراسان
رد فيها على الشيخ علي بن عبد العالي الكركي حيث أمرهم ان يجعلوا الجدي بين
102

الكتفين وغير محاريب كثيرة مع أن طول تلك البلاد يزيد على طول مكة كثيرا
وكذا عرضها فيلزم انحرافهم عن الجنوب إلى نحو المغرب كثيرا، ففي بعضها
كالمشهد بقدر نصف المسافة خمسة وأربعين درجة وفي بعضها أقل، وله رسائل
أخرى، وكان سافر إلى خراسان وأقام بهراة، وكان شيخ الاسلام بها، ثم
انتقل إلى البحرين، وبها مات سنة 984 (ظفد)، وكان عمره رضوان الله عليه
ستا وستين سنة.
وقد أجازه الشهيد الثاني إجازة عامة مطولة مفصلة إنتهى.
أقول: قد تقدم في أبو الصلت الهروي ما يتعلق بهذا الشيخ في إقامته
بهراة وانتقاله منها إلى البحرين.
وعن اللؤلؤة لشيخنا الاجل الشيخ يوسف بن أحمد بن إبراهيم البحراني
قدس سره قال: أخبرني والدي ان الشيخ حسين بن عبد الصمد كان في مكة
المشرفة قاصدا الجوار فيها إلى أن يموت، وانه رأى في المنام ان القيامة قد قامت
وجاء الامر من الله عز وجل بأن ترفع ارض البحرين بما فيها إلى الجنة فلما رأى
هذه الرؤيا آثر الجوار فيها والموت في أرضها ورجع من مكة وجاء إلى البحرين
وأقام بها إلى أن توفى في 8 ع 1 سنة 984 إنتهى.
قلت: وإلى هذه القامة أشار ولده بهاء الدين في رثائه لأبيه
رضوان الله تعالى عليه:
أقمت يا بحر في البحرين فاجتمعت * ثلاثة كن أمثالا وأشباها
ثلاثة أنت أنداها وأغزرها * جودا وأعذبها طعما وأصفاها
حويت من درر العلياء ما حويا * لكن درك أعلاها وأغلاها
ويا ضريحا حوى فوق السماك علا * عليك من صلوات الله أزكاها
الجبعي: نسبة إلى جبع بضم الجيم وفتح الموحدة قرية من جبل عامل فيها قبر
صاحبي المدارك والمعالم.
103

(والعاملي) نسبة إلى جبل عامل، وفي الأصل يقال جبال عاملة ثم لكثرة
الاستعمال قيل جبل عامل نسبة إلى عاملة بن سبا وسبا هو الذي تفرق أولاده
بعد سيل العرم حتى ضرب بهم المثل فقيل: تفرقوا أيدي سبا كانوا عشرة تيامن
منهم ستة الأزد وكندة ومذحج والأشعرون وأنمار (1) وحمير وتشاءم أربعة
عاملة وجذام ولخم وغسان فسكن عاملة بتلك الجبال وبقى فيها بنوه ونسبت إليهم
وفي أعيان الشيعة عن تاريخ المغربي انه أي جبل عامل - واقع على الطرف الجنوبي
من بلدة دمشق الشام في سعة ثمانية عشر فرسخا من الطول في تسعة فراسخ من
العرض والصواب انه في الجانب الغربي من دمشق لا الجنوبي خرج منه من علماء
الشيعة الإمامية ما ينيف عن خمس مجموعهم مع أن بلادهم بالنسبة إلى باقي البلدان
أقل من عشر العشير كما في أمل الآمل حتى أنه قال: سمعت من بعض مشايخنا
انه اجتمع في جنازة في قرية من قرى جبل عامل سبعون مجتهدا في عصر
الشهيد الثاني رحمه الله إنتهى.
والحارثي نسبة إلى الحارث بن عبد الله الهمداني بسكون الميم لانتهاء
نسب الشيخ البهائي إليه، وكان الحرث صاحب أمير المؤمنين عليه السلام وعده البرقي
في الأولياء من أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام، وقيل: في حقه كان من التابعين
وأفقه الناس وأفرضهم تعلم الفرائض من علي عليه السلام، وذكره الذهبي في المحكي
عن ميزانه فاعترف بأنه من كبار علماء التابعين.
ثم نقل عن ابن حيان القول بكونه غاليا في التشيع، ثم أورد من
تحامل القوم عليه بسبب ذلك شيئا كثيرا، ومع هذا فقد نقل اقرارهم بأنه
كان من أفقه الناس وأفرض الناس وأحسب الناس لعلم الفرائض، واعترف بأنه
حديث الحارث موجود في السنن الأربعة، وان الجمهور مع توهينهم أمره
يروون حديثه في الأبواب كلها، وان الشعبي كان يكذبه، ثم يروي عنه قال

(1) من أنمار خثعم وبجيلة
104

الذهبي وكان الحارث من أوعية العلم.
وروي عن محمد بن سيرين انه قال: كان من أصحاب ابن مسعود خمسة
يؤخذ عنهم أدركت منهم أربعة وفاتني الحارث فلم أره، وكان يفضل عليهم
وكان أحسنهم إنتهى.
ويأتي في الشعبي ما يتعلق بذلك، وهو الذي قال له أمير المؤمنين عليه السلام
في حديث شريف: وأبشرك يا حارث لتعرفني عند الممات وعند الصراط وعند
الحوض وعند المقاسمة، قال الحارث: وما المقاسمة؟ قال: مقاسمة النار أقاسمها
قسمة صحيحة أقول: هذا وليي فاتركيه وهذا عدوي فخذيه الحديث، وقد
نظم السيد الحميري (ره) ما تضمنه هذا الحديث بقوله:
قول علي لحارث عجب * كم ثم أعجوبة له حملا
يا حار همدان من يمت يرني * من مؤمن أو منافق قبلا
يعرفني طرفه وأعرفه * بعينه واسمه وما عملا
وأنت عند الصراط تعرفني * فلا تخف عثرة ولا زللا
أسقيك من بارد على ظمأ * تخاله في الحلاوة العسلا
أقول للنار حين توقف للعرض * دعيه لا تقبلي الرجلا
دعيه لا تقربيه ان له * حبلا بحبل الوصي متصلا
مات الحارث سنة 65.
(بهاء الدين الأصفهاني) انظر الفاضل الهندي
(بهاء الدين المختاري)
محمد بن محمد باقر الحسيني النائيني الأصفهاني السيد الاجل العالم الفقيه
الحكيم صاحب شرح الصمدية، وشرح بداية الهداية، كان معاصرا لسميه
الفاضل الهندي قال في (ضا) ويستفاد نم بعض مؤلفاته الشريفة انه كان باقيا
105

في حدود المائة والثلاثين، وقيل: انه توفى فيما بينه وبين الأربعين، ودفن في
دار السلطنة أصفهان ولكني لم أتحقق موضع قبره إلى الآن من هذا المكان ولا
يبعد كونه أيضا من جملة المندرسات في فتنة جنود الأفغان إنتهى.
(بهاء الدين النيلي)
السيد الاجل العلامة النحرير علي بن السيد غياث الدين عبد الكريم بن عبد
الحميد النجفي ينتهي نسبه إلى الحسين ذي الدمعة، وكان آباؤه النقباء الشرفاء
وجدير بأن يقال فيه:
وإني من القوم الذين هم هم * إذا مات منهم سيد قام صاحبه
نجوم سماء كلما غاب كوكب * بدا كوكب تأوي إليه كواكبه
أضاءت لهم أحسابهم ووجوههم * دجى الليل حتى نظم الجزع ثاقبه
وكان كما عن (ض) فقيها شاعرا ماهرا عالما فاضلا كاملا، صاحب المقامات
والكرامات العظيمة، كان من أفاضل عصره، وأعالم دهره، وكذا جده
السيد عبد الحميد.
وقال شيخنا في المستدرك: له مؤلفات شريفة قد أكثر من النقل عنها
نقدة الاخبار وسدنة الآثار أحسنها كتاب أنوار المضيئة في الحكمة الشرعية في
مجلدات عديدة، ثم شرع في وصف الكتاب ونقل عنه بعض النوادر والفوائد
منها انه قال: ومن عجيب ما أدرجه فيه في أبواب فضائل أمير المؤمنين عليه السلام
بمناسبة قال حكاية عجيبة حكاها والدي رحمه الله تعالى ووافقه عليها جماعة أصحابنا
ان رجلا كان يقال له محمد بن أذينة كان تولى مسبحة (مسجد ظ) قرية لنا
تسى نيلة انقطع يوما في بيته فاستحضروه فلم يتمكن من الحضور فسألوه عن
السبب فكشف لهم عن بدنه فإذا هو إلى وسطه ما عدا جانبي وركيه إلى طرفي
ركبته محرق بالنار وقد أصابه من ذلك ألم شديد لا يمكنه معه القرار، فقالوا
106

له: متى حصل لك ذلك؟ قال: اعلموا اني رأيت في نومي كأن الساعة قد
قامت والناس في حرج عظيم وأكثرهم يساق إلى النار والأقل إلى الجنة فكنت
مع من سيق إلى الجنة فانتهى بنا المسير إلى قنطرة عظيمة في العرض والطول فقيل
هذا الصراط فسرنا عليها فإذا هي كلما سلكنا فيها قل عرضها وبعد طولها فلم نبرح
كذلك ونحن نسري عليها حتى عادت كحد السيف وإذا تحتها واد عظيم أوسع
ما يكون من الأودية تجري فيه نار سوداء يتقلقل فيها جمر كقلل الجبال والناس
ما بين ناج وساقط، فلم أزل أميل من جهة إلى أخرى حتى انتهيت إلى قريب
من آخر القنطرة فلم أتمالك حتى سقطت من عليها فخضت في تلك النار حتى
انتهيت إلى الجرف فجعلت كلما اتشبث به لم يتماسك منه شئ في يدي والنار
تحدرني بقوة جريانها وأنا استغيث وقد انذهلت وطار عقلي وذهب لبي فألهمت
فقلت: يا علي بن أبي طالب فنظرت فإذا برجل واقف على شفير الوادي فوقع في
روعي انه الإمام علي عليه السلام فقلت: يا سيدي يا أمير المؤمنين فقال: هات يدك
فمددت يدي فقبض عليها وجذبني وألقاني على الجرف ثم أماط النار عن وركي
بيده الشريفة فانتبهت مرعوبا وأنا كما ترون فإذا هو لم يسلم من النار إلا ما مسه
الإمام عليه السلام، ثم مكث في منزله ثلاثة أشهر يداوى ما أحرق منه بالمراهم حتى
برئ، وكان بعد ذلك قل ان يذكر هذه الحكاية لأحد إلا أصابته
الحمى، إنتهى.
وكان رحمه الله من أساتيذ الشيخ حسن بن سليمان الحلي وابن فهد الحلي
وكان من تلامذة فخر المحققين والشيخ الشهيد رضوان الله عليهم أجمعين، والنيلي
نسبة إلى النيل بالكسر وهي قرية بالكوفة وبلد بين بغداد وواسط كما في (ق)
وبلدة على الفرات بين بغداد والكوفة، خرج منها جماعة من العلماء وغيرهم،
والأصل فيه نهر حفره الحجاج بن يوسف في هذا المكان ومخرجه من الفرات وسماه
باسم نيل مصر وعليه قرى كثيرة.
107

(البهاء زهير)
الوزير أبو الفضل بهاء الدين زهير بن محمد بن علي المهلبي المصري، كان
من فضلاء مصر وأحسنهم نظما ونثرا، ومن أكبرهم مروة، له ديوان مطبوع
توفى بمصر سنة 656.
(البهاء السنجاري)
أبو السعادات أسعد بن يحيى بن موسى الفقيه الشافعي الشاعر، غلب عليه
الشعر واشتهر به وطاف البلاد ومدح الأكابر.
حكي انه كان له صاحب وبينهما مودة أكيدة، ثم جرى بينهما
عتاب انقطع ذلك الصاحب عنه فسير إليه يعاتبه لانقطاعه فكتب إليه بيتي
الحريري في المقامة 15:
لا تزر من تحب في كل شهر * غير يوم ولا تزده عليه
فاجتلاء الهلال في الشهر يوم * ثم لا تنظر العيون إليه
فكتب إليه البهاء من نظمه:
إذا حققت من خل ودادا * فزره ولا تخف منه ملالا
وكن كالشمس تطلع كل يوم * ولا تك في زيارته هلالا
توفى سنة 622 (خكب) بسنجار وسنجار بالكسر بلد مشهور على ثلاثة
أيام من الموصل وقرية بمصر.
(بهاء الشرف)
السيد الاجل نجم الدين أبو الحسن محمد بن الحسن بن أحمد المنتهى نسبه
إلى ذي الدمعة، هو الذي ذكر اسمه في أول الصحيفة الكاملة، وروى عنه
جماعة من العلماء منهم عميد الرؤساء، والشيخ علي بن السكون، والشيخ محمد
ابن المشهدي رضى الله تعالى عنه.
108

(البهبهاني)
المولى محمد باقر بن محمد أكمل الأستاذ الأكبر ومعلم البشر المحقق المدقق
ركن الطائفة وعمادها، وأورع نساكها وعبادها علامة الزمان ونادرة الدوران
باقر العلم ونحريره والشاهد عليه تحقيقه وتحبيره، كان والده من فضلاء أهل العلم
ومن تلامذة المولى ميرزا الشيرواني، والعلامة المجلسي والشيخ جعفر
القاضي وأمه بنت الآقا نور الدين بن المولى محمد صالح المازندراني، وكانت أم
الآغا نور الدين العالمة الفاضلة الجليلة آمنة بيكم بنت المجلسي الأول ولهذا يعبر
المحقق البهبهاني عن المجلسي الأول بالجد وعن الثاني بالخال، كان ميلاده الشريف
بأصبهان في سنة 1118 موافقا لقوله تعالى: (ناقة الله لكم آية)، وقطن
برهة في بهبهان ثم انتقل إلى كربلاء شرفها الله تعالى ونشر العلم هناك، صنف
ما يقرب من ستين كتابا، منها شرحه على المفاتيح، وحواشيه على المدارك وعلى
شرح الارشاد للمحقق الأردبيلي وعلى الوافي والمعالم والتهذيب والمسالك وعلى
شرح القواعد، وعلى الرجال الكبير وغير ذلك من الكتب والرسائل وقد أورد
ترجمته تلميذه أبو علي في منتهاه ومدحه بمدائح عظيمة.
وقال في آخره فالحري ان لا يمدحه مثلي ويصف فلعمري تفنى في نعمته
القراطيس والصحف لأنه المولى الذي لم تكتحل عين الزمان له بنظير كما يشهد له
من شهد فضائله ولا ينبئك مثل خبير.
وقال في ترجمة ولده العالم الفاضل الآقا محمد علي، كان ميلاده في سنة
1144 (غقمد)، واشتغل على والده مدة إقامته في بهبهان ثم انتقل معه إلى
كربلاء وبقي بها برهة من السنين مشغولا بالقراءة والتدريس والافادة والتأليف
ثم تحول إلى بلدة الكاظمين عليه السلام وأقام بها إلى سنة وقوع الطاعون في العراق
والآن في ديار العجم كنار على علم حتى قيل (ومن يشابه أبه فما ظلم)، ثم ذكر
109

مصنفاته، منها رسالة في حلية الجمع بين فاطميتين رد فيها على شيخنا الشيخ
يوسف، وكتاب مقاطع الفضل جمع فيه مسائل أنيقة بل رسائل بليغة رشيقة
إلى غير ذلك إنتهى.
وله أخ أصغر اسمه الآغا عبد الحسين كان من العلماء والفقهاء المعروفين
متوطنا ببلدة همدان، له شرح على المعالم.
توفي بعد نيف و 1240، وتوفى والدهما المحقق البهبهاني في الحائر الشريف
سنة 1208 (غرح)، ودفن في الرواق الشرقي المطهر قريبا مما يلي أرجل الشهداء
رضوان الله تعالى عليهم أجمعين.
حكي عنه (ره) انه سئل بم بلغت ما بلغت من العلم والعزة والشرف
والقبول في الدنيا والآخرة؟ فكتب في الجواب لا اعلم من نفسي شيئا استحق
ذلك إلا اني لم أكن أحسب نفسي شيئا ابدا ولا اجعلها في عداد الموجودين
ولم آل جهدا في تعظيم العلماء والمحمدة على أسمائهم ولم اترك الاشتغال بتحصيل
العلم مهما استطعت وقدمته على كل مرحلة ابدا.
ثم أعلم ان لآغا محمد علي بن المحقق البهبهاني ولدا فاضلا اسمه احمد، ولد
في كرمانشاه سنة 1191، وقرأ في كرمانشاه على والده، وفي العراق على
بحر العلوم وكاشف الغطاء، وصاحب الرياض، والميرزا مهدي الشهرستاني والمحقق
الأعرجي، وأجازه السيد المجاهد وأثنى عليه ثناء بليغا.
له مصنفات كثيرة منها مرآة الأحوال في معرفة الرجال، وكتاب في
تاريخ المعصومين عليهم السلام وتحفة المحبين في فضائل سادات الدين وإمام الأئمة الطاهرين
عليهم السلام، وتفسير القرآن، والمحمودية في شرح الصمدية ألفها باسم أخيه
آغا محمود وجملة من مؤلفاته كتبت في بلاد الهند توفى في كرمانشاه سنة 1243
(غرمج)، ودفن في مقبرة والده (ره).
110

(البياضي)
علي بن يونس العاملي النباطي البياضي الشيخ الجليل الفاضل المحقق المدقق
المتكلم الثقة الرضي صاحب كتاب الصراط المستقيم واللمعة في المنطق ورسالة
الباب المفتوح إلى ما قيل في النفس والروح، وهذه الرسالة بتمامها مذكورة في
كتاب السماء والعالم من البحار، وكتابه الصراط المستقيم كتاب نفيس في
الإمامة ينبغي ان يكتب في ظهره (صراط علي حق نمسكه).
أجازه الشيخ ناصر بن إبراهيم الذي تقدم ذكره في البويهي توفى سنة
877 (ضعز).
ولنتبرك بنقل توقيع شريف مذكور في كتابه الصراط المستقيم، قال:
ذكر الشيخ الموثوق به عثمان بن سعيد العمري ان ابن غانم القزويني قال: ان
العسكري عليه السلام لا خلف له فشاجرته الشيعة وكتبوا إلى الناحية وكانوا يكتبون
لا بسواد بل بالقلم الجاف على الكاغذ الأبيض ليكون علما معجزا فورد جوابا
إليهم بسم الله الرحمن الرحيم عافانا الله وإياكم من الضلال والفتن انه انتهى إلينا
شك جماعة منكم في الدين، وفي ولاية ولي أمرهم فغمنا ذلك لكم لا لنا لان الله
معنا والحق معنا فلا يوحشنا من بعد علينا ونحن صنايع ربنا والخلق صنائعنا
ما لكم في الريب تترددون، أما علمتم ما جاءت به الآثار مما أئمتكم يكون؟
أفرأيتم كيف جعل الله لكم معاقل تأوون إليها، وأعلاما تهتدون بها من لدن
آدم إلى أن ظهر الماضي عليه السلام (1) كلما غاب علم بدا علم، وإذا أفل نجم طلع
نجم فلما قبضه الله إليه ظننتم انه أبطل دينه وقطع السبب بينه وبين خلقه؟ كلا
ما كان ذلك ولا يكون حتى تقوم الساعة ويظهر أمر الله وهم كارهون، فاتقوا
الله وسلموا لنا وردوا الامر إلينا فقد نصحت لكم والله شاه علي وعليكم،

(1) الماضي عليه السلام هو أبو محمد الحسن العسكري عليه السلام.
111

وقد يطلق البياضي على الشريف العباسي أبي جعفر بن مسعود بن عبد العزيز،
المتوفى سنة 468 (تسح).
له اشعار منها قوله:
يا من ليست لبعده ثوب الضنا * حتى خفيت به عن العواد
وأنست بالسهر الطويل فأنسيت * أجفان عيني كيف كان رقادي
إن كان يوسف بالجمال مقطع الأيدي * فأنت مقطع الأكباد
(البيجوري)
الشيخ إبراهيم بن محمد بن أحمد البيجوري أو الباجوري المصري الفاضل
المدرس، صاحب التأليفات العديدة المشهورة، إنتهت إليه رئاسة الأزهر،
وكان لسانه رطبا بتلاوة القرآن المجيد، توفي سنة 1277.
(البيرجندي)
المولى عبد العلي بن محمد حسين الفاضل المشهور شارح التذكرة النصيرية
في الهيئة، فرغ من تصنيفه في شهر ربيع الأول من السنة الثالثة عشر المنيفة
على التسعمائة من الهجرة، له يد طولى في العلوم الرياضية، من تصانيفه شرح
المجسطي فرغ منه سنة 931.
(بيركلي)
زين الدين محمد بن بير علي محيي الدين، حكي انه كان من قصبة بالي كسرى
ونشأ في طلب المعارف والعلوم، وعكف على التحصيل والافادة والتصدي للامر
بالمعروف والنهي عن المنكر والوعظ، فوض إليه تدريس المدرسة الواقعة بالقصبة
فمكان يدرس تارة ويعظ أخرى، فقصده الناس من كل فج عميق وانتفع الناس
بوعظه ودرسه، له مصنفات منها شرح لب الألباب للبيضاوي، توفى سنة 981
(ظفا) وهو مكب على التحصيل والعبادة.
112

(البيروني) انظر أبو الريحان
(البيضاوي)
القاضي ناصر الدين عبد الله بن عمر بن محمد بن علي الفارسي الأشعري
الشافعي المفسر المتكلم الأصولي صابح التفسير المسمى بأنوار التنزيل الذي هو
في الحقيقة تهذيب الكشاف وتنقيحه.
حكي ان هذا الكتاب صار منشأ ترقياته وسبب تقربه عند سلطان ذاك
العصر واختصاصه بمنصب القضاء وذلك أنه كان قد بعث إليه بكتاب تفسيره
المذكور فاستحسنه منه وأشار إليه بأن يطلب منه شيئا بإزاء هذا العمل فقال
أريد قضاء البيضاء لكي أترفع به بين أهل دياري الذين كانوا ينظرون إلى بعين
التحقير، وقيل: انه قد استند في إنجاح هذا المقصد بذيل همة الشيخ العارف
الأوحد الخواجة محمد الكنجائي الذي كان الملك من مريديه، ويزوره في ليالي
الجمعات فقبل الشيخ ذلك ولما اجتمع بالملك قال: ان استدعائي من حضرة الملك
في هذه الليلة ان يقطع قطعة من رباع جهنم لشخص يتوقعها من جنابك فاستكشف
الملك عن مراد الشيخ فقال: ان فلانا أراد ان تمنحه منشور قضاء مملكة فارس
فأجابه الملك إلى مسؤوله الحكاية.
وله أيضا لبب اللباب والطوالع، والمنهاج، وشرح المصابيح وغير ذلك
توفى بتبريز سنة 685 (خفه).
وقد يطلق البيضاوي على القاضي أبي عبد الله محمد بن عبد الله بن أحمد بن
محمد الفقيه، ذكره الخطيب البغدادي في تاريخه، وقال: سكن بغداد في
درب السلولي.
وكان يدرس الفقه، ويفتي على مذهب الشافعي، وولي القضاء بربع
الكرخ، وحدث شيئا يسيرا عن أبي بكر بن مالك القطيعي والحسين بن محمد
113

ابن عبيد العسكري كتبت عنه، وكان ثقة صدوقا دينا سديدا.
ثم روى عنه باسناده عن النبي صلى الله عليه وآله قال: معترك المنايا بين السبعين والستين
ثم قال: مات القاضي أبو عبد الله البيضاوي فجأة في ليلة 14 رجب سنة 424
ودفن صبيحة تلك الليلة في مقبرة باب حرب إنتهى.
والبيضاوي نسبة إلى بيضاء مدينة مشهورة بفارس، وعن تلخيص الآثار
قال: بيضاء مدينة كبيرة بأرض فارس بناها العفاريت من الحجر الأبيض لسليمان
عليه السلام، وهي مدينة طيبة، وافرة الغلاة، صحيحة الهواء لا يدخلها
الحيات والعقارب الخ، وعن عجائب البلدان: ان فرعون موسى عليه السلام
كان من أهل بيضاء إنتهى
(البيهقي)
أبو بكر أحمد بن الحسين بن علي الخسروجردي الشافعي الحافظ الفقيه
المشهور صاحب السنن الكبير والسنن الصغير، ودلائل النبوة، وشعب الايمان
وغيرها، قيل: انه كان من كبار أصحاب الحاكم ابن البيع، وكان زاهدا
قانعا من دنياه بالقليل.
قال إمام الحرمين في حقه: ما من شافعي إلا وللشافعي في عنقه منة إلا
البيهقي فان له المنة على الشافعي نفسه وعلى كل شافعي لما صنف في نصرة مذهبه
ومن كلماته بنقل صاحب الكامل البهائي مقابل قول من قال: ان معاوية خرج
من الايمان بمحاربة علي عليه السلام، قال: ان معاوية لم يدخل في الايمان حتى يخرج
منه بل خرج من الكفر إلى النفاق في زمن الرسول صلى الله عليه وآله، ثم رجع إلى كفره
الأصلي بعده.
توفى سنة 458 (تنح) بنيسابور ونقل إلى بيهق وبيهق بفتح الموحدة
وسكون الياء وفتح الهاء موضع كان بقرب سبزوار.
114

وعن العلامة الطباطبائي بحر العلوم (ره) قال: بيهق ناحية معروفة
بخراسان بين نيسابور وبلاد فارس وقاعدتها بلدة سبزوار وهي من بلاد الشيعة الإمامية
قديما وحديثا، وأهلها في التشيع أشهر من أهل خاف وباخرز
في التسنن، إنتهى.
وقد يطلق البيهقي على إبراهيم بن محمد أحد اعلام القرن الثالث، صاحب
كتاب المحاسن والمساوي، وهو كتاب كتبه في أيام المقتدر العباسي، وروى
عن المدائني المتوفى سنة 225 بلفظ حدثنا، وعن ابن السكيت وعن إبراهيم
ابن السندي بن شاهك الذي كان عند المأمون في مقام أبيه السندي عند هارون
الرشيد، وكان من العلماء بأمر الدولة وبالجملة هو كتاب نفيس ويذكر فيه قصة
ضرب عبد الملك السكة الاسلامية بإشارة مولانا أبى جعفر الباقر عليه السلام وتعليمه
إياه، نقل منه الدميري في حياة الحيوان ومما ذكر فيه وينبغي هنا نقله ما رواه
عن عدي بن حاتم انه دخل على معاوية بن أبي سفيان فقال يا عدي أين الطرفات؟
يعني بنيه طريفا وطارفا وطرفة قال: قتلوا يوم صفين بين يدي علي بن أبي طالب
عليه السلام فقال: ما أنصفك ابن أبي طالب إذ قدم بنيك وأخر بنيه، قال:
بل ما أنصفت أنا عليا إذ قتل وبقيت.
دوراز حريم كوي * تو شرمنده مانده أم
شرمنده مانده أم كه * چرا زنده مانده أم
قال: صف لي عليا؟ فقال: إن رأيت أن تعفيني، قال: لا أعفيك
قال: كان والله بعيد المدى شديد القوى، يقول عدلا ويحكم فصلا تتفجر
الحكمة من جوانبه، والعلم من نواحيه، يستوحش من الدنيا وزهرتها ويستأنس
بالليل ووحشته، وكان والله غزير الدمعة طويل الفكرة، يحاسب نفسه إذا خلا
ويقلب كفيه على ما مضى، يعجبه من الناس القصير، ومن المعاش الخشن،
وكان فينا كأحدنا يجيبنا إذا سألناه ويدنينا إذا أتيناه ونحن مع تقريبه لنا
115

وقربه منها لا نكلمه لهيبته، ولا نرفع أعيننا إليه لعظمته، فان تبسم فعن اللؤلؤ
المنظوم، يعظم أهل الدين، ويتحبب إلى المساكين، لا يخاف القوي ظلمه
ولا ييأس الضعيف من عدله، فأقسم لقد رأيته ليلة وقد مثل في محرابه وأرخى
الليل سرباله وغارت نجومه ودموعه تتحادر على لحيته وهو يتململ تململ السليم
ويبكي بكاء الحزين فكأني الآن أسمعه وهو يقول: يا دنيا إلي تعرضت أم إلي
أقبلت؟ غري غيري لا حان حينك قد طلقتك ثلاثا لا رجعة لي فيك، فعيشك
حقير وخطرك يسير، آه من الزاد وبعد السفر وقلة الأنيس، قال: فوكفت
عينا معاوية وجعل ينشفها بكمه، ثم قال: يرحم الله أبا الحسن كان كذلك؟
فكيف صبرك عنه؟ قال: كصبر من ذبح ولدها في حجرها فهي لا ترفأ
دمعتها. ولا تسكن عبرتها. قال: فكيف ذكرك له؟ قال: وهل يتركني
الدهر ان أنساه؟ إنتهى.
(تأبط شرا)
لقب ثابت بن جابر أحد فرسان العرب، يحكي انه كان أعدى الناس أي
أجرأهم حتى قيل: انه إذا جاع أطلق على رجليه خلف الظبية فأمسكها وذبحها
وشواها وأكلها.
توفى سنة 530 مسيحي، وهو شاعر شهير، قيل: لقب بهذا
اللقب لأنه تأبط سيفا وخرج، فقيل لامه: أين هو؟ فقالت: لا أدري
تأبط شرا وخرج.
(تاج الدين)
الأحسن بن محمد الأصفهاني المعروف بملا تاجا تلميذ العالم الجليل المولى حسن
علي وهو والد الفاضل الهندي الذي يأتي ذكره.
116

(تاج الدين الخراساني)
محمد بن أبي السعادات عبد الرحمان بن محمد بن مسعود المروزي الفقيه
الشافعي الأديب الفاضل الذي شرح مقامات الحريري شرحا كبيرا، كان مقيما
بدمشق ومات بها سنة 584 ودفن بجبل قاسيون بكسر السين وهو جبل مطل
على دمشق من جهتها الشمالية
(تاج الدين)
علي بن أحمد الحسيني العاملي، فاضل زاهد محدث عابد فقيه نبيه،
صاحب كتاب التتمة في معرفة الأئمة عليهم السلام، روى عنه جماعة من
مشايخ كتاب الوسائل.
(تاج الدين الكندي)
أبو اليمن زيد بن الحسن بن زيد المقري النحوي، كان واحد عصره في
الأدب، ولد في بغداد، ونشأ في دمشق أخذ عن أبيه الشجري وابن الخشاب
وابن الجواليقي، وصحب الأمير عز الدين فروخ شاه بن شاهنشاه وهو ابن أخي
السلطان صلاح الدين بن أيوب واختص به وسافر بصحبته إلى الديار المصرية واقتنى
من كتب خزائنها كل نفيس، وعاد إلى دمشق واستوطنها وقصده الناس وأخذوا
عنه، وله كتاب مشيخة.
ومن شعره:
دع المنجم يكبوا في ضلالته * إن ادعى علم ما يجري به الفلك
تفرد الله بالعلم القديم فلا * الانسان يشركه فيه ولا الملك
أعد للرزق من أشراكه شركا * وبئست العدتان الشرك والشرك
توفى بدمشق سنة 613 (خيج)
117

(تاج الملة)
لقب عضد الدولة الديلمي وإلى هذا اللقب أضاف الصابي كتابه التاجي
في اخبار بني بويه.
(التجلي)
المولى على رضا بن كمال الدين الحسين الأردكاني العالم الفاضل الشاعر،
كان تلميذ المحقق الخونساري، له تصانيف في الفقه والكلام والتفسير وغيرها،
إلا ان براعته في الشعر محت سائر فضائله، فهو ملك الشعراء، له ديوان شعر
فارسي، ومن شعره من ألطف الاشعار وأعذبها، توفى بشيراز سنة 1085
(غفه) كذا عن (ض).
(الترمذي)
أبو عيسى محمد بن عيسى بن سورة الضرير المحدث المشهور، لقي الصدر
الأول، وأخذ عن المشاهير كالبخاري، وشاركه في بعض شيوخه، وكان
يضرب به المثل في الحفظ والضبط، له (الشمائل المحمدية) و (كتاب السنن)
أحد الصحاح الست.
فعن كشف الظنون قال الجامع الصحيح للامام الحافظ أبى عيسى الترمذي
المتوفى سنة 279 وهو ثالث الكتب الستة في الحديث.
نقل عن الترمذي قال: صنفت هذا الكتاب فعرضته على علماء الحجاز
والعراق وخراسان فرضوا به ومن كان في بيته فكأنما النبي صلى الله عليه وآله وسلم في بيته يتكلم
إنتهى، وقد يطلق الترمذي على أبى عبد الله محمد بن علي بن الحسن الحكيم
الترمذي من كبار مشائخ خراسان من علماء القرن الثالث.
له من التصانيف نوادر الأصول، وعلل الشريعة، حكي انهم نفوه من
ترمذ وأخرجوه منها وشهدوا عليه بالكفر وذلك بسبب تصنيفه كتاب الولاية
118

وكتاب علل الشريعة، وقالوا انه يقول: ان للأولياء خاتما كما أن للأنبياء
خاتما، فجاء إلى بلخ فقتلوه بسبب مخالفته إياهم على المذهب.
ويطلق أيضا على أبي جعفر محمد بن أحمد بن نصر الترمذي الفقيه الشافعي
البغدادي المتوفى سنة 295 (رصه).
والترمذي نسبة إلى ترمذ مدينة قديمة على طرف نهر بلخ الذي يقال له
جيحون وفيه ثلاث لغات أشهرها كسر التاء والميم.
(التستري)
بضم أوله وسكون ثانيه وفتح ثالثه نسبة إلى تستر بلدة من كور الأهواز
من خوزستان ويقال لها شوشتر بها قبر البراء بن مالك الأنصاري أخو أنس بن
مالك وهو الذي شهد المشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وآله إلا بدرا، وكان شجاعا
مقداما وتقدم في أبو دجانة الارشاد إلى ذلك، وكان من السابقين الذين رجعوا
إلى أمير المؤمنين " عليه السلام "، ينسب إليها جماعة كثيرة منهم أبو محمد سهل بن عبد الله
التستري من كبار الصوفية، لقي ذا النون المصري وسكن البصرة زمانا وعبادان
مدة، ولد سنة 200، وتوفى بالبصرة سنة 283 أو 273، ويأتي في
ذو النون ما يتعلق به.
ومنهم شيخنا الاجل عز الدين المولى عبد الله بن الحسين التستري، قال
المجلسي الأول في شرح المشيخة في حقه: كان شيخنا وشيخ الطائفة الإمامية
في عصره العلامة المحقق المدقق الزاهد العابد الورع وأكثر فوائد هذا الكتاب
من إفاداته رضى الله تعالى عنه، حقق الاخبار والرجال والأصول بما لا مزيد
عليه، وله تصانيف منها التتميم لشرح الشيخ نور الدين علي على قواعد الحلي
سبع مجلدات منها يعرف فضله وتحقيقه وتدقيقه.
وكان لي بمنزلة الأب الشفيق، بل بالنسبة إلى كافة المؤمنين، وتوفى رحمه الله
119

في العشر الأول من محرم الحرام، وكان يوم وفاته بمنزلة العاشوراء وصلى عليه
قريب من مائة ألف ولم نر هذا الاجتماع على غيره من الفضلاء، ودفن في جوار
إسماعيل بن زيد بن الحسن ثم نقل إلى مشهد أبي عبد الله الحسين عليه السلام بعد
سنة ولم يتغير حين اخرج.
وكان صاحب الكرامات الكثيرة مما رأيت وسمعت، وكان قرأ على
شيخ الطائفة أزهد الناس في عهد مولانا احمد الأردبيلي رحمه الله وعلى الشيخ الأجل
أحمد بن نعمة الله بن أحمد بن محمد بن خاتون العاملي رحمهم الله وعلى أبيه
نعمة الله، وكان له عنهما الإجازة للاخبار، وأجاز لي كما ذكرته في أوائل
الكتاب ويمكن ان يقال انتشار الفقه والحديث كان منه وإن كان غيره موجودا
ولكن كان لهم الاشغال الكثيرة، وكان مدة درسهم قليلا بخلافه رحمه الله فإنه
كان مدة إقامته في أصبهان قريبا من أربع عشرة سنة بعد الهرب من كربلا المعلى
إليه وعندما جاء بأصبهان ولم يكن فيه من الطلبة الداخلة والخارجة خمسون وكان
عند وفاته أزيد من الألف من الفضلاء وغيره من الطالبين ولا يمكن عد مدائحه
في المختصرات رضي الله تعالى عنه.
وعن حدائق المقربين نقل انه جاء يوما إلى زيارة شيخنا البهائي فجلس عنده
ساعة إلى أن اذن المؤذن فقال الشيخ: صل صلاتك هاهنا لان نقتدي بك
ونفوز بفوز الجماعة فتأمل ساعة ثم قام ورجع إلى المنزل ولم يرض بالصلاة في
جماعة هناك فسأله بعض أحبته عن ذلك وقال مع غاية اهتمامك في الصلاة في أول
الوقت كيف لم تجب الشيخ الكذائي إلى مسؤوله فقال: راجعت إلى نفسي سويعة
فلم أر نفسي لا تتغير بإمامتي لمثله فلم ارض بها.
ونقل عنه أيضا انه كان يحب ولده المولى حسن علي كثيرا فاتفق انه مرض
مرضا شديدا فحضر المسجد لأداء صلاة الجمعة مع تفرقة حواسه فلما بلغ في سورة
المنافقين إلى قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا تلهكم أموالكم ولا أولادكم
120

عن ذكر الله) جعل يكرر ذلك فلما فرغ سألوه عن ذلك فقال:
اني لما بلغت هذا الموضع تذكرت ولدي فجاهدت مع النفس بتكرار
هذه الآية إلى أن فرضته ميتا وجعلت جنازته نصب عيني فانصرفت عن الآية
قال: وكان من عبادته انه لا يفوته شئ من النوافل وكان يصوم دهره ويحضر
عنده في جميع الليالي جماعة من أهل العلم والصلاح، وكان مأكوله وملبوسه
على أيسر وجه من القناعة، وكان مع صومه الدهر كان في الأغلب يأكل مطبوع
غير اللحم، توفى سنة 1021 (غكا).
(التفتازاني)
سعد الدين مسعود بن عمر بن عبد الله الهروي الشافعي تلميذ قطب الدين
الرازي والقاضي عضد الإيجي صاحب التهذيب في المنطق، والمقاصد في الكلام
والشروح على الشمسية للكاتبي، وعلى العقائد النسفية وعلى الأربعين النووية
وعلى تلخيص المفتاح وعلى تصريف عبد الوهاب بن إبراهيم الزنجاني وغير ذلك
ومن شعره في جمع أضداد اللغة قوله:
ده لفظ از نوادر ألفاظ بر شمر * هر لفظ را دو معنى وان ضد يكديگر
جون (1) وصريم (2) وسدفه (3) وظن است (4) وشف (5) وبين (6)
قرءاست (7) وهاجد (8) وجلل (9) ورهوه (10) أي بسر.
توفى سنة 792 أو 793، وقبره بسرخس، والتفتازان قرية كبيرة من
نواحي نسا (ونسا) من بلاد خراسان بينها وبين سرخس يومان (وحفيد)
التفتازاني أحمد بن يحيى بن مسعود بن عمر الشهير بشيخ الاسلام الهروي، كان

(1) سياه وسفيد (2) صبح وشام (3) ضيا صبح وظلمت (4) شك ويقين
(5) زياد وكم (6) وصل وفراق (7) طهر وحيض (8) خفته وبيداري (9) كوجك
وبزرك (10) فراز ونشيب.
121

فريد عصره في كثير من العلوم من كبار قضاة العامة، قتل سنة 916 (ظيو).
(التلعكبري)
أبو محمد هارون بن موسى الشيباني، ثقة جليل القدر عظيم المنزلة واسع
الرواية عديم النظير وجه أصحابنا معتمد عليه، لا يطعن عليه في شئ، مات
سنة 385 (شفه).
روى جميع الأصول والمصنفات، وله كتب منها كتاب الجوامع في علوم
الدين، قال (جش): كنت أحضر في داره مع ابنه أبي جعفر والناس يقرأون
عليه، (والتلعكبري) بفتح التاء واللام المشددة وضم العين المهملة وسكون
الكاف وفتح الموحدة نسبة إلى تل عكبرا، وعكبرا اسم بلدة من نواحي دجيل
بينها وبين بغداد عشرة فراسخ.
(التلمساني)
أبو عبد الله محمد بن أحمد بن محمد المالكي من تلامذة الخطيب الدمشقي،
وأبى حيان الجياني (حكي) ان شيوخه بلغوا ألفي شيخ وكتب خطا حسنا
وشرح الشفا للقاضي عياض، توفى سنة 781 (ذقا).
(وقد يطلق) على معاصره أبى حفص أحمد بن يحيى المعروف بابن أبي حجلة
صاحب زهر الكمام وغيره المتوفى سنة 776.
وقد يطلق على الشيخ عفيف الدين سليمان بن علي بن عبد الله بن علي
التلمساني صاحب ديوان شعر المتوفى بدمشق سنة 690، و (تلمسان) بكسرتين
وسكون الميم مدينتان بالمغرب متجاورتان مسورتان بينهما رمية حجر، (وينسب)
إلى تلمسان أيضا الشيخ احمد المقرى ابن محمد بن أحمد بن يحيى التلمساني المالكي
نزيل فاس ثم القاهرة حافظ المغرب البارع في علم الكلام، والتفسير والحديث
والأدب، صاحب المؤلفات الشائعة، منها نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب
122

وإضاءة الدجنة في عقائد أهل السنة وغير ذلك، توفى سنة 1041 (غبما).
(التمتام)
أبو جعفر محمد بن غالب بن حرب من أهل البصرة، ولد سنة 193 وسكن
بغداد وحدث بها، قال الخطيب: وكان كثير الحديث صدوقا حافظا، وروى أنه
جاء صبيان النمتام فقالوا: يا أبا جعفر اخرج لنا شيئا من الحديث فأخرج
جزءا فقالوا: يا أبا جعفر أخرج القماطر فنحن بنادرة الحديث، فقال اكتبوا
لا خيركم الله فأخرجوا كاغذا رثا فقال لهم التمتام: يا بني الكاغذ رخيص ببغداد
فلو كتبتموه في كاغذ أجود من هذا، فقالوا يا أبا جعفر إنما نكتب في الكواغذ
على قدر الشيوخ فقال قوموا لا زرعكم الله، مات في شهر رمضان سنة 283 (فجر)
(التمتامي)
أبو محمد الحسن بن عثمان بن محمد البغدادي، حدث ببلاد خراسان
وما وراء النهر عن عبد الله بن إسحاق المدائني وطبقته، روى عنه الحاكم
النيسابوري وغيره.
قد نيسابور سنة 338، ثم خرج إلى ما وراء النهر، وتوفى سنة
346 أو 345.
(التنوخي)
القاضي أبو القسم علي بن محمد بن أبي الفهم الأنطاكي البغدادي العالم بالنجوم
والشعر والفقه وأصول المعتزلة، ولد بأنطاكية سنة 278 (رعح)، وتوفى
بالبصرة سنة 342 (شمب).
وكان حافظا للشعر ذكيا، وله عروض بديع، (وكان) الوزير المهلبي
وسيف الدولة يكرمانه ويغتنمان صحبته، وكان المهلبي ورؤساء العراق يتعصبون
له ويعدونه ريحانة الدماء وتاريخ الظرفاء.
123

ولي القضاء بعدة بلدان منها البصرة والأهواز، وكان يحفظ من النحو
واللغة شيئا كثيرا، ومن شعره:
تخير إذا ما كنت في الامر مرسلا * فمبلغ آراء الرجال عقولها
ورو وفكر في الكتاب فإنما * بأطراف أقلام الرجال عقولها
ومن شعره قصيدة في الرد على ابن المعتز الناصبي في قصيدته التي يفتخر
ببني العباس على آل أبي طالب، وقد تقدم في ابن المعتز الإشارة إليها قال:
من ابن رسول الله وابن وصيه * إلى مدغل في عقدة الدين واصب
نشأ بين طنبور وزق ومزهر * وفي حجر شاد أو على ظهر ضارب
ومن ظهر سكران إلى بطن قينة * على شبهة في ملكها وشوائب
وقلت بنو حرب كسوكم عمائما * من الضرب في الهامات حمر الذوائب
صدقت منايانا السيوف وإنما * تموتون فوق الفرش موت الكواعب
ويوم حنين قلت حزنا فخاره * ولو كان يدرى عدها في المثالب
أبوه مناد والوصي مضارب * فقل في مناد صيت أو مضارب
وجئتم مع الأولاد تبغون إرثه * فأبعد محجوب بأحجب حاجب
وقد يطلق التنوخي على ابنه أبي على المحسن بن علي بن محمد بن أبي الفهم القاضي
الامامي صاحب جامع التواريخ، وكتاب الفرج بعد الشدة.
فعن الثعالبي انه قال في حقه هو هلال ذلك القمر وغصن هاتيك الشجر،
والشاهد العدل بمحل أبيه وفضله، والفرع المشيد لأصله، والنائب عنه في حياته
والقائم مقامه بعد وفاته.
توفى في البصرة سنة 384 (شفد)، أقول: وهو الذي كان مصاحبا
لعضد الدولة، وحكى له قصة قبر النذور.
قال الحموي في المعجم: قبر النذور مشهد بظاهر بغداد على نصف ميل
124

من السور (1) يزار وينذر له.
قال التنوخي: كنت مع عضد الدولة وقد أراد الخروج إلى همدان فوقع
نظره على البناء الذي على قبر النذور قال لي: يا قاضي ما هذا البناء؟ قلت:
أطال الله بقاء مولانا هذا مشهد النذور ولم أقل قبر لعلمي بتطيره من دون هذا
فاستحسن اللفظ وقال: قد علمت أنه قبر النذور وإنما أردت شرح أمره فقلت
له: هذا قبر عبيد الله بن محمد بن عمر بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب
عليهم السلام، وكان بعض الخلفاء أراد قتله خفيا فجعل هناك زيبة وسير عليها
وهولا يعلم فوقع فيها وهيل عليه التراب حيا، وشهر بالنذور لأنه لا يكاد
ينذر له شئ إلا ويصح ويبلغ الناذر ما يريد وأنا أحد من نذر وصح مرارا
لا أحصيها فلم يقبل هذا القول وتكلم بما دل على أن هذا وقع اتفاقا فتسوق
العوام بأضعاف ذلك ويروون الأحاديث الباطلة فأمسكت فلما كان بعد أيام
يسيرة ونحن معسكرون في موضعنا استدعاني، وذكر أنه جربه لأمر عظيم ونذر
له وصح نذره في قصة طويلة.
وقد يطلق التنوخي على ابنه أبى القاسم علي بن المحسن صاحب السيد
المرتضى وتلميذه (ره).
قال صاحب رياض العلماء: والأكثر انه من الامامية لكن العلامة قد عده
في أواخر إجازته لابن زهرة من جملة علماء العامة، ومن مشايخ الشيخ
الطوسي (فتأمل) إنتهى.
وفي المجالس للقاضي نور الله قال قال ابن كثير الشامي في حقه: انه من

(1) قال الخطيب في تاريخ بغداد وعند المصلى المرسوم بصلاة العيد،
كان قبر يعرف بقبر النذور، ويقال ان المدفون فيه رجل من ولد علي بن
أبي طالب عليه السلام يتبرك الناس بزيارته ويقصده ذو الحاجة منهم لقضاء حاجته، ثم
ذكر قصته بنحو أبسط.
125

أعيان فضلاء عصره، ولد ببصرة سنة 365 وسمع الحديث سنة سبعين وقبلت
شهادته عند الحكام في حداثته، وتولى القضاء بالمدائن وغيرها.
وكان صدوقا محتاطا إلا أنه يميل إلى الاعتزال والرفض إنتهى، وذكره
الخطيب في تاريخ بغداد وأثنى عليه، وقال: كتبت عنه، وكان قد قبلت
شهادته عند الحكام في حداثته ولم يزل على ذلك مقبولا إلى آخر عمره، وكان
متحفا في الشهادة محتاطا صدوقا في الحديث، ومات في ليلة الثاني من المحرم
سنة 447 (تمز)، ودفن يوم الاثنين في داره بدرب التل، وصليت على
جنازته، إنتهى.
وأبو جعفر التنوخي أحمد بن إسحاق بن البهلول بن حسان بن سنان
أنباري الأصل، ولي قضاء مدينة المنصور عشرين سنة وحدث حديثا كثيرا.
وفي تاريخ بغداد ذكر في حقه انه عظيم القدر واسع الأدب تام المروة
حسن الفصاحة حسن المعرفة بمذهب أهل العراق.
وكان لأبيه إسحاق مسند كبير حسن، وكان ثقة وحمل الناس عن جماعة
من أهل هذا البيت منهم البهلول بن حسان ثم ابنه إسحاق ثم أولاد إسحاق،
حدث منهم بهلول بن إسحاق وحدث القاضي أحمد بن إسحاق وابنه محمد وحدث
ابن أخي القاضي داود بن الهيثم بن إسحاق، وكان أسن من عمه القاضي داود
ابن الهيثم وأبو بكر يوسف بن يعقوب بن إسحاق الأزرق، وكان من جملة
الكتاب ولم يزل أحمد بن إسحاق بن البهلول على قضاء المدينة من سنة 296 إلى
شهر ربيع الآخر من سنة 316 ثم صرف ومات ببغداد في سنة 318، وكان
متفننا في في علوم شتى، وكان تام العلم باللغة واسع الحفظ للشعر القديم والمحدث
والاخبار الطوال والسير والتفسير.
وكان شاعرا كثير الشعر خطيبا حسن الخطابة إلى غير ذلك، والتنوخي
نسبة إلى تنوخ كصبور اسم لعدة قبائل اجتمعوا قديما بالبحرين وتحالفوا على
126

التوازر والتناصر، وأقاموا هناك فسموا تنوخا، والتنوخ الإقامة، وهذه
القبيلة إحدى القبائل الثلاث التي هي نصارى العرب وهم بهراء وتنوخ وتغلب.
(التوني)
إذا وصف به الفاضل فهو المولى عبد الله بن محمد التوني والبشروي، عالم
فاضل فقيه صالح زاهد عابد ورع معاصر، صاب أمل الآمل صاحب الوافية
وشرح الارشاد والحواشي على المعالم والمدارك وغير ذلك.
قال صاحب رياض العلماء: وهذا المولى على ما سمعنا ممن رآه قد كان من
أورع أهل زمانه وأتقاهم، بل كان ثاني المولى احمد الأردبيلي رضي الله عنهما
وكذلك كان أخوه المولى احمد التوني، وكان قدس سره أولا بأصبهان مدة في
المدرسة المشهورة بمدرسة المولى عبد الله التستري المرحوم، ثم سافر إلى مشهد
الرضا عليه السلام وتوطن فيه مدة ثم أراد التوجه إلى العراق لزيارة الأئمة عليهم السلام
بها من طريق قزوين وأقام مدة في قزوين مع أخيه المولى احمد المذكور في أيام
حياة المولى الفاضل مولانا خليل القزويني بالتماسه وكان بينهما صحبة ومودة، ثم
توجه إلى الزيارة فأدركه الموت في الطريق بكرمانشاه ودفن بها، ولعل وفاته
بعد المراجعة فلاحظ.
والتوني بضم التاء المثناة ثم الواو الساكنة نسبة إلى تون وهي بلدة من
بلاد قهستان بخراسان، وبها قلعة لملاحدة الإسماعيلية وأنا دخلت تلك البلدة
وكان أهلها يقولون ان هذه القلعة هي التي حبس بها الخواجة نصير الدين الطوسي
بأمر سلطان الملاحدة فلاحظ قضيته.
ثم ذكر البشروي نسبة إلى بشرويه وهي قرية من اعمال تون، وقال:
وقد دخلتها وكان أهلها ببركة هذا المولى وأخيه المولى احمد صلحاء أتقياء عبادا
على أحسن ما يكون إنتهى.
127

توفى المولى عبد الله التوني المذكور في 16 ع 1 سنة 1071.
(التهامي) انظر أبو الحسن التهامي
(التياني)
أبو غالب تمام كشداد بن غالب بن عمر اللغوي القرطبي صاحب المواهب
له كتاب مشهور جمعه في اللغة سماه تلقيح العين، جم الافادة، قيل لم يصنف
مثله اختصارا وإكثارا، توفى سنة 436 (تلو)، والتياني بفتح التاء
وتشديد الياء منسوب إلى التين.
(التيفاشي)
أبو العباس أحمد بن يوسف بن أحمد التيفاشي القيسي، حكي انه اشتغل
بالأدب وبرع في ذلك، وقدم الديار المصرية وهو صغير، فقرأ ورحل إلى
دمشق، واشتغل على تاج الدين الكندي، ثم رجع إلى بلاده وولي قضاها ثم
بعد ذلك رجع إلى ديار مصر والشام.
وكان فاضلا بارعا، له شعر حسن ونثر جيد ومصنفات منها أزهار الأفكار
في جواهر الأحجار، توفى بالقاهرة سنة 651.
(الثعالبي)
أبو منصور عبد الملك بن محمد بن إسماعيل النيسابوري الأديب اللغوي
صاحب كتاب يتيمة الدهر في محاسن أهل العصر، وفقه اللغة وسحر البلاغة،
وسر الأدب واللطائف والظرائف وغير ذلك قيل في وصف التيميمة:
أبيات اشعار اليتيمة * أبكار أفكار قديمة
ماتوا وعاشت بعدهم * فلذاك سميت اليتيمة
توفى في حدود سنة 429 (تكط)، والثعالبي منسوب إلى خياطة جلود الثعالب
وعملها قيل له ذلك لأنه كان فراء، والنيسابوري يأتي في الحاكم النيسابوري،
128

وقد يطلق الثعالبي على الشيخ الأجل أحمد بن علي بن الحسين الثعالبي من مشائخ
رئيس المحدثين محمد بن علي بن بابويه القمي، وقد يطلق على عبد الرحمان بن محمد
ابن مخلوف المالكي الأشعري.
حكي انه رحل في طلب العلم فلقي بمصر ومكة بعض المحدثين وأخذ عنه
علوما جمة، له (الجواهر الحسان في تفسير القرآن الكريم)، و (العلوم
الفاخرة)، و (الذهب الإبريز في غريب القرآن العزيز) وغير ذلك،
توفى سنة 875.
(ثعلب)
أبو العباس أحمد بن يحيى بن زيد النحوي الشيباني بالولاء، شيخ أديب
بارع، كان إمام الكوفيين في النحو واللغة، قرأ على ابن الاعرابي والزبير بن
بكار، وكان الشيوخ يقدمونه عليهم وهو حديث السن لعلمه وفضله، وهو
صاحب كتاب الفصيح في اللغة الذي نسب إليه الفصيحي لكثرة تكراره عليه
ودرسه إياه، وسمي الرجل ثعلب لأنه كان إذا سئل عن مسألة أجاب من هاهنا
وهاهنا فشبهوه بثعلب إذا أغار.
ذكره الخطيب في تاريخ بغداد وأثنى عليه كثيرا، وقال بعد ذكر جماعة
ممن روى عنه، كان ثقة حجة دينا صالحا مشهورا بالحفظ وصدق اللهجة والمعرفة
بالغريب ورواية الشعر القديم.
وذكر عنه اشعارا منها قوله:
إذا ما شئت ان تبلو صديقا * فجرب وده عند الدراهم
فعند طلابها تبدو هنات * وتعرف ثم أخلاق الأكارم
وله أيضا:
إذا أنت لم تلبس لباسا من التقى * تقلبت عريانا وإن كنت كاسيا
129

وله أيضا:
عجبت لم يخاف حلول فقر * ويأمن ما يكون من المنون
أتأمن ما يكون بغير شك * وتخشى ما ترجمه الظنون
وله أيضا:
بلغت من عمري ثمانينا * وكنت لا آمل خمسينا
فالحمد لله وشكرا له * إذ زاد في عمري ثلاثينا
وأسأل الله بلوغا إلى * مرضاته آمين آمينا
قال المسعودي: كان محمد بن يزيد المبرد يحب ان يجتمع في المناظرة مع احمد
ابن يحيى ويستكثر منه، وكان أحمد بن يحيى يمتنع من ذلك، وكان أحمد بن
يحيى قد ناله صمم، وزاد عليه قبل موته حتى كان المخاطب له يكتب ما يريده
في رقاع، إنتهى.
قلت: الظاهر أن هذا الصمم صار سبب موته لما يحكى انه خرج من
الجامع يوم الجمعة بعد العصر وكان في يده كتاب ينظر فيه في الطريق فصدمته
فرس فألقته في هوة فأخرج منها وهو كالمختلط فحمل إلى منزله على تلك الحال
وهو يتأوه من رأسه، فمات ثاني يوم، وكان ذلك ببغداد في سنة 291،
وكان مولده سنة 200
قال المسعودي: ودفن في مقابر الشام في حجرة اشتريت له وخلف إحدى
وعشرين ألف درهم وألفي دينار وغلة بشارع باب الشام قيمتها ثلاثة آلاف دينار
ولم يزل أحمد بن يحيى مقدما عند العلماء منذ أيام حداثته إلى أن كبر وصار إماما
في صناعته ولم يخلف وارثا إلا ابنة لابنه فرد ماله عليها إنتهى.
قيل في رثائه:
مات ابن يحيى فماتت دولة الأدب * ومات احمد انحنى العجم والعرب
فان تولى أبو العباس مفتقدا * فلم يمت ذكره في الناس والكتب
130

ويأتي في المبرد ما يتعلق به، (أقول): ثعلب حيوان معروف كثير الفطنة
والاحتيال، يحكي إذا اجتمع عليه البق والبرغوث الكثير اخذ بفيه قطعة من
جلد حيوان ميت أو صوف، ثم انه يضع يده ورجليه في الماء ولا يزال يغوص
فيه قليلا قليلا وتلك الحيوانات ترتفع قليلا قليلا لاحساسها بالماء فلا تزال ترتفع
متدرجا متدرجا إلى الرأس فهو يغوص رأسه في الماء قليلا قليلا فتلك الحيوانات
تنتقل إلى الجلدة وتجتمع فيها فإذا أحس الثعلب بذلك رماها في الماء وخرج فارغا
من تلك الحيوانات المؤذية وإذا أعوزه الطعم تماوت ونفخ بطنه حتى يحسبه
الطير ميتا فإذا وقعت عليه لتنهشه وثب عليها وأخذها.
وعن الشعبي انه قال: مرض الأسد فعاده جميع السباع ما خلا الثعلب فنم
عليه الذئب فقال الأسد إذا حضر فأعلمني فلما حضر أعلمه فعاتبه في ذلك فقال
كنت في طلب الدواء لك، قال: فأي شئ أصبت؟ قال خرزة في ساق الذئب
ينبغي ان تخرج فضرب الأسد بمخالبه في ساق الذئب وانسل الثعلب فمر به الذئب
بعد ذلك ودمه يسيل فقال الثعلب يا صاحب الخف الأحمر إذا قعدت عند الملوك
فانظر ماذا يخرج من رأسك.
(الثعلبي)
أبو إسحاق أحمد بن محمد بن إبراهيم المحدث النيسابوري صاحب التفسير
الكبير الذي يروي عنه صاحب الكشاف وغيره الحديث المعروف في فضل من مات
على حب آل محمد " عليه السلام "، وله (العرائس في قصص الأنبياء)، وهو لتشيعه
أو لقلة تعصبه كثيرا ما ينقل من أخبارنا ولهذا ينقل عنه العلامة المجلسي في البحار
توفى سنة 427 أو سنة 437.
(ثقة الاسلام) انظر الكليني
(الثقفي)
إبراهيم بن محمد بن سعيد صاحب الغارات وكتب كتب كثيرة نحو خمسين
131

مؤلفا قالوا: كان زيديا ثم صار إماميا، فعمل كتاب المعرفة وفيه المناقب
المشهورة والمثالب، فاستعظمه الكوفيون وأشاروا إليه بتركه وان لا يخرجه من
بلده فقال: أي البلاد أبعد من الشيعة؟ فقالوا أصفهان فحلف ان لا يروي
هذا الكتاب إلا بها، فانتقل إليها ورواه بها ثقة منه بصحة ما رواه فيه وأقام
هناك، ويقال ان جماعة من القميين كأحمد بن محمد بن خالد وغيره وفدوا إليه
وسألوه الانتقال إلى قم فأبى، توفى رحمه الله في حدود سنة 283.
(الثمالي)
أبو حمزة ثابت بن دينار الثقة الجليل صاحب الدعاء المعروف في أسحار شهر
رمضان، كان من زهاد أهل الكوفة ومشايخها، وكان عربيا أزديا، روي
عن الفضل بن شاذان قال: سمعت الثقة يقول سمعت الرضا عليه السلام يقول أبو حمزة
الثمالي في زمانه كسلمان الفارسي وذلك أنه خدم أربعة منا علي بن الحسين ومحمد
ابن علي وجعفر بن محمد وبرهة من عصر موسى بن جعفر عليه السلام إنتهى (كش)
عن علي بن أبي حمزة في خبر قال قال الصادق عليه السلام لأبي بصير: إذا رجعت إلى
أبي حمزة الثمالي فاقرأه مني السلام وأعمله انه يموت في شهر كذا في يوم كذا،
قال أبو بصير: جعلت فداك والله لقد كان فيه أنس وكان لكم شيعة قال صدقت
ما عندنا خير لكم قلت شيعتكم معكم قال: إن هو خاف الله وراقب نبيه وتوقى
الذنوب فإذا هو فعل كان معنا في درجاتنا.
قال علي فرجعا تلك السنة فما لبث أبو حمزة إلا يسيرا حتى توفى رحمه الله
مات في سنة خمسين ومائة.
(الثمالي) بضم المثلثة نسبة إلى ثمالة، واسمه عوف بن أسلم وهو بطن
من الأزد، وسميت ثمالة لانهم شهدوا حربا فني فيها أكثرهم فقال الناس ما بقي
منهم إلا الثمالة، والثمالة البقية اليسيرة، وينسب إليها أبو العباس محمد بن يزيد
132

المبرد، قال عبد الصمد بن المعدل في هجوه المبرد:
سألنا عن ثمالة كل حي * فقال القائلون ومن ثمالة
فقلت محمد بن يزيد منهم * فقالوا زدتنا بهم جهالة
(الثمانيني)
أبو القسم عمر بن ثابت الضرير النحوي، كان قائما بعلم النحو، عارفا
بقوانينه، شرح كتاب اللمع لابن جني، أخذ النحو عن ابن جني وأخذ عنه
الشريف أبو المعمر يحيى بن محمد بن طباطبا العلوي، توفى سنة 442.
(والثمانيني) نسبة إلى ثمانين وهي قرية من نواحي جزيرة ابن عمر، وهي
أول قرية بنيت بعد الطوفان سميت بعدد الجماعة الذين خرجوا من السفينة مع
نوح عليه السلام.
(وقد) يطلق الثمانيني على الشريف علم الهدى، قال (ضا) نقل صاحب
مجالس المؤمنين عن بعض الاعلام انه ذكر في ذيل ترجمة السيد المرتضى بعد أن
أثنى عليه انه خلف بعد وفاته ثمانين ألف مجلد من مقروآته ومحفوظاته، ومن
الأموال والأملاك ما يتجاوز عن الوصف.
وصنف كتابا يقال له الثمانين، وخلف من كل شئ ثمانين، وعمره ثمانون
سنة وثمانية أشهر فمن اجل ذلك سعي الثمانيني.
(الثوري)
أبو عبد الله سفيان بن سعيد بن مسروق الكوفي، ذكره الخطيب في
تاريخ بغداد، وقال بعد عد جمع من مشايخه ومن روى عنه انه كان إماما من
أئمة المسلمين وعلما من اعلام الدين مجمعا على إمامته بحيث يستغني عن تزكيته
مع الاتقان والحفظ والمعرفة والضبط والورع والزهد.
وورد بغداد غير مرة فمنها حين أراد الخروج إلى خراسان، ثم ذكر
133

روايات في فضله، (منها) انه لم ير أفضل منه، وأنه ما رأت العينان مثله،
وان ابن المبارك قال: كتبت عن ألف ومائة شيخ وما كتبت عن أفضل من
سفيان الثوري، وانه كان اعلم بحديث الأعمش من أعمش.
(وروي) عن يوسف بن أسباط قال قال لي سفيان الثوري: وقد صلينا
العشاء الآخرة ناولني المطهرة فناولته فأخذها بيمينه ووضع يساره على خده
ونمت فاستيقظت وقد طلع الفجر فنظرت فإذا المطهرة بيمينه كما هي فقلت هذا
الفجر قد طلع فقال: لم أزل منذ ناولتني المطهرة أتفكر في الآخرة حتى الساعة
وروي عنه أيضا انه كان في الليل ينهض مذعورا ينادي النار النار شغلني ذكر
النار عن النوم والشهوات إلى غير ذلك.
(ولكن) لا يخفى عليك انه كسميه ابن عيينة ليسا من أصحابنا ولا من
عدادنا، وكانا يدلسان، وعن تقريب ابن حجر سفيان بن سعيد بن مسروق
الثوري أبو عبد الله الكوفي ثقة عابد إمام حجة من رؤوس الطبقة السابعة،
وكان ربما دلس إنتهى.
(والعجب) من ابن حجر انه إذا كان يعترف بأنه كان ربما دلس كيف
وثقه وجعله إماما حجة.
قال أبو جعفر الطبري وذكر عن زيد بن حباب قال: كان عمار بن زريق
الضبي وسليمان بن قرم الضبي وجعفر بن زياد الأحمر وسفيان الثوري أربعة
يطلبون الحديث وكانوا يتشيعون فخرج سفيان إلى البصرة فلقي ابن عون
وأيوب فترك التشيع، قال: وكانت وفاته بالبصرة سنة 161 إنتهى.
وقال شيخنا الطريحي في المجمع في لغة الثور وسفيان الثوري كان في شرطة
هشام بن عبد الملك وهو ممن شهد قتل زيد بن علي بن الحسين عليه السلام، فأما ان
يكون ممن قتله أو أعان على قتله أو خذله (إنتهى)
توفى سنة 161 (قسا) وقبره في البصرة، و (أخوه) المبارك بن سعيد
134

أبو عبد الرحمان الثوري كوفي، سكن بغداد وحدث بها عن أبيه وأخيه سفيان
وكان أعمى توفى بالكوفة في أول سنة 180.
والثوري بفتح المثلثة وسكون الواو نسبة إلى ثور بن عبد مناة بن أد بن
طابخة بن الياس بن مضر.
وكان يقال انه في بني ثور ثلاثين رجلا ليس منهم رجلا دون الربيع بن
خيثم وهم بالكوفة وليس بالبصرة منهم أحد (1) (تذييل).
وممن شارك الثوري في الرواية عن المشايخ أبو نعيم الفضل بن دكين،
ودكين لقب عمرو بن حماد بن زهير.
وكان الفضل من أهل الكوفة وكان شريك عبد السلام بن حرب في دكان
واحد يبيعان ملاء، ذكره الخطيب وأثنى عليه ووثقه وروى عنه قال شاركت
الثوري في ثلاثة عشر ومائة شيخ.
وقال أيضا: كتبت عن نيف ومائة شيخ ممن كتب عنه سفيان (وروى)
عن عبد الله بن الصلت قال: كنت عند أبي نعيم الفضل بن دكين فجاءه ابنه
يبكى فقال له مالك؟ فقال الناس يقولون انك تتشيع فأنشأ يقول:
وما زال كتمانيك حتى كأنني * يرجع جواب السائلي عنك أعجم
لأسلم من قول الوشاة وتسلمي * سلمت وهل حي من الناس يسلم
وروى عنه قال: ما كتبت علي الحفظة اني سببت معاوية.
(وروي) عنه هذه الاشعار:
ذهب الناس فاستلقوا وصرنا * خلفا في أراذل النسناس

(1) قال الحموي في المعجم وقد أخرجت مرو من الأعيان وعلماء الدين
والأركان ما لم تخرج مدينة مثلهم، منهم أحمد بن محمد بن حنبل الامام،
وسفيان بن سعيد الثوري مات وليس له كفن واسمه حي إلى يوم القيامة،
وإسحاق بن راهويه وعبد الله بن المبارك وغيرهم.
135

في أناس نعدهم من عديد * فإذا فتشوا فليسوا بناس
كلما جئت ابتغي النيل منهم * بدروني قبل السؤال بيأس
وبكوا لي حتى تمنيت اني * مفلت منهم فرأس برأس
قال أبو يوسف يعقوب أجمع أصحابنا: ان أبا نعيم كان غاية في الاتقان
والحفظ، وانه حجة.
(أقول) قد تقدم ما يتعلق به في أبو نعيم.
(الجاجرمي)
معين الدين محمد بن إبراهيم الفقيه الشافعي مذهبا والنيسابوري مسكنا
ومدفنا، صاحب كتاب الكفاية وغيره، توفى سنة 613 (خيج)، وجاجرم
كخوارزم بلدة بين نيسابور وجوين وجرجان، وينسب إليها بدر الدين
الجاجرمي الشاعر.
(الجاحظ)
أبو عثمان عمرو بن بحر بن محبوب الليثي البصري اللغوي النحوي، كان
من غلمان النظام، وكان مائلا إلى النصب والعثمانية.
وله كتب منها العثمانية التي نقض عليها أبو جعفر الإسكافي والشيخ المفيد
والسيد أحمد بن طاووس وطال عمره وأصابه الفالج في آخر عمره، ومات
بالبصرة سنة 255.
قال ابن اشحنة في روضة المناظر: وفي سنة 255 توفى الجاحظ عمرو بن
بحر قال ذكرت للمتوكل لا علم أولاده فلما استحضرني استبشع منظري فأمر لي
بعشرة آلاف دينار وصرفني ولما جاوز التسعين سنة أنشد بحضرة المبرد:
أترجوا ان تكون وأنت شيخ * كما قد كنت أيام الشباب
136

لقد كذبتك نفسك ليس ثوب * دريس كالجديد من الثياب (1)
كان موته لوقوع مجلدات من العلم عليه وهو ضعيف، إنتهى.
ومن شعره أيضا: وكان لنا أصدقاء مضوا * تفانوا جميعا وما خلدوا
تساقوا جميعا كؤوس المنون * فمات الصديق ومات العدو
وله أيضا:
يطيب العيش ان تلقى حكيما * غذاه العلم والظن المصيب
فيكشف عنك حيرة كل جهل * وفضل العلم يعرفه الأديب
سقام الحرص ليس له شفاء * وداء الجهل ليس له طبيب
(جار الله) انظر الزمخشري
(الجاربردي)
فخر الدين أحمد بن الحسين الشافعي نزيل تبريز من فضلاء تلامذة القاضي
البيضاوي، له شرح الشافية وشرح منهاج أستاذه، وبينه وبين القاضي عضد
الإيجي مشاجرات في العلوم عظيمة، وتوفى بتبريز سنة 742 (ذمب).
(الجامع)
نوح بن أبي مريم أبو عصمة الخراساني يعرف بالجامع لجمعه العلوم يروى
عن الزهري وعنه أبو حنيفة قال ابن المبارك كان يضع، مات سنة 173 (قعج)
ويظهر من الشهيد الثاني أيضا انه كان الوضاعين.

(1) روى الخطيب عن المبرد قال: دخلت على الجاحظ في آخر أيامه وهو
عليل فقلت له: كيف أنت؟ فقال: كيف يكون من نصفه مفلوج ولو نشر
بالمناشير ما حس به ونصفه الآخر منقرس لو طار الذباب بقربه لآلمه والآفة في جميع
هذا اني قد جزت التسعين ثم أنشد: أترجو (البيتين).
137

(الجامع الباقولي)
أبو الحسن علي بن الحسين الضرير النحوي صاحب الجمل والجوهر، كان
من علماء المائة السادسة.
(الجامي)
المولى عبد الرحمان بن أحمد بن محمد الدشتي الفارسي الصوفي النحوي
الصرفي الشاعر الفاضل المنتهي نسبه إلى محمد بن الحسن الشيباني تلميذ أبي حنيفة
ويقال له الجامي لأنه ولد ببلدة جام من بلاد ما وراء النهر سنة 817 قال مشيرا
إلى ذلك في شعره:
مولدم بام ورشحه ء قلم * جرعه جام شيخ الاسلامي است
لا جرم در جريدة اشعار * بدو معنى تخلصم جامى است
له تأليفات كثيرة سوى ديوانه منها كتاب نفحات القدس في ذكر الطبقات
الخمس يعنى من طوائف الصوفية، وشرحه على الفصوص.
وله سبحة الأبرار وشواهد النبوة في فضائل النبي والأئمة عليهم السلام، وشرحه
على كافية ابن الحاجب سماه الفوائد الضيائية كتبه باسم ولده ضياء الدين، وقد
جمع فيه الدقائق والتحقيقات.
ونقل عن المولى العلامة الميرزا محمد الشيرواني انه كان يقول اني درست
هذا الشرح خمسا وعشرين مرة وصار اعتقادي في كل مرة اني لم استوف حق
فهمه ومعرفته في المرة السابقة إلى غير ذلك.
(وهل) هو من علماء السنة كما هو الظاهر منه بل من المتعصبين كما هو
الغالب على أهل بلاد تركستان وما وراء النهار ولذا بالغ في التشنيع القاضي نور الله
مع مذاقه الوسيع، أو انه كان ظاهرا من المخالفين وفي الباطن من الشيعة
الخالصين، ولم يبرز ما في قلبه تقية كما يشهد بذلك بعض اشعاره، منها ما عن
138

سبحة الأبرار قوله:
بنجه وركن أسد اللهي را * بيخ پر كن دو سه روباهي را
وأعتقده السيد الاجل الأمير محمد حسين الخاتون آبادي سبط العلامة المجلسي
(وينقل) حكاية في ذلك مسندا وحاصلها ان الشيخ علي بن عبد العالي، كان
رفيقا مع الجامي في سفر زيارة أئمة العراق عليهم السلام وكان يتقيه فلما وصلوا
إلى بغداد ذهبا إلى ساحل الدجلة للتنزه فجاء درويش قلندر، وقرأ قصيدة غراء
في مدح مولانا أمير المؤمنين عليه السلام ولما سمعها الجامي بكى وسجد وبكى في سجوده، ثم
أعطاه جائزة ثم قال في سبب ذلك إعلم اني شيعي من خلص الامامية ولكن التقية واجبة
وهذه القصيدة مني وأشكر الله انها صارت بحيث يقرأها القارئ في هذا المكان.
ثم قال الخاتون آبادي: وأخبرني بعض الثقاة من الأفاضل نقلا عمن يثق
به ان كل من كان في دار الجامي من الخدم والعيال والعشيرة كانوا على مذهب الإمامية
، ونقلوا عنه انه كان يبالغ في الوصية بأعمال التقية سيما إذا أراد سفرا
والله العالم بالسرائر، توفى الجامي سنة 898 (ضصح)، قيل إن قبره
بهراة، ومن شعره:
أي مغبجه دهر بده جام ميم * كامد زنزاع سني وشيعه قيم
گويند كه جاميا جه مذهب داري * صد شكر كه سك سني وخر شيعه نيم
وله أيضا:
آنكه ناكس بود بأصل سرشت * بتقاليب دهر كس نشود
سك مكس را اگر كني مقلوب * قلب أو غير شك مگس نشود
وله أيضا:
دوستدار رسول وآل ويم * دشمن خصم بد خصال ويم
جوهر من ز كان ايشان است * رخت من از دكان ايشان است
همچه سلمان شدم ز أهل البيت * گشت روشن چراغ من زان زيت
139

جون بود عشق صادقان درسم * كي زقيد منافقان ترسم
أين نه رفض است محض ايمان است * رسم معروف أهل عرفان است
رفض اگر هست حب آل نبي * رفض فرض است بزركي وغبي
وقد يطلق الجامي على أبي نصر أحمد بن أبي الحسن بن محمد بن جرير بن عبد الله
ابن ليث بن جرير بن عبد الله البجلي المعروف بزنده بيل احمد جام أحد الأئمة
الصوفية والمشايخ الكشفية، قيل إنه تولد بقرية نامق (يانق خ ل) من اعمال
ترشيز من بلاد خراسان، وقد اتصل في بعض الجبال إلى خدمة خضر النبي عليه السلام
وتلقى منه الذكر وبقى في الرياضة هناك ثماني عشرة سنة ثم توجه إلى بلدة جام،
وأخذ في إرشاد الخلق بها بحيث قد تاب على يديه ستمائة الف رجل من المتردين
قال بابا فغاني الشاعر في وصفه:
مستان اگر كنند فغاني بتوبه ميل * بيري باعتقاد به از بير جام نيست
وله مصنفات وكتاب ديوان وكان جل ذلك أوكله بالفارسية.
ومن اشعاره التي تدل على حسن حاله:
أي زمهر حيدرم هر لحظه در دل صد صفا است
از يي حيدر حسن مارا إمام ورهنما است
همجو كلب افتاده أم بر خاك درگاه حسن
خاك نعلين حسين اندر دو چشمم توتيا است
عابدين تاج سر وباقر دو جشم روشن است
دين جعفر بر حق است ومذهب موسى رواست
أي موالي وصف سلطان خراسان را شنو
ذره از خاك قبرش درد مندانرا دواست
بيشواي مؤمنان است اي مسلمانان تقي
گر نقى را دوست دارم در همه مذهب روا است
140

عسكري نور دو چشم عالم وآدم بود
همجه مهدي يك سبه سالار در ميدان كجا است
قلعه ء خيبر گرفته آن شهنشاه عرب
زانكه در بازوي حيدر نامه ء از لا فتى است
شاعران از بهر سيم وزر سخنها گفته اند
أحمد جامى غلام خاص شاه أوليا است
يحكى ان السلطان شاه إسماعيل الصفوي المغفور تفاءل يوما بديوان هذا الرجل
لينكشف له حقيقة أحواله فإذا على صدر الصفحة اليمنى هذه الاشعار:
أي زمهر حيدرم الخ، وله أيضا:
گر منزل افلاك شود منزل تو * وز كوثر اگر سرشته باشد گل تو
چون مهر علي نباشد اندر دل تو * مسكين تو وسعيهاي بيحاصل تو
وحاصل معناه بالعربية هذه الأبيات التي نسبت إلى المحقق سلطان الحكماء
الخواجة نصير الدين قدس سره:
لوان عبدا أتى بالصالحات غدا * يود كل نبي مرسل وولي
وصام ما صام صوام بلا ملل * وقام ما قام قوام بلا كسل
وعاش في الدهر آلافا مؤلفة * عار من الذنب معصوم بلا زلل
فليس في الحشر يوم البعث ينفعه * إلا بحب أمير المؤمنين علي
توفى في حدود سنة 536، وجام كما في (ق) من أعمال نيسابور.
(الجبائي)
أبو علي محمد بن عبد الوهاب بن سلام بن خالد بن حمران بن أبان مولى
عثمان بن عفان (ويطلق) على ابنه أبي هاشم عبد السلام بن محمد، ويقال لهما
الجبائيان وكلاهما من رؤساء المعتزلة، ولهما مقالات على مذهب الاعتزال والكتب
الكلامية مشحونة بمذاهبهما واعتقادهما.
141

(وحكي) انه كان لأبي هاشم ولد يقال له أبو علي، وكان عاميا لا يعرف
شيئا فدخل على الصاحب بن عباد فظنه الصاحب انه كأبيه فأكرمه ورفع مرتبته
ثم سأله عن مسألة فقال: لا أعرف، ولا أعرف نصف العلم، فقال له الصاحب
صدقت يا ولدي ولكن أباك تقدم بالنصف الآخر.
توفى أبو علي الجبائي سنة 303 (شج) وابنه أبو هاشم سنة 321 (شكا)
قيل إن قبرهما في بغداد ولكن قال ابن النديم ان أبا هاشم حمل جنازة أبيه ودفنها
في جبا، قال الفيروز آبادي: جبي بالضم والقصر كورة بخوزستان منها أبو علي
وابنه أبو هاشم.
وقال الحموي: جبي بالضم ثم التشديد والقصر بلد أو كورة من عمل
خوزستان، ومن الناس من جعل عبادان من هذه الكورة وهي في طرف من
البصرة والأهواز حتى جعل من لا خبرة له جبي من اعمال البصرة وليس الامر
كذلك ومن جبي هذه أبو علي الجبائي، إنتهى.
(الجبرتي)
الشيخ عبد الرحمان بن بدر الملة والدين حسن بن إبراهيم بن حسن العقيلي
الحبشي المؤرخ الشهير، كان والده من العلماء والفضلاء أحد المعروفين، وأما هو
فإنه حضر أشياخ العصر وجد في التحصيل حتى فاق أهل عصره وشاع ذكره في
الآفاق، له كتاب عجائب الآثار في التراجم والاخبار، ويعرف بتاريخ
الجبرتي جمع من حوادث القرن الثاني عشر وأوائل القرن الثالث عشر، توفى
سنة 1237 أو سنة 1240.
(جحظة البرمكي)
النديم أبو الحسن أحمد بن جعفر بن موسى بن يحيى بن خالد بن برمك
كان فاضلا صاحب فنون ونجوم ونوادر ومنادمة، حسن الأدب كثير الرواية
142

للاخبار مقبول الألفاظ حاضر النادرة، وأما صنعته في الغناء فلم يلحقه فيها
أحد، وله الاشعار الرائقة، فمن شعره قوله:
أنا ابن أناس مول الناس جهودهم * فأضحوا حديثا للنوال المشهر
فلم يخل من أحسابهم لفظ مخبر * ولم يخل من تقريظهم بطن دفتر
وله:
قد نادت الدنيا على نفسها * لو كان في العالم من يسمع
كم واثق بالعمر واريته * وجامع بددت ما يجمع
ومن شعره في رثاء ابن دريد:
فقدت بابن دريد كل فائدة * لما غدا ثالث الأحجار والترب
وكنت أبكي لفقد الجود مجتهدا * فصرت أبكي لفقد الجود والأدب
ولابن الرومي فيه:
نبئت جحظة يستعير جحوظه * من فيل شطرنج ومن سرطان
وا رحمتا لمنادميه تحملوا * ألم العيون للذة الآذان
وقال ابن بسام:
لجحظة المحسن عندي يد * أشكرها منه إلى المحشر
لما أراني وجه برذوته * وصانني عن وجهه المنكر
توفى سنة 324 (شكد) بواسط وحمل إلى بغداد، وجحظة بفتح الجيم وسكون
الحاء المهملة وفتح الظاء المعجمة، لقب عليه لقب عبد الله بن المعتز أي الجاحظ
الصغير و (البرمكي) تقدم ما يتعلق به في ابن خلكان.
(الجرجاني)
يطلق على جماعة منهم أبو بكر عبد القاهر بن عبد الرحمان النحوي اللغوي
مؤسس علم البيان صاحب أسرار البلاغة ودلائل الاعجاز والعوامل المائة.
143

أقول: ويأتي في المرزباني انه مؤسس علم البيان، ومن شعره:
تذلل لمن إن تذللت له * برى ذاك للفضل لا للبله
وجانب صداقة من لا يزال * على الأصدقاء يرى الفضل له
توفى سنة 471 (تعا)، وقد يطلق على القاضي أبى الحسن علي بن عبد
العزيز الجرجاني الفقيه الشافعي والأديب الشاعر، المتوفى بالري سنة 362 أو
366، ومن قوله:
ما تطعمت لذة العيش حتى * صرت للبيت والكتاب جليسا
ليس شئ عندي أعز من العلم * فما ابتغي سواه أنيسا
إنما الذل في مخالطة الناس * فدعهم وعش عزيزا رئيسا
وله في الصاحب بن عباد مدائح منها قوله:
ولا ذنب للأفكار اني تركتها * إذا احتشدت لم تنتفع باحتشادها
سبقت لافراد المعالي وألفت * خواطرك الألفاظ بعد شرادها
فان نحن حاولنا اختراع بديعة * حلنا على مسروقها ومعادها
وقد يطلق عل أبى احمد محمد بن محمد بن مكي بن يوسف القاضي الجرجاني، قال
الخطيب قدم بغداد وروى بها عن محمد بن يوسف الفربري كتاب الصحيح
للبخاري ولم يحدثنا عنه أحد من شيوخنا البغداديين لكن حدثنا عنه أبو نعيم
الأصبهاني ومحمد بن الحسن الأهوازي، ثم ذكر عن الأهوازي انه قال أنشدني
القاضي احمد الجرجاني لنفسه:
إذا المرء لم يحسن مع الناس عشرة * وكان بجهل منه بالمال معجبا
ولم تره يقضي الحقوق فإنه * حقيق بأن يقلى وأن يتجنبا
وأنشدني أيضا:
مضى زمن وكتن الناس فيه * كراما لا يخالطهم خسيس
فقد دفع الكرام إلى زمان * أخس رجالهم فيه رئيس
144

تعطلت المكارم يا خليلي * وصار الناس ليس لهم نفوس
(إنتهى)
والشيخ أبو المحاسن الجرجاني، كان من أكابر علمائنا المعاصرين للعلامة
الحلي، له كتاب تكملة السعادات في كيفية العبادات المسنونات فارسي ألفه،
سنة 722 كذا عن الرياض، الجرجان بلدة معروفة يعبر عنها باستراباد أيضا كما
قاله صاحب مجالس المؤمنين وقال أهلها بالتشيع مشهورون، ويؤيد الخبر الوارد
في ورود أبى محمد العسكري عليه السلام لجرجان بطي الأرض يوم الثالث من شهر
ربيع الثاني من سر من رأى لجواب سؤالات الناس وحوائجهم.
وفي (ضا) عن تلخيص الآثار انها مدينة عظيمة مشهورة بقرب طبرستان
بناها يزيد بن المهلب بن أبي صفرة وهي أقل ندى ومطرا من طبرستان، يجري
بينهما نهر تجري فيها السفن إلى أن قال: هواها ردئ بها مشهد لبعض أولاد
علي الرضا عليه السلام، والعجم يسمونه كور سرخ وهذا مشهور ينسب إليها الامام
عبد القاهر، كان فاضلا عارفا بعلم البيان، له كتاب في إعجاز القرآن في غاية
الحسن، والقاضي أبو الحسن علي بن عبد العزيز كان ذا نظم ونثر عديم النظير
وينسب إليها القاضي فخر الدولة الديلمي والسيد الحكيم أبو إبراهيم إسماعيل بن
محمد بن الحسين صاحب كتاب الذخيرة الخوارزمشاهية، إنتهى.
(الجرمي)
بفتح أوله وسكون ثانيه أبو عمر صالح بن إسحاق النحوي اللغوي البصري
المنتسب إلى جرم بن ريان الذي هو أبو قبيلة من قبائل اليمن.
كان عالما باللغة حافظا لها، وكان جليلا في الحديث والاخبار اخذ عن
الأخفش وغيره ولقي يونس ولم يلق سيبويه وأخذ اللغة عن أبي عبيدة وأبى زيد
الأنصاري والأصمعي.
145

وله كتب في السير والنحو وغيره، منها كتاب جيد يعرف بالفرخ يعني
فرخ كتاب سيبويه.
روى الخطيب عن ثعلب قال قال لي ابن قادم: قدم أبو عمر الجرمي على
الحسن بن سهل فقال لي الفراء بلغني ان أبا عمر الجرمي قدم وأنا أحب ان ألقاه
فقلت له: فاني أجمع بينكما فأتيت أبا عمر فأخبرته فأجاب إلى ذلك وجمعت بينهما
فلما نظرت إلى الجرمي قد غلب الفراء وأفحمه ندمت على ذلك، قال ثعلب قلت
له: ولم ندمت على ذلك؟ فقال لي: لان علمي علم الفراء فلما رأيته مقهورا قل
في عيني ونقص علمه عندي إنتهى.
توفى سنة 225 (كره).
(الجزري)
انظر ابن الأثير، وقد يطلق الجزري على شمس الدين محمد بن إبراهيم بن أبي
بكر المؤرخ الأديب الشاعر الذي ألف ذيلا على كتاب مرآة الزمان
لسبط ابن الجوزي، توفى سنة 739 (ذلط).
وقد يطلق على محمد بن محمد الجزري الشافعي الدمشقي المتوفى سنة 833
(ضلج) صاحب المقدمة الجزرية في التجويد، والجزري منسوب إلى جزيرة
ابن عمر قرب الموصل.
(الجزولي)
أبو موسى عيسى بن عبد العزيز البربري المراكشي النحوي، أستاذ
شلوبين وابن معط، اخذ عن العلامة المقدسي، له الجزولية مقدمة نحوية،
اعتنى بها جماعة من الفضلاء فشرحوها، توفى سنة 607 أو 610، وجزوله
بضم الجيم بطن من البربر.
146

(الجصاص)
أبو بكر أحمد بن علي الرازي الحنفي البغدادي المتوفى سنة 370 صاحب
شرح احكام القرآن وأسماه الله الحسنى وغير ذلك.
(الجعابي)
أبو بكر محمد بن عمر بن محمد بن سالم التميمي قاضى الموصل يعرف بابن الجعابي
أيضا، ذكره الخطيب في تاريخ بغداد وقال بعد عد جمع كثير ممن يحدث عنهم
كان أحد الحفاظ الموجودين، صحب أبا العباس بن عقدة وعنه اخذ الحفظ،
وله تصانيف كثيرة في الأبواب والشيوخ، ومعرفة الاخوة، والأخوات،
وتواريخ الأمصار.
وكان كثير الغرائب، ومذهبه في التشيع معروف، وكان يسكن
بعض سكك البصرة.
روي عنه الدارقطني وابن شاهين، ثم ذكر عن محمد بن الحسين القطان
قال: سمعت أبا بكر بن الجعابي يقول دخلت الرقة فكان لي ثم قمطرين كتبا
فأنفذت غلامي إلى ذلك الرجل الذي كتبي عنده فرجع الغلام مغموما فقال:
ضاعت الكتب فقلت: يا بني لا تغتم فان فيها مائتي ألف حديث لا يشكل علي
منها حديث لا إسنادا ولا متنا.
حدثنا علي بن أبي علي المعدل عن أبيه قال: ما شاهدنا احفظ من أبى بكر
ابن الجعابي، وسمعت من يقول: انه يحفظ مائتي ألف حديث ويجيب في
مثلها إلا أنه كان يفضل الحفاظ فإنه كان يسوق المتون بألفاظها وأكثر الحفاظ
يتسامحون في ذلك، إلى أن قال: وكان إماما في المعرفة بعلل الحديث وثقات
الرجال وأسمائهم وأنسابهم وكناهم ومواليدهم وأوقات وفاتهم ومذاهبهم وما يطعن
به على كل واحد وما يوصف به من السداد، وكان في آخر عمره قد انتهى
147

هذا العلم إليه حتى لم يبق في زمانه من يتقدمه في الدنيا.
وروى أنه كان يملي مجلسه فتمتلئ السكة التي يملي فيها والطريق، توفى
سنة 355 ببغداد وصلي عليه في جامع المنصور وحمل إلى مقابر قريش ودفن بها
وكانت سكينة نائحة الرافضة تنوح علي جنازته، إنتهى ما نقلناه من الخطيب
ملخصا وتقدم ما يتعلق به في ابن الجعابي.
(الجعفي) انظر الصابوني
(الجغميني)
المحقق محمود بن محمد بن عمر من علماء القرن التاسع صاحب القانونجه في الطب
وهو متن صغير الحجم وجيز النظم مأخوذ من القانون والملخص في الهيئة.
(جلال الدين) انظر الدواني
(جلال الدين السيوطي) انظر السيوطي
(جلال الدين المحلى) انظر المحلى
(الجلبي) انظر الكاتب الجلبي
(الجلدكي)
عز الدين ايدمر بن علي المتوفى سنة 762 كان مولعا بدرس علم الكيميا،
وقد عدله من هذا الفن ما ينيف على عشرين مصنفا.
(الجلودي)
بفتح الجيم وضم اللام أبو أحمد عبد العزيز بن يحيى بن أحمد بن عيسى
الجلودي البصري، كان من أكابر الشيعة الإمامية والرواة للآثار والسير، له
كتب كثيرة يقرب من مائتين، منها كتاب مجموع قراءة أمير المؤمنين علي بن
أبي طالب عليه السلام، وكتاب شعر علي عليه السلام، وكتاب المتعة وما جاء في تحليلها
توفى سنة 332 (شلب).
148

وذكره (جش) وقال: هو منسوب إلى جلود قرية في البحر، وقال: قال
قوم ان جلود بطن من الأزد ولا يعرف النسابون ذلك، وله كتب إلى أن قال
لنا أبو عبد الله الحسين بن عبد الله أجازنا كتبه جميعها أبو الحسن علي بن حماد
ابن عبيد الله بن حماد العدوي وقد رأيت أبا الحسن بن حماد الشاعر إنتهى.
وقال العلامة في حقه ثقة إمامي المذهب وكان شيخ البصرة وأخبار بها،
وكان عيسى الجلودي من أصحاب أبي جعفر عليه السلام إنتهى.
والجلودي أيضا أحد المشايخ الذين خدموا الرشيد فقتلهم المأمون وملخص
خبره ما رواه الصدوق عن علي بن إبراهيم عن ياسر الخادم ما حصله ان أبا الحسن
الرضا عليه السلام أشار إلى المأمون بأن يخرج من بلاد خراسان ويتحول إلى موضع
آبائه وأجداده وينظر إلى أمور المسلمين ولا يكلهم إلى غيره فبلغ ذلك ذا الرياستين
وقد كان غلب على الامر ولم يكن للمأمون عنده رأي فقال: يا أمير المؤمنين
الرأي ان تقيم بخراسان حتى تتناسى الناس ما كان من أمر بيعة الرضا وأمر محمد
أخيك وهاهنا مشايخ قد خدموا الرشيد وعرفوا الامر فاستشرهم في ذلك فان
أشاروا به فامضه فقال المأمون مثل ما قال مثل علي بن أبي عمران وابن مونس
والجلودي وهؤلاء هم الذين نقموا بيعة أبى الحسن " عليه السلام " ولم يرضوا به فحبسهم
المأمون بهذا السبب فقال المأمون نعم فلما كان من الغد جاء أبو الحسن " عليه السلام "
فدخل على المأمون فقال يا أمير المؤمنين ما صنعت؟ فحكى له ما قال ذو الرياستين
فدعا المأمون بهؤلاء النفر فأول من دخل عليه علي بن أبي عمران فنظر إلى الرضا
عليه السلام بجنب المأمون فقال: أعيذك بالله يا أمير المؤمنين ان تخرج هذا الامر
الذي جعله الله لكم وخصكم به وتجعله في أيدي أعدائكم ومن كان آباؤك
يقتلونهم ويشردونهم في البلاد.
قال المأمون له: يا ابن الزانية وأنت بعد على هذا؟ قدمه يا حرسي واضرب
عنقه فضرب عنقه ودخل ابن مؤنس فلما نظر إلى الرضا بجنب المأمون قال:
149

يا أمير المؤمنين هذا الذي بجنبك والله صنم يعبد دون الله قال المأمون يا ابن الزانية
وأنت بعد على هذا؟ يا حرسي قدمه واضرب عنقه فضرب عنقه، ثم ادخل
الجلودي وكان الجلودي في خلافة الرشيد لما خرج محمد بن جعفر بن محمد بالمدينة بعثه
الرشيد وأمره إن ظفر به ان يضرب عنقه وأن يغير على دور آل أبي طالب وان
يسلب نساءهم ولا يدع على واحدة منهن إلا ثوبا واحدا ففعل الجلودي ذلك،
وقد ان مضى أبو الحسن " عليه السلام " فصار الجلودي إلى أبى الحسن " عليه السلام " فهجم
على داره مع خيله فلما نظر إليه الرضا عليه السلام جعل النساء كلهن في بيت ووقف على
باب البيت وقال الجلودي لأبي الحسن " عليه السلام " لا بد من أن ادخل البيت فأسلبهن كما
امرني أمير المؤمنين فقال الرضا " عليه السلام ": أنا أسلبهن لك وأحلف اني لا ادع عليهن
شيئا إلا اخذته فلم يزل يطلب إليه ويحلف له حتى سكن فدخل أبو الحسن " عليه السلام "
فلم يدع عليهن شيئا حتى أقراطهن وخلاخيلهن وأزارهن إلا اخذه منهن
وجميع ما كان في الدار من قليل وكثير فلما كان في هذا اليوم وأدخل الجلودي
على المأمون قال الرضا " عليه السلام " يا أمير المؤمنين هب لي هذا الشيخ، فقال المأمون
يا سيدي هذا الذي فعل ببنات رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ما فعل من سلبهن ونظر الجلودي
إلى الرضا " عليه السلام " وهو يكلم المأمون ويسأل عن أن يعفو عنه ويهبه له فظن أنه
يعين عليه لما كان الجلودي فعله فقال يا أمير المؤمنين أسألك بالله وبخدمتي للرشيد
ان لا تقبل قول هذا في، فقال المأمون: يا أبا الحسن قد استعفى ونحن نبر
قسمه، قال: لا والله لا اقبل فيك قوله ألحقوه بصاحبيه فقدم وضرب عنقه.
(الجماز)
الشاعر محمد بن عمر بن حماد مولى أبي بكر من أهل البصرة، شاعر أديب
قال الخطيب: كان ماجنا خبيث اللسان، وكان يقول: انه أكبر سنا من
أبي نؤاس، دخل بغداد في أيام هارون الرشيد وفى أيام جعفر المتوكل، وكان
150

المتوكل قد كتب في حمله إليه فلما دخل عليه أنشده:
ليس لي ذنب إلى * الشيعة إلا الخلتين
حب عثمان بن عفا * ن وحب العمرين
ثم ذكر الخطيب نوادر عنه، وفى آخره أمر له المتوكل بعشرة آلاف
درهم فأخذها وانحدر فمات فرحا بها.
(الجماعيلي)
أبو محمد عبد الغني بن عبد الواحد المقدسي النابلسي صاحب الكمال في
معرفة الرجال، ولد في جماعيل قرب نابلس سنة 541 ومات بالقاهرة سنة 600
ستمائة، وجماعيل بالضم وقد يشدد الميم قرية بالقدس، ولا يخفى ان هذا الرجل
بغير عبد الغني النابلسي الصوفي صاحب القصيدة الشطحية.
منها قوله:
وجودي جل عن جسمي * وعن روحي وعن عقلي
وعن شرعي وتكليفي * وعن حكمي وعن نقلي
وعلمي ليس يدركه * سوى من لم يزل مثلي
ولو زال الغطا عن علم * أهل العقد والحل
لأضحى علمهم في بحر * علمي قطرة الطل
وعلم الجفر من علمي * وموسى رشحة البل
واني هدهد الاخبار * للقوم الأولى قبلي
ووجهي قد غسلت الكون * عنه أيما غسل
واني لست مخلوقا * ولا شربا ولا أكلي
ولا اني أنا الخلاق * ذو صنع وذو فعل
أنا الشامي أنا الهندي * أنا الرومي أنا الصقلي
151

أنا الأكوان بي قامت * أنا الأفلاك من أجلي
أنا المعروف في الدنيا * وفي الأخرى بذي الفضل
واني لست إنسانا * ولا من ذلك النسل
ولا اني جنين * أو بمولود ولا طفل
وما عبد الغني اسمي * وهذا مقتضى شكلي
ولكن عالم الأوهام * يمشي بي على مهل
فيا من رام في الدنيا * يراني طالبا وصلي
تجرد وانتزح واخرج * عن الأكوان بالعقل
وكن خمرا بلا كأس * وكن شمسا بلا ظل
وحقق واقطع الاحبال * وامسك دونها حبلي
(الأبيات) ورد عليه الشيخ إبراهيم الحر الصوري الشيعي بقوله:
رويدا يا أخا الفضل * مزجت الشهد بالخل
أذعت السر يا هذا * شربت الجور بالعدل
أبا عبد الغني مهلا * فلس القول كالفعل
لقد أكثرت من هذر * يضاهي صفوة الطفل
دعاو لا يدانيها * سوى عار من العقل
فما هذا الذي تهذي * رويدا يا أبا الجهل
حلول واتحاد * ثم تشبيه مع البطل
فيا عبد الغني الشامي * تفطن واستمع نقلي
فما المشكاة يا رومي * وما المصباح يا صقلي
وما الزيتون يا هندي * فقل يا فاتح العقل
ألا يا هدهد الاخبار * خبر بالورى وأجل
أيا عبد الغني أكثر * ت من هذر ومن هزل
152

لقد أبرزت مكنونا * خلاف العقل والنقل
الأبيات، ويأتي في النابلسي ذكر حفيد عبد الغني صاحب القصيدة
(جمال الدين)
يطلق على جماعة منهم المحقق المدقق الآغا جمال الدين محمد بن الحسين بن
جمال الدين محمد الخونساري.
(قال) صاحب جامع الرواة في حقه: جليل القدر عظيم المنزلة رفيع
الشأن ثقة ثبت عين صدوق عارف بالاخبار والفقه والكلام والأصول والحكمة
ثم عد تأليفاته وتعليقاته، منها تعليقاته على التهذيب والفقيه وشرح اللمعة،
والشرائع والشفاء وشرح الإشارات وشرح فارسي على الغرر والدرر.
(أقول): من راجع تصنيفاته يعلم منها جودة فهمه وحسن سليقته،
وصفاء ذهنه خصوصا في فهم ظواهر الأحاديث كما يظهر من ترجمته مفتاح الفلاح
وما علقه عليه من الحواشي وغيرها.
(كانت) أمه أخت المحقق السبزواري الذي يأتي ذكره إن شاء الله تعالى.
(يروي) عن والده المحقق الخونساري الذي يأتي ذكره، (ويروي)
عنه السيد إبراهيم بن مير معصوم الحسيني القزويني (1) وهو كما وصفه الشيخ
عبد النبي القزويني في محكي تتمة أمل الآمل بحر متلاطم مواج، ما من علم إلا
وقد نظر فيه وحصل منه.
كان في خزانة كتبه زهاء ألف وخمسمائة كتاب في أنواع العلوم لا يوجد

(1) ويروي أيضا عن العلامة المجلسي والسيد حسين بن جعفر الخونساري
والمير سيد عبد الباقي ومحمد باقر بن محمد باقر الهزار جريبي والشيخ محمد مهدي
الفتوني وغيرهم رضوان الله عليهم أجمعين.
153

فيها كتاب إلا وفيه أثر خطه من تصحيح أو حاشية، وكتب بخطه سبعين
مجلدا من تأليفه وغيره.
عاش نحو ثمانين سنة صرف جلها في تحصيل العلوم، وكان متواضعا متعبدا
ذات صفات جميلة وكمالات نبيلة، وأعطاه الله تعالى جاها عظيما وأولادا فضلاء
وسعة في الرزق وعمرا طويلا، قرأت عليه قطعة من ذخيرة السبزواري وقابلت
معه كتاب المنتقى (إنتهى) كلام صاحب تتمة أمل الآمل في وصف السيد إبراهيم
وتوفى السيد المذكور في سنة 1145 (غقمد) بقزوين.
يروي عنه ابنه العالم الجليل والسيد النبيل صاحب الكرامات الباهرة السيد
حسين القزويني أستاذ العلامة بحر العلوم رضوان الله عليهم أجمعين.
وتوفى الآغا جمال الدين في 26 شهر رمضان في أصبهان سنة 1125 (غقكه)
ودفن في مقبرة تخته فولاد عند قبر والده المحقق، وكان نقش خاتمه يا من له
العزة والجمال.
والخونساري يأتي بعد ذلك (وقد يطلق) جمال الدين على السيد عطاء الله
ابن الأمير فضل الله الشيرازي الدشتكي (1) المحدث صاحب كتاب روضة الأحباب
في سيرة النبي والآل والأصحاب، كتبه بأمر الأمير علي شير ملك الهراة وهو
ابن عم المير غياث الدين المنصور المعروف الذي كان من علماء المائة التاسعة وكان
ولده الأمجد المير نسيم الدين محمد الملقب بمير كشاه في تكميل العلوم والفنون
لا سيما علم الحديث وحيد زمانه وفريد أقرانه، وله اعتراضات على كلمات الذهبي في
كتاب الميزان تدل على تشيعه فراجع (ضا).
(جمال الدين الإفريقي)
أبو الفضل محمد بن مكرم بن علي الأنصاري الإفريقي المصري المعروف

(1) يظهر من مجالس المؤمنين والأمل تشيعه فلاحظ.
154

بابن منظور صاحب كتاب لسان العرب في اللغة وهو كبير جدا جمع فيه بين
التهذيب للأزهري والمحكم لابن سيدة والصحاح وحواشيه والجمهرة لابن دريد
والنهاية، قالوا في حقه: انه ولد سنة 630، وسمع من ابن المقير وغيره،
وجمع وعمر وحدث واختصر كثيرا من كتب النحو المطولة كالأغاني والعقد
والذخيرة ومفردات ابن البيطار، ويقال: ان مختصراته خمسمائة مجلد وخدم
في ديوان الانشاء مدة عمره.
وروى عنه السبكي والذهبي، وكان عارفا بالنحو واللغة والتاريخ والكتابة
واختصر تاريخ دمشق في نحو ربعه وعنده تشيع بلا رفض، مات في شعبان
سنة إحدى عشرة وسبعمائة.
ومن نظمه:
بالله إن جزت بوادي الأراك * وقبلت عيدانه الخضر فاك
ابعث إلى عبدك من بعضها * فإنني والله مالي سواك
(جمال الدين الأفغاني)
محمد بن السيد صغتر الحسيني من بيت عظيم من بلاد الأفغان رأيت ترجمته
في بعض المواضع هكذا:
(نشأ) بكابل وتلقى علوما جمة، برع فيها واستكمل الغاية من دروسه في
الثامنة عشر من عمره ثم سافر إلى الهند ومنها إلى الأقطار الحجازية ورجع إلى
بلاده فدخل في بطانة الأمير دوست محمد خان وصحبه في غزوة هراة ثم جاء مصر
فأقام بها أياما يخالط أهل العلم، وارتحل إلى الآستانة ثم عاد إلى القاهرة وانتشر
صيته في الديار المصرية وكان ذلك في سنة 1288 فتولى تعليم المنطق والفلسفة
في الأزهر، فانخرط في سلك تلامذته الشيخ محمد بن عبده بن حسن المصري
مفتي الديار المصرية مع جماعة من نوابغ المصريين فكأن الأفغاني نفخ فيهم من
155

روحه فنشطوا للعمل في الكتابة وإنشاء الفصول الأدبية والحكمة وكان الشيخ
محمد عبدة أقربهم إلى طبعه وأقدرهم على مباراته.
وفي سنة 1296 أبعد من مصر فرحل إلى الهند ومنها إلى لندن وباريس
وأنشأ جريدة العروة الوثقى وكان يحررها مع صديقه الشيخ محمد عبدة نشر منها
ثمانية عشر عددا ثم استدعاه السلطان عبد الحميد فقدم الآستانة سنة 1310،
وبقي فيها إلى أن مات.
له رسالة ابطال مذهب الدهريين، وتاريخ الأفغان وغير ذلك،
توفى صديقه الشيخ محمد عبده صاحب المؤلفات والمنشآت في سنة 1323 (غشكج)
(جمال الدين القرشي) يأتي ذكره في الجوهري
(الجنابي)
هو أبو سعيد القرمطي الذي ظهر بالبحرين سنة 286 واجتمع إليه جماعة
من الاعراب والقرامطة فقوي أمره فقتل من حوله من تلك القرى، ثم عظم
أمرهم وقربوا من نواحي البصرة فجهز إليهم المعتضد بالله جيشا يقاتلهم مقدمه
العباس بن عمر والغنوي فتواقعوا وقعة شديدة وانهزم أصحاب العباس وأسر
العباس وذلك في سنة 287 فقتل أبو سعيد الأسرى وأحرقهم وأطلق العباس
ليمضي إلى صاحبه ويخبره بما رأى ثم إن القرامطة دخلوا بلاد الشام في سنة 289
وجرت بين الطائفتين وقعات وقتل أبو سعيد سنة 301 قتله خادم له في الحمام وقام
مقامه ولده أبو طاهر سليمان بن أبي سعيد، وكان قد استولى على بلاد البحرين
مقامه ولده أبو طاهر سليمان بن أبي سعيد، وكان قد استولى على بلاد البحرين
وفي سنة 311 قصد أبو طاهر وعسكره البصرة وملكوها بغير قتال بل صعدوا
إليها بسلالم الشعر فلما حصلوا بها ثاروا إليهم وقتلوا متولي البلاد ووضعوا السيف
في الناس فهربوا منهم، وأقام أبو طاهر سبعة عشر يوما يحمل منها الأموال،
156

ثم عاد إلى بلده ولم يزالوا يعثون في البلاد ويكثرون فيها الفساد من القتل والسبي
والنهب والحريق إلى سنة 317 فحج الناس فيها وسلموا في طريقهم، ثم وافاهم
أبو طاهر بمكة يوم التروية فنهبوا أموال الحجاج وقتلوهم حتى في المسجد الحرام
وفي البيت نفسه وقلع الحجر الأسود وأنفذه إلى هجر، وقلع باب الكعبة وصعد
رجل ليقلع الميزاب فسقط فمات وطرح القتلى في بئر زمزم ودفن الباقين في المسجد
الحرام من غير كفن ولا غسل ولا صلاة على أحد منهم، وأخذ كسوة البيت
فقسمها بين أصحابه ونهب دور أهل مكة فلما بلغ ذلك المهدي عبيد الله صاحب
إفريقية كتب إليه ينكر عليه ذلك ويلومه ويلعنه فأمره برد الأموال ورد الحجر
ورد كسوة الكعبة، فلما وصله ذلك الكتاب أعاد الحجر واستعاد ما أمكنه من
أموال أهل مكة فرده، وكان بحكم التركي أمير بغداد والعراق قد بذل لهم في
رده خمسين ألف دينار فلم يردوه وردوه الآن وعلى الجملة فالذي فعلوه في الاسلام
لم يفعله أحد، وملكوا كثيرا من البلاد.
وقتل أبو طاهر في سنة 332 (شلب)، والجنابي بفتح الجيم وتشديد
النون وبعد الألف باء موحدة نسبة إلى جنابة بلد من اعمال فارس متصلة بالبحرين
عند سيراف والقرامطة منها.
(والقرمطي) بكسر القاف وسكون الراء وكسر الميم، والقرمطة تقارب
الشئ بعضهم من بعض يقال خط مقرمط وشئ مقرمط إذا كان كذلك وكان
أبو سعيد المذكور قصيرا مجتمع الخلق أسمر كريه المنظر فلذلك قيل له قرمطي
(الجنابذي)
نسبة إلى جنابذ بالضم ناحية من نواحي نيسابور يقال لها كناباد ينسب
إليها جمع كثير منهم ابن الأخضر الجنابذي صاحب كتاب معالم العترة النبوية الذي
ينقل منه الشيخ الأربلي في كشف الغمة وقد تقدم في ابن الأخضر.
157

(الجنيد)
كزبير لقب أبى القسم سعيد بن محمد بن الجنيد القواريري الزاهد المشهور
سلطان الطائفة الصوفية (قيل) أصله من نهاوند، وهي مدينة من بلاد الجبل
قيل: ان نوح عليه السلام بناها وكان اسمها نوح أوند، ومعنى أوند نبي فعربوها
فقالوا: نهاوند، ومولده ومنشأه العراق.
كان شيخ وقته وفريد عصره في الزهد والتصوف، صحب خاله السرى
السقطي، وصحبه أبو العباس بن سريج الفقيه الشافعي المشهور، (له) كلمات
معروفة في الحقيقة.
(يحكى) عنه قال: ما انتفعت بشئ انتفاعي بأبيات سمعتها، قيل له:
وما هي؟ قال: مررت بدرب القراطيس فسمعت جارية تغني من دار فأنصت
لها فسمعتها تقول:
إذا قلت أهدى الهجر لي حلل البلى * تقولين لولا الهجر لم يطب الحب
وإن قلت هذا القلب أحرقه الهوى * تقولي بنيران الهوى شرف القلب
وإن قلت ما أذنبت قالت مجيبة * حياتك ذنب لا يقاس به ذنب
فصعقت وصحت، توفى ببغداد سنة 297 (رصز) ودفن في المقبرة
الشونيزية يعنى مقابر قريش عند خاله السرى.
(روى) الخطيب عن جعفر الخلدي قال: رأيت الجنيد في النوم فقلت
له: ما فعل الله بك؟ فقال: طاحت تلك الإشارات وغابت تلك العبارات،
وفنيت تلك العلوم، ونفدت تلك الرسوم، وما نفعنا إلا ركعات كنا
نركعها في الأسحار.
وكان يبيع الزجاج فلذلك يقال له القواريري، (وخاله) أبو الحسن
السري بن المغلس السقطي أحد رجال الطريقة وأرباب الحقيقة، وكان تلميذ
158

البشر الحافي والمعروف الكرخي وكات أستاذ ابن أخته الجنيد، وينقل عن
الجنيد انه قال: رفع السري إلي رقعة وقال: هذه لك خير من سبعمائة قصة
أو حديث يعلق فإذا فيها:
ولما ادعيت الحب قالت كذبتني * فمالي أرى الأعضاء منك الكواسيا
فما الحب حتى يلصق الجلد بالحشا * وتذبل حتى لا تجيب المناديا
وتنحل حتى لا يبقى لك الهوى * سوى مقلة تبكي بها وتناجيا
(وكان) ممن عاصره أبو زكريا يحيى بن معاذ الرازي الواعظ أحد رجال
الطريقة، ذكره الخطيب في تاريخ بغداد وقال ما ملخصه: انه قدم واجتمع
إليه بها مشايخ الصوفية والنساك، ونصبوا له منصة وأقعدوه عليها وقعدوا بين
يديه يتجارون، فتكلم الجنيد فقال له يحيى: اسكت يا خروف مالك والكلام
إذا تكلم الناس.
(وقال) وكان ليحيى بن معاذ أخ يقال له إسماعيل بن معاذ، وكان
صاحب أدب وشعر ومجالسة للملوك، وكانت له امرأة يقال لها فاطمة (وكان)
ليحيى مناجاة وإشارات وعبارات، فمنها قوله عمل كالسراب وقلب من التقوى
خراب، وذنوب بعدد الرمل والتراب، ثم تطمع في الكواعب الأتراب هيهات
أنت سكران بغير شراب، ما أكملك لو بادرت أملك، ما اجلك لو بادرت اجلك
ما أقواك لو خالفت هواك.
(وكان) يقول: ومن لي بمثل ربي إن أدبرت ناداني وإن أقبلت ناجاني
وإن دعوت لباني حسبي ربي، وأنشأ يقول:
حسبي حياة الله من كل ميت * وحسبي بفاء الله من كل هالك
إذا ما لقيت الله عني راضيا * فان سرور النفس فيما هنالك
خرج إلى بلخ وأقام بها أياما ثم رجع منها إلى نيسابور وسكن بها إلى أن مات
16 ج 1 سنة 258 (نحر).
159

(الجواليقي)
أبو محمد إسماعيل بن أبي منصور موهوب بن أحمد بن محمد بن الخضر
اللغوي النحوي البغدادي.
كان إمام أهل الأدب بعد أبيه أبي منصور بالعراق فاختص بتأديب أولاد
الخلفاء، (وكانت) له معرفة باللغة والأدب، مليح الخط جيد الضبط وكانت
له حلقة بجامع القصر يقرأ فيها كل جمعة، وكان إمام جماعة للمستضئ بالله،
ومقربا عنده في الغاية.
توفى سنة 575 (ثعه)، وكان أبوه البارع أبو منصور الجواليقي لغويا
نحويا إماما في فنون الأدب، وكان إمام جماعة للمقتفي بالله يصلي به الصلوات
الخمس، سمع الخطيب التبريزي وروى عنه الكندي وابن الجوزي.
وكان مليح الأدب، درس الأدب في النظامية بعد التبريزي وكان متواضعا
طويل الصمت، لا يقول الشئ إلا بعد التحقيق، ويكثر من قول لا أدرى،
ألف تكملة درة الخواس وشرح أدب الكاتب
ومن فضلاء تلامذته كمال الدين بن الأنباري والزمخشري، توفى سنة
539 (ثلط) ودفن ببغداد في باب الحرب
(وعن ض) قال ابن الجواليقي من الامامية واليه أسند الشهيد الثاني " ره "
إجازته للحسين بن عبد الصمد والد البهائي (ره) وإليه ينسب بعض نسخ دعاء
السمات، وقد يطلق على بعض العامة وهو (أي ابن الجواليقي الامامي) الشيخ
موهوب بن أحمد بن محمد بن الخضر الجواليقي إنتهى.
(والجواليقي) نسبة إلى عمل الجوالق ولبيعها، والجواليق جمع جوالق
وهو وعاء معروف، وكأنه معروف جوال، وينسب إليه أبو الحكم هشام بن
سالم الجواليقي الثقة الجليل الراوي عن أبي عبد الله وأبي الحسن " عليه السلام " عده الشيخ
160

المفيد من فقهاء الأصحاب وله أصل ويروي عنه كثير من الاجلاء كابن أبي عمير
وصفوان وابن محبوب والبزنطي والحسن بن سعيد وابن بزيع وغيرهم
رضوان الله عليهم أجمعين.
وهو الذي كان أول من دخل على الإمام موسى بن جعفر بعد وفاة أبيه
عليهم السلام واطلع على إمامته ثم أخبر أصحابه بذلك وصرفهم عن عبد الله الأفطح
الذي جلس مجلس أبيه وادعى الإمامة افتراء.
(الجوهري)
أبو نصر إسماعيل بن حماد الفارابي، كان من أذكياء العالم وأعاجيب
الدنيا لأنه كان من الفاراب إحدى بلاد الترك من عشيرة تركية، ولع باللغة
العربية وأسرارها وأخذ يطوف من مظان وجودها.
اخذ عن السيرافي والفارسي وسافر إلى الحجاز وشافه باللغة العرب العاربة
ودخل بلاد ربيعة ومضر فأقام بها مدة في طلب اللغة ثم عاد إلى خراسان ونزل
دامغان عند أبي الحسين بن علي الذي هو أحد أعيان الكتاب والفضلاء مكرما
عنده في الغاية ثم أقام بنيسابور مدة يدرس في اللغة ويعلم في الكتابة ويشتغل
بالتصنيف، وتعلم الخط وكتابة المصاحف والدفاتر، وصنف كتابا في العروض
ومقدمة في النحو والصحاح في اللغة بأيدي الناس اليوم وعليه اعتمادهم،
أحسن تصنيفه وجود تأليفه وقد اعتنى به الفضلاء فانتخبه بعضهم وسماه منتخب
الصحاح وجمع أكثر لغاته محمد بن أبي بكر بن عبد القادر الرازي بطريق الاختصار
وسماه مختار الصحاح، وأخرجه إلى الفارسية بعد التلخيص الشيخ أبو الفضل
محمد بن عمر بن خالد المدعو بجمال الدين القرشي فوسمه بالصراح من الصحاح
وكان خط الجوهري في نهاية الحسن بحيث يضرب به المثل في الحسن ويذكر مع
161

ابن مقلة ونظرائه حكي انه مات مترديا من سطح، واختلف في سنة وفاته ولعل
الأشهر انها سنة 393.
وقيل إنه تغير عقله وعمل دفتين وشدهما كالجناحين وقال: أريد ان أطير
وقفز به من علو فهلك والله تعالى العالم.
وقد يطلق الجوهري على أبى الحسن علي بن الجعد بن عبيد الجوهري مولى
بني هاشم، سمع سفيان الثوري ومالك بن أنس وشعبة ومن في طبقتهم وكتب
عنه ابن حنبل وابن معين، وروى عنه البخاري وأبو زرعة وأبو حاتم الرازيان
وغيرهم، ذكر الخطيب في تاريخ أحمد بن القسم بن مساور أبي جعفر الجوهري
المتوفى سنة 293 انه أكثر عن علي بن الجعد فكتب عنه خمسة عشر ألف حديث
وروى الخطيب أيضا في ج 11 عن أبي غسان الدوري قال: كنت عند علي بن
الجعد فذكروا عنه حديث ابن عمر كنا تفاضل على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله فنقول
خير هذه الأمة بعد النبي صلى الله عليه وآله أبو بكر وعمر وعثمان فيبلغ النبي صلى الله عليه وآله فلا ينكر
فقال على: انظروا إلى هذا الصبي هو لم يحسن ان يطلق امرأته يقول كنا نفاضل
(يشير إلى حديث ابن عمر انه طلق امرأته في الحيض).
وروي عن أحمد بن إبراهيم الدورقي قال قلت لعلي بن الجعد: بلغني انك
قلت ابن عمر ذاك الصبي؟ قال: لم أقل ولكن معاوية ما أكره ان يعذبه
الله عز وجل
وعن هارون بن سفيان المستملي المعروف بالديك قال: كنت عند علي
ابن الجعد فذكر عثمان بن عفان فقال: اخذ من بيت المال مائة ألف درهم بغير
حق (الخ)، توفى سنة 230 وقد استكمل 96.
أقول: قال ابن الأثير في الكامل في حوادث سنة 230 وفيها مات علي بن
الجعد أبو الحسن الجوهري وكان عمره ستا وتسعين سنة، وهو من مشايخ
البخاري، وكان يتشيع إنتهى.
162

وقد يطلق ابنه الحسن بن علي الجعد، ولي قضاء مدينة المنصور بعد
عبد الرحمان بن إسحاق الضبي، وكان سريا ذا مروة، وكان من العلماء بمذهب
أهل العراق، اخذ عن أبيه وولي القضاء في حياة أبيه، وتوفى سنة 242، وتوفى
أيضا أبو حسان الزيادي الحسن بن عثمان وكل واحد منهما قاضي، كان أحدهما على
المدينة والآخر الشرقية، فقيل في رثائهما:
سر بالكرخ والمدينة قوم * مات في جمعة لهم قاضيان
لهف نفسي على الزيادي منهم * ثم لهفي على فتى الفتيان
وقد يطلق الجوهري على الشيخ المقدم أحمد بن عبد العزيز الجوهري
صاحب كتاب السقيفة، ذكره الشيخ الطوسي في (ست)، وينقل منه كثيرا
ابن أبي الحديد في شرح النهج، وهو عالم محدث كثير الأدب ثقة ورع أثنى
عليه المحدثون، ورووا عنه مصنفاته.
وقد يطلق على أبى عبد الله أحمد بن محمد بن عبد الله الجوهري المعروف
بابن عياش وقد تقدم وقال صاحب (ضا) في ذكر من يطلق عليهم الجوهري،
(ومنهم) الشاعر الأديب الماهر المشهور أبو الحسن علي بن أحمد الجرجاني الصاحب
للقصائد الفاخرة الكثيرة في مناقب أهل البيت ومصائب شهدائهم الأبرار صلوات الله
عليهم، كما في الرياض.
ثم قال: ومنهم أيضا في هذه الأواخر من الفارسيين الأعاجم الميرزا محمد
باقر الجوهري الهروي الأصل القزويني المسكن الأصفهاني المتوفى والمدفن الذي
كان في الحقيقة مالكا لازمة النظم والنثر، وإماما لائمة الكلام الفارسي في قرب
هذا العصر، صاحب كتاب طوفان البكاء في مقاتل الشهداء وغير ذلك، وكانت
وفاته زمن اعتكافه بباب سيدنا وسمينا الامام العلامة المرحوم البقار لفضائل
والعلوم صاحب مطالع الأنوار في حدود نيف و 1240 إنتهى.
163

(الجويني) انظر إمام الحرمين
(الجهضمي)
نصر بن علي بن نصر البصري الجهضمي، كان من أهل البصرة وقدم بغداد
وحدث بها، روى الخطيب انه روي عن علي بن جعفر العلوي قال حدثني أخي
موسى بن جعفر عن أبيه جعفر بن محمد عن أبيه محمد بن علي عن أبيه علي بن
الحسين عن أبيه عن جده عليهم السلام ان رسول الله صلى الله عليه وآله اخذ بيد الحسن والحسين
عليهما السلام فقال: من أحبني وأحب هذين وأباهما وأمهما كان معي في درجتي
يوم القيامة.
قال أبو عبد الرحمان عبد الله، لما حدث بهذا الحديث نصر بن علي
أمر المتوكل بضربه ألف سوط، وكلمه جعفر بن عبد الواحد وجعل يقول له:
هذا الرجل من أهل السنة، ولم يزل به حتى تركه، وكان له أرزاق فوفرها
عليه موسى، قال الخطيب: إنما أمر المتوكل بضربه لأنه ظنه رافضيا فلما
علم أنه من أهل السنة تركه.
وروى عنه أيضا قال: دخلت على المتوكل فإذا هو يمدح الرفق فأكثر
فقلت يا أمير المؤمنين أنشدني الأصمعي:
لم أر مثل الرفق في لينه * اخرج للعذراء من خدرها
من يستعن بالرفق في امره * يستخرج الحية من خدرها
فقال: يا غلام الدواة والقرطاس فكتبهما، وروي انه بعث إليه المستعين بالله
يشخصه للقضاء فصلى ركعتين وقال اللهم إن كان لي عندك خير فاقبضني إليك فنام
فأنبهوه فإذا هو ميت، وكان موته في سنة 250 (رن).
والجهضمي نسبة إلى جهضم كجعفر وهو بمعنى الأسد واسم ولعله اسم
بعض أجداده أو اتفقت له قصة مع الأسد أو غير ذلك.
164

(الجهني)
الذي ينقل منه فضل ليلة القدر وانها ليلة ثلاث وعشرين من شهر رمضان
اسمه عبد الله بن أنيس، ولكن ذكر ابن الأثير في أسد الغابة ان اسمه جحش
فراجع باب الجيم منه.
(جيحون)
لقب تاج الشعراء الاغا محمد اليزدي المعروف بالميرزا جيحون صاحب ديوان
شعر بالفارسية المتوفى في حدود سنة 1318.
(الحاتمي)
أبو علي محمد بن الحسن بن المظفر الكاتب اللغوي البغدادي أحد اعلام
الأدب المطلعين على لغة العرب، اخذ عن أبي عمر الزاهد غلام ثعلب، وأخذ
عن جمع من الأكابر منهم القاضي التنوخي، وله الرسالة الحاتمية شرح فيها
ما جرى بينه وبين المتنبي من إظهار سرقاته وإبانة عيوب شعره، توفى سنة 388
(شفح)، والحاتمي نسبة إلى بعض أجداده اسمه حاتم.
(حاجي خليفة) انظر كاتب چلبي
(الحازمي)
زين الدين أبو بكر محمد بن موسى بن عثمان بن حازم الهمداني الشافعي
صاحب كتاب الاعتبار في بيان الناسخ والمنسوخ من الآثار، المتوفى ببغداد
سنة 584 (ثفد).
(الحافظ)
في اصطلاحات أهل الحديث له اطلاقات مذكورة في محالها، منها انهم
يطلقونه على من أحاط علمه بمائة الف حديث متنا وإسنادا.
165

وقيل الحافظ: من روى ما يصل إليه ووعى ما يحتاج لديه.
وقيل الحافظ: من كان حافظا للكتاب والسنة، ثم الحافظ يطلق على
جماعة كثيرة من علماء الفريقين، منهم (الحافظ ابرو) نور الدين لطف الله
الهروي ابن عبد الله المؤرخ المتوفى سنة 834 (صلد) صاحب زبدة التواريخ
بالفارسية، ألفها لبايسنقر ميرزا.
(والحافظ رجب البرسي)
فاضل محدث شاعر أديب منشئ، صاحب كتاب مشارق الأنوار في
حقائق أسرار أمير المؤمنين عليه السلام وغيره.
قال العلامة المجلسي " ره ": وكتاب مشارق الأنوار وكتاب الألفين
للحافظ رجب البرسي ولا اعتمد على ما يتفرد بنقله لاشتمال كتابيه على ما يوهم
الخبط والخلط والارتفاع وإنما أخرجنا منهما ما يوافق الاخبار المأخوذة
من الأصول المعتبرة إنتهى.
(وقال شيخنا) الحر العاملي قدس سره في كتابه افراط وربما نسب إلى
الغلو وأورد لنفسه فيه اشعارا جيدة، وذكر فيه ان بين المهدي عليه السلام وبين
تأليف ذلك الكتاب خمسمائة وثمانية عشر سنة، ومن المذكور فيه قوله:
فرضى ونفلي وحديثي أنتم * وكل كلي منكم وعنكم
وأنتم عند الصلاة قبلتي * إذا وقفت نحوكم ايمم
خيالكم نصب لعيني ابدا * وحبكم في خاطري مخيم
يا سادتي وقادتي أعتابكم * بجفن عيني لثراها ألثم
وقفا على حديثكم ومدحكم * جعلت عمري فاقبلوه وارحموا
منوا على الحافظ من فضلكم * واستنقذوه في غد وأنعموا
والبرسي نسبة إلى برس وهي قرية بين الكوفة والحلة كما في (ق)، وعن
166

معجم البلدان قال: برس بالضم موضع بأرض بابل به آثار لبخت نصر،
وتل مفرط العلو يسمى صرح البرس إنتهى، (قلت): وبرس وكتكن من
قرى خراسان أيضا بقرب ترشيز.
(والحافظ الشيرازي)
شمس الدين محمد العارف الكامل الشيعي الامامي صاحب الديوان المعروف
قال الجلبي في كشف الظنون ذكر مرتب ديوان الحافظ في ديباجته ان مولانا
الحافظ لم يرتب ديوانه لكثرة اشتغاله بتحشية الكشاف والمطالع ودرسهما فرتب
بعده بإشارة قوام الدين عبد الله وهو ديوان معروف متداول بنى أهل الفرس
ويتفاءل به، وكثيرا ما جاء بيت منه بحسب حال المتفائل، ولهذا يقال له:
لسان الغيب انتهى.
توفى الحافظ المذكور في حدود سنة 791 ودفن في شيراز عند باب
البلد وقبره معروف هناك واتفق مروري به سنة 1319 في رجوعي من بيت الله
الحرام إلى قم المحروسة على طريق شيراز، قيل في تاريخ وفاته بالفارسية:
چراغ أهل معنى خواجة حافظ * كه شمعي بود أز نور تجلى 791
چو در خاك مصلى يافت منزل * بجو تاريخش از خاك مصلى
(والحافظ)
ابن محمد بن المستنصر أحد الخلفاء الفاطمية يأتي ذكره في العبيدية.
(الحافي)
أبو نصر بشر بن الحارث بن عبد الرحمان المروزي الأصل بغدادي المسكن
العارف الزاهد المشتهر أحد أركان رجال الطريقة، قيل إنه كان من أولاد الرؤساء
والكتاب، وكان من أهل المعازف والملاهي فتاب ونقل في سبب توبته انه أصاب
167

في الطريق قطعة فيها مكتوب بسم الله الرحمن الرحيم وقد وطأته الاقدام فأخذها
واشترى بدراهم كانت معه غالية فطيب بها الورقة وجعلها في شق حائط فرأى في
النوم كأن قائلا يقول: يا بشر طيبت اسمي فلأطيبن اسمك في الدنيا والآخرة
فلما أصبح تاب (1).
وفي (ضا) قال العلامة في منهاج الكرامة في سبب توبة بشر انه اجتاز
مولانا الإمام موسى بن جعفر عليه السلام على داره ببغداد فسمع الملاهي وأصوات الغناء
والقصب تخرج من تلك الدار فخرجت جارية وبيدها قمامة فرمت بها في الدرب
فقال عليه السلام لها: يا جارية صاحب هذه الدار حر أم عبد؟ فقالت: بل حر فقال
صدقت لو كان عبدا خاف من مولاه فلما دخلت قال مولاها وهو على مائدة
السكر ما أبطأك؟ فقالت: حدثني رجل بكذا وكذا فخرج حافيا حتى لقي
مولانا الكاظم عليه السلام فتاب على يده واعتذر وبكى لديه استحياء من عمله إنتهى.
قال الخطيب: انه كان ابن عم علي بن خشرم، وكان ممن فاق أهل عصره
في الورع والزهد، وتفرد بوفور العقل وأنواع الفضل، قال: وكان كثير
الحديث إلا أنه لم ينصب نفسه للرواية وكان يكرهها، ودفن كتبه لأجل ذلك،
وحكي عن إبراهيم الحربي قال: ما أخرجت بغداد أتم عقلا ولا احفظ للسانه
من بشر بن الحرث في كل شعرة منه عقلا، وذكر له حكايات من زهده وقناعته
ليس هنا مقام نقلها إنتهى.
وله كلمات حكيمة منها: عقوبة العالم في الدنيا ان يعمى بصر قلبه وقال من
طلب الدنيا فليتهيأ للذل، وقال: اجعل الآخرة رأس مالك فما اتاك من الدنيا

(1) ويشبه هذا ما في الكامل البهائي عن كتاب الحاوية انه لما جيئ برأس
الحسين عليه السلام إلى يزيد لعنه الله شرب الخمر وصب منها على الرأس الشريف فأخذته
امرأة يزيد وغسلته بالماء وطيبته بماء الورد فرأت تلك الليلة في منامها سيدة النساء
فاطمة الزهراء سلام الله عليها وهي تعتذر إليها بحسن صنيعها.
168

فهو ربح وقال: حسبك ان قوما موتى يحيى القلوب بذكرهم، وان قوما احياء
يقسو القلوب برؤيتهم، وقال لأصحاب الحديث: أدوا زكاة هذا الحديث قالوا
وما زكاته؟ قال: اعملوا من كل مائتي حديث بخمسة أحاديث، وقيل له:
بأي شئ تأكل الخبز؟ قال: أذكر العافية فأجعلها إداما.
ويحكي عنه انه كان يقول:
أقسم بالله لمص النوى * وشرب ماء القلب المالحة
أعز للانسان من حرصه * ومن سؤال الأوجه الكالحة
فاستغن بالله تكن ذا الغنى * مغتبطا بالصفقة الرابحة
اليأس عز والتقى سؤدد * ورغبة النفس لها فاضحة
من كانت الدنيا له برة * فإنها يوما له ذابحة
وسئل عن القناعة فقال لو لم يكن في القناعة شئ إلا التمنع بعز الغناء لكان
ذلك يجزي ثم أنشأ يقول:
أفادتني القناعة أي عز * ولا عز أعز من القناعة
فخذ منها لنفسك رأس مال * وصير بعدها التقوى بضاعة
تحز حالين تغنى عن بخيل * وتسعد في الجنان بصبر ساعة
روى الخطيب عن محمد بن نعيم قال: دخلت على بشرفي علته فقلت عظني
فقال: ان في هذه الدار نملة تجمع الحب في الصيف لتأكله في الشتاء فلما كان
يوم اخذت حبة في فمها فجاء عصفور فأخذها والحبة فلا ما جمعت اكلت ولا
ما أملت نالت: قلت زدني قال ما تقول فيمن القبر مسكنه والصراط جوازه،
والقيامة موقفه والله مسائله فلا يعلم إلى الجنة فيهنأ أو إلى النار فيعزى فوا طول
حزناه وأعظم مصيبتاه، زاد البكاء فلا عزاء، واشتد الخوف فلا أمن انتهى
توفى سنة 227 (ركز) وهو ابن 75 سنة وقبره ببغداد
وحكي انه كان له ثلاث أخوات وهن مضغة ومخة وزبدة زاهدات عابدات
169

ورعات، وفي (ضا) قال: ومن أسباطه الشيخ أبو نصر عبد الكريم بن محمد
الهروني الديباجي، المعروف بسبط بشر الحافي، وكان من علماء الإمامية كما
في الرياض إنتهى.
ثم إن المستفاد من الدرة المنظومة للعلامة بحر العلوم في مبحث كيفية الصلاة
على الأموات ان من جملة ألقاب القاضي عز المؤمنين ابن البراج الحافي أيضا
وذلك أنه يقول:
وسن رفيع اليد بالتكبير * والمكث حتى الرفع للسرير
والخلع للحذاء دون الاختفاء * وسن في قضائه الحافي الحفا
(الحاكم)
وقد يقال له الحاكم النيسابوري هو أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن محمد
ابن حمدويه الحافظ المعروف بابن البيع كالسيد أيضا.
كان واسع العلم إمام الحفاظ والمحدثين، جاب البلاد في رحلته العلمية
وسمع من جماعة كثيرة يقرب من ألفي شيخ، وكانت اعلام عصره كالصعلوكي
والإمام ابن فورك وسائر أئمة العلم والحديث يقدمونه على أنفسهم ويراعون حق
فضله ويعرفون له الحرمة الأكيدة ولا يرتابون في إمامته وهو من ابطال الشيعة
وسدنة الشريعة، وله التصانيف التي لعلها تبلغ ألف جزء، منها المستدرك
على الصحيحين، وتاريخ علماء نيسابور، وكتاب فضائل فاطمة صلوات الله عليها
وغير ذلك، حكي عنه قال: شربت ماء زمزم وسألت الله تعالى ان يرزقني
حسن التصنيف.
قال الخطيب في حقه: كان من أهل الفضل والعلم والمعرفة والحفظ،
وله في علوم الحديث مصنفات عدة، ثم ذكر انه ورد بغداد في شبيبته فكتب
بها عن جمع من الشيوخ ثم وردها وقد علت سنة فحدث بها.
170

روى عنه الدارقطني وغيره، وكان ثقة، ولد سنة 321.
وقال: حدثني بعض أصحابنا عن أبي الفضل بن الفلكي الهمداني وكان
وحل إلى نيسابور وأقام بها انه قال: كان كتاب تاريخ النيسابوريين الذي
صنفه الحاكم أحد ما رحلت إلى نيسابور بسببه، وكان ابن البيع يميل إلى التشيع
فحدثني أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الأرموي بنيسابور.
وكان شيخا صالحا فاضلا عالما، قال: جمع الحاكم أبو عبد الله أحاديث
زعم أنها صحاح على شرط البخاري ومسلم يلزمهما إخراجها في صحيحيهما منها
حديث الطائر: ومن كنت مولاه فعلي مولاه فأنكر عليه أصحاب الحديث ذلك
ولم يلتفتوا فيه إلى قوله ولا صوبوه في فعله، انتهى ما نقلناه عن تاريخ بغداد
صرح جمع من الفريقين بتشيعه، عن الذهبي عن ابن طاهر قال سألت أبا إسماعيل
الأنصاري عن الحاكم فقال: ثقة في الحديث، رافضي خبيث ثم قال ابن طاهر
كان شديد التعصب للشيعة في الباطن، وكان يظهر التسنن في التقديم والخلافة
وكان منحرفا عن معاوية وآله متظاهرا بذلك ولا يعتذر منه، قال الذهبي:
أما انحرافه عن خصوم علي فظاهر.
وأما أمر الشيخين فمعظم لهما بكل حال فهو شيعي لا رافضي، وليته لم
يصنف المستدرك فإنه عقل عن فضائله لسوء تصرفه، وذكره ابن شهرآشوب
في معالم العلماء، وصاحب الرياض في القسم الأول في عداد الامامية على
ما نقل عنهما.
توفى ثالث صفر سنة 405 خمس وأربعمائة بنيسابور، والحاكم في
اصطلاح المحدثين من أحاط علمه بجميع الأحاديث.
وقول ابن خلكان في حق الحاكم النيسابوري، وإنما عرف بالحاكم لتقلده
القضاء تعسف، ولعله إنما قال لك تعصبا لمذهبه.
والنيسابوري بفتح النون وسكون المثناة من تحت نسبة إلى نيسابور وهي
171

من أحسن مدن خراسان وأعظمها وأجمعها للخيرات، وإنما قيل لها نيسابور،
لان سابور ذا الأكتاف أحد ملوك الفرس المتأخرة لما وصل إلى مكانها أعجبه،
وكان مقصبة فقال يصلح ان يكون هاهنا مدينة فأمر بقطع القصب وبنى المدينة
فقيل لها نيسابور (والني القصب بالفارسية) كذا عن السمعاني.
أقول: وينسب إليها أبو علي الحسين بن علي بن يزيد بن داود الحافظ
النيسابوري الذي ذكره الخطيب في تاريخه.
وقال: كان واحد عصره في الحفظ والاتقان والورع مقدما في مذاكرة
الأئمة كثير التصنيف، ذكره الدارقطني فقال: إمام مذهب وكان مع تقدمه
في العلم أحد الشهود المعدلين بنيسابور.
ورحل في طلب الحديث إلى الآفاق البعيدة بعد أن سمع بنيسابور، ثم
ذكر مشايخه في البلاد الذي رحل إليها.
وروي عن أبي بكر بن أبي دارم الكوفي الحافظ بالكوفة انه قال: ما رأيت
أبا العباس بن عقدة يتواضع لأحد من حفاظ الحديث كتواضعه لأبي علي النيسابوري
توفى منتصف ج 1 سنة 349 (شمط)، وكان مولده سنة 277.
(الحاكم بأمر الله)
المنصور بن العزيز بن المعز الفاطمي صاحب مصر أحد الخلفاء العبيديين
الذين تأتي الإشارة إليهم في العبيدية إن شا الله تعالى.
ذكر ابن خلكان انه كان جوادا بالمال، سفاكا للدماء، وان سيرته
كانت من أعجب السير يخترع كل وقت أحكاما كالأمر بسب الصحابة والنهي
عنه، والامر بقتل الكلاب، والنهي عن بيع الفقاع والجرجير والسمك الذي
لا قشر له وعن بيع الزيت وعن حمله إلى مصر وأمره النصارى واليهود بلبس
العمائم السود، وأن تعمل في أعناقهم الصلبان، وأن يكون الصلبان في أعناقهم
172

إذا دخلوا الحمام وفي أعناق اليهود الجلاجل ليتميزا عن المسلمين ثم أفرد حماماتهم
من حمامات المسلمين وأمر بهدم الكنيسة المعروفة بقمامة، وهدم جميع الكنائس
بالديار المصرية، نهى عن تقبيل الأرض له وعن الدعاء والصلاة عليه في الخطب،
ونهى عن التكلم في صناعة النجوم، وأمر بنفي المنجمين عن البلاد فجمعوا
وتابوا فأعفوا، وكذلك أصحاب الغناء، ومنع النساء من الخروج إلى الطرقات
ليلا ونهارا، ومنع الأساكفة من عمل الخفاف للنساء، ومحيت صورهن من
الحمام، ولم تزل النساء ممنوعات عن الخروج إلى أيام ولده الظاهر وكانت مدة
منعهن سبع سنين وسبعة أشهر إلى غير ذلك.
وكان يحب الانفراد والركوب على بهيمة وحده، فاتفق انه خرج ليلة
27 شوال سنة 411 (تيا) إلى ظاهر مصر، ثم توجه إلى شرقي حلوان ففقد
فوجدت ثيابه وفيها آثار السكاكين يقال ان أخته دست عليه من يقتله والله أعلم
وحلوان هنا كحمران قرية مليحة كثيرة النزه فوق مصر بمقدار خمسة أميال،
كان يسكنها عبد العزيز بن مروان الأموي لما كان واليا بمصر وبها توفى، وبها
ولد ابنه عمر بن عبد العزيز.
(الحامض النحوي)
أبو موسى سليمان بن محمد بن حامد البغدادي، أخذ النحو عن ثعلب
وجلس مجلسه وخلفه بعد موته، وصنف كتبا في الأدب وغيره، توفى
ببغداد سنة 305 (شه).
(حجة الاسلام)
عند العامة يطلق على أبي حامد الغزالي ويأتي ذكره، وأما عندنا فيطلق
على السيد العلامة محمد باقر بن محمد نقي الموسوي الشفتي الجيلاني الأصبهاني الذي
كان أمره في العلم والتحقيق والتدقيق والديانة الجلالة ومكارم الأخلاق
173

أشهر من أن يذكر وأجل من أن يسطر، ولد في سنة 1175.
وانتقل إلى العراق سنة 1192 وله سبع عشرة سنة فحضر في كربلاء على
الأستاذ الأكبر والمير السيد علي صاحب الرياض، ثم رحل إلى النجف وتلمذ
على العلامة الطباطبائي بحر العلوم والشيخ الأكبر كاشف الغطاء ثم رجع إلى
الكاظمية وقرأ القضاء والشهادات على المقدس الأعرجي مدة.
وفي سنة 1200 رحل إلى قم وحضر عند المحقق القمي ستة أشهر، ثم
رحل إلى كاشان عند المولى مهدي النراقي، ثم انتقل إلى أصبهان فسكن بها،
فاجتمع عليه أهل العلم والمحصلون وانتقلت إليه رئاسة الإمامية في أغلب الأقطار
بعد ذهاب المشايخ رحمهم الله تعالى.
له مصنفات فائقة نافعة، منها كتاب السؤال والجواب وكتاب مطالع
الأنوار في الفقه، وتحفة الأبرار بالفارسية، بلغ فيه إلى أبواب التعقيب مشتملا
على فوائد مهمة وفروع نادرة ورسالة في مناسك الحج، ورسائل في الفقه،
وفي الرجال أكثرها معروفة مشحونة بالتحقيقات والفوائد الكثيرة حج سنة 1232
من طريق البحر.
وفي حدود سنة 1245 اخذ في بناء المسجد الأعظم بأصبهان وأنفق عليه
مالا جزيلا، وجعل له مدارس وحجرات للطلبة، وأسس أساسا لم يعهد مثله
من أحد من العلماء والمجتهدين، وبنى فيه قبة لمدفن نفسه، فتوفى (ره) بمرض
الاستسقاء ثاني شهر ربيع الأول سنة 1260 (غرس) فدفن فيها وهي الآن مشهد
معروف ومزار متبرك.
له حكايات في عباداته ومناجاته ونوافله وسخائه وعطاياه، وفي إقامته
الحد وغير ذلك.
ويروي عن المحقق القمي وعن المحقق الأعرجي السيد محسن الكاظمي (ره)
وولده السيد السند العالم الفقيه الجليل السيد أسد الله، كان من أجلاء تلامذة
174

صاحب الجواهر، حكي ان الناس كانوا يقدمونه على أبيه في أغلب مكارم أخلاقه
ومحامد أوصافه.
توفى سنة 1290 (غرص)، وقبره في النجف الأشرف وأستاذه صاحب
الجواهر هو الشيخ الأجل خاتم العلماء والمجتهدين الشيخ محمد حسن بن الشيخ
باقر النجفي مربي الفضلاء والأب الروحاني لكافة العلماء الذي من على من اتى
بعده من الفقهاء بتأليف هذا الكتاب الشريف والجامع المنيف الذي هو كالبحار
بين كتب الحديث جزاه الله تعالى خير الجزاء.
توفى سنة 1266 وقبره في النجف الأشرف مزار مشهور، قال تلميذه
صاحب نخبة المقال في تاريخه:
ثم محمد حسن بن الباقر * شيخ جليل صاحب الجواهر
عنه استفدنا برهة مما سلف * كان وفاته على ارض النجف
1266.
يروي (ره) عن صاحب كشف الغطاء وعن السيد جواد العاملي ويروي
عنه الشيخ الأجل شيخ العراقين الحاج الشيخ عبد الحسين الطهراني أستاذ شيخنا
العلامة النوري نور الله مراقدهم أجمعين.
وروى شيخنا في المستدرك عن شيخه المذكور انه قال: لو أراد مؤرخ
زمان صاحب الجواهر ان يثبت الحوادث العجيبة في أيامه ما يجد حادثة بأعجب
من تصنيف الجواهر في عصره، وهذا من الظهور بمكان لا يحتاج إلى الشرح
والبيان (إنتهى).
(الحداد الشاعر)
أبو المنصور ظافر بن القسم بن منصور الجزامي الإسكندراني له ديوان
شعر روى عنه الحافظ السلفي وغيره توفى سنة 546.
175

(الحذاء) انظر ابن أبي عقيل وأبو عبيدة الحذاء
(الحربي)
أبو إسحاق إبراهيم بن إسحاق بن إبراهيم، ولد سنة 198، وسمع
أبا نعيم الفضل بن دكين وأحمد بن حنبل وعلي بن الجعد وجمعا كثيرا من
نظرائهم، وروى عنه خلق كثير ذكره الخطيب في تاريخه وأثنى عليه كثيرا
وقال: كان إماما في العلم رأسا في الزهد عارفا بالفقه بصيرا بالأحكام حافظا
للحديث مميزا لعلله، قيما بالأدب، جماعا للغة، وصنف كتبا كثيرة منها
غريب الحديث وغيره، وكان أصله من مرو، ثم ذكر له حكايات كثيرة وقال
ذكر عبد الرحمان السلمي انه سأل الدارقطني عن إبراهيم الحربي فقال: كان
إماما وكان يقاس بأحمد بن حنبل بزهده وعلمه وورعه.
وروي عن الدارقطني أيضا انه قال في حقه إمام مصنف بارع في كل علم
صدوق، مات ببغداد سنة 285 إنتهى.
حكي انه دخل عليه قوم يعودونه فقالوا: كيف تجدك يا أبا إسحاق؟ قال
أجدني كما قال الشاعر:
دب في البلاء سفلا وعلوا * وأجدني أذوب علوا فعلوا
بليت جدتي بطاعة نفسي * فتذكرت طاعة الله نضوا
(الحر العاملي)
محمد بن الحسن بن علي المشغري شيخ المحدثين وأفضل المتبحرين العالم الفقيه
النبيه المحدث المتبحر الورع الثقة الجليل أبو المكارم والفضائل، صاحب المصنفات
المفيدة، منها الوسائل الذي من على المسلمين بتأليف هذا الجامع الذي هو
كالبحر لا يساجل.
ومنها كتاب (أمل الآمل) الذي نقلنا منه كثيرا في هذا الكتاب
176

جزاه الله تعالى خير الجزاء لخدمته بالشريعة الغراء.
قال في هذا الكتاب في ترجمة نفسه، كان مولده في قرية مشغرة ليلة الجمعة
ثامن رجب سنة 1033 (غلج)، قرأ بها على أبيه وعمه الشيخ محمد الحر وجده
لامه الشيخ عبد السلام بن محمد الحر وخال أبيه الشيخ علي بن محمود وغيرهم،
وقرأ في قربة جبع على عمه أيضا وعلى الشيخ زين الدين بن محمد بن الحسن
بن زين الدين وعلى الشيخ حسين الظهيري وغيرهم، وأقام في تلك البلاد أربعين
سنة وحج فيها مرتين، ثم سافر إلى العراق فزار الأئمة عليهم السلام ثم زار الرضا عليه السلام
بطوس، واتفق مجاورته بها إلى هذا الوقت مدة أربع وعشرين سنة، وحج
فيها أيضا مرتين، وزار أئمة العراق " عليه السلام " أيضا مرتين، له كتب ثم شرع في
تعداد كتبه وذكر بعض اشعاره إنتهى.
(أقول) اني ذكرت في سفينة البحار انه رحمه الله كان في الحجة الثالثة
ماشيا من وقت الاحرام إلى أن فرغ، وكان معه جماعة مشاة نحو سبعين رجلا
وانه رأى رؤيا فيها فائدة.
كان رحمه الله متوطنا في المشهد المقدس الرضوي وأعطي شيخوخة الاسلام
ومنصب القضاء وصار من أعاظم علماء خراسان المشار إليهم بالبنان إلى أن توفى
في الحادي والعشرين من شهر رمضان سنة 1104 ودفن في الصحن العتيق جنب
المدرسة المنسوبة بميرزا جعفر، يروي عن العلامة المجلسي رحمه الله ويروي المجلسي
عنه، وصورة إجازته للمجلسي في إجازات البحار ص 158، وتقدم في البهائي
الكلام في العاملي.
(الحرفوشي)
الشيخ محمد بن علي بن أحمد العاملي الشامي منار العلم السامي وملتزم
كعبة الفضل وركنها الشامي، من فضلاء العلماء الامامية، صاحب الشروح على
177

قواعد الشهيد، والأجرومية، والصمدية والزبدة وغيرها، توفى سنة 1059
وابنه الشيخ إبراهيم بن محمد الحرفوشي، كان فاضلا صالحا، قرأ على أبيه
وغيره، توفى بطوس سنة 1080، قال صاحب الامل: وحضرت جنازته.
والحرفوشي نسبة إلى آل حرفوش الذين كانوا أمراء بعلبك، يقال ان
أصلهم من العراق من خزاعة، ومسكنهم بعلبك وكرك نوح، ويقال ان من
تولى الحكم منهم في بعلبك الأمير يونس، وكانوا شيعة اثني عشرية يكرمون
العلماء والاشراف، وبنوا المساجد في بعلبك وغيرها، وجامع النهر في بعلبك
بناه الأمير يونس، وسكنوا قلعة بعلبك وبنوا فيها في المدينة الأبنية الفاخرة
ودار الأمير يونس بجانب القلعة لا تزال قائمة.
(ذكر) الشيخ علي السبط في محكى الدر المنثور في ذكر والده العالم
الفاضل الورع التقي الشيخ محمد بن الحسن بن زين الدين الشهيد الثاني المتوفى
بمكة المعظمة سنة 1030.
من جملة احتياطه وتقواه: انه بلغه ان بعض أهل العراق لا يخرج الزكاة
فكان كلما اشترى شيئا من القوت شيئا زكويا، زكاه قبل ان يتصرف فيه
وقال: وأرسل إليه الأمير يونس بن حرفوش رحمه الله إلى مكة المشرفة خمسمائة
قرش، وكان هذا الرجل له املاك من زرع وبساتين وغير ذلك، ويتوقى ان
يدخل الحرام فيها، وأرسل إليه معها كتابة مشتملة على آداب وتواضع، وكان
له فيه اعتقاد زائد والتمس منه ان يقبل ذلك وانه من خالص ماله الحلال، وقد
زكاه وخمسه فأبى ان يقبل، فقال له الرسول: ان أهلك وأولادك في بلاد
هذا الرجل وله بك تمام الاعتقاد، وله على أولادك وعيالك شفقة زائدة فلا
ينبغي ان تجبهه بالرد، فقال: ان كان ولا بد من ذلك فابقها عندك واشتر
في هذه السنة بمائة قرش منها شيئا من العود والقماش وغيره ونرسله إليه على
وجه الهدية وهكذا تفعل كل سنة منه حتى لا يبقى منه شئ، فأرسل له ذلك
178

تلك السنة وانتقل إلى رحمة الله ورضوانه.
(الحريري)
أبو محمد القاسم بن علي بن محمد بن عثمان البصري الفاضل الأديب المعروف
صاحب المقامات المشهورة، ودرة الغواص في أوهام الخواص وملحة الاعراب
وشرحها، وقد اعتنى الفضلاء وأرباب الأدب بكتاب المقامات وشرحوها شروحا
كثيرة ومدحوها مدائح عظيمة.
قال الزمخشري في مدحها:
أقسم بالله وآياته * ومشعر الخيف وميقاته
ان الحريري حرى بأن * تكتب بالتبر مقاماته
ذكر ابن خلكان في ترجمة محمد بن محمد بن ظفر الصقلي ان الحافظ السلفي
رأى الحريري في جامع البصرة وحوله حلقة وهم يأخذون عنه المقامات فسأل
عنه فقيل له: ان هذا قد وضع شيئا من الأكاذيب وهو يمليه على الناس فسكت
ولم يعرج عليه إنتهى، واني كنت في عنفوان الشباب مولعا بمطالعة هذا
الكتاب فمن الله تعالى علي ببركات أهل البيت " عليه السلام " ومطالعة أحاديثهم وكلماتهم
ومواعظهم ان ظهر لي ان مطالعة هذا الكتاب وأمثاله يسود القلب ويذهب
بصفائه، ولو أراد الانسان الأدب والبلاغة والفصاحة والحكمة والمواعظ النافعة
فعليه بكتاب نهج البلاغة فان التفاوت بينه وبين سائر الكتب، كالتفاوت بين
أمير المؤمنين عليه السلام وسائر الناس:
علي الدر والذهب المصفى * وباقي الناس كلهم تراب
توفى في البصرة سنة 516 (ثيو).
(حسام الدولة)
أبو حسان المقلد بن المسيب بن رافع العقيلي صاحب الموصل، كان فيه
179

عقل وسياسة وحسن تدبير فغلب على سقي الفرات واتسعت مملكته واستخدم من
الديلم والأتراك ثلاثة آلاف رجل، وكان فيه فضل وأدب ومحبة لأهل الأدب
وينظم الشعر، ذكره ابن خلكان في تاريخه وأثنى عليه، وقال: بينما المقلد
المذكور كان في مجلس أنسه وهو بالأنبار إذ وثب عليه غلام تركي فقتله وذلك
في صفر سنة 391 (شصا).
وحكي ان هذا التركي سمعه وهو يقول لرجل ودعه وهو يريد الحج إذا
جئت ضريح رسول الله صلى الله عليه وآله فقف عنده وقل له عني: لولا صاحباك لزرتك
وذكر مثل ذلك القاضي نور الله في مجالس المؤمنين، ونقل عن تاريخ مصر انه
قال في حقه: كان له شعر جيد ورفض فاحش إنتهى.
ولما مات رثاه الشريف الرضي بقصيدتين، ورثاه جماعة من الشعراء،
وكان ولده معتمد الدولة أبو المنيع قرواش غائبا عنه، ثم تقلد الامر من بعده
وكانت له بلاد الموصل والكوفة والمدائن وسقي الفرات، ووصلت الغزالي الموصل
ونهبوا دار قرواش فاستنجد بنور الدولة أبي الأعز دبيس بن صدقة فأنجده واجتمعا
على محاربة الغز فنصروا عليهم وقتل الكثير منهم، ومدحه أبو علي بن الشبل
البغدادي الشاعر بقصيدة منها قوله:
نزهت أرضك من قبور جسومهم * فغدت قبورهم بطون الأنسر
من بعد ما وطأوا البلاد وظفروا * من هذه الدنيا بكل مظفر
فضوا رتاج السد عن يأجوجه * ولقوا ببأسك سطوة الإسكندر
ودامت إمارة قرواش مدة خمسين سنة فوقع بينه وبين أخيه بركة بن
المقلد، وكان خارج البلد فقبض بركة عليه في سنة 441 وقيده وحبسه وتولى
مكانه وأقام بالإمارة سنتين، وتوفى سنة 443 فقام مقامه ابن أخيه قريش بن
بدران بن المقلد فأول ما فعل قتل عمه قرواشا في مستهل رجب سنة 444 ودفن
بتل توبة شرقي الموصل.
180

(الحصري)
أبو إسحاق إبراهيم بن علي بن تميم القيرواني الشاعر المشهور، له ديوان
شعر وزهر الآداب وغيره، توفى سنة 413، والحصري بضم الحاء وسكون
الصاد نسبة إلى عمل الحصر أو بيعها.
(الحصكفي)
الخطيب معين الدين أبو الفضل يحيى بن سلام بن الحسين بن محمد الشيعي
الامامي الحصكفي نسبة إلى حصن كيفا من مدائن ديار بكر قال في (ضا) نقلا
عن أنساب السمعاني.
وكان خطيبا بميافارقين، وهو واحد أفاضل الدنيا، وكان في فن الشعر
بارعا جواد الطبع رقيق القول، وكان نظمه ونثره وخطبته في الآفاق مشهورا
ورزق عمرا طويلا، وكان غاليا في التشيع كما يظهره من شعره، قال السمعاني:
واني وصلت إلى خدمته في سنة 550 (ثن)، وأجازني بخطه الشريف جميع
مسموعاته، وكانت ولادته في حدود سنة 460 (تس)، ووفاته بميافارقين
في سنة 551 (ثنا)
وعن ابن كثير الشامي في تاريخه ان الخطيب الحصكفي هذا كان إمام زمانه
في كثير من العلوم كالفقه والأدب والنظم والنثر ولكن كان غاليا في التشيع.
وعن ابن الأثير في الكامل انه قال: وله شعر حسن ورسائل جيدة،
(قلت) ومن جملة اشعاره برواية ابن الجوزي كما في مجالس المؤمنين
ما يقول فيه من بعد التغزل المتعارف أعماله على أبواب القصائد:
وسائلي عن حب أهل البيت هل * أقر إعلانا به أم أجحد
هيهات ممزوج بلحمي ودمي * هوى أئمة الهدى والرشد
حيدرة والحسنان بعده * ثم علي بعهد محمد
181

وجعفر الصادق وابن جعفر * موسى ويتلوه علي السيد
أعنى الرضا ثم ابنه محمد * ثم علي ابنه المسدد
والحسن الثاني ويتلو تلوه * م ح م د بن الحسن المفتقد
فإنهم أئمتي وسادتي * وان لحاهم معشر وفندوا
أئمة أكرم بهم أئمة * أسمائهم مسرودة تطرد
هم حجج الله على عباده * وهم إليه منهج ومقصد
قوم لهم فضل ومجد باذخ * يعرفه المشرك والموحد
قوم لهم في كل أرض مشهد * لا بل لهم في كل قلب مشهد
قوم منى والمشعران لهم * والمروتان لهم والمسجد
قوم لهم مكة والأبطح والخيف * وجمع البقيع الغرقد
وقد يطلق الحصكفي على علاء الدين محمد بن علي بن محمد الحصكفي الدمشقي العالم
المحدث النحوي، كان يدرس ويفتي بدمشق، وله شرح على المنار للنسفي،
وشرح على ملتقى الأبحر في الفروع الحنفية لإبراهيم الحلبي، المتوفى سنة 956
وغير ذلك، توفى سنة 1088 (غفح).
(الحطيئة)
مصغرا أبو مليكة جرول بن أوس العنسي، شاعر مخضرم أدرك الجاهلية
والاسلام، نقل (ضا) عن الكشكول انه كان كثير الهجاء، وانه هجا
ابن الزبرقان بن بدر بقوله:
دع المكارم لا تنهض لبغيتها * واقعد فإنك أنت الطاعم الكاسي
فاستعدى عليه عمر بن الخطاب فقال له عمر: ما أراه هجاك ألا ترضى ان تكون
طاعما كاسيا
ثم بعث عمر إلى حسان بن ثابت فسأله عن البيت هل هو هجاء؟ فقال:
182

ما هجاه ولكن سلح عليه فحبسه عمر وقال له: يا خبيث لأشغلنك عن اعراض
المسلمين فما زال في السجن إلى أن شفع فيه عمرو بن العاص فخرج وأنشأ يقول:
ماذا تقول بأفراخ بذي مرح * زغب الحواصل لا ماء ولا شجر
غادرت كاسبهم في قعر مظلمة * فارحم هداك مليك الناس يا عمر
وامنن على صبية بالرمل مسكنهم * بين الأباطح يغشاهم بها الغرر
نفسي فداؤك كم بيني وبينهم * من عرض راوية يعمى بها الخبر
فبكى عمر، ورق له وأطلقه بعد ما اخذ عليه العهود على أن لا يعود
إلى هجاء الناس، إنتهى.
قيل توفى سنة 59، وقيل 30، حكي انه لما حضرت عبد الله بن شداد
الوفاة أوصى ابنه محمدا وقال: يا بني ليكن أولى الأمور بك التقوى لله في
السر والعلانية، والشكر لله، وصدق الحديث والنية، فان للشكر مزيدا،
والتقوى خير زاد كما قال الحطيئة:
ولست أرى السعادة جمع مال * ولكن التقي هو السعيد
وتقوى الله خير الزاد ذخرا * وعند الله للأتقى مزيد
وما لا بد ان يأتي قريب * ولكن الذي يمضي بعيد
(الحظيري الوراق) انظر الباخرزي
(الحلاج)
أبو معتب الحسين بن منصور البيضاوي العارف المشهور الذي اختلف الناس
في حقه، نشأ بواسط أو بتستر وقدم بغداد فخالط الصوفية وصحب من
مشيختهم الجنيد بن محمد وأبا الحسين النوري وعمرو المكي، والصوفية مختلفون
فيه فأكثرهم نفى الحلاج ان يكون منهم، ونسبوه إلى الشعبذة في فعله وإلى
الزندقة في عقيدته.
183

قيل في وجه تسميته بالحلاج انه بعث حلاجا في شغل له فذهب الرجل فلما
رجع الرجل وجد كل قطن في حانوته محلوجا فسمي بذلك، أو لأنه كان
يكشف عن أسرار المريدين ويخبر عنها فسمي حلاج الاسرار.
وقيل: ان أباه كان حلاجا فنسب إليه، ونقل عنه بعض الكلمات
والاشعار، ومن شعره لما رؤى على بعض جبال أصبهان وعليه مرقعة
وبيده ركوة وعكاز:
لئن أمسيت في ثوبي عديم * لقد بليا في حر كريم
فلا يحزنك ان أبصرت حالا * مغيرة عن الحال القديم
ولي نفس ستتلف أو سترقى * لعمرك بي إلى أمر جسيم
وله أيضا:
أريدك لا أريد للثواب * ولكني أريدك للعقاب
وكل مأربي قد نلت منها * سوى ملذوذ وجدي بالعذاب
روى الخطيب في تاريخ بغداد عن أبي يعقوب النهر جوري قال: دخل
الحلاج إلى مكة وكان أول دخلته فجلس في صحن المسجد سنة لا يبرح من
موضعه إلا للطهارة أو الطواف ولا يبالي بالشمس ولا بالمطر، وكان يحمل كل
عشية كوز ماء للشرب وقرص من أقراص مكة فيأخذ القرص ويعض أربع عضات
من جوانبه ويشرب شربتين من الماء شربة قبل الطعام وشربة بعده ثم يضع باقي
القرص على رأس الكوز فيحمل من عنده.
وروي انه رؤي في وقت الهاجرة جالسا على صخرة من أبى قبيس في الشمس
والعرق منه يسيل على تلك الصخرة.
وروي عن أبي زرعة الطبري يقول الناس فيه اي في الحلاج بين قبول ورد
ولكن سمعت محمد بن يحيى الرازي يقول: سمعت عمرو بن عثمان يلعنه ويقول
لو قدرت عليه لقتلته بيدي، فقلت: إيش الذي وجد الشيخ عليه؟ قال قرأت
184

آية من كتاب الله فقال: يمكنني ان أؤلف مثله وأتكلم به، فقال أبو زرعة
سمعت أبا يعقوب الأقطع يقول: زوجت ابنتي من الحسين بن منصور لما رأيت
من حسن طريقته واجتهاده فبان لي بعد مدة يسيرة انه ساحر محتال خبيث كافر
ثم ذكر الخطيب عن الحلاج حكايات من الحيل لا يسع المقام نقلها.
ثم قال: أخبرنا علي بن أبي عن أبي الحسن أحمد بن يوسف الأزرق
ان الحسين بن منصور الحلاج لما قدم بغداد يدعو استغوى كثيرا من الناس
والرؤساء وكان طعنه في الرافضة أقوى لدخوله من طريقهم، فراسل أبا سهل بن
نوبخت يستغويه، وكان أبو سهل من بينهم مثقفا (أي حاذقا) فهما فطنا فقال
أبو سهل لرسوله هذه المعجزات التي يظهرها قد تأتي فيها الحيل ولكن انا رجل
غزل (1) ولا لذة لي أكبر من النساء وخلوتي بهن وأنا مبتلى بالصلع حتى اني
أطول قحفي وأخذ به إلى حبيبتي وأشده بالعمامة واحتال فيه بحيل ومبتلى
بالخضاب لستر الشيب فان جعل لي شعرا ورد لحيتي سوداء بلا خضاب آمنت بما
يدعوني إليه كائنا ما كان إن شاء قلت إنه باب الامام وإن شاء قلت إنه الامام
وإن شاء قلت إنه النبي وإن شاء قلت إنه الله، قال: فلما سمع الحلاج جوابه
أيس منه وكف عنه.
أقول وذكر ما يقرب من ذلك الشيخ الطوسي في كتاب الغيبة وذكر
ان الحلاج بعد ذلك سار إلى قم وكتب إلى قرابة علي بن بابويه يستدعيه
ويستدعى ابن بابويه ويقول: أنا رسول الامام ووكيله فلما وقع الكتاب في
يد ابن بابويه خرقه وأمر باخراج الحلاج من داره متذللا، فخرج
الحلاج من قم.
قال الخطيب: أنبأنا إبراهيم بن مخلد أنبأنا إسماعيل بن علي الخطبي في

(1) مغازلة النساء محادثتهن والاسم الغزل محركة.
185

تاريخه قال: وظهر أمر رجل يعرف بالحلاج يقال له الحسين بن منصور وكان
في حبس السلطان بسعاية وقعت في وزارة علي بن عيسى الأربلي وذكر عنه
ضروب من الزندقة ووضع الحيل على تضليل الناس من جهات تشبه الشعوذة
والسحر وادعاء النبوة فكشفه علي بن عيسى عند قبضه عليه وأنهى خبره إلى
السلطان يعني المقتدر بالله فلم يقر بما رمي به من ذلك وعاقبه وصلبه حيا أياما
متوالية في رحبة الجسر في كل يوم غدوة وينادي عليه بما ذكر عنه ثم ينزل به
ثم يحبس فأقام في الحبس سنين كثيرة ينقل من حبس إلى حبس حتى حبس
بآخره في دار السلطان فاستغوى جماعة من غلمان السلطان وموه عليهم واستمالهم
بضروب من حيله حتى صاروا يحمونه ويدفعون عنه ويرفهونه، ثم راسل جماعة
من الكتاب وغيرهم ببغداد وغيرها فاستجابوا له، وترقى به الامر حتى ذكر انه
ادعى الربوبية، وسعى بجماعة من أصحابه إلى السلطان فقبض عليهم ووجد
عند بعضهم كتبا له تدل على تصديق ما ذكر عنه (1) وأقر بعضهم بلسانه بذلك
وانتشر خبره وتكلم الناس في قتله فأمر أمير المؤمنين بتسليمه إلى حامد بن العباس
وأمر ان يكشفه بحضرة القضاة ويجمع بينه وبين أصحابه فجرى بذلك خطوب
طوال، ثم استيقن السلطان أمره ووقف على ما ذكر له عنه فأمر بقتله وإحراقه
بالنار فأحضر مجلس الشرطة بالجانب الغربي يوم الثلاثاء لسبع بقين من ذي القعدة
سنة 309 (شط) فضرب بالسياط نحوا من ألف سوط وقطعت يداه ورجلاه
وضربت عنقه وحرقت جثته بالنار ونصب رأسه على سور السجن الجديد وعلقت
يداه ورجلاه إلى جانب رأسه، إنتهى ما نقلناه من تاريخ بغداد.

(1) مثل ان فتشوا مخلاة رجل كان لا يفارقها بالليل والنهار فوجدوا
كتاب للحلاج عنوانه: من الرحمن الرحيم إلى فلان بن فلان وقال ابن النديم وكان
في كتبه اني مغرق قوم نوح ومهلك عاد وثمود.
186

وذكر السيد المرتضى الرازي في كتاب تبصرة العوام حكايات من سحر
الحلاج وحيله ومخاريقه.
وكذلك ابن الجوزي في كتاب تلبيس إبليس، وقال: وقد جمعت في
اخبار الحلاج كتابا بينت فيه حيله ومخاريقه.
قال شيخنا الصدوق في عقائده وعلامة الحلاجية من الغلاة دعوى التجلي
بالعبادة مع تركهم الصلاة وجميع الفرائض، ودعوى المعرفة بأسماء الله العظمى
ودعوى انطباع الحق لهم، وان الولي إذا أخلص وعرف مذهبهم فهو عندهم
أفضل من الأنبياء " عليه السلام ".
ومن علامتهم: دعوى علم الكيمياء ولم يعلموا منه إلا الدغل وتنفيق الشبه
والرصاص على المسلمين.
قال الشيخ المفيد: والحلاجية ضرب من أصحاب التصوف وهم أصحاب
الإباحة والقول بالحلول.
وكان الحلاج يتخصص باظهار التشيع وإن كان ظاهر امره التصوف وهم
ملحدة وزنادقة يموهون بمظاهرة كل فرقة بدينهم، ويدعون للحلاج الأباطيل
ويجرون في ذلك مجرى المجوس في دعواهم لزرادشت المعجزات ومجرى النصارى
في دعواهم لرهبانهم الآيات والبينات والمجوس والنصارى أقرب إلى العمل بالعبادات
منهم وهم أبعد من الشرائع والعمل بها من النصارى والمجوس إنتهى.
وذكرنا في سفينة البحار كلام ابن النديم في حقه فلا نطول المقام في ذكره.
(الحلبي)
في عرف أهل الحديث يطلق على جماعة من آل أبي شعبة الحلبي، منهم
محمد وعبيد الله ابنا علي بن أبي شعبة.
قال أبو علي في منتهاه الحلبي يطلق على محمد بن علي بن أبي شعبة وعلى
187

إخوته عبيد الله وعمران وعبد الأعلى، وعلى أبيهم وأحمد بن أبي عمر بن أبي
شعبة وأبيه عمر وأحمد بن عمران، وفي الأول ثم الثاني أشهر، كذا
في النقد، إنتهى
وفي (ضا) وأما الحلبي من الرواة المتقدمين فهو في مصطلح أهل الرجال
عبارة عن الشيخ الفقيه الثقة الصدوق عبيد الله بن علي بن أبي شعبة الحلبي وآل أبي
شعبة بيت مذكور في أصحابنا روى جدهم أبو شعبة عن الحسن والحسين
عليهما السلام وكانوا بأجمعهم ثقاة مرجوعا إليهم فيما يقولون، وكان عبيد الله
كبيرهم وجههم، وصنف الكتاب المشهور المنتسب إليه وعرضه على مولانا
الصادق عليه السلام فصححه واستحسنه، وقال عند قراءته: ليس لهؤلاء في
الفقه مثله إنتهى.
(والحلبي) في اصطلاح الفقهاء تقي الحلبي الذي تقدم ذكره، وعند العامة
يطلق على جماعة منهم علي بن برهان الدين الحلبي الشافعي صاحب إنسان العيون
في سيرة الأمين المأمون (صلى الله عليه وآله) المعروف بالسيرة الحلبية، كان واسع العلم
غاية في التحقيق، حاد الفهم، قوي الفكرة، متحريا في الفتوى توفى بالقاهرة
سنة 1044 (غمد).
(الحلبيان)
بصيغة التثنية أبو الصلاح والسيد ابن زهرة رضوان الله تعالى عليهما.
(والحلبيون)
في شعر العلامة الطباطبائي:
والحلبيون وذو الوسيلة * ممن مضى وآثروا تحليله
الظاهر أنه هما أي الحلبيان وابن البراج ويقال لهم الشاميون وذو الوسيلة
هو ابن حمزة الطوسي.
188

(وحلب) مدينة مشهورة في حدود الشام واسعة، قيل سميت به لان
إبراهيم عليه السلام كان نازلا بها يحلب غنمه في الجمعات ويتصدق به فيقول الفقراء حلب
وقيل: كان حلب وحمص وبرذعة إخوة من عمليق فبنى كل واحد منهم مدينة
سميت به، وكانت هذه في القديم محطا لرحال علماء الشيعة الإمامية وأهلها من
أسلم أهالي الشامات قلبا وأجودهم ذكاء وفضلا وفهما.
نقل عن ابن كثير الشامي ما حاصله ان الملك صلاح الدين أيوب بعد اخذه
بلاد مصر ومجيئه إلى حلب اضطرب واليها واستعطف أهلها واستنجدهم للحرب
فضمنوا له ذلك وشرط الروافض عليه إعادة حي على خير العمل في الاذان وأن
ينادى في جميع الجوامع والأسواق ويستخلص الجامع الأعظم لهم وحدهم وينادى
بأسامي الأئمة الاثني عشر سلام الله عليهم أمام الجنائز ويكبر على الجنائز خمس
تكبيرات وأن يفوض أمر العقود والأنكحة إلى الشريف الطاهر أبى المكارم حمزة
ابن زهرة الحسيني مقتدى شيعة حلب فقبل الوالي ذلك كله إنتهى.
(الحلي)
هو ابن إدريس الذي تقدم ذكره.
(والحليان)
بصيغة التثنية المحقق والعلامة وبصيغة الجمع هؤلاء مع ابن سعيد الحلي
رضوان الله تعالى عليهم أجمعين.
(والحلة) بلدة شريفة خرج منها العلماء والفقهاء وهم أكثر من أن يحصر
وأشهر من أن يذكر، وورد عن أمير المؤمنين " عليه السلام " الاخبار بها ومدحها ومدح
أهلها، والرواية كما في إجازات البحار عن الحاج زين الدين علي بن الشيخ
زين الدين حسن بن مظاهر تلميذ فخر المحققين ابن العلامة عن مشايخه عن أمير المؤمنين
عليه السلام، وفي السماء والعالم عن مجموعة الشهيد بخط الشيخ محمد الجباعي مسندا
189

عن الأصبغ بن نباتة قال: صبحت مولاي أمير المؤمنين " عليه السلام " عند وروده
إلى صفين وقد وقف على تل يقال له تل عرير ثم أومى إلى أجمة ما بين بابل والتل
وقال: مدينة وأي مدينة فقلت له: يا مولاي أراك تذكر مدينة أكان هاهنا
مدينة وانمحت آثارها؟ فقال: لا ولكن ستكون مدينة يقال لها الحلة السيفية
يمدنها رجل من بني أسد، يظهر بها قوم أخيار لو أقسم أحدهم على الله لأبر
قسمه، إنتهى.
وقال ياقوت في معجم البلدان ما ملخصه: ان الحلة مدينة كبيرة بين الكوفة
وبغداد كانت تسمى الجامعين، وكان أول من عمرها ونزلها سيف الدولة
صدقة بن منصور بن دبيس بن علي بن مزيد الأسدي، وذلك في محرم سنة
495، وكانت أجمة تأوي إليها السباع فنزل بها بأهله وعساكره، وبنى بها
المساكن الجليلة والدور الفاخرة، وتأنق أصحابه في مثل ذلك فصارت ملجأ
وقد قصدها التجار، فصارت أفخر بلاد العراق وأحسنها مدة حياة
سيف الدولة إنتهى.
وفي الحلة قبور شريفة ومزارات كثيرة من العلماء والفقهاء وقد زرت
كثيرا منها، وبها أيضا مشاهد مشرفة، منها مشهد رد الشمس، وقد ظهرت
منه كرامة رواها آية الله العلامة الحلي " قده " في كشف اليقين قال كان بالحلة
أمير فخرج يوما إلى الصحراء فوجد على قبة مشهد الشمس طيرا فأرسل عليه
صقرا يصطاده فانهزم الطير فتبعه حتى وقع في دار الفقيه ابن نما والصقر يتبعه
حتى وقع عليه فتشنجت رجلاه وجناحاه وعطل فجاء بعض أتباع الأمير فوجد
الصقر على تلك الحال فأخذه وأخبر مولاه بذلك فاستعظم هذه الحال وعرف
علو منزلة المشهد وشرع في عمارته.
أقول: قصة رد الشمس لأمير المؤمنين " عليه السلام " في أيام النبي صلى الله عليه وآله بدعاءه
وبعد النبي صلى الله عليه وآله ببابل مشهورة والروايات والاخبار في ذلك واشعار الشعراء
190

فيها أكثر من أن يذكر، فلنكتف في هذا المختصر بذكر اشعار السيد
الحميري في القصيدة المذهبة التي لا يشك أحد فيها، وهو قوله في مدح
أمير المؤمنين عليه السلام.
ردت عليه الشمس لما فاته * وقت الصلاة وقد دنت للمغرب
حتى تبلج نورها في وقتها * للعصر ثم هوت هوي الكوكب
وعليه قد حبست ببابل مرة * أخرى ولم تحبس لخلق معرب
إلا لأحمد أوله ولردها * ولحبسها تأويل أمر معجب (1)
(ضا) قال السيوطي في كتاب كشف اللبس في حديث رد الشمس على ما نقل
عنه المحدث النيسابوري ان حديث رد الشمس معجزة لنبينا صلى الله عليه وآله
صححه الإمام أبو جعفر الطحاوي وغيره، وأفرط الحافظ أبو الفجر ابن الجوزي
فأورده في كتاب الموضوعات.
(الحماني)
يحيى بن عبد الحميد بن عبد الرحمن بن ميمون أبو زكريا الحماني الكوفي
قدم بغداد وحدث بها عن جماعة كثيرة منهم سفيان بن عيينة، وأبو بكر
بن عياش ووكيع.

(1) وروي أيضا الا ليوشع أوله ولفظة أو على هذه الرواية بمعنى الواو
فكأنه قال الا ليوشع وله كما قال الله تعالى: (فهي كالحجارة أو أشد قسوة)
على أحد التأويلات في الآية، وأما إذا قلت: الا لأحمد أوله فلفظة أو بمعناها
لان رد الشمس لعلي " عليه السلام " في أيام النبي صلى الله عليه وآله يضيفه قوم إليه صلى الله عليه وآله
دون أمير المؤمنين عليه السلام، ومن أراد شرح الأبيات فليرجع إلى شرح
السيد المرتضى رضي الله تعالى عنه للقصيدة، ونقل عنه في المجلد التاسع من
البحار ص 559.
191

ذكره الخطيب في تاريخ بغداد وأورد روايات عن يحيى بن معين انه
قال يحيى بن عبد الحميد الحماني صدوق ثقة، وروي عنه قال: كان معاوية
وفي حديث العتيقي مات معاوية على غير ملة الاسلام.
مات الحماني سنة 228 بسر من رأى في شهر رمضان، وكان أول من
مات بسامراء من المحدثين الذين أقدموا وكان لا يخضب.
(أقول) وكان هو مع أبي بكر بن عياش في مجلس إنكاره على موسى بن
عيسى الهاشمي في كرب قبر الحسين " عليه السلام " والقصة مذكورة في أواخر
العاشر من البحار.
(الحمدوني)
محمد بن بشر السوسجزدي من غلمان أبي سهل النوبختي ينسب إلى آل حمدون
وله كتب (جش)، متكلم جيد الكلام صحيح الاعتقاد كان يقول بالوعيد،
له كتب منها كتاب المقنع في الإمامة كتاب المنقذ في الإمامة إنتهى.
وقال العلامة (ره) فيه: كان عينا من عيون أصحابنا وصالحيهم،
متكلما جيد الكلام صحيح الاعتقاد وكان يقول بالوعيد، حج على قدميه خمسين
حجة (ره) إنتهى، وقد تقدم في ابن قبة ما يتعلق به.
(الحمزاوي) انظر العدوي
(الحمصي)
سديد الدين محمود بن علي بن الحسن الحمصي الرازي العلامة المتكلم المتبحر
صاحب التعليق العراقي في فن الكلام.
قال الشيخ منتجب الدين في حقه علامة زمانه في الأصولين ورع ثم
عد له جملة من مؤلفاته وقال حضرت مجلس درسه سنين إنتهى.
(أقول) هذا الشيخ من أكابر علمائنا الامامية ويذكر فتواه في مسألة
192

إرث ابن العم الأبويني والعم الآبي والخال والخالة، يروي عنه الشيخ الزاهد
ورام (1) بن أبي فراس المتوفى سنة 605 (خه) وهو يروي عن الشيخ الصالح
الثقة موفق الدين الحسين بن الفتح الواعظ الجرجاني عن الشيخ أبي على الطوسي
عن والده شيخ الطائفة رضي الله عنهم أجمعين.
(والحمصي) نسبة إلى حمص بكسر الحاء البلد المعروف بالشامات الواقع بين
حلب ودمشق وفي القاموس حمص كورة بالشام أهلها يمانيون وقد تذكر وكحلز
وقنب حب معروف نافع ملين مدر يزيد في المني والشهوة والدم مقو للبدن والذكر
بشرط ان لا يؤكل قبل الطعام ولا بعده بل وسطه.
(وإبراهيم) بن الحجاج الحمصي لسكناه دار الحمص بمصر، وكذا عمه
عبد الله إلى أن قال: وبالضم مشددا محمود بن علي الحمصي متكلم، اخذ عنه
الامام فخر الدين أو هو بالضاد إنتهى.
وعن خط الشيخ البهائي انه قال: وجدت بخط بعضهم ان سديد الدين
الحمصي الذي هو من مجتهدي أصحابنا، منسوب إلى حمص قرية بالري وهي
الآن خراب.
وقال صاحب (ضا) في كلام طويل انه ليس بالحمصي بالصاد المهملة بل هو
حمضي بتشديد الميم والضاد لأنه قال في القاموس في مادة حمض ومحمود بن علي
الحمضي بضمتين مشددة، متكلم شيخ للفخر الرازي، ثم قال: وهذا من جملة

(1) ورام بن أبي فراس شيخ زاهد عالم فقيه محدث جليل صاحب كتاب
تنبيه الخواطر ينتهي نسبه إلى إبراهيم بن الأشتر وهو جد السيد رضي الدين
علي بن طاوس من طرف أمه، قال السيد في محكى فلاح السائل كان جدي ورام
ابن أبي فراس قدس الله جل جلاله روحه ممن يقتدى بفعله وقد أوصى ان يجعل
في فمه بعد وفاته فص عقيق عليه أسماء أئمته عليهم السلام إنتهي.
193

فرائد فوائد كتابنا هذا فليلاحظ وليتمحض وليتحفظ وليتقبل ولا تغفل.
قال شيخنا صاحب المستدرك لاحظنا فرأينا فيه مواقع للنظر ثم رد عليه
بأحسن بيان، وقال في آخره: فظهر بهذه السبع الشداد، ان ما حققه من
أفحش أغلاط كتابه إن شئت العثور عليه فراجع خاتمة المستدرك ص 478.
قال المسعودي في مروج الذهب في اخبار هشام بن عبد الملك الأموي،
وعرض هشام يوما الجند بحمص فمر به رجل من أهل حمص وهو على فرس نفور
فقال له هشام: ما حملك على أن تربط فرسا نفورا، فقال الحمصي لا والرحمن
الرحيم يا أمير المؤمنين ما هو بنفور ولكنه أبصر حولتك فظن أنها عين غزوان
البيطار فقال له هشام تنح فعليك وعلى فرسك لعنة الله، وكان غزوان البيطار
نصرانيا ببلاد حمص كأنه هشام في حولته وكشفته.
(الحموي)
ياقوت بن عبد الله الرومي الحموي المولد البغدادي الدار صاحب معجم البلدان
ومعجم الأدباء ومعجم الشعراء.
ذكروا انه كان متعصبا على أمير المؤمنين عليه السلام وكان قد طالع شيئا من
كتب الخوارج فاشتبك في ذهنه منه طرف قوي، وناظر في دمشق بعض من
يتعصب لأمير المؤمنين عليه السلام وجرى بينهما كلام أدى إلى ذكره أمير المؤمنين " عليه السلام "
بما لا يسوغ، فثار الناس عليه ثورة كادوا يقتلونه فخرج من دمشق منهزما
إلى حلب، ثم انتقل إلى إربل وسلك منها إلى خراسان وصادفه وهو بخوارزم
خروج التتر وذلك في سنة 616 فانهزم إلى الموصل بكمال التعب والشدة وأقام
بالموصل مدة، ثم انتقل إلى حلب إلى أن انتقل إلى ما أعد له في الآخرة سنة
626 (خكو) ومع أنه كان منحرفا عن أمير المؤمنين " عليه السلام " ينقل بعض فضائله،
قال في معجم البلدان في الأحقاف انها رمال بأرض اليمن كانت عاد تنزلها ويشهد
194

بصحة ذلك ما رواه أبو المنذر هشام بن محمد عن أبي يحيى السجستاني عن مرة
ابن عمر الآملي عن الأصبغ بن نباتة قال: إنا لجلوس عند علي بن أبي طالب " عليه السلام "
ذات يوم في خلافة أبى بكر الصديق إذ اقبل رجل من حضرموت لم أر قط رجلا
أنكر منه فاستشرفه الناس وراعهم منظره واقبل مسرعا جوادا حتى وقف علينا
وسلم وجثا وكلم أدنى القوم منه مجلسا وقال: من عميدكم؟ فأشاروا إلى
علي " عليه السلام " وقالوا: هذا ابن عم رسول الله صلى الله عليه وآله، وعالم الناس والمأخوذ عنه،
فقام وقال:
اسمع كلامي هداك الله من هاد * وافرج بعلمك عن ذي غلة صاد
جاب التنائف في وادي سكاك إلى * ذات الا ما حل في بطحاء أجياد
تلفه الدمنة البوغاء معتمدا * إلى السداد وتعليم بارشاد
سمعت بالدين دين الحق جاء به * محمد وهو قرم الحاضر الباد
فجئت منتقلا من دين باغية * ومن عبادة أوثان وأنداد
ومن ذبايح أعياد مضللة * نسيكها غائب ذو لوثة عاد
فادلل على القصد وأجل الريب عن خلدي * بسرعة ذات إيضاح وإرشاد
والمم بفضل هداك الله عن شعثي * واهدني انك المشهود في الناد
ان الهداية للاسلام نائية * عن العمى والتقى من خير أزواد
وليس بفرج ريب الكفر عن خلد * أفظه الجهل إلا حية الواد
قال: فأعجب عليا " عليه السلام " والجلساء شعره، وقال علي " عليه السلام ": لله درك من
رجل ما أرصن شعرك ممن أنت؟ قال: من حضر موت فسر به علي عليه السلام
وشرح له الاسلام فأسلم على يديه الخ.
(وذيل) معجم البلدان محمد أمين الكتبي الخانجي الحلبي سماه منجم العمران
في المستدرك على معجم البلدان، واختصر معجم البلدان صفي الدين بن عبد الحق
المتوفى سنة 739 وسماه مراصد الاطلاع على أسماء الأمكنة والبقاع.
195

والحموي نسبة إلى حماة بلدة بالشام، ثم اعلم أنه غير أبي الدر ياقوت بن
عبد الله الرومي مهذب الدين الشاعر الذي اشتغل بالعلم والأدب وسمى نفسه
عبد الرحمن، وكان مقيما بالمدرسة النظامية ببغداد وحفظ القرآن الكريم وكتب
خطا حسنا، وله ديوان شعر.
توفى ببغداد سنة 622، ويأتي في المولوي ما يتعلق بالرومي اعلم أنه
غير أبي الدر ياقوت بن عبد الله الموصلي أمين الدين الكاتب الفاضل الذي اخذ
النحو عن ابن الدهان النحوي وانتشر خطه في الآفاق.
وكان في نهاية الحسن، ولم يكن من يقاربه في حسن الخط، وكانت مغرما
بنسخ الصحاح للجوهري فكتب منها نسخا كثيرة تباع كل نسخة منها بمائة دينار
توفى بالموصل سنة 618 (خيح)
(الحموئي)
شيخ الاسلام أبو إسحاق إبراهيم بن سعد الدين محمد بن المؤيد أبى بكر
ابن جمال السنة أبى عبد الله محمد بن حمويه بن محمد الجويني المعروف الحموئي
وابن حمويه جميعا المتوفي سنة 722، وله 78 سنة كما عن تذكرة الحفاظ، كان
من أعظم علماء أهل السنة ومحدثيهم وحفاظهم.
وكذا أبوه وجده على ما هو الظاهر، ولكن المنقول عن صاحب الرياض
انه ذهب إلى تشيعه.
له كتاب فرائد السمطين في فضائل المرتضى والبتول والسبطين عليهم السلام
فرغ من تأليفه سنة 716 يروي عن جم غفير من علماء السنة منهم بعض بني
عمومته من حمويه.
ويروي أيضا عن جمع كثير من أكابر علماء الشيعة كالشيخ سديد الدين
والد العلامة وعن المحقق الحلي وابن عمه يحيى بن سعيد وابني طاووس والشيخ
196

مفيد الدين بن الجهم والخواجة نصير الدين، والسيد عبد الحميد بن فخار
رضوان الله تعالى عليهم أجمعين.
قال في (ضا) بعد ترجمته ثم ليعلم انه احتمل قويا اتحاد هذا الشيخ مع
الشيخ المذكور في بعض المواضع بعنوان الشيخ صدر الدين إبراهيم بن
سعد الدين محمد بن أبي المفاخر المؤيد بن أبي بكر بن أبي الحسن محمد بن عمر
ابن علي بن محمد بن حمويه الحموئي الصوفي، والمنتسب في بعض الكتب للتشيع
واستناد إسلام السلطان غازان خان أخي السلطان محمد اولجايتو إليه وذلك في
رابع شعبان المعظم من شهور سنة 694 (خص) عند باب قصره بمقام لاردماوند
وكان قد عقد مجلسا عظيما واغتسل في ذلك اليوم، ثم تلبس بلباس الشيخ
سعد الدين الحموئي والد الشيخ إبراهيم المذكور وأسلم باسلامه خلق كثير من
الترك وبذلك سميت تلك الطائفة تركمان كما في القاموس لمساعدة الاسم والنسب
والطبقة وغير ذلك لاتحادهما فلا تغفل إنتهى.
الحموئي: نسبة إلى حمويه بفتح الحاء وتشديد الميم المضمومة كشبويه
أقول: لعل حمويه هذا هو الذي كان في أول امره رجلا فقيرا فزار أبا الحسن
الرضا " عليه السلام " بطوس وسأله ولاية خراسان، وزاره في ذلك الوقت رجل آخر
فسأله حمارا وأشياء اخر فلما سمع ما سأله ذلك الفقير ركله (أي ضربه) برجله
استخفافا به وقال: مثلك بهذا الحال يطمع في خراسان فاستجيب دعاؤه ببركة
ذلك القبر وصار صاحب جيش خراسان فطلب الرجل الذي ركله برجله فأحسن
إليه ودفع إليه ما سأله من صاحب القبر سلام الله عليه.
والخبر في البحار الثاني عشر ص 98 في ذكر ما ظهر من قبر الرضا " عليه السلام "
من المعجزات، وان الناس كانوا يقصدونه لحوائجهم، ولرفع كربهم وأحزانهم
والجويني نسبة إلى جوين كزبير كورة بخراسان.
وعن تلخيص الآثار جوين مصغرا ناحية بين خراسان وقهستان كثيرة
197

الخيرات وافرة الغلاة تشتمل على أربعمائة قرية في أربعمائة قناة إنتهي، أقول
تقدم في إمام الحرمين الكلام في الجوين.
(الحميدي)
أبو عبد الله محمد بن أبي نصر فتوح بن عبد الله بن حميد الأزدي الأندلسي
القرطبي الحافظ المشهور. روى عن ابن حزم واختص به وأكثر عنه وعن ابن عبد البر، وسافر
في طلب العلم واستوطن بغداد.
وله كتاب الجمع بين الصحيحين والبخاري ومسلم وهو مشهور،
ومن شعره قوله:
لقاء الناس ليس يفيد شيئا * سوى الهذيان من قيل وقال
فأقلل من لقاء الناس إلا * لاخذ العلم أو إصلاح حال
وأدرك أبا بكر الخطيب بدمشق وروى عنه، وروى الخطيب أيضا عنه
توفى ببغداد سنة 488 (تفح).
والحميدي نسبة إلى حميد مصغرا جده المذكور، وقد يطلق على زين الدين
عبد الرحمان بن أحمد بن علي الحميدي المصري الشاعر الأديب صاحب الدر المنظم في
مدح الحبيب الأعظم، توفى سنة 1005 (غه).
(الحميري)
يطلق على جماعة منهم أبو العباس عبد الله بن جعفر بن الحسين (الحسن خ ل)
ابن مالك بن جامع الحميري القمي شيخ القميين ووجههم، ثقة من أصحاب أبي محمد
العسكري عليه السلام، قدم الكوفة سنة نيف وتسعين ومائتين وسمع أهلها منه فأكثروا
وصنف كتبا كثيرة، منها كتاب قرب الاسناد.
والسيد الحميري يأتي في السيد الحميري نسبة إلى حمير كدرهم أبو قبيلة باليمن
198

كانت منهم الملوك، وفي القاموس حمير كدرهم موضع غربي صنعاء اليمن وابن سبا
ابن يشجب أبو قبيلة.
(الحوفي)
أبو الحسن علي بن إبراهيم البلقيني عالم مفسر نحوي له تفسير.
توفى سنة 430 (تل)، (والبلقيني) منسوب إلى بلقينة بالضم وكسر القاف
قرية بمصر، (وحوف) كفوق ناحية تجاه بلبيس وهو كغرنيق بلد بمصر.
(الحيري)
أبو عبد الله بن إسماعيل بن أحمد بن عبد الله الضرير النيسابوري، قال
الخطيب قدم علينا حاجا في سنة 423 وحدث ببغداد، وكتبنا عنه ونعم الشيخ
كان فضلا وعلما ومعرفة وأمانة وصدقا وديانة وخلقا، سئل عن مولده فقال:
ولدت في رجب سنة 361، لما ورد بغداد كان قد اصطحب معه كتبه عازما
على المجاورة بمكة وكانت وقر بعير وفي جملتها صحيح البخاري، وكان سمعه
من أبى الهيثم الكشميهني عن الفروي فلم يقض لقافلة الحجيج النفوذ في تلك السنة
لفساد الطريق ورجع الناس فعاد إسماعيل معهم إلى نيسابور، ولما كان قبل
خروجه بأيام خاطبته في قراءة كتاب الصحيح فأجابني إلى ذلك فقرأت جميعه عليه
في ثلاثة مجالس اثنان منها في ليلتين كنت ابتدأ بالقراءة وقت صلاة المغرب
وأقطعها عند صلاة الفجر وقبل ان اقرأ المجلس الثالث عبر الشيخ إلى الجانب
الشرقي مع القافلة ونزل الجزيرة بسوق يحيى فمضيت إليه مع طائفة من أصحابنا
كانوا حضروا قراءتي عليه في الليلتين الماضيتين، وقرأت عليه في الجزيرة من
ضحوة النهار إلى المغرب ثم من المغرب إلى طلوع الفجر ففرغت من الكتاب ورحل
الشيخ في صبيحة تلك الليلة مع القافلة وحدثت انه مات بعد 430 بيسير، والحيري
بالكسر نسبة إلى الحيرة محلة بنيسابور.
199

(حيص بيص) انظر ابن الصيفي
(الخاجوئي)
المولى إسماعيل بن محمد حسين بن محمد رضا المازندراني الساكن في محلة
خاجو من محلات أصبهان، العالم الورع، الحكيم المتأله الجليل القدر من أكابر
علماء الإمامية، قالوا في حقه: كان آية عظيمة من آيات الله وحجة بالغة من
حجج الله، وكان ذا عبادة كثيرة وزهادة خطيرة، معتزلا عن النساء مبغضا
لمن كان يحصل العلم للدنيا، عاملا بسنن النبي صلى الله عليه وآله، وكان في نهاية الاخلاص
لائمة الهدى " عليه السلام " مستجاب الدعوة مسلوب الأعداء معظما في أعين الملوك والأعيان
مفخما عند أولي الجلالة والسلطان.
له مؤلفات عديدة، منها شرح دعاء الصباح، توفى سنة 1173 (غقعج)
وقبره بأصبهان في مقبرة تخته فولاذ، بجنب قبر الفاضل الهندي وقد زرتهما
رضوان الله تعالى عليهما، يروي عنه العالم الجليل المولى مهدي النراقي صاحب
مشكلات العلوم.
(الخواجة)
عندنا يطلق على الخواجة نصير الملة والدين الطوسي، الذي يأتي ذكره
في نصير الدين.
(والخواجة أوحد السبزواري)
هو الشاعر الحكيم الأديب الفاضل الكاتب المنشئ المشهور، له ديوان ذكره
القاضي نور الله في المجالس في شعراء الشيعة، وأورد له قصيدة في مدح الامام
أبي الحسن الرضا عليه السلام وذكر وفاته في سنة 868 (ضسح).
200

(والخواجة بارسا)
الحافظ الزاهد محمد بن محمد الحافظي صاحب فصل الخطاب في المحاضرات
المتوفى سنة 822 (ضكب) بالمدينة المشرفة.
(والخواجة حافظ تقدم ذكره)
(والخواجة عبد الله الأنصاري)
هو العارف المعروف صاحب المناجاة الفارسية المتوفى في حدود سنة 481 (تفا)
المدفون بهراة في بقعة كازر كاه لا بالمدائن بقرب حذيفة.
(الخوارزمي) انظر اخطب خوارزم وأبو بكر الخوارزمي
(الخازن)
البغدادي علاء الدين علي بن محمد بن إبراهيم الصوفي صاحب لباب التأويل
في معاني التنزيل، ويعرف بتفسير الخازن، توفى سنة 741 (ذام).
(الخاسر) يوصف به سلم بن عمرو بن حماد البصري فيقال (سلم الخاسر) وهو شاعر
معروف
، قال الخطيب: قدم بغداد ومدح المهدي والهادي والبرامكة وكان
على طريقة غير مرضية من المجون والتظاهر بالخلاعة والفسوق.
وقال باع مصحفا كان له واشترى بثمنه دفترا فيه شعر فشاع خبره في
الناس وسموه سلما الخاسر لذلك، وقيل: بل سمي بذلك لأنه ملك مالا كثيرا
فأتلفه في معاشرة الأدباء والفتيان والله أعلم.
وروى أن بشارا غضب على سلم الخاسر وكان من تلامذته ورواته
فاستشفع عليه بجماعة من اخوانه فأتوه فقالوا: جئناك في حاجة قال كل حاجة
لكم مقضية إلا سلما، قالوا ما جئناك إلا في سلم ولا بد من أن ترضى عنه قال
فأين هو؟ قالوا: ها هو ذا فقام سلم يقبل رأسه ويديه وقال يا أبا معاذ خريجك
201

وأديبك فقال بشار فمن الذي يقول:
من راقب الناس لم يظفر بحاجته * وفاز بالطيبات الفاتك اللهج
قال أنت يا أبا معاذ جعلني الله فداك قال فمن الذي يقول:
من راقب الناس مات هما * وفاز باللذة الجسور
قال خريجك يقول ذلك قال فتأخذ معاني التي قد عنيت بها وتعبت فيها وفي
استنباطها فتكسوها ألفاظا أخف من ألفاظي حتى يروى ما تقول ويذهب شعري
لا أرضى عنك ابدا فما زال يتضرع إليه ويشفع له القوم حتى رضي عنه.
(الخاقاني)
أفضل الدين حسان العجم إبراهيم بن علي الشرواني، الشاعر الأديب
الحكيم العارف المشهور.
همان شهنشه إقليم نظم خاقاني * كه صيت فضل زشر وانش رفته تا درجين
كان معاصرا للحكيم النظامي الشاعر والمستضئ العباسي، ويظهر من
بعض اشعاره انه كان من الشيعة الإمامية ولكن كان يتقي ويدل على ذلك
قوله في حق نفسه:
گفتند كجا است ان سخندان * گفتم كه بعرصة گاه شروان
خاقاني مدح خوانش گويند * مدحتگر خاندانش گويند
ويقول في وصف أمه:
آن بير زني كه بير معنى است * وان رابعه كه ثانيش نيست
كد بانو خاندان حكمت * مستوره دون مان عصمت
صافي دم وصوفي اعتقاد است * مؤمن دل ومؤمن اعتقاد است (1)

(1) ومن شعره الذي يدل على تشيعه قوله: خطي مجهول ديدم در مدينه * بدانستم كه آن خط آشنا نيست
در ان خط أولين سطري نوشته * كه جوز انزد خورشيد سما نيست
بجان پادشه سوگند خوردم * كه نزد پادشه جز پادشه نيست
202

له ديوان شعر كبير مطبوع، ومن شعره القصيدة الإيوانية في الزهد
والموعظة بالفارسية:
هان اي دل عبرت بين از ديده نظر كن هان
ايوان مدائن را آئينه عبرت دان
قيل في حقه: كان حكيما شاعرا من فحول الشعراء، قادرا على نظم القريض
محترزا عن الرذائل التي يرتكبها الشعراء، دخل في كل باب من أبواب الشعر،
وخرج من عهدته مثل التوحيد والمواعظ والنصائح والفخر والحماسة والتواضع
وكسر النفس والمدح والقدح والغزل والرثاء وغير ذلك، تشرف إلى الحج
مرتين، توفى بتبريز سنة 582 ودفن بمقبرة سرخاب المشهورة بمقبرة الشعراء،
والشرواني نسبة إلى شروان بكسر الشين وسكون الراء اسم لناحية بقرب باب
الأبواب من بلاد تركستان عمرها أنوشروان سميت باسمه، قيل إن قصة موسى
والخضر عليهما السلام كانت بها.
(خواندامير)
غياث الدين محمد بن همام المؤرخ الفاضل الكاتب صاحب كتاب حبيب السير
الذي لخصه من كتاب روضة الصفا لوالده المير خواند وزاد عليه، قال الكاتب
الچلبي هو من الكتب الممتعة المعتبرة.
وله أيضا مآثر الملوك وخلاصة الاخبار ألفه لأجل المير شير على الوزير
في حدود سنة تسعمائة.
203

(الخباز البلدي)
محمد بن أحمد بن الحسين البلدي الموصلي، شيخ عالم فاضل أديب شاعر
إمامي كان من شعراء الصاحب بن عباد، وقد ذكر شيخنا الحر العاملي رحمه الله
في أمل الآمل بعض اشعاره.
(الخبز أرزي)
أبو القاسم نصر بن أحمد بن نصر البصري الشاعر المشهور كان أميا
لا يتهجى ولا يكتب، وكان يخبز خبز الأرز بمربد البصرة في دكان وينشد
اشعاره والناس يزدحمون عليه ويتطرفون باستماع شعره ويتعجبون من حاله
وأمره، وكان أبو الحسين محمد بن محمد المعروف بابن لنكك البصري الشاعر
المشهور مع علو قدره عندهم ينتاب دكانه ليسمع شعره واعتنى به وجمع له ديوانا
وذكره الخطيب في تاريخه وقال: نزل بغداد وأقام بها دهرا طويلا وقرأ عليه
ديوانه وروى عنه مقطعات من شعره منه قوله:
كم شهوة مستقرة فرحا * قد انجلت عن حلول آفات
وكم جهول تراه مشتريا * سرور وقت بغم أوقات
كم شهوات سلبن صاحبها * ثوب الديانات والمروءات
اخذ قوله من كلام أمير المؤمنين عليه السلام: كم من شهوة ساعة أورثت
حزنا طويلا.
وله أيضا:
لسان الفتى خنق الفتى حين يجهل * وكل امرء ما بين فكيه مقتل
إذا ما لسان المرء أكثر هزره * فذاك لسان بالبلاء موكل
وكم فاتح أبواب شر لنفسه * إذا لم يكن قفل على فيه مقفل
فلم تحسبن الفضل في الحلم بعده * بل الجهل في بعض الأحايين أفضل
204

إذا شئت ان تحيا سعيدا مسلما * فدبر وميز ما تقول وتفعل
(أقول): لقد أجاد في قوله فدبر وميز الخ فإنه قد وردت روايات كثيرة
في الامر بالتدبر قبل العمل.
ومن وصية النبي صلى الله عليه وآله لمن طلب منه وصية قوله: أوصيك إذا أنت هممت
بأمر فتدبر عاقبته فان يك رشدا فامضه وإن يك غيا فانته منه.
وقال أمير المؤمنين عليه السلام: التدبير قبل العمل يؤمنك من الندم وأخذ هذا
المعنى الحكيم النظامي في شعره بالفارسية:
در سر كاري كه درائي نخست * رخنه بيرون شدنش كن درست
تا نكني جاي قدم استوار * باي منه در طلب هيج كار
إلى غير ذلك، وذكره ابن خلكان في كتابه وذكر قصة له مع أبي الحسين
ابن لنكك ويظهر من بعض اشعاره التشيع، توفى سنة 317 (شيز).
(الخرقاني) انظر أبو الحسن الخرقاني
(الخركوشي)
أبو سعد عبد الملك بن محمد النيسابوري الحافظ الواعظ صاحب كتاب
شرف المصطفى.
وفي العبقات قال السمعاني في الأنساب: الخركوشي بفتح الخاء المعجمة
وسكون الراء وضم الكاف وفي آخرها الشين هذه النسبة إلى خركوش وهي سكة
بنيسابور كبيرة كان بها جماعة من المشاهير مثل أبي سعد عبد الملك بن أبي عثمان
محمد بن إبراهيم الخركوشي الزاهد الواعظ، أحد المشهورين بأعمال البر والخير
وكان عالما زاهدا فاضلا، رحل إلى العراق والحجاز وديار مصر، وأدرك
العلماء والشيوخ، وصنف التصانيف المفيدة، إلى أن قال: وجاور حرم الله
مكة ثم عاد إلى وطنه نيسابور، ولزم منزله وبذل النفس والمال للمستورين من
205

الغرباء والفقراء المنقطعين منهم، وبنى دارا للمرضى بعد أن خربت الدور القديمة
لهم، ووكل جماعة من أصحابه لتمريضهم وحمل مياههم.
وكانت وفاته في سنة 406 (تو) بنيسابور، وزرت قبره غير
مرة، إنتهى ملخصا.
(الخزاز)
بالمعجمات أبو القاسم علي بن محمد بن علي الخزاز القمي، شيخ ثقة
جليل صاحب كتاب كفاية الأثر في النصوص على الأئمة الاثني عشر عليهم السلام
يروي عن الشيخ الصدوق وابن عياش.
(الخصاف)
أبو بكر أحمد بن عمر بن مهير الشيباني، كان عارفا بمذهب أبي حنيفة
وصنف للمهتدي بالله كتاب الخراج، فلما قتل المهتدي نهب الخصاف وذهب
بعض كتبه من ذلك كتاب عمله في مناسك الحج، توفى سنة 261 (رسا)،
والخصاف كشداد من يخصف النعال.
(الخطابي)
أبو سليمان حمد بن محمد بن إبراهيم بن الخطاب البستي، قيل: انه ينتهي
نسبه إلى زيد بن الخطاب أخي عمر بن الخطاب.
وكان محدثا فقيها لغويا أديبا يشبه أبا عبيد القاسم بن سلام، له غريب
الحديث وشرح سنن أبي داود وشرح البخاري.
ينقل بعض تحقيقاته العلامة المجلسي (ره) في كتاب السماء والعالم من
البحار في شرح حديث رأى المؤمن ورؤياه في آخر الزمان على سبعين جزء من
اجزاء النبوة، واسمه حمد بلا همزة، وسمع احمد مع الهمزة أيضا.
نقل عنه قال: اسمي الذي سميت به حمد ولكن الناس كتبوا احمد فتركته
206

عليه، ومن شعره في المداراة:
ما دمت حيا فدار الناس كلهم * فإنما أنت في دار المداراة
من يدر داري ومن لم يدر سوف يرى * عما قليل نديما للندامات
توفى سنة 383 أو 388، والخطابي نسبة إلى جده الخطاب المذكور أو إلى
الخطاب والد عمر بن الخطاب وقد تقدم في أبو حنيفة عن ابن عبد ربه انه كان
خطابا، وروي عن ابنه عمر انه قال في انصرافه في حجته التي لم يحج بعدها
الحمد لله ولا إله إلا الله يعطي من يشاء، لقد كنت بهذا الوادي يعني ضجنان
أرعى غنما للخطاب، وكان فظا غليظا يتعبني إذا عملت ويضربني إذا قصرت
وقد أصبحت وأمسيت وليس بيني وبين الله أحد أخشاه (1).
ثم تمثل: لا شئ مما ترى يبقى بشاشته * يبقى الاله ويؤدي المال والولد
وعن عمرو بن العاص في خبر قال قبح الله زمانا عمل فيه عمرو بن العاص
لعمر بن الخطاب والله اني لأعرف الخطاب يحمل حزمة من حطب وعلى ابنه مثلها
وما معه إلا نمرة لا تنفع منفعة.
(والخطابي) أيضا عبد الله بن عمر بن عبد الرحمن بن عبد الحميد بن عبد
الرحمن بن زيد بن الخطاب، ذكره الخطيب في تاريخ بغداد قال: كان
بالبصرة وتوفى سنة 236.
(الخطيب والخطيب البغدادي)
أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت بن أحمد البغدادي الشافعي الأشعري،
الحافظ الأديب المعروف بالخطيب لأنه كان يخطب بجامع بغداد في الجمعات والأعياد

(1) أتذكر إذ لحافك جلد شاة * وإذ نعلاك من جلد البعير
فسبحان الذي أعطاك ملكا * وعلمك الجلوس على السرير
207

له مصنفات أشهرها كتاب تاريخ بغداد الذي قد ذيله محب الدين بن النجار ثم
كتب في ذيله أبو سعد السمعاني، ثم الحافظ تقي الدين بن رافع إلى غير ذلك
ولد سنة 392 (شصب)، وتوفى 7 حج سنة 463 (تجس) ودفن ببغداد بباب
حرب بقرب قبر بشر الحافي، في قبر أعده الشيخ أبو بكر بن زهراء
الصوفي لنفسه.
حكى ان الخطيب كان قد تصدق بجميع ماله وهو مائتا دينار فرقها على
أرباب الحديث والفقهاء والفقراء في مرضه، وأوصى ان يتصدق عنه بجميع
ما عليه من الثياب، ووقف جميع كتبه على المسلمين ولم يكن له عقب، وكان
انتهى إليه علم الحديث وحفظه في وقته بعد الحافظ أبى نعيم الأصبهاني وتقدم
في الحيري قراءته صحيح البخاري عليه في ثلاثة مجالس.
حكي انه شرب ماء زمزم لان يجمع تاريخ بغداد ويملي الحديث بالجامع
المنصوري وأن يدفن بعد موته بجنب بشر الحافي فرزق الثلاث
وعن سير النبلاء قال الذهبي: توفى الخطيب ومات العلم بوفاته وقد كان
رئيس الرؤساء تقدم إلى الخطباء والوعاظ ان لا يرووا حديثا حتى يعرضوه عليه
فما صححه أو ردوه وما رده لم يذكروه، وأظهر بعض اليهود كتابا ادعى انه
كتاب رسول الله صلى الله عليه وآله باسقاط الجزية عن أهل خيبر، وفيه شهادة الصحابة،
وذكروا ان خط علي عليه السلام فيه، وحمل الكتاب إلى رئيس الرؤساء فعرضه على
الخطيب فتأمله وقال: هذا مزور قيل من أين؟ قال: فيه شهادة معاوية وهو
أسلم عام الفتح وفتحت خيبر سنة 7 وشهادة سعد بن معاذ مات يوم بني قريظة
قبل خيبر بسنتين فاستحسن ذلك منه إنتهى.
وعن طبقات الشافعية للأسنوي قال: بلغت مصنفات الخطيب نيفا وخمسين
مصنفا، منها الجهر بالبسملة، وكان يتلو في كل يوم وليلة ختمة، وكان حسن
القراءة، جهوري الصوت حسن الخط.
208

خرج من بغداد في فتنة أرسلان التركي الخارج على الخليفة فورد دمشق
سنة 451 وأقام بها إلى سنة سبع وذلك في دولة العبيديين خلفاء مصر المعروفين
بالفاطميين، والاذان بدمشق يومئذ حي على خير العمل، وهم متولي البلد بقتله
فذهب إلى صور (إنتهى).
حكي في سبب هم متولي البلد بقتله انه كان يختلف إليه صبي مليح فتكلم
الناس في ذلك فبلغ أمير البلد القصة فهم به.
وللخطيب من الاشعار قوله:
لن كنت تبغي الرشاد محضا * لأمر دنياك والمعاد
فخالف النفس في هواها * إن الهوى جامع الفساد
وله أيضا:
لا تغبطن أخا الدنيا لزخرفها * ولا للذة وقت عجلت فرحا
فالدهر أسرع شئ في تقلبه * وفعله بين للخلق قد وضحا
كم شارب عسلا فيه منيته * وكم تقلد سيفا من به ذبحا
اخذ عن جماعة كثيرة من أهل العلم والحديث من الشيعة والسنة، فلنذكر
بعض ما عثرت عليه من شيوخه من الشيعة:
(1) أبو الحسن علي بن أيوب بن الحسين القمي الكاتب المعروف بابن الساربان
كان إماميا سكن بغداد سمع أبا سعيد السيرافي وأبا عبيد الله المرزباني وغيرهما.
قال الخطيب: كتبنا عنه وذكر لنا انه سمع من المتنبي ديوان شعره
سوى القصائد الشيرازيات فقرأت عليه جميع الديوان، وكان رافضيا، وكان
يذكر ان مولده بشيراز في سنة 347، ومات ببغداد سنة 430 (تل).
(2) أبو إبراهيم العلوي النيسابوري جعفر بن محمد بن المظفر بن محمد بن
أحمد بن محمد، ويعرف بزيارة بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن علي
ابن الحسين بن علي بن أبي طالب عليه السلام.
209

قدم بغداد سنة 440 وحدث بها عن مشايخه، منهم الحاكم النيسابوري
وأبو عبد الرحمان السلمي النيسابوري وجده المظفر بن محمد العلوي.
قال الخطيب: كتبت عنه وكان سماعه صحيحا، وكان يعتقد مذهب
الرافضة الامامية ولقيته بمكة في آخر سنة 445 فسمعت منه أيضا هناك وسألت عن
مولده فقال: ولدت سنة 386، وبلغني انه مات بنيسابور سنة 448.
(3) أبو علي الحسن بن محمد بن إسماعيل بن أشناس ويعرف بابن الحمامي
البزار سمع جماعة من العلماء.
قال الخطيب: كتبت عنه شيئا يسيرا، وكان سماعه صحيحا إلا أنه كان
رافضيا خبيث المذهب، وكان له مجلس في داره بالكرخ يحضره الشيعة ويقرأ
عليهم مثالب الصحابة والطعن على السلف، وسألته عن مولده فقال: في شوال
من سنة 359 ومات في ليلة الأربعاء 3 (قع) سنة 439 (تلط).
(4) أبو طاهر العلوي إبراهيم بن محمد بن عمر بن يحيى بن الحسين بن أحمد
ابن عمر بن يحيى بن الحسين ذي الدمعة بن زيد الشهيد بن الإمام علي بن الحسين
عليه السلام، كان ينزل في درب جميل وحدث عن أبي المفضل الشيباني.
قال الخطيب: كتبت عنه، وكان سماعه صحيحا وقال سمعته يقول ولدت
ببابل في سنة 369 ومات ببغداد 14 صفر سنة 446 (موت) وكنت إذ ذاك في
طريق الحجاز راجعا إلى الشام من مكة.
(5) أبو الحسن الأنماطي أحمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الله المعروف
باللاعب، سمع جمعا كثيرا من المحدثين.
قال الخطيب: كتبت عنه وكان سماعه صحيحا، وذكر لي انه كان
يترفض، وسألته عن مولده فقال: في سنة 357، ومات في 7 (قع) سنة
439 ودفن في مقابر قريش.
(6) أبو نصر أحمد بن محمد بن أحمد بن عمر السلمي المعروف بابن الوتار
210

أبا بكر بن شاذان، وأبا المفضل الشيباني، وغيرهما.
قال الخطيب: كتبت عنه ولم يكن ممن يعتمد عليه في الرواية ولا اعلم سمع
منه غيري، وكان يتشيع، وتوفى سنة 429.
(7) أبو الحسن محمد بن طلحة النعالي، قال الخطيب: كتبت عنه وكان
رافضيا، ويأتي ما يتعلق به في النعالي.
(8) علم الهدى المرتضى، ذكره الخطيب في تاريخ بغداد وأثنى عليه
وقال: كتبت عنه.
(9) أبو الخطاب الشاعر محمد بن علي بن محمد بن إبراهيم المعروف بالجبلي
قال الخطيب: كان من أهل الأدب، حسن الشعر، فصيح القول مليح النظم
سافر في حداثته إلى الشام فسمع بدمشق من أبى الحسين المعروف بأخي تبوك،
ثم عاد إلى بغداد وقد كف بصره فأقام بها إلى حين وفاته، سمعت منه الحديث
وعلقت عنه مقطعات من شعره.
وقيل: انه كان رافضيا، شديد الترفض، ثم ذكر الخطيب عن أبي
العلاء المعري قصيدة في مدح الجبلي المذكور مدحه بها عند وروده
معرة النعمان، أولها:
أشفقت من عبء البقاء وعابه * ومللت من أرى الزمان وصابه
توفى 29 (قع) سنة 339 إلى غير ذلك.
(والبغدادي) نسبة إلى بغداد وبغذاذ بمهملتين ومعجمتين وتقديم كل
منهما، وبغدان وبغدين ومغذان مدينة السلام.
وحكي عن الأصمعي انه كان لا يقول بغداد وينهى عن ذلك ويقول مدينة
السلام لأنه سمع في الحديث ان بغ صنم وذاد عطية بالفارسية كأنها عطية الصنم
وبغداد مدينة بناها أبو جعفر المنصور سنة 145.
حكي عن أبي سهل بن نوبخت المنجم الذي مر ذكره في ترجمة حفيده أبى سهل
211

النوبختي قال: أمرني المنصور لما أراد بناء بغداد بأخذ الطالع ففعلت فإذا
الطالع في الشمس وهي في القوس فخبرته بما تدل النجوم عليه من طول بقائها
وكثرة عمارتها وفقر الناس إلى ما فيها، ثم قلت: وأخبرك خلة أخرى أسرك
بها يا أمير المؤمنين قال: وما هي؟ قلت: نجد في أدلة النجوم انه لا يموت
بها خليفة ابدا حتف أنفه، فتبسم المنصور وقال: الحمد لله على ذلك هذا من
فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم، فلذلك قال الشاعر (1):
أعاينت في طول من الأرض والعرض * كبغداد دارا انها جنة الأرض
صفا العيش في بغداد واخضر عوده * وعيش سواها غير صاف ولا غض
تطول بها الأعمار ان غذاءها * مرئ وبعض الأرض أمر أمن بعض
قضى ربها ان لا يموت خليفة * بها انه ما شاء في خلقه يقضي
تنام بها عين الغريب ولن ترى * غريبا بأرض الشام يطمع في غمض
الأبيات
وذكر الخطيب في تاريخ بغداد عن ابن البربري يقول: مدينة أبي جعفر
ثلاثون ومائة جريب خنادقها وسورها ثلاثون جريبا، وأنفق عليها ثمانية عشر
ألف ألف، وقال: بلغني عن محمد بن خلف بن وكيع ان أبا حنيفة النعمان
ابن ثابت، كان يتولى القيام بضرب لبن المدينة وعدده حتى فرغ من استتمام
بناء حائط المدينة مما يلي الخندق وكان أبو حنيفة بعد اللبن بالقصب وهو أول
من فعل ذلك فاستفادت الناس منه.
وحكي عن ابن الشروى قال: هدمنا من السور الذي يلي باب المحول
قطعة فوجدنا فيها لبنة مكتوب عليها بمغرة وزنها مائة وسبعة عشر رطلا فوزناها
فوجدناها كذلك.
وذكر عن محمد بن يحيى النديم قال: ذكر أحمد بن أبي طاهر في كتاب

(1) قيل عمارة بن عقيل بن بلال وقيل هو منصور النمري.
212

بغداذ ان ذرع بغداد الجانبين 53000 جريب و 750 جريبا، وان عدد
الحمامات كانت في ذلك الوقت ببغداد ستين ألف حمام، وقال: أقل ما يكون
في كل حمام خمسة نفر: حمامي وقيم وزبال ووقاد وسقاء، يكون ذلك
ثلاثمائة ألف رجل.
وذكر انه يكون بإزاء كل حمام خمسة مساجد الخ، قال الخطيب: وكان
في الموضع المعروف ببراثا مسجد يجتمع فيه قوم ممن ينسب إلى التشيع ويقصدونه
للصلاة والجلوس فيه فرفع إلى المقتدر بالله ان الرافضة يجتمعون في ذلك المسجد
لسب الصحابة والخروج عن الطاعة فأمر بكبسه يوم جمعة وقت الصلاة فكبس
وأخذ من وجد فيه فعوقبوا وحبسوا طويلا وهدم المسجد حتى سوي بالأرض
وعفي رسمه ووصل بالمقبرة التي تليه ومكث خرابا إلى سنة 328 فأمر الأمير
بجكم بإعادة بنائه وتوسعته واحكامه، فبنى بالجص والآجر وسقف بالساج
المنقوش، ووسع فيه ببعض ما يليه مما ابتيع له من املاك الناس، وكتب في
صدره اسم الراضي بالله.
وكان الناس ينتابونه للصلاة فيه والترك به، ثم أمر المتقي لله بعد بنصب
منبر فيه كان بمسجد مدينة المنصور معطلا مخبوا في خزانة المسجد عليه اسم
هارون الرشيد فنصب في قبلة المسجد، وتقدم إلى أحمد بن الفضل بن
عبد الملك الهاشمي وكان الامام في جامع الرصافة بالخروج إليه والصلاة بالناس
فيه الجمعة فخرج وخرج الناس من جانبي مدينة السلام حتى حضروا في هذا
المسجد وكثر الجمع هناك وحضر صاحب الشرطة فأقيمت صلاة الجمعة فيه يوم
الجمعة لاثنتي عشرة ليلة خلت من ج 1 سنة 329 وتوالت صلاة الجمعة فيه وصار
أحد مساجد الحضرة، وأفرد أبو الحسن أحمد بن الفضل الهاشمي بإمامته،
وأخرجت الصلاة بمسجد جامع الرصافة عن يده إنتهى
وتسمى هذه البلدة - بالزوراء - أيضا لانحراف قبلتها، وقد أخبر
213

أمير المؤمنين عليه السلام عن بنائها في الخطبة اللؤلؤة بقوله:
وتبنى مدينة يقال لها الزوراء بين دجلة ودجيل والفرات فلو رأيتموها
مشيدة بالجص والآجر ومزخرفة بالذهب والفضة واللازورد الخ.
وتقدم في ابن أبي العز قول أمير المؤمنين عليه السلام في خطبة الزوراء يتخذها
ولد العباس موطنا ولزخرفهم مسكنا، تكون لهم دار لهو ولعب الخ.
أقول: من أراد شرح ذلك فليراجع ما كتبه الخطيب البغدادي في ذكر
دار الخلافة والقصر الحسني والتاج، فذكر ان في بعض أيام المقتدر بالله قد
اشتملت الجريدة على أحد عشر ألف خادم خصي وأربعة آلاف خادم بيض وثلاثة
آلاف سود وعدد الحجاب سبعمائة حاجب، وعدد الغلمان السودان غير الخدم
أربعة آلاف غلام والستور الحريرية المذهبة المصورة بالفيلة والخيل والجمال
والسباع ثمانية وثلاثين ألف ستر، ودار الشجرة وهي شجرة من الفضة وزنها
خمسمائة ألف درهم في وسط بركة كبيرة مدورة فيها ماء صاف وللشجرة ثمانية
عشر غصنا لكل غصن منها شاخات كثيرة عليها الطيور والعصافير من كل نوع
مذهبة ومفضضة وأكثر قضبان الشجرة فضة وبعضها مذهب وهي تتمايل في
أوقات، ولها ورق مختلف الألوان يتحرك كما تحرك الريح ورق الشجر وكل من
هذه الطيور يصفر ويهدر، وفي جانب الدار يمنة البركة تماثيل خمسة عشر فارسا
على خمسة عشر فرسا قد البسوا الديباج وغيره وفي أيديهم مطارد على رماح
يدورون على خط واحد وفي النارود خببا وتقريبا فيظن ان كل واحد منهم إلى
صاحبه قاصد، وفي الجانب الأيسر مثل ذلك إلى غير ذلك.
(الخطيب التبريزي)
أبو زكريا يحيى بن علي بن محمد بن الحسن بن بسطام الشيباني التبريزي
البغدادي إمام أهل اللغة والأدب، شارح ديوان المتنبي، ولمع ابن جني،
214

والمعلقات السبع، والمفضليات، وله الشروح على الحماسة وله تهذيب إصلاح
ابن السكيت وغير ذلك.
يروي السيد فخار بن معد الموسوي عن أبي الفرج بن الجوزي عن ابن
الجواليقي عنه وهو اخذ عن الخطيب البغدادي والشيخ عبد القاهر الجرجاني
وأبى العلاء المعري وغيرهم، توفى فجأة ببغداد سنة 502 (شرب).
والتبريزي نسبة إلى تبريز وقد تكسر قاعدة أذربيجان، حكى القاضي
نور الله انها من بنا زبيدة زوجة هارون، فهدمتها الزلزلة فجددها المتوكل إلى
أيام القائم بأمر الله سنة 434 وقعت زلزلة شديدة فهلكت جماعة كثيرة بها فاختار
أبو طاهر المنجم ساعة لبنائها حتى تحفظ من وقوع الزلزلة.
وقد كثرت الكلمات في مدح تبريز وذمها وقد مدحها الأمير غياث الدين
منصور الدشتكي بقوله: ان أحسن الناس خلقا وخلقا أهل آذربايجان وان بلدة
تبريز بلدة طيبة فيها ما تشتهي الأنفس وتلذ الأعين وفي وصفها تكل الألسن.
(الخطيب الحصكفي) نظر الحصكفي
(الخطيب الدمشقي)
قاضي القضاة أبو المعالي محمد بن عبد الرحمان بن عمر بن أحمد جلال الدين
القزويني الشافعي صاحب الايضاح في علوم البلاغة، وتلخيص المفتاح الذي
شرحه التفتازاني بشرحيه المطول والمختصر، ونظمه السيوطي بأرجوزة لطيفة،
قالوا: انه ولد سنة 666 (خسو)، وتفقه حتى ولي ناحية الروم وله دون
العشرين، ثم قدم دمشق الشام واشتغل بالفنون، وأتقن الأصول والعربية
والمعاني والبيان، ثم ولي خطابة جامع دمشق، ثم ولي القضاء بالديار المصرية،
ثم أعيد إلى قضاء الشام فأقام قليلا ثم أصابه فالج وتوفى بدمشق سنة 739.
ودمشق بكسر الدال وفتح الميم وقد تكسر قصبة الشام قيل سمعت بذلك
215

لانهم دمشقوا في بنائها أي أسرعوا. وقيل هو اسم واضعها وهو دمشق بن كنعان
وقيل بناها غلام إبراهيم الخليل عليه السلام وكان اسمه دمشق وكان حبشيا.
(الخطيب المصري)
هو ابن نباتة وقد تقدم ذكره، وقد يطلق على الخطيب العراقي أبى إسحاق
إبراهيم بن منصور الشافعي المصري، سافر إلى بغداد واشتغل بها مدة فنسب
إليها، وكان في بغداد يعرف بالمصري، ولما رجع إلى مصر قيل له العراقي
كان فقيها فاضلا، وروي عنه قال: أنشدني شيخنا ابن الخل البغدادي
ولم يسم قائلا:
في زخرف القول تزيين لباطله * والحق قد يعتريه سوء تعبير
تقول هذا مجاج النحل تمدحه * وإن ذممت تقل قيئ الزنابير
مدحا وذما وما جاوزت وصفهما * حسن البيان يرى الظلماء كالنور
توفى سنة 596 بمصر، والمصري نسبة إلى مصر المدينة المعروفة سميت
لتمصرها (1) أو لأنه بناها المصر بن نوح عليه السلام.
وقد تصرف وقد تذكر وقد ورد ذمه، وانه سجن من سخط الله
وكراهة الطبخ في فخارها وغسل الرأس من طينها مخافة ان يورث ترابها الذل
ويذهب بالغيرة.
وعن قصص الأنبياء للراوندي قال رسول الله صلى الله عليه وآله: انتحوا مصر ولا
تطلبوا المكث فيها ولا أحسبه إلا قال وهو يورث الدياثة.
وحكي عن ابن دأب انه ذكر في محضر الهادي العباسي عيوب مصر منها انها
لا تمطر وإذا مطرت كرهوا وابتهلوا إلى الله تعالى بالدعاء لأنه لهم ضار لا يزكو
عليه زرعهم، ومن عيوبها الريح التي يسمونها المريسية وذلك أن أهل مصر

(1) مصر والمكان تمصيرا جعلوه مصرا فتمصر.
216

يسمون أعالي الصعيد إلى بلاد النوبة مريس فإذا هبت الريح المريسية وهي الجنوبية
ثلاثة عشر يوما اشترى أهل مصر الأكفان والحنوط، وأيقنوا بالوباء القاتل
والبلاء الشامل.
ثم من عيوبها اختلاف هوائها لانهم في يوم واحد يغيرون ملابسهم مرارا
كثيرة، وأما نيلها فكفى في ذلك كون التماسيح فيه وليس في غيره من الانهار
كالفرات والدجلة ولا نهر بلخ ولا سيحان ولا جيحان
(الخفاجي)
الأمير أبو محمد عبد الله بن محمد بن سنان الشاعر الشيعي المعروف
بابن سنان صاحب سر الفصاحة في اللغة، ومن شعره قوله في وصف أمير المؤمنين عليه السلام
يا أمة كفرت وفي أفواهها * القرآن فيه ضلالها ورشادها
أعلى المنابر تعلنون بسبه * وبسيفه نصبت لكم أعوادها
تلك الخلائق بينكم بدرية * قتل الحسين وما خبت أحقادها
توفى سنة 466 (توس)، حكي انه كان، حكي انه كان قد تحصن بقرية
اعزاز من أعمال حلب وكان بينه وبين أبي نصر محمد بن النحاس الوزير لمحمود
ابن صالح مودة مؤكدة وكان محمود بريد القبض عليه فأمر أبا نصر بن النحاس
ان يكتب إلى الخفاجي كتبا يستعطفه ويؤنسه وقال: لا يؤمن إلا إليك ولا
يثق إلا بك فكتب إليه كتابا فلما فرغ منه وكتب إن شاء الله تعالى شدد النون
من إن فلما قرأه الخفاجي خرج من اعزاز قاصدا حلب فلما كان في الطريق أعاد
النظر في الكتاب فلما رأى التشديد على النون أمسك رأس فرسه وفكر في نفسه
وان ابن النحاس لم يكتب هذا عبثا، فلاح له انه أراد ان الملا يأتمرون بك
ليقتلوك فعاد إلى اعزاز وكتب الجواب انا الخادم المعترف بانعام وكسر الألف
من أنا وشدد النون وفتحها فلما وقف أبو النصر على ذلك سر وعلم أنه قصد
217

به انا لن ندخلها ابدا ما داموا فيها، ثم استدعى محمود بأبي نصر بن النحاس
وشدد عليه الامر فامتثله وأطعم الخفاجي خشكنانجة مسمة فمات الخفاجي في
اعزاز وحمل إلى حلب.
وقد يطلق الخفاجي على قاضي القضاة شهاب الدين أحمد بن محمد بن عمر
المصري الحنفي صاحب ريحانة الألباء، وشرح درة الغواص، وشفاء العليل،
ونسيم الرياض في شرح شفا القاضي عياض، توفى سنة 1069 (غسط).
(والخفاجي) نسبة إلى خفاجة بالفتح حي من بني عامر ينسب إليها معن بن
يزيد الخفاجي الذي عد من الصحابة.
(الخفاف)
أبو بكر يحيى بن عبد الله الجذامي المالقي النحوي، قرأ النحو على
الشلوبين، له شروح على إيضاح الارسي، وكتاب سيبويه ولمع ابن جني،
توفى بالقاهرة سنة 657 (زنخ)
(الخفري)
شمس الدين محمد بن أحمد الفاضل الحكيم من علماء زمان السلطان شاه
إسماعيل الصفوي من تلامذة صدر الحكماء المير صدر الدين محمد الدشتكي كان
ساكنا بكاشان.
له رسالة في إثبات الواجب، ورسالة في علم الرمل، ورسالة في حل مالا
ينحل، وله حواش على أوائل شرح التجريد، وعلى أوائل شرح حكمة العين،
وله شرح التذكرة للخواجة نصير الدين الموسوم بالتكملة، فرغ منه سنة 932،
وممن تلمذ عليه وأخذ عنه المولى شاه طاهر بن رضى الدين الإسماعيلي الحسيني
الكاشاني الذي ذكره صاحب مجالس المؤمنين بعد ذكر شيخه الخفري ووصفه
بالإمامي الاثني عشري.
218

ونسب إليه مؤلفات منيفة منها شروحه على تهذيب الأصول والباب
الحادي عشر وعلى الجعفرية، وعلى تفسير القاضي، ورسالة في أحوال المعاد
ورسالة في أنموذج العلوم.
(والخفري): نسبة إلى خفر من بلاد شيراز، قيل فيه من الآثار
القديمة قبر جاماسب الحكيم.
(الخلدي)
جعفر بن محمد بن نصير أبو محمد الخواص شيخ الصوفية، سافر كثيرا ولقي
المشايخ من المحدثين والصوفية ثم عاد إلى بغداد فاستوطنها، ذكره الخطيب في
تاريخه، وأورد له حكايات غريبة، توفي سنة 348.
(الخلعي)
(الموصلي) أبو الحسن علي بن الحسن بن الحسين القاضي المعروف بالخلعي
الموصلي الأصل، المصري الدار، صاحب الخلعيات المنسوبة إليه، توفى
بمصر يوم الغدير سنة 492 (تصب).
والخلعي بكسر الخاء وفتح اللام نسبة إلى الخلع نسب إليها الخلعي لأنه
كان يبيع بمصر الخلع لأملاك مصر فاشتهر بذلك.
قلت: ذكر القاضي نور الله في المجالس في شعراء الشيعة جمال الدين الخلعي
الموصلي ولم يذكر اسمه ولا عصره.
وذكر ان والديه كانا ناصبيين ولم يكن لهما ولد ذكر فنذرت أمه إن
ولد لها ذكر تبعثه على قتل زوار الحسين بن علي عليه السلام من أهل جبل
عامل الذين يعبرون الموصل، فولد لهما الخلعي فما بلغ الصبي بعثته أمه على ما
نذرت، فنام فرأى في المنام ما صرفه عن ذلك ودله على الحق والهداية فاستبصر
واختار مجاورة الحسين عليه السلام والاشتغال بمدح أهل بيت النبوة عليهم السلام،
219

ومن شعره قصيدته الرائية في مدح أمير المؤمنين عليه السلام:
سارت بأنواع علمك السير * وحدثت عن جلالك السور
إلى قوله:
يا صاحب الامر في الغدير وقد * بخبخ لما وليته عمر
(الخليع)
أبو علي الحسين بن الضحاك بن ياسر الشاعر البصري الخراساني،
كان من الشعراء المتصلين بمجالسة الخلفاء، اتصل بالأمين في سنة 188 ولم
يزل مع الخلفاء بعده إلى أيام المستعين، وتوفى سنة 350، قيل سمي الخليع
لكثرة مجونه وخلاعته.
(الخنساء)
تماضر بضم المثناة من فوق وكسر الضاد المعجمة بنت عمرو بن الشريد،
ينتهي إلى مضر لقبت الخنساء لحسنها، فان الخنساء البقرة الوحشية قيل اتفق
أهل العلم بالشعر انه لم يكن امرأة قبلها ولا بعدها اشعر منها على أن أكثر قولها
في رثاء أخيها صخر، وكان قد قتل في واقعة يوم الكلاب من أيام العرب فأخذت
تنظم فيه المراثي، وقد تقدم الإشارة إلى صخر في أبو هلال العسكري ووفدت
الخنساء على رسول الله صلى الله عليه وآله مع قومها من بني سليم فأسلمت معهم، توفيت
سنة 646 ميلادية.
وكانت الفارعة أخت الوليد بن طريف بن الصلت الشيباني الشاري تسلك
سبيل الخنساء في مراثيها لأخيها فرثت أخاها الوليد الذي قتله مزيد بن زائدة
الشيباني بأمر الرشيد بقصيدة منها قولها.
بتل نهاكي رسم قبر كأنه * على جبل فوق الجبال منيف
تضمن مجدا عد مليا وسؤددا * وهمة مقدام ورأي حصيف
220

فيا شجر الخابور مالك مورقا * كأنك لم تحزن على ابن طريف
فتى لا يحب الزاد إلا من التقى * ولا المال إلا من قنا وسيوف
فقدناك فقدان الشباب وليتنا * فديناك من فتياننا بألوف
وما زال حتى أزهق الموت نفسه * شجا لعدو أو نجا لضعيف
فان يك أرداه يزيد بن مزيد * فرب زحوف لفها بزحوف
عليه سلام الله وقفا فإنني * أرى الموت وقاعا بكل شريف
(الخواص)
أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد بن إسماعيل، كان من أهل سر من رأى
وهو أحد شيوخ الصوفية، وممن يذكر بالتوكل، وكثرة الاسفار إلى مكة
وغيرها على التجريد.
يحكى عن الفرغاني انه قال: كان إبراهيم الخواص مجردا في التوكل يدقق
فيه وكان لا يفارقه إبرة وخيوط وركوة ومقراض، فقيل له: يا أبا إسحاق لم
تحمل هذا وأنت تمنع من كل شئ؟ فقال: مثل هذا لا ينقض التوكل لان لله
سبحانه علينا فرائض والفقير لا يكون عليه إلا ثوب واحد فربما يتخرق ثوبه
فإذا لم يكن معه إبرة وخيوط تبدو عورته فتفسد عليه صلاته، وإذا لم يكن معه
ركوة تفسد عليه طهارته، وإذا رأيت الفقير بلا ركوة ولا إبرة ولا خيوط
فاتهمه في صلاته، قيل توفى سنة 291 (رصا).
والخواص نسبة إلى الخوص، ولعله قيل له الخواص لقصة له في عمله الخوص
أوردها الخطيب في تاريخه.
(الخوبي)
قاضي القضاة شمس الدين أبو العباس أحمد بن الخليل الفقيه الشافعي
الدمشقي، الذي أكمل مفاتيح الغيب - تفسير الفخر الرازي، توفى بدمشق
221

سنة 637 أو 639.
وقد يطلق على أبى يعقوب يوسف بن طاهر الخوبي تلميذ الميداني والذي
اختصر مجمع الأمثال لأستاذه، والخوبي بالفتح نسبة إلى الخوب أي الافتقار،
قال الفيروز آبادي: خاب خوبا افتقر، والخوبة الجوع وأرض لم تمطر بين
ممطورتين وأرض لا رعي بها.
(الخونساري)
باشباع الخاء المضمومة بليدة قريبة من أصبهان بين جبال شاهقة وبصفوة
مائها وحسن هوائها وكثرة فواكهها الطيبة يضرب المثل، ينسب إليها المحقق
الخونساري وابنه الآغا جمال الدين رضوان الله عليهما.
وينسب إليها أيضا السيد الفاضل الأديب الأريب المتتبع الماهر الخبير
سيدنا الاجل الميرزا محمد باقر بن زين العابدين بن أبي القسم جعفر بن الحسين
الموسوي صاحب روضات الجنات في أحوال العلماء والسادات، كان من
تلامذة الشيخ محمد تقي صاحب الحاشية على المعالم والسيد الشهشهاني، كان
مولده بخونسار سنة 1226 ووفاته بأصبهان سنة 1313 وقبره في مقبرة تخته فولاد
وأنا زرت قبره ورأيت قد كتب عليه:
قد طار من غرف الروضات طائرها * نحو الجنان وأبقى من مآثره
قال المؤرخ في تاريخ رحلته * تعطل العلم من فقدان باقره
(الخيام)
أبو الفتح عمر بن إبراهيم النيسابوري الحكيم الشاعر المعروف صاحب الاشعار
العربية والفارسية والرباعيات المشهورة، منها قوله:
چون عمر بسر رسد چه بغداد وچه بلخ * بيمانه چه پر شود چه شيرين وچه تلخ
خوش باش كه بعد از من وتو ماه بسي * از سلخ بغره آيد از غره بسلخ
222

كان معاصرا لأبي حامد الغزالي، وكان أحد الحكماء الثمانية في عصر
السلطان جلال الدين ملكشاه، وهم الذين وضعوا التاريخ الذي مبدؤه نزول
الشمس أول الحمل وعليه بناء التقاويم الآن، ويقال: انه مع تبحره في فنون
الحكمة كان له ضنة بالتعليم والافادة وربما طول الكلام في جواب ما يسأل عنه
بذكر المقدمات البعيدة وبايراد ما لا يتوقف المطلوب على إيراده ضنة منه بالاسراع
إلى الجواب فدخل عليه الغزالي يوما وسأله مسألة فطول الخيامي الكلام وامتد
إلى أن اذن للظهر فقال الغزالي: جاء الحق وزهق الباطل وقام وخرج.
توفى سنة 517 (ثيز)، وقبره في خارج نيسابور قرب السيد محمد
المحروق مشهور.
(خيط باطل)
لقب مروان بن الحكم، وفي ذلك يقول عبد الرحمان بن الحكم:
لحى الله قوما أمروا خيط باطل * على الناس يعطي ما يشاء ويمنع
وتقدم ذكره في ابن الزرقاء.
(الداراني) انظر أبو سليمان الداراني
(الدارقطني)
أبو الحسن علي بن عمر بن أحمد البغدادي الحافظ المحدث الفاضل المشهور
كان فريد عصره وقريع دهره، يروي عن أبي القسم البغوي وخلق لا يحصون
ويروي عنه الحافظ أبو نعيم وجماعة كثيرة.
قال الحموي: وكان أديبا يحفظ عدة من الدواوين منها ديوان السيد
الحميري فنسب إلى التشيع، وتفقه على مذهب الشافعي.
يحكي عنه انه سئل هل رأيت مثل نفسك؟ فقال: قال الله تعالى (فلا
تزكوا أنفسكم) فلح عليه السائل فقال: لم أر أحدا جمع ما جمعت قيل للحاكم
223

ابن البيع: هل رأيت مثل الدارقطني؟ فقال: هو لم ير مثل نفسه فكيف أنا؟
وعن ابن ماكولا قال رأيت في المنام كأني أسأل عن حال الدارقطني في الآخرة
فقيل لي ذلك يدعى في الجنة بالامام.
قال الخطيب في ترجمة ابن خنزابة الوزير: انه نزل مصر وتقلد الوزارة
لأميرها كافور، وكان أبوه وزير المقتدر بالله، إلى أن قال: فكان يملي الحديث
بمصر وبسببه خرج أبو الحسن الدارقطني إلى هناك فإنه كان يريد ان يصنف
مسندا فخرج أبو الحسن إليه وأقام عنده مدة فصنف له المسند، وحصل له
من جهته مال كثير.
وروى عنه الدارقطني في كتاب المدبج وغيره أحاديث إنتهى، توفى
الدارقطني في بغداد في ذي القعدة سنة 385 (شفه)، ودفن بالقرب من
معروف الكرخي.
والدار قطني بفتح الراء وضم القاف وسكون الطاء نسبة إلى دار القطن
محلة كانت ببغداد بين الكرخ ونهر عيسى بن علي ينسب إليها الدارقطني المذكور
ومحلة بحلب منها عمر بن علي بن قشام ذو التصانيف الكثيرة المبسوطة في الفنون.
(الداركي)
بفتح الراء المهملة أبو القسم عبد العزيز بن عبد الله بن محمد الفقيه الشافعي
كان أبوه محدث أصبهان في وقته، وكان أبو القسم من كبار فقهاء الشافعية
نزل نيسابور سنة 353 ودرس الفقه بها سنين، ثم انتقل إلى بغداد وسكنها إلى
حين وفاته، وكان يدرس ببغداد وانتهى إليه التدريس بها، وكان يهتم
بالاعتزال، وكان قد اخذ الحديث عن جده لامه الحسن بن محمد الداركي،
وربما أفتى على خلاف مذهب الامامين الشافعي وأبي حنيفة فيقال له في ذلك
فيقول ويحكم حدث فلان عن فلان عن رسول الله صلى الله عليه وآله بكذا وكذا والاخذ
224

بالحديث أولى من الاخذ بقول الامامين، توفى ببغداد سنة 375 (شعه).
(والداركي) بفتح الراء نسبة إلى دارك، قال ابن خلكان: ظني انها
قرية من قرى أصبهان.
(الدارمي)
الحافظ أبو محمد عبد الله بن عبد الرحمان بن الفضل التميمي السمرقندي
أحد الاعلام صاحب المسند والتفسير والجامع، روى عنه مسلم وأبو داود
والترمذي من أصحاب السنن وأقروا له بكمال الفضل، فتوفى سنة 255 (رنه)
ببلدة مرو ودفن بها، ولما نعي إلى البخاري استرجع وبكى وأنشد هذا الشعر
إن عشت تفجع بالأحبة كلها * وفناء نفسك لا أبا لك أفجع
(والدارمي) بكسر الراء نسبة إلى دارم بن مالك بطن كبير من تميم
وينسب إليه جماعة كثيرة غير الحافظ المذكور، منهم: أبو إسحاق الدارمي
المعروف بنهشل المحدث المتوفى سنة 325.
ومنهم أبو جعفر الدارمي أحمد بن سعيد بن صخر، ذكره الخطيب في
تاريخه وقال: كان أبو جعفر أحد المذكورين بالفقه ومعرفة الحديث والحفظ
له، وهو خراساني، ولد بسرخس ونشأ بنيسابور، ثم كان أكثر أوقاته
في الرحلة لسماع الحديث، فسمع من النضر بن شميل وعلي بن الحسين بن واقد
(إلى أن قال): وكان ثقة ثبتا روى عنه عمرو بن علي الفلاس وأبو موسى
محمد بن المثنى والبخاري ومسلم في صحيحيهما وحدث ببغداد، وروى أنه
أقدمه الطاهرية هراة، فأقام بها مليا يحدث، إلى أن قال: مات بنيسابور
سنة 253 (رنج).
(وأبو العباس) الدارمي يأتي في النامي (وأبو القسم) الدارمي هو
عبيد الله بن عبد الواحد الدارمي الكاتب المعاصر للشيخ المفيد (ره) (ومسكين
225

الدارمي) هو الذي كان عبد الملك بن مروان يتمثل كثيرا بقوله:
ليست الأحلام في حال الرضا * إنما الأحلام في حال الغضب
حكى عنه ابن خلكان حكاية لطيفة وهي ان بعض التجار قدم مدينة الرسول
صلى الله عليه وآله ومعه حمل من الخمر السود فلم يجد لها طالبا فكسدت عليه
وضاق صدره فقيل له: ما ينفقها إلا مسكين الدارمي وهو من مجيدي الشعراء
الموصوفين بالظرف والخلاعة فقصده فوجده قد تزهد وانقطع في المسجد فأتاه
وقص عليه القصة فقال: وكيف اعمل وأنا قد تركت الشعر وعكفت على هذه
الحال، فقال له التاجر: أنا رجل غريب وليس لي بضاعة سوى هذا الحمل وتضرع
إليه فخرج من المسجد وأعاد لباسه الأول وعمل هذين البيتين وأشهرهما:
قل للمليحة في الخمار الأسود * ماذا أردت بناسك متعبد
قد كان شمر للصلاة ثيابه * حتى قعدت له بباب المسجد
فشاع بين الناس ان مسكينا الدارمي قد رجع إلى ما كان عليه وأحب واحدة
ذات خمار اسود فلم يبق في المدينة ظريفة إلا وطلبت خمارا اسود، فباع التاجر
الحمل الذي كان معه بأضعاف ثمنه لكثرة رغباتهم فيه فلما فرغ منه عاد مسكين
إلى تعبده وانقطاعه إنتهي.
(الداماد)
السيد الاجل محمد باقر بن محمد الحسيني الاسترآبادي المعروف بالمير الداماد
المحقق المدقق العالم الحكيم المتبحر النقاد، ذو الطبع الوقاد الذي حلى بعقود
نظمه وجواهره نثره عواطل الأجياد، وسبق بجواد فهمه الصافنات الجياد سمي
الداماد لان والده كان صهرا للمحقق الثاني رضوان الله عليه فيدعى دامادا ثم
انتقل هذا اللقب إلى ولده.
قال السيد الاجل السيد على خان في السلافة في مدح هذا المحقق بعد
226

كلمات لطيفة وعبارات رشيقة والله ان الزمان بمثله لعقيم، وان مكارمه لا يتسع
لبثها صدر رقيم، وأنا برئ من المبالغة في هذا المقال، وبر قسمي يشهد به
كل وامق، وقال:
وإذا خفيت عن الغبي فعاذر * ان لا تراني مقلة عمياء
وله من المؤلفات: القبسات، والرواشح السماوية، والصراط المستقيم،
والحبل المتين، وشارع النجاة، وضوابط الرضاع، وغير ذلك من الكتب
الكثيرة وله حواش على الكافي والفقيه والصحيفة السجادية وغير ذلك، وله ديوان
شعر بالعربية والفارسية، ومن شعره في أمير المؤمنين " عليه السلام ":
كالدر ولدت بايمام الشرف * في الكعبة واتخذتها كالصدف
فاستقبلت الوجوه شطر الكعبة * والكعبة وجهها تجاه النجف
وحكي انه لم يأو بالليالي إلى فراشه للاستراحة مدة أربعين سنة ولم يفت
منه (ره) نوافله مدة تكليفه، ذهب في آخر عمره الشريف من أصبهان بمرافقة
السلطان شاه صفي المرحوم إلى زيارة العتبات العاليات فمات (ره) هناك وذلك
سنة 1041 ودفن في النجف الأشرف.
وقيل: انه توفى سنة 1040، قيل في تاريخه: (عروس علم دين را
مرده داماد 1040).
وعن حدائق المقربين للمير محمد صالح انه كان متعبدا في الغاية مكثارا
لتلاوة كتاب الله المجيد بحيث ذكر بعض الثقاة انه كان يقرأ كل ليلة خمسة عشر
جزءا من القرآن الكريم وكان بينه وبين شيخنا البهائي خلطة تامة ومؤاخاة عجيبة
ليس هنا مقام شرحها.
وقد يطلق الداماد على السيد العالم الفقيه الميرزا صالح الشهير بالعرب
الموسوي الحائري الطهراني المتوفى سنة 1303 ابن السيد حسن الشهير بالداماد
لأنه كان صهرا للمير سيد علي المحقق صاحب الرياض فكان يدعى دامادا
227

ثم انتقل هذا اللقب إلى ولده المذكور.
(الدبوسي)
أبو زيد عبيد الله بن عمر بن عيسى القاضي الحنفي السمرقندي له كتاب
تأسيس النظر في علمي الجدل والخلافيات، وهو أول من وضع علم الخلاف وأبرزه
إلى الوجود، روي أنه ناظر بعض الفقهاء فكان كلما ألزمه أبو زيد الزاما تبسم
أو ضحك فأنشد أبو زيد:
ما لي إذا ألزمته حجة * قابلني بالضحك والقهقهة
إن كان ضحك المرء من فهمه * فالدب في الصحراء ما أفقهه
مات سنة 430، والدبوسي بفتح الدال وضم الموحدة نسبة إلى دبوسية قرية
بين بخارى وسمرقند.
(الدراوردي)
عبد العزيز بن محمد مولى قضاعة، أصله من دراورد قرية من خراسان
وقال بعضهم: هو منسوب إلى دراب جرد من فارس على غير قياس، والقياس
دراب جردي ولكنه ولد بالمدينة ونشأ بها، وتوفى سنة 187 (قفز) كذا ذكره
ابن قتيبة في المعارف في أصحاب الحديث.
(الدربندي)
ملا آقا بن عابد بن رمضان علي بن زاهد الشرواني الحائري شيخ فقيه
متكلم محقق مدقق، جامع المعقول والمنقول، عارف بالفقه والأصول، كان
من تلامذة شريف العلماء، وكان له في حب أهل البيت عليهم السلام سيما سيد الشهداء
عليه السلام مقام رفيع وتغير أحواله من اللطم والبكاء وغير ذلك من شدة مصيبته
على الحسين المظلوم " عليه السلام " في أيام عاشوراء مشهور.
يحكى انه كان يعظم كتب العلم سيما كتب الحديث، وانه كلما اخذ
228

تهذيب الشيخ يقبله ويضعه على رأسه ويقول: كتب الحديث مثل القرآن
المجيد يلزم احترامه.
له الخزائن، وأسرار الشهادة والسعادة الناصرية وغير ذلك، ولقد أبان
شيخنا صاحب المستدرك في اللؤلؤ والمرجان عن ضعف اسرار الشهادة وعدم
الاعتماد عليه، توفى سنة 1286 (غرفو) في طهران ونقل إلى كربلاء المشرفة
ودفن في الصحن الصغير متصلا بقبر السيد محمد مهدي بن صاحب الرياض
رضوان الله عليهم أجمعين.
والدربندي هنا: نسبة إلى دربند البلد المسمى بباب الأبواب بقرب
الشروان، لا الدربند التي كانت من اعمال الري، وقد تقدم في الخاقاني
ما يتعلق بالشرواني.
(الدقاق)
أبو علي المعروف بكنيته واسمه الحسن النيسابوري العالم العارف المفسر
المتأله الواعظ، أبو زوجة القشيري وأستاذه، توفى سنة 405 (ته)،
أو 412، وقبره في نيسابور له كلمات معروفة، وكتاب في الوعظ مشتمل
على 360 مجلسا.
(الدقيقي)
أبو القسم علي بن عبد الله الدقاق النحوي، صاحب شرح الايضاح،
وشرح الجرمي، توفى سنة 415 (ثيه).
(الدماميني)
بدر الدين محمد بن أبي بكر بن عمر المخزومي الإسكندري المصري المالكي
الفاضل الشاعر النحوي صاحب الحاشية على المغني، والشرح على البخاري وعلى
التسهيل، وعلى الخزرجية، وعلى لامية العجم، وله عين الحياة مختصر حياة
229

الحيوان، توفى سنة 827 (ضكز) في كلبرجه من بلاد الهند، ودمامين:
قرية بصعيد مصر.
(الدمياطي)
شهاب الدين أحمد بن محمد بن أحمد بن عبد الغني الدمياطي المصري الشافعي
خاتمة من قام بأعباء الطريقة النقشبندية صاحب إتحاف البشر في القراءات الأربعة
عشر، ومختصر السيرة الحلبية، اشتغل بالفنون فوصل إلى ما لم يصل إليه أمثاله
رحل إلى الحجاز ومات بالمدينة المنورة سنة 1117.
والدمياطي أيضا الشيخ محمد الشهير بالخضري من علماء الشافعية،
اخذ عنه الجم الغفير، له حاشية الخضري على شرح ابن أبي عقيل على ألفية
ابن مالك، توفى سنة 1287.
(الدميري)
كمال الدين محمد بن موسى بن عيسى المصري الشافعي الفاضل الخبير صاحب
كتاب حياة الحيوان، وشرح سنن ابن ماجة، ومنهاج النووي وغير ذلك،
توفى بالقاهرة سنة 808 (ضح)، والدميري نسبة إلى دميرة كسفينة، قرية
كبيرة بمصر قرب دمياط.
(الدواني)
المولى جلال الدين محمد بن سعد الدواني المنتهي نسبه إلى محمد بن أبي بكر
الحكيم الفاضل الشاعر المدقق صاحب أنموذج العلوم وهو كتاب لطيف يحتوي
على مسائل من كل علم، وله شرح على متن التهذيب وعلى العقائد العضدية وله
الحاشية القديمة والجديدة على شرح التجريد للفاضل القوشجي، ويقال: انه
كتب الحاشية القديمة في يومين وانه كان في أوائل أمره على مذهب أهل السنة
ثم صار شيعيا.
230

وكتب بعد ذلك رسالة سماها نور الهداية وهي مصرحة بتشيعه، ذكره
القاضي نور الله في المجالس في الفضلاء من الشيعة الإمامية، وأيد تشيعه بما
كتب في حاشيته على التجريد متعرضا على المير صدر الدين الشيرازي في تفضيل
أبي بكر على علي " عليه السلام " بقوله والعجب من ولد علي كيف يدعي اطباق أهل السنة
على أن جميع الفضائل التي لعلي " عليه السلام " حاصلة لأبي بكر مع زيادة، فان ذلك
ازراء بجلالة قدر علي " عليه السلام " كما لا يخفى على ذوي الافهام، وأيد تشيعه أيضا
بأبيات نظمها قوله:
خورشيد كمال است نبي ماه ولي * إسلام محمد است وإيمان علي
كر بينه بر أين ميطلبي * بنگر كه زبينات اسما است جلي
اكتسب أكثر علومه وفضائله في شيراز، وجرت بينه وبين الأمير
صدر الدين محمد الدشتكي مناظرات ومباحثات في دقائق مباحث الحكمة والكلام
غيبة وحضورا.
وكان ازدحام الطلبة عنده أكثر منه عند الأمير صدر الدين ولكن طريقة
المير كانت أشبه بطريقة الأقدمين من الحكماء وأهل الاشراق، كما ذكره
بعض أفاضل المتأخرين.
وكانت وفاته بعد المائة التاسعة في حدود سنة 907 أو 918، والدواني
نسبة إلى دوان كشداد قرية من قرى كازرون من بلاد فارس، وفي (ضا)
دوان كهوان.
(الدوانيقي)
لقب أبي جعفر المنصور، ويقال له أبو الدوانيق أيضا لأنه لما أراد حفر
الخندق بالكوفة قسط على كل منهم دانق فضة وأخذه وصرفه في الحفر كذا في المغرب
والدانق بفتح النون وكسرها سدس الدينار والدرهم وعند اليونان حبتا خرنوب
231

لان الدرهم عندهم اثنتي عشرة حبة خرنوب، والدانق الاسلامي ستة عشر
حبة خرنوب، وجمع المفتوح دوانق، وجمع المكسور دوانيق، كذا
في مجمع البحرين.
توفى أبو جعفر المذكور بمكة سنة 158، وقام بالخلافة بعده ابنه
محمد المهدي وكان ذلك ببغداد فلما بويع كان أول من هناه بالخلافة وعزاه
أبو دلامة فقال:
عيناي واحدة ترى مسرورة * بأميرها جذلى وأخرى تذرف
تبكي وتضحك تارة ويسوءها * ما أنكرت ويسرها ما تعرف
فيسوءها موت الخليفة محرما * ويصرها ان قام هذا الأرأف
ما ان رأيت كما رأيت ولا أرى * شعرا أرجله وآخر ينتف
هلك الخليفة يا لامة احمد * وأتاكم من بعده من يخلف
أهدى لهذا الله فضل خلافة * ولذاك جنات النعيم تزخرف
روى الخطيب في تاريخه عن الربيع انه قال: مات المنصور وفي بيت المال شئ
لم يجمعه خليفة قط قبله مائة ألف ألف درهم وستون ألف درهم فلما صارت
الخلافة إلى المهدي قسم ذلك وأنفقه.
وقال الربيع: نظرنا في نفقة المنصور فإذا هو ينفق في كل سنة ألفي درهم
مما يجبى من مال الشراة.
وعنه أيضا قال: فتح المنصور يوما خزانة مما قبض من خزائن مروان بن
محمد فأحصى فيها اثني عشر عدل خز فأخرج منها ثوبا وقال: يا ربيع اقطع
من هذا الثوب جبتين لي واحدة ولمحمد واحدة فقلت: لا تجيئ منه هذا قال
فاقطع لي منه جبة وقلنسوة وبخل بثوب آخر يخرجه للمهدي فلما أفضت الخلافة
إلى المهدي أمر بتلك الخزانة بعينها ففرقت على الموالي والغلمان والخدم.
232

(الدوريستي)
أبو عبد الله جعفر بن محمد بن أحمد بن العباس الدوريستي الرازي من
أكابر علماء الإمامية من بيت العلم والفضل، كثير الرواية، يروي عن الشيخ
والسيدين وابن عياش بلا واسطة.
وعن الصدوق بواسطة أبيه محمد ويروى عنه شاذان بن جبرائيل والسيد
العالم العابد أبو جعفر مهدي بن أبي حرب الحسيني شيخ رواية الطبرسي صاحب
الاحتجاج، والسيد علي بن أبي طالب السيلقي من مشايخ القطب الراوندي والثقة
الجليل الشيخ عبد الجبار بن عبد الله المقري الرازي تلميذ الشيخ الطوسي والسيد
المرتضى بن الداعي وحفيده الشيخ الفقيه الكامل أبو جعفر محمد بن موسى بن
جعفر الدوريستي رضوان الله عليهم أجمعين (1).
قال في الامل في وصفه: ثقة عين عظيم الشأن، معاصر للشيخ الطوسي
وقد ذكره في رجاله ووثقه.
وله كتب منها كتاب الكفاية في العبادات، وكتاب يوم وليلة وكتاب
الاعتقادات وكتاب الرد على الزيدية وغير ذلك يروي عن الشيخ المفيد رحمه الله
وقد ذكره ابن شهرآشوب وقال له الرد على الزيدية، وذكره منتجب الدين
فقال ثقة عين عدل، قرأ على شيخنا المفيد وعلى المرتضى ثم ذكر كتبه السالفة
إلا الأخير، ثم قال: أخبرنا بها الشيخ الامام جمال الدين أبو الفتوح الحسين
ابن علي الخزاعي عن الشيخ المفيد عبد الجبار المقري عنه إنتهى.
وفي (ضا) نقلا عن مجالس المؤمنين عن الشيخ الأجل عبد الجليل القزويني
انه قال في حق الشيخ أبي عبد الله الدوريستي المذكور انه كان مشهورا في جميع

(1) وممن يروي عنه الفقيه المحدث فضل الله بن محمود الفارسي صاحب كتاب
رياض الجنان في الاخبار.
233

الفنون مصنفا، كثير الرواية من أكابر هذه الطائفة وعلمائهم معظما في الغاية
عند نظام الملك الوزير، وكان يذهب في كل أسبوعين مرة من الري إلى قرية
دوريست لسماع ما كان يريده من بركات أنفاسه ويرجع، ثم قال: وهو من
بيت جليل تحلوا بحلتي العلم والإمامة من قديم الزمان.
وذكر أيضا صاحب المجالس ان له ولدا اسمه حسن بن جعفر كان متحليا
بفنون الفضائل والكمالات، وكان له رغبة إلى انشاد الشعر، وله هذان البيتان:
بغض الوصي علامة معروفة * كتبت على جبهات أولاد الزنا
من لم يوال من الأنام وليه * سيان عند الله صلى أم زنى
والدوريستي أيضا أبو محمد نجم الدين عبد الله بن جعفر بن محمد بن موسى بن
جعفر، فقيه صالح له الرواية عن أسلافه مشايخ دوريست فقهاء الشيعة قال في
الامل كان عالما فاضلا صدوقا جليل القدر يروي عن جده أبي جعفر محمد بن موسى
ابن جعفر عن جده أبى عبد الله جعفر بن محمد الدوريستي إنتهى.
وقال الحموي في المعجم في حقه وكان يزعم أنه من حذيفة بن اليمان صاحب
رسول الله صلى الله عليه وآله أحد فقهاء الشيعة الإمامية، قدم بغداد سنة خمسمائة وست وستين
وأقام بها مدة وحدث بها عن جده محمد بن موسى بشئ من اخبار الأئمة من
ولد على عليهم السلام وعاد إلى بلده وبلغنا انه مات بعد ستمائة بيسير إنتهى.
والدوريستي نسبة إلى دوريست بضم الدال المهملة وسكون الواو وكسر
الراء المهملة والياء المثناة من تحت الساكنة قرية من قرى الري يقال لها درشت
الآن ولما ينتهى نسب هذه السلسلة الجليلة إلى حذيفة بن اليمان فينبغي لنا الإشارة
إلى مختصر من جلالته رضوان الله عليه فنقول: أبو عبد الله حذيفة بن اليمان
العبسي من أعاظم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله واليمان لقبه واسمه حسل، قال
الخطيب البغدادي: لم يشهد حذيفة بدرا وشهد أحدا وقتل أبوه يومئذ مع
رسول الله صلى الله عليه وآله وحضر ما بعد أحد من الوقائع، وكان صاحب رسول الله لقربه
234

منه وثقته به وعلو منزلته عنده، وولاه عمر بن الخطاب المدائن فأقام بها إلى
حين وفاته، إنتهى.
وكان واليا على المدائن في أيام عثمان فلما قتل عثمان استقره أمير المؤمنين عليه السلام
على عمله وكتب عهده إليه وإلى أهل المدائن، وكان فيما كتبه إليهم: قد وليت
أموركم حذيفة بن اليمان وهو ممن أرتضي بهديه وأرجو صلاحه وقد أمرته
بالاحسان إلى محسنكم والشدة على مريبكم والرفق بجميعكم اسأل الله تعالى لنا
ولكم حسن الخيرة والاحسان ورحمته الواسعة في الدنيا والآخرة والسلام عليكم
ورحمة الله وبركاته.
روى الخطيب في تاريخه عن أبي سعيد الخدري ان حذيفة بن اليمان أتاهم
بالمدائن فقام يصلي على دكان فجذبه سلمان ثم قال: لا أدري أطال العهد أم
نسيت أما سمعت رسول الله صلى إليه عليه واله يقول: لا يصلي الامام على أنشز مما عليه
أصحابه، إنتهى.
وعن أسد الغابة انه كان صاحب سر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في المنافقين لم يعلمهم
أحد إلا حذيفة أعلمه بهم رسول الله صلى الله عليه وآله إنتهى.
قتل أبوه في أحد قتله المسلمون خطأ يحسبونه من العدو وحذيفة يصيح
بهم فلم يفقهوا قوله حتى قتل فلما رأى حذيفة ان أباه قد قتل استغفر للمسلمين
فقال: يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
فزاده عنده خيرا.
وحكي ان له درجة العلم بالسنة، وعن العلامة الطباطبائي انه يستفاد من
بعض الاخبار ان له درجة العلم بالكتاب أيضا.
وقال أيضا: وعند الفريقين انه كان يعرف المنافقين بأعيانهم وأشخاصهم
عرفهم ليلة العقبة حين أرادوا ان ينفروا ناقة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في منصرفهم من
تبوك وكان حذيفة تلك الليلة قد اخذ بزمام الناقة ويقودها، وكان عمار من
235

خلف الناقة ليسوقها، وتوفي في المدائن بعد خلافة أمير المؤمنين عليه السلام بأربعين
يوما سنة ست وثلاثين، وأوصى ابنيه صفوان وسعيدا بلزوم أمير المؤمنين عليه السلام
واتباعه، فكانا معه بصفين وقتلا بين يديه إنتهى، أمالي الصدوق عن الثمالي
قال: دعا حذيفة بن اليمان ابنه عند موته فأوصى إليه وقال: يا بني أظهر اليأس
عما في أيدي الناس فان فيه الغنى، وإياك وطلب الحاجات إلى الناس فإنه فقر حاضر
وكن اليوم خيرا منك أمس، وإذا أنت صليت فصل صلاة مودع للدنيا كأنك
لا ترجع، وإياك وما يعتذر منك.
(الدولابي)
أبو بشر محمد بن أحمد بن حماد بن سعد الرازي كان عالما بالحديث والاخبار
والتواريخ سمع الأحاديث بالشام والعراق روى عنه الطبراني وأبو حاتم البستي
وله تصانيف في التاريخ ومواليد العلماء ووفياتهم، ومنها كتاب الكنى والأسماء
توفى بالعرج سنة 320 (شك).
والدولابي نسبة إلى الدولاب قرية من اعمال الري معروفة والعرج كفلس
عقبة بين مكة والمدينة على جادة الحاج وقرية من نواحي الطائف ينسب إليها
العرجي الشاعر.
ويطلق الدولابي أيضا على أبى جعفر البزاز محمد بن الصباح مولى مزينة
اخذ من جمع كثير من المحدثين.
وروى عنه أحمد بن حنبل وابنه عبد الله وإبراهيم الحربي وغيرهم،
وكان أصله من هراة ومسكنه ببغداد إلى حين وفاته، مات سنة 227 كذا
في تاريخ بغداد.
(الديار بكري)
حسين بن محمد بن الحسن المالكي القاضي بمكة، صاحب (تاريخ الخميس
236

في أحوال أنفس نفيس) (1) في السيرة النبوية مع استطرادات، ورسالة في
مساحة الكعبة المعظمة والمسجد الحرام، توفى بمكة المعظمة سنة 982 (ظفب).
(ديك الجن)
أبو محمد عبد السلام بن رغبان بفتح الراء المهملة وسكون الغين المعجمة
أصله من مؤتة وولد في حمص، وهو شاعر مشهور مجيد يذهب مذهب أبي تمام
في شعره، وكان مقيما في حمص ولم يبرح نواحي الشام وكان يتشيع له
مراث كثيرة للحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام.
وله قصة لطيفة مع الرشيد مشهورة ذكرها الشيخ يوسف البحراني في
كشكوله وشيخنا المتبحر النوري نور الله مرقده في كتاب ظلمات الهاوية قبل
انه لما كان شيعيا نسبوه إلى الالحاد، توفى سنة 235 (رله) وأخباره في الأغاني
وابن خلكان وحياة الحيوان.
قال صاحب مجمع البحرين: ديك الجن دويبة توجد في البساتين
وكنيته أبو اليقظان.
(الديلمي)
أبو محمد الحسن بن أبي الحسن محمد الديلمي الشيخ المحدث الوجيه النبيه
صاحب كتاب إرشاد القلوب المعروف الذي قال في مدحه السيد علي خان (ره)
كما في (ضا):
هذا كتاب في معانيه حسن * للديلمي أبى محمد الحسن

(1) كتاب مشهور مرتب على مقدمة وثلاثة أركان وخاتمة المقدمة في
خلق نوره صلى الله عليه وآله والأركان في سيرته صلى الله عليه وآله من المولد إلى البعثة ثم إلى الهجرة
ثم إلى الوفاة والخاتمة في الخلفاء الأربعة وبني أمية وآل عباس وغيرهم من السلاطين
إلى جلوس السلطان مراد الثالث، فرغ من تأليفه سنة 946.
237

أشهى إلى المضني العليل من الشفا * وألذ في العينين من غمض الوسن
وله أيضا في مدحه:
إذا ضلت قلوب عن هداها * فلم تدر العقاب من الثواب
فارشدها جزاك الله خيرا * بارشاد القلوب إلى الصواب
وله كتاب غرر الاخبار ودرر الآثار وأعلام الدين في صفات المؤمنين والظاهر أنه
كان في عصر الشهيد الأول وينقل عنه الشيخ ابن فهد في عدة الداعي بعنوان
الحسن بن أبي الحسن الديلمي قيل: ان حديث الكساء المشهور الذي يعد من
متفردات منتخب الطريحي موجود في غرر هذا الشيخ (ره).
وقد يطلق الديلمي على الشيخ الأجل أبى يعلى سلار (1) بن عبد العزيز
الديلمي الطبرستاني المقدم في الفقه والأدب وغيرها، وكان ثقة وجها له المقنع في
المذهب والتقريب في أصول الفقه والمراسم في الفقه والرد على أبى الحسن البصري
في نقض الشافي وسبب تصنيفه هذا الكتاب ان القاضي عبد الجبار صنف كتابا
في إبطال مذهب الشيعة سماه المغني الكافي، ثم صنف السيد المرتضى كتابا سماه
الشافي في نقض الكافي.
ثم صنف أبو الحسن البصري كتابا في نقض الشافي فرده سلار، قرأ على
الشيخ المفيد وعلم الهدى وربما درس نيابة عن السيد، توفى في صفر سنة 448
وقيل إنه توفى 6 شهر رمضان سنة 463 (تسج)، وقبره في قرية خسرو شاه
من قرى تبريز.
وقد يطلق الديلمي على أبى شجاع شيرويه بن شهر داد صاحب كتاب فردوس

(1) اسمه حمزة ولكنه مدعو بسلار في ألسنة الفقهاء تارة وبسالار أخرى
ولعله الأظهر لان الأول لا معنى له يعرف بخلاف الثاني فإنه بمعنى الرئيس والمقدم
ولعله كتب سلار بعنوان رسم الخط كما يكتبون الحارث والقاسم بصورة الحرث
والقسم فصحف باللام المشددة.
238

الاخبار قيل ذكر فيه انه أورد فيه عشرة آلاف حديث، ووضع علامات مخرجه
بجانبه، وقد اقتفى السيوطي أثره في جامعه الصغير.
وقد يطلق على أبى علي إسماعيل بن يوسف الديلمي ذكره الخطيب في تاريخ
بغداد وقال: كان أحد العباد الورعين والزهاد المتقللين مع بصهر بالحديث وحفظه
له وتمهره في علمه.
جالس أحمد بن حنبل ومن بعده من الحفاظ وذاكرهم، وذكر أنه كان
يحفظ أربعين ألف حديث.
والديلمي نسبة إلى الديلم جيل سموا بأرضهم وهم في جبال قرب جيلان
وماء لبني عبس أيضا.
(الدينوري)
نسبة إلى الدينور بكسر الدال، وعن السمعاني فتح الدال، قال ابن خلكان
انها ليس بصحيح وفتح النون والواو وبعدها راء، بلدة من بلاد جبل عند
قرميسين، وفي المراصد مدينة من اعمال الجبل قرب قرميسين بينها وبين همدان
نيف وعشرون فرسخا، كثيرة الثمار والزرع (إنتهى) ينسب إليها أبو حنيفة
وابن قتيبة الدينوريان وقد تقدما.
(ذو الاكلة)
حسان بن ثابت بن المنذر بن حرام الأنصاري شاعر رسول الله صلى الله عليه وآله
يكنى أبا الوليد كان من فحول الشعراء.
حكي انه عاش مائة وعشرين سنة، ستين سنة في الجاهلية وستين في الاسلام
وكذلك عاش أبوه ثابت وجده المنذر وأبو جده حرام عاش كل منهم مائة وعشرين
سنة ولا يعرف في العرب أربعة تناسلوا من صلب واحد وعاش كل منهم مائة
وعشرين سنة غيرهم.
239

وقد تضمنت كتب السيرة بلوغه الغاية في الجبن وتخلفه بعد هلاك عثمان
عن بيعة أمير المؤمنين عليه السلام في جماعة من العثمانية.
ومما يدل على جبنه ما حكي انه في أوقات الحرب كان يتحصن مع النساء،
ففي (ما) (1) عن صفية بنت عبد المطلب انها قالت: كنا مع حسان بن ثابت
في حصن فارع (2) والنبي صلى الله عليه وآله بالخندق فإذا يهودي يطوف بالحسن فخفنا ان
يدل على عورتنا فقلت لحسان: لو نزلت إلى هذا اليهودي فاني أخاف ان يدل
على عورتنا، قال: يا بنت عبد المطلب لقد علمت ما أنا بصاحب هذا قالت:
فتحزمت ثم نزلت وأخذت عمودا وقتلته به، ثم قلت لحسان: اخرج فاسلبه
قال: لا حاجة لي في سلبه.
وكثير من اشعاره معروف ومشهور، وفي كتب السيرة النبوية مسطور
ومن شعره المتواتر عنه ما قاله يوم غدير خم:
يناديهم يوم الغدير نبيهم * بخم وأكرم بالنبي مناديا
يقول فمن مولاكم ووليكم * فقالوا ولم يبدوا هناك التعاديا
إلهك مولانا وأنت ولينا * ولن تجدن منالك اليوم عاصيا
فقال له قم يا علي فإنني * رضيتك من بعدي إماما وهاديا
هناك دعا اللهم وال وليه * وكن للذي عادي عليا معاديا
وملخص خبر الغدير ان النبي صلى الله عليه وآله لما خرج إلى مكة في جماعة كثيرة من أهل المدينة
وغيرها في حجة الوداع وحج وانصرف نزل عليه جبريل عليه السلام في الطريق
وقرأ هذه الآية: (يا أيها الرسول بلغ ما انزل إليك من ربك) فقال صلى الله عليه وآله:
يا جبريل ان الناس حديثوا عهد بالاسلام فأخشى ان يضطربوا ولا يطيعوا فعرج
جبريل إلى أن نزل عليه السلام في اليوم الثامن عشر من ذي الحجة بموضع يقال له

(1) ما رمز لأمالي الشيخ أبي علي بن الشيخ الطوسي.
(2) بالفاء والراء والعين المهملتين اسم حصن بالمدينة.
240

غدير خم، وقال له: (يا أيها الرسول بلغ ما انزل إليك من ربك وإن لم تفعل
فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس) فلما سمع رسول الله صلى الله عليه وآله هذه المقالة
قال: للناس أنيخوا ناقتي فوالله ما أبرح من هذا المكان حتى أبلغ رسالة ربي،
وأمر ان ينصب له منبر من أقتاب الإبل وصعدها وأخرج معه عليا عليه السلام وقام
قائما وخطب خطبة بليغة وعظ فيها وزجر.
ثم قال في آخر كلامه: (يا أيها الناس ألست أولى بكم ومنكم) فقالوا بلى
يا رسول الله، ثم قال: قم يا علي فقام علي فأخذ بيده فرفعه حتى رؤي بياض
إبطيهما، ثم قال: (ألا من كنت مولاه فهذا علي مولاه اللهم وال من والاه
وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله) ثم نزل من المنبر، وجاء
أصحابه إلى أمير المؤمنين عليه السلام وهنأوه بالولاية، وأول من قال له عمر بن الخطاب
فقال له: (بخ بخ لك يا علي أصبحت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة)،
ونزل جبرئيل " عليه السلام " بهذه الآية: (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي
ورضيت لكم الاسلام دينا).
سئل الصادق " عليه السلام " عن قول الله عز وجل: (يعرفون نعمة الله ثم ينكرونها)
قال: يعرفون يوم الغدير وينكرونها يوم السقيفة.
فاستأذن حسان بن ثابت ان يقول أبياتا في ذلك اليوم فأذن له
فأنشأ يقول:
(يناديهم يوم الغدير نبيهم) الأبيات
فقال له النبي صلى الله عليه وآله وسلم: لا تزال يا حسان مؤيدا بروح القدس ما نصرتنا
بلسانك، قال شيخنا المفيد (ره): وإنما اشترط رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في الدعاء له
لعلمه بعاقبة أمره في الخلاف، ولو علم سلامته في مستقبل الأحوال لدعا له
على الاطلاق، إنتهى.
وكان الامر كذلك لان الرجل بعد أن كان مواليا لأمير المؤمنين عليه السلام
241

قائلا في مدحه الاشعار المعروفة تخلف عن بيعته فيمن تخلف وصار عثمانيا يحرض
الناس على علي " عليه السلام " وقال في مدح أبى بكر:
إذا تذكرت شجوا من أخي ثقة * فاذكر أخاك أبا بكر بما فعلا
خير البرية أنقاها وأعدلها * بعد النبي وأوفاها بما حملا
والثاني التالي المحمود مشهده * وأول الناس منهم صدق الرسلا
قال الشيخ المفيد (ره): ان حسانا كان شاعرا وقصد الدولة والسلطان،
وقد كان فيه بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) انحراف شديد عن أمير المؤمنين عليه السلام
وكان عثمانيا، وحرص الناس على علي بن أبي طالب " عليه السلام " وكان يدعو إلى نصرة
معاوية وذلك مشهور عنه في نظمه، ألا ترى إلى قوله:
يا ليت شعري وليت الطير يخبرني * ما كان بين علي وابن عفانا
ضجوا بأشمط عنوان السجود به * يقطع الليل تسبيحا وقرآنا
ليسمعن وشيكا في ديارهم * الله أكبر يا ثارات عثمانا
أقول: لما بلغ الكلام إلى هذا المقام رأيت أن أشير إلى ما يتعلق بحديث
غدير خم أداء لبعض الحقوق الواجبة علينا، اعلم وفقك الله تعالى ان الاستدلال
بخبر الغدير يتوقف على أمرين أحدهما إثبات الخبر، والثاني دلالته على خلافته
صلوات الله عليه.
أما الأول فلا أظن عاقلا يرتاب في ثبوته وتواتره بعد الرجوع إلى الاخبار
التي اتفق المخالف والمؤالف على نقلها وتصحيحها.
قال صاحب إحقاق الحق: ذكر الشيخ ابن كثير الشامي الشافعي عند
ذكر أحوال محمد بن جرير الطبري اني رأيت كتابا جمع فيه أحاديث غدير خم في
مجلدين ضخمين، وكتابا جمع فيه طرق حديث الطير.
ونقل عن أبي المعالي الجويني انه كان يتعجب ويقول رأيت مجلدا ببغداد
في يد صحاف فيه روايات هذا الخبر مكتوبا عليه المجلدة الثامنة والعشرون من
242

طرق من كنت مولاه فعلي مولاه ويتلوه المجلدة التاسعة والعشرون.
وأثبت الشيخ ابن الجوزي الشافعي في رسالته الموسومة بأسنى المطالب
في مناقب علي بن أبي طالب " عليه السلام " تواتر هذا الحديث من طرق كثيرة، ونسب
منكرة إلى الجهل والعصبية.
قال قال السيد المرتضى (ره) في كتاب الشافي، أما الدلالة على صحة
الخبر فلا يطالب بها إلا متعنت لظهوره واشتهاره وحصول العلم لكل من سمع
الاخبار به، وما المطالب بتصحيح خبر الغدير والدلالة عليه إلا كالطالب بتصحيح
غزوات النبي (صلى الله عليه وآله) الظاهرة المشهورة وأحواله المعروفة وحجة الوداع نفسها
لان ظهور الجميع وعموم العلم به بمنزلة واحدة إلى أن قال: وقد استند هذا الخبر
بما لا يشركه فيه سائر الأخبار، لان الاخبار على ضربين أحدهما لا يعتبر في
نقله الأسانيد المتصلة كالخبر عن وقعة بدر وخيبر والجمل وصفين، والضرب
الآخر يعتبر فيه اتصال الأسانيد كأخبار الشريعة، وقد اجتمع فيه الطريقان
ومما يدل على صحته إجماع علماء الأمة على قبوله، ولا شبهة فيما ادعيناه من
الاطباق لان الشيعة جعلته الحجة في النص على أمير المؤمنين " عليه السلام " بالإمامة،
ومخالفوا الشيعة أولوه على اختلاف تأويلاتهم، وما يعلم أن فرقة من فرق الأمة
ردت هذا الخبر أو امتنعت من قبوله.
وأما الثاني: وهو دلالة الخبر على خلافته " عليه السلام "، قلنا بالاستدلال به
على إمامته مقامان: الأول ان المولى جاء بمعنى أولي الأمر والمتصرف المطاع في
كل ما يأمر، والثاني ان المراد به هنا هذا المعنى.
أما الأول: فكفى في ذلك ما قاله علم الهدى في الشافي من أن من كان له
أدنى اختلاط باللغة وأهلها يعرف انهم يضعون هذه اللفظة مكان أولى.
وقد ذكر أبو عبيدة معمر بن المثنى ومنزلته في اللغة منزلته في كتابه
المعروف بالمجاز في القرآن لما انتهى إلى قوله: (ومأواكم النار) هي مولاكم،
243

ان معنى مولاكم أولى بكم، وأنشد بيت لبيد شاهدا له:
فغدت كلا الفرجين تحسب انها * مول المخافة خلفها وأمامها
وقال البيضاوي والزمخشري وغيرهما من المفسرين في تفسير قوله تعالى: (هي
مولاكم) هي أولى بكم ولا خلاف بين المفسرين في أن قوله تعالى: (ولكل
جعلنا موالي مما ترك الولدان والأقربون) ان المراد بالموالي من كان أملك بالميراث
وأولى بحيازته وأحق به.
وأما الثاني: وهو ان المراد بالمولى هنا هذا المعنى، فمعلوم ان من عادة
أهل اللسان في خطابهم إذا أوردوا جملة مصرحة وعطفوا عليها بكلام محتمل لما
تقدم التصريح به ولغيره لم يجز ان يريدوا بالمحتمل إلا المعنى الأول.
فقول النبي (صلى الله عليه وآله) للجماعة: ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم وإقرارهم
له بذلك، ثم قوله (صلى الله عليه وآله) متبعا لقوله الأول بلا فصل فمن كنت مولاه فعلي
مولاه فهذا قرينة على أن المراد بالمولى الأولى ولا ينكر ذلك إلا جاهل بأساليب
الكلام أو متجاهل لعصبيته على أن ما يحتمله لفظ المولى ينقسم إلى أقسام،
منها ما لم يكن كالمعتق والحليف، ومنها ما كان عليه معلوم انه لم يرده كالمالك
والجار والصهر والمعتق وابن العم، ومنها ما كان عليه ويعلم بالدليل انه " عليه السلام "
لم يرده وهو ولاية الدين والنصرة والمحبة وولاء المعتق فلم يبق إلا القسم الرابع
وهو الأولى، وقد ذهب جمع من المخالفين إلى تجويز كون المراد الناصر والمحب
ولا يخفى على عاقل انه ما كان يتوقف بيان ذلك على اجتماع الناس بذلك في شدة
الحر بل كان هذا أمرا يجب ان يوصي به عليا " عليه السلام " بأن ينصر ويجب من كان
الرسول ينصره ويحبه ولا يتصور في اخبار الناس بذلك فائدة يعتد بها على أن
الاخبار المروية من الطريقين الدالة على أن قوله تعالى: (اليوم أكملت لكم
دينكم) نزلت في يوم الغدير تدل على أن المراد بالمولى ما يرجع إلى الإمامة
الكبرى إذ ما يكون سببا لكمال الدين وتمام النعمة على المسلمين لا يكون إلا ما
244

يكون من أصول الدين بل من أعظمها وهي الإمامة التي بها يتم نظام الدنيا
والدين وبالاعتقاد بها تقبل اعمال المسلمين.
وكذا الأخبار الدالة على نزول قوله تعالى: (يا أيها الرسول بلغ ما
انزل إليك من ربك) في علي مما يعين ان المراد بالمولى الأولى والخليفة والامام
ومما يدل ان المراد بالمولى هنا الإمامة فهم من حضر ذلك المكان وسمع هذا
الكلام هذا المعنى، كحسان حيث نظمه في شعره المتواتر وغيره من شعراء
الصحابة والتابعين (1) وغيرهم كالحرث بن نعمان الفهري على ما رواه الثعلبي

(1) منهم قيس بن سعيد قال يوم صفين:
قلت لما بغى العدو علينا * حسبنا ربنا ونعم الوكيل
وعلي إمامنا وإمام * لسوانا أتى به التنزيل
يوم قال النبي من كنت مولاه * فهذا مولاه خطب جليل
إنما قاله الرسول على الأمة * ما فيه قال وقيل
وقال الكميت:
ويوم الدوح دوح غدير خم * أبان له الولاية لو أطيعا
ولكن الرجال تدافعوها * فلم أر مثلها خطرا منيعا
وقال السيد الحميري:
يا بايع الأخرى بدنياه * ليس بهذا أمر الله
فارجع إلى الله وألق الهوى * ان الهوى في النار مأواه
من أين أبغضت علي الرضا * وأحمد قد كان يرضاه
من الذي احمد من بينهم * يوم غدير خم ناداه
أقامه من بين أصحابه * وهم حواليه فسماه
هذا علي بن أبي طالب * مولى لمن قد كنت مولاه
فوال من والاه يا ذا العلى * وعاد من قد كان عاداه
245

وغيره انه هكذا فهم الخطاب حيث سمعه إلى غير ذلك.
ومما يدل على ذلك أن الأخبار الخاصة والعامة المشتملة على تلك الواقعة
تصلح لكونها قرينة لكون المراد بالمولى ما يفيد الإمامة الكبرى والخلافة العظمى
لا سيما مع انضمام ما جرت به عادة الأنبياء والسلاطين والامراء من استخلافهم
عند قرب وفاتهم، وهل يريب عاقل في أن نزول النبي (صلى الله عليه وآله) في زمان ومكان لم يكن
نزول المسافر متعارفا فيهما حيث كان الهواء في غاية الحرارة حتى كان الرجل
يستظل بدابته ويضع الرداء تحت قدميه من شدة الرمضاء والمكان مملوء من
الأشواك، ثم صعدوه صلى الله عليه وآله على الأقتاب والأحجار والدعاء لأمير المؤمنين
علي عليه السلام على وجه يناسب شأن الملوك والخلفاء وولاة العهد، ثم أمره الناس
يبايعون عليا لم يكن إلا لنزول الوحي الايجابي الفوري في ذلك الوقت لاستدراك
عظيم الشأن جليل القدر وهو استخلافه والامر بوجوب طاعته.
أقول: اني قد بسطت الكلام في ذلك في كتابي المسمى بفيض القدير فيما
يتعلق بحديث الغدير وليس هنا محل ذلك والله الموفق.
(ذو البجادين)
عبد الله بن عبد نهم سمي ذو البجادين لأنه حين أراد المسير إلى رسول الله
صلى الله عليه وآله قطعت أمه بجادا لها وهو كساء باثنين فاتزر بواحد وارتدى
بآخر، ومات في عصر النبي (صلى الله عليه وآله) كذا في المعارف لابن قتيبة، البجاد بالموحدة
المكسورة كساء مخطط.
(ذو الثدية)
كسمية لقب حرقوس بن زهير كبير الخوارج أو هو المثناة من تحت
قتل يوم النهروان.
روى أهل السير كافة ان عليا لما طحن القوم طلب ذا الثدية طلبا شديدا
246

وقلب القتلى ظهرا لبطن فلم يقدر عليه فساءه ذلك وجعل يقول: والله ما كذبت
ولا كذبت اطلبوا الرجل وانه لفي القوم فلم يزل يتطلبه حتى وجده وهو رجل
مخدج اليد كأنها ثدي في صدره (1).
وروى عن حبة العرني (ره) قال: كان رجلا اسود منتن الريح له يد
كثدي المرأة إذا مدت كانت بطول اليد الأخرى وإذا تركت اجتمعت وتقلصت
وصارت كثدي المرأة عليها شعرات مثل شوارب الهرة فلما وجدوه قطعوا يده
ونصبوها على رمح ثم جعل علي عليه السلام ينادي صدق الله وبلغ رسوله لم يزل يقول
ذلك وأصحابه بعد العصر إلى أن غربت الشمس أو كادت.
روى الخطيب في تاريخ بغداد ما ملخصه انه لما فرغ أمير المؤمنين " عليه السلام "
من قتال أهل النهروان قفل أبو قتادة الأنصاري فبدأ بعائشة قالت ما وراءك:
قال: فأخبرتها انه لما تفرقت المحكمة من عسكر أمير المؤمنين لحقناهم فقتلناهم قالت
قص علي القصة فقلت: يا أم المؤمنين تفرقت الفرقة وهم نحو من اثني عشر ألفا
ينادون لا حكم إلا لله، قال علي " عليه السلام ": كلمة حق يراد بها باطل فقاتلناهم بعد أن
ناشدناهم الله وكتابه فقالوا: كفر عثمان وعلي وعائشة ومعاوية فلم نزل
نحاربهم وهم يتلون القرآن فقاتلناهم وقتلوا وولى منهم من ولى فقال علي " عليه السلام "
لا تتبعوا موليا فأقمنا ندور على القتلى حتى وقفت بغلة رسول الله (صلى الله عليه وآله) وعلي
راكبها فقال: اقلبوا القتلى فأتيناه وهو على نهر فيه القتلى فقلبناهم حتى
خرج في آخرهم رجل اسود على كتفه مثل حلمة الثدي فقال علي " عليه السلام " الله أكبر
والله ما كذبت ولا كذبت كنت مع النبي (صلى الله عليه وآله) وقد قسم فيئا فجاء هذا فقال
يا محمد اعدل فوالله ما عدلت منذ اليوم فقال النبي (صلى الله عليه وآله): ثكلتك أمك ومن
يعدل عليك إذا لم أعدل؟ فقال عمر بن الخطاب. يا رسول الله ألا اقتله؟
فقال (صلى الله عليه وآله): لا دعه فان له من يقتله، قال فقالت عائشة: ما يمنعني ما بيني

(1) روى الخطيب في ج 1 في أبى جحيفة ما يقرب من ذلك.
247

وبين علي ان أقول الحق سمعت النبي (صلى الله عليه وآله) يقول: تفترق أمتي على فرقتين
تمرق بينهما فرقة محلقون رؤوسهم محفون شواربهم أزرهم إلى انصاف سوقهم
يقرأون القرآن لا يتجاوز تراقيهم يقتلهم أحبهم إلي وأحبهم إلى الله تعالى،
قال: فقلت يا أم المؤمنين فأنت تعلمين هذا فلم كان الذي منك قالت يا أبا قتادة
وكان أمر الله قدرا مقدورا.
(ذو الحمار)
الأسود العنسي الكذاب المتنبي، كان له حمار اسود معلم يقول له:
اسجد لربك فيسجد له ويقول له ابرك فيبرك، قاله الفيروز آبادي في القاموس
واسم ذلك الكذاب عيهلة بن كعب، ويقال له كذاب صنعاء العنسي وملخص
خبره انه لما عاد رسول الله (صلى الله عليه وآله) من حجة الوداع وتمرض من السفر غير مرض
موته بلغ الأسود ذلك فادعى النبوة وكان مشعبذا يريهم الأعاجيب فاتبعه مذحج
فأخرج عمال رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن مخاليف اليمن وقتل شره بن باذان، وكان
على صنعاء وتزوج امرأته واستطار امره كالحريق وكان معه سبعمائة فارس
يوم لقي شهرا سوى الركبان واستغلظ امره وكان خليفته في مذحج عمرو بن
معد يكرب وعلى جنده قيس بن عبد يغوث فجاء أهل اليمن كتاب النبي (صلى الله عليه وآله)
يأمرهم بقتله فتغير عليه قيس فعزم هو وفيروز وذا ذويه بقتله فقتله فيروز في
فراشه بمساعدة زوجته وأتى الخبر من السماء إلى النبي (صلى الله عليه وآله) في الليلة التي قتل
فيها فقال: قتل العنسي قتله رجل مبارك من أهل بيت مباركين، قيل ومن
قتله يا رسول الله؟ قال فيروز: فاز فيروز.
والعنسي نسبة إلى عنس بفتح العين المهملة وسكون النون، لقب زين بن
مالك بن أدد أبو قبيلة من اليمن، وظهر من القاموس ان لقب هذا الكذاب ذو الحمار
بالحاء المهملة لا بالخاء المعجمة والحمار معروف جمعه حمير وحمر وأحمرة، وكنيته أبو صابر
248

وأبو زياد، ولقد أجاد يزيد بن مفرغ في هجاء زياد بن أبيه في قوله:
زياد لست أدري من أبوه * ولكن الحمار أبو زياد
ويوصف الحمار بالهداية إلى سلوك الطرقات التي مشى فيها ولو مرة واحدة
وبحدة السمع.
ويروى انه يلعن العشار وينهق في عين الشيطان، وحمار العزيز أبو العباس
أحمد بن عبيد الله بن عمار الثقفي الكاتب.
قال الخطيب البغدادي: له مصنفات في مقاتل الطالبيين وغير ذلك وكان
يتشيع، توفى سنة 314، وحمار قبان دويبة قال الفيروز آبادي في القاموس
هو أكفر من حمار هو ابن مالك أو مويلع كان مسلما أربعين سنة في كرم وجود
فخرج بنوه عشرة لصيد فأصابتهم صاعقة فهلكوا فكفر وقال: لا أعبد من
فعلى ببني هذا فأهلكه الله تعالى وأخرب واديه فضرب بكفره المثل، وقال في
(شرك) زوج وأم واخوان لام وأخوان لأب وأم حكم فيها عمر فجعل الثلث
للأخوين لام ولم يجعل للاخوة للأب والام شيئا فقالوا له: يا أمير المؤمنين
هب ان أبانا كان حمارا فأشركنا بقرابة امنا فأشرك بينهم فسميت مشركة
ومشتركة وحمارية، إنتهى.
قلت: ويناسب ان نذكر هاهنا مقابل هذه الفريضة العمرية الفريضة المنبرية
وهي ان عليا " عليه السلام " سئل وهو على المنبر يخطب عن رجل مات وترك امرأة
وأبوين وابنتين كم نصيب المرأة؟ فقال: صار ثمنها تسعا (شرح ذلك) للأبوين
السدسان وللبنتين الثلثان وللمرأة الثمن عالت الفريضة فكان لها ثلاثا من أربعة
وعشرين ثمنها فلما صارت إلى سبعة وعشرين صار ثمنها تسعا فان ثلاثة من سبعة
وعشرين تسعا ويبقى أربعة وعشرون للابنتين ستة عشر وثمانية للأبوين
سواء سواء.
قال عليه السلام: هذا على الاستفهام أو على قولهم صار ثمنها تسعا،
249

أو سئل كيف يجيئ الحكم على مذهب من يقول بالعول فبين الجواب والحساب
والقسمة والنسبة والله العالم.
(ذو الخمار)
عوف بن الربيع بن ذي الرمحين لأنه قاتل في خمار امرأة وطعن كثيرين
فإذا سئل واحد من طعنك قال ذو الخمار، كذا في القاموس.
(ذو الدمعة)
الحسين بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام، أمه أم ولد
ولد بالشام سنة 114، كان أبو عبد الله " عليه السلام " تبناه ورباه وزوجه أم كلثوم
بنت الأرقط محمد بن عبد الله الباهر بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام
وكانت ذات جمال ومال وخدم فحسنت حاله ببركة الامام أبي عبد الله الصادق " عليه السلام "
وصار معدودا في أهل الثروة والمال، ويكنى أبا عبد الله وأبا عاتقة وإنما لقب
بذي الدمعة لبكائه في تهجده.
وكان ورعا واستفاد من أبي عبد الله " عليه السلام " علما كثيرا وأدبا جما ونال
بسببه خيرا شاملا.
حدث السمهودي على ما يحكى (1) من كتابه تاريخ المدينة ان الصادق " عليه السلام "
أمره بالسفر إلى معن بن زائدة (2) وقال: إذا كانت ليلة الخميس فادخل المسجد

(1) حكاه المقرم الموسوي في كتاب زيد الشهيد عن تاريخ المدينة
ج 2 ص 349.
(2) معن بن زائدة تقدم ذكره في ابن الجهم وانه كان مستخفيا من
المنصور حتى كان يوم التناسخية فظهر ونصر المنصور وقتل أعداءه، فقال
له المنصور: من أنت؟ قال: طلبتك يا أمير المؤمنين معن بن زائدة.
قال ابن الطقطقي: فقال المنصور: قد أمنك الله على نفسك وأهلك ومالك
ومثلك يصطنع وأحسن إليه وولاه اليمن.
250

وسلم على جدك ونحن ننتظرك عند بئر زياد بن عبد الله، يقول ذو الدمعة أتيته
يوم الميعاد فأمر لي بثياب السفر وقال: استشعر تقوى الله وأحدث لكل ذنب
توبة، ثم امرني بالمسير وقال: أني كتبت إلى معن بن زائدة وغيبتك ثلاثة
أشهر إن شاء الله فإذا وصلت صنعاء فأنزل منزلا ثم آت معن بن زائدة ففعلت
ما أمرني به دخلت على معن باذن عام فرأيته جالسا والناس سماطان قياما فسلمت
فرد علي وقال: من أنت؟ فأخبرته فصاح لا والله ما أريد ان تأتوني، باب
أمير المؤمنين أعود عليكم من بابي فقلت استغفر الله من حسن الظن بك وانصرفت
فأدركني رجل وقال: عوضك الله خيرا مما فاتك وأعطاني ثلاثة آلاف دينار
وسألني عما احتاج إليه من الكسوة فكتبتها إليه فلما كان بعد العشاء دخل على
معن بن زائدة وأكب على رأسي ويدي وقال: يا بن سيدي وساداتي أعذرني
فاني أعرف ما أداري به فأعطيته كتاب الصادق عليه السلام فقبله وقرأه وأمر
لي بعشرة آلاف دينار ثم قال أي شئ أقدمك؟ فأخبرته بخبري فأمر لي بعشرة
آلاف دينار أخرى وثلاث نجائب برحالها وكساني ثلاثين ثوبا وغيرها وودعني
وقدمت مكة موافيا لعمرة شهر رمضان فلقيت أبا عبد الله الصادق في مكة فسلمت
عليه فقال لي: أصبت من معن بن زائدة بعد ما جبهك بعشرين ألف دينار
سوى ما أصبت من غيره؟ قلت: نعم فقال: ان معنا جماعة يدعون الله لك
فمر لهم بشئ قلت: ذاك إليك قال: كم في نفسك ان تعطيهم؟ قلت ألف
دينار قال: إذن تجحف بنفسك ولكن فرق عليهم خمسمائة دينار وخمسمائة
لمن يعتريك بالمدينة ففعلت وقدمت المدينة فاستخرجت عينا بالمروة وعينا بالمضيق
وعينا بالسقيا، وبنيت منازل بالبقيع فتروني أؤدي شكر أبي عبد الله الصادق
عليه السلام وولده ابدا إنتهى.
يروي عنه الثقتان الجليلان ابن أبي عمير ويونس بن عبد الرحمن وغيرهما
وينتهي إليه نسب بهاء الدين النيلي وبهاء الشرف رضوان الله تعالى عليهم أجمعين
251

كما علمت، ومن أحفاده أبو الحسين يحيى بن عمر بن يحيى بن الحسين ذي الدمعة
قتيل شاهي في أيام المستعين.
قال ابن الطقطقي: كان يحيى بن عمر قدم من خراسان في أيام المتوكل وهو
في ضائقة وعليه دين فكلم بعض أكابر أصحاب المتوكل في ذلك فأغلظ له وحبسه
بسامراء ثم كفله أهله فانطلق وانحدر إلى بغداد فأقام بها مدة على حالة غير
مرضية من الفقر.
وكان (ره) دينا خيرا عمالا حسن السيرة فرجع إلى سامرا مرة ثانية
وكلم بعض أمراء المتوكل في حاله فأغلظ له وقال: لأي حال يعطى مثلك؟ فرجع
إلى بغداد وانحدر منها إلى الكوفة ودعا الناس إلى الرضا من آل محمد (صلى الله عليه وآله) فتبعه
ناس من أهل الكوفة من ذوي البصائر في التشيع وناس من الاعراب ووثب في
الكوفة وأخذ ما في بيت المال ففرقه على أصحابه وأخرج من في السجون ورد
عن الكوفة عاملها وكثرت جموعه فأرسل إليه أمير بغداد وهو محمد بن عبد الله
ابن طاهر عسكرا فالتقوا بشاهي وهي قرية قريبة من الكوفة فكانت الغلبة لعسكر
ابن طاهر وانكشف الغبار ويحيى بن عمر قتيل فحمل رأسه إلى محمد بن عبد الله
ابن طاهر ببغداد فجلس محمد للهناء بذلك فدخل الناس عليه أفواجا يهنئونه وفي
جملتهم رجل من ولد جعفر بن أبي طالب " عليه السلام " فقال له: أيها الأمير انك تهنأ
بقتل رجل لو كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) حيا لعزي به فأطرق محمد ساعة ثم نهض
وصرف الناس إنتهى، أقول: الرجل المذكور هو أبو هاشم الجعفري،
وقال في ذلك شعرا:
يا بني طاهر كلوه وبيئا * ان لحم النبي غير مرئ
ان وترا يكون طالبه الله * لوتر بالقوة غير جرئ
وكان ذلك في حدود سنة 250 ورثاه الشعراء منهم ابن الرومي بقصيدة
جيمية أولها:
252

امامك فانظر أي نهجيك تنهج * طريقان شتى مستقيم وأعوج
وقال بعض الشعراء:
بكت الخيل شجوها بعد يحيى * وبكاه المهند المصقول
إلى أن قال:
كيف لم تسقط السماء علينا * يوم قالوا أبو الحسين قتيل
وبنات النبي يندبن شجوا * موجعات دموعهن همول
قطعت وجهه سيوف الأعادي * بأبي وجهه الوسيم الجميل
قتله مذكر لقتل على * وحسين من يوم أوذي الرسول
صلوات الاله وقفا عليهم * ما بكى موجع وحن ثكول
(ذو الرمحين)
عمرو بن المغيرة لطول رجليه ومالك بن ربيعة بن عمرو ولأنه كان يقاتل
برمحين في يديه كذا في القاموس.
(ذو الرمة)
أبو الحرث غيلان بن عقبة بن نهيس بن مسعود أحد فحول الشعراء،
وهو أحد عشاق العرب المشهورين بذلك، وصاحبته مية ابنة مقاتل بن طلبة
ابن قيس بن عاصم المنقري، وتشبب بخرقاء أيضا وهي من بني عامر بن صعصعة
وإياها عنى بقوله:
تمام الحج ان تقف المطايا * على خرقاء واضعة اللثام
قال أبو عمرو بن العلاء فتح الشعر بامرئ القيس وختم بذي الرمة، توفى
سنة 117 (قيز) ولما حضرته الوفاة أنشد:
يا قابض الروح عن نفسي إذا احتضرت * وغافر الذنب زحزحني عن النار
وإنما قيل له ذو الرمة لقوله في الوتد:
253

أشعث باقي رمة التقليد
والرمة بالضم: الحبل البالي وبالكسر العظم البالي، وتقدم في أبو بكر بن عياش
بعض اشعاره.
(ذو الرياستين)
الفضل بن سهل السرخسي كان وزير المأمون ومدبر أموره، كان مجوسيا
فأسلم على يدي يحيى البرمكي وصحبه، وكان من صنايع آل برمك ولقب
بذي الرياستين لأنه قلد الوزارة ورياسة الجند، وجمع بين السيف والقلم، وهو
الذي أظهر للرضا " عليه السلام " عداوة شديدة، وحسده على ما كان المأمون يفضله به
قتل في الحمام بسرخس مغافصة.
قال ابن خلكان: انه أسلم على يد المأمون سنة 190، وكانت فيه فضائل
وكان يلقب بذي الرياستين لأنه تقلد الوزارة والسيف، وكان يتشيع، وكان
من أخبر الناس بعلم النجامة وأكثرهم إصابة في احكامه ولما ثقل أمره على
المأمون دس عليه خاله غالبا السعودي الأسود فدخل عليه الحمام بسرخس ومعه
جماعة فقتلوه مغافصة، وذلك يوم الخميس 2 شعبان سنة 202، وقيل:
203، إنتهى ملخصا.
وتولى أخوه أبو محمد الحسن بن سهل وزارة المأمون بعد أخيه الفضل
وحظي عنده ولم يزل على وزارته إلى أن ثارت عليه المرة السوداء، وكان
سببها كثرة جزعه على أخيه الفضل واستولت عليه حتى حبس في بيته، وتوفى
سنة 236 وبنته بوران هي التي تزوجها المأمون وعمل أبوها من الولائم والافراح
ما لم يعهد مثله في عصر من الاعصار فنثر على الهاشميين والقواد والكتاب
والوجوه بنادق مسك، فيها رقاع بأسماء ضياع، وأسماء جوار، وصفات
دواب وغير ذلك.
254

ونثر على سائر الناس الدنانير والدراهم ونوافج المسك وبيض العنبر وغير
ذلك، وفرش للمأمون حصير مفروش بالذهب فلما وقف عليه نثرت على قدميه
لئالئ كثيرة.
قال ابن الطقطقي: وكان ألف لؤلؤ من كبار اللؤلؤ فلما رآه المأمون قال
قاتل الله أبا نؤاس كأنه شاهد مجلسنا حيث يقول:
كأن صغرى وكبرى منم فواقعها * حصباء در على ارض من الذهب
قالوا جملة ما اخرج على دعوة فم الصلح خمسون الف ألف درهم.
(ذو الشفر)
بالضم ابن أبي سرح خزاعي ووالد تاجة، قال ابن هشام حفر الميل عن
قبر باليمن فيه امرأة في عنقها سبع مخانق من در وفي يديها ورجليها من الأسورة
والخلاخيل والدماليج سبعة سبعة، وفي كل إصبع خاتم فيه جوهرة مثمنة وعند
رأسها تابوت مملوء مالا ولوح فيه مكتوب باسمك اللهم إله حمير أنا تاجة بنت
ذي شفر بعثت مائرنا إلى يوسف فأبطأ علينا فبعثت لاذتي بمد من ورق لتأتيني
بمد من طحين فلم تجده، فبعثت بمد من ذهب فلم تجده، فبعثت بمد من
بحري فلم تجده فأمرت به فطحن فلم انتفع به فافتلقت أي هلكت فمن سمع بي
فليرحمني وأية امرأة لبست حليا من حليي فلا ماتت إلا ميتتي كذا في القاموس
(ذو الشهادتين)
خزيمة مصغرا ابن ثابت الصحابي، كان من السابقين الذين رجعوا إلى
أمير المؤمنين " عليه السلام "، وكانت قد شهد بدرا مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) وشهد صفين
مع علي " عليه السلام "، وقتل يومئذ بعد عمار رضي الله عنهما وكان ذلك في سنة 37
ويقال له ذو الشهادتين لان رسول الله (صلى الله عليه وآله) جعل شهادته شهادة رجلين.
255

(ذو العينين)
قتادة بن النعمان الأنصاري صحابي بدري شهد بدرا واحدا والمشاهد
كلها قالوا: انه كان أخا أبى سعيد الخدري لامه وكان معه راية بني ظفر يوم
الفتح ومات سنة 23 (كج).
روي أنه أصيب يوم أحد عينه حتى وقعت علي وجنته قال: فجئت إلى
النبي (صلى الله عليه وآله) وقلت: يا رسول الله ان تحتي امرأة شابة جميلة أحبها وتحبني فأنا
أخشى ان تقذر مكان عيني فأخذها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فردها فأبصرت وعادت
كما كانت لم تؤلمه ساعة من ليل أو نهار فكان يقول بعد أن أسن هي أقوى
عيني وكانت أحسنها.
حكي ان واحدا من أبنائه دخل على عمر بن عبد العزيز قال عمر: من
هذا؟ فقال:
أنا ابن الذي سالت على الخد عينه * فردت بكف المصطفى أحسن الرد
فعادت كما كانت لأول مرة * فيا حسن ما عين ويا حسن مارد
فقرأ عمر هذا الشعر:
تلك المكارم لا قعبان من لبن * شيبا بماء فعادا بعد أبوالا
ولا يخفى ان قتادة بن النعمان المذكور غير قتادة فقيه أهل البصرة فإنه قتادة
ابن دعامة السدوسي الأكمه البصري.
كان عالما كبيرا مقصدا للطلاب والباحثين، لم يكن يمر يوم لا يأتيه
راحلة من بني أمية تنيخ ببابه لسؤال عن خبر أو نسب أو شعر، وبلغ من
اشتهاره بالعلم وصحة الرواية حتى قالوا لم يأتنا من علم العرب أصح من شئ
أتانا من قتادة وتقدم ما يتعلق به في الأكمه السدوسي.
256

(ذو القرنين)
قال الفيروز آبادي في القاموس: هو إسكندر الرومي لأنه لما دعاهم إلى
الله عز وجل ضربوا على قرنه فمات فأحياه الله تعالى ثم دعاهم فضربوا على قرنه
الآخر فمات ثم أحياه الله تعالى، أو لأنه بلغ قطري الأرض أو لضفيرتين له،
والمنذر ابن ماء السماء لضفيرتين كانتا في قرني رأسه، وعلي بن أبي طالب كرم
الله وجهه لقوله (صلى الله عليه وآله) ان لك في الجنة بيتا، ويروى كنزا وانك لذو قرنيها أي
ذو طرفي الجنة وملكها الأعظم تسلك ملك جميع الجنة كما سلك ذو القرنين لجميع
الأرض أو ذو قرني الأمة فأضمرت وان لم يتقدم ذكرها أو ذو جبليها للحسن
والحسين " عليه السلام " أو ذو شجتين في قرني رأسه إحداهما من عمرو بن عبد ود والثانية
من ابن ملجم لعنه الله وهذا أصح إنتهى.
وعن النهاية قال فيه انه قال (صلى الله عليه وآله) لعلى انك لك بيتا في الجنة وانك ذو قرنيها
أي طرفي الجنة وجانبيها.
(ذو الكفايتين) انظر أبو الفتح بن العميد
(ذو النسبين)
أبو الخطاب عمر بن الحسن بن علي ينتهي نسبه إلى أحمد بن دحية بن خليفة
بن فروة الكلبي المعروف وأمه أمة الرحمان بنت أبي عبد الله بن أبي البسام موسى
ابن عبد الله بن الحسين بن جعفر بن الإمام علي الهادي عليه السلام، فلهذا
يقال له ذو النسبين.
كان من أعيان العلماء ومشاهير الفضلاء، عارفا بالنحو واللغة وأيام العرب
وأشعارها، واشغل بطلب الحديث في أكثر بلاد الأندلس وسافر إلى مراكش
وإفريقية والديار المصرية والشام والعراق وعراق العجم وخراسان ومازندران
وإصبهان كل ذلك في طلب الحديث، وله كتاب التنوير في مولد السراج المنير
257

توفى بالقاهرة سنة 633 (خلج).
(ذو النون)
أبو الفيض ثوبان بفتح المثلثة ابن إبراهيم المصري العارف المتصوف
المعروف أحد رجال الطريقة، أصله من النوبة وكان من قرية من قرى صعيد
مصر يقال لها أخميم فنزل مصر.
وكان فصيحا زاهدا وجه إليه جعفر المتوكل فحمل إلى حضرته بسر من رأى
حتى رآه وسمع كلامه، وكان المتوكل مولعا به يفضله على العباد والزهاد ثم
انحدر إلى بغداد فأقام بها أياما يسيرة، ثم عاد إلى مصر، وتوفى بمصر في سنة
246 ودفن بالقرافة الصغرى.
قال ابن النديم: له أثر في صنعة الكيميا وصنف فيه كتبا وقال الدميري
في حياة الحيوان عن معروف الكرخي قال: بلغنا ان ذا النون المصري خرج
ذات يوم يريد غسل ثيابه فإذا هو بعقرب قد اقبل عليه كأعظم ما يكون من
الأشياء، قال: ففزع منها فزعا شديدا واستعاذ بالله منها فكفي شرها فأقبلت
حتى وافت النيل فإذا هي بضفدع قد خرج من الماء فاحتملها على ظهره وعبر بها
إلى الجانب الآخر فقال ذو النون: فاتزرت بمئزري ونزلت في الماء ولم أزل
أرقبها إلى أن أتت إلى الجانب الآخر فصعدت ثم سعت وأنا اتبعها إلى أن أتت
شجرة كثيرة الأغصان كثيرة الظل وإذا بغلام أمرد أبيض نائم تحتها وهو مخمور
فقلت: لا قوة إلا بالله أتت العقرب من ذلك الجانب للدغ هذا الفتى فإذا أنا
بتنين قد اقبل يريد قتل الفتى فظفرت العقرب به ولزمت دماغه حتى قتلته ورجعت
إلى الماء وعبرت على ظهر الضفدع إلى الجانب الآخر فأنشد ذو النون يقول:
يا راقدا والجليل يحفظه * من كل سوء يكون في الظلم
كيف تنام العيون عن ملك * تأتيك عنه فوائد النعم
258

قال: فانتبه الفتى على كلام ذي النون فأخبره الخبر فتاب ونزع لباس
اللهو ولبس أثواب السياحة وساح ومات على تلك الحالة (ره) إنتهى.
الضفدع كخنصر حيوان معروف يكون من السفاد وغير سفاد يتولد
من المياه القائمة الضعيفة الجري ومن العفونات وعقيب الأمطار الغزيرة وهي من
الحيوان التي لا عظام لها.
عن سفيان الثوري يقال ليس شئ أكثر ذكرا لله منه، والتنين:
كسكين حية عظيمة.
وقال الدميري: انه ضرب من الحيات كأكبر ما يكون منها، وحكي عن
ذي النون قال: وجدت على صخرة في بيت المقدس مكتوبا عليها هذه الكلمات:
كل خائف هارب وكل راج طالب وكل عاص مستوحش
وكل طائع مستأنس وكل قانع عزيز وكل طامع ذليل
فنظرت فإذا هذا الكلام أصل لكل شئ.
وعن كتاب العلل للشيخ الصدوق عن محمد بن الحسن الهمداني قال سألت
ذا النون المصري قلت: يا أبا الفيض لم صير الموقف بالمشعر ولم يصر بالحرم؟
قال: حدثني من سأل الصادق عليه السلام عن ذلك فقال: لان الكعبة بيت الله الحرام
وحجابه والمشعر بابه فلما ان قصده الزائرون وقفهم بالباب حتى اذن لهم بالدخول
ثم وقفهم بالحجاب الثاني وهو مزدلفة فلما نظر إلى طول تضرعهم أمرهم بتقريب
قربانهم فلما قربوا قربانهم وقضى تفثهم وتطهروا من الذنوب التي كانت لهم
حجابا دونه أمرهم بالزيارة على طهارة قال: فقلت لم كره الصيام في أيام التشريق؟
فقال: لان القوم زوار الله وهم في ضيافته، ولا ينبغي للضيف ان يصوم عند
من زاره وأضافه قلت: فالرجل يتعلق بأستار الكعبة ما يعني بذلك؟ قال:
مثل ذلك مثل الرجل يكون بينه وبين الرجل جناية فيتعلق بثوبه يستحذي (1) له

(1) استحذيته فأحذاني الله استعطيته فأعطاني.
259

رجاء ان يهب له جرمه.
أقول: وممن لقي ذا النون أبو محمد سهل بن عبد الله التستري العارف
المشهور المرتاض، حكي انه كان سبب سلوكه هذا الطريق خاله محمد بن سوار فإنه
قال قال لي خالي يوما الا تذكر الله الذي خلقك؟ فقلت له: كيف أذكره؟
قال: قل بقلبك عند تقلبك في ثيابك ثلاث مرات من غير أن تحرك به لسانك
الله معي الله ناظر إلي الله شاهدي فقلت: ذلك ليالي ثم أعلمته فقال قلها في
كل ليلة سبع مرات فقلت ذلك، ثم أعلمته فقال: قلها في كل ليلة إحدى عشر
مرة فقلت ذلك فوقع في قلبي حلاوة فلما كان بعد سنة قال لي خالي: احفظ
ما علمتك ودم عليه إلى أن تدخل القبر فإنه ينفعك في الدنيا والآخرة فلم أزل
على ذلك سنين فوجدت لها حلاوة في سري.
ثم قال لي خالي يوما: يا سهل من كان الله معه وهو ناظر إليه وشاهده
يعصيه، إياك والمعصية فكان ذلك أول امره، وسكن البصرة زمانا وعبادان مدة
وتوفى بالبصرة سنة 283، وتقدم في التستري ذكره.
(ذو الودعات)
يزيد بن ثروان القيسي المعروف بهبنقة بفتح الهاء والموحدة والنون المشددة
وكان أحمقا يضرب بحمقه المثل فيقال: أحمق من هبنقة ويقال له ذو الودعات
لأنه جعل في عنقه قلادة من ودعة وعظام وخزف (الودعة ويحرك خرز بيض
تخرج من البحر بيضاء شقها كشق النواة تعلق لدفع العين) وهو ذو لحية،
طويلة فسئل عن ذلك فقال: لا عرف بها نفسي ولئلا أضل فبات ذات ليلة
وأخذ أخوه قلادته فتقلدها فلما أصبح ورأى القلادة في عنق أخيه قال أخي
أنت أنا فمن أنا؟
ويحكي من حمقه أيضا انه قد شرد له بعير فقال: من جاء به فله بعيران
260

فقيل له: أتجعل في بعير بعيرين؟ فقال: انكم لا تعرفون حلاوة الوجدان
فنسب إلى الحمق لهذا السبب وسارت به الاشعار، وله حكايات في الحمق وتقدم
في أبو الفتوح العجلي حكاية من حمق عجل بن لجيم يشبه ذلك.
أقول: قد وردت روايات في التحذير عن مجالسة الأحمق ومصاحبته
ومخالطته، وروى عن عيسى بن مريم عليه السلام قال: داويت المرضى فشفيتهم
بإذن الله وأبرأت الأكمه والأبرص بإذن الله وعالجت الموتى فأحييتهم بإذن الله،
وعالجت الأحمق فلم أقدر على إصلاحه، فقيل يا روح الله وما الأحمق؟ قال
المعجب برأيه ونفسه الذي يرى الفضل كله له لا عليه، ويوجب الحق كله لنفسه
ولا يوجب عليها حقا فذلك الأحمق الذي لا حيلة في مداواته.
عن الصادق عليه السلام قال: إذا أردت ان تختبر عقل الرجل في
مجلس واحد فحدثه في خلال حديثك بما لا يكون فان أنكره فهو عاقل وإن
صدقه فهو أحمق.
(ذو اليدين)
هو بعينه ذو الشمالين ابن عبد عمرو حليف بني زهرة واسمه عمير أو عمرو
وقد استشهد في بدر نص بذلك محمد بن مسلم الزهري كما يحكى عن الاستيعاب
والإصابة وغيرهما، وان قاتله أسامة الجشمي ويدلك على أنهما واحد الرواية
الواردة بهذا المضمون بطرق مختلفة.
عن أبي هريرة قال: صلى رسول الله صلى الله عليه وآله الظهر أو العصر فسلم في
ركعتين فقال له ذو الشمالين بن عبد عمرو وكان حليفا لبني زهرة أخففت
الصلاة أم نسيت؟ فقال النبي صلى الله عليه وآله: ما يقول ذو اليدين؟ قالوا صدق (الخ)
وفي الخبر وفي رواية أبي هريرة عن ذي اليدين كلام ليس محل نقله فليطلب من محله.
261

(ذو اليمينين)
أبو الطيب أو أبو طلحة طاهر بن الحسين بن مصعب بن زريق بن هامان
الخزاعي والي خراسان، كان من أكبر أعوان المأمون وسيره من مرو إلى
محاربة أخيه الأمين ببغداد لما خلع المأمون بيعته وسير الأمين علي بن عيسى بن
هامان لدفعه فالتقيا بالري وقتل علي بن عيسى وتقدم طاهر إلى بغداد وحاصر
بغداد وقتل الأمين سنة 198.
وإلى هذا أشار دعبل الخزاعي بقوله:
(أيسومني المأمون خطة عاجز)
الأبيات وقد تقدمت في ابن شكلة.
وعن نسمة السحر ان طاهرا كان متشيعا ذكر ان الحسن بن سهل أراد
ان يندبه لحرب أبى السرايا فرفعت إليه رقعة فيها:
قناع الشك يكشفه اليقين * وأفضل كيدك الرأي الرصين
أتبعث طاهرا لقتال قوم * بحبهم وطاعتهم يدين
فرجع عن إرساله وأرسل هرثمة بن أعين إنتهى.
قال ابن خلكان: وكان طاهر قد احتاج إلى الأموال عند محاصرة بغداد
فكتب إلى المأمون يطلبها منه فكتب له إلى خالد بن جيلويه الكاتب ليقرضه ما يحتاج
إليه فامتنع خالد من ذلك فلما اخذ طاهر بغداد أحضر خالدا وقال: لأقتلنك
شر قتلة، فبذل من المال شيئا كثيرا فلم يقبله منه فقال خالد: قد قلت شيئا
فاسمعه ثم شأنك وما أردت فقال طاهر هات وكان يعجبه الشعر فأنشد:
زعموا بأن الصقر صادف مرة * عصفور بر ساقه المقدور
فتكلم العصفور تحت جناحه * والصقر منقض عليه يطير
ما كنت يا هذا لمثلك لقمة * ولئن شويت فأنني لحقير
262

فتهاون الصقر المدل لصيده * كرما فأفلت ذلك العصفور
فقال طاهر أحسنت وعفا عنه إنتهى.
وحكي انه رئي رجل بمرو بحال سيئة، ثم رؤي بعد ذلك على برذون
فسئل عن ذلك فقال: أنا على باب طاهر بن الحسين منذ ثلاث سنين التمس الوصول
إليه فيتعذر ذلك حتى قيل لي: ان الأمير يركب اليوم في الميدان للعب بالصوالجة
فسرت إلى الميدان فرأيت الوصول متعذرا وإذا فرجة من بستان فالتمست
الوصول منها إلى الميدان فلما سمعت الحركة وضرب الصوالجة ألقيت نفسي من
الثلمة فنظر إلي فقال: من أنت؟ فقلت أنا بالله وبك أيها الأمير إياك قصدت
ومنك اطلب، وقد قلت بيتي شعر فقال: هاتهما، وأقبل ميكال علي
فزجره عني فأنشدته:
أصبحت بين خصاصة وتجمل * والحر بينهما يموت هزيلا
فامدد إلى يدا تعدو بطنها * بذل النوال وظهرها التقبيلا
فأمر لي بعشرة آلاف درهم وقال: هذه ديتك ولو كان ميكال أدركك لقتلك
وهذه عشرة آلاف درهم لعيالك إمض لشأنك، ثم قال: سدوا هذه الثلم لا
يدخل إلينا منها أحد وأخبار طاهر كثيرة، توفى سنة 207 (ذر) بمرو وكان
المأمون قد ولاه خراسان.
قيل يقال له: ذو اليمينين لأنه ضرب شخصا في وقعته مع علي بن هامان
فقده نصفين وكانت الضربة بيساره فقال بعض الشعراء:
(كلتا يديك يمين حين تضربه)
فلقبه المأمون ذو اليمينين وابنه أبو العباس عبد الله بن طاهر، كان عالي
الهمة شهما نبيلا، وكان المأمون كثير الاعتماد عليه، وكان واليا على الدينور
وتولى الشام مدة والديار المصرية مدة.
روى الخطيب في تاريخه باسناده عن محمد بن عبد الله بن طاهر قال كنت
263

واقفا على رأس أبي وعنده أحمد بن محمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه وأبو الصلت
الهروي فقال: أبي ليحدثني لكل رجل منكم بحديث فقال أبو الصلت حدثني
علي بن موسى الرضا وكان والله رضا كما سمي عن أبيه موسى بن جعفر عن أبيه
جعفر بن محمد عن أبيه محمد بن علي عن أبيه علي بن الحسين عن أبيه الحسين بن
علي عن أبيه علي عليهم السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله: الايمان قول وعمل، فقال
بعضهم: ما هذا الاسناد؟ فقال له أبي: هذا سعوط المجانين إذا سعط به
المجنون برأ إنتهى.
توفى بمرو سنة 228 (حرك)، وكان أبو العميثل بفتح العين المهملة والثاء
المثلثة بعد الياء الساكنة عبد الله بن جليد مولى سليمان بن جعفر العباسي كاتبه
وشاعره ومنقطعا إليه، وكاتب أبيه طاهر من قبله.
وكان مكثرا من نقل اللغة عارفا بها، شاعرا مجيدا، فمن شعره في
عبد الله المذكور:
يا من يحاول ان تكون صفاته * كصفات عبد الله انصت وأسمع
فلأنصحنك في المشورة والذي * حج الحجيج إليه فاسمع أو دع
أصدق وعف وبر واصبر واحتمل * واصفح وكاف ودار واحلم واشجع
والطف ولن وتأن وأرفق واتئد * واحزم وجد وحام واحمل وادفع
فلقد نصحتك إن قبلت نصيحتي * وهديت للنهج الأسد المهيع
ولقد أحسن في هذا المقطوع كل الاحسان حكي انه قبل يوما كف عبد الله
ابن طاهر فاستخشن مس شاربيه فقال أبو العميثل في الحال: شوك القنفذ لا
يؤلم كف الأسد فأعجبه كلامه فأمر له بجائزة سنية.
له مصنفات، توفي سنة 240، وابن عبد الله بن طاهر أبو أحمد عبيد الله
كان فاضلا شاعرا، له مصنفات حدث عن أبي الصلت الهروي وعن الزبير بن
بكار وغيره، ولي الشرطة ببغداد خلافة عن أخيه محمد بن عبد الله ثم استقل
264

بها بعد موت أخيه، وكان سيدا وإليه انتهت رياسة أهله وهو آخر من مات
منهم رئيسا، توفى سنة 300 ببغداد ودفن بمقابر قريش قلت: وهذا الرجل
إمامي شيعي بل الطاهرية كلها تتشيع.
قال ابن الأثير في الكامل في سنة 250 في ظهور الحسن بن زيد العلوي
قيل: ان سليمان (أي ابن عبد الله بن طاهر بن عبد الله بن طاهر) انهزم
اختيارا لان الطاهرية كلها تتشيع (1) فلما اقبل الحسن بن زيد إلى طبرستان
تأثم سليمان من قتاله لشدته في التشيع إنتهى.
ومما يدل على تشيع أبي احمد المذكور ما رواه الخطيب في الجزء العاشر
من تاريخه ص 342 باسناده عن أبي عبد الله محمد بن عبيد الله بن رشيد الكاتب
قال: حملني أبو الحسن علي بن محمد بن الفرات في وقت من الأوقات برا واسعا
إلى أبى احمد عبيد الله بن عبد الله بن طاهر وأوصلته إليه ووجدته على فاقة شديدة
فقبله وكتب إليه:
أياديك عندي معظمات جلائل * طوال المدى شكري لهن قصير
فان كنت عن شكري غنيا فأنني * إلى شكر ما أوليتني لفقير
قال فقلت: هذا أعز الله الأمير حسن قال: أحسن منه ما سرقته منه فقلت
وما هو؟ قال: حديثان حدثني بهما أبو الصلت الهروي بخراسان عن أبي الحسن
الرضا عن آبائه عليهم السلام قال قال النبي صلى الله عليه وآله: أسرع الذنوب
عقوبة كفران النعم.
وبهذا الاسناد عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم انه قال: يؤتى بعبد فيوقف بين
يدي الله تعالى فيأمر به إلى النار فيقول: أي رب لم أمرت بي إلى النار؟ فيقول

(1) ومما يدل على تشيع الطاهرية ما نقله ابن الأثير في الكامل ان المستعين بالله
لما كان بسامراء لا يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم فلما صار إلى محمد بن عبد الله بن
طاهر ببغداد جهر بها تقربا إليه.
265

لأنك لم تشكر نعمتي فيقول أي رب أنعمت علي بكذا فشكرت وكذا فلا يزال
يحصي النعم ويعدد الشكر فيقول الله تعالى: صدقت عبدي إلا انك لم تشكر
من أنعمت عليك بها على يديه وقد آليت على نفسي ألا اقبل شكر عبد على
نعمة أنعمتها عليه أو يشكر من أنعمت بها على يديه، قال: فانصرفت بالخبر
إلى أبى الحسن (أي علي بن محمد بن الفرات) وهو في مجلس أخيه أبى العباس
أحمد بن محمد وذكرت ما جرى فاستحسن أبو العباس ما ذكرته وردني إلى عبيد الله
ببر واسع أوسع من بر أخيه فأوصلته إليه فقبله وكتب إليه:
شكريك معقود بإيماني * حكم في سري وإعلاني
عقد ضمير وفم ناطق * وفعل أعضاء وأركان
قال: فقلت هذا أعز الله الأمير أحسن من الأول فقال: أحسن منه
ما سرقته منه قلت وما هو؟ قال: حدثني أبو الصلت الهروي بخراسان عن أبي
الحسن علي بن موسى الرضا عن أبي الحسن موسى بن جعفر الكاظم عن الصادق
عن الباقر عن السجاد عن السبط عن أمير المؤمنين عليهم السلام قال قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)
الايمان عقد بالقلب ونطق باللسان وعمل بالأركان.
قال: فعدت إلى أبي العباس فحدثته بالحديث وكان في مجلسه ابن راهويه
المتفقه فقال: ما هذا الاسناد؟ قال ابن رشيد: فقلت له سعوط الشيلثا الذي
إذا سعط به المجنون برئ وصح.
(الذهبي)
محمد بن أحمد بن عثمان بن قيماز الدمشقي الشافعي المعروف بالتعصب (1)
قالوا: ولد بدمشق سنة 673، ودرس الحديث من صغره ورحل في طلبه

(1) فعن الطبقات الشافعية ان السبكي قال في حقه والذي أدركنا عليه
المشايخ النهي عن النظر في كلامه وعدم اعتبار قوله إنتهي.
266

فانتقل إلى مصر وسمع من خلائق يزيدون على ألف ومائتين ولما عاد إلى دمشق
عين أستاذا للحديث يرحل إليه من سائر البلاد، عرف تراجم الناس وأزال
الابهام في تواريخهم والالباس أكثر من التصنيف، واختصر المطولات، فمما
صنف تذكرة الحفاظ، وسير النبلاء، وميزان الاعتدال وتجريد أسماء الصحابة
تلخيص أسد الغابة والعبر بخبر من غبر وتاريخ الاسلام وغير ذلك.
وفي كتاب العبقات نقل عن تذكرة الحفاظ انه قال: وأما حديث الطير
فله طرق كثيرة جدا أفردتها بمصنف ومجموعها يوجب ان يكون الحديث له أصل
وأما حديث من كنت مولاه فله طرق جيدة وقد أفردت ذلك أيضا.
وفيه أيضا قال تاج الدين السبكي في طبقات الشافعية في حق الذهبي محدث
العصر وخاتمة الحفاظ القائم بأعباء هذه الصناعة وحامل راية أهل السنة والجماعة
إمام أهل العصر حفظا واتقانا، إلى أن قال: وهو على الخصوص شيخي وسيدي
ومعتمدي وله علي من الجميل ما أجمل وجهي وملأ يدي جزاه الله عني أفضل الجزاء
توفى ليلة الاثنين 3 (قع) سنة 748، ودفن بباب الصغير، حضرت
الصلاة عليه ودفنه
(رأس المذرى)
جعفر بن عبد الله بن جعفر بن عبد الله بن جعفر بن محمد بن علي بن أبي طالب
يقال له جعفر بن عبد الله المحمدي (جش) أمه آمنة بنت عبد الله بن عبيد الله بن
الحسن بن علي بن الحسين كان وجها في أصحابنا وفقيها وأوثق الناس في حديثه
وروى عن أخيه محمد عن أبيه عبد الله بن جعفر وله عقب بالكوفة والبصرة إنتهى

ويحكي عن كتاب تذهيب التهذيب له قال ويزيد بن معاوية الأموي الذي
ولي الخلافة وفعل الأفاعيل سامحه الله وأخباره مستوفاة في تاريخ دمشق ولا رواية
له، مات في نصف ع ل سنة 64 إنتهي.
267

وفي المستدرك وفي الكافي في باب النوادر بعد كتاب الصلاة روى
محمد بن الحسين عن بعض الطالبيين يلقب براس المذري، قال: سمعت
الرضا عليه السلام الخبر.
(الراغب الأصفهاني)
أبو القاسم الحسين بن محمد بن المفضل الأصبهاني الفاضل المتبحر الماهر في
اللغة والعربية والحديث والشعر والأدب.
قيل: ذكره الفخر الرازي في بعض كتبه وقال: انه من أئمة السنة
وقرنه بالغزالي.
وقال الماهر الخبير الميرزا عبد الله في (ض) في ترجمته، ونقل الخلاف في
اعتزاله وتشيعه ما هذا لفظه لكن الشيخ حسن بن علي الطبرسي قد صرح في
آخر كتابه أسرار الإمامة انه أي الراغب كان من حكماء الشيعة الإمامية إنتهى
له مصنفات فائقة مثل المفردات في غريب القرآن وأفانين البلاغة والمحاضرات
والذريعة إلى مكارم الشريعة.
قال الكاتب الجلبي: ان الامام حجة الاسلام الغزالي كان يستصحب كتاب
الذريعة دائما ويستحسنه لنفاسته، وله تفسير كبير لم يكمل وهو أحد مآخذ
أنوار التنزيل للبيضاوي.
أقول: اني نقلت في سفينة البحار في (علم) كثيرا من الذريعة مما
يتعلق بالعلم ومما يناسب نقله هنا قوله: انه دخل حكيم على رجل فرأى دارا
منجدة وفرشا مبسوطة ورأى صاحبها خلوا من الفضيلة فبزق في وجهه فقال له
ما هذا السفه أيها الحكيم؟ فقال: بل هذا حكمة ان البصاق ليرمى إلى أخس
مكان في الدار ولم أر في دارك أخس منك فنبه بذلك على دناءة الجهل وان قبحه
لا يزول بادخار القينات.
268

ونقل شيخنا البهائي هذه الفائدة عنه قال عند قوله عز وجل الحمد لله رب
العالمين ان الذي يحمد ويمدح ويعظم في الدنيا إنما يكون كذلك لأحد وجوه
أربعة إما ان يكون كاملا في ذاته وصفاته منزها عن جميع النقائص والمعايب
وان لم يكن منه إحسان إليك، وأما لكونه محسنا إليك منعما عليك وإما لأنك
ترجو فضول إحسانه إليك فيما يستقبل من الزمان وإما لأجل ان تكون خائفا من
قهره وقدرته وكمال سطوته فهذه الجهات الموجبة للتعظيم فكأنه تعالى يقول إن
كنتم ممن تعظمون للكمال الذاتي فاحمدوني فاني انا الله وان كنتم تعظمون
للإحسان والتربية والانعام فاني أنا رب العالمين وان كنتم تعظمون للطمع في
المستقبل فأنا الرحمن الرحيم وإن كنتم تعظمون للخوف فأنا مالك يوم الدين،
إنتهى توفى سنة 565.
(الرافعي)
أبو القاسم عبد الكريم بن محمد القزويني الفقيه الشافعي الذي شرح كتاب
الوجيز في الفروع للغزالي شرحا كبيرا وشرحا صغيرا وشرحه الكبير هو فتح
العزيز الذي كتب الفيومي في جمع غريبه كتاب مصباح المنير في غريب الشرح
الكبير، وله أيضا كتاب التدوين في ترجمة علماء قزوين، وكان من تلامذة
شيخنا الشيخ منتجب الدين القمي رحمه الله، توفى سنة 623 (خكج) ويأتي
في القزويني ضبط القزويني.
(الراوندي)
انظر قطب الدين الراوندي وضياء الدين الراوندي، وتقدم في ابن الراوندي
ما يتعلق براوند.
(الراوية)
أبو القاسم حماد بن أبي ليلى سابور، وقيل ميسرة بن المبارك بن عبيد
269

الديلمي الكوفي المعروف بحماد الراوية، كان من اعلم الناس بأيام العرب
وأشعارها وأخبارها وأنسابها ولغاتها، كانت ملوك بني أمية تقدمه وتؤثره
فيفد عليهم وينال منهم.
حكى انه قال له الوليد بن يزيد الأموي يوما وقد حضر مجلسه بم استحققت
هذا الاسم فقيل لك الراوية فقال: بأني أروي لكل شاعر تعرفه يا أمير المؤمنين
أو سمعت به ثم أروي لأكثر منهم ممن تعترف انك لا تعرفه ولا سمعت به ثم
لا ينشدني أحد شعرا قديما ولا محدثا إلا ميزت القديم من المحدث فقال له:
فكم مقدار ما تحفظ من الشعر؟ قال: كثير ولكني أنشدك على كل حرف من
حروف المعجم مئة قصيدة كبيرة سوى المقطعات من شعر الجاهلية دون شعر
الاسلام، قال: سأمتحنك في هذا فامتحنه فأمر له بمائة ألف درهم، توفى سنة
155 قيل كان مع هذا قليل البضاعة من العربية.
روى الشيخ الصدوق عن أبي الحسن عن آبائه " عليه السلام " قال دخل رسول الله
صلى الله عليه وآله المسجد فإذا جماعة قد أطافوا برجل فقال: ما هذا؟ فقيل علامة قال:
وما العلامة؟ قالوا اعلم الناس بأنساب العرب ووقائعها وأيام الجاهلية وبالاشعار
والعربية، فقال النبي (صلى الله عليه وآله): ذا علم لا يضر من جهله ولا ينفع من علمه،
وفي رواية أخرى قال (صلى الله عليه وآله): إنما العلم ثلاثة: آية محكمة أو فريضة عادلة أو
سنة قائمة وما خلاهن فهو فضل.
(ثم اعلم) انه غير حماد بن أبي سليمان راوية إبراهيم النخعي، وهو كما
قال ابن قتيبة في المعارف.
يكنى أبا إسماعيل مولى بن أبي موسى الأشعري واسم أبيه مسلم
وكان ممن أرسل به معاوية إلى أبي موسى الأشعري وهو بدومة الجندل، وكان
حماد مرجئا توفى سنة 120 (قك).
270

(رئيس المحدثين)
أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي وقد تقدم في ابن بابويه
(الربعي)
أبو الحسن علي بن عيسى بن الفرج بن صالح النحوي الشيرازي الأصل
البغدادي المنزل.
كان إماما في النحو، له شرح الايضاح لابن على الفارسي وشرح مختصر
الجرمي، توفى ببغداد سنة 420 (تك).
والربعي بالفتح نسبة إلى ربيعة، وقد يطلق الربعي على أبى العلاء صاعد
ابن الحسن بن عيسى البغدادي اللغوي صاحب كتاب الفصوص، يروي عن
السيرافي وأبى علي الفارسي والخطابي، توفى سنة 417، قيل الفصوص: هو
الكتاب الذي أظهر المنصور بن عامر كذبه في النقل وعدم تثبته، ثم رماه في
النهر، فقال بعض الشعراء:
قد غاص في البحر كتاب الفصوص * وهكذا كل ثقيل يغوص
فلما سمع صاعد أنشد:
عاد إلى عنصره إنما * يخرج من قعر البحار الفصوص
(الرشاطي)
نسبة إلى بعض أجداده يقال له رشاطة بضم الراء أبو محمد عبد الله بن
علي بن عبد الله اللخمي الأندلسي المحدث المؤرخ صاحب أنساب الصحابة توفى
سنة 542 (ثمب).
(الرشيد الوطواط)
محمد بن محمد بن عبد الجيل العمرى البلخي فاضل أديب شاعر، كان من
نوادر الزمان قالوا: كان أفضل أهل زمانه في النظم والنثر، وأعلم الناس بدقائق
271

كلام العرب وأسرار النحو والأدب، كان كاتبا للسلطان خوارزم شاه الهندي
له من التصانيف حدائق السحر في دقائق الشعر، ومطلوب كل طالب من كلام
علي بن أبي طالب عليه السلام جمع فيه مائة كلمة من كلماته وشرحها بالفارسية، ورسالة
فيما جرى بينه وبين الزمخشري، ومن شعره في مدح أهل البيت " عليه السلام ":
لقد تجمع في الهادي أبى الحسن * ما قد تفرق في الأصحاب من حسن
قلت وكأنه اخذ من شعر الصاحب بن عباد (ره) فيه:
تجمع فيه ما تفرق في الورى * من الخلق والأخلاق والفضل والعلى
توفى بخوارزم سنة 573 (ثعج).
الوطواط: الضعيف الجبان وضرب من الخفاش، وهذا الرجل غير الرشيد
ابن الزبير الذي تقدم في ابن الزبير.
(الاغا الرضى)
إذا قيل الآغا رضي فهو محمد بن الحسن القزويني العالم الجليل والفاضل
النبيل المحقق المدقق صاحب كتاب لسان الخواص وقبلة الآفاق وتاريخ علماء
قزوين وغير ذلك.
كان رحمه الله تلميذ المولى خليل القزويني (قدس سره)، توفى سنة 1096
(غصو)، وإذا قيل (السيد الرضي أو الشريف الرضي) فهو السيد الاجل
أبو الحسن محمد بن الحسين بن موسى بن محمد بن موسى بن إبراهيم بن الإمام
موسى الكاظم عليه السلام أخو الشريف المرتضى أمره في العلم والفضل والأدب والورع
وعفة النفس وعلو الهمة والأجلة أشهر من أن يذكر وقد خفي علو مقامه في
الدرجات العلمية مع قلة عمره لعدم انتشار كتبه وقلة نسخها وإنما الشايع منها
نهجه وخصائصه وهما مقصوران على النقليات نعم في هذه الأزمنة انتشرت نسخة
المجازات النبوية الحاكية عن علو مقامه في الفنون الأدبية.
272

وله تفسير على القرآن الكريم المسمى بحقائق التنزيل، قال في حقه أبو الحسن
العمري: هو أحسن من كل التفاسير وأكبر من تفسير أبى جعفر الطبري وفي
رياض العلماء نقلا عن تاريخ اليافعي انه قال في ترجمة السيد المرتضى وقد اختلف
الناس في كتاب نهج البلاغة المجموع من كلام علي بن أبي طالب عليه السلام هل هو
جمعه أو أخوه الرضي؟ وقيل: انه ليس من كلام علي عليه السلام وإنما أحدهما هو
الذي وضعه ونسبه إليه إنتهى.
قال: وأما ما في كلام اليافعي من التأمل أولا في كون نهج البلاغة لأي
الأخوين السيدين، ثم احتمال كونه من اختراعات أحدهما فهو من سخيف القول
فان تلاميذ السيد الرضي بل فضلاء الشيعة الإمامية ولا سيما العلماء في إجازاتهم
حتى عظماء العامة أيضا خلفا عن سلف انتسبوا جمع هذا الكتاب إلى السيد الرضي
وهي متواترة من زماننا هذا وهو عام ثمانية ومائة وألف إلى زمن السيد الرضي
فضلا عن زمان اليافعي من غير شك ولا ارتياب، وأهل البيت أدرى بما فيه،
وكذا احتمال كونه من اختراعات أحدهما فإنه مما علم بطلانه قطعا ومأخذ تلك
الخطب والكلمات موجودة في كتب العامة والخاصة، وما أورده قدس سره في
نهج البلاغة ملتقطات من خطبه عليه السلام وهي بتمامه مع الزيادات التي أسقطها الرضي
مذكورة في كتب العلماء المتقدمين على السيد الرضي مع العامة والخاصة
أيضا إنتهى، قلت: ولما تم وكمل بدره وبلغ سبعا وأربعين من عمره
اختار الله له دار بقاه فناداه ولباه وفارق دنياه وذلك في بكرة يوم الاحد لست
خلون من المحرم سنة ست وأربعمائة فقامت عليه نوادب الأدب وانثلم حد القلم
وفقدت عين الفضل قرنتها وجبهة الدهر غرتها، وبكاه الأفاضل مع الفضائل ورثاه
الأكارم مع المكارم على أنه ما مات من لم يمت ذكره، ولقد خلد من بقي على
الأيام نظمه ونثره والله يتولاه بعفوه وغفرانه، ويحييه بروحه وريحانه، فلما
قضى نحبه حضر الوزير فخر الملك وجميع الأعيان والاشراف والقضاة جنازته
273

والصلاة عليه ومضى أخوه السيد المرتضى من جزعه عليه إلى مشهد جده موسى
ابن جعفر عليه السلام لأنه لم يستطع ان ينظر إلى جنازة أخيه، ودفنه وصلى عليه
فخر الملك أبو غالب ومضى بنفسه آخر النهار إلى السيد المرتضى إلى المشهد الكاظمي
فألزمه بالعود إلى داره
ورثاه أخوه المرتضى (ره) بأبيات منها قوله:
يا للرجال لفجعة جذمت يدي * وددت لو ذهبه علي براسي
ما زلت احذر وردها حتى أتت * فحسوتها في بعض ما أنا حاسي
ومطلتها زمنا فلما صممت * لم يثنها مطلي وطول مكاسي
لله عمرك من قصير طاهر * ولرب عمر طال بالأدناس
ورثاه تلميذه مهيار الديلمي بقصيدة منها قوله:
بكر النعي من الرضي بمالك * غاياتها متعودا قدامها
كلح الصباح بموته عن ليلة * نفضت على وجه الصباح ظلامها
بالفارس العلوي شق غبارها * والناطق العربي شق كلامها
سلب العشيرة يومه مصباحها * مصلاحها عمالها علامها
برهان حجتها التي بهرت به * أعداءها وتقدمت أعمامها
قال السيد الاجل السيد علي خان رحمه الله في أنوار الربيع وشقت هذه المرثية
على جماعة ممن كان يحسد الرضي رضي الله تعالى عنه على الفضل في حياته
ان يرثى بمثلها بعد وفاته، فرثاه بقصيدة أخرى مطلعها في براعة الاستهلال
كالأولى وهو:
أقريش لا لفم أراك ولا يد * فتواكلي غاض الندى وخلا الندي
وما زلت معجبا بقوله منها:
بكر النعي فقال أودى خيرها * إن كان يصدق فالرضي هو الردي
أقول: (مهيار الديلمي) هو الفاضل الأديب من شعراء أهل البيت عليهم السلام
274

المجاهرين، كان من غلمان الشريف الرضي رضي الله تعالى عنه جمع بين فصاحة
العرب ومعاني العجم، له شعر كثير في مدح أهل البيت عليهم السلام،
وديوان شعر كبير.
قال بعض العلماء: خيار مهيار خير من خيار الرضي، وليس للرض ردي أصلا
قال ابن خلكان: كان جزل القول مقدما على أهل وقته، وله ديوان شعر كبير
يدخل في أربع مجلدات.
ذكره الخطيب في تاريخ بغداد وأثنى عليه، وذكره أبو الحسن الباخرزي
في دمية القصر فقال: هو شاعر، له في مناسك الفضل مشاعر وكاتب تجلى
كل كلمة من كلماته كاعب وما في قصيدة من قصائده بيت يتحكم عليه ب " لو " وليت
فهي مصبوبة بقوالب للقلوب وبمثلها يعتذر الزمان المذنب عن الذنوب ويتوب
توفى سنة 428 إنتهى.
أقول: قال الخطيب في تاريخه كان أبو الحسن مهيار شاعرا جزل القول
مقدما على أهل وقته، وكنت أراه يحضر جامع المنصور في أيام الجمعات ويقرأ
عليه ديوان شعره فلم يقدر لي ان اسمع منه شيئا، ومات في ليلة الاحد لخمس
خلون من جمادي الآخرة سنة 428 (تكح) إنتهى.
ومن شعره المذكور في ديوانه:
معشر الرشد والهدى حكم * البغي عليهم سفاهة والضلال
ودعاة الله استجابت رجال * لهم ثم بدلوا فاستحالوا
حملوها يوم السقيفة أوزارا * تخف الجبال وهي ثقال
ثم جاؤوا من بعدها يستقيلون * وهيهات عثرة لا تقال
يا لقوم إذ يقتلون عليا * وهو للمحل فيهم قتال
ويسرون بغضه وهو لا تقبل * إلا بحبه الأعمال
وتحاك الاخبار والله يدري * كيف كانت يوم الغدير الحال
275

ولسبطين تابعيه فمسموم عليه * ثرى البقيع يهال
درسوا قبره ليخفى على الزوار * هيهات كيف يخفى الهلال
وشهيد بالطف أبكى السماوات * وكادت له تزول الجبال
إلى أن قال:
حبكم كان فك أسرى من الشرك * وفى منكبي له أغلال
كم تزملت بالمذلة حتى * قمت في ثوب عزكم اختال
بركات محت لكم من فؤادي * ما أمل الضلال عم وخال
لكم من ثناي ما ساعد العمر * فمنه الابطاء والاعجال
ويقيني ان سوف تصدق آمالي * بكم يوم تكذب الآمال
وللسيد جمال الدين أحمد بن طاوس قدس سره شرح على لامية مهيار سماه
كتاب الأزهار في شرح لامية مهيار، ومن شعر مهيار أيضا يرثي الشريف
الرضى رضي الله عنه:
من جب غارب هاشم وسنامها * ولوى لويا فاستزل مقامها
وغزا قريشا بالبطاح فلفها * بيد وقوض عزها وخيامها
وقال:
أبكيك للدنيا التي طلقتها * وقد اصطفتك شبابها وغرامها
ورميت غاربها بفضلة معرض * زهدا وقد ألقت إليك زمامها
وإذا قيل الشارح الرضي أو الفاضل الرضي فهو نجم الأئمة محمد بن الحسن
الاسترآبادي فخر الأعاجم وصدر الأعاظم الفاضل الكامل المحقق السعيد شارح
الكافية والشافية والقصائد السبع لابن أبي الحديد وشرحه على الكافية هو الذي
فاق على مصنفات الفريق.
قال صاحب كشف الظنون في ذكر شروح الكافية وشروحها كثيرة
أعظمها شرح الشيخ رضي الدين محمد بن الحسن الاسترآبادي النحوي، قال
276

السيوطي: لم يؤلف عليها (أي على الكافية) بل ولا في غالب كتب النحو
مثله جمعا وتحقيقا فتداوله الناس واعتمدوا عليه وله فيه أبحاث كثيرة ومذاهب
ينفرد بها، وفرغ من تأليفه سنة 683.
قلت: كتب في آخر شرحه والحمد لله على أنعامه وأفضاله، وقد تم
تمامه واختتم اختتامه في الحضرة المقدسة الغروية على مشرفها صلوات رب العزة
في شوال سنة 684.
قال صاحب (ضا): وكان قد توطن هذا الشيخ الجليل بأرض النجف
الأشرف على مشرفها السلام، وصنف شرحه (1) المشهور على الكافية أيضا في
تلك البقعة المباركة، وذكر في خطبته اللطيفة ان كلما وجد فيه من شئ
لطيف وتحقيق شريف فهو من بركات تلك الحضرة المقدسة، وإفاضات
حضرة سيدنا أمير المؤمنين صلوات الله عليه، إنتهى، وتوفى كما في (مل)
سنة 686 (خفو).
(السيد رضي الدين) بن محمد بن علي بن حيدر العاملي المكي أحد شيوخ
السيد عبد الله سبط السيد نعمة الله الجزائري، يأتي في السيد الجزائري.
(الرفاعي)
أبو إسحاق إبراهيم بن سعيد الضرير النحوي الأديب الشاعر المتوفى
سنة 411، والرفاعي أيضا أبو العباس أحمد بن أبي الحسن علي الحسيني.
قال ابن خلكان: انه كان رجلا صالحا فقيها شافعي المذهب أصله من
العرب وسكن في البطائح بقرية يقال لها أم عبيدة، فانضم إليه خلق عظيم من
الفقراء وأحسنوا الاعتقاد فيه وتبعوه، والطائفة المعروفة بالرفاعية والبطائحية

(1) للمحقق الشريف تعليقات على شرح الكافية، ويذكر الرضي
بلقب نجم الأئمة.
277

من الفقراء منسوبة إليه ولأتباعه أحوال عجيبة من أكل الحيات وهي حية والنزول
في التنانير وهي تتضرم بالنار فيطفؤنها.
ويقال انهم في بلادهم يركبون الأسود ولهم مواسم يجتمع عندهم من
الفقراء عالم لا يعد ولا يحصى ويقومون بكفاية الكل ولم يكن له عقب وإنما
العقب لأخيه وأولاده يتوارثون المشيخة والولاية على تلك الناحية إلى الآن،
توفى سنة 578 (ثعح) وقبره بأم عبيدة وهي كسفينة قرية بقرب واسط فكان
قبره محط رحال الجماهير من سالكي طريقته.
والبطائح عدة قرى مجتمعة في وسط الماء بين البصرة وواسط، أقول:
ذكر ابن بطوطة في رحلته انه رأى عند قبر الرفاعي جماعة الفقراء في الرقص وقد
أعدوا أحمالا من الحطب فأججوها نارا ودخلوا في وسطها يرقصون، ومنهم
من يتمرغ فيها، ومنهم من يأكلها بفمه حتى أطفأوها جميعا، وهذه
الطائفة الأحمدية مخصوصون بهذا، ومنهم من يأخذ الحية العظيمة فيعض بأسنانه
على رأسها حتى يقطعه.
(الرفاء الأندلسي)
أبو عبد الله محمد بن غالب الشاعر المشهور المتوفى بمالقة سنة 572 (ثعب)
(والرفاء الموصلي) أبو الحسن السري بن أحمد بن السري الكندي الشاعر المشهور
كان في صباه يرفوا ويطرز في دكان بالموصل وهو مع ذلك مولع بالأدب وينظم
الشعر ولم يزل حتى جاد شعره، ومدح سيف الدولة بن حمدان والوزير المهلبي
وكان مغري بنسخ ديوان أبى الفتح كشاجم الشاعر وهو إذ ذاك ريحان الأدب
والسري الرفاء في طريقه يذهب وعلى قالبه يضرب، وله ديوان شعر، كانت وفاته
في نيف وستين وثلاثمائة ببغداد، ويأتي في الرماني كلام ابن النديم ان
السري يتشيع.
278

(والرفاء الهروي) أبو علي حامد بن محمد بن عبد الله بن محمد، قدم
بغداد في حداثته حاجا فسمع بها وبالكوفة ومكة وحلوان وهمدان والري
ونيسابور، ثم قدمها وقد علت سنه فحدث بها، توفى بهراة 17 مض
سنة 356 (شنو).
(رفيع الدين القزويني)
المولى محمد بن المولى فتح الله العالم الفاضل الأديب الشاعر الواعظ تلميذ
المولى خليل القزويني.
له كتاب أبواب الجنان فارسي في المواعظ والأخلاق، توفى سنة 1089
وابنه المولى محمد شفيع العالم الفاضل الزاهد الصالح الواعظ، هو الذي تمم كتاب
أبواب الجنان لأبيه.
(رفيع الدين النائيني)
السيد الاجل محمد بن حيدر الحسيني الطباطبائي سيد الحكماء والمتألهين
وقدوة المحققين والمدققين، علامة زمانه ووحيد دهره وأوانه، ذو الفيض
القدسي، أستاذ العلامة المجلسي رضوان الله تعالى عليهما.
له حواش وتعليقات على كتاب المختلف وأصول الكافي والصحيفة الكاملة
وشرح الإشارات، وله رسالة التشكيك والشجرة الإلهية والثمرة الإلهية وغير ذلك
يروي عن المولى عبد الله والشيخ البهائي، توفى بأصبهان 7 شوال سنة 108 ومزاره
في تخته فولاد ظاهر يزار وكتب على لوحه:
بتاريخ فوتش خردمند گفت * مقام رفيع مقام رفيع
بني بأمر الشاه سليمان الصفوي على مرقده الشريف قبة عالي.
(الرقاشي)
الفضل بن عبد الصمد البصري، كان سهل الشعر مطبوعا، وكان منقطعا
279

إلى آل برمك مستغنيا بهم عن سواهم، وكانوا يصولون به على الشعراء ويروون
أولادهم اشعاره ويدونونها تعصبا له وحفظا لخدمته وتنويها باسمه، فلما نكبوا
صار إليهم في حبسهم فأقام معهم ينشدهم ويسامرهم حتى ماتوا، ثم رثاهم فأكثر
من رثائهم، توفى سنة مائتين.
الرقاشي: إن قرئ بالتخفيف فهو نسبة إلى الرقاش، كسحاب أي
الحية، وكقطام علم للنساء، وإن قرئ بالتشديد فهو من رقش كلامه ترقيشا
أي زوره وزخرفه.
(الرمادي)
أبو عمر يوسف بن هارون الكندي القرطبي الشاعر المشهور كان كثير من
شيوخ الأدب في وقته يقولون فتح الشعر بكندة وختم بكندة، يعنون
امرأ القيس والمتنبي والرمادي وكانا متعاصرين، ومن شعره القصيدة اللامية
في مدح أبي علي القالي مطلعها:
من حاكم بيني وبين عذولي * الشجو شجوي والعويل عويلي
في أي جارحة أصون معذبي * سلمت من التعذيب والتنكيل
إن قلت في بصري فثم مدامعي * أو قلت في كبدي فثم غليلي
لكن جعلت له المسامع موضعا * وحجبتها من عذل كل عذول
توفى سنة 403 (تج)، والرمادي نسبة إلى الرمادة موضع بالمغرب.
(الرماني)
أبو الحسن علي بن عيسى بن علي بن عبد الله الواسطي المعتزلي النحوي
المشهور بأبي الحسن الوراق شارح كتاب سيبويه ومختصر الجرمي والمقتضب،
أخذ عن ابن دريد وابن السراج، وروى عنه أبو القاسم التنوخي، كانت
ولادته سنة 296 وتوفى سنة 384 أو 382، ينسب إلى قصر الرمان موضع
280

بواسط، وتقدم في ابن النديم المراد من الوراق وفي فهرست ابن النديم انه كان
السرى الرفا جارا لأبي الحسن علي بن عيسى الرماني بسوق العطش، وكان كثيرا
ما يجتاز بالرماني وهو جالس على باب داره فيستجلسه ويحادثه ويستدعيه إلى أن
يقول بالاعتزال، وكان السري يتشيع فلما طال ذلك عليه أنشد:
أقارع أعداء النبي وآله * قراعا يفل البيض عند قراعه
وأعلم كل العلم ان وليهم * سيجزى غداة البعث صاعا بصاعه
فلا زال من والاهم في علوه * ولا زال من عاداهم في اتضاعه
ومعتزلي رام عزل ولايتي * عن الشرف العالي بهم وارتفاعه
فما طاوعتني النفس في أن أطيعه * ولا اذن القرآن لي في اتباعه
طبعت على حب الوصي ولم يكن * لينقل مطبوع الهوى عن طباعه
(الرملي)
نسبة إلى الرملة اسم لخمسة مواضع أشهرها بلد بالشام ويطلق على جماعة كثيرة
(1) شهاب الدين أبو العباس أحمد بن الحسين بن الحسن بن علي بن
يوسف الرملي المقدسي الشافعي، اخذ عن القلقشندي والسراج البلقيني وكان
مقيما بالرملة بجامعة المشهور، وكان يفتي ويدرس ثم ترك ذلك ورحل من
الرملة إلى القدس وأقام بالزاوية الختنية وراء قبلة المسجد الأقصى، وألف كتبا
في الفقه والنحو، منها: الزبد، منظومة في التوحيد والفقه، توفى
بها سنة 844.
(2) شهاب الدين أحمد بن حمزة الرملي المصري الأنصاري الشافعي إنتهت
إليه الرئاسة في العلوم الشرعية بمصر حتى صارت علماء الشافعية كلهم تلامذته
إلا النادر، وكان يخدم نفسه، ولا يمكن أحدا ان يشتري له حاجة إلى أن
كبر سنه وعجز، توفى سنة 957، له شرح عظيم على صفوة الزبد
281

في الفقه ومؤلفات أخر.
(3) شمس الدين محمد بن شهاب الدين أحمد بن حمزة، أستاذ الأساتيذ
محيي السنة وعميد الفقهاء.
حكي انه ذهب جماعة إلى أنه مجدد القرن العاشر، ولد سنة 919 واشتغل
على أبيه في الفقه والتفسير والنحو والصرف وسائر العلوم، واستغنى به عن
التردد إلى غيره وجلس بعد وفاة والده للتدريس، وولي عدة مدارس ومنصب
افتاء الشافعية، له شرح الزبد، ونهاية المحتاج إلى شرح المنهاج وغيره،
توفى سنة 1004.
ثم توفى بعده ابن غانم المقدسي فقيل في تاريخهما:
لما قضى الرملي شيخ الورى * من كان يملي مذهب الشافعي
ثم تلاه المقدسي الذي * حاز علوم الصحب والتابعي
فقلت في موتهما أرخا * مات أبو يوسف والرافعي
(4) خير الدين بن أحمد الأيوبي العليمي الفاروقي الحنفي شيخ الاسلام
وفقيه النعمانيين صاحب الفتاوى المشهورة
كان مولده بالرملة بفلسطين سنة 993 ثم رحل إلى مصر وأقام بها مدة ثم
رجع إلى بلده وقصده الناس من الأقطار الشاسعة للاخذ عنه وطلب الإجازة
منه، له الفتاوى الخيرية لنفع البرية، توفى سنة 1081.
(5) نجم الدين بن خير الدين المذكور، له نزهة النواظر على
الأشباه والنواظر.
(الرواجني)
أبو سعيد عباد بن يعقوب الرواجني الأسدي الشيعي الامامي الذي ذكره
علماء السنة ووثقوه، ذكره الدارقطني فقال: شيعي صدوق.
282

وعن ابن خزيمة انه قال: حدثنا الثقة في روايته المتهم في دينه عباد بن
يعقوب، وقد اخذ عنه من أئمة السنية غير ابن خزيمة جمع كثير كالبخاري
والترمذي وابن ماجة وابن داود، فهو شيخهم ومحل ثقتهم.
ففي العبقات في حديث الطير نقلا عن التقريب انه قال في ترجمة عباد
المذكور انه صدوق رافضي حديثه في البخاري مقرون.
وقال في مقدمة فتح الباري: عباد بن يعقوب الرواجني رافضي مشهور
إلا أنه كان صدوقا، وثقه أبو حاتم، وفي تهذيب ابن حجر قال ابن إبراهيم بن أبي
بكر بن أبي شيبة لولا رجلان من الشيعة ما صح لهم حديث عباد بن يعقوب
وإبراهيم بن محمد بن ميمون.
وفيه أيضا قال ابن عدي وعباد فيه غلو في التشيع، وروى أحاديث أنكرت
عليه في الفضائل والمثالب، وقال القاسم بن زكريا المطرز: كان عباد مكفوفا
ورأيت في بيته سيفا معلقا فقلت: لمن هذا؟ قال: أعددته لأقاتل به مع
المهدي عليه السلام، مات في ذي القعدة سنة 250.
قال السمعاني في الأنساب قال أبو حاتم بن حيان عباد بن يعقوب الرواجني من
أهل الكوفة يروي عن شريك حدثنا عنه شيوخنا، مات سنة 250 في شوال،
وكان رافضيا داعية إلى الرفض ومع ذلك يروي المناكير عن أقوام مشاهير
فاستحق الترك، روى عن عاصم عن زر عن عبد الله بن عوف قال قال رسول الله
صلى الله عليه وآله: إذا رأيتم معاوية على منبري فاقتلوه، قال السمعاني قلت
روى عنه جماعة من مشاهير الأئمة مثل أبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري لأنه
لم يكن داعية إلى هواه.
وقال السمعاني بعد العبارة السالفة وروى عنه حديث أبي بكر انه قال:
لا تفعل يا خالد ما أمرتك به سألت الشريف عمر بن إبراهيم الحسيني بالكوفة
عن معنى هذا الأثر فقال كان أمر خالد بن الوليد ان يقتل عليا ثم ندم بعد ذلك
283

فنهي عن ذلك، انتهى.
وروى عباد المذكور باسناده عن ابن مسعود، انه كان يقرأ (وكفى الله
المؤمنين القتال) بعلي.
وروى عن عباد انه كان يقول: من لم يتبرء في صلاته كل يوم من أعداء
آل محمد (صلى الله عليه وآله) حشر معهم.
والرواجني: أصله الدواجني بالداء المهملة، نسبة إلى داجن وهو الشاة التي
تسمن في الدار فجعلها الناس الرواجني كذا عن أنساب السمعاني.
(الروذكي)
الشاعر المعروف أبو عبد الله جعفر بن محمد السمرقندي يقال له سلطان
الشعراء قال المعروفي البلخي:
از رودكي شنيدم سلطان شاعران * كاندر جهان بكس مكر وجز بفاطمي
يقال انه كان ضريرا بل حكي انه كان أكمه وشعره في نهاية الحسن بل
يقال انه ليس له نظير في العرب والعجم له نظم كتاب كليلة ودمنة الذي كان
باللغة الفهلوية وترجمه ابن المقفع بالعربية ولما اشتغل بنظمه جعل واحد يقرأ عليه
الكتاب حتى ينظمه كما أشار إلى ذلك الفردوسي بقوله:
كذارنده را بيش بنشاندند * همه نامه بر رودكي خواندند
ببيوست كويا پراكنده را * بسفت أين جنين دراكنده را
توفى في حدود سنة 330 (شل) وله ديوان شعر والروذكي كما قيل نسبة
إلى روذك من نواحي سمرقند وقيل نسبة إلى رود وهو بالفارسية أي البربط.
(الرياشي)
أبو الفضل العباس بن الفرج البصري النحوي اللغوي المؤرخ، قال
الخطيب في تاريخه: قدم بغداد وحدث بها وكان من الأدب وعلم النحو بمحل
284

عال وكان يحفظ كتب أبي زيد وكتب الأصمعي كلها وقرأ على أبي عثمان
المازني كتاب سيبويه فكان المازني يقول قرأ على الرياشي الكتاب وهو اعلم به
مني وكان ثقة انتهى.
روى عنه أبو بكر بن الأزهر وإبراهيم الحربي وابن دريد وابن أبي الدنيا
وكان كثير الرواية عن الأصمعي ومما رواه عن الأصمعي انه قال: مر بنا أعرابي
ينشد ابنا له فقلنا صفه لنا فقال: كأنه زنيبير (دنينير خ ل) فقلنا له لم نره
قال: فلم يلبث أن جاء بصغير أسيد كأنه جعل قد حمله على عنقه فقلنا له لو
سألتنا عن هذا لأرشدناك فإنه ما زال اليوم بين أيدينا ثم أنشد الأصمعي:
نعم ضجيع الفتى إذا برد الليل * سحيرا وقرقف الصرد
زينها الله في الفؤاد كما * زين (1) في عين والد ولد
(الزنبر الأسد وقرقف الصرد أي حضر البرد) وكان الرياشي معاصرا
لأبي العتاهية، حدث المبرد عنه قال: أقبل أبو العتاهية ومعه سلة محاجم فجلس
إلينا وقال: لست أبرح أو تأتوني بمن أحجمه فجئنا ببعض عبيدنا فحجمه
ثم أنشأ يقول:
ألا إنما التقوى هي العز والكرم * وحبك للدنيا هو الذل والعدم
وليس على عبد تقي نقيصة * إذا صحح التقوى وإن حاك أو حجم
قتل الرياشي سنة 257 قتله صاحب الزنج بالبصرة والرياشي نسبة إلى رياش
ككتاب رجل من جذام كان والد الرياشي عبدا له.
(وأبو صخرة الرياشي) هو أحمد بن أبي نعيم، الذي أنشد في يحيى

(1) يحكى عن ابن السراج انه حضر في يوم من الأيام بني له صغير فأظهر
من الميل إليه والمحبة له ما يكثر من ذلك فقال له بعض الحاضرين أتحبه أيها الشيخ؟
فقال متمثلا:
أحبه حب الشحيح ماله * قد كان ذاق الفقر ثم ناله
285

ابن أكثم القاضي:
أنطقني الدهر بعد اخراس * لنائبات أطلن وسواسي
يا بؤس للدهر لا يزال كما ير * فع من ناس يحط من ناس
لا أفلحت أمة وحق لها * بطول نكس وطول انعاس
ترضى بيحيى يكون سائسها * وليس يحيى لها بسواس
قاض يرى الحد في الزناء ولا * يرى على من يلوط من باس
القصيدة. روى أن المأمون قال ليحيى بن أكثم من الذي يقول وهو يعرض
به قاض يرى الحد البيت؟ قال أو ما يعرف أمير المؤمنين؟ من قاله؟ قال لا قال
يقوله الفاجر أحمد بن أبي نعيم الذي يقول:
حاكمنا يرتشي وقاضينا * يلوط والرأس شر ما رأس
لا أحسب الجور ينقضي وعلي * الأمة وال من آل عباس
قال: فأفحم المأمون واسكت خجلا وقال: ينبغي ان ينفى أحمد بن نعيم
إلى السند.
(الزاكاني)
هو عبيد الزاكاني القزويني الشاعر المنشئ الكاتب الظريف المعروف.
قال صاحب (ض) قد كان من علماء عصر السلطان شاه طهماسب بل قبله
أيضا ولكن لما قد غلب عليه الهزل والظرافة اشتهر بذلك وخرج اسمه عن
ديوان العلماء وله مؤلفات نظما ونثرا ومن ذلك كتاب هزلياته بالفارسية وهو
معروف وعندنا قطعة منه ومنها كتاب مقاماته بالفارسية على محاذاة كتب
المقامات لفحول العلماء بالعربية وكانت عندنا منه نسخة أيضا ويظهر منه فضله
وتضلعه في العلوم وتوسعه فيها والله أعلم وله أيضا ديوان شعر فلاحظ، والزاكاني
نسبة إلى زاكان.
قال الشيخ فرج الله في رجاله في باب الألقاب: هو بزاي وألف وكاف وألف
286

ونون مكسورة منسوب إلى زاكان قبيلة من العرب سكنت بقزوين انتهى.
(الزاهري)
محمد بن سنان أبو جعفر الزاهري كان من أصحاب الكاظم والرضا والجواد
عليهم السلام روي أنه قال له موسى بن جعفر " عليه السلام " اما انك في شيعتنا أبين من البرق في
الليلة الظلماء ثم قال يا محمد ان المفضل كان انسي ومستراحي وأنت أنسهما ومستراحهما
اي انس الرضا والجواد عليهما السلام حرام على النار ان تمسك ابدا قلت وكفى
أيضا في حقه ما رواه السيد ابن طاوس في فلاح السائل في مدحه ورده على من يذكر
الطعن عليه ونقله عن الشيخ المفيد ما يدل على مدحه وانه روى عن عبد الله بن
الصلت القمي قال: دخلت على أبى جعفر " عليه السلام " في آخر عمره فسمعته يقول جزى
الله محمد بن سنان عنى خيرا فقد وفى لي وروي عنه " عليه السلام " أيضا انه يذكر محمد بن
سنان ويقول رضي الله عنه برضاي عنه فما خالفني ولا خالف أبى قط مع جلالته في
الشيعة وعلو شأنه ورياسته وعظم قدره ولقائه من الأئمة " عليه السلام " ثلاثة وروايته عنهم
وكونه بالمحل الرفيع منهم وانه كان ضرير البصر فتمسح بأبي جعفر الثاني " عليه السلام "
فعاد إليه بصره بعدما كان افتقده وانه كان متقشفا متعبدا.
(أقول) ويقال له الزاهري لأنه ينتهى نسبه الشريف إلى زاهر مولى عمرو
ابن الحمق المقتول في نصرة أبي عبد الله الحسين " عليه السلام " بكربلاء وذكره القاضي
نعمان المصري في شرح الاخبار في قصة يظهر منها انه كان من أصحاب
أمير المؤمنين " عليه السلام " وخصص بمتابعة عمرو بن الحمق الخزاعي صاحب رسول الله (صلى الله عليه وآله)
وحواري أمير المؤمنين " عليه السلام " العبد الصالح الذي أبلته العبادة فنحل جسمه واصفر
لونه فوفق بمواراته ودفنه ثم ساقته السعادة إلى أن رزق في نصرة الحسين " عليه السلام "
الشهادة رضي الله تعالى عنه.
(الزاهي)
أبو القاسم علي بن إسحاق البغدادي الشاعر عده صاحب معالم العلماء من
287

الشعراء المجاهرين في مدح أهل البيت " عليه السلام " له ديوان شعر قال القاضي نور الله
وكذا ابن خلكان ان أكثر شعره كان في مدح أهل بيت النبي عليهم السلام ومدح
سيف الدولة والوزير المهلبي توفي ببغداد سنة 352 (شنب) وقبره في مقابر قريش.
والزاهي نسبة إلى قرية من قرى نيسابور ومن شعره في مدح أمير المؤمنين " عليه السلام "
كما في المناقب:
يا سيدي يا ابن أبي طالب * يا عصمة المعنف والجار
لا تجعلن النار لي مسكنا * يا قاسم الجنة والنار
وله أيضا كما في المناقب:
يا آل احمد ماذا كان جرمكم * فكل أرواحكم بالسيف تنتزع
تلقى جموعكم شتى مفرقة * بين العباد وشمل الناس مجتمع
ويستباحون أقمارا منكسة * تهوي وأرؤسها بالسمر تنتزع
ما للحوادث لا تجري بظالمكم * ما للمصائب عنكم ليس ترتدع
منكم طريد ومقتول على ظمأ * ومنكم دنف بالسم منصرع
وهارب في أقاصي الغرب مغترب * ودارع بدم اللبات مندرع
ومقصد من جدار ظل منكدرا * وآخر تحت ردم فوقه يقع
ومن محرق جسم لا يزار له * قبر ولا مشهد يأتيه مرتدع
(زبيدة)
اسمها أمة العزيز بنت جعفر بن أبي جعفر المنصور زوجة هارون الرشيد
أم محمد الأمين لقبها جدها أبو جعفر المنصور زبيدة لبضاضتها ونضارتها لها معروف
كثير وفعل خير جزيل يحكى عن أبي الفرج بن الجوزي انه قال زبيدة سقت أهل مكة
الماء بعد أن كانت الراوية عندهم بدينار وانها أسالت الماء عشرة أميال بحط
الجبال وتحت الصخور حتى غلغلته من الحل إلى الحرم وعملت عقبة البستان فقال لها
288

وكيلها يلزمك نفقة كثيرة فقالت أعملها ولو كانت ضربة فاس بدينار وانه كان
لها مائة جارية يحفظن القرآن ولكل واحدة ورد عشر القرآن وكان يسمع في
قصرها كدوي النحل من قراءة القرآن انتهى.
وعن الطبري قال: اعرس بها هارون الرشيد في سنة 165 (قسه) وكانت
وفاتها سنة 216 (ريو) في ج 1 ببغداد وذكرها الخطيب في تاريخ بغداد وأثنى
عليها وقال كانت معروفة بالخير والافضال على أهل العلم والبر للفقراء والمساكين
ولها آثار كثيرة في طريق مكة من مصانع حفرتها وبرك أحدثتها وكذلك
بمكة والمدينة، وروي انها حجت فبلغت نفقتها في ستين يوما أربعة وخمسين
الف الف انتهى.
أقول: حكي انها كانت من الشيعة ويؤيد ذلك ما ذكره ابن شحنة في
روضة المناظر قال في سنة 443 (تمج) وقعت فتنة عظيمة بين السنة والشيعة
أحرق فيها ضريح موسى بن جعفر الصادق " عليه السلام " وقبر زبيدة وقبور ملوك بني
بويه انتهى.
قلت: الظاهر أن احراق أهل السنة قبر زبيدة لم يكن إلا لأجل تشيعها
كقبور بني بويه وككتب الشيخ الطوسي وكرسي كان يجلس عليه للكلام فيكمل
عليه الخاص والعام وليعلم ان للسلطان فتح علي شاه القاجاري بنت تسمى زبيدة
وكانت عارفة أديبة كثيرة الخيرات والمبرات والملازمة للطاعات والعبادات ولها
أوقاف وتعميرات في الأماكن المشرفات ولها ديوان.
(الزبيدي)
أبو بكر محمد بن الحسن بن عبد الله الإشبيلي القرطبي صاحب طبقات
النحويين اللغويين والاستدراك على سيبويه كان أوحد عصره في علم النحو
وحفظ اللغة وكان أخبر أهل زمانه بالاعراب والمعاني والنوادر له كتب تدل
289

على وفور علمه اختاره المستنصر بالله صاحب الأندلس لتأديب ولده وولى عهده
هشام المؤيد بالله ونال أبو بكر منه دنيا عريضة وتولى قضاء أشبيلية وتوفي بها
سنة 379 وزبيد بضم الزاي قبيلة في اليمن قال الحلبي: وكتابه الأبنية في النحو
من نوادر الدهر وقد يطلق على عمرو بن معد يكرب الزبيدي المذحجي أبو ثور
آمن بالنبي صلى الله عليه وآله ثم ارتد بعد وفاته ثم اضطر إلى العود إلى الاسلام وشهد
اليرموك ثم القادسية ومات بها وقيل مات سنة 21 بعد أن شهد وقعة نهاوند في
قرية من قراها وله في نهاوند قبر مشهور وتقدم في أبو الصمصام ما يتعلق
بسيفه الصمصامة
(الزبيري)
أبو عبد الله الزبير بن أبي بكر بكار بن عبد الله بن مصعب بن ثابت بن
عبد الله (1) بن الزبير بن العوام كان من أعيان علماء العامة تولى القضاء بمكة المعظمة
وصنف كتاب أنساب قريش وعليه اعتماد الناس في معرفة نسب القرشيين وله
الموفقيات في التاريخ ألفها للموفق بالله ابن المتوكل العباسي حكى الخطيب
البغدادي عن جحظة قال: كنت بحضرة الأمير محمد ابن عبد الله بن طاهر
فاستؤذن عليه للزبير بن بكار حين قدم من الحجاز فلما دخل عليه أكرمه وعظمه
وقال: ولئن باعدت بيننا الأنساب لقد قربت بيننا الآداب وان أمير المؤمنين
(يعني المتوكل) ذكرك فاختارك لتأديب ولده وامر لك بعشرة آلاف درهم
وعشرة تخوت من الثياب وعشرة أبغل تحمل عليها رحلك إلى حضرته

(1) روى الخطيب في ج 4 تاريخ بغداد صفحة 399 عن عائشة قالت:
أول مولود ولد في الاسلام عبد الله بن الزبير قالت فجئنا به إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)
ليحنكه فقال اطلبوا لي تمرة فطلبنا تمرة فوالله ما وجدناها.
290

بسر من رأى فشكره على ذلك وقبله انتهى (1).
توفي في (قع) سنة 256 أو 255 وبلغ 84 سنة وكان سبب موته انه سقط
من سطح له فانكسرت ترقوته ووركه وصلى عليه ابنه مصعب ودفن بمكة في
مقبرة الحجون.
روى الشيخ الصدوق انه استحلف الزبير بن بكار رجل من الطالبيين على
شئ بين القبر والمنبر فحلف وبرص وأبوه بكار قد ظلم الرضا عليه السلام في شئ
فدعا عليه فسقط في وقت دعائه عليه من قصره فاندقت عنقه وأبوه عبد الله بن
مصعب هو الذي مزق عهد يحيى بن عبد الله بن الحسن بين يدي الرشيد وقال:
اقتله يا أمير المؤمنين فإنه لا أمان له وهو الذي استحلفه يحيى بالبراءة وتعجيل
العقوبة فحم من وقته ومات بعد ثلاث فانخسف قبره مرات كثيرة.
قال الشيخ المفيد (ره) في كلام له ان الزبير بن بكار لم يكن موثوقا به
في النقل وكان متهما فيما يذكره من بغضه لأمير المؤمنين " عليه السلام " وغير مأمون،
وروى ابن الأثير في الكامل عند ذكر سيرة المعتصم عن أحمد بن سليمان
ابن أبي شيخ انه قدم الزبير بن بكار العراق هاربا من العلويين لأنه كان ينال
فيهم فتهددوه فهرب منهم وقدم على عمه مصعب بن عبد الله بن الزبير وشكى إليه
حاله وخوفه من العلويين وسأله انهاء حاله إلى المعتصم فلم يجد عنده ما أراد
وأنكر عليه حاله ولامه.
قال أحمد: فشكي ذلك إلي وسألني مخاطبة عمه في أمره فقلت له في ذلك
وأنكرت عليه إعراضه عنه فقال لي ان الزبير فيه جهل وتسرع فأشر عليه أن
يستعطف العلويين ويزيل ما في نفوسهم منه أما رأيت المأمون ورفقه بهم وعفوه

(1) روى الخطيب عن محمد بن إسحاق الشاهد قال: سألت الزبير بن بكار
فقلت منذ كم زوجتك معك؟ قال لا تسلني ليس يرد القيامة أكثر كباشا منها
ضحيت عنها سبعين كبشا.
291

عنهم وميله إليهم؟ قلت بلى قال: فهذا أمير المؤمنين والله على مثل ذلك وفوقه
ولا أقدر أذكرهم عنده بقبيح فقل له ذلك حتى يرجع عن الذي هو عليه من ذمهم انتهى.
أقول: إذا عرفت ذلك فاعلم أنه لا اعتبار بما رواه أبو الفرج الأصبهاني
المرواني في مقاتل الطالبيين عن الزبيري المذكور في تزويج عبد الله بن عمرو بن
عثمان فاطمة بنت الحسين " عليه السلام " بما لا يرضى مسلم غيور بنقله فكيف بمن كان من
أهل الايمان ولا غرو من أبي الفرج في نقل ذلك وأمثاله فإنه عرقت فيه
عروق أمية ومروان والعجب أنه روى بعد ذلك عن أحمد بن سعيد في أمر
تزويجه إياها ما يكذب هذه الرواية الزبيرية الموضوعة فإنه روى مسندا عن
إسماعيل بن يعقوب ان فاطمة بنت الحسين " عليه السلام " لما خطبها عبد الله أبت ان
تزوجه فحلفت أمها عليها ان تتزوجه وقامت في الشمس وآلت أن لا تبرح حتى
تزوجه فكرهت فاطمة أن تحرج فتزوجته.
وقد يطلق الزبيري على أبي عبد الله الزبير بن أحمد بن سليمان بن عبد الله
ابن عاصم بن المنذر بن الزبير بن العوام البصري الفقيه الشافعي كان أعمى وله
مصنفات في الفقه منها الكافي وغيره قدم بغداد وحدث بها روى عنه محمد بن الحسن
النقاش وغيره توفي قبل العشرين والثلاثمائة.
وقد يطلق على أبي أحمد محمد بن عبد الله بن الزبير الأسدي مولى لبني
أسد وليس من ولد الزبير بن العوام كوفي قدم بغداد سمع مسعر بن كدام
والثوري ومالك بن أنس وبشير بن سلمان روى عنه أحمد بن حنبل وأبو بكر
ابن أبي شيبة والقواريري وغيرهم ممن كان في طبقتهم.
قال الخطيب في تاريخ بغداد: قدم أبو أحمد في بغداد وحدث بها وذكر
ابن الجعابي ان له أخا يسمى حسنا من وجوه الشيعة يروى عنه.
وروى عن ابن نمير قال: أبو أحمد الزبيري صدوق وهو في الطبقة الثانية
من أصحاب الثوري ما علمت إلا خيرا مشهور بالطلب ثقة صحيح الكتاب وكان
292

صديق أبي نعيم وسماعها قريب أبو نعيم أسن منه وأقدم سماعا.
وروى عن أحمد بن عبد الله العجلي قال: محمد بن عبد الله الزبيري
الأسدي يكنى أبا احمد كوفي ثقة وكان يتشيع.
وعن محمد بن يزيد قال: كان محمد بن عبد الله الأسدي يصوم الدهر وكان
إذا تسحر برغيف لم يصدع فإذا تسحر بنصف رغيف صدع من نصف النهار إلى
آخره فان لم يتسحر صدع يومه أجمع. مات في ج 1 بالأهواز سنة 203 (جر).
(الزجاج)
أبو إسحاق إبراهيم بن السري بن سهل النحوي الأديب صاحب معاني
القرآن والأمالي ومصنفات في الأدب اخذ عن المبرد وثعلب واخذ عنه الزجاجي
وأبو علي الفارسي كان يخرط الزجاج ثم تركه واشتغل بالأدب فنسب إليه
توفي سنة 311 (شيا) حكي ان آخر كلامه الذي سمع منه قوله اللهم احشرني
على مذهب أحمد بن حنبل.
وروى أنه كان بينه وبين رجل من أهل العلم يقال له مسيند شر فاتصل
ونسجه إبليس وأحكمه حتى خرج الزجاج إلى حد الشتم فكتب إليه مسيند:
أبي الزجاج إلا شتم عرضي * لينفعه فآثمه وضره
وأقسم صادقا ما كان حر * ليطلق لفظه في شتم حره
ولو اني كررت لفر مني * ولكن للمنون على كره
فأصبح قد وقاه الله شري * ليوم لا وقاه الله شره
فلما اتصل الشعر بالزجاج قصده راجلا واعتذر إليه وسأله الصفح. أقول
قد ظهر من هذه الحكاية ان هذا الرجل كان من أهل العلم حقيقة وكان عاملا
بعلمه قال الله عز وجل في سورة السجدة: (ولا تستوي الحسنة ولا السيئة،
ادفع بالتي هي أحسن، فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم، وما يلقاها
293

إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم).
وروى الشيخ المفيد قدس سره عن جابر قال سمع أمير المؤمنين " عليه السلام "
رجلا يشتم قنبرا وقد رام قنبر أن يرد عليه فناداه أمير المؤمنين " عليه السلام " مهلا
يا قنبر دع شاتمك مهانا ترضى الرحمن وتسخط الشيطان وتعاقب عدوك فوالذي
فلق الحبة وبرأ النسمة ما أرضى المؤمن ربه بمثل الحلم ولا أسخط الشيطان بمثل
الصمت ولا عوقب الأحمق بمثل السكوت عنه.
وروى عن طبقات ابن سعد صفحة 218 انه روى عن سالم مولى أبي جعفر
قال: كان هشام (1) بن إسماعيل يؤذي علي بن الحسين " عليه السلام " وأهل بيته
يخطب بذلك على المنبر وينال من علي " عليه السلام " فلما ولي الوليد بن عبد الملك عزله
وأمر به ان يوقف للناس فكان يقول لا والله ما كان أحد أهم إلي من علي بن
الحسين " عليه السلام " كنت أقول رجل صالح يسمع قوله فوقف للناس فجمع علي بن
الحسين " عليه السلام " ولده وخاصته ونهاهم عن التعرض له وغدا علي بن الحسين " عليه السلام "
مارا لحاجته فما عرض له فناداه هشام بن إسماعيل الله اعلم حيث يجعل رسالته،
وفي رواية أخرى قال له ابنه عبد الله بن علي ولم لا نتعرض له؟ والله ان أثره
عندنا لسئ وما كنا نطلب إلا مثل هذا اليوم قال يا بني نكله إلى الله تعالى فوالله
ما عرض له أحد من آل الحسين " عليه السلام " بحرف حتى تصرم امره.
(تذييل): قد ظهر من خبر جابر الذي تقدم ان قنبرا كان عند
أمير المؤمنين " عليه السلام " في مقام رفيع ومنزلة شريفة وكذلك كان، روى الصدوق
عن أبي عبد الله " عليه السلام " قال كان لعلي عليه السلام غلام اسمه قنبر وكان يحب
عليا حبا شديدا فإذا خرج علي عليه السلام خرج على أثره بالسيف وتقدم في ابن
السكيت ما يدل على جلالته ويعلم جلالته من أنه كان في مجلس وصية الحسن بن
علي عليه السلام إلى أخيه الحسين " عليه السلام " وما كان غائبا عن سماع كلام يحيى به

(1) كان واليا على المدينة لعبد الملك بن مروان وكان من بني مخزوم
294

الأموات، وروى أن الحجاج بن يوسف قال ذات يوم أحب أن أصيب رجلا من
أصحاب أبي تراب فأتقرب إلى الله تعالى بدمه فقيل له ما نعلم أحدا كان أطول
صحبة لأبي تراب من قنبر مولاه فبعث في طلبه فأتى به فقال أنت قنبر؟ قال نعم قال
أبو همدان؟ قال نعم قال مولى علي بن أبي طالب؟ قال الله مولاي وأمير المؤمنين
علي عليه السلام ولي نعمتي قال أبرأ من دينه قال فإذا برأت من دينه تدلني على
دين غيره أفضل منه؟ قال إني قاتلك فاختر أي قتلة أحب إليك؟ قال قد صيرت
ذلك إليك قال ولم؟ قال لأنك لا تقتلني قتلة إلا قتلتك مثلها وقد أخبرني أمير
المؤمنين عليه السلام ان منيتي تكون ذبحا ظلما بغير حق فأمر به فذبح، قلت
ويظهر من تاريخ بغداد ان في أولاده رواة الحديث والاخبار.
روى الخطيب في ج 4 صفحة 210 باسناده عن قنبر بن أحمد بن قنبر مولى
علي بن أبي طالب عليه السلام عن أبيه عن جده عن كعب بن نوفل عن بلال بن
حمامة قال خرج علينا رسول الله (صلى الله عليه وآله) ذات يوم ضاحكا مستبشرا فقام إليه
عبد الرحمن بن عوف فقال ما أضحكك يا رسول الله؟ فقال بشارة أتتني من عند
ربى ان الله تعالى لما أراد ان يزوج عليا فاطمة عليهما السلام أمر ملكا ان يهز
شجرة طوبى فهزها فنثرت رقافا يعنى صكاكا وأنشأ الله ملائكة التقوطها فإذا
كانت القيامة ثارت الملائكة في الخلق فلا يرون محبا لنا أهل البيت محضا إلا
دفعوا إليه منها كتابا براءة له من النار من أخي وابن عمي وابنتي فكاك رقاب
رجال ونساء من أمتي من النار انتهى.
(الزجاجي)
أبو القاسم عبد الرحمن بن إسحاق الصيمري الأصل البغدادي الاشتغال
الشامي المسكن والخاتمة كان أصله من صيمر ونزل بغداد ولزم أبا إسحاق الزجاج
حتى برع في النحو ولذلك يقال له الزجاجي وصنف الجمل والايضاح والكافي في
295

النحو وغير ذلك وكتاب جمله مشهور بين أهل العربية وقد تعرض لشرحه جمع
كثير من العلماء حكي انه صنفه بمكة المعظمة فكان إذا فرغ بابا طاف أسبوعا
ودعا لنفسه ولقارئه بالمغفرة.
قال الدميري ولذلك لا يشتغل به أحد إلا انتفع به توفي بطبرية سنة 339
(شلط) والصيمري نسبة إلى صيمر كحيدر وقد تضم ميمه بلد بين خوزستان
وبلاد الجبل وفي تاريخ ابن خلكان ذكر مكانه النهاوندي ثم اعلم أنه غير أبي
إسحاق الزجاجي التاجر المروزي فان اسمه إبراهيم بن محمد بن إبراهيم قدم
بغداد حاجا وحدث بها سنة 380 وغير أبي عمرو الزجاجي العارف الذي كان في
المائة الرابعة فان اسمه محمد بن إبراهيم النيسابوري.
(الزراري)
انظر أبو غالب الزراري.
(قال) الخطيب في تاريخ بغداد: عبيد الله بن أحمد بن محمد بن محمد بن
سليمان بن الحسن بن الجهم بن بكير ابن أعين أبو العباس الكاتب يعرف بالزراري
روى عن أبي بكر بن الأنباري حدثني عنه القاضي أبو القسم التنوخي قال وكان
أديبا شاعرا وزعم أن بكير بن أعين هو أخو زرارة بن أعين وحمران بن أعين
قال وانما نسبنا إلى زرارة دون بكير لان زرارة جدنا من قبل امنا فاشتهرنا به
أخبرنا التنوخي قال أنشدني أبو العباس عبيد الله بن أحمد الزراري قال أنشدنا
أبو بكر بن الأنباري:
وكم من قائل قد قال دعه * فلم يك وده لك بالسليم
فقلت إذا جزيت الغدر غدرا * فما فضل الكريم على اللئيم
وأين الألف يعطيني عليه * وأين رعاية الحق القديم
وقال التنوخي أنشدني أبو العباس الزراري لنفسه:
لي صديق قد صيغ من سوء عهد * ورماني الزمان فيه بصد
296

كان وجدي به فصار عليه * وطريف زوال وجد بوجد
(الزرقاني)
أبو عبد الله محمد بن عبد الباقي بن يوسف المصري المالكي المتوفي
سنة 1122 (غقكب) له شرح الموطأ وشرح المواهب اللدنية بالمنح المحمدية
للقسطلاني وغير ذلك اخذ عن حافظ العصر البابلي وعن والده العالم المتبحر
عبد الباقي المتوفى سنة 1099 شارح مختصر خليل في فقه مالك وشارح المقدمة
العزية وغير ذلك قال الفيروز آبادي في (ق) زرقان كعثمان لقب أبي جعفر الزيات
المحدث ووالد عمرو شيخ للأصمعي انتهى.
(قلت) زرقان كنعمان موضع بناحية قم أيضا.
(الزركشي)
بدر الدين أبو عبد الله محمد بن بهادر بن عبد الله التركي المصري المنهاجي
كان أبوه بهادر مملوكا لبعض الأكابر وتعلم ابنه محمد في صغره صنعة الزركش
ثم حفظ المنهاج في الفقه فقيل له المنهاجي رحل إلى حلب ودمشق لطلب العلم
واخذ عن مغلطاي والأسنوي والبلقيني وغيرهم له يقظة العجلان في أصول الفقه
وسلاسل الذهب في الأصول وتشنيف المسامع في شرح جمع الجوامع في أصول
الفقه لتاج الدين السبكي وزهر العريش في احكام الحشيش، وغير ذلك،
توفى بالقاهرة سنة 794 (ذصد).
(الزرندي)
الحافظ جمال الدين محمد بن يوسف الزرندي المدني كان من أكابر الحفاظ
والعلماء الاعلام من أهل السنة له تبا درر السمطين في فضائل المصطفى
والمرتضى والبتول والسبطين " ع " توفي في بضع وخمسين وسبعمائة.
297

(الزعفراني)
أبو القسم عمر بن جعفر اللغوي الأديب الشاعر المعروف بالرومي المعاصر
للصاحب بن عباد ومادحه، يحكى انه أنشد الصاحب أبياتا نونية منها قوله:
أيا من عطاياه تهدي الغنى * إلى راحتي من نأى أودنا
كسوت المقيمين والزائرين * كسا لم يخل مثلها ممكنا
وحاشية الدار يمشون في * صنوف من الخز إلا انا
فقال الصاحب قرأت في اخبار معن بن زائدة الشيباني ان رجلا قال احملني
أيها الأمير فأمر له بناقة وفرس وبغل وحمار وجارية ثم قال: لو علمت أن
الله تعالى خلق مركوبا غير هذا لحملتك عليه وانا فقد أمرنا لك بجبة وقميص
ودراعة وسراويل ومنديل ومطرف ورداء وكساء وجورب وكيس ولو علمنا
لباسا آخر يتخذ من الخز لأعطيناك. وقد يطلق الزعفراني على أبى علي الحسن
ابن محمد بن الصباح أحد رواة أقوال الشافعي المتوفى سنة 260.
قال صاحب القاموس الزعفران: معروف وإذا كان في بيت لا يدخله سام
أبرص إلى أن قال والزعفرانية قرية بهمذان منها القاسم بن عبد الرحمن شيخ
الدارقطني وببغداد منها الحسن بن محمد بن الصباح صاحب الشافعي واليه ينسب
درب الزعفراني.
(الزمخشري)
جار الله أبو القاسم محمود بن عمر بن محمد الخوارزمي المعتزلي أستاذ فن
البلاغة صاحب المصنفات المعروفة أساس البلاغة والأنموذج وأطواق الذهب
والفائق، واعجب العجب شرح لامية العرب والكشاف عن حقائق التنزيل وهذا
الكتاب أشهر مصنفاته وقد اعتنى به الفضلاء وقيل في مدحه:
ان التفاسير في الدنيا بلا عدد * وليس فيها لعمري مثل كشاف
ان كنت تبغي الهدى فالزم قراءته * فالجهل كالداء والكشاف كالشافي
298

ونسب إليه:
كثر الشك والخلاف فكل * يدعي الفوز بالصراط السوي
فاعتصامي بلا إله سواه * ثم حبي لأحمد وعلي
فاز كلب بحب أصحاب كهف * كيف أشقى بحب آل النبي
وينسب إليه أيضا:
تزوجت لم اعلم وأخطأت لم أصب * فيا ليتني قد مت قبل التزوج
فوالله لا أبكي على ساكني الثرى * ولكنني أبكي على المتزوج
وله على ما حكي عن ترجمته المطبوعة في الجزء الأخير من الكشاف:
إذا سألوا عن مذهبي لم أبح به * واكتمه كتمانه لي أسلم
فان حنيفا قلت قالوا بأنه * يبيع الطلا وهو الشراب المحرم
وان مالكيا قلت قالوا بأنني * أبيح لهم لحم الكلاب وهم هم
وان شافعيا قلت قالوا بأنني * أبيح نكاح البنت والبنت تحرم
وان حنبليا قلت قالوا بأنني * ثقيل حلولي بغيض مجسم
وله أيضا في مدح الخمول:
اطلب أبا القاسم الخمول ودع * غيرك يطلب أساميا وكنى
شبه ببعض الأموات نفسك لا * تبرزه إن كنت عاقلا فطنا
ادفنه في البيت قبل ميتته * واجعل له من خموله كفنا
علك تطفي ما أنت موقده * إذ أنت في الجهل تخلع الرسنا
سافر إلى مكة وجاور بها زمانا ولقب جار الله، يحكى انه سقطت إحدى
رجليه من ثلج أصابه في بعض الاسفار وتقدم في ابن الشجري ما جرى بينه وبينه
لما قدم الزمخشري بغداد توفي بجرجانية خوارزم بعد رجوعه من مكة المعظمة
ليلة عرفة سنة 538 (ثلح) وكان أوصى أن يكتب هذه الأبيات على قبره
وأوردها في تفسيره في سورة البقرة:
299

يا من يرى مد البعوض جناحها * لي ظلمة الليل البهيم الأليل
ويرى مناط عروقها في نحرها * والمخ في تلك العظام النحل
اغفر لعبد تاب عن فرطاته * ما كان منه في الزمان الأول
والزمخشري نسبة إلى زمخشر كسفرجل قرية بنواحي خوارزم وقد تقدم في
أخطب خوارزم ما يتعلق بخوارزم.
(الزواري)
علي بن الحسين الزواري الأصبهاني الشيخ العالم الفاضل المفسر من فضلاء
الامامية كان من تلامذة المحقق الكركي وأستاذ المولى فتح الله الكاشاني له تأليفات
منها تفسير كبير فارسي معروف بالتفسير الزواري وله شرح نهج البلاغة وترجمة
كشف الغمة فرغ منها سنة 938 وله أيضا ترجمة مكارم الأخلاق وعدة الداعي
والاحتجاج واعتقاد الصدوق وتفسير الامام. والزواري بكسر الزاي نسبة إلى
زوارة قصبة من اعمال أصبهان معروفة بقرية السادات لكثرة العلويين فيها.
(الزوزني)
أبو عبد الله الحسين بن علي بن أحمد الزوزني كان وحيد عصره في النحو
واللغة والعربية له ترجمان القرآن وشرح المعلقات توفي سنة 486 (تفو) والزوزني
نسبة إلى زوزن بالفتح بلد بين هراة ونيسابور.
(الزهاد الثمانية)
الربيع بن خيثم، وهرم ككتف ابن حيان، وأويس القرني، وعامر بن
عبد قيس وهؤلاء الأربعة كانوا مع علي (عليه السلام) ومن أصحابه وكانوا زهادا
أتقياء كذا قال الفضل بن شاذان وأما الأربعة الباقية فهم على الباطل وهم
أبو مسلم الخولاني، ومسروق بن الأجدع، والحسن البصري، وأسود بن يزيد
وجرير بن عبد الله.
300

(الزهري)
بضم الزاي وسكون الهاء أبو بكر محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله
ابن الحرث بن شهاب بن زهرة بن كلاب الفقيه المدني التابعي المعروف وقد
ذكره علماء الجمهور وأثنوا عليه ثناء بليغا قيل إنه قد حفظ علم الفقهاء السبعة
ولقى عشرة من الصحابة، وروى عنه جماعة من أئمة علم الحديث وأما علماؤنا
فقد اختلفت كلماتهم في مدحه وقدحه وقد ذكرنا ما يتعلق به في سفينة البحار
وأبو إسحاق الزهري إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف
الزهري من أهل مدينة رسول الله (صلى الله عليه وآله) سمع أباه وابن شهاب الزهري وهشام
ابن عروة وغيرهم، وروى عنه جمع كثير منهم علي بن الجعد وابن حنبل كان قد
نزل بغداد وأقام بها إلى حين وفاته عن تقريب ابن حجر، الزهري أبو إسحاق
المدني نزيل بغداد ثقة حجة تكلم فيه بلا قادح ومات سنة 185 انتهى.
وروى الخطيب في تاريخ بغداد ج 4 ص 84: ان أبا إسحاق الزهري
المذكور قدم العراق سنة 184 فأكرمه الرشيد وأظهر بره وسئل عن الغناء فأفتى
بتحليله وأتاه بعض أصحاب الحديث ليسمع منه أحاديث الزهري فسمعه يتغنى
فقال: لقد كنت حريصا على أن اسمع منك فأما الآن فلا سمعت منك حديثا
فقال: إذا لا أفقد إلا شخصك علي وعلي إن حدثت ببغداد ما أقمت حديثا
حتى أغني قبله وشاعت عنه هذه ببغداد فبلغت الرشيد فدعا به فسأله عن حديث
المخزومية التي قطعها النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في سرقه الحلي فدعا بعود فقال الرشيد: أعود
المجمر؟ قال: لا ولكن عود الطرب فتبسم ففهمها إبراهيم بن سعد فقال: لعله
بلغك يا أمير المؤمنين حديث السفيه الذي آذاني بالأمس وألجأني إلى أن حلفت
قال: نعم ودعا له الرشيد بعود فغناه:
يا أم طلحة ان البين قد أفدا * قل الثواء لئن كان الرحيل غدا
301

فقال الرشيد من كان من فقهائكم يكره السماع؟ قال: من ربطه الله قال:
فهل بلغك عن مالك بن أنس في هذا شئ؟ قال: لا والله إلا ان أبى أخبرني انهم
اجتمعوا في مدعاة كانت في بني يربوع وهم يومئذ جلة ومالك أقلهم من فقهه
وقدره ومعهم دفوف ومعازف وعيدان يغنون ويلعبون ومع مالك دف مربع
وهو يغنيهم:
سليمى أجمعت بينا * فأين لقاؤها أينا
وقد قالت لأتراب * لها زهر تلاقينا
تعالين فقد طاب * لنا العيش تعالينا
فضحك الرشيد ووصله بمال عظيم انتهى.
توفي ببغداد سنة 185 ودفن في مقابر باب التين، والمسور بن مخرمة الزهري
كان رسول أمير المؤمنين عليه السلام إلى معاوية كما في كتب الرجال ويظهر
من خبر انه كان عثمانيا وكان لخلافة علي " عليه السلام " كارها.
عن المناقب عن الليث بن سعد باسناده: ان رجلا نذر ان يدهن بقارورة
رجلي أفضل قريش فسأل عن ذلك فقيل ان مخرمة أعلم الناس اليوم بأنساب قريش
فاسأله عن ذلك فأتاه وسأله وقد خرف وعنده ابنه المسور فمد الشيخ رجليه
وقال: ادهنهما فقال: المسور ابنه للرجل لا تفعل أيها الرجل فان الشيخ قد خرف
وإنما ذهب إلى ما كان في الجاهلية وأرسل إلى الحسن والحسين عليهما السلام
وقال: ادهن بها أرجلهما فهما أفضل الناس وأكرمهم اليوم.
قال ابن نما: ناحت على الحسين " عليه السلام " الجن وكان نفر من أصحاب
النبي (صلى الله عليه وآله) منهم المسور بن مخرمة يستمعون النوح ويبكون، وعن أسد الغابة
انه ولد بمكة بعد الهجرة بسنتين وكان فقيها من أهل العلم والدين ولم يزل مع خاله
عبد الرحمن في أمر الشورى وكا هواه فيها مع علي " عليه السلام " وأقام بالمدينة إلى أن
قتل عثمان ثم سار إلى مكة فلم يزل بها حتى توفي معاوية وكره بيعة يزيد وأقام
302

مع ابن الزبير بمكة حتى قدم الحصين بن نمير في جيش من الشام لقتال ابن الزبير
بعد وقعة الحرة فقتل المسور أصابه حجر منجنيق وهو يصلي في الحجر فقتله
مستهل ربيع الأول سنة 64 وصلى عليه ابن الزبير وكان عمره 62 سنة انتهى.
أقول: واما الزهري العامري الذي ذكره القاضي نور الله في المجالس في
شعراء الشيعة وذكر من شعره قوله:
علي لعمري كان بالناس أرأفا * وفي العلم بالأحكام امضى وأعرفا
فما عذر قوم أخروه وقدموا * عديا وتيما فهو أعلى وأشرفا
فلم يظهر لي اسمه ولا عصره كاسم الزهري الذي تشرف بلقاء مولانا الحجة
عليه السلام وسمع منه قوله: ملعون ملعون من اخر العشاء إلى أن اشتبك النجوم
ملعون ملعون من اخر الغداة إلى أن تنقضي النجوم.
(الزيات)
أبو عمارة حمزة بن عمارة الكوفي كان أحد القراء السبعة وعنه اخذ
الكسائي القراءة وأخذ هو عن الأعمش وإنما قيل له الزيات لأنه كان يجلب الزيت
من الكوفة إلى حلوان ويجلب من حلوان الجبن والجوز إلى الكوفة فعرف به.
وعن ابن النديم قال: أول من صنف في متشابه القرآن حمزة بن حبيب
الزيات الكوفي من شيعة أبي عبد الله الصادق " عليه السلام " وصاحبه المتوفى سنة 156 (قنو)
بحلوان انتهى.
نقل العلامة المجلسي (ره) عن الدر المنثور عن حمزه الزيات قال: خرجت
ذات ليلة أريد الكوفة فآواني الليل إلى خرابة فدخلتها فبينا انا فيها إذ دخل علي
عفريتان من الجن فقال أحدهما لصاحبه: هذا حمزة بن حبيب الزيات الذي يقري
الناس بالكوفة قال: نعم والله لأقتلنه قال: دعه المسكين يعيش قال: لأقتلنه فلما
أزمع على قتلي قلت: بسم الله الرحمن الرحيم شهد الله انه لا إله إلا هو والملائكة
303

إلى قوله العزيز الحكيم وانا على ذلك من الشاهدين فقال له صاحبه: دونك الآن
فاحفظه راغما إلى الصباح.
(زيني دحلان)
هو أحمد بن زيني بن أحمد دحلان المكي مفتي السادة الشافعية بمكة المعظمة
وشيخ الاسلام له مؤلفات كثيرة مطبوعة متداولة منها: الأزهار الزينية في شرح
متن الألفية وتاريخ الدول الاسلامية، تقريب الأصول تنبيه الغافلين مختصر منهاج
العابدين الدرر السنية في الرد على الوهابية الفتوحات الاسلامية خلاصة الكلام
في أمراء البلد الحرام إلى غير ذلك قلت: ومن ذلك الكتاب نقل شيخنا في
مستدرك الوسائل دعاء للاكتحال وهو هذا اللهم رب الكعبة وبانيها وفاطمة
وأبيها وبعلها وبنيها نور بصري وبصيرتي وسري وسريرتي، قال: وقد جرب
هذا الدعاء لتنوير البصر وان من ذكره عند الاكتحال نور الله بصره توفي
سنة 1304 (غشد) وتقدم في أبو بكر بن شهاب الامامي الحضرمي انه
تلمذ عليه.
(الزينبي)
نسبة إلى زينب بنت سليمان بن علي بن عبد الله بن العباس زوجة إبراهيم
الامام أم محمد بن إبراهيم كانت في طبقة المنصور وكان بنو العباس يعظمونها
وهي التي كلمت المأمون في ترك لباس الخضرة والعود إلى السواد فأجابها المأمون
إلى ذلك فممن ينتهى إليها الشريف أبو القاسم علي بن طراد بن نقيب النقباء وزير
المسترشد والمقتفي وقد تقدم في ابن الفضل الإشارة إليه وأما محمد بن حسان الرازي
أبو عبد الله الزينبي من أصحاب الهادي " عليه السلام " أو ممن لم يرو عنهم صاحب
كتاب ثواب إنا أنزلنا وثواب الأعمال فلم يثبت كونه الزينبي بل في كثير من
النسخ انه الزينبي نسبة إلى بيع الزبيب.
304

(السائح)
أبو الحسن علي بن أبي بكر بن علي الهروي الأصل الموصلي المولد نزيل
حلب طاف البلاد وأكثر من الزيارات قيل إنه لم يترك برا ولا بحرا ولا سهلا ولا
جبلا من الأماكن التي يمكن قصدها ورؤيتها إلا رآه ولم يصل إلى موضع إلا
كتب خطه في حائطه ولقد كثر ذلك حتى ضرب به المثل قال الشاعر في ذم شخص
يستجدي من الناس بأوراقه.
أوراق كديته في بيت كل فتى * على اتفاق معان واختلاف روي
قد طبق الأرض من سهل ومن جبل * كأنه خط ذاك السائح الهروي
له كتاب الزيارات وكتاب الخطب الهروية توفي في مدرسة حلب
سنة 611 (خيا) والهروي تقدم في أبو الصلت ما يتعلق به.
(السبتي)
أبو العباس أحمد بن هارون الرشيد بن المهدي بن المنصور الهاشمي،
حكي انه ترك الدنيا في حياة أبيه مع القدرة وآثر الانقطاع والعزلة وقيل له
السبتي لأنه كان يتكسب بيده في يوم السبت شيئا ينفقه في بقية الأسبوع
ويتفرغ للاشتغال بالعبادة ولم يزل على هذه الحال إلى أن توفي سنة 184 قبل
موت أبيه، وأبو العباس احمد السبتي من اعلام المتصوفة بالمغرب قيل إنه كان
في آخر المائة السادسة بمراكش وينسب إليه علم الزايرجة وهو من القوانين الصناعية
لاستخراج الغيوب.
(سبط ابن الجوزي)
أبو المظفر يوسف بن قزغلي البغدادي كان عالما فاضلا مؤرخا كاملا له
كتاب تذكرة خواص الأمة بذكر خصائص الأئمة " عليه السلام " ومرآة الزمان في تاريخ
305

الأعيان في نحو أربعين مجلدا عن الذهبي قال يأتي فيه بمناكير الحكايات وما أظنه
بثقة بل يبخس ويجازف ثم انه يترفض انتهى.
قال ابن خلكان في أحوال الوزير عون الدين أبى المظفر يحيى بن هبيرة بن
محمد بن هبيرة الشيباني الأديب الفاضل الذي كان وزيرا في أيام المقتفى لأمر الله
والمستنجد بالله توفي سنة 560 ما هذا لفظه وذكر الشيخ شمس الدين أبو المظفر
يوسف بن قزغلي بن عبد الله سبط الشيخ جمال الدين أبى الفرج ابن الجوزي في
تاريخه الذي سماه مرآة الزمان ورأيته بدمشق في أربعين مجلدا وجميعه بخطه
وكان أبوه قزغلي مملوك عون الدين بن هبيرة المذكور وزوجه بنت الشيخ
جمال الدين انى الفرج المذكور فأولدها شمس الدين فولاؤه له، انتهى.
توفي سنة 654 (خند) بدمشق ودفن في جبل قاسيون.
(السبعي)
الشيخ فخر الدين أحمد بن محمد بن عبد الله الأحسائي ينتهي نسبه إلى
سبع بن سالم بن رفاعة فلهذا يقال له السبعي الرفاعي كان عالما فاضلا فقيها جليلا
من تلامذة ابن المتوج البحراني ذكره ابن أبي جمهور الأحسائي وصاحب (ض)
له شرح قواعد العلامة وشرح الألفية الشهيدية ومن شعره تخميس قصيدة
الشيخ رجب البرسي في مدح أمير المؤمنين " عليه السلام " منها قوله:
أعيت صفاتك أهل الرأي والنظر * وأوردتهم حياض العجز والحصر
أنت الذي دق معناه لمعتبر * يا آية الله بل يا فتنة البشر
يا حجة الله بل يا منتهى القدر
ففي حدوثك قوم في هواك غووا * إذ أبصروا منك أمرا معجزا فغلوا
حيرت أذهانهم يا ذا العلى فغوا * هيمت أفكار ذي الأفكار حين رووا
آيات شأنك في الأيام والعصر
306

أدركت مرتبة ما الوهم مدركها * وخضت من غمرات الموت مهلكها
مولاي يا مالك الدنيا وتاركها * أنت السفينة من صدقا تمسكها
نجا ومن حاد عنها خاض في الشرر
جاءت بتعظيمك الآيات والسور * فالبعض قد آمنوا والبعض قد كفروا
والبعض قد وقفوا جهلا وما اختبروا * وكم أشاروا وكم ابدواوكم ستروا
والحق يظهر من باد ومستتر
توفي في الهند سنة 960 ونيف.
(السبكي)
بالضم قاضي القضاة تقي الدين علي بن عبد الكافي بن علي الخزرجي
الأنصاري المصري الشافعي الأشعري المعروف عند العامة بالفضل وكثير من
العلوم ذكره تلميذه الرشيد صلاح الدين الصفدي الشامي في كتابه الوافي بالوفيات
الذي جعله ذيلا على تاريخ ابن خلكان ومدحه بمدائح فاخرة وقال
عمل الزمان حساب كل فضيلة * بجماعة كانت لتلك محركه
فرآهم المنفرقين على المدى * في كل فن واحد قد أدركه
فأتى به من بعدهم فأتى بما * جاءوا به جمعا فكان الفذلكه
له مصنفات مثل شفاء السقام في زيارة خير الأنام صلى الله عليه وآله رد فيه على ابن
تيمية ولد أول صفر سنة 683 وتوفي سنة 756 (ذنو) وابنه أبو حامد احمد
ابن علي بهاء الدين كان كأبيه الفاضل له كتاب عروس الأفراح في شرح تلخيص
المفتاح والشرح المطول على مختصر ابن الحاجب وغير ذلك وكان أبوه يعجب به
ويثني عليه وقال فيه:
دروس احمد خير من دروس على * وذاك عند علي غاية الامل
توفي سنة 733 وابنه الآخر قاضي القضاة تاج الدين عبد الوهاب بن علي
307

ابن عبد الكافي كان فاضلا قرأ على المزني ولازم الذهبي وأمعن في طلب الحديث
ودرس في غالب مدارس دمشق وناب عن أبيه في الحكم ثم استقل به وانتهت إليه
رئاسة القضاء والمناصب بالشام، حكي ان أهل زمانه رموه بالكفر وتحزبوا عليه
وأتوا به مقيدا مغلولا من الشام إلى مصر وجرى عليه من المحن والشدائد ما لم
يجر على قاض قبله له جمع الجوامع في أصول الفقه ورفع الحاجب عن مختصر ابن
الحاجب وشرح منهاج البيضاوي وطبقات الشافعية الكبرى إلى عن ذلك، توفي
بالطاعون سنة 771 (ذعا) والسبكي نسبة إلى سبك قريتين بمصر إحداهما سبك
الضحاك وثانيهما سبك العبيد منها السبكي المذكور كما في القاموس.
(السجاعي)
الشيخ أحمد بن شهاب الدين أحمد بن محمد السجاعي المصري الأزهري
الشافعي قرأ على والده وعلى كثير من مشايخ الوقت وتصدر للتدريس في حياة
أبيه وبعد موته وصار من أعيان العلماء ولازم الشيخ حسن الجبرتي واخذ عنه
علم الحكمة، له تأليفات كثيرة منها رسالة في إثبات كرامات الأولياء وفتح
المنان لبيان الرسل التي في القرآن وشرح على معلقة امرئ القيس وحاشية على
شرح القطر لابن هشام إلى غير ذلك، توفي سنة 1179 (غقصز).
(السجاوندي)
سراج الدين محمد بن محمد بن عبد الرشيد الحنفي الظاهر أنه كان من علماء
المائة الخامسة له كتاب في الفرائض يقال له الفرائض السجاوندية (خ ل السراجية)
وقد اعتنى بها الفضلاء وشرحوها شروحا كثيرة.
(السجستاني)
نسبة إلى سجستان معرب سيستان وقد تقدم ما يتعلق به في أبو حاتم
السجستاني وينسب إليه أبو داود السجستاني صاحب السنن وابنه أبو بكر
308

عبد الله بن سليمان بن الأشعث ولد سنة 230 رحل به أبوه من سجستان يطوف
به شرقا وغربا وسمعه من علماء ذلك الوقت واستوطن بغداد وحدث بها وكان
أحد حفاظ العامة بل قيل إنه احفظ من أبيه يروي الخطيب عن أحمد بن عمر عن
محمد بن عبد الله القطان قال: كنت عند محمد بن جرير الطبري فقال له رجل:
ان ابن أبي داود يقرأ على الناس فضائل علي بن أبي طالب " عليه السلام " فقال ابن
جرير تكبيرة من حارس قال: الخطيب قلت: كان ابن أبي داود يتهم بالانحراف
عن علي " عليه السلام " والميل عليه ثم روى عنه انه كان يقول كل من بيني وبينه شئ
أو ذكرني بشئ فهو في حل إلا من رماني ببغض علي بن أبي طالب " عليه السلام "، توفي
سنة 316 ودفن في مقبرة باب البستان وصلى عليه زهاء ثلاثمائة الف إنسان
وأكثر، صلى عليه مطلب الهاشمي ثم أبو عمر حمزة بن القسم الهاشمي صلى عليه
ثمانين مرة حتى أنفذ المقتدر بنازوك فخصلوا جنازته ودفنوه وينسب إليه أيضا
دعلج بن أحمد أبو محمد السجستاني المعدل الذي ذكره الخطيب في تاريخه سمع
الحديث ببلاد خراسان وكثير من بلاد العجم والعراق والحجاز وكان من ذوي
اليسار واحد المشهورين بالبر والأفضال وله صدقات جارية كان جاور بمكة
زمانا ثم سكن بغداد واستوطنها وحدث بها حكى الخطيب باسناده عن شيخ قال:
حضرت يوم جمعة مسجد الجامع بمدينة المنصور فرأيت رجلا بين يدي في الصف
حسن الوقار ظاهر الخشوع دائم الصلاة لم يزل يتنفل مذ دخل المسجد إلى قرب
قيام الصلاة ثم جلس فعلتني هيبته ودخل قلبي محبته ثم أقيمت الصلاة فلم يصل مع
الناس الجمعة فكبر علي ذلك من امره وتعجبت من حاله فغاظني فعله فلما قضيت
الصلاة تقدمت إليه وعاتبته على فعله فقال: يا هذا ان لي عذرا ولى علة منعتني
عن الصلاة قلت: وما هي؟ فقال: انا رجل على دين اختفيت في منزلي مدة بسببه
ثم حضرت اليوم الجامع للصلاة فقبل ان تقام التفت فرأيت صاحبي الذي له علي
الدين ورائي فمن خوفي أحدثت في ثيابي فهذا خبري قال: قلت: ومن صاحب
309

الدين؟ قال دعلج بن أحمد قال فنمي الخبر إلى دعلج فأمر بأن يحمل الرجل
المديون إلى الحمام ويخلع عليه خلعة من ثيابه ثم يجاء به إلى منزله فأمر له بالطعام
فأكل ثم اخرج حسابه فإذا له عليه خمسة آلاف درهم فضرب على حسابه وكتب
تحته علامة الوفاء ثم أعطاه خمسة آلاف درهم وقال أسألك ان تجعلنا في حل من
الروعة التي دخلت قلبك برؤيتك إيانا في الجامع انتهى، ملخصا توفي سنة 351.
(سحنون)
بالفتح والضم أبو سعيد عبد السلام بن سعيد التنوخي الفقيه المالكي
انتهت الرياسة في العلم إليه بالمغرب وصنف كتاب المدونة في مذهب مالك وعلى
كتابه يعمل أهل قيروان توفي سنة 240 (رم) وصلى عليه الأمير محمد بن الأغلب
ووجه إليه بكفن وحنوط واحتال ابنه محمد حتى كفنه في غيره وتصدق
بذلك. سحنون طائر حديد الذهن بالمغرب لقب الرجل به.
(السخاوي)
أبو الحسن علم الدين علي بن محمد بن عبد الصمد المصري النحوي المقري
شيخ القراء اخذ عن الشاطبي والناج الكندي له شرح الشاطبية وشرح المفصل
للزمخشري وله قصائد وأراجيز ومدائح في النبي (صلى الله عليه وآله).
عن ابن خلكان قال: رأيته بدمشق والناس يزدحمون عليه في الجامع
لأجل القراءة ولا تقع لواحد منهم نوبة إلا بعد زمان قال: وكانت حلقته عند
قبر زكريا " عليه السلام " انتهى.
توفي سنة 643 (خمج) بدمشق وأنشد عند ذلك:
قالوا غدا نأتي ديار الحمى * وينزل الركب بمغناهم
فكل من كان مطيعا لهم * أصبح مسرورا بلقياهم
قلت فلي ذنب فما حيلتي * بأي وجه أتلقاهم
310

قالوا أليس العفو من شأنهم * لا سيما عمن ترجاهم
وذيلها العالم الاجل السيد نصر الله الحائري بقوله:
فجئتهم أسعى إلى بابهم * أرجوهم طورا وأخشاهم
والسخاوي نسبة إلى سخا كورة بمصر ينسب إليها علم الدين المذكور كما أنه
ينسب إليها شمس الدين محمد بن عبد الرحمن بن محمد السخاوي نزيل الحرمين المتوفي
سنة 902 صاحب الضوء اللامع في أعيان القرن التاسع والتبر المسبوك في ذيل
السلوك، والسلوك كتاب للمقريزي لمعرفة دول الملوك والمقاصد الحسنة في بيان
كثير من الأحاديث المشتهرة على الألسنة وينسب إليها أيضا محمد بن عبد الرحمن
ابن محمد السمرقندي السخاوي صاحب كتاب عمدة الطالب لمعرفة المذاهب ذكر
فيه خلاف العلماء الأربعة وداود والشيعة توفي بماردين سنة 721 (ذكا).
(السدى)
أبو محمد إسماعيل بن عبد الرحمن الكوفي المفسر المعروفة أقواله في كتاب
التبيان وغيره كان نظير مجاهد وقتادة والكلبي والشعبي ومقاتل ممن يفسرون
القرآن الكريم بآرائهم عده الشيخ في أصحاب السجاد والباقرين " عليه السلام " وعن ابن
حجر انه صدوق متهم رمى بالتشيع من الرابعة.
وعن السيوطي انه قال في الاتقان أمثل التفاسير تفسير إسماعيل السدي،
روى عنه الأئمة مثل الثوري وشعبة انتهى.
حكي: انه أدرك أنس بن مالك ورأى الحسين بن علي " عليه السلام " وقال
الترمذي: وثقه سفيان الثوري وشعبة ويحيى بن سعيد القطان وغيرهم، توفي في
حدود سنة 128 (قكح) وهو السدى الكبير والسدي الصغير حفيده محمد بن
مروان بن عبد الله بن إسماعيل بن عبد الرحمن الكوفي روى عن محمد بن السائب
الكلبي كتاب التفسير، ذكره الخطيب البغدادي وقال: قدم بغداد وحدث بها
311

وقال: انه ضعيف متروك الحديث والسدي بضم السين وتشديد الدال المهملتين
منسوب إلى سدة مسجد الكوفة وهي ما يبقى من الطاق المسدود.
(السراج)
أبو محمد جعفر بن أحمد بن الحسين المعروف بالقارئ البغدادي سمع
أبا القاسم التنوخي وجماعة وروى عنه السلفي له نظم التنبيه في الفقه ومصارع
العشاق وغير ذلك، توفي في سنة 500 أو 501.
(السراد)
الحسن بن محبوب يكنى أبا على مولى بجيلة كوفي ثقة روى عن أبي الحسن
الرضا " عليه السلام " وروى عن ستين رجلا من أصحاب أبي عبد الله وكان جليل القدر
يعد في الأركان الأربعة في عصره له كتب كثيرة منها كتاب المشيخة كتاب
الحدود كتاب الديات كتاب الفرائض كتاب النكاح كتاب الطلاق كتاب
النوادر نحو الف ورقة (كش) علي بن محمد القتيبي قال حدثني جعفر بن محمد بن
الحسن بن محبوب نسبة جده الحسن بن محبوب بن الحسن بن محبوب بن وهب بن
جعفر بن وهب وكان عبدا سنديا مملوكا لجرير بن عبد الله البجلي زرادا فصار إلى
أمير المؤمنين " عليه السلام " وسأله ان يبتاعه من جرير فكره جرير ان يخرجه من يده فقال
الغلام حر فلما صح عتقه صار في خدمة أمير المؤمنين " عليه السلام " ومات الحسن بن محبوب
في آخر سنة 224 (ركد) وكان من أبناء خمس وسبعين سنة وكان آدم شديد
الأدمة انزع سباطا خفيف العارضين ربعة من الرجا ليجمع من وركه
الأيمن (كش) عن ابن أبي نصر قال: قلت: لأبي الحسن الرضا " عليه السلام " ان
الحسن بن محبوب الزراد أتانا برسالة قال: صدق لا تقل الزراد بل قل السراد ان
الله تعالى يقول وقدر في السرد (كش) عن نصر بن الصباح وسمعت أصحابنا
ان محبوبا أبا حسن كان يعطي الحسن بكل حديث يكتبه عن علي بن رئاب درهما
312

واحدا انتهى. قال السيد ابن طاوس في محكي كتابه غياث سلطان الورى لسكان
الثرى الثاني عشر ما رواه الحسن بن محبوب في كتاب المشيخة عن الصادق " عليه السلام "
انه قال: يدخل على الميت في قبره الصلاة والصوم والحج والصدقة والبر الدعاء
قال: ويكتب اجره للذي يفعله وللميت وهذا الحسن بن محبوب يروي عن ستين
رجلا من أصحاب أبي عبد الله " عليه السلام ".
وروى عن الرضا " عليه السلام " وقد دعا له الرضا وأثنى عليه فقال فيما كتبه ان
الله عز وجل قد أيدك بحكمة وأنطقها على لسانك قد أحسنت وأصبت أصاب الله
بك الرشاد ويسرك للخير ووفقك لطاعته.
(السرخسي)
شمس الأئمة محمد بن أحمد بن أبي سهل السرخسي الحنفي كان فاضلا
متكلما أصوليا مجتهدا أملى المبسوط في فقه الحنفي وهو في السجن وكان محبوسا
بسبب كلمة توفي في حدود سنة 483.
(السعدي)
الشيخ مصلح الدين سعدي بن عبد الله الشيرازي الشاعر الفارسي المشهور بفصاحة
اللسان وعذوبة البيان نظما ونثرا ويشهد لذلك كتبه فراجع كلستانه وبوستانه
يقال: انه كان ابن أخت العلامة القطب الشيرازي وكان مريدا للشيخ عبد القادر
الجيلاني وكان كثير الاسفار لاقى كثيرا من المشايخ كما يشير إلى ذلك بقوله:
در اقصاي عالم بكشتم بسي * بسر بردم أيام با هر كسي
تمتع زهر كوشه يافتم * زهر خرمني خوشه يافتم
توفي سنة 690 (خص أو خصا) كما قيل في تاريخه بالفارسية:
بروز جمعه بود وماه شوال * بتاريخ عرب خ ص اسال
هماي پاك روح شيخ سعدى * بيفشاند أو سوى عقبى پروبال
313

قال (ض): وقد يطلق السعدي على الشيخ الأقدم أبي عبد الله حسين بن
عبد الله بن سهل السعدي القمي مؤلف كتاب المتعة وغيره وقد يرمى بالغلو
ولذلك اخرج من قم في أوان إخراج أمثال هؤلاء من بلدة قم وكان من
أصحاب الهادي عليه السلام.
(سعيد العلماء)
المولى محمد سعيد البارفروشي المازندراني كان من أجلاء تلاميذ شريف
العلماء مسلما في الفقه والأصول.
يحكى ان شيخ الطائفة المحقق الأنصاري كان يتوقف عن الفتيا مع وجوده
إلى أن جاء كتابه اني لو كنت اعلم من الشيخ في أيام الاشتغال لكني صرت تاركا
في بلاد العجم ولكن الشيخ جد في الاشتغال فهو المتعين اخذ منه الحاج المولى
محمد الأشرفي والحاج الشيخ زين العابدين المازندراني الحائري وله الرواية عنه
توفي في حدود سنة 1270.
(السفاح)
أبو العباس عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب
أول خلفاء بني العباس.
قال المسعودي: بويع له بالخلافة ليلة الجمعة لثلاث عشرة ليلة خلت من
شهر ع 2 سنة 132 (قلب) وكانت خلافته أربع سنين وتسعة أشهر ومات
بالأنبار في مدينته التي بناها وذلك في 12 (حج) سنة 136 (قلو) وكانت أمه
أولا تحت عبد الملك ابن مروان فكان له منها الحجاج بن عبد الملك فلما توفي
عبد الملك تزوجها محمد بن علي بن عبد الله بن العباس فولدت منه عبد الله بن محمد
السفاح وعبيد الله وداود وميمونة انتهى ملخصا
وتقدم في ابن عباس ذكر والد السفاح وجده قيل لم يكن أحد من الخلفاء
314

يحب مسامرة الرجال مثل السفاح وكان كثيرا ما يقول إنما العجب ممن يترك ان
يزداد علما ويختار ان يزداد جهلا فقال له أبو بكر الهذلي ما تأويل هذا
الكلام؟ قال: يترك مجالسة مثلك وأمثال أصحابك ويدخل إلى امرأته وجاريته
فلا يزال يسمع سخفا ويروى نقصا، أقول ذكره ابن الطقطقي في الفخري وقال:
كان كريما حليما وقورا عاقلا كثير الحياء حسن الأخلاق ولما بويع واستوسق
له الامر تتبع بقايا بني أمية ورجالهم فوضع السيف فيهم وفى بعض أيامه كان
جالسا في مجلس الخلافة وعنده سليمان بن هشام بن عبد الملك وقد أكرمه السفاح
فدخل عليه سديف الشاعر فأنشده:
لا يغرنك ما ترى من رجال * ان تحت الضلوع داءا دويا
فضع السيف وارفع السوط حتى * لا ترى فوق ظهرها أمويا
فالتفت سليمان فقال: قتلتني يا شيخ. ودخل السفاح واخذ سليمان فقتل
ودخل عليه شاعر آخر وقد قدم الطعام وعنده نحو سبعين رجلا من بنى
أمية فأنشده:
أصبح الملك ثابت الأساس * بالبهاليل من بنى العباس
طلبوا وتر هاشم فشفوها * بعد ميل من الزمان وياس
لا تقيلن عبد شمس عثارا * وأقطعن كل رقلة وغراس
أنزلوها بحيث أنزلها الله * بدار الهوان والاتعاس
واذكروا مصرع الحسين وزيد * وقتيلا بجانب المهراس
والقتيل الذي بحران اضحى * ثاويا بين غربة وتناس
فالتفت أحدهم إلى من بجانبه وقال: قتلنا العبد ثم أمر بهم السفاح فضربوا
بالسيوف حتى قتلوا وبسط النطوع عليهم وجلس فوقهم فأكل الطعام وهو يسمع
أنين بعضهم حتى ماتوا جميعا وبالغ بنو العباس في استئصال شافة بني أمية حتى
نبشوا قبورهم بدمشق فنبشوا قبر معاوية بن أبي سفيان فلم يجدوا فيه إلا
315

خيطا مثل الهباء ونبشوا قبر يزيد فوجدوا فيه حطاما (عظاما ظ) كأنه
الرماد انتهى.
قيل لقب بالسفاح لكثرة سفح دماء المارقين من بني أمية وغيرهم.
(السكاك) انظر أبا جعفر السكاك.
(السكاكي)
أبو يعقوب يوسف بن أبي بكر بن محمد الخوارزمي المعتزلي الحنفي الملقب
سراج الدين السكاكيني صاحب كتاب مفتاح العلوم الذي لخص القسم الثالث منه
خطيب دمشق وشرحه التفتازاني بالمطول والمختصر وذكر السيد مجد الدين محمد
الحسيني المعاصر لشيخنا البهائي في كتاب زينة المجالس عنه حكاية في باب حسن
ثبات النية مشهورة توفى سنة 626 (خكو) وقد يطلق السكاكي على الميرزا أبى
تراب المير مرتضى الحسيني القزويني تلميذ العلامة المحقق الشيخ مرتضى الأنصاري
له مؤلف في الفقه توفي 26 ذي الحجة سنة 1303 (غشج).
(السكاكيني)
الحسن بن محمد بن أبي بكر الدمشقي الشيخ الجليل كان من علماء الإمامية
استشهد لأجل تشيعه 11 ج 1 سنة 744.
(السكري)
أبو حمزة محمد بن ميمون المروزي سمع أبا إسحاق السبيعي وعبد الملك بن
عمير وجابر الجعفي والأعمش وغيرهم، وكان من أهل الفضل والفهم حدث عنه
عبد الله بن المبارك وغيره واحتج بحديثه الشيخان في صحيحيهما ذكره الخطيب
في تاريخ بغداد وأثنى عليه كثيرا.
وروى أنه أراد جار له ان يبيع داره فقيل له بكم؟ قال: بألفين ثمن الدار
316

وألفين ثمن جوار أبى حمزة فبلغ ذلك أبا حمزة فوجه إليه بأربعة آلاف وقال: خذ
هذه ولا تبع دارك.
قال: توفي سنة 168 ولم يكن يبيع السكر وإنما سمي السكري لحلاوة
كلامه انتهى.
وقد يطلق على أبى سعيد الحسن بن الحسين السكري النحوي صاحب
الأبيات السائرة توفي سنة 275 (رعه).
(السكوني)
إسماعيل بن أبي زياد الذي يكثر الرواية عنه واحتمل بعض تشيعه ووثقه
المحقق الداماد والعلامة الطباطبائي وذكر الأول منهما الراشحة التاسعة من
الرواشح في حاله وأطال الكلام فيه الأستاذ الأكبر في التعليقة وشيخنا المحدث
المتبحر في خاتمة المستدرك.
وقال في المستدرك: وأما السكوني فخبره إما صحيح أو موثق وما اشتهر
من ضعفه فهو كما صرح به بحر العلوم غيره من المشهورات التي لا أصل لها فانا
لم نجد في تمام ما بأيدينا من كتب هذا الفن وما نقل عنه منها إشارة إلى قدح
فيه سوى نسبة العامية إليه في بعضها غير منافية للوثاقة ويدل على وثاقته
بالمعنى الأعم بل الأخص عند نقاد هذا الفن أمور ثم شرع (ره) في ذكر
الأمور المذكورة.
ثم قال: وروى الصدوق في العلل عن أبيه عن علي بن إبراهيم عن أبيه
عن النوفلي عن السكوني عن أبي عبد الله " عليه السلام " قال: من تعدى في الوضوء كان
كناقصه يروى بالصاد المهملة والضاد المعجمة.
قال المحقق السيد صدر الدين العاملي فلعل خطابه بمثل هذه يشعر بكونه
من أهل الأمانة قلت وذلك لأنه " عليه السلام " أشار في كلامه هذا إلى المخالفين وتعديهم
317

في الوضوء يجعل الغسلات ثلاثا ثلاثا ولذا ذكروا هذا الخبر في هذا الباب وفيه
إشعار بعدم عاميته ككثير من رواياته المخالفة للعامة وله شواهد كثيرة وذكر
الشواهد (منها) عدم وثاقته عند المخالفين.
فقال ابن حجر في التقريب: إسماعيل بن زياد أو أبو زياد الكوفي قاضي
الموصل متروك كذبوه من الثامنة.
وعن أبي عدي انه منكر الحديث ولا وجه له إلا إماميته، وقال
في الحاشية.
وقال الشيخ المفيد في رسالة المهر ردا على بعض أهل عصره بعد إثبات
مرامه: ورد كلامه ما لفظه ولا يخلو قوله من وجهين: إما ان يكون زلة منه
فهذا يقع من العلماء فقد قال الحكيم: لكل جواد عثرة ولكل عالم هفوة
وإما ان يكون قد اشتبه عليه فالأولى أن يقف عند الشبهة فيما لا يتحققه
فقد قال مولانا أمير المؤمنين " عليه السلام " الوقوف عند الشبهة خير من الاقتحام في
الهلكة وتركك حديثا لم تروه خير من روايتك حديثا لم تحصه وان على كل
حق حقيقة وعلى كل صواب نورا فما وافق كتاب الله فخذوه وما خالف
كتاب الله فدعوه حدثنا به عن السكوني عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده
عن علي (عليه السلام) وذكر الحديث انتهى.
ويظهر منه غاية اعتماده على السكوني من وجوه لا تخفى على المتأمل وقد
يطلق السكوني على أبي عمرو السكوني محمد بن محمد بن النصر بن منصور
(جش) رجل من أصحابنا من أهل البصرة شيخ الطائفة في وقته فقيه ثقة له كتب
منها كتاب السهو كتاب الحيض.
(السلامي)
أبو الفضل محمد بن ناصر بن محمد بن علي بن عمر البغدادي الحافظ الأديب
تلميذ الخطيب التبريزي توفي ببغداد سنة 550 (ثن) والسلامي نسبة إلى مدينة السلام
318

(والسلامي الشاعر) أبو الحسن محمد بن عبد الله بن محمد ينتهي إلى الوليد
ابن المغيرة أخي خالد بن الوليد المخزومي قالوا هو من أشعر أهل العراق نشأ
ببغداد وخرج منها إلى الموصل ثم اتصل بعضد الدولة واختص بخدمته في مقامه
وظعنه وكان عضد الدولة يقول إذا رأيت السلامي في مجلسي ظننت ان عطارد
قد نزل من الفلك إلي ووقف بين يدي توفي سنة 393 (شصج) له ديوان
وذكره صاحب نسمة السحر فيمن تشيع وشعر.
وقد يطلق على أبي الحسن عبد الله بن موسى بن الحسن كان من الرحالة
في طلب الحديث وكان أديبا شاعرا جيد الشعر كثير الحفظ للحكايات والنوادر
والاشعار صنف كتبا كثيرة في التواريخ ونوادر الحكام، قدم سمرقند قبل
الخمسين والثلاثمائة وخرج إلى بلخ وحدث بها ثم رجع إلى سمرقند ثم إلى
بخارا وأقام بها إلى أن مات سنة 374 كذا في تاريخ بغداد.
(سلطان العلماء)
أسيد الاجل الوزير الحسين بن الميرزا رفيع الدين محمد بن محمود الأمير
شجاع الدين محمود الحسيني الآملي الأصبهاني ينتهى إلى الأمير قوام الدين
المعروف بمير بزرك الوالي بمازندران كان (ره) عالما محققا مدققا علاء الدولة
والدين صاحب صدارة الأعاظم والعلماء جمع إلى الشرف عزا لجاه ونال من خير
الدنيا والآخرة مرتجاه جليل القدر عظيم الشأن والمشتهر أيضا بخليفة السلطان
فوض إليه في زمان الشاه عباس الماضي الصفوي أمر الوزارة والصدارة وصارت
له مرتبة عظيمة عند السلطان حتى اختاره لمصاهرته فتزوج السيد بنته فرزق
أولادا كثرة كلهم فضلاء أذكياء له تعليقات وحواش على كتب الفقه والأصول
كلها في نهاية الدقة والمتانة كحواشيه على شرح اللمعة والمعالم والمختلف والزبدة
وعلى بعض أبواب كتاب من لا يحضره الفقيه وغيره له تلخيص أخلاق الناصري
319

ورسالة في آداب الحج وغيره كان (ره) من تلامذة شيخنا البهائي بل كان عمدة
تلمذه عليه وعلى والده السيد محمد رضوان الله عليه فإنه كان من أهل العلم والفضل
وعلى المولى الحاج محمود الرناني توفي (ره) في أيام الشاه عباس الثاني على
وزارته في مرجعه من فتح قندهار في أشرف مازندران وذلك في سنة 1064
(غسد) وحمل من الأشرف إلى النجف الأشرف وسادات بني الخليفة معروفون
بأصبهان يأكلون مما بقي من أوقافه الكثيرة على الخاص والعام وكان من جملة
أولاده الفضلاء المعروفين ولده الأوسط الميرزا إبراهيم بن خليفة سلطان وكان
خليفة لأبيه له تعليقات عديدة وإفادات سديدة على أكثر كتب الفقه والأصول
وغيرهما توفي سنة 1098 (غصح) وقد يطلق سلطان العلماء عند العامة على
شيخ الاسلام عز الدين عبد السلام بن محمد بن غانم المصري الدمشقي الشافعي
تلميذ ابن عساكر وسيف الدين الآمدي له حل الرموز في التصوف والإشارة إلى
الايجاز في بعض أنواع المجاز.
قال تلميذه ابن دقيق العيد: كان ابن عبد السلام أحد سلاطين العلماء
توفى بمصر سنة 660 (خس).
(السلفي)
صدر الدين أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن إبراهيم بن سلفة
الأصبهاني الشافعي أحد حفاظ أهل السنة رحل في طلب الحديث ورد بغداد
وتلمذ على الكيا الهراسي والخطيب التبريزي وأماليه وتعاليقه كثيرة وله جزء
وضعه في أبى العلاء المعري وذكر فيه مسندا عن أبي الطيب طاهر ابن عبد الله
الطبري القاضي الفقيه الشافعي انه كان يقول الشعر على طريقة الفقهاء ومن شعره
ما كتبه إلى أبي العلاء:
وما ذات در لا يحل لحالب * تناوله واللحم منها محلل
320

لمن شاء في الحالين حيا وميتا * ومن رام شرب الدر فهو مضلل
إذا طعنت في السن فاللحم طيب * وآكله عند الجميع مغفل (1)
وخرفانها (2) في الاكل فيها كزازة * فما لحصيف الرأي فيهن مأكل
وما يجتني معناه (3) إلا مبرز * عليهم بأسرار القلوب محصل
فأجاب أبو العلاء:
جوابان عن هذا السؤال كلاهما * صواب وبعض القائلين مضلل
فمن ظنه كرما فليس بكاذب * ومن ظنه بخلا فليس يجهل
لحومهما الأعناب والرطب الذي * هو الحل والدر الرحيق المسلسل
ولكن ثمار النخل وهي غضيضة * تمر وغصن الكرم يجنى ويؤكل
يكلفني القاضي الجليل مسائلا * هي النجم قدرا بل أعز وأطول
ولو لم أجب عنها لكنت بجهلها * جديرا ولكن من يودك مقبل
إلى غير ذلك، ومن شعر القاضي أبي الطيب قوله:
قوم إذا لبسوا ثياب جمالهم * لبسوا البيوت إلى فراغ الغاسل
وكان حضر مجلس الشيخ أبى حامد الأسفرائيني وعليه اشتغل الشيخ
أبو إسحاق الشيرازي وله شرح مختصر المزني، توفي سنة 450 (تن) وتوفي السلفي
بثغر الإسكندرية سنة 576 (ثعو) والسلفي نسبة إلى جده إبراهيم سلفه بكسر
السين وفتح اللام.
قال الفيروزي آبادي: وسلفه بالكسر وكعنبه جد جد الحافظ محمد بن أحمد
السلفي معرب سه لب أي - ذو ثلاث شفاه لأنه كان مشقوق الشفة.

(1) اي - لا يتعرض له أحد.
(2) اي - خروفها وأطفالها.
(3) اي - معنى ما ذكرت.
321

(السماكي)
السيد فخر الدين محمد بن الحسن الحسيني الاسترآبادي الفاضل الكامل النقاد
أستاذ السيد الداماد رضوان الله تعالى عليه.
(السمعاني)
أبو سعد عبد الكريم بن الحافظ أبى بكر محمد بن أبي المظفر المنصور
ابن أبي بكر محمد بن عبد الجبار التميمي المروزي الشافعي صاحب كتاب الأنساب
وفضائل الصحابة وتذييل تاريخ بغداد وغير ذلك قيل إنه سافر في طلب العلم
والحديث إلى شرق البلاد وغربها وشمالها وجنوبها وسافر إلى ما وراء النهر وسائر
بلاد خراسان والى قومس والري وأصبهان وهمذان وبلاد الجبال والعراق والحجاز
والموصل والجزيرة والشام وغيرها من البلاد ولقى العلماء وأخذ منهم وجالسهم.
وروى عنهم وكان عدد شيوخه يزيد على أربعة آلاف شيخ وكان أبوه
وجده من العلماء والمحدثين وكان جده أبو المظفر المنصور وحيد عصره وكان
حنيفا فانتقل إلى مذهب الشافعي.
قال الأسنوي في محكي الطبقات الشافعية أبو المظفر منصور بن محمد التميمي
السمعاني المروزي الحنفي ثم الشافعي كان والده إماما من أئمة الحنيفة تفقه عليه
ولده أبو المظفر هذا حتى برع في مذهب أبي حنيفة وصار من أركانهم ومن
فحول أهل النظر ومكث كذلك ثلاثين سنة ثم صار إلى مذهب الشافعي لأمر
ظهر له حين حج يقظة ومناما وأظهر ذلك في دار الأئمة بحضور أئمة الفريقين في
شهر ع 1 سنة 468 (تسح) فاضطربت لذلك مرو وماجت العوام وقامت الحرب
على ساق واضطرمت نار فتنة شررها يملأ الآفاق انتهى.
وفي محكي الطبقات للسبكي واضطرمت بين الفريقين نيران كادت تملأ ما بين
خراسان والعراق واضطرب أهل مرو لذلك اضطرابا وفتح المخالفون للمشاقة
322

أبوابا وتعلق أهل الرأي بأهل الحديث وساروا إلى باب السلطان بالسير
الحثيث انتهى.
وبالجملة لما انتقل أبو المظفر المنصور إلى مذهب الشافعي صار امام الشافعية
يدرس ويفتي وصنف تصانيف كثيرة وتوفي بمرو سنة 489، وتوفى ابنه محمد
بمرو سنة 510، وتوفي عبد الكريم بمرو أول ع 1 سنة 562 (ثبس).
والسمعاني: بفتح السين وقد يكسر نسبة إلى سمعان بطن من تميم.
(السمهودي)
السيد نور الدين علي بن عبد الله بن أحمد الحسيني الشافعي القاهري
نزيل المدينة كان محدث المدينة المشرفة ومؤرخها له كتاب وفاء الوفا بأخبار
دار المصطفى (صلى الله عليه وآله وسلم) وخلاصة الوفاء وغيرهما توفي سنة 911 (ظيا) سمهود قرية
كبيرة غربي نيل مصر.
(السنائي)
أبو المجد مجدود بن آدم الحكيم الغزنوي العالم العارف الشاعر الكامل الذي
يستشهد بأشعاره المتينة ويظهر من اشعاره انه كان يتشيع ولكن كان
يتقي، فلاحظ قوله في أول حديقته بعد مدحه الثلاثة بما يندفع به ضرورة
التقية:
اي سنائى بقوت ايمان * مدح حيدر بكوبس از عثمان
با مديحش مدائح مطلق * زهق الباطل است وجاء الحق
وله أيضا من قصيدة فاخرة:
بحر پر كشتي است لكن جمله در كرداب خوف
بي سفينة نوح نتوان جشم معبر داشتن
323

من سلامت خانه نوح نبي بنمايت
تاتوانى خويشتن أيمن زهر سر داشتن
رو مدينه علم را در جوى بس دروى خرام
تا كي آخر خويش را چون حلقه بر در داشتن
چون همي دانى كه شهر علم را حيدر دراست
خوب نبود غير حيدر ميرو مهتر داشتن
خضر فرخ پى دليلي را ميان بسته چه كلك
جاهلي باشد ستور لنك رهبر داشتن
جز كتاب الله وعترت ز احمد مرسل نماند
يادكاري كوتوان در روز محشر داشتن
اي سنائى وارهان خود را كه نازيبا بود * دايه را بر شير خواره مهر مادر داشتن
بندكى كن آل ياسين رابجان تا روز حشر
همجه بي دينان نبايد روى اصفر داشتن
قال (ضا) كانت وفاة السنائي كما ذكره بعض الفضلاء في 535 سنة
فراغه من نظم كتاب الحديقة وقيل في سنة 555 بعد وفاة الأنوري الشاعر
المشهور بأربع سنين فلاحظ.
(السوداني)
أبو عبد الله محمد بن القاسم بن زكريا المحاربي الكوفي المعروف بالسوداني
(جش) ثقة من أصحابنا عمر له كتاب الفوائد وهو نوادر انتهى.
والسوداني: نسبة إلى السودان بالضم قرية بأصبهان كذا عن التاج.
324

(السوزني)
شمس الدين محمد من أحفاد سلمان المحمدي كان من شعراء سمرقند لقى
الحكيم السنائي وصحبه توفي في سمرقند سنة 569 (فطس).
(السوسي)
أحمد بن يحيى بن مالك الهمداني كان كوفي الأصل سكن سر من رأى
وحدث بها أخذ عن جماعة كثيرة من المحدثين، وروى عنه جمع منهم أبو حاتم
الرازي الذي كتب عنه وسئل عنه فقال: صدوق توفي سنة 263 وهو غير
السوسي الذي مدح أهل البيت عليهم السلام ورثى الحسين بن علي " عليه السلام "
والسوسي نسبة إلى السوس كورة بأهواز فيها قبر دانيال " عليه السلام " معرب شوش وبلد
بالمغرب وبلد آخر بالروم.
(السويدي)
عز الدين أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن طرخان الأنصار الدمشقي
صاحب التذكرة في الطب وهو كتاب مفيد جمع فيه الأدوية المفردة وضم إليه
فوائد من مجرباته ومجربات غيره اختصره الشعراني توفي سنة 690 (خص) وقد
يطلق السويدي ويراد منه أبو الفوز محمد امين البغدادي صاحب كتاب سبائك
الذهب في معرفة قبائل العرب اقتطفها من نهاية الإرب في معرفة أنساب العرب
للقلقشندي المتوفى سنة 821 وقد يراد منه أبو البركات جمال الدين عبد الله بن
حسين بن مرعي البغدادي الأديب المدرس المفتي ببغداد صاحب شرح دلائل
الخيرات وحاشية على المغني وديوان شعر ومقامات والنفحة المسكية في الرحلة
المكية توفي ببغداد سنة 1174 ودفن بجوار معروف الكرخي.
(السهروردي)
أبو حفص شهاب الدين عمرو بن محمد بن عبد الله بن محمد بن عمويه
325

البكري الشافعي الصوفي العارف الحكيم المرتاض المعاصر للناصر لدين الله العباسي
وكان كثير الاجتهاد في العبادة والرياضة وتخرج عليه خلق كثير من الصوفية في
المجاهدة والخلوة وصحب عمه أبا النجيب عبد القاهر بن عبد الله بن محمد بن عمويه
العارف الصوفي المتوفي سنة 563 (ثجس) وعنه اتخذ التصوف والوعظ وعقد
مجلس الوعظ سنين وكان شيخ الشيوخ ببغداد وكان له مجلس وعظ وعلى وعظه
قبول كثير واليه أشير في هذا الشعر:
بطرف بوستانش كفته سعدى * دو بندم داد شيخ سهروردي
يكى بر عيب مردم ديده مكشا * دوم پرهيز كن از خود بسندي
له كتاب جذب القلوب إلى مواصلة المحبوب وعوارف المعارف توفي
ببغداد أول سنة 632 (خلب) وهو غير الشيخ بهاء الدين السهروردي المقتول
بحلب فإنه أبو الفتوح يحيى بن حبش الحكيم الفلسفي صاحب حكمة الاشراق
الذي شرحه قطب الدين الشيرازي وهياكل النور والتنقيحات والتلويحات وغير
ذلك وينسب إليه أشعار فمن ذلك ما قاله في النفس على مثال عينية ابن سينا:
خلعت هياكلها بجرعاء الحمى * وصبت لمغناها القديم تشوقا
الأبيات. وكان يتهم بانحلال العقيدة فأفتى علماء حلب بإباحة قتله فقتله
الملك الظاهر بن السلطان صلاح الدين سنة 587 (ثفز) وعمره نحو ست وثلاثين
سنة والسهروردي نسبة إلى سهرورد بضم السين وسكون الهاء وفتح الراء والواو
وسكون الراء بليدة قريبة من زنجان.
(السهيلي)
أبو القاسم عبد الرحمن بن الخطيب أبى محمد عبد الله بن الخطيب احمد
الأندلسي المالقي النحوي اللغوي المحدث المفسر صاحب شرح الجمل والاعلام بما
كان في القرآن من الأسماء والاعلام والروض الانف شرح سيرة رسول الله (صلى الله عليه وآله)
326

والقصيدة العينية في المناجاة التي خمسها ابن حجة وذكر القصيدة شيخنا الاجل
أحمد بن فهد الحلي قدس سره في أول عدة الداعي وهي هذه:
يا من يرى ما في الضمير ويسمع * أنت المعد لكل ما يتوقع
يا من يرجى في الشدائد كلها * يا من إليه المشتكى والمفزع
يا من خزائن ملكه في قول كن * أمنن فان الخير عندك أجمع
مالي سوى فقري إليك وسيلة * بالافتقار إليك فقري أرفع
مالي سوى قرعي لبابك حيلة * فلئن رددت فأي باب أقرع
ومن الذي ادعو وأهتف باسمه * ان كان فضلك عن فقيرك يمنع
حاشا لمجدك أن تقنط عاصيا * الفضل أجزل والمواهب أوسع
أقول: ويقرب منها ما وجدت تحت وسادة أبي نؤاس بعد موته:
يا رب ان عظمت ذنوبي كثرة * فلقد علمت بأن عفوك أعظم
إن كان لا يرجوك إلا محسن * فمن الذي يدعو ويرجو المجرم
أدعوك رب كما أمرت تضرعا * فإذا رددت يدي فمن ذا يرحم
مالي إليك وسيلة إلا الرجا * وجميل عفوك ثم اني مسلم
ولد السهيلي سنة 508 (ثح) وتوفي بمراكش سنة 581 (ثفا) وكان مكفوفا
والسهيلي بضم السين وفتح الهاء نسبة إلى سهيل وهي قرية بالقرب من مالقة ومالقة
مدينة كبيرة بالأندلس.
(السياري)
أحمد بن محمد بن سيار أبو عبد الله الكاتب البصري قال في حقه مشايخ
الرجال انه كان من كتاب آل طاهر في زمن أبي محمد " عليه السلام " ضعيف الحديث
فاسد المذهب مجفو الرواية كثير المراسيل وصنف كتبا منها كتاب ثواب القرآن
كتاب الطب، كتبا القراءات، كتاب الغارات إلى غير ذلك ولا يخفى انه غير
327

أحمد بن سيار بن أيوب الذي ذكره الخطيب في تاريخه وأثنى عليه فإنه أبو الحسن
الفقيه المروزي إمام أهل الحديث في بلده علما وأدبا وزهدا وورعا وكان يقاس
بعبد الله بن المبارك في عصره وقال: روى عنه محمد بن إسماعيل البخاري وعامة
الخراسانيين وكان ورد بغداد وحدث بها وذكر انه رحل إلى الشام ومصر وصنف
وله كتاب في أخبار مرو وهو ثقة في الحديث توفي سنة 268 (حرس).
والسياري أيضا أبو الحسين أحمد بن إبراهيم السياري الشيعي الشيخ
الجليل خال المطرز أبى عمر الزاهد ذكره الخطيب في تاريخ بغداد وقال: روى
عنه أبو عمر اخبارا عن الناشي وابن مسروق الطوسي (1) وأبي العباس المبرد
وغيرهم وذكر عنه قال: أنشدني السياري قال أنشدني المبرد:
النحو يبسط من لسان الا لكن * والمرء تعظمه إذا لم يلحن
فإذا أردت من العلوم اجلها * فأحلها منها مقيم الألسن
حدثني الأزهري قال: قال لي أبو بكر بن حميد قلت لأبي عمر الزاهد من
هو السياري؟ فقال خال لي كان رافضيا مكث أربعين سنة يدعوني إلى الرفض
فلم استجب له ومكثت أربعين سنة ادعوه إلى السنة فلم يستجب لي.

(1) ومما روي عن ابن مسروق ما رواه عن عبد الله بن أحمد بن حنبل قال:
كنت بين يدي أبي جالسا ذات يوم فجاءت طائفة من الكرخيين فذكروا خلافة
أبي بكر وخلافة عمر بن الخطاب وخلافة عثمان بن عفان فأكثروا وذكروا خلافة
علي " عليه السلام " وزادوا فأطالوا فرفع أبي رأسه إليهم فقال يا هؤلاء قد أكثرتم القول
في علي والخلافة والخلافة وعلي ان الخلافة لم تزين عليا بل علي زينها، قال
السياري: فحدثت بها بعض الشيعة فقال لي قد أخرجت نصف ما كان في قلبي على
أحمد بن حنبل من البغض كذا في تاريخ بغداد وبمعناه قول ابن أبي الحديد:
وفوز علي بالعلى فوزها به * فكل إلى كل مضاف ومنسوب
328

(السيالكوتي)
عبد الحكيم بن شمس الدين الهندي رئيس العلماء قيل لم يبلغ أحد من
علماء الهند في وقته ما بلغ من الشأن والرفعة حاز العلوم وانفرد له مؤلفات
وحواش كثيرة على كثير من العلوم منها حاشيته على البيضاوي وعلى الشمسية
وعلى المطول وعلى التلويح للتفتازاني وغير ذلك توفي سنة 1067 (غمز).
(سيبويه)
أبو الحسن أو أبو بشر عمرو بن عثمان بن قنبر الفارسي البيضاوي العراقي
البصري النحوي المشتهر كلامه وكتابه في الآفاق الذي قال في حقه العلامة
الطباطبائي بحر العلوم رحمه الله تعالى ان المتقدمين والمتأخرين وجميع الناس في
النحو عيال عليه أخذ عن الخليل ويونس والأخفش وعيسى بن عمر ولكن جميع
حكاياته عن الخليل وقد كثرت كلمات علماء النحو في مدح كتابه المسمى الكتاب
ولهم عليه شروح وتعليقات وردود نشأت من اعتنائهم واشتغالهم به وقصة
وروده بغداد ومناظرته مع الكسائي معروفة وعبر صاحب بحار الأنوار عنه في
آية الوضوء بالمعاند للحق وأهله فراجع كتاب الطهارة منه ص 58 قالوا توفي
حدود سنة 180 وقبره في شيراز وقال ابن شحنة الحنفي في روضة المناظر.
قال أبو الفرج ابن الجوزي توفي سيبويه سنة 194 (قصد) وعمره
اثنان وثلاثون سنة بمدينة ساوة.
وذكر خطيب بغداد عن ابن دريدان سيبويه توفى بشيراز بمدينة ساوة
وقبره بها إنتهى.
وكان شابا نظيفا جميلا أبيضا مشربا بحمرة كأن خدود لون التفاح وذلك
يقال له سيبويه لان التفاح سيب أو لأنه كان يعتاد شم التفاح أو كان
يشم منه رائحته.
329

أقول وقد يلقب بسيبويه غيره فعن كتاب الصبح المنبي قال: حدث محمد
ابن الحسن الخوارزمي قال: مررت بمحمد بن موسى الملقب بسيبويه بن الموسى
وهو يقول مدح الناس المتنبي على قوله:
ومن نكد على الحر أن يرى * عدوا له ما من صداقته بد
ولو قال ما من مداراته أو مداجاته بد لكان أحسن وأجود قال: واجتاز
المتنبي به فوقف عليه وقال: أيها الشيخ أحب ان أراك قال له: رعاك الله وحياك
فقال بلغني انك أنكرت علي قولي عدوا له ما من صداقته بد فما كان الصواب
عندك؟ فقال إن الصداقة مشتقة من الصدق في المودة ولا يسمى الصديق صديقا
وهو كاذب في مودته فالصداقة إذن ضد العداوة ولا موقع لها في هذا الموضع
ولو قلت ما من مداراته أو مداجاته لأصبت الخ.
(السيد)
يطلق على السيد الشريف المرتضى الذي يأتي ذكره في علم الهدى.
(السيد ابن باقي)
هو علي بن الحسين بن الحسان بن الباقي القرشي السيد العالم العابد الزاهد
الفقيه الصالح صاحب كتاب اختيار المصباح وغيره ينقل منه الكفعمي في
مصباحه كان معاصرا للمحقق الحلي كما يظهر من بعض مصنفاته الذي فرغ
منه سنة 653.
(السيد الجزائري)
السيد نعمة الله بن عبد الله بن محمد بن الحسين بن أحمد بن محمود بن غياث
الدين بن مجد الدين بن نور الدين بن سعد الدين بن عيسى بن موسى بن
عبد الله بن الإمام موسى الكاظم " عليه السلام " السيد الجليل والمحدث النبيل واحد
عصره في العربية والأدب والفقه والحديث والتفسير كان عالما فاضلا محققا مدققا
330

جليل القدر صاحب التصانيف الكثيرة الشائعة منها تعليقاته على القرآن المجيد
وحواشي الاستبصار وشرحه على تهذيب الحديث وعلى تهذيب النحو وعلى
الصحيفة السجادية وروضة الكافي وغوالي اللئالئ وتوحيد الصدوق وعيون
الاخبار والاحتجاج وكافية ابن الحاجب وله الأنوار النعمانية والمقامات وقصص
الأنبياء " عليه السلام " ورياض الأبرار في مناقب الأئمة الأطهار " عليه السلام " وزهر الربيع
ومسكن الشجون وغرائب الاخبار إلى غير ذلك من الكتب والحواشي يروي عن
المحقق الخونساري والعلامة المجلسي واختص به ولازمه.
وعن السيد السند الأمير فيض الله الطباطبائي والأمير شرف الدين
الشولستاني والعالم المفسر الجليل الشيخ علي بن جمعة العروسي الحويزي الساكن
بشيراز صاحب تفسير نور الثقلين الراوي عن قاضي القضاة عز الدين المولى علي
نقى بن الشيخ أبى العلاء محمد هاشم الكمرئي الفراهاني الشيرازي الأصفهاني المتوفى
سنة 160 صاحب المؤلفات العديدة التي منها جامع الصفوي في الإمامة في جواب
ما كتبه نوح أفندي الحنفي المفتي في وجوب مقاتلة الشيعة وقتلهم ونهب أموالهم
وسبي نسائهم وذراريهم وهو عن الشيخ البهائي.
ويروي السيد الجزائري أيضا عن الأستاذ المدقق السيد ميرزا محمد بن
شرف الدين الجزائري عن العالم المتبحر في فن الحديث والرجال الشيخ عبد النبي
صاحب كتاب حاوي الأقوال.
ويروي أيضا عن الشيخ الجليل حسين بن محيي الدين شارح القواعد عن
والده الفاضل العالم العابد الورع محيي الدين بن عبد اللطيف عن والده العالم
الفاضل المحقق الصالح الفقيه الشيخ عبد اللطيف صاحب كتاب الرجال والراوي
عن الشيخ البهائي وصاحبي المعالم والمدارك ووالده نور الدين علي عن والده
شهاب الدين أحمد بن أبي جامع العاملي عن المحقق الثاني رحمهم الله ولد سنة 1050
خمسين بعد الألف في قرية الصباغية وتوفي السيد الجزائري (ره) في 23 شوال
331

سنة 1112 في قرية جايدر بعد وفاة شيخه العلامة المجلسي رحمه الله تعالى بسنتين
وأولاده وأحفاده علماء فضلاء وابنه السيد نور الدين بن السيد نعمة الله عالم
جليل صاحب الرسائل المتعددة التي منها فروق اللغات في الفرق بين المتقاربات،
توفي في ذي الحجة سنة 1158.
يروى عن والده وعن صاحب الوسائل وابنه السيد الاجل العالم المتبحر
السيد عبد الله بن السيد نور الدين كان من أجلاء هذه الطائفة وعينها ووجهها
وممن اجتمع فيه جودة الفهم وحسن السليقة وكثرة الاطلاع واستقامة الطريقة
كما يظهر من مؤلفاته الشريفة كشرح النخبة وغيرها وله إجازة كبيرة فيها
فوائد طريفة ونكات لطيفة.
يروى عن جماعة من المشايخ كالسيد نصر الله الحائري والمير محمد حسين
الخاتون آبادي سبط العلامة المجلسي ووالده.
وعن السيد الجليل الفقيه السيد رضي الدين بن محمد بن علي بن حيدر
العاملي المكي قال: السيد عبد الله المذكور (ره) في إجازته الكبيرة كما في
المستدرك أجازني بالمشافهة في مكة شرفها الله تعالى لما استجزته ثم كتب لي
إجازة مبسوطة مشتملة على جميع طرقه وطرق أبيه وأسانيدهما وقد ذهبت في أثناء
الطريق ولم احفظ منها إلا رواية عن والده المذكور عن العلامة المحقق محمد شفيع
ابن محمد على الاسترآبادي عن والده عن المولى محمد تقي المجلسي، وكان
السيد رضي الدين مهذبا أديبا شاعرا فصيحا حسن السيرة مرجوعا إليه في احكام
الحج وغيره، وسمعت والدي طاب ثراه يصف أباه السيد محمد بغاية الفضل
والتحقيق وجودة الذهن واستقامة السليقة وكثرة التتبع لكتب الخاصة والعامة
والتبحر في أحاديث الفريقين ويطري في الثناء عليه لما اجتمع معه في مكة والذي
وقفت عليه من مصنفاته في الكلام والفقه يدل على فضل غزير وعلم كثير انتهى.
ويأتي في صدر الدين ان السيد صدر الدين القمي أحد مشايخه وابنه
332

السيد أبو تراب ابن السيد عبد الله الجزائري كان عالما فاضلا محققا مدرسا في
إحدى مدارس تستر ويصلي بالناس في بعض مساجد البلد وخلف ولدين السيد
عبد الله والسيد زكي توفي سنة 1200 (غر) وأخوه السيد أبو الحسن بن السيد
عبد الله الجزائري كان فاضلا قام مقام أبيه في التدريس والترويج وسافر إلى
حيدر آباد في أيام شبابه ثم رجع إلى وطنه وفي أيام كريم خان الزند نال مرتبة
شيخ الاسلام وكان معظما في تلك الدولة وكان فقيها كاملا وحيدا في علم الطب
له مصنفات منها: شرح مفاتيح الفيض وعدة رسائل في الطب والحساب والرياضي.
توفي في تستر سنة 1193 وخلف ثلاثة أولاد السيد محسن والسيد عبد الله
والسيد محمد وسبط السيد عبد الله بن السيد نور الدين السيد عبد الكريم بن
السيد محمد جواد بن السيد عبد الله عالم جليل أجازه العلامة الطباطبائي بحر العلوم
إجازة مبسوطة مشتملة على مطالب نافعة، له من المصنفات كتاب الدرر المنثورة
في الاحكام المأثورة يشبه بداية الهداية لشيخنا الحر العاملي (ره)، والجزائري
نسبة إلى الجزائر.
قال (ضا) في أحوال الشيخ عبد النبي بن الشيخ سعد الجزائري صاحب
الحاوي المتوفى سنة 1021 (عكا) والجزائر هنا عبارة عن الناحية الكبيرة والقرى
المتصلة الواقعة على شفير نهر تستر بينها وبين البصرة، حسنة الرباع والأقطاع
خرج منها جمع كثير من علماء الشيعة ومنهم السيد نعمة الله الموسوي انتهى.
قلت: ومنهم الشيخ الأجل أحمد بن إسماعيل بن عبد النبي الجزائري
المجاور بالنجف الأشرف حيا وميتا الفاضل المحقق المدقق صاحب كتاب الشافية
شرح آيات الاحكام وشرح التهذيب وغير ذلك من الرسائل الكثيرة يروي عن
المير محمد صالح الحسيني الأصبهاني وغيره من جماعة كثيرة يروي أكثرهم عن
العلامة المجلسي ويروي عنه ولده الشيخ محمد طاهر والسيد نصر الله الحائري كانت
وفاته في حدود الخمسين والمائة بعد الألف.
333

(السيد الحميري)
إسماعيل بن محمد الحميري سيد الشعراء حاله في الجلالة ظاهر ومجده باهر
روي أن الصادق " عليه السلام " لقاه فقال سمتك أمك سيدا ووفقت في ذلك أنت
سيد الشعراء.
قال العلامة في حقه: ثقة جليل القدر عظيم الشأن والمنزلة رحمه الله تعالى،
أقول: كان همه رحمه الله نظم فضائل أمير المؤمنين عليه السلام ونشره حتى حكى
صاحب الأغاني عن المدائني: ان السيد الحميري وقف بالكناس وقال: من جاء بفضيلة
لعلي بن أبي طالب " عليه السلام " لم أقل فيها شعرا فله فرسي هذا وما علي فجعلوا يحدثونه
وينشدهم فيه حتى روى رجل عن أبي الرعل المرادي انه قدم أمير المؤمنين " عليه السلام "
فتطهر للصلاة فنزع خفه فانسابت (1) فيه أفعى فلما دعي ليلبسه انقضت غراب
فحلقت (2) ثم ألقاها فخرجت الأفعى منه قال فأعطاه السيد ما وعده وأنشأ يقول:
الا يا قوم للعجب العجاب * لخف أبي الحسين (3) وللحباب
عدو من عدات الجن عبد * بعيد في المرادة من صواب
كريه اللون أسود ذو بصيص * حديد الناب أزرق ذو لعاب
أتى خفا له فانساب فيه * لينهش رجله منها بناب
فقض من السماء له عقاب * من العقبان أو شبه العقاب
فطار به فحلق ثم أهوى * به للأرض من دون (4) السحاب

(1) أنساب - مشى مسرعا
(2) تحليق الطائر - ارتفاعه في طيرانه.
(3) الحباب بالضم - الحية.
(4) قوله (من دون السحاب) أي العقاب رفع الخف لا السحاب فان
السحاب كالموكل بالتنين يختطفه ففي الخبر المشتهر بتوحيد المفضل قال المفضل فقلت أخبرني يا مولاي عن التنين والسحاب فقال " عليه السلام " ان السحاب كالموكل به يختطفه
حيثما تفقه كما يختطف حجر المغناطيسي الحديد فهو لا يطلع رأسه في الأرض
خوفا من السحاب الخ.
334

فصك بخفه فانساب منه * وولى هاربا حذر الحصاب (1)
ودافع عن أبي حسن علي * نقيع (2) سمامه بعد انسياب
وحكى انه رؤى في بغداد حمال مثقل فسأله عن حمله فقال ميميات السيد، وقال
بشار الشاعر: لولا أن هذا الرجل شغل عنا بمدح بني هاشم لأتعبنا، قيل: لم لا
تقول شعرا فيه غريب؟ فقال أقول ما يفهمه الصغير والكبير ولا يحتاج إلى
التفسير ثم أنشأ:
أيا رب اني لم أرد بالذي به * مدحت عليا غير وجهك فارحم
وروي عن بعضهم قال: كنا جلوسا عند أبي عمرو بن العلاء فتذاكرنا السيد
فجاء وجلس وخضنا في ذكر الزرع والنخل ساعة فنهض فقلنا يا أبا هاشم مم
القيام؟ فقال:
اني لأكره ان أطيل بمجلس * لا ذكر فيه لآل محمد
لا ذكر فيه لأحمد ووصيه * وبنيه ذلك مجلس قصف ردي
ان الذي ينساهم في مجلس * حتى يفارقه لغير مسدد
ومن شعره:
وإذا الرجال توسلوا بوسيلة * فوسيلتي حبي لآل محمد
ومن اشعاره القصيدة العينية:
لام عمرو باللوى مربع * طامسة أعلامها بلقع
وهي التي أنشدت عند الصادق " عليه السلام " بعد ما قتل زيد بن علي " عليه السلام " وفي

(1) حذر الحصاب - أي ان يرمى بالحصباء.
(3) سم ناقع - أي بالغ قاتل.
335

البحار روي عن أبي الحسن الرضا " عليه السلام " انه رأى النبي (صلى الله عليه وآله) في منامه مع علي
وفاطمة والحسن والحسين " عليه السلام " وان السيد الحميري بين يديه يقرأ هذه القصيدة
فلما فرغ منها قال النبي (صلى الله عليه وآله) للرضا عليه السلام إحفظ هذه القصيدة ومر شيعتنا
بحفظها وأعلمهم ان من حفظها وأدمن قراءتها ضمنت له الجنة على الله تعالى.
ومن اشعاره القصيدة المذهبة التي شرحها علم الهدى الشريف المرتضى
رضى الله تعالى عنه حكي انه سمعها مروان بن أبي حفصة فقال لكل بيت
سبحان الله ما أعجب هذا الكلام ويعجبني ان أذكر من القصيدة الأبيات التي
تضمن معجزة أمير المؤمنين عليه السلام في الماء الذي أظهره في مسيره إلى صفين
وسقى أصحابه لما لحقهم العطش الشديد ولم يجدوا الماء وهذه من معجزاته
المشهورة وقد ذكرها العلماء في كتبهم حتى الخطيب ذكرها في ج 12 من تاريخ
بغداد ص 305 وكفى في اعتبارها نظم السيد الحميري إياها في القصيدة
المذهبة المعروفة في أيام المحدثين وكثرتهم وقربهم بزمان صدور المعجزة وعدم
إنكارهم عليها.
قال: الثوري فيما يحكى عنه لو قرأت القصيدة التي فيها: (ان يوم التطهير
يوم عظيم) على المنبر ما كان بذلك باس أي انها تدخل في باب نقل الحديث في
بيان الفضل ويزيدها اعتبارا شرح السيد الشريف المرتضى عليها فلا ينبغي لأحد
الشك فيها قال (ره):
ولقد سرى فيما يسير بليلة * بعد العشاء بكربلا في موكب
حتى أتى متبتلا في قائم * ألقى قواعده بقاع مجدب
تأتيه ليس بحيث يلقي عامر * غير الوحوش وغير أصلع أشيب
فدنا فصاح به فأشرف ماثلا * كالنسر فوق شطية من مرقب
هل قرب قائمك الذي بوأته * ماء يصاب فقال ما من مشرب
إلا بغاية فرسخين ومن لنا * بالماء بين نقا وقي سبسب
336

فثنى الأعنة نحو وعث فاجتلى * ملساء يلمع كاللجين المذهب
قال اقلبوها انكم ان تقلبوا * ترووا ولا تروون إن لم تقلب
فاعصوصبوا في قلعها فتمنعت * منهم تمنع صعبة لم تركب
حتى إذا أعيتهم أهوى لها * كفا متى ترد المغالب تغلب
فكأنها كرة بكف حزور * عبل الذراع دحا بها في ملعب
فسقاهم من تحتها متسلسلا * عزبا يزيد على الألذ الأعذب
حتى إذا شربوا جميعا ردها * ومضى فخلت مكانها لم يقرب
أعني ابن فاطمة الوصي ومن يقل * من فضله وفعاله لم يكذب
(بيان) قال السيد المرتضى رضي الله عنه في شرح القصيدة (السري) سير
الليل كله، (والمتبتل) الراهب والقائم صومعته، (والقاع) الأرض الحرة
الطين التي لا حزونة فيها ولا انهباط، (والقاعدة) أساس الجدار وكل ما يبني
عليه، (والجدب) ضد الخصب، ومعنى (يأتيه) أي يأتي هذا الموضع الذي
فيه الراهب، ومعنى (عامر) انه لا مقيم فيه سوى الوحوش ويمكن أن يكون
مأخوذا من العمرة التي هي الزيارة، (والأصلع الأشيب) هو الراهب وذكر بعد
هذا البيت قوله:
في مدمج زلق أشم كأنه * حلقوم أبيض ضيق مستصعب
(والمدمج) الشئ المستور (والزلق) الذي لا يثبت عليه قدم (والأشم)
الطويل المشرف (والأبيض) الطائر الكبير من طيور الماء (وإنما) جر لفظة
ضيق مستصعب لأنه جعلهما من وصف المدمج (والماثل) المنتصب وشبه الراهب
بالنسر لطول عمره (والشظية) قطعة من الجبل مفردة (والمرقب) المكان العالي
(والنقا) قطعة من الرمل تنقاد محدودبة (والقى) الصحراء الواسعة (والسبسب)
القفر (والوعث) الرمل الذي لا يسلك فيه ومعنى (اجتلى) نظر إلى صخرة ملساء
فتجلت لعينه ومعنى (تبرق) تلمع ووصف اللجين بالمذهب لأنه أشد لبريقه
337

ولمعانه ومعنى (اعصوصبوا) اجتمعوا على قلعها وصاروا عصبة واحدة ومعنى
(أهوى لها) مد إليها (والمغالب) الرجل المغالب (والحزور) الغلام المترعرع
(والعبل) الغليظ الممتلئ (والمتسلسل) الماء السلس في الحلق ويقال انه البارد
أيضا انتهى.
وروى الشيخ المفيد كما في كتاب الفصول عن الحرث بن عبد الله الربعي
انه قال: كنت جالسا في مجلس المنصور وهو بالجسر الأكبر وسوار القاضي
عنده والسيد الحميري ينشده:
ان الاله الذي لا شئ يشبهه * أتاكم الملك للدنيا وللدين
الأبيات. والمنصور مسرور، فقال سوار ان هذا يا أمير المؤمنين والله
يعطيك بلسانه ما ليس في قلبه والله ان القوم الذين يدين يحبهم لغيركم وانه لينطوي
على عداوتكم فقال السيد والله انه لكاذب واني في مدحتك لصادق وانه حمله
الحسد إذ رآك على هذه الحال وان انقطاعي إليكم ومودتي لكم أهل البيت لمعرق
فينا من أبوي وان هذا وقومه لأعداؤكم في الجاهلية والاسلام وقد انزل الله
تعالى على نبيه صلى الله عليه وآله في أهل البيت هذا (ان الذين ينادونك من وراء الحجرات
أكثرهم لا يعقلون) فقال المنصور: صدقت. فقال سوار: يا أمير المؤمنين انه
يقول بالرجعة ويتناول الشيخين بالسب والوقيعة فيهما فقال السيد: اما قوله اني
أقول بذلك على ما قال الله تعالى: (ويوم نحشر من كل أمة فوجا ممن يكذب
بآياتنا فهم يوزعون) وقد قال في موضع آخر: (وحشرناهم فلم نغادر منهم أحدا)
فعلمنا ان هاهنا حشرين أحدهما عام والآخر خاص.
وقال سبحانه: (ربنا أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين) الآية، وقال تعالى:
(فأماته الله مأة عام ثم بعثه). وقال تعالى: (ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم
وهم ألوف حذر الموت فقال لهم الله موتوا ثم أحياهم) فهذا كتاب الله إلى أن قال:
فالرجعة التي اذهب إليها ما نطق به القرآن وجاءت به السنة واني لأعتقد ان الله
338

عز وجل يرد هذا يعني سوارا إلى الدنيا كلبا أو قردا أو خنزيرا أو ذرة فإنه
والله متجبر متكبر كافر قال: فضحك المنصور.
حكي ان السيد الحميري رحمه الله توفي ببغداد سنة 179 فبعثت
الأكابر والشرفاء من الشيعة سبعين كفنا له فكفنه الرشيد من ماله ورد
الأكفان على أهلها.
(السيد الداماد) انظر الداماد
(السيد الرضي) انظر الرضي
(السيد الشبر) انظر الشبر
(السيد ابن طاوس) انظر ابن طاوس
(السيد القصير)
محمد بن معصوم الرضوي الخراساني السيد السند والعالم المؤيد والفقيه
الكامل المسدد.
كان من أجلاء فقهاء المشهد الرضوي على ساكنه السلام من تلامذة
المحقق البهبهاني والعلامة الطباطبائي وكاشف الغطاء (قدس سرهم) له مصنفات في
الفقه وغيره، توفي سنة 1255 وقبره في جوار جده الرضا عليه السلام ووالده
كان من الزهاد والعلماء، توفى سنة 1232 ودفن في الصحن العتيق في الموضع
الذي ينزع الزوار حذاءهم.
(السيرافي)
أبو سعيد الحسن بن عبد الله بن المرزبان النحوي المعروف بالقاضي
السيرافي، كان أبوه مجوسيا اسمه بهزاد فسماه ابنه أبو سعيد المذكور عبد الله
وكان يدرس ببغداد علوم القرآن والنحو واللغة والفرائض قرأ القرآن على أبي بكر
ابن مجاهد واللغة على ابن دريد والنحو على ابن السراج.
339

وكان حسن الأخلاق معتزليا لكنه لم يظهره وكان يقضي في بغداد مع
الأمانة والديانة والرزانة وكان لا يأكل إلا من كسب يده وخطه كاسمه حسن
فكان لا يخرج إلى مجلسه حتى ينسخ عشر ورقات بعشرة دراهم تكون قدر
مؤنته، له من التصانيف شرح كتاب سيبويه لم يسبق إلى مثله واعجب
المعاصرين له وشرح مقصورة ابن دريد إلى غير ذلك.
وعن محاضرة العلماء: انه ما رؤي أحد من المشايخ كان أذكر لحال
الشباب وأكثر تأسفا على ذهابه منه وكان إذا رأى أحدا من أقرانه عاجله
الشيب تسلى به.
وحكي ان السيد الرضي رضي الله عنه كان صبيا لم يبلغ عمره عشر سنين
يقرأ على السيرافي النحو فسأله السيرافي يوما إذا قيل رأيت عمر فما علامة نصبه؟
قال الرضي: بغض علي بن أبي طالب فتعجب السيرافي والحاضرون من سرعة
انتقاله وحدة ذهنه ولما سمع بذلك أبوه فرح بذلك وقال له أنت ابني حقا.
توفي ببغداد بين صلاتي الظهر والعصر في ثاني رجب سنة 368 (شسح)
ودفن في مقبرة الخيزران ورثاه الشريف الرضي (ره) وله ولد فاضل بارع متقدم
في اللغة العربية يدعى يوسف بن الحسن وكان قد قرأ على والده وخلفه في جميع
علومه وتمم كتبا لم يتم والده وكان مثل والده صالحا ورعا توفي سنة 385،
(وقد يطلق) السيرافي على الشيخ الأقدم أحمد بن علي بن العباس بن نوح
(السيرافي) نزيل البصرة (جش).
كان ثقة في حديثه متقنا لما يرويه فقيها بصيرا بالحديث والرواية وهو
شيخنا واستاذنا ومن استفدنا منه وله كتب كثيرة انتهى.
والسيرافي أيضا صاحب شرطة داود بن علي العباسي الذي قتل المعلى بن
خنيس فقتل به كما في روايات الكشي، والسيرافي نسبة إلى سيراف بكسر العين
340

المهملة وسكون الياء وآخره فاء من بلاد فارس على ساحل البحر مما يلي كرمان (1)
وكرمان كما في المعجم بالفتح ثم السكون وآخره نون وربما كسرت والفتح أشهر
بالصحة وكرمان في الإقليم الرابع طولها 90 درجة وعرضها 30 درجة وهي ولاية
مشهورة وناحية كبيرة ذات بلاد وقري ومدن واسعة بين فارس ومكران
وسجستان وخراسان انتهى.
(سيف الدولة الحمداني)
أبو الحسن علي بن عبد الله بن حمدان، قال ابن خلكان قال أبو منصور
الثعالبي في كتاب يتيمة الدهر: (كان بنو حمدان ملوكا أوجههم للصباحة وألسنتهم.
للفصاحة وأيديهم للسماحة وعقولهم للرجاحة وسيف الدولة مشهور بسيادتهم
وواسطة قلادتهم وحضرته مقصد الوفود ومطلع الجود وقبلة الآمال ومحط
الرجال وموسم الأدباء وحلبة الشعراء ويقال انه لم يجتمع بباب أحد من الملوك
بعد الخلفاء ما اجتمع ببابه من شيوخ الشعر ونجوم الدهر وانما السلطان سوق
يجلب إليها ما ينفق لديها، وكان أديبا شاعرا محبا لجيد الشعر شديد الاهتزاز له
وكان كل من أبي محمد عبد الله بن محمد الفياض الكاتب وأبي الحسن علي بن محمد
الشمشاطي قد اختار من مدائح الشعراء لسيف الدولة عشرة آلاف بيت وكانت
لسيف الدولة جارية من بنات ملوك الروم في غاية الجمال فحسدها بقية الحظايا
لقربها منه ومحلها من قلبه وعز من على ايقاع مكروه بها من سم أو غيره فبلغه
الخبر وخاف عليها فنقلها إلى بعض الحصون احتياطا وقال:
راقبتني العيون فيك فأشفقت * ولم أخل قط من إشفاق
ورأيت العدو يحسدني فيك * مجدا بأنفس الأعلاق
فتمنيت ان تكوني بعيدا * والذي بيننا من الود باق
رب هجر يكون من خوف هجر * وفراق يكون جوف فراق

(1) قيل كانت قصبة كورة أردشير خرة من اعمال فارس.
341

ومن شعره أيضا:
اقبله على جزع * كشرب الطائر الفزع
رأى ماء فأطعمه * وخاف عواقب الطمع
وصادف خلسة فدنا * ولم يلتذ بالجرع
واخبار سيف الدولة كثيرة خصوصا مع الشعراء خصوصا مع المتنبي
والسري الرفاء والنامي والببغاء والوأواء وتلك الطبقة.
يحكى عن السرى الرفاء الشاعر المشهور، قال حضرت مجلس سيف الدولة
بعد قتل المتنبي فجرى ذكره فأثنى عليه الأمير وذكر شعره بما غاظني فقلت:
أيها الأمير اقترح اي قصيدة أردت للمتنبي فاني أعارضها بما يعلم الأمير ان المتنبي
قد خلف نظيره فقال عارض قصيدته التي أولها: (لعينيك ما يلقى الفؤاد وما لقي)
فلما رجعت إلى منزلي تأملت القصيدة فإذا هي ليست من مختاراته ثم مربى فيها
(إذا شاء ان يلهو بلحية أحمق - أراه غباري ثم قال له الحق) فعلمت انه أراده
الأمير وخار الله لي، انتهى.
كانت ولادته 17 حج سنة 303 (شج) ووفاته سنة 356 وملك حلب في
سنة 333 وكان قبل ذلك مالك واسط وتلك النواحي وتقلبت الأحوال وانتقل
إلى الشام وملك دمشق أيضا وكثيرا من بلاد الشام والجزيرة وغزواته مع الروم
مشهورة وللمتنبي في أكثر الوقائع قصائد رحمه الله تعالى ويأتي في ناصر الدولة
ما يتعلق به. وهو غير سيف الدولة صدقة بن منصور المزيدي الأسدي الذي
كان من أمراء الشيعة الإمامية وبنى مدينة الحلة في سنة 495 كما تقدم في الحلي
وكان يقال له ملك العرب وكان ذا بأس وسطوة وهيبة ونافر السلطان محمد بن
ملكشاه بن ألب أرسلان السلجوقي وفضت الحال إلى الحرب فتلاقيا عند النعمانية
وقتل الأمير صدقة في المعركة وكان ذلك في آخر ج 2 سنة 501 وحمل رأسه إلى
بغداد قاله ابن خلكان.
342

(سيف الدين الآمدي) انظر الآمدي
(السيوطي)
أبو الفضل جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر بن ناصر الدين محمد
السيوطي الشافعي الفاضل المعروف صاحب المصنفات المشهورة في فنون شتى قيل إنها
تزيد على خمسمائة مصنف أخذ عن غالب علماء عصره وبلغ شيوخه نحو
ثلاثمائة شيخ منهم قاضي القضاة علم الدين المناوي ومحيي الدين الكافيجي والشمني
وقس عليهم الباقين.
قال (ضا) في ترجمة السيوطي بعد أن عد كثيرا من كتبه وعد منها
كتاب ذخائر العقبى في مناقب ذوي القربى قال واما مذهبه ودينه فالظاهر أنه في
الأصول سني أشعري وفي الفروع على نحلة الشافعي المطلبي إلا ان المنقول عن
السيد الفقيه العالم المحدث الأمير بهاء الدين محمد الحسيني المختاري في حاشيته على
كتاب الأشباه والنظائر للسيوطي قال: وسمعت عن السيد السند الفاضل الكامل
العالم العامل الامام العلامة السيد علي خان المدني أطال الله بقاءه في سنة 1116
بأصبهان ان السيوطي مصنف الكتاب كان شافعيا لكنه رجع عن التسنن
واستبصر وقال بامامة الأئمة الاثني عشر " عليه السلام " فصار شيعيا إماميا وختم الله له
بالحسنى، قال السيد طول الله عمره: رأيت كتابا من مصنفات السيوطي ذكر فيه
رجوعه إلى الحق واستدل على إمامة علي بن أبي طالب " عليه السلام " بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله)
بلا فصل رزقني الله الفوز به انتهى كلام الناقل والمنقول عنه، ولا يبعد كون
تأليفه في مناقب أولي القربى مشعرا بصحة هذه النسبة الجليلة إليه مضافا إلى
ما نقلناه من كلامه المتين في تقوية حديث رد الشمس لأمير المؤمنين " عليه السلام " انتهى
ما نقلناه من (ضا) وقوله مضافا إلى ما نقلناه من كلامه أراد ما نقلنا عنه في
حديث رد الشمس في الحلي توفي السيوطي بالقاهرة سنة 910 (شيخ) وسيوط
كثبوت أو أسيوط كأخدود قرية بصعيد مصر.
343

(الشاذاني)
أبو عبد الله محمد بن أحمد بن نعيم النيشابوري عده الشيخ من أصحاب
العسكري (عليه السلام) (كش) عنه يقول: جمع عندي مال للغريم (عليه السلام) فأنفذت به إليه
وألقيت فيه شيئا من طيب (صلب خ ل) مالي، قال فورد في الجواب قد وصل
إلي ما انفذت من خاصة مالك فيها كذا وكذا فقبل الله منك انتهى.
وحكي عن بعض التوقيعات هذا واما محمد بن نعيم الشاذاني فهو من
شيعتنا وعن تعليقة الأستاذ الأكبر قال احمد هذا ابن أخ الفضل بن شاذان ومحمد
ابنه من الرواة عن الفضل.
(أقول) تقدم ذكر الفضل بن شاذان في أبي جعفر السكاك.
(الشاذكوني)
أبو أيوب سليمان بن داود بن بشر بن زياد المنقري البصري، قال الخطيب
في تاريخ بغداد كان حافظا مكثرا وقدم بغداد وجالس الحفاظ بها وذاكرهم ثم
خرج إلى أصفهان فسكنها وانتشر حديثه بها.
روى عن أبي جعفر التمار قال: سمعت الشاذكوني يقول دخلت الكوفة نيفا
وعشرين دخلة اكتب الحديث فأتيت حفص بن غياث فكتبت حديثه فلما رجعت
إلى البصرة وصرت في بنانه لقيني ابن أبي خدويه فقال يا سليمان من أين جئت؟
قلت من الكوفة قال: حديث من كتبت؟ قلت حديث حفص بن غياث قال:
أفكتبت علمه كله؟ قلت نعم قال اذهب عليك منه شئ؟ قلت لا قال فكتبت
عنه عن جعفر بن محمد عن أبيه عن أبي سعيد الخدري ان النبي (صلى الله عليه وآله) ضحى
بكبش فحيل كان يأكل في سواد وينظر في سواد ويمشي في سواد؟ قلت لا قال:
فأسخن الله عينك إيش كنت تعمل بالكوفة؟ قال فوضعت خرجي عند النرسيين
ورجعت إلى الكوفة فأتيت حفصا فقال من أين أقبلت؟ قلت من البصرة قال لم
344

رجعت؟ قلت إن ابن خدويه ذاكرني عنك بكذا وكذا قال فحدثني ورجعت
ولم يكن لي بالكوفة حاجة غيرها توفي سنة 234 (رلد) انتهى.
قلت: يروي الشاذكوني عن أبي بكر عبد الرزاق بن همام الصنعاني
الامامي كما روى الشيخ في (يب) في باب علامة أول شهر رمضان عنه عن
معمر بن راشد.
وقال (جش) سليمان بن داود المنقري أبو أيوب الشاذكوني بصري ليس
بالمتحقق لنا غير أنه روى عن جماعة أصحابنا نم أصحاب جعفر بن محمد " عليه السلام "
وكان ثقة له كتاب انتهى.
والشاذكوني نسبة إلى الشاذكونة بفتح الذال ثياب غلاظ مضرية تعمل
باليمن والى بيعها نسب أبو أيوب الحافظ لان أباه كان يبيعها كذا في القاموس
والشاكونة حصير صغير أيضا.
(الشاذلي)
أبو الحسن علي بن عبد الله بن عبد الجبار الحسني الإدريسي المشهور
بالشاذلي شيخ الطائفة الشاذلية نشأ بشاذلة قرية بإفريقية فاشتغل بالعلوم الشرعية
حتى أتقنها وصار يناظر عليها مع كونه ضريرا ثم سلك منهاج التصوف وجد
واجتهد حتى ظهر صلاحه وخبره وله أحزاب محفوظة وأحوال ملحوظة كذا عن
طبقات الأولياء للمناوي وفي بعض المواضع انه سكن الإسكندرية وصحبه بها
جماعة وحج مرارا ومات بصحراء عيذاب قاصدا للحج في أواخر ذي القعدة
ودفن هناك له السر الجليل في خواص حسبنا الله ونعم الوكيل ومجموعة الأحزاب
وقد شرح الحزب البر له صاحب تاج العروس وسماه تنبيه العارف البصير على
اسرار الحزب الكبير انتهى.
وفي كتاب سلوة الغريب توفي سنة 656 (خون) ودفن بالمخا قرية بساحل
345

بحر اليمن قال السيد علي خان فيه: لم اقف على ترجمته والاجماع على أنه الذي
أظهر القهوة المتعارفة في هذا الزمان التي طبقت شهرتها العالم انتهى.
قال الفيروز آبادي: وشاذلة قرية بالمغرب أو هي بالذال منها السيد أبو
الحسن الشاذلي أستاذ الطائفة الشاذلية من صوفية الإسكندرية وفيهم يقول
أبو العباس بن عطا:
تمسك بحب الشاذلية تلق ما * تروم فحقق ذاك منهم وحصل
ولا تعدون عيناك عنهم فإنهم * شموس هدى في أعين المتأمل
وقد يطلق الشاذلي على أبي الحسن علي بن ناصر الدين بن محمد بن محمد المصري
الشاذلي صاحب كتاب العزية للجماعة الأزهرية وكتاب كفاية الطالب
توفي سنة 939.
(الشاشي)
أبو بكر محمد بن علي بن إسماعيل الشافعي الفقيه الأصولي الذي انتشر عنه
فقه الشافعي بما وراء النهر ويأتي ذكره في القفال الشاشي.
وقد يطلق على إسحاق بن إبراهيم السمرقندي شيخ أصحاب أبي حنيفة
وعالمهم في زمانه توفي سنة 325.
وقد يطلق على حاتم بن الحسن بن الفتح أبى سعيد الشاشي قدم بغداد
حاجا في سنة 303 وحدث بها.
وقد يطلق على الحسن بن صاحب بن حميد أبى علي الشاشي أحد الرحالين
قدم بغداد سنة 311 وحدث بها توفي سنة 314.
وقد يطلق على أبى علي أحمد بن محمد بن إسحاق الفقيه سكن بغداد ودرس
بها وكان شيخ الجماعة وكان أبو الحسن الكرخي جعل التدريس له حين فلج
والفتوى إلى أبى بكر الدامغاني توفى سنة 344.
346

وقد يطلق على أبي بكر محمد بن أحمد بن الحسين الفقيه الشافعي المعروف
بالمستظهري صاحب كتاب العمدة في فروع الشافعية صنفه لعمدة الدين ولد
المستظهر وهو المسترشد الخليفة تولى التدريس بالمدرسة النظامية ببغداد سنة 504
وتوفي بها سنة 507 والشاش بمعجمتين بينهما الف مدينة بما وراء النهر اي
وراء نهر سيحون.
(الشاطبي)
أبو محمد القاسم بن فيره (1) الشافعي الشيخ الفاضل المقري النحوي اللغوي
إمام القراء صاحب القصيدة المشهورة بحرز الأماني ووجه التهاني وكان لا ينطق
إلا لضرورة ولا يقرئ إلا على طهارة مات سنة 590 (ثص).
وقد يطلق على أبى إسحاق إبراهيم بن موسى بن محمد اللخمي الغرناطي
الأصولي المفسر المحدث اللغوي صاحب الاعتصام والموافقات والمجالس المتوفي
سنة 790 والشاطبي نسبة إلى شاطبة بلد بالمغرب بشرق الأندلس.
(الشافعي)
أبو عبد الله محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان بن شافع بن السائب
القرشي المطلبي يتفق نسبه مع بني هاشم وبني أمية في عبد مناف لأنه من ولد
المطلب بن عبد مناف والشافعي أحد الأئمة الأربعة السنية قالوا ولد يوم وفاة أبي حنيفة
سنة 150 بغزة (2) هاشم ونشأ بمكة وكتب العلم بها وبالمدينة وقدم
بغداد مرتين وحدث بها وخرج إلى مصر فنزلها إلى حين وفاته اخذ عن مالك بن
انس وسمع الحديث من محمد بن الحسن الشيباني وغيره، ذكره الخطيب في تاريخ

(1) فيره بكسر الفاء وسكون الياء المثناة من تحتها وتشديد الراء وضمها
وهو بلغة اللطيني الجديد
(2) غزة مدينة في أقصى الشام من ناحية مصر يأتي ذكرها في الغزي.
347

بغداد وأثنى عليه كثيرا وذكر في حقه هذين البيتين:
مثل الشافعي في العلماء * مثل البدر في نجوم السماء
قل لمن قاسه بنعمان جهلا * أيقاس الضياء بالظلماء
وروى عنه قال حفظت القرآن وانا ابن سبع سنين وحفظت الموطأ وانا ابن
عشر سنين انتهى.
قال ابن النديم كان الشافعي شديدا في التشيع وذكر له رجل يوما مسألة
فأجاب فيها فقال له خالفت علي بن أبي طالب عليه السلام فقال له ثبت لي هذا
عن علي بن أبي طالب " عليه السلام " حتى أضع خدي على التراب وأقول قد أخطأت
وارجع عن قولي إلى قوله وحضر ذات يوم مجلسا فيه بعض الطالبيين فقال لا أتكلم
في مجلس بحضرة أحدهم هم أحق بالكلام ولهم الرياسة والفضل انتهى.
وله اشعار فاخرة منها قوله:
وإذا عجزت عن العدو فداره * وأمزح له ان المزاح وفاق
فالماء بالنار التي هي ضده * يعطي النضاج وطبعها الاحراق
وله
وأحق خلق الله بالهم امرؤ * ذو همة تبلى بعيش ضيق
وله
رعت النسور بقوة جيف الفلا * ورعى الذباب الشهد وهو ضعيف
وله
يقولون أسباب الفراغ ثلاثة * ورابعه خلوه وهو خيارها
وقد ذكروا مالا وأمنا وصحة * ولم يعلموا ان الشباب مدارها
وله في الولاية شئ كثير ومدائح غفيرة لمن نزلت في شأنهم آية التطهير
فمنها قوله:
إذا في مجلس ذكروا عليا * وشبليه وفاطمة الزكية
348

يقال تجاوزوا يا قوم هذا * فهذا من حديث الرافضية
هربت إلى المهيمن من أناس * يرون الرفض حب الفاطمية
على آل الرسول صلاة ربى * ولعنته لتلك الجاهلية
وله أيضا برواية ابن حجر المكي:
يا أهل بيت رسول الله حبكم * فرض من الله في القرآن أنزله
كفاكم من عظيم القدر انكم * من لا يصلي عليكم لا صلاة له
أشار بذلك إلى فضيلة لأهل البيت عليهم السلام تعلو كل فضيلة حيث إن الله تعالى
جعل الصلاة عليهم جزءا من الصلاة المفروضة على جميع عباده فلا تصح بدونها
صلاة أحد من العالمين وهذه منزلة عنت لها وجوه جماعة الخافقين. وله أيضا
برواية الصباغ المالكي نقلا عن الفصول المهمة.
يا راكبا قف بالمحصب من منى * واهتف بساكن خيفها والناهض
سحرا إذا فاض الحجيج إلى منى * فيضا كملتطم الفرات الفائض
إن كان رفضا حب آل محمد * فليشهد الثقلان اني رافضي
وقال كما نقل عن رشفة الصادي لأبي بكر بن شهاب الدين:
ولما رأيت الناس قد ذهبت بهم * مذاهبهم في أبحر الغي والجهل
ركبت على اسم الله في سفن النجا * وهم أهل بيت المصطفى خاتم الرسل
وأمسكت حبل الله وهو ولاؤهم * كما قد أمرنا بالتمسك بالحبل
وفي تاريخ بغداد كان للشافعي صديق فبلغه عنه شئ فعاتبه بأبيات أرسلها إليه:
اذهب فإنك من ودادي طالق * لا طالق مني طلاق البين
فان ارعويت فإنها تطليقة * ويقيم ودك لي على ثنتين
وإن اعوججت شفعتها بمثالها * فتكون تطليقين في قرأين
وإن الثلاث أتتك مني بتة * لم يغن عنك شفاعة الثقلين
يحكى عن الشافعي انه قال في جواب من سأله عن أمير المؤمنين " عليه السلام "
349

ما أقول في رجل أسر أولياءه مناقبه تقية وكتمها أعداؤه حنقا وعداوة ومع
ذلك قد شاع منه ما ملأ الخافقين وقد اخذ منه السيد تاج الدين العاملي
هذا المعنى في قوله:
لقد كتمت آثار آل محمد * محبوهم خوفا وأعداؤهم بغضا
فأبرز من بين الفريقين نبذة * بها ملا الله السماوات والارضا
توفي بمصر آخر رجب سنة 204 (در) ودفن بالقرافة الصغرى، قال
المسعودي: حدثني فقير بن مسكين عن المزني وكان سماعنا من فقير بمدينة
أسوان بصعيد مصر قال: قال المزني: دخلت على الشافعي غداة وفاته فقلت
له كيف أصبحت يا أبا عبد الله قال: أصبحت من الدنيا راحلا ولإخواني مفارقا
وبكأس المنية شاربا ولا أدري إلى الجنة تصير روحي فأهنيها أم إلى النار فأعزيها
وأنشأ يقول:
ولما قسى قلبي وضاقت مذاهبي * جعلت الرجا مني لعفوك سلما
تعاظمني ذنبي فلما قرنته * بعفوك ربي كان عفوك أعظما
ذكر ابن خلكان في ترجمة أبي عمرو اشهب بن عبد العزيز الفقيه المالكي المصري
المتوفى في (شع) سنة 204: قال ابن عبد الحكم سمعت اشهب يدعو على الشافعي
بالموت فذكرت ذلك للشافعي فقال متمثلا:
تمنى رجال ان أموت فان أمت * فتلك سبيل لست فيها بأوحد
فقل للذي يبغي خلاف الذي مضى * تزود لأخرى غيرها فكان قد
قال: فمات الشافعي فاشترى اشهب من تركته عبدا ثم مات اشهب فاشتريت
انا ذلك العبد من تركة اشهب انتهى.
(الشاميون)
هم: الشيخ أبو الصلاح وابن البراج وابن زهرة والشيخ سديد الدين محمود
350

الحمصي (أو) هم الثلاثة الأول المعبر عنهم بالشاميون الثلاثة وقد تقدم في الحليون
ما يتعلق بذلك.
(شاه چراغ)
أحمد بن الإمام موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي
طالب " عليه السلام " المدفون بشيراز قال شيخنا المفيد في الارشاد وكان احمد ابن موسى
كريما جليلا ورعا وكان أبو الحسن موسى " عليه السلام " يحبه ويقدمه ووهب له ضيعته
المعروفة باليسيرة ويقال ان أحمد بن موسى (ره) أعتق ألف مملوك.
ثم روى عن إسماعيل بن موسى " عليه السلام " قال: خرج أبي بولده إلى بعض
أمواله بالمدينة قال فكنا في ذلك المكان فكان مع أحمد بن موسى عشرون من
خدم أبي وحشمه إن قام احمد قاموا معه وإن جلس جلسوا معه وأبى بعد
ذلك يرعاه ببصره لا يغفل عنه فما انقلبنا حتى اتشيخ (نشيخ خ ل) أحمد بن
موسى بيننا انتهى.
وفي كتاب شد الإزار في حط الأوزار عن زوار المزار في مزارات
شيراز وشرح حال جمع كثير منهم تأليف معين الدين أبى القاسم جنيد بن محمود
الشيرازي ألفه في حدود سنة 791 قال السيد الأمير أحمد بن موسى بن جعفر
ابن محمد بن علي بن الحسين بن علي المرتضى عليهم السلام قدم شيراز فتوفى بها
في أيام المأمون بعد وفاة أخيه علي الرضا " عليه السلام " بطوس وكان أجودهم جودا
وأرأفهم نفسا قد أعتق ألف رقبة من العبيد والإماء في سبيل الله تعالى وقيل
استشهد ولم يوقف على قبره حتى ظهر في عهد الأمير مقرب الدين مسعود بن
بدر فبنى عليه بناء وقيل وجد في قبره كما هو صحيحا طري اللون لم يتغير وعليه
لامة سابغة وفي يده خاتم نقش عليه (العزة لله أحمد بن موسى) فعرفوه به ثم
بني عليه الأتابك أبو بكر بناء ارفع منه ثم إن الخاتون تاش وكانت خيرة ذات
351

تسبيح وصلاة بنت عليه قبة رفيعة وبنت بجنبها مدرسة عالية وجعلت مرقدها
بجواره في سنة خمسين وسبعمائة رحمة الله عليهم أجمعين.
(شاه رئيس)
أبو عبد الرحمن الكندي كان من الغلاة قال الفضل بن شاذان انه كان من
الكذابين المشهورين.
(الشبر)
السيد عبد الله بن السيد محمد رضا الشبر الحسيني الكاظمي الفاضل النبيل
والمحدث الجليل والفقيه المتبحر الخبير العالم الرباني المشتهر في عصره بالمجلسي
الثاني صاحب شرح المفاتيح في مجلدات وكتاب جامع المعارف والاحكام في
الاخبار شبه بحار الأنوار وكتب كثيرة في التفسير والحديث والفقه وأصول
الدين وغيرها وقد ذكر مصنفاته شيخنا المتبحر في دار السلام.
وحكي عنه انه قال: إن كثرة مؤلفاتي من توجه الامام الهمام موسى بن
جعفر " عليه السلام " فإني رأيته في المنام فأعطاني قلما وقال اكتب فمن ذلك الوقت
وفقت لذلك فكل ما برز مني فمن بركة هذا القلم
توفي سنة 1242 (غرمب) وله أربع وخمسون سنة ودفن بقرب والده في
البقعة الكاظمية على مشرفيها آلاف التحف السبحانية.
(الشبراوي)
يطلق على جماعة (أحدهم) الشيخ عبد الله بن محمد القاهري الشافعي شيخ
الجامع الأزهر.
حكي انه في سنة 1137 انتقلت مشيخة الجامع الأزهر إلى الشافعية فتولاها
الشيخ عبد الله الشبراوي في حياة كبار العلماء بعد أن تمكن وحضر الأشياخ ولم
352

يزل يترقى في الأحوال والأطوار ويفيد ويملي ويدرس حتى صار من أعظم
الأعاظم ذا جاه ومنزلة ونفذت كلمته وصار مرجعا للخاص والعام له الاتحاف
بحب الاشراف في المناقب وشرح الصدر بغزوة أهل بدر جمع فيه أسماء الصحابة
البدريين وطرفا من مناقبهم وعنوان البيان وبستان الأذهان إلى غير ذلك.
توفي سنة 1172 (غقعب). (والشبراوي) نسبة إلى شبرى كسكرى
موضع بمصر وفي القاموس شبرى ثلاثة وخمسون موضعا كلها بمصر.
(الشبستري)
سعد الدين محمود بن امين الدين التبريزي الحكيم العارف صاحب كتاب
كلشن راز الذي فرغ منه سنة 717 شرحه جماعة منهم شمس الدين محمد الشيرازي
اللاهيجي المتخلص بالأسيري.
(الشبلنجي)
السيد مؤمن بن السيد حسن الشبلنجي الشافعي المدني في أوائل القرن
الرابع عشر صاحب كتاب نور الابصار، روى فيه ان محمد الباقر بن علي بن
الحسين بن علي بن أبي طالب " ع " سأل جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله
تعالى عنه لما دخل عليه عن عائشة وما جرى بينها وبين علي " عليه السلام " فقال له جابر
دخلت عليها يوما وقلت لها: ما تقولين في علي بن أبي طالب فأطرقت رأسها ثم
رفعته وقالت:
إذا ما التبر حك على محك * تبين غشه من غير شك
وفينا الغش والذهب المصفى * على بيننا شبه المحك
(الشبلي)
أبو بكر دلف بن جحدر وقيل جعفر بن يونس الخراساني البغدادي
353

المالكي أو الامامي تولد في سامراء ونشأ في بغداد وصاحب الجنيد والحلاج
وخير النساج وكان من كبار مشائخ الصوفية وأهل الحال.
يحكى عنه نوادر واشعار وحكايات ومما سمع منه كان ينشد قوله:
ليس تخلو جوارحي منك وقتا * هي مشغولة بحمل هواك
ليس يجري على لساني شئ * علم الله ذا سوى ذكراك
وتمثلت حيث كنت بعيني * فهي إن غبت أو حضرت تراك
قيل إنه كان يبالغ في تعظيم الشرع المطهر وكان إذا دخل شهر رمضان
جد في الطاعات ويقول هذا شهر عظمه ربي فأنا أولى بتعظيمه توفي ببغداد في
آخر سنة 334 (شلد) ودفن بمقبرة الخيزران.
وقد يطلق الشبلي على القاضي بدر الدين أبي عبد الله محمد بن تقي الدين
عبد الله الدمشقي الحنفي ولي قضاء طرابلس سنة 755 قيل إنه كان من تلامذة
المزي والذهبي له آكام المرجان في احكام الجان توفي سنة 769 قال ابن خلكان
الشبلي بكسر الشين وسكون الباء نسبة إلى شبليه قرية من قرى أسروشنه بضم
الهمزة وسكون السين وضم الراء وفتح الشين والنون وهي بلدة عظيمة وراء
سمرقند من بلاد ما وراء النهر.
(الشحام) انظر أبو أسامة
(الشرابياني)
بفتح السين وسكون الموحدة المولى محمد بن المولى فضل علي بن
عبد الرحمن الشرابياني النجفي الفاضل المعروف الذي كان مرجعا للخاص والعام
ولد سنة 1245 وهاجر إلى النجف الأشرف سنة 1272 وحضر بحث العلامة
الأنصاري وبعده الآية الكوهكمري ولم يبارح دروسه حتى قضى نحبه سنة 1299
وطفق يقرر أبحاثه على الطلبة فازدلفوا إليه وقد ألف أبحاث أستاذه في أصول
354

الفقه في 9 مجلدات وله كتاب الصلاة وغير ذلك انتهت إليه والى معاصره الفاضل
المامقاني رياسة بلاد الترك من القفقاز وتبريز وغيرها من بلاد أذربيجان توفي
بالنجف 17 (مض) سنة 1322 مطابق هذه الجملة (يرحم الله جناب الفاضل)
والشرابياني نسبة إلى شرابيان قرية من اعمال سراب من مضافات تبريز ولد فيها
الفاضل المذكور سنة 1245.
(شرف الدين الأربلي)
أبو الفضل أحمد بن كمال الدين موسى بن رضى الدين يونس الفقيه الشافعي
شارح كتاب التنبيه لأبي إسحاق الشيرازي في الفقه كان شرف الدين من بيت
العلم مدرسا بمدرسة الملك مظفر الدين بمدينة إربل ثم انتقل إلى الموصل وفوضت
إليه المدرسة القاهرية.
كانت ولادته بالموصل سنة 575 (ثعه) وتوفي سنة 622 (خكب) عاش
مدة خلافة الناصر لدين الله أبى العباس وماتا في سنة واحدة.
(شرف الدين الشولستاني)
الأمير علي بن حجة الله بن شرف الدين الطباطبائي الساكن في الغري
السري حيا وميتا العالم الفاضل المحقق الأديب صاحب المؤلفات النفيسة منها
توضيح المقال في شرح الاثني عشرية في الصلاة لصاحب المعالم في مجلدين قال
شيخنا (ره) ويظهر منه غاية فضله وتبحره رحمه الله ونقل عنه في مزار البحار
فائدة حسنة فيما يتعلق بالقبلة في الحرم المطهر الغروي وفي مسجد الكوفة ينبغي
النظر فيها وحاصلها ان مسجد الكوفة كان بناؤه قبل زمان أمير المؤمنين " عليه السلام "
والحائط القبلي والمحراب المشهور بمحراب أمير المؤمنين " عليه السلام " ليسا موافقين لجعل
الجدي خلف المنكب الأيمن بل فيهما تيامن عكس ضريحه المقدس فإنه كان فيه
تياسر كثير وقال وقت عمارته بأمر السلطان الأعظم شاه صفي (قده) قلت
355

للمعمار غيره إلى التيامن فغيره ومع هذا فيه تياسر في الجملة ومخالف لمحراب مسجد
الكوفة وكنت في الروضة المقدسة متيامنا وفي الكوفة متياسرا انتهى.
يروى عن الشيخ محمد بن صاحب المعالم ويروى عنه المجلسيان رضوان الله عليهم
أجمعين توفي سنة 1060 (غس).
(شرف الدين المقرى)
إسماعيل بن أبي بكر اليمنى صاحب كتاب عنوان الشرف الوافي في الفقه
والنحو والتاريخ والعروض والقوافي وهو كتاب بديع غريب مرتب في جداول
على شكل عجيب توفى سنة 837 (ضلز).
(شرف الدين الموسوي)
العاملي السيد الاجل الشريف السيد إبراهيم بن زين العابدين بن نور
الدين الموسوي أبو السادة الاشراف آل شرف الدين نور الله مراقدهم ذكرت
مختصرا من تراجمهم في كتاب منتهى الآمال منهم سيد مشايخنا وشيخ أكثر
محدثي عصرنا العالم الفاضل المحقق الفقيه المتتبع المتبحر سيدنا أبو محمد الحسن
صدر الدين ابن العلامة السيد أبى الحسن الهادي بن السيد محمد علي بن السيد
صالح بن السيد محمد بن إبراهيم شرف الدين الكاظمي المولود بها سنة 1272 له
مؤلفات نفيسة منها تكملة أمل الآمل وشرح الوجيزة والشيعة وفنون الاسلام
وعدة كتب في الرجال ورسائل كثيرة واحياء النفوس بأدب السيد رضى الدين
ابن طاوس إلى غير ذلك توفي في الكاظمين سنة 1354 ودفن عند والده في
الصحن الشريف رحمة الله ورضوانه عليهما.
(شرف الدين الموصلي)
أبو سعد عبد الله بن أبي السري محمد بن هبة الله بن مطهر بن علي بن أبي
356

عصرون الحديثي الموصلي الفقيه الشافعي الذي تنقل في البلاد الشامية وبني له
المدارس بحلب وحمص وحماة وبعلبك وتولى القضاء بسنجار ونصيبين وحران
ودمشق وعمي في آجر عمره وينسب إليه:
أؤمل وصلا من حبيب وإنني * على ثقة عما قليل أفارقه
تجاري بنا خيل الحمام كأنما * يسابقني نحو الردى وأسابقه
فيا ليتنا متنا معا ثم لم نذق * مرارة فقدي لا ولا انا ذائقه
وقال:
وما الدهر إلا ما مضى وهو فائت * وما سوف يأتي وهو غير محصل
وعيشك فيما أنت فيه فإنه * زمان الفتى من مجمل ومفصل
(قلت) وكأنه اخذ من هذا الشعر قول من قال:
ما فات مضى وما سيأتيك فأين * قم فاغتنم الفرصة بين العدمين
توفي بدمشق سنة 585 (ثفه) وابنه محيي الدين محمد كان ينوب عنه في القضاء
وصنف جزء في جواز قضاء الأعمى وهو على خلاف مذهب الشافعي والحديثي
بفتح الحاء وكسر الدال المهملتين نسبة إلى حديثة الموصل وهي بليدة على دجلة
قرب الزاب الأعلى وهي غير حديثة الفرات.
(الشرواني)
أحمد بن محمد بن علي الأنصاري التميمي أحد أدباء القرن الثالث عشر
صاحب نفحة اليمن فيما يزول بذكره الشجن والجوهر الوقاد في شحر بانت سعاد
تقدم في الخاقاني ما يتعلق بشر وان.
(الشريشي)
أبو العباس أحمد بن عبد المؤمن بن عيسى القيسي النحوي شارح مقامات
الحريري الذي شرحه يغني عن كل شرح كان مبرزا في المعرفة بالنحو حافظا للغات
357

ذاكرا للآداب وله التعليقات الوفية شرح الدرة الألفية.
توفى بشريش سنة 619 (خيط) وهو غير الشريشي الصوفي تاج الدين
أبو العباس أحمد بن محمد بن أحمد البكري الصديقي النحوي الأديب الشاعر
صاحب الرائية الشريشية في السير والسلوك أولها:
إذا ما بدا من باطن حالة الزجر * فما هو إلا البر من منح البر
توفي سنة 641 بمصر.
(الشريف الجرجاني)
المير سيد علي بن محمد بن علي الحسيني الحنفي الاسترآبادي كان متكلما
بارعا عجيب التصرف كثير التحقيق ماهرا في الحكمة والعربية صاحب المصنفات
والحواشي والشروح المعروفة منها حاشيته على أول تفسير الكشاف وعلى المطول
وعلى شرح الكافية وشرح الشمسية وعلى شرح المطالع وغير ذلك وله شرح على
مواقف القاضي عضد الإيجي في علم أصول الكلام وهو كتاب مشهور.
قال الشيخ البهائي (ره) في شرح الأربعين في الجفر والجامعة قد تظافرت
الاخبار بأن النبي (صلى الله عليه وآله) أملاهما على أمير المؤمنين (عليه السلام) وان فيهما علم ما كان
وما يكون إلى يوم القيامة.
وان الشيخ الكليني نقل عن الإمام الصادق (عليه السلام) أحاديث متكثرة في أن
ذينك الكتابين كانا عنده (عليه السلام) وأنهما لا يزالان عند الأئمة عليهم السلام
يتوارثونهما واحدا بعد واحد.
وقال المحقق الشريف في شرح المواقف في مبحث تعلق العلم الواحد
بمعلومين ان الجفر والجامعة كتابان لعلي كرم الله وجهه وقد ذكر فيهما على
طريق علم الحروف الحوادث التي تحدث إلى انقراض العالم وكان الأئمة المعروفون
من أولاده يعرفونهما ويحكمون بهما وفي كتاب قبول العهد الذي كتبه علي بن
358

موسى الرضا رضي الله عنهما إلى المأمون انك قد عرفت من حقوقنا ما لم يعرف
آباؤك فقبلت منك عهدك الا ان الجفر والجامعة لا يدلان على أنه لا يتم،
ولمشايخ المغاربة نصيب من علم الحروف ينتسبون فيها إلى أهل البيت ورأيت
بالشام نظما أشير فيه بالرموز إلى أحوال ملوك مصر وسمعت انه مستخرج من
ذينك الكتابين إلى هنا كلام السيد الشريف انتهى.
ولد المحقق الشريف سنة 740 بجرجان ولما بلغ الرشد أخذ في تحصيل العلم
والمعرفة فممن اخذ منه وحضر مجلسه العالي مولانا قطب الدين الرازي إلى أن
صار بيمن تربيته فائقا على كل محقق مرضي.
وله الرواية عن جماعة منهم العلامة قطب الدين المذكور ويروى عنه جماعة
منهم ابنه السيد محمد وجلال الدين محمد بن عبد العزيز الشافعي والشيخ منصور بن
الحسن الكازروني والعلامة أسعد بن محمد الصديقي الكازروني إلى غير ذلك ومن
نتائج أفكاره هذه الرباعية:
بيخوابي شب جان مرا كرچه بكاست
در خواب شدن زروي انصاف خطا است
ترسم كه خيالش قدمي رنجه كند
عذر قدمش بسالها نتوان خواست
وله:
من شكر چون كنم كه همه نعمت توام
نعمت چكونه شكر كند برزبان خويش
وقال أستاذه العلامة القطب:
كر كسي شكر أو فزون كويد
شكر توفيق شكر چون كويد
يحكى انه قال يوما لابنه السيد محمد: تطلب درجة اي فاضل من العلماء؟ قال:
359

درجتك فقال أنت قصير الهمة انا طلبت رتبة ابن سينا فبلغ بي السعي إلى هذه
الدرجة وأنت فيما تطلب لا تصل إلا إلى درجة ناقصة فعليك بعلو الهمة وطلب المعالي
(قلت) ويناسب هنا نقل هذه الأبيات للشريف المرتضى (ره):
طريق المعالي عامر بي قيم * وقلبي بكشف المعضلات متيم
ولي همة لا تحمل الضيم مرة * عزائمها في الخطب جيش عرمرم (1)
أريد من العلياء مالا تناله * السيوف المواضي (2) والوشيج (3) المقوم
وأورد نفسي ما يهاب وروده * ونار الوغى بالدار عين تضرم
كان المحقق الشريف معاصرا للمحقق التفتازاني وجرت بينهما مناظرات
طويلة وعده القاضي نور الله من حكماء الشيعة وعلمائها واستشهد على ذلك
بتنصيص تلميذه السيد محمد نور بخش والشيخ محمد بن أبي جمهور الأحسائي
بتشيعه وأما ابنه السيد شمس الدين محمد فهو شيعي بخلاف ابنه الميرزا مخدوم
فإنه سني بل ناصبي ورد على الشيعة بكتاب نواقض الروافض الذي رد عليه القاضي
نور الله بكتاب مصائب النواصب والشيخ أبو على الحائري بعذاب النواصب وله
ابن فاضل من علماء الشيعة يأتي ذكره في عصام الدين.
توفي السيد الشريف في شيراز سنة 816، حكي انه لما قرب ارتحاله قال
له ابنه يا أبة أوصني بوصية فقال بابا بحال خودباش اي عليك نفسك فنظم ابنه
مضمون كلام أبيه بالفارسية وقال:
مرامير سيد شريف ان بحر زخار * كه رحمت برروان باك اوباد
وصيت كرد وكفت اوزانكه خواهى * كه باشد در قيامت جان توشاد
جنان مستغرق أوقات خود باش * كه نايد از كس ديكر توراياد

(1) اي - الشديد والكثير.
(2) اي - القواطع.
(3) الوشيح: شجر الرماح.
360

(شريف العلماء)
المولى محمد شريف بن حسن على المازندراني الحائري شيخ الفقهاء العظام
ومربي الفضلاء الفخام أستاذ العلماء الفحول جامع المعقول والمنقول تولد في
الحائر الشريف وتلمذ على صاحب الرياض والسيد المجاهد ورزق السعادة في
التدريس والافادة وكثرة التلاميذ من الفقهاء والعلماء.
قال سيدنا الاجل المضطلع الخبير الكامل أبو محمد الحسن صاحب تكملة
أمل الآمل: حدثني شيخنا الفقيه الشيخ محمد حسن آل يس وكان أحد تلامذة
شريف العلماء قال: كان يدرسنا في علم الأصول في الحائر المقدس في المدرسة
المعروقة بمدرسة حسن خان وكان يحضر تحت منبره الف من المشتغلين وفيهم
المئات من العماء الفاضلين ومن تلامذته شيخنا العلامة الشيخ المرتضى الأنصاري
رحمه الله وهو منقح تلك التحقيقات الأنيقة وكفى بذلك فخرا وفضلا وكان بعض
تلامذته كالفاضل الدربندي يفضله على جميع العلماء المتقدمين انتهى.
وممن تلمذ عليه السيد إبراهيم صاحب الضوابط والمولى إسماعيل اليزدي
الذي حكى انه يرجحه بعضهم على أستاذه وجلس بعد وفاة أستاذه مجلس وكان
يدرس ولكن لم يبق كثيرا بل بقى قرب سنة ثم لحق بأستاذه رحمة الله عليهما
وممن تلمذ عليه أيضا سعيد العلماء والسيد محمد شفيع الجابلقي وكتب هذا السيد
ترجمة أستاذه الشريف في الروضة البهية إلى غير ذلك.
توفي في الحائر المقدس بالطاعون سنة 1245 (غرمه) وقبره في دار
يكون بقرب الصحن المطهر من طرف الجنوب.
(الشعبي)
بفتح الأول وسكون الثاني أبو عمرو عامر بن شراحيل الكوفي ينسب إلى
شعب بطن من همدان يعد من كبار التابعين وجعلتهم وكان فقيها شاعرا، روي
361

عن خمسين ومائة من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) كذا عن السمعاني، وحكى عنه
قال أدركت خمسمائة من الصحابة.
وعن مكحول قال: ما رأيت أفقه من الشعبي وقال آخر الشعبي في زمانه
كابن عباس في زمانه ووثقه ابن حجر ولكن لا يخفى انه عند علماء الشيعة
مذموم مطعون وقد روى عنه أشياء ردية فراجع (كش) في ترجمة الحرث الأعور.
وعن ابن عبد البر في كتابه جامع بيان العلم حيث أورد كلمة إبراهيم
النخعي الصريحة في تكذيب الشعبي قال ما هذا لفظه وأظن الشعبي عوقب لقوله
في الحرث الهمداني حدثني الحارث وكان أحد الكذابين قال ابن عبد البر ولم يبن
من الحرث كذب وإنما نقم عليه إفراطه في حب علي وتفضيله على غيره قال ومن
هاهنا كذبه الشعبي لان الشعبي يذهب إلى تفضيل أبي بكر وإلى انه أول من أسلم
وتفضيل عمر انتهى.
قال أبو جعفر الطبري في ذيل المذيل كان الحرث الأعور ابن عبد الله بن
كعب بن أسد بن يخلد بن حوث من مقدمي أصحاب علي (عليه السلام) في الفقه والعلم
بالفرائض والحساب عن مجالد عن الشبعي قال: تعلمت من الحرث الأعور الفرائض
والحساب وكان أحسب الناس انتهى.
مات فجأة بالكوفة سنة 104 (دق) ويظهر من ابن خلكان ان الشعبي
كان قاضيا على الكوفة قال في أحوال أبي عمرو عبد الملك بن عمير بن سويد
اللخمي الكوفي ما هذا لفظه: كان قاضيا على الكوفة بعد الشعبي وهو أي
عبد الملك من مشاهير التابعين وثقاتهم ومن كبار أهل الكوفة رأى علي بن
أبي طالب (عليه السلام).
وروى عن جابر بن عبد الله الأنصاري ثم ذكر عن عبد الملك المذكور
خبرا فيه عبرة لمن اعتبر لا بأس بنقله قال ومن اخباره انه قال كنت عند عبد الملك
ابن مروان بقصر الكوفة حين جئ برأس مصعب بن الزبير فوضع بين يديه
362

فرآني قد ارتعدت فقال لي مالك قلت أعيذك بالله يا أمير المؤمنين كنت بهذا
القصر بهذا الموضع مع عبيد الله بن زياد فرأيت رأس الحسين بن علي بن أبي
طالب (عليه السلام) بين يديه في هذا المكان ثم كنت فيه مع المختار بن أبي عبيد الثقفي
فرأيت رأس عبيد الله بن زياد بن يديه ثم كنت فيه مع مصعب بن الزبير هذا
فرأيت رأس المختار بين يديه ثم هذا رأس مصعب بن الزبير بين يديك قال فقام
عبد الملك من موضعه وامر بهدم ذلك الطاق الذي كنا فيه
(أقول) قد نظم هذه القصة بعض شعراء العجم بالفارسية بقوله:
يك سره (1) مردي زعرب هوشمند * كفت بعبد الملك از روي بند
روى همين مسند وأين تكيه كاه * زير همين قبه وأين باركاه
بودم وديدم بر ابن زياد * آه چه ديدم كه دو چشمم مباد
تازه سري چون سپر آسمان * طلعت خورشيد زرويش نهان
بعد زچندى سر آن خيره سر * بدبر مختار بروى سپر
بعد كه مصعب سروسر دارشد * دست (2) كش أو سر مختار شد
أين سر مصعب بتقاضاي كار * تاجه كند باتو دكر روزكار
(الشعراني)
الشيخ أبو المواهب عبد الوهاب بن أحمد الشافعي المصري الصوفي صاحب
اليواقيت واللواقح وغيرهما.
قال الجلبي في كشف الظنون: كشف الحجاب والران عن وجه أسئلة الجان
للشعراني وهو المذكور في الميزان أوله المعوذتين قال فهذه مسالة غريبة سألني
عنها مؤمنوا الجان وطلبوا مني الجواب ذكر فيه ان حامل الأسئلة دخل عليه في

(1) سره - يعني بي عيب ونيكو.
(2) دست كش - يعني زبون وأسير وگرفتار وزير دست.
363

صورة كلب في فمه ورقة مكتوب فيها ثمانون مسألة في ليلة الثلاثاء سادس عشر
رجب سنة 955 انتهى.
اخذ العلم عن السيوطي والشيخ علي الخواص من علماء الباطن وسلك
طريق التصوف بعد علوم الشريعة وكان يكثر من الصوم ولا يكتسي إلا ثيابا
بالية توفي سنة 973 (ظعج).
قال الفيروز آبادي: الشعران رمث أخضر يضرب إلى الغبرة وجبل قرب
الموصل من أعمر الجبال بالفواكه والطيور وقال: الرمث بالكسر مرعى
للإبل من الحمض.
(الشغراني)
رجل من الزراقين فطن معروف بالزرق كان في عصر السيد المرتضى علم
الهدى رضي الله تعالى عنه وقد شاهد منه بعض إصاباته.
قال في أجوبة المسائل السلارية ما ملخصه: ومما يفسد مذهب المنجمين
ويدل على أن ما لعل يتفق لهم من الإصابة على غير أصل انا قد شاهدنا جماعة
من الزراقين الذين لا يعرفون شيئا من علم النجوم يصيبون فيما يحكمون به
إصابات مستطرفة وقد كان المعروف بالشغراني الذي شاهدناه وهو لا يحسن ان
يأخذ الأسطرلاب للطالع ولا نظر قط في زيج ولا تقويم غير أنه ذكي حاضر
الجواب فطن بالزرق معروف به كثير الإصابة.
ولقد اجتمع يوما بين يدي جماعة كانوا عندي وكنا قد اعتزمنا جهة
نقصدها لبعض الأغراض فسأله أحدنا عما نحن بصدده فابتدأه من غير اخذ طالع
ولا نظر في تقويم فأخبرنا بالجهة التي أردنا قصدها ثم عدل إلى كل واحد من
الجماعة فأخبره عن كثير من تفصيل امره وأغراضه حتى قال لأحدهم وأنت من
بين الجماعة قد وعدك واعد بشئ يوصله إليك وفي كمك شئ مما يدل على هذا
364

وقد انقضت حاجتك وانتجزت وجذب يده إلى كمه فاستخرج ما فيه فعجبنا مما
اتفق من إصابته مع بعده من صناعة النجوم وكان لنا صديق يقول ابدا من
أدل دليل على بطلان احكام النجوم إصابة الشغراني وجرى يوما مع من يتعاطى
علم النجوم هذا الحديث فقال عند المنجمين ان السبب في إصابة من لا يعلم شيئا
من علم النجوم ان مولده وما يتولاه ويقتضيه كواكبه اقتضى له ذلك فقلت له
لعل بطليموس وكل عالم من عامة المنجمين ومصيب من احكامه عليها إنما سبب
إصابته مولده وما يقتضيه كواكبه من غير علم ولا فهم فلا يجب ان يستدل
بالإصابة على العلم إذ كانت تقع من جاهل ويكون سببها المولد وإذا كانت
الإصابة بالمواليد فالنظر في علوم النجوم عبث ولعب لا يحتاج إليه انتهى.
(شلقان)
بفتح الشين واللام والقاف وآخره نون عيسى بن أبي منصور صبيح
العزرمي من أصحاب الصادق " عليه السلام ".
روى عن عنه " عليه السلام " انه كان إذا رآه قال: من أحب ان يرى رجلا من أهل
الجنة فلينظر إلى هذا.
وعن ابن أبي يعفور قال: كنت عند أبي عبد الله " عليه السلام " إذ أقبل عيسى
ابن أبي منصور فقال له إذا أردت ان تنظر إلى خيار في الدنيا وخيرا في الآخرة
فانظر إلى هذا.
(الشلمغاني)
محمد بن علي الشلمغاني يعرف بابن أبى العزاقر بالعين المهملة والزاي والراء
أخيرا له كتب وروايات وكان مستقيم الطريقة متقدما في أصحابنا فحمله الحسد
للشيخ أبى القاسم بن روح على ترك المذهب والدخول في المذاهب الردية فتغير
365

وظهرت عنه مقالات منكرة حتى خرجت فيه توقيعات فأخذه السلطان وقتله
وصلبه ببغداد.
وله من الكتب التي عملها حال الاستقامة: كتاب التكليف رواه المفيد (ره)
إلا حديثا منه في باب الشهادات انه يجوز للرجل ان يشهد لأخيه إذا كان له
شاهد واحد من غير علم قاله الشيخ والعلامة. وشلمغان قرية من نواحي واسط.
قال ابن شحنة في (روضة المناظر): وفي سنة 322 (شكب) في أيام
الراضي بالله قتل فيها محمد بن علي الشلمغاني وشلمغان قرية بنواحي واسط كان
أحدث مذهبا مداره على الحلول والتناسخ أمسكه الوزير ابن مقلة وأفتت العلماء
بإباحة دمه فقتل وصلب وأحرق بالنار وكان من مذهبه الخبيث ترك العبادات كلها
وإباحة الفروج من ذوي الأرحام وانه لا بد للفاضل ان ينكح المفضول ليولج فيه
النور وانه من امتنع من ذلك عاد في الدور الثاني انتهى.
قلت وكفى في ذم الحسد ما فعل بهذا الرجل فإنه كما روى الشيخ
الطوسي (ره) كان في أول الامر مستقيما من قبل الشيخ أبى القاسم حسين بن
روح رضي الله عنه وكان الناس يقصدونه ويلقونه لأنه كان سفيرا بينه وبينهم
في حوائجهم ومهماتهم.
وممن قصده أبو غالب الزراري قال: دخلت إليه مع رجل من إخواننا
فرأينا عنده جماعة من أصحابنا فسلمنا عليه وجلسنا عنده فقال لصاحبي من هذا
الفتى معك فقال له رجل من آل زرارة بن أعين فأقبل علي فقال: من اي زرارة
أنت فقلت يا سيدي انا من ولد بكير بن أعين أخي زرارة فقال: أهل بيت جليل
عظيم القدر في هذا الامر ثم قال له صاحبي أريد الكتابة في شئ من الدعاء فقال
نعم وانا أضمرت في نفسي الدعاء من أمر قد أهمني ولا اسميه وهو حال والدة
أبي العباس ابني وكانت كثيرة الخلاف والغضب على وكانت مني بمنزلة فقلت
وأنا أسأل حاجة وهي الدعاء لي بالفرج من أمر قد أهمني قال فأخذ درجا بين
366

يديه كان أثبت فيه حاجة الرجل فكتب والزراري سأل الدعاء في أمر قد أهمه ثم
طواه فقمنا وانصرفنا فلما كان بعد أيام عدنا إليه فحين جلسنا إليه اخرج الدرج
وفيه مسائل كثيرة قد أجيب في تضاعيفها فأقبل على صاحبي وقرأ عليه جواب
ما سأل واقبل على وهو يقرأ واما الزراري وحال الزوج والزوجة فأصلح الله
ذات بينهما فورد على أمر عظيم لأنه سر لم يعلمه إلا الله تعالى وغيري فلما ان
عدنا إلى الكوفة فدخلت دارى وكانت أم أبي العباس مغاضبة لي في منزل
أهلها فجاءت إلي فاسترضتني واعتذرت ووافقتني ولم تخالفني حتى فرق
الموت بيننا انتهى.
روى الصدوق عن الصادق " عليه السلام " قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يتعوذ
في كل يوم من ست من الشك والشرك والحمية والغضب والبغي والحسد.
وروى الشيخ الكليني عنه " عليه السلام " قال: ان الحسد يأكل الايمان كما
تأكل النار الحطب.
وروى الكراجكي عن أمير المؤمنين " عليه السلام " قال: ما رأيت ظالما أشبه بمظلوم
من الحاسد نفس دائم وقلب هائم وحزن لازم وقال يكفيك؟ الحاسد انه يغتم
في وقت سرورك وقل: صحة الجسد من قلة الحسد.
وذكر السيد الراوندي قدس سره: في ضوء الشهاب حكاية عجيبة في الحسد
ملخصها ان رجلا من أهل النعمة ببغداد في أيام موسى الهادي حسد بعض جيرانه
وسعى عليه بكل ما يمكنه فما قدر عليه فاشترى غلاما صغيرا فرباه فلما شب
واشتد أمره بأن يقتله على سطح جاره المحسود ليؤخذ جاره به ويقتل، حكي انه
عمد إلى سكين فشحذها ودفعها إليه وأشهد على نفسه انه دبره ودفع إليه من
صلب ماله ثلاثة آلاف درهم وقال: إذا فعلت ذلك فخذ في اي بلاد الله شئت
فعزم الغلام على طاعة المولى بعد التمنع والالتواء وقوله له الله الله في نفسك
يا مولاي وان تتلفها للامر الذي لا يدرى أيكون أم لا يكون فان كان لم تر منه
367

ما أملت وأنت ميت فلما كان في آخر ليلة من عمره قام في وجه السحر وأيقظ
الغلام فقام مذعورا وأعطاه المدية فجاء حتى تسور حائط جاره برفق فاضطجع
على سطحه فاستقبل القبلة ببدنه وقال: للغلام ها وعجل فترك السكين على حلقه
وفرى أوداجه ورجع إلى مضجعه وخلاه يتشحط في دمه فلما أصبح أهله خفي
عليهم خبره فلما كان في آخر النهار أصابوه على سطح جاره مقتولا فأخذ جاره
فحبس فلما ظهر الحال أمر الهادي باطلاقه انتهى.
ويأتي في النهرواني بعض الاشعار في ذم الحسد.
(الشلوبين)
أبو على عمر بن محمد الإشبيلي الأندلسي النحوي الذي جعلوه نظيرا لأبي
على الفارسي، توفي بأشبيلية سنة 645 (خمه) والشلوبين بفتح الشين وضم اللام
وسكون الواو وكسر الموحدة معناه بلغة الأندلس الأبيض الأشقر وقيل ليس
هذا بصحيح بل هو الشلوبيني نسبة إلى حصن بغرناطة يقال له الشلوبين.
(الشماع الحلبي)
الشيخ عمر بن أحمد المتوفى سنة 936 صاحب كتاب سفينة نوح " عليه السلام "
أقول: تقدم في ابن الخازن حديث مثل أهل بيتي كسفينة نوح " عليه السلام " من
ركبها نجا ومن تخلف عنها زج في النار
(شمس المعالي)
الأمير قابوس بن أبي طاهر وشمكير بن زيار بن وردان الجيلي كان أمير
جرجان وطبرستان ملكها سنة 388 (شفح) بعد أبيه وكانت المملكة قد انتقلت
إلى أبيه من أخيه مرداويج بن زيار وكان ملكا جليل القدر وكان عماد الدولة
البويهي من أحد اتباعه ومقدمي أمرائه وكان قابوس من محاسن الدنيا وكان
368

خطه في نهاية الحسن وكان الصاحب بن عباد إذا رأى خطه قال هذا خط قابوس
أم جناح طاوس وينشد قول المتنبي:
في خطه من كل قلب شهوة * حتى كأن مداده الأهواء
ولكل عين قرة في قربه * حتى كأن مغيبه الأقذاء
وشرح حاله لا يناسب المقام جمع أعيان عسكره على خلعه وبايعوا ولده
أبا منصور منوجهر على أن يخلع أباه فحبسوه في بعض القلاع إلى أن يأتيه اجله
فلما حبس منع من العطاء والدثار فمات من البرد أو قتل وذلك في سنة 403 (تج)
ودفن بظاهر جرجان.
(الشمني)
تقي الدين أبو العباس أحمد بن محمد القسطنطيني الحنفي صاحب الحاشية
المعروفة على مغني ابن هشام المشتملة على فوائد نادرة من أحوال العلماء وغيرها
ذكرها على سبيل الاستطراد وكان من جملة مشايخ السيوطي وقد بالغ السيوطي
في الثناء عليه.
توفي سنة 872 (ضعب)، ورثاء السيوطي بقصيدة بديعة أولها:
رزء عظيم به يستنزل العبر * وحادث جل فيه الخطب والعبر
والشمني: على ما حكي عن ضبط السيوطي بضم الشين والميم والنون المشددة
وفي القاموس شمن محركة بلد بالأندلس.
(شميم)
مهذب الدين أبو الحسن علي بن الحسن بن عنتر بن ثابت الحلي الشيعي
النحوي اللغوي الشاعر الفاضل الأديب صاحب مصنفات جمة في مطالب مهمة
كالحماسة والمنايح في المدايح وشرحه على المقامات وعلى لمع ابن جني وعلى
الحماسة وغير ذلك.
369

قال (ره) كلما رأيت الناس مجمعين على استحسان كتاب في نوع من
الأدب أنشأت من جنسه ما أدحض المتقدمين ثم ذكر حماسته بمقابل حماسة أبى
تمام وخطبه مقابل خطب ابن نباته.
حكي انه لاقاه ياقوت الحموي ونقل عنه بعض ما جرى بينه وبينه فمنه قوله
ثم سألته عمن تقدم من العلماء فلم يحسن الثناء على أحد منهم فلما ذكرت المعري
نهرني وقال ويلك كم تسئ الأدب بين يدي من ذلك الكلب الأعمى حتى يذكر
في مجلسي قلت يا مولانا ما أراك ان ترضى عن أحد ممن تقدم فقال: كيف
أرضى عنهم وليس لهم ما يرضيني فقلت فما فيهم أحد قط جاء بما يرضيك فقال:
لا أعلمه إلا ان يكون المتنبي في مديحه خاصة وابن نباتة في خطبه وابن الحريري
في مقاماته فهؤلاء لم يقصروا.
توفي بالموصل سنة 601 (خا) عن سن عالية، (أقول) اعلم أنه قد ذكره
ابن خلكان ونسب إليه ما لا يليق به ونقل عن أبي البركات المستوفي انه نسب إليه
مالا يلصق به كترك الصلاة المكتوبة والمعارضة للقرآن الكريم العياذ بالله وقلة
الدين ونحو ذلك ولا ريب ان هذا بهتان عظيم ومنشأ ذلك أنه كان يتشيع
شنشنة أعرفها من أخزم، قال الله عز وجل (إذ تلقونه بألسنتكم وتقولون بأفواهكم
ما ليس لكم به علم وتحسبونه هينا وهو عند الله عظيم).
(الشنتريني)
أبو محمد عبد الله بن محمد الأندلسي الشاعر كان ناظما ناثرا إلا أنه قليل
الحظ إلا من الحرمان كان يبيع المحقرات وبعد جهد ارتقى إلى كتابة بعض الولاة
وله اشعار كثيرة ومن شعره:
وصاحب لي كداء البطن صحبته * يودني كوداد الذئب للراعي
يثني علي جزاه الله صالحة * ثناء هند على روح بن زنباع
370

هذه هند بنت نعمان بشير الأنصاري وان روح بن زنباع الجذامي
صاحب عبد الملك بن مروان قد تزوجها وكانت تكرهه وفيه تقول:
وهل هند إلا مهرة عربية * سليلة أفراس تحللها بغل
فان نتجت مهرا كريما فبالحري * وان يك اقراف فما أنجب الفحل
ويروى: فمن قبل الفحل والاقراف ان تكون الام عربية والأب ليس كذلك
والهجنة خلاف ذلك.
توفي سنة 517 والشنتريني بفتح الشين والتاء المثناة من فوق بعد النون الساكنة
نسبة إلى شنترين بلدة من جزيرة الأندلس.
(الشنشوري)
الشيخ عبد الله بن بهاء الدين محمد بن عبد الله العجمي الشافعي الفرضي
الخطيب بالجامع الأزهر له فتح القريب المجيب والفوائد الشنشورية توفي سنة 999
(الشنفري)
شمس بن مالك الأزدي شاعر جاهلي قحطاني له اشعار في الفخر والحماسة
أشهرها لا ميته المعروفة بلامية العرب:
أقيموا بني أمي صدور مطيكم * فاني إلى قوم سواكم لأميل
توفي سنة 510 الميلادية ورثاه تأبط شرا، وفي القاموس الشنفيرة بالكسر
الرجل السئ الخلق والشنفري الأزدي شاعر عداء ومنه أعدى من الشنفري.
(الشنقيطي)
أحمد بن الأمين نزيل القاهرة صاحب الوسيط في تراجم أدباء شنقيط
والكلام على تلك البلاد وله شروح على جملة من الكتب والدواوين توفي سنة 1331
(الشوكاني)
محمد بن علي بن محمد بن عبد الله اليمني الصنعاني، كان فاضلا ماهرا يدرس
371

ويفتي ويؤلف وكانت تبلغ دروسه في اليوم والليلة إلى نحو ثلاثة عشر، له رسالة
إرشاد الفحول والدر النضيد، توفي سنة 1250 (غرن).
والشوكاني: نسبة إلى شوكان موضع بالبحرين وحصن باليمن وبلد بين
أبيورد وسرخس وهنا يناسب المعنى الثاني.
(الشولستاني) انظر شرف الدين الشولستاني
(شهاب الدين)
قد يطلق على السهروردي الذي تقدم وعلى الشيخ شهاب الدين المقتول
الذي تقدم أيضا في السهروردي.
وقد يطلق على أحمد بن عثمان الزبيدي شارح مقدمة ابن بابشاذ المتوفى
سنة 768 وقد يطلق على شهاب الدين محمد بن أحمد الأبشيهي صاحب كتاب
المستطرف في كل فن مستظرف دخل القاهرة وحضر دروس الجلال البلقيني.
ولد بابشويه سنة 790 وتوفي سنة 850 ورأيت في بعض الكتب انه ذكر
شجاعة أمير المؤمنين " عليه السلام " واستشهد بقول الشيخ شهاب الدين الأبشيهي في
باب الشجاعة من بعض مؤلفاته قال: اما أمير المؤمنين علي بن أبي طالب " عليه السلام "
فهو آية من آيات الله ومعجزة من معجزات رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو المقدم على
ذوي الشجاعة بلا خلاف ولا مرية وهو المؤيد بالتأييد الآلهي كاشف الكروب
ومجليها ومثبت قواعد الاسلام ومرسيها، (قلت) قوله هو معجزة من معجزات
رسول الله (صلى الله عليه وآله) يشبه ما يروى عن الواقدي انه قال: ان عليا " عليه السلام " كان من
معجزات النبي (صلى الله عليه وآله) كالعصا لموسى " عليه السلام " وإحياء الموتى لعيسى بن مريم " عليه السلام "
وقد يطلق على شهاب الدين الحجازي أحمد بن محمد بن علي الشاعر المصري الفاضل
الأديب صاحب روض الآداب وغيره المتوفى سنة 875 (ضعه) وعلى شهاب الدين
المصري محمد بن إسماعيل بن عمر الشافعي الأديب الشاعر له ديوان شعر وسفينة
372

الفلك ونفيسة الملك المتوفى سنة 1274 وشهاب الدين محمود ابن سليمان بن فهد
الحلبي الدمشقي الكاتب الفاضل تفقه على ابن النجار وتأدب على ابن مالك ولازم
الشيخ مجد الدين بن الظهير وسلك طريقته، له حسن التوسل إلى صنعة الترسل
وغيره توفي سنة 725.
(الشهاب الشواء) انظر أبو المحاسن الشواء
(الشهرزوري)
أبو أحمد القاسم بن المظفر بن علي بن القاسم الشهرزوري والد أبي بكر
محمد والمرتضى عبد الله وأبي منصور المظفر وهو جد بيت الشهرزوري قضاة الشام
والموصل والجزيرة وكلهم إليه ينتسبون كان حاكما بمدينة إربل مدة ومدينة
سنجار مدة.
توفي بالموصل سنة 489 (تفط) وابنه أبو محمد عبد الله بن القاسم المنعوت
بالمرتضى المشهور بالفضل مليح الوعظ أقام مدة ببغداد يشتغل بالحديث والفقه ثم
رجع إلى الموصل وتولى بها القضاء وله شعر رائق توفي بها سنة 511 وابنه كمال
الدين أبو الفضل محمد بن عبد الله الفقيه الشافعي تولى القضاء بالموصل وبنى بها
مدرسة للشافعية ورباطا بمدينة الرسول (صلى الله عليه وآله) ومضت عليه حالات من العزة والذلة
إلى أن توفي بدمشق سنة 572 (ثعب) وابنه محيي الدين أبو حامد محمد بن كمال
الدين الشهرزوري ولي قضاء دمشق نيابة عن والده ثم انتقل إلى حلب وحكم بها
نيابة عن أبيه أيضا ويحكى عنه مكارم أخلاق كثيرة ورياسة ضخمة وله اشعار
منها في وصف جرادة: (لها فخذا بكر) الأبيات، وتأتي في مجير الجراد.
توفي سنة 586 (ثفو) والشهرزوري بفتح أوله وسكون ثانيه وضم الراء
والزاي نسبة إلى شهرزور بلدة كبيرة معدودة من أعمال إربل بناها زور بن
الضحاك وهي لفظة أعجمية معناها بلد زور ومات بها الإسكندر ذو القرنين.
373

(الشهرستاني)
أبو الفتح محمد بن عبد الكريم بن أحمد المتكلم الفيلسوف الأشعري صاحب
كتاب (الملل والنحل) وهو كتاب مشهور ومما فيه ان الاثني عشرية الذين قطعوا
بموت موسى بن جعفر الكاظم " عليه السلام " وسموا قطعية وساقوا الإمامة بعده في
أولاده فقالوا والامام بعد موسى على الرضا " عليه السلام " ومشهده بطوس ثم بعده
محمد التقي " عليه السلام " وهو في مقابر قريش ثم بعده علي بن محمد التقي " عليه السلام " ومشهده
بقم وبعده الحسن العسكري الزكي وبعده ابنه م ح م د القائم المنتظر " عليه السلام "
الذي هو بسر من رأى وهو الثاني عشر هذا هو طريق الاثني عشرية انتهى.
وفيه من الخبط والجهل مالا يخفى، قال الحموي في معجم البلدان في حق
هذا الرجل ما هذا لفظه ولولا تخبطه في الاعتقاد وميله إلى هذا الالحاد لكان هو
الامام وكثيرا ما كنا فتعجب من وفور فضله وكمال عقله كيف مال إلى شئ
لا أصل له واختار أمرا لا دليل عليه لا معقولا ولا منقولا ونعوذ بالله من
الخذلان والحرمان من نور الايمان وليس ذلك إلا لاعراضه عن نور الشريعة
واشتغاله بظلمات الفلسفة.
وقد كان بيننا محاورات ومفاوضات فكان يبالغ في نصرة مذاهب الفلاسفة
والذب عنهم وقد حضرت عدة مجالس من وعظه فلم يكن فيها قال الله ولا قال
رسول الله (صلى الله عليه وآله) ولا جواب من المسائل الشرعية والله تعالى اعلم بحاله انتهى.
توفي في أواخر شعبان سنة 548 (ثمح).
(الميرزا الشهرستاني)
هو السيد الاجل العالم الرباني الميرزا محمد مهدي الشهرستاني المجاور للمشهد
الحسيني على مشرفه السلام.
يروى عن صاحب الحدائق ويروى عنه صاحب المستند: توفي
374

سنة 1216 (غريو) وهو الذي صلى على جنازة العلامة الطباطبائي بحر
العلوم رحمه الله تعالى.
قال شيخنا المحدث المتبحر صاحب المستدرك قدس سره: حدثني العالم
المحقق السيد علي سبط العلامة الطباطبائي مؤلف البرهان القاطع في شرح النافع
في الفقه عن العالم الرباني صاحب الكرامات الباهرة المولى زين العابدين السلماسي
قال: لما اشتد المرض بالسيد الجليل بحر العلوم طاب ثراه قال لنا: وكنا جماعة
أحب ان يصلي علي الشيخ الجليل الشيخ حسين نجف المضروب بكثرة زهده
وعبادته المثل ولكن لا يصلي علي إلا جناب العالم الرباني الآميرزا مهدي
الشهرستاني وكان له صداقة تامة مع السيد (ره) فتعجبنا من هذا الاخبار لان
الآميرزا المذكور كان حينئذ في كربلا وتوفي بعد هذا الاخبار بزمان قليل
فأخذنا في تجهيزه وليس عن الآميرزا المذكور خبر ولا أثر وكنت متفكرا لأني
لم اسمع مدة مصاحبتي معه قدس سره كلاما غير محقق ولا خبرا غير مطابق للواقع
وكان (ره) من خواص أصحابه وحامل أسراره قال: فتحيرت في وجه المخالفة
إلى أن غسلناه وكفناه وحملناه وأتينا به إلى الصحن الشريف للصلاة والطواف
ومعنا وجوه المشايخ وأجله الفقهاء كالبدر الأزهر الشيخ جعفر والشيخ حسين
نجف وغيرهما وحان وقت الصلاة فضاق صدري بما سمعت منه فبينا نحن كذلك
وإذا بالناس يتفرجون عن الباب الشرقي فنظرت فإذا بالسيد الاجل الشهرستاني
قد دخل الصحن الشريف وعليه ثياب السفر وآثار تعب المسير فلما وافى الجنازة
قدمه المشايخ لاجتماع أسبابه فيه فصلى عليه وصلينا معه وانا مسرور الخاطر
منشرح الصدر شاكرا لله تعالى بإزالة الريب عن قلوبنا.
ثم ذكر لنا انه صلى الظهر في مسجده بكربلا وفي رجوعه إلى بيته في
وقت الظهيرة وصل إليه مكتوب من النجف الأشرف وفيه يأس الناس عن
السيد، قال: فدخلت البيت وركبت بغلة كانت لي من غير مكث فيه
375

وفي الطريق وصادف دخولي في البلد حمل جنازته رحمهم الله تعالى.
وحدثني بذلك أيضا الأخ الصفي العالم الزكي الرباني الآغا علي رضا
الأصفهاني عن المولى المذكور مثله انتهى.
والشهرستانيون: سلسلة جليلة من أهل العلم والسيادة في الحائر الشريف
وغيره منهم العامل الفاضل الجليل والمحقق المدقق الذي لا يوجد له بديل السيد
السند والركن المعتمد الا ميرزا محمد حسين الشهرستاني الحائري صاحب
المؤلفات الفائقة.
قال: ولدت بعد ولادة الامام صاحب الزمان " عليه السلام " بألف سنة وشهرين
وتوفي ليلة الثالث من شوال سنة 1315 (غشيه) في الحائر الشريف ودفن في
الرواق المطهر بقرب الشهداء رضوان الله عليهم، وشهرستان اسم لثلاث مدن:
1 - شهرستان خراسان بين نيسابور وخوارزم في آخر حدود خراسان
منها أبو الفتح محمد المذكور بناها عبد الله ابن طاهر أمير خراسان في خلافة المأمون
2 - شهرستان قصبة ناحية سابور من ارض فارس.
3 - مدينة جي بأصبهان وهي على نهر زرند رود بها قبر الراشد بن المسترشد
نقل ذلك ابن خلكان عن ياقوت الحموي ونحن أوردناه ملخصا، والى شهرستان
الذي عد من توابع أصبهان نسب الميرزا الشهرستاني (ره).
(الشهشهاني)
هو النور الشعشعاني السيد محمد بن عبد الصمد الأصبهاني العالم الفاضل
الجليل النبيل صاحب الحواشي والتعليقات على الرياض وغيره اخذ منه
صاحب الروضات.
وروى عنه وأثنى عليه كثيرا وقال: انتهى إليه رياسة التدريس والفتوى
في هذا الزمان بأصبهان لم نر أحدا يدانيه في وصف الاشتغال بأمر العلم والتعليم
376

والاجتناب عن تضييع العمر الكريم كان معظم تلمذه وقراءته على المرحوم
الحاج محمد إبراهيم وعلى المولى الفاضل العلائي الكربلائي الآقا سيد محمد بن
الأمير سيد علي الطباطبائي عاملهم الله تعالى بلطفه العميم.
وكتب في الفقه والأصول كثيرا منها شرحه الشريف الموسوم بأنوار
الرياض على الشرح الكبير ثم عد سائر مؤلفاته منها العروة الوثقى والغاية القصوى
ومنظومته في الفقه ومراثيه، توفي سنة 1289 (غرفط) وقبره في تخته فولاد
بأصبهان مزار مشهور.
(الشهيد - أو الشهيد الأول)
هو الشيخ الأجل الأفقه أبو عبد الله محمد بن الشيخ العالم جمال الدين مكي
ابن شمس الدين محمد الدمشقي العاملي الجزيني رئيس المذهب والملة ورأس المحققين
الجلة شيخ الطائفة بغير جاحد وواحد هذه الفرقة وأي واحد كان رحمه الله تعالى
بعد مولانا المحقق على الاطلاق أفقه جميع فقهاء الآفاق.
ولد سنة 734 (ذلد) وتلمذ على تلامذة العلامة أوائل بلوغه وهم جماعة
كثيرة وأجازه فخر المحققين (ره) سنة 751 في داره بالحلة والسيد عميد الدين
في الحضرة الحائرية وابن نما بعد هذا التاريخ بسنة وكذا ابن معية بعده بسنة
إلى غير ذلك ومن تأمل في طرق إجازات علمائنا على كثرتها وتشتتها وجدها
جلها أو كلها تنتهي إلى هذا الشيخ المعظم.
ونقل عنه (رحمه الله) قال في إجازته لابن الخازن واما مصنفات العامة
ومروياتهم فإني أروى عن نحو أربعين شيخا من علمائهم بمكة والمدينة ودار السلام
بغداد ومصر ودمشق وبيت المقدس ومقام الخليل إبراهيم عليه السلام انتهى.
ومن تأمل في مدة عمره الشريف وهو اثنان وخمسون ومسافرته إلى تلك
البلاد وتصانيفه الرائقة في الفنون الشرعية وأنظاره الدقيقة وتبحره في الفنون
377

العربية والاشعار والقصص النافعة كما يظهر من مجاميعه يعلم أنه من الذين اختارهم
الله لتكميل عباده وعمارة بلاده وأن كلما قيل أو يقال في حقه فهو دون مقامه
ومرتبته وكان رحمه الله جيد التصانيف وتصانيفه مشهورة منها الذكرى والدروس
الشرعية في فقه الامامية وغاية المراد في شرح نكت الارشاد وكتاب البيان
والباقيات الصالحات واللمعة الدمشقية والألفية والنفلية والأربعون حديثا
وكتاب المزار وخلاصة اعتبار في الحج والاعتمار والقواعد وغير ذلك.
وله شعر جيد ومن شعره:
عظمت مصيبة عبدك المسكين * في نومه عن مهر حور العين
الأولياء تمتعوا بك في الدجى * متهجدا بتخشع وحنين
فطردتني عن قرع بابك دونهم * أترى لعظم جرائمي سبقوني
أوجدتهم لم يذنبوا فرحمتهم * أم أذنبوا فعفوت عنهم دوني
ان لم يكن للعفو عندك موضع * للمذنبين فأين حسن ظنوني
وله أيضا:
غنينا بنا عن كل من لا يريدنا * وان كثرت أوصافه ونعوته
ومن صدعنا حسبه الصد والقلا * ومن فاتنا يكفيه أنا نفوته
وكانت وفاته في يوم الخميس التاسع من جمادى الأولى سنة 786 (دفو) قتل
بالسيف ثم صلب ثم رجم ثم أحرق بدمشق في دولة بيدمر وسلطنة برقوق بفتوى
القاضي برهان الدين المالكي وعباد بن جماعة الشافعي بعد ما حبس سنة كاملة في
قلعة الشام وفي مدة الحبس ألف (اللمعة الدمشقية) في سبعة أشهر وسبعة أيام
وما كان يحضره من كتب الفقه غير المختصر النافع قدس الله روحه.
وكان سبب حبسه وقتله كما في (مل) انه وشى به رجل من أعدائه وكتب
محضرا يشتمل على مقالات شنيعة عند العامة من مقالات الشيعة وغيرهم وشهد
بذلك جماعة كثيرة وكتبوا عليه شهاداتهم وثبت ذلك عند قاضي صيدا ثم أتوا
378

به إلى قاضي الشام فحبس سنة ثم أفتى الشافعي بتوبته والمالكي بقتله فتوقف في
التوبة خوفا من أن يثبت عليه الذنب وأنكر ما نسبوه إليه للتقية فقالوا قد ثبت
ذلك عليك وحكم القاضي لا ينقض والانكار لا يفيد فغلب رأي المالكي لكثرة
المتعصبين عليه فقتل ثم صلب ورجم ثم أحرق قدس الله روحه.
سمعنا ذلك من بعض المشايخ ورأيناه بخط بعضهم وذكر انه وجده بخط
المقداد تلميذ الشهيد (ره) انتهى
وذكر ذلك شيخنا في المستدرك بنحو أبسط، وفي آخره فقام المالكي وتوضأ
وصلى ركعتين ثم قال حكمت باهراق دمك فألبسوه اللباس وفعل به ما قلناه من
القتل والصلب والرجم والاحراق، واعلم أنه (ره) أول من لقب بالشهيد وأول من
هذب كتاب الفقه عن نقل أقاويل المخالفين وذكر آرائهم وقد أكمل الله تعالى له
النعمة وجعل العلم والفضل والتقوى فيه وفي ولده وأهل بيته اما زوجته أم علي
فقد كانت فاضلة فقيهة عابدة وكان الشهيد (ره) يثني عليها ويأمر النساء
بالرجوع إليها وأما ولده فمن الذكور الشيخ رضي الدين أبو طالب محمد والشيخ
ضياء الدين أبو القاسم علي وكانا من الفقهاء الاجلاء والشيخ جمال الدين
أبو منصور الحسن فاضل محقق فقيه ومن الإناث أم الحسن فاطمة المدعوة
بست المشايخ.
قال في الامل: انها كانت عالمة فاضلة فقيهة صالحة عابدة سمعت من المشايخ
مدحها والثناء عليها، تروي عن أبيها وعن ابن معية شيخ والدها إجازة وكان
أبوها يثنى عليها ويأمر النساء بالاقتداء بها والرجوع إليها في احكام الحيض
والصلاة ونحوها انتهى.
(أقول) ورأيت صورة وثيقتها التي كتبت لأخويها أحببت ذكرها هنا ليعلم
مرتبتها وجلالتها قالت بعد الخطبة اما بعد: وهبت الست فاطمة أم الحسن أخويها
الشيخ أبا طالب محمدا وأبا القاسم عليا سلالة السعيد الأكرم والفقيه الأعظم عمدة
379

الفخر وفريد الدهر عين الزمان ووحيده محيي مراسم الأئمة الطاهرين سلام الله
عليهم أجمعين مولانا شمس الملة والحق والدين محمد بن أحمد بن حامد بن مكي
قدس الله سره المنتسب لسعد بن معاذ اما قدس الله أرواحهم جميع ما يخصها من
تركة أبيها في جزين وغيرها هبة شرعية ابتغاء لوجه الله تعالى ورجاء لثوابه
الجزيل وقد عوضا عليها كتاب التهذيب للشيخ رحمه الله وكتاب المصباح له
وكتاب من لا يحضره الفقيه والكتاب الذكرى لأبيها رحمه الله والقرآن المعروف
بهدية علي بن المؤيد وقد تصرف كل منهم والله الشاهد عليهم وذلك في اليوم
الثالث من شهر رمضان العظيم قدره الذي هو من شهور سنة ثلاث وعشرين
وثمانمائة والله على ما نقول وكيل وشهد بذلك خالهم المقدم علوان بن أحمد بن
ياسر وشهد الشيخ علي بن الحسين بن الصايغ وشهد بذلك الشيخ فاضل بن مصطفى
البعلبكي انتهى.
فانظر إلى ايثارها وكمال تعلقها بكتب الفقه والحديث رضي الله عنها ومن
أحفاد الشهيد الشيخ خير الدين بن عبد الرزاق بن مكي بن عبد الرزاق بن ضياء
الدين علي بن الشهيد فعن رياض العلماء قال: هو من أجلة أحفاد شيخنا الشهيد
فاضل عالم فقيه متكلم محقق مدقق جامع للعلوم العقلية والنقلية والأدبية والرياضية
وكان معاصرا للشيخ البهائي وهو قد سكن بشيراز مدة طويلة وقد نقل انه لما
ألف البهائي كتاب الحبل المتين أرسله إليه بشيراز ليطالع فيه ويستنسخه، وكان
البهائي يعتقده ويمدحه وبعد ما طالعه كتب عليه التعليقات وحواشي وتحقيقات
بل مآخذه أيضا ولهذا الشيخ أولاد وأحفاد وهم إلى الآن موجودون ويسكنون
في بلدة طهران ومنهم الشيخ خير الدين المعاصر لنا وهو أيضا رجل مؤمن صالح
فاضل خير لا بأس به وبالجملة سلسلته خلف عن سلف كانوا أهل الخير والبركة
اسما ورسما. وله من المؤلفات كتب في اللغة والرياضي وغيرهما انتهى.
والجزيني: نسبة إلى جزين بالجيم والزاي المشددة المكسورتين كسكين من
380

أمهات دور العلم في جبل عامل خرج منها جماعة من أعاظم علماء الشيعة.
قال الشيخ يوسف البحراني رحمه الله عند ذكر جزين انها بلد الشهيد الأول
وبها ذريته في هذا العصر وهم أهل صلاح وعلم انتهى.
وفي أعيان الشيعة: وآل شمس الدين محمد بن مكي العاملي الجزيني كانوا فيها
وهاجروا منها وأهلها اليوم كلهم نصارى ولم يبق فيها من آثار الشيعة غير جبانة
وقد درست وجامع خراب بعض حيطانه كان باقيا ثم درس انتهى ملخصا.
(الشهيد الثاني)
هو الشيخ الأجل زين الدين بن نور الدين علي بن أحمد بن محمد بن
جمال الدين بن تقي بن صالح بن مشرف العاملي الجبعي أمره في الثقة والجلالة
والعلم والفضل والزهد والعبادة والورع والتحقيق والتبحر وجميع الفضائل
والكمالات أشهر من أن يذكر ومحاسنه وأوصافه الحميدة أكثر من أن تحصر وكان
والده الشيخ نور الدين علي المعروف بابن الحجة أو الحاجة من كبار أفاضل
عصره وقد قرأ عليه ولده الشهيد جملة من الكتب العربية والفقه.
وكان قد جعل له راتبا من الدراهم بإزاء ما كان يحفظه من العلم وكذلك
جميع أجداده كانوا أفاضل أتقياء وجده الأعلى الشيخ صالح بن مشرف الطوسي
العاملي كان من تلامذة العلامة (ره) تولد الشيخ زين الدين ثالث عشر شوال
سنة 911 (ظيا) وختم القرآن وعمره تسع سنين وقرأ على والده العربية وتوفي
والده (ره) سنة 925 وعمره إذ ذاك أربع عشرة سنة وارتحل إلى ميس وهو
أول رحلته فقرأ على الشيخ الجليل علي بن عبد العالي الميسي الشرايع والارشاد
وأكثر القواعد.
وكان هذا الشيخ زوج خالته ووالد زوجته الكبرى ثم ارتحل إلى كرك
نوح وقرأ على السيد المعظم السيد حسن بن السيد جعفر الكركي الموسوي
381

صاحب كتاب محجة البيضاء قواعد ميثم البحراني والتهذيب والعمدة كلاهما في
أصول الفقه من مصنفات السيد المذكور والكافية في النحو وغير ذلك.
ثم ارتحل إلى جبع سنة 934 وأقام بها مشتغلا بمطالعة العلم والمذاكرة إلى
سنة 937 ثم ارتحل إلى دمشق وقرأ على الشيخ الفاضل الفيلسوف شمس الدين
محمد بن مكي من كتب الطب الموجز النفيسي وغاية القصد في معرفة القصد من
تصانيفه وفصول الفرغاني والهيئة وبعض حكمة الاشراق وقرأ على الشيخ
المرحوم أحمد بن جابر الشاطبية في علم القراءات ثم رجع إلى جبع سنة 938 ثم
ارتحل إلى دمشق يريد مصر واجتمع في تلك السفرة مع الشيخ الفاضل شمس الدين
ابن طولون الدمشقي وقرأ عليه جملة من الصحيحين في الصالحية بالمدرسة السليمية
وأجيز منه روايتهما
وكان القائم بامداده وتجهيزه في هذه السفرة الحاج شمس الدين محمد بن
هلال وقام بكل ما احتاج إليه مضافا إلى ما أسدى إليه من المعروف وأجري عليه
من الخيرات في مدة طلبه للعلم قبل سفره هذا وأصبح هذا الحاج مقتولا في
بيته هو وزوجته وولدان له أحدهما رضيع سنة 952 وسافر من دمشق إلى مصر
يوم الاحد منتصف ربيع الأول سنة 942.
واتفق له في الطريق ألطاف خفية وكرامات جلية ذكرها تلميذه ابن
العودي (ره) ودخل مصر بعد شهر من خروجه واشتغل على جماعة منهم الشيخ
أبو الحسن البكري صاحب كتاب الأنوار في مولد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ثم ارتحل إلى
الحجاز في شوال سنة 943 ولما قضى مناسكه زار النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وقد وعده بالخير
في المنام بمصر ثم ارتحل إلى بلدة جبع في صفر سنة 944 وأقام بها إلى سنة 946
وتوشح ببرد الاجتهاد إلا أنه بالغ في كتمان امره.
ثم سافر إلى العراق لزيارة الأئمة " عليه السلام " في ع 2 من السنة المذكورة ورجع
في 5 (شع) منها وأقام في جبع إلى سنة 948 ثم سافر إلى بيت المقدس في
382

ذي الحجة واجتمع بالشيخ شمس الدين بن أبي اللطيف المقدسي وقرأ عليه بعض
صحيح البخاري وبعض صحيح مسلم وأجازه إجازة عامة ثم رجع إلى وطنه
واشتغل بمطالعة العلوم ومذاكراته مستفرغا وسعه.
وفي سنة 952 سافر إلى الروم ودخل قسطنطينية 17 ع ل ولم يجتمع مع
أحد من الأعيان إلى ثمانية عشر يوما وكتب في خلالها رسالة في عشر مباحث
من عشرة علوم وأوصلها إلى قاضي العسكر محمد بن محمد بن قاضي زاده الرومي
فوقعت منه موقعا حسنا وكان رجلا فاضلا واتفق بينهما مباحثات في مسائل
كثيرة ثم إن قاضي العسكر بعث إليه الدفتر المشتمل على الوظائف والمدارس وبذل
له ما اختاره فاختار منه بعد الاستخارة المدرسة النورية ببعلبك التي وقفها
السلطان نور الدين فأعرضها إلى السلطان وكتب بها براءة وجعل له في كل شهر
ما شرطه واقفها وأقام بها بعد ذلك قليلا واجتمع فيها بالسيد عبد الرحيم
العباسي صاحب معاهد التنصيص وأخذ منه شطرا وخرج منها في 11 رجب
متوجها نحو العراق وبعد زيارة أئمتها رجع إلى جبع في صفر سنة 953 وأقام
ببعلبك يدرس في المذاهب الخمسة واشتهر امره وصار مرجع الأنام ومفتي كل
فرقة بما يوافق مذهبها وصار أهل البلد كلهم في انقياده ورجعت إليه الفضلاء
من أقاصي البلاد ثم انتقل بعد خمس سنين إلى بلده بنية المفارقة وأقام في بلده
مشتغلا بالتدريس والتصنيف ومصنفاته كثيرة مشهورة أولها الروض وآخرها
الروضة ألفها في ستة أشهر وستة أيام وكان غالب الأيام يكتب كراسا ومن عجيب
امره انه كان يكتب بغمسة واحدة في الدواة عشرين أو ثلاثين سطرا وخلف ألفي
كتاب منها مائتا كتاب كانت بخطه الشريف من مؤلفاته وغيرها مع أنه قال:
تلميذه الشيخ محمد بن علي بن الحسن بن العودي الجزيني في رسالة بغية المريد
في أحوال شيخه الشهيد ولقد شاهدت منه سنة ورودي إلى خدمته انه كان
ينقل الحطب في الليل لعياله ويصلي الصبح في المسجد ويجلس للتدريس والبحث
383

كالبحر الزاخر، ويأتي بمباحث غفل عنها الأوائل والأواخر.
وذكر انه (ره) كان يتعاطى جميع مهماته بقلبه وبدنه مضافا إلى مهمات
الواردين ومصالح الضيوف المترددين إليه مع أنه كان غالب الزمان في الخوف
الموجب لاتلاف النفس والتستر والاخفاء الذي لا يسع الانسان أن يفكر معه في
مسألة من الضروريات البديهية.
ولما كان في سنة 965 وهو في سن أربع وخمسين ترافع إليه رجلان فحكم
لأحدهما على الآخر فذهب المحكوم عليه إلى قاضي صيدا واسمه معروف وكان
الشيخ مشغولا بتأليف شرح اللمعة فأرسل القاضي إلى جبع من يطلبه وكان مقيما
في كرم له مدة منفردا عن البلد متفرغا للتأليف فقال بعض أهل البلد قد سافر عنا
منذ مدة فخطر ببال الشيخ ان يسافر إلى الحج وكان قد حج مرارا لكنه قصد
الاختفاء فسافر في محمل مغطى وكتب القاضي إلى السلطان انه قد وجد ببلاد
الشام رجل مبدع خارج عن المذاهب الأربعة فأرسل السلطان في طلب الشيخ
فقبض عليه.
وروي انه كان في المسجد الحرام بعد فراغه من صلاة العصر وأخرجوه
إلى بعض دور مكة وبقى هناك محبوسا شهرا وعشرة أيام ثم ساروا به على طريق
البحر إلى قسطنطينية وقتلوه بها وبقي مطروحا ثلاثة أيام ثم ألقوا جسده
الشريف في البحر.
وفي رواية ابن العودي قتلوه في مكان من ساحل البحر وكان هناك جماعة
من التركمان فرأوا في تلك الليلة أنوارا تنزل من السماء وتصعد فدفنوه هناك
وبنوا عليه قبة وحمل رأسه إلى السلطان وسعى السيد عبد الرحيم العباسي في قتل
قاتله فقتله السلطان.
وحكى عن شيخنا البهائي (قده) قال أخبرني والدي انه دخل في صبيحة
بعض الأيام على شيخنا الشهيد المعظم فوجده متفكرا فسأله عن سبب تفكره فقال
384

يا أخي أظن أن أكون ثاني الشهيدين لأني رأيت البارحة في المنام ان السيد
المرتضى علم الهدى رضي الله عنه عمل ضيافة جمع فيه العلماء الامامية بأجمعهم في
بيت فلما دخلت عليهم قام السيد المرتضى ورحب بي وقال لي يا فلان اجلس بجنب
الشيخ الشهيد فجلست بجنبه فلما استوى بنا المجلس انتبهت ومنامي هذا دليل
ظاهر على انى أكون تاليا له في الشهادة انتهى قيل في تاريخ وفاته:
تاريخ وفاة ذلك الأواه * الجنة مستقره والله
وفي نخبة المقال:
وشيخ والد البهاء الدين * القدوة النحرير زين الدين
ميلاده شهيد الثاني وقد * عمر خمسين وخمسا فشهد
وللشهيد الثاني رضوان الله تعالى عليه تلاميذه كثيرة من كبراء أهل العلم
فممن تلمذ عليه واخذ منه وروى عنه بالإجازة وغيرها:
(1) السيد المعظم نور الدين علي بن الحسين بن أبي الحسن الموسوي
والد صاحب المدارك.
(2) السيد علي بن أبي الحسن الموسوي الجبعي الذي كان زاهدا عابدا
فقيها من أعيان العلماء والفضلاء.
(3) السيد علي بن الحسين بن محمد الذي تقدم ذكره في ابن الصائغ.
(4) الشيخ حسين بن عبد الصمد والد الشيخ البهائي وهو أول من قرأ
عليه في أوائل أمره وكان رفيقه إلى مصر في طلب العلم والى اسلامبول في المرة
الأولى وفارقه إلى العراق وأقام بها مدة ثم ارتحل إلى خراسان واستوطن هناك
ولقد أشرنا إلى ترجمته في البهائي.
(5) الشيخ علي بن زهرة الجبعي ابن عم الشيخ حسين المذكور وكان على
غاية من الصلاح والتقوى والعبادة وكان الشهيد يعتقد فيه الولاية وكان رفيقه
إلى مصر وتوفي بها رحمه الله.
385

(6) الشيخ العالم الجليل محمد بن الحسين الحر العاملي المشغري والد زوجته
المتوفاة في حياته بمشغرا وكانت له به خصوصية ومحبة صادقة وهو جد والد
صاحب الوسائل.
(7) الشيخ محمد بن علي بن الحسن العودي وقد تقدم ذكره في ابن العودي
إلى غير ذلك رضوان الله تعالى عليهم أجمعين (وابن الشهيد الثاني) الشيخ الجليل
السعيد جمال الدين أبو منصور الحسن بن زين الدين الشهيد (ره) امره في العلم
والفقه والتبحر والتحقيق وحسن السليقة وجودة الفهم وجلالة القدر وكثرة
المحاسن والكمالات أشهر من أن يذكر وأبين من أن يسطر.
نقل انه ولد في 17 (مض) سنة 959 بجبع وبلغ سبعا في حياة أبيه فلم
يكن هو مرجو البقاء بعد ما قد أصيب والده بمصائب أولاد كثيرين من قبله
بحيث قد كتب في تسلية نفسه على نوائبهم المفجعة كتابه الموسوم مسكن
الفؤاد عند فقد الأحبة والأولاد.
ولما استشهد والده اشتغل على جملة من الفضلاء البارعين وتلمذ على كثير
من تلامذة أبيه.
وكان شريكه في الدرس والتحصيل ابن أخته السيد محمد بن علي بن الحسين
ابن أبي الحسن الموسوي الجبعي صاحب المدارك وكانا مدة حياتهما كفرسي رهان
ورضيعي لبان متقاربين في السن وقد أخذا نصيبا وافرا من العلم واتفق لهما
الفوز بلقاء المقدس الأردبيلي والمولى عبد الله اليزدي والاخذ منهما
وعن حدائق المقربين انهما لما قدما العراق وردا على المولى الأردبيلي
وسألاه ان يعلمهما ماله دخل في الاجتهاد فأجابهما إلى ذلك وعلمهما أولا شيئا
من المنطق واشكاله الضرورية ثم أرشدهما إلى أصول الفقه.
وقال: ان أحسن ما كتب في هذا الشأن هو شرح المختصر العضدي غير أن
بعض مباحثه ليس له دخل في الاجتهاد وتحصيله مضيع للعمر، فكانا
386

يقرآنه عليه ويتركان تلك المباحث من البين انتهى.
ونقل انهما قالا للمحقق الأردبيلي نحن لا يمكننا الإقامة مدة طويلة ونريد
ان نقرأ عليك على وجه نذكره ان رأيت ذلك صلاحا قال: ما هو؟ قال: نحن
نطالع وكل ما فهمناه ما نحتاج معه إلى تقرير بل نقرأ العبارة ولا نقف وما يحتاج
إلى البحث والتقرير نتكلم فيه فأعجبه ذلك فقرأ عليه مدة قليلة على هذا النحو
فكان جمع من تلامذة المحقق الأردبيلي يهزأون بهما كذلك فقال لهم المحقق عن
قريب يتوجهون إلى بلادهم ويأتيكم مصنفاتهم وأنتم تقرأون في شرح المختصر
فكان كذلك فإنهما لما رجعا صنف الشيخ حسن المعالم والمنتقى والسيد محمد
المدارك ووصل بعض ذلك إلى العراق قبل وفاة المولى المحقق قدس سره.
ونقل ان المولى المحقق كان عند قراءتهما عليه مشغولا بشرح الارشاد
فكان يعطيهما اجزاء منه ويقول انظرا في عباراته وأصلحا منه ما شئتما فإني اعلم أن
بعض عباراته غير فصيح.
ثم إن الشيخ حسن لما عزم على الرجوع إلى دياره طلب من عنده شيئا
يكون له تذكرة ونصيحة فكتب له بعض الأحاديث وكتب في آخره كتبه
(العبد احمد لمولاه امتثالا لامره ورضاه) وكان الشيخ حسن حسن الخط جيد
الضبط عجيب الاستحضار حافظا للرجال والاخبار والاشعار وشعره كاسمه
حسن فمنه قوله:
عجبت لميت العلم يترك ضائعا * ويجهل ما بين البرية قدره
وقد وجبت احكامه مثل ميتهم * وجوبا كفائيا تحقق امره
فذا ميت حتم على الناس ستره * وذا ميت حتم على الناس نشره
ومنه قوله (ره) في الموعظة والتزهيد:
ولقد عجبت وما عجبت * لكل ذي عين قريره
وامامه يوم عظيم * فيه تنكشف السريره
387

هذا ولو ذكر ابن آدم * ما يلاقي في الحفيره
لبكى دما من هول * ذلك مدة العمر القصيره
فاجهد لنفسك في الخلا * ص فدونه سبل عسيره
وله أيضا:
فؤادي ظاعن أثر النياق * وجسمي قاطن ارض العراق
ومن عجب الزمان حياة شخص * ترحل بعضه والبعض باق
وحل السقم في بدني فأمسى * له ليل (يوم ظ) النوى ليل محاق
وصبري راحل عما قليل * لشدة لوعتي ولظى اشتياقي
وفرط الوجد أصبح بي حليفا * ولما ينو في الدنيا فراقي
قلت: وكأنه (ره) اخذ قوله (فؤادي ظاعن) البيتين من هذين البيتين روي أن
المبرد كان ينشدهما:
جسمي معي غير أن الروح عندكم * فالجسم في غربة والروح في وطن
فليعجب الناس مني ان لي بدنا * لا روح فيه ولي روح بلا بدن
وينقل عنه رحمه الله تعالى انه كان يظهر اعراب ألفاظ الأحاديث فيما يكتبه
ويقول إن الاحتياط في ذلك لما رواه الكليني رحمه الله تعالى عن الصادق " عليه السلام "
انه قال: اعربوا أحاديثنا فانا قوم فصحاء.
وعن الدر المنثور للشيخ علي بن الشيخ محمد بن الشيخ حسن ان جده
الشيخ حسن هذا بلغ من التقوى والورع أقصاهما ومن الزهد والعبادة منتهاهما
ومن الفضل والكمال ذروتهما وأسناهما وكان لا يحوز قوت أكثر من أسبوع
أو شهرا لشك مني فيما نقتله عن الثقاة لأجل القرب إلى مساواة الفقراء والبعد
عن التشبه بالأغنياء انتهى.
وعن المحدث الجزائري في الأنوار النعمانية قال: حدثني أوثق مشايخي
ان السيد الجليل محمد صاحب المدارك والشيخ المحقق الشيخ حسن صاحب المعالم
388

قد تركا زيارة المشهد الرضوي على ساكنه أفضل الصلاة خوفا من أن يكلفهم
الشاه عباس الأول بالدخول عليه مع أنه كان من أعدل سلاطين الشيعة فبقيا في
النجف الأشرف ولم يأتيا إلى بلاد العجم احترازا من ذلك المذكور انتهى.
توفي السيد محمد صاحب المدارك قبل خاله الشيخ حسن بجبع
سنة 1009 (غط) وكتب خاله على قبره (رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم
من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا) وكتب أيضا:
لهفي لرهن ضريح كان كالعلم * للجود والمجد والمعروف والكرم
قد كان للدين شمسا يستضاء به * محمد ذو المزايا طاهر الشيم
سقى ثراه وهناه الكرامة والريحان * والروح طرا بارئ النسم
وبقي بعد السيد محمد بقدر تفاوت ما بينهما من السن تقريبا وكان مدة حياتهما
إذا اتفق سبق أحدهما إلى المسجد وجاء الآخر يقتدي به في الصلاة بل كان كل
منهما إذا صنف شيئا عرضه على الآخر ليراجعه فيتفقان فيه على ما يوجب
التحرير وكذا إذا رجح أحدهما مسألة وسأل عنها الآخر يقول ارجعوا إليه فقد
كفاني مؤنتها.
قال صاحب (مل) في أحوال السيد محمد بن علي الموسوي صاحب المدارك
كان فاضلا متبحرا ماهرا محققا مدققا زاهدا عابدا ورعا فقيها محدثا كاملا
جامعا للفنون والعلوم جليل القدر عظيم المنزلة قرأ على أبيه وعلى مولانا احمد
الأردبيلي وتلامذة جده لامه الشهيد الثاني.
وكان شريك خاله الشيخ حسن في الدرس وكان كل منهما يقتدي بالآخر
في الصلاة ويحضر درسه وقد رأيت جماعة من تلامذتهما، له كتاب مدارك الأحكام
في شرح شرايع الاسلام خرج منه العبادات في ثلاث مجلدات فرغ منه
سنة 998 وهو من أحسن كتب الاستدلال وحاشية الاستبصار وحاشية التهذيب
وحاشية على ألفية الشهيد وشرح المختصر النافع وغير ذلك انتهى.
389

توفي الشيخ حسن رحمه الله تعالى بجبع في مفتتح المحرم سنة 1011 (ياغ)
ورثاه ورثى السيد محمد الشيخ نجيب الدين علي بن محمد بن مكي العاملي الجبعي
بقصيدة منها قوله:
أسفا لفقد أئمة لفواتهم * أيدي الفضائل والعلى جذاء
هم غرة كانت لجبهة دهرنا * ميمونة وضاحة غراء
ان عد ذو فضل وعلم زاخر * فهم لعمري القادة العلماء
أو عد ذو كرم وفضل شامخ * فهم لعمري السادة الكرماء
حبران مالهما وحقك ثالث * فاعلم بأن الثالث العنقاء
بحران ماؤهما فرات سائغ * عذب وفيه رقة وصفاء
وخلفه في كل مزية له فاضلة ابنه الشيخ محمد بن الحسن العالم الفاضل المحقق
المدقق المتبحر الثقة الجليل القدر الذي بلغ أقصى درجة الورع والفضل والفهم
صاحب المصنفات الكثيرة التي منها شرح تهذيب الأحكام وشرح الاستبصار على
منوال مجمع البيان وشرح الاثني عشرية والحواشي على شرح اللمعة والمعالم وأصول
الكافي والفقيه والمختلف والمدارك والمطول والرجال الكبير وله كتاب روضة
الخواطر ونزهة النواظر ورسالة تحفة الدهر في منازعة الغني والفقر إلى غير ذلك
وله اشعار فاخرة منها قوله في مرثية أبي عبد الله الحسين الشهيد المظلوم عليه السلام.
كيف ترقى دموع أهل الولاء * والحسين الشهيد في كربلاء
(الأبيات) كان رحمه الله من تلامذة والده وصاحب المدارك والميرزا محمد بن
علي الاسترآبادي رضوان الله عليه أجمعين وكان من العلماء الربانيين الذين صاروا
محلا للألطاف الخاصة الآلهية.
وقد ذكرنا في كتابنا الفوائد الرضوية في أحوال العلماء الامامية ترجمته
وترجمة ولديه الشيخ على والشيخ زين الدين
وتقدم في الحرفوشي ذكر جملة من احتياطه وتقواه، توفي بمكة المعظمة
390

عاشر ذي القعدة سنة 1030 (غل) وهو ابن خمسين سنة ودفن بقرب مزار
خديجة الكبرى عليها السلام.
(شهيد)
ابن الحسين البخلي أبو الحسن الشاعر فاضل فيلسوف متكلم له خط حسن
ونظم بالعربية والفارسية ومن شعره بالفارسية:
اكر غم را چو اتش دود بودي * جهان تاريك بودي جاودانه
در أين كيتي سراسر كربكردي * خردمندي نيابي شادمانه (1)
توفي سنة 325 (شكه) ورثاء الرودكي الشاعر بقوله:
كاروان شهيد رفت أزبيش * وان زما رفته كيروى انديش
از شمار دوچشم يك تن كم * واز شمار خرد هزاران بيش
(شهيد فخ)
الحسين بن علي بن الحسن بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب " عليه السلام "
صاحب فخ أمه زينب بنت عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب
" عليه السلام " خرج في أيام موسى الهادي بن المهدي بن أبي جعفر المنصور مع جماعة
كثيرة من العلويين بالمدينة في ذي القعدة سنة 169 وصلى بالناس الصبح ولم يتخلف
عنه أحد من الطالبيين إلا الحسن بن جعفر بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي
طالب " عليه السلام " وموسى بن جعفر " عليه السلام " وخطب على منبر رسول الله (صلى الله عليه وآله) وخرج
إلى الحج في تلك السنة وحج أيضا العباس بن محمد وسليمان بن أبي جعفر وموسى
ابن عيسى فلما صاروا بفخ وهو بفتح الفاء وتشديد الخاء بئر بينه وبين مكة
فرسخ تقريبا وقع بينهم الحرب فالتقوا يوم التروية وقت صلاة الصبح فكان أول

(1) يحكى انه كان يوما جالسا وحده وبيده كتاب يطالعه فورد عليه
جاهل وسلم عليه وقال كنت وحدك جئت لأونسك فقال الآن صرت وحيدا.
391

من بدأهم موسى فحملوا عليه فاستطرد لهم شيئا حتى انحدروا في الوادي وحمل
عليهم محمد بن سليمان من خلفهم فطحنهم طحنة واحدة حتى قتل أكثر أصحاب
الحسين ثم قتل الحسين وسليمان بن عبد الله بن الحسن المثنى وعبد الله بن إسحاق
ابن إبراهيم بن الحسن المثنى وأصاب الحسن بن محمد بن عبد الله بن الحسن المثنى
نشابة في عينه فتركها وجعل يقاتل أشد القتال حتى أمنوه ثم قتلوه وجاء الجند
بالرؤوس والأسرى إلى موسى الهادي فأمر بقتلهم ومات في ذلك اليوم.
وعن مهج الدعوات، للسيد ابن طاووس (ره): انه لما قتل الحسين بن علي
شهيد فخ حمل رأسه والأسرى من أصحابه إلى موسى بن المهدي الخليفة العباسي فأمر
برجل من الأسرى فوبخه ثم قتله ثم صنع مثل ذلك بجماعة من ولد أمير المؤمنين " عليه السلام "
واخذ من الطالبيين وجعل ينال منهم إلى أن ذكر موسى بن جعفر " عليه السلام " فنال
منه وقال والله ما خرج الحسين الا عن امره لأنه صاحب الوصية في أهل هذا البيت
قتلني الله ان أبقيت عليه ولولا ما سمعت من المهدي فيما أخبر به المنصور بما كان
به جعفر من الفضل المبرز عن أهله في دينه وعلمه وفضله وما بلغني عن السفاح
فيه من تقريظه وتفضيله لنبشت قبره وأحرقته بالنار احراقا فقال أبو يوسف
يعقوب بن إبراهيم القاضي وكان جريا عليه ليس هذا مذهب موسى بن جعفر
ولا مذهب أحد من ولده ولا ينبغي ان يكون هذا منهم وأكد ذلك بالايمان
المغلظة ولم يزل يرفق به حتى سكن غضبه.
قال: وكتب علي بن يقطين إلى موسى بن جعفر بصورة الامر فلما ورد
الكتاب أحضر " عليه السلام " أهل بيته وشيعته فأطلعهم على ما ورد من الخبر فقال لهم:
ما تشيرون في هذا فقالوا نشير عليك أصلحك الله وعلينا معك ان تباعد شخصك
عن هذا الجبار فإنه لا يؤمن شره وعاديته وغشمه سيما وقد توعدك وإيانا معك
فتبسم موسى " عليه السلام " وتمثل ببيت كعب بن مالك.
زعمت سخينة ان ستغلب ربها * فليغلبن مغالب الغلاب
392

ثم اقبل على ما حضره من مواليه وأهل بيته فقال ليفرخ روعكم انه
لا يرد أول كتاب من العراق إلا بموت موسى بن المهدي وهلاكه ثم قال:
وحرمة هذا القبر مات في يومه هذا وانه لحق مثل ما انكم تنطقون سأخبركم بذلك
بينما انا جالس في مصلاي بعد فراغي من وردي وقد تنومت عيناي إذ سنح
جدي رسول الله صلى الله عليه وآله في منامي فشكوت إليه موسى بن المهدي وذكرت ما جرى
منه في أهل بيته وانا مشفق من غوائله فقال لي لتطب نفسك يا موسى فما جعل الله
لموسى عليك سبيلا فبينما هو يحدثني إذ أخذ بيدي وقال لي قد أهلك الله آنفا
عدوك فليحسن لله شكرك قال: ثم استقبل أبو الحسن ورفع يديه إلى السماء
يدعو فسمعناه وهو يقول في دعائه شكرا لله جلت عظمته إلهي كم من عدو
انقضى علي سيف عداوته (الدعاء).
قال: ثم قمنا إلى الصلاة وتفرق القوم فما اجتمعوا إلا لقراءة الكتاب
الوارد بموت موسى بن المهدي والبيعة لهارون الرشيد.
(الشيباني)
نسبة إلى شيبان أبو قبيلة وينسب إليه جماعة كثيرة منهم أبو المفضل
الشيباني. قال الخطيب البغدادي نزل بغداد وحدث بها عن محمد بن جرير الطبري
ومحمد بن العباس اليزيدي وأمثالهم وعن خلق كثير من المصريين والشاميين إلى أن
قال: وكان يضع الحديث للرافضة ويملي في مسجد الشرقية.
حدثني القاضي أبو العلاء الواسطي قال: كان أبو المفضل حسن الهيئة جميل
الظاهر نظيف اللبسة وسمعت الدارقطني يسأل عنه فقال: يشبه الشيوخ انتهى.
كان مولده سنة 297 ووفاته سنة 387 وقد تقدم ذكره في الكنى ومنهم
محمد بن الحسن الشيباني مولاهم صاحب أبي حنيفة وامام أهل الرأي أصله دمشقي
قدم أبوه العراق فولد محمد بواسط سنة 132 ونشأ بالكوفة وسمع بها من أبي
393

حنيفة والثوري ومسعر بن كدام وكتب عن مالك والأوزاعي وأبي يوسف
القاضي وسكن بغداد واختلف إليه الناس وسمعوا منه الحديث والرأي فلما
خرج هارون إلى الري الخرجة الأولى خرج معه فمات بالري سنة 189 قاله
الخطيب البغدادي ومنهم أبو الصقر إسماعيل بن بلبل وزير المعتمد على الله العباسي
ينتسب إلى بني شيبان.
حكي ان قوما غمزوه وقالوا: هو دعي وكان ابن الرومي قد مدحه بقصيدة
طويلة أولها:
أجنت لك الوصل أغصان وكثبان * فيهن نوعان تفاح ورمان
إلى قوله:
قالوا أبو الصقر من شيبان قلت لهم * كلا لعمري ولكن منه شيبان
كم من أب قد علا بابن له شرف * كما علا برسول الله عدنان
ظن أبو الصقر ان ابن الرومي قد هجاه وانه عرض بأنه دعي فأعرض عنه
وتوسل ابن الرومي إلى إفهامه صورة الحال فلم يقبل في ذلك قول قائل وقيل له
يا سبحان الله فانظر إلى البيت الثاني وحسن معناه فإنه معنى مخترع ما مدح أحد
بمثله قبلك فلم يصغ فهجاه ابن الرومي وأفحش في هجائه ولا يهمنا ذكره.
(الشيخ وكذا شيخ الطائفة والشيخ الطوسي)
هو أبو جعفر محمد بن الحسن بن علي الطوسي عماد الشيعة ورافع اعلام
الشريعة شيخ الطائفة على الاطلاق ورئيسها الذي تلوى إليه الأعناق صنف في
جميع علوم الاسلام وكان القدوة في ذلك والامام وقد ملأت تصانيفه الاسماع
ووقع على قدمه وفضله الاجماع من أكبر جهابذة الاسلام ومن يرجع إلى قوله في
الحل والابرام والحلال والحرام:
إذا قالت حذام فصدقوها * فان القول ما قالت حذام
394

تلمذ على الشيخ المفيد والسيد المرتضى وأبي الحسين علي بن أحمد بن محمد
ابن أبي جيد القمي الذي يروي عنه (جش) ووثقه جمع من العلماء وغيرهم
رحمهم الله وكان فضلاء تلامذته؟ الذين كانوا مجتهدين يزيدون على ثلاثمائة نم
الخاصة ومن العامة مالا تحصى
ولد (ره) في شهر رمضان سنة 385 بعد وفاة شيخنا الصدوق بأربع
سنين وقدم العراق سنة 408 بعد وفاة السيد الرضى بسنتين وكان ببغداد ثم
هاجر إلى مشهد أمير المؤمنين عليه السلام خوفا من الفتنة التي تجددت ببغداد
وأحرقت كتبه وكرسي كان يجلس عليه للكلام فيكلم عليه الخاص والعام
وكان ذلك الكرسي مما أعطته الخلفاء وكان ذلك لوحيد العصر فكان مقامه في
بغداد مع الشيخ المفيد (ره) نحوا من خمس سنين ومع السيد المرتضى نحوا من
ثمان وعشرين سنة وبقي بعد السيد أربعا وعشرين سنة اثني عشر سنة منها في
بغداد ثم انتقل إلى النجف الأشرف وبقى هناك إلى أن توفي ليلة الاثنين الثاني
والعشرين من شهر المحرم سنة 460 (تس).
وكان مدة عمره الشريف خمسا وسبعين سنة ودفن في داره وقبره الآن
مزار معروف في المسجد الموسوم بالمسجد الطوسي.
وأما مصنفاته الشريفة في علوم الاسلام فهي لشهرتها تغنينا عن إيرادها
فلنتبرك بذكر بعضها، أما التفسير فله فيه كتاب التبيان الجامع لعلوم القرآن
وهو كتاب جليل عديم النظير في التفاسير، وشيخنا الطبرسي في تفسيره من بحره
يغترف وفي صدر كتابه بذلك يعترف وأما الحديث فإليه تشد الرحال وبه يبلغ
رجاله منيته الآمال وله فيه من الكتب الأربعة المعروفة في جميع الأعصار
كتابا التهذيب والاستبصار.
وأما الفقه فهو خريت هذه الصناعة والملقي إليه زمام الانقياد والطاعة وكل
من تأخر عنه من الفقهاء والأعيان فقد تفقه على كتبه واستفاد منها نهاية أربه
395

وله في هذا العلم كتاب النهاية الذي ضمنها متون الاخبار وكتاب المبسوط الذي
وسع فيه التفاريع وأودع فيه دقائق الانظار وهو كتاب جليل عظيم النفع، قال
في (ست): لم يصنف مثله ولا نظير له في كتب الأصحاب ولا في كتب المخالفين
وهو أحد وثمانون كتابا.
وله أيضا في الفقه كتاب الخلاف الذي ناظر فيه المخالفين وذكر فيه
ما أجمعت عليه الفرقة من مسائل الدين وله كتاب الجمل والعقود في العبادات
والاقتصاد إلى غير ذلك.
واما علم الأصول والرجال فله كتاب العدة والفهرست الذي ذكر فيه
أصول الأصحاب ومصنفاتهم وكتاب الأبواب المرتب على الطبقات من أصحاب
رسول الله (صلى الله عليه وآله) والأئمة " عليه السلام " إلى العلماء الذين لم يدركوا أحدا من
الأئمة " عليه السلام " وكتاب الاختيار وهو تهذيب كتاب معرفة الرجال للشيخ الكشي
وله كتاب تلخيص الشافي في الإمامة وكتاب المفصح في الإمامة وكتاب الغيبة في
إثبات غيبة مولانا صاحب الزمان " عليه السلام " وكتاب مصباح المتهجد وكتاب مختصر
المصباح إلى غير ذلك.
والطوسي نسبة إلى طوس ناحية بخراسان ذات قرى ومياه وأشجار
في جبالها معادن الفيروز ج وينحت من بعض جبالها القدور والبرام وغيرها
من الظروف تشتمل على مدينتين إحداهما طابران بفتح الموحدة بين المهملتين
والأخرى نوقان بفتح النون وسكون الواو ولهما ما يزيد على الف قرية ومن
جملتها سناباد التي هي على قرب ميل من نوقان بها قبر الإمام علي بن موسى
الرضا عليه السلام.
وقد يطلق الشيخ في عصرنا هذا وقبيله على الشيخ الأجل الأعظم الأعلم
خاتم الفقهاء العظام ومعلم علماء الاسلام رئيس الشيعة من عصره إلى يومنا هذا
بلا مدافع والمنتهى إليه رياسة الإمامية في العلم والعمل والورع والاجتهاد بغير
396

منازع مالك أزمة التحرير والتأسيس ومربي أكابر أهل التصنيف والتدريس
المضروب بزهده الأمثال والمضروب إلى علمه آباط الآمال الخاضع لديه كل شريف
واللائذ إلى ظله كل عالم عريف آية الله الباري الحاج الشيخ مرتضى بن محمد امين
التستري النجفي الأنصاري الذي عكف على كتبه ومصنفاته وتحقيقاته كل من
نشأ بعده من العلماء الاعلام والفقهاء الكرام.
كانت ولادته سنة 1214 ووفاته في النجف الأشرف سنة 1281 قيل في
تاريخه بالفارسية (غدير سال ولادت فراغ سال وفات) وأيضا بالفارسية
(سال عمر شيخ وتاريخ وفاتش شصت وهفت 1281) ودفن في الصحن الشريف
عند باب القبلة قرب قبر عديله في العبادة والزهد والصلاح آية الله الشيخ حسين
نجف رضوان الله عليه الذي كان العلامة بحر العلوم يتمنى ان يصلى الشيخ حسين
على جنازته
يروي العلامة الأنصاري عن شيخه الفقيه الامام ومستنده في مناهج
الاحكام المولى الاجل مولانا احمد النراقي رحمه الله تعالى وعن السيد الاجل السيد
صدر الدين العاملي (ره): وقد يطلق الشيخ في كتب الحكمة والمنطق والكلام
على الشيخ أبي علي بن سينا وفي علم البلاغة على الشيخ أبى بكر عبد القاهر
الجرجاني الذي تقدم ذكره في الجرجاني.
(الشيخان)
الشيخ المفيد والشيخ الطوسي رضوان الله تعالى عليهما وفي اصطلاح
المتكلمين هما الجبائيان وقد تقدما في الجبائي.
(شيخ العراقين)
المولى الاجل الحاج الشيخ عبد الحسين الطهراني، قال شيخنا في المستدرك
في ذكر مشايخه ومنها ما أخبرني به إجازة شيخي وأستاذي ومن إليه في العلوم
397

الشرعية استنادي أفقه الفقهاء وأفضل العلماء العالم العليم الرباني الشيخ عبد الحسين
ابن علي الطهراني أسكنه الله تعالى بحبوحة جنته.
كان نادرة الدهر وأعجوبة الزمان في الدقة والتحقيق وجودة الفهم وسرعة
الانتقال وحسن الضبط والاتقان وكثرة الحفظ في الفقه والحديث والرجال واللغة
حامى الدين ورافع شبهة الملحدين جاهد في الله في محو صولة المبتدعين أقام اعلام
الشعائر في العتبات العاليات وبالغ مجهوده في عمارة القباب الساميات صاحبته زمانا
طويلا إلى أن فعق بيني وبينه الغراب واتخذ المضجع تحت التراب في اليوم الثاني
والعشرين من شهر رمضان سنة 1286 له كتاب في طبقات الرواة في جدول لطيف
غير أنه ناقص:
(شيذلة)
أبو المعالي عزيزي بن عبد الملك الفقيه الشافعي الأشعري الواعظ البغدادي
المتوفى سنة 494 شيذلة كحيعلة. قال ابن خلكان: هي لقب عليه أي على عزيزي
قال ولا أعرف معناه مع كثرة كشفي عنه.
(الشيرواني) انظر الميرزا الشيرواني
(شيطان الشام)
قال ابن خلكان في ترجمة شرف الدين بن المستوفى، ولما مات شرف الدين
رثاه صاحبنا الشمس أبو العز يوسف بن النفيس الأربلي المعروف بشيطان الشام
ومولد شيطان الشام سنة 586 (ثفو) بإربل وتوفى بالموصل 16 (مض)
سنة 638 (خلح) ودفن بمقبرة باب الجصاصة.
(الصابي)
أبو إسحاق إبراهيم محمد بن هلال الحراني الأديب المنشي الذي له في
الكتابة والانشاء مقام رفيع صاحب الرسائل المشهورة والنظم البديع.
398

كان يعد في عداد ابن العميد وكان كاتب الانشاء ببغداد عن الخليفة وعن
عز الدولة بختيار بن معز الدولة بن بويه وتقلد ديوان الرسائل سنة 349 وكانت
تصدر عنه مكاتبات إلى عضد الدولة بن بويه بما يؤلمه فحقد عليه فلما قتل
عز الدولة وملك عضد الدولة بغداد اعتقله في سنة 367 وعزم على إلقائه تحت
أيدي الفيلة فشفعوا فيه ثم أطلقه في سنة 371 وكان قد امره ان يصنع له كتابا
في اخبار الدولة الديلمية فعمل الكتاب التاجي وله اشعار فمنها قوله:
أسرة المرء والداه وفيما * بين حضنيهما الحياة تطيب
فإذا ما طواهما الموت عنه * فهو في الناس أجنبي غريب
وينسب إليه أيضا:
ليس لي مسعد على ما أقاسي * من كروبي سوى العليم السميع
دفتري مؤنسي وفكري سميري * ويدي خادمي وحلمي ضجيعي
ولساني سيفي وبطشي قريضي * ودواتي غيثي ودرجي ربيعي
أتعاطى شجاعة أدعيها * في القوافي لقلبي المصدوع
روي الخطيب البغدادي عن محمد بن المظفر أبي الحسن المعدل المعروف بابن
السراج المتوفى سنة 410 قال أنشدني الصابي لنفسه:
قد كنت للحدة من ناظري * أرى السهى في الليلة المقمرة
الآن ما أبصر بدر الدجى * إلا بعين تشتكي الشبكره (1)
لأنني انظر منها وقد * غير مني الدهر ما غيره
ومن طوى الستين من عمره * رأى أمورا فيه مستنكره
وان تخطاها رأى بعدها * من حادثات النقص ما لم يره
(قلت) وبمعناها قول الحكيم النظامي بالفارسية:
نشاط عمر باشد تا چهل سال * چهل رفته فرو ريزد پروبال

(1) معربة من شبكور أي الأعشى.
399

بس از بنجه نباشد تن درستي * بصر كندي بذير دباي سستي
چه شصت امد نشست امديديدار * چه هفتاد امد افتاد آلت از كار
بهشتاد ونود چون در رسيدي * بساسختي كه از كيتي كشيدى
ازانجا كر بصد منزل رسانى * بود مركى بصورت زندكانى
سك صياد كآهو گير كردد * بگيرد آهويش چون بير كردد
چه در موي سياه امد سفيدى * بديد امد نشان نا اميدى
زينبه شد بنا كوشت كفن بوش * هنوز أين بنبه بيرون ناري ازكوش
توفي سنة 384 أو 380 ودفن بالشونيزي ورثاه الشريف الرضي
بقصيدته المشهورة:
أرأيت من حملوا على الأعواد * أرأيت كيف خبا ضياء النادي
جبل هوى لو خر في البحر اغتدى * نم ثقله متتابع الأزبادي
ما كنت اعلم قبل حطك في الثرى * إن الثرى يعلو على الأطواد
(الأبيات)
وعاتبه الناس في ذلك فقال إنما رثيت فضله، (وحفيده) أبو الحسن
هلال بن المحسن بن إبراهيم الصابي.
كان فاضلا له كتاب تحفة الامراء في تاريخ الوزراء، كان على دين جده
إبراهيم فأسلم في آخر عمره، توفي سنة 448.
والصابي أيضا ثابت بن قرة بن مروان الصابي الحراني كان مبدأ امره
صيرفيا بحران ثم انتقل إلى بغداد واشتغل بعلوم الأوائل فمهر فيها وبرع في
الطب وكان الغالب عليه علم الفلسفة وله تأليفات كثيرة وهو أول من حرر
كتاب أقليدس وهذبه ونقحه بعد أن عربه ونقله من لغة اليونان إلى اللغة
العربية أبو زيد حنين بن إسحاق العبادي الطبيب المشهور المتوفى سنة 260 وكان
امام وقته في صناعة الطب وكان يعرف لغة اليونانيين واليونانيون كانوا حكماء
400

متقدمين على الاسلام وهم من أولاد يونان بن يافث بن نوح " عليه السلام ".
توفى الصابي المذكور سنة 288 (فرح) وكان له ولد يسمى إبراهيم بلغ
رتبة أبيه في الفضل وكان من حذاق الأطباء وعالج السري الرفاء الشاعر فمدحه
بأشعاره المشهورة، عمران الصابي واحد المتكلمين وهو الذي كان جدلا لم يقطعه
أحد عن حجته أسلم على يد الرضا عليه السلام وصار موردا لا لطافة الخاصة
والصابي نسبة إلى الصابي بن متوشلخ بن إدريس وقيل إلى صابي بن ماري
وكان في عصر الخليل عليه السلام.
قال الراغب: الصابئون قوم كانوا على دين نوح " عليه السلام " وقيل سموا
بذلك لانهم خرجوا عن دين اليهودية والنصرانية وعبدوا الملائكة.
والصابي عند العرب من خرج عن دين قومه إلى دين آخر ولذلك كانت
قريش تسمي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) صابئا لخروجه عن دين قومه، والحراني نسبة إلى
حران مدينة مشهورة بالجزيرة.
(الصابوني)
محمد بن أحمد بن إبراهيم أبو الفضل الجعفي الكوفي ثم المصري كان من
أفاضل قدماء أصحابنا الامامية ممن أدرك الغيبتين له كتب كثيرة في الفقه وغيره
منها (كتاب الفاخر) وكتاب تفسير معاني القرآن، وكتاب التوحيد والايمان
إلى غير ذلك.
يروي عنه الشيخ والنجاشي بواسطتين وابن قولويه بلا واسطة وعده
السيد ابن طاووس من أصحابنا العارفين بعلم النجوم وذكر العلامة الطباطبائي
بحر العلوم ترجمته في رجاله.
والصابوني كما في تنقيح المقال نسبة إلى الصابون المعروف الذي يغسل به
الثياب نظرا إلى صنعه أو بيعه والصابون ليس من كلام العرب بلا ولا من كلام
401

الفرس والترك وهو من الصناعة القديمة فقيل انه من صناعة بقراط وجالينوس.
وقيل إنه وجد في كتاب هرمس وانه وحي وهو الذي استظهره داود
الأنطاكي الحكيم.
(صاحب الزنج)
كان يزعم أنه علي بن محمد بن أحمد بن عيسى بن زيد بن علي بن الحسين
ابن علي بن أبي طالب " عليه السلام " وأكثر الناس يقولون انه دعي آل أبي طالب وكان
من أهل قرية من اعمال الري يقال لها وزيق وظهر (1) من فعله ما دل على
تصديق ما رمي به انه كان يرى رأي الأزارقة من الخوارج لان أفعاله في قتل
النساء والأطفال وغيرهم من الشيخ الفاني وغيره ممن لا يستحق القتل يشهد بذلك
خرج في البصرة سنة 255 وكان أنصاره الزنج ووعد كل من اتى إليه من
السودان ان يعتقه ويكرمه فاجتمع إليه منهم خلق كثير بذلك علا امره ولذا
لقب بصاحب الزنج فكانت مدة أيامه أربع عشرة سنة وأربعة أشهر يقتل الصغير
والكبير والذكر والأنثى ويحرق ويخرب.
وقد حكي انه دخل البصرة في يوم الجمعة السابع عشر من شوال سنة 257
وقتل أهلها وحرق المسجد الجامع والدور الواقعة فيها ولم يزل يقتل الناس ويحرق
دورهم في يوم الجمعة وليلة السبت ويوم السبت حتى جرى الدم في سكك البصرة
وحرق دورهم ودوابهم وأثاثهم واتسع الحريق من الجبل إلى الجبل وعظم الخطب
وعمها القتل والنهب والاحراق فجرى من القتل الذريع والنهب العظيم والتمثيل
البليغ ما يعظم سماعه جملة فما الظن بتفاصيله.
وكان ما كان مما لست أذكره * فظن ظنا ولا تسأل عن الخبر

(1) روى عن أبي محمد العسكري " عليه السلام " في حديث قال وصاحب الزنج
ليس منا أهل البيت.
402

قال المسعودي وقد كان اتى بالبصرة في وقعة واحدة على قتل ثلاثمائة الف
من الناس وبلغ من أمر عسكره انه كان ينادي فيه على المرأة من ولد الحسن
والحسين والعباس وغيرهم من ولد هاشم وقريش وغيرهم من سائر العرب وأبناء
الناس تباع الجارية منهم بالدرهمين والثلاثة وينادى عليها بنسبها هذه ابنة فلان
الفلاني لكل زنجي منهم العشرة والعشرون والثلاثون يطؤهن الزنج ويخدمن
النساء الزنجيات كما تخدم الوصائف.
وقد تكلم الناس في مقدار ما قتل في هذه السنين من الناس فمكثر ومقلل
فأما المكثر فإنه يقول أفنى من الناس مالا يدركه العد ولا يقع عليه الاحصاء
ولا يعلم ذلك إلا عالم الغيب والمقلل يقول أفنى من الناس خمسمائة الف الف وكلا
الفريقين يقول في ذلك ظنا وحدسا إذ كان شيئا لا يدرك ولا يضبط وكان مقتله
سنة 270 في خلافة المعتمد انتهى.
أقول: وقد أخبر عنه أمير المؤمنين " عليه السلام " في خطبه منها قوله كأني به
وقد سار بالجيش الذي لا يكون له غبار ولا لجب ولا قعقعة لجم ولا حمحمة
يثيرون الأرض بأقدامهم كأنها اقدام النعام.
(الصاحب بن عباد)
كافي الكفاة أبو القاسم إسماعيل بن أبي الحسن عباد بن عباس الطالقاني
نادرة الزمان وشقائق النعمان أحد من يشد إليه الرحال لاخذ الأدب وينسل
إلى جوده وكرمه من كل حدب جمع إلى الشرف عز الجاه ونال من الدنيا
والآخرة مرتجاه:
ورث الوزارة كابرا عن كابر * موصولة الاسناد بالاسناد
يروي عن العباس عباد وزارته * وإسماعيل عن عباد (1)

(1) يحكى عن الصاحب بن عباد قال مدحت بمائة الف قصيدة عربية وفارسية، وما سرني شاعر كما سرني أبو سعيد الرستمي الأصبهاني بقوله:
ورث الوزارة كابرا عن كابر البيتين.
403

وله سنة 326 وسمع العلم والحديث عن أبيه واخذ الأدب عن أبي الحسين
أحمد بن فارس اللغوي وعن أبي الفضل العباس بن محمد النحوي تلميذ أحمد بن أبي
عبد الله البرقي وعن الوزير الأعظم الأستاذ الاستناد أبي الفضل بن العميد
ولأجل صحبته إياه لقب الصاحب.
وقيل: انما سمي الصاحب لان أول من استوزره هو مؤيد الدولة
أبو منصور بن ركن الدولة بن بويه الديلمي فصحبه كثيرا من زمن صباه هو
هو سماه الصاحب فغلب عليه.
وكان رحمه الله تعالى أعجوبة عصره ووحيد دهره ونسيج وحده في
العربية. يحكى انه لما جلس للاملاء حضر عنده خلق كثير وكان المستملي
الواحد لا يقوم بالاملاء حتى انضاف إليه ستة كل يبلغ صاحبه وما اتفق مثل
ذلك لأحد إلا ما يحكى عن مجلس عاصم بن علي بن عاصم أيام المعتصم فقد استعيد
في مجلسه اسم رجل في الاسناد أربع عشرة مرة والناس لا يسمعون ثم أحصوا
فكانوا مائة الف وعشرين الف رجل.
له كتب وانشاءات كثيرة واشعار وافرة في مناقب الأئمة الطاهرة " عليه السلام "
ومثالب أعدائهم فمنها قوله:
لو شق عن قلبي يرى وسطه * سطران قد خطا بلا كاتب
العدل والتوحيد في جانب * وحب أهل البيت في جانب
وله:
ان المحبة للوصي فريضة * أعني أمير المؤمنين عليا
قد كلف الله البرية كلها * واختاره للمؤمنين وليا
404

وله رحمه الله:
أنا وجميع من فوق التراب * فداء تراب نعل أبى تراب
وقد ذكر كثيرا من اشعاره في مناقب اخطب خوارزم منها قوله:
يا أمير المؤمنين المرتضى * ان قلبي عندكم قد وقفا
الأبيات وقد تقدم في ابن السقا مع اشعار اخر له وقال اخطب أيضا
وللصاحب كافي الكفاة:
من كمولانا علي * والوغى تحمى لظاها
من له في كل يوم * وقعات لا تضاهي
كم وكم حرب عقام * سد بالصمصام فاها
أذكرا أفعال بدر * لست أبغي ما سواها
أذكرا غزوة أحد * انه شمس ضحاها
أذكرا حرب حنين * انه بدر دجاها
واذكرا بكرة طير * فلقد طار بناها
واذكرا لي قلل العلم * ومن حل ذراها
حاله حالة هارون * لموسى فافهماها
أ على حب علي * لامني القوم سفاها
أهملوا قرباه جهلا * وتخطوا مقتضاها
ردت الشمس عليه * بعد ما غاب سناها
وله أيضا: - علي له في الطير ما طار ذكره * وقامت به أعداؤه وهي تشهد
وله وقد أنكر على بعض أهل التنجيم:
خوفني منجم أخو خبل * تراجع المريخ في برج الحمل
فقلت دعني من أباطيل الحيل * فالمشتري عندي سواء وزحل
ادفع عني كل آفات الدول * بخالقي ورازقي عز وجل
405

وله عرض على علوي من تعديه:
لعمرك ما الانسان إلا بدينه * فلا تترك التقوى اتكالا على النسب
فقد رفع الاسلام سلمان فارس * وقد وضع الشرك الشريف أبا لهب
وله رحمه الله في مخاطبة نفسه:
كم نعمة عندك موفورة * لله فاشكر يا ابن عباد
قم فالتمس زادك وهو التقى * لن يسلك الطرق بلا زاد
إلى غير ذلك وتقدم في ابن العميد وأبو هاشم العلوي بعض اشعاره وكان
نقش خاتمه:
شفيع إسماعيل في الآخرة * محمد والعترة الطاهرة
وله كلمات حكمية منها من لم تهذبه الإقالة هذبه العثار ومن لم يؤد به
والداه أدبه الليل والنهار، رب لطائف أقوال تنوب عن وظائف أموال، الصدر
يطفح بما جمعه وكل إناء مؤد ما أودعه، الشئ يحسن في أبانه كما أن
الثمر يستطاب في أوانه، ربما كان الاقرار بالقصور أنطق من لسان الشكور
إلى غير ذلك.
ومن كلامه في وصف أمير المؤمنين " عليه السلام " ونسبته مع رسول الله (صلى الله عليه وآله)
صنوه الذي وأخاه وأجابه حين دعاه، وصدقه قبل الناس ولباه، وساعده
وواساه، وشيد الدين وبناه وهزم الشرك وأخزاه، وبنفسه على الفراش فداه
ومانع عنه وحماه، وارغم من عانده وقلاه، وغسله وواراه، وأدى دينه وقضاه
وقام بجميع ما أوصاه ذاك أمير المؤمنين " عليه السلام " لا سواه.
وتصانيفه كثيرة منها: كتاب المحيط في اللغة سبع مجلدات، وألف لأجله
شيخنا الصدوق رضوان الله عليه (عيون أخبار الرضا " عليه السلام ") وصدر كتابه
بقصيدته التي نظمها وأهداها إلى الرضا " عليه السلام " منها قوله:
يا سائرا زائرا إلى طوس * مشهد طهر وأرض تقديس
406

أبلغ سلامي الرضا وحط على * أكرم رمس لخبر مرموس
والله والله حلفة صدرت * من مخلص في الولاء مغموس
اني لو كنت مالكا أربي * كان بطوس الفناء تعريسي
يا سيدي وابن سيدي ضحكت * وجوه دهري بغير تعبيس
لما رأيت النواصب انتكست * راياتها في زمان تنكيس
صدعت بالحق في ولايتكم * والحق مذ كان غير منحوس
ان بني النصب كاليهود وقد * يخلط تهويدهم بتمجيس
كم دفنوا في القبور من نجس * أولى بن الطرح في النواويس
عالمهم عندما أباحثه * في جلد ثور ومسك جاموس
إذا تأملت شوم جبهته * عرفت فيها اشتراك إبليس
وألف لأجله الفاضل الماهر الحسن بن محمد القمي كتاب (تاريخ قم) وذكر في
أوله من فضائله ومناقبه وعلمه وتقواه وسداده وكرمه وإحسانه وتعظيمه للسادة
العلوية وإكرامهم وسد خلتهم ولم شعثهم شطرا وافيا، وألف باسمه حسين بن علي
ابن بابويه القمي كتابا، والثعالبي يتيمة الدهر وقال في حقه ليست تحضرني عبارة
أرضاها للافصاح عن علو محله الخ.
(وبالجملة) كان رحمه الله تعالى حسنة من حسنات الزمان وبقية مما ترك
الأعيان، ذا مروة فاتت الواصف. وجود أخجل الغمام الواكف. قيل لم يجتمع
قط لأحد من الوزراء المعظمين مثل ما اجتمع ببابه من الشعراء المجيدين والأدباء
المفيدين بأصبهان والري وجرجان وسائر ممالك إيران، ومنهم أبو بكر
الخوارزمي والزعفراني وقد تقدم ذكرهما.
يحكى من مآثره انه كان ينفذ إلى بغداد في السنة خمسة آلاف دينار تفرق
على الفقهاء والأدباء وكان في أوان صغره إذا أراد المضي إلى المسجد ليقرأ تعطيه
والدته دينارا ودرهما كل يوم وتقول له تصدق بها على أول فقير تلقاه فجعل هذا
407

دأبه في شبابه إلى أن كبر وماتت والدته، وله في ذلك حكاية لا يناسب ذكرها
المقام وكان لا يدخل عليه في شهر رمضان بعد العصر أحد كائنا من كان فيخرج
من داره إلا بعد الافطار عنده، وكانت داره لا تخلو في كل ليلة من ليالي
شهر رمضان من الف نفس مفطرة فيها وكانت صلاته وصدقاته وقرباته في هذا
الشهر تبلغ مبلغ ما يطلق منها في جميع شهور السنة وكانت أيامه رحمه الله للعلوية
والعلماء والأدباء والشعراء وحضرته محط رحالهم وموسم فضلائهم أمواله مصروفة
إليهم وصنائعه مقصورة عليهم، ولما كان ببغداد قصد القاضي أبا السائب عتبة
ابن عبيد الله لقضاء حقه فتثاقل في القيام له وتحفز تحفزا أراه به ضعف حركته
وقصور نهضته فأخذ الصاحب بضبعه وأقامه وقال: نعين القاضي على قضاء حقوق
أصحابه فخجل القاضي واعتذر إليه. وأظن اني رأيت في كتبا معاهد التنصيص
للفاضل الأديب عبد الرحيم العباسي المعاصر للشهيد الثاني: ان الصاحب استدعى
في بعض الأيام شرابا فأحضروا قدحا فلما أراد ان يشرب قال له بعض خواصه
لا تشربه فإنه مسموم وكان الغلام الذي ناوله واقفا فقال للمحذر ما الشاهد على
على صحة قولك؟ قال تجربه في الذي ناولك إياه قال لا أستجيز ذلك ولا استحله
قال فجربه في دجاجة قال التمثيل بالحيوان لا يجوز ورد القدح وامر بقلبه وقال
للغلام انصرف عني ولا تدخل داري وامر باقرار جاريه وجرايته عليه وقال لا يدفع
اليقين بالشك والعقوبة بقطع الرزق نذالة إنتهى. توفى في 24 صفر سنة 385
(شفه) بالري ثم نقل إلى أصبهان ودفن بمحلة تعرف بدرية.
قال ابن خلكان: ورأيت في اخباره انه لم يسعد أحد بعد وفاته كما كان
في حياته غير الصاحب فإنه لما توفي أغلقت له مدينة الري واجتمع الناس على باب
قصره ينتظرون خروج جنازته وحضر مخدومه فخر الدولة أولا وسائر القواد
وقد غيروا لباسهم فلما خرج نعشه من الباب صاح الناس بأجمعهم صيحة واحدة
وقبلوا الأرض، ومشى فخر الدولة أمام الجنازة مع الناس وقعد للعزاء أياما،
408

ورثاه أبو سعيد الرستمي بقوله:
أبعد ابن عباد يهش إلى السرى * أخو امل أو يستماح جواد
أبي الله إلا ان يموتا بموته * فما لهما حتى المعاد معاد
إنتهى، ورثاه السيد الرضى رحمه الله بقصيدة لم يسمع اذن الزمان بمثلها أولها:
أكذا المنون يقطر الأبطالا * أكذا الزمان تضعضع الا جبالا
أكذا تصاب الأسد وهي مدلة * تحمي الشبول وتمنع الأغيالا
إلى قوله:
واقم على يأس فقد ذهب الذي * كان الأنام على مداه عيالا
وقبره بأصبهان مزار معروف، قال (ضا): وأصاب قبته انهدام وفتور من
مرور الدهور فأمر شيخنا الامام العلامة الحاج محمد إبراهيم الكرباسي في هذه
الأيام بتجديد عمارتها وتطيينها وتشييد نضارتها وزينتها فصارت كأحب موضع
يرام وأجود منزل ومقام وهو سلمه الله تعالى مع ما به من الزمن والانكسار في
هذه الأيام ليس يدع زيارته أيضا طول شهر أو شهرين بل أيام إلا ان تلك المحلة
المسعودة موسومة في زماننا هذا بباب الطوقجي والميدان العتيق وقد جربت
العامة أيضا الخير العاجل الذي لا يتجاوز الأسبوع في زيارة مرقده الشريف
قدس الله روحه اللطيف انتهى، وتقدم في أبو حيان التوحيدي ما يدل
على جلالته وتعظيمه.
(والطالقاني) بفتح اللام نسبة إلى طالقان، وهي بلدتان إحداهما بخراسان
بين مرو روذ وبلخ والأخرى بلدة وكورة بين قزوين وأبهر وبها عدة قرى واليها
ينسب الصاحب بن عباد.
(الصايغ) انظر ابن الصايغ
(صاين الدين)
أبو بكر يحيى بن سعدون بن تمام القرطبي أحد الأئمة المتأخرين في
409

القراءات وعلوم القرآن الكريم والحديث والنحو واللغة وغير ذلك، توفي
بالموصل سنة 567.
(الصبان)
الشيخ محمد بن علي الصبان الشافعي الحنفي ولد بمصر واجتهد في طلب العلم
وحضر أشياخ عصره وتلقى طريق القوم وتلقين الذكر على منهج السادة الشاذلية
عن الأستاذ عبد الوهاب العقيقي المرزوقي ولم يزل يخدم العلم ويدأب في تحصيله حتى
تمهر في العلوم العقلية والنقلية وألف كتبا معروفة منها اسعاف الراغبين في سيرة
المصطفى وفضائل آل بيته الطاهرين عليهم السلام.
توفي سنة 1206 (غرو)، والصبان كشداد بائع الصابون. وتقدم ما يتعلق
بالصابون في الصابوني.
(صدر الأفاضل)
قاسم بن الحسين الخوارزمي النحوي صاحب كتاب ضرام السقط في شرح
سقط الزند وهو شرح مشكلات ديوان أبى العلاء المعري كان أوحد الدهر في
علم العربية ونظم الشعر ونثر الخطب قتل في فتنة التتار سنة 617 (خيز)
والخوارزمي تقدم ما يتعلق به في اخطب خوارزم.
(صدر الدين وكذا المولى صدرا)
محمد بن إبراهيم الشيرازي الحكيم المتأله المعروف كان عالم أهل زمانه في
الحكمة متقنا لجمع الفنون كما قال صاحب السلافة له الاسفار الأربعة وشرح
الكافي وتفسير بعض السور القرآنية وكسر الأصنام الجاهلية وشواهد الربوبية
وغير ذلك، توفى بالبصرة وهو متوجه إلى الحج سنة 1050 يروي عنه المولى
المحقق محسن الكاشاني وهو يروي عن المحقق الداماد والشيخ البهائي، قال صاحب
نخبة المقال في تاريخه:
410

ثم ابن إبراهيم صدر الاجل * في سفر الحج مريض (1050) ارتحل
قدوة أهل العلم والصفاء * يروي عن الداماد والبهائي
وابنه الجليل الفاضل النبيل الميرزا إبراهيم بن محمد كان عالما بأكثر العلوم
وله في الفضل مقام معلوم خصوصا في العقليات والرياضيات وكان مسلكه بعكس
والده له عروة الوثقى في التفسير وحاشية على شرح اللمعة توفى في العشر السابع
بعد الألف في بلدة شيراز رضوان الله تعالى عليه.
(السيد صدر الدين الدشتكي)
محمد الحسيني الشيرازي هذا الاسم واللقب يطلق على العلمين العالمين
الجليلين من آباء السيد الاجل السيد علي خان الشيرازي أحدهما صدر الدين الكبير
سيد الحكماء والمدققين أبو المعالي محمد بن إبراهيم والد الميرغياث الدين منصور
صاحب الحواشي على التجريد وشرح المطالع وشرح الشمسية وشرح مختصر
الأصول وغير ذلك، قتل سنة ثلاث وتسعمائة على أيدي التركمانية الديار بكرية
الفجرة الفسقة.
(وثانيهما) حفيده محمد بن منصور بن صدر الدين محمد الحسيني
الدشتكي صاحب التوبة النصوحية وتارك الصحبة الصبوحية الذي قال فيه صاحب
الروضات لم يعهد من أحد من الآحاد توبة إلى الله بمثل توبة هذا الرجل المؤيد
من عند رب العباد ثم ذكر وصف توبته ثم قال ولقد رأيت من ثمرات عمره
المبرور بعد تنبهه المزبور بتوفيق المالك للأمور اجازة فاخرة منه لبعض فضلاء
دار العبادة فيها من الفضل والزيادة ما لم يتفق مثله إلى الآن لأحد من العلماء
والسادة ورسالة طريفة في التشديد على مذمة الخمر الخبيث والتهديد على شاربه
الحثيث بالعقل والاجماع من جميع أرباب الشرائع بعد القرآن والحديث وفيها من
الفوائد الشريفة مالا يحصى ومن العوائد المنيفة مثل عدد الرمل والحصى، ثم
411

ذكر الإجازة وبعض رسالته في قبائح الخمر ومن أراد التفصيل فعليه بمجالس
المؤمنين والروضات.
(أقول) ولما ينتهي إلى هذا السيد الجليل نسب السيد على خان الشيرازي
فينبغي ذكر مختصر من ترجمته هنا وهو كما ذكرناه في سفينة بحار الأنوار
صدر الدين علي بن أحمد بن محمد معصوم بن أحمد الحسيني المدني الشيرازي
السيد النجيب والجوهر العجيب العالم الفاضل الماهر الأديب والمنشئ الكاتب
الكامل الأريب الجامع لجميع الكمالات والعلوم والذي له في الفضل والأدب مقام
معلوم الذي إذا نظم لم يرض من الدر إلا بكباره وإذا نثر فكالأنجم الزهر
بعض نثاره حائز الفضائل عن أسلافه السادة الا ماثل صاحب المصنفات الرائقة
والمؤلفات الفائقة كسلافة العصر، والدرجات الرفيعة، وسلوة الغريب، وأنوار
الربيع، والكلم الطيب، والشروح على الصمدية، وشرح الصحيفة السجادية
وهذا الكتاب ينبئ عن طول باعه وكثرة اطلاعه وأحاطته بالعلوم.
تولد بالمدينة المعظمة سنة 1052 (غنب) وتوفي سنة 1119 بشيراز ودفن
بحرم الشاه چراغ بقرب السيد ماجد البحراني مكان آبائه العلماء والفضلاء.
قال رحمه الله في السلافة: في ترجمة والده إمام بن إمام وهمام بن همام
وهلم جرا إلى أن جاوز المجرة مجرا، لا اقف على حد حتى انتهي إلى أشرف جد
وكفى شاهدا على هذا المرام قول أحد أجداده الكرام ليس في نسبنا إلا ذو
فضل وحلم حتى نقف على باب مدينة العلم إنتهى.
وليعلم ان هذا السيد الجليل غير السيد علي خان الحويزي العالم الجليل
والفاضل النبيل والشاعر الأديب والصالح الأريب فريد عصره وعزيز مصره فإنه
ابن السيد الاجل العالم خلف بن المطلب بن حيدر بن المحسن بن محمد الملقب
بالمهدي ابن فلاح الموسوي المشعشعي والي الحويزة صاحب النور المبين وخير
المقال وتفسير القرآن وغير ذلك.
412

ذكره صاحب السلافة وأثنى عليه ومدحه شعراء عصره ومدحه السيد
نعمة الله في الأنوار النعمانية وذكره الشيخ الحر العاملي في (مل) وقال: هو من
المعاصرين وذكر كتبه وبعض اشعاره منها قوله من قصيدة:
ولولا حسام المرتضى أصبح الورى * وما فيهم من يعبد الله مسلما
وأبناؤه الغر الكرام الأولى بهم * أنار من الاسلام ما كان مظلما
وأقسم لو قال الأنام بحبهم * لما خلق الرب الكريم جهنما
(السيد صدر الدين العاملي)
هو السيد محمد بن السيد صالح بن السيد محمد بن إبراهيم شرف الدين بن
زين العابدين الموسوي العاملي الأصبهاني الحبر النبيل والعالم الجليل الماهر في
الفقه والأصول والحديث والأدب والرجال، صاحب المصنفات الشريفة منها أسرة
العترة في أبواب الفقه بطريق الاستدلال، والقسطاس المستقيم في أصول الفقه
ومنظومة في الرضاع مع شرحه، وكتاب في النحو لم يأت فيه بشواهد العربية
إلا من الآيات القرآنية، ورسالة في شرح مقبولة عمر بن حنظلة.
قرأ على جماعة من أفاضل علماء العراق: ككاشف الغطاء والسيد جواد
العاملي والمحقق الأعرجي والشيخ سليمان العاملي، كان رحمه الله سبط الشيخ
علي بن الشيخ محيي الدين بن الشيخ علي السبط وصهر الشيخ الأجل الأفقه
الشيخ جعفر.
يروي عنه شيخ الطائفة العلامة الأنصاري رحمه الله وهو عن أبيه الصالح
عن أبيه السيد محمد عن الشيخ الحر العاملي، ويروي أيضا عن العلامة بحر العلوم
وعن المقدس الأعرجي والمحقق القمي قدس الله تعالى أرواحهم.
قال (ضا): كان رحمه الله في غاية الشفقة معي وأعانني على هذا التصنيف
اي تصنيف الروضات كثيرا وقال: ومن جملة ما حكى لنا (قده) انه كان
413

يتردد في زمن حداثته وقبل أوان حلمه كثيرا إلى عالي مجلس سيدنا الاجل
المرحوم بحر العلوم ويستفيد من بركات أنفاسه وكان ذلك المرحوم إذ ذاك
مشتغلا بنظم درته المشهورة فكان يعرض على خاطره الشريف ما كان ينشده
في كل يوم في جملة من كان يريهم إياه لما كان يعتقد صفاء ذهنه وحسن
سليقته وهو كما استفيد لنا من تضاعيف كلماته كان مدعيا لمرتبة الاجتهاد
قبل أوان بلوغه
توفي بالغري ليلة الجمعة الرابعة عشر من محرم سنة 1263 (غرسج) وصلى
عليه الشيخ الكامل الشيخ محمد بن علي بن الشيخ جعفر ودفن في الصحن الشريف
في الحجرة الواقعة في الزاوية الغربية، ثم توفي مولانا الفاضل الرفيع المجتهد
الحاج ميرزا مسيح المتوطن بطهران ثم قم المباركة في هذه السنة بعد وفاة
السيد المرحوم ودفن هو أيضا في تلك الحجرة المطهرة انتهى (ضا) ملخصا.
(السيد صدر الدين القمي)
شارح الوافية، ابن السيد محمد باقر الرضوي المجاور بالغري السري جامع
المعقول والمنقول ملجأ الخواص والعوام ومرجع الاحكام اخذ من أفاض لعلماء
أصبهان كالمدقق الشيرواني والا فاجمال الدين الخونساري والشيخ جعفر القاضي
ثم ارتحل إلى قم المباركة لارشاد العباد فأخذ هناك في التدريس إلى أن اشتعلت
نائرة فتنة الأفغان فانتقل منها إلى موطن أخيه الفاضل بهمدان ثم منها إلى النجف
الأشرف فاشتغل فيها أيضا على جملة من أرباب الفضل: كالمولى الشريف أبى
الحسن العاملي والشيخ احمد الجزائري وتلمذ عليه الأستاذ الأكبر المحقق البهبهاني
ويعبر عنه في بعض رسائله بالسيد السند الأستاذ، ويروي عنه العالم المتبحر
النقاد السيد عبد الله بن السيد نور الدين بن السيد نعمة الله الجزائري رضوان
الله تعالى عليهم أجمعين.
414

قال رحمه الله: وهو أفضل من رأيتهم بالعراق وأعمهم نفعا واجمعهم
للمعقول والمنقول اخذ العقليات من علماء أصبهان ثم لما كثرت الفتن في عراق
العجم انتقل إلى المشهد - أي مشهد أمير المؤمنين " عليه السلام " وعظم موقعه في نفوس
أهلها وكان الزوار يقصدونه ويتبركون بلقائه ويستفتونه في مسائلهم له كتاب
الطهارة استقصى فيه المسائل ونصر مذهب ابن أبي عقيل في الماء القليل ناولني
منه نسخة، وله حاشية على المختلف ورسائل عديدة منها: رسالة في حديث
الثقلين وان أحدهما أكبر من الآخر.
توفي في عشر الستين بعد المائة والألف وهو ابن خمس وستين وله أخ
جليل اسمه السيد إبراهيم بن السيد محمد باقر كان من الفضلاء المدققين والعلماء
المحققين حسن الخط وله من التصانيف شرح المفاتيح وشرح الوافي كان مقيما
بهمدان ثم انتقل إلى كرمنشاه ولم أتحقق تاريخ وفاته إلا أنه كان حيا سنة 1168
ولا يخفى انه غير السيد إبراهيم بن السيد محمد باقر الموسوي القزويني صاحب
الضوابط الذي تقدم في الآغا النجفي.
(صدر الشريعة)
جمال الدين عبيد الله بن مسعود بن تاج الشريعة محمود بن صدر الشريعة
البخاري الحنفي ورث المجد عن أب فأب اخذ العلم عن جده تاج الشريعة عن أبيه
صدر الشريعة عن أبيه جمال الدين المحبوبي، كان ذا عناية بتقييد نفائس جده
وجمع فوائده شرح الوقاية من تصانيف جده تاج الشريعة في الفقه حنفي وله
تنقيح الأصول والتوضيح في حل غوامض التنقيح إلى غير ذلك، توفي سنة 747.
(صدر الممالك)
الميرزا صالح الرضوي نقيب الاشراف الرضوية في المشهد المقدس الرضوي
سلام الله على مشرفه كان مصدر خيرات ومبرات ومن آثاره الخيرية المدرسة
415

الصالحية المعروفة بمدرسة النواب في المشهد الرضوي بناها سنة 1086 ووقف
عليها أملاكا كثيرة (ومن آثاره) إيوان مصلى المشهد المقدس بناه سنة 1087
بأمر السلاطين الصفوية، ووقف كتبا كثيرة على طلاب المدرسة المزبورة وألف
رسالة سماها دقائق الخيال أورد فيها رباعيات الشعراء بالفارسية اختصرتها
وسميتها منتخب دقائق الخيال توفي في حدود سنة 1090.
(الصدوق)
محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي و (الصدوقان) محمد
وأبوه علي بن الحسين لا محمد وأخوه الحسين بن علي، كما اعتقده الشيخ على
الشهيدي إلى أن رأى جده الشهيد الثاني في المنام فقال له يا بني: الصدوقان محمد
وأبوه وقد تقدم ذكرهما في ابن بابويه.
(الصعلوكي)
بضم الصاد وسكون العين أبو سهل محمد بن سليمان بن محمد العجلي
الأصبهاني النيسابوري الشافعي الفقيه المفسر المتكلم الأديب النحوي الشاعر
صحب أبا إسحاق المروزي واخذ عنه ثم خرج إلى العراق ودخل البصرة ودرس
بها سنين ثم انتقل إلى أصبهان ومنها إلى نيسابور فدرس بها وأفتى وعنه اخذ
فقهاء نيسابور وكان الصاحب بن عباد يقول أبو سهل الصعلوكي لا نرى مثله
ولا يرى مثل نفسه، توفى سنة 369 (شسط) بنيسابور.
(وابنه) أبو الطيب سهل بن محمد الفقيه كان مفتي نيسابور وابن مفتيها
خرجت له الفوائد من سماعاته قيل إنه وضع له في المجلس أكثر من خمسمائة محبرة
واخذ عنه فقهاء نيسابور توفى سنة 402 (تب).
حكي انه لما مات والده محمد بن سليمان كتب أبو النصر بن عبد الجبار
إليه يعزيه عن والده:
416

من مبلغ شيخ أهل العلم قاطبة * عني رسالة محزون وأواه
أولى البرايا بحسن الصبر ممتحنا * من كانت فتياه توقيعا عن الله
(الصغاني)
بالغين المعجمة بعد الصاد المفتوحة أبو الفضائل الحسن بن محمد بن الحسن
العمري الحنفي اللغوي النحوي المحدث الفاضل صاحب مجمع البحرين في اللغة
وشرح البخاري وبيان الأحاديث الموضوعة والتكملة على الصحاح العباب وصل
فيه إلى بكم، وفيه قيل:
ان الصغاني الذي * حاز العلوم والحكم
كان قصارى امره * ان انتهى إلى بكم
إلى غير ذلك، نقل عن كتبه الدرر الملتقطة انه قال: ومن الموضوعات
ما زعموا ان النبي (صلى الله عليه وآله) قال: ان الله يتجلى للخلائق يوم القيامة عامة ويتجلي
لك يا أبا بكر خاصة، وانه قال حدثني جبرئيل ان الله تعالى لما خلق الأرواح
اختار روح أبي بكر من الأرواح، ثم قال الصغاني وانا انتسب إلى عمر بن
الخطاب وأقول فيه الحق لقول النبي صلى الله عليه وآله قولوا الحق ولو على أنفسكم أو
الوالدين والأقربين، فمن الموضوعات ما روي أن أول ما يعطى كتابه بيمينه عمر
ابن الخطاب وله شعاع كشعاع الشمس، قيل فأين أبو بكر قال سرقته الملائكة،
ومنها من سب أبا بكر وعمل قتل ومن سب عثمان وعليا جلد الحد إلى غير ذلك من
الأحاديث المختلفة ومن الموضوعات زر غبا تزدد حبا. النظر إلى الخضرة تزيد
في البصر انتهى.
(أقول) وقد ذكر الخطيب في تاريخ بغداد بعض الأحاديث الموضوعة
بزعمه وأشار إلى اختلاقه فمنها الحديث المروى عن انس بن مالك عن النبي (صلى الله عليه وآله)
ألا لعنة الله على مبغضي أبي بكر وعمر وعثمان وعلي.
417

قال الخطيب: هذا الحديث كذب موضوع في ج 13 ص 272 وقال في
محمد بن الحسن ابن أزهر بعد إيراد حديثين عن النبي (صلى الله عليه وآله) أحدهما عن ابن عمر
عنه وزن حبر العلماء بدم الشهداء فرجح عليهم، وثانيهما ان جبرائيل اتى
النبي (صلى الله عليه وآله) بخرقة من الجنة فيها صورة عائشة، وقول النبي (صلى الله عليه وآله) ان الله تعالى
امرني ان أتزوج هذه الجارية وهي عائشة.
قال الخطيب: رجال هذين الحديثين كلهم ثقات غير محمد بن الحسن
ونرى الحديثين مما صنعت يداه انتهى، وتقدم في الأشناني بعض الأحاديث
الموضوعة فراجعه.
(والصغاني): أحد مشايخ اجازة السيد الاجل جمال الدين أحمد بن
طاووس وآية الله العلامة الحلي طاب ثراهما، توفي ببغداد سنة 650 (نخ)
والصغاني نسبة إلى صغان كبنان، ويقول الصاغاني بالألف أيضا قرية بمرو
وقد يسمى جاغان.
(الصفار)
الشيخ أبو جعفر محمد بن الحسن بن فروخ القمي (جش) كان وجها في
أصحابنا القميين ثقة عظيم القدر راجحا قليل السقط في الرواية له كتب منها
كتاب الصلاة كتاب الوضوء.
(أقول) ثم عد كتبه وذكر فيها (بصائر الدرجات) وهو الذي بأيدينا
وهو غير بصائر الدرجات لسعد بن عبد الله الأشعري القمي فإنه لا يوجد إلا
منتخبه للشيخ حسن بن سليمان تلميذ الشهيد صاحب كتاب المحتضر وكتاب
الرجعة، توفى الصفار بقم سنة 290 (رص).
(الصفدي)
صلاح الدين خليل بن أيبك بن عبد الله الصفدي الشافعي الأديب الفاضل
418

الكامل صاحب الوافي بالوفيات والغيب المنسجم في شرح لامية العجم وفض الختام
عن التورية والاستخدام وأعيان العصر وأعوان النصر والروض الباسم وتكملة
شرح التسهيل (1) وغير ذلك.
(حكي) انه كتب ترجمة نفسه وذكر مشايخه وأسماء مصنفاته وهو نحو
خمسين مصنفا وقال: وكتبت بخطي ما يقارب خمسمائة مجلد، توفي بدمشق
سنة 764 (ذسد) ويأتي النظام ما يتعلق به، والصفدي نسبة إلى صفد
بالتحريك بلد بالشام.
(الصفواني)
أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عبد الله بن قضاعة بن صفوان نزيل بغداد شيخ
الطائفة ثقة فقيه فاضل جليل وكانت له منزلة من السلطان وهو الذي ناظر قاضي
الموصل في الإمامة بين يدي ابن حمدان وباهله وجعل كفه في كفه، فلما قام
القاضي من موضع المباهلة حم وانتفخ كفه الذي مده للمباهلة وقد اسودت ثم
مات من الغد فانتشر لأبي عبد الله بهذا ذكر عند الملوك وحظي منهم وكانت له
منزلة وله كتب قال ابن النديم انه كان أميا لقيته في سنة ست وأربعين وثلاثمائة
وكان رجلا طوالا معرقا حسن الملبوس وكان يزعم أنه لا يقرأ ولا يكتب انتهى.
وقال الشيخ الطوسي (ره): انه كان حفظة كثير العلم جيد اللسان،
وقيل: انه كان أميا وله كتب أملاها عن ظهر قلبه.

(1) اعلم أن ابن مالك كتب كتابا في النحو سماه تسهيل الفوائد وتكميل
المقاصد، فاعتنى العلماء بشأنه فصنفوا له شروحا كثيرة منها شرح المصنف وصل
فيه إلى باب المصادر ثم كمله ولده بدر الدين محمد المتوفى سنة 686 وكمله أيضا
صلاح الدين الصفدي المذكور.
419

يروي عن علي بن إبراهيم وعنه أحمد بن علي بن نوح والتلعكبري والمفيد
وغير هؤلاء انتهى.
ومن كتبه كتاب الإمامة وكتاب يوم وليلة وكتاب تحليل المتعة وغير
ذلك وانما يقال له الصفواني لانتهاء نسبه إلى أبي محمد صفوان بن مهران الجمال
الكوفي وكان ثقة، روى عن أبي عبد الله " عليه السلام " وكان له كتابا يرويه جماعة
وعرض على الصادق " عليه السلام " ايمانه واعتقاده بالأئمة عليهم السلام وهو الذي قال له
أبو الحسن موسى " عليه السلام " في قصة له كل شئ منك حسن جميل ما خلا شيئا واحدا
والقصة هذه:
(كش): عن صفوان الجمال قال: دخلت على أبى الحسن الأول " عليه السلام " فقال
لي يا صفوان كل شئ منك حسن جميل ما خلا شيئا واحد! قلت: جعلت فداك
أي شئ؟ قال: اكراؤك جمالك من هذا الرجل - يعني هارون - قلت والله
ما أكريته أشرا ولا بطرا ولا للصيد ولا للهو ولكن أكريته لهذا الطريق - يعني
طريق مكة - ولا أتولاه بنفسي ولكني ابعث معه غلماني فقال لي يا صفوان أيقع
كراك عليهم قلت نعم جعلت فداك، قال: فقال لي أتحب بقاهم حتى
يخرج كراك قلت نعم قال فمن أحب بقاءهم فهو منهم ومن كان منهم
فهو كان ورد النار.
قال صفوان: فذهبت وبعت جمالي عن آخرها فبلغ ذلك إلى هارون
فدعاني فقال لي يا صفوان بلغني انك بعت جمالك؟ قلت نعم قال ولم؟ فقلت
انا شيخ وان الغلمان لا يفون بالاعمال فقال هيهات هيهات اني لأعلم من أشار
عليك (إليك خ ل) بهذا أشار عليك (إليك خ ل) بهذا موسى بن جعفر قلت
مالي ولموسى بن جعفر فقال دع هذا عنك فوالله لولا حسن صحبتك لقتلتك.
وكان صفوان الجمال ممن حمل الصادق " عليه السلام " من المدينة إلى العراق مرارا ولهذا
اخذ بقدر استعداده منه عليه السلام العلم وبعض الزيارات والأدعية الشريفة،
420

وتشرف بزيارة قبر أمير المؤمنين " عليه السلام " وعلمه الصادق الزيارة المعروفة التي رواها
المشايخ في كتبهم المزارية وتعلم منه " عليه السلام " الدعاء المعروف بدعاء علقمة، وعلمه " عليه السلام "
أيضا كيفية زيارة الحسين " عليه السلام " في الأربعين كما رواها الشيخ في التهذيب، ولما
اطلع ببركة الصادق " عليه السلام " على موضع قبر أمير المؤمنين " عليه السلام " مكث عشرين
سنة يصلي عند قبره عليه السلام والله يعلم ماله من الاجر في ذلك لان الصلاة عند
علي " عليه السلام " بمائتي الف.
(وروى) الشيخ في مصباح المتهجد عن جماعة عن الصفواني عن أبيه
عن جده عن صفوان المذكور قال: استأذنت الصادق " عليه السلام " لزيارة مولانا
الحسين " عليه السلام " فسألته ان يعرفني ما اعمل عليه فقال يا صفوان صم ثلاثة أيام قبل
خروجك واغتسل في اليوم الثالث (إلخ) فعلمه عليه السلام الزيارة المعروفة
بزيارة وارث.
(الصفي الحلي)
عبد العزيز بن السرايا الشيخ العالم الفاضل الشاعر الأديب المنشئ تلميذ
المحقق الحلي (ره) كان شاعر عصره على الاطلاق أجاد القصائد المطولة والمقاطيع
تطربك ألفاظه المصقولة ومعانيه المعسولة ومقاصده التي كأنها سهام رشقة
وسيوف مسلولة، دخل مصر سنة 736 واجتمع بالقاضي علاء الدين بن الأثير
وابن سيد الناس وأبى حيان وفضلاء ذلك العصر فاعترفوا بفضله ثم عاد إلى
ماردين، وتوفي ببغداد سنة 750 (ذن) له ديوان شعر كبير وديوان شعر
صغير والقصيدة البديعة المذكورة بتمامها في أنوار الربيع وقصيدة ابن المعتز (1)

(1) قال ابن المعتز في قصيدته:
ونحن ورثنا ثياب النبي * وكم تجذبون بأهدابها
لكم رحم يا بني بنته * ولكن بني العم أولى بها
421

إلى غير ذلك، ومن شعره قوله:
يا عترة المختار يا من بهم * يفوز عبد يتولاهم
أعرف في الناس بحبي لكم * إذ يعرف الناس بسيماهم
وله في مدح أمير المؤمنين عليه السلام:
فوالله ما اختار الإله محمدا * حبيبا وبين العالمين له مثل
كذلك ما اختار النبي لنفسه * عليا وصيا وهو لابنته بعل
وصيره دون الأنام أخا له * وصنوا وفيهم من له دونه الفضل
وشاهد عقل المرء حسن اختياره * فما حال من يختاره الله والرسل
وله أيضا:
تول عليا وابناه * تفز في المعاد وأهواله
إمام له عقد يوم الغدير * بنص النبي وأقواله
له في التشهد بعد الصلاة * مقام يخبر عن حاله
فهل بعد ذكر إله السماء * وذكر النبي سوى آله
وله أيضا:
جمعت في صفاتك الأضداد * فلهذا عزت لك الأنداد
زاهد حاكم حليم شجاع * فاتك ناسك فقير جواد
شيم ما جمعن في بشر قط * ولا حاز مثلهن العباد

قتلنا أمية في دارها * ونحن أحق بأسلابها
قال صفي الدين الحلي رحمه الله:
ألا قل لشر عبيد الاله * له وطاغي قريش وكذابها
وباغي العباد وناعي العناد * وهاجي الكرام ومغتابها
أأنت تفاخر آل النبي * وتجحدها فضل أحسابها
بكم باهل المصطفى أو بهم * فرد العداة بأوصابها
422

خلق يخجل النسيم من اللطف * وبأس يذوب منه الجماد
ظهرت منك للورى مكرمات * فأقرت بفضلك الحساد
ان يكذب بهذا عداك فقد * كذب من قبل قوم لوط وعاد
جل معناك ان يحيط به الشعر * ويحصي صفاته النقاد
(قوله) جمعت في صفاتك الأضداد أشار بذلك إلى ما أشار إليه الشريف
الرضي رضي الله تعالى عنه في مقدمة نهج البلاغة قال: ومن عجائبه أي أمير
المؤمنين (عليه السلام) - التي انفرد بها وأمن المشاركة فيها ان كلامه الوارد في الزهد
والمواعظ والتذكير والزواجر إذا تأمله المتأمل وفكر فيه النظر وخلع من قلبه انه
كلام مثله ممن عظم قدره ونفذ امره وأحاط بالرقاب ملكه لم يعترضه الشك في أنه
كلام من لاحظ له في غير الزهادة ولا شغل له بغير العبادة قد قبع في كسر بيت
أو انقطع في سفح جبل لا يسمع إلا حسه ولا يرى إلا نفسه ولا يكاد يوقن بأنه
كلام من ينغمس في الحرب مصلتا سيفه فيقط الرقاب ويجدل الابطال ويعود به
ينطف دما ويقطر مهجا وهو مع تلك الحال زاهد الزهاد وبدل الابدال، وهذه
من فضائله العجيبة وخصائصه اللطيفة التي جمع بها بين الأضداد وألف بين
الأشتات، وكثيرا ما أذكر الاخوان بها واستخرج عجبهم منها وهي موضع
للعبرة بها والفكرة فيها، إنتهى.
(صفي الدولة)
أبو الفتيان محمد بن سلطان محمد بن حيوس (كتنور) بن محمد الغنوي الشاعر
المشهور، كان يدعى بالأمير لان أباه كان من أمراء المغرب وهو أحد الشعراء
الشاميين له ديوان شعر كبير وهو الذي قال في شرف الدولة سلم بن قريش.
أنت الذي نفق الثناء بسوقه * وجرى الندى بعروقه قبل الدم
وتقدم في ابن الخياط ما يتعلق به، توفي بحلب سنة 473 (تعج).
423

(صفي الدين الأردبيلي)
هو قطب الأقطاب برهان الأصفياء الكاملين الشيخ صفي الدين أبو الفتح
إسحاق بن السيد امين الدين جبرئيل الأردبيلي الموسوي ينتهى نسبه إلى حمزة بن الإمام
موسى الكاظم عليه السلام.
توفي سنة 735 في أردبيل ودفن بها ودفن عنده جماعة كثيرة من أولاده
وأحفاده كالشيخ صدر الدين والشيخ جنيد والسلطان حيدر وابنه الشاه إسماعيل
والشاه محمد خدابنده والشاه عباس الأول وغيرهم رضوان الله عليهم أجمعين.
ينسب إليه السلاطين الصفوية الذين اهتموا بنشر اعلام الدين وترويج شيعة
أمير المؤمنين عليه السلام.
(أولهم) الشاه إسماعيل الأول ابن السلطان حيدر بن السلطان شيخ جنيد
المقتول ابن السلطان شيخ إبراهيم بن الخواجة على المشهور بسياه بوش المتوفى
سنة 833 في بيت المقدس ابن الشيخ صدر الدين موسى بن الشيخ صفي الدين
كان مبدأ سلطنته سنة 906 وتوفي سنة 930.
2 - ابنه الشاه طهماسب قام بأمر السلطنة في 19 رجب سنة 930 (ظل)
وكان معاصرا للمحقق الكركي والشيخ حسين بن عبد الصمد والد شيخنا
البهائي فطالت سلطنته إلى أن بلغ أربع وخمسين وتوفي في منتصف صفر
سنة 984 (1).
3 - ابنه الشاه إسماعيل الثاني لم تطل مدته، توفي سنة 985.
4 - أخوه السلطان محمد المكفوف فقام بأمر السلطنة إلى سنة 996.
ثم فرض الامر إلى ابنه الشاه عباس الأول، فقام به في نيف وأربعين
سنة في كمال الأبهة والجلالة وله آثار كثيرة من الخيرات والمبرات وتعمير البقاع
المقدسات وهو الذي تشرف بمشهد الرضا (عليه السلام) ماشيا على قدميه من دار السلطنة

(1) والعجب أن تاريخه يوافق الخامس عشر من شهر صفر 984.
424

أصفهان إلى حضرة علي بن موسى الرضا " عليه السلام " في 28 يوما وامر بتذهيب القبة
المطهرة وغير ذلك مما هو مذكور في محله توفي في 24 ج 1 سنة 1038.
6 - ابن ابنه الشاه صفي الأول وتوفى 12 صفر سنة 1052 ودفن بقم في
جوار عمته فاطمة بنت موسى " عليه السلام ".
7 - ابنه الشاه عباس الثاني وتوفى سنة 1078 ودفن بقم في بقعة كبيرة
متصلة بالحضرة الفاطمية سلام الله عليها.
8 - ابنه الشاه صفي الثاني المعروف بالشاه سليمان توفى سنة 1105 ودفن
بقم في بقعة متصلة ببقعة الشاه عباس.
9 - ابنه الشاه سلطان حسين وهو آخر السلاطين الصفوية اتصلت بفتنة الأفاغنة
فاخذ السلطان حسين أسيرا وحبس في سنة 1137 وقتل في محبسه 22 محرم سنة
1140 فحمل نعشه إلى قم ودفن عند آبائه في جوار الحضرة الفاطمية لا زالت
مهبطا للفيوضات السبحانية.
(صفي الدين الحنفي)
السيد أبو الفضل محمد صفي الدين بن أحمد الحسيني البخاري الأصل نزيل
بلدة الخليل " عليه السلام " ثم نابلس الشام كان آية في حفظ الحديث ومعرفة رجال السند
وقد جمع عنده من كتب الحديث قل ما يجتمع عند غيره له القول الجلي في ترجمة
ابن تيمية الحنبلي توفى بالطاعون سنة 1200 (غر).
(صفي الدين بن عبد الحق)
أبو الفضائل عبد المؤمن بن الخطيب عبد الحق بن عبد الله البغدادي الحنبلي
ولد ببغداد سنة 658 وسمع بها الحديث وسمع بدمشق من الشرف بن عساكر وجماعة
وبمكة من الفخر التوزري وبرع وأفتى ومهر في علم الفرائض والحساب والجبر والمقابلة
والهندسة والمساحة وغير ذلك له مراصد الاطلاع على أسماء الأمكنة والبقاع
425

وهو مختصر معجم البلدان للحموي، توفى سنة 739 ودفن بمقبرة ابن حنبل.
(صلاح الدين الأربلي)
أبو العباس أحمد بن عبد السيد بن شعبان من بيت كبير بإربل كان حاجبا
عند الملك المعظم مظفر الدين صاحب إربل فتغير عليه واعتقله مدة فلما أفرج عنه
خرج إلى بلاد الشام فاتصل بخدمة الملك المغيث بن الملك العادل فلما توفي المغيث
انتقل إلى الديار المصرية وخدم الملك الكامل فعظمت منزلته عنده ووصل منه إلى
ما لم يصل إليه غيره وكان ذا فضيلة تامة وكان يحفظ الخلاصة في الفقه للغزالي وله
نظم حسن ودون بيت رائق فمنه قوله:
وإذا رأيت بنيك فاعلم أنهم * قطعوا إليك مسافة الآجال
وصل البنون إلى محل أبيهم * وتجهز الآباء للترحال
وله أيضا:
يوم القيامة فيه ما سمعت به * من كل هول فكن منه على حذر
يكفيك من هوله ان لست تبلغه * إلا إذا ذقت طعم الموت في سفر
ويقرب منه قول من قال بالفارسية:
از قيامت خبري مى شنوي * دستي از دور براتش دارى
باي در كوره حدادي نه * تابه بيني كه چه بر سرداري
توفي سنة 631 (خلا) والأربلي تقدم ضبطه.
(الصليحي)
بضم الصاد وفتح اللام أبو الحسن علي بن محمد بن علي بالقائم باليمن كان
والده محمد قاضيا باليمن سنينا ولكن ابنه علي بن محمد كان فقيها في مذهب الإمامية
مستبصرا في علم التأويل ملك اليمن وله شأن لا يناسب المقام شرح حاله قتل
سنة 473 (تعج).
426

(الصنعاني)
بفتح الصاد وبعدها النون الساكنة هذه النسبة إلى صنعاء وهي من أشهر
مدن اليمن ينسب إليها أبو بكر عبد الرزاق ابن همام بن نافع الصنعاني الحافظ
المشهور مولى حمير. قال ابن خلكان: قال أبو سعد بن السمعاني، قيل ما رحل
الناس إلى أحد بعد رسول (صلى الله عليه وآله وسلم) مثل ما رحلوا إليه، يروي عن معمر (1) بن
راشد الأزدي مولاهم الله البصري والأوزاعي وابن جريج وغيرهم روى عنه أئمة
الاسلام في ذلك العصر منهم سفيان بن عيينة وهو من شيوخه وأحمد بن حنبل
ويحيى بن معين وغيرهم في زمانه وكانت ولادته في سنة 126 وتوفي في شوال سنة
211 باليمن رحمه الله انتهى.
قال شيخنا (ره) في المستدرك: عبد الرزاق بن همام اليماني روى عنهما " عليه السلام "
ق كذا في نسخ جخ وفي (جش) في ترجمة أبى بكر محمد بن همام شيخ أصحابنا
ومتقدميهم له منزلة عظيمة كثير الحديث، قال أبو محمد هارون بن موسى رحمه الله
حدثنا محمد بن همام قال حدثنا أحمد بن مابندار قال: أسلم أبى أول من أسلم من
أهله وخرج من المجوسية فكان يدعو أخاه سهيلا إلى مذهبه فيقول له يا أخي اعلم
انك لا تألوني نصحا ولكن الناس مختلفون فكل يدعي ان الحق فيه ولست اختار
ان ادخل في شئ إلا على يقين، فمضت لذلك مدة وحج سهيل فلما صدر من
الحج قال لأخيه ان الذي كنت تدعو إليه هو الحق قال: وكيف علمت ذلك؟ قال
لقيت في حجي عبد الرزاق بن همام الصنعاني وما رأيت أحدا مثله فقلت له على
خلوة نحن قوم من أولاد الأعاجم وعهدنا بالدخول في الاسلام قريب وارى أهله
مختلفين في مذاهبهم وقد جعلك الله من العلم بما لا نظير لك فيه في عصرك مثل

(1) معمر بن راشد الصنعاني البصري أبو عروة عده الشيخ في رجاله من
أصحاب الصادق عليه السلام يروي عن الزهري.
427

وأريد ان أجعلك حجة فيما بيني وبين الله عز وجل فان رأيت أن تبين لي ما ترضاه
لنفسك من الدين لأتبعك فيه وأقلدك فأظهر لي محبة آل رسول الله (صلى الله عليه وآله) وتعظيمهم
والبراءة من عدوهم والقول بإمامتهم (إلخ).
وفي تقريب ابن حجر عبد الرزاق بن همام بن نافع الحميري مولاهم أبو بكر الصنعاني
ثقة حافظ مصنف شهير عمي في آخر عمره فتغير، وكان يتشيع من التاسعة مات
سنة إحدى عشرة بعد المائتين وله خمس وثمانون سنة، وفي كامل ابن الأثير في
حوادث سنة 211 فيها توفي عبد الرزاق بن همام الصنعاني دين من مشايخ أحمد بن
حنبل وكان يتشيع، وذكر الذهبي في ترجمته ما يقرب منهما وعلى ما ذكروا لا يمكن
روايته عن الباقر " عليه السلام " بل كان في سنة وفاة الصادق " عليه السلام " في حدود العشرين نعم
أدرك من عصر الجواد " عليه السلام " ثمان سنين انتهى.
(أقول) وأبو يحيي الصنعاني هو الذي يروي عن أبي عبد الله " عليه السلام " وذكروا
ان له كتاب فضل إنا أنزلناه، وضعفه ابن الغضائري (وصه) والظاهر أن منشأ
التضعيف ما يرويه في فضائل أهل البيت " عليه السلام " من الروايات التي كانوا يعدون
الاعتقاد بها سابقا غلوا منها روايته في (كا) في أن الأئمة عليهم السلام يزارون ليلة الجمعة
قيل إن اسمه عمر بن توبة.
(الصنوبري)
أبو بكر بن أحمد بن محمد بن الحسن بن مرار الضبي الحلبي الأنطاكي
الامامي كان شاعرا مجيدا مطبوعا عالي النفس ضنينا بماء وجهه عن أن يبذله في
طلب جوائز ممدوح صائنا لسانه عن الهجاء يقول الشعر تأدبا لا تكسبا مقتصرا
في أكثر شعره على وصف الرياض والأزهار قالوا كان من فحول الشعراء ومن جملة
من كان منهم بحضرة سيف الدولة ذكره ابن النديم وقال جمع ديوانه الصولي في
مقدار مأتي ورقة وذكره ابن شهرآشوب في شعراء أهل البيت " عليه السلام " وله اشعار
428

في مدائح أهل البيت عليهم السلام ومراثيهم فمنها قوله في مدح أمير المؤمنين عليه السلام:
أليس من حل منه في إخوته * محل هارون من موسى بن عمران
ردت له الشمس في أفلاكها فقضى * صلاته غير ما ساه ولا وان
وشافع الملك الراجي شفاعته * إذ جاءه ملك في خلق ثعبان
ما مثل زوجته أخرى يقاس بها * ولا يقاس إلى سبطيه سبطان
فمضمر الحب في نور يخص به * ومضمر البغض مخصوص بنيران
قال النبي له أشقى البرية يا * على أن ذكر الأشقى شقيان
هذا عصى صالحا في عقر ناقته * وذاك فيك سيلقاني بعصياني
ليخضبن هذه من ذا أبا حسن * في حين يخضبها من احمر قاني
(الأبيات) وله في رثاء الحسين عليه السلام:
ذكر يوم الحسين بالطف أودى * بصماخي فلم يدع لي صماخا
منعوه ماء الفرات وظلوا * يتعاطونه زلالا نقاخا
بأبي عترة النبي وأمي * سد عنهم معاندا صماخا
خير ذا الخلق صبية وشبابا * وكهولا وخيرهم أشياخا
أخذوا صدر مفخر العز مذكا * نوا وخلوا للعالمين المخاخا
النقيون حيث كانوا جيوبا * حيث لا يأمن الجنوب اتعاخا
خلقوا أسخياء لا متساخين * وليس السخي من يتساخى
أهل فضل تناسخوا الفضل ثيبا * وشبابا أكرم بذاك انتساخا
يا ابن بنت النبي أكرم به ابنا * وباسناخ جده اسناخا
وابن من وازر النبي ووالاه * وصافاه في الغدير وواخى
وابن من كان للكريهة ركابا * وفي وجه هولها رساخا
للطلى (1) تحت قسطل الحرب ضرابا * وللهام في الوغى شداخا

(1) الطلى جمع الطلية اي العنق ومن كلامهم اللحية لحلية ما لم تطل عن الطلية.
429

ما عليكم أناخ كلكله الدهر * ولكن على الأنام أناخا
إلى غير ذلك، وله في مدح سيف الدولة:
ما خلت قبلك ان كل فضيلة * للناس يستجمعن في إنسان
فمتى يطيق لسان شعري مدح من * ما زال ممدوحا بكل لسان
توفي سنة 334 (شلد)، والصنوبري نسبة إلى الصنوبر شجر معروف.
(الصنهاجي)
الحافظ مجد الدين أبو محمد عبد الله بن محمد بن عبد الله بن الأشيري المتوفى
ببعلبك سنة 561 (ساث) وتقدم في ابن أجروم الصنهاجي.
(الصوري)
أبو محمد عبد المحسن بن محمد بن أحمد الصوري الشاعر الأديب بديع الألفاظ
رائق الكلام له ديوان شعر ومن محاسنه قصيدة عملها في علي بن الحسين والد الوزير
المغربي توفي سنة 419 (تيط) وقد يطلق على أبي عبد الله محمد بن علي بن
عبد الله بن محمد الصوري قال الخطيب البغدادي قدم علينا في سنة 418 فسمع
من أبي الحسن بن مخلد ومن بعده وأقام ببغداد يكتب الحديث وكان من أحرص
الناس عليه وأكثرهم كتبا له وأحسنهم معرفة به إلى أن قال وكان يسرد الصوم
ولا يفطر إلا يومي العيدين وأيام التشريق ولم يزل في بغداد حتى توفى بها في 29
ج 2 سنة 441 (مات).
(الصولي)
بالضم أبو بكر محمد بن يحيى بن عبد الله بن العباس بن محمد بن صول تكين
الكاتب المعروف بالصولي الشطرنجي كان أحد الأدباء الفضلاء المشاهير روى عن أبي
داود السجستاني وثعلب والمبرد وأبى العيناء وروى عنه الدارقطني والمرزباني
وله تصانيف منها كتاب الوزراء واخبار بن هرمة واخبار السيد الحميري واخبار
430

جماعة من الشعراء وأدب الكتاب، وكان ينادم الخلفاء وكان أوحد وقته في لعب
الشطرنج لم يكن في عصره مثله في معرفته حتى يضرب به المثل في ذلك قال الخطيب
البغدادي في حقه كان واسع الرواية حسن الحفظ للآداب حاذقا بتصنيف الكتب
ووضع الأشياء منها ونادم عدة من الخلفاء وصنف اخبارهم وسيرهم وجمع أشعارهم
ودون اخبار من تقدم من الشعراء والوزراء والكتاب والرؤساء وكان حسن
الاعتقاد جميل الطريقة مقبول القول وقال وله شعر كثير في المدح والغزل وغير
ذلك وذكر من شعره قوله:
أحببت من اجله من كان يشبهه * وكل شئ من المعشوق معشوق
حتى حكيت بجسمي ما بمقلته * كأن سقمي من جفنيه مسروق
(وحكي) عن الصولي انه قال: ان رجلا من الكتاب ادعى هذين البيتين فعاتبته
فقال هبهما لي فقلت له أخاف ان تمتحن بقولك مثلهما فلا تحسن فقال قل أنت
فعملت بحضرته:
إذا شكوت هواه قال ما صدقا * وشاهد الدمع في خدي قد نطقا
ونار قلبي في الأحشاء ملهبة * لولا تشاغلها بالجسم لاحترقا
يا راقد العين لا تدري بما لقيت * عين تكابد فيك الدمع والارقا
يكاد شخصي يخفي من ضني جسدي * كأن سقمي من عينيك قد سرقا
فحلف انه لا يدعي البيتين ابدا ثم روى الخطيب عن محمد بن العباس الخراز
قال: حضرت الصولي وقد روى حديث رسول الله (صلى الله عليه وآله) من صام رمضان واتبعه
ستا من شوال، فقال واتبعه شيئا من شوال، فقلت: أيها الشيخ اجل النقطتين
اللتين تحت الياء فوقها فلم يعلم ما قصدت فقلت انما هو ستا من شوال فرواه على
الصواب. وقال الأزهري: سمعت أبا بكر بن شاذان يقول رأيت للصولي بيتا
عظيما مملوءا بالكتب وهي مصفوفة وجلودها مختلفة الألوان كل صف من الكتب
لون فصف احمر وآخر أخضر وآخر اصفر وغير ذلك، وكان يقول هذه الكتب
431

كلها سماعي، ثم روى أنه أنشد أبو سعيد العقيلي لنفسه في الصولي:
إنما الصولي شيخ * اعلم الناس خزانه
فإذا تسأله مشكلة * طالبا منه أبانه
قال يا غلمان هاتوا * رزمة العلم فلانه
مات بالبصرة سنة 335 أو 336 انتهى ملخصا.
قال ابن النديم في وصفه: انه كان من الأدباء والظرفاء والجماعين للكتب
نادم الراضي وكان أولا يعلمه، ونادم المكتفي ثم المقتدر دفعة واحدة، وأمره
أظهر وأشهر وعهده أقرب من أن نستقصيه وكان من ألعب أهل زمانه بالشطرنج
حسن المروة وعاش إلى سنة 330 (شل) وتوفي مستترا بالبصرة لأنه روى خبرا في
علي " عليه السلام " فطلبته الخاصة والعامة لقتله انتهى. وقال (ض) عده في المعالم من طبقة
الشعراء المتفننين في شعرهم لأهل البيت عليهم السلام.
وقد يطلق الصولي: على عم والد أبى بكر المذكور أبى اسحق إبراهيم بن
العباس الصولي ابن أخت العباس بن الأحنف وكان كاتبا بليغا وشاعرا مجيدا
لا يعلم فيمن تقدم وتأخر من الكتاب اشعر منه وكان يكتسب في حداثته بشعره
ورحل إلى الملوك والامراء ومدحهم طلبا لجدواهم وله مكاتبات قد دونت وفصول
حسن من كلامه قد جمعت ومن شعره قوله:
سقيا ورعيا لأيام لنا سلفت * بكيت منها فصرت اليوم أبكيها
كذاك أيامنا لا شك نندبها * إذا تقضت ونحن اليوم نشكوها
وقوله:
أولى البرية طرا ان تواسيه * عند السرور لمن واساك في الحزن
إن الكرام إذا ما أسهلوا ذكروا * من كان يألفهم في المنزل الخشن
وله أيضا:
كم قد تجرعت من حزن ومن غصص * إذا تجدد حزن هون الماضي
432

وكم غضبت فما باليتم غضبي * حتى رجعت بقلب ساخط راضي
وله أيضا ويقال انه ما يرددهما من نزلت به نازلة إلا وفرج الله تعالى عنه:
ولرب نازلة يضيق بها الفتى * ذرعا وعند الله منها المخرج
ضاقت فلما استحكمت حلقاتها * فرجت وكان يظنها لا تفرج
ومن كلامه: مثل أصحاب السلطان مثل قوم علوا جبلا ثم وقعوا منه فكان
أقربهم إلى التلف أبعدهم في الارتقاء.
يروى عن الإمام علي بن موسى الرضا (عليه السلام) توفي بسر من رأى منتصف
شعبان سنة 243 وابن عمه أبو الفضل بن عمرو بن مسعدة بن سعيد بن صول
الكاتب كان أحد وزراء المأمون وكان كاتبا بليغا جزل العبارة وجيزها سديد
المقاصد والمعاني وتوفى سنة 217 (ريز).
والصولي نسبة إلى صول تكين وكان أحد ملوك جرجان وكان تركيا وأسلم
على يد يزيد بن المهلب بن أبي صفرة الذي تقدم ذكره في أبو صفرة وكان جد
الصولي المذكور والعباس بن الأحنف الذي يدعى خؤولته هو أبو الفضل العباس
ابن الأحنف بن الأسود بن طلحة الحنفي اليمامي الشاعر المشهور في أيام الرشيد
كان رقيق الحاشية لطيف الطباع جميع شعره في الغزل، وفي سنة وفاته
وموضعها اختلاف.
قال ابن خلكان ما حاصله انه توفي سنة 192 ببغداد في اليوم الذي توفي
فيه الكسائي وإبراهيم الموصلي وهشيمة الخمارة فرفع ذلك إلى الرشيد فأمر
المأمون ان يصلى عليهم فخرج فصفوا بين يديه فقال: من هذا الأول فقالوا:
إبراهيم الموصلي فقال أخروه وقدموا العباس بن الأحنف فقدم فصلى عليه وهذه
الحكاية تخالف ما يجئ في الكسائي انه مات بالري.
وحكى المسعودي في مروج الذهب عن جماعة من أهل البصرة قالوا:
خرجنا نريد الحج فلما كنا ببعض الطريق إذا غلام واقف على المحجة وهو ينادى
433

أيها الناس هل فيكم أحد من أهل البصرة قالوا: فعدلنا إليه وقلنا له ما تريد قال:
ان مولاي لما به يريد ان يوصيكم فملنا معه فإذا شخص ملقى على بعد من الطريق
تحت شجرة لا يحير جوابا فجلسنا حوله فأحس بنا فرفع طرفه وهو لا يكاد
يرفعه ضعفا فأنشأ يقول:
يا غريب الدار عن وطنه * مفراد يبكي على شجنه
كلما جد البكاء به * دبت الأسقام في بدنه
ثم أغمي عليه طويلا ونحن جلوس حوله إذ أقبل طائر فوقع على أعلى
الشجرة وجعل يغرد ففتح عينيه وجعل يسمع تغريد الطائر ثم أنشأ يقول:
ولقد زاد الفؤاد شجا * طائر يبكي على فننه
شفه ما شفني فبكى * كلنا يبكي على سكنه
قاتل: ثم تنفس تنفسا فاضت نفسه منه فلم نبرح من عنده حتى غسلناه
وكفناه وتولينا الصلاة عليه، فلما فرغنا من دفنه سألنا الغلام عنه فقال: هذا
العباس بن الأحنف انتهى.
وذكر الخطيب ما يقرب من ذلك عن الأصمعي عنه وذكر في أحوال
جعفر بن يحيى البرمكي ان هذ الاشعار للعباس بن الأحنف:
ولما رأيت السيف خالط جعفرا * ونادى مناد للخليفة في يحيى
بكيت على الدنيا وأيقنت إنما * قصارى الفتى يوما مفارقة الدنيا
وما هي إلا دولة بعد دولة * تخول ذا نعمى وتعقب ذا بلوى
إذا أنزلت هذا منازل رفعة * من الملك حطت ذا إلى الغاية القصوى
(الصهرشتي)
أبو الحسن سليمان بن الحسن صاحب كتاب قبس المصباح مختصر مصباح
المتهجد، قال الشيخ منتجب الدين الشيخ الثقة أبو الحسن سليمان بن الحسن
434

ابن سلمان الصهرشتي فقيه وجه دين قرأ على شيخنا الموفق أبى جعفر الطوسي
وجلس في مجلس درس سيدنا المرتضى علم الهدى رحمه الله وله تصانيف منها:
كتاب النفيس، وكتاب التنبيه، كتاب النوادر، كتاب المتعة، أخبرنا بها
الوالد عن والده عنه.
(الضحاك الشيباني)
الحافظ أبو بكر أحمد بن عمرو الظاهري حكي انه ولي قضاء أصبهان ست
عشرة سنة وذهبت كتبه في البصرة في فتنة صاحب الزنج فأعاد من حفظه خمسين
ألف حديث وكان ظاهري المذهب لا يقول بالقياس توفي سنة 287 (فرز).
(ضياء الدين الراوندي)
السيد الاجل أبو الرضا فضل الله بن علي بن عبيد الله الحسني الراوندي
الكاشاني العالم العيلم والطود الأشم والبحر الخضم علامة دهره وأستاذ أئمة عصره
جمع مع علو النسب كما الفضل والحسب له مصنفات فائقة نافعة كضوء الشهاب
والأربعين في الأحاديث وكتاب أدعية السر وترجمة العلوي للطب الرضوي " عليه السلام "
وشرح الرسالة الذهبية والحماسة والتفسير وغير ذلك وهو من أساتيذ ابن
شهرآشوب والشيخ محمد بن الحسن الطوسي والد الخواجة نصير الدين الطوسي
وهو تلميذ الشيخ أبي علي بن شيخ الطائفة.
يروي عن جم غفير من المشايخ الأجلة الذين ذكرهم شيخنا في المستدرك
منهم السيد الاجل أبو الصمصام ذو الفقار بن محمد بن معبد الحسني عن الشيخ
الطوسي والشيخ النجاشي إلى غير ذلك.
(وأولاده وأحفاده) جميعا من أهل العلم منهم: السيد أبو المحاسن احمد
ابن فضل الله العالم الفاضل قاضي كاشان والسيد عز الدين أبو الحسن علي بن
فضل الله الفقيه الثقة الأديب الشاعر الذي ألف وصنف وقرط بفوائده الاسماع
435

وشنف ونظم ونثر وحمد منه العين والأثر إلى غير ذلك.
قال السمعاني في كتاب الأنساب ما معناه: اني لما وصلت إلى كاشان
قصدت زيارة السيد أبي الرضا ضياء الدين المذكور فلما انتهيت إلى داره وقفت
على الباب هنيئة انتظر خروجه فرأيت مكتوبا على طرار الباب (جبهته وحواشيه)
هذه الآية المشعرة بطهارته وتقواه (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت
ويطهركم تطهيرا) فلما اجتمعت به رأيت منه فوق ما كنت أسمعه عنه
وسمعت منه جملة من الأحاديث وكتبت عنه مقاطيع من شعره ومن جملة اشعاره
التي كتبها لي بخطه الشريف هذه الأبيات:
هل لك يا مغرور من زاجر * أو حاجز عن جهلك الغامر
أمس تقضى وغدا لم يجئ * واليوم يمضي لمحة الباصر
فذلك العمر كذا ينقضي * ما أشبه الماضي بالغابر
انتهى (أقول): وقد أورد كثيرا من اشعاره السيد علي خان رضوان الله
عليه في أنوار الربيع، والراوندي نسبة إلى راوند وقد تقدم في الراوندي.
(طاشكبري زاده)
المولى عصام الدين أحمد بن مصلح الدين مصطفى بن خليل صاحب
الشقائق النعمانية في علماء الدولة العثمانية وشرح العوامل المائة للشيخ عبد القاهر
الجرجاني ومفتاح السعادة في موضوعات العلوم وكتاب آداب البحث والمناظرة
وغير ذلك، قال في أول الشقائق: وضعت الرسالة على ترتيب سلاطين آل عثمان
فقال: الطبقة الأولى في علماء دولة السلطان عثمان الغازي بويع له بالسلطنة في
سنة 699 ثم ذكر علماء زمانه ثم ذكر الطبقة الثانية أورخان بن عثمان الغازي
بويع له بعد وفاة أبيه في سنة 726 ثم ذكر علماء زمانه وهكذا إلى أن ذكر
الطبقة العاشرة في علماء زمان السلطان سليمان خان ابن السلطان سليم خان بويع له
436

بالسلطنة بعد وفاة أبيه سنة 926 ثم ذكر علماء زمانه وفي آخره ذكر تاريخ
أحواله وانه ولد في مدينة بروسة سنة 901 ثم ذكر مسافرته بأنقرة وقسطنطينية
ورجوعه بمدينة بروسة وذكر كيفية تحصيله ومشايخه وتدريسه بمدرسة الحاج
حسن بقسطنطينية ثم تدريسه بإسحاقية أسكوب ثم ارتحاله إلى قسطنطينية
وتدريسه بمدرسة قلندر خانه ثم تدريسه بمدرسة الوزير مصطفى فلم يزل ينقل من
مدرسة إلى مدرسة إلى أن انتقل إلى مدرسة السلطان بايزيد خان بمدينة أدرنة ثم
صار قاضيا بمدينة بروسة في سنة 952 وفرغ من كتاب الشقائق في سنة 965
وختمه بهذا الدعاء اللهم أقسم لنا من خشيتك (الدعاء) وهذا دعاء أورده مشايخنا
في اعمال ليلة النصف من شعبان، ويظهر من رواية غوالي اللئالي لابن أبي
جمهور انه يدعى به في كل وقت ولا يختص بليلة النصف من شعبان والدعاء
هذا (اللهم أقسم لنا من خشيتك ما يحول بيننا وبين معصيتك ومن طاعتك
ما تبلغنا به رضوانك ومن اليقين ما يهون به علينا مصيبات الدنيا اللهم أمتعنا
بأسماعنا وأبصارنا وقوتنا ما أحييتنا واجعله الوارث منا واجعل ثارنا على من
ظلمنا وانصرنا على من عادانا ولا تجعل مصيبتنا في ديننا ولا تجعل الدنيا أكبر
همنا ولا مبلغ علمنا ولا تسلط علينا من لا يرحمنا برحمتك يا ارحم الراحمين) توفي
طاشكبري زادة في سنة 968.
(الطاطري)
علي بن الحسن بن محمد الطائي الجرمي سمي بذلك لبيعه ثيابا يقال لها
الطاطرية، وكان فقيها ثقة في حديثه من أصحاب الكاظم عليه السلام واقفي
المذهب من وجوه الواقفة شديد العناد في مذهبه وهو أستاذ الحسن بن محمد
ابن سماعة الصيرفي الكوفي الواقفي المتعصب المتوفى سنة 263 (رجس)
وطاطر: سيف من أسياف البحر ينسج فيها الثياب الطاطرية، وسيف
البحر بالكسر: ساحله.
437

(الطاقي ومؤمن الطاق)
أبو جعفر محمد بن علي بن النعمان الكوفي الصيرفي ثقة، روى عن علي بن
الحسين وأبي جعفر وأبى عبد الله (عليه السلام) وكان يلقب بالأحول والمخالفون يلقبونه
شيطان الطاق كان دكانه في طاق المحامل بالكوفة يرجع إليه في النقد فيخرج
كما ينقد فيقال شيطان الطاق وكان كثير العلم حسن الخاطر.
روى عن أبي خالد الكابلي قال رأيت أبا جعفر صاحب الطاق وهو قاعد في
الروضة قد قطع أهل المدينة أزراره وهو دائب يجيبهم ويسألونه فدنوت منه
وقلت إن أبا عبد الله (عليه السلام) نهانا عن الكلام فقال وأمرك ان تقول لي فقلت:
لا والله ولكنه امرني ان لا أكلم أحدا قال فاذهب وأطعه فيما امرك فدخلت
على أبى عبد الله (عليه السلام) فأخبرته بقصة صاحب الطاق وما قلت له وقوله اذهب
وأطعه فيما امرك فتبسم أبو عبد الله (عليه السلام) وقال يا أبا خالد ان صاحب الطاق يكلم
الناس فيطير وينقض (انقض الطائر هوى ليقع) وأنت ان قصوك لن تطير.
وللطاقي مع أبي حنيفة حكايات كثيرة فمن ذلك ما رواه الخطيب في
تاريخ بغداد قال: كان أبو حنيفة يتهم شيطان الطاق بالرجعة وكان شيطان الطاق
يتهم أبا حنيفة بالتناسخ قال: فخرج أبو حنيفة يوما إلى السوق فاستقبله شيطان
الطاق ومعه ثوب يريد بيعه فقال له أبو حنيفة أتبيع هذا الثوب إلى رجوع علي
فقال إن أعطيتني كفيلا ان لا تمسخ قردا بعتك فبهت أبو حنيفة.
(قال) ولما مات جعفر بن محمد (عليه السلام) إلتقى هو وأبو حنيفة فقال له
أبو حنيفة اما إمامك فقد مات فقال له شيطان الطاق اما امامك فمن المنظرين إلى
يوم الوقت المعلوم انتهى.
(ومن ذلك) انه كان أبو حنيفة يوما يتماشى مع مؤمن الطاق في سكة من
سكك الكوفة إذا بمناد ينادي من يدلني على صبي ضال؟ فقال مؤمن الطاق:
438

اما الصبي الضال فلم نره وان أردت شيخا ضالا فخذ هذا - عني به أبا حنيفة -
إلى غير ذلك.
(أقول) قد ظهر لك ان وجه تسميته بالطاقي لأنه كان دكانه في طاق
المحامل بالكوفة لا انه ينسب إلى باب الطاق ببغداد الذي ينسب إليه ابن بهته
محمد بن عمر بن محمد بن حميد البزاز من أهل باب الطاق سمع جمعا كثيرا حدث
عنه أبو بكر البرقاني والقاضي الصيمري وغيرهما وكان شيعيا ثقة توفي في رجب
سنة 374 ذكر ذلك الخطيب في تاريخه.
(الطاووس)
أبو عبد الله محمد بن إسحاق بن الحسن بن محمد بن سليمان بن داود بن
الحسن المثنى بن الإمام المجتبى الحسن بن علي بن أبي طالب (عليه السلام) جد سادات
بنى طاووس الذين ينتسبون إليه.
لقب بالطاووس: لحسن وجهه وجماله وكان هو أول من ولي النقابة بسوراء
ووالده اسحق كان يصلي في اليوم والليلة الف ركعة خمسمائة عن نفسه وخمسمائة
عن والده كذا عن مجموعة الشهيد (ره).
(الطاووس ركن الدين)
أبو الفضل العراقي بن محمد بن العراقي القزويني كان إماما فاضلا مناظرا
قيما بعلم الخلاف ماهرا فيه صنف فيه ثلاث تعاليق مختصرة متوسطة مبسوطة
اجتمع عليه الطلبة بمدينة همدان وقصدوه من البلاد البعيدة، توفي بها
سنة ستمائة.
والطاوسي: نسبة إلى طاوس بن كيسان على الظاهر كما احتمله ابن خلكان
(وطاوس بن كيسان) هو أبو عبد الرحمن الخولاني الهمداني اليماني أحد الاعلام
التابعين سمع ابن عباس وأبا هريرة.
439

وروى عنه مجاهد وعمر بن دينار، توفي حاجا بمكة قبل يوم التروية بيوم
وصلى عليه هشام بن عبد الملك وذلك في سنة 106 أو 104. قال ابن خلكان:
قال بعض العلماء مات طاوس بمكة فلم يتهيأ اخراج جنازته لكثرة الناس حتى
وجه إبراهيم بن هشام المخزومي أمير مكة بالحرس فلقد رأيت عبد الله بن الحسن
ابن الحسن بن علي بن أبي طالب يحمل السرير على كاهله وقد سقطت قلنسوة
كانت على رأسه ومزقت رداءه من خلفه ورأيت بمدينة بعلبك داخل البلد قبرا
يزار وأهل البلد يزعمون أنه الطاووس المذكور وهو غلط انتهى.
ولا يخفى عليك ان هذا الرجل من فقهاء العامة ومتصوفيهم ولم ينقل من
أحد من العلماء ما يدل على تشيعه نعم ذكره (ضا) في فقهاء أصحابنا الأمجاد
ورد عليه شيخنا في المستدرك في كلام طويل ليس هنا مجال نقله نعم عده الشيخ
في رجاله من أصحاب السجاد (عليه السلام) ولعله لما يروي عنه (عليه السلام) من العبادة
والمناجاة مع الله تعالى فقد روى ابن شهرآشوب عن طاووس قال: رأيت في الحجر
زين العابدين (عليه السلام) يصلي ويدعو (عبيدك ببابك وأسيرك بفنائك سائلك
ببابك يشكو إليك ما لا يخفى عليك).
اعلام الدين للديلمي روى أن طاووس اليماني قال: رأيت رجلا متعلقا
بأستار الكعبة وهو يقول:
الا أيها المأمول في كل حاجتي * شكوت إليك الضر فاسمع شكايتي
ألا يا رجائي أنت كاشف كربتي * فهب لي ذنوبي كلها واقض حاجتي
فزادي قليل لا أراه مبلغا * أللزاد أبكي أم لبعد مسافتي
أتيت بأعمال قباح ردية * فما في الورى خلق جنا كجنايتي
أتحرقني بالنار يا غاية المنى * فأين رجائي منك أين مخافتي
قال: فتأملته فإذ هو علي بن الحسين عليه السلام.
وفي الكشكول نقلا من الاحياء قال: قدم هشام بن عبد الملك حاجا أيام
440

خلافته فقال ائتوني برجل من الصحابة فقيل قد تفانوا قال فمن التابعين فأتى
بطاوس اليماني فلما دخل عليه خلع نعليه بحاشية بساطه ولم يسلم عليه بإمرة المؤمنين
بل قال السلام عليك ولم يكنه ولكن جلس بإزائه وقال كيف أنت يا هشام
فغضب هشام غضبا شديدا وقال يا طاوس ما الذي حملك على ما صنعت قال:
وما صنعت؟ فازداد غضبه فقال خلعت نعليك بحاشية بساطي ولم تسلم علي بإمرة المؤمنين
ولم تكنني وجلست بإزائي وقلت كيف أنت يا هشام فقال طاوس اما خلع
نعلي بحاشية بساطك فإني أخلعها بين يدي رب العزة كل يوم خمس مرات
ولا يغضب علي لذلك واما قولك لم نسلم علي بإمرة المؤمنين فليس كل الناس
راضين بإمرتك فكرهت ان أكذب واما قولك لم تكنني فان الله عز وجل سمى
أولياءه فقال يا داود ويا يحيى ويا عيسى وكنى أعداءه فقال (تبت يدا أبى لهب)
واما قولك جلست بإزائي فإني سمعت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)
يقول إذا أردت ان تنظر إلى رجل من أهل النار فانظر إلى رجل جالس وحوله
قوم قيام فقال هشام عظني فقال طاوس سمعت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)
يقول إن في جهنم حيات كالتلال وعقارب كالبغال تلذع كل أمير لا يعدل في
رعيته ثم قام وهرب انتهى.
(طباطبا)
لقب إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب
" عليه السلام " قال ابن خلكان: إنما قيل له ذلك لأنه كان يلثغ فيجعل القاف طاء
وطلب يوما ثيابه فقال له غلامه أجئ بدراعة فقال لا طباطبا يريد قباقبا فبقي
عليه لقبا واشتهر به (وممن ينسب إليه) أبو القاسم أحمد بن محمد بن إسماعيل بن
إبراهيم طباطبا الرسي المصري كان نقيب الطالبيين بمصر وكان من أكابر رؤسائها
وله شعر مليح في الزهد والغزل وغير ذلك توفي بمصر سنة 345 (شمه) والرسي
441

بفتح الراء والسين المشددة نسبة إلى بطن من بطون السادة العلوية (وينسب إليه)
أيضا أبو محمد عبد الله بن أحمد بن علي بن الحسن بن إبراهيم طباطبا الحجازي
الأصل المصري الدار والوفاة قال ابن خلكان كان طاهرا كريما فاضلا صاحب رباع
وضياع ونعمة ظاهرة وعبيد وحاشية كثير التنعم كان بدهليزه رجل يكسر اللوز
كل يوم من أول النهار إلى آخره برسم الحلواء التي ينفذها لأهل مصر من الأستاذ
كافور الأخشيدي إلى من دونه ويطلق للرجل المذكور دينارين في كل شهر أجرة
عمله فمن الناس من كان يرسل له الحلواء كل يوم ومنهم كل جمعة وهنهم كل شهر
وكان يرسل إلى كافور في كل يومين جامين حلوا ورغيفا في منديل مختوم فحسده
بعض الأعيان وقال لكافور الحلواء حسن فما لهذا الرغيف فإنه لا يحسن ان يقابلك
به فأرسل إليه كافور يجريني الشريف في الحلواء على العادة ويعفيني من الرغيف
فركب الشريف إليه وعلم أنهم قد حسدوه على ذلك وقصدوا ابطاله فلما اجتمع به
قال له أيدك الله انا لا ننفذ الرغيف تطاولا ولا تعاظما وإنما هي صبية حسنية
تعجنه بيدها وتخبزه فنرسله على سبيل التبرك فإذا كرهته قطعناه فقال كافور لا
والله لا تقطعه ولا يكون قوتي سواه فعاد إلى ما كان عليه من ارسال الحلاوة
والرغيف وتوفى سنة 348 (شمح) بمصر ودفن بقرافة مصر الصغرى وقبره معروف
مشهور بإجابة الدعاء وروي ان رجلا حج وفاتته زيارة النبي صلى الله عليه وآله فضاق صدره
لذلك فرآه صلى الله عليه وآله في نومه فقال له فاتتك الزيارة فزر قبر عبد الله بن أحمد بن طباطبا
وكان صاحب الرؤيا من أهل مصر.
وحكى بعض من له عليه احسان انه وقف على قبره وأنشد:
وخلفت الهموم على أناس * وقد كانوا بعيشك في كفاف
فرآه في نومه فقال قد سمعت ما قلت وحيل بيني وبين الجواب والمكافأة ولكن
صر إلى المسجد (مسجدي خ ل) وصل ركعتين وادع يستجب لك.
442

(الطبري)
ويقال له (عماد الدين الطبري) هو الشيخ أبو جعفر محمد بن الشيخ الثقة
الجليل أبى القسم علي بن محمد الآملي العالم الثقة الفقيه النبيه صاحب كتاب بشارة
المصطفى لشيعة المرتضى وغيره يروي عن الشيخ أبى علي بن شيخ الطائفة عن أبيه
ويروي عن القطب الراوندي وشاذان بن جبرائيل رضوان الله عليهم أجمعين.
وقد يطلق (الطبري) على الشيخ العالم الماهر الخبير المتكلم المحدث النحرير عماد الدين
الحسن بن علي بن محمد بن الحسن الطبري صاحب كتاب الكامل البهائي في السقيفة
المنسوب إلى الوزير المعظم بهاء الدين محمد بن شمس الدين محمد الجويني صاحب
الديوان في أيام هولاكو خان الذي كان نظير الصاحب بن عباد وللطبري المذكور
كتب كثيرة في الإمامة وغيرها وتاريخ ختم كتاب الكامل سنة 675 (خعه) وقد
يطلق على محمد بن جرير وقد تقدم في ابن جرير ويأتي في الطبرسي ما يتعلق بالطبري
(الطبراني)
أبو القسم سليمان بن أحمد بن أيوب بن مطير مصغرا اللخمي أحد حفاظ
أهل السنة رحل في طلب الحديث من الشام إلى العراق والحجاز واليمن ومصر
وغيرها وسمع الكثير وعد شيوخه الف شيخ ويقال له مسند الدنيا يروي عنه
أبو نعيم الأصبهاني وله مصنفات أشهرها المعاجم الثلاثة وهي أشهر كتبه مولده
بطبرية الشام سنة 260 (سر) وسكن أصبهان إلى أن توفى بها في قع سنة 360
وصلى عليه أبو نعيم ودفن بقرب حممة الدوسي الصحابي وحكي عن جعفر بن
أبي السري قال سألت ابن عقدة ان يعيد لي فوتا وشددت فقال من أين أنت قلت
من أصبهان قال ناصبة فقلت لا تقل هذا فيهم فقهاء متشيعة فقال شيعه معاوية
قلت بل شيعة علي " عليه السلام " وما فيهم إلا من علي أعز عليه من عينه وأهله فأعاد علي
ما فاتني ثم قال لي سمعت من سليمان بن أحمد اللخمي وهو الطبراني فقلت لا أعرفه
443

فقال يا سبحان الله أبو القاسم ببلدكم وأنت لا تسمع منه وتؤذيني هذا الأذى
له نصيرا انتهى.
والطبراني منسوب إلى طبرية وهي بليدة من اعمال الأردن بقرب دمشق
واللخمي بفتح اللام وسكون الخاء المعجمة نسبه إلى لخم أبى جذام.
(الطبرسي)
فخر العلماء الاعلام امين الملة والاسلام أبو علي الفضل بن الحسن بن الفضل
الطبرسي ابن الفضل وأبوه والمذعن بفضله أعداؤه ومحبوه الفقيه النبيه الثقة الوجيه
العالم الكامل المفسر العظيم الشأن صاحب كتاب مجمع البيان الذي قال في حقه الشيخ
الشهيد (ره) هو كتاب لم يعمل مثله في التفسير وله الوسيط والوجيز والجوامع
وإعلام الورى وغيرها كان من أجلاء الطائفة الإمامية انتقل من المشهد الرضوي " عليه السلام "
إلى سبزوار سنة 523 (ثكج) وتوفي في سبزوار سنة 548 وحمل نعشه إلى المشهد
الرضوي سلام الله على مشرفه ودفن في مغتسل الرضا " عليه السلام " وقبره مزار معلوم
الآن بمقبرة قتلكاه وابنه أبو نصر الحسن بن الفضل بن الحسن رضي الدين فاضل
كامل فقيه محدث جليل صاحب مكارم الأخلاق وابنه الشيخ الأجل أبو الفضل علي
ابن الحسن بن الفضل بن الحسن المحدث الجليل صاحب كتاب مشكاة الأنوار
الذي ألفه تتميما لكتاب والده مكارم الأخلاق وينقل عنه السيد ابن طاوس في المجتنى
والشيخ الكفعمي في المصباح وأغلب اخباره منقولة من كتب المحاسن وفي أواخره
حديث عنوان البصري الذي تقدم في البصري وقد يطلق الطبرسي على الشيخ العالم
الفاضل الكامل النبيل الفقيه المحدث الثقة الجليل أبى منصور أحمد بن علي بن أبي طالب
الطبرسي صاحب كتاب الاحتجاج على أهل اللجاج وهو كتاب معروف فعن
(ض) نقلا عن المجلسي (ره) انه قال وكتاب الاحتجاج وان كان أكثر اخباره
مراسيل لكنه من الكتب المعروفة وقد اثنى السيد ابن طاوس على الكتاب وعلى
444

مؤلفه وقد اخذ عنه أكثر المتأخرين قال (ض) وكثيرا ما ينقل الشهيد في شرح
الارشاد فتاواه وأقواله انتهى.
وله الكافي في الفقه وفضائل الزهراء عليها السلام وغير ذلك وهو من مشايخ
ابن شهرآشوب المتوفى سنة 588 ويروي عن السيد العالم العابد الفقيه الورع مهدي
ابن أبي حرب الحسيني المرعشي عن الدرويستي وأبى علي بن شيخ الطائفة عن أبيه
قدس الله أرواحهم وقد يطلق الطبرسي على شيخنا الاجل ثقة الاسلام الحاج
ميرزا حسين بن العلامة محمد تقي النوري الطبرسي صاحب مستدرك الوسائل شيخ
الاسلام والمسلمين مروج علوم الأنبياء والمرسلين " عليه السلام " الثقة الجليل والعالم الكامل
النبيل المتبحر الخبير والمحدث الناقد البصير ناشر الآثار وجامع شمل الاخبار
صاحب التصانيف الكثيرة الشهيرة والعلوم الغزيرة الباهر بالرواية والدراية والرافع
لخميس المكارم أعظم راية وهو أشهر من أن يذكر وفوق ما تحوم حوله العبارة
كان شيخي الذي اخذت عنه في بدء حالي وأنضيت إلى موائد فوائده بعملات
رحالي فوهبني من فضله مالا يضيع وحنى علي حنو الظئر على الرضيع فعادت علي
بركات أنفاسه واستضأت من ضياء نبراسه فما يسفح قلمي انما هو من فيض بحاره
وما ينفح بها كلمي من نسيم أسحاره:
هربوي كه از مشك وقرنفل شنوي * ازدولت ان زلف چه سنبل شنوي
لازمت خدمته برهة من الدهر في السفر والحضر وكنت استفيد من جنابه
في البين إلى أن نعب بيننا غراب البين فطوى الدهر ما نشر والدهر ليس بمأمون على
بشر فتوفي في أواخر ج 2 سنة 1320 ودفن في جوار أمير المؤمنين " عليه السلام " في
الصحن الشريف، وكتب هو رحمه الله ترجمة نفسه في آخر المستدرك يروي عن
جماعة من أكابر العلماء الاعلام لا مجال لذكرهم رضوان الله تعالى عليهم أجمعين من
أراد ذلك فليراجع المستدرك، قال ابن خلكان: في ترجمة أبى علي الحسن بن القاسم
الطبري الفقيه الشافعي صاحب الافصاح في الفقه والعدة المتوفى ببغداد سنة 250
445

الطبري هذه النسبة إلى طبرستان وهي ولاية كبيرة يشتمل على بلاد كثيرة
أكبرها آمل خرج منها جماعة من العلماء وقال في ترجمة أحمد بن أبي احمد المعروف
بابن القاص الطبري الفقيه الشافعي الذي يقال انه مات في مجلس وعظه بطرسوس
من الرقة والخشية سنة 335 (طبرستان) بفتح الطاء المهملة وفتح الموحدة
والراء المهملة وسكون السين المهملة إقليم متسع ببلاد العجم يجاور خراسان
وله كرسيان سارية وآمل وهو منيع بالأودية والحصون انتهى ملخصا.
قيل إن الطبرستان مركب من الطبر واستان والطبر بالفارسية
ما يقطع به الحطب ونحوه واستان الناحية أي بلاد الطبر وطبرستان هي المعروفة
الآن بمازندران بل قد يقال على جميع تلك الناحية فيشمل استراباد وجرجان
وغيرها وهي واقعة على طرف بحر الخزر ويقال لها بحيرة طبرستان.
(الطحان)
أبو جعفر محمد بن مسلم بن رباح الكوفي الطائفي الثقفي كان من فقهاء
أصحاب الباقر " عليه السلام " والاعلام والرؤساء المأخوذ عنهم الحلال والحرام والفتيا
والاحكام الذين لا يطعن عليهم ولا طريق إلى ذم واحد منهم وهم أصحاب الأصول
المدونة والمصنفات المشهورة وقال (جش) في حقه وجه أصحابنا بالكوفة فقيه ورع
صحب أبا جعفر وأبا عبد الله " عليه السلام " وروى عنهما وكان من أوثق الناس له كتاب
يسمى الأربعمائة مسألة في أبواب الحلال والحرام إلى أن قال ومات سنة 150.
(أقول) وقد وردت روايات كثيرة في مدحه وانه ممن أجمعت العصابة
على تصحيح ما يصح عنه وانه من حواري الباقرين " عليه السلام " وانه ويريد بن معاوية
وليث بن البختري وزرارة بن أعين أوتاد الأرض وأعلام الدين أربعة نجباء امناء
الله على حلاله وحرامه لولا هؤلاء انقطعت آثار النبوة واندرست وقال الصادق
عليه السلام ما أحد أحيى ذكرنا وأحاديث أبى إلا زرارة وأبو بصير ليث المرادي
ومحمد بن مسلم ويريد بن معاوية العجلي ولولا هؤلاء ما كان أحد يستنبط هذا،
446

هؤلاء حفاظ الدين وأمناء أبى على حلال الله وحرامه وهم السابقون إلينا في الدنيا
والسابقون إلينا في الآخرة.
وروي عن ابن أبي يعفور قال قلت لأبي عبد الله " عليه السلام " انه ليس بكل ساعة
ألقاك ولا يمكنني القدوم ويجيئ الرجل من أصحابنا ويسألني وليس عندي كلما
يسألني عنه قال فما يمنعك عن محمد بن مسلم الثقفي فإنه قد سمع من أبى وكان عنده
مرضيا وجيها وعن جرير عن محمد بن مسلم قال ما شجر في رأيي شئ قط إلا
سألت عنه أبا جعفر " عليه السلام " حتى سألته عن ثلاثين ألف حديث وسألت أبا عبد الله
عليه السلام عن ست عشر ألف حديث (كش) عن الطيالسي قال كان محمد بن مسلم من
أهل الكوفة يدخل على أبى جعفر " عليه السلام " فقال أبو جعفر بشر المخبتين وكان محمد بن
مسلم رجلا موسرا جليل فقال أبو جعفر " عليه السلام " تواضع فاخذ قوصرة تمر فوضعها
على باب المسجد وجعل يبيع التمر فجاء قومه فقالوا فضحتنا فقال امرني مولاي
بشئ فلا أبرح حتى أبيع هذه القوصرة فقالوا أما إذا أبيت إلا هذا فاقعد في
الطحانين ثم سلموا إليه رحى فقعد على بابه وجعل يطحن.
(الطحاوي)
أبو جعفر أحمد بن محمد بن سلامة الأزدي الطحاوي الفقيه الحنفي كان ابن
أخت المزني النحوي وكان شافعيا يقرأ على المزني وكان يكتب في كتب أبي حنيفة
فقال له المزني يوما والله لا جاء منك شئ فغضب واختار مذهب أبي حنيفة فانتقل
إلى أبى جعفر بن أبي عمران الحنفي فاشتغل عليه له كتاب احكام القرآن واختلاف
العلماء وتاريخ كبير، توفي بمصر سنة 321 (شكا) والطحاوي نسبة إلى طحا كدحا
قرية بصعيد مصر وعن لب الألباب للسيوطي قال إنه ليس من طحابل من
طحطوحة قرية بقرب طحا (والأزدي) نسبة إلى الأزد كأرض قبيلة كبيرة
مشهورة من قبائل اليمن وروى في مدحهم عن أمير المؤمنين " عليه السلام " هذه الاشعار:
الأزد سيفي على الأعداء كلهم * وسيف احمد من دانت له العرب
447

قوم إذا فاجئوا أوفوا وإن غلبوا * لا يجمحون ولا يدرون ما الهرب
قوم لبوسهم في كل معترك * بيض رقاق وداودية سلبوا
(الأبيات)
(الطرطوشي) انظر ابن أبي رندقه
(الطريحي)
مصغرا الشيخ فخر الدين بن محمد علي بن أحمد بن علي بن أحمد بن طريح
النجفي الرماحي العالم الفاضل المحدث الورع الزاهد العابد الفقيه الشاعر الجليل صاحب
كتاب مجمع البحرين والمنتخب في المقتل والفخرية في الفقه وشرح النافع وجامع
المقال في تمييز المشتركات من الرجال وغير ذلك قالوا كان أعبد أهل زمانه وأورعهم
يروي عن شيخه محمد بن حسام المشرقي عن الشيخ البهائي ويروي عنه ابنه العالم
صفي الدين والسيد هاشم البحراني والعلامة المجلسي (ره) توفي بالرماحية سنة 1085
(غفه) يحكي عن صاحب الرياض قال اتفق اجتماعي معه في حداثة عمري في سفر
زيارتي الأول في جامع الكوفة في سنة 1080 (تخمينا) وكان يعتكف بذلك المسجد
في شهر رمضان وكانت هو وولده الشيخ صفي الدين وأولاد أخيه وأقرباؤه علماء
انتهى، وكان جده الشيخ احمد من أهل العلم وكان بينه وبين الشيخ بهاء الدين
العاملي مراسلات وأعقب ثلاثة أولاد كانوا علماء أفاضل وهم الشيخ جمال الدين
والد حسام الدين والشيخ محمد حسين الشيخ محمد علي والد الشيخ فخر الدين
رضوان الله عليهم أجمعين، ومن أحفاد الطريحي الشيخ نعمة بن الشيخ علاء الدين
ابن امين الدين بن محيي الدين بن صفي الدين بن فخر الدين الطريحي النجفي.
كان من الفضلاء ولد بالنجف سنة 1207 ونشأ بها واشتغل بالعلوم الشرعية
والآداب العربية حتى اخذ بها حظه فألف كتبا في الفقه والحديث والرجال منها
مجمع المقال في الرجال توفى سنة 1293.
448

(الطغرائي)
مؤيد الدين أبو إسماعيل الحسين بن علي بن محمد الأصبهاني فخر الكتاب
المنشئ الشيعي الامامي ذكره شيخنا الحر العاملي في (مل) وقال فاضل عالم صحيح
المذهب شاعر أديب قتل ظلما وقد جاوز ستين سنة وشعره في غاية الحسن ومن
جملته لامية العجم المشتملة على الآداب والحكم وهي أشهر من أن يذكر وله ديوان
شعر جيد ثم ذكر بعض اشعاره انتهى.
وذكره ابن خلكان في كتابه وأثنى عليه وقال إنه كان غزير الفضل لطيف
الطبع فاق أهل عصره بصنعة النظم والنثر وذكر قتله (ملخصا) انه كان وزير
السلطان مسعود بن محمد السلجوقي بالموصل وانه لما رجى بينه وبين أخيه السلطان
محمود المصاف بالقرب من همدان وكانت النصرة لمحمود فأول من اخذ الطغرائي
المذكور فأخبر به وزير محمود نظام الدين علي فقال له الشهاب أسعد وكان طغرائيا
في ذلك الوقت هذا الرجل ملحد فقال وزير محمود من يكن ملحدا يقتل فقتل ظلما
وقد كانوا خافوا منه لفضله فاعتمدوا قتله بهذه الحجة وكانت هذه الواقعة سنة
513 وقيل 514 أو غير ذلك ومن محاسن شعره قصيدته المعروفة بلامية العجم
وكان عملها ببغداد في سنة 505 يصف حاله ويشكو زمانه ثم ذكر ابن خلكان
القصيدة ونحن نكتفي ها هنا ببعض اشعارها فإنها قصيدة فائقة اعتنى بها الفضلاء
ويجري ذكرها في أندية الأدباء وهي:
أصالة الرأي صانتني عن الخطل * وحلية الفضل زانتني لدى العطل
مجدي أخيرا ومجدي أولا شرع
والشمس رأد الضحى كالشمس في الطفل
فيم الإقامة بالزوراء لا سكني * بها ولا ناقتي فيها ولا جملي
449

إلى قوله:
لو كان في شرف المأوى بلوغ منى * لم تبرح الشمس يوما دارة الحمل
أعلل النفس بالآمال أرقبها * ما أضيق العيش لولا فسحة الامل
لم ارض بالعيش والأيام مقبلة * فكيف أرضى وقد ولت على عجل
غالى بنفسي عرفاني بقيمتها * فصنتها عن رخيص القدر مبتذل
وعادة النصل ان يزهي بجوهره * وليس يعمل إلا في يدي بطل
ما كنت أوثر ان يمتد بي عمري * حتى أرى دولة الأوغاد والسفل
تقدمتني أناس كان شوطهم * وراء خطوى إذا أمشي على مهل
هذا جزاء امرء أقرانه درجوا * من قبله فتمنى فسحة الاجل
وان علاني من دوني فلا عجب * لي أسوة بانحطاط الشمس عن زحل
فاصبر لها غير محتال ولا ضجر * في حادث الدهر ما يغني عن الحيل
أعدى عدوك أدنى من وثقت به * فحاذر الناس واصحبهم على وجل
وإنما رجل الدنيا وواحدها * من لا يعول في الدنيا على رجل
وحسن ظنك بالأيام معجزة * فظن شرا وكن منها على وجل
غاض الوفاء وفاض الغدر وانفرجت * مسافة الخلف بين القول والعمل
وشان صدقك عند الناس كذبهم * وهل يطابق معوج بمعتدل
فيم اقتحامك لج البحر تركبه * وأنت يكفيك منه مصة الوشل
ملك القناعة لا يخشى عليه ولا * يحتاج فيه إلى الأنصار والخول
ترجو البقاء بدار لا بقاء لها * فهل سمعت بظل غير منتقل
ويا خبيرا على الاسرار مطلعا * اصمت ففي الصمت منجاة من الزلل
والطغرائي بضم الطاء وسكون الغين المعجمة نسبة إلى من يكتب الطغرى وهي
الطرة التي تكتب في أعلى الكتب فوق البسملة بالقلم الغليظ ومضمونها نعوت الملك
الذي صدر الكتاب عنه وهي لفظة أعجمية.
450

(الطنطراني)
معين الدين أبو نصر أحمد بن عبد الرزاق صاحب القصيدة الطنطرانية المجنسة:
يا خلي البال قد بلبلت بالبلبال بال
بالنوى زلزلتني والعقل في الزلزال زال
وهي قصيدة ترصيفية مجنسة لم يجنس على منوالها مدح بها نظام الملك وزير
السلطانين السلجوقيين ألب أرسلان وملكشاه توفى سنة 485 (تفه).
(الطوسي) انظر الشيخ الطوسي
(الطيالسي)
أبو عبد الله محمد بن خالد التميمي روى عنه علي بن الحسن بن فضال وسعد
ابن عبد الله كان يسكن بالكوفة في صحراء جرام له كتاب نوادر روى عنه حميد
أصولا كثيرة توفي ج 2 سنة 259 وهو ابن 97 سنة وابنه أبو العباس عبد الله بن
محمد بن خالد الذي قالوا في حقه رجل من أصحابنا ثقة سليم الجنبة وكذلك أخوه
أبو محمد الحسن وابن الطيالسي هو أحمد بن العباس النجاشي الصيرفي يكنى أبا يعقوب
سمع منه التلعكبري سنة 335 وله منه إجازة وكان يروى دعاء الكامل ومنزله كان
في درب البقر قاله الشيخ الطوسي.
(الطيبى)
بكسر الطاء والموحدة بعد المثناة التحتانية الحسن بن محمد بن عبد الله
الفاضل المحدث المفسر له شرح على كتاب الكشاف والمشكاة والمصابيح وله
الخلاصة في علم الدراية وغير ذلك قيل إنه كان آية في استخراج الدقائق من القرآن
والسنن مقبلا على نشر العلم متواضعا شديد الرد على الفلاسفة مظهرا فضائحهم مع
استيلائهم حينئذ وكان يشتغل في التفسير من البكرة إلى الظهر وفي الحديث من
الظهر إلى العصر وكان كثير الحياء وكان يعير الكتب النفيسة لأهل بلده وغيرهم من يعرف
451

ومن لا يعرف وكان محبا لمن عرف منه تعظيم الشريعة وكان ذا ثروة من الإرث
والتجارة، فلم يزل ينفقها في وجوه الخيرات حتى صار في آخر عمره فقيرا،
توفي 23 (شع) سنة 743 (ذمج).
وذكر في الخلاصة حكاية يعجبني إيرادها هنا، قال: قال جعفر بن محمد
الطالبي: صلى أحمد بن حنبل ويحيى بن معين في مسجد الرصافة فقام بين أيديهما
قاص فقال: حدثنا أحمد بن حنبل ويحيى بن معين قالا حدثنا عبد الرزاق قال حدثنا
معمر عن قتادة عن انس قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) من قال لا إله إلا الله يخلق من كل
كلمة منها طائر منقاره من ذهب وريشه مرجان واخذ في قصة من نحو عشرين ورقة
فجعل احمد ينظر إلى يحيى ويحيى ينظر إلى احمد فقال أنت حدثته بهذا فقلت
ما سمعت بهذا إلا هذه الساعة قال فسكتا جميعا حتى فرغ فقال يحيى بيده ان تعال
فجاء متوهما لنوال يجيزه فقال له يحيى من حدثك بهذا فقال له أحمد بن حنبل
ويحيى بن معين فقال انا ابن معين وهذا أحمد بن حنبل ما سمعنا بهذا قط في
حديث رسول الله صلى الله عليه وآله فان كان ولا بد لك من الكذب فعلى غيرنا فقال له أنت
يحيى بن معين قال نعم قال لم أزل اسمع ان يحيى بن معين أحمق وما علمته إلى
هذه الساعة قال له يحيى وكيف علمت اني أحمق قال كأنه ليس في الدنيا يحيى
ابن معين وأحمد بن حنبل غير كما كتبت عن سبعة عشر أحمد بن حنبل غير هذا قال
فوضع احمد كمه على وجهه وقال دعه يقوم فقام كالمستهزئ بهما انتهى.
(الطيار)
محمد بن عبد الله الطيار وحمزة ابنه كان من أصحاب أبي عبد الله " عليه السلام "
شديد الخصومة عن أهل البيت " عليه السلام " وكان في المناظرة كالطير يقع ويقوم (كش)
عن هشام بن سالم قال كنا عند أبي عبد الله " عليه السلام " جماعة من أصحابه فورد رجل
من أهل الشام فاستأذن فأذن له فلما دخل سلم فأمره أبو عبد الله " عليه السلام " بالجلوس ثم
452

لأناظرك فقال أبو عبد الله " عليه السلام " فيما ذا قال في القرآن وقطعه واسكانه وخفضه
ونصبه ورفعه (الخبر) وملخصه انه " عليه السلام " أحاله على حمران فقال إن غلبت على
حمران فقد غلبتني فغلبه حمران ثم قال الشامي للصادق " عليه السلام " أناظرك في العربية
فقال يا أبان بن تغلب ناظره فناظره فما ترك الشامي يكشر (1) ثم قال الشامي أريد
ان أناظرك في الفقه فقال يا زرارة ناظره فناظره فما ترك الشامي يكشر ثم قال
أريد ان أناظرك في الكلام فقال يا مؤمن الطاق ناظره فناظره فسجل الكلام بينهما
ثم غلبه مؤمن الطاق ثم قال أريد ان أناظرك في الاستطاعة فقال للطيار كلمه فما
ترك يكشر فقال أريد ان أناظرك في التوحيد فقال لهشام بن سالم كلمه فسجل
الكلام بينهما ثم خصمه هشام فقال أريد ان أتكلم في الإمامة فقال لهشام بن الحكم
كلمه يا با الحكم فكلمه ما ترك يرتم (أي يتكلم) ولا يحلى ولا يمر فبقي يضحك
أبو عبد الله " عليه السلام " حتى بدت نواجذه فقال الشامي كأنك أردت ان تخبرني ان
في شيعتك مثل هؤلاء الرجال قال هو كذلك إلى أن قال فقال قد أفلح من جالسك
وقال اجعلني من شيعتك وعلمني فقال أبو عبد الله " عليه السلام " لهشام علمه فاني أحب
ان يكون تلميذا لك.
(الظاهري)
أبو سليمان داود بن علي بن خلف الأصبهاني الشافعي قال ابن خلكان كان
زاهدا متقللا اخذ العلم عن ابن راهويه وأبى ثور وغيرهما وكان من أكثر الناس
تعصبا للامام الشافعي وصنف في فضائله والثناء عليه كتابين وكان صاحب مذهب
مستقل وتبعه جمع كثير يعرفون بالظاهرية وكان ولده أبو بكر محمد بن داود على
مذهبه وانتهت إليه رئاسة العلم ببغداد وهو إمام أصحاب الظاهر إلى أن قال وكان
داود من عقلاء الناس قال أبو العباس ثعلب في حقه كان عقل داود أكثر من

(1) كشر عن أسنانه أبدى يكون في الضحك وغيره
453

قال له ما حاجتك أيها الرجل قال بلغني انك عالم بكل ما تسئل عنه فصرت إليك
علمه وكان يقول خير الكلام ما دخل الاذن بغير اذن وكان مولده بالكوفة سنة
202 (رب) ونشأ ببغداد وتوفي بها سنة 270 (رع) ودفن بالشونيزية قال ولده
أبو بكر محمد رأيت أبى داود في المنام فقلت له ما فعل الله بك فقال غفر لي وسامحني
فقلت غفر لك ففيم سامحك فقال يا بني الامر عظيم والويل كل الويل لمن لم يسامح
واصله من أصبهان حكي انه لما مات داود وجلس ولده أبو بكر محمد في مجلسه
استصغروه فدسوا إليه رجلا وقالوا له سله عن حد السكر فاتاه الرجل فسأله عن
السكر ما هو ومتى يكون الانسان سكرانا فقال إذا عزبت عنه الهموم وباح بسره
المكتوم فاستحسن ذلك منه وعلم موضعه من العلم توفي سنة 297 (زصر) انتهى
ملخصا ولا يخفى ان أبا سليمان داود الظاهري غير أبي سليمان داود الطائي فإنه داود
ابن نصير الطائي الكوفي سمع الأعمش وابن أبي ليلى وروى عنه أبو نعيم الفضل ابن
دكين وغيره وكان ممن شغل نفسه بالعلم ودرس الفقه وغيره من العلوم ثم اختار
بعد ذلك العزلة وآثر الانفراد والخلوة ولزم العبادة واجتهد فيها إلى آخر عمره
وقد بغداد في أيام المهدي ثم عاد إلى الكوفة وبها كانت وفاته ذكره الخطيب في
تاريخ بغداد وحكى من زهده وورعه وطول تعبده واجتهاده في مخالفة النفس
حكايات كثيرة ليس مجال نقلها هنا توفي سنة 165.
(العاصمي)
أحمد بن محمد بن عاصم أحد وكلاء الناحية المقدسة الذي تشرف بلقاء مولانا
الحجة ابن الحسن صاحب الزمان " عليه السلام " وقال الشيخ الطوسي كما عن (ست) احمد
ابن محمد بن عاصم أبو عبد الله هو ابن أخي علي بن عاصم المحدث ويقال له العاصمي
ثقة في الحديث سالم الجنبة أصله الكوفة وسكن بغداد وروى عن شيوخ الكوفيين
وله كتب منها كتاب النجوم الخ.
454

(العاضد)
أبو محمد عبد الله بن يوسف بن الحافظ آخر ملوك مصر من العبيديين الذين
يقال لهم الخلفاء الفاطمية ويأتي ذكرهم في العبيدية.
(العالم الرباني) انظر ابن ميثم
(البعدى)
سفيان بن مصعب العبدي الشاعر الكوفي روى عن أبي عبد الله " عليه السلام " قال
يا معشر الشيعة علموا أولادكم شعر العبدي فإنه علي دين الله ومن شعره في المناقب:
وقالوا رسول الله ما اختار بعده * إماما ولكنا لأنفسنا اخترنا
أقمنا إماما ان أقام على الهدى * أطعنا وان ضل الهداية قومنا
فقلنا إذا أنتم امام إمامكم * بحمد من الرحمن تهتم ولا تهنا
ولكننا اخترنا الذي اختار ربنا * لنا يوم خم ما اعتدينا ولا حلنا
سيجمعنا يوم القيامة ربنا * فتجزون ما قلتم ونجزى الذي قلنا
ونحن على نور من الله واضح * فيارب زدنا منك نورا وثبتنا
(العبيدية)
الذين أظهروا مذهب التشيع في الديار المصرية ويقال لهم الخلفاء الفاطمية وهم
أربعة عشر أولهم عبيد الله المهدي وآخرهم العاضد ومدة خلافتهم من سنة 296
(صور) إلى أن توفي العاضد سنة 567 اثنين وسبعين ومائتين فلنذكرهم مختصرا:
(أولهم) أبو محمد عبيد الله الملقب بالمهدي ابن محمد بن عبد الله بن ميمون
ابن محمد بن إسماعيل بن الإمام جعفر الصادق " عليه السلام " وقيل هو عبيد الله التقي بن
الوفي بن الرضي وهؤلاء الثلاثة يقال لهم المستورون في ذات الله وإنما استتروا
خوفا على أنفسهم لانهم كانوا مطولبين من جهة الخلفاء العباسية وبالجملة هو أول
من قام بهذا الامر وادعى الخلافة بالمغرب وكان داعيه أبا عبد الله الشيعي
455

وبنى المهدية بإفريقية توفى بها سنة 322 فقام بالامر بعده ولده.
(2) أبو القاسم محمد الملقب بالقائم ويدعى نزار بن المهدي جهزه أبوه إلى
مصر ليأخذها مرتين المرة الأولى في 18 ذي الحجة سنة 301 فوصل إلى
الإسكندرية فملكها والفيوم وصار في يده أكثر خراج مصر والمرة الثانية في سنة
307 وتوفي بالمهدية سنة 334 (شلد) فقام بالامر بعده ولده.
(3) إسماعيل المنصور بن القائم بويع يوم وفاة أبيه وكان بليغا فصيحا
يرتجل الخطب وكان أبوه قد ولاه محاربة أبى يزيد الخارجي وكان أبو يزيد مخلد
ابن كيداد رجلا من الأباضية يظهر التزهد ولا يركب غير الحمار ولا يلبس إلا
الصوف وله مع القائم وقائع كثيرة وملك جميع مدن القيروان ولم يبق للقائم إلا
المهدية فحاصرها أبو يزيد فهلك القائم ثم تولى المنصور فاستمر على محاربته وأخفى
موت والده حتى رجع أبو يزيد عن المهدية فخرج المنصور عليه فهزمه ووالى عليه
الهزائم إلى أن أسره في المحرم سنة 336 فمات بعد أسره بأربعة أيام من جرح
كانت به فامر بسلخه وحشا جلده قطنا وصلبه وبنى مدينة في موضع الواقعة
وسماها المنصورية وكان المنصور شجاعا رابط الجاش بليغا ذكر أبو جعفر احمد
ابن محمد المروروذي قال خرجت مع المنصور يوم هزم أبا يزيد فسايرته وبيده
رمحان فسقط أحدهما مرارا فمسحته وناولته إياه وتفألت له فأنشدته:
فألقت عصاها واستقر بها النوى * كما قر عينا بالإياب المسافر
فقال ألا قلت ما هو خير من هذا وأصدق (وأوحينا إلى موسى ان الق عصاك
فإذا هي تلقف ما يأفكون فوقع الحق وبطل ما كانوا يعملون فغلبوا هنالك وانقلبوا
صاغرين) فقلت يا مولانا أنت ابن رسول الله قلت ما عندك من العلم توفى آخر
شوال سنة 341 (شام) ودفن بالمهدية فقام بالامر بعده ابنه.
(4) المعز لدين الله أبو تميم معد بن إسماعيل المنصور فجلس على سرير
ملكه ودخل عليه الخاصة وكثير من العامة وسلموا عليه بالخلافة وكان مظهرا
456

للتشيع معظما لحرمة الاسلام حليما كريما حازما سريا يرجع إلى الانصاف ويجرى
على أحسن احكامه فخرج إلى بلاد إفريقية يطوف بها ليمهد قواعدها فانقاد له
العصاة من أهل تلك البلاد ودخلوا في طاعته ثم جهز القائد أبا الحسن جوهر بن
عبد الله إلى الديار المصرية ليأخذها بعد موت ملكها الأستاذ كافور الأخشيدي
وسير معه العساكر فسار من إفريقية على جيش كثيف وذلك في سنه 358 (شنح)
فتم له فتحها وتسلم مصر 18 (شع) من السنة المذكورة وصعد المنبر خطيبا ودعا
لمولاه المعز قال ابن خلكان وقطع خطبة بني العباس عن منابر الديار المصرية
وكذلك اسمهم من السكة وعوض عن ذلك باسم مولاه المعز وأزال الشعار الأسود
والبس الخطباء الثياب البيض وجعل يجلس بنفسه في كل يوم سبت للمظالم بحضرة
الوزير والقاضي وجماعة من أكابر الفقهاء وفي يوم الجمعة الثامن من (قع) أمر جوهر
بالزيادة عقيب الخطبة اللهم صل على محمد المصطفى وعلى علي المرتضى وعلى فاطمة
البتول وعلى الحسن والحسين سبطي الرسول الذين اذهب الله عنهم الرجس وطهرهم
تطهيرا، اللهم وصل على الأئمة الطاهرين آباء أمير المؤمنين وفي يوم الجمعة ثامن عشر
ع 2 سنة 359 (شنط) صلى القائد في جامع ابن طولون بعسكر كثير وخطب
عبد السميع ابن عمر العباسي الخطيب وذكر أهل البيت عليهم السلام وفضائلهم ودعا
للقائد وجهر القراءة ببسم الله الرحمن الرحيم وقرأ سورة الجمعة والمنافقون في
الصلاة وأذن بحي على خير العمل (1) إلى أن قال: وشرع في عمارة الجامع
بالقاهرة وفرغ من بنائه في 17 (مض) سنة 361 وجمع فيه الجمعة وهذا الجامع
هو المعروف بالأزهر.
قال ابن خلكان واستمر على علو منزلته وارتفاع درجته متوليا للأمور

(1) حكي عن تاريخ الخلفاء للسيوطي قال: في سنة 360 أعلن المأذنون
بدمشق بحي على خير العمل بأمر جعفر بن صلاح نائب دمشق للمعز بالله ولم
يجرأ أحد على مخالفته.
457

إلى يوم الجمعة 17 محرم سنة 364 فعزله المعز عن دواوين مصر وجباية أموالها
والنظر في أحوالها وكان محسنا إلى الناس إلى أن، توفي سنة 381 (شفا)
وكانت وفاته بمصر ولم يبق شاعر الا رثاه وذكر مآثره، وتوفي المعز بالقاهرة
سنة 365 (سشه) واليه تنسب القاهرة فيقال القاهرة المعزية لأنه بناها القائد
للمعز (فقام) بالامر بعده ابنه.
5 - العزيز بالله أبو منصور نزار بن معد وكان كريما شجاعا حسن العفو
عند القدرة، قال ابن خلكان كان محبا للصيد مغرى به وكان أديبا فاضلا ذكره
الثعالبي في يتيمة الدهر وأورد له اشعارا قاله في بعض الأعياد وقد وافق موت
بعض أولاده وعقد عليه المأتم وهو:
نحن بنو المصطفى ذوو محن * يجرعها في الحياة كاظمنا
عجيبة في الأنام محنتنا * أو لنا مبتلى وخاتمنا
يفرح هذا الورى بعيدهم * ونحن أعيادنا مآتمنا
وزادت مملكته على مملكة أبيه وفتحت له حمص وحماة وشيزر وحلب
وخطب له المقلد بن المسيب العقيلي صاحب الموصل بالموصل في المحرم سنة 382
وضرب اسمه على السكة والبنود وخطب له باليمن ولم يزل في سلطانه إلى أن توفي
سنة 686 (خوف) ودفن عند أبيه المعز وكان أخوه أبو علي تميم بن المعز فاضلا
شاعرا ذكره ابن خلكان في تاريخه (فقام) بالامر بعده ابنه.
6 - الحاكم بأمر الله أبو علي المنصور بن نزار وقد تقدم ذكره وذكر
مختصر من سيرته في الحاكم وذكرنا انه فقد سنة 411 (تيا) فوجدت ثيابه
وفيها آثار السكاكين (فقام) بالامر بعده ابنه.
7 - الظاهر لاعزاز دين الله أبو هاشم علي بن المنصور وجرت له أمور
وأسباب تضعضعت دولته واستوزر نجيب الدولة أبا القاسم علي بن أحمد الجرجاني
العراقي وكان اقطع اليدين من المرفقين قطعهما الحاكم والد الظاهر ولما استوزر
458

كان يكتب عنه القاضي القضاعي صاحب كتاب الشهاب واستعمل في وزارته
العفاف والأمانة والاحتراز والتحفظ إلى أن توفي الظاهر منتصف شعبان
سنة 427 (تكز)، (فقام) بالامر بعده ابنه.
8 - المستنصر بالله أبو تميم معد بن علي وجرى في أيامه ما لم يجر لأحد
من أهل بيته منها قصة البساسيري فإنه لما عظم امره وكبر شأنه ببغداد قطع
خطبة القائم الخليفة العباسي وخطب للمستنصر الفاطمي وقد تقدم في البساسيري
وكان أمير الجيوش بدر الجمالي الذي استنابه المستنصر بمدينة صور وعكا يعد في
ذوي الآراء والشهامة وقوة العزم فلما ضعف حال المستنصر واختلت دولته
استدعاه فوصل إلى القاهرة سنة 466 ولاه المستنصر تدبير أموره وقامت
بوصوله الحرية وأصلح الدولة وكان وزير السيف والقلم وساس الأمور أحسن
سياسة ويقال ان وصوله كان أول سعادة المستنصر ولم يزل كذلك إلى أن
توفي سنة 487 وهو الذي بنى الجامع بثغر الإسكندرية وبنى مشهد الرأس
بعسقلان وأقام المستعلي بن المستنصر شاهنشاه الأفضل بن أمير الجيوش مقام أبيه
وكان الأفضل حسن التدبير ويأتي ذكره في الآمر بأحكام الله وذكر ولده أبى
علي احمد في الحافظ توفى المستنصر سنة 487 (تفز) (فقام) بالامر بعده ابنه.
9 - المستعلي أبو القاسم أحمد بن المستنصر ولي الأمر بعد أبيه بالديار
المصرية والشامية وفى أيامه اختلت دولتهم وضعف أمرهم واستولى الفرنج
على كثير من بلاد الساحل كانت ولادته بالقاهرة سنة 469 وبويع يوم غدير
خم سنة 487 وتوفى بمصر سنة 495 (تصه) (فقام) بالامر بعد ولده.
10 - الآمر بأحكام الله أبو علي المنصور بن أحمد المستعلي بويع يوم
مات أبوه وأقام بتدبير دولته الأفضل شاهنشاه ابن أمير الجيوش وكان وزير
والده ولما اشتد الامر وفطن لنفسه قتل الأفضل واعتقل جميع أولاده وكانت
ولادة الآمر بالقاهرة سنة 490 وتولي وعمره خمس سنين ولما انقضت أيامه خرج
459

من القاهرة ونزل إلى مصر فكمن له قوم في طريقه فوثبوا عليه وقتلوه وذلك
في قع سنة 524 (ثكد) (فقام) بالامر بعده ابن عمه.
11 - الحافظ أبو الميمون عبد المجيد بن محمد بن المستنصر بويع يوم مقتل
ابن عمه الآمر بأحكام الله بولاية العهد وتدبير المملكة حتى يظهر الحمل المخلف عن
الآمر لان الآمر لم يخلف ولدا وخلف امرأة حاملا كان الامر قد نص على الحمل
وكان الآمر لما قتل الأفضل الوزير اعتقل جميع أولاده وفيهم أبو علي أحمد بن
الأفضل فأخرجه الجند من الاعتقال لما قتل الآمر وبايعوه فسار إلى القصر وقبض
على الحافظ المذكور واستقل بالامر وقام به أحسن قيام ورد على المصادرين أموالهم
وأظهر مذهب الإمامية وتمسك بالأئمة الاثني عشر عليهم السلام ورفض الحافظ وأهل بيته
ودعا على المنابر للقائم في آخر الزمان الإمام المنتظر صاحب الزمان صلوات الله عليه
وكتب اسمه على السكة ونهى ان يؤذن حي على خير العمل وأقام كذلك إلى أن
وثب عليه رجل من الخاصة في المحرم سنة 526 فقتله فبادر الأجناد باخراج الحافظ
وبايعوه ولقبوه الحافظ ودعي له على المنابر وكان مولده بعسقلان في المحرم سنة
467 وتوفي سنة 544 (ثمد).
حكي ان هذا الحافظ كان كثير المرض بعلة القولنج فعمل له شير ماه
الديلمي وقيل موسى النصراني طبل القولنج من المعادن السبعة في اشراف الكواكب
السبعة وكان من خاصيته ان الانسان إذا ضربه خرج الريح من مخرجه وبهذه
الخاصية كان ينفع من القولنج وهذا الطبل كان في خزائنهم فكسره السلطان
صلاح الدين لما ملك الديار المصرية (ثم قام) بالامر بعد الحافظ ولده.
12 - الظافر بن الحافظ أبو المنصور إسماعيل بويع يوم مات أبوه بوصية
أبيه وكان أصغر أولاد أبيه ولد بالقاهرة سنة 527 وكان يأنس إلى نصر بن عباس وكان
عباس وزيره فقتله نصر وأخفى قتله وحضر إلى أبيه عباس فأعلمه بذلك من ليلته فلما كان
صباح تلك الليلة حضر عباس إلى باب القصر وطلب الحضور عند الظافر في شغل
460

مهم فطلبه الخدم في المواضع التي جرت عادته بالمبيت فيها فلم يوجد فقيل له ما نعلم
أين هو فنزل عن مركوبه ودخل القصر بمن معه ممن يثق إليهم وقال للخدم اخرجوا
إلى أخوي مولانا فاخرجوا له جبرئيل ويوسف ابني الحافظ فسألهما عنه فقالا سل
ولدك عنه فإنه اعلم به منا فأمر بضرب رقابهما وقال هذان قتلاه وكان ذلك في
منتصف المحرم سنة 549 وعن تاريخ مرآة الزمان لسبط ابن الجوزي ان نصر بن
عباس أطمع نفسه في الوزارة وأراد قتل أبيه ودس إليه ليقتله فعلم أبوه واحترز
وجعل يلاطفه وقال له عوض ما تقتلني اقتل الظافر وكان نصر ينادم الظافر ويعاشره
وكان الظافر يثق به وينزل في الليل إلى داره متخفيا فنزل ليلة إلى داره فقتله
نصر وخادمين معه ورمى بهم في بئر وأخبر أباه فلما أصبح عباس جاء إلى باب القصر
يطلب الظافر فقيل له ابنك نصر يعرف أين هو فاحضر أخوي الظافر وابن أخيه
وقتلهم صبرا بين يديه متهما لهم بقتل الظافر وانما فعل ذلك لئلا يتولى واحد منهم
الخلافة فيبطل امره فقتلهم واحضر أعيان الدولة وقال لهم ان الظافر ركب البارحة
في مركب فانقلب به فغرق واخرج عيسى ولد الظافر وعمره خمس سنين فبايعه
بالخلافة ليكون هو المتولي للأمور دونه لصغر سنه ولقبه الفائز بنصر الله انتهى.
حكي ان ابن الزبير الغساني دخل مصر بعد مقتل الظافر واستخلاف الفائز
وعليه أطمار رثة وطيلسان صوف فحضر المأتم وقد حضر شعراء الدولة فأنشدوا
مراثيهم فقام في آخرهم وأنشد قصيدته التي أولها:
ما للرياض تميل سكرا * هل سقيت بالمزن خمرا
إلى أن وصل إلى قوله:
أفكربلاء بالعراق * وكربلاء بمصر أخرى
فذرفت العيون وعج القصر بالبكاء والعويل وانثالت عليه العطايا من كل جانب
وعاد إلى منزله بمال وافر حصل له من الامراء والخدم وحظايا القصر وحمل إليه
من قبل الوزير جملة من المال وقيل له لولا أنه العزاء والمأتم لجاءتك الخلع انتهى.
461

والجامع الظافري بالقاهرة منسوب إلى الظافر (فقام) بالامر بعده ولده.
13 - الفائز بن الظافر عيسى بن إسماعيل، حكي انه لما قتل الظافر وقتل الوزير
أخويه جبرئيل ويوسف لينفي عن نفسه وابنه التهمة استدعى ولده الفائز وتقدير
عمره خمس سنين وقيل سنتان فحمله على كتفه ووقف في صحن الدار وامر ان
يدخل الامراء فدخلوا فقال لهم هذا ولد مولاكم وقد قتل عماه أباه وقد قتلتها
به كما ترون والواجب إخلاص الطاعة لهذا الطفل فقالوا جميعا سمعنا وأطعنا
وصاحوا صيحة واحدة اضطرب منها الطفل وبال على كتف عباس وسموه الفائز
وسيروه إلى أمه واختل من تلك الصيحة فصار يصرع في كل وقت ويختلج وخرج
عباس إلى داره ودبر الأمور وانفرد بالتصرف ولم يبق على يده يد واما أهل
القصر فإنهم اطلعوا على باطن الامر وأخذوا في اعمال الحيلة في قتل عباس وابنه
نصر إلى أن قتلا بأشنع القتل ولم تطل مدة الفائز وتوفى سنة 555 (ثنه)
(فقام) بعد الفائز ابن عمه.
14 - العاضد أبو محمد عبد الله بن يوسف بن الحافظ، وكان أبوه يوسف
أحد الأخوين اللذين قتلهما عباس بعد الظافر وكان العاضد شديد التشيع وكان
وزيره الصالح بن رزيك.
حكي ان العاضد رأى في آخر دولته انه قد خرجت عقرب من مسجد
معروف بمصر فلدغته فعبر بعض المعبرين بأنه يناله مكروه من شخص هو مقيم
في هذا المسجد فطلب ذلك الشخص فكان رجلا صوفيا فدخل به على العاضد
فلما رآه سأله من أين هو ومتى قدم البلاد وفي اي شئ قدم وهو يجاوبه عن
كل سؤال فلما ظهر له منه ضعف الحال والصدق أعطاه شيئا قال: يا شيخ ادع
لنا وأطلق سبيله فنهض من عنده وعاد إلى مسجده فلما استولى السلطان صلاح
الدين على الديار المصرية وعزم على القبض على العاضد وأشياعه واستفتى الفقهاء
في قتله فأفتوه بجواز ذلك من انحلال العقيدة وكثرة الوقوع في الصحابة وكان
462

أكثرهم مبالغة في الفتوى الصوفي المقيم في المسجد وهو الشيخ نجم الدين
الخبوشاني فإنه عدد مساوئ هؤلاء القوم وسلب عنهم الايمان وأطال الكلام في
ذلك فصحت بذلك رؤيا العاضد وكانت وفاة العاضد سنة 567 (فسز).
قال ابن خلدون في مقدمته الشهيرة في الفصل الذي عقده لعلم الفقه ما هذا
لفظه: (ثم انقرض فقه أهل السنة من مصر بظهور دولة الرافضة وتداول بها فقه
أهل البيت وتلاشى من سواهم إلى أن ذهبت دولة العبيديين من الرافضة
على يد صلاح الدين يوسف بن أيوب ورجع إليهم فقه الشافعي انتهى.
(العتابي)
أبو عمرو كلثوم بن عمرو بن أيوب الشامي كاتب شاعر بليغ مترسل
مطبوع مقدم من شعراء الدولة العباسية وكان يصحب البرامكة ويختص بهم وكان
منصور النمري تلميذه وراويته.
حكى عن المفضل قال: رأيت العتابي جالسا بين يدي المأمون وقد أسن
فلما أراد القيام قام المأمون فأخذ بيده واعتمد الشيخ على المأمون فما زال ينهضه
رويدا رويدا حتى أقله فنهض فعجبت من ذلك وقلت لبعض الخدم ما أسوء
أدب هذا الشيخ فمن هو؟ قال هو العتابي. ومن شعره:
هيبة الاخوان قاطعة * لأخي الحاجات عن طلبه
فإذا ما هبت ذا امل * مات ما أملت من سببه
قيل إنه سرق من قول أمير المؤمنين (عليه السلام) الهيبة مقرون بالخيبة والحياء
مقرون بالحرمان والفرصة تمر مر السحاب.
(والعتابي) بفتح العين وتشديد التاء المثناة من فوقها نسبة إلى عتاب بن سعد
ابن زهير بن جشم وأبو منصور العتابي محمد بن علي بن إبراهيم بن زبرج النحوي
اللغوي تلميذ ابن الشجري وابن الجواليقي وله الخط المليح، توفي سنة 556
والعتابي هنا نسبة إلى العتابيين وهي إحدى محال بغداد في الجانب الغربي منها.
463

(العتبى)
أبو عبد الرحمن محمد بن عبيد الله بن عمر الأموي الشاعر البصري الأديب
الفاضل كان يروى الاخبار وأيام العرب وأكثر اخباره عن بني أمية وآبائه يروونها
عن سعد القصير، وسعد القصير مولاهم وكان ابن الزبير قتله بمكة، مات له
بنون فكان يرثيهم، وذكر له المبرد في محكي الكامل بيتين يرثي بهما بعض
أولاده وهما قوله:
أضحت بخدي للدموع رسوم * أسفا عليك وفي الفؤاد كلوم
والصبر يحمد في المواطن كلها * إلا عليك فإنه مذموم
قال ابن خلكان: قدم بغداد وحدث بها واخذ عنه أهلها وكان مشتهرا
(مستهترا خ ل) بالشراب ويقول الشعر في عتبة وكان هو وأبوه سيدين
أديبين فصيحين، توفي سنة 228 (ركح) والعتبي بضم العين وسكون التاء نسبة
إلى جده عتبة بن أبي سفيان إنتهى.
(والعتبي أيضا) أبو النصر محمد بن عبد الجبار الكاتب المنشئ الرازي
مولدا والخراساني متوقفا صاحب التاريخ المعروف بسيرة اليميني في اخبار يمين
الدولة السلطان محمود الذي شرحه جمع من الفضلاء منهم المنيني شارح قصيدة
شيخنا البهائي في مدح الامام صاحب الزمان (عليه السلام) وأظهر العتبي حسن عقيدته
فيما أودعه في خطبة كتابه بأن الله تعالى لم يتركنا سدى بل بعث النبي (صلى الله عليه وآله)
لهدايتنا قال والنبي (صلى الله عليه وآله) استخلف في أمته الثقلين اللذين يحميان الاقدام ان
تزل فمن تمسك بهما أمن العثار وربح اليسار وزحزح عن النار ومن صدف
عنهما فقد أساء الاختيار وركب الخسار وارتدف الادبار أولئك الذين
اشتروا الضلالة بالهدى فما ربحت تجارتهم وما كانوا مهتدين فصلى الله عليه
وعلى آله ما ابتلج عن الليل الصباح واقترن العز بأطراف الرماح انتهى، توفي
سنة 427 (تكز).
464

(العدوي)
الحمزاوي الشيخ حسن المصري المالكي المحدث الفاضل صاحب مشارق
الأنوار في فوز أهل الاعتبار والنور الساري من شرح الجامع لصحيح البخاري
والنفحات الشاذلية في شرح البردة البوصيرية وبلوغ المسرات والمدد الفياض
بنور الشفا للقاضي عياض توفي سنة 1303.
قال في موضعين، من كتاب مشارق الأنوار وفي الفصول المهمة في فضائل
الأئمة لابن الصباغ: ان الحسن بن الحسن بن علي خطب من عمه الحسين (عليه السلام)
إحدى بنتيه فاطمة أو سكينة وقال اختر لي إحديهما فقال الحسين (عليه السلام) قد
اخترت لك ابنتي فاطمة فهي أكثرهما شبها بأمي فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله) أما
في الدين فتقوم الليل كله وتصوم النهار وأما في الجمال فتشبه الحور العين وأما
سكينة فغالب عليها الاستغراق مع الله تعالى فلا تصلح لرجل إنتهى.
(العرجي)
عبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفان الأموي الشاعر المشهور، حكي ان
محمد بن هشام بن إسماعيل المخزومي خال هشام بن عبد الملك لما كان والي مكة
حبس العرجي المذكور لأنه كان يشبب بأمه جيداء ولم يكن ذلك لمحبته إياها بل
ليفضح ولدها المذكور وأقام في حبسه تسع سنين ثم مات فيه بعد أن ضربه
بالسياط وشهره بالأسواق فعمل هذه الأبيات في السجن:
أضاعوني وأي فتى أضاعوا * ليوم كريهة وسداد ثغر
وصبر عند معترك المنايا * وقد شرعت أسنتها بنحري
أجرر في الجوامع كل يوم * فيالله مظلمتي وقسري
عسى الملك المجيب لمن دعاه * سينجيني فيعلم كيف شكري
فأجزي بالكرامة أهل ودي * وأخرى بالضغائن أهل وتري
465

والعرجي نسبة إلى عرج كفلس موضع بمكة وتقدم في الدولابي ما يتعلق
به، حكى عن الأصمعي قال: مررت بكناس بالبصرة يكنس كنيفا ويغني
(أضاعوني وأي فتى) البيت، فقلت اما سداد الكنيف فأنت ملئ به واما الثغر
فلا علم لي بك كيف أنت فيه وكنت حديث السن فأردت العبث به فأعرض عنى
مليا ثم اقبل فأنشد متمثلا:
وأكرم نفسي أفنى ان أهنتها * وحقك لم تكرم على أحد بعدي
قال: فقلت له والله ما يكون من الهوان شئ أكثر مما بذلتها له فبأي شئ
أكرمتها فقال بلى والله ان من الهوان لشرا مما انا فيه فقلت وما هو؟ فقال:
الحاجة إليك والى أمثالك من الناس فانصرفت عنه وانا أخزى الناس.
(أقول) وقد استشهد بهذا البيت النضر بن شميل في احتجاجه مع
المأمون وقصته انه جرى بينهما ذكر النساء فقال المأمون حدثنا هشيم عن خالد
عن الشعبي عن ابن عباس (ره) قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله إذا تزوج الرجل
المرأة لدينها وجمالها كان فيه سداد من عوز فأورده بفتح السين قال فقلت صدق
يا أمير المؤمنين هشيم.
حدثنا عوف بن أبي جميلة عن الحسن عن علي بن أبي طالب (عليه السلام) قال: قال
رسول الله (صلى الله عليه وآله) إذا تزوج الرجل المرأة لدينها وجمالها كان فيها سداد من عوز
قال: وكان المأمون متكئا فاستوى جالسا وقال يا نضر كيف قلت سداد قلت لان
السداد هاهنا لحن قال: أو تلحنني؟ قلت انما لحن هشيم وكان لحافه فتبع
أمير المؤمنين لفظه قال: فما الفرق بينهما؟ قلت السداد بالفتح القصد في الدين
والسبيل والسداد بالكسر البلغة وكل ما سددت به شيئا فهو سداد فقال أو تعرف
العرب ذلك قلت نعم هذا العرجي يقول (أضاعوني وأي فتى) البيت فقال
المأمون قبح الله من لا أدب له وأطرق مليا ثم قال ما مالك يا نضر؟ قلت: أريضة لي
بمرو أتصابها وأتمززها (اي اشرب صبابتها وأتمضمض بشربها) قال: أفلا نفيدك
466

مالا معها قلت إني إلى ذلك لمحتاج قال فأخذ القرطاس وانا لا أدري ما يكتب ثم
قال: كيف تقول إذا أمرت ان يترب قلت أتربه قال فهو ماذا قلت مترب قال:
فمن الطين قلت طنه قال: فهو ماذا قلت مطين قال هذه أحسن من الأولى ثم
صلى بنا العشاء وقال لخادمه تبلغ معه إلى الفضل بن سهل قال: فلما قرأ الفضل
القرطاس قال يا نضر ان أمير المؤمنين قد أمر لك بخمسين ألف درهم فما كان
السبب فيه فأخبرته ولم أكذبه فقال لحنت أمير المؤمنين فقلت كلا إنما لحن هشيم
وكان لحانه فتبع أمير المؤمنين لفظه وقد تتبع ألفاظ الفقهاء ورواة الآثار ثم
أمر لي بثلاثين ألف درهم فأخذت ثمانين ألف درهم بحرف استفيد مني.
(أقول) النضر كفلس ابن شميل مصغرا أبو الحسن المازني النحوي
البصري كان عالما بفنون من العلم صاحب غريب وفقه وشعر ومعرفة بأيام العرب
ورواية الحديث وهو من أصحاب الخليل بن أحمد (ره).
يحكى انه ذكره أبو عبيدة في كتاب مثالب أهل البصرة فقال ضاقت
المعيشة على النضر بن شميل البصري بالبصرة فخرج يريد خراسان فشيعه من
أهل البصرة نحو من ثلاثة آلاف رجل ما فيهم إلا محدث أو نحوي أو لغوي
أو عروضي أو اخباري فلما صار بالمربد جلس وقال يا أهل البصرة يعز علي فراقكم
ووالله لو وجدت كل يوم كيلجة باقلي ما فارقتكم قال فلم يكن فيهم أحد يتكلف
ذلك فسار حتى وصل خراسان فأفاد بها مالا عظيما وكانت اقامته بمرو انتهى،
له تصانيف كثيرة وتوفي بمرو سنة 204 (رد).
(العزيزي)
علي بن أحمد بن نور الدين محمد البولاقي الشافعي كان فقيها محدثا
حافظا ذكيا سريع الحفظ كثير الاشتغال بالعلم محبا لأهله خصوصا أهل الحديث
له شرح على الجامع الصغير للسيوطي سماه السراج المنير توفي سنة 1070 (غع).
467

(العسجدي)
شاعر فارسي معروف من شعراء السلطان محمود.
(العسكري) انظر أبو هلال
(عصام الدين)
إبراهيم بن محمد بن عربشاه الأسفرايني الحنفي الأشعري الفاضل الأديب
المنطقي تلميذ المولى عبد الرحمن الجامي وصاحب التعليقات على شرح الكافية
للجامي وعلى شرح العقائد النسفية للتفتازاني وعلى تفسير البيضاوي إلى سورة
الأعراف ومن سورة النبأ إلى آخر القرآن الكريم وله شرح على الكافية وعلى
تلخيص المفتاح سماه الأطول مقابل المطول وعلى الشمسية وعلى كبرى المنطق
للسيد الشريف إلى غير ذلك
توفي بسمرقند سنة 943 (ظمج)، وقيل سنة 951 ويظهر من الرياض ان
من جملة تلامذة عصام الدين المذكور هو السيد الفاضل الكامل المتكلم الفقيه
الأمير أبو الفتح الشريفي الحسيني ابن الميرزا مخدوم بن السيد محمد بن المحقق
الشريف الجرجاني وكان من علماء دولة السلطان شاه طهماسب الصفوي صاحب
المصنفات العديدة منها شرح آيات الاحكام بالفارسية سماه التفسير الشاهي لكونه
باسم السلطان المذكور وشرح الباب الحادي عشر بطريق المزج ورسالة في أصول
الفقه وحاشية على المطالع وعلى حاشية الدواني على تهذيب المنطق وعلى
كتاب الكبرى لجده وغير ذلك من الشروح والحواشي وكانت وفاته بأردبيل
سنة 976 (ظعو).
(أقول) قد تقدم في ترجمة جده الشريف الجرجاني ان هذا السيد الجليل
من علماء الشيعة الإمامية قدس الله روحه.
468

(عضد الدولة)
أبو شجاع فنا خسرو بفتح الفاء وتشديد النون ابن ركن الدولة أبى
علي الحسن بن أبي شجاع بويه بن فنا خسرو بن تمام - ينتهي إلى بهرام جور
الملك ابن يزدجرد بن هرمز بن ظ كرمنشاه بن سابور ذي الأكتاف من ملوك
بني ساسان ولى بعد عمه عماد الدولة دانت له البلاد والعباد ودخل في طاعته كل
صعب القياد وهو أول من خوطب بالملك في الاسلام وأول من خطب له على المنابر
بعد الخليفة في دار السلام وكان من جملة ألقابه تاج الملة وأضاف الصابي كتابه
التاجي في اخبار بنى بويه إلى هذا اللقب وكان فاضلا محبا للفضلاء وكان يعظم
الشيخ المفيد غاية التعظيم صنف له الرئيس الفاضل أبو الحسن علي بن عباس
المجوسي الفارسي المتوفى سنة 384 تلميذ أبى ماهر موسى بن سيار الطبيب كتابه
كامل الصناعة الطبية المسمى بالملكي وهو كتاب جليل مال الناس إليه ولزموا درسه
إلى أن ظهر كتاب القانون لابن سينا فمالوا إليه وتركوا الملكي بعض الترك.
قيل الملكي في العمل أبلغ والقانون في العلم أثبت وصنف له الشيخ أبو علي
الفارسي كتاب الايضاح والتكملة في النحو وقصده فحول الشعراء في عصره
ومدحوه بأحسن المدائح فمنهم أبو الطيب المتنبي وفيه يقول من جملة قصيدته الهائية:
وقد رأيت الملوك قاطبة * وسرت حتى رأيت مولاها
أبا شجاع بفارس عضد الدولة * فناخسرو شهنشاها
أساميا لم تزده معرفة * وانما لذة ذكرناها
حكي انه كتب إلى عضد الدولة أبو منصور أفتكين التركي متولي دمشق
كتابا مضمونه ان الشام قد صفا وصار في يدي وزال عنه حكم صاحب مصر وإن
قويتني بالأموال والمدد حاربت القوم في مستقرهم فكتب عضد الدولة جوابه غرك
عزك فصرا ذلك فاخش فاحش فعلك فلعلك بهذا تهدى ولقد أبدع فيها كل
469

الابداع. ومن شعره كما في مناقب ابن شهرآشوب:
سقى الله قبرا بالغري وحوله * قبور بمثوى الطهر مشتملات
ورمسا بطوس لابنه وسميه * سقته سحاب الغرصفو فرات
وأم القرى فيها قبور منيرة * عليها من الرحمن خير صلاة
وفي ارض بغداد قبور زكية * وفي سر من رأى معدن البركات
حكي ان المير سيد شريف عده من مروجي مذهب الاسلام في المائة الرابعة
ومن آثاره تجديد عمارة مشهد أمير المؤمنين " عليه السلام " والبيمارستان العضدي
ببغداد منسوب إليه ولد بأصبهان 5 قع سنة 324 وتوفي 8 شوال سنة 372
ببغداد ودفن بدار الملك بها ثم نقل إلى مشهد أمير المؤمنين " عليه السلام " وكان أوصي
بدفنه فيه فدفن بجوار أمير المؤمنين صلوات الله عليه وكتب على لوح قبره:
(هذا قبر عضد الدولة وتاج الملة أبى شجاع بن ركن الدولة أحب مجاورة هذا
الامام المعصوم لطعمه في الخلاص يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها، وصلاته
على محمد صلى الله عليه وآله وعترته الطاهرة).
(والده ركن الدولة) أبو علي الحسن بن بويه كان صاحب أصبهان
والري وهمذان وجميع عراق العجم وكان ملكا جليل القدر عالي الهمة وكان
أبو الفضل بن العميد وزيره وكان ركن الدولة أوسط الاخوة الثلاثة وهم عماد
الدولة وركن الدولة ومعز الدولة اما عماد الدولة فهو أبو الحسن علي بن بويه
أول من ملك من بني بويه وكان أبوه صيادا ليست له معيشة إلا من صيد
السمك وكان عماد الدولة أكبرهم وهو سبب سلطنتهم وانتشار صيتهم واستولوا
على البلاد وملكوا العراقين والأهواز وفارس وساسوا أمور الرعية أحسن
سياسة ثم لما ملك عضد الدولة اتسعت مملكته وزادت على ما كان لأسلافه. وذكر
المؤرخون أمورا غريبة اتفقت لعماد الدولة كانت سببا لثبات ملكه من قصة
الحية والسقف وقصة الخياط وغير ذلك، كانت وفاة عماد الدولة بشيراز
470

سنة 338 (شلح) ولما مرض اتاه أخوه ركن الدولة واتفقا على تسليم فارس إلى
أبي شجاع فناخسرو بن ركن الدولة ولم يكن قبل ذلك يلقب بعضد الدولة
فتسلمها بعد عمه ثم تلقب بذلك.
وتوفي ركن الدولة سنة 366 (شوس) واما معز الدولة فهو أبو الحسين
أحمد بن بويه كان صاحب العراق والأهواز وكان يقال له الأقطع لأنه كان
مقطوع اليد اليسرى وبعض أصابع اليد اليمنى قطعها الأكراد الذين كانوا في
أطراف سجستان وكان في أول امره يحمل الحطب على رأسه ثم ملك هو وإخوته
البلاد وكان معز الدولة أصغر الاخوة الثلاثة وكان حليما كريما عاقلا وكان متصلبا
في التشيع، وروج مذهب الشيعة في العراق حتى أنه الزم أهل بغداد بالنوح
والبكاء وإقامة المآتم على الحسين (عليه السلام) يوم عاشوراء في السكك والأسواق
وبالتهنية والسرور يوم الغدير واظهار الزينة والفرح وضرب الدبادب والبوقات
وكان يوما مشهودا.
حكي عن تاريخ ابن كثير انه قال: في سنة 352 أمر معز الدولة أحمد بن
بويه في بغداد في العشر الأول من المحرم باغلاق جميع أسواق بغداد وان يلبس
الناس السواد ويقيموا مراسم العزاء وحيث لم تكن هذه العادة مرسومة في البلاد
لهذا رآه علماء أهل السنة بدعة كبيرة وحيث لم يكن لهم يد على معز الدولة
لم يقدروا إلا على التسليم وبعد هذا في كل سنة إلى انقراض دولة الديالمة الشيعة
في العشرة الأولى من المحرم من كل سنة يقيمون مراسم العزاء في كل البلاد وكان
هذا في بغداد إلى أوائل سلطنة السلطان طغرل السلجوقي انتهى.
توفي معز الدولة سنة 356 (شنوه) ببغداد ودفن في داره ثم نقل إلى
مشهد بني له في مقابر قريش ولما توفي ملك موضعه ولده عز الدولة أبو المنصور
بختيار وتزوج الطائع الخليفة العباسي ابنته على صداق مائة ألف دينار وخطب
خطبة العقد أبو بكر بن قريعة وكان عز الدولة ملكا سريا شديد القوة يمسك
471

الثور العظيم بقرنيه فيصرعه وكانت بينه وبين ابن عمه عضد الدولة منافسات
أدت إلى التنازع والمحاربة فقتل عز الدولة سنة 367 وتقدم ذكر وزيره أبى
طاهر محمد بن بقية في ابن بقية وفي كلمات أمير المؤمنين (عليه السلام) الإشارة إليهم
كقوله: ويخرج من ديلمان بنو الصياد وقوله فيهم ثم يستشري أمرهم حتى
يملكوا الزوراء ويخلعوا الخلفاء فقال له قائل فكم مدتهم يا أمير المؤمنين فقال مائة
أو تزيد قليلا وكقوله فيهم والمترف بن الأجذم يقتله ابن عمه على دجلة.
(العضدي والعضد الإيجي)
القاضي عبد الرحمن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسي الشافعي الأصولي
المتكلم الحكيم المدقق كان من علماء دولة السلطان اولجايتو محمد المعروف بشاه
خدابنده المغولي يقال ان أصله من بيت العلم والتدريس والرياسة وتولى القضاء
بديار فارس إلى أن سلم له لقب أقضى القضاة في مدينة شيراز مع نهاية الاعزاز
ويقال انه كان من أهل النصب متعصبا معاندا للشيعة الإمامية له شرح مختصر
ابن الحاجب وهو معروف بين العلماء وله المواقف في علم الكلام الذي شرحه
المحقق الشريف وله كتاب في الأخلاق مختصر في جزء لخص فيه زبدة ما في
المطولات شرحه تلميذه شمس الدين محمد بن يوسف الكرماني المتوفى سنة 786
إلى غير ذلك.
وآخر مصنفاته: العقائد العضدية التي شرحها الدواني جرت له محنة مع
صاحب الكرمان فحبسه بقلعة وريميان فمات مسجونا سنة 756 (ذنو).
والإيجي نسبة إلى إيج بكسر الهمزة وسكون الياء المثناة من تحت ثم
الجيم وهي من غير هاء في الآخر - بلد بفارس ومع الهاء قرية كبيرة من قرى ناحية
روى دشت أصبهان.
(العطار)
فريد الدين محمد بن إبراهيم النيسابوري المعروف بالشيخ العطار، صاحب
472

الاشعار والمصنفات في التوحيد والحقائق والمعارف وله في مدح أمير المؤمنين " عليه السلام ":
زمشرق تا بمغرب كرامام است * على وال اومارا تمام است
كرفته أينجهان وصف سنانش * كذشته ذان جهان وصف سه نانش
چه در سر عطا اخلاص اوراست * سه نان راهفده إيه خاص اوراست
چنان در شره دانش باب آمد * كه جنت را بحق بواب آمد
چنان مطلق شداندر فقر وفاقه * كه زر ونقره بودش سه طلاقه
اگر علمش شدي بحر مصور * دراويك قطره بودي بحر اخضر
وله في ذم الدنيا:
باخرد دوش در سخن بودم * كشف شد برد لم مثالي چند
كفتم أي مايه همه دانش * دارم الحق ز تو سوء إلى چند
چيست أين زندكانى دنيا * كفت خوابى است يا خيالي چند
كفتمش چيست مال وملك جهان * كفت دردسرو وبالي چند
كفتم أهل زمانه درچه رهند * گفت دربند جمع مالي چند
كفتم اورا مثال دنيا جيست * كفت زالي كشيده خالي چند
كفتمش جيست كد خدائى كفت * هفته عيش وغصه سالي جند
كفتم أين نفس رام كي كردد * كفت جون يافت كوشمالي جند
كفتم أهل ستم جه طائفة اند * كفت كرك وسك وشغالي جند
كفتم آرى سزاى إيشان جيست * كفت در آخرت نكالي جند
كفتمش جيست كفته عطار * كفت بنداست وحسن حالي جند
توفى سنة 627 (خكز) بعد عمر طويل وقيل إنه قتل في فتنة التتر وقبره خارج
نيسابور معروف وقد يقال الشيخ العطار للحسن بن محمد العطار الشافعي المصري
الفاضل الأديب الذي كان آية في حدة النظر وشدة الذكاء صاحب الانشاء في
المراسلات والمخاطبات وحواش على شرح إيساغوجي وعلى شرح الأزهرية للشيخ
473

خالد الأزهري وعلى جمع الجوامع وعلى متن السمرقندية وله منظوم في علم النحو
وغير ذلك سنة 1250 (غرن).
(العطوي)
أبو عبد الرحمن محمد بن عطية الشاعر البصري قال الخطيب كان يعد في
متكلمي المعتزلة ويذهب مذهب الحسين بن النجار في خلق الافعال قدم بغداد أيام
أحمد بن أبي داود فاتصل به وأقام بسر من رأى مدة وشعره يستحسن وللمبرد منه
اختيارات روى عن المبرد قال كان العطوي لا ينطق بالشعر معنا بالبصرة ثم ورد
علينا شعره لما صار إلى سر من رأى وكنا نتهاداه وكان مقترا عليه ثم ذكر من
شعره قوله:
يأمل المرء أبعد الآمال * وهو رهن بأقرب الآجل
لو رأى المرء رأى عينيه يوما * كيف صول الآجال بالآمال
لتناهى وأقصر الخطو في * اللهو ولم يغترر بدار الزوال
نحن نلهو ونحن تحصى عليا * حركات الادبار والاقبال
أنت ضيف وكل ضيف وان طا * لت لياليه مؤذن بارتحال
(العقيقي)
أبو الحسن علي بن أحمد العلوي معاصر الصدوق رحمه الله تعالى صاحب
كتب منها كتاب المدينة وكتاب المسجد وكتاب الرجال قال ابن عبدون وفي
أحاديث العقيقي مناكير:
والحق انه جليل معتمد * مصنف الرجال موثوق السند
وأبوه أحمد بن علي بن محمد العلوي العقيقي كان مقيما بمكة صنف كتبا
كثيرة ذكره للشيخ في باب من لم يرو عنهم عليهم السلام يروى ابنه عنه توفي سنة
280 ونيف والعقيقي بفتح المهملة والمثناة التحتانية بين القافين نسبة إلى عقيق المدينة
474

واد فيه عيون ونخيل وعن كمال الدين ان أبا الحسن علي بن أحمد بن علي العلوي
العقيقي سأل علي بن عيسى الوزير حاجة ببغداد في سنة 298 فلم يقضها فخرج من
عنده مغضبا فقال أسأل من في يده قضاء حاجتي فأرسل إليه الشيخ أبو القاسم
حسين بن روح رسولا بمائة درهم ومنديل وشئ من حنوط وأكفان فقال له
الرسول مولاك يقرئك السلام ويقول لك إذا أهمك أمر أو غم فامسح بهذا المنديل
وجهك فإنه منديل مولاك وخذ هذه الدراهم وهذه الحنوط وهذه الأكفان
وستقضى حاجتك في ليلتك هذه وإذا قدمت مصر مات محمد بن إسماعيل من قبلك
بعشرة أيام ثم مت بعده فيكون هذا كفنك وهذا حنوطك وهذا جهازك الخ.
(العكبري)
انظر أبو البقاء، وقد يطلق العكبري على أبى الفجر أحمد بن محمد بن جورى
العكبري ذكر الخطب انه نزل بغداد وحدث بها عن جماعة ذكرهم وقال وحدثنا
عنه أبو نعيم الأصبهاني وفي حديثه غرائب ومناكير ثم روى عنه بواسطة أبى نعيم
مسندا عن انس بن مالك قال: والله الذي لا إلا إله هو لسمعت رسول الله صلى الله عليه وآله
يقول: عنوان صحيفة المؤمن حب علي بن أبي طالب " عليه السلام " انتهى
(العكوك)
أبو الحسن علي بن جبلة بن مسلم الأنباري أحد فحول الشعراء المبرزين
حكي عن الجاحظ انه قال في حقه كان أحسن خلق الله انشادا ما رأيت مثله بدويا
ولا حضريا وكان من الموالي وولد أعمى وذكر الخطيب انه كف بصره في الجدري
وهو ابن سبع سنين وكان اسود أبرص وله في أبى دلف العجلي وأبى غانم حميد
ابن عبد الحميد الطوسي والحسن بن سهل غرر المدائح فمن غرر مدائحه لأبي دلف
القصيدة التي أولها:
ذاد ورد الغي عن صدره * فارعوى واللهو من وطره
475

إلى قوله:
انما الدنيا أبو دلف * بين باديه ومحتضره
فإذا ولى أبو دلف * ولت الدنيا على أثره
كل من في الأرض من عرب * بين باديه إلى حضره
مستعير منك مكرمة * يكتسيها يوم مفتخره
(الأبيات) حكي ان المأمون لما بلغه خبر هذه القصيدة غضب غضبا شديدا
وقال اطلبوه حيثما كان وأتوني به فطلبوه فهرب إلى الجزيرة ثم هرب إلى الشامات
فظفروا به وحملوه مقيدا إلى المأمون فقال له المأمون يا ابن اللخناء أنت القائل
للقاسم بن عيسى كل من في الأرض وأنشد البيتين، جعلتنا ممن يستعير المكارم
منه والافتخار به قال يا أمير المؤمنين أنتم أهل بيت لا يقاس بكم فجعل يعتذر
قال ما استحل دمك بكلمتك هذه ولكني أستحله بكفرك في شعرك حيث قلت
في عبد ذليل مهين فأشركت بالله العظيم:
أنت الذي تنزل الأيام منزلها * وتنقل الدهر من حال إلى حال
وما مددت مدى طرف إلى حد * إلا قضيت بأرزاق وآجال
قال: أخرجوا لسانه من قفاه فأخرجوا لسانه من قفاه فمات وكان ذلك
ببغداد سنة 213 (ريج) وقيل بل هرب ولم يزل متواريا حتى مات، والعكوك
بفتح أوله وتشديد ثانيه كتنور هو السمين القصير مع صلابة.
(علاء الدولة السمناني)
وقد يقال علاء الدين أيضا هو الشيخ أبو المكارم أحمد بن محمد بن أحمد
البيابانكي العارف الصوفي المشهور صاحب قواعد العقائد وسربال البال في أطوار
سلوك أهل الحال، كان من أكابر مشايخ الصوفية معاصرا للشيخ عبد الرزاق
الكاشاني وبينهما مشاجرات عظيمة بل يكفر كل واحد منهما الآخر، توفي
سنة 736 ودفن بصوفي آباد من قرى سمنان.
476

(علاء الدين)
علي بن مظفر الدين الكندي الإسكندراني الدمشقي العالم الأديب الشاعر
المعروف بالوداعي صاحب التذكرة الكندية في خمسين مجلدا في فنون عديدة كان
من علماء المائة السابعة وكان شيعيا.
(علاء الدين كلستانه)
هو السيد الاجل العالم الزاهد مولانا الميرزا محمد بن أبي تراب الحسيني
الأصبهاني المعروف بالميرزا علاء الدين كلستانه شارح نهج البلاغة وصاحب
كتاب منهج اليقين وهو شرح على رسالة الصادق (عليه السلام) التي كتب بها إلى
أصحابه وأمرهم بمدارستها والنظر فيها وتعاهدها والعمل بها فكانوا يضعونها في
مساجد بيوتهم فإذا فرغوا من صلاة نظروا فيها والرسالة هذه:
بسم الله الرحمن الرحيم: اما بعد، فاسألوا الله ربكم العافية وعليكم بالدعة
والوقار والسكينة وعليكم بالحياء والتنزه عما تنزه عنه الصالحون قبلكم وعليكم
بمجاملة أهل الباطل.
(الرسالة) وهي مذكورة في السابع عشر من البحار؟ ح الميرزا
علاء الدين لها يشبه شرح زوج أخته العلامة المجلسي رحمه الله تعالى على وصية
النبي (صلى الله عليه وآله) لأبي ذر الموسوم بعين الحياة توفى (ره) في 27 شل سنة 1100 (غق).
(العلامة)
آية الله الشيخ جمال الدين أبو منصور الحسن بن سديد الدين يوسف بن علي
ابن المطهر الحلي علامة العالم وفخر نوع بني آدم أعظم العلماء شأنا وأعلاهم برهانا
سحاب الفضل الهاطل وبحر العلم الذي لا يساجل جمع من العلوم ما تفرق في الناس
وأحاط من الفنون بما لا يحيط به القياس رئيس علماء الشيعة ومروج المذهب
والشريعة صنف في كل علم كتبا وآتاه الله من كل شئ سببا قد ملا الآفاق
477

بمصنفاته وعطر الأكوان بتأليفاته انتهت إليه رئاسة الإمامية في المعقول والمنقول
والفروع والأصول مولده سنة 648 قرأ على خاله المحقق الحلي وجماعة كثيرين جدا
من العامة والخاصة وقرأ على المحقق الطوسي في الكلام وغيره من العقليات وقرأ
عليه في الفقه المحقق الطوسي وكان آية الله لأهل الأرض وله حقوق عظيمة على
زمرة الامامية والطائفة الاثني عشرية لسانا وبيانا وتدريسا وتأليفا وكفاه فخرا
على من سبقه ولحقه مقامه المحمود في اليوم المشهود الذي ناظر فيه علماء المخالفين
فأفحمهم وصار سببا لتشيع السلطان محمد الملقب بشاه خدابنده وله بعد ذلك من
المناقب والفضائل ما لا يحصى (اما) درجاته في العلوم ومؤلفاته فيها فقد ملأت
الصحف وضاق عنها الدفتر وكلما أتعب نفسي فحالي كناقل التمر إلى هجر فالأولى
تبعا لجمع من الاعلام الاعراض عن هذا المقام ولنكتف بذكر وصيته التي ختم بها
كتاب القواعد لاشتمالها على كثير من الفوائد (وهي هذه) اعلم يا بني أعانك الله
تعالى على طاعته ووفقك لفعل الخير وملازمته إلى أن قال فإني أوصيك كما افترضه
الله تعالى علي من الوصية وأمرني به حين ادراك المنية بملازمة التقوى لله تعالى
فإنها السنة القائمة والفريضة اللازمة والجنة الواقية والعدة الباقية وأنفع ما أعده
الانسان ليوم تشخص فيه الابصار وعليك باتباع أوامر الله تعالى وفعل ما يرضيه
واجتناب ما يكرهه والانزجار عن نواهيه وقطع زمانك في تحصيل الكمالات
النفسانية وصرف أوقاتك في اقتناء الفضائل العلمية والارتقاء عن حضيض النقصان
إلى ذروة الكمال والارتفاع إلى أوج العرفان عن مهبط الجهال وبذل المعروف
ومساعدة الاخوان ومقابلة المسئ بالاحسان والمحسن بالامتنان وإياك ومصاحبة
الأرذال ومعاشرة الجهال فإنها تفيد خلقا ذميما وملكة ردية بل عليك بملازمة
العلماء ومجالسة الفضلاء فإنها تفيد استعدادا تاما لتحصيل الكمالات وتثمر لك
ملكة راسخة لاستنباط المجهولات وليكن يومك خير من أمس وعليك بالصبر
والتوكل والرضا وحاسب نفسك في كل يوم وليلة وأكثر من الاستغفار لربك
478

واتق دعاء المظلوم خصوصا اليتامى والعجائز فان الله تعالى لا يسامح بكسر كسير
وعليك بصلاة الليل فان رسول الله صلى الله عليه وآله حث عليها وندب إليها وقال من ختم له
بقيام الليل ثم مات فله الجنة وعليك بصلة الرحم فإنها تزيد في العمر وعليك بحسن
الخلق فان رسول الله صلى الله عليه وآله قال إنكم لن تسعوا الناس بأموالكم فسعوهم بأخلاقكم
وعليك بصلة الذرية العلوية فان الله تعالى قد أكد الوصية فيهم وجعل مودتهم اجر
الرسالة والارشاد فقال الله تعالى (قل لا أسئلكم عليه اجرا إلا المودة في القربى)
ثم أورد حديثين في فضل صلة الذرية العلوية ثم قال وعليك بتعظيم الفقهاء وتكرمة
العلماء فان رسول الله صلى الله عليه وآله قال من أكرم فقيها مسلما لقى الله تعالى يوم القيامة
وهو عنه راض ومن أهان فقيها مسلما لقي الله تعالى يوم القيامة وهو عليه غضبان
وجعل النظر إلى وجه العالم عبادة والنظر إلى باب العالم عبادة ومجالسة العلماء عبادة
وعليك بكثرة الاجتهاد في زيادة العلم والتفقه في الدين فان أمير المؤمنين " عليه السلام " قال
لولده تفقه في الدين فان الفقهاء ورثة الأنبياء وان طالب العلم ليستغفر له من في
السماوات ومن في الأرض حتى الطير في جو السماء والحوت في البحر وان الملائكة
لتضع أجنحتها لطالب العلم رضى به وإياك وكتمان العلم ومنعه عن المستحقين لبذله
فان الله تعالى يقول (ان الذين يكتمون ما أنزلنا) الآية وقال رسول الله صلى الله عليه وآله
إذا ظهرت البدع في أمتي فليظهر العالم علمه فان لم يفعل فعليه لعنة الله، وقال لا تؤتوا
الحكمة غير أهلها فتظلموها ولا تمنعوها أهلها فتظلموهم وعليك بتلاوة الكتاب
العزيز والتفكر في معانيه وامتثال أوامره ونواهيه وتتبع الاخبار النبوية والآثار
المحمدية والبحث عن معانيها واستقصاء النظر فيها وقد وضعت لك كتبا متعددة
في ذلك كله ثم أوصاه بأن يتعهده بالترحم له في بعض الأوقات وان يهدي إليه
ثواب بعض الطاعات ويذكره في خلواته وعقيب صلواته ويقض ما عليه من الديون
الواجبة والتعهدات اللازمة ويزور قبره بقدر الامكان ويقرأ عليه شيئا من القرآن
ويتم كل كتاب لم يتمه ويصلح ما يجد من الخلل والنقصان والخطأ والنسيان ثم قال
479

هذه وصيتي إليك والله خليفتي عليك والسلام عليك ورحمة الله وبركاته توفى (ره)
يوم السبت 21 (مح) سنة 726 ودفن بجوار أمير المؤمنين " عليه السلام " قال صاحب
نخبة المقال في تاريخه:
وآية الله ابن يوسف الحسن * سبط مطهر فريدة الزمن
علامة الدهر جليل قدره * ولد رحمه 648 وعز 77 عمره
(العلامة الشيرازي)
انظر قطب الدين الشيرازي
(العلامة المجلسي) انظر المجلسي
(العلامة المقدسي) انظر المقدسي
(علم الهدى)
هو سيد علماء الأمة ومحيي آثار الأئمة ذو المجدين أبو القسم علي بن الحسين
ابن موسى بن محمد بن موسى بن إبراهيم بن الإمام موسى الكاظم " عليه السلام " المشهور
بالسيد المرتضى الملقب من جده المرتضى " عليه السلام " في الرؤيا الصادقة السيماء بعلم الهدى
جمع من العلوم ما لم يجمعه أحد وحاز من الفضائل ما تفرد به وتوحد واجمع
على فضله المخالف والمؤالف كيف لا وقد اخذ من المجد طرفيه واكتسى بثوبيه
وتردى ببرديه متوحد في علوم كثيرة مجمع على فضله مقدم في العلوم مثل علم الكلام
والفقه وأصول الفقه والأدب والنحو والشعر واللغة وغير ذلك له تصانيف مشهورة
منها الشافي في الإمامة لم يصنف مثله في الإمامة والذخيرة وجمل العلم والعمل
والذريعة وشرح القصيدة البديعة وكتاب الطيف والخيال وكتاب الشيب والشباب
وكتاب الغرر والدرر والمسائل الكثيرة وله ديوان شعر يزيد على عشرين الف
بيت إلى غير ذلك قال آية الله العلامة وبكتبه استفادت الامامية منذ زمنه رحمه
الله إلى زماننا هذا وهو سنة 693 وهو ركنهم ومعلمهم قدس الله روحه وجزاه
480

عن أجداده خيرا، انتهى.
وذكره الخطيب في تاريخ بغداد وأثنى عليه وقال كتبت عنه وعن جامع الأصول
انه عده ابن الأثير من مجددي مذهب الإمامية في رأس المائة الرابعة (هنا) فوائد:
(الأول) قال ابن خلكان في وصف علم الهدى كان نقيب الطالبيين وكان
إماما في علم الكلام والأدب والشعر وهو أخو الشريف الرضي وله تصانيف على
مذهب الشيعة ومقالة في أصول الدين وله الكتاب الذي سماه الغرر والدرر وهي
مجالس أملاها تشتمل على فنون من معاني الأدب تكلم فيها على النحو واللغة وغير
ذلك وهو كتاب ممتع يدل على فضل كثير وتوسع في الاطلاع على العلوم، وذكره
ابن بسام في أواخر كتاب الذخيرة فقال: كان هذا الشريف إمام أئمة العراق إليه
فزع علمائها ومنه اخذ عظمائها صاحب مدراسها وجماع شاردها وأنسها ممن سارت
اخباره وعرفت به اشعاره وتصانيفه في احكام المسلمين مما يشهد انه فرع تلك
الأصول ومن ذلك البيت الجليل وأورد له عدة مقاطيع، وحكي الخطيب التبريزي ان
أبا الحسن علي بن أحمد الفالي الأديب كانت له كتاب نسخة الجمهرة لابن دريد في
غاية الجودة فدعته الحاجة إلى بيعها فاشتراها الشريف المرتضى أبو القاسم المذكور
بستين دينارا وتصفحها فوجد بها بياتا بخط أبايعها أبى الحسن الفالي المذكور وهي:
أنست بها عشرين حولا وبعتها * لقد طال وجدي بعدها وحنيني
وما كان ظني انني سأبيعها * ولو خلدتني في السجون ديوني
ولكن لضعف وافتقار وصبية * صغار عليهم تستهل شؤوني
فقلت ولم أملك سوابق عبرة * مقالة مكوي الفؤاد حزين
وقد تخرج الحاجات يا أم مالك * كرائم من رب بهن ضنين
فارجع النسخة إليه وترك الدنانير رحمه الله تعالى انتهى ملخصا.
(2) قال الشهيد (ره) في محكي أربعينه نقلت من خط السيد العالم صفي الدين
محمد بن معد الموسوي بالمشهد المقدس الكاظمي في سبب تسمية السيد المرتضى
481

بعلم الهدى انه مرض الوزير أبو سعيد محمد بن الحسين بن عبد الصمد في سنة
عشرين وأربعمائة فرأى في منامه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب " عليه السلام " يقول قل
لعلم الهدى يقرأ عليك حتى تبرأ فقال يا أمير المؤمنين " عليه السلام " ومن علم الهدى؟ قال
عليه السلام: علي بن الحسين الموسوي فكتب الوزير إليه بذلك فقال المرتضى رضي الله عنه
الله الله في أمري فان قبولي لهذا القب شناعة علي فقال الوزير ما كتبت
إليك إلا بما لقبك به جدك أمير المؤمنين عليه السلام فعلم القادر الخليفة بذلك
فكتب إلى المرتضى تقبل يا علي بن الحسين ما لقبك به جدك فقبل واسمع الناس.
(3) قال صاحب رياض العلماء ونقل عن خط الشهيد الثاني (ره) على ظهر
كتاب الخلاصة انه كان السيد المرتضى معظما عند العام والخاص ونقل عن الشيخ
عز الدين أحمد بن مقبل يقول لو حلف انسان ان السيد المرتضى كان اعلم بالعربية
من العرب لم يكن عندي آثما وقد بلغني عن شيخ من شيوخ الأدب بمصر أنه
قال والله انى استفدت من كتاب الغرر مسائل لم أجدها في كتاب سيبويه ولا غيره
من كتب النحو وكان نصير الدين الطوسي رحمه الله إذا جرى ذكره في درسه
يقول صلوات الله عليه ويلتفت إلى القضاة والمدرسين الحاضرين درسه ويقول
كيف لا يصلى على المرتضى وقد ذكر المعري اسم المرتضى والرضي ومدحهما في
طي مرثيته لوالدهما في ديوان السقط ومن أبيات تلك المرثية:
أبقيت فينا كوكبين سناهما * في الصبح والظلماء ليس بخاف
وقال أيضا:
ساوى الرضى والمرتضى وتقاسما * خطط العلى بتناصف ونصاف
(4) قال شيخنا البهائي في كشكوله كان للشيخ أبى جعفر الطوسي أيام قراءته
على السيد المرتضى (ره) كل شهر اثنى عشر دينارا ولابن البراج كل شهر ثمانية
دنانير وكان السيد المرتضى يجري على تلامذته وكان قدس سره يدرس في علوم
كثيرة وفي بعض السنين أصاب الناس قحط شديد فاحتال رجل يهودي في تحصيل
482

قوت يحفظ به نفسه فحضر يوما مجلس المرتضى واستأذنه في أن يقرأ عليه من
النجوم فأذن له السيد وامر له بجراية تجرى عليه كل يوم فقرأ عليه برهة ثم أسلم
على يده وكان السيد قدس الله روحه نحيف الجسم وكان يقرأ مع أخيه الرضي
على ابن نباتة صاحب الخطب وهما طفلان وحضر المفيد مجلس السيد يوما فقام من
موضعه وأجلسه فيه وجلس بين يديه فأشار المفيد بأن يدرس في حضوره وكان
يعجبه كلامه إذا تكلم وكان السيد قد أوقف قرية على كاغذ الفقهاء وحكاية رؤية
المفيد في المنام فاطمة الزهراء عليها السلام وانها أتت بالحسن والحسين عليهم السلام
ومجئ فاطمة بنت الناصر بولديها الرضى والمرتضى في صبيحة ليلة المنام إلى المفيد
وقولها له علم ولدي هذين مشهورة انتهى.
(5) توفي السيد المرتضى رضي الله عنه لخمس بقين من شره ربيع الأول
سنة 436 (تلو) وصلى عليه ابنه في داره ودفن فيها ثم نقل إلى جوار جده أبي
عبد الله الحسين " عليه السلام " قال (ض) ونقل عنه انه قال عند وفاته:
لئن كان حظي عافني عن سعادتي * فان رجائي واثق بحليم
وان كنت من زاد التقية والتقى * فقيرا فقد أمسيت ضيف كريم
قال (جش) وتوليت غسله ومعي الشريف أبو يعلى محمد بن الحسن الجعفري
وسلار بن عبد العزيز.
(6) حكي عن القاضي التنوخي صاحب السيد المرتضى انه قال إن مولد
السيد سنة 355 وخلف بعد وفاته ثمانين الف مجلد من مقروآته ومصنفاته
ومحفوظاته ومن الأموال والأملاك ما يتجاوز عن الوصف وصنف كتابا يقال له
الثمانين وخلف من كل شئ ثمانين وعمر إحدى وثمانين سنة من اجل ذلك سمي
الثمانيني وبلغ في العلم وغيره مرتبة عظيمة قلد نقابة الشرفاء شرقا وغربا وإمارة
الحاج والحرمين والنظر في المظالم وقضاء القضاء وبلغ على ذلك ثلاثين سنة انتهى.
483

وتقدم في ابن فهد وفي الشهيد الثاني منامان ينبئان عن رفعة مرتبته وعلو
درجته في الآخرة قدس الله روحه.
(عماد الدين الطبري) انظر الطبري
(عماد الدين)
الكاتب الأصبهاني أبو عبد الله محمد بن صفي الدين محمد بن حامد المعروف
بابن أخي العزيز صاحب تكريت كان فقيها شافعي المذهب نشأ بأصبهان وقدم
بغداد في حداثته واخذ عن الشيخ أبى منصور مدرس النظامية وسمع بها الحديث
عن جماعة عن المحدثين وتفقه بالمدرسة النظامية زمانا وأتقن فنون الأدب ثم انتقل
إلى دمشق وسلطانها يومئذ الملك العادل نور الدين أبو القاسم محمود بن أتابك
زنكي فاختص به وعلت منزلته عنده وفوض إليه تدريس المدرسة المعروفة به في
دمشق وصنف التصانيف الفائقة من ذلك كتاب خريدة القصر وجريدة العصر
ذكر فيه الشعراء الذين كانوا بعد المأة الخامسة إلى سنة 572 وجمع شعراء البلاد
ولم يترك أحدا إلا الشاذ الخامل جعله ذيلا على زينة الدهر تأليف أبى المعالي سعد
ابن علي الوراق الحظيري والحظيري جعل كتابه ذيلا على دمية القصر وعصرة
أهل العصر للباخرزي والباخرزي جعل كتابه ذيلا على يتيمة الدهر للثعالبي
والثعالبي جعل كتابه ذيلا على كتاب البارع لهارون بن علي المنجم البغدادي
الأديب الفاضل المتوفى سنة 288 وكتابه البارع في اخبار الشعراء المولدين وجمع
فيه 161 شاعرا وافتتحه بذكر بشار بن برد وختمه بمحمد بن عبد الملك بن صالح
وبالجملة هو الأصل الذي نسجوا على منواله وصنف عماد الدين أيضا كتاب القدح
القسي في الفتح القدسي وكتاب البرق الشامي وهو مجموع تاريخ وبدأ فيه بذكر
نفسه وصورة انتقاله من العراق إلى الشام وانما سماه البرق لأنه شبه أوقاته في تلك
الأيام بالبرق الخاطف لطيبها وسرعة انقضائها توفي سنة 597 بدمشق.
484

(العمادي)
الدمشقي عبد الرحمن بن محمد الحنفي شيخ الاسلام مفتي الشام كان أحد
افراد الدهر وأعيان اعلام الفضل اخذ من البوريني والقاضي محب الدين ولي
تدريس المدرسة السلمية والسليمانية والافتاء بالشام واشتهر وسلم له علماء عصره
ومدحه الشعراء والأدباء له الصلاة الفاخرة بالأحاديث المتواترة والمستطاع من الزاد
توفي بدمشق سنة 1051 (غنا).
(العماني)
هو ابن أبي عقيل وقد تقدم والعماني الراجز محمد بن ذويب أبو العباس
النهشلي النميمي الشاعر المشهور قدم بغداد ومدح الرشيد والفضل بن الربيع حكي
انه أنشد الرشيد أرجوزة يصف فيها فرسا شبه اذنيه بقلم محرف فقال:
كأن اذنيه إذا تشوفا * قادمة أو قلما محرفا
فقال له الرشيد دع كأن وقل تخال حتى يستوي الاعراب. عمر عمرا
طويلا قال الأصمعي انه مات وهو ابن ثلاثين ومائة سنة.
(العمركي) انظر البوفكي
(عميد الدولة)
محمد بن محمد بن محمد بن جهير وكان وزيرا للمقتدي بأمر الله قال ابن
الطقطقي في الفخري كان فاضلا حصيفا فاستحلاه نظام الملك وزير السلطان وكان
يعجب منه ويقول وددت انى ولدت مثله ثم زوجه ابنته واستوزره المقتدي
وفوض الأمور إليه ثم عزله فشفع له نظام الملك فأعيد إلى الوزارة فقال ابن الهبارية
الشاعر في ذلك:
لولا صفية ما استوزرت ثانية * فاشكر حرا صرت مولانا الوزير به
ثم وقع بين عميد الدولة وبين سلاطين العجم فطلبوا من الخليفة عزله وأشار
485

أصحاب الخليفة بذلك فعزله وحبس بباطن دار الخلافة ثم اخرج ميتا فدفن وكان
يقول الشعر فمن شعره:
إلى متى أنت في حل وترحال * تبغي العلى والمعالي مهرها غال
يا طالب المجد دون المجد ملحمة * في طيها خطر بالنفس والمال
ولليالي صروف قلما انجذبت * إلى مراد امرئ يسعى بلا مال
أتقول: تقدم في ابن جهيران والده فخر الدولة كان صهرا لنظام الملك.
(عميد الرؤساء)
رضي الدين أبو منصور هبة الله بن حامد الحلي اللغوي الفقيه الفاضل الجامع
الأديب الكامل يروي عنه السيد فخار كان (ره) من الأخيار الصلحاء التعبدين
ومن أبناء الكتاب المعروفين وهو الذي يروي الصحيفة الكاملة السجادية عن السيد
الاجل بهاء الشرف فهو القائل حدثنا في أولها مات سنة 609 (خط).
(عميد الملك الكيدري)
أبو نصر محمد بن منصور بن محمد الوزير استوزره السلطان طغرلبك
السلجوقي ونال عنده الرتبة العالية ذكر ابن الأثير في تاريخه ان الوزير المذكور
كان شديد التعصب على الشافعية كثير الوقيعة في الشافعي بلغ من تعصبه انه
خاطب السلطان ألب أرسلان السلجوقي في لعن الرافضة على منابر خراسان فأذن في
ذلك فلعنهم وأضاف إليهم الأشعرية فأنف من ذلك أئمة خراسان منهم أبو القاسم
القشيري وامام الحرمين الجويني وغيرهما ففارقوا خراسان انتهى.
ولم يزل عميد الملك في دولة طغرلبك كان عظيم الجاه إلى أن توفي طغرلبك
وقام في المملكة ألب أرسلان فأقره على حاله إلى أن سيره إلى خوارزم شاه ليخطب
له ابنته فأرجف أعداؤه انه خطبها لنفسه فبلغ عميد الملك الخبر فخاف تغير قلب
مخدومه عليه فعمد إلى لحيته فحلقها والى مذاكيره فجبها وقيل إن السلطان خصاه
486

ثم إن ألب أرسلان عزله من الوزارة وفوض الوزارة إلى نظام الملك الطوسي
وحبس عميد الملك في نيسابور ثم نقله إلى مروروذ وحبسه في دار فكان في حجرة
تلك الدار عياله وكانت له بنت واحدة ثم قتله وذلك في سنة 456 (تون) ومن
العجائب انه دفنت مذاكيره بخوارزم وأريق دمه بمروروذ ودفن جسده بقربة
كيدر وجمجمته ودماغه بنيسابور وحشيت سوأته بالتبن ونقلت إلى كرمان وكان
نظام الملك هناك ودفنت وفي ذلك عبرة لمن اعتبر بعد أن كان رئيس عصره نقلت
ذلك من ابن خلكان والكيدري يأتي في القطب الكيدري.
(العميدي)
السيد عبد المطلب بن السيد مجد الدين أبى الفوارس محمد بن أبي الحسن علي
فخر الدين العالم الفاضل الجليل الأديب الشاعر النسابة ابن محمد بن أحمد بن علي
الأعرج المنتهي نسبه إلى عبيد الله الأعرج بن الحسين بن الإمام زين العابدين " عليه السلام "
كان سيدا جليل القدر رفيع المنزلة عظيم الشأن حسن الشمائل جم الفضائل عالي
الهمة وافر الحرمة كريم الأخلاق زكي الأعراق عمدة السادة الاشراف بالعراق
عالما عاملا فاضلا كاملا فقيها محدثا مدرسا بتحقيق وتدقيق فصيحا بليغا أديبا مهذبا
كذا قال السيد ضامن كانت أمه بنت الشيخ سديد الدين والد العلامة وله مصنفات
مشهورة أكثرها شروح وتعاليق على كتب خاله العلامة منها منية اللبيب في
شرح تهذيب الأصول وكنز الفوائد في حل مشكلات القواعد وتبصرة الطالبين في
شرح نهج المسترشدين إلى غير ذلك تولد ليلة النصف من شعبان سنة 681 (خفا)
في الحلة وتوفي ليلة الاثنين 10 شعبان ببغداد سنة 754 وحمل إلى المشهد المقدس
الغروي بعد أن صلي عليه بالحلة في يوم الثلاثاء بمقام أمير المؤمنين " عليه السلام " يروي
عنه الشيخ الشهيد قال في اجازته لابن نجدة عن عدة من أصحابنا منهم المولى
السيد الإمام المرتضى علم الهدى شيخ أهل البيت " عليه السلام " في زمانه عميد الحق والدين
487

أبو عبد الله عبد المطلب بن الأعرج الحسيني طاب الله ثراه وجعل الجنة
مثواه انتهى.
وهو يروي عن جماعة منهم والده مجد الدين أبو الفوارس محمد العالم الجليل
وقد بالغ في الثناء عليه صاحب تحفة الأزهار وقال اسمه مرقوم في حائر الحسين " عليه السلام "
ومساجد الحلة ويقال لولده بنو الفوارس. (وقد يطلق) العميدي عند العامة على
ركن الدين أبى حامد محمد بن محمد بن محمد الحنفي السمرقندي كان إماما في فن
الخلاف وصنف فيه الارشاد توفي ببخارا سنة 615 (خيه).
(العنصري)
الحكيم أبو القاسم الحسن بن أحمد البلخي شاعر مشهور من شعراء السلطان
محمود الغزنوي قيل إنه ولد سنة 350 وتوفى سنة 432 وكان له منزلة رفيعة عند
السلطان محمود بحيث يقدمه على شعراء عصره فكان ملك الشعراء في زمانه وكان
معاصرا للحكيم أبى القاسم الفردوسي الشاعر له ديوان.
(العوفي)
القاضي الحسين بن الحسن بن عطية بن سعد بن جنادة العوفي يكنى
أبا عبد الله وكان من أهل الكوفة وقد سمع كثيرا قدم بغداد فولي قضاء الشرقية
بعد حفص بن غياث ثم نقل إلى قضاء عسكر المهدي في خلافة هارون توفي سنة
201 أو 202 كذا في المعارف وتاريخ بغداد وفي الأول هو مولى لبني عوف
ابن سعد بن قيس غيلان وكان عطية بن سعد فقيها في زمن الحجاج وكان يتشبع
أقول: وابن أخيه سعد بن محمد بن الحسن بن عطية أيضا أحد المحدثين حدث
عن أبيه وعن جماعة كثيرة ذكره الخطيب في تاريخ بغداد وروى عنه عن عمرو بن
عطية والحسين بن الحسن بن عطية عن عطية عن أبي سعيد الخدري عن أم سلمة رضي
الله عنها قالت نزلت هذه الآية في بيتي (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل
488

البيت ويطهركم تطهيرا) وكان في البيت علي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام
قالت وكنت على باب البيت فقلت أين انا يا رسول الله؟ قال أنت في خير والى
خير انتهى.
وعطية العوفي أحد رجال العلم والحديث يروي عنه الأعمش وغيره وروي
عنه اخبار كثيرة في فضائل أمير المؤمنين " عليه السلام " وهو الذي تشرف بزيارة الحسين
عليه السلام مع جابر الأنصاري الذي يعد من فضائله انه كان أول من زاره.
قال أبو جعفر الطبري في كتاب ذيل المذيل: عطية بن سعد بن جنادة العوفي
من جديلة قيس يكنى أبا الحسن، قال ابن سعد: أخبرنا سعد بن محمد بن الحسن بن عطية
قال جاء سعد بن جنادة إلى علي بن أبي طالب " عليه السلام " وهو بالكوفة فقال يا أمير المؤمنين
انه قد ولد لي غلام فسمه فقال هذا عطية الله فسمي عطية وكانت أمه رومية وخرج
عطية مع ابن الأشعث، هرب عطية إلى فارس وكتب الحجاج إلى محمد ابن قاسم
الثقفي ان ادع عطية فان لعن علي بن أبي طالب وإلا فاضربه أربعمائة سوط واحلق
رأسه ولحيته فدعاه وأقرأه كتاب الحجاج وأبى عطية ان يفعل فضربه أربعمائة
سوط وحلق رأسه ولحيته فلما ولي قتيبة بن مسلم خراسان خرج إليه عطية فلم
يزل بخراسان حتى ولي عمر بن هبيرة العراق فكتب إليه عطية يسأله الاذن له في
القدوم فأذن له فقدم الكوفة فلم يزل بها إلى أن توفي سنة 111 وكان كثير الحديث
ثقة انشاء الله انتهى.
وحكي عن ملحقات الصراح قال: عطية العوفي ابن سعيد له تفسير في خمسة
اجزاء قال عطية عرضت القرآن على ابن عباس ثلاث عرضات على وجه التفسير
واما على وجه القراءة فقرأت عليه سبعين مرة انتهى.
(تذييل)
إعلم ان الخطيب في تاريخ بغداد ذكر العوفي وأورد له اخبارا طريفة ينبغي
لنا نقل خبرين منه:
489

(الأول) ما رواه عن أبي عمرو الشغافي قال: صلينا مع المهدي المغرب جاء
العوفي حتى قعد في قبلته فقام يتنفل فجذب ثوبه فقال ما شأنك فقال شئ أولى
بك من النافلة قال وما ذاك؟ قال سلام مولاك، قال وهو قائم على رأسه أوطأ قوما
الخيل وغصبهم على ضيعتهم وقد صح ذلك عندي تأمر بردها وتبعث من يخرجهم
فقال المهدي يصح ان شا الله فقال العوفي لا إلا الساعة فقال المهدي إلى فلان القائد
اذهب الساعة إلى موضع كذا وكذا فاخرج من فيها وسلم الضيعة إلى فلان قال
فما أصبحوا حتى ردت الضيعة على صاحبها.
(الثاني) حكي انه اشترى رجل من أصحاب القاضي العوفي جارية فغاضبته
ولم تطعه فشكى ذلك إلى العوفي فقال أنفذها إلي حتى أكلمها فأنفذها إليه فقال لها
يا عزوب يا لعوب يا ذات الجلابيب ما هذا التمنع المجانب للخيرات والاختيار
للأخلاق المشنوءات فقالت له أيد الله القاضي ليس لي فيه حاجة فمره يبعني فقال لها
يا منية كل حكيم وبحاث على اللطائف عليم اما علمت أن فرط الاعتياصات من
الموموقات على طالبي المودات والباذلين لكرائم المصونات مؤديات إلى عدم المفهومات
فقالت له الجارية ليس في الدنيا أصلح لهذه العثنونات المنتشرات على صدور أهل
الركاكات من المواسي الحالقات وضحكت وضحك أهل المجلس وكان العوفي
عظيم اللحية انتهى.
(العياشي)
الشيخ الأجل أبو النضر بالضاد المعجمة محمد بن مسعود بن محمد بن عياش
السلمي السمرقندي، قال مشايخ الرجال انه ثقة صدوق عين من عيون هذه الطائفة
وكبيرها جليل القدر واسع الاخبار بصير بالرواية مضطلع بها له كتب كثيرة
تزيد على مأتي مصنف منها كتاب التفسير المعروف وكان يروي عن الضعفاء وكان
في أول عمره (امره خ ل) عامي المذهب وسمع حديث العامة وأكثر منه ثم تبصر
490

وعاد إلينا وهو حديث السن سمع أصحاب علي بن الحسن بن فضال وجماعة من
شيوخ الكوفيين والبغداديين والقميين وأنفق على العلم والحديث تركة أبيه سائرها
(أي جميعها) وكانت ثلاثمائة ألف دينار وكانت داره كالمسجد بين ناسخ أو
مقابل أو قار أو معلق مملوة من الناس. وبالجملة: كان (ره) أكثر أهل المشرق علما
وأدبا وفضلا وفهما ونبلا في زمانه وكان له مجلس للخاص ومجلس للعام شكر الله
مساعيه الجميلة ذكره ابن النديم في فهرست كتبه وقال في حقه قيل إنه من بني تميم
من فقهاء الشيعة الإمامية أوحد دهره وزمانه في غزارة العلم ولكتبه بنواحي
خراسان شأن من الشأن انتهى.
ومن تلاميذه وغلمانه في مصطلح أهل الرجال الشيخ أبو عمرو محمد بن عمر بن
عبد العزيز الكشي صاحب كتاب الرجال المشهور (والعياشي) عند العامة يطلق
على جمع منهم عفيف الدين أبو سالم عبد الله بن محمد بن أبي بكر المغربي رحل إلى
المشرق فقرأ بمصر على الأجهوري والشهاب الخفاجي وغيرهما وجاور الحرمين عدة
سنين ورجع إلى بلاده وقام بها إلى أن توفي سنة 1090 له الرحلة العياشية وهي
رحلته من مراكش إلى مكة. وحكي انه اجتمع بالشيخ حسن العجمي وأجاز
كل صاحبه.
(العيني)
قاضي القضاة بدر الدين محمود بن أحمد بن موسى الحنفي الحلبي العينتابي
القاهري النحوي اللغوي له عمدة القاري في شرح صحيح البخاري وشرح
الشواهد (اي شواهد شروح الألفية) والطبقات الحنفية ومختصر تاريخ ابن
عساكر وتاريخ البدر في أوصاف أهل العصر إلى غير ذلك وقد بنى مدرسة بقرب
الجامع الأزهر ووقف كتبه بها وتوفي بالقاهرة سنة 855 (ضنه) ودفن بالمدرسة.
491

(الغافقي)
أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد بن عيسى بن يعقوب الأندلسي شيخ النحاة
والقراء صاحب شرح الجمل وغيره توفي سنة 710 (ذي).
(والغافقي) بكسر الفاء بكسر الفاء نسبة إلى غافق كصاحب حصن بالأندلس.
(الغزالي)
أبو حامد محمد بن محمد بن محمد بن أحمد الملقب حجة الاسلام الطوسي الفقيه
الشافعي قيل لم يكن للطائفة الشافعية في آخر عصره مثله اشتغل في مبدأ أمره بطوس
على احمد الرادكاني ثم قدم نيسابور واختلف إلى دروس امام الحرمين وجد
في الاشتغال حتى تخرج في مدة قريبة وصار من الأعيان المشار إليهم وصنف
في ذلك الوقت وكتبه معروفة أشهرها كتاب البسيط والوسيط والوجيز والخلاصة
في الفقه والجام العوام من علم الكلام والتبر المسبوك في نصيحة الملوك والمقصد
الأسنى شرح أسماء الله الحسنى والمنقذ من الضلال والأجوبة الغزالية ومنهاج
العابدين واحياء علوم الدين وهو من أنفس كتبه ولكن قال العالم الفاضل المطلع
الخبير الذي كان له يد طولى في كل العلوم أبو الفرج ابن الجوزي في كتاب
تلبيس إبليس في الرد على الصوفية ما هذا لفظه ص 176 وجاء أبو حامد الغزالي
فصنف لهم اي للصوفية كتاب الاحياء على طريقة القوم وملأه بالأحاديث الباطلة
وهو لا يعلم بطلانها وتكلم على المكاشفة وخرج عن قانون الفقه ثم ذكر ذم
الاحياء وأمثاله وقال إن هذه الكتب كتب بدع وضلالات وقال فيه أيضا
ص 597 وقد حكى أبو حامد الغزالي في كتاب الاحياء قال كان بعض الشيوخ
في بداية ارادته يكسل عن القيام فالزم نفسه القيام على رأسه طول الليل لتسمح نفسه
بالقيام عن طوع قال وعالج بعضهم حب المال بأن باع جميع ماله ورماه في البحر
إذا خاف من تفرقته على الناس رعونة الجور ورياء البذل قال وكان بعضهم
492

يستأجر من يشتمه على ملا من الناس ليعود نفسه الحلم قال وكان آخر يركب البحر
في الشتاء عند اضطراب الموج ليصير شجاعا، قال المصنف: أعجب من جميع هؤلاء
عندي أبو حامد كيف حكى هذه الأشياء ولم ينكرها وكيف ينكرها وقد اتى بها في
معرض التعليم وقال قبل ان يورد هذه الحكايات ينبغي للشيخ ان ينظر إلى حالة المبتدي
فان رأى معه مالا فاضلا عن قدر حاجته اخذه وصرفه في الخير وفرغ قلبه منه
حتى لا يلتفت إليه وإن رأى الكبرياء قد غلب عليه امره ان يخرج إلى السوق
للكد ويكلفه السؤال والمواظبة على ذلك وان رأى الغالب عليه البطالة استخدمه
في بيت الماء وتنظيفه وكنس المواضع القذرة وملازمة المطبخ ومواضع الدخان
وان رأى شره الطعام غالبا عليه ألزمه الصوم وان رآه عزبا ولم تنكسر شهوته
بالصوم امره ان يفطر ليلة على الماء دون الخبز وليلة على الخبز دون الماء ويمنعه
اللحم رأسا قلت واني لا تعجب من أبي حامد كيف يأمر بهذه الأشياء التي تخالف
الشريعة وكيف يحل القيام على الرأس طول الليل فينعكس الدم إلى وجهه ويورثه
ذلك مرضا شديدا وكيف يحل رمي المال في البحر وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وآله عن
إضاعة المال وهل يحل سب مسلم بلا سبب وهل يجوز للمسلم ان يستأجر على ذلك
وكيف يجوز ركوب البحر زمان اضطرابه وذلك زمان قد سقط فيه الخطاب بأداء
الحج وكيف يحل السؤال لمن يقدر ان يكتسب فما أرخص ما باع أبو حامد الغزالي
الفقه بالتصوف، وقال أيضا ص 379 وحكى أبو حامد الغزالي عن ابن الكريني انه
قال: نزلت في محلة فعرفت فيها بالصلاح فدخلت الحمام وغيبت علي ثيابا فاخرة
فسرقتها ولبستها ثم لبست مرقعتي فوقها وخرجت فجعلت أمشي قليلا قليلا
فلحقوني فنزعوا مرقعتي وأخذوا الثياب وصفعوني فصرت بعد ذلك أعرف بلص
الحمام فسكنت نفسي، قال أبو حامد: فهكذا كانوا يروضون أنفسهم حتى يخلصهم
الله من النظر إلى الخلق ثم من النظر إلى النفس وأرباب الأحوال ربما عالجوا أنفسهم
بما لا يفتي به الفقيه مهما رأوا صلاح قلوبهم ثم يتداركون ما فرط منهم من صورة
493

التقصير كما فعل هذا في الحمام قلت سبحان من اخرج أبا حامد من دائرة الفقه
بتصنيفه كتاب الاحياء فليته لم يحكي فيه مثل هذا الذي لا يحل والعجب أنه
يحكيه ويستحسنه ويسمي أصحابه أرباب أحوال وأي حالة أقبح وأشد من حال
من يخالف الشرع ويرى المصلحة في المنهي عنه وكيف يجوز ان يطلب صلاح
القلوب بفعل المعاصي أو قد عدم في الشريعة ما يصلح قلبه حتى يستعمل ما لا يحل
فيها وكيف يحل للمسلم ان يعرض نفسه لان يقال عنه سارق وهل يجوز ان يقصد
وهن دينه ومحو ذلك عند شهداء الله في الأرض ثم كيف يجوز التصرف في مال
الغير بغير اذنه ثم في نص مذهب احمد والشافعي ان من سرق من الحمام ثيابا عليها
حافظ وجب قطع يده فعجبي من هذا الفقيه المستلب عن الفقه بالتصوف أكثر من
تعجبي من هذا المستلب الثياب انتهى.
وفي كشف الظنون، قال أبو الفرج ابن الجوزي قد جمعت أغلاط الاحياء
وسميته اعلام الاحياء بأغلاط الاحياء أشرت إلى بعض ذلك في كتاب تلبيس
إبليس، وقال سبطه أبو المظفر وضعه على مذاهب الصوفية وترك فيه قانون الفقه
فأنكروا عليه ما فيه من الأحاديث التي لم تصح انتهى.
قال المولى أبو الخير واما الأحاديث التي لم تصح لا ينكر على إيرادها
لجوازه في الترغيب والترهيب انتهى واختصر الاحياء أخوه احمد الغزالي سماه
لباب الاحياء وهذبه المولى المحقق الكاشاني صاحب الوافي وسماه محجة البيضاء
في تهذيب الاحياء. توفى الغزالي 14 ج 2 سنة 55 بالطابران ودفن بظاهر
الطابران وهي قصبة طوس وتقدم في الشيخ الطوسي ما يتعلق بها.
ورثاه الأبيوردي الشاعر بقصيدة فائية منها قوله:
مضى وأعظم مفقود فجعت به * من لا نظير له في الناس يخلفه
والغزالي: بفتح أوله وتشديد الزاي نسبة إلى الغزال حكي ان والده كان يغزل
الصوف ويبيعه في دكانه وقيل إن الزاي مخففة نسبة إلى غزالة قرية من قرى طوس
494

ورأيت في تسمية الغزالي وجها آخر قيل كان من رأيه الصدقة على النساء العجائز
اللواتي يحضرن إلى دار الغزل ليبعن غزلهن فيرى ضعفهن وفقرهن ونزارة تكسبهن
فيرق لهن فيتصدق عليهن كثيرا ويأمر بالصدقة عليهن فنسب إلى ذلك. وأخوه
أبو الفرج أحمد بن محمد الغزالي كان واعظا درس بالمدرسة النظامية نيابة عن أخيه
أبى حامد لما ترك التدريس زهادة فيه وطاف البلاد وخدم الصوفية وكان مائلا إلى
الانفراد والعزلة وتوفي بقزوين سنة 520 وينسب إليه قوله:
چون چتر سنجري رخ بختم سياه باد * يا فقر اگر بودهوس ملك سنجرم
تا يافت جان من خبر ذوق نيم شب * صد ملك نيمروز بيك جو نميخرم
(الغزالي المشهدي)
شاعر معروف من مشاهير شعراء عصر الشاه طهماسب الصفوي له الاسرار
المكونة ورشحات الحياة ونقش بديع توفي سنة 970.
(الغزي)
نسبة إلى غزة بفتح الغين المعجمة وتشديد الزاي وبعدها هاء - بليدة في
الساحل الشامي بالقرب من عسقلان وهي في أوائل بلاد الشام من جهة الديار المصرية
وهي إحدى الرحلتين المذكورتين في القرآن المجيد، قيل كانت غزة امرأة صور الذي
بنى صور مدينة الساحل قريبة من البحر، ويقال لها عزة هاشم لان بها قبر هاشم
جد النبي صلى الله عليه وآله ينسب إليها أبو إسحاق إبراهيم بن يحيى بن عثمان بن محمد الكلبي
الأشهبي الشاعر المشهور رحل إلى بغداد وأقام بالمدرسة النظامية سنين كثيرة ثم
رحل إلى خراسان وامتدح بها جماعة من رؤسائها وانتشر شعره هناك، له ديوان
شعر توفي سنة 524 (ثكد) ما بين مرو وبلخ ونقل إلى بلخ ودفن بها وينسب
إليها أيضا ابن قاسم الغزي وقد تقدم.
495

(الغساني)
المحدث أبو علي الحسين بن محمد بن أحمد الغساني الجياني الأندلسي المحدث
كان إماما في الحديث والأدب وله كتاب مفيد سماه تقييد المهمل ضبط فيه كل
لفظ يقع فيه اللبس من رجال الصحيحين وما أقصر فيه وهو في جزئين، وكان من
جهابذة المحدثين له معرفة بالغريب والشعر والأنساب توفي سنة 498 (تصح).
(الغضائري)
الشيخ الجليل أبو عبد الله الحسين بن عبيد الله بن إبراهيم الغضائري وجه
الشيعة وشيخ مشايخهم كان رحمه الله كثير السماع عارفا بالرجال ووصفه غير
واحد من علماء العامة بأنه شيخ الرافضة في زمانه وناهيك به فضلا ومنقبة (جش)
الحسين بن عبيد الله بن إبراهيم الغضائري أبو عبد الله شيخنا رحمه الله له كتب
وعد كتبه ثم قال: أجازنا جميعا وجميع مروياته عن شيوخه ومات في نصف صفر
سنة 411 (تيا) أقول: تقدم معنى الغضائر في ابن الغضائري.
(غياث الدين) عبد الكريم بن أحمد بن طاووس انظر ابن طاووس
(غياث الدين)
عبد الكريم النيلي النجفي ابن أبي طالب محمد النسابة ابن جلال الدين نقيب
المشهد والكوفة النسابة عبد الحميد المتوفى سنة 666 المنتهي نسبه إلى أبى عاتقة
الزاهد الحسين الملقب بذي الدمعة ابن زيد الشهيد بن علي بن الحسين بن علي بن
أبي طالب " عليه السلام " وصفه صاحب عمدة الطالب بالشهادة دارجا من دون ذكر كيفيتها
وذكرها معاصره صفي الدين الحلي في محكى ديوانه وقال: قد خرج عليه جماعة من
العرب بشط سوراء من العراق فحملوا عليه وسلبوه فمانعهم عن سلب سرواله فضربه
496

أحدهم فقتله ورثاه صفي الدين المذكور ويحرض النقيب الطاهر شمس الدولة الآوي
على اخذ ثاره بقوله:
هو الدهر مغري بالكريم وسلبه * فان كنت في شك بذاك فسل به
أرانا المعالي كيف ينهد ركنها * وكيف يغور البدر من بين شبهه
أبعد غياث الدين يطمع صرفه * بصرف خطاب الناس عن ذم خطبه
وتخطو إلى عبد الكريم خطوبه * ويطلب منا اليوم غفران ذنبه
سليل النبي المصطفى وابن عمه * ونجل الوصي الهاشمي لصلبه
(القصيدة)
وهي مذكورة في (شهداء الفضيلة)، وتقدم في بهاء الدين النيلي
ما يتعلق به.
(غياث الدين)
منصور بن الأمير صدر الدين الدشتكي الشيرازي، صاحب المدرسة
المنصورية في شيراز، المشتهر أمره في الفضل والفهم والشأن والقدر والمجد
والفخر والاعتزاز أوحد عصره في الحكمة والكلام بل ألمعي زمانه في العلم
بشرائع الاسلام جامع المعقول والمنقول حاوي الفروع والأصول، يستفاد
من بعض التواريخ انه كان من جملة وزراء السلطان حسين ميرزا بايقرا
التيموري.
قال صاحب (مجالس المؤمنين) بعد الإطراء في مدحه: فرغ من
ضبط العلوم وهو في سن العشرين، وظهر في وجهه داعية البحث والجدل
في المطالب العالية مع العلامة الدواني قبل هذه الرحلة بنحو ست سنين
وكان له مدة من الأزمنة منصب الصدارة المطلقة على باب حضرة السلطان
497

يعنى به السلطان شاه طهماسب الصفوي بهادر خان إلى أن قال: له من المصنفات
كتاب (حجة الكلام) عثرت على مبحث المعاد منه، شنع فيه كثيرا
على أقاويل الغزالي، وله كتاب (المحاكمات) بين حواشي والده وحواشي
العلامة الدواني على شرح التجريد، وكتاب (المحاكمات) بين حواشيهما
على شرح المطالع وعلى شرح العضدي على مختصر الأصول، وله شرح
هياكل الأنوار، وشرح رسالة أبيه في إثبات الواجب، وكتاب (معالم
الشفاء) في الطب، ومختصره المسمى (بالشافية)، (والأخلاق المنصوري)
إلى غير ذلك من الكتب الكثيرة.
(تم باب الغين من كتاب " الكنى والألقاب ") ويتلوه باب الفاء في المجلد الثالث إن شاء الله تعالى
(1000 / 3 / 1970)
498