الكتاب: الكنى والألقاب
المؤلف: الشيخ عباس القمي
الجزء: ١
الوفاة: ١٣٥٩
المجموعة: مصادر سيرة النبي والائمة
تحقيق:
الطبعة:
سنة الطبع:
المطبعة:
الناشر: مكتبة الصدر - طهران
ردمك:
ملاحظات: تقديم محمد هادي الأميني

الكنى والألقاب
1

الكنى والألقاب
تأليف
المحقق الشهير والمؤرخ الكبير
الشيخ عباس القمي
الجزء الأول
تقديم
محمد هادي الأميني
3

بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة
الحمد لله الذي انزل على عبده الكتاب، ليبشر المؤمنين الذي يعملون
الصالحات، وينذر الذين لم يؤمنوا بيوم الحساب، والصلاة على نبيه محمد الذي من
علينا به دون الأمم الماضية والقرون السالفة فأدأب نفسه في تبليغ رسالته واتبعها
في الدعاء لملته حتى ظهر أمر الله وعلت كلمته وعلى أئمة الهدى وقادة أهل التقى من
أهل بيته وعترته، اللهم وأصحاب محمد صلى الله عليه وآله خاصة الذين أحسنوا الصحابة والذين
أبلوا البلاء الحسن في نصره، وكانفوه وأسرعوا إلى وفادته، وسابقوا إلى دعوته،
واستجابوا له حيث أسمعهم حجة رسالته، وفارقوا الأزواج والأولاد في اظهار
كلمته وقاتلوا الآباء والأبناء في تثبيت نبوته، فهجرتهم العشائر إذ تعلقوا بعروته
وانتفت منهم القرابات إذ سكنوا في ظل قرابته، فلا تنس اللهم لهم ما تركوا لك
وفيك، وارضهم من رضوانك، واشكرهم على هجرهم فيك ديار قومهم وخروجهم
من سعة المعاش إلى ضيقه. (اللهم) وأوصل إلى التابعين لهم باحسان الذين يقولون
ربنا اغفر لنا ولاخواننا الذي سبقونا بالايمان خير جزائك وفضلك وكرامتك انك
ذو رحمة واسعة وفضل كريم.
(وبعد) فيقول المحتاج إلى رحمة ربه العزيز الوهاب عباس بن محمد رضا
القمي (أوتيا كتابهما بيمينهما يوم الحساب) (هذا كتاب الكنى والألقاب)
جمعت فيه المشهورين بالكنى والألقاب والأنساب من مشاهير علماء الفريقين،
4

وكثير من الشعراء والأدباء والامراء المعروفين واقتصرت في تراجمهم على المهم من
أحوالهم، حذرا من الاختصار المخل، والاطناب الممل، وأضفت إليه ضروبا من
الآداب ما بين كلام منثور، وشعر مرصوف، وموعظة بالغة، وحكمة جامعة،
وأحاديث شريفة، وفوائد مهمة علمية، وذكر البلاد وأفلاذ أكبادها وضبط أساميها
وكثيرا ما أذكر في خلال التراجم سيما في علماء الإمامية قدس الله تعالى أسرارهم
عند ذكر مشايخهم أو تلاميذهم جماعة من المعروفين بأسمائهم بدون الكنى
والألقاب، فجاء بحمد الله تعالى كما أردت وأتاني بفضل ربي فوق ما مهدت
وقصدت، فعليك به ولو بالعارية، وخذه ولو بقرطي مارية، وتتم مطالبه في ثلاثة
أبواب. والله الملهم للخير والصواب في كل باب.
الباب الأول فيما صدر بأب
(أبو أحمد الموسوي)
الحسين بن موسى بن محمد بن موسى بن إبراهيم بن الإمام موسى بن جعفر
عليهم السلام والد الشريفين السيد المرتضى والرضي رضي الله تعالى عنهم أجمعين جليل القدر
عظيم الشأن اثنى عليه جماعة من العلماء (فمن القاضي نور الله) قال: قال صاحب
تأريخ مصر والقاهرة كان الشريف أبو أحمد سيدا عظيما مطاعا وكانت هيبته أشد
هيبة ومنزلته عند بهاء الدولة ارفع المنازل ولقبه بالطاهر والأوحد وذوي المناقب
وكانت فيه كل الخصال الحسنة إلا أنه كان رافضيا هو وأولاده على مذهب القوم
انتهى وكان أبو أحمد نقيب السادات العلوية ببغداد وقاضي القضاة وأمير الحج،
توفي سنة 400 (ت) ببغداد ودفن في داره ثم نقل إلى كربلا ودفن في الحائر
الشريف قرب قبر أبي عبد الله الحسين " ع "، ورثاه جمع كثير منهم ولداه الشريفان
الرضي والمرتضى ومهيار الديلمي وأبو العلاء المعري.
5

(أبو أسامة)
زيد الشحام بن يونس الكوفي، روي عن أبي عبد الله وأبي الحسن " ع "
ثقة عين له كتاب يرويه عنه جماعة. روي عنه قال: قلت لأبي عبد الله " ع " اسمي
في تلك الأسماء يعني في كتاب أصحاب اليمين قال نعم، وعنه أيضا قال: قال لي
أبو عبد الله " ع " يا زيد كم اتى لك سنة قلت كذا وكذا قال يا أبا أسامة ابشر
فأنت معنا وأنت من شيعتنا، اما ترضى ان تكون معنا قلت بلى يا سيدي فكيف
لي ان أكون معكم فقال يا زيد ان الصراط إلينا وان الميزان إلينا وحساب شيعتنا
إلينا والله يا زيد انى ارحم بكم من أنفسكم والله لكأني انظر إليك والى الحرث بن
مغيرة النصري في الجنة في درجة واحدة.
(أبو إسحاق الأسفرائني) انظر إلى الأسفرائني
(أبو إسحاق الثقفي) انظر الثقفي
(أبو إسحاق الجويني) انظر الجويني
(أبو إسحاق السبيعي)
عمرو بن عبد الله بن علي الكوفي الهمداني من أعيان التابعين، وفي البحار
عن الاختصاص روى محمد بن جعفر المؤدب ان أبا إسحاق عمرو بن عبد الله السبيعي
صلى أربعين سنة صلاة الغداة بوضوء العتمة وكان يختم القرآن في كل ليلة ولم يكن
في زمانه أعبد منه ولا أوثق في الحديث عند الخاص والعام وكان من ثقات علي بن
الحسين " ع " ولد في الليلة التي قتل فيها أمير المؤمنين " ع ". وقبض وله تسعون
سنة، وكان أبو إسحاق المذكور ابن أخت يزيد بن حصين من أصحاب الحسين " ع "
وله رواية مرفوعة عن النبي صلى الله عليه وآله انه قال: ألا أدلكم على خير أخلاق الدنيا
6

والآخرة، تصل من قطعك، وتعطى من حرمك، وتعفو عمن ظلمك وكان له
مسجد معروف بالكوفة قرأ ابن عساكر فيه الحديث سنة 501 (ثا) على الشريف
أبي البركات عمر العلوي، قال صاحب رياض العلماء وكان له ولد اسمه يونس كان
محدثا زاهدا مثله، توفي سنة 160 ولولده يونس ولد اسمه (إسرائيل) كان عابدا
زاهدا، توفي سنة 164 (ومن الغريب) ما رواه محمد بن جرير بن رستم الطبري
الامامي في كتاب (المسترشد) ان من أعداء أمير المؤمنين " ع " والمبغضين له
أبو إسحاق السبيعي ولقد خرج بديلا من نفسه فيمن يقاتل الحسين " ع " والظاهر أن
الشيخ حسن بن علي بن محمد الطبرسي أيضا قد نقل كذلك في كتاب كامل
البهائي وذكر ان هؤلاء الثلاثة من مشاهير علماء العامة ولكن الظاهر
تشيعهم انتهى.
(أقول) ذكره ابن خلكان في تأريخه وقال رأى عليا " ع " وابن عباس
وابن عمر وغيرهم من الصحابة، روى عنه الأعمش وشعبة والثوري وغيرهم وكان
كثير الرواية ولد لثلاث سنين بقين من خلافة عثمان وتوفى سنة 127 وقيل في 128
وقيل في سنة 129، والسبيعي بفتح السين المهملة وكسر الموحدة نسبة إلى سبيع
وهو بطن من همدان. وكان أبو إسحاق المذكور يقول رفعني أبى حتى رأيت علي
ابن أبي طالب " ع " يخطب وهو أبيض الرأس واللحية انتهى.
(أبو إسحاق الشيرازي)
إبراهيم بن علي بن يوسف الفيروز آبادي الشافعي الذي كان ينتسب إليه
صاحب القاموس، كان معاصرا لإمام الحرمين والقشيري، وله كتاب التنبيه في
الفقه. حكي انه صلى ركعتين بعدد كل فرع فيه. ومن شعره:
سألت الناس عن خل وفي * فقالوا ما إلى هذا سبيل
تمسك إن ظفرت بود حر * فان الحر في الدنيا قليل
7

وحكي ان المقتدى بأمر الله الخليفة جهزه إلى نيسابور سفيرا له في خطبة
ابنة الملك جلال الدولة فنجز الغشل، وناظر امام الحرمين أستاذ الغزالي هناك، فلما
أراد الانصراف من نيسابور خرج امام الحرمين إلى وداعه واخذ بركابه حتى
ركب أبو إسحاق بغلته وظهر له في خراسان منزلة عظيمة وكانوا يأخذون من التراب
الذي وطأته بغلته فيتبركون به توفي ببغداد سنة 476 (تعو).
(أبو إسحاق الصابي) انظر الصابي
(أبو إسحاق المروزي)
إبراهيم بن أحمد بن إسحاق الفقيه الشافعي، اخذ الفقه عن ابن سريج وبرع
فيه وانتهت إليه الرئاسة بالعراق بعد ابن سريج، له شرح مختصر المزني وغيره،
أقام ببغداد ردحا ثم ارتحل إلى مصر في أواخر عمره فأدركه اجله بها فتوفى سنة
340 (شم) ودفن بقرب الشافعي (ضا) وكان ممن اخذ منه الفقه وصار كمثله بارعا
فيه هو، القاضي أبو حامد أحمد بن عامر بن بشر المرو الروذي الشافعي الفقيه
صاحب الجامع الكبير في المذهب وشرح مختصر المزني نزل البصرة ودرس بها وعنه
اخذ فقهاؤها، توفي سنة 362 (شسب)، ونسبته إلى (مرو الروذ) بفتح الميم
وسكون الراء وفتح الواو ثم الراء المشددة المضمومة والذال المعجمة بعد الواو وهي
مبنية على نهر وهي من أشهر مدن خراسان بينها وبين مرو الشاهجان أربعون فرسخا
والنهر يقال له بالعجمية (الروذ) وهاتان المدينتان هما (المروان) وقد جاء ذكرهما
في الشعر كثيرا أضيفت إحداهما إلى الشاهجان الذي هو بمعنى (روح الملك) وهي
العظمى، والنسبة إليها مروذي كما أن النسبة إلى الري رازي. (والثانية) إلى النهر
المذكور ليحصل الفرق بينهما والنسبة إليها مرو الروذي، ومروذي أيضا كما نقله
ابن خلكان عن السمعاني (وانما) نقلته عنه بطوله لئلا يقع الالتباس على أحد
بين البلدتين وخصوصا في هذا المقام انتهى. روى الشيخ الطبرسي في محكي اعلام
8

الورى انه قال النبي صلى الله عليه وآله لبريدة الأسلمي (ستنبعث بعوث فكن في بعث يأتي
خراسان ثم أسكن مدينة مرو فإنه بناها ذو القرنين ودعا لها بالبركة وقال لا
يصيب أهلها سوء).
(أبو الأسود الدؤلي (1))
اسمه ظالم بن عمرو أو ظالم بن ظالم هو أحد الفضلاء الفصحاء من الطبقة
الأولى من شعراء الاسلام وشيعة أمير المؤمنين " ع " وكان من سادات التابعين
وأعيانهم صحب عليا " ع " وشهد معه وقعة صفين وهو بصري يعد من الفرسان
والعقلاء، وله نوادر كثيرة فمنها انه سمع رجلا يقول من يعشي الجائع فدعاه
وعشاه فلما ذهب السائل ليخرج قال له هيهات انما أطعمتك على أن لا تؤذي
المسلمين الليلة ثم وضع رجله في الأدهم حتى أصبح. ومنها انه كان له دار بالبصرة
وله جار يتأذى منه كل وقت فباع الدار فقيل له بعت دارك فقال بل بعت جارى.
ومنها انه كان يخرج إلى السوق ويجر رجليه لإصابة الفالج وكان موسرا ذا عبيد
وأساء فقيل له قد أغناك الله تعالى عن السعي في حاجتك فاجلس في بيتك فقال لو
جلست في البيت لبالت علي الشاة. قال ابن خلكان: وكان نازلا في بني قشير
بالبصرة فكانوا يرجمونه بالليل لمحبته لعلي " ع " وولده فإذا أصبح يذكر رجمهم قالوا
الله رجمك فيقول لهم تكذبون لو رجمني لأصابني وأنتم ترجمون فلا يصيب انتهى
وله نادرة لطيفة مع معاوية ذكرها الدميري في حياة الحيوان في دئل وهو: دابة
شبيهة بابن عرس، وأبو الأسود هو الذي ابتكر النحو بإشارة أمير المؤمنين " ع "
وله اشعار كثيرة فمنها قوله
وما طلب المعيشة بالتمني * ولكن الق دلوك في الدلاء

(1) الديلي، بكسر الدال وسكون المثناة التحتانية أو الدؤلي بضم الدال وفتح
الهمزة، نسبة إلى الدئل بكسر الهمزة وهي قبيلة من كنانة، والدؤل اسم دابة
بين ابن عرس والثعلب.
9

تجئ بملئها طورا وطورا * تجئ بحمأة وقليل ماء
ومن شعره في رثاء أمير المؤمنين " ع " قصيدة أولها:
ألا يا عين ويحك فاسعدينا * ألا فابكي أمير المؤمنينا
روي أن معاوية أرسل إليه هدية منها حلواء، يريد بذلك استمالته وصرفه
عن حب أمير المؤمنين على " ع " فدخلت ابنة صغيرة له خماسي أو سداسي عليه
فأخذت لقمة من تلك الحلواء وجعلتها في فمها فقال لها أبو الأسود يا بنتي ألقيه فإنه
سم هذه حلواء أرسلها إلينا معاوية ليخدعنا عن أمير المؤمنين ويردنا عن محبة أهل البيت
عليهم السلام فقال الصبية: قبحه الله يخدعنا عن السيد المطهر بالشهد الزعفر
تبا لمرسله وآكله. فعالجت نفسها حتى قاءت ما أكلتها ثم قالت:
أبالشهد المزعفر يا ابن هند * نبيع عليك أحسابا ودينا
معاذ الله كيف يكون هذا * ومولانا أمير المؤمنين
قال السيد الاجل السيد على خان في أنوار الربيع في ذكر أمثال الحكمة منها
قول أبي الأسود الدؤلي لابنه بعد أن قال له يا بنى إذا كنت في قوم فحدثهم على
قدر سنك وفاوضهم على قدر محلك ولا تتكلمن بكلام من هو فوقك فيستثقلوك
ولا تنحط إلى من دونك فيحتقروك فإذا وسع الله عليك فابسط وإذا أمسك عليك
فامسك ولا تجاود الله فان الله أجود منك. واعلم أنه لا شئ كالاقتصاد ولا معيشة
كالتوسط ولا عز كالعلم ان الملوك حكام الناس والعلماء حكام الملوك ثم أنشأ يقول:
العيش لا عيش إلا ما اقتصدت فان * تسرف وتبذر لقيت الضر والعطبا
والعلم زين وتشريف لصاحبه * فاطلب هديت فنون العلم والأدبا
إلى أن قال:
العلم كنز وذخر لا نفاد له * نعم القرين إذا ما صاحب صحبا
قد يجمع المرء مالا ثم يسلبه * عما قليل فيلقى الذل والحربا
وحامل العلم مغبوط به ابدا * ولا يحاذر منه الفوت والسلبا
10

يا جامع العلم نعم الذخر تجمعه * لا تعدلن به درا ولا ذهبا
توفي أبو الأسود بالطاعون الجارف في البصرة سنة 69 (سط). يروى
عنه روايات شريفة منها: ما رواه عن ابن ذر الغفاري الوصية الطويلة التي أوصاها
بها النبي صلى الله عليه وآله وهي التي شرحها العلامة المجلسي بالفارسية شرحا كبيرا وسماه عين
الحياة. ومنها: ما روي عن امالي ابن الشيخ عن أبي الأسود ان رجلا سأل
أمير المؤمنين " ع " عن سؤال فبادر فدخل منزله ثم خرج فقال أين السائل؟ فقال
الرجل ها انا يا أمير المؤمنين، قال ما مسألتك؟ قال كيت وكيت فأجابه عن سؤاله
فقيل يا أمير المؤمنين كنا عهدناك إذا سئلت عن المسألة كنت فيها كالسكة المحماة
جوابا فما بالك أبطأت اليوم عن جواب هذا الرجل حتى دخلت الحجرة ثم خرجت
فأجبته؟ فقال كنت حاقنا ولا رأي لثلاثة، لا رأي لحاقن ولا حازق ثم
أنشأ يقول " ع ":
إذا المشكلات تصدين لي * كشف حقائقها بالنظر
الأبيات. (بيان) كالسكة المحماة هذا كالمثل في السرعة في الامر أي
كالحديدة التي حميت بالنار كيف تسرع في النفوذ في الوبر عند الكي كذلك تسرع
في الجواب. (قوله " ع ") لا رأي لثلاثة: الظاهر أنه سقط أحد الثلاثة من
النساخ وهو الحاقب (والحازق) الذي ضاق عليه خفه فحزق رجله أي عصرها
وضغطها فهو فاعل بمعنى مفعول. (والحاقن) هو الذي حبس بوله كالحاقب للغايط
ويحتمل ان يكون المراد بالحاقن هنا حابس الأخبثين فهو في موضع اثنين منهما
والله العالم.
(واعلم) انه يأتي في أبي عمرو بن العلاء ذكر من اخذ النحو عن أبي الأسود
فمنهم أبو سليمان يحيى بن يعمر العدواني البصري أحد قراء البصرة وكان عالما
بالقرآن الكريم والنحو ولغات العرب. حكي انه كان لابن سيرين مصحف منقوط
نقطه يحيى بن يعمر وكان ينطق بالعربية المحضة واللغة الفصحى طبيعة فيه غير
11

متكلف. قال ابن خلكان: وكان يحيى شيعيا من الشيعة الأول القائلين بتفضيل
أهل البيت " ع " من غير تنقيص لذي فضل من غيرهم. حكى عاصم بن أبي النجود
المقري ان الحجاج بن يوسف الثقفي بلغه ان يحيى بن يعمر يقول إن الحسن
والحسين من ذرية رسول الله صلى الله عليه وآله وكان يحيى يومئذ بخراسان فكتب الحجاج
إلى قتيبة بن مسلم والى خراسان ابن ابعث إلي بيحيى بن يعمر فبعث به إليه فقام
بين يديه فقال: أنت الذي تزعم أن الحسن الحسين من ذرية رسول الله، والله
لألقين الأكثر منك شعرا أو لتخرجن من ذلك، قال فهو أماني ان خرجت قال
نعم قال فان الله جل ثناؤه يقول: (ووهبنا له إسحاق ويعقوب كلا هدينا ونوحا
هدينا من قبل ومن ذريته داود وسليمان وأيوب ويوسف وموسى وهارون وكذلك
نجزي المحسنين وزكريا ويحيى وعيسى) الآية قال وما بين عيسى وإبراهيم أكثر
مما بين الحسن والحسين ومحمد صلى الله عليه وآله فقال الحجاج وما أراك إلا خرجت والله لقد
قرأتها وما علمت بها قط. وهذا من الاستنباطات البديعة الغريبة العجيبة فلله
دره وما أحسن ما استخرج وادق ما استنبط. قال عاصم ثم إن الحجاج قال له
أين ولدت فقال بالبصرة قال أين نشأت قال بخراسان قال فهذه العربية انى لك قال
رزق قال خبرني عنى هل ألحن فسكت فقال أقسمت عليك فقال اما إذ سألتني أيها
الأمير فإنك ترفع ما يوضع وتضع ما يرفع فقال ذلك والله اللحن السئ قال ثم
كتب إلى قتيبة إذا جاءك كتابي هذا فاجعل يحيى بن يعمر على قضائك والسلام.
(أبو أمامة الباهلي)
بضم الهمزة اسمه صدي بن عجلان الصحابي، قال أبو علي في منتهى المقال
أبو امامة له صحبة وكان معاوية وضع عليه الحرس لئلا يهرب إلى علي عليه السلام
(ي) الظاهر أنه الباهلي في (قب) صدي بالتصغير ابن عجلان أبو امامة الباهلي
صحابي مشهور سكن الشام ومات بها سنة 86 ست وثمانين انتهي.
12

يحكى انه آخر من توفي من الصحابة بالشام. ويأتي في أبو الدرداء ذكره.
(أبو أمية الجعفي)
سويد بن غفلة بالغين المعجمة والفاء مخضرم من كبار التابعين. قال ابن حجر
قدم المدينة يوم دفن النبي صلى الله عليه وآله وكان مسلما في حياته ثم نزل الكوفة ومات سنة
ثمانين وله مائة وثلاثون سنة. ونقل عن المير الداماد انه عده من أولياء
أمير المؤمنين " ع " وخلص أصحابه ومن أصحاب أبي محمد الحسن " ع ".
(أبو أيوب الأنصاري)
زيد بن خالد الخزرجي من بني النجار شهد العقبة وبدرا وسائر المشاهد
وعليه نزل رسول الله صلى الله عليه وآله حين قدم المدينة. وشهد مع أمير المؤمنين " ع " مشاهده
كلها وكان في وقعة النهروان معه راية أمان فمن خرج من عسكر الخوارج إلى تحت
رايته كان آمنا، وله موعظة لأهل الكوفة وتحريضهم على الثبات في نصرة
أمير المؤمنين " ع " بكلمات فصيحة أوردتها مع بعض ما يتعلق بها في سفينة البحار
روى صاحب المكارم انه رأي النبي صلى الله عليه وآله أبا أيوب الأنصاري يلتقط نثارة المائدة
فقال صلى الله عليه وآله له: بورك لك وبورك عليك وبرك فيك. فقال أبو أيوب يا رسول الله
وغيري قال نعم من اكل ما اكلت فله ما قلت لك. وقال صلى الله عليه وآله: من فعل هذا وقاه
الله الجنون والجذام البرص والماء الأصفر والحمق. وعن امالي الشيخ عن
أمير المؤمنين " ع " قال: جاء أبو أيوب خالد بن زيد إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فقال
يا رسول الله أوصني وأقلل لعلي ان احفظ قال أوصيك بخمس: باليأس عما في
أيدي الناس فإنه الغنى وإياك والطمع فإنه الفقر الحاضر وصل صلاة مودع وإياك
وما تعتذر منه وأحب لأخيك ما تحب لنفسك وعن ابن عبد البر قال: كان
أبو أيوب الأنصاري مع علي بن أبي طالب " ع " في حروبه كلها ولما غزا يزيد بن
معاوية بلاد الروم اخذ معه أبا أيوب وكان شيخا هرما اخذه للبركة فتوفي عند
13

القسطنطينية فامر يزيد ان يدفن بالقرب من سورها ويتخذ له مشهد هناك وكانت
وفاته سنة 50 ه‍.
(أبو البحتري)
كنية رجل مر في نفر من قومه بقبر حاتم طي فنزلوا قريبا منه فبات
أبو البحتري يناديه يا أبا الجعد اقرنا فقال قومه له مهلا ما تكلم من رمة بالية؟ قال
إن طيئا تزعم أنه لم ينزل به أحد قط إلا قراه، وناموا فانتبه صائحا وا راحلتاه
فقال له أصحابه ما بدا لك؟ قال خرج حاتم من قبره بالسيف وانا انظر حتى عقر
ناقتي، قالوا له كذبت ثم نظروا إلى ناقته بين نوقهم منجدلة لا تنبعث فقالوا له
والله قراك، فظلوا يأكلون من لحمها شواءا وطبخا حتى أصبحوا ثم أردفوه
وانطلقوا سائرين فإذا راكب بعير يقود آخر قد لحقهم فقال أيكم أبو البحتري؟
فقال أبو البحتري انا ذلك، قال انا عدي بن حاتم وان حاتما جاءني الليلة في النوم
ونحن نزول وراء هذا الجبل فذكر شتمك إياه وانه قرا أصحابك براحلتك وأنشد:
أبا البحتري لانت امرؤ * ظلوم العشيرة شتامها
اتيت بصحبك تبغي القرى * لدى حفرة صدحت هامها
أتبغي لدى الرم عند المبيت * وحولك طي وأنعامها
فانا سنشبع أضيافنا * وتأتي المطي فنعتامها
وقد امرني ان أحملك على بعير مكان راحلتك فدونكه. وقد ذكر هذا
سالم بن زرارة الغطفاني في مدحه عدي بن حاتم في قوله:
أبوك أبو سباقة الخير لم يزل * لدن شب حتى مات في الخير راغبا
به تضرب الأمثال في الشعر ميتا * وكان له إذ ذاك حيا مصاحبا
قرى قبره الأضياف إذ نزلوا به * ولم يقر قبر قبله الدهر راكبا
اخذت ذلك من مروج الذهب
14

(أبو البحر) انظر الأحنف:
(أبو البختري)
الوليد بن هاشم أو هو العاص بن هشام بن الحرث بن الأسد، وقد لبس
السلاح بمكة يوما قبل الهجرة في بعض ما كان ينال النبي صلى الله عليه وآله من الأذى وقال
لا يعرض اليوم أحد لمحمد بأذى إلا وضعت فيه السلاح فشكر ذلك له النبي صلى الله عليه وآله
ونهى يوم بدر عن قتله وقال انما اخرج مستكرها، وكان أيضا فيمن قام في نقض
الصحيفة القاطعة، يقال ان المجذر بن زياد قتل أبا البختري وهو لا يعرفه، وقد
يطلق أبو البختري على وهب بن وهب بن وهب بن كثير بن عبد الله بن زمعة
ابن الأسود بن المطلب القرشي القاضي العامي، نقل ابن النديم انه يقال ان جعفر
ابن محمد " ع " كان متزوجا بأمه، وكان فقيها اخبار يا وولاه هارون القضاء بعسكر
المهدي ثم عزله وولاه مدينة الرسول صلى الله عليه وآله بعد بكار بن عبد الله وجعل له جريها
مع القضاء ثم عزل فقدم بغداد وتوفي بها وكان ضعيفا في الحديث ثم عد له ستة
كتب انتهى.
(أقول) عده علماء الرجال في الكذابين بل عن الفضل بن شاذان انه قال:
كان أبو البختري من أكذب البرية. وذكر أبو الفرج في مقاتل الطالبيين: ما يدل
على أنه حكم بقتل يحيى بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب
وخرق الأمان الذي كتبه الرشيد له. قال شيخنا في المستدرك: انه ضعيف في نفسه
إلا إنا أوضحنا اعتبار كتابه واعتماد الأصحاب عليه توفي سنة 200 مأتين انتهى.
قال المبرد في الكامل: وكان أبو البختري من أجود الناس وكان إذا سمع مدح
المادح ضحك وسرى السرور في جوانحه وأعطى وزاد فاتاه شاعر فأنشأه:
لكل أخي فضل نصيب من العلا * ورأس العلا طرا عقيد الندى وهب
15

وما ضر وهبا قول من غمط العلا * كما لا يضر البدر ينبحه الكلب
(غمط كفر النعمة وغمط ويقال أيضا تنقص) فثنى له الوسادة وهش إليه
ورفده وحمله وأضافه فلما ان أراد الرجل الرحلة لم يخدمه أحد من غلمان أبي
البختري ولا عقد له ولا حل معه فأنكر ذلك مع جميل ما فعل به وانه قد تجاوز به
أمله فعاتب بعضهم فقال له الغلام إنا انما نعين النازل على الإقامة ولا نعين الراحل
على الفراق فبلغ هذا الكلام جليلا من القرشيين فقال والله لفعل هؤلاء العبيد على
هذا المقصد أحسن من رفد سيدهم.
(أقول) ويناسب هنا نقل أبيات ابن الأعسم في المنظومة في آداب الضيف
قال رحمه الله:
والضيف يأتي معه برزقه * فلا يقصر أحد بحقه
يلقاه بالبشر وبالطلاقه * ويحسن القرى بما أطاقه
يدني إليه كل شئ يجده * ولا يرم مالا تناله يده
وليكن الضيف بذاك راض * ولا يكلفه بالاستقراض
وأكرم الضيف ولا تستخدم * وما اشتهاه من طعام قدم
وبالذي عندك للأخ اكتف * لكن إذا دعوته تكلف
فان تنوعت له فلا يضر * فخيره ما طاب منه وكثر
ويندب الاكل مع الضيف ولا * يرفع قبله يدا لو اكلا
وان يعين ضيفه إذ ينزل * ولا يعينه إذا ما يرحل
وينبغي تشييعه للباب * وفي الركوب الاخذ للركاب
البختري: بفتح الموحدة وسكون الخاء المعجمة وفتح المثناة من فوق
مأخوذ من البخترة التي هي الخيلاء. وفي القاموس: البختري الحسن المشي
والجسم والمختال.
16

(أبو براء)
عامر بن مالك العامري الكلابي الملقب بملاعب الأسنة وهو الذي كان به
استسقاء فبعث إلى رسول الله صلى الله عليه وآله لبيد بن ربيعة مع هدايا فلم يقبلها لأنه صلى الله عليه وآله
كان لا يقبل هدية مشرك ثم اخذ جثوة (1) من الأرض فنقل عليها وقال للبيد
دفها بماء ثم اسقها إياه فاخذها متعجبا يرى أنه قد استهزئ به فشربها فأطلق
من مرضه.
(أبو بردة)
يطلق على جماعة منهم: أبو بردة عامر بن أبي موسى الأشعري كان قاضيا
على الكوفة وليها بعد شريح. ذكره ابن أبي الحديد في المبغضين لأمير المؤمنين " ع "
وانه ورث البغضة من أبيه لا عن كلالة، وروى أنه قال لأبي العادية قاتل عمار
ابن ياسر، أنت قتلت عمار؟ قال نعم قال فناولني يدك فقبلها وقال لا تمسك النار ابدا.
(أقول) هو أحد من سعى في قتل حجر بن عدي الكندي وأمره زياد بن
أبيه ليكتب شهادته على حجر بما رآه فكتب: بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما شهد
عليه أبو بردة بن أبي موسى لله رب العالمين، شهد ان حجر بن عدي خلع الطاعة
وفارق الجماعة ولعن الخليفة ودعا إلى الحرب والفتنة وجمع إليه الجموع يدعوهم إلى
نكث البيعة وخلع أمير المؤمنين معاوية وكفر بالله كفرة صليعاء (2). توفي
سنة 103 (قج) وابنه بلال بن أبي بردة كان قاضيا على البصرة قال ابن خلكان:
وكان بلال أحد نواب خالد بن عبد الله القسري فلما عزل خالد وولي موضعه

(1) الجثوة بالجيم مثلثة الحجارة المجموعة.
(2) صليعاء كحميراء يعني شنيعه نمايان وفي رواية أخرى عن عبد الرحمن
ابن جندب كفر كفرة الأصلع، قال عبد الرحمان انما عني بذلك نسبة الكفر إلى علي
عليه السلام لأنه كان أصلع.
17

يوسف بن عمر الثقفي على العراقين حاسب خالدا ونوابه وعذبهم فمات خالد من عذابه
ومات بلال من عذابه أيضا انتهى. وحكي انه كان أول من جار في الحكم كان
يقضي إليه رجلان فيحكم لأحدهما بلا بينة يقول وجدته أخف على قلبي من صاحبه.
ولأبي بردة أخ ولد في عهد رسول الله صلى الله عليه وآله روي العامة انه صلى الله عليه وآله سماه
وحنكه بتمرة ودعا له بالبركة.
(أبو بردة بن عوف الأزدي)
عن مجالس الشيخ المفيد، أنه كان عثمانيا تخلف عن أمير المؤمنين " ع " يوم
الجمل وحضر معه صفين على ضعف نيته في نصرته. قال أبو الكنود وكان أبو بردة
مع حضوره صفين ينافق أمير المؤمنين " ع " ويكاتب معاوية سرا فلما ظهر معاوية
اقطعه قطعة بالفلوجة وكان عليه كريما.
(قلت) وهو الذي بعثه ابن زياد بعد وقعة كربلا مع زجر بن قيس (زحر
ابن قيس) والرؤوس المطهرة إلى الشام.
(أبو بردة بن نيار)
بالنون المكسورة والياء المثناة من تحت، الأنصاري خال البراء بن عازب،
صحابي وكان من أصحاب أمير المؤمنين " ع " وشهد العقبة مع السبعين وشهد بدرا
وأحدا وسائر المشاهد مع رسول الله صلى الله عليه وآله وشهد حروب أمير المؤمنين " ع ".
(أبو برزة الأسلمي)
عبد الله بن نضلة ويقال نضلة بن عبد الله مات بخراسان غازيا كذا في
المعارف: وعن تقريب بن حجر قال: نضلة بن عبيد أبو برزة الأسلمي صحابي
مشهور بكنيته أسلم قبل الفتح وغزا سبع غزوات ثم نزل البصرة وغزا خراسان
ومات بها سنة 65 على الصحيح.
18

(أبو البركات)
كمال الدين عبد الرحمن بن محمد الأنباري الذي يأتي ذكره في ابن الشجري،
كان من الأئمة المشار إليهم في علم النحو، سكن بغداد وقرأ اللغة على أبي منصور
الجواليقي وصحب الشريف ابن الشجري واخذ عنه وانتفع بصحبته، وتبحر في
علم الأدب، واشتغل عليه خلق كثير وصاروا ببركته علماء، وصنف في النحو
كتاب اسرار العربية، والميزان ونزهة الألباء في طبقات الأدباء، وانقطع في آخر
عمره في بيته مشتغلا بالعلم والعبادة معتزلا عن الدنيا وأهلها إلى أن توفي 9 شعبان
سنة 577 (ثغر) ببغداد. وقد يطلق أبو البركات على الشريف عمر بن أبي علي
إبراهيم بن محمد المنتهي نسبه إلى زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليه السلام
الكوفي النحوي صاحب شرح اللمع. وقد تقدم في أبو إسحاق السبيعي ان ابن
عساكر قرأ عليه الحديث في سنة 501. وأبوه الشريف أبو علي هو الذي مات
سنة 466 (تسو) ودفن بمسجد السهلة وله اشعار كثيرة. وقد يطلق على الشيخ
أبي البركات الاسترآبادي فاضل متكلم امام في العلوم العقلية من اعلام العلماء في علم
الكلام. وعن الرياض قال فاضل متكلم، قد ذكر عنه السيد الأمير فخر الدين
السماكي الامامي في رسالة تفسير آية الكرسي بالفارسية بعض الأبحاث الجيدة الدالة
على غاية مهارته في علم الكلام والحكمة والتفسير وصرح باسمه في حاشية تلك الرسالة
ودعا له بالرحمة والغفران وهذا يشعر بتشيعه مع أن أهل استراباد جلهم بل كلهم
شيعة. وقد يطلق على أبي البركات المبارك الأربلي الذي يأتي في ابن المستوفي وقد
يطلق على أبي البركات هبة الله بن يعلي بن ملكا البلدي البغدادي كان أوحد الزمان
في صناعة الطب، كان يهوديا ثم أسلم وكان في خدمة المستنجد بالله، وتصانيفه في
نهاية الجودة لا سيما كتابه المعتبر. وينقل عنه قصص وحكايات في حسن تدبيره في
معالجة المرضى ويعد في أكابر أطباء المائة السادسة. والمستنجد بالله هو الخليفة 32
19

العباسي الذي رأى في منامه في حياة والده المقتفي ان ملكا نزل من السماء فكتب
في كفه أربع خاءات فطلب معبرا وقص عليه رؤياه فقال له: تلي الخلافة سنة
خمس وخمسين وخمسمائة فكان كذلك.
(أبو بصير)
يطلق غالبا على يحيى بن القاسم أو ليث بن البختري. قال شيخنا صاحب
المستدرك في طريق الصدوق إلى أبي بصير: والمراد بأبي بصير أبو محمد يحيى بن
القاسم الأسدي بقرينة قائده على الذي صرحوا بأنه يروي كتابه وهو ثقة في
(جش) و (صه) وفي (كش) أجمع العصابة على هؤلاء الأولين من أصحاب أبي
جعفر وأبى عبد الله عليهما السلام وانقادوا إليهم بالفقه فقالوا أفقه الأولين ستة:
زرارة ومعروف بن خربوذ وبريد وأبو بصير الأسدي والفضيل بن يسار
ومحمد بن مسلم الطائفي. وروي عن حمدويه قال حدثنا يعقوب بن يزيد عن أبي عمير
عن شعيب العقرقوفي قال قلت لأبي عبد الله " ع " ربما احتجنا ان نسأل عن الشئ
فمن نسأل؟ قال: عليك بالأسدي، يعني أبا بصير. والخبر في أعلى درجة الصحة.
والعقرقوفي ابن أخته، فلا يصغى بعد ذلك إلى ما ورد أو قيل فيه من الوقف المنافي
لوفاته في حياة الكاظم " ع " والتخليط المنافي للاجماع المتقدم وغير ذلك من
الموهنات وقد أطالوا الكلام في ترجمته من جهات بل أفرد جماعة لترجمته رسالة
مفردة، وما ذكرناه هو الحق الذي عليه المحققون ومن أراد الزيادة فعليه بكتب
الأصحاب انتهى.
(قلت) توفي أبو بصير هذا سنة 150 (قن) بعد أبي عبد الله عليه السلام.
(أبو البقاء)
محب الدين عبد الله بن الحسين بن أبي البقاء الحنبلي العكبري البغدادي
الفقيه المحدث النحوي، أخذ النحو عن ابن الخشاب وغيره من مشايخ عصره ببغداد
20

يحكى انه عمي بصره في أيام صباه من الجدري، وكان مكبا على تحصيل العلم،
وكان ينظم الشعر، وصنف كتبا منها: كتاب التبيان في اعراب القرآن المعروف
بتركيب أبي البقاء وشرح المفصل والمقامات وديوان المتنبي. حكي عنه قال: جاء
إلى جماعة من الشافعية وقالوا انتقل إلى مذهبنا ونعطيك تدريس النحو واللغة
بالنظامية فقلت لو أقمتموني وصببتم الذهب على حتى واريتموني ما رجعت عن
مذهبي. وكان أبو الفرج يفزع إليه ما يشكل عليه من الأدب. توفي ببغداد
سنة 616 (خيو) والعكبري بضم العين وسكون الكاف وفتح الموحدة نسبة إلى
عكبرا وهي بليدة على دجلة فوق بغداد بعشرة فراسخ. وهو غير أبي البقاء قيم
مشهد أمير المؤمنين " ع " صاحب القصة الواقعة في سنة 501 (ثا) المذكورة في المجلد
التاسع من بحار الأنوار ص 682.
(أبو بكر الباقلاني) انظر الباقلاني
(أبو بكر التايبادي)
الشيخ زين الدين علي الذي جمع فيه الكمالات الصورية والمعنوية. له
هذا الرباعي:
گر منزل افلاك شود منزل تو * واز كوثر اگر سرشتة باشد گل تو
چون مهر علي نباشد اندر دتول * مسكين تو وسعيهاى بيحاصل تو
توفي سلخ المحرم سنة 791 بقصبة تايباد وهي بتقديم المثناة التحتانية على
الموحدة قرية من قرى بوشنج من اعمال هراة، قيل في تأريخ وفاته بالفارسية:
تأريخ وفاة قطب أوتاد * يك نقطه بنه بآخر صاد
(791)
(أبو بكر الجعابي) انظر الجعابي
(أبو بكر الحضرمي)
عبد الله بن محمد الكوفي، سمع أبا الطفيل تابعي روي عنهما عليهما السلام.
21

روى (كش) له مناظرة جيدة جرت له مع زيد. وروي عنه حديثين ان جعفر
ابن محمد " ع " قال: ان النار لا تمس من مات وهو يقول بهذا الامر انتهى. وروي
انه مرض رجل من أهل بيته فحضر أبو بكر عند موته ولقنه الشهادتين والإمامة
ثم رأته امرأته في المنام حيا سليما فقالت له اما كنت ميتا؟ قال بلى ولكن نجوت
بكلمات لقنيهن أبو بكر ولولا ذلك لكدت أهلك.
(أبو بكر الخوارزمي)
محمد بن العباس ويقال له الطبرخزي أيضا لان أباه من خوارزم وأمه من
طبرستان فركب له من اسمين نسبة وقد أشار إلى ذلك في شعره:
بآمل مولدي وبنحو جرير * فأخوالي ويحكى المرء خاله
فها انا رافضي عن تراث * وغيري رافضي عن كلاله
كان واحد عصره في حفظ اللغة والشعر وكان أصله من طبرستان وخرج من
وطنه في حداثته وطوف البلاد وأقام بالشام مدة وسكن بنواحي حلب، ولقي سيف
الدولة بن حمدان وخدمه وقصد سجستان ومدح واليها طاهر بن محمد ثم انتقل إلى
نيسابور فقصد حضرة الصاحب فربحت تجارته، وأوفده الصاحب بكتاب إلى
عضد الدولة فكان سبب انتعاشه وكان مشارا إليه في عصره. يحكى انه لما قصد
حضرة الصاحب بارجان قال لأحد حجابه قل له بالباب أحد الأدباء وهو يستأذن في
الدخول فدخل الحاجب وأعلمه بذلك فقال الصاحب قل له قد الزمت نفسي على أن
لا يدخل علي من الأدباء إلا من يحفظ عشرين الف بيت من شعر العرب فخرج
إليه الحاجب وأعلمه بذلك فقال له أبو بكر ارجع إليه وقل له هذا القدر من شعر
الرجال أم شعر النساء فدخل الحاجب وأعلمه فقال الصاحب هذا يكون أبو بكر
الخوارزمي فأذن له بالدخول فدخل عليه فعرفه وانبسط له. وله ديوان رسائل
وديوان شعر، توفي بنيسابور سنة 383 (شفج). ومن كلامه في صفة الشعراء:
22

ما ظنك بقوم الاقتصاد محمود إلا منهم والكذب مذموم إلا فيهم وإذا ذموا ثلبوا
وإذا مدحوا سلبوا وإذا رضوا رفعوا الوضيع وإذا غضبوا وضعوا الرفيع وإذا
افتروا على أنفسهم بالكبائر لم يلزمهم حد ولم يمتد إليهم يد إلى آخر ما قال في وصفهم
وفي الفقرة الأخيرة إشارة إلى ما حكي عن الفرزدق انه أنشد سليمان بن عبد الملك
قصيدته التي يقول فيها:
فبتن بجانبي مصرعات * وبت افض الاغلاق الختام
فقال له ويحك يا فرزدق أقررت عندي بالزنا ولا بد من حدك فقال له
كتاب الله تعالى يدرأ عني الحد قال وأين؟ قال قوله تعالى: (والشعراء يتبعهم
الغاوون ألم تر انهم في كل واد يهيمون وانهم يقولون ما لا يفعلون) فضحك وأجازه
وعن هذه القصة اخذ صفي الدين الحلي قوله:
نحن الذين اتى الكتاب مخبرا * بعفاف أنفسنا وفسق الألسن
والخوارزمي يأتي في اخطب خوارزم.
(أبو بكر الرازي)
محمد بن زكريا الطبيب المشهور، نقل عن كتاب تأريخ الحكماء للشهرزوري
وغيره ان هذا الرجل كان في مبدأ امره صائغا ثم اشتغل بعلم الإكسير فرمدت
عيناه بسبب أبخرة العقاقير فذهب إلى طبيب ليعالجه فقال لا أعالجك حتى آخذ
منك خمسمائة دينار فدفع إليه ذلك فقال هذا الكيمياء لا ما اشتغلت به، فترك
الإكسير واشتغل بالطب حتى نسخت تصانيفه تصانيف من قبله من الأطباء المتقدمين،
وتولى رياسة أطباء مارستان بغداد. حكي عنه انه كان يجلس في مجلسه ودونه
التلاميذ، ودونهم تلاميذهم، ودونهم تلاميذ آخرون. فكان يجئ الرجل فيصف
ما يجد الأول من يلقاه فان كان عندهم علم وإلا تعداهم إلى غيرهم فان أصابوا وإلا
تكلم الرازي وكان رؤوفا بالمرضى ومولعا بالعلوم الحكمية وله فيها مصنفات
23

توفي في حدود سنة 320 أو 321. يحكي انه خلف أكثر من مائتي مصنف منها
كتاب من لا يحضره الطبيب الذي اخذ منه الشيخ الصدوق (ره) اسم كتابه
كتاب من لا يحضره الفقيه، وله أيضا كتاب برء الساعة وغير ذلك. ومن أمثالهم
ان الطب كان معدوما فأحياه جالينوس وكان متفرقا فجمعه الرازي وكان ناقصا
فكمله ابن سينا. ومن كلامه: عالج في أول القوة بما لا يسقط به القوة. ومن كلامه
أيضا مهما قدرت ان تعالج بالأغذية فلا تعالج بالأدوية، ومهما قدرت ان تعالج
بدواء مفرد فلا تعالج بدواء مركب.
(قلت) ويقرب منه ما حكي عن الحرث ابن كلدة طبيب العرب الذي أسلم
حين رأى معجزة النبي صلى الله عليه وآله في طاعة الشجر له وشهادته له بالرسالة قال: دافع الدواء
ما وجدت مدفعا ولا تشربه إلا من ضرورة فإنه لا يصلح شيئا إلا أفسد. وروي
عن عمرو بن عوف قال: لما احتضر الحرث كلدة اجتمع إليه الناس فقالوا مرنا
بأمر ننتهي إليه بعدك قال: لا تتزوجوا من النساء إلا شابة، ولا تأكلوا الفاكهة
إلا في أوان نضجها، ولا يعالجن أحد منكم ما احتمل بدنه الداء، وعليكم بالنورة
في كل شهر فإنها مذيبة للبلغم مهلكة للمرة منبتة للحم، وإذا تغذى أحدكم فلينم على
أثر غذائه، وإذا تعشى فليخط أربعين خطوة.
(أقول) قد ورد في وصايا أمير المؤمنين والأئمة الطاهرين من أولاده " ع "
ما يغنينا عن وصية كل حكيم، ولقد أشرت إلى نبذ منها في كتاب سفينة البحار
ولنتبرك هنا بذكر رواية منها. روي عن الأصبغ بن نباتة قال سمعت أمير المؤمنين
يقول لابنه الحسن " ع " يا بنى ألا أعلمك أربع كلمات تستغني بها عن الطب فقال
بلى يا أمير المؤمنين قال: لا تجلس على الطعام إلا وأنت جائع ولا تقم عن الطعام
إلا وأنت تشتهيه وجود المضغ، وإذا نمت فاعرض نفسك على الخلاء، فإذا استعملت
هذا استغنيت عن الطب، وقال عليه السلام: إن في القرآن لآية تجمع الطب كله
(كلوا واشربوا ولا تسرفوا).
24

(أبو بكر بن شهاب)
السيد أبو بكر بن عبد الرحمن بن محمد بن علي ينتهي نسبه إلى المهاجر إلى
الله إلى اليمن أحمد بن عيسى بن محمد النقيب بن علي العريضي بن الإمام الصادق
جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب " ع " النريمي الحضرمي
الشيعي الامامي، كان عالما جليلا حاويا لفنون العلم مؤلفا في كثير منها قوى الحجة
ساطع البرهان أديبا شاعرا مخلص الولاء لأهل البيت. حكي عن جامع ديوانه انه
قال في حقه: حجة الاسلام ونبراس الأنام وخاتمة الاعلام ويتيمة عقل الكرام قريع
الفصحاء وامام البلغاء الحائز قصبات السبق في ميادين العلوم الموضح من مشكلاتها
ما حير الفهوم محيي السنة وناشر لوائها ومميت البدعة ومقوض بنائها سليل العترة
النبوية وناشر ولائها وناصر أوليائها وقاهر أعدائها السيد الشريف العلامة أبو بكر
ابن عبد الرحمن... الخ. ولد سنة 1262 وتوفى ليلة الجمعة عاشر جمادى الأولى
سنة 1341 (غشما) بحيدر آباد دكن، له مشايخ كثيرة وقد اخذ بمكة عن السيد
أحمد بن زيني دحلان الذي يأتي ذكره وله تلاميذ كثيرون أجلهم وأعلمهم
وأشهرهم السيد محمد بن عقيل صاحب النصائح الكافية لمن تولى معاوية وغيرها وله
تأليفات كثيرة منها إقامة الحجة على التقي بن حجة والترياق النافع والشهاب الثاقب
على السباب الكاذب وهو رد له على رد المولى فقير الله على النصايح الكافية والحمية
من مضار الرقية وهو أيضا رد على رد السيد حسن بن علوي سماه الرقية الشافية من
نفثات سموم النصايح الكافية ونوافج الورد الجوري بشرح عقيدة الباجوري
ورشفة الصادي في فضائل أهل البيت " ع " ونزهة الألباب في رياض الأنساب
وأرجوزة في آداب النساء وديوان شعر وغير ذلك وله قصائد كثيرة في مدح أهل البيت
" ع " منها قوله في مدح أمير المؤمنين " ع ":
علي أخو المختار ناصر دينه * وملته يعسوبها وإمامها
25

واعلم أهل الدين بعد ابن عمه * بأحكامه من حلها وحرامها
ومن قوله قصيدة له سماها الثناء العاطر على أهل البيت الطاهر عليه السلام:
نهنه فؤادك ما بقيت فأنت في * شغل عن البيض الكواعب شاغل
واملأ ضميرك من محبة سيد الكونين * هادينا الشفيع الكافل
وبحب صهر المصطفى ووصيه * وأخيه حيدرة الشجاع الباسل
والدرة الزهراء فاطمة التي * بعد الرسول قضت بحزن الثاكل
والسيدين اللابسي حلل الشهادة * من فريق في الشقاوة واغل
الآخذي علم الرسول شريعة * وحقيقة عن فاضل عن فاضل
نسب بأجنحة الملائكة ارتقى * شأوا إليه الوهم ليس بواصل
شرف إلى العرش انتهى فأمامه * تقف الثوابت وقفة المتضائل
من لم يصل عليهم فصلاته * بتراء في اسناد أوثق ناقل
سفن النجاة امام أهل الأرض من * غرق مصابيح الظلام الحائل
القانتين الراكعين الساجدين * بخشية وغزير دمع سائل
إلى غير ذلك وقد ذكر ترجمته صاحب أعيان الشيعة وأورد كثيرا من اشعاره
ومما ذكر عنه قوله:
قضية تشبه بالمرزئة * هذا البخاري امام الفئة
بالصادق الصديق ما احتج في * صحيحه واحتج بالمرجئة
ومثل عمران بن حطان ومر * وان وابن المرأة المخطئة
مشكلة ذات عوار إلى * حيرة أرباب النهى ملجئة
وحق بيت يممته الورى * مغذة في السير أو مبطئة
إن الإمام الصادق المجتبى * بفضله الآي أتت منبئة
أجل من في عصره رتبة * لم يقترف في عمره سيئة
قلامة من ظفر إبهامه * تعدل من مثل البخاري مائة
26

(أقول) روى ابن شهرآشوب في المناقب وعامة رواياته عن العامة انه جاء
أبو حنيفة إلى الصادق " ع " ليسمع منه وخرج أبو عبد الله " ع " يتوكأ على عصا
فقال أبو حنيفة يا ابن رسول الله ما بلغت من السن ما تحتاج معه إلى العصا قال
هو كذلك ولكنها عصا رسول الله صلى الله عليه وآله أردت التبرك بها فوثب أبو حنيفة إليها
وقال له اقبلها يا بن رسول الله فحسر أبو عبد الله " ع " عن ذراعه وقال والله لقد
علمت أن هذا بشرة رسول الله صلى الله عليه وآله وان هذا من شعره فما قبلته وتقبل عصا.
(أبو بكر الصنعاني) انظر الصنعاني
(أبو بكر الصولي) انظر الصولي
(أبو بكر بن عياش)
بالياء المثناة من تحت وآخره السين المعجمة الأسدي الكوفي أحد الراوين
عن عاصم أحد القراء السبع المشهورين، قيل اسمه كنيته ويقال للتخفيف بكر
وقيل اسمه شعبة وقيل سالم إلى غير ذلك، وكان من الزهاد الورعين والأخيار
المتعبدين ومن أرباب الحديث والعلماء المشاهير، حكي انه ختم القرآن اثنى عشر الف
ختمة وقيل أكثر من ذلك، وهو الذي رد على موسى بن عيسى فرعون الهاشميين
ما صدر منه من امره بكرب قبر الحسين " ع " وزرعه فنهاه ابن عياش عن ذلك
فشتمه موسى وامر بضربه وحبسه في خبر طويل، رواه العلامة المجلسي، في أواخر
البحار العاشر عن امالي ابن الشيخ. توفي بالكوفة في ج 1 سنة 193. ومن كلامه
مسكين محب الدنيا يسقط منه درهم فيظل نهاره يقول إنا لله وانا إليه راجعون،
وينقص عمره ودينه ولا يحزن عليهما.
(قلت) لقد اخذ هذا من كلام علي بن الحسين " ع " من قوله: مسكين
ابن آدم له في كل يوم ثلاث مصائب لا يعتبر بواحدة منهن ولو اعتبرها لهانت عليه
المصائب وامر الدنيا، فاما المصيبة الأولى: فاليوم الذي ينقص من عمره قال وان
27

ناله نقصان في ماله اغتم به والدرهم يخلف عنه والعمر لا يرده شئ، والثانية انه
يستوفي رزقه فان كان حلالا حوسب عليه وان كان حراما عوقب عليه، قال " ع "
والثالثة أعظم من ذلك قيل وما هي؟ قال ما من يوم يمسي إلا وقد دنا من الآخرة
مرحلة لا يدري على الجنة أم على النار. وقال أبو بكر بن عياش أيضا أدنى ضرر
المنطق الشهرة وكفى بها بلية وحكي عنه قال: لما كنت شابا أصابتني مصيبة تجلدت
لها ودفعت البكاء بالصبر فكان ذلك يؤذيني ويؤلمني حتى رأيت أعرابيا بالكناسة
وهو واقف على نجيب له ينشد:
خليلي عوجا من صدور الرواحل * بمهجور حزوى فابكيا في المنازل
لعل انحدار الدمع يعقب راحة * من الوجد أو يشفي شجي البلابل
فسألت عنه فقيل لي ذو الرمة فأصابتني بعد ذلك مصائب فكنت أبكي فأجد
لذلك راحة فقلت قاتل الله الاعرابي ما كان أبصره.
(أبو بكر القرطبي) انظر القرطبي
(أبو بكر بن قريعة) انظر ابن قريعة
(أبو بكر المؤدب)
محمد بن جعفر بن محمد بن عبد الله النحوي، حسن العلم بالعربية وبالحديث
له كتاب الموازنة لمن استبصر في امامة الاثني عشر " ع " (جش).
(أبو بكر المالقي) انظر المالقي
(أبو بكرة)
نفيع بن الحرث أو مسروح الصحابي تدلى يوم الطائف من الحصين ببكرة
فكناه النبي صلى الله عليه وآله أبا بكرة كذا في (ق). وعن أسد الغابة أعتقه النبي صلى الله عليه وآله وانه
معدود في موالي رسول الله وكان من فضلاء أصحاب رسول الله وصالحيهم وكان
كثير العبادة، توفي بالبصرة سنة 51 أو 52 وأوصى ان يصلي عليه أبو برزة
28

الأسلمي وكان أولاده أشرافا في البصرة بكثرة المال والعلم والولايات. ونقل عن
الطبري انه خطب بسر على منبر البصرة فسب عليا " ع " ثم قال: ناشدت إليه رجلا
علم اني صادق إلا صدقني أو كاذب إلا كذبني، فقام أبو بكرة فقال: اللهم
لا أعلمك إلا كاذبا فامر به فخنق فقام أبو لؤلؤة الضبي فرمى بنفسه عليه فمنعه.
واخرج ابن عبد البر عن عبد الرحمن بن أبي بكرة قال وفدت مع أبي على معاوية
فقال: انى سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول الخلافة ثلاثون ثم يكون الملك فامر بنا
فوجئنا في أقفائنا حتى أخرجنا.
(أقول) وينسب إليه القاضي أبو بكرة بكار بن قتيبة بن أبي برذعة بن
عبيد الله بن شر بن عبيد الله بن أبي بكرة نفيع بن الحرث بن كلدة الثقفي الحنفي
المصري كان قاضيا بمصر من قبل المتوكل، وله مع ابن طولون وقايع، توفي
مسجونا بمصر سنة 207.
(أبو البلاد)
يحيى بن سليم مصغرا، كان ضريرا وكان راوية للشعر، وله يقول
الفرزدق: (يا لهف نفسي على عينيك من رجل) وروى عن أبي جعفر وأبى
عبد الله " ع " وهو والد إبراهيم بن أبي البلاد الثقة الجليل القدر القاري الأديب
روى عن أبي عبد الله وأبي الحسن والرضا " ع " وعمر دهرا، وكان للرضا " ع "
إليه رسالة وأثنى عليه له كتاب يرويه عنه جماعة (كا) عنه قال أخذني العباس
ابن موسى فامر فوجأ فمي فتزعزعت أسناني فلا أقدر ان امضغ الطعام فرأيت أبى
في المنام ومعه شيخ لا أعرفه فقال أبى سلم عليه فقلت يا أبة من هذا؟ فقال هذا
أبو شيبة الخراساني (1) قال فسلمت عليه فقال مالي أراك هكذا؟ فقلت ان الفاسق

(1) أبو شيبة الخراساني هو الذي روى عنه الشيخ الكليني في باب البدع والرأي
والمقايس من (كا) عن أبان بن عثمان عنه عن أبي عبد الله عليه السلام.
29

عباس بن موسى أمر بي فوجأ فمي فتزعزعت أسناني فقال لي شدها بالسعد فأصبحت
فتمضمضت بالسعد فسكنت أسناني.
(أبو تمام)
تمام كشداد هو حبيب بن أوس الطائي الشاعر الامامي المشتهر، الذي قدمه
المعتصم على شعراء وقته، وكان موصوفا بالظرف وحسن الأخلاق وكرم النفس
ذكره شيخنا الحر في أمل الآمل وقال: كان شيعيا فاضلا أديبا منشيا له كتب
منها ديوان الحماسة وديوان شعره وكتاب مختار شعر القبائل وكتاب فحول الشعراء
والاختيارات من شعر الشعراء وغير ذلك. وذكره العلامة في الخلاصة فقال: كان
اماميا وله شعر في أهل البيت عليه السلام ذكر أحمد بن الحسين انه رأى نسخة عتيقة
قال لعلها كتبت في أيامه أو قريبا منها فيها قصيدة يذكر فيها الأئمة الأطهار " ع "
حتى انتهى إلى أبى جعفر الثاني " ع " لأنه توفي في أيامه. وقال الجاحظ في كتاب
الحيوان: وحدثني أبو تمام وكان من رؤساء الرافضة، انتهى كلام العلامة. ثم
ذكر شيخنا الحر جملة من أبياته وما قال ابن خلكان في ترجمته منها قوله: وكان له
من المحفوظ مالا يلحقه فيه غيره قيل إنه كان يحفظ أربعة عشر الف أرجوزة للعرب
غير القصائد والمقاطيع، إلى أن قال ولد بجاسم وهي قرية من بلد الجيدور من
اعمال دمشق، توفي سنة 231 انتهى. وكانت وفاته بالموصل وبنى على قبره أبو
نهشل بن حميد الطوسي قبة ورثاه جمع منهم ابن الزيات وزير المعتصم بقوله:
نبأ اتى من أعظم الانباء * لما ألم مقلقل الأحشاء
قالوا حبيب قد ثوى فأجبتهم * ناشدتكم لا تجعلوه الطائي
قال ابن خلكان. في أحوال دعبل الشاعر المتوفى سنة 246 بالطيب -
بلدة بين واسط العراق وكور الأهواز - ولما مات دعبل وكان صديق البحتري
30

وكان أبو تمام الطائي قد مات قبله رثاهما البحتري بأبيات منها قوله:
قد زاد في كلفي وأوقد لوعتي * مثوى حبيب يوم مات ودعبل
أخوي لا تزل السماء مخيلة * تغشا كما بسماء مزم مسبل
جدت على الأهواز يبعد دونه * مسرى النعي ورمة بالموصل
وفي بعض التأليف ان أبا تمام بلغ في الشعر درجة لم يبلغها شاعر قبله ولا بعده
رأي الكثيرين، وقد نظم في كل ضرب من ضروب الشعر ولكنه نبغ في الرثاء
نبوغا وترك جميع الشعراء خلفه، فقد روي أنه لما أنشد أبا دلف العجلي قصيدته
البائية حسنها وأعطاه خمسين ألف درهم وقال له والله انها لدون شعرك ثم قال والله
ما مثل هذا القول في الحسن إلا المرثية التي رثيت بها محمد بن حميد الطوسي فقال
أبو تمام وأي مرثية أراد الأمير قال قصيدتك الرائية التي أولها:
كذا فليجل الخطب وليفدح الامر * فليس لعين لم يفض ماؤها عذر
وقد وددت والله انها لك في فقال بل أفدي الأمير نفسي وأهلي وأرجو
ان أكون المقدم عليه فقال أبو دلف انه لم يمت من رثى بهذا الشعر فلنذكر بعض
اشعاره القصيدة قال:
توفيت الآمال بعد محمد * وأصبح في شغل عن السفر السفر
وما كان إلا مال من قل ماله * وذخرا لمن أمسى وليس له ذخر
ألا في سبيل الله من عطلت له * فجاج سبيل الله وانثغر الثغر
فتى كلما فاضت عيون قبيلة * دما ضحكت عنه الأحاديث والذكر
فتى دهره شطران فيما ينوبه * ففي بأسه شطر وفي جوده شطر
فتى مات بين الطعن والضرب ميتة * يقوم مقام النصر إن فاته النصر
وما مات حتى مات مضرب سيفه * من الضرب واعتلت على القنا السمر
غدا غدوة والحمد نسج ردائه * فلم ينصرف إلا وأكفانه الاجر
تردى ثياب الموت حمرا فما دجا * له الليل إلا وهي من سندس خضر
31

مضى طاهر الأثواب لم يبق روضة * غداة ثوى إلا اشتهت انها قبر
عليك سلام الله وقفا فإنني * رأيت الكريم الحر ليس له عمر
قال ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة في ذكر أباة الضيم ما هذا لفظه:
سيد أهل الاباء الذي علم الناس الحمية والموت تحت ظلال السيوف اختيارا له على
الدنية أبو عبد الله الحسين بن علي بن أبي طالب " ع " عرض عليه الأمان وأصحابه
فأنف من الذل فاختار الموت على ذلك، قال وسمعت النقيب أبا زيد يحيى بن
زيد العلوي البصري يقول كانت أبيات أبي تمام في محمد بن حميد الطوسي ما قيلت
إلا في الحسين عليه السلام:
وقد كان فوت الموت سهلا فرده * إليه الحفاظ المر والخلق الوعر
ونفس تعاف الضيم حتى كأنه * هو الكفر يوم الروع أو دونه الكفر
فأثبت في مستنقع الموت رجله * وقال لها من تحت أخمصك الحشر
تردى ثياب الموت حمرا فما اتى * لها الليل إلا وهي من سندس خضر
انتهى. ولأبي تمام أيضا كما نقل عن ديوانه من عبقريته الرائية:
ويوم الغدير استوضح الحق أهله * بفيحاء ما فيها حجاب ولا ستر
أقام رسول الله يدعوهم بها * ليقربهم عرف وينهاهم نكر
يمد بضبعيه ويعلم انه * ولي ومولاكم فهل لكم خبر
يروح ويغدو بالبيان لمعشر * يروح بهم عمر ويغدو بهم عمر
فكان له جهر باثبات حقه * وكان لهم في بزهم حقه جهر
أثم جعلتم حظه حد مرهف * من البيض يوما حظ صاحبه القبر
وله رحمه الله في الزهد:
ألم بان تركي لا علي ولا ليا * وعزمي على ما فيه اصلاح حاليا
فقد أنست بالموت نفسي لأنني * رأيت المنايا يختر من حياتيا
فياليتني من بعد موتي ومبعثي * أكون رفاتا لا علي ولا ليا
32

أخاف إلهي ثم أرجو نواله * ولكن خوفي قاهر لرجائيا
ولولا رجائي واتكالي على الذي * توحد لي بالصنع كهلا وناشيا
لما ساغ لي عذب من الماء بارد * ولا طاب لي عيش ولا زلت باكيا
وادخر التقوى بمجهود طاقتي * وأركب في رشدي خلاف هوائيا
على إثر ما قد كان مني صبابة * ليالي فيها كنت لله عاصيا
وإني جدير ان أخاف واتقي * وإن كنت لم أشرك بذي العرش ثانيا
قال المسعودي: ولأبي تمام اشعار حسان، ومعان لطاف، واستخراجات بديعة،
وحكي عن بعض العلماء بالشعر انه سئل عن أبي تمام فقال كأنه جمع شعر العالم
فانتخب جوهره انتهى. وقال ابن خلكان وذكر الصولي: ان أبا تمام لما مدح محمد
ابن عبد الملك الزيات الوزير بقصيدته التي منها قوله:
ديمة سمحة القياد سكوب * مستغيث بها الثرى المكروب
لوسعت بقعة لاعظام أخرى * لسعى نحوها المكان الجديب
قال له ابن الزيات يا أبا تمام انك لتحلي شعرك من جواهر لفظك وبديع معانيك
ما يزيد حسنا على بهي الجواهر في أجياد الكواعب وما يدخر لك شئ من جزيل
المكافاة إلا ويقصر عن شعرك في الموازاة.
(أبو ثمامة)
ثمامة بالمثلثة المضمومة وتخفيف الميم من أصحاب أبي جعفر الثاني " ع " روى
الشيخ عنه قال قلت لأبي جعفر الثاني " ع " انى أريد ان الزم مكة والمدينة وعلي
دين فما تقول؟ قال ارجع إلى مؤدي دينك فانظر ان تلقى الله عز وجل وليس عليك
دين، ان المؤمن لا يخون.
(أبو ثمامة الصائدي)
عمرو بن عبد الله بن كعب الصائدي من شهداء الطف رضوان الله عليه،
33

كان من فرسان العرب ووجوه الشيعة، وكان بصيرا بالأسلحة ولهذا لما جاء مسلم
ابن عقيل إلى الكوفة قام معه وصار يقبض الأموال ويشتري بها الأسلحة بأمر
مسلم بن عقيل رضوان الله عليه. وذكرت في نفس المهموم في واقعة يوم عاشوراء
ونصرة أصحاب الحسين له " ع " انه تعطف الناس عليهم فكثروهم فلا يزال الرجل
من أصحاب الحسين " ع " قد قتل فإذا قتل منهم الرجل والرجلان يتبين فيهم
وأولئك لا يتبين فيهم ما يقتل منهم فلما رأى ذلك أبو ثمامة (ره) قال للحسين " ع "
أبا عبد الله نفسي لك الفداء انى أرى هؤلاء قد اقتربوا منك ولا والله لا تقتل حتى
اقتل دونك إن شاء الله وأحب ان ألقى ربى وقد صليت هذه الصلاة التي قد دنا
وقتها قال فرفع الحسين رأسه ثم قال ذكرت الصلاة جعلك الله من المصلين الذاكرين
نعم هذا أول وقتها.
(أبو الجارود)
زياد بن المنذر، قال شيخنا صاحب المستدرك في ترجمته في الخاتمة: واما
أبو الجارود فالكلام فيه طويل والذي يقتضيه النظر بعد التأمل فيما ورد وفيما قالوا
فيه انه كان ثقة في النقل مقبول الرواية معتمدا في الحديث اماميا في أوله وزيديا
في أخره، ثم أطال الكلام في حاله إلى أن قال وفي تقريب ابن حجر: زياد بن
المنذر أبو الجارود الأعمى الكوفي رافضي. كذبه يحيى بن معين من السابعة مات
بعد الخمسين أي بعد المائة انتهى. وعن دعوات الراوندي عن أبي الجارود قال:
قلت لأبي جعفر " ع " انى امرؤ ضرير البصر كبير السن، والشقة فيما بيني وبينكم
بعيدة وانا أريد أمرا أدين الله به واحتج وأتمسك به وأبلغه من خلفت قال فأعجب
بقولي فاستوى جالسا فقال كيف قلت يا أبا الجارود رد علي قال فرددت عليه
فقال نعم يا أبا الجارود شهادة ان لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده
ورسوله وأقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم شهر رمضان وحج البيت وولاية ولينا
34

وعداوة عدونا والتسليم لأمرنا وانتظار قائمنا والورع والاجتهاد.
(أبو جحيفة)
جحيفة كجهينة وهب بن عبد الله الصحابي، عده الشيخ من أصحاب علي
عليه السلام والبرقي من أصحابه من مضر. وعن أسد الغابة: انه من صغار الصحابة ذكروا ان رسول الله مات وأبو جحيفة لم يبلغ الحلم ولكنه سمع من رسول الله
وروى عنه وجعله علي بن أبي طالب على بيت المال بالكوفة وشهد معه مشاهده كلها
وكان يحبه ويثق إليه ويسميه وهب الخير ووهب الله أيضا إلى أن قال: وروى عنه
عون انه اكل ثريدة بلحم واتى رسول الله وهو يتجشأ فقال اكفف عليك جشاءك
أبا جحيفة فان أكثرهم شبعا في الدنيا أكثرهم جوعا يوم القيامة قال فما اكل
أبو جحيفة ملء بطنه حتى فارق الدنيا، كان إذا تعشى لا تغدى وإذا تغدى
لا يتعشى وتوفي في إمارة بشر بن مروان بالبصرة سنة 72 (عب) وقال أيضا
انه كان على شرطة علي بن أبي طالب وكان يقوم تحت منبره وكان يسميه وهب
الخير انتهى.
(أبو جرادة)
عامر بن ربيعة بن خويلد بن عوف بن عامر بن عقيل بن كعب بن عامر بن
صعصعة صاحب أمير المؤمنين " ع " وهو جد بنى جرادة. وآل أبي جرادة طائفة
كبيرة مشهورة بحلب وهم شيعة وفيهم العلماء والفضلاء والشعراء والكتاب والقضاة
(وأهل حلب كان الغالب عليهم التشيع إلى القرن الثامن). فعن ياقوت في معجم
الأدباء قال في ترجمة كمال الدين عمر بن أبي جرادة المعروف بابن العديم: بيت
أبي جرادة بيت مشهور من أهل بيت حلب أدباء شعراء فقهاء عباد زهاد قضاة
يتوارثون الفضل كابرا عن كابر وتاليا عن غابر وانا أذكر شيئا من مآثر هذا
البيت وجماعة من مشاهيرهم ناقلا ذلك كله من كتاب الفه كمال الدين أطال الله
35

بقاءه وسماه الاخبار المستفادة في ذكر بني أبى جرادة وقرأته عليه فأقر به الخ.
(أقول) ويأتي في مجير الجراد ما يتعلق بالجراد.
(أبو جرير)
جرير بضم الجيم زكريا بن إدريس بن عبد الله بن سعد الأشعري القمي،
كان وجها روى عن أبي عبد الله وأبى الحسن والرضا " ع " له كتاب. وعن تأريخ
قم: انه وزكريا بن آدم وعيسى بن عبد الله بن سعد الأشعري القمي ممن أكرمهم
الأئمة بالهدايا والتحف والأكفان. وروي عن ابن عمه زكريا بن آدم بن عبد الله
قال: دخلت على الرضا " ع " من أول الليل في حدثان موت أبي جرير فسألني
عنه وترحم عليه ولم يزل يحدثني وأحدثه حتى طلع الفجر.
(أقول) وقبر أبي جرير في مقابر قم في موضع يقال له الشيخان الكبير
مزار معروف وحوله قبور كثيرة من العلماء والفقهاء ومنهم المحقق القمي. ومن
أصحاب الأئمة زكريا بن آدم وآدم بن إسحاق وغيرهم رضوان الله عليهم أجمعين.
(أبو جعفر)
هذه الكنية لجماعة كثيرة من علمائنا منهم المحمدون الثلاثة مؤلفوا الأصول
الأربعة ويقال لهم الجعفريون رضوان الله عليهم أجمعين.
(أبو جعفر السكاك)
محمد بن خليل البغدادي، كان متكلما من أصحاب هشام بن الحكم وتلميذه
اخذ عنه، له كتب (كش) عن سهل بن بحر الفارسي قال: سمعت الفضل بن
شاذان آخر عهدي به يقول انا خلف لمن مضى أدركت محمد بن أبي عمير وصفوان
ابن يحيى وغيرهما وحملت عنهم منذ خمسين سنة ومضى هشام بن الحكم رحمه الله
وكان يونس بن عبد الرحمن رحمه الله خلفه كان يرد على المخالفين ثم مضى يونس
ابن عبد الرحمن ولم يخلف غير السكاك فرد على المخالفين حتى مضى رحمه الله
36

وانا خلف لهم من بعدهم رحمهم الله انتهى السكاك كشداد صانع سكك الحديد.
(أقول) لما كان أبو جعفر السكاك خلف لهذه الجماعة ينبغي ان نشير إلى
مختصر من تراجم هؤلاء ليعلم مقامه اما محمد بن أبي عمير فيأتي في ابن أبي عمير،
واما صفوان بن يحيى: وهو أبو محمد البجلي الكوفي من أصحاب الكاظم والرضا
والجواد " ع " وكانت له عند الرضا " ع " منزلة شريفة وتوكل للرضا وأبى جعفر
عليه السلام وكان أوثق أهل زمانه وأعبدهم وكان يصلي في كل يوم خمسين ومائة
ركعة وكان شريكا لعبد الله بن جندب وعلي بن النعمان. وروي انهم تعاقدوا في
بيت الله الحرام انه من مات منهم صلى من بقي صلاته وصام عنه صيامه وزكى عنه
زكاته فماتا وبقي صفوان وكان يصلي في كل يوم مائة وخمسين ركعة ويصوم في
السنة ثلاثة أشهر ويزكى زكاته ثلاث دفعات وكل ما يتبرع به عن نفسه مما عدا
ما ذكرناه تبرع عنهما مثله. روى (كش) عن أبي الحسن " ع " قال: ما ذئبان
ضاريان في غنم قد غاب عنها رعاؤها بأضر في دين المسلم من حب الرياسة ثم قال
صفوان لا يحب الرياسة. توفي سنة 210 (ري) بالمدينة وبعث إليه أبو جعفر " ع "
بحنوطه وكفنه، وامر إسماعيل بن موسى بالصلاة عليه وكان من أصحاب الاجماع
وكان من الورع والعبادة على ما لم يكن على أحد من طبقته. واما هشام بن الحكم
أبو محمد كان عين الطائفة ووجهها ومتكلمها وناصرها كان مولده بالكوفة ومنشؤه
واسط وتجارته بغداد ثم انتقل إليها في آخر عمره ونزل قصر وضاح وروى عن
أبي عبد الله وأبى الحسن " ع " ورويت له مدائح جليلة عنهما وكان ممن فتق الكلام
وهذب المذهب بالنظر وكان حاذقا بصناعة الكلام حاضر الجواب ما قهره أحد في
التوحيد، مات سنة 179 (قطع) بالكوفة في أيام الرشيد وترحم عليه الرضا " ع "
قال الشيخ المفيد: وهشام بن الحكم من أكبر أصحاب أبي عبد الله جعفر بن محمد
عليه السلام وكان فقيها وروى حديثا كثيرا وصحب أبا عبد الله وبعده أبا الحسن
موسى عليهما السلام، وكان يكنى أبا محمد وأبا الحكم وكان مولى بني شيبان وكان
37

مقيما بالكوفة وبلغ من مرتبته وعلوه عند أبي عبد الله جعفر بن محمد انه دخل عليه
بمنى وهو غلام أول ما اختط عارضاه وفي مجلسه شيوخ الشيعة كحمران بن أعين،
وقيس الماصر، ويونس بن يعقوب، وأبو جعفر الأحول وغيرهم، فرفعه على
جماعتهم وليس فيهم إلا من هو أكبر سنا منه، فلما رأى أبو عبد الله " ع " ان
ذلك الفعل كبر على أصحابه قال هذا ناصرنا بقلبه ولسانه ويده وقال له أبو عبد الله
عليه السلام وقد سأله عن أسماء الله عز وجل واشتقاقها فأجابه ثم قال له أفهمت
يا هشام فهما تدفع به أعداءنا الملحدين مع الله عز وجل قال هشام نعم قال أبو
عبد الله " ع " نفعك الله عز وجل به وثبتك قال هشام فوالله ما قهرني أحد في
التوحيد حتى قمت مقامي هذا انتهى واما يونس بن عبد الرحمن: فهو أبو محمد
مولى علي بن يقطين، كان ثقة ووجها في أصحابنا متقدما عظيم المنزلة، روى عن أبي
الحسن موسى والرضا، وكان الرضا يشير إليه في العلم والفتيا وقال يونس في
زمانه كسلمان الفارسي في زمانه روي عن الفضل بن شاذان عن عبد العزيز بن
المهتدي قال الفضل كان خير قمي رأيته، وكان وكيل الرضا وخاصته قال سألت
الرضا " ع " فقلت اني لا ألقاك كل وقت فعمن آخذ معالم ديني؟ قال خذ عن يونس
ابن عبد الرحمن. وفي رواية قال له أفيونس بن عبد الرحمن ثقة آخذ عنه ما احتاج
إليه من معالم ديني فقال نعم، وكان يونس بن عبد الرحمن هو الذي دعا الناس إلى
امامة الرضا ردا على الواقفة فبذلت له الواقفة مالا كثيرا ليسكت فلم يقبل وقال
انا روينا عن الصادقين عليهما السلام انهم قالوا إذا ظهرت البدع فعلى العالم ان
يظهر علمه فان لم يفعل سلب نور الايمان وهو الذي عرض أبو هاشم الجعفري
كتابه في اليوم والليلة على أبى محمد العسكري " ع " فقال أعطاه الله تعالى بكل
حرف نورا يوم القيامة، وروي انه قيل له ان كثيرا من هذه العصابة يقعون
فيك ويذكرونك بغير الجميل فقال أشهدكم ان كل من له في أمير المؤمنين " ع "
نصيب فهو في حل مما قال، وروي ان الرضا " ع " ضمن له الجنة ثلاث مرات،
38

وكان له أربعون أخا يدور عليهم في كل يوم مسلما ثم يرجع إلى منزله فيأكل
فيتهيأ للصلاة ثم يجلس للتصنيف والتأليف وعنه قال صمت عشرين سنة اي سكت
عن جواب السؤال حتى كمل علمي ثم سئلت فأجبت وسئلت عشرين سنة ثم أجبت
ولقد حج أزيد من خمسين حجة قال الفضل حج يونس إحدى وخمسين حجة آخرها
عن الرضا " ع " وذكره ابن النديم في الفهرست عند تعداد فقهاء الشيعة وقال في
وصفه: علامة زمانه كثير التصنيف والتأليف على مذاهب الشيعة، ثم عد كتبه
وبالجملة مدائح يونس كثيرة ليس هذا موضعها. واما الفضل بن شاذان بن الخليل:
فهو أبو محمد الأزدي النيسابوري كان ثقة جليل القدر فقيها متكلما له عظم شأن
في هذه الطائفة قيل إنه صنف مائة وثمانين كتابا منها كتاب يوم وليلة الذي عرض
على الإمام العسكري " ع " فقال: هذا صحيح ينبغي ان يعمل به. روى عن أبي
جعفر الثاني وقيل عن الرضا وكان أبوه من أصحاب يونس ويعد من أصحاب
الجواد. توفي الفضل في أيام أبى محمد العسكري " ع " وقبره بنيشابور قرب فرسخ
خارج البلد مشهور، وقد زرته. قال العلامة وترحم عليه أبو محمد " ع " مرتين
وروي ثلاثا ولاء، وقال ونقل الكشي عن الأئمة عليهم السلام مدحه ثم ذكر ما ينافيه وقد
أجبنا عنه في كتابنا الكبير وهذا الشيخ اجل من أن يغمز عليه فإنه رئيس طائفتنا
انتهى. كتاب الفصول للسيد المرتضى عن الشيخ المفيد انه قال سئل أبو محمد
الفضل بن شاذان النيشابوري فقيل له ما الدليل على امامة أمير المؤمنين علي بن
أبي طالب؟ فقال الدليل على ذلك من كتاب الله عز وجل ومن سنة نبيه ومن اجماع
المسلمين فاما كتاب الله فقوله عز وجل (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا
الرسول وأولي الامر منكم) فدعانا سبحانه إلى طاعة أولي الامر كما دعانا إلى طاعة
نفسه وطاعة رسوله فاحتجنا إلى معرفة أولي الامر كما وجبت علينا معرفة الله تعالى
ومعرفة الرسول عليه وعلى آله السلام فنظرنا إلى أقاويل الأمة فوجدناهم قد
اختلفوا في أولي الامر وأجمعوا في الآية على ما يوجب كونها في علي بن أبي
39

طالب " ع " فقال بعضهم أولي الامر هم أمراء السرايا وقال بعضهم هم العلماء وقال
بعضهم هم القوام على الناس والآمرون بالمعروف الناهون عن المنكر. وقال بعضهم
هم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب والأئمة من ذريته عليهم السلام فسألنا الفرقة
الأولى فقلنا لهم أليس علي بن أبي طالب " ع " من أمراء السرايا؟ فقالوا بلى إلى
آخر ما أفاد.
(أبو جعفر الطوسي) انظر الشيخ
(أبو الجوزاء)
الربعي هو أوس بن خالد قال جاورت ابن عباس في داره اثنتي عشرة. ما في
القرآن آية إلا وقد سألته عنها وخرج مع ابن الأشعث فقتل بدير الجماجم سنة 83
كذا في المعارف لابن قتيبة.
(أبو جهل)
عمرو بن هشام بن المغيرة المخزومي، كان من أشد الناس عداوة للنبي قتل
يوم بدر كافرا واخباره مع النبي وكثرة أذاه إياه مشهور وروي ان النبي صلى الله عليه وآله
قال فيه ان هذا أعتى على الله عز وجل من فرعون، ان فرعون لما أيقن بالهلاك وحد
الله وان هذا لما أيقن بالهلاك دعا باللات والعزى. وعمه الوليد بن المغيرة: كان
شيخا كبيرا مجربا من دهاة العرب يتحاكمون إليه في الأمور وينشدونه الاشعار
فما اختاره من الشعر كان مختارا، وهو أحد المستهزئين الخمس الذي كفى الله
شرهم، وكان له عبيد عشرة عند كل عبد ألف دينار يتجر بها وملك القنطار،
وهو الذي قالت له قريش يا أبا عبد شمس ما هذا الذي يقول محمد صلى الله عليه وآله أسحر أم
كهانة أم خطب؟ فقال دعوني اسمع كلامه فدنا من رسول الله وهو جالس في
الحجر فقال يا محمد أنشدني شعرك فقال ما هو بشعر ولكنه كلام الله الذي به بعث
أنبياءه ورسله فقال أتل فقرأ بسم الله الرحمن الرحيم فلما سمع الرحمن استهزأ منه
وقال تدعو إلى رجل باليمامة يسمى الرحمن قال لا ولكني ادعو إلى الله وهو
40

الرحمن الرحيم ثم افتتح حم السجدة فلما بلغ إلى قوله تعالى (فان أعرضوا فقل
أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود) فلما سمعه اقشعر جلده وقامت كل شعرة
في بدنه ثم قام ومشى إلى بيته ولم يرجع إلى قريش فقالوا صبا أبو عبد شمس إلى
دين محمد صلى الله عليه وآله فاغتمت قريش وغدا عليه أبو جهل فقال فضحتنا يا عم قال يا ابن أخ
ما ذاك واني على دين قومي ولكني سمعت كلاما صعبا تقشعر منه الجلود، قال
أشعر هو؟ قال ما هو بشعر قال فخطب؟ قال لا ان الخطب كلام متصل وهذا
كلام منثور لا يشبه بعضه بعضا له طلاوة قال فكهانة هو؟ قال لا قال فما هو؟ قال
دعني أفكر فيه فلما كان من الغد قالوا يا أبا عبد شمس ما تقول؟ قال قولوا هو
سحر فإنه اخذ بقلوب الناس فأنزل الله تعالى فيه (ذرني ومن خلقت وحيدا)
إلى قوله (عليها تسعة عشر).
(وابنه خالد بن الوليد بن المغيرة)
هو الفتاك البطل الذي له وقائع عظيمة وكان يقول على ما حكي عنه: لقد
شاهدت كذا وكذا وقعة ولم يكن في جسدي موضع شبر إلا وفيه (أثر طعنة أو
ضربة وها انا ذا أموت على فراشي لا نامت عين الجبان. مات سنة 21 (كا) ودفن
بحمص. ولا يحتمل المقام الإشارة إلى وقائعه ولكني أشير إلى وقعتين منه:
(الأولى) ما روي أنه لما بعثه النبي صلى الله عليه وآله على صدقات بني جذيمة من بني
المصطلق فأوقع بهم خالد لترة كانت بينه وبينهم فقتل منهم واستاق أموالهم فلما انتهى
الخبر إلى النبي رفع يده إلى السماء وقال اللهم إني أبرأ إليك مما فعل خالد وبكى ثم
دعا عليا فبعثه إليهم بمال وأمره ان يؤدي إليهم ديات رجالهم وما ذهب لهم من
أموالهم فأعطاهم أمير المؤمنين " ع " جميع ذلك، فأعطاهم لميلغة كلابهم وحبلة رعاتهم
وبقيت معه فأعطاهم لروعة نسائهم وفزع صبيانهم ولما يعلمون ولما لا يعلمون
وليرضوا عن رسول الله.
41

(الثانية) قال ابن شحنة الحنفي في روضة الناظر: في أيام أبي بكر منعت
يربوع الزكاة وكان كبيرهم مالك بن نويرة وكان فارسا منطقيا شاعرا قدم على
رسول الله صلى الله عليه وآله فولاه صدقة قومه فأرسل إليه أبو بكر خالد بن الوليد فقال مالك
إنا نأتي الصلاة دون الزكاة فقال خالد اما علمت أن الصلاة والزكاة معا لا يقبل
أحدهما بدون الآخر فقال مالك اما لو كان صاحبكم يقول ذلك ثم أعاد هذه الكلمة
مرة أخرى فقال خالد أو ما تراه لك صاحبا والتفت إلى ضرار بن الأزور وأمره
بضرب عنقه فالتفت مالك إلى زوجته وقال لخالد هذه التي قتلتني وكانت في غاية
الجمال فقال بل قتلك رجوعك عن الاسلام فقال مالك انا مسلم فقال خالد يا ضرار
اضرب عنقه فضرب عنقه، وذكر ابن خلكان ما يقرب من ذلك ثم قال وجعل
رأسه أثفية القدر وكان من أكثر الناس شعرا فكانت القدر على رأسه حتى نضج
الطعام وما خلصت لنار إلى شواه من كثرة شعره وقبض خالد امرأته فقيل انه
اشتراها من الفئ وتزوج بها قال في ذلك أبو زهير السعدي.
ألا قل لحي أوطأوا بالسنابك * تطاول هذا الليل من بعد مالك
قضى خالد بغيا عليه لعرسه * وكان له فيها هوى قبل ذلك
فأمضى هواه خالد غير عاطف * عنان الهوى عنها ولا متمالك
وأصبح ذا أهل وأصبح مالك * إلى غير شئ هالكا في الهوالك
فمن لليتامى والأرامل بعده * ومن للرجال المعدمين الصعالك
أصيبت تميم غثها وسمينها * بفارسها المرجو سحب الحوالك.
ولما بلغ الخبر أبا بكر وعمر، قال عمر لأبي بكر ان خالدا قد زنى فارجمه قال
ما كنت لأرجمه فإنه تأول فأخطأ قال إنه قتل مسلما فاقتله به قال ما كنت لأقتله
به فإنه تأول فأخطأ قال فاعزله قال ما كنت لاشيم سيفا سله الله عليهم ابدا انتهى.
وفي بعض الروايات، انه لما قتل خالد مالكا ونكح امرأته كان في عسكره
أبو قتادة الأنصاري فركب فرسه ولحق بأبي بكر وحلف ان لا يسير في جيش
42

تحت لواء خالد ابدا، فقص على أبي بكر القصة، فقال أبو بكر: لقد فتنت الغنائم
العرب وترك خالد ما أمرته. وان عمر لما سمع ذلك تكلم فيه عند أبي بكر فأكثر
وقال إن القصاص قد وجب عليه، فلما اقبل خالد بن الوليد غافلا دخل المسجد
وعليه قباء له عليه صداء الحديد معتجر بعمامة له قد غرز في عمامته أسهما فلما ان
دخل المسجد قام إليه عمر فنزع الأسهم عن رأسه فحطمها ثم قال عدي نفسه عدوت
على امرئ مسلم فقتلته ثم نزوت على امرأته، والله لنرجمنك بأحجارك، وخالد
لا يكلمه ولا يظن إلا ان رأي أبي بكر مثل رأي عمر فيه حتى دخل على أبي بكر
واعتذر إليه فعذره وتجاوز عنه، فخرج خالد وعمر جالس في المسجد فقال هلم إلي
يا بن أم شملة فعرف عمران أبا بكر قد رضي عنه فلم يكلمه ودخل بيته.
(أبو جهم الكوفي)
ثوير مصغرا ابن أبي فاختة مولى أم هاني تابعي، ذكره الذهبي ونقل القول
بكونه رافضيا، ومع ذلك فقد اخذ عنه علماء السنة واخرج له الترمذي في صحيحه
عن ابن عمر وزيد بن أرقم، عده الشيخ في أصحاب السجاد " ع " وفي (قر) وفي
(ق) روى (كش) فيه حديثا يظهر منه كونه من مشاهير الشيعة ويؤيده ما عن
تقريب ابن حجر: ثوير مصغرا ابن أبي فاختة معجمة مكسورة ومثناة مفتوحة
سعيد بن علاقة بكسر المهملة الكوفي أبو الجهم ضعيف رمي بالرفض من
الرابعة انتهى (أبو الجيش)
المظفر بن محمد الخراساني البلخي متكلم، كان عارفا بالاخبار من غلمان أبى
سهل النوبختي، له كتب كثيرة منها: فعلت فلا تلم في المثالب ينقل منه صاحب
الكامل البهائي وله نقض كتاب العثمانية للجاحظ وله كتاب في الإمامة قرأ عليه
أبو عبد الله المفيد (ره) واخذ عنه ويروى عنه في الارشاد وعن ابن النديم انه
43

كان شاعرا مجودا في أهل البيت عليهم السلام متكلما بارعا انتهى.
توفي سنة 367 (شزس). وقد يطلق على خمارويه بضم الخاء ابن أحمد بن
طولون صاحب الديار المصرية والشامية الذي يأتي ذكره في ابن طولون قتله غلمانه
بدمشق على فراشه سنة 282 وكان عمره اثنين وثلاثين سنة وحمل في تابوت إلى
مصر فاخرج من التابوت وجعل على السرير وذلك على باب مصر وخرج ولده
الأمير جيش وسائر الامراء والأولياء فصلى عليه ودفن عند أبيه بسفح المقطم
وكانت بنته قطر الندى زوجة المعتضد بالله الخليفة العباسي. قال ابن خلكان: كان
صداقها الف ألف درهم، وكانت موصوفة بفرط الجمال والعقل، حكي ان المعتضد
خلا بها يوما للانس في مجلس أفرده لها ما أحضر سواها فأخذت منه الكأس فنام
على فخذها فلما استثقل وضعت رأسه على وسادة وخرجت فجلست في ساحة
القصر فاستيقظ فلم يجدها فاستشاط غضبا ونادى بها فأجابته عن قرب فقال ألم أخلو
بك إكراما لك ألم ادفع إليك مهجتي دون سائر حظاياي فتضعين رأسي على وسادة
فقالت يا أمير المؤمنين ما جهلت قدر ما أنعمت علي ولكن فيما أدبني به أبى قال
لا تنامي مع الجلوس ولا تجلسي مع النيام.
(أبو حاتم الرازي)
محمد بن إدريس الحنظلي الذي قال في حقه علماء أهل السنة: كان إماما حافظا
من مشاهير العلماء، ويقال له حافظ المشرق وكان بارع الحفظ واسع الرحلة من
أوعية العلم. وكان جاريا في مضمار البخاري وأبى زرعة الرازي. توفى في شعبان
سنه 277 (زرع). وابنه أبو محمد عبد الرحمن بن محمد بن إدريس حافظ الري وابن
حافظها، اخذ عن أبيه وعن أبي زرعة كان بحرا في العلوم ومعرفة الرجال، صنف
في الفقه واختلاف الصحابة والتابعين وعد من الابدال، توفي سنة 327 (شكز)
(أبو حاتم السجستاني)
سهل بن محمد بن عثمان النحوي اللغوي المقرى نزيل البصرة وعالمها، اخذ عنه
44

ابن دريد والمبرد وغيرهما. حكي انه كان صالحا عفيفا يتصدق كل يوم بدينار،
ويختم القرآن في كل أسبوع، له من المصنفات كتاب اعراب القرآن. وكتاب
اختلاف المصاحف وغير ذلك قيل توفى في رجب بالبصرة سنة 248 (رمح). وهو
غير أبي حاتم البستي محمد بن حيان صاحب التآليف المتوفى سنة 354 (شند)
والسجستاني نسبة إلى سجستان معرب سيستان ناحية كبيرة واسعة واقعة على
جنوب هراة أرضها كلها سبخة رملة ينسب إليها رستم الشديد. وفي (ضا) نقلا عن
الذهبي: ان في زمن بني أمية لما أعلن أهل الشرق والغرب ومكة والمدينة بسب
علي بن أبي طالب " ع " امتنع أهل سجستان من ذلك حتى أنهم شرطوا في معاهدتهم
مع بني أمية ان لا يأتوا إلى ذلك إن شاء الله.
(أبو حامد الأسفرائني) انظر الأسفرائني
(أبو حامد الغزالي) انظر الغزالي
(أبو الحتوف)
ابن الحارث بن سلمة الأنصاري العجلاني نسبة إلى بني عجلان بطن من
الخزرج. عن الحدائق الوردية في أئمة الزيدية: انه كان مع أخيه سعد في الكوفة،
ورأيهما رأي الخوارج، فخرجا مع عمر بن سعد لحرب الحسين " ع " فلما كان
اليوم العاشر وقتل أصحاب الحسين وجعل الحسين ينادي: ألا ناصر فينصرنا،
فسمعته النساء والأطفال فتصارخن، وسمع سعد وأخوه أبو الحتوف النداء من
الحسين والصراخ من عياله، قالا: إنا نقول لا حكم إلا لله ولا طاعة لمن عصاه،
وهذا الحسين بن بنت نبينا محمد ونحن نرجو شفاعة جده يوم القيامة فكيف نقاتله
وهو بهذا الحال لا ناصر له ولا معين، فمالا بسيفيهما مع الحسين على أعدائه
وجعلا يقاتلان قريبا منه حتى قتلا جمعا وجرحا آخر ثم قتلا معا في مكان واحد،
وختم لهما بالسعادة الأبدية بعد ما كانا من المحكمة، وانما الأمور بخواتيمها.
45

(أبو الحجاج)
الأقصري هو الشيخ العارف الزاهد، له كلمات في ارشاد المريدين وكان
يقول لا يقدح عدم الاجتماع بالشيخ في محبته فانا نحب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله
والتابعين، وما رأيناهم، وذلك لان صورة المعتقدات إذا ظهرت لا تحتاج إلى
صورة الاشخاص، فإنها إذا ظهرت تحتاج إلى صورة المعتقدات فإذا حصل الجمع
بينهما فذلك كمال حقيقي. وقيل له يوما من شيخك؟ قال شيخي أبو جعران اي
الجعل فظنوا أنه يمزح، فقال لست أمزح، فقيل له كيف؟ فقال كنت ليلة من
ليالي الشتاء سهران، وإذا بأبي جعران يصعد منارة السراج فيزلق لكونها ملساء
ثم يرجع فعددت عليه تلك الليلة سبعمائة زلقة ثم يرجع بعدها ولا يكل فتعجبت
في نفسي فخرجت إلى صلاة الصبح ثم رجعت، فإذا هو جالس فوق المنارة بجنب
الفتيلة، فأخذت من ذلك ما اخذت أي انه تعلم منه الثبات مع الجد.
(أبو الحجاج المزي) انظر المزي
(أبو حزرة)
جرير بن عطية التميمي الشاعر المشهور، كان من فحول شعراء الاسلام،
وكانت بينه وبين الفرزدق مهاجاة ومعاداة، وأجمعت العلماء على أنه ليس في شعراء
الاسلام مثل ثلاثة: جرير والفرزدق والأخطل. وقد اختلف أهل المعرفة بالشعر
في الفرزدق وجرير والمفاضلة بينهما، والأكثرون على أن جرير أفضل منه ويأتي
في الفرزدق ان جرير توفي في السنة التي مات فيها الفرزدق وهي سنة 110،
والحزرة بفتح الحاء وسكون الزاي وفتح الراء المهملة شجرة حامضة، ومن المال
خياره كذا في (ق).
(أبو الحسن الأشعري)
علي بن إسماعيل بن أبي بشر إسحاق بن سالم بن إسماعيل بن عبد الله بن
46

موسى بن بلال بن أبي بردة بن أبي موسى الأشعري، تقدم ذكر جده أبي بردة
ويأتي ذكر أبي موسى بعد ذلك. كان مولده بالبصرة ومنشؤه ببغداد، وهو امام
الأشاعرة واليه تنسب الطائفة الأشعرية، توفي سنة 334 ودفن بين الكرخ وباب
البصرة، قال ابن شحنة في روضة الناظر: في سنة 329 توفي أبو الحسن علي بن
إسماعيل بن أبي بشر الأشعري ودفن ببغداد بشرعة الزوايا ثم طمس قبره خوفا ان
تنبشه الحنابلة فإنهم كانوا يعتقدون كفره ويبيحون دمه، وذكر: ان أبا علي
الجبائي كان زوج أمه انتهى.
ونسب إليه وأصحابه ابن حزم فيما حكي عن كتابه فصل القول: بأن الايمان
عقد بالقلب وان أعلن الكفر بلسانه بلا تقية وعبد الأوثان، أو لزم اليهودية أو
النصرانية في دار الاسلام، وعبد الصليب وأعلن التثليث في دار الاسلام، ومات
على ذلك، فهو مؤمن كامل الايمان عند الله، ولي لله، من أهل الجنة. وقال أيضا
في كتابه من الجزء 4 صفحه 206: واما الأشعرية فقالوا إن شتم من أظهر الاسلام
لله ولرسوله بأفحش ما يكون من الشتم واعلان التكذيب بهما باللسان بلا تقية ولا
حكاية، والاقرار بأنه يدين بذلك ليس شئ من ذلك كفرا ونقل عن الأشاعرة
القول: بأن من عرف الحق من اليهود والنصارى المعاصرين لرسول الله صلى الله عليه وآله فاعتقد
بأنه رسول الله حقا ثم كتم ذلك، وتمادى في الجحود واعلان الكفر، فحارب
النبي في خيبر وغيرها، فهو مؤمن عند الله، ولي لله تعالى، من أهل الجنة انتهى.
والأشعري نسبة إلى اشعر، ويأتي في الأشعري.
(أبو الحسن البكري)
أحمد بن عبد الله بن محمد البكري صاحب كتاب الأنوار في مولد النبي
المختار، ينقل منه العلامة المجلسي في المجلد السادس من البحار، وقال في الفصل
الثاني من أول كتاب البحار: وكتاب الأنوار قد اثنى بعض أصحاب الشهيد
47

الثاني على مؤلفه وعده من مشايخه، ومضامين اخباره موافقة للاخبار المعتبرة
بالأسانيد الصحيحة، وكان مشهورا بين علمائنا يتلونه في شهر ربيع الأول في
المجالس والمجامع في يوم المولد الشريف انتهى. وفيه كلام ليس موضع نقله فليطلب
من أعيان الشيعة وغيره.
(أبو الحسن التهامي)
علي بن محمد بن الحسن العاملي الشامي من شعراء الشيعة، ذكره شيخنا
الحر في الامل، وكان فاضلا أديبا شاعرا منشيا بليغا له ديوان شعر حسن،
ومن شعره:
تنافس في الدنيا غرورا وانما * قصارى غناها ان يعود إلى الفقر
وإنا لفي الدنيا كركب سفينة * نظل وقوفا والزمان بنا يجري
وله أيضا:
وإذا جفاك الدهر وهو أبو الورى * طرا فلا تعتب على أولاده
وله الرائية المشهورة في رثاء ولده، وقد مات صغيرا وهي غاية في
الحسن والجزالة وفخامة المعنى وجودة السرد ولا بأس بذكر بعض اشعارها قال
رحمه الله:
حكم المنية في البرية جار * ما هذه الدنيا بدار قرار
بينا يرى الانسان فيها مخبرا * حتى يرى خبرا من الاخبار
طبعت على كدر وأنت تريدها * صفوا من الأقذاء والأكدار
ومكلف الأيام ضد طباعها * متطلب في الماء جذوة نار
فالعيش نوم المنية يقظة * والمرء بينهما خيال سار
فاقضوا مأربكم عجالا إنما * أعماركم سفر من الاسفار
إني وترت بصارم ذي رونق * أعددته لطلابة الأوتار
48

والنفس إن رضيت بذلك أو أبت * منقادة بازمة المقدار
يا كوكبا ما كان أقصر عمره * وكذاك عمر كواكب الأسحار
إن يحتقر صغرا فرب مفخم * يبدو ضئيل الشخص للنظار
إن الكواكب في علو محلها * لترى صغارا وهي غير صغار
ولد المعزى بعضه فإذا انقضى * بعض الفتى فالكل في الآثار
أبكيه ثم أقول معتذرا له * وفقت حين تركت ألام دار
جاورت أعدائي وجاور ربه * شتان بين جواره وجواري
أشكو بعادك لي وأنت بموضع * لولا الردى لسمعت فيه مزاري
والشرق نحو الغرب أقرب شقة * من بعد تلك الخمسة الأشبار
فإذا نطقت فأنت أول منطقي * وإذا سكت فأنت في إضماري
إني لأرحم حاسدي لحر ما * ضمنت صدورهم من الأوغار
نظروا صنيع الله بي فعيونهم * في جنة وقلوبهم في نار
لا ذنب لي قد رمت كتم فضائلي * فكأنما برقعت وجه نهار
سجن بالقاهرة في ع 1 سنه 416 (تيو) ثم قتل سرا في سجنه في 9 ج 1 من
السنة المذكورة، وبعد موته رآه بعض أصحابه في النوم فقال له ما فعل الله بك؟
قال غفر لي، فقال بأي الأعمال؟ قال بقولي في مرثية ولدي الصغير جاورت أعدائي
وجاور ربه.. الخ. التهامي بكسر التاء نسبة إلى تهامة وهي تطلق على مكة زادها
الله شرفا والنسبة إليها تهامي بالكسر وتهام بالفتح.
(أبو الحسن جلوة)
الحكيم المتأله ابن محمد الطباطبائي المنتهي نسبه إلى سيد الحكماء والمتألهين
الميرزا رفيع الدين النائيني رحمه الله، تولد في احمد آباد كجرات في سنة 1238
واشتغل في أصبهان بتحصيل العلم وكان أكثر تحصيله في علم المعقول حتى صار من
49

أساتذة هذا الفن ثم انتقل إلى طهران وتوقف في مدرسة دار الشفاء وكان يدرس
في المعقول وأورد ترجمته في نامة دانشوران قال: بقيت مدة في أصبهان مشتغلا
بهذا الشغل اي المطالعة والتدريس ثم اتيت إلى طهران وبحسب العادة والانس
وعدم القدرة على المنزل المنفرد نزلت في مدرسة دار الشفاء ولي إلى هذا الوقت
وهو سنة 1290 (غرص) إحدى وعشرون سنة لم اشتغل فيها بغير المطالعة والمباحثة
ولم يخطر ببالي شغل غيرهما ولما علمت أن التصنيف الجديد صعب بل غير ممكن لم
اكتب شيئا مستقلا ولكن كتبت حواشي كثيرة على الحكمة المتعالية المعروفة
بالاسفار وغيرها والآن هي في يد بعض الطلاب ومحل الانتفاع انتهي.
وكان انتقاله إلى طهران سنة 1273 بعد ما أكمل المعقول وبقي في مدرسة
دار الشفاء مجردا بلا زوجة مشتغلا بالتدريس إحدى وأربعين سنة حتى انتقل إلى
الدار الآخرة في سنة 1314 (غشيد) ودفن بقرب ابن بابويه القمي رضوان الله
عليه ومن شعره في مدح أمير المؤمنين " ع " بالفارسية:
غير علي كس نكرد خدمت احمد * غم خور موسى نباشد إلا هارون
كرد جهاني بتيغ زنده بمعنى * از دم تيغش اگر جه ريخت همي خون
صورت انسانى وصفات خدائى * سبحان الله از أين مركب ومعجون
ساحت جاهش بعقل پي نتوان برد * نتوان باموزه در گذشت زجيحون
سوى شريعت دراي ومهر علي جو * از بن دندان اگرنه قلبي ووارون
(أبو الحسن الخرقاني)
علي بن جعفر المشهور بالزهد والعرفان، وللصوفية والعرفاء فيه اعتقاد عظيم
ويعددون له كرامات وفضائل كثيرة ونحن نذكر واحدا منها ها هنا ليكون
أنموذجا لما سواها. قال في (ضا) وذكر الفاضل الطيبي في باب فضل الصدقة من
شرحه على مصابيح البغوي، قال روي الشيخ نجم الدين الكبري في فواتح الجمال
50

عن الشيخ أبى الحسن الخرقاني انه قال: صعدت إلى العرش وطفته الف طوفة
ورأيت الملائكة يطوفون مطمئنين تعجبوا من سرعة طوافي فقلت ما هذه البرودة
في الطواف؟ فقالوا نحن الملائكة أنوار لا نقدر ان نجاوزه، فقالوا وما هذه
السرعة؟ فقلت انا آدمي وفي نور ونار وهذه السرعة من نتائج نار الشوق انتهى.
توفي سنة 425 (تكه) ودفن خارج الخرقان من قرى بسطام. قال الفيروز آبادي
الخرقان كسحبان قرية ببسطام وتحريكه لحن.
(أبو الحسن الشاذلي) انظر الشاذلي
(أبو الحسن الشريف)
ابن الشيخ محمد طاهر بن عبد الحميد بن موسى بن علي بن معتوق بن
عبد الحميد الفتوني النباطي العاملي الأصبهاني الغروي المتوفي سنة 1138 أفضل أهل عصره
وأطولهم باعا، صاحب تفسير مرآة الأنوار إلى أواسط سورة البقرة يقرب
مقدماته من عشرين الف بيت لم يعمل مثله، وكتاب ضياء العالمين في الإمامة في
ستين الف بيت ورسالة تنزيه القميين في تراجم كثير من القميين واثبات برأتهم
عن عقائد المجبرة والمشبهة وغير ذلك، وكانت أمه بنت السيد الجليل الأمير محمد
صالح الخاتون آبادي الذي هو صهر العلامة المجلسي (ره) على بنته وهو اي
أبو الحسن الشريف جد شيخ الفقهاء صاحب جواهر الكلام من طرف أم والده
المرحوم الشيخ باقر وهي آمنة بنت المرحومة فاطمة بنت المولى أبى الحسن.
يروي هو عن العلامة المجلسي وعن الشيخ الحر العاملي وعن خاله
الخاتون آبادي وعن السيد الجزائري وغير هؤلاء رضوان الله عليهم أجمعين.
ويروي عنه السيد الاجل الشهيد السيد نصر الله الموسوي الحائري المدرس
في الروضة الحسينية صاحب الروضات الزهرات في المعجزات بعد الوفاة وسلاسل
الذهب وغير ذلك، وله ديوان شعر رائق، وله تخميس قصيدة الفرزدق في مدح
51

الإمام علي بن الحسين " ع " قوله:
هذا الذي ضمن الفرقان مدحته * هذا الذي ترهب الآساد صولته
هذا الذي تحسد الأمطار منحته * هذا الذي تعرف البطحاء وطأته
والبيت يعرفه والحل والحرم
هذا ابن من زينوا الدنيا بفخرهم * وأوضحوا ديننا في صبح علمهم
وأخصبوا عيشنا في قطر جودهم * هذا ابن خير عباد الله كلهم
هذا التقي النقي الطاهر العلم
يروى عن السيد المذكور الاجل السيد حسين القزويني أحد مشايخ العلامة
بحر العلوم. والسيد محمد بن أمير الحاج، شارح قصيدة أبى فراس والشيخ أحمد بن
الشيخ حسن النحوي، المتوفي سنة 1173 وغيرهم - رضوان الله عليهم أجمعين -.
(أبو الحسن الفارسي الوراق)
أحمد بن الفرج بن منصور البغدادي، ولد سنة 312 وتوفي بها سنة 392،
فعن الخطيب في تأريخ بغداد قال في حقه: إن أول سماعه للحديث كان سنة 324
وكان ثقة، حدثني أبو بكر البرقاني قال: ذكر لي انه كان يديم قراءة القرآن
وكان له في كل يوم ختمة، قال: وكان يذكر عنه التشيع سألت أبا الحسين العتبقي
هل سمع شيئا بغير بغداد؟ فقال لا، وكان ثقة كتب الكثير انتهى.
وعن رياض العلماء: انه يروى عن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه.
وقال أيضا: ويروي صاحب مسند فاطمة عليها السلام أبو جعفر محمد بن جرير الطبري عنه
(أبو الحسن الوراق) انظر الرماني
(أبو الحسين البصري)
محمد بن علي الطيب البصري المتكلم على مذهب المعتزلة، وهو أحد أئمتهم
الاعلام المشار إليه في هذا الفن، له تصانيف منها: المعتمد في الفقه وهو كتاب
52

كبير اخذ منه فخر الدين الرازي، كتاب المحصول، توفي ببغداد سنة 446
(تلو). قال ابن خلكان: ولفظة المتكلم تطلق على من يعرف علم الكلام وهو أصول
الدين، وإنما قيل له علم الكلام لان أول خلاف وقع في الدين كان في كلام الله
عز وجل، أمخلوق هو أم غير مخلوق؟ فتكلم الناس فيه فسمي هذا النوع من العلم
كلاما إنتهى.
(أبو الحكم المغربي)
عبيد الله بن مظفر بن عبد الله بن محمد الباهلي الأندلسي الأديب الحكيم،
كان فاضلا في العلوم الحكمية متفننا في الصناعة الطبية، هو الفيلسوف الفرد العلم
والفاضل الذي أقرت له بالحكمة العرب والعجم، توفي 4 (قع) سنة 549 (ثمط)
وابنه أبو المجد بن أبي الحكم طبيب حاذق ماهر له قصص وحكايات في معالجته المرضى
توفي بدمشق سنة 570.
(أبو حمزة الثمالي) انظر الثمالي
(أبو حنيفة)
النعمان بن ثابت بن زوطي بن ماه مولى تيم الله بن ثعلبة الكوفي، أحد
الأئمة الأربعة السنية صاحب الرأي (1) والقياس والفتاوى المعروفة في الفقه. قال
ابن خلكان: كان جده زوطي من أهل كابل. وذكر الخطيب في تأريخه: ان
أبا حنيفة رأى في المنام كأنه ينبش قبر رسول الله صلى الله عليه وآله فبعث من سأل ابن سيرين
صاحب هذه الرؤيا يثور علما لم يسبقه إليه أحد قبله. قال ابن خلكان: كان إماما
في القياس، وروى أنه صلى أبو حنيفة فيما حفظ عليه صلاة الفجر بوضوء العشاء
أربعين سنة وكان عامة ليلة يقرأ جميع القرآن في ركعة واحدة وكان يسمع بكاؤه

(1) وممن اخذ عنه ولكنه تقدمه في الحياة ربيعة بن عبد الرحمن المدني الفقيه
المعروف بربيعة الرأي توفي سنة 136 بالأنبار في الهاشمية التي بناها السفاح.
53

في الليل حتى يرحمه جيرانه، وحفظ عليه انه ختم القرآن في الموضع الذي توفي فيه
سبعة آلاف ختمة، وقال أيضا: ومناقبه وفضائله كثيرة. وقد ذكر الخطيب في
تأريخه فيها شيئا كثيرا ثم أعقب ذلك بذكر ما كان الأليق تركه والاضراب عنه.
(أقول) ولعله أراد مثل ما يحكى عنه انه روى في الجزء الثالث عشر من
تاريخه عن الثوري عن حماد بن أبي سليمان انه كان يظهر البراءة من أبي حنيفة
ويقول لأصحابه: إن سلم فلا تردوا عليه وان جلس فلا توسعوا له. وروى أنه
اجتمع الثوري وشريك والحسن بن صالح وابن أبي ليلى فبعثوا إلى أبي حنيفة
فأتاهم فقالوا ما تقول في رجل قتل أباه ونكح أمه وشرب الخمر في رأس أبيه؟ فقال
هو مؤمن، فقال ابن أبي ليلى لا قبلت لك شهادة ابدا، وقال الثوري لا كلمتك
ابدا، وقال شريك لو كان لي من الامر شئ لضربت عنقك، وقال له الحسن وجهي
من وجهك حرام ان انظر إلى وجهك ابدا.
وروى عن الامام مالك قال ما ولد في الاسلام مولود أضر على أهل الاسلام
من أبي حنيفة وقال كانت فتنة أبي حنيفة أضر على هذه الأمة من فتنة إبليس.
واخرج عن عبد الرحمن بن مهدي قال ما علم في الاسلام فتنة بعد فتنة الدجال
أعظم من رأي أبي حنيفة. وعن الأوزاعي قال عمد أبو حنيفة إلى عرى الاسلام
فنقضه عروة عروة واخرج عن أبي صالح الفراء قال سمعت يوسف بن أسباط يقول
رد أبو حنيفة على رسول الله أربعمائة حديث أو أكثر، وقال: لو أدركني النبي
وأدركته لاخذ بكثير من قولي وهل الدين إلا الرأي الحسن. واخرج عن
علي بن صالح البغوي قال أنشدني أبو عبد الله محمد بن زيد الواسطي لأحمد
ابن المعدل:
إن كنت كاذبة بما حدثتني * فعليك إثم أبي حنيفة أو زفر
الماثلين إلى القياس تعمدا * والراغبين عن التمسك بالخبر
وروى أنه كان رأس المرجئة وانه سئل من مسألة فأجاب فيها ثم قيل له انه يروى
54

عن النبي صلى الله عليه وآله فيها كذا وكذا قال دعنا من هذا. وفي رواية أخرى قال حك هذا
بذنب خنزيرة إلى غير ذلك مما ليس مقام نقله وكان الأليق تركه والاضراب عنه.
قال ابن خلكان: فمثل هذا الامام لا يشك في دينه ولا في ورعه وتحفظه ولم
يكن يعاب بشئ سوى قلة العربية، وقال في ترجمة عطاء بن أبي رياح وحكي وكيع
قال: قال لي أبو حنيفة النعمان بن ثابت أخطأت في خمسة أبواب من المناسك بمكة؟
فعلمنيها حجام وذلك انى أردت ان أحلق رأسي فقال لي اعرابي أنت قلت نعم
وكنت قد قلت له بكم تحلق رأسي فقال النسك لا يشارط فيه اجلس، فجلست
منحرفا عن القبلة فأومأ إلي باستقبال القبلة، وأردت ان أحلق رأسي من الجانب
الأيسر فقال أدر شقك الأيمن من رأسك فأدرته وجعل يحلق رأسي وانا ساكت،
فقال لي كبر فجعلت أكبر حتى قمت لأذهب، فقال أين تريد؟ قلت رحلي فقال
صل ركعتين ثم امض فقلت ما ينبغي ان يكون هذا من مثل هذا الحجام إلا ومعه
علم، فقلت من أين لك ما رأيتك أمرتني به فقال رأيت عطاء بن أبي رياح
يفعل هذا انتهى.
وعطاء بن أبي رياح بفتح الراء والياء الموحدة كان من فقهاء مكة، سمع
جابر بن عبد الله وابن عباس وروى عنه عمرو بن دينار والزهري وقتادة ومالك بن
دينار والأعمش والأوزاعي واليه والى مجاهد انتهت فتوى مكة في زمانهما، حكي
ان في زمان بني أمية يأمرون في الحاج صائحا يصيح لا يفتي الناس إلا عطاء بن
أبي رياح، وكان اسود أعور أفطس أشل أعرج ثم عمي مفلل الشعر، توفي
سنة 115، وتوفي أبو حنيفة سنة 150 وقبره ببغداد في مقبرة خيزران، وما ذكره
علماء الفريقين في ترجمته أكثر من أن يذكر، وقد أشرنا إلى مختصر منه في سفينة
البحار ولأبي جعفر مؤمن الطاق مقامات معه يأتي بعضها في الطاقي ويأتي في القفال
ذكر بعض فتاواه. وقال ابن النديم: انه كان خزازا في الكوفة.
(قلت) ويظهر مما نقله كمال الدين الدميري في حياة الحيوان انه كان
55

جزارا. قال في الجزور ذكر التوحيدي في كتاب بصائر القدماء وسرائر الحكماء
صناعة كل من علمت صناعة من قريش فقال كان أبو بكر بزازا وكذلك عثمان
وطلحة وعبد الرحمن بن عوف رضي الله تعالى عنهم وكان عمر رضي الله عنه دلالا
يسعى بين البائع والمشتري، وكان سعد بن أبي وقاص يبري النبل، وكان الوليد
ابن المغيرة حدادا وكذلك أبو العاص أخو أبي جهل، وكان عتبة بن أبي معيط خمارا،
وكان أبو سفيان بن حرب يبيع الزيت والأدم، وكان عبد الله بن جذعان نخاسا
يبيع الجواري وكان النضر بن الحرث عوادا يضرب بالعود، وكان الحكم بن العاص
خصاءا يخصي الغنم وكذلك حريث بن عمرو والضحاك بن قيس الفهري وابن
سيرين، وكان العاص بن وائل السهمي بيطارا يعالج الخيل، وكان ابنه عمرو بن
العاص جزارا وكذلك أبو حنيفة صاحب الرأي والقياس، وكان الزبير بن العوام
خياطا.. الخ.
قال ابن الأثير في النهاية فيه: كان عمر في الجاهلية مبرطشا هو الساعي بين
البائع والمشتري شبه الدلال ويروى بالسين المهملة انتهى. قال الفيروز آبادي مثله
في القاموس وقال أو هو بالسين المهملة وقال المبرطس الذي يكتري للناس الإبل
والحمير ويأخذ عليه جعلا.
(أبو حنيفة الدينوري)
أحمد بن داود النحوي اللغوي الأديب الفاضل العالم بالهندسة والحساب
والفلسفة، وكان من نوادر الرجال ممن جمع بين بيان العرب وحكم الفلاسفة أكثر
عن ابن السكيت. وذكره ابن النديم وقال: اخذ عن البصريين والكوفيين، وكان
متفننا في علوم كثيرة وثقة فيما يرويه معروف بالصدق انتهى.
له كتب كثيرة منها الاخبار الطوال واصلاح المنطق وكتاب البلدان
وغير ذلك توفي في حدود سنة 290 (رص) والدينوري يأتي في حرف الدال.
56

(أبو حنيفة سايق الحاج)
اسمه سعيد بن بيان الهمداني، وسايق الحاج بالمثناة التحتانية قيل القاف
اي أمير الحاج في كل سنة من الكوفة إلى مكة وقيل بالموحدة مكان المثناة أي
يسبقهم بوصول مكة أو الكوفة، وثقه (جش) وقال: روى عن أبي عبد الله " ع "
له كتاب يرويه عدة من أصحابنا (كش) عن أبي عبد الله " ع " قال اتى قنبر
أمير المؤمنين " ع " فقال هذا سابق الحاج قد اتى وهو في الرحبة فقال لا قرب الله
داره هذا خاسر الحاج يتعب البهيمة وينقر الصلاة اخرج إليه فاطرده: (كش) عن
عبد الله بن عثمان قال ذكر عند أبي عبد الله " ع " أبو حنيفة السابق وانه يسير في
أربع عشرة فقال لا صلاة له.
(أقول) الخبر الأول خال عن ذكر أبي حنيفة ويبعد ان يكون سابق الحاج
في زمان أمير المؤمنين " ع " هو سعيد بن بيان أبو حنيفة المذكور وقوله انه يسير
في أربع عشرة الظاهر أنه يسير من العراق إلى مكة أو بالعكس.
عن المحاسن عن الوليد بن صبيح يقول لأبي عبد الله " ع " ان أبا حنيفة
رأى هلال ذي الحجة بالقادسية وشهد معنا عرفة فقال ما لهذا صلاة.
(أبو حنيفة الشيعة)
ويقال له أبو حنيفة المغربي هو القاضي النعمان بن أبي عبد الله محمد بن
منصور القاضي بمصر كان مالكيا أولا ثم اهتدى وصار اماميا وصنف على طريق
الشيعة اكتبها منها كتاب دعائم الاسلام وكان كما قال ابن خلكان نقلا من ابن
زولاق في غاية الفضل من أهل القرآن والعلم بمعانيه عالما بوجوه الفقه وعلم اختلاف
الفقهاء واللغة والشعر الفحل والمعرفة بأيام الناس مع عقل وانصاف، وألف لأهل البيت
عليهم السلام من الكتب آلاف أوراق بأحسن تأليف، وله ردود على المخالفين، وله رد على
57

أبي حنيفة وعلى مالك والشافعي وعلى ابن سريج، وكتاب اختلاف الفقهاء وينتصر
فيه لأهل البيت " ع " وله القصيدة الفقهية لقبها بالمنتخبة، وكان ملازما صحبة المعز
أبي تميم معد بن منصور، ولما وصل من إفريقية إلى الديار المصرية كان معه ولم تطل
مدته ومات في مستهل رجب بمصر سنة 363 (شجس) انتهى.
وحكي عن دعائمه: انه رووا ان رجلا من أهل خراسان حج فلقى أبا حنيفة
وكتب عنه ثم عاد في العام الثاني فلقيه فعرضها عليه ثانية فرجع عنها كلها فحثا
الخراساني التراب على رأسه فصاح فاجتمع الناس عليه فقال يا معشر الناس هذا
رجل أفتاني في العام الماضي بما في هذا الكتاب فانصرفت إلى بلدي في العام الماضي
فحللت به الفروج وأرقت به الدماء واخذت به وأعطيت به المال ثم رجع لي عنه
العام كله، قال أبو حنيفة انما هو رأي رأيته ورأيت الآن خلافه قال الخراساني
ويحك ولعلي لو اخذت عنك العام ما رجعت إليه لرجعت لي عنه من قابل، قال
أبو حنيفة لا أدري قال الخراساني لكني أدري ان عليك لعنة الله والملائكة والناس
أجمعين انتهى.
يحكي ان والد القاضي النعمان أبا عبد الله محمد قد عمر مائة وأربعين سنة
ويحكي اخبارا كثيرة نفيسة حفظها، وكان للقاضي النعمان أولاد نجباء سراة فمنهم
أبو الحسن علي بن النعمان بن محمد أشرك المعز الفاطمي بينه وبين أبي طاهر محمد بن أحمد
قاضى مصر في الحكم ولم يزالا مشتركين فيه إلى أن لحقت القاضي أبا طاهر
رطوبة عطلت شقه ومنعته الحركة فقلده العزيز بن المعز القضاء مستقلا، وكان
القاضي أبو الحسن المذكور متفننا في عدة فنون منها: علم القضاء والقيام به بوقار
وسكينة، وعلم الفقه والعربية والأدب والشعر وكان شاعرا مجيدا في الطبقة العليا
ومن شعره:
رب خود عرفت في عرفات * سلبتني بحسنها حسناتي
حرمت حين أحرمت نوم عيني * واستباحت حماي باللحظات
58

وأفاضت مع الحجيج ففاضت * من جفوني سوابق العبرات
ولقد أضرمت على القلب جمرا * محرقا إذ مشت إلى الجمرات
لم أنل من منى منى النفس حتى * خفت بالخيف ان تكون وفاتي
توفي سنة 374 (شعد) وقام بأمر القضاء بعده أخوه أبو عبد الله محمد بن
النعمان، وكان مثل أخيه في الفضل بل قال ابن زولاق: ولم نشاهد بمصر لقاض
من القضاة من الرئاسة ما شاهدناه لمحمد بن النعمان ولا بلغنا ذلك عن قاض
بالعراق، ووافق ذلك استحقاقا لما فيه من العلم والصيانة والتحفظ وإقامة الحق
والهيبة انتهى.
وقد استخلف ولده أبا القاسم عبد العزيز على القضاء بالإسكندرية، وعقد
له على ابنة القائد أبى الحسن جوهر في سنة 383 استخلفه في الاحكام بالقاهرة
ومصر إلى أن توفي سنة 389، فقلد الحاكم الفاطمي القضاء أبا عبد الله الحسين بن
علي بن النعمان، ثم صرفه وقتله وقلد أبا القسم عبد العزيز بن محمد، ولم يزل قاضيا
إلى أن فوض القضاء إلى أبى الحسن مالك بن سعيد الفارقي، وأخرجه عن أهل
بيت النعمان، ثم قتله في سنة 401 (تا) قال الفيروز آبادي: أبو حنيفة كنية
عشرين من الفقهاء أشهرهم امام الفقهاء النعمان.
(أبو حيان الأندلسي)
كشداد أثير الدين محمد بن يوسف بن علي الحياني الأندلسي النحوي كان
من أقطاب سلسلة العلم والأدب، وأعيان المبصرين بدقائق ما يكون من لغة العرب
حكي انه سمع الحديث بالأندلس وإفريقية والإسكندرية ومصر والحجاز من نحو
أربعمائة وخمسين شيخا، له شرح التسهيل ومختصر المنهاج للنووي والارتشاف
وغير ذلك، وكان شيخ النحاة بالديار المصرية واخذ عنه أكابر أهل عصره. فعن
الصفدي انه قال: لم أره قط إلا يسمع أو يشتغل أو يكتب أو ينظر في كتاب،
59

وكان ثبتا صدوقا حجة سالم العقيدة من البدع الفلسفية والاعتزال والتجسم ومال
إلى مذهب أهل الظاهر والى محبة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب " ع " كثير
الخشوع والبكاء عند قرائة القرآن انتهى ملخصا. توفي بالقاهرة سنة 745 (ذمة)
ورثاه الصفدي.
ومن كلماته وكان يوصى بها: ينبغي للعاقل ان يعامل كل أحد في الظاهر
معاملة الصديق، وفي الباطن معاملة العدو في التحفظ منه والتحرز، وليكن في
التحرز عن صديقه أشد مما يكون في التحرز عن عدوه وان يعذر الناس في مباحثهم
وادراكاتهم فان ذلك على حسب عقولهم وان يضبط نفسه عن المراء والاستخفاف
بأبناء زمانه وان لا يبحث إلا مع من اجتمعت فيه شرائط الديانة والفهم والمزاولة
لما يبحث وان لا يغضب على من لا يفهم مراده ومن لا يدرك ما يدركه وان
لا يقدم على تخطئة أحد ببادئ الرأي ولا يعرض بذكر أهله ولا يجري ذكر
حرمه بحضرة جليسه وان لا يركن على أحد إلا على الله تعالى وان يكثر من مطالعة
التواريخ فإنها تلقح عقلا جديدا. ومن شعره:
أرحت روحي من الإيناس بالناس * لما غنيت عن الأكياس بالياس
وصرت في البيت وحدي لا أرى أحدا * بنات فكري وكتبي كان جلاسي
وقال أيضا:
وزهدني في جمعي المال انه * إذ ما انتهى عند الفتى فارق العمرا
فلا روحه يوما أراح من العنا * ولم يكتسب حمدا ولم يدخر اجرا
ومن شعره أيضا:
عداي لهم فضل علي ومنة * فلا اذهب الرحمن عني الأعاديا
هم بحثوا عن زلتي فاجتنبتها * وهم نافسوني فاكتسبت المعاليا
يروي عنه شيخنا الشهيد بواسطة تلميذه جمال الدين عبد الصمد بن إبراهيم
ابن الخليل البغدادي
60

(أبو حيان التوحيدي)
علي بن محمد بن عباس الشيرازي النيسابوري البغدادي، شيخ الصوفية
فيلسوف الأدباء، أديب الفلاسفة، والمتفنن في كثير من العلوم كالنحو والأدب
والفقه والشعر والكلام. حكي انه كان قليل الورع بل قالوا انه كان من زنادقة (1)
عصره. عزم الصاحب بن عباد والوزير المهلي على قتله فاستتر. وتوفي في حدود
سنة 380 بشيراز وله مصنفات منها: كتاب سماه مثالب الوزيرين ضمنه معايب
أبي الفضل بن العميد والصاحب بن عباد. قال ابن خلكان: تحامل عليهما وعدد
نقائصهما وسلبهما ما اشتهر عنهما من الفضائل والافضال وبالغ في التعصب عليهما
وما أنصفهما وهذا الكتاب من الكتب المحذورة ما ملكه أحد إلا وانعكست أحواله
ولقد جربت ذلك وجربه غيري على ما أخبرني من أثق به انتهى.
والتوحيدي قيل نسبة إلى التوحيد وهو نوع من التمر كان أبوه يبيعه
ببغداد وعليه حمل بعض شراح ديوان المتنبي قوله:
يترشفن من فمي رشفات * هن فيه أحلى من التوحيدي
(أبو حية النميري البصري)
الهيثم بن ربيع بن زرارة، شاعر فصيح من مخضرمي الدولتين. حكي انه
كان أهوج جبانا وكان له سيف يقال له لعاب المنية ليس بينه وبين الخشبة فرق،
ومن حديت جبنه انه دخل إلى بيته ليلة كلب فظنه لصا، فانتضى سيفه لعاب المنية
وهو واقف في وسط الدار يقول: أيها المغتر بنا والمجترئ علينا بئس والله
ما اخترت لنفسك خير خليل وسيف صقيل لعاب المنية الذي سمعت به مشهورة

نقل عن تأريخ أبي الفرج بن الجوزي قال زنادقة الاسلام ثلاثة: ابن
الراوندي وأبو حيان التوحيدي وأبو العلاء، قال وأشرهم على الاسلام أبو حيان
لأنه مجمخ انتهى (رجل مجمخ الأخلاق كمعظم فاسدها).
61

ضربته لا تخاف نبوته، اخرج بالعفو عنك قبل ان ادخل بالعقوبة عليك، وكان
يتكلم بمثل هذه الكلمات، ثم فتح الباب على وجل وحذر شديد، فإذا كلب قد
خرج، فقال الحمد لله الذي مسخك كلبا وكفاني حربا.
(أقول) ويشبه ذلك خير المجنون الذي كان مقيما بالكوفة وكان الف دكان
طحان فإذا اجتمع الصبيان عليه وآذوه يقول: الآن حمى الوطيس وطاب اللقاء وانا
على بصيرة من أمري، ثم يثبت ويحمحم ويقول:
أريني سلاحي لا أبا لك انني * أرى الحرب لا تزداد إلا تماديا
ثم يتناول قصبته ليركبها فإذا تناولها يقول:
أشد على الكتيبة لا أبالي * احتفي كان فيها أو سواها
فينهزم الصبيان بين يديه فإذا لحق بعضهم يرمي الصبي بنفسه إلى الأرض
فيقف عليه ويقول: عورة مسلم وحمى مؤمن ولولا ذلك لتلفت نفس عمرو بن
العاص يوم صفين، ثم يقول: لأسيرن فيكم سيرة أمير المؤمنين " ع " لا اتبع موليا
ولا أجهز على جريح ثم يعود إلى مكانه ويقول:
انا الرجل الضرب الذي تعرفونه * خشاش كرأس الحية المتوقد
حكي عن الأصمعي قال رأيت بعض الاعراب يفلي ثيابه فيقتل البراغيث ويدع القمل
فقلت يا اعرابي ولم تصنع هذا؟ فقال اقتل الفرسان ثم اعطف على الرجالة.
(أبو خالد الزبالي)
من أصحاب الكاظم " ع " روى الشيخ الكليني عنه قال لما أقدم بأبي الحسن
موسى " ع " على المهدي القدمة الأولى نزل زبالة فكنت أحدثه فرآني مغموما فقال
يا أبا خالد مالي أراك مغموما فقلت وكيف لا اغتم وأنت تحمل إلى هذا الطاغية
ولا أدري ما يحدث فيك فقال لي ليس علي بأس فإذا كان شهر كذا وكذا
ويوم كذا فوافني في أول الميل فما كان لي هم إلا احصاء الشهور والأيام حتى كان
62

ذلك اليوم فوافيت الميل فما زلت عنده حتى كادت الشمس ان تغيب ووسوس
الشيطان في صدري وتخوفت ان أشك فيما قال فبينا انا كذلك إذ نظرت إلى سواد
قد اقبل من ناحية العراق فاستقبلتهم فإذا أبو الحسن " ع " امام القطار على بغلة
فقال: أيهن يا أبا خالد قلت لبيك يا ابن رسول الله فقال لا تشكن ود الشيطان
انك شككت، فقلت الحمد لله الذي خلصك منهم، فقال إن لي إليهم عودة
لا أتخلص منهم.
(أبو خالد الكابلي)
قال الفضل بن شاذان ولم يكن في زمن علي بن الحسين " ع " في أول امره
إلا خمسة أنفس: سعيد بن جبير، سعيد بن المسيب، محمد بن جبير بن مطعم،
يحيى بن أم الطويل، أبو خالد الكابلي واسمه وردان ولقبه كنكر انتهى.
وفي خبر الحواريين انه من حواري علي بن الحسين " ع " وقد شاهد كثيرا
من دلائل الأئمة " ع " ويأتي في الطاقي رواية تتعلق به ويظهر من رسالة أبي غالب
الزراري ان آل أعين وهم أكبر بيت في الكوفة من الشيعة ان أول من عرف منهم
عبد الملك عرفه من صالح بن ميثم ثم عرفه حمران من أبي خالد الكابلي.
(أبو خديجة)
سالم بن مكرم بن عبد الله مولى بني أسد الجمال كناه أبو عبد الله " ع "
أبا سلمة وثقه (جش) وكان جمالا من أهل الكوفة، ذكر انه حمل أبا عبد الله " ع "
من مكة إلى المدينة، وروي انه كان من أصحاب أبي الخطاب وكان في المسجد
يوم بعث عيسى بن موسى بن علي بن عبد الله بن العباس وكان عامل المنصور على الكوفة
إلى أبي الخطاب لما بلغة انهم أظهروا الإباحات ودعوا الناس إلى نبوة أبي الخطاب
وانهم يجتمعون في المسجد ولزموا الأساطين يرون الناس انهم قد لزموها للعبادة
وبعث إليهم رجلا فقتلهم جميعا لم يفلت إلا رجل واحد اصابته جراحات فسقط بين
63

القتلى يعد فيهم فلما جنه الليل خرج من بينهم فتخلص وهو أبو سلمة سالم بن
مكرم فذكر بعد ذلك أنه تاب وكان ممن يروي الحديث.
(أبو الخطاب)
محمد بن مقلاص الأسدي الكوفي لعنه الله غال ملعون وردت روايات في ذمه
ولعنه وكان ممن أعير الايمان. وقال الصادق " ع " لعن الله أبا الخطاب وقتله بالحديد
فاستجاب الله دعاءه قتله عيسى بن موسى العباسي حكى القاضي نعمان في ذكر قصة
الغلاة ان المغيرة بن سعد استزله الشيطان واستحل هو وأصحابه المحارم كلها
وأباحوها وعطلوا الشرائع وتركوها وانسلخوا من الاسلام جملة، وأشهر أبو جعفر
عليه السلام لعنهم والبراءة منهم وكان أبو الخطاب لعنه الله في عصر مولانا جعفر
ابن محمد " ع " من اجل دعاته ثم أصابه ما أصاب المغيرة بن سعيد لعنه الله فانسلخ
من الدين فكفر وادعى النبوة وزعم أن جعفرا " ع " إله، تعالى الله عز وجل عن
قوله واستحل المحارم كلها ورخص لأصحابه فيها وكانوا كلما ثقل عليهم أداء
فرض أتوه فقالوا يا أبا الخطاب خفف عنا فيأمرهم بتركه حتى تركوا جميع الفرائض
واستحلوا جميع المحارم وأباح لهم ان يشهد بعضهم لبعض بالزور، وقال من عرف
الامام حل له كل شئ كان حرم عليه، فبلغ امره جعفر بن محمد " ع " فلم يقدر
عليه بأكثر من أن لعنه وتبرأ منه، وجمع أصحاب فعرفهم ذلك وكتب إلى البلدان
بالبرائة منه وباللعنة عليه وعظم امره على أبي عبد الله عليه السلام واستفضعه
واستهاله انتهى.
(أبو داود)
سليمان بن الأشعث بن إسحاق السجستاني، أحد حفاظ أهل السنة صاحب
كتاب السنن المشهور، أحد صحاحهم الست. حكي عنه قال: كتبت عن رسول الله
صلى الله عليه وآله خمسمائة الف حديث انتخبت منها ما ضمنته هذا الكتاب يعني السنن، جمعت
64

فيه أربعة آلاف وثمانمائة حديث، ذكرت الصحيح ما يشبه ويقاربه ويكفي
الانسان لدينه، ومن ذلك أربعة أحاديث قوله صلى الله عليه وآله: انما الأعمال بالنيات، والثاني
قوله (ص): من حسن اسلام المرء تركه مالا يعنيه، والثالث قوله صلى الله عليه وآله: لا يكون
المؤمن مؤمنا حتى يرضى لأخيه ما يرضى لنفسه، والرابع قوله صلى الله عليه وآله: الحلال بين
والحرام بين، وبين ذلك أمور مشتبهات الحديث بكماله. قال ابن خلكان قال إبراهيم
الحربي: لما صنف أبو داود كتاب السنن ألين له الحديث كما ألين لداود " ع "
الحديد. سكن البصرة وتوفي بها سنة 275 (رعه) وابنه عبد الله بن سليمان كان
من أكابر الحفاظ ببغداد، وشارك أباه في شيوخه، وله كتاب المصابيح توفي
سنة 316 (شيو) والسجستاني تقدم في أبو حاتم السجستاني.
(أبو دجانة)
بالضم والتخفيف هو سماك بالكسر والتخفيف ابن خرشة بالفتحات ابن
لوزان كسكران صحابي أنصاري بطل شجاع عد من الذابين عن الاسلام وقد
ظهر منه في جهاده وحروبه ما يدل على ذلك فمما شوهد منه ما حكي عن بعض
التواريخ في وقعة اليمامة سنة 11 ان مسيلمة الكذاب وبني حنيفة لما دخلوا الحديقة
وأغلقوا عليهم بابها وتحصنوا فيها قال أبو دجانة اجعلوني في جنة ثم ارفعوني بالرماح
وألقوني عليهم في الحديقة فاحتملوه حتى أشرف على الجدار، فوثب عليهم كالأسد
فجعل يقاتلهم ثم احتملوا البراء بن مالك فاقتحمها عليهم وقاتل على الباب وفتحه
للمسلمين ودخلوها عليهم فاقتتلوا أشد قتال وكثر القتلى في الفريقين لا سيما في بنى
حنيفة، فلم يزالوا كذلك حتى قتل مسيلمة، واشترك في قتله وحشي وأبو دجانة،
وقتل في هذه الواقعة جماعة كثيرة من الصحابة، وقتل أيضا أبو دجاجة وقيل بل
عاش بعد ذلك وشهد صفين مع أمير المؤمنين والله أعلم.
وما ظهر منه في أحد من اخذه السيف عن النبي صلى الله عليه وآله واختياله في مشيه بين
65

الصفين وقول النبي: إن هذه لمشية يبغضها الله تعالى إلا في مثل هذا الموطن.
وثباته في نصرة النبي مشهور، وينسب إليه الحرز المروي عن النبي لدفع الجن
والسحر المعروف بحرز أبي دجانة، وهو حرز طويل. وفي ارشاد المفيد روى المفضل
ابن عمر عن أبي عبد الله " ع " قال يخرج مع القائم " ع " من ظهر الكوفة سبعة
وعشرون رجلا خمسة عشر من قوم موسى " ع " الذين كانوا يهدون بالحق وبه
يعدلون، وسبعة من أهل الكهف، ويوشع بن نون وسليمان وأبو دجانة الأنصاري
والمقداد ومالك الأشتر فيكونون بين يديه أنصارا وحكاما.
(أبو الدرداء)
عامر بن زيد الأنصاري الصحابي المعروف، كان يعد من علماء الأرض
الثلاثة. حكي ابن قتيبة في كتابه الإمامة والسياسة قدوم أبي هريرة وأبى الدرداء
على معاوية وأنهما أتيا عليا " ع " بأمر معاوية وقالا له: ان لك فضلا لا يدفع وقد
سرت مسير فتى إلى سفيه من السفهاء ومعاوية يسألك ان تدفع إليه قتلة عثمان فان
فعلت ثم قاتلك كنا معك قال " ع " أتعرفانهم قال نعم قال فخذ أهم، فأتيا محمد بن أبي
بكر وعمار بن ياسر والأشتر، فقالا أنتم من قتلة عثمان وقد أمرنا بأخذكم
فخرج إليهم أكثر من عشرة آلاف رجل فقالوا نحن قتلة عثمان، فقالا نرى أمرا
شديدا فانصرفا إلى منزلهما بحمص انتهى ملخصا.
وذكر نصر بن مزاحم ان أبا الدرداء وأبا امامة الباهلي رجعا من صفين ولم
يشهدا شيئا من القتال.
(أقول) روى الشيخ الصدوق عنه انه شهد علي بن أبي طالب بشويحطات
النجار قد اعتزل عن مواليه واختفى ممن يليه فافتقده ثم سمع مناجاته بصوت حزين
ونغمة شجي وهو يقول: إلهي كم من موبقة حلمت عن مقابلتها بنقمتك، وكم
من جريرة تكرمت عن كشفها بكرمك إلهي ان طال في عصيانك عمري وعظم في
66

الصحف ذنبي فما انا مؤمل غير غفرانك، ولا انا براج غير رضوانك، قال فشغلني
الصوت واقتفيت الأثر فإذا هو علي بن أبي طالب " ع " فاستترت له فركع ركعات
من جوف الليل ثم فرغ إلى الدعاء والبكاء والبث والشكوى فكان مما به الله ناجى
ان قال إلهي أفكر في عفوك فتهون علي خطيئتي ثم أذكر العظيم من أخذك فتعظم
علي بليتي، ثم قال آه إن انا قرأت في الصحف سيئة انا ناسيها وأنت محصيها فتقول
خذوه فيا له من مأخوذ لا تنجيه عشيرته ولا تنفعه قبيلته، ويرحمه الملا إذا اذن فيه
بالنداء، ثم قال آه من نار تنضج الأكباد والكلى آه من نار نزاعة للشوى آه من
غمرة من ملهبات لظى، قال ثم أنعم في البكاء فلم اسمع له حسا ولا حركة فقلت
غلب عليه النوم لطول السهر فأتيته فإذا هو كالخشبة الملقاة فحركته فلم يتحرك
فقلت إنا لله وانا إليه راجعون مات والله علي بن أبي طالب فاتيت منزله وذكرت
قصته فقالت فاطمة هي والله يا أبا الدرداء الغشية التي تأخذه من خشية الله
انتهى ملخصا.
(أبو دلامة)
بضم الدال زند بن الجون كوفي مولى لبني أسد أدرك آخر بنى أمية ونبغ
في أيام بنى العباس ومدح عبد الله السفاح والمنصور وهو صاحب البغلة المعروفة
التي أشار إليها الحريري بقوله في المقامة التبريزية: وأنت تعلم انك أحقر من قلامة
وأعيب من بغلة أبى دلامة. قالوا من عيوب بغلته انها كانت تحبس بولها، فإذا
ركبها ومر بها على جماعة وقفت ورفعت ذنبها وبالت ثم رشتهم ببولها، وكان
أبو دلامة صاحب نوادر وأدب ونظم.
وحكي انه كان اسود عبدا حبشيا. ومن نوادره: انه توفيت لأبي جعفر
المنصور ابنة عم فحضر جنازتها وجلس لدفنها وهو متألم لفقدها كئيب عليها فاقبل
أبو دلامة وجلس قريبا منه فقال له المنصور ويحك ما أعددت لهذا المكان وأشار
67

إلى القبر فقال ابنة عم أمير المؤمنين فضحك المنصور حتى استلقى ثم قال له ويحك
فضحتنا بين الناس. وحكي ان روح بن حاتم المهلبي وكان واليا على البصرة خرج
إلى حرب الجيوش الخراسانية ومعه أبو دلامة فخرج من صف العدو مبارز فخرج
إليه جماعة فقتلهم فتقدم روح إلى أبي دلامة بمبارزته فامتنع فألزمه فاستعفاه فلم يعفه
فأنشد أبو دلامة:
اني أعوذ بروح إن تقدمني * إلى القتال فيخزي بي بنو أسد
إن المهلب حب الموت أورثكم * ولم ارث انا حب الموت من أحد
إن الدنو إلى الأعداء أعلمه * مما يفرق بين الروح والجسد
لو أن لي مهجة أخرى لجدت بها * لكنها خلقت فردا فلم أحد
فاقسم عليه ليخرجن وقال لماذا تأخذ رزق السلطان؟ قال لأقاتل عنه، قال فما
بالك لا تبرز إلى عدو الله؟ فقال أيها الأمير ان خرجت إليه لحقت بمن مضى، وما
الشرط ان اقتل عن السلطان بل أقاتل عنه؟ فحلف الروح لتخرجن إليه فتقتله أو
تأسره أو تقتل دون ذلك فلما رأى أبو دلامة الجد منه، قال أيها الأمير تعلم أن
هذا أول يوم من أيام الآخرة ولابد فيه من الزوادة فامر له بذلك فاخذ رغيفا مطويا
على دجاجة ولحم وسطيحة (أي مزادة) من شراب وشيئا من نقل، وشهر سيفه
وحمل وكان تحته فرس جواد، فأقبل يجول ويلعب في الرمح، وكان مليحا في
الميدان والفارس يلاحظ ويطلب منه غرة حتى إذا وجدها حمل عليه والغبار كالليل،
فأغمد أبو دلامة سيفه وقال للرجل لا تعجل واسمع مني عافاك الله كلمات ألقيهن
إليك فإنما أتيتك في مهم فوقف مقابله وقال ما المهم؟ قال أتعرفني؟ قال لا، قال
انا أبو دلامة، قال قد سمعت بك حياك الله، فكيف برزت إلي وطمعت في بعد
من قتلت من أصحابك؟ فقال ما خرجت لأقتلك ولا لأقاتلك ولكني رأيت
لياقتك وشهامتك فاشتهيت ان تكون لي صديقا واني لأدلك على ما هو أحسن
من قتالنا، قال قل على بركة الله تعالى، قال أراك قد تعبت وأنت بغير شك
68

سغبان ظمآن، قال كذلك هو، قال فما علينا من خراسان والعراق، ان معي خبزا
ولحما وشرابا ونقلا كما يتمنى المتمني وهذا غدير ماء نمير بالقرب منا فهلم بنا إليه
نصطبح وأترنم لك بشئ من حداء الاعراب فقال هذا غاية أملي فقال ها انا
استطرد لك فاتبعني حتى نخرج من حلق الطعان ففعلا، وروح يتطلب أبا دلامة
فلا يجده، والخراسانية تطلب فارسها فلا تجده، فلما طابت نفس الخراساني قال له
أبو دلامة: ان روحا كما علمت من أبناء الكرام وحسبك بابن المهلب جوادا وانه
يبذل لك خلعة فاخرة وفرسا جوادا ومركبا مفضضا وسيفا محلى ورمحا طويلا
وجارية بربرية وينزلك في أكثر العطاء وهذا خاتمه معي لك بذلك، قال ويحك وما
اصنع بأهلي وعيالي، قال استخر الله وسر معي ودع أهلك فالكل يخلف عليك فقال
سر بنا على بركة الله، فسارا حتى قدما من وراء العسكر فهجما على روح فقال
يا أبا دلامة أين كنت؟ قال في حاجتك، اما قتل الرجل فما أطقته، واما سفك دمي
فما طبت به نفسا، واما الرجوع خائبا فلم أقدم عليه، وقد تلطفت وأتيتك به،
أسير كرمك، وقد بذلت له عنك كيت وكيت، فقال ممضي إذا وثق لي، قال
بماذا؟ قال بنقل أهله، قال الرجل أهلي على بعد ولا يمكنني نقلهم الآن ولكن
إمدد يدك أصافحك وأحلف لك متبرعا بطلاق الزوجة انى لا أخونك فان لم أف إذا
حلفت بطلاقها لم ينفعك نقلها قال صدقت، فحلف له وعاهده ووفى له بما ضمنه
أبو دلامة وزاد عليه وانقلب معهم الخراساني يقاتل الخراسانية وينكي فيهم أشد
نكاية وكان أكبر أسباب ظفر روح.
ونقل انه اتفق ان أبا دلامة تأخر عن الحضور بباب أبي جعفر أياما ثم حضر
فأمر بالزامه القصر، وألزمه بالصلاة في المسجد ووكل به من يلاحظه في ذلك، فمر
به أبو أيوب المرزباني وزير أبي جعفر فدفع إليه أبو دلامة رقعة مختومة وقال هذه
ظلامة لأمير المؤمنين فأوصلها إليه بخاتمها، فأوصلها إليه فإذا فيها:
ألم تعلموا ان الخليفة لزنى * بمسجده والقصر مالي وللقصر
69

أصلي به الأولى مع العصر دائما * فويلي من الأولى وويلي من العصر
ووالله مالي نية في صلاتهم * ولا البر والاحسان والخير من أمري
وما ضره والله يصلح امره * لو أن ذنوب العالمين على ظهري
فضحك المنصور واحضره وقال ما قصتك؟ قال دفعت إلى أبى أيوب رقعة
مختومة اسأل فيها اعفائي من لزوم الذي أمرتني بلزومه، فقال له أبو جعفر اقرأها
قال ما أحسن ان اقرأ، وعلم إن قرأها يحده بذكر الصلاة، فلما رآه يتنصل من
ذلك قال له أحببت لو كنت أقررت لأضربك الحد ثم قال أعفيتك من لزوم المسجد
فقال أبو دلامة أو كنت ضاربي يا أمير المؤمنين لو أقررت قال نعم قال مع قول
الله عز وجل (يقولون ما لا يفعلون) فضحك منه واعجب من اسراعه ووصله.
حكي انه لما قدم المهدى بن المنصور من الري إلى بغداد دخل عليه أبو دلامة
للسلام والتهنئة بقدومه فاقبل عليه المهدي وقال له كيف أنت يا أبا دلامة؟ فقال
يا أمير المؤمنين:
إني حلفت لئن رأيتك سالما * بقرى العراق وأنت ذو وفر
لتصلين على النبي محمد * ولتملأن دراهما حجري
فقال المهدي: اما الأولى فنعم واما الثانية فلا، فقال جعلني الله فداك انهما
كلمتان لا يفرق بينهما، فقال يملأ حجر أبى دلامة دراهم فقعد وبسط حجره فملئ
دراهم، فقال له قم الآن يا أبا دلامة، فقال يخترق قميصي يا أمير المؤمنين حين
أشيل الدراهم وأقوم فردها إلى الأكياس، ثم قام وله اشعار كثيرة.
وذكر ابن المنجم في كتاب البارع في اخبار شعر المحدثين منها جملة: وخرج
المهدي وعلي بن سليمان إلى الصيد ومعهما أبو دلامة فرمى المهدي ظبيا فأصابه،
ورمى علي بن سليمان ظبيا فأخطأه وأصاب كلبا فضحك المهدي وقال يا أبا دلامة
قل في هذا فقال:
قد رمى المهدي ظبيا * شك بالسهم فؤاده
70

وعلي بن سليما * ن رمى كلبا فصاده
فهنيئا لكما كل * امرئ يأكل زاده
فأمر له بثلاثين ألف درهم. ودخل أبو دلامة على المهدي فقال يا أمير المؤمنين
ماتت أم دلامة وبقيت ليس أحد يعاطيني، فقال إنا لله اعطوه ألف درهم يشتري
بها أمة تعاطيه، وكان قد دس أم دلامة على الخيزران فقالت يا سيدتي مات
أبو دلامة وبقيت ضائعة، فأمرت لها بألف درهم، فدخل المهدي على الخيزران
وهو حزين، فقالت ما بال أمير المؤمنين قال ماتت أم دلامة، فقالت انما مات
أبو دلامة، فقال قاتل الله أبا دلامة وأم دلامة قد خدعانا والله
ومما يحكى من اخبار أبي دلامة أيضا: انه مرض ولده فاستدعى طبيبا
ليداويه وشرط له جعلا معلوما، فلما برئ قال له والله ما عندنا شئ نعطيك ولكن
ادع على فلان اليهودي وكان ذا مال كثير بمقدار الجعل وانا وولدي نشهد بذلك
فمضى الطبيب إلى القاضي بالكوفة وكان هو ابن أبي ليلى أو ابن شبرمة وادعى
على اليهودي ذلك وشهد أبو دلامة وابنه له فخاف القاضي من لسان أبي دلامة
ان يرد شهادتهما، فقال كلامك مسموع وشهادتك مقبولة ثم غر المبلغ من عنده
وأطلق اليهودي منه،
توفي سنة 161 (قسا) وزند بفتح الزاي وسكون النون، وقيل اسمه زيد
بالباء الموحدة والأول أثبت والجون بفتح الجيم وسكون الواو آخرها نون.
(أبو دلف)
بضم الدال المهملة وفتح اللام وهو قاسم بن عيسى العجلي، كان سيد أهله
ورئيس عشيرته من عجل وغيرها من ربيعة، وكان معدودا من الامراء وكان شاعرا
مجيدا شجاعا بطلا. حكي انه طعن فارسا فنفذت الطعنة إلى أن وصل السنان آخرا
كان خلفه فقتلهما فقال بكر بن بطاح:
71

قالوا وينظم فارسين بطعنة * يوم الهياج وما تراه كليلا
لا تعجبوا لو أن طول قناته * ميل إذا نظم الفوارس ميلا
وكان جوادا وقد مدحه الشعراء بمدائح عظيمة، ويأتي في العكوك ما يتعلق
به وكان شيعيا. روى المسعودي في مروج الذهب قصة تدل على أن ابنه دلف
كان ينتقص عليا " ع " ويضع منه ومن شيعته وكان عدوا لأبيه وكان سببه انه كان
لزنية وحيضة والقصة معروفة، فعلى هذا الاعتبار بما حكى ابن خلكان عن الدلف
الناصب ان رأى أباه بعد موته عريانا واضعا رأسه بين ركبتيه، ثم أنشأ أبياتا تدل
على وحشته وشدة ما يلاقيه. والعجب من ابن خلكان! كيف اعتمد عليه؟ مع
نقله قصة من أبي دلف من احسانه إلى العلويين والقاء السرور في قلوبهم رجاء
لشفاعة جدهم، والقصة هذه قال: رأيت في بعض المجاميع ان أبا دلف لما مرض
مرض موته حجب الناس عن الدخول لثقل مرضه فاتفق انه أفاق في بعض الأيام
فقال لحاجبه من بالباب من المحاويج فقال عشرة من الاشراف وقد وصلوا من
خراسان ولهم بالباب عدة أيام لم يجدوا طريقا فقعد على فراشه واستدعاهم، فلما
دخلوا رحب بهم وسألهم عن بلادهم وأحوالهم وسبب قدومهم فقالوا ضاقت بنا
الأحوال وسمعنا بكرمك فقصدناك فامر خازنه باحضار بعض الصناديق واخرج
منه عشرين كيسا في كل كيس ألف دينار، ودفع لكل واحد منهم كيسين ثم
أعطى كل واحد مؤنة طريقه وقال لهم لا تمسوا الأكياس حتى تصلوا بها سالمة إلى
أهلكم واصرفوا هذا في مصالح الطريق ثم قال ليكتب لي كل واحد منكم خطه انه
فلان بن فلان حتى ينتهي إلى علي بن أبي طالب " ع " ويذكر جدته فاطمة بنت
رسول الله صلى الله عليه وآله ثم ليكتب يا رسول الله اني وجدت ضائقة وسوء حال في بلدي
وقصدت أبا دلف العجلي فأعطاني ألفي دينار كرامة لك وطلبا لمرضاتك ورجاء
لشفاعتك فكتب كل واحد منهم ذلك وتسلم الأوراق، وأوصى من يتولى تجهيزه
إذا مات ان يضع تلك الأوراق في كفنه حتى يلقى بها رسول الله ويعرضها عليه.
72

توفى سنة 226 (كور).
(أبو الدوانيق) انظر الدوانيقي
(أبو الذبان)
عبد الملك بن مروان، قال ابن شحنة الحنفي سمي بذلك لأنه كان شديد
البخر فكان إذا مر الذباب بفمه مات، وكان يلقب لبخله برشح الحجر انتهى.
ونقل ابن خلكان: ان لبابة بنت عبد الله بن جعفر بن أبي طالب كانت
عند عبد الملك فعض تفاحة ثم رمى بها إليها وكان أبخر، فدعت بسكين فقال
ما تصنعين بها، فقالت أميط عنها الأذى فطلقها فتزوجها علي بن عبد الله بن
العباس بن عبد المطلب. البخر بالموحدة والخاء المعجمة المفتوحتين النتن في الفم
وغيره انتهى.
بويع ليلة الاحد غرة شهر رمضان سنة 65 (سه) وتوفي بدمشق يوم السبت
لأربع عشرة مضت من شوال سنة ست وثمانين. حكي انه لما ثقل وكان قصره
يشرف على بردى وهو نهر بدمشق رأى غسالا يلوي بيده ثوبا فقال وددت انى
كنت غسالا مثل هذا أعيش بما اكتسب يوما فيوما ولم آل الخلافة وتمثل بقول
أمية بن أبي الصلت:
كل حي وإن تطاول دهرا * آيل امره إلى أن يزولا
ليتني كنت قبل ما قد بدا لي * في رؤوس الجبال أرعى الوعولا
فذكر ذلك لأبي حازم فقال الحمد لله الذي جعلهم عند الموت يتمنون ما نحن
فيه ولا نتمنى عند الموت ما هم فيه، وقبره بدمشق بجوار معاوية بن أبي سفيان.
ويأتي في ابن الزرقاء ذكر والده مروان. وكان عبد الملك يحب الشعر والفخر
والتقريظ والمدح، وكان عماله على مثل مذهبه قالوا وقد أخبر أمير المؤمنين
عليه السلام عنه بقوله: كأني انظر إلى ضليل قد نعق بالشام وفحص راياته في
ضواحي كوفان.
73

(أبو ذر الغفاري)
وهو جندب بالجيم المضمومة وسكون النون وفتح الدال المهملة ابن جنادة
بضم الجيم، وقيل جندب بن السكن، مهاجري أحد الأركان الأربعة. روي عن
الباقر " ع " انه لم يرتد. مات في زمن عثمان بالربذة، له خطبة يشرح فيها الأمور
بعد النبي. وقال فيه النبي صلى الله عليه وآله: ما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء على ذي لهجة
أصدق من أبي ذر. وما ورد في فضله وفضل صاحبيه سلمان والمقداد أكثر من أن
يذكر وقد أشرنا إلى جملة مما يتعلق به في كتاب سفينة البحار، فلتكتف هنا
بذكر ثلاث روايات نافعة.
(الأولى) روى الشيخ عن العبد الصالح " ع " قال بكى أبو ذر من خشية الله
حتى اشتكت بصره فقيل له لو دعوت الله يشفي بصرك، فقال انى عن ذلك مشغول
وما هو بأكبر همي، قالوا وما يشغلك عنه؟ قال العظيمتان، الجنة والنار.
(الثانية) روى الثقة الجليل الحسين بن سعيد الأهوازي عن أبي جعفر " ع "
قال: اتى أبا ذر رجل فبشره بغنم له قد ولدت فقال يا أبا ذر قد ولدت غنمك
وكثرت فقال ما يسرني كثرتها فما أحب ذلك فما قل وكفى أحب إلي مما كثر وألهى،
انى سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: على حافتي الصراط يوم القيامة الرحم والأمانة
فإذا مر عليه الوصول للرحم المؤدي للأمانة لم يتكفأ به في النار (حافتا الوادي)
جانباه) وفي رواية أخرى وإذا مر الخائن للأمانة القطوع للرحم لم ينفعه معهما عمل
ويكفأ به الصراط في النار.
(الثالثة) في البحار عن الدعائم عن جعفر بن محمد " ع " قال: وقف أبو ذر
رحمه الله عند باب الكعبة فقال أيها الناس انا جند بن السكن الغفاري انى لكم
ناصح شفيق فهلموا فاكتنفه الناس فقال: ان أحدكم لو أراد سفر لاتخذ من الزاد
74

ما يصلحه ولا بد منه فطريق يوم القيامة أحق ما تزودتم له، فقام رجل فقال
فأرشدنا يا أبا ذر، فقال: حج حجة لعظائم الأمور وصم يوما لزجرة النشور وصل
ركعتين في سواد الليل لوحشة القبور وكلمة حق تقولها وكلمة سوء تسكت عنها
صدقة منك على مسكين فلعلك تنجو من يوم عسير. توفي سنة 31 أو 32.
(أبو ذويب الهذلي)
خويلد بن خالد ينتهي نسبه إلى نزار، شاعر مخضرمي أدرك الجاهلية
والاسلام ولم يلق النبي صلى الله عليه وآله في حال حياته. روى الشيخ الأجل الأقدم عبيد الله
ابن عبد الله الأسد آبادي باسناده عن أبي عمرو بن العلاء قال قال أبو ذويب الهذلي:
بلغنا ان رسول الله عليل فأوجسنا ذلك خيفة واشعرنا حزنا وغما فبت بليلة ثابتة
النجوم طويلة الاناء لا ينجاب ديجورها ولا يطلع نورها فصرت أقاسي طولها ولا
أفارق غولها حتى إذا كان دون المسفر وقرب السحر هتف هاتف:
خطب جليل فت في الاسلام * بين النخيل ومقعد الأصنام
قبض النبي محمد فعيوننا * تذري الدموع عليه بالاسجام
قال أبو ذويب فوثبت من نومي مزؤدا (اي مذعورا) فنظرت إلى السماء فلم
أر إلا سعد الذابح فتفألت وقلت ذبحا وقتلا تقع في العرب فعلمت ان النبي قبض
أو هو مقبوض في علته تلك، فركبت ناقتي وسرت حتى إذا أصبحت طلبت شيئا
ازجر عليه فعن لي شيهم (اي قنفذ كبير) قد لزم على صل (اي حية رفيعة)
وهو يتلوى والشيهم يقضمه حتى اكله فتفألت ذلك شيئا هما، وقلت تلوي الصل
انفلات الناس عن الحق إلى القائم بعد رسول الله صلى الله عليه وآله ثم تأولت قضم الشيهم قضمه
الامر وضمه إليه فحثثت راحلتي حتى قدمت المدينة ولأهلها ضجيج بالبكاء
كضجيج الحجيج إذا أهلوا بالاحرام فقلت مه فقيل قبض رسول الله صلى الله عليه وآله فجئت
إلى المسجد فوجدته خاليا وأتيت بيت رسول الله فأصبت بابه مرتجا وقيل هو
75

مسجى وقد خلا به أهله فقلت أين الناس؟ فقيل هم في سقيفة بني ساعدة صاروا
إلى الأنصار، فجئت إلى السقيفة فأصبت أبا بكر وعمر والمغيرة بن شعبة وأبا عبيدة
الجراح وجماعة من قريش ورأيت الأنصار فيهم سعد بن دلهم ومعه شعراؤهم
امامهم حسان بن ثابت فآويت إلى قريش، وتكلمت الأنصار فأطالوا ولم يأتوا
بالصواب، ثم بايع الناس أبا بكر في كلام طويل قال ثم انصرف أبو ذويب إلى باديته
ومات في أيام عثمان بن عفان انتهى.
قالوا: اشعر الاحياء هذيل، وأشعر هذيل أبو ذويب. وتقدم جميع
الشعراء بقصيدته العينية التي قالها وقد هلك له خمسة بنين في عام واحد بالطاعون
وكانوا فيمن هاجر إلى مصر فرثاهم بها منها قوله:
أمن المنون وريبة تتوجع * والدهر ليس بمعتب من يجزع
أودى بني فأعقبوني حسرة * عند الرقاد وعبرة لا تقلع
فالعين بعدهم كأن حداقها * كحلت بشوك فهي عور تدمع
سبقوا هواي واعتفوا لهواهم * فتحزموا ولكل جنب مصرعوا
ولقد حرمت بأن أدافع عنهم * فإذا المنية أقبلت لا تدفع
وإذا المنية أنشبت أظفارها * ألفيت كل تميمة لا تنفع
وتجلدي للشامتين أريهم * اني لريب الدهر لا أتضعضع
حتى كأني للحوادث مروة * بصفا المشرق كل يوم تقرع
والدهر لا يبقى على حدثانه * جون السحاب له حدائد أربع
وهي طويلة. حكي المنصور لما مات ابنه جعفر الأكبر مشى في جنازته إلى
مقابر قريش حتى دفنه ثم رجع إلى قصره وقال للربيع انظر من في أهلي ينشدني
قصيدة أبي ذويب العينية حتى أتسلى عن مصيبتي، فخرج الربيع إلى بنى هاشم
وهم بأجمعهم حضور فلم يجد فيهم أحدا يحفظها فرجع فأخبره، فقال إن مصيبتي في
أهل بيتي لا يكون فيهم أحد يحفظ هذه القصيدة لقلة رغبتهم في الأدب أعظم
76

وأشد علي من مصيبتي بابني، ثم قال انظر هل في القواد والعوام من يعرفها، فاني
أحب ان اسمعها من انسان ينشدها، فخرج الربيع فوجد شيخا مؤدبا كان
يحفظها فأوصله إلى المنصور فأنشده إياها فلما قال (والدهر ليس بمعتب من يجزع)
قال صدق والله، فأنشدني هذا البيت مائة مرة لتردد هذا المصراع علي، فأنشده
ثم مر فيها فلما انتهى إلى قوله (والدهر لا يبقى.. الخ) قال سلي أبو ذويب
عند هذا القول ثم أمر الشيخ بالانصراف.
(أقول) اعلم اني نقلت في كتاب سفينة البحار كلمات عن أهل بيت النبوة
عليهم السلام في التعزية فمنها قول الرضا " ع " للحسن بن سهل وقد عزاه بموت ولده:
التهنية بأجل الثواب أولى من التعزية على عاجل المصيبة. وعن الصادق " ع " انه
عزى رجلا بابن له فقال له: الله خير لابنك منك وثواب الله خير لك منه. ونقل
ابن خلكان ان الفضل بن سهل أصيب بابن له يقال له العباس، فجزع عليه جزعا شديدا فدخل عليه إبراهيم بن موسى بن جعفر العلوي يعنى أخا أبى الحسن الرضا
عليه السلام وأنشده:
خير من العباس آجرك بعده * والله خير منك للعباس
(قلت) هذا كلام جده الصادق " ع " كما عرفت. وتقدم في أبو الحسن
التهامي ما يناسب ذلك، ويأتي في ابن الزبير أيضا ما يناسبه، قيل توفي أبو ذويب
في أيام عثمان في غزوة الروم بمصر سنة 27.
(أبو رافع)
القبطي مولى النبي صلى الله عليه وآله اختلف في اسمه والمشهور انه إبراهيم وقيل أسلم،
كان مولى العباس عم النبي فوهبه للنبي، واعتقه النبي لما بشر باسلام العباس
وروي عن النبي صلى الله عليه وآله قال: ان لكل نبي أمينا وان أميني أبو رافع. وشهد
مع النبي صلى الله عليه وآله مشاهده، ولم يشهد بدرا لأنه كان مقيما بمكة فيما ذكروا، ولزم
77

أمير المؤمنين بعده. وكان من خيار الشيعة وشهد معه حروبه، وكان صاحب بيت
ماله بالكوفة، وكان ابناه عبيد الله وعلى كاتبي أمير المؤمنين " ع " وله كتاب
السنن والاحكام والقضايا هو أول من جمع الحديث ورتبه بالأبواب. قال العلامة
انه ثقة اعمل على روايته.
(أبو الرضا ضياء الدين الراوندي) انظر ضياء الدين
(أبو الريحان البيروني)
محمد بن أحمد الخوارزمي الحكيم الرياضي الطبيب المنجم المعروف كان
فيلسوفا عالما بالفلسفة اليونانية وفروعها وفلسفة الهنود، وبرع في علم الرياضيات
والفلك، بل قيل إنه أشهر علماء النجوم والرياضيات من المسلمين، كان معاصرا
لابن سينا وبينهما مراسلات وأبحاث، كان أصله من بيرون بلد في السند، وسافر
إلى بلاد الهند أربعين سنة اطلع فيها على علوم الهنود، وأقام مدة في خوارزم،
وأكثر اشتغاله في النجوم والرياضيات والتأريخ، وخلف مؤلفات نفيسة منها:
الآثار الباقية عن القرون الخالية، الفه لشمس المعالي قابوس. حكي انه كان مكبا
على تحصيل العلوم متفننا على التصنيف لا يكاد يفارق يده القلم، وعينه النظر،
وقلبه الفكر، وكان مشتغلا في تمام أيام السنة إلا يوم النيروز ويوم المهرجان.
حكي انه دخل عليه بعض أصحابه وهو يجود بنفسه فقال له في تلك الحال
كيف قلت لي يوما حساب الجدات الثمانية فقال أفي هذه الحال؟ قال يا هذا أودع
الدنيا وانا عالم بها، أليس خيرا من أن أخليها وانا جاهل بها قال فذكرتها له
وخرجت فسمعت الصراخ عليه وانا في الطريق توفي حدود سنة 430. حكى (ضا)
عن الشيخ صلاح الدين الصفدي انه قال: كان أبو الريحان البيروني حسن المعاشرة
لطيف المحاضرة خليعا في ألفاظه عفيفا في أفعاله لم يأت الزمان بمثله علما وفهما.
78

وأورد له الياقوت في معجم الأدباء قوله لشاعر اجتداه:
يا شاعرا جاءني يجزي على الأدب * وافى ليمدحني والذم من أدبي
وجدته ضارطا في لحيتي سفها * كلا فلحيته عثنونها ذنبي
وذاكرا في قوافي شعره حسبي * ولست والله حقا عارفا نسبي
إذ لست أعرف جدي حق معرفة * وكيف أعرف جدي إذ جهلت أبي
أبى أبو لهب شيخ بلا أدب * نعم ووالدتي حمالة الحطب
المدح والذم عندي يا أبا حسن * سيان مثل استواء الجد واللعب
(أقول) الريحان نبت طيب الرائحة أو كل نبت كذلك كما في القاموس.
وروي عن الصادق " ع " قال: من تناول ريحانة فشمها ووضعها على عينيه ثم قال
اللهم صل على محمد وآل محمد لم تقع على الأرض حتى يغفر له. وفي كتاب حلية
الأبرار للسيد البحراني عن أبي هاشم الجعفري قال: دخلت على أبي الحسن
صاحب العسكر " ع " فجاء صبي من صبيانه فناوله وردة فقبلها ووضعها على عينيه
ثم ناولنيها، ثم قال يا أبا هاشم من تناول وردة أو ريحانة ووضعها على عينيه ثم
صلى على محمد والأئمة صلى الله عليهم كتب الله تعالى له من الحسنات مثل رمل عالج
ومحى عنه من السيئات مثل ذلك انتهى.
العالج موضع به رمل. وفي عجائب المخلوقات للقزويني ان الريحان الفارسي
لم يكن قبل كسرى أنوشيروان وانما وجد في زمانه، وسببه ان كان ذات يوم
جالسا للمظالم إذ أقبلت حية عظيمة تنساب تحت سريره فهموا بقتلها فقال كسرى
كفوا عنها فإني أظنها مظلومة فمرت تنساب فاتبعها كسرى بعض أساورته فلم تزل
حتى نزلت على فوهة بئر فنزلت فيها ثم أقبلت تتطلع فنظر الرجل فإذا في قعر البئر
حية مقتولة وعلى متنها عقرب اسود فأدلى رمحه إلى العقرب ونخسها به واتى الملك
فأخبره بحال الحية فلما كان في العام القابل أتت تلك الحية في اليوم الذي كان
كسرى جالسا فيه للمظالم وجعلت تنساب حتى وقفت بين يديه فأخرجت من فيها
79

بزرا اسود فأمر الملك ان يزرع فنبت منه الريحان وكان الملك كثير
الزكام وأوجاع الدماغ فاستعمل منه فنفعه جدا.
(أبو زكريا التبريزي) انظر الخطيب التبريزي
(أبو الزناد)
عبد الله بن ذكوان، عالم أهل المدينة بالحساب والفرائض والنحو والشعر
والحديث والفقه. وذكوان هو أخو أبو لؤلؤة. ففي الرياض عن الذهبي قال في
رجاله: عبد الله بن ذكوان أبو عبد الرحمن هو الإمام أبو الزناد المدني مولى بني
أمية، وذكوان هو أخو أبو لؤلؤة قاتل عمر ثقة ثبت، روى عنه مالك والليث
والسفياني. مات فجأة في شهر رمضان سنة 131 انتهى.
قال ابن الأثير في الكامل: في سنة 106 وحج بالناس هذه السنة هشام بن
عبد الملك وكتب له أبو الزناد سنن الحج قال أبو الزناد لقيت هشاما فإني لفي
الموكب إذ لقيه سعيد بن عبد الله بن الوليد بن عثمان بن عفان فسار إلى جنبه
فسمعته يقول يا أمير المؤمنين ان الله لم يزل ينعم على أهل بيت أمير المؤمنين وينصر
خليفته المظلوم ولم يزالوا يلعنون في هذه المواطن أبا تراب فإنه مواطن صالحة
وأمير المؤمنين ينبغي ان يلعنه فيها، فشق على هشام قوله وقال لا قدمنا لشتم أحد ولا
للعنه، قدما حجاجا، ثم قطع كلامه واقبل علي فسألني عن الحج فأخبرته بما كتبت
له قال وشق على سعيد ان سمعته يتكلم بذلك، وكان منكسرا كلما رآني انتهى.
قال ابن قتيبة في المعارف: كان عمر بن عبد العزيز ولاه خراج العراق مع
عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب. ومات أبو الزناد فجأة في مغتسله
في شهر رمضان سنة 130، وابنه عبد الرحمن بن أبي الزناد يكنى أبا محمد ولي
خراج المدينة، وقدم بغداد ومات بها سنة 174 وأخوه أبو القاسم بن أبي الزناد
وقد روي عنه.
80

(أبو زيد الأنصاري)
سعيد بن أوس بن ثابت بن زيد الخزرجي البصري النحوي اللغوي المشهور
كلماته بين القوم، كان من أئمة الأدب وغلبت عليه اللغة والنوادر والغريب. قيل
كان الأصمعي يحفظ ثلث اللغة وأبو زيد ثلثي اللغة وانه قد جاء الأصمعي إلى
حلقته فقبل رأسه وجلس بين يديه وقال له أنت رئيسنا وسيدنا منذ خمسين سنة. له
في الأدب مصنفات مفيدة: توفي بالبصرة في سنة 215 (ريه). وليعلم انه غير أبي
زيد ثابت بن قيس أحد من حفظ القرآن من الصحابة، وغير أبى زيد البلخي
الفاضل صاحب المصنفات المذكورة في فهرست ابن النديم فان اسمه أحمد بن سهل،
وغير أبي زيد الدبوسي الذي يأتي في الدبوسي، وغير أبي المروزي محمد بن أحمد
ابن عبد الله الفقيه الشافعي الذي اخذ عن أبي إسحاق المروزي واخذ عنه القفال
المروزي ودخل بغداد وحدث بها وتوفي بمرو سنة 371 (شعا).
(أبو ساسان الرقاشي)
حصين بن المنذر صاحب راية أمير المؤمنين عليه السلام.
(أبو السرى)
سهل بن أبي غالب الخزرجي الشاعر. قال ابن خلكان: كان نشأ بسجستان
وادعى رضاع الجن وانه صار إليهم ووضع كتابا ذكر فيه أمر الجن وحكمتهم
وأنسابهم وأشعارهم، زعم أنه بايعهم للأمين بن هارون الرشيد بالعهد فقربه الرشيد
وابنه الأمين وزبيدة أم الأمين وبلغ معهم وأفاد منهم، وله اشعار حسان وضعها
على الجن والشياطين والسعالي وقال له الرشيد ان كنت رأيت ما ذكرت فقد
رأيت عجبا وان كنت ما رأيته فقد وضعت أدبا واخبارها كلها غريبة عجيبة.
(أبو السعودي العمادي)
محمد بن محمد بن مصطفى الحنفي القسطنطيني الفاضل الأديب المفسر قلد
81

التدريس والقضاء في قسطنطينية وغيرها، له ارشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب
الكريم المعروف بتفسير أبى السعود طبع بهامش مفاتيح الغيب للفخر الرازي توفي
سنة 982 (ظفب).
(أبو سعيد)
أبو الخير اسمه فضل الله، كان نادرة عصره وعزيز مصره. له رباعيات
بالفارسية منها قوله:
انى توكه حال دل نالان داني * أحوال دل شكسته بالان دانى
كرخوانمت از سينه سوزان شنوى * وردم نزنم زبان لالان داني
وله:
الله بفرياد من بيكس رس * لطف وكرمت يا رمن بيكس بس
هر كس بكسي وحضرتي مي نازد * جز حضرت تو ندارد أين بيكس كس
وله:
يا من بك حاجتي وروحي بيديك * أعرضت عن الغير وأقبلت إليك
مالي عمل صالح استظهر به * قد جئتك راجيا توكلت عليك
حكي ان هذا الشعر له وهو رقية للأرضة يكتب على الموضع الذي
يخاف عليه منها:
ارزنك بليد بسته دم باد * از همت بو سعيد بو الخير
توفي ليلة الرابع من شعبان سنة 440 (تم) بنيسابور:
(أبو سعيد الخدري)
هو سعد بن مالك بن سنان الخزرجي، كان من السابقين الذين رجعوا إلى
أمير المؤمنين " ع " وكان من أصحاب رسول الله (ص) وكان مستقيما. روي عن
82

أبي عبد الله " ع " قال: ان أبا سعيد الخدري كان رزق هذا الامر وانه اشتد
نزعه فامر أهله ان يحملوه إلى مصلاه الذي كان يصلي فيه ففعلوا فما لبث ان هلك،
وعنه " ع " قال كان علي بن الحسين " ع " يقول: انى لا كره للرجل ان يعافى في
الدنيا ولا يصيبه شئ من المصائب ثم ذكر ان أبا سعيد الخدري كان مستقيما. نزع
ثلاثة أيام فغسله أهله ثم حملوه إلى مصلاه فمات. والخدري بضم الخاء المعجمة
وسكون الدال المهملة منسوب إلى خدرة بن عوف جده. وكان أبوه مالك صحابيا
استشهد يوم أحد، قيل لم يكن أحد من احداث الصحابة أفقه من أبي سعيد.
وعن ابن عبد البر قال: كان أبو سعيد من الحفاظ المكثرين والعلماء العظماء
العقلاء واخباره تشهد له بصحيح هذه الجملة انتهى.
وحكي انه استصغر بأحد فرد ثم شهد ما بعدها وروى الكثير. مات بالمدينة
سنة ثلاث أو أربع أو خمس وستين وقيل غير ذلك. قال ابن قتيبة في ذكر واقعة
الحرة في الإمامة والسياسة: ولزم أبو سعيد الخدري بيته فدخل عليه نفر من أهل الشام
فقالوا أيها الشيخ من أنت؟ قال انا أبو سعيد الخدري صاحب رسول الله،
فقالوا ما زلنا نسمع عنك فبحظك اخذت في تركك قتالنا وكفك عنا ولزوم بيتك
ولكن اخرج إلينا ما عندك، قال والله ما عندي مال، فنتفوا لحيته وضربوه
ضربات ثم أخذوا كل ما وجدوا في بيته حتى الثوم وحتى زوج حمام
كان له انتهى.
(أبو سعيد السكري)
عبد الله بن الحسن بن الحسين بن عبد الرحمن النحوي، اخذ عن أبي حاتم
السجستاني والرياشي وغيره. وكان راوية البصريين، وله من الكتب كتاب
الوحوش وكتاب النبات وشرح اشعار الهذليين، توفي سنة 275 (رعه)
وقيل 290.
83

(أبو سعيد)
ابن عقيل بن أبي طالب والد محمد بن أبي سعيد المقتول بالطف في نصرة
الحسين " ع ". روى ابن أبي الحديد في شرح النهج عن أبي عثمان قال: دخل الحسن
ابن علي " ع " على معاوية وعنده عبد الله بن الزبير وكان معاوية يحب ان يغري بين
قريش فقال يا أبا محمد أيهما كان أكبر سنا علي أم الزبير؟ فقال الحسن عليه السلام
ما أقرب ما بينهما وعلي أسن من الزبير رحم الله عليا، فقال ابن الزبير رحم الله الزبير،
وهناك أبو سعيد بن عقيل بن أبي طالب فقال يا عبد الله وما يهيجك من أن يترحم
الرجل على أبيه؟ قال وانا أيضا ترحمت على أبى، قال أتظنه ندا له وكفوا؟ قال
وما يعقل به عن ذلك كلاهما من قريش وكلاهما دعا إلى نفسه ولم يتم؟ قال دع ذلك
عنك يا عبد الله، إن عليا من قريش ومن الرسول (ص) حيث تعلم، ولما دعا إلى
نفسه اتبع فيه وكان رأسا، ودعا الزبير إلى أمر كان الرأس فيه امرأة، ولما
تراءت الفئتان نكص على عقبيه وولى مدبرا قبل ان يظهر الحق فيأخذه أو يدحض
الباطل فيتركه، فأدركه رجل لو قيس ببعض أعضائه لكان أصغر فضرب عنقه واخذ
سلبه وجاء برأسه، ومضى علي " ع " قدما كعادته مع ابن عمه رحم الله عليا،
فقال ابن الزبير لو غيرك تكلم بهذا يا أبا سعيد لعلم، فقال إن الذي تعرض به يرغب
عنك، وكفه معاوية فسكتوا، وأخبرت عائشة بمقالتهم، ومر أبو سعيد بفنائها
فنادته يا أبا سعيد أنت القائل لابن أختي كذا؟ فالتفت فلم ير شيئا، فقال إن
الشيطان يراك ولا تراه فضحكت عائشة وقالت لله أبوك ما أزلق لسانك انتهى.
(أبو سعيد القرمطي) انظر الجنابي
(أبو سعيد اليمامي)
الطبيب الماهر المشهور، كان مشهورا بالفضل والمعرفة متقنا لصناعة الطب،
جيد الأصول وفروعها، حسن التصنيف. وهو الذي تصدى لامتحان أطباء بغداد
84

في عصر المستكفي بالله، وله رسالة في ذلك. توفي في حدود سنة 420 قبل وفاة
شيخ الرئيس بسبع سنين، وابنه أبو الفرج بن أبي سعيد كان فاضلا في صناعة
الطب متميزا في العلوم الحكمية اخذ من أبيه ومن ابن سينا.
(أبو سفانة)
حاتم بن عبد الله بن سعد بن الحشرج الطائي، كان جوادا يضرب به المثل
في الجود، وكان شجاعا شاعرا مظفرا، إذا قاتل غلب إذا غنم أنهب وإذا سئل
وهب وإذا ضرب بالقداح سبق وإذا أسرى أطلق وإذا أثرى أنفق، وكان أقسم
بالله لا يقتل واحد أمه. ومن حديثه انه خرج في الشهر الحرام يطلب حاجة فلما
كان بأرض غنزة ناداه أسير لهم يا أبا سفانة أكلني الأسئار والقمل، فقال ويحك
ما انا ببلاد قومي وما معي شئ، وقد أسأت بي إذ نوهت باسمي وما لك مترك،
ثم ساوم به العنزيين واشتراه منهم فخلاه، وأقام مكانه في قيده حتى اتى بفدائه
فأداه إليهم.
ومما حكي عن حاتم أيضا: ان ماوية امرأة حاتم حدثت ان الناس قد
أصابتهم سنة، فأذهبت الخف والظلف، فبينا ذات ليلة باشد الجوع، فاخذ حاتم
عديا، واخذت سفانة فعللناهما حتى ناما، ثم اخذ يعللني بالحديث لأنام فرققت له
لما به من الجهد فأمسكت عن كلامه لينام ويظن اني نائمة فقال لي أنمت مرارا؟ فلم
أجبه، فسكت ونظر من فتق الخباء فإذا شئ قد اقبل، فرفع رأسه فإذا امرأة،
فقال ما هذا؟ فقالت يا أبا سفانة أتيتك من عند صبية جياع يتعاوون كالذئاب جوعا
فقال أحضريني صبيانك فوالله لأشبعنهم، قالت قمت سريعا فقلت بماذا يا حاتم؟
فوالله ما نام صبيانك من الجوع إلا بالتعليل، فقال والله لأشبعن صبيانك مع
صبيانها، فلما جاءت قام إلى فرسه فذبحه ثم أجج نارا ودفع إليها شفرة، وقال
اشتوي وكلي واطعمي ولدك، وقال لي أيقظي صبيتك فأيقظتهما، ثم قال والله ان
85

هذا للؤم تأكلون وأهل الصرم حالهم كحالكم، فجعل يأتي الصرم بيتا بيتا ويقول
انهضوا عليكم بالنار فاجتمعوا وأكلوا، وتقنع بكسائه وقعد ناحية حتى لم يوجد
من الفرس على الأرض قليل ولا كثير، ولم يذق منه شيئا.
(بيان) في (ية) الصرم الجماعة ينزلون بإبلهم ناحية على ماء، وفي القاموس:
الصرماء المفازة لا ماء بها (ج) كقفل، وكان حاتم إذا هل الشهر الأصم الذي
كانت مضر تعظمه بالجاهلية وتنحر له ينحر في كل يوم عشرة من الإبل فيطعم
الناس، وكانت الشعراء تفد عليه كالحطيئة وبشر ابن أبي حازم. ومن أقواله
في السخاء:
أماوي ان المال غاد ورائح * ويبقى من المال الأحاديث والذكر
أماوي اني لا أقول لسائل * إذا جاء يوما حل في مالنا النزر
أماوي ما يغني الثراء عن الفتى * إذا حشر جت يوما وضاق بها الصدر
وقوله:
إذا كان بعض المال ربا لأهله * فاني بحمد الله مالي معبد
وكانت والدته أيضا من أسخى الناس حتى اضطر أخواتها ان يحجروا على
أموالها خوفا من تبذيرها، وكذلك ابنته سفانة. واخبار حاتم منشورة في الأغاني
والمستطرف وعقد الفريد وغير ذلك قيل توفى سنة 650 ميلادية، وقبره في جبل
لطي يسمى عوارض، وتقدم في أبو البحتري ما يتعلق به.
(أبو سفيان)
ابن الحرث بن عبد المطلب قيل اسمه كنيته وقيل اسمه المغيرة كان ابن عم
رسول الله صلى الله عليه وآله وأخاه من الرضاعة أرضعته حليمة السعدية أياما وكان ترب
رسول الله يألفه ألفا شديدا قبل النبوة، فلما بعث صلى الله عليه وآله عاداه وهجاه وهجا أصحابه
وكان شاعرا، وأسلم هو وولده جعفر عام الفتح.
86

قال ابن عبد البر: انه كان من الشعراء المطبوعين وكان سبق له هجاء في
رسول الله وإياه عارض حسان بقوله (ألا أبلغ أبا سفيان الخ (1)) ثم أسلم فحسن
اسلامه، فقيل انه ما رفع رأسه إلى رسول الله حياء منه.
وقال علي (ائت) رسول الله صلى الله عليه وآله من قبل وجهه فقل له ما قال إخوة
يوسف ليوسف: (تالله لقد آثرك الله علينا وإن كنا لخاطئين) فإنه لا يرضى
ان يكون أحد أحسن قولا منه، ففعل ذلك أبو سفيان قال رسول الله صلى الله عليه وآله
(لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو ارحم الراحمين) ثم ذكر منه أبياتا في
الاعتذار ثم قال وكان رسول الله يحبه وشهد له بالجنة انتهى.
وروي عن أبي سفيان بن الحارث انه قال: خرجت مع النبي صلى الله عليه وآله وشهدت
فتح مكة وحنينا فلما لقينا العدو بحنين اقتحمت عن فرسي وبيدي السيف مصلتا،
والله يعلم انى أريد الموت دونه، وهو ينظر إلي، فقال له العباس أخوك وابن عمك
فقال غفر الله له كل عداوة عادانيها، وعن ذخاير العقبي كان أبو سفيان ممن ثبت
مع رسول الله ولم يفر ولم تفارق يده لجام بغلة رسول الله حتى انصرف الناس وكان
أحد السبعة الذين يشبهون رسول الله، ومات في خلافة عمر بن الخطاب سنة
عشرين وصلى عليه عمر، ودفن بالبقيع وقيل دفن في دار عقيل بن أبي طالب.
وكان هو الذي حفر قبره بنفسه قبل ان يموت بثلاثة أيام وكان رحمه الله
من فضلاء الصحابة.

(1) وكان حسان يجاوب عنه في هذه الأبيات: ألا أبلغ أبا سفيان عني * مغلغلة فقد برح الخفاء
هجوت محمدا فأجبت عنه * وعند الله في ذاك الجزاء
أتهجوه ولست له بكفؤ * فشر كما الفداء
فان أبي ووالدتي وعرضي * لعرض محمد منكم وقاء
87

(أبو سفيان)
صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس عداوته لرسول الله أشهر من أن تذكر
لم يزل يثير الأقوام ويشكل الأحزاب على حرب رسول الله كما في بدر الكبرى
وبدر الصغرى وفي أحد والأحزاب وفي وقائعه الأخرى، ولم يهدأ ساعة عن معاداة
النبي صلى الله عليه وآله في السر والعلانية وباثارة النفوس والجيوش ضده ويجاهد المسلمين جهده
إلى يوم فتح مكة فأسلم بحسب الظاهر خوفا من القتل.
فعن ابن عباس قال والله ما كان أبو سفيان إلا منافقا ولقد كنا في محفل
فيه أبو سفيان، وقد كف بصره وفينا علي " ع " فأذن المؤذن فلما قال اشهد ان
محمدا رسول الله قال ها هنا من يحتشم قال واحد من القوم لا فقال له در أخي
هاشم انظروا أين وضع اسمه فقال علي أسخن الله عينيك يا أبا سفيان، الله فعل
ذلك بقوله عز من قائل (ورفعنا لك ذكرك) فقال أبو سفيان أسخن الله عين من
قال لي ليس ها هنا من يحتشم انتهى.
وحكي أيضا انه قال في محضر عثمان يا بنى أمية: تلقفوها تلقف الكرة فوالذي
يحلف به أبو سفيان ما زلت أرجوها لكم ولتصيرن إلى صبيانكم وراثة، وفي رواية
أخرى تداولوها يا بنى أمية تداول الولدان الكرة فوالله ما من جنة ولا نار، وكان
في الجاهلية يتجر في بيع الزيت والأدم ويجهز التجارة بماله وأموال قريش إلى بلاد
العجم، فقئت عينه يوم الطائف فبقي أعور إلى يوم وقعة اليرموك سنة 13 ففقئت
عينه الأخرى فعمي توفى في دمشق عند ولده معاوية سنة 31 عن ثمان وثمانين
سنة، وكان بخيلا ممسكا كما شهدت بذلك زوجته هند في يوم البيعة، ويحكي عن
بخله انه كان ينحر في كل أسبوع جزورين، فأتاه يتيم فسأله شيئا فقرعه بعصاه.
(أقول) لا غرو من أبي سفيان هذه الخصلة الرذيلة فإنها شيمة من عرقت
فيه عروق أمية فقد نقل عن محاضرات الراغب انه سأل اعرابي شيخا من بني أمية
88

وحوله مشايخ فقال أصابتنا سنة ولي بضع عشرة بنتا فقال الشيخ وددت ان الله
ضرب بينكم وبين السماء صفائح من حديد فلا يقطر عليكم قطرة واضعف بناتك
أضعافا وجعلك بينهن مقطوع اليد والرجل ما لهن كاسب سواك ثم صفر بكلب له
فشد عليه وقطع ثيابه فقال السائل والله ما أدري ما أقول لك انك لقبيح المنظر
سخيف المخبر فاعضك الله ببظور أمهات من حولك انتهى.
وابنه معاوية (1) هو الذي نصب لواء العداوة لعلي " ع " وأشاع لعنه في
الناس فكان يلعن في كل مكان على المنابر قال الخفاجي:
أعلى المنابر تعلنون بسبه * وبسيفه نصبت لكم أعوادها
قال ابن أبي الحديد في شرح النهج في سبب بغض معاوية لأمير المؤمنين " ع "
انه مطعون في دينه عند شيوخنا يرمى بالزندقة. وروى أحمد بن أبي طاهر في
كتاب اخبار الملوك: ان معاوية سمع المؤذن يقول اشهد ان لا إله إلا الله فقالها
فقال اشهد ان محمدا رسول الله فقال لله أبوك يا ابن عبد الله لقد كنت عالي الهمة
ما رضيت لنفسك إلا ان تقرن اسمك باسم رب العالمين.
وذكر الجاحظ ان قوما من بني أمية قالوا له انك قد بلغت ما أملت فلو
كففت عن لعن هذا الرجل فقال لا والله حتى يربو عليه الصغير ويهرم عليه الكبير
ولا يذكر له ذاكر فضلا.
(قلت) العجب من ابن حجر حيث قال في الصواعق في ذكر أمير المؤمنين
عليه السلام وأعداؤه هم الخوارج ونحوهم من أهل الشام لا معاوية ونحوه من الصحابة
لانهم متأولون فلهم اجر انتهى.
وروى ابن أبي الحديد أيضا من تأريخ محمد بن جرير الطبري: منع المعتضد
الفصاص عن القعود على الطرقات واجتماع الناس عليهم وتقدم إلى الشراب الذين
يسقون الماء في الجامعين ان لا يترحموا على معاوية ولا يذكروه وكانت عادتهم جارية

(1) ذكره ابن قتيبة في المعارف في أسماء المؤلفة قلوبهم وكذا أباه.
89

بالترحم وعزم على لعن معاوية على المنابر وامر بانشاء كتاب يقرأ على الناس بعد
صلاة الجمعة على المنبر فخوفه عبيد الله بن سليمان اضطراب العامة وعاونه يوسف
ابن يعقوب القاضي في ذلك فقال إن تحركت العامة أو نطقت وضعت السيف فيها
فقال يا أمير المؤمنين فما تصنع بالطالبيين الذي يخرجون في كل ناحية ويميل إليهم
خلق كثير لقرابتهم من رسول الله صلى الله عليه وآله وما في هذا الكتاب من إطرائهم فامسك
المعتضد وكان من جملة الكتاب بعد أن قدم حمد الله والثناء عليه والصلاة على
رسوله، اما بعد فقد انتهى إلى أمير المؤمنين ما عليه جماعة العامة من شبهة قد
دخلتهم في أديانهم الخ وفيه جملة من مطاعن معاوية وأبيه.
(أقول) وقد أشار إلى ذلك ابن مسكويه في كتاب تجارب الأمم في
سنة 284 ونقل عن ميزان الذهبي انه قال في ترجمة عبد الرزاق بن همام بن نافع
الامام أبى بكر الحميري أحد الاعلام الثقات قال مخلد الشعيري كنت عند عبد الرزاق
فذكر رجل معاوية فقال عبد الرزاق لا تقذر مجلسنا بذكر ولد أبى سفيان، وقال
ابن خلكان في أحوال عبد الله بن المبارك بن واضح المروزي الذي تفقه على سفيان
الثوري ومالك بن انس ما هذا لفظه: ونقل أبو علي الغساني الجياني ان عبد الله
ابن المبارك المذكور سئل أيما أفضل معاوية بن أبي سفيان أم عمر بن عبد العزيز؟
فقال والله ان الغبار الذي دخل في أنف معاوية مع رسول الله أفضل من عمر بألف
مرة، صلى معاوية خلف رسول الله فقال سمع الله لمن حمده فقال معاوية ربنا ولك
الحمد فما بعد هذا انتهى.
قال الفيروز آبادي في القاموس ولمعاوية الكلبة المستحرمة وجرو الثعلب،
وبلا لام ابن أبي سفيان الصحابي انتهى. المستحرمة اي الكلبة التي أرادت الفحل.
وأم معاوية هند بنت عتبة بن ربيعة زوجة أبى سفيان أحوالها مشهورة
وكانت في يوم أحد تحرض المشركين على قتال المسلمين وكانت في وسط العسكر
كلما انهزم رجل من قريش دفعت إليه ميلا ومكحلة وقالت انما أنت امرأة فاكتحل
90

بها وأعطت وحشيا عهدا لان قتلت محمدا أو عليا أو حمزة لأعطينك رضاك، فلما
قتل حمزة اخذت كبده في فمها وقطعت اذنيه وجعلتهما خرصين وشدتهما في عنقها
وقطعت يديه ورجليه إلى غير ذلك ومن ذلك اليوم لقبت بآكلة الأكباد. وخبر
بيعتها في يوم فتح مكة وكلماتها مع رسول الله مذكورة في تفسير الطبرسي وغيره.
وابن معاوية يزيد الذي اخذ معاوية من الناس بيعته، وهو غلام حدث يشرب الخمر
ويلعب بالكلاب.
قال المسعودي في مروج الذهب وكان يزيد صاحب طرب وجوارح وكلاب
وقرود وفهود ومنادمة على شراب، وجلس ذات يوم على شرابه وعن يمينه ابن زياد
وذلك بعد قتل الحسين " ع " فاقبل على ساقيه فقال:
اسقني شربة تروي مشاشي * ثم صل فاسق مثلها ابن زياد
صاحب السر والأمانة عندي * ولتسديد مغنمي وجهادي
ثم أمر المغنين فغنوا.
(قلت) ونقل السبط ابن الجوزي في التذكرة ان يزيد استدعى ابن زياد
إليه وأعطاه أموالا كثيرة وتحفا عظيمة وقرب مجلسه ورفع منزلته وادخله على
نسائه وجعله نديمه وسكر ليلة وقال للمغني غن ثم قال يزيد بديها اسقني شربة
الأبيات بزيادة هذا الشعر:
قاتل الخارجي أعني حسينا * ومبيد الأعداء والحساد
وقال المسعودي: وغلب على أصحاب يزيد وعماله ما كان يفعله من الفسوق
وفي أيامه ظهر الغناء بمكة والمدينة واستعلمت الملاهي وأظهر الناس شرب الشراب،
وقال وسيرته سيرة فرعون بل كان فرعون أعدل منه في رعيته وأنصف منه
لخاصته وعامته انتهى.
وقال بعض العلماء وتطرق إلى هذه الأمة العار بولايته عليها حتى قال
أبو العلاء المعري يشير بالشنار إليها:
91

أرى الأيام تفعل كل نكر * فما انا في العجائب مستزيد
أليس قريشكم قتلت حسينا * وكان على خلافتكم يزيد
إلى غير ذلك مما ليس مقام نقله وفي قوله تعالى في آية الرؤيا: (فما يزيدهم
إلا طغيانا كبيرا) لطافة لا تخفى ومن اشعاره التي أفصح بها بالالحاد وأبان عن
خبث الضمائر وسوء الاعتقاد قوله:
معشر الندمان قوموا * واسمعوا صوت الأغاني
واشربوا كأس مدام * واتركوا ذكر المعاني
شغلتني نغمة العيدان * عن صوت الاذان
وتعوضت عن الحور * عجوزا في الدنان
وللسيد محمد باقر الحجة:
ألا ترى انتهى إلى ابن حرب * ومن نشى في لعب وشرب
يزيدهم عارا وهل يزيد * يصبح مولى والورى عبيد
يزيد من ولاه للإمامة * خزيا ويلقى ذنبه امامه
أيخلف النبي من تمثلا * في لعبت هاشم بالملك فلا
وهل ترى يهدي الورى للرشد * من رشده غي ولا يهدي
وهل لهذا المنصب الأقصى يصح * من قال للغراب صح أو لا تصح
ومن قضى ديونه من النبي * في الطف يقتدى فيا للعجب
قال السبط ابن الجوزي: ولما لعنه جدي أبو الفرج على المنبر ببغداد بحضرة
الامام الناصر وأكابر العلماء قام جماعة من الجفاة من مجلسه فذهبوا فقال جدي
(ألا بعدا لمدين كما بعدت ثمود. وحكى لي بعض أشياخنا عن ذلك اليوم ان
جماعة سألوا جدي عن يزيد فقال: ما تقولون في رجل ولي ثلاث سنين، في السنة
الأولى قتل الحسين بن علي " ع "، وفي الثانية أخاف المدينة وأباحها، وفي الثالثة رمى
الكعبة بالمجانيق وهدمها، فقالوا نلعن فقال فالعنوه.
92

وقال جدي في كتاب الرد على المتعصب العنيد وقد جاء في الحديث لعن
من فعل مالا يقارب عشر معشار فعل يزيد ثم ذكر لعن الواشمات والمتوشمات
والمصورين وآكل الربا وموكله ولعنت الخمرة على عشرة وجوه انتهى.
(أبو سلمة الخلال)
حفص بن سليمان الهمداني صاحب الدعوة العباسية، كان أول من وقع عليه
اسم الوزارة في دولة بني العباس وكان أبو العباس السفاح يأنس به ويسمر عنده
وكان أبو سلمة فكها أديبا عالما بالسياسة والتدبير فيقال ان أبا سلمة انصرف ليلة
من عند السفاح من مدينة الأنبار وليس معه أحد فوثب عليه أصحاب أبي مسلم
المروزي فقتلوه، وكان أبو مسلم يقال له امين آل محمد وأبو سلمة يدعى
وزير آل محمد.
(أبو سليمان الدارياني)
عبد الرحمن بن أحمد بن عطية العنسي الدمشقي الزاهد المشهور أحد رجال
الطريقة له كلمات في الزهد والموعظة، توفي سنة 205 (ره) نقل عن خط الشيخ
الشهيد انه قال أحمد بن الجوار تمنيت ان أرى أبا سليمان الدارياني في المنام فرأيته
بعد سنة فقلت له يا معلم ما فعل الله تعالى بك؟ فقال يا احمد جئت من باب الصغير
(باب الصغير موضع بدمشق) فلقيت وسق شيح فأخذت منه عودا ما أدري تخللت
به أو رميت به فانا في حسابه منذ سنة إلى هذه الغاية، والدارياني نسبة إلى داريا
بتشديد الياء قرية بغوطة دمشق بها قبر أبي سليمان.
(أبو سهل الكوفي)
ويجن بن رستم الطبرسي العالم الفاضل المنجم المشهور في أواخر المئة الرابعة
كان معاصرا لعضد الدولة الديلمي وكان له به اختصاص وله حكايات في عمل الرصد
(أبو سهل النوبختي)
إسماعيل بن علي بن إسحاق بن أبي سهل بن نوبخت، كان شيخ المتكلمين
93

من أصحابنا الامامية ببغداد ووجههم متقدم النوبختيين في زمانه له جلالة في الدين
والدنيا يجري مجرى الوزراء صنف كتبا كثيرة جملة منها في الرد على أرباب
المقالات الفاسدة وله كتاب الأنوار في تواريخ الأئمة الأطهار " ع " رأى مولانا
الحجة " ع " عند وفاة أبيه الحسن بن علي " ع " وله احتاج على الحلاج صار
ذلك سببا لفضيحة الحلاج وخذلانه.
روي أنه سئل فقيل له كيف صار هذا الامر إلي الشيخ أبي القسم الحسين
ابن روح دونك؟ فقال هم اعلم وما اختاروه ولكن انا رجل ألقى الخصوم وأناظرهم
ولو علمت بمكانه كما علم أبو القسم وضغطتني الحجة لعلي كنت أدل على مكانه
وأبو القسم فلو كان الحجة تحت ذيله وقرض بالمقاريض ما كشف الذيل عنه. وابن
أخته أبو محمد الحسن بن موسى النوبختي المتكلم الفيلسوف صاحب كتاب الفرق
ويأتي ذكره في أبي محمد النوبختي: قال ابن النديم كان يجتمع إليه جماعة من النقلة
لكتب الفلسفة مثل أبي عثمان الدمشقي وإسحاق وثابت وغيرهم، وكانت المعتزلة
تدعيه والشيعة تدعيه ولكنه إلى حيز الشيعة ما هو لان آل نوبخت معروفون
بولاية علي وولده " ع " وكان جماعة للكتب وقد نسخ بخطه شيئا كثيرا، وله
مصنفات وتأليفات في الكلام والفلسفة وغيرها.
ومن غلمان أبى سهل أبو الحسن السوسجزدي واسمه محمد بن بشير ويعرف
بالحمدوني منسوبا إلى آل حمدون وله من الكتب كتاب الانقاذ في الإمامة.
وحفيده أبو إسحاق إبراهيم بن إسحاق بن أبي سهل صاحب كتاب الياقوت في
الكلام الذي شرحه العلامة (ره) وسماه أنوار الملكوت في شرح الياقوت، وقال في
أوله: وقد صنف شيخنا الأقدم وإمامنا الأعظم أبو إسحاق إبراهيم بن نوبخت
قدس الله روحه الزكية ونفسه العلية مختصرا سماه بالياقوت قد احتوى من المسائل
على أشرفها وأعلاها ومن المباحث على اجلها وأسناها لأنه صغير الحجم كبير العلم
مستصعب على الفهم.. الخ.
94

وحسبك بمن يقول العلامة في حقه هذا الكلام، نوبخت بضم النون
وسكون الواو وفتح الباء وسكون الخاء لفظ فارسي مركب من كلمتين (نو) أي
الجديد (وبخت) اي الحظ فلما استعملته العرب ضموا النون لمناسبة الواو وقد
ينطقونه بالفتح على الأصل وقد يقلبون الواو ياء يقولون نيبخت كما قالوا في نوروز
نيروز. وآل نوبخت طائفة كبيرة خرج منها جماعات كثيرة من العلماء والأدباء
والمنجمين والفلاسفة والمتكلمين والكتاب والحكام والامراء وكانت لهم مكانة وتقدم
في دولة بنى العباس واصلهم من الفرس، وأول من أسلم منهم جدهم نوبخت الذي
ينسبون إليه وهو من عشيرة گيوبن گودرز، واليه أشار البحتري في مدحه لأبي
يعقوب إسحاق بن أبي سهل المذكور بقوله:
يفضي إلى بيب بن جوذرز الذي * شهر الشجاعة بعد طول خمول
أعقاب املاك لهم عاداتها * من كل نيل مثل مد النيل
بيب معرب كيو وجوذرز معرب كوذرز وكان نوبخت منجما لأبي جعفر
المنصور وكان خصيصا به، فلما شاخ وضعف عن صحبة المنصور أقام مقامه ابنه
أبا سهل وهو الذي ينتهي إليه سلسلة هذه الطائفة وله عشرة أولاد اثنان منهم كان
لهما ذرية كثيرة مشهورة وهما إسحاق وإسماعيل وممن ينسب إلى هذه السلسلة
الجليلة الشيخ الأجل أبو القسم الحسين بن روح بن أبي بحر النوبختي أحد السفراء
الأربعة في الغيبة الصغرى.
(أبو شاكر الحكيم)
ابن أبي سليمان كان معتنيا بصناعة الطب متميزا في علمها وعملها جيد
العلاج قرأ على أخيه أبى سعيد بن أبي سليمان واشتهر ذكره وكان الملك العادل قد
جعله في خدمة ولده الملك الكامل فبقي في خدمته وحظي عنده وكان الملك العادل
يعتمد عليه في المداواة قال أحد الأدباء في مدحه:
95

وهذا الحكيم أبو شاكر * كثير المحبين والشاكر
خليفة بقراط في عصرنا * وثانيه في علمه الباهر
توفي سنة 613 بالقاهرة.
(أبو شامة)
شهاب الدين أبو محمد عبد الرحمن بن إسماعيل بن إبراهيم المقدسي الشافعي
المقري النحوي ولد بدمشق سنة 596 وأتقن الفقه ودرس وأفتى وبرع في العربية،
وصنف شرحا للشاطبية، واختصر تأريخ دمشق لابن عساكر، توفي بدمشق
سنة 665.
(أبو شجاع الأصبهاني)
القاضي شهاب الدين أحمد بن الحسين بن أحمد الشافعي، مؤلف غاية
الاختصار في الفقه وشرح اقناع الماوردي توفي سنة 593.
(أبو شجاع الروذراري)
محمد بن الحسين بن محمد بن عبد الله كان من وزراء العباسيين قرأ الفقه
والحديث على الشيخ أبي إسحاق الشيرازي وغيره وكان عالما بالعربية، وصنف كتبا
منها ذيل تجارب الأمم، وكان عفيفا عادلا حسن السيرة كثير الخير والمعروف،
كان عصره أحسن العصور وزمانه أنضر الزمان ولم يكن في الوزارة من يحفظ أمر
الدين وقانون الشريعة مثله، كان صعبا شديدا في أمور الشرع سهلا في أمور
الدنيا، وكان لا يخرج من بيته حتى يكتب شيئا من القرآن العظيم ويقرأ
من القرآن ما تيسر، وكان يؤدي زكاة أمواله في سائر أملاكه
وضياعه وأقطاعه ويتصدق سرأ، عرضت عليه رقعة فيها: ان الدار الفلانية بدرب
القيار فيها امرأة معها أربعة أيتام وهم عراة جياع، فاستدعى صاحبا له وقال له
اكسهم واشبعهم وخلع ثيابه، وحلف لا ألبسها ولا دفئت حتى تعود إلي وتخبرني
96

انك كسوتهم وأشبعتهم فكان كذلك إلى أن جاء صاحبه فأخبره بذلك فلا جرم ان
الله ختم له بالخير.
حكي انه لما دنت وفاته وظهرت له آثار الموت وكان بالمدينة المشرفة أمر ان
يحملوه إلى مسجد النبي صلى الله عليه وآله فوقف في الروضة الشريفة وقال يا رسول الله قال الله
تعالى (ولو أنهم إذ ظلموا أنفهسم جاؤوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول
لوجدوا الله توابا رحيما) وقد جئت معترفا بذنوبي وجرائمي أرجو شفاعتك، ثم
بكى بكاء شديدا ثم رد إلى فراشه ومات، وكان ذلك في 15 ج 2 سنة 488 (نفح)
ودفن بجوار إبراهيم بن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
(أبو شيبة الخراساني) تقدم ذكر منه في أبو البلاد.
(أبو صالح الرضوي) انظر صدر الملك
(أبو الصباح)
كشداد الكناني بكسر الكاف هو إبراهيم بن نعيم مصغرا قال الصادق " ع "
له: أنت ميزان لا عين فيه. سمي الميزان من ثقته، عده الشيخ المفيد (ره) من
فقهاء أصحاب الأئمة " ع " والاعلام الرؤساء المأخوذ منهم الحلال والحرام والفتيا
والاحكام، مات بعد السبعين والمائة وروى (كش) احتجاجه على زيد بن علي
وكان رجلا ضاريا اي شجاعا.
روى الشيخ الكليني عنه انه قال لأبي عبد الله " ع " ما نلقى من الناس فيك
فقال أبو عبد الله " ع " وما الذي تلقى من الناس في فقال لا يزال يكون بيننا وبين
الرجل الكلام، فيقول جعفري خبيث فقال يعيركم الناس بي فقال له أبو الصباح
نعم قال فما أقل والله من يتبع جعفرا منكم انما أصحابي من اشتد ورعه وعمل لخالقه
ورجا ثوابه هؤلاء أصحابي.
(أبو صفرة)
ظالم بن سراق من أصحاب أمير المؤمنين، والد المهلب ينتهي نسبه إلى
97

مزيقيا بن عامر ماء السماء بن حارثة بن امرئ القيس بن ثعلبة بن مازن قال
العلامة (ره) كان شيعيا وقدم بعد الجمل وقال لعلي " ع " اما والله لو شهدتك
ما فاتك أزدي، مات بالبصرة وصلى عليه علي " ع " انتهى.
وابنه أبو سعيد المهلب كان من أشجع الناس وحمى البصرة من الخوارج
وكان واليا بخراسان ولم يزل بها حتى أدركته الوفاة بها توفي بقرية زاغول (1) من
اعمال المر والروذ من ولاية خراسان سنه 83، وكان يقول لبنيه يا بنى أحسن
ثيابكم ما كان على غيركم، وخلف عدة أولاد (2) نجباء كرماء يقال لهم المهالبة
وفيهم يقول بعض الشعراء:
نزلت على آل المهلب شاتيا * بعيدا عن الأوطان في الزمن المحل
فما زال بي معروفهم وافتقادهم * وبرهم حتى حسبتهم أهلي
وفي وصفهم قال بعض الفصحاء للحجاج لما سأله عن أفضلهم: هم كحلقة مفرغة
لا يعلم طرفاها. وأشهر أولاد المهلب أبو خالد يزيد بن المهلب قد استخلفه أبوه مكانه
فمكث أميرا على خراسان نحوا من ست سنين فعز له عبد الملك بن مروان برأي
الحجاج بن يوسف كما تأتى الإشارة إلى ذلك في ابن قتيبة، وصار يزيد في يد
الحجاج وكان الحجاج زوج أخته هند بنت المهلب فعذبه الحجاج، فهرب يزيد
من حبسه إلى الشام يريد سليمان بن عبد الملك فاتاه فشفع له إلى أخيه الوليد بن
عبد الملك فأمنه وكف عنه، فلما صارت الخلافة إلى سليمان ولاه خراسان فافتتح
جرجان ودهستان، واقبل يزيد يريد العراق فتلقاه موت سليمان فصار إلى البصرة
فاخذ وبعث إلى عمر بن عبد العزيز فحبسه عمر، فهرب من حبسه واتى البصرة،
ومات عمر فخالف يزيد بن عبد الملك فوجه إليه أخاه مسلمة فقتله، وكان ذلك

(1) الظاهر أنها القرية التي تسمى زناغول قرب جناران.
(2) عن كتاب المعارف لابن قتيبة قال: انه وقع على الأرض من صلب المهلب
ثلاثمائة ولد.
98

في سنة 103 ه‍ فقال شاعره في رثائه:
إن يقتلوك فان قتلك لم يكن * عارا عليك ورب قتل عار
ولقد ذكر ابن خلكان حكايات من جوده واحسانه ومدح المادحين له وقال:
أجمع علماء التاريخ على أنه لم يكن في دولة بنى أمية أكرم من بني المهلب كما لم يكن
في دولة بنى العباس أكرم من بنى البرامكة وكان لهم في الشجاعة أيضا مواقف
مشهورة ومما ذكر في مدحهم قول الشاعر:
آل المهلب قوم إن نسبتهم * كانوا المكارم آباءا وأجدادا
إن المكارم أرواح يكون لها * آل المهلب دون الناس أجسادا
وحكي عن الأصمعي قال: ان الحجاج قبض على يزيد بن المهلب واخذه بسوء
العذاب فسأله ان يخفف عنه العذاب على أن يعطيه كل يوم مائة ألف درهم فان
أداها وإلا عذبه إلى الليل قال فجمع يوما مائة ألف درهم ليشتري بها عذابه في يومه
فدخل عليه الأخطل الشاعر فقال:
أبا خالد بادت خراسان بعدكم * وصاح ذوو الحاجات أين يزيد
فلا مطر المروان بعدك مطرة * ولا اخضر بالمروين بعدك عود
فما لسرير الملك بعدك بهجة * ولا لجواد بعد جودك جود
المروان والمروين هما تثنية مرو، أحدهما مرو الشاهجان والأخرى مرو الروذ،
وقد تقدم ذكرهما في أبو إسحاق المروزي، قال فأعطاه المائة الف فبلغ ذلك الحجاج
فدعا به وقال يا مروزي أفيك هذا الكرم وأنت بهذه الحالة، قد وهبت لك عذاب
اليوم وما بعده. وكان ابنه أبا خراش مخلد بن يزيد أيضا كأبيه أحد
الأسخياء الممدوحين.
(أبو الصلاح)
هو الشيخ تقي بن النجم الحلبي الشيخ الأقدم الفاضل الفقيه المحدث الثقة
الجليل من كبار علمائنا الامامية، كان معاصرا للشيخ أبى جعفر الطوسي وقرأ
99

عليه وعلى السيد المرتضى علم الهدى ويروي عنه ابن البراج له تقريب المعارف
والبداية وشرح الذخيرة للسيد، وله الكافي في الفقه والبرهان على ثبوت الايمان
وهذا الكتاب أورده الشيخ أبو محمد الديلمي بتمامه في اعلام الدين، وينقل عن
كتابه تقريب المعارف العلامة المجلسي في المجلد الثامن من البحار، قال الشهيد
الثاني في حقه: الشيخ الفقيه السعيد خليفة المرتضى في البلاد الحلبية انتهى.
ويأتي في الحلبي ذكره ثم إن من جملة علماء سلسلة هذا العالم الجليل سبطه
ونافلته الفاضل الفقيه النبيل أبو الحسن علي بن منصور بن أبي الصلاح الحلبي كما
نقل عن صاحب الرياض قال وقد ذكره الشهيد في بحث قضاء الفائتة من شرح
الارشاد ونسب إليه القول بالمضايقة.
(أبو الصلت)
عبد السلام بن سالم الهروي، روى عن الرضا " ع " ثقة صحيح الحديث
قاله جش والعلامة له كتاب وفاة الرضا " ع " وكان كما يشعر به بعض الكلمات
مخالطا للعامة وراويا لأخبارهم فلذلك التبس امره على بعض المشايخ فذكر انه عامي.
قال الأستاذ الأكبر في التعليقة بعد نقل كلام الشهيد الثاني في تشيعه لا يخفى ان
الامر كذلك فان الاخبار الصادرة عنه في العيون والأمالي وغيرهما الصريحة الناصعة
على تشيعه بل وكونه من خواص الشيعة أكثر من أن تحصى. وعلماء العامة
ذكروا انه شيعي قال الذهبي في ميزان الاعتدال: عبد السلام بن صالح أبو الصلت
الهروي رجل صالح إلا أنه شيعي.
ونقل عن الجعفي: انه رافضي خبيث. وقال الدارقطني: انه رافضي متهم.
وقال ابن الجوزي: انه خادم للرضا " ع " شيعي مع صلاحه انتهى.
وعن الأنساب للسمعاني قال أبو حاتم هو رأس مذهب الرافضة. وقال محمد
ابن احمد الذهبي أيضا: عبد السلام بن صالح أبو الصلت الهروي الرجل الصالح إلا
100

انه شيعي جلد إلى أن قال: وقال الدارقطني رافضي خبيث متهم بوضع حديث
الايمان اقرار بالقول ونقل عنه انه قال كلب للعلوية خير من بني أمية إلى غير ذلك.
(أقول) الروايات الدالة على تشيعه كثيرة، وقد أشرت إلى نبذ منها في
كتاب سفينة البحار وروى الشيخ الطوسي عنه في الشكر ما ينبغي ان يكتب بالتبر
ونحن نذكره في ذو اليمينين. وروي ان المأمون حبس أبا الصلت بعد وفاة الرضا
عليه السلام سنة فضاق صدره، فدعا الله بمحمد وآل محمد فدخل عليه أبو جعفر
الجواد " ع " فضرب يده إلى القيود ففكها واخذ بيده وأخرجه من الدار والحرسة
والغلمة يروونه فلم يستطيعوا ان يكلموه فخرج من باب الدار، وقال له أبو جعفر
امض في ودائع الله فإنك لن تصل إليه ولا يصل إليك ابدا.
وفي رواية الخرائج فلما صرنا خارج السجن قال اي البلاد تريد؟ قلت
منزلي بهراة، قال ارخ رداءك على وجهك واخذ بيدي فظننت انه حولني عن
يمنته إلى يسرته ثم قال لي اكشف فكشفته فلم أره فإذا انا على باب منزلي فدخلته
فلم ألتق مع المأمون ولا مع أحد من أصحابه إلى هذه الغاية انتهى.
(أقول) هراة بالفتح مدينه مشهورة بخراسان فتحها الأحنف بن قيس
صلحا من قبل عبد الله بن عامر، والنسبة إليها هروي بفتح الهاء والراء ولما كان
في زمن السلطان شاه طهماسب الصفوي أكثر أهلها عارين عن معرفة الأئمة الاثني
عشر عليهم السلام أمر السلطان الشيخ حسين بن عبد الصمد والد الشيخ البهائي
بالتوجه إليها والإقامة بها لارشاد الناس وأعطاه ثلاث قرى من قرى تلك البلدة
فأقام الشيخ بها ثمان سنين بإفادة العلوم الدينية واجراء الأحكام الشرعية
فيها واظهار الأوامر الملية فتشيع لذلك خلق كثير وتوجه إلى حضرته العلماء
والفقهاء من الأطراف والاكناف لأجل مقابلة الحديث واخذ العلوم الدينية وامر
السلطان المذكور الأمير شاه قلي سلطان بكان اغلي حاكم بلاد خراسان بان يحضر
كل جمعة بعد الصلاتين السلطان محمد خدا بنده ميرزا ولد السلطان المذكور في
101

المسجد الجامع الكبير بهراة إلى خدمة هذا الشيخ لاستماع الحديث وينقاد لأوامر
هذا الشيخ ونواهيه بحيث لا يخالفه أحد فأقام الشيخ بهراة ثمان سنين على هذا
المنوال ثم سافر إلى قزوين لادراك خدمة السلطان المذكور فاستأذن منه لزيارة
بيت الله الحرام لنفسه ولولده الشيخ البهائي فرخصه السلطان ولم يرخص ولده،
وأمره بإقامته هناك واشتغاله بتدريس العلوم الدينية بها، فتوجه الشيخ حسين
لزيارة بيت الله وزيارة المدينة المعظمة ورجع من طريق بحرين وأقام بتلك المدة إلى أن
توفي (ره) سنة 984. قال ابن خلكان في ترجمة السائح علي بن أبي بكر الهروي:
هذه النسبة إلى مدينة هراة وهي إحدى كراسي خراسان فإنها مملكة عظيمة وكراسيها
أربع: نيسابور ومرو وبلخ وهراة والباقي مدن كبار لكنها ما ينتهي إلى هذه
الأربع. وبلدة هراة بناها الإسكندر ذو القرنين عند مسيرة إلى المشرق انتهى.
ولشيخنا البهائي قصيدة في وصف هراة فمنها قوله:
إن الهراة بلدة لطيفة * بديعة شائعة شريفة
أنيقة أنيسة بديعة * رشيقة نفيسة منيعة
خندقها متصل بالماء * وسورها سام إلى السماء
ذات فضاء يشرح الصدورا * ويورث النشاط والسرورا
حوت من المحاسن الجليلة * والصور البديعة الجميلة
ما ليس في بقية الأمصار * ولم يكن في سائر الأعصار
لست ترى في أهلها سقيما * طوبى لمن كان بها مقيما
ما مثلها في الماء والهواء * كلا ولا الثمار والنساء
كذلك الباغات والمدارس * فما لها في هذه مجانس
هواؤها من الوباء جنة * كأنها من نفحات الجنة
لو قيل إن الماء في الهراة * يعدك ماء النيل والفرات
لم يك ذاك القول بالبعيد * فكم على ذلك من شهيد
102

ثمارها في غاية اللطافة * لا ضرر فيها ولا مخافة
عديمة القشور عند الحس * تكاد ان تذوب حال المس
يطرحها البقال فوق الحصر * حتى إذا ما جاء وقت العصر
وقد بقى شئ من التمار * يطرحه في معلف الحمار
ثم ذكر العنب وأصنافه فمما قال فيه:
أصنافه كثيرة في العد * ليس بها من حسنها من حد
فمنه فخري وطائفي * وكشمشي ثم صاحبي
وغيرها من سائر الأقسام * فوق الثمانين بلا كلام
يا حبذا أيامنا اللواتي * مضت لنا إذ نحن في الهراة
واها على العود إليها واها * فما يطيب العيش في سواها
(أبو الصمصام)
السيد عماد الدين ذو الفقار بن محمد بن معبد بن الحسن بن أبي جعفر الملقب
بحميدان أمير اليمامة ابن إسماعيل قتيل القرامطة بن يوسف بن محمد بن يوسف بن
الأخيصر بن موسى الجون بن عبد الله المحض بن الحسن المثنى بن السبط الزكي
الحسن بن علي بن أبي طالب " ع " قال السيد علي خان في وصفه: حسام المجد
القاطع وقمر الفضل الساطع والامام الذي عرف فضله الاسلام وأوجبت حقه العلماء
الاعلام ونطقت بمدحه أفواه المحابر والسن الأقلام وسعى جهده في بث أحاديث
أجداده الكرام عليهم السلام قلما خلت اجازة من روايته لسعة علمه ودرايته والثقة
بورعه وديانته، كان فقيها عالما متكلما وكان ضريرا، وفي المنتخب عالم دين يروي
عن السيد الاجل السيد المرتضى أبى القاسم علي بن الحسين الموسوي والشيخ الموفق
أبى جعفر محمد بن الحسن قدس الله روحهما وقد صادفته وكان ابن مائة سنة وخمس
وعشر سنة، ووصفه صاحب عمدة الطالب بقوله الفقيه العالم المتكلم الضرير الخ.
وهذا السيد الجليل يروي عن جماعة غير الشيخ الطوسي والسيد المرتضى
103

كالنجاشي والشيخ محمد بن علي الحلواني تلميذ السيد المرتضى وسلار بن عبد العزيز
وغيرهم رضي الله عنهم أجمعين.
(أقول) ذو الفقار بالفتح وضبطه بعض بالكسر ولكن الخطابي نسبه للعامة
هو سيف أمير المؤمنين " ع " أعطاه النبي صلى الله عليه وآله يوم أحد وفي روايات العامة انه كان
سيف سليمان بن داود " ع " أهدته بلقيس مع ستة أسياف ثم وصل إلى العاص بن
منية، فقتل العاص يوم بدر كافرا فصار إلى النبي ثم صار إلى علي.
وروى العلامة المجلسي في البحار عن مناقب ابن شهرآشوب عن ابن عباس
في قوله تعالى (وأنزلنا الحديد) قال انزل الله آدم من الجنة معه ذو الفقار خلق
من ورق آس الجنة ثم قال فيه بأس شديد فكان به يحارب آدم أعداءه من الجن
والشياطين إلى أن قال وقد روى كافة أصحابنا ان المراد بهذه الآية ذو الفقار انزل
من السماء على النبي فأعطاه عليا، وسئل الرضا " ع " من أين هو؟ فقال هبط به
جبرائيل من السماء وكان حلية من فضة وهو عندي، ثم ذكر الأقوال فيه وفي
وجه تسميته بذي الفقار وان طوله كان سبعة أشبار وعرضه شبر في وسطه كالفقار
وانه نظر رسول الله صلى الله عليه وآله إلى جبرائيل بين السماء والأرض على كرسي من ذهب
وهو يقول (لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى إلا علي). سئل الصادق " ع " لم سمي
ذو الفقار؟ فقال لأنه ما ضربه به أمير المؤمنين " ع " أحدا إلا افتقره في الدنيا من
الحياة وفي الآخرة من الجنة. قال ابن أبي الحديد سألت شيخي عبد الوهاب بن
سكينة عن خبر: (لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتي إلا على) فقال خبر صحيح
فقلت له فما بال الصحاح لم تشمل عليه قال وكلما كان صحيحا تشمل عليه كتب
الصحاح كم قد أهمل جامعو الصحاح من الأخبار الصحيحة انتهى.
والصمصام السيف لا ينثني كالصمصامة، وسيف عمرو بن معد يكرب
الزبيدي وهو سيف مشهور، نقل شيخنا البهائي عن الصفدي انه قال: حكي ان
عمر بن الخطاب سأل عمرو بن معد يكرب ان يريه سيف المشهور بالصمصامة،
104

فأحضره عمرو له فانتضاه عمر وضرب به فما حال فطرحه من يده وقال ما هذا إذا
سل بشئ فقال له عمرو يا أمير المؤمنين أنت طلبت منى السيف ولم تطلب منى الساعد
الذي يضرب فعاتبه وقيل إنه ضربه انتهى.
حكي ان السيف المذكور صار إلى موسى الهادي لان عمرو صاحبه قد وهبه
لسعيد بن العاص الأموي فتوارثه ولده إلى أن مات المهدى فاشتراه موسى الهادي
منهم بمال جليل، فحكي ان جرد الصمصامة وجعلها بين يديه وأذن للشعراء فدخلوا
عليه ودعا بمكتل فيه بدرة وقال قولوا في هذا السيف فبدر ابن يامين البصري
وأنشد يقول:
حاز صمصامة الزبيدي من * بين جميع الأنام موسى الأمين
سيف عمرو وكان فيما سمعنا * خير ما أغمدت عليه الجفون
اخضر اللون بين حديه برد * من ذباح (1) تميس فيه المنون
أو قدت فوقه الصواعق نارا * ثم شابت فيه الذعاف القيون (2)
فإذا ما سللته بهر الشمس * ضياء فلم تكد تستبين
ما يبالي من انتضاه لضرب * أشمال سطت به أم يمين
وكان الفرند والجوهر الجار * ي في صفحتيه ماء معين
نعم مخراق (3) ذي الحفيظة في * الهيجاء يعصى (4) به ونعم القرين
فقال الهادي أصبت والله ما في نفسي واستخفه السرور فامر له بالمكتل
والسيف فلما خرج من عنده قال للشعراء انما حرمتم من أجلي فشأنكم والمكتل ففي
السيف غناي فاشترى منه السيف بمال جزيل، وحكي انه اشتراه الهادي منه بخمسين

(1) ذباح نبت قاتل لسميته.
(2) اي الحدادون.
(3) اي صاحب حروب.
(4) اي يضرب بالسيف من عصى بكسر الصاد.
105

ألفا، ثم اعلم أن ما ذكره ابن خلكان في أحوال يزيد بن مزيد بن زائدة بن أخي
مص بن زائدة الشيباني من أن ذا الفقار كان مع محمد بن عبد الله بن الحسن بن
الحسن بن علي بن أبي طالب فلما أحس بالموت دفع إلى تاجر كان له عليه أربعمائة
دينار فوصل منه إلى بني العباس حتى وصل إلى الرشيد فأعطاه يزيد بن مزيد لما
جهزه إلى حرب الوليد بن طريف فاخذه ومضى وكان من هزيمة الوليد وقتله ما قد
شرح وفي ذلك يقول الشاعر في مدح يزيد:
أذكرت سيف رسول الله سنته * وبأس أول من صلى ومن صاما
فهو بمعزل من الصحة لان ذا الفقار كان مذخورا ومصونا مع أمثاله من ذخائر
النبوة والإمامة.
(أبو الضحاك الشيباني)
شبيب بن يزيد بن نعيم الخارجي الذي خرج على عبد الملك بن مروان
سنة 77 وكانت للحجاج معه حروب وولى الحجاج عنه بعد قتل ذريع كان في
أصحابه فدخل الكوفة وتحصن في دار الامارة، ودخل شبيب وأمه وزوجته غزالة
الكوفة عند الصباح، وقد كانت غزالة نذرت ان تدخل مسجد الكوفة فتصلي فيه
ركعتين، تقرأ فيهما سورة البقرة وآل عمران فاتوا الجامع في سبعين رجلا فصلوا
به الغداة وخرجت غزالة مما كانت أوجبته على نفسها، وكانت غزالة من الشجاعة
والفروسية بالموضع العظيم وكانت تقاتل في الحروب بنفسها وقد كان الحجاج هرب
في بعض الوقائع مع شبيب من غزالة فعيره بعض الناس بقوله:
أسد علي وفي الحروب نعامة * فتخاء تنفر من صفير الصافر
هلا برزت إلى غزالة في الوغى * بل كان قلبك في جناحي طائر
وكتب الحجاج إلى المهلب يستبطؤه في حرب الأزارقة وينسبه إلى الجبن فأجابه:
من جبن عن الرجال أعذر ممن جبن عن النساء. يعرض له بأمر غزالة، وكانت
106

أم شبيب جهيزة أيضا شجاعة تشهد الحروب وكان شبيب قد ادعى الخلافة، ولما
عجز الحجاج عن شبيب بعث إليه عبد الملك من الشام عساكر كثيرة عليها سفيان
ابن الأبرد الكلبي فقدم على الحجاج بالكوفة فخرجوا إلى شبيب فحاربوه، فانهزم
شبيب وقتلت عزالة وأمه، ومضى شبيب في فوارس من أصحابه واتبعه سفيان
فلحقه بالأهواز فولى شبيب، فلما حصل على جسر دجيل نفر به فرسه وعليه
الحديد الثقيل من درع ومغفر فألقاه في الماء، فألقاه دجيل ميتا بشطه فحمل على
البريد إلى الحجاج فأمر الحجاج بشق بطنه واستخراج قلبه فاستخرج فإذا هو
كالحجر إذا ضربت به الأرض نبا عنها، فشق فإذا في داخله قلب صغير كالكرة
فشق فأصيب علقة الدم في داخله. نقلت ذلك من مروج الذهب.
(أبو ضمضم)
هو الذي روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله انه قال: أيعجز أحدكم ان يكون
كأبي ضمضم؟ قالوا يا رسول الله وما أبو ضمضم؟ قال رجل كان ممن قبلكم كان
إذا أصبح يقول: اللهم إني أتصدق بعرضي على الناس عامة. اعلم أنه قد صرح
الفقهاء بأن من أباح قذف نفسه لم يسقط حقه من حده. وما روي
عن النبي صلى الله عليه وآله: أيعجز أحدكم ان يكون كأبي ضمضم الخ. معناه انى لا اطلب
مظلمة في يوم القيامة ولا أخاصم عليها لا أن غيبته صارت بذلك حلالا انتهى.
(أبو طالب)
ابن عبد الله بن علي بن عطاء الله الزاهدي الجيلاني الأصبهاني كان أصله
ومولده ومنشأه لاهجان من بلاد الديلم، قرأ العلوم العربية والسطوح فيها على
المولى حسن اللاهجي شيخ الاسلام حتى بلغ من العمر العشرين فرحل إلى
أصبهان واستوطنها واخذ في تحصيل العلوم على علمائها وكانت يومئذ محط رحال
الأفاضل وهو عصر المجلسيين فقرأ الرياضي على المولى رفيع اليزدي وسائر العلوم
107

على أفاضل عصره حتى وصل إلى مراتب عالية في العلم، وكانت خزانة كتبه تزيد
على خمسة آلاف كتاب لا يوجد فيها كتاب ليس عليه تصحيحه من أوله إلى
آخره وله على كثير منها حواش وتعليقات وكتب بخط يده سبعين كتابا وكان
حسن الخط منها تفسير البيضاوي والقاموس وشرح اللمعة وتمام التهذيب في
الحديث وأمثال ذلك كان يكتب في اليوم والليلة الف بيت، والبيت خمسون حرفا،
ترجمه ابنه الشيخ محمد علي الشهير بحزين، كذا في أعيان الشيعة، وذكر انه توفي
بأصبهان سنة 1127 وقد بلغ سنه 69 وتوفي ابنه الشيخ محمد علي سنة 1181.
(أبو طالب)
ابن عبد المطلب الحسيني الهمداني النجفي كان سيدا جليلا عالما فاضلا بارعا
في الفقه والأصول من تلامذة صاحب الجواهر، له مصنفات منها المواهب العلوية في
شرح الاحكام النبوية شرح على الشرائع خرج منه كتاب الطهارة ترجمة نجاة
العباد بالفارسية وغير ذلك توفي بالنجف الأشرف سنة 1266 قبل وفاة أستاذه
صاحب الجواهر بستة أشهر.
(أبو طالب)
ابن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف والد مولانا أمير المؤمنين " ع " قيل
اسمه عبد مناف وقيل عمران وقيل اسمه كنيته والأول أظهر لقول والده:
أوصيك يا عبد مناف بعدي * بموحد بعد أبيه فرد
ولقوله:
وصيت من كنيته بطالب * عبد مناف وهو ذو تجارب
يا ابن الحبيب الأكرم الأقارب * يا ابن الذي قد غاب غير آيب
كان أبو طالب رضي الله عنه سيد البطحاء وشيخ قريش ورئيس مكة، وكان
رحمه الله شيخا جسيما وسيما، عليه بهاء الملوك ووقار الحكماء قيل لأكثم بن صيفي
108

حكيم العرب، ممن تعلمت الحكمة والرياسة والحلم والسيادة؟ قال: من حليف الحلم
والأدب سيد العجم والعرب أبى طالب بن عبد المطلب.
حكى المسعودي في مروج الذهب ما جرى بين معاوية وبين عبد الله بن
الكوا وصعصعة من الكلام الخشن وأنهما أغضبا معاوية، قال فقال في جوابهما لولا
انى ارجع إلى قول أبى طالب حيث يقول:
قابلت جهلهم حلما ومغفرة * والعفو عن قدرة ضرب من الكرم
لقتلتكم. وفي روايات كثيرة انه كان يكتم ايمانه مخافة على بني هاشم وان مثله
مثل أصحاب الكهف، وانه كان مستودعا للوصايا فدفعها إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وان
نوره يوم القيامة يطفئ أنوار الخلائق إلا خمسة أنوار، وانه لو وضع ايمانه في
كفة ميزان وايمان هذا الخلق في كفة ميزان لرجح ايمانه على ايمانهم، وكان
أمير المؤمنين " ع " يعجبه ان يروى شعر أبى طالب وان يدون. وقال " ع ":
تعلموه وعلموه أولادكم فإنه كان على دين الله وفيه علم كثير.
(أقول) وما ورد في نصرة أبي طالب لرسول الله وذبه عنه فهو أكثر من أن
يذكر، ولقد أجاد ابن أبي الحديد في قوله:
ولولا أبو طالب وابنه * لما مثل الدين شخص فقاما
فذاك بمكة آوى وحامى * وذاك بيثرب جس (خاض) الحماما
ولله ذا فاتحا للهدى * ولله ذا للمعالي ختاما
توفي رحمه الله في 26 رجب في آخر السنة العاشرة من مبعث النبي قال النبي
صلى الله عليه وآله: ما زالت قريش كاعة عني حتى مات أبو طالب. الكاعة جمع
كايع وهو الجبان كبايع وباعة ويروى بالتشديد يريد صلى الله عليه وآله انهم كانوا يجبنون
عن أذاه في حياه أبي طالب فلما مات اجترؤا عليه ورثاه أمير المؤمنين " ع " بقوله:
أبا طالب عصمة المستجير * وغيث المحول ونور الظلم
لقد هد فقدك أهل الحفاظ * فصلى عليك ولي النعم
109

ولقاك ربك رضوانه * فقد كنت للطهر من خير عم
قال علي بن حمزة البصري في كتابه في اشهار أبى طالب رحمه الله حدثني
أبو بشر قال: حدثني أبو بردة السلمي عن الحسن بن ما شاء الله قال حدثني أبي
قال سمعت علي بن ميثم يقول سمعت أبي يقول سمعت جدي يقول سمعت عليا
عليه السلام يقول تبع أبو طالب عبد المطلب في كل أحواله حتى خرج من الدنيا وهو
على ملته وأوصاني ان أدفنه في قبره فأخبرت رسول الله بذلك فقال اذهب فواره
وانفذ لما امرك به فغسلته وكفنته وحملته إلى الحجون ونبشت قبر عبد المطلب
فرفعت الصفيح عن لحده فإذا هو موجه إلى القبلة فحمدت الله تعالى على ذلك
ووجهت الشيخ وأطبقت الصفيح عليهما فانا وصي الأوصياء وورثت خير الأنبياء قال
ميثم والله ما عبد علي ولا عبد أحد من آبائه غير الله تعالى إلى أن توفاهم الله تعالى.
قال ابن أبي الحديد في فضل أمير المؤمنين " ع ": ما أقول في رجل أبوه
أبو طالب سيد البطحاء وشيخ قريش ورئيس مكة، وقال: وكانت قريش تسميه
الشيخ، ثم ذكر حديث عفيف الكندي لما رأى النبي صلى الله عليه وآله يصلي مع علي وخديجة
عليهم السلام فقال للعباس فما الذي تقولونه أنتم؟ قال ننتظر ما يفعل الشيخ قال يعني
أبا طالب، قال وهو الذي كفل رسول الله صغيرا وحماه وحاطه كبيرا ومنعه من
مشركي قريش ولقي لأجله عناءا عظيما وقاسى بلاءا شديدا وصبر على نصره والقيام
بأمره. وجاء في الخبر انه لما توفي أبو طالب أوحي إليه صلى الله عليه وآله وقيل له اخرج منها
أي من مكة فقد مات ناصرك.
(أقول): ولقد الفت كتب كثيرة في اثبات ايمان أبي طالب وفضله
وجلالته ونصرته للدين. قال الشيخ محمد تقي آل صادق العاملي من علماء العصر
المتصل بعصرنا في قصيدته في ايمان أبى طالب:
أبو طالب أصل المعالي ورمزها * ومبدأ عنوان العلى وانتهاؤه
توحد في جمع الفضائل والنهى * فضم جميع المكرمات رداؤه
110

أصاخ إلى الدين الحنيف ملبيا * لدعوته لما اتاه نداؤه
وباع باعزاز الشريعة نفسه * فبورك قدرا بيعه وشراؤه
(أبو طالب المكي)
محمد بن علي بن عطية العجمي ثم المكي الواعظ صاحب قوت القلوب في
معاملة المحبوب في التصوف. حكي انه كان يستعمل الرياضة كثيرا حتى قيل إنه
هجر الطعام كثيرا واقتصر على اكل الحشائش فكان طعامه لما صنف قوت القلوب
عروق البردي، قيل فاخضر جلده من كثرة تناولها قدم بغداد فوعظ الناس فخلط
في كلامه فتركوه وهجروه وامتنع عن الكلام بعد ذلك، وحفظ عليه من خلطه
قوله: العياذ بالله ليس على المخلوقين أضر من الخالق. توفي ببغداد سنة 386
أو 383.
(أبو طاهر القرمطي) انظر الجنابي
(أبو الطفيل)
عامر بن واثلة الليثي كان من خيار أصحاب علي " ع " حكي انه أدرك ثمان
سنين من حياة النبي. روى الترمذي في الشمائل المحمدية عن أبي الطفيل قال:
رأيت النبي وما بقي علي وجه الأرض أحد رآه غيري، قال سعيد قلت صفه لي
قال: كان أبيض مليحا مقصدا. قال البيجوري في شرحه: عامر بن واثلة ويقال
عمرو الليثي الكناني كان من شيعة علي ومحبيه، ولد عام الهجرة أو عام أحد ومات
سنة عشر ومائة على الصحيح وبه ختم الصحب انتهى.
ورمي بالكيسانية، ويظهر من رواية عن أبي جعفر " ع " حسن حاله
ورجوعه على فرض صحة كيسانيته، وفي نخبة المقال:
وعامر بن واثلة خصيص لي (1) * وخاتم الأصحاب قبضه علي (110)

(1) رمز لعلي
111

وهو أبو طفيل الجليل * والرمي بالتكيس العليل
وعن الاستيعاب ما ملخصه: عامر بن واثلة الليثي المكي أبو الطفيل غلبت عليه
كنيته، ولد يوم أحد وأدرك من هجرة ورسول الله ثمان سنين نزل بالكوفة وصحب
عليا كرم الله وجهه في مشاهده كلها فلما قتل علي انصرف إلى مكة فأقام بها حتى
مات سنة مائة ويقال أقام بالكوفة ومات بها والأول أصح والله أعلم إلى أن قال
وكان فاضلا عالما حاضر الجواب فصيحا وكان يتشيع في علي كرم الله وجهه ويفضله
ويثني على الشيخين أبي بكر وعمر (رض) ويترحم على عثمان (رض) قيل قدم
أبو الطفيل يوما على معاوية فقال له: كيف وجدك على خليلك أبي الحسن؟ قال
كوجد أم موسى لموسى وأشكو إلى الله التقصير.
وقال له معاوية: كنت فيمن حصر عثمان؟ قال لا ولكني فيمن حضره،
قال فما منعك من نصره؟ قال وأنت ما منعك من نصره إذ تربصت له ريب المنون
وكنت في أهل الشام كلهم تابع لك فيما تريد؟ قال معاوية أو ما ترى طلبي بدمه
نصرة له؟ قال بلى ولكنك كما قال أخو بني فلان:
لألفينك بعد الموت تندبني * وفي حياتي ما زودتني زادي
انتهى. قال أبو الفرج في الأغاني ما ملخصه: أبو الطفيل كان مع
أمير المؤمنين علي بن أبي طالب " ع " وروى عنه أيضا وكان من وجوه الشيعة وله
منه محل خاص يستغنى بشهرته عن ذكره ثم خرج طالبا بدم الحسين " ع " مع المختار
ابن أبي عبيدة وكان معه حتى قتل وأفلت هو وعمر بعد ذلك، وقال لما رجع محمد
ابن الحنفية من الشام حبسه ابن الزبير في سجن عارم فخرج إليه جيش من الكوفة
عليهم أبو الطفيل عامر بن واثلة حتى أتوا سجن عارم فكسروه وأخرجوه
فكتب ابن الزبير إلى أخيه مصعب ان يسير نساء كل من خرج لذلك فاخرج مصعب
نساءهم واخرج فيه أم الطفيل امرأة أبى الطفيل وابنا صغيرا يقال له يحيى فقال
أبو الطفيل في ذلك أبياتا (إن يك سيرها مصعب.. الخ) وروي ان أبا الطفيل
112

دعي إلى وليمة فغنت قينة عندهم:
خلى علي الطفيل الهم والشعبا * وهد ذلك ركني هدة عجبا
وابني سمية لا أنساهما ابدا * فيمن نسيت وكل كان لي وصبا
فجعل ينشج ويقول هاه هاه طفيل ويبكي، حتى سقط على وجهه ميتا انتهى.
(أبو طلحة الأنصاري)
زيد بن سهل وقد ذكر اسمه في قوله:
انا أبو طلحة واسمي زيد * في كل يوم في سلاحي صيد
كان أحد النقباء شهد العقبة وبدرا وأحدا والخندق والمشاهد كلها مع
رسول الله صلى الله عليه وآله توفي بالمدينة سنة اثنين وثلاثين أو أربع وثلاثين وكان زوج
أم سليم أم انس بن مالك وكان من الرماة. عن انس قال كان أبو طلحة لا يصوم
على عهد رسول الله من اجل الغزو فلما قبض النبي لم أره مفطرا إلا يوم الفطر
والأضحى، وكان رسول الله صلى الله عليه وآله يقول صوت أبي طلحة في الجيش خير من فئة.
(أقول) وكان من سعادته ان وفق بأن حفر لرسول الله لحدا كما قال الشيخ
المفيد في الارشاد. وابنه عبد الله بن أبي طلحة كان من أصحاب أمير المؤمنين " ع "
وهو الذي دعا له رسول الله يوم حملت به أمه، وشرح ذلك ما نقل عن القاضي
نعمان المصري في شرح الاخبار قال: ان أبا طلحة هذا كان قد خلف على أم انس
ابن مالك بعد أبيه مالك وكانت أم انس من أفضل نساء الأنصار لما قدم رسول الله
المدينة مهاجرا أهدى إليه المسلمون على مقاديرهم فاتت إليه أم انس بأنس فقالت
يا رسول الله أهدى إليك الناس على مقاديرهم ولم أجد ما أهدي إليك غير ابني هذا
فخذه إليك يخدمك بين يديك فكان انس يخدم النبي، وكان من أبي طلحة غلام
قد ولدته منه وكان أبو طلحة من خيار الأنصار وكان يصوم النهار ويقوم الليل
ويعمل سائر نهاره في ضيعة له فمرض الغلام وكان أبو طلحة إذا جاء من الليل نظر
113

إليه وافتقده فمات الغلام يوما من ذلك ولم يعلم أبو طلحة بموته وعمدت أمه فسحبته
في ناحية من البيت وجاء أبو طلحة فذهب لينظر إليه فقالت له أمه دعه فإنه قد هدأ
واستراح وكتمته امره فسر أبو طلحة بذلك وآوى إلى فراشه وآوت وأصاب منها
فلما أصبح قالت يا أبا طلحة أرأيت قوما أعارهم بعض جيرانهم عارية فاستمتعوا بها
مدة ثم استرجع العارية أهلها فجعل الذين كانت عندهم يبكون عليها لاسترجاع
أهلها إياها من عندهم ما حالهم قال مجانين قالت فلا نكون نحن من المجانين ان ابنك
هلك فتعز عنه بعزاء الله وسلم إليه وخذ في جهازه.
فأتى أبو طلحة النبي فأخبره الخبر فتعجب النبي من أمرها ودعا لها وقال: اللهم
بارك لهما في ليلتهما فحملت من تلك الليلة من أبي طلحة بعبد الله هذا فلما وضعته
لفته في خرقة وأرسلت به مع ابنها انس إلى النبي فحنكه ودعا له وكان من أفضل
أبناء الأنصار.
(أقول) روي عن دعوات الراوندي: انه جاء رجل من موالي أبي عبد الله
عليه السلام إليه فنظر فقال مالي أراك حزينا فقال كان لي ابن قرة عين فمات
فتمثل عليه السلام:
عطيته إذا أعطى سرور * وإن اخذ الذي أعطى أثابا
فأي النعمتين أعم شكرا * وأجزل في عواقبها ايابا
أنعمته التي أبدت سرورا * أو الأخرى التي ادخرت ثوابا
(أبو طيبة)
بفتح الطاء وسكون المثناة التحتانية ثم الباء الموحدة المفتوحة من الصحابة
واسمه نافع مولى محيصة بن مسعود الأنصاري وكان حجاما، روي أنه احتجم
وسط رأس رسول الله صلى الله عليه وآله بمحجمة من صفر وأعطاه رسول الله صاعا من تمر.
(أبو العاص)
ابن الربيع القرشي اسمه لقيط أو مهشم أو هشيم زوج زينب بنت النبي صلى الله عليه وآله
114

أمه هالة بنت خويلد أخت خديجة رضي الله عنها، وكان من أكثر رجال مكة مالا
وامامه وتجارة والخبر في حسن مصاهرته في أيام الشعب مشهور، وقصة أسره
ببدر وفدائه في الكتب مسطور، توفي سنة 12 (يب) وأوصى إلى الزبير. وتزوج
علي ابنة امامة بنت زينب بعد وفاة فاطمة صلوات الله عليها بوصية منها معللة بأنها
تكون لولدها مثلها، وقد زوجها منه " ع " الزبير لان أباها قد أوصاه بها.
حكي انه لما جرح أمير المؤمنين " ع " خاف ان يتزوجها معاوية فامر المغيرة
ابن نوفل بن الحرث بن عبد المطلب ان يتزوجها بعده فلما توفي أمير المؤمنين
وقضت العدة تزوجها المغيرة فولدت له يحيى وبه كان يكنى فهلكت عند المغيرة.
روى الطبرسي في غزوة الطائف انه انفذ رسول الله عليا في خيل عند
محاصرته أهل الطائف وامر ان يكسر كل صنم وجده فخرج فلقيه جمع كثير من
خثعم فبرز له رجل من القوم وقال هل من مبارز فلم يقم أحد فقام إليه علي " ع "
فوثب أبو العاص بن الربيع زوج زينب بنت النبي فقال تكفاه أيها الأمير فقال لا
ولكن ان قتلت فأنت على الناس فبرز إليه علي وهو يقول:
إن على كل رئيس حقا * ان يروي الصعدة أو شرقا
ثم ضربه فقتله ومضى حتى كسر الأصنام وانصرف إلى رسول الله انتهى.
وليعلم ان قول النبي: إذا بلغ بنو أبي العاص ثلاثين رجلا اتخذوا دين الله
دخلا وعباد الله خولا ومال الله دولا. المراد بأبي العاص أبو العاص بن أمية بن
عبد مناف، وبنوه مروان بن الحكم بن أبي العاص وآله.
(أبو العباس ثعلب) انظر ثعلب
(أبو العباس المستغفري) انظر المستغفري
(أبو العباس النامي) انظر النامي
(أبو عبد الرحمن السلمي)
عبد الله بن حبيب أحد اعلام التابعين وثقاتهم صحب أمير المؤمنين وسمع
115

منه، وعده البرقي من خواصه من مضر. وكان عاصم أحد القراء السبع قرأ على
أبى عبد الرحمن السلمي. وقال أبو عبد الرحمن: قرأت القرآن كله على علي بن
أبي طالب " ع ". فقال أفصح القراءات قراءة عاصم لأنه اتى بالأصل. وقد يطلق
على محمد بن حسين بن محمد بن موسى النيسابوري، أحد أرباب الطريقة المحدث
العارف الصوفي سمع الأصم وصنف التصانيف.
وروي عنه كلمات في الحكمة والعرفان، فمما حكي عنه قال سمعت أبا علي
الشبوي قال رأيت النبي صلى الله عليه وآله في المنام فقلت له روي عنك انك قلت (شيبتني هود)
فما الذي شيبك منها قصص الأنبياء وهلاك الأمم؟ فقال لا ولكن قوله تعالى
(فاستقم كما أمرت) قال بعض أهل التحقيق من رجال الطريق: الاستقامة
لا يطيقها إلا الأكابر لأنها الخروج عن المعهودات ومفارقة الرسوم والعادات
والقيام بين يدي الله تعالى على حقيقة الصدق توفي سنة 412 (تيب).
(أبو عبد الله الجدلي)
كان صاحب راية المختار بن أبي عبيدة، ذكر حديثه في صحيحي الترمذي
وأبى داود، وذكره ابن سعد في طبقاته فقال: كان شديد التشيع ويزعمون انه
كان على شرطة المختار فوجهه إلى عبد الله بن الزبير في ثمانمائة ليوقع بهم ويمنع
محمد بن الحنفية مما أراد به ابن الزبير انتهى.
حيث كان ابن الزبير حصر ابن الحنفية وبني هاشم وأحاطهم بالحطب
ليحرقهم إذ كانوا قد امتنعوا عن بيعته، لكن أبا عبد الله الجدلي أنقذهم من هذا
الخطر، جوزي عن أهل البيت خيرا.
(أبو عبد الله النديم)
أحمد بن إبراهيم بن إسماعيل بن داود بن حمدون الكاتب النديم الامامي
في (ضا) قال ياقوت ذكره أبو جعفر العلوي في مصنفي الامامية وقال: هو شيخ
116

أهل اللغة ووجههم وأستاذ أبى العباس ثعلب قرأ عليه، إلى أن قال: وكان خصيصا
بالمتوكل ونديما له، وذكره الشيخ في (ست) ووصفه بما ذكره العلوي، إلى أن قال:
وكان خصيصا بأبي محمد الحسن بن علي وأبى الحسن " ع " قبله وله معه مسائل
واخبار، وله كتب منها كتاب أسماء الجبال والمياه والأودية، وذكره في (جخ)
فيمن روى عنهما " ع " انتهى ملخصا.
حكي ان المتوكل نفاه إلى تكريت ثم أرسل إليه زرافة حاجبه ليلا على البريد
فأمره بقطع اذنه فقطع خضروف اذنه من خارج وجعله في كافور وانصرف به،
وبقي مدة منفيا ثم أعاده المتوكل إلى خدمته ووهب له جارية اسمها صاحب، فلما
مات تزوجت بعض العلويين، فرآه علي بن يحيى المنجم في النوم وهو يقول:
أيا علي ما ترى العجائبا * أصبح جسمي في التراب غائبا
واستبدلت صاحب بعدي صاحبا
وحكي ان الواثق اقطعه اقطاعا بالأهواز وأخرجه إليها قال خرجت إليها وزاد
بي الدم، فقلت التمسوا حجاما نظيفا حاذقا وتقدموا إليه بقلة الكلام فأتوني بشيخ
على غاية النظافة فلما اخذ في اصلاح وجهي قلت اترك في هذا الموضع واحذف في
هذا وافعل كذا وكذا وأطلت الكلام وهو ساكت فلما أراد الحجامة قلت اشرط
في الجانب الأيمن اثنتي عشرة شرطة وفي الأيسر أربع عشرة مرة فان الدم في
الجانب الأيمن أقل منه في الأيسر، لان الكبد في الأيمن والحرارة في الأيسر أوفر
والدم أغزر فإذا زدت في شرط الأيسر اعتدل خروج الدم من الجانبين ففعل
وأمرت ان يدفع له دينار فرده فقلت استقله اعطه دينارا آخر فرده أيضا فقلت
قبحك الله أنت حجام سواد وأكثرهم يدفع لك نصف درهم وأنت تستقل دينارين
قال وحقك ما رددتها استقلالا ونحن أهل صناعة واحدة وأنت أحذق، وما كان
الله ليراني وانا آخذ من أهل صنعتي أجرة فأخجلني، ولم يأخذ شيئا، فلما كان
في العام القابل احتجت إلى اخراج الدم فأتى به فأصلح وجهي الاصلاح الذي كنت
117

أوقفته عليه وحجمني أحسن حجامة، فلما فرغ قلت أنت صانع سواد فمن أين لك
هذا الحذق فقال اجتاز بنا حجام الخليفة في العام الماضي فتعلمت منه، وما كنت
أحسن من هذا شيئا فضحكت منه وأمرت له بثلاثين دينارا انتهى ملخصا
من عين.
(أبو عبيد)
القاسم بن سلام كظلام كان أبوه عبدا روميا من أهل هراة وكان أبو عبيد
من المشاهير في اللغة والحديث والأدب والغريب والفقه وصحة الرواية وسعة العلم،
وكان كما قال السيوطي امام أهل عصره في كل فن من العلم، له من التصانيف غريب
القرآن وغريب الحديث إلى غير ذلك، ولي القضاء بطرطوس ثمان عشرة سنة.
روي عن أبي زيد الأنصاري والأصمعي وأبى عبيدة وابن الاعرابي
والكسائي والفراء وغيرهم. يقال انه أول من صنف في غريب الحديث. وكان
منقطعا إلى عبد الله بن طاهر ذي اليمينين، ويأتي في أبو عبيدة ما يتعلق بذلك
توفي بمكة بعد فراغه من الحج سنة 223 أو 224.
(أبو عبيدة) معمر كجعفر بن مثنى كمعمى البصري النحوي اللغوي، كان متبحرا في علم
اللغة وأيام العرب واخبارها، ويحكي انه يقول: ما التقى فرسان في جاهلية واسلام
إلا عرفتهما وعرفت فارسهما. اخذ عن يونس بن حبيب النحوي وشيخه
أبي عمرو الاعلاء. وهو أول من صنف غريب الحديث، وكان أبو نؤاس الشاعر
يتعلم منه ويصفه ويذم الأصمعي، سئل عن الأصمعي فقال: بلبل في قفص، وعن أبي
عبيدة فقال: أديم طوي على علم.
وقال بعضهم كان الطلبة إذا أتوا مجلس الأصمعي اشتروا البعر في سوق الدر
وإذا أتى مجلس أبى عبيدة اشتروا الدر في سوق البعر، لان الأصمعي كان حسن
118

الانشاد والزخرفة قليل الفائدة، وأبو عبيدة بضد ذلك.
قال شيخنا الشهيد الثاني في شرح الدراية عند ذكره لغريب الحديث ما هذا
قوله: وقد صنف فيه جماعة من العلماء قيل أول من صنف فيه النضر بن شميل،
وقيل أبو عبيدة معمر بن المثنى وبعدهما أبو عبيد القسم بن سلام وابن قتيبة ثم
الخطابي فهذه أمهاته ثم تبعهم غيرهم بزوائد وفوائد كأبن الأثير فإنه بلغ بنهايته
النهاية. ثم الزمخشري ففاق في الفائق كل غاية والهروي فزاد في غريبه غريب
القرآن مع الحديث انتهى.
توفي سنة 209، وفي مروج الذهب: وفي سنة 211 مات أبو عبيدة
العمري معمر بن المثنى كان يرى رأي الخوارج وبلغ نحوا من مائة سنة ولم يحضر
جنازته أحد من الناس بالمصلى حتى اكترى لها من يحملها ولم يكن يسلم عليه شريف
ولا وضيع إلا تكلم فيه وله مصنفات حسان في أيام العرب وغيرها منها كتاب
المثالب.. الخ.
وحكي عن أبي عبيدة قال أرسل إلي الفضل بن الربيع إلى البصرة في الخروج
إليه فقدمت عليه، وكنت أخبر بخبره فأذن لي فدخلت عليه (اي ببغداد) وهو
في مجلس طويل عريض فيه بساط واحد قد ملأه وفي صدره فراش عالية لا يرتقى
عليها إلا بكرسي وهو جالس على الفراش فسلمت عليه بالوزارة فرد وضحك إلي
واستدناني حتى جلست معه على فراشه ثم سألني وبسطني وتلطف بي وقال
أنشدني فأنشدته من عيون الاشعار التي احفظها جاهلية، فقال لي قد عرفت أكثر
هذا وأريد من ملح الشعر، فأنشدته فطرب وضحك وزاد نشاطا ثم دخل رجل
في زي الكتاب وله هيئة حسنة فأجلسه إلى جانبي، وقال له أتعرف هذا؟ فقالا لا،
فقال هذا أبو عبيدة علامة أهل البصرة أقدمناه لنستفيد من علمه فدعا له الرجل
وقرضه لفعله هذا، ثم التفت إلي وقال: كنت إليك مشتاقا وقد سئلت عن مسألة
أفتأذن لي ان أعرفك؟ قلت هات، فقال قال الله عز وجل: (طلعها كأنه رؤوس
119

الشياطين) وانما يقع الوعد والابعاد بما قد عرف مثله وهذا لم يعرف، قال فقلت
انما كلم الله العرب على قدر كلامهم اما سمعت قول امرئ القيس:
أيقتلني والمشرفي مضاجعي * ومسنونة زرق كأنياب أغوال
وهم لم يروا الغول قط، ولما كان أمر الغول يهولهم أوعدوا به فاستحسن الفضل
ذلك واستحسنه السائل وأزمعت عند ذلك اليوم ان أضع كتابا في القرآن لمثل هذا
وأشباهه ولما يحتاج إليه من علمه ولما رجعت إلى البصرة عملت كتابا في الذي
أزمعت سميته المجاز، وسألت عن الرجل فقيل لي هو من كتاب الوزير وجلسائه.
(أبو عبيدة بن الجراح)
قال ابن قتيبة في المعارف هو أبو عبيدة بن عبد الله بن الجراح نسب إلى
جده، واسمه عامر وهو من بني الحارث بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة،
قال أبو بكر يوم سقيفة بني ساعدة: رضيت لكم أحد صاحبي أبا عبيدة أو عمر،
اما أبو عبيدة فسمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: لكل أمة امين وأبو عبيدة امين هذه
الأمة، واما عمر فسمعته يقول: اللهم أيد الدين بعمر بن الخطاب أو بأبي جهل.
ومات أبو عبيدة بالشام في طاعون عمواس ولا عقب له. قال الواقدي: وكان
رجلا نحيفا معروق الوجه خفيف اللحية طويلا أخبأ أثرم الثنيتين وكان يخضب
بالحناء والكتم، قال غيره: سبب ثرمه انه كان انتزع نصالا من جبهة رسول الله
صلى الله عليه وآله يوم أحد بثنيتيه فسقطتا فما رؤي اهتم، كان أحسن من ثني أبي عبيدة
والأهتم هو الأثرم انتهى.
(أبو عبيدة الحذاء)
زياد بن عيسى الكوفي ثقة، روى عن أبي جعفر وأبى عبد الله " ع " ومات
في حياة الصادق بالمدينة، روي عن الصادق " ع " قال من مات بين الحرمين بعثه
تعالى في الآمنين يوم القيامة. اما ان عبد الرحمن بن الحجاج وأبا عبيدة منهم،
120

وروي انه جاءت امرأته إلى أبي عبد الله " ع " بعد موته قالت انما أبكي انه مات
وهو غريب، قال ليس هو بغريب ان أبا عبيدة منا أهل البيت (كش).
روي عن الأرقط عن أبي عبد الله " ع " قال لما دفن أبو عبيدة الحذاء قال
انطلق بنا نصلي على أبى عبيدة قال فانطلقنا فلما انتهينا إلى قبره لم يزد على أن دعا
له، فقال: اللهم برد على أبي عبيدة، اللهم نور له قبره، اللهم الحقه بنبيه ولم يصل
عليه، فقلت هل على الميت صلاة بعد الدفن؟ قال لا انما هو الدعاء له. وعن العقيقي
انه كان حسن المنزلة عند آل محمد عليهم السلام وكان زامل أبا جعفر عليه السلام
إلى مكة انتهى.
(أبو العتاهية)
بالتخفيف أبو إسحاق إسماعيل بن القسم بن سويد العيني، كان فريد زمانه
ووحيد أوانه في طلاقة الطبع ورشاقة النظم وخصوصا في الزهديات ومذمة الدنيا.
وهو من المتقدمين في طبقة بشار وأبي نؤاس وشعره كثير وقد ولد في سنة 130
(قل) بعين التمر وهي بليدة بالحجاز في قرب المدينة الطيبة وقيل إنها من اعمال سقي
الفرات قرب الأنبار، ونشأ بالكوفة وسكن بغداد، وكان يبيع الجرار، واشتهر
بمحبته عتبة جارية المهدي العباسي وله في ذلك حكايات واشعار كثيرة، وكان
الشعر عنده سهلا جدا، حتى يحكى انه قال يوما لو شئت ان اجعل كلامي كله شعرا
لقلت، وكان نقش خاتمه:
سيكون الذي قضي * غضب العبد أو رضي
ومن شعره:
ألا إننا كلنا بائد * وأي بني آدم خالد
وبدؤوهم كان من ربهم * وكل إلى ربه عائد
فيا عجبا كيف يعصى الا * له أم كيف يجحده الجاحد
121

وفي كل شئ له آية * تدل على أنه واحد
ومن شعره الذي أنشده الرضا عليه السلام قوله:
كلنا نأمل مدا في الاجل * والمنايا هن أفات الامل
لا تغرنك أباطيل المنى * والزم القصد ودع عنك العلل
انما الدنيا كظل زائل * حل فيها راكب ثم رحل
وله أيضا:
إذا المرء لم يعتق من المال نفسه * تملكه المال الذي هو مالكه
الا انما مالي الذي انا منفق * وليس لي المال الذي انا تاركه
إذا كنت ذا مال فبادر به الذي * يحق وإلا استهلكته مهالكه
وذكروا له أرجوزة حكمية سماها ذات الأمثال في بضعة آلاف بيت منها قوله:
حسبك مما تبتغيه القوت * ما أكثر القوت لمن يموت
الفقر فيما جاوز الكفافا * من اتق الله رجا وخافا
ما انتفع المرء بمثل عقله * وخير ذخر المرء حسن فعله
ان الشباب والفراغ والجدة * مفسدة للمرء اي مفسدة
ما تطلع الشمس ولا تغيب * إلا لأمر شأنه عجيب
وهي طويلة جدا حكي انه أنشد عند الجاحظ هذه الأرجوزة حتى اتى
على قوله:
يا للشباب المرح التصابي * روائح الجنة في الشباب
قال الجاحظ للمنشد قف ثم قال انظروا إلى قوله: روائح الجنة في الشباب،
فان له معنى كمعنى الطرب الذي لا يقدر على معرفته إلا القلوب وتعجز عن ترجمته
الألسنة إلا بعد التطويل وإدامة التفكير، وخير المعاني ما كان القلب إلى قبوله
أسرع من اللسان إلى وصفه حكي انه كان أبو العتاهية ترك الشعر فامر المهدي
بحبسه، فلما حبس دهش فرأى كهلا حسن البزة والوجه ينشد:
122

تعودت مس الضر حتى ألفته * وأسلمني حسن العزاء إلى الصبر
وصيرني يأسي من الناس واثقا * بحسن صنيع الله من حيث لا أدري
وكان الرجل صاحب عيسى بن زيد اسمه حاضر فطلبه المهدي وسأله عن عيسى
أين هو؟ قال ما أدري، قال لتدلن عليه أو لأضربن عنقك الساعة، قال اصنع
ما بدا لك، فوالله ما أدلك على ابن رسول الله وألقى الله ورسوله بدمه، فامر
بضرب عنقه فقتل، ثم طلب أبا العتاهية، فقال أتقول الشعر أو ألحقك به؟ قال بل
أقول، قال أطلقوه فأطلق. توفي سنة 211 (يا) ببغداد وقبره على نهر عيسى
وأوصى ان يكتب على قبره:
إن عيشا يكون آخره الموت * لعيش معجل التنغيص
(أبو عثمان الحيري)
سعيد بن إسماعيل النيسابوري العالم العارف كان من مشاهير عرفاء أهل عصره
له قصص وحكايات وكلمات توفي سنة 298 والحيري نسبة إلى حيرة
حارة بنيسابور.
(أبو عثمان المازني) انظر المازني
(أبو عصمة الخراساني) انظر الجامع
(أبو عصيدة)
أبو جعفر أحمد بن عبيد بن ناصح النحوي الكوفي الديلمي الأصل من
موالي بني هاشم في (ضا). قال صاحب البغية قال ياقوت: حدث عن الأصمعي
والواقدي وعنه القسم الأنباري وكان من أئمة العربية وأدب، ولد المتوكل المعتز فلما
أراد أبوه ان يوليه العهد حطه أبو عصيدة عن مرتبته وأخر غداءه قليلا، فلما
كان وقت الانصراف قال للخادم أحمله فضربه لغير ذنب فكتب بذلك للمتوكل
فأحضره فقال لم فعلت هذا بالمعتز؟ فقال بلغني ما عزم عليه أمير المؤمنين فحططت
123

منزلته ليعرف هذا المقدار فلا يعجل بزوال نعمة أحد، وأخرت غداءه ليعرف مقدار
الجوع إذا شكي إليه، وضربته بغير ذنب ليعرف مقدار الظلم فلا يعجل على أحد
فقال أحسنت وامر له بعشرة آلاف.
قال ابن عدي: كان أبو عصيدة يحدث بمناكير مع أنه من أهل الصدق،
وصنف عيون الاخبار والاشعار، المقصور والممدود والمذكر والمؤنث وغير ذلك
مات سنة ثمان وقيل ثلاث وسبعين ومأتين انتهى.
وكان هذ الرجل هو المعلم الشيعي الذي اذن لابن المتوكل في قتل أبيه لما
سمع منه ان أباه كان يذكر فاطمة الزهراء سلام الله عليها بسوء وسأله ان يأذن له
في ذلك فقال له ولا بأس لك بقتله بينك وبين الله بعد ما سمعت منه من سب سيدة
النساء إلا انك لا تعيش بعده أكثر من ستة أشهر، لان قتل الأب لا يعيش أكثر
من هذا، فقال الولد وانا أرضى بذلك بعد أن لم يكن مثل هذا على وجه
الأرض، فهجم عليه ليلا مع جماعة من المواطئين معه من الغلمان وقتلوه بأشنع
ما يكون انتهى.
(أبو العلاء المعرى) انظر المعرى
(أبو على الجبائي) انظر الجبائي
(أبو على الحائري)
الرجالي محمد بن إسماعيل بن عبد الجبار عالم فاضل، صاحب كتاب منتهى
المقال في الرجال، ينتهي نسبه إلى الشيخ الرئيس أبي علي بن سينا أصله من طبرستان
تولد بكربلا المشرفة سنة 1159 وكان من تلامذة الأستاذ الأكبر المحقق البهبهاني
وصاحب الرياض، وأدرك صحبة العلامة الطباطبائي بحر العلوم والعلامة الأعرجي
السيد محسن الكاظمي، وقد وضع طرز كتابه المذكور بإشارة هذا السيد المبرور
كما يظهر من مفتتح كتابه المزبور، وله أيضا كتاب نقض نواقض الروافض وهو
كتاب نفيس، توفي بكربلا سنة 1215.
124

(أبو على الدقاق) انظر الدقاق
(أبو على الرود آبادي)
أحمد بن محمد البغدادي تلميذ جنيد، كان من كبار مشايخ الصوفية وصاحب
الكلمات الشطحية، أقام بمصر ومات بها سنة 322، حكي انه سئل عمن يسمع
الملاهي ويقول هي حلال لأني قد وصلت إلى درجة لا يؤثر في اختلاف الأحوال؟
فقال نعم قد وصل ولكن إلى سقر.
(أبو علي بن سينا) انظر ابن سينا
(أبو على الفارسي) انظر الفارسي
(أبو على القالي) انظر القالي)
(أبو علي بن همام) انظر الإسكافي
(أبو علي بن الهيثم)
الملقب بطليموس الثاني كان عالما ماهرا في فنون الحكمة والرياضي وتصانيفه
أكثر من أن تحصى، وله في الأخلاق رسالة لطيفة لم يسبقه إلى وضعها أحد،
وصنف أيضا كتابا بين فيه الحيلة في اجراء النيل إلى المزارع أيام نقصانه. وقد نقل
الشيخ شمس الدين الشهرزوري في كتاب تأريخ الحكماء انه قصد قاهرة مصر ونزل
بها في خان، فلما ألقى عصاه قيل له ان صاحب مصر الملقب بالحاكم على الباب
يطلبك فخرج إليه ومعه كتابه فلما نظر الحاكم إلى الكتاب قال له أخطأت فان
مؤنة هذه الحيلة أكثر من منافع الزرع، ومضى فخاف أبو علي من نفسه وهرب
مستترا إلى الشام وأقام بها عند بعض الامراء فادر عليه رزقا كثيرا فقال له أبو علي
يكفيني من ذلك قوت يوم فيوم وجارية وخادم فان ما زاد عليها لو أمسكته كنت
خازنك ولو أنفقته كنت وكيلك ومتى اشتغلت بذين فمن يكفيني أمر العلم وقد
عرض له حين موته اسهال دموي فكان كلما يعالج ينتج بالعكس إلى أن يأس
125

من الحياة، فقال آه ضاعت الهندسة وبطلت المعالجة وعلوم الطب ولم يبق إلا تسليم
النفس إلى باريها ثم امتد بنفسه إلى القبلة وقال: إليك المرجع والمصير رب عليك
توكلت واليك أنيب.
(أبو عمر الثقفي)
عيسى بن عمر النحوي، امام في النحو والعربية والقراءة، اخذ عن
أبي عمرو بن العلا، وعنه الأصمعي وغيره. وصنف في النحو الاكمال والجامع
وفيهما يقول تلميذه الخليل:
بطل النحو جميعا كله * غير ما أحدث عيسى بن عمر
ذاك اكمال وهذا جامع * فهما للناس شمس وقمر
وكان يتقعر في كلامه، حكي انه سقط عن حمار فاجتمع عليه الناس فقال:
مالي أراكم تكأكأتم علي كما تتكأكئون على ذي جنة افرنقعوا عنى وعن
بعض المجاميع انه كان به ضيق النفس فأدركه يوما وهو في السوق فوقع ودار
الناس حوله يقولون مصروع فبين قارئ ومعوذ من الجان فلما أفاق من غشيته نظر
إلى ازدحامهم فقال هذه المقالة، فقال بعض الحاضرين ان جنيته تتكلم بالهندية،
مات سنة 149 أو 150.
(أبو عمر الزاهد) انظر المطرز
(أبو عمر الداني)
عثمان بن سعيد الأموي القرطبي الأندلسي المقري، أحد الأئمة في علم القرآن
وله معرفة بالحديث وكان حسن الخط والضبط، وله تصانيف كثيرة. والقراء
خاضعون لتصانيفه واثقون بنقله في القراءات والرسم والتجويد والوقف والابتداء
وغير ذلك. توفي سنة 444 (تمد).
(أبو عمرو بن العلاء)
المازني البصري قيل إن كنيته اسمه وقيل اسمه زبان بن العلاء، أحد
126

القراء السبعة، كان اعلم الناس بالقرآن الكريم والعربية والشعر وهو في النحو في
الطبقة الرابعة بل الثالثة لان أمير المؤمنين " ع " كان مبتكر النحو وعلمه أبا الأسود
الدئلي واخذ من أبى الأسود ولداه عطا وأبو الحارث وميمون الأقرن ويحيى بن
يعمر، واخذ منهم عبد الله بن إسحاق الحضرمي وعيسى بن عمر الثقفي وأبو عمرو
ابن العلاء المازني. وكان أبو عمرو المذكور من اشراف العرب ووجوهها مدحه
الفرزدق وغيره، وكان اعلم الناس بالقراءات والعربية وأيام العرب، وكانت دفاتره
إلى السقف ثم تنسك فأحرقها، وكان له شغف بالرواية وجمع علوم العرب وأشعارهم
وعامة اخباره عن اعراب أدركوا الجاهلية، وعنه اخذ أبو زيد الأنصاري
وأبو عبيدة والأصمعي وأكثر نحاة ذلك العصر.
وحكي عنه قال قرأت (ومالي لا أعبد الذي فطرني) فاخترت تحريك الياء
ها هنا لان السكون ضرب من الوقف فلو سكنت الياء كنت كالذي ابتدأ، وقال
(لا أعبد الذي فطرني) فاخترت تحريك الياء هربا من ضرر الوقف، وهذا من
أبي عمرو في غاية الدقة والنظر في المعاني اللطيفة.
وحكي أيضا انه قال طلب الحجاج أبي فهرب أبي منه إلى اليمن وكنت معه
فبينا نحن نسير يوما في صحراء اليمن إذ لحق بنا رجل وأنشد:
اصبر النفس عند كل مهم * إن في الصبر حيلة المحتال
لا تضيقن بالأمور فقد * تكشف غماؤها بغير احتيال
ربما تجزع النفوس من الامر * له فرجة كحل العقال
فسأله أبى ما الخبر؟ قال مات الحجاج، قال أبو عمرو قد كنت اخترت في
قوله تعالى (إلا من اغترف غرفة) فتح الغين وكنت في طلب شاهد ذلك فلما
أنشد الرجل شعره سمعته يقول: له فرجة بفتح الفاء، فسررت من ذلك أزيد من
سروري بموت الحجاج، وينقل من تقواه: انه كان لما يدخل شهر رمضان لا يقرأ
شعرا ولا ينشد بيتا حتى يذهب الشهر. مات سنة 154 (قند) ودفن بالكوفة.
127

(أبو عمرة الفارسي)
اسمه زاذان كان من أصحاب أمير المؤمنين " ع " بل من خواصه وهو الذي
تكلم أمير المؤمنين " ع " في اذنه بالاسم الأعظم فحفظ القرآن بعد أن لم يكن يقرأ
منه. روى القطب الراوندي عن سعد الخفاف عن زاذان أبي عمرة قلت له يا زاذان
انك لتقرأ القرآن فتحسن قراءته فعلى من قرأت؟ قال فتبسم ثم قال: ان
أمير المؤمنين " ع " مر بي وانا أنشد الشعر وكان لي حلق حسن فأعجبه صوتي،
فقال يا زاذان فهلا بالقرآن قلت يا أمير المؤمنين وكيف لي بالقرآن؟ فوالله ما أقرأ
منه إلا بقدر ما أصلي به، قال فادن مني فدنوت منه فتكلم في أذني بكلام ما عرفته
ولا علمت ما يقول ثم قال افتح فاك فتفل في في فوالله ما زالت قدمي من عنده حتى
حفظت القرآن باعرابه وهمزه وما احتجت ان اسأل عن أحدا بعد موقفي ذلك،
قال سعد فقصصت قصة زاذان على أبي جعفر " ع " قال صدق زاذان ان أمير المؤمنين
دعا لزاذان بالاسم الأعظم الذي لا يرد
(أقول) نقل الاغا رضا القزويني في ضيافة الاخوان عن القاضي أبى محمد
ابن أبي زرعة الفقيه القزويني ان زاذان كان من أصحاب أمير المؤمنين " ع " وقتل
تحت رايته ثم انتقل أولاده إلى قزوين. قال الرافعي زاذانية قبيلة في قزوين
فيهم أئمة كبار من المتقدمين والمتأخرين انتهى.
(أبو عوانة)
بالفتح يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم بن زيد النيسابوري الأسفرايني
الحافظ صاحب المسند الصحيح المخرج على كتاب مسلم بن الحجاج، كان من
علماء الحديث ومن الرحالة في أقطار الأرض لطلب الحديث، توفي سنة 316
(شيو) وقبره بأسفراين قريب من قبر الأستاذ أبي إسحاق الأسفرايني الذي يأتي
ذكره في الأسفرايني.
128

(أبو العيناء)
أبو عبد الله محمد بن القسم بن خلاد الأهوازي البصري من تلامذة
أبي عبيدة والأصمعي وأبي زيد الأنصاري، كان من أوحد عصره في الشعر
والفنون الأدبية، وكان من عداد الظرفاء والأذكياء، وكان حاضرا الجواب يجيب
أكثر المطالب بالقرآن المجيد ويستشهد به كثيرا.
نقل ابن خلكان كثيرا من أجوبته ونوادره. حكي انه عمي في حدود
الأربعين من عمره، فسئل يوما ما ضرك العمى؟ فقال شيئان: أحدهما انه فات
مني السبق بالسلام، والثاني انه ربما ناظرت الرجل فهو يكفهر وجهه ويعبس ويظهر
الكراهية وانا لا أراه حتى اقطع الكلام. توفي بالبصرة سنة 283 قال المسعودي
في مروج الذهب في سنة 284، انحدر أبو العيناء من مدينة السلام إلى البصرة
في زورق فيه ثمانون نفسا فغرق الزورق ولم يخلص ممن كان فيه إلا أبو العيناء
وكان ضريرا يتعلق بطلال الزورق فاخرج حيا وتلف كل من كان فيه فبعد ان
سلم ودخل البصرة مات انتهى.
وفي بعض كتب الرجال محمد بن القسم أبو العيناء الهاشمي مولى عبد الصمد
ابن علي عتاقة (1) روى الكليني في باب مولد أبي محمد " ع " من الكافي عن إسحاق
ابن محمد النخعي عنه قال: كنت ادخل على أبي محمد " ع " فأعطش وانا عنده فأجله
ان ادعو بالماء فقال (فيقول خ ل) يا غلام اسقه وربما حدثت نفسي بالنهوض فأفكر
في ذلك فيقول يا غلام دابته وفيه دلالة على كونه اماميا حسن الاعتقاد.
(أبو غالب الزراري)
أحمد بن محمد بن محمد بن سليمان بن الحسن بن الجهم بن بكير بن أعين
الشيباني، كان من أفاضل الثقات والمحدثين وشيخ علماء عصره وأستاذهم وبقية آل

(1) اي انه مولى عتاقة لعبد الصمد لا مولى حلف، منه.
129

أعين وآل أعين أكبر بيت في الكوفة من شيعة أهل البيت وأعظمهم شأنا وأكثرهم
رجالا وأعيانا وأطولهم مدة وزمانا أدرك أولهم السجاد والباقرين عليهم السلام وبقي
آخرهم إلى أوائل الغيبة الكبرى وكان فيهم العلماء والفقهاء والقراء والأدباء ورواة
الحديث، ومن مشاهيرهم حمران وزرارة و عبد الملك وبكير بنو أعين وحمزة بن
حمران وعبيد بن زرارة وضريس بن عبد الملك وعبد الله بن بكير ومحمد بن عبد الله
ابن زرارة والحسن بن الجهم بن بكير وابنه سليمان بن الحسن وأبو طاهر محمد بن
سليمان وأبو غالب أحمد بن محمد بن محمد بن سليمان، ولأبي غالب في بيان أحوالهم
ورجالهم رسالة عهد فيها إلى ابن ابنه محمد بن عبد الله بن أحمد وهو آخر من عرف
من هذا البيت.
قال أبو غالب في محكي الرسالة المذكورة إنا أهل بيت أكرمنا الله عز وجل
بمنه علينا بدينه واختصنا بصحبة أوليائه وحججه على خلقه من أول ما نشأنا إلى
وقت الغيبة التي امتحنت بها الشيعة فلقي عمنا حمران سيدنا وسيد العابدين علي بن
الحسين " ع " ولقي حمران وجدنا زرارة وبكير أبا جعفر محمد بن علي وأبا عبد الله
جعفر بن محمد " ع " ولقي بعض إخوتهم وجماعة من أولادهم مثل حمزة بن حمران
وعبيد بن زرارة ومحمد بن حمران وغيرهم أبا عبد الله جعفر بن محمد " ع " ورووا عنه
وآل أعين أكثر أهل بيت في الشيعة وأكثرهم حديثا وفقها وذلك موجود في
كتب الحديث ومعروف عند رواته، ولقي عبيد بن زرارة وغيره من بني أعين
أبا الحسن موسى بن جعفر " ع " وكان جدنا الأدنى الحسن بن الجهم من خواص
سيدنا أبي الحسن الرضا " ع " وله كتاب معروف وكان للحسن بن الجهم جدنا
سليمان ومحمد والحسين ولم يبق لمحمد والحسين ولد وكانت أم الحسن بن الجهم ابنة
عبيد بن زرارة ومن هذه الجهة نسبنا إلى زرارة ونحن من ولد بكير وكنا قبل
ذلك نعرف بولد الجهم، وأول من نسب منا إلى زرارة جدنا سليمان نسبه إليه
سيدنا أبو الحسن علي بن محمد " ع " صاحب العسكر وكان إذا ذكره في توقيعاته
130

إلى غيره قال الزراري تورية عنه وسترا له ثم اتسع ذلك وسميناه به وكان " ع " يكاتبه
في أمور له بالكوفة وبغداد، إلى أن قال ولما مات سليمان كانت الكتب ترد على
جدي محمد بن سليمان إلى أن مات، وكاتب الصاحب " ع " جدي محمد بن سليمان
بعد موت أبيه إلى أن وقعت الغيبة وقل منا رجل إلا وقد روى الحديث.
وحدثني أبو عبد الله بن الحجاج وكان من رواة الحديث انه قد جمع من
روى الحديث من آل أعين فكانوا ستين رجلا وحدثني أبو جعفر أحمد بن محمد بن
لاحق الشيباني عن مشايخه ان بني أعين بقوا أربعين سنة أربعين رجلا لا يموت منهم
رجل إلا ولد فيهم غلام وهم مع ذلك يستولون على دور بنى شيبان في خطة بني أسعد
ابن همام ولهم مسجد الخطة يصلون فيه وقد دخله سيدنا أبو عبد الله جعفر بن
محمد " ع " وصلى فيه وفي هذه المحلة دور بنى أعين متقاربة قال أبو غالب وكان
أعين غلاما روميا اشتراه رجل من بني شيبان من حلب فرباه وتبناه وأحسن تأديبه
فحفظ القرآن وعرف الأدب وخرج بارعا أديبا فقال له مولاه استلحقك فقال لا
ولاني منك أحب إلي من ذلك فلما كبر قدم عليه أبوه من بلاد الروم وكان راهبا
اسمه سنسن وذكر انه من غسان ممن دخل بلد الروم في أول الاسلام وقيل إنه
كان يدخل بلاد الاسلام بأمان فيزور ابنه أعين ثم يعود إلى بلاده، فولد أعين
عبد الملك وحمران وزرارة وبكير، أو عبد الرحمن بني أعين هؤلاء كبراؤهم
معروفون، وقعنب ومالك ومليك من بني أعين غير معروفين فذلك ثمانية أنفس
ولهم أخت يقال لها أم الأسود ويقال انها أول من عرف هذا الامر منهم من جهة
أبي خالد الكابلي.
وروي ان أول من عرف هذا الامر عبد الملك عرفه من صالح بن ميثم ثم عرفه
حمران من أبى خالد الكابي وكان بكير يكنى أبا جهم وحمران أبا حمزة وزرارة أبا علي
ولآل أعين من الفضائل وما روي فيهم أكثر من أن اكتبه لك وهو موجود في
كتب الحديث وكان مليك وقعنب ابنا أعين يذهبان مذهب العامة مخالفين لإخوتهم
131

وحلف أعين حمران وزرارة وبكيرا وعبد الملك وعبد الرحمن ومالكا وموسى
وضريسا ومليكا وكذا قعنب وذلك عشرة أنفس وروى لي ابن المغيرة عن أبي محمد
الحسن بن حمزة العلوي عن أبي العباس أحمد بن محمد بن سعيد بن عقدة الكوفي
المشهور بكثرة الحديث انهم سبعة عشر رجلا إلا أنه لم يذكر أسماءهم وما يتهم في
معرفته ولا شك في علمه انتهى ما نقلناه من رسالة أبي غالب.
ولتلميذه الشيخ أبي عبد الله حسين بن عبيد الله الغضائري تتمة لهذه
الرسالة وذكر فيها كما في (ضا) ان وفاة أبي غالب كانت في ج 1 سنة 368 (شسح)
قال: وتوليت جهازه وحمله إلى مقابر قريش ثم إلى الكوفة وقبره بالغري انتهي.
وقال (جش) وكان أبو غالب شيخ العصابة في زمنه ووجههم له كتب منها:
كتاب التأريخ ولم يتمه، كتاب آداب السفر، كتاب الافضال، كتاب مناسك الحج
كبير، كتاب مناسك الحج صغير، كتاب الرسالة إلى ابن ابنه أبي طاهر في ذكر
آل أعين حدثنا شيخنا أبو عبد الله عنه بكتبه ومات أبو غالب رحمه الله سنة 1368 انتهى.
وكانت ولادته سنة 285 وذكره الشيخ الطوسي وقال: وهم البكريون
وبذلك كان يعرف إلى أن خرج توقيع من أبى محمد " ع " فيه ذكر أبى طاهر الزراري
فاما الزراري رعاه الله تعالى فذكروا أنفسهم بذلك وكان شيخ أصحابنا في عصره
وأستاذهم وبقيتهم وصنف كتبا منها كتاب التأريخ ولم يتمه وقد خرج منه نحو
الف ورقة انتهى.
(قلت) وجده محمد بن سليمان أبو طاهر الزراري ثقة عين، له إلى مولانا
أبي محمد " ع " مسائل والجوابات ولد سنة 237 (لرز) وتوفى سنة 300 وقيل 301،
وعن ارشاد المفيد وروي عن أبي سورة أحد مشايخ الزيدية انه كان بالحائر عشية
عرفة ثم خرج إلى الكوفة فرافقه رجل وسأل عن حاله فأعلمه انه في ضيق ولا شئ
معه وفي يديه فقال له إذا دخلت الكوفة فات أبا طاهر الزراري فاقرع عليه بابه فإنه
سيخرج إليك وفي يده دم الأضحية فقل له يقال لك اعط هذا الرجل الصرة الدنانير
132

التي عند رجل السرير ثم فارقه ومضى لوجهه، فدخل أبو سورة الكوفة فقصد
أبا طاهر الزراري فخرج إليه وفي يده دم الأضحية فبلغه ما قيل له فقال سمعا وطاعة
ودخل فاخرج إليه الصرة فسلمها إليه فاخذها وانصرف.
(أبو غبشان)
بالفتح ويضم خزاعي كان يلي سدانة الكعبة قبل قريش فاجتمع مع قصي بن
كلاب في شرب بالطائف فأسكره قصي ثم اشترى المفاتيح منه بزق خمر واشهد عليه
ودفعها لابنه عبد الدار وطير به إلى مكة فأفاق أبو غبشان أندم من الكسعي،
فضربت به المثل في الحمق والندم وخسارة الصفقة.
(أبو غسان)
مالك بن إسماعيل بن زياد بن درهم الكوفي النهدي شيخ البخاري في صحيحه
فعن ابن سعد انه ذكره في الجزء السادس من طبقاته قال: كان أبو غسان ثقة
صدوقا متشيعا شديد التشيع. وذكره الذهبي وقال كما عن ميزانه: انه اخذ مذهب
التشيع عن شيخه الحسن بن صالح. وان ابن معين قال: ليس بالكوفة أتقن منه
لا أبو نعيم ولا غيره له فضل وعبادة كنت إذا نظرت إليه رأيته أنه خرج من
قبر كانت عليه سجادتان انتهى. ومات سنة 219 (ريط).
(أبو الغوث)
أسلم بن مهوز المنبجي شاعر يمدح آل محمد " ع " وكان البحتري يمدح
الملوك فقال أبو الغوث في مدح أئمة سامراء " ع " في قصيدته الدالية.
إذا ما بلغت الصادقين بني الرضا * فحسبك من هاد يشير إلى هاد
مقاويل إن قالوا بها ليل إن دعوا * وفاة بميعاد كفاة بمرتاد
إذا وعدوا اعوف وان وعدوا وفوا * فهم أهل فضل عند وعد وايعاد
133

كرام إذا ما انفقوا المال انفدوا * وليس لعلم انفقوه من انفاد
ينابيع علم الله أطواد دينه * فهل من نفاد إن علمت لأطواد
نجوم متى نجم خبا مثله بدا * فصلى على الخابي المهيمن والبادي
عباد لمولاهم موالي عبادة * شهود عليهم يوم حشر واشهاد
هم حجج الله اثنتي عشرة متى * عددت فثاني عشرهم خلف الهادي
بميلاده الانباء جاءت شهيرة * فأعظم بمولود وأكرم بميلاد
(أبو الفتح)
ابن العميد ذو الكفايتين علي بن محمد بن الحسين بن العميد القمي، كان
وزير ركن الدولة الديلمي بعد أبيه أبي الفضل بن العميد الذي يضرب به المثل في
البلاغة ويأتي ذكره وكان أبو الفتح يقال له ذو الكفايتين لجمعه تدبير السيف والقلم
وكفى في حقه انه ثمرة تلك الشجرة وشبل ذاك القسورة (وحق على ابن الصقر أن
يشبه الصقرا).
حكي ان الصاحب بن عباد مع جلالة قدره وعظم شأنه إذا مدحه يقوم
بحضرته وينشد عليه وبقي في الوزارة بعد ركن الدولة في خدمة ابنه مؤيد الدولة
إلى أن تغير عليه مؤيد الدولة وغضب عليه واخذه وعذبه إلى أن أهلكه في سنة 366
(شوس) فانقرضت دولتهم كالبرامكة قال الشاعر في ذلك:
آل العميد وآل برمك مالكم * قل المعين لكم وزال الناصر
كان الزمان يحبكم فبدا له * إن الزمان هو الخؤون الغادر
وكان أبو الفتح المذكور قبل ان يقتل بمدة قد لهج بانشاء هذين البيتين:
سكن الدنيا أناس قبلنا * رحلوا عنها وخلوها لنا
ونزلناها كما قد نزلوا * ونخليها لقوم بعدنا
قال ابن خلكان، في أحوال ابن العميد وابنه: ورأيت في بعض المجاميع ان
134

الصاحب بن عباد عبر على باب داره بعد وفاته فلم ير هناك أحدا بعد أن كان
الدهليز يغص من زحام الناس فأنشد:
أيها الربع لم علاك اكتئاب * أين ذاك الحجاب والحجاب
أين من كان يفزع الدهر منه * فهو اليوم في التراب تراب
قل بلا رهبة وغير احتشام * مات مولاي فاعتراني اكتئاب
وكان صهره على ابنته السيد أبو جعفر بن أبي الحسن موسى بن أبي عبد الله
احمد النقيب بقم ابن محمد الأعرج بن أحمد بن موسى المبرقع بن الإمام محمد الجواد
عليه السلام، وكان السيد أبو جعفر من أجلاء السادة الرضوية بقم.
(أبو الفتوح الرازي)
جمال الدين حسين بن علي بن محمد بن أحمد الخزاعي الشيخ الامام السعيد
قدوة المفسرين ترجمان كلام الله المجيد صاحب روض الجنان في تفسير القرآن الذي
هو حاو لكل ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين ينتفع منه الفقيه والمفسر والمؤرخ
والواعظ وغيرهم، وكان رحمه الله من اجل بيوتات العلم وينتهي بنسبه الشريف إلى
نافع بن بديل بن ورقاء الخزاعي كما صرح بذلك في تفسيره. وجده محمد بن أحمد
وجد جده احمد وعم والده عبد الرحمن المشهور بالمفيد الثاني وابنه محمد بن الحسين
وابن أخته أحمد بن محمد كلهم علماء فضلاء وهو رحمه الله معدن العلم ومحتده:
شرف تتابع كابر عن كابر * كالرمح أنبوبا على أنبوب
ولا اعلم تأريخ وفاته إلا أنه من مشايخ ابن شهرآشوب المتوفي سنه 588 (ثفح)
وقبره رحمه الله بالري في صحن حمزة بن موسى " ع " في جوار عبد العظيم الحسني
رحمه الله يروي عن الشيخ أبي علي الطوسي والشيخ أبي الوفاء عبد الجبار الرازي
عن الشيخ الطوسي وعن والده عن أبيه عن الشيخ والسيدين رضوان الله عليهم
أجمعين إلى غير ذلك من مشايخه.
135

(أبو الفتوح العجلي)
منتخب الدين أسعد بن أبي الفضائل محمود بن خلف العجلي الأصبهاني الفقيه
الشافعي الواعظ الزاهد القانع، قيل إنه كان لا يأكل إلا من كسب يده وكان
يورق ويبيع ما يتقوت به، له شرح مشكلات الوجيز والوسيط للغزالي وله أيضا
تتمة كتاب الإبانة للفوراني الفقيه وغير ذلك، وكان الاعتماد في الفتوى بأصبهان عليه،
توفي بها سنة 600 (خ). والعجلي بكسر العين المهملة وسكون الجيم نسبة إلى عجل
ابن لجيم مصغرا وهي قبيلة كبيرة مشهورة من بني ربيعة بن الفرس. قال أبو عبيدة
كان عجل بن لجيم يعد في الحمقى بين العرب، وكان له فرس جواد فقيل له ان لكل
فرس جواد اسما فما اسم فرسك؟ فقال لم اسمه بعد فقيل له فسمه ففقأ إحدى عينيه
فقال قد سميته الأعور، وفيه قال بعض شعراء العرب:
رمتني بنو عجل بداء أبيهم * وهل أحد في الناس أحمق من عجل
أليس أبوهم عار عين جواده * فسارت به الأمثال في الناس بالجهل
(أبو الفداء الحموي)
هو السلطان الملك المؤيد صاحب حماة إسماعيل بن علي بن محمود الشافعي
كان أميرا على دمشق وحماه يفعل فيهما ما يشاء، وقد تمكن من الفقه والطب
والهيئة، وكان يقرب أهل العلم ويرتب لهم الجوائز والأرزاق وألف تقويم البلدان
والتأريخ المشهور الذي له منزلة رفيعة عند علماء أوربا وهو من أقدم كتب التأريخ
الاسلامي التي اهتموا بنشرها وترجمتها، توفي سنة 732 (ذلب).
(أبو فراس) انظر الفرزدق
(أبو فراس الحمداني)
الحارث بن سعيد بن حمدان بن حمدون فارس ميدان العقل والفراسة
والشجاعة والرياسة كان ابن عم السلطان ناصر الدولة وسيف الدولة ابني عبد الله بن
136

حمدان، وقلادة وشاح محامد آل حمدان وكان فرد دهره وشمس عصره أدبا وفضلا
وكرما ونبلا ومجدا وبلاغة وبراعة وفروسية وشجاعة، وشعره مشهور. قال
الصاحب بن عباد: بدئ الشعر بملك وختم بملك يعنى امرء القيس وأبى فراس.
وكان المتنبي يشهد له بالتقدم والتبريز ويتحامى جانبه فلا ينبري لمباراته ولا يتجرى
على مجاراته. له القصيدة الميمية في مظلومية أهل البيت الأطهار وظلم بنى العباس
المعروفة بالشافية، وقد شرحها بعض الفضلاء من أهل الحائر شرحا جيدا:
يحكى انه دخل بغداد وامر ان يشهر خمسمائة سيف خلفه وقيل أكثر ووقف
في المعسكر وأنشد القصيدة وخرج من باب آخر أولها:
الحق مهتضم والدين مخترم * وفئ آل رسول الله مقتسم
ومنها قوله:
يا للرجال أما لله منتصر * من الطغاة وما للدين منتقم
بنو علي رعايا في ديارهم * والامر يملكه النسوان والخدم
محلئون فأصفى شربهم وشل (1) * عند الورود وأوفى وردهم لمم
فالأرض إلا على ملاكها سعة * والمال إلا على أربابه ديم
ومنها:
قام النبي لها يوم الغدير لهم * والله يشهد والأملاك والأمم
وهي قصيدة بليغة جليلة. قتل سنة 357 (شنز). حكي انه مضت عليه تارات
من الأسر والتخلص وانه أسره الروم في بعض الوقائع وأقام بالأسر أربع سنين، وله
في الأسر اشعار كثيرة، وفي قتله اختلاف، فمما قيل فيه انه كان مقيما بحمص،
وجرت حرب بينه وبين أبى المعالي بن سيف الدولة وكان أبو فراس خاله واستظهر
على أبو المعالي وقتله في الحرب واخذ رأسه وبقيت جثته مطروحة في التربة إلى أن

(1) الوشل: محركة، الماء القليل يتحلب من جبل أو صخرة.
137

جاء بعض الاعراب فكفنه ودفنه، قال ابن خلكان: وقلعت أمه سخينة
عينها لما بلغها وفاته، وقيل إنها لطمت وجهها فقلعت عينها.
(أبو الفرج الأصبهاني)
علي بن الحسين بن محمد المرواني الأموي الزيدي صاحب كتاب الأغاني،
أورده شيخنا الحر العاملي قدس سره في أمل الآمل وقال: هو أصبهاني الأصل
بغدادي المنشأ من أعيان الأدباء وكان عالما روى عن كثير من العلماء وكان شيعيا
خبيرا بالأغاني والآثار والأحاديث المشهورة والمغازي وعلم الجوارح والبيطرة
والطب والنجوم والأشربة وغير ذلك، له تصانيف مليحة منها الأغاني وحمله إلى
سيف الدولة فأعطاه ألف دينار واعتذر، وكان الصاحب بن عباد يستصحب في
سفره ثلاثين حمل كتب للمطالعة فلما وجد كتاب الأغاني لم يستصحب سواء
وكان منقطعا إلى الوزير المهلبي وله فيه مدائح انتهى.
ومن كتبه: كتب مقاتل الطالبيين، وقال صاحب الروضات: انى تصفحت
كتاب أغانيه المذكور اجلالا فلم أر فيه إلا هزلا أو ضلالا أو بقصص أصحاب
الملاهي اشتغالا وعن علوم أهل بيت الرسالة اعتزالا وهو فيما ينيف على
ثمانين الف بيت تقريبا، إلى أن قال: وتوفي سنة ست وخمسين وثلاثمائة قال كثير
من الناس انه مات في هذه السنة عالمان: أبو علي القالي وصاحب الأغاني، وثلاثة
ملوك معز الدولة وكافور وسيف الدولة، وسمع أبو الفرج من جماعة لا يحصون
وروى عنه الدارقطني وغيره انتهى.
وفي فهرست ابن النديم: انه توفي سنة نيف وستين وثلاثمائة وقال إنه من
ولد هشام بن عبد الملك انتهى.
والإصبهاني نسبة إلى أصبهان بكسر الهمزة وفتحها وسكون الصاد وفتح
الموحدة، ويقال أصفهان بالفاء أيضا مدينة عظيمة من أشهر بلاد الجبل طيبة التربة
138

صحيحة الهواء زاكية الثمار لا سيما تفاحها فقد ورد ان التفاح الأصفهاني من فاكهة
الجنة في الدنيا وانما قيل لها أصبهان لأنها تسمى بالعجمية سباهان، وسباه العسكر
وهان الجمع، وكانت جموع عساكر الأكاسرة يجتمع إذا وقعت لهم واقعة في هذا
الموضع مثل عسكر فارس وكرمان والأهواز وغيرها فعرب فقل أصبهان، وبناها
الإسكندر ذو القرنين كذا عن السمعاني وقد أطال الكلام صاحب (ضا) في أول
كتابه في وصف أصبهان وسبب تسميتها بأصبهان ووصف جي وإن سلمان رضي الله
تعالى عنه كان منها، وذكر خصائص أصبهان ويعض الجوامع الواقعة بها والباغات
الأربع والمنارتين الواقعتين على طرفي طاق بنى، على مرقد بعض أهل العرفان سميتا
بمنار جنبان وهما من العجائب الواقعة إلى هذا الزمان.
(أقول) انى قد سافرت إلى أصبهان وشاهدت كثيرا مما ذكر وكنت
كثير الاشتياق إلى زيارة المقابر الواقعة (بتخته فولاد) وهي جبانة معروفة
والعلماء المدفونون بها كثير بحيث قد كتب واحد منهم كتابا في أساميهم ولعلي
أذكر كثيرا منهم في هذا الكتاب في محله. قال الحموي في المعجم بعد ذكر ذم كثير
لأصبهان قالوا ومن كيموس هوائها وخاصيتها انها تبخل فلا ترى بها كريما.
وحكي عن الصاحب أبى القسم بن عباد انه كان إذا أراد الدخول إلى أصبهان
قال من له حاجة فليسألنيها قبل دخولي إلى أصبهان فإنني إذا دخلتها وجدت بها في
نفسي شحا لا أجده في غيرها انتهى.
(قلت) يصدق ذلك الخبر الوارد عن أمير المؤمنين " ع " إن أهل أصبهان
لا يكون فيهم خمس خصال: السخاوة والشجاعة والأمانة والغيرة وحبنا أهل البيت
لكن لا يخفى عليك انه كما قال العلامة المجلسي (ره) كان أهل أصبهان في ذلك
الزمان إلى أول استيلاء الصفوية من أشد النواصب ثم صاروا من اشهد الناس حبا
لهم وأوعاهم لعلمهم وأشدهم انتظارا لفرجهم، وببركة ذلك تبدلت الخصال الأربع
أيضا فيهم انتهى. ويأتي في الطبراني ما يتعلق بذلك.
139

(أبو الفرج الببغاء) انظر الببغاء
(أبو الفرج بن الجوزي) انظر ابن الجوزي
(أبو الفرج القزويني الكاتب)
الشيخ الأقدم محمد بن أبي عمران موسى من علماء الإمامية ثقة صحيح
الرواية صاحب كتاب الموجز والمختصر من ألفاظ سيد البشر رآه (جش)
ولم يسمع منه.
(أبو الفرج الملطي) انظر أبى العبري
(أبو الفرج النهرواني) انظر النهرواني
(أبو الفضل البراوستاني) انظر البراوستاني
(أبو الفضل الصابوني) انظر الصابوني
(أبو الفضل الطهراني) انظر أبو القاسم كلامتر
(أبو الفوارس) انظر ابن الصيفي
(أبو القاسم)
ابن حسين بن جعفر بن حسين الموسوي الخونساري الأصبهاني جد صاحب
الروضات السيد محمد باقر بن زين العابدين بن السيد أبى القاسم المذكور كان في درجة
عالية من الزهد والعلم والفضل والتقوى ولشدة احتياطه كان يحترز مدة حياته
عن الإمامة والرئاسة والقضاء والفتوى، ويقوم بحوائج أهل البلوى، ويحصل الشفاء
بدعائه وعوذه وأحرازه، قرأ على والده وعلى كثير من فضلاء أصبهان وغيرها،
ويروي اجازة عن والده وعن بحر العلوم والسيد علي صاحب الرياض وغيرهم. له
تعليقات على كثير من كتب الفقه والحديث. ولد سنة 1163 وتوفي سنة 1240.
(أبو القاسم)
ابن الحسين الرضوي القمي اللاهوري، كان عالما جليلا مفسرا متبحرا، له
140

عدة مصنفات منها: كتاب برهان شق القمر ورد النير الأكبر كتبه للنواب ناصر
علي خان سنة 1296 ومنها لوامع التنزيل في التفسير فارسي كبير إلى غير ذلك.
(أبو القاسم الروحي)
هو الشيخ الأجل الحسين بن روح النوبختي أحد النواب الأربعة رضوان
الله تعالى عليهم أجمعين، قام مقام أبى جعفر محمد بن عثمان بن سعيد بنص منه. روى
الشيخ: انه لما اشتدت حال أبى جعفر رحمه الله اجتمع جماعة من وجوه الشيعة
فدخلوا عليه فقالوا له إن حدث أمر فمن يكون مكانك؟ فقال لهم هذا أبو القاسم
الحسين بن روح بن أبي بحر النوبختي - القائم مقامي والسفير بينكم وبين
صاحب الامر والوكيل والثقة الأمين فارجعوا إليه في أموركم وعولوا عليه في
مهماتكم فبذلك أمرت وقد بلغت. وكان رحمه الله من أعقل الناس عند المخالف
والموافق ويستعمل التقية وكانت العامة تعظمه، وقد تناظر اثنان فزعم واحد ان
أبا بكر أفضل الناس بعد رسول الله ثم عمر ثم علي، وقال الآخر بل علي أفضل
من عمر فدار الكلام بينهما.
فقال أبو القاسم (رض) الذي اجتمعت عليه الصحابة هو تقديم الصديق ثم بعده
الفاروق ثم بعده عثمان ذو النورين ثم علي الوصي وأصحاب الحديث على ذلك وهو
الصحيح عندنا، فبقي من حضر المجلس متعجبا من هذا القول وكانت العامة
الحضور يرفعونه على رؤوسهم وكثر الدعاء له والطعن على من يرميه بالرفض، وبلغ
الشيخ أبا القاسم ان بوابا على الباب الأول قد لعن معاوية وشتمه فامر بطرده
وصرفه عن خدمته فبقي مدة طويلة يسأل في امره فلا والله ما رده إلى خدمته
كل ذلك للتقية.
(أقول) التقية فريضة واجبة علينا في دولة الظالمين، فمن تركها فقد خالف
دين الإمامية وفارقه. والروايات في التقية أكثر من أن تذكر. فروي ان التقية
141

ترس المؤمن ولا ايمان لمن لا تقية له وان تسعة أعشار الدين في التقية ولا دين
لمن لا تقية له.
وقال الصادق عليه السلام: عليكم بالتقية فإنه ليس منا من لم يجعلها شعاره
ودثاره مع من يأمنه ليكون سجيته مع من يحذره، وعنه " ع " لو قلت إن تارك
التقية كتارك الصلاة لكنت صادقا والتقية في كل شئ حتى يبلغ الدم فإذا بلغ الدم
فلا تقية، وعنه " ع " قال: كلما تقارب هذا الامر كان أشد للتقية، وقال لنعمان
ابن سعيد: من استعمل التقية في دين الله فقد تسنم الذروة العليا من العز وان
عز المؤمن في حفظ لسانه ومن لم يملك لسانه ندم.
قال الرضا " ع ": لا دين لمن لا ورع له ولا ايمان لمن لا تقية له ان أكرمكم
عند الله أعملكم بالتقية قبل خروج قائمنا فمن تركها قبل خروج قائمنا فليس منا.
توفى الشيخ أبو القاسم (ره) في شعبان سنة 326 (شكو) وقبره ببغداد في
سوق العطارين يزار، وتقدم في أبو سهل النوبختي الكلام في نوبخت.
(أبو القاسم الزعفراني) انظر الزعفراني
(أبو القاسم الفندرسكي) انظر الفندرسكي
(أبو القاسم القمي)
ابن المولى محمد حسن الجيلاني المعروف بالميرزا القمي لتوطنه في دارا الايمان
قم حرم الأئمة " ع " العالم الكامل الفاضل المحقق المدقق رئيس العلماء الاعلام ومولى
فضلاء الاسلام شيخ الفقهاء المتبحرين وملاذ علماء المجتهدين أحد أركان الدين
والعلماء الربانيين مسهل سبيل التدقيق والتحقيق مبين قوانين الأصول ومناهج
الفروع كما هو به حقيق.
يحكى انه رحمه الله كان ورعا جليلا بارعا نبيلا كثير الخشوع غزير الدموع
142

دائم الأنين باكي العينين وكان مؤيدا مسددا كيسا في دينه فطنا في أمور آخرته
شديدا في ذات الله مجانبا لهواه مع ما كان عليه من الرئاسة وخضوع ملك عصره
وأعوانه له، فما زاده اقبالهم إليه إلا ادبارا، ولا توجههم إليه إلا فرارا، له
مصنفات شريفة كالقوانين والغنائم والمناهج ومرشد العوام وجامع الشتات الذي
يعبرون عنه بكتاب سؤال وجواب وهو كتاب نفيس يحتاج إليه كل مجتهد وفقيه
ومن أراد ان يطلع على فقاهته وكثرة اطلاعه وتأييد آلاء له فليرجع إليه، إلى غير
ذلك من الرسائل وكان خطه حسنا.
تولد سنة 1151 (غناق) وتوفى سنة 1231 (غرال) وقبره الشريف في قم
مزار مشهور يزوره الناس في كل يوم وينذرون له، وحوله قبور كثيرة من
العلماء العظام والأفاضل الكرام، وقد تقدم الإشارة إليهم في أبو جرير، يروي عنه
السيد المحقق السيد محسن الكاظمي والشيخ الأجل أسد الله التستري صاحب
المقابيس المتوفي سنة 1220 (غرك) المدفون بالنجف عند والد زوجته كاشف
الغطاء والسيد جواد العاملي صاحب كتاب مفتاح الكرامة والكرباسي والسيد
عبد الله شبر وغيرهم.
ويروي هو عن جماعة من المشايخ أولهم السيد حسين الخونساري أحد مشايخ
العلامة الطباطبائي، ثانيهم الأستاذ البهبهاني، ثالثهم شيخه وأستاذه العالم النحرير
المولى محمد باقر الهزار جريبي الغروي أحد مشايخ العلامة الطباطبائي الذي قال في
حقه تلميذه شيخنا العالم العامل العارف واستاذنا الفاضل الحائز لأنواع العلوم
والمعارف جامع المعقول والمنقول ومقرر الفروع والأصول جم المناقب والمفاخر
محمد الباقر بن محمد الباقر الهزار جريبي، ورابعهم الفقيه النبيه نخبة الفقهاء والمحدثين
وزبدة العلماء العاملين أبو صالح الشيخ محمد مهدي بن بهاء الدين محمد الفتوني
العاملي النجفي أحد مشايخ العلامة الطباطبائي يروي عن شيخه الأعظم
أبى الحسن الشريف.
143

(أبو القاسم كلانتر الطهراني)
ابن الحاج محمد علي بن الحاج هادي النوري عالم فاضل محقق مدقق فقيه
أصولي صاحب التقريرات في الأصول كان من تلامذة صاحب الضوابط ومن
مشاهير تلامذة شيخ الطائفة العلامة الأنصاري قدس سره ولد في 3 ع 2 سنة 1236
وتوفي في 3 ع 2 سنة 1292 (غرصب) ومن عجيب الاتفاق انه كان مطابقا ليوم
ميلاده ودفن في جوار أبى القسم عبد العظيم الحسنى في صحن حمزة بن موسى " ع "
في مقبرة أبو الفتوح الرازي ورثاء ابنه العالم الأديب الأريب خاتم رقيمة الأدب
والفضل الحاج ميرزا أبو الفضل صاحب كتاب شفاء الصدور في شرح زيارة
عاشور بقصيدة منها قوله:
دع العيش والآمال واطو الأمانيا * فما أنت طول الدهر والله باقيا
رمى الدهر من سهم النوائب ماجدا * أعز كريما طاهر الأصل زاكيا
وعلامة الدنيا وواحد أهلها * ومن كان عن سرب العلوم محاميا
إلى أن قال:
وقد نلت من عبد العظيم جواره * جوارا له طول المدى كنت راجيا
وكان الميرزا أبو الفضل المذكور عالما فاضلا فقيها أصوليا متكلما عارفا بالحكمة
والرياضي مطلعا على السير والتواريخ أديبا شاعرا حسن المحاضرة ينظم الشعر
الجيد، وله ديوان شعر بالعربية ومن شعره في الحجة ابن الحسن صاحب الزمان
صلوات الله عليه:
يا رحمة الله الذي * عم الأنام تطولا
وابن الذي في فضله * نزل الكتاب مرتلا
لذنا ببيتك طائفين * تخضعا وتذللا
فعسى نفوز برحمة * من ربنا رب العلى
144

وله أيضا: مولاي يا باب الحوائج إنني * بك لائذ والى جنابك أرتجي
لا أرتجي أحدا سواك لحاجتي * أحدا سواك لحاجتي لا أرتجي
توفي في طهران حدود سنة 1317، ونقل إلى النجف الأشرف فدفن في
وادي السلام.
(أبو القاسم الكوفي)
علي بن أحمد صاحب كتاب البدع المحدثة المعروف (بالاستغاثة) وكتاب
تثبيت المعجزات في معجزات الأنبياء جميعا عليهم السلام الذي قد الف الشيخ حسين
ابن عبد الوهاب المعاصر للسيد المرتضى تتميما له المعروف بكتاب (عيون المعجزات)
في معجزات فاطمة والأئمة الاثني عشر صلوات الله عليهم أجمعين
قال شيخنا في المستدرك قال العلامة في (صه): علي بن أحمد الكوفي يكنى
أبا القاسم قال الشيخ الطوسي فيه انه كان اماميا مستقيم الطريقة صنف كتبا كثيرة
سديدة وصنف كتبا في الغلو والتخليط وله مقالة تنسب إليه قال (جش) انه كان
يقول إنه من آل أبي طالب وغلا في آخر عمره وفسد مذهبه وصنف كتبا كثيرة
أكثرها على الفساد توفي بموضع يقال له كرمي بينه وبين شيراز نيف وعشرون
فرسخا في جمادي الأولى سنة 352 وهذا الرجل يدعي له الغلاة منزلة عظيمة.
وقال ابن الغضائري علي بن أحمد أبو القاسم الكوفي المدعي العلوية كذاب
غال صاحب بدعة ومقالة ورأيت له كتبا كثيرة لا يلتفت إليه.
(وأقول) وهذا هو المخمس صاحب البدع المحدثة وادعى انه من بني
هارون بن الكاظم " ع " ومعنى التخميس عند الغلاة ان سلمان الفارسي والمقداد
وعمارا وأبا ذر وعمرو بن أمية الضمري هم الموكلون بمصالح العالم تعالى الله عن ذلك
علوا كبيرا انتهى.
145

(أقول) قال الشريف أبو الحسن علي بن أبي الغنائم محمد بن علي العلوي
العمري في المجدي: ادعى أبو القاسم المخمس صاحب مقالة الغلاة المعروف بعلي بن أحمد
الكوفي فقال انا علي بن أحمد بن موسى ابن أحمد بن هارون بن موسى بن
جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طلب عليهم السلام.
فكتبت من الموصل إلى شيخي أبي عبيد الله الحسين بن محمد بن القاسم بن
طباطبا النسابة المقيم ببغداد أسأله عن أشياء في النسب من جملتها نسب علي بن أحمد
الكوفي فجاء الجواب بخطه الذي لا شك فيه ان هذا الرجل كاذب مبطل وانه
ادعى إلى بيوت عدة لم يثبت له نسب في جميعها وان قبره بالري يزار على غير
أصل صحيح انتهى.
(أبو قتادة الأنصاري)
اسمه الحرث بن ربعي أو النعمان كان بدريا يعبر عنه بفارس النبي صلى الله عليه وآله
روى عنه ابنه عبد الله وابن المسيب، مات بالمدينة سنة 54 وقيل إنه مات بالكوفة
وصلى عليه أمير المؤمنين " ع " وقصة انكاره على خالد بن الوليد في قتله مالك بن
نويرة واعراسه بامرأته في الكتب مسطور. وقد تقدم الإشارة إليه في ذكر خالد
ابن الوليد في ترجمة أبي جهل.
وروي ان النبي صلى الله عليه وآله كان في سفر وكان عند أبي قتادة وضوؤه فتوضأ
وفضلت في الميضاة فضلة فلما حمي النهار واشتد العطش بالناس ابتدروا إلى النبي
يقولون الماء الماء فسقاهم النبي جميعا بفضل وضوئه الذي كان في الميضاة ثم قال
لأبي قتادة اشرب فقال لا بل اشرب أنت يا رسول الله فقال اشرب فان ساقى القوم
آخرهم شربا فشرب أبو قتادة ثم شرب رسول الله صلى الله عليه وآله الشهاب قال صلى الله عليه وآله: ساقى
القوم آخرهم شربا، قال شارحه صاحب ضوء الشهاب هذا من مكارم الأخلاق التي
لا يزال يأخذها بها أصحابه ويتقدم بها إليهم ويكررها إليهم والأدب في ذلك،
146

ان الساقي للقوم وهم عطاشى مجهودون إذا ابتدأ بنفسه دل على جشعه وقلة مبالاته
بأصحابه الذين ائتمن عليهم وجعل ملاك أرواحهم وقوام أبدانهم بيده وامر الماء
عندهم شديد إلى أن قال: وفائدة الحديث الحث على الاخذ بالأكرم من الافعال
والتباعد عما يجلو الانسان في معرض الأنذال ولباس الأرذال.
(أبو كريبة الأزدي)
كان من أجلاء الشيعة روى (كش) بسنده عن زرارة قال شهد أبو كريبة
الأزدي ومحمد بن مسلم الثقفي عند شريك بشهادة وهو قاض فنظر في وجههما مليا
ثم قال: جعفريان فاطميان فبكيا فقال لهما وما يبكيكما؟ قالا له نسبتنا إلى أقوام
لا يرضون بأمثالنا ان يكونوا من إخوانهم لما يرون من سخف ورعنا الخ.
(أبو كهمس)
القاسم بن عبيد كان من أصحاب الصادق " ع " وقد يطلق على الهيثم بن
عبيد، وإني احتمل قويا ان أبا كهمس كنية لرجل واحد، فصحف اسمه فصار
اثنين فان القاسم والهيثم قريبان من الخط.
(أبو لؤلؤة)
فيروز الملقب ببابا شجاع الدين النهاوندي الأصل والمولد المدني أخو ذكوان
وهو أبو أبي الزناد عبد الله بن ذكوان عالم أهل المدينة الذي تقدم ذكره.
رأيت في بعض الكتب ان أبا لؤلؤة كان غلام المغيرة بن شعبة اسمه
الفيروز الفارسي أصله من نهاوند فأسرته الروم وأسره المسلمون من الروم، ولذلك
لما قدم سبى نهاوند إلى المدينة سنة 21 (كا) كان أبو لؤلؤة لا يلقى منهم صغيرا
إلا مسح رأسه وبكى وقال له: (اكل رمع كبدي) وذلك لان الرجل وضع عليه
من الخراج كل يوم درهمين فثقل عليه الامر فأتى إليه فقال له الرجل ليس بكثير في
حقك فإني سمعت عنك انك لو أردت ان تدير الرحى بالريح لقدرت على ذلك فقال
147

له أبو لؤلؤة لأديرن لك رحى لا تسكن إلى يوم القيامة فقال إن العبد قد أوعد
ولو كنت اقتل أحدا بالتهمة لقتلته، وفي خبر آخر قال له أبو لؤلؤة لأعملن لك
رحى يتحدث بها من بالمشرق والمغرب ثم انه قتله بعد ذلك والتفصيل يطلب من
غير هذا الكتاب والله العاصم.
(أبو لبابة)
بشير بن عبد المنذر وقيل رفاعة بن عبد المنذر كان من الأنصار شهد بدرا
والعقبة الأخيرة. وهو الذي جرى منه في بني قريظة ما جرى فندم فربط نفسه
بالأسطوانة فلم يزل كذلك حتى نزلت توبته من السماء، وهذه الأسطوانة معروفة
في مسجد النبي صلى الله عليه وآله بأسطوانة التوبة واسطوانة أبى لبابة ويستحب عندها الصلاة
والدعاء والاعتكاف. قال علي بن إبراهيم القمي في تفسير قوله تعالى: (وآخرون
اعترفوا بذنوبهم) الآية: نزلت في أبى لبابة بن عبد المنذر. وكان رسول الله
لما حاصر بني قريظة قالوا له ابعث إلينا أبا لبابة نستشيره في أمرنا، فقال رسول الله
يا أبا لبابة ائت حلفاءك ومواليك فأتاهم فقالوا له: يا أبا لبابة ما ترى أننزل على حكم
رسول الله؟ فقال أنزلوا واعلموا ان حكمه فيكم هو الذبح وأشار إلى حلقه ثم ندم
على ذلك فقال خنت الله رسوله، ونزل من حصنهم ولم يرجع إلى رسول الله،
ومر إلى المسجد وشد في عنقه حبلا تم شده إلى الأسطوانة التي كانت تسمى
أسطوانة التوبة فقال لا أحله حتى أموت أو يتوب الله علي فبلغ رسول الله فقال
اما لو أتانا لاستغفرنا الله له، فاما إذا قصد إلى ربه فالله أولى به.
وكان أبو لبابة يصوم النهار ويأكل بالليل ما يمسك به نفسه (رمقه خ ل)
وكانت بنته تأتيه بعشائه وتحله عند قضاء الحاجة فلما كان بعد ذلك ورسول الله
في بيت أم سلمة نزلت توبته فقال يا أم سلمة قد تاب الله على أبي لبابة فقالت
يا رسول الله أفأوذنه بذلك؟ فقال فافعلي فأخرجت رأسها من الحجرة فقالت يا أبا
148

لبابة ابشر فقد تاب الله عليك فقال الحمد لله فوثب المسلمون يحلونه فقال لا والله
حتى يحلني رسول الله بيده، فجاء رسول الله فقال يا أبا لبابة قد تاب الله عليك
توبة لو ولدت من أمك يومك هذا لكفاك فقال يا رسول الله فأتصدق بمالي كله
قال لا قال فبثلثيه قال لا، قال فبنصفه قال لا، قال فبثلثه قال نعم، فأنزل الله عز وجل:
وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملا صالحا، إلى هو التواب الرحيم.
(أقول): وهو أيضا أحد الثلاثة الذين خلفوا في غزوة تبوك فنزلت توبتهم.
(أبو لهب)
هو أبو عتبة الذي نزل فيه قوله تعالى: (تبت يدا أبي لهب وتب) وعداوته
للنبي صلى الله عليه وآله وما جرى منه عليه من الأذى أشهر من أن يذكر قال أمير المؤمنين
عليه السلام مشيرا إليه:
أبا لهب تبت يداك أبا لهب * وصخرة بنت الحرب حمالة الحطب
خذلت نبي الله قاطع رحمه * فكنت كمن باع السلامة بالعطب
لخوف أبي جهل فأصبحت تابعا * له وكذلك الرأس يتبعه الذنب
روي عن أبي رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وآله قال كنت غلاما للعباس بن عبد المطلب
وكان الاسلام قد دخلنا أهل البيت وأسلمت أم الفضل وأسلمت وكان العباس يهاب
قومه ويكره ان يخالفهم وكان يكتم اسلامه وكان ذا مال كثير متفرق في قومه،
وكان أبو لهب عدو الله قد تخلف عن بدر وبعث مكانه العاص بن هشام بن المغيرة،
وكذلك صنعوا لم يتخلف رجل إلا بعث مكانه رجلا فلما جاء الخبر عن مصاب
أصحاب بدر من قريش كبته الله وأخزاه ووجدنا أنفسنا قوة وعزا، قال وكنت
رجلا ضعيفا وكنت اعمل القداح أنحتها في حجرة زمزم فوالله اني لجالس فيها
أنحت القداح وعندي أم الفضل جالسة وقد سرنا ما جاءنا من الخبر إذ اقبل الفاسق
أبو لهب يجر رجليه حتى جلس على طنب الحجرة وكان ظهره إلى ظهري فبينا هو
149

جالس إذ قال الناس هذا أبو سفيان بن الحرث بن عبد المطلب وقد قدم فقال
أبو لهب هلم إلي يا ابن أخي فعندك الخبر فجلس إليه والناس قيام عليه فقال يا بن أخي
أخبرني كيف كان أمر الناس؟ قال لا شئ والله إن كان إلا ان لقيناهم فمنحناهم
أكتافنا يقتلوننا ويأسروننا كيف شاؤوا وأيم الله مع ذلك ما لمت الناس، لقينا
رجالا بيضا على خيل بلق بين السماء والأرض ما تليق شيئا ولا يقوم لها شئ،
قال أبو رافع فرفعت طرف الحجرة بيدي ثم قلت تلك الملائكة قال فرفع أبو لهب
يده فضرب وجهي ضربة شديدة فثاورته فاحتملني وضرب بي الأرض ثم برك علي
يضربني وكنت رجلا ضعيفا فقامت أم الفضل إلى عمود من عمد الحجرة فاخذته
فضربته ضربة فلقت رأسه شجة منكرة وقالت تستضعفه ان غاب عنه سيده فقام
موليا ذليلا فوالله ما عاش إلا سبع ليال حتى رماه الله بالعدسة فقتله، ولقد تركه
ابناه ليلتين أو ثلاثة ما يدفنانه حتى أنتن في بيته، وكانت قريش تتقي العدسة كما
يتقي الناس الطاعون حتى قال لهما رجل من قريش ألا تستحيان ان أباكما قد أنتن
في بيته لا تغيبانه؟ فقالا إنا نخشى هذه القرحة قال فانطلقا فانا معكما، فما غسلوه
إلا قذفا بالماء عليه من بعيد ما يسمونه ثم احتملوه فدفنوه بأعلى مكة إلى جدار
وقذفوا عليه الحجارة حتى واروه. ولعل في تعيير أمير المؤمنين " ع " أبا لهب بهذا
البيت بعد الأبيات السابقة:
فأصبح ذاك الامر عارا يهيله * عليك حجيج البيت في موسم العرب
إشارة إلى رمي الحاج إليه بالأحجار عند مرورهم عليه.
(أبو الليث السمرقندي)
نصر بن محمد بن إبراهيم الفقيه صاحب بستان العارفين مختصر مفيد على مائة
وخمسين بابا في الأحاديث والآثار الواردة في الآداب الشرعية والخصال والأخلاق
وبعض الأحكام الشرعية، وله تنبيه الغافلين جمع فيه أشياء من المواعظ والحكم.
150

عن الذهبي انه قال فيه موضوعات كثيرة توفي في حدود سنة 375
وقل غير ذلك.
(أبو المؤيد الجزري)
محمد بن محمد البجلي الصائغ، كان طبيبا معروفا وعالما مشهورا، حسن
المعالجة جيد التدبير والتقرير والتحقيق، وافر الفضل فيلسوفا متميزا في علم الأدب
له كلمات حكمية واشعار كثيرة منها القصيدة الميمية في حفظ الصحة:
احفظ بني وصيتي واعمل بها * فالطب مجموع بنص كلامي
قدم على طب المريض عناية * في حفظ قوته مع الأيام
القصيدة، ويأتي في ابن سيناء ما يتعلق بذلك، وله أيضا:
عدل مزاجك ما استطعت ولا تكن * كستوقة أدى بها التخليط
واحفظ عليك حرارة برطوبة * يبقى فتركك حفظها تفريط
واعلم بأنك كالسراج بقاؤه * ما دام في طرف الذبال سليط
له كتب منها: قرابادين الكبير، كان من أطباء القرن الخامس معاصرا
للقادر والقائم بأمر الله العباسيين.
(أبو مؤيد الخوارزمي) انظر أخطب خوارزم
(أبو المتوج)
مقلد بن نصر بن منقذ والد أبي الحسن علي صاحب قلعة شيزر، توفي سنة
435 ورثاه القاضي أبو يعلى حمزة بن عبد الرزاق بن أبي حصين بهذه القصيدة:
ألا كل حي مقصدات (1) مقاتله * وآجل ما يخشى من الدهر عاجله
مضى قيصر لم تغن عنه قصوره * وجدل كسرى ما حمته مجادله
كأن ابن نصر سائرا في سريره * حياء من الوسمي أقشع هاطله

(1) أقصده السهم: أصابة فقتله.
151

لقد دفن الأقوام أروع لم تكن * بمدفونة طول الزمان فضائله
يمر على الوادي فتثني رماله * عليه وبالنادي فتبكي أرامله
سرى نعشه فوق الرقاب وطالما * سرى جوده فوق الركاب ونائله
بفيك الثرى لم تدر من حل بالثرى * جهلت وقد يستصغر المرء جاهله
هو السيد المهتز للتم بدره * وللجود عطفاه وللطعن عامله
فما مات حتى نال أقصى مراده * كما يستسر المرء تمت منازله
فتى طالما يعتاده الجيش عاميا * فينزله أو عاديا فينازله
صفوح عن الجاني وصفحة سيفه * إذا هي لم تقتله فالصفح قاتله
(أبو المحاسن الروياني)
فخر الاسلام عبد الواحد بن إسماعيل بن أحمد الطبري أحد أئمة العلم والفقه
والحديث من أصحابنا وكان يتقي فظن أنه من الشافعية وهو أحد مشايخ السيد
ضياء الدين فضل الله الراوندي طاب ثراه.
قال السمعاني في وصفه على ما حكي عنه انه كان من رؤوس الأئمة والأفاضل
لسانا وبيانا، له الجاه العريض والقبول التام في ديار طبرستان وحميد المساعي
والآثار، والتصلب في المذهب، والصيت المشهور في البلاد، والافضال على المنتابين
والقاصدين إليه انتهى.
وكان الوزير نظام الملك كثير التعظيم له لكمال فضله، سافر إلى بخارا وغزنه
ونيسابور ولقي الفضلاء، وبنى بآمل طبرستان مدرسة ثم انتقل إلى الري ودرس
بها وقدم أصفهان وأملى بجامعها وصنف الكتب المفيدة منها: كتاب حلية المؤمن
يحكى عنه انه قال: لو احترقت كتب الشافعي لأمليتها من خاطري.
قتل بآمل 11 محرم سنة 502 (بث) قتله الملاحدة الباطنية، لأنه أفتى بالحادهم
والروياني بضم الراء وسكون الواو نسبة إلى رويان مدينة بنواحي طبرستان.
152

(أبو المحاسن الشواء)
شهاب الدين بن يوسف بن إسماعيل بن علي بن أحمد الامامي الكوفي الأصل
الحلبي المولد والمنشأ والوفاة كان أديبا فاضلا شاعرا، له ديوان شعر كبير يدخل في
أربع مجلدات، وكان كثير الملازمة لحلقة الشيخ تاج الدين أبى القسم أحمد بن هبة
الله بن سعد بن سعيد بن المقلد المعروف بابن الجيراني الحلبي النحوي اللغوي الفاضل
المتضلع في علم الأدب، المتوفى بحلب سنة 628 والمدفون في سفح جبل جوشن،
وأكثر من اخذ الأدب منه وبصحبته انتفع.
قال ابن خلكان ذلك وقال كان بيني وبين الشهاب الشواء مودة أكيدة
ومؤانسة كثيرة ولنا اجتماعات في مجالس نتذاكر فيها الأدب وأنشدني كثيرا من
شعره وما زال صاحبي منذ سنة 633 إلى حين وفاته وقبل ذلك كنت أراه قاعدا
عند أبي الجيراني في موضع تصدره في جامع حلب، قال وكان من المغالين في التشيع
توفي 19 محرم بحلب سنة 635 (خله).
(أبو محذورة)
سليمان بن سمرة، قال ابن قتيبة وكان سمرة هذا مؤذن النبي صلى الله عليه وآله وهو الذي
قال له عمر حين اذن: أما خشيت ان ينشق مريطاؤك. وكان له أخ يقال له أنيس
ابن معير قتل يوم بدر كافرا. والمريطاء أسفل البطن ما بين السرة إلى العانة. وأسلم
أبو محذورة بعد حين وأمره النبي بالاذان بمكة، فالاذان في ولده إلى اليوم في
المسجد الحرام، وتوفي سنة 59 (نط) انتهى.
(أبو محفوظ معروف الكرخي) انظر الكرخي
(أبو محلم اللغوي)
محمد بن هشام بن عوف التميمي الشيباني اللغوي أحد بنى هشام النحاة
المشهورين كان إماما في اللغة والعربية وعلم الشعر وأيام الناس واصله من الأهواز
153

رحل في طلب الحديث مرارا وسمع من سفيان بن عيينة وجماعة وقصد البادية
لطلب العربية وأقام بها مدة. روى عنه الزبير بن بكار وثعلب والمبرد.
يحكى ان الواثق رأى في منامه كأن قائلا له: لا يهلك على الله إلا من قلبه
مرت فأصبح فسأل جلساءه عن ذلك فلم يعرفوا حقيقته فوجه إلى أبى محلم فأحضره
وسأله عنه فقال: المرت من الأرض القفر الذي لا نبت فيه فالمعنى على هذا لا يهلك
على الله إلا من قلبه خال عن الايمان خلو المرت من النبات ثم أنشد للعرب مائة بيت
معروف لشاعر معروف في كل منها ذكر المرت فامر له الواثق بألف دينار وأراده
لمجالسته فأبى، ولد سنة حج المنصور ومات سنة 245 (رمه).
(أبو محمد النوبختي)
الحسن بن موسى بن أخت أبي سهيل بن نوبخت، متكلم فيلسوف من أعاظم
متكلمي الإمامية وكان يجتمع إليه جماعة من نقلة كتب الفلسفة مثل أبي عثمان
الدمشقي وإسحاق وثابت وغيرهم، وكان جماعة للكتب، قال الشيخ: وكان اماميا
حسن الاعتقاد نسخ بخطه شيئا كثيرا وله مصنفات كثيرة في الكلام والفلسفة
وغيرهما ثم عد بعض كتبه (جش) الحسن بن موسى أبو محمد النوبختي شيخنا المتكلم
المبرز على نظرائه في زمانه قبل الثلاثمائة وبعدها له على الأوائل كتب كثيرة منها
كتاب الآراء والديانات كتاب كبير حسن يحتوي على علوم كثيرة قرأت هذا
الكتاب على شيخنا أبي عبد الله رحمه الله وله كتاب فرق الشيعة (1).
(أقول): وكتاب الفرق موجود عندنا. ويذكر أبو الفرج ابن الجوزي
كثيرا في تلبيس إبليس عن كتاب الآراء والديانات في مذاهب السوفسطائية
والدهرية والطبيعيين والثنوية والفلاسفة. وقال ابن الجوزي وكان النوبختي هذا
من متكلمي الشيعة الإمامية انتهى.

(1) المطبوع في المطبعة الحيدرية في النجف.
154

وله أيضا كتاب الرد على المنجمين وحجج طبيعية مستخرجة من كتاب
أرسطاطاليس في الرد على من يزعم أن الفلك حي ناطق.
(أبو مخنف)
لوط بن يحيى بن سعيد بن مخنف بن سليم الأزدي شيخ أصحاب الاخبار
بالكوفة ووجههم كما عن (جش) وتوفي سنة 157، يروي عن الصادق " ع "،
ويروي عنه هشام الكلبي. وجده مخنف بن سليم صحابي شهد الجمل في أصحاب
علي " ع " حاملا راية الأزد فاستشهد في تلك الوقعة سنة 36، وكان أبو مخنف من
أعاظم مؤرخي الشيعة، ومع اشتهار تشيعه اعتمد عليه علماء السنة في النفل عنه
كالطبري وابن الأثير وغيرهما، وليعلم ان لأبي مخنف كتبا كثيرة في التأريخ والسير
منها كتاب مقتل الحسين " ع " الذي نقل منه أعاظم العلماء المتقدمين واعتمدوا
عليه، ولكن الأسف انه فقد ولا يوجد منه نسخة، وما المقتل الذي بأيدينا
وينسب إليه فليس له بل ولا لأحد من المؤرخين المعتمدين، ومن أراد تصديق ذلك
فليقابل ما في هذا المقتل وما نقله الطبري وغيره عنه حتى يعلم ذلك، وقد بينت ذلك
في نفس المهموم في طرماح بن عدي والله العالم.
(أبو مرثد الغنوي)
كناذ (كشداد) بن خصين من غنى وكان تربا لحمزة بن عبد المطلب قال ابن
قتيبة: آخى رسول الله صلى الله عليه وآله بينه وبين عبادة بن الصامت وآخى بين ابنه مرثد
وبين ابن الصامت أخي عبادة، وكان أبو مرثد طويلا كثير شعر الرأس، ومات
في خلافة أبى بكر سنة 12 وقتل ابنه مرثد في حياة رسول الله صلى الله عليه وآله يوم الرجيع
شهيدا وكان أمير السرية.
(أبو مروان)
عمرو بن عبيد البصري كان من أصحاب أبي الحسن البصري وتلاميذه
155

القائل بأن مرتكب الكبيرة منافق، وواصل بن عطا أظهر المنزلة بين المنزلتين، قيل إن
أباه كان شرطيا وكان عمرو متزهدا فكانا إذا اجتازا معا على الناس قالوا: هذا
شر الناس أبو خير الناس. مات عمرو في سنة 144 (قمد) وهو ابن أربع وستين سنة.
واحتجاج هشام بن الحكم عليه في مسجد البصرة في سؤاله: ألك عين؟ الخ مشهور
أوردته في السفينة.
(أبو المستهل)
الكميت بن زيد الأسدي الكوفي الشاعر الامامي المعروف مادح أهل بيت
النبي صلى الله عليه وآله كان عالما بلغات العرب خبيرا بأيامها، كان مشهورا بالتشيع لبني هاشم
وقصائده فيهم تسمى الهاشميات وهي من جيد شعره ومختاره، وكانت أول
منظوماته، يقال: ما جمع أحد من علماء العرب ومناقبها ومعرفة أنسابها ما جمع
الكميت. وكان في أيام بني أمية، له قصص وحكايات. ولد سنة 60 وتوفي سنة
126 (قكو).
روى العلامة المجلسي عن كفاية الأثر عن الورد بن الكميت عن أبيه الكميت قال:
دخلت على سيدي أبي جعفر محمد بن علي الباقر " ع " فقلت يا ابن رسول الله اني
قد قلت فيكم أبياتا أفتأذن لي في انشادها فقال أيام البيض قلت فهو فيكم خاصة
قال: هات فأنشأت أقول:
أضحكني الدهر وأبكاني * والدهر ذو صرف وألوان
لتسعة بالطف قد غودروا * صاروا جميعا رهن أكفاني
فبكى " ع " وبكى أبو عبد الله " ع " وسمعت جارية تبكي من وراء الخباء
فلما بلغت إلى قولي:
وستة لا يتجازى (1) بهم * بنو عقيل خير فرسان

(1) أي سبقوا فلم يقدر أحد ان يجري معهم في المكرمة.
156

ثم علي الخير مولاهم * ذكرهم هيج أحزاني
فبكى ثم قال، ما من رجل ذكرنا أو ذكرنا عنده يخرج من عينيه ماء ولو
مثل جناح البعوضة إلا بنى الله له بيتا في الجنة وجعل ذلك الدمع حجابا بينه وبين
النار فلما بلغت إلى قولي:
من كان مسرورا بما مسكم * أو شامتا يوما من الآن
فقد ذللتم بعد عز فما * ادفع ضيما حين يغشاني
اخذ بيدي، ثم قال: اللهم اغفر للكميت ما تقدم من ذنبه وما تأخر. فلما
بلغت إلى قولي:
متى يقوم الحق فيكم متى * يقوم مهديكم الثاني
قال سريعا إن شاء الله سريعا.
(أبو مسلم الخراساني)
عبد الرحمن بن مسلم القائم بالدعوة العباسية، قيل كان قصيرا أسمر حلوا
أحور العين خافض الصوت فصيحا حلو المنطق عالما بالأمور، لم ير ضاحكا ولا مازحا
إلا في وقت تأتيه الفتوحات العظام فلا يظهر عليه أثر السرور وتنزل به الحوادث
الفادحة فلا يرى مكتئبا وإذا غضب لم يستفزه الغضب، ولا يأتي امرأته في السنة
إلا مرة واحدة، ويقول الجماع جنون ويكفي الانسان ان يجن في السنة مرة،
وكان من أشد الناس غيرة لا يدخل قصره غيره، قيل لما زفت إليه امرأته أمر
بالبرذون الذي ركبته فذبح وأحرق سرجه لئلا يركبه ذكر بعدها، قتل في دولته
ستمائة الف صبرا.
قتله المنصور في شعبان سنة 137 (قلز) برومية المدائن بالقرب من الأنبار.
ونقل عن ربيع الأبرار للزمخشري قال: كان أبو مسلم يقول
بعرفات: اللهم إني تائب إليك مما لا أظنك تغفر لي، فقيل له أفيعظم على الله تعالى
157

غفران، فقال: انى نسجت ثوب ظلم ما دامت الدولة لبني العباس فكم من صارخة
تلعنني عند تفاقم الظلم! فكيف يغفر لمن هذا الخلق خصماؤه؟ انتهى.
قال ابن قتيبة في المعارف: أبو مسلم صاحب الدعوة ذكروا ان مولده سنة
مائة، واختلفوا في نسبه اختلافا كثيرا فقال بعضهم هو من أصبهان وقال بعضهم
من خراسان وقيل من العرب، وادعى هو انه من سليط بن علي بن عبد الله
ابن عباس ونسبه أبو دلامة إلى الأكراد فقال:
أبا مجرم ما غير الله نعمة * على عبده حتى يغيره العبد
أفي دولة المهدي حاولت غدره * ألا ان أهل الغدر آباؤك الكرد
أبا مجرم خوفتني القتل فانتحى * عليك بما خوفتني الأسد الورد
وكان منشأه عند إدريس بن عيسى جد أبي دلف النازل في حد أصبهان، وقتله
أبو جعفر برومية المدائن سنة 137 (قلز) انتهى.
قال ابن النديم: ومن الاعتقادات التي حدثت بخراسان بعد الاسلام المسلمية
أصحاب أبي مسلم يعتقدون إمامته ويقولون انه حي يرزق.
(أبو سلم الخولاني)
عبد الله بن ثوب أو أهبان بن الصيفي أحد الزهاد الثمانية كان للعامة فيه
اعتقاد عظيم يقولون انه سيد التابعين أسلم في حياة النبي صلى الله عليه وآله ولما تنبأ الأسود
العنسي باليمن بعث إليه، فلما جاءه قال أتشهد انى رسول الله؟ قال ما اسمع قال
أتشهد ان محمدا رسول الله؟ قال نعم فردد عليه ذلك فامر بنار عظيمة فأحميت ثم
القي فيها أبو مسلم فلم تضره، فأتى أبو مسلم المدينة وقد قبض النبي صلى الله عليه وآله فأناخ
راحلته بباب المسجد وقام يصلي إلى سارية وبصر به عمر بن الخطاب فقام إليه
وقال: ممن الرجل؟ قال من أهل اليمن قال ما فعل الذي أحرقه الكذاب بالنار؟ قال
ذلك عبد الله بن ثوب، قال أنشدك بالله أنت هو؟ قال اللهم نعم، فاعتنقه عمر
158

وبكى، ثم أجلسه بينه وبين أبي بكر وقال الحمد لله الذي لم يمتني حتى أراني رجلا من
أمة محمد فعل به كما فعل بإبراهيم الخليل " ع ". توفي سنة 62 (سب) ودفن في داريا
قرية كبيرة بدمشق بها قبر أبي سليمان الداراني، هذا ما روي عن العامة في حقه،
واما هو عندنا فمطعون، وكان من أعوان معاوية، سئ الرأي في علي " ع ".
روي عن الفضل بن شاذان انه قال عند ذكره للزهاد الثمانية: واما أبو مسلم فإنه كان
فاجرا مرائيا وكان صاحب معاوية، وهو الذي كان يحث الناس على قتال علي " ع "
فقال لعلي ادفع إلينا المهاجرين والأنصار حتى نقتلهم بعثمان فأبى عليه السلام ذلك،
فقال أبو مسلم الآن طاب الضراب. انما كان وضع فخا ومصيدة. والخولاني
بفتح الخاء المعجمة وسكون الواو هذه نسبة إلى خولان بن عمرو، وهي قبيلة
كبيرة نزلت بالشام. وينسب إليها أيضا أبو عبد الرحمن طاوس بن كيسان الخولاني
الهمداني اليماني، أحد الاعلام التابعين الذي يأتي ذكره في الطاوسي.
(أبو المعالي الأصبهاني)
ابن العالم الرباني المولى الاجل الحاج محمد إبراهيم الكرباسي عالم فاضل متبحر
دقيق فكور، كثير التتبع، حسن التحرير، كثير التصنيف، كثير الاحتياط،
شديد الورع، كامل النفس، منقطع إلى العلم والعمل، له مصنفات في الفقه
والأصول والرجال، ورسالة في أصوات النساء، ورسالة في حكم التداوي بالمسكر،
ورسالة في زيارة عاشوراء، وله شرح الخطبة الشقشقية وغير ذلك من الرسائل
الكثيرة. توفي في (كز) صفر سنة 1315 (غشيه) وقبره بأصبهان في تخته فولاذ
مزار مشهور.
(أبو المعالي الجويني) انظر امام الحرمين
(أبو معشر المنجم)
جعفر بن محمد بن عمر البلخي، صاحب التصانيف، قيل لا زالت مصنفاته
159

مخطوطة في خزائن أوروبا منها: كتاب المدخل الكبير في الزيج وعلم النجوم.
حكي انه كان منجما للموفق بالله، وظهر منه احكام غريبة لكثرة تسلطه في
علم النجوم. وله إصابات عجيبة منها: ما حكي عنه في قصة رجل أخفى نفس عن بعض
الملوك واخذ طستا من الدم وجعل فيه هاونا من الذهب وجلس عليه فأخبر أبو معشر
عن ذلك والقصة مشهورة.
قال ابن النديم: انه كان أولا من أصحاب الحديث وكان يضاعن الكندي
ويغري به العامة ويشنع عليه بعلوم الفلاسفة فدس عليه الكندي من حسن له النضر
في علوم الحساب والهندسة فدخل في ذلك فلم يكمل له، فعدل إلى علم احكام النجوم
وانقطع شره عن الكندي ويقال انه تعلم النجوم بعد سبع وأربعين سنة من عمره
وكان فاضلا، حسن الإصابة، وضربه المستعين أسواطا لما أصاب في شئ خبره
بكونه قبل وقته فكان يقول أصبت فعوقبت.
وتوفي وقد جاوز المائة بواسط لليلتين بقيتا من شهر رمضان سنة 272 (رعب) انتهى
والكندي هو أبو يوسف يعقوب بن إسحاق، فاضل دهره وواحد عصره
في معرفة العلوم القديمة بأسرها ويسمى فيلسوف العرب، وله كتب في علوم مختلفة
ذكر ابن النديم جميع ما صنفه في الفهرست، وله رسالة ترجمها بابطال دعوى المدعين
صنعة الذهب والفضة من غير معادنها وذكر فيها خدع أهل الصناعة، وقد نقض على
هذه الرسالة أبو بكر محمد بن زكريا الرازي صاحب كتاب المنصوري في صناعة
الطب. قال المسعودي: وأرى القول ان ما ذكره الكندي فاسد وان ذلك قد
يتأتى فعله انتهى.
توفي سنة 246 (روم) البلخي بفتح الموحدة وسكون اللام نسبة إلى بلخ
مدينة عظيمة من بلاد خراسان فتحها الأحنف بن قيس المشهور بالحلم.
(أبو المفضل الشيباني)
محمد بن عبد الله بن محمد بن عبيد الله بن البهلول بن المطلب ينتهي نسبه إلى
160

ذهل بن شيبان ذكره (جش) وقال: كان سافر في طلب الحديث عمره، أصله كوفي
وكان في أول امره ثبتا ثم خلط ورأيت جل أصحابنا يغمزونه ويضعفونه له كتب
كثيرة، ثم عد كتبه وكان منها كتاب مزار أمير المؤمنين " ع " كتاب مزار
الحسين " ع " كتاب من روى حديث غدير خم، ثم قال رأيت هذا الشيخ وسمعت
منه كثيرا ثم توقفت عن الرواية عنه إلا بواسطة بيني وبينه انتهى.
توفي سنة 387 وعمره تسعون سنة كما نقل عن ميزان الذهبي. قال صديقنا
صاحب الذريعة: ولما كان ولادة (جش) سنة 372 وكان عمره يوم وفاة أبي المفضل
خمس عشرة سنة احتاط ان يروي عنه بلا واسطة بل كان يروي عنه بالواسطة كما
صرح به فلا وجه حينئذ لدعوى ان توقف (جش) كان لغمز في أبى المفضل انتهى.
(أبو المكارم بن زهرة) انظر ابن زهرة
(أبو المنذر بن السائب) انظر الكلبي
(أبو منصور البغدادي)
عبد القاهر بن طاهر بن محمد الفقيه الأصولي الشافعي الأديب، كان ماهرا
في فنون عديدة خصوصا علم الحساب فإنه كان متقنا له، وله فيه تأليف منها: كتاب
التكملة، وكان عارفا بالفرائض والنحو، وله اشعار ورد مع أبيه نيسابور، وكان
ذا مال وثروة وأنفقها على أهل العلم والحديث وتفقه على أبي إسحاق الأسفراني
وجلس بعده للاملاء في مكانه بمسجد عقيل، وتوفي بأسفراين سنة 429، ودفن
إلى جانب شيخه أبي إسحاق، ويأتي ضبط الأسفرايني.
(أبو منصور الجواليقي) انظر الجواليقي
(أبو موسى الأشعري)
عبد الله بن قيس، كان واليا على البصرة في أيام عمر وعثمان، وكان عامل
أمير المؤمنين " ع " على الكوفة، وكان يخذل أهل الكوفة عن حرب الجمل في نصرة
161

أمير المؤمنين علي ويأمرهم بوضع السلاح والكف عن القتال ويقول: انما هي فتنة
فنمى ذلك إلى أمير المؤمنين " ع " فولى على الكوفة قرظة بن كعب الأنصاري
وكتب إلى أبي موسى: اعتزل عملنا يا ابن الحائد مذموما مدحورا فما هذا أول
يومنا منك وإن لك فيها لهنات وهنات.
قال المسعودي: وقصته في أمر التحكيم واجتماعه مع عمرو بن العاص بدومة
الجندل وحيلة عمرو فيه معروف، فحكي ان عمروا أعطاه أولا صدر المجالس وكان
لا يتكلم قبله وأعطاه التقدم في الصلاة وفي الطعام لا يأكل حتى يأكل وإذا خاطبه
فإنما يخاطبه بأجل الأسماء ويقول له يا صاحب رسول الله حتى اطمأن إليه وظن أن
لا يغشه قال له عمرو أخبرني ما رأيك يا أبا موسى قال أرى ان أخلع هذين الرجلين
ونجعل الامر شورى بين المسلمين يختارون من يشاؤون، وكان أبو موسى يحب
احياء سنة عمر، فقال عمرو الرأي والله ما أريت ثم قال تقدم يا أبا موسى فتكلم
فقام ليتكلم فدعاه ابن عباس فقال ويحك والله انى لأظنه خدعك ان كنتما قد
اتفقتما على أمر فقدمه قبلك ليتكلم به ثم تكلم أنت بعده فإنه رجل غدار، وكان
أبو موسى رجلا مغفلا، فقال أيها عنك إنا قد اتفقنا، فتقدم أبو موسى فخطب
ثم قال بعد كلام له: وإني قد خلعت عليا ومعاوية فولوا من رأيتموه لهذا الامر
أهلا، فقام عمرو فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: ان هذا قد قال ما سمعتم وخلع
صاحبه وانا أخلع صاحبه كما خلعه وأثبت صاحبي معاوية في الخلافة فإنه ولي عثمان
والطالب بدمه وأحق الناس بمقامه، فقال له أبو موسى: مالك لا وفقك الله
قد غدرت وفجرت انما مثلك كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث،
فقال له عمرو: انما مثلك كمثل الحمار، وكان أمير المؤمنين " ع " بعد الحكومة إذا صلى
الغداة والمغرب وفرغ من الصلاة يلعن معاوية وابن العاص وأبا موسى وجماعة أخرى.
(أقول): الذي يظهر من تأريخ أحوال أبي موسى انه كان لغير رشده،
ويشهد لذلك تعبير معاوية عنه: يدعي الأشعريين وفي الخبر الوارد في ورود عقيل
162

على معاوية وسؤاله عن الجماعة الذين كانوا حوله، قال لمعاوية من ذا عن يمينك؟
قال عمرو بن العاص فتضاحك ثم قال: لقد علمت قريش انه لم يكن أحصى لتيوسها
من أبيه، ثم قال من هذا؟ قال أبو موسى فتضاحك ثم قال: لقد علمت قريش
بالمدينة انها لم يكن بها امرأة أطيب ريحا من قب أمه، وفي خبر آخر أو مجلس آخر
لما سأل عقيل معاوية من هذا الذي عن يمينك؟ فأجاب بأنه عمرو بن العاص قال عقيل
هذا الذي اختصم فيه ستة نفر فغلب عليه جزارها، فمن الآخر؟ قال أبو موسى
الأشعري، قال: هذا ابن المراقة.
(قلت) الظاهر أن المراد من المراقة كثرة النتن، فان المرق كما في القاموس:
الإهاب المنتن ولعلها لدفع النتن تستعمل الطيب وتحمله معها، كما يحكى نظير ذلك
من ابن زياد، ويحتمل ان يكون المراغة بالغين المعجمة كما قال ذلك عبد الملك بن
مروان لجرير الشاعر، لما سمع قوله في أبيات هجا بها الأخطل التغلبي الشاعر:
إن الذي حرم المكارم تغلبا * جعل النبوة والخلافة فينا
مضر أبي وأبو الملوك فهل لكم * يا خرز تغلب من أب كأبينا
هذا ابن عمي في دمشق خليفة * لو شئت ساقكم إلى قطينا
(قطينا اي خدما) قال فلما بلغ عبد الملك بن مروان قوله قال: ما زاد ابن
المراغة علي ابن جعلني شرطيا اما انه لو قال (لو شاء ساقكم إلى قطينا) لسقتهم إليه كما
قال. قوله: (جعل النبوة والخلافة فينا) انما قال ذلك لان جريرا تميمي النسب
تميم ترجع إلى مضر بن نزار بن عدنان جد رسول الله صلى الله عليه وآله. ومما يشهد بعدم
طهارة نسب أبى موسى بغضه وعداوته لأمير المؤمنين " ع " ففي روايات كثيرة ان
بغض أمير المؤمنين علامة خبث الولادة. قال انس بن مالك: ما كنا نعرف الرجل
لغير أبيه إلا ببغض أمير المؤمنين علي بن أبي طالب " ع ". وورث البغضة عنه ابنه
أبو بردة الذي قبل يد قاتل عمار وقال لا تمسك النار ابدا، وسعى في قتل حجر بن
عدي الكندي. وقد تقدم ذكره.
163

(أبو النجم العجلي)
الفضل بن قدامة هو من رجاز الاسلام وهو الذي يقول:
انا أبو النجم وشعري شعري * لله دري ما يجن صدري
كان من شعراء زمان الدولة الأموية ومات في أواخر أيام دولتهم، حكي انه
طلبه هشام ليلة ليحدثه فحدثه عن بناته فكان مما حدثه عن بنته المسماة بظلامة
هذا الشعر:
كأن ظلامة أخت شيبان * يتيمة ووالدها حيان
الرأس قمل كله وصيبان * وليس في الساقين إلا خيطان
تلك التي يفزع منها الشيطان
فضحك هشام حتى ضحكت النساء من وراء ستر رقيق، فامر هشام له
بثلاثمائة دينار وقال اجعلها في رجل ظلامة مكان الخيطين انتهى.
(أبو نصر الفراهي)
مسعود بن أبي بكر بن حسين بن جعفر الأديب اللغوي، صاحب كتاب
نصاب الصبيان الذي اعتنى بشرحه جمع من الفضلاء حتى حكي عن السيد الشريف
الجرجاني انه كتب عليه تعليقة. والفراهي نسبة إلى فراهة كسحابة قرية بسجستان
(أبو نعامة)
قطري بن الفجاءة المازني الخارجي، خرج زمن مصعب بن الزبير لما ولي
العراق، فبقي قطري عشرين سنة يقاتل ويسلم عليه بالخلافة، وكان الحجاج بن
يوسف يسير إليه جيشا بعد جيش وهو يستظهر عليهم حتى توجه إليه سفيان بن
الأبرد الكلبي فظهر عليه وقتله في سنة 78 وقيل إن قتله كان بطبرستان سنة 79،
وهو الذي عناه الحريري بقوله في المقامة السادسة بقوله: فقلدوه في هذا الامر
164

الزعامة تقليد الخوارج أبا نعامة. وكان رجلا شجاعا كثير الحروب والوقائع،
قوي النفس، لا يهاب الموت وفي ذلك يقول مخاطبا لنفسه:
أقول لها وقد طارت شعاعا * من الابطال ويحك لا تراعي
فإنك لو سألت بقاء يوم * على الاجل الذي لك لم تطاعي
فصبرا في مجال الموت صبرا * فما نيل الخلود بمستطاع
ولا ثوب الحياة بثوب عز * فيطوي عن أخي الخنع اليراع
سبيل الموت غاية كل حي * وداعيه لأهل الأرض داعي
ومن لا يعتبط يسأم ويهرم * وتسلمه المنون إلى انقطاع
وما للمرء خير في حياة * إذا ما عد من سقط المتاع
روي أن الحجاج قال لأخيه لأقتلنك فقال لم ذلك قال لخروج أخيك، قال فان
معي كتاب أمير المؤمنين ان لا تأخذني بذنب أخي، قال هاته قال فمعي ما هو
أؤكد منه قال ما هو؟ قال كتاب الله عز وجل حيث يقول: (ولا تزروا وازرة
وزر أخرى) تعجب منه وخلى سبيله.
(أبو نعيم الأصبهاني)
مصغرا الحافظ أحمد بن عبد الله بن أحمد بن إسحاق بن موسى بن مهران
الأصبهاني، من اعلام المحدثين والرواة وأكابر الحفاظ والثقات، اخذ عن الأفاضل
وأخذوا عنه، له كتاب حلية الأولياء وهو من أحسن الكتب كما ذكره ابن خلكان
وهو كتاب معروف بين أصحابنا ينقلون عنه اخبار المناقب، وله أيضا كتاب
الأربعين من الأحاديث التي جمعها في أمر المهدي " ع " وله كتاب تأريخ أصبهان.
وعن المولى نظام الدين القرشي تلميذ شيخنا البهائي انه ذكر هذا الرجل في القسم
الثاني من كتاب رجاله المسمى بنظام الأقوال قال: ورأيت قبره في أصبهان وكان
مكتوبا عليه: قال صلى الله عليه وآله مكتوب على ساق العرش لا إله إلا الله وحده لا شريك
165

له محمد بن عبد الله عبدي ورسولي أيدته بعلي بن أبي طالب رواه الشيخ الحافظ
المؤمن الثقة العدل أبو نعيم أحمد بن محمد بن عبد الله سبط محمد هو الصوفي
الأصبهاني المدفون في محلة خاجو من محلات أصبهان أحمد بن يوسف البناء الأصبهاني
رحمه الله ورضي عنه ورفع في أعلى عليين درجته وحشره مع من يتولاه من
الأئمة المعصومين " ع ".
وعن ابن الجوزي ان وفاة الحافظ هذا في ثاني عشر محرم من شهور سنة
402 (تب) انتهى ملخصا من (ضا). وفي تأريخ ابن خلكان: انه توفي 21 محرم
سنة 430 (تل) بأصبهان.
(أقول) قد تقدم في أبى الفرج الأصبهاني ما يتعلق بأصبهان، وليعلم ان
هذا الرجل غير الحافظ أبو نعيم الفضل بن دكين شيخ البخاري في صحيحه، الذي
عده جماعة من جهابذة العلماء كابن قتيبة في المعارف والذهبي في ميزانه وغيرهما وقد
احتج به أصحاب الصحاح الستة، كان مولده سنة 130 (قل) وتوفي بالكوفة ليلة
الثلاثاء لانسلاخ شعبان سنة 210 (ري). قال صاحب (ض) الشيخ الحافظ
أبو نعيم فضل بن دكين كان من أكابر محدثي قدماء علماء الخاصة ويعرف هو
بالحافظ أبو نعيم، وليس هو بالحافظ أبو نعيم الأصفهاني صاحب كتاب حلية
الأولياء فان اسمه أحمد بن عبد الله بن أحمد بن إسحاق بن موسى بن مهران
الأصفهاني فلا تغفل وبالجملة فضل بن دكين هذا قد كان معتمدا موثوقا به بين
العامة والخاصة.
وروى عنه كلتا الطائفتين ولكن لم يورده أصحاب الرجال من أصحابنا في
في كتبهم أصلا، ولذلك قد يظن كونه من العامة فتأمل، إلى أن قال: وقال
الشهيد الثاني في بعض تعليقاته على كتاب الخلاصة للعلامة نقلا عن خطه ما هذا
لفظه: الفضل بن دكين بضم الدال المهملة وفتح الكاف وسكون المثناة التحتية قبل
النون لم يذكره المصنف يعني العلامة وهو رجل مشهور من علماء الحديث انتهى.
166

روى العلامة المجلسي عن بشارة الشيعة انه: قدم أبو نعيم الفضل بن دكين
بغداد فنزل الرميلة وهي محلة بها فاجتمع إليه أصحاب الحديث ونصبوا له كرسيا
صعد عليه واخذ يعظ الناس ويذكرهم ويروي لهم الأحاديث، وكانت أياما صعبة في
التقية فقام رجل من آخر المجلس وقال له يا أبا نعيم أتتشيع؟ قال فكره الشيخ مقالته
وأعرض عنه وتمثل بهذين البيتين:
وما زال بي حبيك حتى كأنني * برد جواب السائلي عنك أعجم
لأسلم من قول الوشاة وتسلمي * سلمت وهل حي من الناس يسلم
قال فلم يفطن الرجل بمراده، وعاد إلى السؤال وقال يا أبا نعيم أتتشيع؟ فقال
يا هذا كيف بليت بك؟ وأي ريح هبت بك إلي؟ نعم سمعت الحسن بن صالح
ابن حي يقول سمعت جعفر بن محمد يقول: حب علي عبادة وخير العبادة ما كتمت
(أقول) قد ظهر من هذا الخبر ان أبا نعيم المذكور أدرك أبا محمد الحسن بن
صالح بن حي الثوري الكوفي الزيدي الذي ينسب إليه الصالحية كان متواريا من
خوف المهدي العباسي حتى مات متخفيا بعد وفاة عيسى بن زيد الشهيد بشهرين.
قال ابن النديم: ولد الحسن بن صالح بن حي سنة مائة ومات متخفيا
سنة 168 (قسح) وكان من كبار الشيعة الزيدية وعظمائهم وعلمائهم وكان فقيها
متكلما، ثم عد له كتبا انتهى.
وللحسن أخ صالح اسمه علي بن صالح وكلاهما من اعلام الشيعة ولدا توأما
وذكرهما الذهبي في المحكى عن ميزانه وقال في أحوال الحسن: كان أحد الاعلام
وفيه بدعة تشيع وكان يترك الجمعة ويرى الخروج على الولاة الظلمة وذكر انه كان
لا يترحم على عثمان وذكر من جماعة انهم وثقوه، وان أبا زرعة قال اجتمع فيه
إتقان وفقه وعبادة وزهد وان أبا نعيم قال كتبت عن ثمانمائة محدث فما رأيت
أفضل من الحسن بن صالح، وان يحيى بن أبي بكير قال للحسن بن صالح صف
لنا غسل الميت فما قدر عليه من البكاء؟ وان عبيد الله بن موسى قال: كنت اقرأ
167

على علي بن صالح فلما بلغت: فلا تعجل عليهم، سقط أخوه الحسن يخور كما يخور
الثور فقام إليه علي فرفعه ومسح وجهه ورش عليه وأسنده وان وكيعا قال كان
الحسن وعلي ابنا صالح وأمهما قد جزؤا الليل ثلاثة اجزاء فكل واحد يقوم ثلثا
فماتت أمهما فاقتسما الليل بينهما، ثم مات علي فقام الحسن الليل كله، وان أبا سليمان
الداراني قال ما رأيت أحدا الخوف أظهر على وجهه من الحسن بن صالح قام ليلة
بعم يتساءلون فغشي عليه فلم يختمها إلى الفجر، ولد سنة مائة ومات سنة
199 (قصط).
(أبو نؤاس)
الحسن بن هاني الشاعر المشهور ولد بالبصرة ونشأ بها ثم خرج إلى الكوفة،
سئل عن نسبه قال: أغناني أدبي عن نسبي. وكان من أجود الناس بديهة وأرقهم
حاشية، وله اشعار كثيرة في مدح مولانا الرضا عليه السلام فمنها قوله:
مطهرون نقيات جيوبهم * تتلى الصلاة عليهم أينما ذكروا
من لم يكن علويا حين تنسبه * فما له في قديم الدهر مفتخر
والله لما برى خلقا فأتقنه * صفاكم واصطفاكم أيها البشر
فأنتم الملا الأعلى وعندكم * علم الكتاب وما جاءت به السور
روي أنه لما أنشدها قال الرضا " ع " قد جئتنا بأبيات ما سبقك أحد إليها، يا غلام
هل معك من نفقتنا شئ؟ فقال ثلاثمائة دينار فقال أعطها إياه ثم قال يا غلام
سق إليه البغلة.
عن علي بن محمد النوفلي قال: ان المأمون لما جعل علي بن موسى الرضا " ع "
ولي عهده؟، وان الشعراء قصدوا المأمون ووصلهم بأموال جمة حين مدحوا الرضا
وصوبوا رأي المأمون في الاشعار دون أبي نؤاس فإنه لم يقصده ولم يمدحه، ودخل
على المأمون فقال له يا أبا نؤاس قد علمت مكان علي بن موسى الرضا منى وما أكرمته
168

به فلماذا أخرت مدحه وأنت شاعر زمانك وقريع دهرك؟ فأنشأ يقول:
قيل لي أنت أوحد الناس طرا * في فنون من الكلام النبيه
لك من جوهر الكلام بديع * يثمر الدر في يدي مجتنيه
فعلى ما تركت مدح ابن موسى * والخصال التي تجمعن فيه
قلت لا اهتدي لمدح إمام * كان جبريل خادما لأبيه
فقال له المأمون أحسنت ووصله من المال بمثل الذي وصل به كافة الشعراء
وفضله عليهم.
(قلت) هذا كما يحكى عن المتنبي انه قال في جواب من اعترض عليه في
عدم مدحه أمير المؤمنين " ع " على كثرة اشعاره فقال:
وتركت مدحي للوصي تعمدا * إذ كان نورا مستطيلا شاملا
وإذا استظال الشئ قام بنفسه * وصفات ضوء الشمس تذهب باطلا
وحكي ان أبا نؤاس خرج من بغداد قاصدا مصر ليمدح أبا نصر الخصيب بن
عبد الحميد صاحب ديوان الخراج بها فأنشأ قصيدته الرائية منها قوله:
إذا لم تزر ارض الخصيب ركابنا * فأي فتى بعد الخصيب تزور
فما جازه جود ولا حل دونه * ولكن يصير الجود حيث يصير
فتى يشتري حسن الثناء بماله * ويعلم ان الدائرات تدور
يقال انه لما صار إلى بغداد مدح الخليفة، فقيل له وأي شئ تقول فينا بعد أن
قلت في بعض نوابنا؟ إذا لم تزر ارض الخصيب (البيت) فأطرق ساعة ثم رفع
رأسه وأنشد يقول:
إذا نحن أثنينا عليك بصالح * فأنت كما نثني وفوق الذي نثني
وإن جرت الألفاظ منا بمدحة * لغيرك انسانا فأنت الذي نعنى
قيل توفي أبو نؤاس سنة 198 ببغداد ودفن في مقابر الشونيزي.
وقال ابن النديم في الفهرست: توفى أبو نؤاس في الفتنة قبل قدوم المأمون
169

من خراسان سنة مائتين، انتهى.
وفي كشكول البهائي: روي أبو نؤاس في المنام بعد موته، فقيل له ما فعل
الله بك؟ فقال غفر لي وتجاوز عني لبيتين قلتهما قبل موتي وهما:
من انا عند الله حتى إذا * أذنبت لا يغفر لي ذنبي
العفو يرجى من بني آدم * فكيف لا أرجوه من ربي
وقال أبو علي في منتهى المقال في ذكر أبي نؤاس: واما الحكايات المتضمنة
لذمه فكثيرة، لكن غير مسندة إلى كتاب يستند إليه أو ناقل يعول عليه، وكيف
كان هو من خلص المحبين لهم عليهم السلام والمادحين إياهم انتهى.
(أقول): والعجب من القاضي نور الله انه عده من المخالفين وقال: مدحه
للرضا " ع " ليس من خلوص الاعتقاد وأيد قوله بقول الإمام الهادي " ع "
لأبي السري: أنت أبو نؤاس الحق ومن تقدمك أبو نؤاس الباطل وكيف كان،
انما قيل له أبو نؤاس لذؤابتين كانتا له تنوسان اي تذبذبان على عاتقيه.
(أبو نؤاس الحق)
من أصحاب الهادي " ع " هو أبو السرى سهل بن يعقوب بن إسحاق،
كان يتخالع ويتطيب مع الناس ويظهر التشيع على الطيبة فيأمن على نفسه، قال فلما
سمع الامام " ع " لقبني بأبي نؤاس وقال يا أبا السري أنت أبو نؤاس الحق ومن
تقدمك أبو نؤاس الباطل، وروى أنه عرض على الامام " ع " اختيارات الأيام
المروي عن الإمام الصادق " ع " فصححه له ثم قال له يا سيدي في أكثر هذه الأيام
قواطع عن المقاصد لما ذكر فيها من التحذير والمخاوف فتدلني على الاحتراز من
المخاوف فيها فإنما تدعوني الضرورة إلى التوجه في الحوائج فيها، فقال لي: يا سهل
ان لشيعتنا بولايتنا لعصمة لو سلكوا بها في لجة البحار الغامرة وسباسب البيداء
الغايرة بين سباع وذئاب وأعادي الجن والإنس لأمنوا من مخاوفهم بولايتهم لنا
170

فثق بالله عز وجل وأخلص في الولاء لأئمتك الطاهرين عليهم السلام فتوجه حيث شئت
واقصد ما شئت إذا أصبحت وقلت ثلاثا أصبحت اللهم معتصما بذمامك المنيع (الدعاء)
وقلتها عشيا ثلاثا حصنت في حصن من مخاوفك وأمن من محذورك.
(أبو نيزر)
مولى أمير المؤمنين " ع " كان من أبناء بعض الملوك يأتي ما يتعلق به في المبرد.
(أبو الواثق العنبري)
أورد له ابن شهرآشوب كما عن مناقبه هذه الأبيات:
شفيعي إليك اليوم يا خالق الورى * رسولك خير الخلق والمرتضى علي
وسبطاه والزهراء بنت محمد * ومن فاق أهل الأرض في زهده علي
وباقر علم الأنبياء وجعفر * وموسى وخير الناس في رشده علي
ومولاي من بعد الكرام إلى الورى * محمد المحمود ثم ابنه علي
وبالحسن الميمون تمت شفاعتي * وبالقائم المهدى ينمى إلى علي
أئمة رشد لا فضيلة بعدهم * سلالة خير الخلق أفضلهم علي
صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.
(أبو واثلة)
إياس بكسر الهمزة ابن معاوية بن قرة بن اياس المزني الألمعي المصيب
والمعدود مثلا في الذكاء والفطنة وبه تضرب الأمثال في الذكاء وإياه عنى الحريري
في المقالة السابعة بقوله: وإذا المعيتي المعية ابن عباس وفراستي فراسة إياس. وكان
عمر بن عبد العزيز قد ولاه قضاء البصرة وله حكايات من ذكائه منها: اخباره عن
ثلاث نسوة لا يعرفهن بأن إحداهن حاملا وثانيتهن مرضعا وثالثتهن عذراء في
حكاية مشهورة.
وحكي انه تراءى هلال شهر رمضان جماعة فيهم انس بن مالك وقد قارب
171

المائة فقال انس قد رأيته هو ذاك وجعل يشير إليه فلا يرونه ونظر إياس إلى انس
وإذا شعرة من حاجبه قد انثنت فمسحها اياس وسواها بحاجبه ثم قال له يا أبا حمزة
أرنا موضع الهلال فجعل ينظر ويقول ما أراه، إلى غير ذلك، وقد جمع جزءا
كبيرا من اخباره، توفي سنة 22 (قكب).
(أبو واقد الليثي)
الحارث بن عوف من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله سكن المدينة قيل إنه شهد
بدرا مع النبي، وكان قديم الاسلام وشهد صفين. يروى عنه ابن المسيب وعروة
ابن الزبير وعطا وغيرهم، توفي سنة 68 (صح).
(أقول) لما هاجر النبي صلى الله عليه وآله إلى المدينة فنزل بقبا وكان ينتظر عليا كتب
إليه كتابا يأمره بالمسير إليه وقلة التلوم، وكان الرسول إليه أبا واقد الليثي، فلما
اتاه كتاب رسول الله صلى الله عليه وآله تهيأ للخروج والهجرة فخرج بالفواطم وتبعهم أيمن
ابن أم أيمن وأبو واقد حتى قدموا المدينة.
(أبو الوقت)
عبد الأول بن أبي عبد الله عيسى بن شعيب السجزي، وكان مكثرا من
الحديث عالي الاسناد وطالت مدته والحق الأصاغر بالأكابر، توفي ببغداد سنة 552
والسجزي نسبة إلى سجستان وهي من شواذ النسب قاله ابن خلكان.
(أبو الوليد الأندلسي) انظر ابن رشد
(أبو الوليد بن زيدون)
أحمد بن عبد الله بن أحمد بن غالب بن زيدون المخزومي الأندلسي القرطبي
الشاعر المشهور، كان من خواص المعتمد عباد صاحب أشبيلية وكان معه في صورة
وزير، له اشعار كثيرة ومن بديع قلائده هذه القصيدة:
أضحي التنائي بديلا من تدانينا * وناب عن طيب لقيانا تجافينا
172

تكاد حين تناجيكم ضمائرنا * يقضي علينا الأسى لولا تأسينا
حالت لبعدكم أيامنا فغدت * سودا وكانت بكم بيضا ليالينا
من مبلغ الملبسينا بانتزاحهم * ثوبا من الحزن لا يبلى ويبلينا
إن الزمان الذي قد كان يضحكنا * أنسا بقربكم قد كان يبكينا
فانحل ما كان معقودا بأنفسنا * وأنبت ما كان موصولا بأيدينا
بالأمس كنا وما يخشى تفرقنا * واليوم نحن ولا يرجى تلاقينا
لا تحسبوا نأيكم عنا يغيرنا * إذ طالما غير النائي المحبينا
والله ما طلبت أرواحنا بدلا * عنكم ولا انصرفت فيكم أمانينا
توفي بأشبيلية سنة 463 (تسج) وكان له ولد يقال له أبو بكر تولى وزارة
المعتمد بن عباد قتل يوم اخذ يوسف بن تاشفين قرطبة من ابن عباد وذلك في
2 صفر سنة 484.
(أبو الولي)
ابن الأمير شاه محمود الأنجولي الشيرازي الصدر الكبير، كان من أجلة
السادات بشيراز وكان سيدا فاضلا فقيها متصلبا في التشيع، كان من علماء دولة
الشاه طهماسب الصفوي، كان متوليا للروضة المقدسة الرضوية ثم عزل وصار
متوليا للأوقاف الغازانية ثم صار متوليا لبقعة الشاه صفي الدين ثم صار صدرا في
زمن الشاه عباس الأولى كذا عن الرياض وعنه قال: كان هذا الصدر الجليل
معاصرا للشيخ البهائي ورأيت رقعة من الشيخ البهائي إليه هذه صورتها: سلام الله
تعالى على مخدوم العالمين ومطاع أهل الحق واليقين ومتبوع كافة المؤمنين ومن
تشرف به مسند الصدارة والله على ذلك من الشاهدين، وبعد فقد تشرف الخادم
الحقيقي والمخلص التحقيقي وبورود الخطاب المستطاب من تلك الأعتاب لا زالت
عالية القباب إلى يوم المآب وقبل مجاري الأقلام الشريفة ومسح وجهه بمواقع
173

الأنامل القدسية المنيفة وابتهل إلى الله سبحانه ان يمن على هذه الفرقة بدوام تلك
الذات العلوية السماة وان يحرسها من سائر الكدورات الخ.
يروي عن أبيه عن الشيخ إبراهيم القطيفي. ويروى عنه السيد حسين بن
السيد حيدر الكركي العاملي.
(أبو هاشم الجبائي) انظر الجبائي
(أبو هاشم الجعفري)
داود بن القسم بن إسحاق بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب رضى الله
تعالى عنهم البغدادي، وكان ثقة جليل القدر عظيم المنزلة عند الأئمة عليهم السلام
وقد شاهد منهم الرضا والجواد والهادي والعسكري وصاحب الامر صلوات الله
عليهم أجمعين، وكان منقطعا إليهم وقد روى عنهم كلهم وله اخبار ومسائل وله
شعر جيد فيهم منها قوله في أبي الحسن الهادي " ع " وقد اعتل:
مادت الأرض بي وأدت فؤادي * واعترتني موارد العرواء
حين قيل الامام نضو عليل * قلت نفسي فدته كل الفداء
مرض الدين لاعتلالك واعتل * وغارت له نجوم السماء
عجبا ان منيت بالداء والسقم * وأنت الامام حسم الداء
أنت آسى الأدواء في الدين والدنيا * ومحيي الأموات والاحياء
وكان مقدما عند السلطان، وكان ورعا زاهدا ناسكا عالما عاملا ولم يكن أحد في
آل أبي طالب مثله في زمانه في علو النسب. وذكر السيد ابن طاووس: انه من
وكلاء الناحية الذين لا تختلف الشيعة فيهم توفي في ج 1 سنة 261 (رسا).
قال المسعودي: وقبره مشهور والظاهر أن مراده في بغداد لأنه كان متوطنا
فيها، وكان أبوه القاسم أمير اليمن رجلا جليلا وكانت أم القاسم أم حكيم
174

بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر، فهو ابن خالة مولانا الصادق عليه السلام.
ووردت عن أبي هاشم روايات من دلائل امامة أبي الحسن الهادي " ع "
وهي كثيرة نتبرك بذكر ثلاثة منها:
(1) روي أن أبا الحسن " ع " مص حصاة ثم رمى بها إلى أبى هاشم فوضعها
في فمه، فما برح من عنده حتى تكلم بثلاثة وسبعين لسانا أولها الهندية.
(2) روي عن خرائج الراوندي قال كان أبو هاشم منقطعا إلى الهادي " ع "
فشكى إليه ما يلقى من الشوق إليه وكان ببغداد وله برذون ضعيف، فقال عليه السلام
قواك الله يا أبا هاشم وقوى برذونك، قال الراوندي وكان أبو هاشم يصلي الفجر
ببغداد ويسير على ذلك البرذون فيدرك الزوال من يومه ذلك في عسكر سر من رأى
ويعود من يومه إلى بغداد إذا شاء على ذلك البرذون وكان هذا من أعجب الدلائل
التي شوهدت.
(3) روى الشيخ الصدوق عن أبي هاشم الجعفري قال: أصابتني ضيقة
شديدة فصرت إلى أبى الحسن علي بن محمد " ع " فأذن لي فلما جلست قال يا أبا هاشم
اي نعم الله عز وجل عليك تريد ان تؤدى شكرها؟ قال أبو هاشم فوجمت (وجم
اي سكت على غيظه) فلم أدر ما أقول له، فابتدر " ع " فقال رزقك الايمان فحرم
به بدنك على النار، ورزقك العافية فأعانتك على الطاعة ورزقك القنوع فصانك عن
التبذل، يا أبا هاشم انما ابتدأتك بهذا لأني ظننت انك تريد ان تشكو إلى من فعل
بك هذا، وقد أمرت لك بمائة دينار فخذها ولا يخفى انه غير أبى هاشم العلوي
المعاصر للصاحب بن عباد الذي حكي انه مرض بعد أن كان الصاحب مريضا فبرئ
فكتب الصاحب إليه:
أبا هاشم مالي أراك عليلا * ترفق بنفس المكرمات قليلا
لترفع عن قلب النبي حزازة * وتدفع عن صدر الوصي غليلا
فلو كان من بعد النبيين معجز * لكنت على صدق النبي دليلا
175

فكتب أبو هاشم في جوابه:
دعوت إليه الناس شهرا محرما * ليصرف سقم الصاحب المتفضل
إلى بدني أو مهجتي فاستجاب لي * فها انا مولانا من السقم ممتلي
فشكرا لربي حين حول سقمه * إلى وعافاه ببرء معجل
وأسأل ربي ان يديم علاوه * فليس سواه مفزع لبني علي
(أبو هاشم بن محمد بن الحنفية)
اسمه عبد الله، قال ابن خلكان قال الطبري في تأريخه: في سنة 98 (صح)
قدم أبو هاشم عبد الله بن محمد بن الحنفية على سليمان بن عبد الملك بن مروان
فأكرمه، وسار أبو هاشم يريد فلسطين فانفذ سليمان من قعد له على الطريق بلبن
مسموم فشرب منه أبو هاشم فأحس بالموت فعدل إلى الحميمة واجتمع بمحمد بن
علي بن عبد الله بن العباس وأعلمه ان الخلافة في ولده عبد الله بن الحارثية (أي
السفاح) وسلم إليه كتب الدعاة وأوقفه على ما يعمل بالحميمة هكذا قال الطبري ولم
يذكر إبراهيم الامام. وجميع المؤرخين اتفقوا على إبراهيم الامام بن محمد بن علي،
ولما ظهر أبو مسلم بخراسان دعا الناس إلى مبايعة إبراهيم ولذلك قيل له إبراهيم الامام
وكان نصر بن سيار نائب مروان الحمار بخراسان فكتب إلى مروان يعلمه بظهور
أبى مسلم، فكتب مروان إلى عامله بدمشق ان يحضر إبراهيم من الحميمة موثقا
فأحضره وحمله إليه، وحبسه مروان بمدينة حران فأوصى إبراهيم الامام إلى أخيه
السفاح، وبقي إبراهيم شهرين في الحبس ومات انتهى.
وفي سؤال ابن أبي الحديد أبا جعفر النقيب ان بني أمية من أي طريق
عرفت ان الامر سينقل عنهم ويصير إلى بني هاشم وأول من يلي منهم يكون اسمه
عبد الله؟ وجواب النقيب ان أصل هذا كله محمد بن الحنفية ثم ابنه أبو هاشم
عبد الله قال إن عليا " ع " لما قبض اتى محمد أخويه حسنا وحسينا عليهم السلام فقال لهما
176

أعطياني ميراثي من أبى فقالا له قد علمت أن أباك لم يترك صفراء ولا بيضاء، فقال
قد علمت ذلك وليس ميراث المال اطلب بل اطلب ميراث العلم، فدفعا إليه صحيفة
لو أطلعاه على أكثر منها لهلك، فيها ذكر دولة بنى العباس. وروي عن عيسى بن
علي بن عبد الله بن العباس قال: لما أردنا الهرب من مروان بن محمد لما قبض على
إبراهيم الامام جعلنا نسخة الصحيفة التي دفعها أبو هاشم بن محمد بن الحنيفة إلى
محمد بن علي بن عبد الله بن العباس وهي التي كان آباؤنا يسمونها صحيفة الدولة في
صندوق من نحاس صغير ثم دفناه تحت زيتونات بالشراة (صقع بالشام) فلما
أفضى السلطان إلينا وملكنا الامر أرسلنا إلى ذلك الموضع فبحث وحفر فلم يوجد
شئ فأمرنا بحفر جريب من الأرض في ذلك الموضع حتى بلغ حفر الماء ولم نجد شيئا
قال أبو جعفر وقد كان محمد بن الحنيفة صرح بالامر لعبد الله بن العباس وعرفه
تفصيله ولم يكن أمير المؤمنين " ع " قد فصل لعبد الله بن العباس الامر وانما أخبره
به مجملا كقوله خذ إليك أبا الأملاك ونحو ذلك ومما كان يعرض به، ولكن الذي
كشف القناع وابرز المستور هو محمد بن الحنفية.
(أبو الهذيل)
العلاف محمد بن الهذيل بن عبد الله بن مكحول البصري شيخ البصريين في
الاعتزال ومن أكبر علمائهم وصاحب المقالات في مذهبهم كان معاصرا لأبي الحسن
الميثمي المتكلم الامامي.
حكي انه سأل أبو الحسن الميثمي أبا الهذيل فقال ألست تعلم أن إبليس ينهى
عن الخير كله؟ ويأمر بالشر كله قال بلى قال أفيجوز ان يأمر بالشر كله وهو
لا يعرفه وينهى عن الخير كله وهو لا يعرفه قال لا قال له أبو الحسن قد ثبت ان
إبليس يعلم الشر كله والخير كله، قال أبو الهذيل اجل قال فأخبرني عن امامك الذي
تأتم به بعد رسول الله صلى الله عليه وآله هل يعلم الخير كله والشر كله؟ قال لا، قال له:
177

فإبليس اعلم من امامك إذا فانقطع أبو الهذيل.
توفي أبو الهذيل بسر من رأى سنة 227 (ركز). حكي انه اجتمع عند
يحيى بن خالد جماعة من أرباب علم الكلام وهم علي بن مقسم أحد مشاهير المتكلمين
من الشيعة، وأبو مالك الخضرمي الشاري، وهشام بن الحكم شيخ الامامية،
والنظام، وعلي بن منصور أحد علماء الشيعة الإمامية، والمعمر المعتزلي، وبشر بن
المعمر، وثمامة بن أشرس المعتزلي، وأبو جعفر السكاك تلميذ هشام، والصباح بن
الوليد المرجي، والمؤيد المجوسي، وأبو الهذيل وغير هؤلاء فسألهم عن حقيقة
العشق فتكلم كل واحد بشئ من الكلام فقال أبو الهذيل وكان من جملتهم أيها
الوزير العشق يختم على النواظر ويطبع على الأفئدة مرتعه في الأجساد، ومشرعه
في الأكباد، وصاحبه متصرف الظنون متغير الأوهام لا يصفو له موجود ولا يسلم
له موعود يسرع إليه النوائب وهو جرعة من نقيع الموت وبقية من حياض الثكل
غير أنه من أريحية تكون في الطبع وطلاوة توجد في الشمائل وصاحبه جواد
لا يصغي إلى داعية المنع ولا يسنح به نازع الغول انتهى.
روى الشيخ الصدوق عن المفضل قال سألت أبا عبد الله " ع " عن العشق
قال: قلوب خلت عن ذكر الله فأذاقها الله تعالى حب غيره.
وروي عن النبي صلى الله عليه وآله قال: تعوذوا بالله عز وجل من حب الحزن. قال
العلامة المجلسي في شرح النبوي: أفضل الناس من عشق العبادة فعانقها وأحبها
بقلبه الخ. العشق هو الافراط في المحبة وربما يتوهم انه مخصوص بمحبة الأمور
الباطلة فلا يستعمل في حبه سبحانه تعالى وما يتعلق به وهذا يدل على خلافه وان
كان الأحوط عدم اطلاق الأسماء المشتقة منه على الله تعالى بل الفعل المشتق منه
أيضا بناء على التوقيف قيل ذكرت الحكماء في كتبهم الطبية: ان العشق ضرب
من الماليخوليا والجنون والأمراض السوداوية، وقرروا في كتبهم الإلهية انه من
أعظم الكمالات والسعادات، وربما يظن أن بين الكلامين اختلافا، وهو من واهي
178

الظنون فان المذموم هو العشق الجسماني الحيواني الشهواني، والممدوح هو
الروحاني الانساني النفساني، والأول يزول ويفتى بمجرد الوصال والاتصال،
والثاني يبقى ويستمر أبد الآباد على كل حال.
(قلت) ويناسب هنا الاستشهاد بأشعار الحكيم النظامي:
عشقي كه نه عشق جاود انى است * بازيجهء شهوت جوانى است
عشق آينه بلند نور است * شهوت زحساب عشق دور است
در خواطر هر كه عشق ورزد * عالم همه حبه نيرزد
چون عاشق را كسي بكاود * معشوق ازاويرون تراود
چون عشق بصدق ره نمايد * يك خوبي دوست ده نمايد
(أبو هريرة)
صحابي معروف أسلم بعد الهجرة بسبع سنين. قال الفيروز آبادي في
القاموس: وعبد الرحمن بن صخر رأى النبي صلى الله عليه وآله في كمه هرة فقال يا أبا هريرة
فاشتهر به، واختلف في اسمه على نيف وثلاثين قولا انتهى.
وذكر ابن أبي الحديد في الجزء الرابع من شرحه على النهج عن شيخه
أبى جعفر الإسكافي: ان معاوية وضع قوما من الصحابة وقوما من التابعين على
رواية اخبار قبيحة في علي " ع " تقتضي الطعن فيه والبراءة منه وجعل لهم على
ذلك جعلا يرغب في مثله فاختلفوا ما أرضاه منهم أبو هريرة وعمرو بن العاص
والمغيرة بن شعبة، إلى أن قال: وروى الأعمش قال لما قدم أبو هريرة العراق مع
معاوية عام الجماعة جاء إلى مسجد الكوفة فلما رأى كثرة من استقبله من الناس
جثا على ركبتيه ثم ضرب صلعته مرارا وقال يا أهل العراق أتزعمون اني أكذب
على الله وعلى رسوله وأحرق نفسي بالنار، والله لقد سمعت رسول الله (ص)
يقول: لكل نبي حرما وان حرمي بالمدينة ما بين عير إلى ثور فمن أحدث فيها حدثا
179

فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين. واشهد بالله ان عليا أحدث فيها. فلما بلغ
معاوية قوله أجازه وأكرمه وولاه إمارة المدينة.
وقال: قال أبو جعفر وأبو هريرة مدخول عند شيوخنا غير مرضي الرواية
ضربه عمر بالدرة، وقال قد أكثرت من الرواية واحر بك ان تكون كاذبا على
رسول الله (ص) الخ انتهى.
(أقول) كان أبو هريرة يلعب بالشطرنج قال الدميري والمروي عن أبي هريرة
من اللعب به مشهور في كتب الفقه، وقال الجزري في النهاية في صدر، وفي
حديث بعضهم قال رأيت أبا هريرة يلعب بالسدر، والسدر لعبة يقامر بها وتكسر
سينها وتضم وهي فارسية معربة عن (سه در) يعني ثلاثة أبواب انتهى.
وكانت عائشة تتهم أبا هريرة بوضع الحديث وترد ما رواه. ومن أراد
الاطلاع على ذلك فعليه بكتاب عين الإصابة فيما استدركته عائشة على الصحابة.
ولما بلغ عمران أبا هريرة يروي بعض مالا يعرف، قال لتتركن الحديث عن
رسول الله أو لألحقنك بجبال دوس. فروي عن أبي هريرة قال ما كنا نستطيع
ان نقول قال رسول الله حتى قبض.
وعن الفائق للزمخشري وغيره قال: أبو هريرة استعمله عمر على البحرين فلما
قدم عليه قال يا عدو الله وعدو رسوله سرقت من مال الله، فقال لست بعدو الله
ولا عدو رسوله ولكني عدو من عاداهما ما سرقت ولكنها سهام اجتمعت ونتاج
خيل فاخذ منه عشرة آلاف درهم فألقاها في بيت المال الخ.
وعن شعبة قال كان أبو هريرة يدلس. وعن ربيع الأبرار للزمخشري قال
وكان يعجبه اي أبا هريرة المضيرة جدا فيأكلها مع معاوية وإذا حضرت الصلاة
صلى خلف علي فإذا قيل له قال مضيرة معاوية أدسم وأطيب، والصلاة خلف علي
أفضل، فكان يقال له شيخ المضيرة، وقال أيضا كان أبو هريرة يقول اللهم ارزقني
ضرسا طحونا ومعدة هضوما ودبرا نثورا.
180

وحكي عن أبي حنيفة انه سئل فقيل له: إذا قلت قولا وكتاب الله تعالى
يخالف قولك؟ قال اترك قولي بكتاب الله، فقيل له إذا كان الصحابي يخالف
قولك؟ قال اترك قولي بجميع الصحابي به إلا ثلاثة منهم: أبو هريرة، وأنس بن
مالك، وسمرة بن جندب.
وروي انه سأله اصبغ بن نباتة في محضر معاوية فقال: يا صاحب رسول الله
انى أحلفك بالله الذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة وبحق حبيبه محمد المصطفى
صلى الله عليه وآله إلا أخبرتني أشهدت غدير خم؟ قال بلى شهدته، قلت فما سمعته يقول في
علي " ع "؟ قال سمعت يقول: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من
والاه، وعاد من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله، قلت له فأنت إذا
واليت عدوه وعاديت وليه، فتنفس أبو هريرة الصعداء وقال إنا لله وإنا إليه
راجعون، إلى غير ذلك.
وخبر ضرب عمر بين ثدييه ضربة خر لاسته، حيث جاء بنعلي رسول الله
صلى الله عليه وآله يبشر بالجنة من لقيه يشهد ان لا إله إلا الله مشهور.
(أبو هريرة العجلي)
هو الذي عد في شعراء أهل البيت " ع " ورثى مولانا الصادق " ع " لما
اخرج إلى البقيع ليدفن بقوله:
أقول وقد راحوا به يحملونه * على كاهل من حامليه وعاتق
أتدرون ماذا تحملون إلى الثرى * ثبيرا ثوى من رأس علياء شاهق
غداة حتى الحاثون فوق ضريحه * ترابا وأولى كان فوق المفارق
روي عن أبي نصير قال قال أبو عبد الله " ع ": من ينشدنا شعر أبي هريرة؟
قلت جعلت فداك انه كان يشرب، فقال: رحمه الله وما ذنب إلا ويغفره الله تعالى
لولا بغض علي " ع ".
181

(أبو هلال العسكري)
الحسن بن عبد الله بن سهل بن سعيد بن يحيى بن مهران اللغوي الأديب
الفاضل، صاحب كتاب الأوائل، كان موصوفا بالعلم والفقه والغالب عليه الأدب
والشعر. حكي عن ياقوت انه قال: ولم يبلغني شئ في وفاته غير انى وجدت في آخر
كتاب الأوائل من تصنيفه فراغه لعشر خلت من شعبان سنة 365 (شصه).
وبالجملة هو تلميذ سميه أبى احمد الحسن بن عبد الله بن سعيد العسكري،
وقيل إنه ابن أخت أبى احمد العسكري. وأبو أحمد العسكري. وأبو أحمد المذكور
أحد الأئمة في الأدب والحفظ وصاحب اخبار ونوادر، وله تصانيف منها: كتاب
المختلف والمؤتلف وكتاب الحكم والأمثال وكتاب الزواجر وغير ذلك.
يحكى ان الصاحب بن عباد كان يود الاجتماع به ولا يجد إليه سبيلا، فقال
لمخدومه مؤيد الدولة بن بويه ان عسكر مكرم قد اختلت أحوالها واحتاج إلى
كشفها بنفسي فأذن له في ذلك فلما اتاها توقع ان يزوره أبو أحمد المذكور فلم
يزره، فكتب إليه الصاحب:
ولما أبيتم ان تزوروا وقلتم * ضعفنا فلم نقدر على الوخدان
أتيناكم من بعد ارض نزوركم * وكم منزل بكر لنا وعوان
نسائلكم هل من قرى لنزيلكم * بملء جفون لا بملء جفان
وكتب مع هذه الأبيات شيئا من النثر، فجاوبه أبو أحمد عن النثر بنثر مثله
وعن هذه الأبيات بالبيت المشهور:
أهم بأمر الحزم لو أستطيعه * وقد حيل بين العير والنزوان
فلما وقف الصاحب على الجواب عجب من اتفاق هذا البيت له، وقال والله
لو علمت أنه يقع له هذا البيت لما كتبت إليه على هذا الروي. وهذا البيت لصخر
ابن عمرو بن الشريد أخي الخنساء الشاعرة المشهورة، وهو من جملة أبيات مشهورة
182

وكان صخر المذكور قد حصر محاربة بنى أسد فطعنه ربيعة بن ثور الأسدي فادخل
بعض حلقات الدرع في جنبه وبقي مدة حول في أشد ما يكون من المرض وأمه
وزوجته سليمى تمرضانه فضجرت زوجته منه فمرت بها امرأة فسألتها عن حاله
فقالت لا هو حي فيرجى ولا ميت فينسى فسمعها صخر فأنشد:
أرى أم صخر لا تمل عيادتي * وملت سليمى مضجعي ومكاني
وما كنت أخشى ان أكون جنازة * عليك ومن يغتر بالحدثان
لعمري لقد نبهت من كان نائما * وأسمعت من كانت له أذنان
وأي امرئ ساوى بأم حليلة * فلا عاش إلا في شقى وهوان
أهم بأمر الحزم لو أستطيعه * وقد حيل بين العير والنزوان
فللموت خير من حياة كأنها * معرس يعسوب برأس سنان
والعسكري بفتح العين وسكون السين وفتح الكاف نسبة إلى عدة مواضع أشهرها
عسكر مكرم وهي مدينة من كور الأهواز، ومكرم الذي تنسب إليه مكرم الباهلي
وهو أول من اختطها. قال الفيروز آبادي في القاموس: العسكر الجمع والكثير من
كل شئ، وعسكر محلة بنيسابور، ومحلة بمصر، وبلد بخوزستان، واسم سر من
رأى واليه نسب العسكريان أبو الحسن علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر
وولده الحسن " ع " وما تابعها انتهى ملخصا.
(أقول) وفي الاثني عشرية المنسوبة إلى الخواجة نصير الدين الطوسي عبر
عن موسى بن جعفر " ع " بقائد العسكر والجيش المدفون بمقابر قريش، وقد سئلت
قديما عن وجه ذلك فلم اهتد له ولم أر من أجاب عن ذلك إلى أن ألهمت له، وحاصله
انه عبر عنه بذلك، لأنه عليه السلام جلس يوم نيروز مجلس المنصور للتهنئة، ودخل
عليه العساكر والجنود والامراء والجيوش يهنئونه ويحملون إليه الهدايا، ولم يتفق
مثل ذلك لأحد من آبائه وأبنائه عليهم السلام.
وهذه قصته بنقل ابن شهرآشوب. حكي ان المنصور تقدم إلى موسى بن
183

جعفر " ع " الجلوس للتهنئة في يوم النيروز وقبض ما يحمل إليه، فقال: إني قد
فتشت الاخبار عن جدي رسول الله صلى الله عليه وآله فلم أجد لهذا العيد خبرا، وإنه سنة
الفرس ومحاها الاسلام، ومعاذ الله ان نحيي ما محاها الاسلام. فقال المنصور: انما
هذا سياسة للجند فسألتك بالله العظيم إلا ما جلست مجلسي، فجلس " ع "، ودخلت
عليه الملوك والامراء والأجناد يهنونه ويحملون إليه الهدايا والتحف وعلى رأسه
خادم المنصور يحصي ما يحمل (الخبر).
(أبو الهيثم بن التيهان)
بتقديم التاء المفتوحة على الياء المشددة المكسورة اسمه مالك، وهو من
السابقين الذين رجعوا إلى أمير المؤمنين " ع " وشهد بدرا وأحدا والمشاهد كلها،
ويظهر من الروايات غاية اخلاصه وكثرة جلالته، وانه كان من الأتقياء وقتل مع
مع علي بصفين سنة 37، قال أمير المؤمنين " ع " في خطبة له: أيها الناس انى قد
بثثت لكم المواعظ التي وعظ بها الأنبياء أممهم، وأديت إليكم ما أدى الأوصياء إلى
من بعدهم، وأدبتكم بسوطي فلم تستقيموا، وحدوتكم بالزواجر فلم تستوثقوا لله
أنتم، أتتوقعون إماما غيري يطأ بكم الطريق ويرشدكم السبيل؟ ألا انه قد أدبر
من الدنيا ما كان مقبلا، واقبل منها من كان مدبرا، وأزمع الترحال عباد الله
الاخبار، وباعوا قليلا من الدنيا لا يبقى بكثير من الآخرة لا يفنى، ماضر إخواننا
الذين سفكت دماؤهم وهم بصفين ألا يكونوا اليوم احياء يسيغون الغصص
ويشربون الرنق، قد والله لقوا الله فوفاهم أجورهم، وأحلهم دار الامن بعد
خوفهم، أين إخواني الذين ركبوا الطريق ومضوا على الحق؟ أين عمار؟ وأين ابن
التيهان؟ وأين ذو الشهادتين؟ وأين نظراؤهم من إخوانهم الذين تعاقدوا على المنية
وأبرد برؤوسهم إلى الفجرة؟ قال ثم ضرب " ع " يده على لحيته وأطال البكاء ثم قال
أوه على إخواني الذين تلوا القرآن فأحكموه، وتدبروا الفرض فأقاموه، وأحيوا
184

السنة وامائوا البدعة، دعوا للجهاد فأجابوا، ووثقوا بالقائد فاتبعوا، ثم نادى بأعلى
صوته: الجهاد الجهاد عباد الله ألا واني معسكر في يومي هذا، فمن أراد الرواح
إلى الله فليخرج قال نوف: وقد للحسين " ع " في عشرة آلاف، ولقيس بن سعد
في عشرة آلاف، ولأبي أيوب الأنصاري في عشرة آلاف، ولغيرهم على اعداد
اخر، وهو يريد الرجعة إلى صفين فما دارت الجمعة حتى ضربه ابن ملجم فتراجعت
العساكر فكنا كأغنام فقدت راعيها تخطفها الذئاب من كل مكان.
(أبو يزيد البسطامي)
طيفور بن عيسى بن آدم بن عيسى الصوفي الزاهد المشهور، له مقالات
كثيرة منها قوله: لو نظرتم إلى رجل أعطي من الكرامات حتى يرتفع في الهواء
فلا تغتروا به حتى تنظروا كيف تجدونه عند الأمر والنهي وحفظ الحدود وأداء
الشريعة توفي سنة 261 (رسا).
(أقول): ذكر كثير من العرفاء ان أبا يزيد كان سقاء في دار الإمام جعفر
ابن محمد الصادق عليه السلام.
وحكي عن جامع الأنوار للسيد حيدر بن علي الآملي انه قال: كان أبو يزيد
من جملة تلامذة مولانا جعفر بن محمد الصادق " ع " وقال: انه كان سقاء في داره
ومحرما على أسراره ثم انه قد استشكل بعضهم بأن وفاة مولانا الصادق " ع " كانت
في سنة 148 ووفاة أبى يزيد في سنة 261 ولم يختلف أحد في هذين التأريخ،
فيكون التفاوت ما بينهما مائة وثلاثة عشر سنة ولم يذكروا عمر أبي يزيد أكثر من
الثمانين، وأجيب بأنه يحتمل ان يكون ملازمته في الخدمة لباب مولانا الإمام علي
بن موسى الرضا. واحتمل بعض ان أبا يزيد كان اثنين الأكبر والأصغر:
(أحدهما) طيفور بن عيسى بن سروشان الزاهد.
(والثاني) أبو يزيد طيفور بن آدم بن عيسى بن علي الزاهد البسطامي
185

الأصغر. وعليه فيكون أبو يزيد المعاصر لمولانا الصادق " ع " وصاحب السقاية في
داره هو أكبر الرجلين، والبسطامي نسبة إلى بسطام كغلمان بلد معروف. قال
الحموي: بسطام بالكسر ثم السكون بلدة كبيرة بقومس على جادة الطريق إلى
نيسابور بعد دامغان بمرحلتين، قال: وبها خاصيتان عجيبتان.
(إحداهما) انه لم ير بها عاشق من أهلها قط ومتى دخلها انسان في قلبه
هوى وشرب من مائها زال العشق عنه.
(والأخرى) انه لم ير بها رمد قط ولها ماء مر ينفع إذا شرب منه على
الريق من البخر وإذا احتقن به أبرأ البواسير الباطنة وبها حيات صغار وذباب
كثير مؤذ انتهى.
(أبو يعلى الجعفري)
الشريف الاجل محمد بن الحسن بن حمزة الجعفري خليفة الشيخ المفيد وصهره
والجالس مجلسه متكلم فقيه قيم بالامرين، له كتب وأجوبة المسائل الواردة عليه
من البلاد، توفي رحمه الله يوم السبت السادس عشر من شهر رمضان سنة 463
ودفن في داره. قال صاحب نخبة المقال في تأريخه:
خليفة المفيد أبو يعلى جلس * مجلسه للعلم مات في تحبس
ثم اعلم أنه غير أبى يعلى العباسي العلوي فإنه حمزة بن القاسم بن علي بن حمزة
ابن الحسن بن عبيد الله بن العباس بن علي بن أبي طالب، أبو يعلى ثقة جليل القدر
من أصحابنا كثير الحديث، له كتاب من روى عن جعفر بن محمد " ع " من
الرجال وهو كتاب حسن كذا عن (جش).
وذكر الشيخ: انه يروي عن سعد بن عبد الله، ويروي عنه
التلعكبري اجازة.
(قلت) وهو المدفون في جنوب الحلة قرب القرية المزيدية من قرى الحلة.
186

وقد ذكر شيخنا صاحب المستدرك في الحكاية الخامسة والأربعين من كتابه جنة
المأوى قصة تشرف السيد السند العلامة السيد مهدي القزويني بلقاء مولانا الحجة
وانه صلوات الله عليه بين ذلك القبر، وقال هو قبر أبى يعلى حمزة بن القاسم العلوي
العباسي أحد علماء الإجازة وأهل الحديث. وقد ذكره أهل الرجال في كتبهم
وأثنوا عليه بالعلم والورع.
(أبو اليقظان)
عمار بن ياسر العبسي الصحابي الطيب بن الطيب الذي كثرت الروايات في
مدحه وجلالته واستقامته في الدين، وكان من كبار الفقهاء وملئ ايمانا حتى
أخمص قدميه، وكان هو وأبوه وأمه من السابقين إلى الاسلام، وأمه أول من
استشهدت في سبيل الله عز وجل بعد أن عذبت كثيرا. روي أن النبي صلى الله عليه وآله مر
بعمار وأمه وأبيه وهم يعذبون في الله في رمضاء مكة فقال صبرا آل ياسر موعدكم
الجنة، وقال صلى الله عليه وآله ما تريدون من عمار؟ عمار مع الحق والحق مع عمار حيث كان
عمار جلدة بين عيني وأنفي، تقتله الفئة الباغية.
(قلت) قوله صلى الله عليه وآله: لعمار تقتلك الفئة الباغية وآخر زادك ضياح من لبن
مما لا شك فيه، قتل بصفين سنة 37 وكان عمره أربع أو ثلاث أو إحدى وتسعون
سنة. وفي المجمع وعمار بن ياسر بالثقيل اسم رجل من الصحابة. نقل انه لما قتل
يوم صفين احتمله أمير المؤمنين " ع " إلى خيمته وجعل يمسح الدم عن وجهه ويقول:
وما ظبية تسبى الظباء بطرفها * إذا انبعثت خلنا بأجفانها سحرا
بأحسن ممن خضب السيف وجهه * دما في سبيل الله حتى قضى صبرا
انتهى. وفي حديث شريف عن عمار عن النبي صلى الله عليه وآله في الاخبار عن الحجة بن
الحسن " ع " وخروجه في آخر الزمان وانه يملأ الدنيا قسطا وعدلا ويقاتل على
التأويل. قال صلى الله عليه وآله يا عمار ستكون بعدي فتنة فإذا كان كذلك فاتبع عليا وحزبه
187

فإنه مع الحق والحق معه، يا عمار انك ستقاتل مع علي صنفين الناكثين والقاسطين
ثم تقتلك الفئة الباغية.
(أبو اليمن القاضي)
عبد الرحمن بن محمد بن مجير الدين العليمي الحنبلي المقدسي المتوفي سنة 927
صاحب الانس الجليل بتأريخ القدس والخليل (1) فيه خلاصة تأريخ القدس وأضاف
إليه نبذة من الحوادث والوفيات ينتهى إلى سنة 900
(أبو يوسف القاضي)
يعقوب بن إبراهيم بن حبيب الأنصاري الكوفي كان تلميذ أبي حنيفة ومن
اتباعه قيل إنه أول من لقب بقاضي القضاة، كان يقضي في بغداد وهو أول من
جعل الامتياز بين لباس العلماء والعوام. ذكر ابن خلكان حكايات من أحواله
وقضائه. ونقل عن أبي الفرج المعافي عن الشافعي انه قال مضى أبو يوسف ليستمع
المغازي من محمد بن إسحاق أو من غيره وأجل بمجلس أبي حنيفة أياما، فلما اتاه
قال له أبو حنيفة يا أبا يوسف من كان صاحب راية جالوت؟ فقال له أبو يوسف
انك امام وإن لم تمسك عن هذا سألتك والله على رؤوس الملا أيما كان أولا وقعة
بدر أو أحد فإنك لا تدري أيهما كان قبل الآخر، فامسك عنه.
قال ابن خلكان: وقد نقل الخطيب البغدادي في تأريخه الكبير ألفاظا عن
عبد الله بن المبارك، ووكيع بن الجراح، ويزيد بن هارون، والبخاري،
والدار قطني وغيرهم ينبو السمع عنها فتركت ذكرها والله أعلم بحاله انتهى.
روى الشيخ الكليني انه قال أبو يوسف لأبي الحسن الكاظم عليه السلام
يا أبا الحسن ما تقول في المحرم أيستظل على المحمل؟ فقال له لا، قال فيستظل في
الخيام؟ فقال له نعم فأعاد عليه القول شبه المستهزئ يضحك، فقال يا أبا الحسن

(1) طبع في المطبعة الحيدرية في النجف.
188

فما فرق بين هذا وهذا؟ فقال يا أبا يوسف ان الدين ليس بقياس كقياسك أنتم
تلعبون بالدين، إنا صنعنا كما صنع رسول الله وقلنا كما قال رسول الله كان
رسول الله صلى الله عليه وآله يركب راحلته فلا يستظل عليها وتؤذيه الشمس فيستر جسده بعضه
ببعض وربما ستر وجهه بيده وإذا نزل استظل بالخباء وفي البيت وفي الجدار.
توفي أبو يوسف سنة 182 (قفب) وهو ابن تسع وستين سنة. قال
المسعودي: هو رجل من الأنصار، وولي القضاء سنة 166 في أيام خروج الهادي
إلى جرجان وقام على القضاء إلى أن مات خمس عشره سنة انتهى.
قال ابن خلكان: قال محمد بن سماعة سمعت أبا يوسف في اليوم الذي مات
فيه يقول: اللهم انك تعلم انى لم اجر في حكم حكمت فيه بين اثنين من عبادك تعمدا
ولقد اجتهدت في الحكم بما وافق كتابك وسنة نبيك وكل ما أشكل علي جعلت
أبا حنيفة بيني وبينك وكان عندي والله ممن يعرف امرك ولا يخرج عن الحق
وهو يعلمه انتهى.
(أبو يوسف يعقوب بن إسحاق) انظر ابن السكيت
تم الباب الأول ويليه الباب الثاني فيما أوله الابن
189

الباب الثاني فيما صدر بابه
(ابن آجروم)
بمد الهمزة وضم الجيم وتشديد الراء المهملة، ومعناه بلغة البربر الفقير الصوفي
هو أبو عبد الله محمد بن محمد بن داود الصنهاجي الفاسي النحوي صاحب المقدمة
الأجرومية المشهورة التي اعتنى بها وشرحت شروحا كثيرة وطبعت مرارا، قيل
توفي سنة 743 (ذمج). والصنهاجي نسبة إلى الصناهجة قوم بديار المغرب، وفاس
بلد عظيم بالمغرب.
(ابن الآلوسي)
نعمان بن شهاب الدين محمود الآلوسي البغدادي الحسني الحسيني، والأسرة
الآلوسية مشهورة في العراق تنسب إلى آلوس قرية على الفرات قرب عانات، نبغ
فيها علماء أدباء منهم السيد محمود والد نعمان المذكور، كان معروفا بالفضل والأدب
وجودة الخط وقوة الحافظة. يحكى عنه قال: ما استودعت ذهني شيئا فخانني.
وكان شافعيا، ولكنه تقلد في كثير من المسائل امامهم الأعظم. له الأجوبة
العراقية عن الأسئلة الإيرانية والخريدة الغيبية في تفسير القصيدة العينية التي نظمها
عبدا لباقي الموصلي العمري في مدح أمير المؤمنين " ع " وروح المعاني في تفسير
القرآن العظيم والسبع المثاني، إلى غير ذلك. توفي سنة 1270، وابنه نعمان هو
الذي صنف جلاء العينين في المحاكمة بين الأحمدين، رد على شهاب الدين أحمد بن
حجر الهيثمي في انتقاده لأحمد بن تيمية، وله مصنفات غير ذلك توفي سنة
1317 (غشيز).
190

(ابن أبي الأزهر النحوي)
محمد بن يزيد بن محمود بن منصور الخزاعي البوشنجي النحوي صاحب
كتاب الهرج والمرج في اخبار بعض خلفاء بني العباس وحكايات عقلاء المجانين.
حدث عن المبرد، ويروى عنه أبو الفرج والدار قطني. توفي سنة 325 (شكه).
ذكره الشيخ فيمن لم يرو عنهم عليهم السلام وذكره الخطيب في تأريخ بغداد.
(ابن أبي بردة)
بضم الموحدة إبراهيم بن مهرم (كدرهم) الأسدي الكوفي الامامي وثقه
أرباب الرجال. قالوا روى عن أبي عبد الله وأبي الحسن عليهما السلام وعمر عمرا
طويلا، له كتاب رواه عنه جماعة.
(ابن أبي البلاد) انظر إلى أبو البلاد
(ابن أبي الجامع العاملي)
الشيخ جمال الدين أحمد بن محمد بن أبي جامع العاملي، كان عالما فاضلا ورعا
ثقة. يروي عن المحقق الكركي، أجازه المحقق الكركي في النجف الأشرف سنة 928
وله كتاب الوجيز في تفسير الكتاب العزيز. قال صاحب أعيان الشيعة بعد وصف
هذا التفسير بالايجاز وعدم النظير له: وهذا التفسير الوجيز يدل على تمام فضل
صاحبه وطول باعه في العلوم جميعها، رأيته بمدينة صيدا ولو طبع ونشر لكان من
مفاخر الطائفة، وقال: آل أبي جامع الذين اشتهروا أخيرا بآل محيي الدين بيت
علم وفضل، أصلهم من جبل عامل وانتقل بعضهم إلى العراق وبقيت ذريتهم في
النجف إلى اليوم منهم أهل علم ومنهم عوام ولهم عقب في جبل عامل في النبطية وجبع
يعرفون بآل محيي الدين الخ.
(ابن أبي حمزة)
أبو محمد عبد الله بن سعد بن أبي حمزة، المتوفى سنة 695، صاحب مختصر
صحيح البخاري.
191

(ابن أبي جمهور الأحسائي)
بفتح الهمزة، محمد بن علي بن إبراهيم بن أبي جمهور الأحسائي الهجري،
العالم الفاضل الحكيم المتكلم المحقق المحدث الماهر، صاحب كتاب الغوالي اللئالي
والمجلي وقد فرغ منه سنة 895 كان معاصرا للمحقق الكركي المتوفى سنة 940
وكلاهما يرويان عن الشيخ زين الدين علي بن هلال الجزائري عن ابن فهد عن الشيخ
علي بن الخازن عن الشيخ الشهيد وفخر المحققين رضوان الله عليهم وعلي بن هلال
هو الذي يحكى عنه انه إذا اشتغل بتسبيح الزهراء سلام الله عليها يطول اشتغاله
أزيد من ساعة لان كل لفظة من أذكارها تجرى على لسانه تتقاطر دموعه معها
وأجاز ابن أبي جمهور السيد محسن الرضوي رضي الله عنه. وصورة اجازته في
إجازات البحار ص 47، وأجاز الشيخ ربيعة بن جمعة، والسيد شرف الدين محمود
الطالقاني، والشيخ محمد بن صالح الغروي الحلي. وقال في بعض إجازاته بعد
التوصية برعاية العلم والقيام بخدمته والجد في طلبه وكثرة الدرس والمذاكرة والحفظ
وعدم الاتكال على جمعه في الكتب:
فان للكتب آفات تفرقها * النار تحرقها والماء يغرقها
والليث يمزقها واللص يسرقها
وأوصيك بما يتعلق بأستاذك ومعلمك، وهو ان تعلم أولا انه دليلك
وهاديك ومرشدك وقائدك فهو الأب الحقيقي والمولى المعنوي فقم بحقه كل القيام
ونوه بذكره بين الأنام وكن مطيعا لامره ونهيه لما قال سيد العالمين (ص): من
علم شخصا مسألة ملك رقه. فقيل له أيبيعه؟ قال لا ولكن يأمره وينهاه. وقد
ورد رعاية حقوق الشيخ وهي: إذا دخلت مجلسه فعم بالسلام وخصه بالتحية
والاكرام وتجلس أين انتهى بك المجلس وتحتشم مجلسه فلا تشاور فيه أحدا
ولا ترفع صوتك على صوته ولا تغتب أحدا بحضرته ومتى سئل عن الشئ فلا تجب
192

أنت حتى يكون هو الذي يجيب وتقبل عليه وتصغي إلى قوله وتعتقد صحته ولا
ترد قوله ولا تكرر السؤال عند ضجره ولا تصاحب له عدوا ولا تعاد وليا وإذا
سألته عن شئ فلم يجبك فلا تعد السؤال وتعوده إذا مرض وتسأل عن خبره إذا
غاب وتشهد جنازته إذا مات فإذا فعلت ذلك علم الله انك انما قصدته لتستفيد منه
تقربا إلى الله وطلبا لمرضاته وإذا لم تفعل ذلك كنت حقيقا ان يسلبك الله العلم
وبهاءه وهذه وصيتي إليك والله وكيلي عليك وهو حسبي ونعم الوكيل.
(ابن أبي حاتم الرازي) انظر إلى أبو حاتم
(ابن أبي حجلة)
شهاب الدين أبو العباس أحمد بن يحيى بن أبي بكر عبد الواحد بن أبي حجلة
التلمساني الحنبلي نزيل دمشق ثم القاهرة، كان من علماء المائة الثامنة، له اليد
الطولى في الشعر، حكي ان له خمسة دواوين في المدائح النبوية، توفي سنة 762
أو 776.
(ابن أبي الحديد)
عز الدين عبد الحميد بن محمد بن محمد بن الحسين بن أبي الحديد المدائني
الفاضل الأديب المؤرخ الحكيم الشاعر شارح نهج البلاغة المكرمة وصاحب القصائد
السبع المشهورة، كان مذهبه الاعتزال كما شهد لنفسه في إحدى قصائده في مدح
أمير المؤمنين " ع " بقوله:
ورأيت دين الاعتزال وإنني * أهوى لأجلك كل من يتشيع
كان مولده غرة ذي الحجة سنة 586 (ثفو) وتوفي ببغداد سنة 655 (خنه).
يروي آية الله العلامة الحلي عن أبيه عنه. والمدائني نسبة إلى المدائن. ويأتي
ما يتعلق بن في المدائني.
(ابن أبي دارم)
أبو بكر أحمد بن محمد السري التميمي الكوفي، ذكره الشيخ في رجاله فيمن
193

لم يرو عنهم عليهم السلام، وقال روى عنه التلعكبري وسمع منه سنة 333 إلى
ما بعدها، وله اجازة، وذكره علماء أهل السنة وقالوا انه رافضي، وقد اخرج
حديثه البخاري ومسلم في صحيحهما، وروى عنه الحاكم وقال: رافضي غير ثقة،
توفي في المحرم سنة 352 (شنب).
(ابن أبي الدنيا)
أبو بكر عبد الله بن محمد بن عبيد القرشي البغدادي، كان يؤدب
المكتفي بالله في حداثته، له كتب كثيرة منها: الفرج بعد الشدة لخصها السيوطي
وسماه الأرج في الفرج، توفي سنة 281.
(ابن أبي داود)
كسعاد اسمه احمد، كان قاضيا في بغداد في عهد المأمون والمعتصم والواثق
والمتوكل، وكان بينه وبين ابن زيات عداوات ففلج بعد موت عدوه بسبعة
وأربعين يوما وذلك في سنة 233، وفي سنة 237 سخط المتوكل عليه وعلى ولده
أبى الوليد محمد بن أحمد وكان على القضاء، واخذ من أبى الوليد ماية وعشرين
ألف دينار وجوهرا بأربعين ألف دينار وسيره إلى بغداد من سر من رأى، وفي
سنة 240 (رم) كانت وفاة أبي داود، وروي انه سعى في قتل مولانا أبى جعفر
الجواد " ع " عند المعتصم فابتلي في آخر عمره بنكبة الزمان والفالج، وتوفي بعد
ثكله بولده محمد بعشرين يوما ببغداد:
لدغته أفعاله أي لدغ * رب نفس أفعالها أفعالها
(ابن أبي رندقة)
بفتح الراء المهملة أبو بكر محمد بن الوليد بن محمد بن خلف الطرطوشي
الأندلسي المالكي الفقيه المعروف بالزهد، كان متواضعا متقشفا متقللا من الدنيا
راضيا منها باليسير وكان ينشد كثيرا هذه الأبيات:
194

إن الله عبادا فطنا * طلقوا الدنيا وخافوا الفتنا
فكروا فيها فلما علموا * انها ليست لحي وطنا
جعلوها لجة واتخذوا * صالح الأعمال فيها سفنا
وله أيضا:
إعمل لمعادك يا رجل * فالناس لدنياهم عملوا
وادخر لمسيرك زاد تقى * فالقوم بلا زاد رحلوا
له سراج الملوك في المواعظ جمعه من سير الأنبياء وآثار الأولياء ومواعظ
العلماء وحكم الحكماء ونوادر الخلفاء ورتبه ترقيبا أنيقا فما سمع به ملك إلا استكتبه
ولا وزير إلا استصحبه وكتب فيه:
الناس يهدون على قدرهم * لكنني أهدي على قدري
يهدون ما يفنى وأهدي الذي * يبقى على الأيام والدهر
(أقول) وبمضمون البيت الثاني نظم الشيخ السعدي في گلستانه:
بچه كار آيدت زگل طبقي * از گلستان من ببر ورقى
گل همين بنج روزوشش باشد * وأين گلستان هميشه خوش باشد
توفي بالإسكندرية سنة 520 (ثك). والطرطوشي بضم الطائين نسبة إلى طرطوشة
بلد في الأندلس.
(ابن أبي زيد)
القيرواني أبو محمد عبيد الله بن عبد الرحمن بن أبي زيد المالكي، كان واسع
العلم كثير الحفظ والرواية، له مؤلفات، توفي سنة 386 أو 390 والقيرواني
يأتي بعد ذلك.
(ابن أبي زينب)
الشيخ الأجل محمد بن إبراهيم بن جعفر النعماني من أكابر علماء الإمامية
195

عظيم القدر شريف المنزلة كثير الحديث صاحب كتاب الغيبة المعروف، يروي
عن الشيخ الكليني وابن عقدة والمسعودي وأبي علي بن همام وغيرهم رضوان الله عليهم
(ابن أبي سارة)
أبو جعفر محمد بن الحسن بن أبي سارة النيلي الكوفي النحوي ابن عم معاذ
ابن مسلم الهراء. عن السيوطي ان قال: هو أول من وضع من الكوفيين كتابا في
النحو، وهو أستاذ الكسائي والفراء، وكان رجلا صالحا. وعن الخطيب البغدادي
انه قال في حقه: كان عالما بالعربية أديبا ثقة حدث عن ابن الاعرابي وعنه
نفطويه انتهى.
وقال (جش): محمد بن الحسن بن أبي سارة أبو جعفر مولى الأنصار يعرف
بالرواسي، أصله كوفي سكن هو وأبوه قبله النيل، روى هو وأبوه عن أبي جعفر
وأبى عبد الله " ع " وابن عم محمد بن الحسن معاذ بن مسلم بن أبي سارة وهم أهل
بيت فضل وأدب وعلى معاذ ومحمد تفقه الكسائي علم العرب، والكسائي والفراء
يحكون في كتبهم كثيرا قال أبو جعفر الرواسي ومحمد بن الحسن وهم ثقات
لا يطعن عليهم بشئ.
(ابن أبي شبيب)
عابس بن أبي شبيب الشاكري، كان أشجع الناس ولما خرج يوم عاشوراء
إلى القتال لم يتقدم إليه أحد فمشى بالسيف مصلتا نحوهم وبه ضربة على جبينه
فاخذ ينادي ألا رجل؟ ألا رجل؟ فنادى عمر بن سعد ويلكم ارضخوه بالحجارة،
فرمي بالحجارة من كل جانب، فلما رأى ذلك ألقى درعه ومغفره، وكأن من لسان
حاله حكى من قال:
وقت آن امدكه من عريان شوم * جسم بگذارم سراسرجان شوم
انچه غير از شورش وديوانگي است * اندرين ره روي بيگانگي است
196

آزمودم مرك من در زندگى است * چون رهم زين زندگي پايندگى است
ثم شد على الناس وكأن حسان بن ثابت قصده في قوله:
يلقى الرماح الشاجرات بنحره * ويقيم هامته مقام المغفر
ما ان يريد إذا الرماح شجرنه * درعا سوى سربال طيب العنصر
ويقول للطرف اصطبر لشبا القنا * فهدمت ركن المجد إن لم تعفر
وقال شاعر العجم:
چو شن زبر گرفت كه ما هم نه ماهيم * مغفر زسر فكند كه بازم نيم خروس
بي خود وبى زره بدر امدر كه مرگ را * در بر برهنه ميكشم اينك چو نو عروس
قال الراوي: فوالله لقد رأيته يطرد أكثر من مائتين من الناس ثم انهم
تعطفوا عليه من كل جانب فقتل رحمة الله عليه ورضوانه.
(ابن أبي الشوارب)
أحمد بن محمد بن عبد الله الأموي كان قاضي بغداد من عهد المتوكل إلى
زمن المقتدر، توفي سنة 317، وبنو أبى الشوارب بيت مشهور ببغداد.
(ابن أبي شيبة)
عن الرياض قال: انه عالم فاضل يروي الكفعمي عن كتابه في حواشي مصباحه.
(ابن أبي الصقر)
أبو الحسن محمد بن علي بن الحسن بن عمر الواسطي الشافعي الأديب
الفاضل الشاعر، توفي سنه 498.
(ابن أبي العزافر) انظر إلى الشلمغاني
(ابن أبي العز
الشيخ الفقيه الفاضل العالم المعروف الذي ذهب مع الشيخ سديد الدين والد
العلامة الحلي والسيد مجد الدين بن طاووس من الحلة إلى قرب بغداد لطلب الأمان
197

من هولاكو ملك التتر لهم ولأهل الحلة والقصة مشهورة، ولا بأس بنقلها ها هنا.
قال شيخنا في المستدرك قال العلامة في (كشف اليقين) في باب اخبار مغيبات
أمير المؤمنين " ع " ومن ذلك اخباره بعمارة بغداد وملك بني العباس وأحوالهم
واخذ المغول الملك منهم رواه والدي وكان ذلك سبب سلامة أهل الكوفة والحلة
والمشهدين الشريفين من القتل لما وصل السلطان هولاكو إلى بغداد قبل ان يفتحها
هرب أكثر أهل الحلة إلى البطائح إلا القليل، فكان من جملة القليل والدي والسيد
مجد الدين بن طاووس والفقيه ابن أبي العز، فاجمع رأيهم على مكاتبة السلطان بأنهم
مطيعون داخلون تحت الأيلية وأنفذوا إليه شخصا أعجميا فانفذ السلطان إليهم فرمانا
مع شخصين أحدهما يقال له نكلة والآخر يقال له علاء الدين وقال لهما قولا لهم:
إن كانت قلوبكم كما وردت به كتبكم تحضرون إلينا. فجاء الأميران فخافوا لعدم
معرفتهم بما ينتهي الحال إليه، فقال والدي: إن جئت وحدي كفى؟ فقالا نعم
فاصعد معهما، فلما حضر بين يديه وكان ذلك قبل فتح بغداد وقبل قتل الخليفة قال
له كيف قدمتم على مكاتبتي والحضور عندي قبل ان تعلموا بما ينتهي إليه أمري
وامر صاحبكم؟ وكيف تأمنون ان يصالحني ورحلت عنه؟ فقال والدي أقدمنا على
ذلك لأنا روينا عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب " ع " انه قال في خطبته الزوراء
وما ادراك ما الزوراء؟ ارض ذات أثل يشيد فيها البنيان، وتكثر فيها السكان،
ويكون فيها مخادم وخزان، يتخذها ولد العباس موطنا، ولزخرفهم مسكنا، تكون
لهم دار لهو ولعب، يكون بها الجور الجائر، والخوف المخيف، والأئمة الفجرة،
والامراء الفسقة، والوزراء الخونة، تخدمهم أبناء فارس والروم، لا يأتمرون
بمعروف إذا عرفوه، ولا يتناهون عن منكر إذا نكروه، يكتفي الرجال منهم بالرجال
والنساء بالنساء، فعند ذلك الغم العميم، والبكاء الطويل، والويل والعويل لأهل
الزوراء من سطوات الترك، وهم قوم صغار الحدق، وجوهم كالمجان المطرقة،
لباسهم الحديد، جرد مرد، يقدمهم ملك يأتي من حيث بدأ ملكهم جهوري
198

الصوت، قوي الصولة، عالي الهمة، لا يمر بمدينة إلا فتحها، ولا ترفع عليه راية
إلا نكسها، الويل الويل لمن ناواه، فلا يزال كذلك حتى يظفر، فلما وصف لنا
ذلك ووجدنا الصفات فيكم رجوناك فقصدناك. فطيب قلوبهم وكتب لهم فرمانا
باسم والدي يطيب فيه قلوب أهل الحلة وأعمالها انتهى.
(ابن أبي عقيل)
الحسن بن علي ابن أبي عقيل أبو محمد العماني الحذاء، شيخ فقيه متكلم
جليل، قال صاحب السرائر في حقه: وجه من وجوه أصحابنا، ثقة فقيه متكلم،
كان يثنى عليه الشيخ المفيد، وكتابه اي كتاب المتمسك بحبل آل الرسول كتاب
حسن كبير وهو عندي قد ذكره شيخنا أبو جعفر في الفهرست وأثنى عليه انتهى.
وعن العلامة الطباطبائي، ان حال هذا الشيخ الجليل في الثقة العلم والفضل
والكلام والفقه أظهر من أن يحتاج إلى البيان، وللأصحاب مزيد اعتناء بنقل
أقواله وضبط فتاواه خصوصا الفاضلين ومن تأخر عنهما، وهو أول من هذب
الفقه واستعمل النظر وفتق البحث عن الأصول والفروع في ابتداء الغيبة الكبرى
وبعده الشيخ الفاضل ابن الجنيد وهما من كبار الطبقة السابقة وابن أبي عقيل أعلى
منه طبقة فان ابن الجنيد من مشايخ المفيد وهذا الشيخ من مشايخ شيخه جعفر بن
محمد بن قولويه كما علم من كلام النجاشي انتهى.
والعماني بضم العين وتخفيف الميم نسبة إلى عمان كغراب كورة غربية على
ساحل بحر اليمن تشتمل على بلدان يضرب بحرها المثل.
(ابن أبي عمير)
محمد بن زياد بن عيسى أبو أحمد الأزدي، كان أوثق الناس عند الخاصة
والعامة وأنسكهم نسكا وأورعهم وأعبدهم، وأدرك أبا الحسن موسى والإمامين بعده
199

عليهم السلام، وكان من أصحاب الاجماع جليل القدر عظيم الشأن وأصحابنا
يسكنون إلى مراسيله لأنه لا يرسل إلا عن ثقة قيل في حقه: انه أفقه من يونس
وأفضل وأصلح.
(كش) محمد بن أبي عمير اخذ وحبس وأصابه من الجهد والضيق أمر عظيم
واخذ كل شئ كان له، وصاحبه المأمون وذلك بعد موت الرضا " ع " وذهبت
كتب ابن أبي عمير فلم تخلص كتب أحاديثه فكان يحفظ أربعين جلدا فسماه نوادر
فلذلك تؤخذ أحاديثه منقطعة الأسانيد.
وروى الصدوق عن ابن الوليد عن علي عن أبيه قال: كان ابن أبي عمير
رجلا بزازا وكان له على رجل عشرة آلاف درهم فذهب ماله وافتقر فجاء الرجل
فباع دارا له بعشرة آلاف درهم وحملها إليه فدق عليه الباب فخرج إليه محمد بن
أبي عمير فقال له الرجل هذا مالك الذي لك علي فخذه، فقال ابن أبي عمير فمن
أين لك هذا المال؟ ورثته؟ قال لا قال وهب لك؟ قال لا ولكني بعت داري
الفلانية لأقضي ديني، فقال ابن أبي عمير: حدثني ذريح المحاربي عن أبي عبد الله
عليه السلام انه قال: لا يخرج الرجل عن مسقط رأسه بالدين. ارفعها فلا حاجة لي فيها
والله انى محتاج في وقتي هذا إلى درهم وما يدخل ملكي منها درهم.
وروي عن الفضل بن شاذان قال دخلت العراق فرأيت أحدا يعاتب صاحبه
ويقول له أنت رجل عليك عيال وتحتاج ان تكسب عليهم وما آمن ان تذهب
عيناك لطول سجودك، فلما أكثر عليه قال أكثرت علي ويحك لو ذهبت عين أحد
من السجود لذهبت عين ابن أبي عمير، ما ظنك برجل سجد سجدة الشكر بعد
صلاة الفجر فما يرفع رأسه إلا عند زوال الشمس؟ وقال الفضل: اخذ يوما شيخي
بيدي وذهب بي إلى ابن أبي عمير فصعدنا إليه في غرفة وحوله مشايخ يعظمونه
ويبجلونه فقلت لأبي من هذا؟ قال هذا ابن أبي عمير، قلت الرجل الصالح العابد؟
قال نعم انتهى. توفي سنة 217 (ريز).
200

(ابن أبي العوجاء)
هو عبد الكريم بن أبي العوجاء، أحد زنادقة عصر الإمام الصادق كان من
تلامذة الحسن البصري فانحرف عن التوحيد، فقيل له تركت مذهب صاحبك
ودخلت فيما لا أصل له ولا حقيقة؟ قال إن صاحبي كان مخلطا يقول طورا بالقدر
وطورا بالجبر فما أعلمه اعتقد مذهبا دام عليه. قتله أبو جعفر محمد بن سليمان عامل
الكوفة من جهة المنصور. وكان خال معن بن زائدة. وقد جرى بينه وبين مولانا
الصادق " ع " احتجاجات كثيرة، منها ما في البحار عن كنز عن جعفر بن قولويه
عن الكليني عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن العباس بن عمر الفقيمي: ان ابن أبي
العوجاء وابن طالوت وابن الأعمى وابن المقفع في نفر من الزنادقة كانوا مجتمعين
في الموسم بالمسجد الحرام وأبو عبد الله جعفر بن محمد " ع " فيه إذ ذاك يفتي الناس
ويفسر لهم القرآن ويجيب عن المسائل بالحجج والبينات، فقال القوم لابن أبي العوجاء
هل لك في تغليط هذا الجالس وسؤاله عما يفضحه عند هؤلاء المحيطين به فقد ترى
فتنة الناس به وهو علامة زمانه؟ فقال لهم ابن أبي العوجاء نعم تقدم ففرق الناس
وقال: يا أبا عبد الله إن المجالس أمانات ولا بد لكل من كان به سعال ان يسعل
فتأذن لي في السؤال؟ فقال أبو عبد الله " ع " سل إن شئت، فقال ابن أبي العوجاء
إلى كم تدوسون هذا البيدر؟ وتلوذون بهذا الحجر؟ وتعبدون هذا البيت
المرفوع بالطوب والمدر؟ وتهرولون حوله هرولة البعير إذا نفر؟ من فكر هذا
وقدر؟ علم أنه فعل غير حكيم ولا ذي نظر؟ فقل فإنك رأس هذا الامر وسنامه،
وأبوك أسه ونظامه، فقال له الصادق " ع ": إن من أضله الله وأعمى قلبه استوخم
الحق ولم يستعذبه، وصار الشيطان وليه وربه، يورده الهلكة موارد ولا يصدره،
وهذا بيت استعبد الله به خلقه ليختبر طاعتهم في اتيانه، فحثهم على تعظيمه
وزيارته، وجعله قبلة للمصلين له، فهو شعبة من رضوانه، وطريق يؤدي إلى
201

غفرانه، منصوب على استواء الكمال، ومجمع العظمة والجلال، خلقه الله قبل دحو
الأرض بألفي عام، فأحق من أطيع فيما أمر، وانتهى عما زجر الله، المنشئ
للأرواح والصور.
فقال ابن أبي العوجاء: ذكرت أبا عبد الله فأحلت على غائب فقال الصادق
عليه السلام كيف يكون يا ويلك غائبا من هو مع خلقه شاهد؟ واليهم أقرب
من حبل الوريد؟ يسمع كلامهم؟ ويعلم أسرارهم؟ لا يخلو منه مكان ولا يشغل به
مكان ولا يكون من مكان؟ أقرب من مكان؟ يشهد له بذلك آثاره؟ وتدل
عليه أفعاله؟. والذي بعثه بالآيات المحكمة والبراهين الواضحة محمد صلى الله عليه وآله جاءنا بهذه
العبادة، فان شككت في شئ من امره فسل عنه أوضحه لك. قال فأبلس (اي تحير)
ابن أبي العوجاء ولم يدر ما يقول وانصرف من بين يديه، فقال لأصحابه سألتكم
ان تلتمسوا لي خمرة (1) فألقيتموني على جمرة، فقالوا له اسكت فوالله لقد فضحتنا
بحيرتك وانقطاعك وما رأينا أحقر منك اليوم في مجلسه، فقال أبي تقولون هذا؟
انه ابن من حلق رؤوس من ترون، وأومأ بيده إلى أهل الموسم.
(بيان) الجمرة بالفتح النار المتقدة والحصاة، والمراد بالأول الثاني وبالثاني
الأول، اي سألتكم ان تطلبوا لي حصاة العب بها وأرميها فألقيتموني في نار متقدة
لم يمكن التخلص منها. ويأتي في ابن المقفع ما يتعلق بذلك.
(ابن أبي ليلى)
محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى يسار، ويقال داود بن بلال بن أحيحة بن
الجلاح الأنصاري القاضي الكوفي، عده الشيخ من أصحاب الصادق " ع " كان
بينه وبين أبي حنيفة منافرات وكان أبوه عبد الرحمن من أكابر تابعي الكوفة

(1) في المجمع: في خمر بالخاء المعجمة، والخمرة الخمر، ومنه حديث ابن أبي العوجاء
سألتكم... الخ
202

سمع أمير المؤمنين علي بن أبي طالب " ع " ويأتي في ابن الأشعث انه قتل في حرب
الحجاج، وجده أبو ليلى من الصحابة.
قال ابن خلكان: أبو ليلى له رواية عن النبي صلى الله عليه وآله وشهد وقعة الجمل وكانت
راية علي بن أبي طالب " ع " معه، وقال: كان محمد المذكور من أصحاب الرأي
وتولى القضاء بالكوفة وأقام حاكما ثلاثا وثلاثين سنة ولي لبني أمية ثم لبني العباس
وكان فقيها مفتيا، ثم ذكر ترجمته إلى أن قال: كانت ولادته سنة 174 ووفاته بالكوفة
سنة 248 (قمح) وهو باق على القضاء فجعل أبو جعفر المنصور ابن أخيه مكانه انتهى.
(أقول) إني ذكرت في سفينة البحار كلام جملة من علمائنا في حقه وانه
ممدوح صدوق مأمون وجواب السيد صدر الدين العاملي عن قول أبى علي في حقه
ان نصب الرجل أشهر من كفر إبليس، وقول السيد صدر الدين من تتبع
الاخبار عرف ان ابن أبي ليلى كان يقضي بما يبلغه عن الصادقين " ع " ويحكم بذلك
بعد التوقف بل ينقض ما كان قد حكم به إذا بلغه عنهم عليهم السلام خلافه انتهى
نعم روي عن الاحتجاج ما يدل على انحرافه وهو ما رواه سعيد بن
أبي الخصيب قال: دخلت انا وابن أبي ليلى المدينة فبينا نحن في مسجد الرسول
صلى الله عليه وآله إذ دخل جعفر بن محمد " ع " فقمنا إليه فسألني عن نفسي وأهلي ثم قال من
هذا معك؟ فقال ابن أبي ليلى قاضي المسلمين فقال نعم، ثم قال له: تأخذ مال
هذا فتعطيه هذا وتفرق بين المرء وزوجه لا تخاف في هذا أحدا؟ قال نعم، قال
بأي شئ تقضي؟ قال بما بلغني عن رسول الله صلى الله عليه وآله وعن أبي بكر وعمر، قال
فبلغك ان رسول الله قال: (أقضاكم علي) قال نعم، قال فكيف تقضي بغير قضاء
علي وقد بلغك هذا؟ قال فاصفر وجه ابن أبي ليلى ثم قال التمس زميلا لنفسك
والله لا أكلمك من رأسي كلمه ابدا.

(1) الظاهر وقوع سقط في عبارة الحديث وينبغي ان يكون هكذا (فقال له
الإمام جعفر " ع " أنت قاضي المسلمين فقال الخ).
203

حكي عنه انه سئل يوما ان يذكر شيئا من مناقب معاوية بن أبي سفيان
فقال نعم: ان من مناقبه ان أباه قاتل النبي وهو قاتل الوصي وأمه اكلت كبد
عم النبي حمزة وابنه حز رأس ابن النبي، فأي منقبة تريد أعظم من هذا!.
(قلت) قد نظم هذه المنقبة الحكيم السنائي بقوله بالفارسية:
داستان بسر هند مكر نشنيدي
كه از اووسه كس اوبه بيمبر چه رسيد
پدر اودو دندان بيمبر بشكست * مادر اوجگر عم بيمبر بمكيد
اوبنا حق حق داماد بيمبر بستاد * بسر أو سر فرزند بيمبر ببريد
بر چنين قوم تو لعنت نكني شرمت باد * لعن الله يزيدا وعلى آل يزيد
(ابن أبي نصر البزنطي) انظر إلى البزنطي
(ابن أبي نصر الخصيب)
أبو العباس أحمد بن أبي نصر الخصيب بن عبد المجيد بن الضحاك الجرجاني
الأصل، كان وزير المنتصر بالله بن المتوكل، ومن بعده للمستعين بالله، ونفاه
المستعين إلى جزيرة أقريطش بفتح الهمزة وكسر الطاء جزيرة بلاد المغرب بجريرة
صدرت منه. وكان ينسب إلى الطيش والتهور وله في ذلك اخبار.
حكي انه قد ركب يوما فوقف له متظلم وشكا حاله فاخرج رجله من الركاب وزج
المتكلم المتظلم في فؤاده فقلته فتحدث الناس بذلك فقال بعض الشعراء هذين البيتين:
قل للخليفة يا ابن عم محمد * أشكل (1) وزيرك انه ركال (2)
أشكله عن ركل الرجال وإن ترد * مالا فعند وزيرك الأموال

(1) أشكل الدابة اي ربط قوائمها بحبل.
(2) ركله اي رفسه
204

وأبوه الخصيب ممدوح أبي نؤاس الحكمي وله فيه قصيدتان رائيتان وكان قصده
بهما إلى مصر وهو أميرها ما أحسن قوله في إحديهما:
تقول التي من بيتها خف مركبي (1) * عزيز علينا ان نراك تسير
اما دون مصر للغنى متطلب * بلى إن أسباب الغنى لكثير
فقلت لها واستعجلتها بوادر * جرت فجرى من جريهن عبير
دعيني أكثر حاسديك برحلة * إلى بلد فيها الخصيب أمير
إذا لم تزر ارض الخصيب ركابنا * فأي فتى بعد الخصيب تزور
فتى يشتري حسن الثناء بماله * ويعلم ان الدائرات تدور
القصيدة وهي طويلة، وقد تقدم في أبو نؤاس ما يتعلق بذلك وكانت وفاة أحمد بن
الخصيب سنة 265 (سهر) ونفيه إلى جزيرة أقريطش سنة 248.
(ابن أبي الوفاء)
القرشي محيي الدين أبو محمد عبد القادر بن أبي الوفاء محمد بن محمد الحنفي
صاحب الجواهر المضيئة في طبقات الحنفية توفي سنة 775 (ذعه).
(ابن أبي يعفور)
عبد الله بن أبي يعفور أبو محمد، كوفي ثقة جليل في أصحابنا كريم على
أبي عبد الله " ع " ومات في أيامه، وكان قارئا يقرأ في مسجد الكوفة له كتاب
كذا عن (جش) وكان من حواري الصادقين " ع " ومن الفقهاء المعروفين الذين هم
عيون هذه الطائفة، يعد مع زرارة وأمثاله.
وقال الصادق " ع ": ما وجدت أحدا يقبل وصيتي ويطيع أمري إلا عبد الله
ابن أبي يعفور. (كش) عن شيخ من أصحابنا قال: كنت عند أبي عبد الله " ع "
فذكر عبد الله بن أبي يعفور رجل من أصحابنا فنال منه، قال فتركه واقبل علينا

(1) اي ارتحل سريعا.
205

فقال هذا الذي يزعم أن له ورعا وهو يذكر أخاه بما يذكره قال ثم تناول بيده
اليسرى عارضه فنتف من لحيته حتى رأينا الشعر في يده وقال إنها لشيبة سوء ان
كنت انما أتولى بقولكم وأبرأ منه بقولكم.
وروي عن عبد الله بن أبي يعفور قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام: والله
لو فلقت رمانة بنصفين فقلت هذا حرام وهذا حلال لشهدت ان الذي قلت حلال
حلال وان الذي قلت حرام حرام قال رحمك الله رحمك الله.
وروي انه لزمته شهادة فشهد بها عند أبي يوسف القاضي فقال أبو يوسف
ما عسيت أقول فيك يا بن أبي يعفور وأنت جاري ما علمتك إلا صدوقا طويل الليل
ولكن تلك الخصلة قال وما هي؟ قال ميلك إلى الترفض فبكى ابن أبي يعفور حتى
سالت دموعه ثم قال يا أبا يوسف نسبتني إلى قوم أخاف ان لا أكون منهم فأجاز
شهادته. (كا) عن أبي كهمش قال قلت لأبي عبد الله " ع " عبد الله بن أبي يعفور
يقرؤك السلام قال عليك وعليه السلام إذا اتيت عبد الله فاقرأه السلام وقل له ان
جعفر بن محمد يقول لك انظر ما بلغ به علي عند رسول الله (ص) فالزمه فان عليا
عليه السلام انما بلغ ما بلغ به عند رسول الله بصدق الحديث وأداء الأمانة.
وروى الكليني أيضا عن ابن أبي يعفور قال: شكوت إلى أبى عبد الله " ع "
ما ألقى من الأوجاع وكان مسقاما - أي كثير السقم فقال لي يا عبد الله لو يعلم المؤمن
ماله من الجزاء في المصائب لتمنى انه قرض بالمقاريض.
(أقول) ما ورد في فضل ابن أبي يعفور أكثر من أن يذكر، وكفى في ذلك
ما روي أنه كتب الصادق " ع " إلى المفضل حين مضى عبد الله بن أبي يعفور
يا مفضل عهدت إليك عهدي كان إلى عبد الله بن أبي يعفور فمضى موفيا لله عز وجل
ولرسوله ولإمامه بالعهد المعهود لله وقبض صلوات الله على روحه محمود الأثر مشكور
السعي مغفورا له مرحوما برضا الله ورسوله وامامه عنه فبولادتي من رسول الله
صلى الله عليه وآله ما كان في عصرنا أحد أطوع لله ولرسوله ولإمامه منه
206

فما زال كذلك حتى قبضه الله إليه برحمته وصيره إلى جنته الخ.
(ابن الأثير)
يطلق على ثلاثة إخوة من علماء السنة:
(أولهم) مجد الدين أبو السعادات المبارك بن أبي الكرم محمد بن محمد بن
عبد الكريم الشيباني الجزري الأربلي صاحب كتاب النهاية في غريب الحديث
والانصاف في الجمع بين الكشف والكشاف في تفسير القرآن المجيد اخذه من تفسير
الثعلبي والزمخشري وجامع الأصول في أحاديث الرسول جمع بين الصحاح الستة
وهي: صحيح البخاري، ومسلم، والموطأ، وسنن أبي داود، وسنن النسائي،
والترمذي وغير ذلك من التصانيف. كانت ولادته بجزيرة ابن عمر في سنة 554
ونشأ بها ثم انتقل إلى الموصل فاتصل بخدمة الأمير مجاهد الدين قاتمان فكتب بين
يديه منشئا ثم اتصل بخدمة عز الدين محمود ابن مودود صاحب الموصل، وبعد وفاته
اتصل بخدمة ولده نور الدين أرسلان شاه فحظى عنده وكتب له مدة ثم عرض
له مرض كف يديه ورجله ومنعه من الكتابة مطلقا فأقام في داره يغشاه
الأكابر والعلماء.
حكي انه صنف هذه الكتب كلها أيام تعطيله فإنه تفرغ لها وكان عنده جماعة
يعينونه عليها في الاختيار والكتابة، وله شعر يسير فمن ذلك ما أنشده للأتابك
صاحب الموصل وقد زلت بغلته:
إن زلت البغلة من تحته * فان في زلته عذرا
حمله من علمه شاهقا * ومن ندى راحته بحرا
حكى أخوه عز الدين علي انه لما اقعد جاءهم رجل مغربي والتزم انه يداويه
ويبريه مما هو فيه وانه لا يأخذ اجرا إلا بعد برئه قال فملنا إلى قوله واخذ في
معالجته بدهن صنعه فظهرت ثمرة صنعته ولانت رجلاه وصار يتمكن من مدها
207

وأشرف على كمال البرء فقال لي اعط هذا المغربي شيئا يرضيه واصرفه فقلت له لماذا
وقد ظهر نجح معافاته؟ فقال الامر كما تقول ولكني في راحة مما كنت فيه من
صحبة هؤلاء القوم والالتزام بأخطارهم وقد سكنت روحي إلى الانقطاع والدعة،
وقد كنت بالأمس وانا معافى أذل نفسي بالسعي إليهم وها انا اليوم قاعد في منزلي
فإذا طرأت لهم أمور ضرورية جاؤني بأنفسهم لاخذ رأيي وبين هذا وذاك كثير
ولم يكن سبب هذا إلا هذا المرض فما أرى زواله ولا معالجته ولم يبق من العمر إلا
القليل فدعني أعيش باقيه حرا سليما من الذل فقد اخذت منه أوفر حظ، قال
عز الدين فقبلت قوله وصرفت الرجل باحسان وكانت وفاة مجد الدين المذكور
بالموصل سلخ سنة 606 (خو).
(وثانيهم): عز الدين أبو الحسن علي بن أبي الكرم، ولد بالجزيرة وسكن
الموصل ولزم بيته منقطعا إلى التوفر على النظر في العلم والتصنيف، وكان بيته مجمع
الفضل وكان حافظا للأحاديث والتواريخ وخبيرا بأيام العرب واخبارهم. صنف
في التأريخ كتاب الكامل ابتدأ فيه من أول الزمان إلى آخر سنة 628، واختصر
أنساب السمعاني، وله أسد الغابة في معرفة الصحابة توفي بالموصل سنة 630 (خل)
(وثالثهم): ضياء الدين أبو الفتح نصر الله بن أبي الكرم المنشئ الكاتب
الأديب صاحب كتاب المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر، توفى ببغداد سنة
637 (خلز) ودفن بمقابر قريش في الجانب الغربي بمشهد الإمام موسى بن جعفر
عليه السلام وله ولد اسمه محمد له نظم ونثر وصنف عدة تصانيف.
(ابن الأخضر)
أبو الحسن علي بن عبد الرحمن بن مهدي بن عمران الإشبيلي الأديب اللغوي
النحوي، شيخ القاضي عياض المعروف وجماعة، اخذ عن أبي الحجاج الملقب
بالأعلم وأبي علي الغساني وغيرهما، له شرح الحماسة وشرح شعر أبي تمام، توفي
208

بأشبيلية 19 رجب سنة 514 (ثيد) كذا عن طبقات النحاة. وقد يطلق ابن
الأخضر على الحافظ أبى محمد عبد العزيز بن أبي نصر المبارك بن أبي القسم محمود
الجنابذي الأصل البغدادي المولد والدار سمع الكثير في صغره. قال الحموي: صنف
مصنفات كثيرة في علم الحديث، واخذ من الخطيب في كثير من كتبه مات
6 شوال سنة 611 (خيا) ودفن بباب حرب مولده سنة 526 انتهى.
(أقول) ومن مصنفاته كتاب معالم العترة النبوية العلية ومعارف أئمة أهل البيت
الفاطمية العلوية ينقل منه كثيرا الشيخ الأربلي في كشف الغمة وقال أرويه
اجازة عن الشيخ تاج الدين علي بن أنجب بن الساعي عن مصنفه.
(ابن أخي طاهر)
هو الشريف أبو محمد حسن بن محمد بن أبي الحسن يحيى النسابة، قيل إنه
أي يحيى أول من جمع كتابا في نسب آل أبي طالب، وكان عارفا بأصول العرب
وفروعها حافظا لأنسابها ووقائع الحرمين واخبارها، توفي بمكة سنة 277 ودفن
عند خديجة الكبرى رضى الله تعالى عنها.
ابن أبي محمد الحسن بن جعفر الحجة بن عبيد الله بن الحسين الأصغر بن الإمام
زين العابدين علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب " ع ". (جش) أبو محمد
المعروف بابن أخي طاهر روى عن جده يحيى بن الحسن وغيره وروى عن المجاهيل
أحاديث منكرة رأيت أصحابنا يضعفونه، له كتاب المثالب وكتاب الغيبة وذكر
القائم " ع " أخبرنا عنه عدة من أصحابنا كثيرة بكتبه، ومات في شهر ربيع الأول
سنة 358 (شنح) ودفن في منزله بسوق العطش انتهى.
روى عنه التلعكبري وسمع منه سنة 327 إلى سنة 355 والشيخ المفيد
رحمه الله أدركه في أوائل شبابه واخذ عنه ويروي عنه في الارشاد. وطاهر الذي
ينسب إليه الشريف المذكور هو عمه أبو الحسن طاهر بن يحيى النسابة كان عالما
209

فاضلا كاملا جامعا ورعا زاهدا صالحا عابدا تقيا نقيا ميمونا جليل القدر عظيم
الشأن رفيع المنزلة عالي الهمة كذا ذكره السيد ضامن بن شدقم في كتابه وذكر
له قصة مع رجل من أهل خراسان تدل على كثرة جلالته ورفعة منزلته ذكرناها
في منتهى الآمال وقول المتنبي في هذه القصيدة:
إذا علوي لم يكن مثل طاهر * فما هو إلا حجة للنواصب
هو ابن رسول الله وابن وصيه * وشبههما شبهت بعد التجارب
يشير ان أبى القسم طاهر بن الحسن (الحسين خ ل) بن طاهر العلوي.
(ابن إدريس)
محمد بن أحمد بن إدريس الحلي فاضل فقيه ومحقق ماهر نبيه، فخر الأجلة
وشيخ فقهاء الحلة صاحب كتاب السرائر الحاوي لتحرير الفتاوى ومختصر تبيان
الشيخ، توفي سنة 598 وهو ابن خمس وخمسين، قال في نخبة المقال في تأريخه:
ثم ابن إدريس من الفحول * ومتقن الفروع والأصول
عنه النجيب بن نما الحلي حكى * جاء مبشرا مضى بعد البكا
543، 55
(ابن أذينة)
عمر بن محمد بن عبد الرحمن بن أذينة، شيخ أصحابنا البصريين ووجههم
روى عن أبي عبد الله " ع " بمكاتبة، له كتاب الفرائض وكان ثقة صحيحا، وكان
هرب من المهدي العباسي ومات باليمن فلذلك لم يرو عنه كثيرا. وأذينة بضم الهمزة
وفتح الذال المعجمة وسكون الياء المنقطة تحتها نقطتان. وقد يطلق ابن أذينة على
الشاعر الذي نظم هذه القصيدة:
ما كل يوم ينال المرء ما طلبا * ولا يسوغه المقدور ما وهبا
وأحزم الناس من أن فرصة عرضت * لم يجعل السبب الموصول مقتضبا
210

وأنصف الناس في كل المواطن من * سقى المعادين بالكأس الذي شربا
وليس يظلمهم من بات يضربهم * بحد سيف به من قبلهم ضربا
والعفو إلا عن الأكفاء مكرمة * من قال غير الذي قد قلته كذبا
لا تقطعن ذنب الأفعى وترسلها * إن كنت شهما فاتبع رأسها الذنبا
هم جردوا السيف فاجعلهم له جزرا * وأوقدوا النار فاجعلهم لها حطبا
ذكره ابن الشحنة في روضة المناظر في ملوك العرب.
(ابن إسحاق)
أبو بكر محمد بن إسحاق بن يسار المدني صاحب المغازي والسير، عده
الشيخ في رجاله من أصحاب الصادق " ع " قائلا: محمد بن إسحاق بن يسار المدني
مولى فاطمة بنت عتبة أسند عنه يكنى أبو بكر صاحب المغازي من سبي عين التمر
وهو أول سبي دخل المدينة، وقيل كنيته أبو عبد الله " ع " روى عنهما مات سنة
151 إحدى وخمسين ومائة انتهى.
وظاهره ان الرجل امامي ونص عليه ابن حجر في محكي التقريب حيث قال:
محمد بن إسحاق بن يسار أبو بكر المطلبي مولاهم المدني نزيل العراق إمام صدوق
مدلس ورمي بالتشيع والقدر من صغار الخامسة انتهى.
وورود مدحه في كلمات علماء العامة فعن مختصر الذهبي: انه كان صدوقا
من بحور العلم. وعن تأريخ اليافعي عن شعبة بن الحجاج انه قال: محمد بن إسحاق
أمير المؤمنين يعني في الحديث. وعن الشافعي: من أراد ان يتبحر في المغازي فهو
عيال محمد ابن إسحاق إلى غير ذلك.
قال ابن خلكان: كان محمد بن إسحاق ثبتا في الحديث عند أكثر العلماء
واما في المغازي والسير فلا تجهل إمامته: قال ابن شهاب الزهري: من أراد
المغازي فعليه بابن إسحاق. وذكره البخاري في تأريخه ثم ذكر ما روي عن
211

الشافعي وشعبة فيه. وحكي عن يحيى بن معين وأحمد بن حنبل ويحيى بن سعيد
القطان انهم وثقوا محمد بن إسحاق واحتجوا بحديثه وانما لم يخرج البخاري عنه
وقد وثقه وكذلك مسلم بن الحجاج لم يخرج عنه إلا حديثا واحدا في الرجم من
اجل طعن مالك بن انس فيه وانما طعن مالك فيه لأنه بلغه عنه انه قال هاتوا حديث
مالك فانا طبيب بعلله، فقال مالك وما ابن إسحاق انما هو دجال من الدجاجلة نحن
أخرجناه من المدينة (يشير والله أعلم إلى أن الدجال لا يدخل المدينة) وكان محمد
ابن إسحاق قد اتى أبا جعفر المنصور وهو بالحيرة فكتب له المغازي فسمع منه أهل الكوفة
بذلك السبب.
توفي ببغداد سنة 151 (قنا) ودفن في مقبرة الخيزران أم هارون الرشيد
بالجانب الشرقي وهذه المقبرة أقدم المقابر التي بالجانب الشرقي، ومن كتبه اخذ
عبد الملك بن هشام سيرة الرسول صلى الله عليه وآله وكذلك كل من تكلم في هذا الباب فعليه
اعتماده واليه استناده انتهى ملخصا.
(ابن الأسود الكاتب)
أحمد بن علوية الأصبهاني الكرماني، كان لغويا أديبا كاتبا شاعرا شيعيا
راويا للحديث، نادم الامراء والكبراء وعمر طويلا ذكره الشيخ فيمن لم يرو عنهم
وقال له دعاء الاعتقاد تصنيفه، وعن العلامة المجلسي انه احتمل ان يكون المراد
بدعاء الاعتقاد دعاء العديلة ولكن ينافيه تسمية. (جش) له كتاب الاعتقاد في
الأدعية وذكره ياقوت في معجم الأدباء وقال في المحكي عنه له ثمانية كتب في الدعاء
من انشائه وقال كان صاحب لغة يتعاطى التأديب ثم رفض صناعة التأديب وصار
في ندماء أحمد بن عبد العزيز ودلف بن أبي ودلف العجلي، وله شعر جيد كثير
منه في أحمد بن عبد العزيز العجلي: يرى ما خير ما يبدو أوائله * حتى كأن عليه الوحي قد نزلا
212

ركن من العلم لا يهفو لمحفظة * ولا يحيد وإن أبرمته جدلا
إذا مضى العزم لم ينكث عزيمته * ريب ولا خيف منه نقض ما فتلا
بل يخرج الحية الصماء مطرقة * من جحرها ويحط الأعصم الوعلا
وله فيه أيضا:
إذا ما جنى الجاني عليه جناية * عفا كرما عن ذنبه لا تكرما
ويوسعه رفقا يكاد لبسطه * يود برئ القوم لو كان مجرما
وقال العلامة في محكي الايضاح له كتاب الاعتقاد في الأدعية، وله النونية
المسماة بالألفية والمحبرة في مدح أمير المؤمنين " ع " وهي ثمانمائة ونيف وثلاثون
بيتا وقد عرضت على أبى حاتم السجستاني فقال يا أهل البصرة غلبكم والله شاعر
أصفهان في هذه القصيدة في إحكامها وكثرة فوائدها انتهى.
وهذه القصيدة لم توجد لها نسخة في هذه الاعصار إلا أبياتا مقطعة منها
أوردها ابن شهرآشوب في المناقب وهي تقرب من ربع منها أو أزيد فمنها قوله:
وله إذا ذكر الغدير فضيلة * لم ننسها ما دامت الملوان
قام النبي له بشرح ولاية * نزل الكتاب بها من الديان
إذ قال بلغ ما أمرت به وثق * منه بعصمة كالئ حنان
فدعا الصلاة جماعة وأقامه * علما بفضل مقالة وبيان
نادى ألست وليكم قالوا بلى * حقا فقال فذا الولي الثاني
فدعا له ولمن أجاب بنصره * ودعا الا له على ذوي الخذلان
توفي سنة 320 ونيف أو 312 وكان قد تجاوز المائة. ولا يخفى عليك انه
غير أحمد بن علوي المرعشي الفاضل العالم النسابة الذي سافر في طلب العلم والحديث
إلى الحجاز والعراق وخراسان وما وراء النهر والبصرة وخوزستان ولقي أئمة
الحديث، وفي آخر عمره توطن في ساري من بلاد مازندران وكان غاليا في التشيع
تولد سنة 462 وتوفي سنة 539.
213

(ابن الأشعث)
عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث بن قيس الكندي الذي خرج على عبد الملك
ابن مروان في أيام الحجاج وقصته مشهورة مذكورة في التواريخ ملخصها:
انه في سنه 81 خالف على الحجاج ومن معه من الجند فخرجوا على الحجاج ووقع
بينهما القتال الشديد في سنة 82 وقتل فيه طفيل بن عامر بن واثلة من جند ابن
الأشعث ثم اتفقت واقعة دير الجماجم في سنه 83 فجعل ابن الأشعث على خيله
عبد الرحمن بن العباس بن ربيعة الهاشمي وزعلي رجاله محمد بن سعد بن أبي وقاص
وعلى القراء جبلة بن زجر بن قيس الجعفي. وفيهم سعيد بن جبير وعامر الشعبي
وأبو البختري الطائي وعبد الرحمن بن أبي ليلي، وقاتل القراء قتالا شديدا فقتل جبلة
ابن زجر وكان سعيد بن جبير وأبو البختري الطائي يحملان على أهل الشام بعد
قتل جبلة وكانت مدة الحرب مائة يوم وثلاثة أيام فانهزم ابن الأشعث فأتى البصرة
واجتمع إليه من المنهزمين جمع كثير فسار نحو الحجاج فاجتمعوا بمسكن فاقتتلوا
أشد قتال فانهزم ابن الأشعث وأصحابه وقتل عبد الرحمن بن أبي ليلى الفقيه وابن
البختري الطائي ومضى ابن الأشعث إلى سجستان وهلك سنة 85 وحز رأسه وبعث
إلى الحجاج فسيره الحجاج إلى عبد الملك بن مروان:
(ابن أشناس)
بالفتح الشيخ أبو علي الحسن بن محمد بن إسماعيل بن محمد بن اشناس البزاز
من مصنفي أصحابنا رضي الله عنهم كذا قاله ابن طاووس في محكى الاقبال وقال:
وجدنا في كتاب عمل ذي الحجة بخطه تأريخه سنة 437 (تلز) انتهى.
وقال بعضهم في حقه: راوي الصحيفة السجادية برواية مخالفة للصحيفة
المشهورة في الأدعية.
214

(ابن أعثم الكوفي)
أبو محمد أحمد بن أعثم الكوفي المؤرخ المتوفى سنة 314، عن معجم الأدباء
لياقوت قال: انه كان شيعيا وهو عند أصحاب الحديث ضعيف، وله كتاب
الفتوح معروف ذكر فيه إلى أيام الرشيد وله كتاب التأريخ إلى أيام المقتدر انتهى.
(ابن الاعرابي)
أبو عبد الله محمد بن زياد الكوفي الهاشمي بالولاء أحد العالمين باللغة
والمشهورين بمعرفتها، وهو ربيب المفضل بن محمد الضبي صاحب المفضليات كانت
أمه تحته واخذ الأدب عنه وعن جماعة منهم الكسائي وابن السكيت واخذ عنه
إبراهيم الحربي وثعلب وابن السكيت، وكان يحضر مجلسه خلق كثير من
المستفيدين ويملي عليهم، وكان رأسا في الكلام الغريب، وكان يزعم أن أبا عبيدة
والأصمعي لا يحسنان شيئا.
ولد في الليلة التي مات فيها أبو حنيفة وذلك في رجب سنة 150 (قن) وتوفي
في شعبان سنة 231 (لار) ومن شعره في وصف الكتب:
لنا جلساء ما نمل حديثهم * ألباء مأمونون غيبا ومشهدا
يفيدوننا من علمهم علم ما مضى * وعقلا وتأديبا ورأيا مسددا
فلا فتنة تخشى ولا سوء عشرة * ولا تتقى منهم لسانا ولا يدا
فان قلت أموات فما أنت كاذب * وإن قلت احياء فلست مفندا
والأعرابي منسوب إلى الاعراب يقال رجل اعرابي إذا كان بدويا وإن لم
يكن من العرب ورجل عربي منسوب إلى العرب وإن لم يكن بدويا ويقال رجل أعجم
وأعجمي إذا كان في لسانه عجمة وان كان من العرب، ورجل عجمي منسوب إلى
العجم وان كان فصيحا كذا عن غريب القرآن لمحمد بن عزيز السجستاني.
(ابن الأعوج)
الأمير حسين بن محمد الحموي الشامي، أوحد أمراء الدهر وعين باصرة
215

الأدب وشمس فلك المجد:
حوى قصبات السبق في حومة العلى * نعم هو للسباق ما زال يسبق
متى تبرز الأيام مثل وجوده * جوادا بما في كفه يتصدق
لقد زين الدنيا جمالا كماله * فمنه على وجه البسيطة رونق
كان ينظم الشعر فيأتي فيه بكل معنى رائق. توفي ليلة النصف من شعبان
سنة 1019 (غيط).
(ابن آلوسي) تقدم في ابن آلوسي
(ابن أم عبد)
عبد الله بن مسعود بن غافل الهذلي أبو عبد الرحمن جليل القدر عظيم الشأن
كبير المنزلة قرأ القرآن وعلم السنة، وكان من الذين شهدوا جنازة أبي ذر رضي
الله عنه وباشروا تجهيزه. وعن الاستيعاب ان النبي قال لنفر من أصحابه فيهم
أبو ذر: ليموتن أحدكم بفلاة من الأرض تشهده عصابة من المؤمنين وكان مع
النبي صلى الله عليه وآله ليلة الجن وكان من الاثني عشر الذين أنكروا المنكر ونكيره على الثالث
وما جرى عليه من الضرب والإهانة في الكتب مسطور. وذكر أبو الصلاح في
التقريب من المعروفين بولايتهم عليهم السلام عمارا وسلمان وأبا ذر والمقداد وأبي بن كعب
وابن مسعود وكان هؤلاء بتبديل أبى بحذيفة ممن خلقت الأرض لهم وبهم يمطرون
وينصرون وعلي امامهم وشهدوا الصلاة على فاطمة عليها السلام.
روى العلامة المجلسي في البحار بابا في وصية النبي صلى الله عليه وآله إلى عبد الله بن
مسعود وروى اخبارا كثيرة في اخذ القرآن عنه. (كش) قال النبي: من أحب
ان يسمع القرآن غضا فليسمعه من ابن أم عبد - يعني ابن مسعود. وروي انه
اخذ سبعين سورة من القرآن من في رسول الله وبقيته من علي. وروي عن حذيفة
قال لقد علم المحفوظون من أصحاب رسول الله ان عبد الله بن مسعود كان أقربهم
216

وسيلة وأعلمهم بكتاب الله عز وجل. وفي النهاية في حديث ابن مسعود: انه مرض
وبكى فقال انما أبكي لأنه أصابني على حال فترة ولم يصبني على حال اجتهاد أي على
سكون وتقليل من العبادات والمجاهدات. توفي بالمدينة سنة 32 (لب) وصلى عليه
الزبير بن العوام. ودفن بالبقيع وكان له نيف وستون سنة.
قال ابن شحنة في الروضة: سنة 32 توفي عبد الله بن مسعود. جاء في بعض
الروايات انه أحد العشرة المشهود لهم بالجنة وصاحب هذه الرواية أسقط أبا عبيدة
ابن الجراح، وعن تلخيص الشافي قال: لا خلاف بين الأمة في طهارة ابن مسعود
وفضله وايمانه ومدح رسول الله وثنائه عليه وانه مات على الحالة المحمودة منه.
(قلت) ويظهر من كتاب نصر بن مزاحم ان ابن مسعود كان له أصحاب
منهم الربيع بن خيثم المعروف قال واتاه أي اتى أمير المؤمنين " ع " آخرون من
أصحاب عبد الله بن مسعود فيهم ربيع بن خيثم وهم يومئذ أربعمائة رجل فقال
يا أمير المؤمنين إنا شككنا في هذا القتال على معرفتنا بفضلك ولا غنى بنا ولا بك
ولا بالمسلمين عمن يقاتل العدو فولنا بعض هذه الثغور نكون بها عن أهله فوجهه
علي " ع " إلى ثغر الري فكان أول لواء عقده بالكوفة لواء ربيع ابن خيثم انتهى.
وقد ذكرنا في كتاب سفينة البحار وغيره ما يتعلق به ثم اعلم أن
لابن مسعود أخا يقال له عتبة بن مسعود وكان قديم الاسلام ولم يرو عن النبي شيئا
ومات في خلافة عمر وكان له ابن يقال له عبد الله ويكنى أبا عبد الرحمن منزله
بالكوفة ومات بها في خلافة عبد الملك بن مروان وكان كثير الحديث والفتيا فقيها
ومن ولده أبو عبد الله عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود أحد الفقهاء السبعة
المعروفة بالمدينة كان من اعلام التابعين سمع من ابن عباس وأبي هريرة وعائشة،
وروى عنه أبو الزناد والزهري وغيرهما. يحكى عن عمر بن عبد العزيز انه قال:
لئن يكون لي مجلس من عبيد الله أحب إلي من الدنيا وما فيها، وقال: والله إني
لاشتري ليلة من ليالي عبيد الله بألف دينار من بيت المال. وبالجملة كان عالما
217

ناسكا توفي سنة 102 (قب) أو سنة 99، والهذلي بضم الهاء وفتح الذال المعجمة
نسبة إلى هذيل بن مدركة وهي قبيلة كبيرة، وأكثر أهل وادي نخلة المجاور بمكة
من هذه القبيلة.
(ابن أم القاسم) انظر المراري
(ابن أم مكتوم)
اسمه عبد الله وقيل عمرو وهو ابن قيس من بنى عامر بن لوي وأمه
أم مكتوم واسمها عاتكة مخزومية، صحابي مهاجر، وكان يؤذن للنبي قال ابن قتيبة
في المعارف: قدم المدينة مهاجرا بعد بدر بيسير وقد ذهب بصره وكان رسول الله
يستخلفه على المدينة يصلي بالناس في عامة غزواته وشهد القادسية ومعه راية سوداء
وعليه درع ثم رجع إلى المدينة فمات بها.
(ابن الأنباري)
أبو بكر محمد بن القسم بن محمد بن بشار اللغوي النحوي علامة وقته في
الأدب وأكثر الناس حفظا لها. يحكى انه كان يحفظ مائة وعشرين تفسيرا للقرآن
الكريم بأسانيدها وثلاثمائة الف بيت شاهدا في القرآن المجيد وكان يملي من حفظه
لا من كتاب. قيل له قد أكثر الناس في محفوظاتك فكم تحفظ؟ قال: احفظ
ثلاثة عشر صندوقا.
حكي انه سألته يوما جارية للراضي بالله عن شئ من تعبير الرؤيا فقال انا
حاقن ثم مضى من يومه فحفظ كتاب الكرماني وجاء من الغد وقد صار معبرا
للرؤيا. وكان يأخذ الرطب فيشمه ويقول انك لطيب ولكن أطيب منك حفظ
ما وهبه الله لي من العلم. ولما مرض مرض الموت اكل شيئا كان يشتهي وقال
هي علة الموت. وحكي أيضا انه رأى يوما بالسوق جارية حسناء فوقعت في قلبه
فذكرها للراضي فاشتراها له وحملها إليه، فقال لها اعتزلي إلى الاستبراء قال وكنت
218

اطلب مسألة فاشتغل قلبي فقلت للخادم خذها وامض بها فليس قدرها ان تشغل
قلبي عن علمي فأخذها الغلام فقالت له دعني أكلمه بحرفين، فقالت له أنت رجل
له محل وعقل وإذا أخرجتني ولم تبين ذنبي ظن الناس بي ظنا قبيحا، فقال لها مالك
عندي ذنب غير انك شغلتني عن علمي، فقالت هذا سهل. فبلغ الراضي فقال
لا ينبغي ان يكون العلم في قلب أحد أحلى منه في صدر هذا الرجل. وأملى كتبا
كثيرة منها غريب الحديث قيل إنه خمسة وأربعون الف ورقة، وشرح المفضليات (1)
وغير ذلك.
يروي ديوان شعر عامر (2) بن الطفيل عن أبي العباس ثعلب توفي ليلة النحر
سنة 328 (شكح) وكان أبوه عالما بالأدب صدوقا دينا سكن بغداد وكان يملي في
ناحية من المسجد وابنه في ناحية أخرى روى عنه جماعة من العلماء وروى عنه
ولده المذكور، وله تصانيف توفي سنة 304 أو 305.
(وقد يطلق ابن الأنباري) على كمال الدين أبي البركات عبد الرحمن بن
محمد بن أبي الوفاء النحوي الفاضل الأديب، قرأ الأدب على أبي منصور الجواليقي
ولازم الشريف ابن الشجري حتى برع وصار ممن يشار إليه في النحو واشتغل عليه
خلق كثير وصاروا علماء ببركته وكان مباركا ما قرأ عليه أحد إلا وتميز وانقطع

(1) المفضليات هي اختيارات لجملة من اشعار شعراء العرب جمع أبي العباس
المفضل بن محمد بن يعلى بن عامر الضبي الكوفي كان عالما بالنحو والشعر والغريب
وأيام الناس، حكي انه كان يكتب المصاحف ويقفها في المساجد، تكفيرا لما كتبه
بيده من أهاجي الناس، اخذ عنه أبو زيد الأنصاري وغيره، توفي سنة 168
أو سنة 170.
(2) عامر بن الطفيل بن جعفر العامري، شاعر جاهلي بن عم لبيد
الشاعر وكان فارس قيس وسيدهم وكان مع شجاعته سخيا حكيما توفي
سنة 633 الميلادية.
219

في آخر عمره في بيته مشتغلا بالعلم والعبادة وترك الدنيا ومجالسة أهلها وكان زاهدا
عابدا عفيفا لا يقبل من أحد شيئا خشن العيش والمأكل ولم يزل على سيرة حميدة
إلى أن توفي ببغداد سنة 577 (ثعز). ويأتي في ابن الشجري ما يتعلق به.
والأنباري بفتح الهمزة وسكون النون نسبة إلى الأنبار وهي مدينة على
الفرات بينها وبين بغداد عشرة فراسخ، سميت بذلك لان الملوك الأكاسرة كانوا
يخزنون فيها الطعام.
(ابن الأنجب)
أبو الحسن علي بن الأنجب أبو المكارم المفضل بن علي اللخمي المقدسي
الإسكندراني المالكي، كان من أكابر الحفاظ فقيها فاضلا، وله من الاشعار
مقاطيع، ومن شعره:
ثلاث باءات بلينا بها * البق والبرغوث والبرغش
ثلاثة أوحش ما في الورى * ولست أدري أيها أوحش
توفي بالقاهرة سنة 611 (خيا). والمقدسي بفتح الميم وسكون القاف وكسر
الدال نسبة إلى بيت المقدس. (ولا يخفى) انه غير علي بن أنجب البغدادي الذي
يروي عنه الشيخ الأربلي ويأتي ذكره في ابن الساعي.
(ابن إياس)
أبو البركات محمد بن أحمد بن إياس الحنفي أحد تلامذة جلال الدين السيوطي
له كتاب مرج الزهور في وقائع الدهور، وتأريخ مصر، ونزهة الأمم في
العجائب والحكم، ونشق الأزهار في عجائب الأمصار. توفي سنة 930 (ظل).
(ابن بابشاذ (1))
أبو الحسن طاهر بن أحمد بن بابشاذ النحوي الديلمي المصري، عزيز مصره

(1) بابشاذ فارسي معرب بمعنى سرور الأب.
220

ووحيد عصره في علم النحو له المقدمة المشهورة وشرحها، وشرح الجمل للزجاجي.
حكي انه كان مستخدما في ديوان الرسائل فرأى يوما قطا يأخذ الطعام الذي يرمي
إليه ويحمله إلى قط أعمى ويضعه بين يديه وهو يأكله فتنبه من ذلك وقال: إذا
كان الله تعالى يقوم بكفاية هذا القط الأعمى ولم يحرمه الرزق فكيف يضيع مثلي؟
ثم قطع علائقه واستعفى عن الخدمة ولازم بيته متوكلا على الله تعالى إلى أن توفي
3 رجب سنة 469 (تسط) وكان يتمثل بهذا البيت:
للقمة بجريش الملح آكلها * ألذ من تمرة تحشى بزنبور
(ابن بابك الشاعر)
أبو القسم عبد الصمد بن منصور بن الحسن بن بابك بفتح البائين أحد
الشعراء المجيدين، قدم على الصاحب بن عباد قال له أنت بابك الشاعر؟ فقال انا
ابن بابك فاستحسن قوله وأجازه وأجزل صلته. توفي ببغداد سنة 410 (تى).
(ابن بابويه)
أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي، شيخ الحفظة
ووجه الطائفة المستحفظة رئيس المحدثين والصدوق فيما يرويه عن الأئمة الطاهرين " ع "
ولد بدعاء مولانا صاحب الامر " ع " ونال بذلك عظيم الفضل والفخر فعمت بركته
الأنام وبقيت آثاره ومصنفاته مدى الأيام، له نحو من ثلثمائة مصنف. قال ابن إدريس
في حقه: انه كان ثقة جليل القدر بصيرا بالاخبار ناقدا للآثار عالما
بالرجال وهو أستاذ المفيد محمد بن محمد بن النعمان. وقال العلامة في ترجمته شيخنا
وفقيهنا ووجه الطائفة بخراسان ورد بغداد سنة 355 وسمع منه شيوخ الطائفة
وهو حدث السن كان جليلا حافظا للأحاديث بصيرا بالرجال ناقدا للاخبار لم ير في
القميين مثله في حفظه وكثرة علمه له نحو من ثلثمائة مصنف ذكرنا أكثرها في كتابنا
الكبير، مات بالري سنة 381 إحدى وثمانين وثلثمائة انتهى.
221

وقال الأستاذ الأكبر في التعليقة: نقل المشايخ معنعنا عن شيخنا البهائي
وقد سئل عنه فعد له ووثقه وأثنى عليه، وقال: سئلت قديما عن زكريا ابن آدم
والصدوق محمد بن علي بن بابويه أيهما أفضل وأجلهما مرتبة فقلت زكريا ابن آدم
لتوافر الاخبار بمدحه فرأيت شيخنا الصدوق قدس سره عاتبا علي وقال من أين
ظهر لك فضل زكريا بن آدم علي؟ وأعرض عنى كذا في حاشية المحقق البحراني
على بلغته انتهى.
وقبره رحمه الله في بلدة الري قرب عبد العظيم الحسنى مزار معروف في بقعة
عالية في روضة مونقة وله خبر مستفيض مشهور، ذكره (ضا) وعده من كراماته
وأطراف قبره قبور كثيرة من أهل الفضل والايمان. وأخوه أبو عبد الله الحسين
ابن علي ولد أيضا بدعاء الامام صاحب الزمان صلوات الله عليه، وكان ثقة جليل
القدر كثير الرواية، روى عن جماعة وعن أخيه وعن أبيه محمد وعلي، له كتب
منها: كتاب التوحيد ونفي التشبيه، وكتاب عمله للصاحب بن عباد. قال الشيخ
منتجب الدين: الشيخ أبو عبد الله الحسين بن علي بن الحسين بن بابويه وابنه
الشيخ ثقة الدين الحسن وابنه الحسين فقهاء صلحاء انتهى.
وأبوهما أبو الحسن علي بن الحسين كان شيخ القميين في عصره وفقيههم
وثقتهم وكفى في فضله ما في التوقيع الشريف المنقول عن الإمام العسكري " ع ":
أوصيك يا شيخي ومعتمدي وفقيهي يا أبا الحسن الخ. والعلماء يعدون فتاويه من
الاخبار. قال شيخنا الشهيد في محكى الذكرى: ان الأصحاب كانوا يأخذون
الفتاوى من رسالة علي بن بابويه إذا أعوزهم النص ثقة واعتمادا عليه. قال ابن النديم
قرأت بخط ابنه أبى جعفر محمد بن علي على ظهر جزء قد أجزت لفلان بن فلان
كتب أبى علي بن الحسين وهي مائتا كتاب انتهى.
توفي سنة 329 وهي توافق عدد (يرحمه الله) ودفن بقم بجوار الحضرة
الفاطمية لا زالت مهبطا للفيوضات السبحانية في بقعة كبيرة عليها قبة عالية يزار
222

ويتبرك به وقد أخبر عن موته في ساعة وفاته الشيخ الأجل أبو الحسن علي بن محمد
السمري رابع النواب الأربعة رضي الله عنهم في بغداد. قال أبو علي في منتهى
المقال: وأولاد بابويه كثيرون جدا وأكثرهم علماء وقد كتب المحقق البحراني
في تعدادهم رسالة ومع ذلك شذ عنه غير واحد انتهى.
ثم اعلم أن لعلي بن بابويه سميا هو معروف بالتصوف أحد من أنكر عليه
ابن الجوزي في كتاب تلبيس إبليس، ولعله هو الذي قتلته القرامطة في المسجد
الحرام في سنة 316، حكي انه كان يطوف فضربوه بالسيف فوقع إلى الأرض وأنشد:
ترى المحبين صرعى في ديارهم * كفتية الكهف لا يدرون كم لبثوا
(ابن البادش)
أبو جعفر أحمد بن علي بن أحمد بن خلف الأنصاري الغرناطي، اخذ عن
أبيه وألف الاقناع في القراءات قالوا لم يؤلف مثله توفى سنة 540 وأبوه علي بن أحمد
أبو الحسن بن البادش الأول كان أوحد زمانه اتفاقا ومعرفة بعلم العربية
صنف كتاب شرح سيبويه وشرح المقتضب وشرح الجمل وغير ذلك. توفي
بغرناطة سنة 528 (ثكح).
(ابن باكثير)
أحمد بن الفضل بن محمد باكثير، الفاضل المحدث صاحب كتاب وسيلة
المآل في عد مناقب الآل فرغ منه سنة 1027.
(ابن بأنه)
عمرو بن محمد بن سليمان بن راشد مولى يوسف بن عمرو الثقفي أحد المغنين
المشهورين، كان أبوه صاحب ديوان وكان شاعرا، له كتاب في الأغاني وهو
معدود في ندماء الخلفاء ومغنيهم توفي سنة 278 بسر من رأى.
223

(ابن البراج)
الشيخ عبد العزيز بن نحرير بن عبد العزيز بن البراج أبو القسم، عز
المؤمنين وجه الأصحاب وفقيههم لقب بالقاضي لكونه قاضيا في طرابلس مدة عشرين
أو ثلاثين سنه. قال المحقق الكركي في بعض إجازاته في حق ابن البراج: الشيخ
السعيد خليفة الشيخ الامام أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي بالبلاد الشامية
عز الدين عبد العزيز بن نحرير البراج قدس الله روحه انتهى.
له المهذب والموجز والكامل والجواهر وعماد المحتاج وغير ذلك قرأ على السيد
والشيخ رحمهما الله ويروى عنهما وعن الكراجكي وأبى الصلاح الحلبي، ويروي عنه
الشيخ عبد الجبار المفيد الرازي فقيه الأصحاب بالري رضوان الله عليهم أجمعين.
توفي 9 شعبان سنة 481 (فات) ويأتي في الحافي ما يتعلق به: وطرابلس بفتح
الطاء المهملة وضم الباء الموحدة واللام بلدة بالشام وبلد بالمغرب.
(ابن برهان)
بفتح الموحدة أبو الفتح أحمد بن علي بن محمد الفقيه الشافعي صاحب الوجيز
في أصول الفقه، تلميذ الغزالي والكيا والشاشي توفي ببغداد سنة 520 (ثك).
(ابن البزري) أبو القسم عمر بن محمد بن أحمد بن عكرمة الفقيه الشافعي، إمام جزيرة
ابن عمر وفقيهها ومفتيها، له كتاب الأسامي والعلل من كتاب المهذب للشيخ
أبي إسحاق الشيرازي توفي سنة 560 بالجزيرة. والبزري نسبة إلى عمل البزر
وبيعه، والبزر اسم للدهن المستخرج من حب الكتان وبه يستصبحون.
(ابن بسام)
أبو الحسن علي بن محمد بن نصر بن منصور بن بسام البغدادي المعروف
بالبسامي الشاعر المشهور، كانت أمه امامة بنت حمدون النديم، كان من أعيان
224

الشعراء ومحاسن الظرفاء، له تصانيف ومن شعره:
عجبت من معجب بصورته * وكان من قبل نطفة مذره
وفي غد بعد حسن صورته * يصير في الأرض جيفة قذره
وهو على عجبه ونخوته * ما بين جنبيه يحمل العذره
قال أمير المؤمنين " ع ": ما لابن آدم والفخر، أوله نطفة وآخره جيفة
لا يرزق نفسه ولا يدفع حتفه. وقال ابن بسام أيضا:
أقصرت عن طلب البطالة والصبا * لما علاني للمشيب قناع
لله أيام الشباب ولهوه * ولو أن أيام الشباب تباع
فدع الصبا يا قلب واسل عن الهوى * ما فيك بعد مشيبك استمتاع
وانظر إلى الدنيا بعين مودع * فلقد دنا سفر وحان وداع
والحادثات موكلات بالفتى * والناس بعد الحادثات سماع
قال ابن خلكان: لما هدم المتوكل قبر الحسين بن علي بن أبي طالب في سنة 263
عمل البسامي:
تالله إن كانت أمية قد أتت * قتل ابن بنت نبيها مظلوما
فلقد أتاه بنو أبيه بمثلها * هذا لعمرك قبره مهدوما
أسفوا ان لا يكونوا شاركوا * في قتله فتتبعوه رميما
وكان المتوكل كثير التحامل على علي وولديه الحسن والحسين عليهم السلام فهدم هذا
المكان بأصوله ودوره وجميع ما يتعلق به وأمر ان يبذر ويسقى موضع قبره ومنع
الناس من اتيانه هكذا قال أرباب التواريخ والله أعلم انتهى.
وذكره المسعودي في مروج الذهب وقال: وقد كان أبوه محمد بن نصر في
غاية الستر والمروءة. وذكر بعض اخباره، وذكر وفاة ابن بسام سنة 303 (شج).
وليعلم انه غير أبي الحسن علي بن بسام الشنيتري الذي كتب كتابا في خصوص
علماء الأندلس الذي سماه الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة. وانما قيل للأندلس
225

جزيرة لان البحر محيط بها من جهاتها إلا الجهة الشمالية.
(ابن بسطام)
حسين بن بسطام بن سابور الزيات من أكابر قدماء العلماء الامامية ومحدثيهم
صنف كتاب طب الأئمة بإعانة أخيه أبى عتاب عبد الله بن بسطام.
(ابن بشكوال)
بفتح الموحدة وضم الكاف أبو القسم خلف بن عبد الملك بن مسعود بن
بشكوال الخزرجي الأنصاري القرطبي كان من علماء الأندلس، له مصنفات منها:
كتاب الصلة الذي جعله ذيلا على تأريخ علماء الأندلس لابن الفرضي، توفي بقرطبة
سنة 578 (ثعج) وله أيضا كتاب المستغيثين بالله نقل منه ابن خلكان كرامة لمالك
ابن دينار البصري بعد أن وصفه بالعلم والزهد والورع والقنوع، قال وله مناقب
عديدة وآثار شهيرة، فمن ذلك ما حكاه ابن بشكوال في كتابه كتاب المستغيثين
بالله تعالى فإنه قال: بينا مالك بن دينار جالس يوما إذ جاءه رجل فقال يا أبا يحيى
ادع الله لامرأة حبلى منذ أربع سنين قد أصبحت في كرب شديد فغضب مالك
وأطبق المصحف ثم قال ما يرى هؤلاء القوم إلا أننا أنبياء ثم قرأ ثم دعا فقال: اللهم
هذه المرأة ان كان في بطنها جارية فأبدلها بها غلاما فإنك تمحو ما تشاء وعندك أم
الكتاب ثم رفع مالك يده ورفع الناس أيديهم وجاء رسول إلى الرجل وقال أدرك
امرأتك فذهب الرجل فما حط مالك يده حتى طلع الرجل من باب المسجد وعلى
رقبته غلام جعد قطط ابن أربع سنين قد استوت أسنانه ما قطع سراره وكان من
كبار السادات انتهى.
(وعلى هذه فقس ما سواها).
(ابن البطريق)
أبو الحسين الشيخ شمس الدين يحيى بن الحسن بن الحسين الحلي من أفاضل
226

العلماء الامامية كان عالما فاضلا محدثا محققا ثقة جليلا، له كتاب العمدة والمناقب
والخصائص وتصفح الصحيحين في تحليل المتعتين وغير ذلك.
روى عن الشيخ عماد الدين الطبري ويروي عنه السيد فخار ومحمد بن
المشهدي، البطريق ككبريت القائد من قواد الروم تحت يده عشرة آلاف رجل.
(وقد يطلق ابن بطريق) على سعيد بن بطريق من أهالي فسطاط مصر وكان
طبيبا نصرانيا مشهورا متقدما في زمانه، مات سنة 328 (شكح) له نظم
الجواهر تأريخ مشهور.
(ابن بطة)
عند العامة أبو عبد الله عبيد الله بن محمد بن محمد بن حمدان بن بطة العكبري
الحنبلي صاحب الإبانة الذي مدحه جمع من علمائهم، وقدحه خطيب بغداد، توفي
سنة 387. وعندنا أبو جعفر محمد بن جعفر بن بطة القمي المؤدب الذي ذكره
(جش) وقال: كان كبير المنزلة بقم كثير الأدب والفضل والعلم الخ.
وعن ابن شهرآشوب قال: الحنبلي بالفتح والشيعي بالضم. واما أبو العلاء
ابن بطة وزير عضد الدولة فلم اعلم اسمه قال القاضي نور الله: له قصيدة في مدح
أهل البيت عليهم السلام آخرها هذا البيت:
سيشفع لابن بطة يوم تبلى * محاسنه التراب أبو تراب
(ابن بطوطة)
أبو عبد الله محمد بن محمد بن عبد الله الطنجي، كان سياحا كثير الاسفار
وقد دون أسفاره في رحلة سماها (تحفة النظار في غرائب الأمصار) وكان معاصرا
لفخر المحققين ابن العلامة، وتوفي بمراكش سنة 779 وذكر في رحلته تشرفه
بالنجف الأشرف وما شاهد من ذوي الأمراض المزمنة الذي ينتظرون ليلة المحيى
حتى يأخذون شفاءهم من الله تعالى ببركة قبر أمير المؤمنين " ع " في قصة نقلناها في
227

بعض مصنفاتنا، ومما ذكر فيها اخباره عن مشهد سيدتنا زينب بنت أمير المؤمنين
علي " ع " بالشام قال: وبقرية قبلي البلد أي بلدة دمشق على فرسخ منها مشهد
أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب " ع " من فاطمة عليها السلام ويقال ان اسمها زينب
وكناها النبي صلى الله عليه وآله أم كلثوم لشبهها بخالتها أم كلثوم بنت رسول الله وعليه
مسجد كبير وحوله مساكن وله أوقاف، ويسميه أهل دمشق قبر الست أم كلثوم.
وقال في رحلته إلى الكوفة: ورأيت بغربي جبانة الكوفة موضعا مسودا
شديد السواد في بسيط أبيض فأخبرت انه قبر الشقي ابن ملجم وإن أهل الكوفة
يأتون في كل سنة بالحطب الكثير فيوقدون النار على موضع قبره سبعة أيام، وعلى
قرب منه قبة أخبرت انها على قبر المختار بن أبي عبيدة.
وقال في رحلته لما وصل إلى صنوب: كنا نصلي مسبلي أيدينا وهم حنفية
لا يعرفون مذهب مالك والمختار من مذهبه هو اسبال اليدين وكان بعضهم يرى
الروافض بالحجاز والعراق فاتهمونا بمذهبهم حتى بعث إلينا بأرنب فذبحناه وطبخناه
وأكلناه فزالت عنا التهمة لان الروافض لا يأكلون الأرانب انتهى.
والأرنب واحدة الأرانب وهو حيوان يشبه العناق قصير اليدين طويل
الرجلين عكس الزرافة يطأ الأرض على مؤخر قوائمه وهو اسم جنس يطلق على
الذكر والأنثى. قال الدميري: (فائدة) التي تحيض من الحيوان أربعة المرأة
والضبع والخفاش والأرنب ويقال ان الكلبة أيضا كذلك.
(أقول) أجمع علماء العامة على تحليل اكله وعلماء الإمامية على تحريمه،
ووردت روايات في أنها كانت من المسوخ، وانها كانت امرأة تخون زوجها ولا
تغتسل من حيض ولا جنابة فمسخت.
(ابن بقية)
أبو طالب أحمد بن بكر بن بقية العبدي النحوي شارح كتاب الايضاح
228

في النحو لأبي علي الفارسي تلمذ على السيرافي والرماني والفارسي توفي سنة 406
(وقد يطلق) على ابن بقية الوزير وهو أبو طاهر محمد بن بقية بن علي وزير
عز الدولة بختيار بن معز الدولة بن بويه، كان من أجلة الرؤساء وأكابر الوزراء
وأعيان الكرماء، حكي انه لما ملك عضد الدولة بغداد ودخلها طلب ابن بقية وألقاه
تحت أرجل الفيلة لهناة كانت بينه وبينه فلما قتل صلبه بحضرة البيمارستان العضدي
ببغداد وذلك في ست خلون من شوال سنة 367 (شسز). ولما صلب رثاه أبو الحسن
محمد بن عمر الأنباري بقوله:
علو في الحياة وفي الممات * لحق أنت إحدى المعجزات
كأن الناس حولك حين قاموا * وفود نداك أيام الصلات
كأنك قائم فيهم خطيبا * وكلهم قيام للصلاة
مددت يديك نحوهم احتفالا * كمدهما إليهم بالهبات
ولما ضاق بطن الأرض عن أن * تضم علاك من بعد الممات
أصاروا الجو قبرك واستنابوا * عن الأكفان ثوب السافيات
لعظمك في النفوس تبيت ترعى * بحفاظ وحراس ثقات
وتشعل عند النيران ليلا * كذلك كنت أيام الحياة
ركبت مطية من قبل زيد * علاها في السنين الماضيات
ولم أر قبل جذعك قط جذعا * تمكن من عناق المكرمات
ولو اني قدرت على قيام * لفرضك والحقوق الواجبات
ملأت الأرض من نظم القوافي * ونحت بها خلاف النائحات
قال ابن عساكر في تأريخ دمشق ينقل ابن خلكان عنه لما صنع أبو الحسن
المرثية التائية كتبها ورماها بشوارع بغداد فتداولتها الأدباء إلى أن وصل الخبر
إلى عضد الدولة فلما أنشدت بين يديه تمنى ان يكون هو المصلوب دونه فقال علي
بهذا الرجل فطلب سنة كاملة واتصل الخبر بالصاحب بن عباد وهو بالري فكتب له
229

الأمان فلما سمع أبو الحسن الأنباري بذكر الأمان قصد حضرته فقال له: أنت
قائل هذه الأبيات؟ قال نعم، قال أنشدنيها من فيك، فلما أنشد:
ولم أر قبل جذعك قط جذعا * تمكن من عناق المكرمات
قام إليه الصاحب وعانقه وقبل فاه وأنفذه إلى عضد الدولة، فلما مثل بين يديه قال
ما الذي حملك على مرثية عدوي؟ فقال حقوق سلفت وأياد مضت فجاش الحزن في
قلبي فرثيته، فقال هل يحضرك شئ في الشموع والشموع تزهر بين يديه؟
فأنشأ يقول:
كأن الشموع وقد أظهرت * من النار في كل رأس سنانا
أصابع أعدائك الخائفين * تضرع تطلب منك الامانا
فلما سمعها خلع عليه وأعطاه فرسا وبدرة انتهى.
وزيد هذا هو أبو الحسين زيد بن علي بن أبي طالب " ع " ظهر في أيام هشام
ابن عبد الملك الأموي وتبعه خلق كثير من الاشراف والقراء فحاربه يوسف
ابن عمر الثقفي أمير العراقين، فانهزم أصحاب زيد فبقي في جماعة يسيرة فقاتلهم أشد
قتال وحال المساء بين الفريقين، فانصرف زيد مثخنا بالجراح وقد أصابه سهم في
جبهته، فطلبوا من ينزع النصل فأتى بحجام من بعض القرى فاستكتموه فاستخرج
النصل فمات من ساعته فدفنوه في ساقية ماء وجعلوا على قبره التراب والحشيش
وأجروا الماء على ذلك، وحضر الحجام مواراته فعرف الموضع، فلما أصبح مضى
إلى يوسف منتصحا له فدله على موضع قبره، فاستخرجه يوسف بن عمر فقطع
رأسه وبعث به إلى هشام فكتب إليه هشام ان أصلبه عريانا، فصلبه يوسف عريانا
بكناسة الكوفة فروي انه نسجت العنكبوت على عورته فسترتها. وعن الحدائق
الوردية: إذا أصبح أهل الكوفة ورأوا النسيج هتكوه بالرماح، فإذا جاء الليل
نسجت العنكبوت عليه. وعن مقاتل الطالبيين: صلبوه عريانا فارتخى على بطنه من
قدامه وظهره من خلفه حتى سترت عورته من القبل والدبر ولعل هذا بعد أن
230

صنعوا ذلك في نسج العنكبوت.
وعن الحدائق يحدث شبيب بن غرقد قال: قدمنا الكوفة من الحج فدخلنا
الكناسة ليلا، فلما كنا بالقرب من خشبة زيد أضاء الليل فلم نزل نسير نحوها
فنفحت منها رائحة المسك فقلت لأصحابي هكذا توجد رائحة المصلوبين؟ وإذا
بهاتف يقول: هكذا توجد رائحة أولاد النبيين الذي يقضون بالحق وبه يعدلون.
وعن تأريخ ابن عساكر ويحدث المتوكل بخشبة زيد: انه رأى النبي صلى الله عليه وآله في النوم
واقفا على الخشبة ويقول: هكذا تصنعون بولدي من بعدي؟ يا بنى يا زيد قتلوك
قتلهم الله صلبوك صلبهم الله. ففشى الحديث بين الناس وظهر بذلك فضله ومظلوميته
وعرف حتى حراس خشبته مكانته من الشرف وصدق دعواه، وانه محبو بجنان
واسعة، ومن اجل هذا لم يمنعوا من يرغب من أهل الكوفة في زيارته والتمسك
بجسده المقدس. حدث ابن تيمية في محكى منهاج السنة: انه لما صلب زيد كان
أهل الكوفة يأتون خشبته ليلا ويتعبدون عندها انتهى.
حكي انه لما اتى هشام برأس زيد دفع لمن اتاه بالرأس عشرة دراهم، وانه ألقى
الرأس امامه فاقبل الديك ينقر رأسه فقال بعض من حضر من الشاميين:
اطردوا الديك عن ذوابة زيد * فلقد كان لا يطأه الدجاج
وبعث هشام بالرأس من الشام إلى مدينة الرسول فنصب عند قبر النبي صلى الله عليه وآله يوما
وليلة وكان العامل على المدينة محمد بن إبراهيم بن هشام المخزومي، فتكلم معه ناس
من أهل المدينة ان ينزله فأبى إلا ذلك فضجت المدينة بالبكاء من دور بنى هاشم
وكان كيوم الحسين " ع ". وحدث عن عيسى بن سوادة قال: كنت بالمدينة لما
جئ برأس زيد ونصب في مؤخر المسجد على رمح وامر الوالي فنودي في المدينة
برأت الذمة من رجل بلغ الحلم لم يحضر المسجد، فحضر الناس الغرباء وغيرهم ولبثوا
سبعة أيام، كل يوم يخرج الوالي فيقوم الخطباء من الرؤساء فيلعنون عليا والحسين
وزيدا " ع " وأشياعهم فإذا فرغوا قام القبائل عربيهم وعجميهم وكان بنو عثمان أول
231

من قام إلى ذلك حتى إذا صلى العصر انصرف وعاد بالغد مثلها سبعة أيام ثم سير
الرأس الشريف إلى مصر فنصب بالجامع فسرقه أهل مصر ودفنوه في مسجد
محرس الخصي.
قال ابن خلكان: ذكر أبو عمرو الكندي في كتاب أمراء مصر ان أبا الحكم
ابن أبي الأبيض القيسي قدم إلى مصر برأس زيد بن علي يوم الاحد لعشر خلون
من جمادي الآخرة سنة 122 (قكب) واجتمع إليه الناس في المسجد وهو صاحب
المشهد الذي بين مصر وبركة قارون بالقرب من جامع ابن طولون يقال ان رأسه
مدفون به.
حكي انه لما قتل زيد نصب هشام بن عبد الملك العداوة لآل أبى طالب
وشيعتهم، وامر عماله بالتضييق عليهم ومحق آثارهم بالحبس والتبعيد عن الأوطان
والفتك بهم وحرمانهم عطاءهم، وكتب إلى عامله بالكوفة يوسف بن عمران يأخذ
الكميت بن زيد الأسدي ويقطع لسانه ويده لأنه رثى زيد بن علي بقصيدة وفيها
يمدح بني هاشم، وزاد على ذلك أن كلف آل أبي طالب بالبراءة من زيد فقام
بذلك خطباؤهم مكرهين مقهورين. وكتب هشام إلى عامل المدينة ان يمنع أهل مكة
والمدينة عطاءهم سنة لأنه عرف منهم الميل إلى زيد وأظهروا الحزن أيام مجئ خبره
وكتب أيضا إلى عامل المدينة ان يحبس قوما من بني هاشم ويعرضهم كل أسبوع
مرة ويقيم لهم الكفلاء ألا يخرجوا. فقال الفضل بن عبد الرحمن ابن العباس بن
ربيعة بن الحرث بن عبد المطلب من قصيدة طويلة:
كلما أحدثوا بأرض نقيقا * ضمنونا السجون أو سيرونا
قتلونا بغير ذنب إليهم * قاتل الله أمة قتلونا
ما رعوا حقنا ولا حفظوا * فينا وصاة الاله بالأقربينا
جعلونا أدنى عدو إليهم * فهم في دمائهم يسبحونا
أنكروا حقنا وجاروا علينا * وعلى غير إحنة أبغضونا
232

غير أن النبي منا وإنا * لم نزل في صلاتهم راغبينا
إن دعونا إلى الهدى لم يجيبونا * وكانوا عن الهدى ناكبينا
فعسى الله ان يديل أناسا * من أناس فيصبحوا ظاهرينا
فتقر العيون من قوم سوء * قد أخافوا وقتلوا المؤمنينا
من بني هاشم ومن كل حي * ينصرون الاسلام مستنصرينا
في أناس آباؤهم نصروا الدين * وكانوا لربهم ناصرينا
تحكم المرهفات في الهام منهم * بأكف المعاشر الثائرينا
أين قتلى منهم بغيتم عليهم * ثم قتلتموهم ظالمينا
ارجعوا هاشما وردوا أبا * اليقظان وابن البديل في آخرينا
وارجعوا ذا الشهادتين وقتلى * أنتم في قتالهم قاجرونا
ثم ردوا أبا عمير وردوا * لي رشيدا وميثما والذينا
قتلوا بالطفوف يوم حسين * من بنى هاشم وردوا حسينا
أين عمرو وأين بشر وقتلى * معهم في العراء ما يدفنونا
ارجعوا عامرا وردوا زهيرا * ثم عثمان فارجعوا غارمينا
وارجعوا هانيا وردوا إلينا * كل من قد قتلتم أجمعينا
إن تردوهم إلينا ولسنا * منكم غير ذلكم قابلينا
وذكر أبو بكر بن عياش وجماعة من الأخباريين: ان زيدا أقام مصلوبا
خمس سنين عريانا فلم ير أحد له عورة سترا من الله تعالى، فلم كان في أيام الوليد
ابن يزيد كتب الوليد إلى عامله بالكوفة ان أحرق زيدا بخشبته ففعل به ذلك
وأذرى رماده في الرياح على شاطئ الفرات، فصار هذا سببا لما فعل بنو العباس
بقبور بنى أمية انتهى.
حكى المسعودي عن الهيثم بن عدي عن معمر بن هاني الطائي قال: خرجت
مع عبد الله بن علي وهو عم السفاح والمنصور فانتهينا إلى قبر هشام بن عبد الملك
233

فاستخرجناه صحيحا ما فقدنا منه إلا خرمة أنفه فضربه عبد الله ثمانين سوطا ثم
أحرقه، فاستخرجنا سليمان بن عبد الملك من ارض دابق فلم نجد منه شيئا إلا صلبه
وأضلاعه ورأسه فأحرقناه، وفعلنا ذلك بغيره من بنى أمية، وكانت قبورهم
بقنسرين ثم انتهينا إلى دمشق فأخرجنا الوليد بن عبد الملك فما وجدنا إلا شؤون
رأسه ثم احتفرنا عن يزيد بن معاوية فما وجدنا منه إلا عظما واحدا ووجدنا
خطا اسود كأنما خط بالرماد بالطول في لحده ثم تتبعنا قبورهم في جميع البلدان
فأحرقنا ما وجدنا فيها منهم.
(ابن البواب الكاتب)
أبو الحسن علي بن هلال البغدادي الفاضل الكاتب المشهور ذكره القاضي
نور الله في المجالس في الكتاب من الشيعة. قال ابن خلكان: لم يوجد في المتقدمين
ولا المتأخرين من كتب مثله ولا قاربه، وإن كان أبو علي بن مقلة أول من نقل
هذه الطريقة من خط الكوفيين وأبرزها في هذه الصورة وله بذلك فضيلة السبق
وخطه أيضا في نهاية الحسن لكن ابن البواب هذب طريقته ونقحها وكساها طلاوة
وبهجة، وقال: وكان شيخه في الكتابة ابن أسد الكاتب وهو أبو عبد الله محمد بن
أسد بن علي بن سعيد القاري الكاتب البزاز البغدادي المتوفى سنة 410 (تى) ودفن
بالشونيزي انتهى. وله قصيدة رائية في علم الخط منها قوله:
وارغب بنفسك ان تخط بنانها * خيرا تخلفه بدار غرور
فجميع فعل المرء يلقاه غدا * عند التقاء كتابه المنشور
توفي ببغداد سنة 423 (تكج) وكان أبوه بوابا لبني بويه.
(ابن البيطار)
ضياء الدين أبو محمد عبد الله بن أحمد المالقي الأندلسي النباتي، كان أوحد
زمانه وعلامة وقته في معرفة النبات وتحقيقه واختباره ومواضع نباته ونعت أسمائه
234

على اختلافها وتنوعها، سافر إلى أقصى بلاد الروم واخذ فن النبات عن جماعة وكان
ذكيا فطنا، له كتب منها: كتاب جامع في الأدوية المفردة، ولم يوجد في الأدوية
المفردة كتاب اجل ولا أجود منه يعرف بمفردات ابن البيطار ينقل عنه العلامة
المجلسي (ره) كثيرا في كتاب السماء والعالم من البحار، وله أيضا كتاب المغني في
الطب وغير ذلك. توفي بدمشق سنة 646 (خمو).
(ابن البيع) على وزن السيد يأتي في الحاكم النيسابوري
(ابن التركماني)
قاضي القضاة علاء الدين علي بن عثمان بن إبراهيم الحنفي، ولد بالقاهرة سنة
683 واشتغل بأنواع العلوم ودرس وأفتى، له الجوهر النقي في الرد على البيهقي.
توفي سنة 744 أو سنة 750.
(ابن التعاويذي)
أبو الفتح محمد بن عبد الله بن عبد الله الكاتب الشاعر المشهور، أورده بعض
علمائنا في رجال الشيعة. ونقل عن نسمة السحر قال: انه من كبار الشيعة وذكر
قصيدته في رثاء الحسين " ع " وأبياته المرسلة إلى ابن المختار نقيب مشهد الكوفة
التي فيها التصريح بتشيعه، كان كاتبا بديوان المقاطعات ببغداد وعمي في آخر
عمره، وله في عماه اشعار كثيرة يرثي بها عينيه ويندب زمان شبابه، ومن
اشعاره ما كتبه إلى فخر الدين صاحب مخزن الناصر لدين الله:
مولاي فخر الدين أنت إلى الندى * عجل وغيرك محجم متباطي
أخنت علي الحادثات وأفرطت * في الرداءة أيما افراط
قد كدرت جسمي المضي وغيرت * طبعي السليم وعفنت أخلاطي
فتول تدبيري فقد أنهيت ما * أشكوه من مرضي إلى بقراط
توفي ببغداد سنة 584، والتعاويذي نسبة إلى كتبة التعاويذ وهي الحروز
ولعل أباه كان يرقى ويكتب التعاويذ.
235

(ابن تغرى بردى)
الأمير جمال الدين أبو المحاسن يوسف بن تغري بردي الظاهري القاهري
الحنفي، ولد بالقاهرة سنة 813 ورباه زوج أخته ابن النديم الحنفي وتلمذ على
تقي الدين المقريزي مؤرخ الديار المصرية، وكان والده مملوكا تركيا اشتراه الملك
الظاهر برقوق، له النجوم الزاهرة في اخبار مصر والقاهرة توفي سنة 874 (ضعد)
(ابن التلميذ)
أبو الحسن هبة الله بن أبي الغنائم بن التلميذ الطبيب صاعد بن هبة الله
النصراني الطبيب، كان شيخ النصارى وقسيسهم ورأسهم ورئيسهم، له في النظم
كلمات رائقة، ومن شعره لغزا في الميزان:
ما واحد مختلف الأسماء * يعدل في الأرض وفي السماء
يحكم بالقسط بلا رياء * أعمى يرى الارشاد كل راء
أخرس لا من علة وداء * يغني عن التصريح بالايماء
يجيب إن ناداه ذو امتراء * بالرفع والخفض عن النداء
يفصح إن علق في الهواء
وله تصانيف مليحة منها: كتاب اقراباذين وهو نافع في بابه، به كان عمل
الأطباء. مات في عيد النصاري سنة 560 (شرس). ونقل انه قد أسلم قبل موته.
(ابن تومرت)
بالضم أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن تومرت المنعوت بالمهدي الهرغي
صاحب دعوة عبد المؤمن بن علي بالمغرب اخباره في ابن خلكان. توفي بجبل
تينمل سنة 524 (ثكد). الهرغي بفتح الهاء وسكون الراء نسبة إلى هرغة
قبيلة كبيرة.
(ابن تيمية)
أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن عبد الله بن أبي القسم بن تيمية
236

الحراني الحنبلي، صاحب البدع والفتاوى والعقائد المعروفة الذي حكم الفقهاء
بضلالته وبفساد عقيدته فحبسه عامل مصر فصار عاقبة امره انه توفي في محبس
مراكش سنة 728 (ذكح).
حكي ان يوم وفاته كان يوما مشهودا ضاقت لجنازته الطريق وانتهى بها الناس من
كل فج عميق واشتد الزحام وألقى على نعشه مناديلهم وعمائمهم للتبرك وصار النعش
على الرؤوس تارة يتقدم وتارة يتأخر وكسرت أعواد سريره لكثرة تعلق الناس به
وشربوا ماء غسله للتيمن به لما أشرف في قلوبهم حبه واشتروا ما زاد من سدره
فقسموه بينهم، ويقال ان الخيط الذي كان جعل عليه الزيبق وعلقه على جسده
لدفع القمل اشتروه بمائة وخمسين درهما (وقد يطلب ابن تيمية) على جده مجد الدين
عبد السلام بن عبد الله صاحب المنتقى في أحاديث الاحكام عن خير الأنام المتوفى
سنة 652، وقد يطلق على أبي عبد الله محمد بن أبي القسم الخضر بن محمد فخر الدين
الخطيب الواعظ الفقيه الحنبلي الحراني، له تفسير القرآن وديوان خطب، توفي
بحران سنة 621.
(ابن جبير)
محمد بن أحمد بن جبير الأندلسي الفاضل الأديب من ولد ضمرة بن بكر بن
عبد مناة صاحب الرحلة المشهورة، قالوا ذكر في هذه الرحلة ما شاهده من الآثار
ووصف حال مصر في زمن السلطان صلاح الدين الأيوبي والمسجد الأقصى والجامع
الأموي والساعة العجيبة التي كانت فيه توفي سنة 614 (خيد). حكي انه كان
من أهل المروءة مؤنسا للغرباء عاشقا لقضاء حوائج الناس.
(أقول) كما روي عن أبي عمارة قال: كان حماد بن أبي حنيفة إذا لقيني
قال: كرر علي حديثك فأحدثه.
(قلت) روينا ان عابد بني إسرائيل كان إذا بلغ الغاية في العبادة صار
مشاء في حوائج الناس عانيا بما يصلحهم.
237

(ابن حجام) انظر ماهيار
(ابن جذعان)
اسمه عبد الله وهو تيمي، ذكره الدميري في ثعبان حكاية من ظفر بن
جذعان بكنز عظيم، فجعل ينفق من ذلك الكنز ويطعم الناس ويفعل المعروف.
وكان جفنته يأكل منها الراكب على البعير، وسقط فيها صبي فغرق ومات. وحكي
انه ممن حرم الخمر في الجاهلية بعد أن كان بها مغرى (اي حريصا) وذلك أنه سكر
ليلة، فصار يمد يديه ويقبض على ضوء القمر ليأخذه فضحك منها جلساؤه، فأخبر
بذلك حين صحا فحلف ان لا يشربها ابدا انتهى.
وروي ان أبا قحافة كان مناديه على مائدته، واجرته أربعة دوانيق.
وروي عن النبي صلى الله عليه وآله قال: ان أهون أهل النار عذابا ابن جذعان، فقيل
يا رسول الله وما بال ابن جذعان أهون أهل النار عذابا؟ قال: انه كان يطعم الطعام
وفي المعارف لابن قتيبة: ان عبد الله بن جذعان كان عقيما فادعى رجلا فسماه زهيرا
وكناه أبا مليكة فولده كلهم ينسبون إلى أبى مليكة، وفقد أبو مليكة فلم يرجع
وكان عمل عصيدة ثم خرج في حاجة فلم يرجع، فقيل في المثل لا افعل كذا حتى
برجع أبو مليكة إلى عصيدته انتهى.
(ابن جرموز)
هو عمرو بن جرموز الذي قتل الزبير بن العوام على وجه الغيلة والغدر
قالت عاتكة بنت زيد بن عمرو بن نفيل في ذلك:
غدر ابن جرموز بفارس بهمة * يوم اللقاء وكان غير ممرد
يا عمرو لو نبهته لوجدته * لا طائشا رعش اللسان ولا يد
لا يخفى ان ما ظهر من الروايات الكثيرة ان طلحة والزبير بايعا أمير المؤمنين " ع "
بعد قتل عثمان ثم نكثا بيعته، فدعا أمير المؤمنين " ع " عليهما فقتلا بالذلة. روى
238

الشيخ الكليني عطر الله مرقده ان أمير المؤمنين " ع " قال في خطبته يوم الجمل:
واعجبا لطلحة! ألب الناس على ابن عفان حتى إذا قتل أعطاني صفقته بيمينه
طائعا، ثم نكث بيعتي، اللهم خذه ولا تمهله، وان الزبير نكث بيعتي وقطع رحمي
وظاهر علي عدوي فاكفنيه اليوم بما شئت.
(أقول) انظر كيف استجيب دعاؤه " ع " اما طلحة فقد روى أبو مخنف
انه لما تضعضع أهل الجمل قال مروان: لا اطلب ثار عثمان من طلحة بعد اليوم
فانتحى له بسهم فأصاب ساقه فقطع أكحله فجعل الدم ينبض فاستدعى من مولى له
بغلة فركبها وأدبر وقال لمولاه: أما من مكان أقدر فيه على النزول؟ فقد قتلني
الدم، فقال له مولاه انج وإلا لحقك القوم، فقال بالله ما رأيت مصرع شيخ
أضيع من مصرعي هذا حتى انتهى إلى دار من دور البصرة فنزلها ومات بها. واما
الزبير فقد روي: انه لما كان يوم الجمل خرج أمير المؤمنين " ع " حاسرا على بغلة
رسول الله صلى الله عليه وآله فنادى يا زبير اخرج إلي فخرج شاكا في سلاحه فقال له علي " ع "
ويحك يا زبير ما الذي أخرجك؟ قال دم عثمان، قال قتل الله أولانا بدم عثمان
اما تذكر يوم لقيت رسول الله في بنى بياضة وهو راكب حماره فضحك إلي
رسول الله وضحكت أنت معه فقلت أنت يا رسول الله ما يدع علي زهوه فقال لك
ليس به زهو، أتحبه يا زبير؟ فقلت اني والله لأحبه فقال لك انك والله ستقاتله
وأنت له ظالم فقال الزبير: استغفر الله لو ذكرتها ما خرجت، فقال يا زبير ارجع،
فقال وكيف ارجع الآن وقد التقت حلقتا البطان؟ هذا والله العار الذي لا يغسل
فقال ارجع بالعار قبل ان تجمع العار والنار فرجع الزبير قائلا:
اخترت عارا على نار مؤججة * ما إن يقوم لها خلق من الطين
فقال ابنه عبد الله أين تدعنا فقال: يا بني ذكرني أبو الحسن بأمر كنت قد
أنسيته فقال لا والله ولكنك فررت من سيوف بنى عبد المطلب فإنها طوال حداد تحملها
فتية أنجاد، قال لا والله ولكني ذكرت ما أنسانيه الدهر أبالجبن تعيرني لا أبا لك؟
239

ثم أمال سنانه وشد في الميمنة، فقال علي أفرجوا له ثم رجع فشد في الميسرة ثم رجع
فشد في القلب ثم عاد إلى ابنه فقال أيفعل هذا جبان؟ ثم مضى منصرفا حتى اتى وادي
السباع والأحنف ابن قيس معتزل في قومه من بني تميم فلحق الزبير نفر من بني
تميم فسبقهم إليه عمرو بن جرموز، وقد نزل الزبير إلى الصلاة فقال أتؤمني أو
أؤمك فأمه الزبير فقتله عمرو في الصلاة. وقتل وله خمس وسبعون سنة وقد رثته
الشعراء وذكرت غدر ابن جرموز، واتى عمرو عليا " ع " بسيف الزبير وخاتمه،
فقال علي: سيف طالما جلى الكرب عن وجه رسول الله، اعلم أنه قد استجيب
دعاء أمير المؤمنين علي " ع " على كثير أشرنا إلى بعضهم في سفينة البحار منهم:
بسر بن أرطاة وهو الذي بعثه معاوية في ثلاثة آلاف إلى الحجاز وأمره بقتل شيعة
علي ونهب أموالهم وكان بسر خذله الله قاسي القلب فظا سفاكا للدماء فسار حتى
اتى المدينة وصعد المنبر وهددهم وأوعدهم وبعد الشفاعة اخذ منهم البيعة لمعاوية
وجعل عليها أبا هريرة وأحرق دورا كثيرة وخرج إلى مكة فهرب قثم بن عباس
عامل علي عليها ودخلها بسر فشتم أهلها وأنبهم واخذ سليمان وداود ابني عبيد الله
ابن العباس فذبحهما، وقتل فيما بين مكة والمدينة رجالا واخذ أموالا ثم خرج من
مكة وكان يسير ويفسد في البلاد حتى اتى صنعاء وهرب منها عبيد الله بن العباس
عامل علي وسعيد بن نمران عامله على الجند فدخلها بسر وقتل فيها ناسا كثيرا إلى أن
بعث أمير المؤمنين " ع " جارية بن قدامة في الفين في اثره ففر بسر إلى الشام
فدعا عليه أمير المؤمنين " ع " بأن لا يموت حتى يسلب عقله فاستجاب الله دعاءه
فلم يلبث بعد ذلك يسيرا حتى وسوس وذهب عقله وكان يهذي بالسيف ويقول
اعطوني سيفا اقتل به، لا يزال يردد ذلك حتى اتخذ له سيف من خشب، وكانوا
يدنون منه المرفقة فلا يزال يضربها حتى يغشى عليه فلبث كذلك إلى أن مات.
وقال المسعودي: فجعل له سيف من خشب وجعل في يده زق منفوخ كلما
تخرق أبدل، فلم يزل يضرب ذلك السيف حتى مات ذاهل العقل يلعب بخرئه وربما
240

كان يتناول منه ثم يقبل على من رآه فيقول انظروا كيف يطعمني هذان الغلامان
ابنا عبيد الله؟ وكان ربما شدت يداه إلى ورائه منعا من ذلك فأنجى (أي تغوط)
ذات يوم في مكانه ثم أهوى بفيه فتناول منه فبادروا إلى منعه فقال أنتم تمنعونني
وعبد الرحمن وقثم يطعمانني ومات بسر لعنه الله في أيام الوليد بن عبد الملك
سنة 86، ومنهم: انس بن مالك دعا عليه السلام بوضح لا يستره من الناس لكتمانه
حديث غدير خم فابتلي ببرص فروي انه تعصب بعصابة فسئل عنها فقال هذه دعوة
علي وكتم زيد بن أرقم حديث الغدير يوم الرحبة ولم يشهد لأمير المؤمنين
عليه السلام فدعا عليه بذهاب بصره، فكان يحدث الناس بالحديث بعد ما كف بصره
إلى غير ذلك.
(ابن جريح) انظر ابن الرومي
(ابن جرير)
الطبري يطلق على رجلين من الفريقين كلاهما يسميان محمد بن جرير وكلاهما
طبريان، فالطبري العامي أبو جعفر محمد بن جرير بن يزيد المحدث الفقيه المؤرخ
علامة وقته ووحيد زمانه الذي جمع من العلوم ما لم يشاركه فيه أحد من أهل عصره
صاحب المصنفات الكثيرة منها: التفسير الكبير والتأريخ الشهير وكتاب طرق حديث
الغدير المسمى بكتاب الولاية الذي قال الذهبي: اني وقفت عليه فاندهشت لكثرة
طرقه. وقال إسماعيل بن عمر الشافعي في ترجمته: اني رأيت كتابا جمع فيه
أحاديث غدير خم في مجلدين ضخمين وكتابا جمع فيه طرق حديث الطير.
وعن أبي محمد الفرغاني ان قوما من تلامذة محمد بن جرير حسبوا لأبي جعفر
منذ بلغ الحلم إلى أن مات ثم قسموا على تلك المدة أوراق مصنفاته فصار لكل
يوم أربع عشرة ورقة.
(أقول) قد أطال القوم كلماتهم في مدح هذا الرجل، قال المسعودي في
241

مروج الذهب: واما تأريخ أبى جعفر محمد بن جرير الطبري الزاهي على المؤلفات
والزائد على الكتب المصنفات فقد جمع أنواع الاخبار وحوى فنون الآثار واشتمل
على صنوف العلم وهو كتاب تكثر فائدته وتنفع عائدته وكيف لا يكون ذلك
ومؤلفه فقيه عصره وناسك دهره، إليه انتهت علوم فقهاء الأمصار وحملة السنن
والآثار، وكذلك تأريخ أبى عبد الله إبراهيم بن محمد بن عرفة الواسطي النحوي
الملقب بنفطويه فمحشو من ملاحة كتب الخاصة مملو من فوائد الشاذة وكان أحسن
أهل عصره تأليفا وأملحهم تصنيفا انتهى.
وقال ابن خلكان: أبو جعفر محمد بن جرير بن يزيد بن خالد الطبري وقيل
يزيد بن كثير بن غالب صاحب التفسير الكبير والتأريخ الشهير كان إماما في فنون
كثيرة منها التفسير والحديث والفقه والتأريخ وغير ذلك، وله مصنفات مليحة في
فنون عديدة تدل على سعة علمه وغزارة فضله، وكان من الأئمة المجتهدين لم يقلد
أحدا وكان أبو الفرج بن المعافى بن زكريا النهرواني المعروف بابن طرار
(طراوي خ ل) على مذهبه وكان ثقة في نقله، وتأريخه أصح التواريخ وأثبتها
كانت ولادته بآمل طبرستان سنة 224 (ركد) وتوفي سنة 310 (شي) ببغداد،
وأبو بكر الخوارزمي ابن أخته انتهى ملخصا.
وحكي عن محمد بن خزيمة قال: ما اعلم على أديم الأرض اعلم منه وكان على
ما يحكي عنه مجتهدا حر الفكر صريح القول إذا اعتقد أمرا جاهر به فكثر أخصامه
من العامة ولا سيما الحنابلة، لأنه الف كتابا ذكر فيه اختلاف الفقهاء ولم يذكر فيه
ابن حنبل فقيل له ذلك فقال لم يكن فقيها وانما كان محدثا فعظم ذلك على الحنابلة
وكانوا لا يحصون عددا في بغداد فنقموا عليه واتهموه بالالحاد وهو لا يهمه ذلك
لزهده وقناعته بما كان يرد عليه من قرية خلفها أبوه في طبرستان، فلما توفي في
شوال سنة 310 (شي) دفن ليلا في داره، لان العامة اجتمعت ومنعت دفنه نهارا
قيل رثاه من أهل الأدب خلق كثير منهم ابن دريد، قال في ذلك:
242

إن المنية لم تتلف به رجلا * بل أتلفت علما للدين منصوبا
كان الزمان به تصفو مشاربه * والآن أصبح للتكدير مقطوبا
واما ابن جرير الطبري الشيعي فهو أبو جعفر محمد بن جرير بن رستم الطبري
الآملي من أعاظم علمائنا الامامية في المائة الرابعة، ومن أجلائهم وثقتهم، صاحب
كتاب دلائل الإمامة والايضاح والمسترشد. قال (جش): محمد بن جرير بن رستم
الطبري الآملي أبو جعفر جليل من أصحابنا كثير العلم حسن الكلام ثقة في
الحديث، له كتاب المسترشد في الإمامة انتهى. والطبري يأتي ما يتعلق به
في الطبرسي.
(ابن الجزري)
شمس الدين محمد بن محمد بن علي بن يوسف الشافعي الدمشقي الفاضل المقري
صاحب الحصن الحصين من كلام سيد المرسلين، والدرة المضيئة والمقدمة الجزرية
وغير ذلك سافر إلى البلاد وانتهى إلى شيراز فألزمه سلطانها قضاء شيراز ونواحيها
وتوفي سنة 833 (ضلج) ودفن في مدرسة أنشأها (وقد يطلق) على الحسين بن
أحمد بن الحسين الحلبي الفاضل الأديب اللغوي الشاعر. حكي انه كان حريصا على
الاخذ من شعر المعري فقال رأيته في المنام وكأني اقرأ عليه ديوانه الموسوم
(بلزوم مالا يلزم) فلما استيقظت بقي في خاطري من تقريراته قوله: الخير كل الخير
فيما أكرهت النفس الطبيعة عليه، والشر كل الشر فيما أكرهتك النفس الطبيعة عليه.
وكان مكتوبا على ديوانه:
إن كنت متخذا لجرحك مرهما * فكتاب رب العالمين المرهم
أو كنت مصطحبا حبيبا سالكا * سبل الهدى فلزوم مالا يلزم
توفي بحماه سنة 1302 (غشب).
(ابن جزلة)
بفتح الجيم وسكون الزاي وفتح اللام أبو الحسن يحيى بن عيسى بن علي
243

ابن جزلة الطبيب البغدادي، كان من المشهورين في علم الطب تلميذ سعيد بن
هبة الله كان نصرانيا ثم أسلم، له كتاب تقويم الأبدان صنفه للمقتدي بأمر الله
ومناهج البيان فيما يستعمله الانسان وكتاب المنهاج جمع فيه أسماء الحشائش
والعقاقير والأدوية وصنف رسالة في الرد على النصارى وبين عوار مذهبهم ومدح
فيها الاسلام وأقام الحجة على أنه الدين الحق وذكر فيها ما قرأه في التوراة والإنجيل
من ظهور النبي صلى الله عليه وآله وانه نبي مبعوث وان اليهود والنصارى أخفوا ذلك ولم يظهروه
ثم ذكر فيه معائب اليهود والنصارى توفي سنة 493 (تصج).
(ابن الجعابي)
ويقال له الجعابي بكسر الجيم هو أبو بكر محمد بن عمر بن محمد بن سالم
التميمي الحافظ قاضي الموصل بغدادي إمامي كان من حفاظ الحديث واجلاء أهل العلم
والناقدين للحديث، يروي عنه شيخنا المفيد والتلعكبري له كتاب الشيعة
من أصحاب الحديث وطبقاتهم وكتاب طرق من روى عن أمير المؤمنين " ع " انه
قال: لعهد النبي الأمي إلي انه لا يحبني إلا مؤمن لا يبغضني إلا منافق. كتاب
ذكر من روى مؤاخاة النبي لأمير المؤمنين " ع "، كتاب من روى الحديث من
بني هاشم ومواليهم، كتاب من روى حديث غدير خم، كتاب اختلاف أبي
وابن مسعود في ليلة القدر، كتاب مسند عمر بن علي بن أبي طالب وغير ذلك.
وفي فهرست ابن النديم له كتاب ذكر من كان يتدين بمحبة أمير المؤمنين " ع "
من أهل العلم والفضل والدلالة على ذلك. وعن أنساب السمعاني: انه كان أحد
الحفاظ المجودين المشهورين بالحفظ والذكاء والفهم صحب أبا العباس بن عقدة الكوفي
الحافظ وعنه اخذ، وله تصانيف كثيرة وكان كثير الغرائب، ومذهبه في التشيع
معروف وهو غال في ذلك، وكان إماما في معرفة علل الحديث وأحوال الرجال،
وكان في آخر عمره قد انتهى إليه هذا العلم حتى لم يبق في زمانه من يتقدمه فيه في
244

الدنيا، وكان يقول احفظ أربعمائة الف حديث، وأذاكر ستمائة الف حديث.
وكانت ولادته في صفر سنة 285 (رفه) ومات ببغداد في منتصف رجب سنة 344
(شمد) انتهى ملخصا.
وعن تاريخ بغداد: انه توفي سنة 355 (شنه) وحمل إلى مقابر قريش انتهى
والجعابي نسبة إلى صنع الجعاب وبيعها جمع الجعبة وهي كنانة النبل.
(ابن جماعة)
عز الدين محمد بن أبي بكر بن قاضي القضاء عبد العزيز بن محمد بن إبراهيم
ابن سعد الله بن جماعة الحموي الشافعي المتكلم الأصولي النحوي اللغوي، له
شروح وحواش كثيرة على الكتب منها: حاشية على شرح الجاربردي ورسالة
سماها ضوء الشمس في أحوال النفس ترجم فيها نفسه فذكر فيها ان مولده بالينبوع
سنة 759 وحفظ القرآن في كل يوم جزءين واشتغل بالعلوم على الكبر، واخذ
عن السراج الهندي وذكر جماعة كثيرة منهم: جار الله تاج الدين السبكي والسراج
البلقيني وابن خلدون وغيرهم.
يحكى انه كان لا يحدث إلا توضأ ولا يترك أحدا يستغيب عنده مع محبته
المزاح والفكاهة، وكان ينهى أصحابه في الطاعون عن دخول الحمام فلما ارتفع
الطاعون دخل الحمام وتصرف في أشياء كان امتنع منها فطعن ومات وذلك في ج 2
سنة 819 (ضيط). وليس هذا ابن جماعة الذي أفتى بقتل شيخنا أبي عبد الله
محمد بن مكي الشهيد فإنه عباد بن جماعة الشافعي كما يأتي في أحوال الشهيد.
(ابن الجمال)
علي بن أبي بكر بن نور الدين علي الأنصاري الخزرجي المكي الشافعي
كان صدرا عالي القدر محققا تشد إليه الرحال للاخذ عنه، له مصنفات في الفقه
والفرائض والحساب الحديث وغير ذلك. توفي سنة 1072 (غعب).
245

(ابن الجندي)
أبو الحسن أحمد بن محمد بن عمران النهشلي الشيعي أستاذ النجاشي. عده
بحر العلوم من مشايخ النجاشي وقال: ان النجاشي عظمه في كثير من المواضع
انتهى. قال الخطيب في محكى تأريخ بغداد: انه روى عن أبي القسم البغوي
وأبى بكر بن أبي داود ويحيى بن محمد بن صاعد الخ. وقال حدثنا عنه أبو القاسم
الأزهري والحسن بن محمد الخلال ومحمد بن علي بن مخلد الوراق ومحمد بن عبد العزيز
البرذعي وعدة غيرهم انتهى.
(ابن جنى)
بكسر الجيم وتشديد النون أبو الفتح عثمان بن جنى، كان أبوه جنى مملوكا
روميا لسليمان بن فهد الأزدي الموصلي والى هذا أشار بقوله:
فان أصبح بلا نسب * فعلمي في الورى نسبي
النحوي الموصلي المولد والمنشأ البغدادي المسكن والخاتمة. كان في طبقة
السيدين بل كان من جملة مشايخ السيد الرضي وقرأ على أبى علي الفارسي وقرأ
ديوان المتنبي على صاحبه، وقد اثنى عليه علماء الأدب وقالوا في حقه: كان من
أحذق أهل الأدب وأعلمهم بالنحو والتصريف، وعلمه بالتصريف أقوى وأكمل من
علمه بالنحو وانه ليس لأحد من أئمة الأدب في فتح المقفلات وشرح المشكلات ماله
لا سيما في علم الاعراب، وكان يحضر عند المتنبي ويناظره في شئ من النحو من غير أن
يقرأ عليه شيئا من شعره أنفة واكبارا لنفسه، وكان المتنبي يقول فيه هذا
رجل لا يعرف قدره كثير من الناس. له مؤلفات في النحو والأدب: كسر
الصناعة. والخصائص. والمقتضب واللمع، والتبصرة، والكافي في شرح القوافي
للأخفش. وشرح ديوان المتنبي وسماه الصبر. قال ابن خلكان: ورأيت في شرحه
قال سأل شخص أبا الطيب المتنبي عن قوله: (باد هواك صبرت أم لم تصبرا) فقال
246

كيف أثبت الألف في (تصبرا) مع وجود لم الجازمة؟ وكان من حقه ان تقول
(لم تصبر) فقال المتنبي لو كان أبو الفتح هاهنا لأجابك يعنيني وهذه الألف هي
بدل من نون التأكيد الخفيفة كان في الأصل (لم تصبرن) ونون التأكيد الخفيفة
إذا وقف الناس عليها أبدل منها ألفا.
قال الأعشى: (ولا تعبد الشيطان والله فاعبدا). وكان الأصل فاعبدن فلما
وقف اتى بالألف بدلا انتهى.
وكتاب لمعه كتب في النحو مشهور شرحه جماعة من الاعلام الصدور.
توفي ليلتين بقيتا من صفر سنة 392 (شصب) ودفن بالشونيزي الذي هو من جملة
مقابر بغداد عند قبر أستاذه الشيخ أبى علي الفارسي.
(ابن الجنيد) انظر الإسكافي
(ابن الجوزي)
أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد البكري الحنبلي الفاضل المتتبع كان
له يد طولى في التفسير والحديث وصناعة الوعظ وفي كل العلوم. صنف في فنون
عديدة، يقال انه جمعت براءة أقلامه التي كتب بها الحديث فحصل منها شئ ء كثير
وأوصى ان يسخن بها الماء الذي يغسل به بعد موته ففعل ذلك فكفت وفضل منها.
وكان رأس الأذكياء، وله حكايات طريفة منها ما يحكى: انه وقع النزاع بين أهل السنة
والشيعة في المفاضلة بين أبى بكر وأمير المؤمنين علي فرضي الكل بما يجيب به
أبو الفرج عن ذلك فأقاموا شخصا سأله عن ذلك وهو على الكرسي في مجلس وعظه
فقال: أفضلهما بعد النبي صلى الله عليه وآله من كانت ابنته تحته. ونزل في الحال حتى لا يراجع
في ذلك. وهذه من لطائف الأجوبة. وكان لا يراعي أحدا في ذكر نقائصه
ومطاعنه، وقد طعن في كتاب تلبيس إبليس على الغزالي في مشيه على طريق الصوفية،
وذكره في الاحياء مالا ينبغي للعالم ذكره، كذكره حكاية سارق الحمام في تعليم
247

المسترشدين ونحوه وذكره الأحاديث الموضوعة في مؤلفاته، وجمع أغلاط كتاب
الاحياء في مجموعة سماها اعلام الاحياء بأغلاط الاحياء ويأتي في الغزالي ما يتعلق
بذلك. وذكر أيضا في الشيخ عبد القادر الجيلاني ما يضع من مرتبته ولهذا
حبسوه خمس سنين. ومن جملة كتبه كتاب الرد على المتعصب العنيد المانع عن
لعن يزيد رد على عبد المغيث بن زهير الحنبلي، حيث صنف كتابا في فضائل يزيد
ابن معاوية. توفي ببغداد سنة 597 (ثصز) وأوصى بأن يكتب على قبره:
يا كثير الصفح عمن كثر الذنب لديه * جاءك المذنب يرجو العفو عن جرم يديه
أنا ضيف وجزاء الضيف احسان إليه
ومما يروى عنه من الشرع قوله:
أقسمت بالله وآلائه * إلية ألقى بها ربي
إن علي بن أبي طالب * إمام أهل الشرق والغرب
من لم يكن مذهبه مذهبي * فإنه أنجس من كلب
وله أيضا ما رواه عنه سبطه في التذكرة وقال سمعت جدي ينشده في مجالس
وعظه ببغداد سنة 596:
أهوى عليا وإيماني محبته * كم مشرك دمه من سيفه وكفا
إن كنت ويحك لم تسمع فضائله * فاسمع مناقبه من هل اتى وكفى
والجوزي بفتح الجيم وسكون الواو نسبة إلى فرضة الجوز وهو موضع مشهور
قاله ابن خلكان.
(ابن الجهم)
أبو الحسن علي بن الجهم بن بدر بن الجهم من مشاهير الشعراء الذي قال:
وما انا ممن سار بالشعر ذكره * ولكن أشعاري يسيره ذكرى
قالوا نبغ في القرن الثالث وطار صيته في الآفاق فقربه المتوكل وأكرمه، ولكنه
248

كرهه لما ينقل عنه ان كان كثير السعاية بالناس فامر المتوكل بحبسه ثم نفاه بعد
سنة، وله اشعار في حبسه منها:
توكلنا على رب السماء * وسلمنا لأسباب القضاء
ووطنا على غير الليالي * نفوسا سامحت بعد الاباء
وأفنية الملوك محجبات * وباب الله مبذول الفناء
ومن شعره في الحكم:
هي النفس ما حملتها تتحمل * وللدهر أيام تجور وتعدل
وعاقبة الصبر الجميل جميلة * وأفضل أخلاق الرجال التحمل
وما المال إلا حسرة إن تركته * وغنم إذا قدمته متعجل
قال ابن الأثير في الكامل في ذكر ما فعله المتوكل بقبر الحسين " ع " من الهدم
والاستخفاف قال: وكان المتوكل شديد البغض لعلي بن أبي طالب ولأهل بيته،
وكان يقصد من يبلغه عنه انه يتولى عليا وأهله بأخذ المال والدم وانما كان ينادمه
ويجالسه جماعة قد اشتهروا بالنصب والبغض لعلي " ع " منهم: علي بن الجهم الشاعر
الشامي من بني شامة بن لوي، وعمرو بن فرج الرخجي، وأبو السمط من ولد
مروان بن أبي حفصة من موالي بني أمية، وعبد الله بن محمد بن داود الهاشمي
المعروف بابن أترجة وكانوا يخوفونه من العلويين ويشيرون عليه بإبعادهم والاعراض
عنهم والإساءة إليهم انتهى.
وقال ابن خلكان: وكان علي بن الجهم مع انحرافه عن علي بن أبي طالب " ع "
واظهاره للتسنن مطبوعا مقتدرا على الشعر عذب الألفاظ، وقال ومن جيد شعره:
بلاء ليس يعدله بلاء * عداوة غير ذي حسب ودين
يبيحك منه عرضا لم يصنه * ويرتع منك في عرض مصون
وهذان البيتان قالهما في مروان بن أبي حفصة لما عمل فيه:
لعمرك ما الجهم بن بدر بشاعر * وهذا علي بعده يدعي الشعرا
249

ولكن أبي قد كان جارا لامه * فلما ادعى الاشعار أوهمني أمرا
(أقول): مروان بن أبي حفصة هو سليمان بن يحيى بن أبي حفصة يزيد الشاعر
المشهور، قيل كان جده أبو حفصة مولى مروان بن الحكم. ومروان بن أبي حفصة
كان من أهل اليمامة قدم بغداد ومدح المهدي وهارون الرشيد، وكان يتقرب إلى
الرشيد بهجاء العلويين، وكان شاعر معن بن زائدة الشيباني. قيا ان أجود ما قاله
مروان قصيدته اللامية التي فضل بها على شعراء زمانه يمدح فيها معن بن زائدة،
ويقال انه اخذ منه عليها مالا كثيرا لا يقدر قدره ومن تلك القصيدة قوله:
بنو مطر (1) يوم اللقاء كأنهم * اسود لهم في بطن خفان أشبل
تجنب لا في القول حتى كأنه * حرام عليه قول لا حين يسأل
تشابه يوماه علينا فأشكلا * فلا نحن ندري أي يوميه أفضل
أيوم نداه الغمر أم يوم بؤسه * وما منهما إلا أعز محجل
بهاليل في الاسلام سادوا ولم يكن * كأولهم في الجاهلية أول
هم القوم إن قالوا أصابوا وإن دعوا * أجابوا وإن أعطوا أطابوا وأجزلوا
وما يستطيع الفاعلون فعالهم * وإن أحسنوا في النائبات وأجزلوا (2)
توفي ببغداد سنة 181 أو سنة 182، ومعن بن زائدة الشيباني أبو الوليد أحد
الأسخياء المعروفين كان من أصحاب يزيد بن عمر بن هبيرة والي العراق في الدولة
الأموية وكان مختصا به فلما انتقلت الدولة إلى بني العباس وقتل يزيد خاف معن
من أبى جعفر المنصور فاستتر عنه مدة، وجرى له مدة استتاره غرائب، فمن ذلك
ما حكاه مروان بن أبي حفصة قال: قال معن ان المنصور جد في طلبي وجعل لمن

(1) بنو مطر معن بن زائدة بن عبيد الله بن زائدة بن مطر بن شريك المنتهي
نسبه إلى ذهل بن شيبان.
(2) ومن شعر مروان بن أبي حفصة أيضا:
وإذا جهلت من امرئ أعراقه * وقديمه فانظر إلى ما يصنع
250

يحملني إليه مالا قال فاضطررت لشدة الطلب إلى أن تعرضت للشمس حتى لوحت
وجهي وخففت عارضي ولبست جبة صوف وركبت جملا وخرجت متوجها إلى
البادية لأقيم بها قال فلما خرجت من باب حرب وهو أحد أبواب بغداد تبعني
اسود مقلد بسيف حتى إذا غبت عن الحرس قبض على خطام الجمل فأناخه وقبض
علي يدي فقلت له وما بك؟ فقال أنت طلب أمير المؤمنين فقلت ومن انا حتى اطلب
فقال أنت معن بن زائدة فقلت له يا هذا اتق الله عز وجل وأين انا من معن؟ فقال
دع هذا فإني والله لأعرف بك منك، فلما رأيت منه الجد قلت له هذا عقد جوهر
فقد حملته معي بأضعاف ما جعله المنصور لمن يجيئه بي فخذه ولا تكن سببا لسفك
دمي، قال هاته فأخرجته إليه فنظر فيه ساعة وقال صدقت في قيمته ولست قابله
حتى أسألك عن شئ فان صدقتني أطلقتك فقلت قل قال إن الناس قد وصفوك
بالجود فأخبرني هل وهبت مالك كله قط؟ قلت لا قال فنصفه قلت لا
قال فثلثه قلت لا حتى بلغ العشر فاستحييت وقلت أظن انى قد فعلت هذا
قال ما ذاك بعظيم انا والله راجل ورزقي من أبى جعفر المنصور كل شهر عشرون
درهما وهذا الجوهر قيمته ألوف دنانير وقد وهبته لك ووهبتك لنفسك ولجودك
المأثور بين الناس ولتعلم ان في هذه الدنيا من هو أجود منك فلا تعجبك نفسك
ولتحقر بعد هذا كل جود فعلته ولا تتوقف عن كل مكرمة ثم رمى العقد في
حجري وترك خطام الجمل وولى منصرفا فقلت يا هذا والله قد فضحتني ولسفك دمي
علي أهون مما فعلت فخذ ما دفعته لك فاني غني عنه فضحك وقال أردت ان
تكذبني في مقالي هذا والله لا اخذته ولا آخذ لمعروف ثمنا ابدا ومضى لسبيله،
فوالله لقد طلبته بعدما أمنت وبذلت لمن يجئ به ما شاء فما عرفت له خبرا وكأن
الأرض ابتلعته ولم يزل معن مستترا حتى كان يوم الهاشمية ثار فيه جماعة (1) من

(1) قال ابن سحنة في الروضة: وفى سنة 141 ظهرت زنادقة يقولون بالتناسخ
على مذهب أبي مسلم الخراساني فحبس المنصور منهم نحو مأتي رجل فاخذ الباقون
251

أهل خراسان على المنصور فوثبوا عليه وجرت مقتلة عظمية بينهم وبين أصحاب
المنصور بالهاشمية وهي مدينة بناها السفاح بالقرب من الكوفة فخرج معن معتما
متلثما وقاتل قدام المنصور قتالا شديدا أبان فيه عن نجدة وشهامة وفرقهم، فلما
أفرج عن المنصور قال له من أنت؟ فكشف لثامه، وقال: انا طلبتك يا أمير المؤمنين
معن بن زائدة. فأمنه المنصور وأكرمه وحباه، وكساه ورتبه وصار من خواصه.
حكي انه دخل معن بعد ذلك بأيام على المنصور فلما نظر إليه قال هيه يا معن تعطي
مروان بن أبي حفصة ألف درهم على قوله:
معن بن زائدة الذي زيدت به * شرفا على شرف بنو شيبان
فقال كلا يا أمير المؤمنين انما أعطيته على قوله في هذه القصيدة:
ما زلت يوم الهاشمية معلنا * بالسيف دون خليفة الرحمن
فمنعت حوزته وكنت وقاءه * ومن وقع كل مهند وسنان
فقال أحسنت يا معن، وولى سجستان في أواخر عمره وانتقل إليها، وقصده
الشعراء بها فلما كان سنة 151 أو بعده، كان في داره صناع يعملون له فاندس
بينهم قوم من الخوارج فقتلوه بسجستان وهو يحتجم ثم تبعهم ابن أخيه يزيد بن
مزيد بن زائدة فقتلهم بأسرهم، وكان قتله بمدينة بست. ولما قتل معن رثته
الشعراء بأحسن المراثي، فمن ذلك قول مروان بن أبي حفصة:
مضى لسبيله معن وأبقى * مكارم لن تبيد ولن تنالا
وكان الناس كلهم لمعن * إلى أن زار حفرته عيالا
مضى من كان يحمل كل ثقل * ويسبق فضل نائلة السؤالا

نعشا وأوهموا انهم اجتمعوا الجنازة فلما وصلوا باب السجن رموا النعش وكسروا
باب السجن وأخرجوا أصحابهم وتجمعوا نحو ستمائة نفر وأتوا باب المنصور ماشيا
واجتمع عليه الناس وكان معن بن زائدة متخفيا منه فخرج وقاتل معه الزنادقة
فانكسرت الزنادقة وقتلوا عن آخرهم.
252

وما عمد الوفود لمثل معن * ولا حطوا بساحته الرحالا
ولا بلغت اكف ذوي العطايا
يمينا من يديه ولا شمالا
وليت الشامتين به فدوه * وليت العمر مد له فطالا
وقلنا أين نرحل بعد معن * وقد ذهب النوال فلا نوالا
حكي ان المهدي سخط على مروان وقال له: قد ذهب النوال لا شئ لك
عندنا، جروا برجله، فجروا برجله حتى أخرجوه من عنده.
(قلت) لا يخفى عليك ان مروان بن أبي حفصة غير مروان الأموي
الشيعي الذي ذكره القاضي نور الله في المجالس فقال مروان بن محمد السروجي قال
صاحب الكشاف في ربيع الأبرار: انه أموي شيعي ومن شعره في مدح أهل البيت
عليهم السلام قوله:
يا بنى هاشم بن عبد مناف * إنني منكم بكل مكان
أنتم صفوة الا له ومنكم * جعفر ذو الجناح والطيران
وعلي وحمزة أسد الله * وبنت النبي والحسنان
فلئن كنت من أمية اني * لبرئ منها إلى الرحمن
(ابن جهير)
فخر الدولة أبو نصر محمد بن محمد بن جهير الموصلي التغلبي كان ذا رأي
وعقل وحزم وتدبير، كان على الوزارة سنين إلى زمان المقتدي بأمر الله فأقره مدة
ثم عزله عنها، وكان نظام الملك الوزير قد زوجه زبيدة ابنته وكان قد عزل من
الوزارة ثم أعيد إليها بسبب المصاهرة، وفي ذلك يقول الشريف ابن الهبارية:
قل للوزير ولا تفزعك هيبته * وإن تعاظم واستولى لمنصبه
لولا ابنة الشيخ ما استوزرت ثانية * فاشرك حرا صرت مولانا الوزير به
حكي ابن خلكان عن خط أسامة بن منقذ ان السابق بن أبي مهزول الشاعر المعري
253

قال: دخلت العراق فوجدت ابن الهبارية فقال لي في بعض الأيام امض بنا لنخدم
الوزير ابن جهير وكان قد عزل ثم استوزر، قال السابق فدخلت معه حتى وقفنا
بين يدي الوزير فدفع إليه رقعة صغيرة فلما قرأها تغير وجهه ورأيت فيه الشر
وخرجنا من مجلسه فقلت ما كان في الرقعة فقال خير الساعة تضرب رقبتي ورقبتك
فأشفقت وقلقت وقلت انا رجل غريب صحبتك هذه الأيام وسعيت في هلاكي،
فقال كان ما كان فقصدنا باب الدار لنخرج فردنا البواب فقال أمرت بمنعكما فقال
السابق انا رجل غريب من أهل الشام ما يعرفني الوزير وانما القصد هذا، فقال
البواب لا تطول فما إلى خروجك من سبيل فأيقنت بالهلاك فلما خف الناس من الدار
خرج إليه غلام معه قرطاس فيه خمسون دينارا وقال قد شكرنا فاشكر فانصرفنا
ودفع لي عشرة دنانير منها، فقلت ما كان في الرقعة؟ فأنشدني البيتين المذكورين
فآليت ان لا اصحبه بعدها. توفي ابن جهير بالموصل سنة 483 (تفج).
(ابن الجيراني) تقدم ذكره في أبى المحاسن الشواء
(ابن الجيعان)
شرف الدين يحيى بن المقر بن الجيعان، كان مستوفي ديوان الجيش بمصر وله
اشتغال بالعلم مات سنة 885 (ضفه). له التحفة السنية بأسماء البلاد المصرية.
(ابن الحاجب)
أبو عمرو عثمان بن عمر بن أبي بكر الكردي الأسنوي المالكي النحوي
الأصولي، صاحب الكتب الممتعة منها الأمالي والكافية في النحو والشافية في الصرف
ومختصر الأصول وشرح المفصل سماه الايضاح إلى غير ذلك، كان أبوه جنديا
كرديا حاجبا للأمير عز الدين الصلاحي فاشتغل ابنه في صغره بالقاهرة وحفظ
القرآن المجيد واخذ بعض القراءات عن الشاطبي، وسمع من البوصيري وجماعة ولزم
الاشتغال حتى برع في الأصول والعربية، وكان من أذكياء العالم ثم قدم دمشق
254

ودرس بجامعها وأكثر الفضلاء من الاخذ عنه، وكان الأغلب عليه النحو وصنف
في عدة علوم ثم انتقل إلى الإسكندرية ومات بها سنة 646 (خمو) وكان مولده في
أواخر سنة 570 (باسنا) وله اشعار كثيرة منها قصيدته في المؤنثات السماعية أولها:
نفسي الفداء لسائل وافاني * لمسائل فاحت كغصن البان
أسماء تأنيث بغير علامة * هي يا فتي في عرفهم ضربان
ومما ينسب إليه:
يا أهل مصر رأيت أيديكم * من بسطها بالنوال منقبضة
؟ ذ جئت نازلا بأرضكم * أكلت كتبي كأنني ارضه
وله أيضا في أسماء قداح الميسر ثلاثة أبيات:
هي قذ وتوأم ورقيب * ثم حلس ونافس ثم مسبل
والمعلى والوغد ثم سفيح * ومنيح وذي الثلاثة تهمل
ولكل مما عداها نصيب * مثله ان تعد أول أول
أي للقذ سهم وللتوأم سهمان وهكذا إلى السابع وهو المعلى فله سبعة أسهم
والأسنوي نسبة إلى أسنا كأعمى وهي بليدة صغيرة من اعمال القوصية بالصعيد
الأعلى من مصر.
(ابن الحاج)
أبو العباس أحمد بن محمد بن أحمد الأزدي الإشبيلي، مقري أصولي أديب
محدث، قرأ على أبي علي الشلوبين وأمثاله، له على كتاب سيبويه املاء وله مصنف
في الإمامة وفي علوم القوافي إلى غير ذلك توفي سنة 501 (ثا) (وقد يطلق) على
ابن الحاج الفاسي محمد بن محمد بن محمد العبدري القيرواني التلمساني المالكي أحد
المشايخ المشهورين بالزهد صاحب كتاب المدخل، توفي بالقاهرة سنة 737.
(ابن الحاشر) انظر ابن عبدون
255

(ابن الحايك)
أبو محمد الحسن بن أحمد بن يعقوب اليمني صاحب كتاب الإكليل في أنساب
حمير وملوكها. حكي انه ولد بصنعاء ونشأ بها ثم ارتحل وجاور بمكة المعظمة وعاد
فنزل صعدة وهاجى شعراءها فسجن وتوفي بسجن صنعاء سنة 334 (شدل).
(ابن الحجاج)
أبو عبد الله الحسين بن أحمد بن الحجاج النيلي البغدادي الامامي الكاتب
الفاضل الأديب الشاعر، من شعراء أهل البيت " ع " كان فرد زمانه في وقته، يقال
انه في الشعر في درجة امرئ القيس وانه لم يكن بينهما مثلهما لان كل واحد
يخترع طريقة، كان معاصرا للسيدين، وله ديوان شعر كبير عدة مجلدات، وجمع
الشريف الرضي المختار من شعره سماه الحسن من شعر الحسين، ومن شعره القصيدة
الفائية المعروفة في مدح أمير المؤمنين عليه السلام، منها:
يا صاحب القبة البيضاء على النجف * من زار قبرك واستشفى لديك شفي
زوروا أبا الحسن الهادي فإنكم * تحظون بالاجر والاقبال والزلف
زوروا لمن يسمع النجوى لديه فمن * يزره بالقبر ملهوفا لديه كفى
وقل سلام من الله السلام على * أهل السلام وأهل العلم والشرف
إني أتيتك يا مولاي من بلدي * مستمسكا بحبال الحق بالطرف
راجح بأنك يا مولاي تشفع لي * وتسقني من رحيق شافي اللهف
لأنك العروة الوثقى فمن علقت * بها يداه فلن يشقى ولم يحف
وإنك الآية الكبرى التي ظهرت * للعارفين بأنواع من الطرف
لا قدس الله قوما قال قائلهم * بخ بخ لك من فضل ومن شرف
وبايعوك بخم ثم أكدها * محمد بمقال منه غير خفي
عافوك واطرحوا قول النبي ولم * يمنعهم قوله هذا أخي خلفي
هذا وليكم بعدي فمن علقت * به يداه فلن يخشى ولم يخف
256

وقصة الطائر المشوي عن أنس * ينبي بما نصه المختار من شرف
القصيدة بطولها وفي آخرها:
بحب حيدرة الكرار مفتخري * به شرفت وهذا منتهى شرفي
وله قصة مع السيد المرتضى تتعلق بهذه القصيدة تشهد بجلالته ووجاهته عند
الأئمة عليهم السلام ذكرها شيخنا في كتاب دار السلام وصاحب (ضا) في كتابه ومما يدل
أيضا على جلالة قدره عندهم عليهم السلام ما نقلاه عن السيد الجليل السيد علي بن عبد الحميد
النجفي صاحب كتاب الأنوار المضيئة انه قال: في كتاب الدر النضيد، كان في
زمان ابن الحجاج رجلان صالحان يزدريان بشعره كثيرا وهما محمد بن قارون
السيبي وعلي بن زرزور السورائي فرأى الأخير منهما ليلة في الواقعة كأنه اتى إلى
روضة الحسين " ع "، وكانت فاطمة الزهراء صلوات الله عليها حاضرة هناك مستندة
ظهرها إلى ركن الباب الذي هو على يسار الداخل وسائر الأئمة إلى مولانا الصادق
أيضا جلوس في مقابلها في الزاوية بين ضريحي الحسين وولده الأكبر الشهيد متحدثين
بما لا يفهم ومحمد بن قارون المقدم قائم بين أيديهم قال السورائي وكنت انا أيضا
غير بعيد عنهم فرأيت ابن الحجاج مارا في الحضرة المقدسة فقلت لمحمد بن قارون:
ألا تنظر إلى الرجل كيف يمر في الحضرة؟ فقال وانا لا أحبه حتى انظر إليه قال
فسمعت الزهراء " ع " بذلك فقالت له مثل المغضبة: اما تحب أبا عبد الله أي ابن
الحجاج؟ أحبوه فإنه من لا يحبه ليس من شيعتنا ثم خرج الكلام من بين الأئمة
عليهم السلام بأن من لا يحب أبا عبد الله فليس بمؤمن. توفي ابن الحجاج 27 ج 2
سنة 391 (شصا) ودفن تحت رجل مولانا موسى بن جعفر " ع ". وأوصى ان
يكتب على لوح قبره (وكلبهم باسط ذراعيه بالوصيد). ورثته جماعة منهم السيد
الرضي فمما قال رحمه الله فيه قوله:
نعوه على حسن ظني به * فلله ماذا نعى الناعيان
رضيع ولاء له شعبة * من القلب مثل رضيع اللبان
257

وما كنت أحسب ان الزمان * يفل مضارب ذاك اللسان
ليبك الزمان طويلا عليك * فقد كنت خفة روح الزمان
ثم اعلم أنه ذكره شيخنا الحر العاملي في أمل الآمل وقال: وكان إمامي المذهب
ويظهر من شعره انه من أولاد الحجاج بن يوسف الثقفي انتهى.
فعلى هذا يناسب هنا الإشارة إلى أحوال الحجاج مجملا، فنقول: هو
أبو محمد الحجاج بن يوسف بن الحكم بن عقيل الثقفي عامل عبد الملك بن مروان
على العراق وخراسان. ذكر المسعودي خبر أمه الفارعة وولادتها الحجاج مشوها
لا دبر له وما فعلوا به بأن نقبوا عن دبره وأولغوه دم جدي اسود ثلاثة أيام، وفي
اليوم الرابع ذبحوا له اسود سالخا وأولغوه دمه فقبل ثدي أمه بعد ذلك، فكان
الحجاج يخبر عن نفسه ان أكثر لذاته سفك الدماء وارتكاب الأمور لا يقدم
عليها غيره.
ذكر ابن خلكان في أحوال الحجاج: ان عمر بن الخطاب طاف ليلة بالمدينة
فسمع امرأة تنشد في خدرها:
هل من سبيل إلى خمر فأشربها * أم من سبيل إلى نصر بن حجاج
فقال عمر لا أرى في المدينة رجلا تهتف به العواتق في خدورهن علي بنصر
ابن حجاج فاتي به فإذا هو أحسن الناس وجها وأحسنهم شعرا، فقال عمر عزيمة من
أمير المؤمنين لنأخذن من شعرك، فاخذ من شعره فخرج له وجنتان كأنهما
شقتا قمر.
(قلت) وكأن الوزير المغربي إياه قصد بقوله:
حلقوا شعره ليكسوه قبحا * غيره منهم عليه وشجا
كان صبحا عليه ليل بهيم * فمحوا ليله وأبقوه صبحا
فقال اعتم فاعتم ففتن الناس بعينيه فقال عمرو الله لا تساكنني ببلدة انا فيها
فقال يا أمير المؤمنين ما ذنبي؟ قال هو ما أقول لك وسيره إلى البصرة. قال ابن
258

خلكان: ان هذه القصة ذكرها أبو الفرج بن الجوزي بأبسط من ذلك، والمتمناة
هي الفارعة أم الحجاج ولما تمنت وكانت تحت المغيرة بن شعبة وقال: وكان للحجاج
في القتل وسفك الدماء والعقوبات غرائب لم يسمع بمثلها، ثم قال إنه أراد التشبيه
بزياد بن أبيه في ذلك وزياد أراد التشبيه بعمر.
واخبار الحجاج كثيرة وشرحها يطول وليس مجال ذكرها. وهو الذي بنى
مدينة واسط وكان شروعه في بنائها سنة 84 وفرغ منها سنة 86 وانما سماها واسط
لأنها بين البصرة والكوفة وكان أخوه محمد والي اليمن. حكي ان الحجاج رأى في
منامه ان عينيه قلعتا وكانت تحته هند بنت المهلب بن أبي صفرة وهند بنت أسماء
ابن خارجة فطلق الهندين اعتقادا ان رؤياه تتأول بهما، فلم يلبث ان جاء نعي أخيه
من اليمن في اليوم الذي مات فيه ابنه محمد، فقال والله هذا تأويل رؤياي محمد
ومحمد في يوم واحد إنا لله وإنا إليه راجعون، ثم قال من يقول شعرا يسليني به
فقال الفرزدق:
إن الرزية لا رزية مثلها * فقدان مثل محمد ومحمد
ملكان قد خلت المنابر منهما * اخذ الحمام عليهما بالمرصد
وكانت وفاة أخيه محمد لليال خلت من رجب سنة 91 (صا). وتوفي الحجاج
سنة 95، قال المسعودي: مات الحجاج سنة خمس وتسعين وهو ابن أربع وخمسين
سنة بواسط (1) العراق وكان تأمره على الناس عشرين سنة، وأحصي من قتله
صبرا سوى من قتل في عساكره وحروبه فوجد مائة الف وعشرين ألفا مات وفي
حبسه خمسون الف رجل وثلاثون الف امرأة منهن ستة عشر الف مجردة وكان
يحبس النساء والرجال في موضع واحد، ولم يكن للحبس ستر يستر الناس من الشمس
في الصيف ولا من المطر والبرد في الشتاء، وكان له غير ذلك من العذاب، وذكر

(1) قال ابن قتيبة: وهلك بواسط فدفن بها وعفي قبره وأجري عليه الماء وكانت
وفاته سنة 95 في شهر رمضان.
259

انه ركب يوما يريد الجمعة فسمع ضجة فقال ما هذا؟ فقيل له المحبوسين يضجون
ويشكون ما هم فيه من البلاء فالتفت إلى ناحيتهم وقال (اخسأوا فيها ولا تكلمون)
فيقال انه مات في تلك الجمعة ولم يركب بعد تلك الركبة انتهى.
وعن تأريخ ابن الجوزي: كان سجنه حائطا محوطا لا سقف له فإذا آوى
المسجونون إلى الجدران يستظلون بها من حر الشمس رمتهم الحراس بالحجارة وكان
يطعمهم خبز الشعير مخلوطا بالملح والرماد وكان لا يلبث الرجل في سجنه إلا يسيرا
حيت يسود الرجل ويصير كأنه زنجي حتى أن غلاما حبس فيه فجاءت إليه أمه بعد
أيام تتعرف خبره فلما تقدم إليها أنكرته وقالت ليس هذا ابني، هذا بعض الزنج
فقال لا والله يا أماه أنت فلانة بنت فلانة وأبى فلان فلما عرفته شهقت شهقة كان
فيها نفسها انتهى.
ذكر المسعودي انه: قال سليمان بن عبد الملك بن مروان ليزيد بن أبي مسلم
كاتب الحجاج عزمت عليك لتخبرني عن الحجاج ما ظنك به؟ أتراه يهوي بعد في
جهنم أم قد استقر فيها؟ قال يا أمير المؤمنين لا تقل هذا في الحجاج فقد بذل لكم
نصحه وأحقن دونكم دمه وآمن وليكم وأخاف عدوكم وانه ليوم القيامة لعن يمين
أبيك عبد الملك ويسار أخيك الوليد فاجعله حيث شئت فصاح سليمان اخرج عنى
إلى لعنة الله انتهى.
وعن الدميري قال: ويحكى عن شيخ العارفين قطب الزمان عبد القادر الجيلاني
قال عثر الحجاج ولم يكن له من يأخذ بيده ولو أدركت زمانه لاخذت بيده.
(أقول) يأتي في الأشعث والأعشى اخبار أمير المؤمنين عليه السلام عن
الحجاج وتأمره.
(ابن حجة)
يطلق على رجلين (أحدهما) أحمد بن محمد القرطبي المقري النحوي المحدث
صاحب الجمع بين الصحيحين المتوفى سنة 643 (حمج). و (ثانيهما) تقي الدين
260

أبو بكر بن علي بن عبد الله الحموي الأديب الشاعر الماهر، صاحب ثمرات الأوراق
في المحاضرات، وكتاب خزانة الأدب وهي شرح قصيدة مدح بها النبي صلى الله عليه وآله
وأودعها كل أنواع البديع. ولد بحماه سنة 776 (ذعو) وتوفي سنة 837 (ضلز).
ويأتي في الشهيد الثاني ان والده الشيخ نور الدين علي بن أحمد معروف بابن الحجة
أو الحاجة وكان من كبار أفاضل عصره.
(ابن حجر)
يطلق على رجلين من علماء الشافعية كلاهما يسميان أحمد (أولهما) الحافظ
أبو الفضل أحمد بن علي بن حجر العسقلاني الملقب شيخ الاسلام، كا شيخ أهل
الحديث من كبار المجتهدين على مذهب الشافعي، له مصنفات مشهورة في الحديث
والرجال والأدب منها: كتاب التقريب في الرجال، وتهذيب تهذيب الكمال (1) والدرر
الكامنة في أعيان المائة الثامنة وفتح الباري في شرح صحيح البخاري ولسان الميزان
في رجال الحديث (2) والإصابة في معرفة الصحابة ونخبة الفكر في بيان مصطلح

(1) الكمال الفه الحافظ عبد الغني وهذبه الحافظ المربي.
(2) وكثيرا ما يذكر فيه رجال الحديث من أصحابنا الامامية فممن ذكره فيه احمد
ابن عبد الله الشيعي أو السبيعي البغدادي من أصحاب العسكري " ع " وذكر بسند له
مسلسل بأشهد بالله إلى أن وصل إلى محمد بن علي بن الحسين بن علي قال اشهد بالله لقد
حدثني أحمد بن عبد الله الشيعي البغدادي قال اشهد بالله لقد حدثني الحسن بن
علي العسكري قال: اشهد بالله لقد حدثني أبي علي بن محمد قال اشهد بالله لقد
حدثني أبي محمد بن علي بن موسى الرضا فذكره مسلسلا بآباء علي بن موسى " ع "
إلى علي " ع " قال اشهد بالله لقد حدثني محمد رسول الله صلى الله عليه وآله قال اشهد بالله لقد
حدثني جبرئيل قال اشهد بالله لقد حدثني ميكائيل قال اشهد بالله لقد حدثني
إسرافيل عن اللوح المحفوظ انه يقول الله تبارك وتعالى: شارب الخمر كعابد الوثن
261

أهل الأثر وغير ذلك، توفي سنة 852 (ضنب) بالقاهرة. والعسقلاني نسبة إلى
عسقلان كزعفران مدينة على ساحل بحر الشام من اعمال فلسطين، يقال لها عروس
الشام، وبها مشهد رأس الحسين عليه السلام.
(وثانيهما) شهاب الدين أحمد بن محمد بن علي بن حجر المصري الهيثمي،
مفتي الحجاز صاحب الصواعق المحرقة الذي رد عليه الشهيد القاضي نور الله
بالصوارم المهرقة، وشرح قصيدة البردة والخيرات الحسان في مناقب أبي حنيفة
النعمان رد به مطاعن الغزالي بأبي حنيفة إلى غير ذلك. ومن شعره (لم يحترق حرم
النبي لحادث) البيتين، وله أيضا:
أهوى عليا أمير المؤمنين ولا * أرضى بسب أبي بكر ولا عمرا
ولا أقول إذا لم يعطيا فدكا * بنت النبي رسول الله قد كفرا
الله يعلم ماذا يأتيان به * يوم القيامة من عذر إذا اعتذرا
وينسب إليه (ما آن للسرداب ان تلد الذي) الأبيات توفي سنة 973 (ظمج).
(أقول) ومع ما ظهر منه من الانحراف واللداد اعترف بكثير من فضائل
أهل بيت النبي عليهم السلام. قال سيدنا شرف الدين بعد ذكر ما ورد عن النبي بطرق
مختلفة: اني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وأهل بيتي وأنهما لن يفترقا حتى يردا
علي الحوض. وقد اعترف بذلك جماعة من اعلام الجمهور حتى قال ابن حجر لما
أورد حديث الثقلين. ثم اعلم أن لحديث التمسك بهما طرق كثيرة وردت عن نيف
وعشرين صحابيا، قال ومر له طرق مبسوطه في حادي عشر الشبه، وفي بعض تلك
الطرق انه قال ذلك بحجة الوداع بعرفة وفي أخرى انه قال بالمدينة في مرضه وقد
امتلأت الحجرة بأصحابه وفي أخرى انه قال ذلك بغدير خم وفي أخرى انه قال

قال: وهذا المتن بالسند المذكور إلى علي بن موسى أخرجه أبو نعيم في الحلية
بسند له فيه من لا يعرف حاله إلى الحسن العسكري " ع " أيضا، لكن لم يذكر فيه
إلا جبرائيل قال: يا محمد إن مدمن الخمر كعابد الوثن انتهى.
262

ذلك لما قام خطيبا بعد انصرافه من الطائف كما مر قال ولا تنافي إذ لا مانع من أنه
كرر عليهم ذلك في تلك المواطن وغيرها اهتماما بشأن الكتاب العزيز والعترة الطاهرة
إلى آخر كلامه، وحسب أئمة العترة الطاهرة ان يكونوا عند الله وعند رسول الله
بمنزلة الكتاب لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه وكفى بذلك حجة تؤخذ
بالأعناق إلى التعبد بمذهبهم فان المسلم لا يرتضي بكتاب الله بدلا فكيف يبتغي عن
اعداله حولا؟ على أن المفهوم من قوله صلى الله عليه وآله: انى تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن
تضلوا كتاب الله وعترتي انما هو ضلال من لم يستمسك بهما معا. كما لا يخفى
ويؤيد ذلك قوله صلى الله عليه وآله في حديث الثقلين عند الطبراني: فلا تقدموهما فتهلكوا
ولا تقصروا عنهما فتهلكوا ولا تعلموهم فإنهم اعلم منكم.
قال ابن حجر وفي قوله صلى الله عليه وآله فلا تقدموهما فتهلكوا ولا تقصروا عنهما
فتهلكوا ولا تعلموهم فإنهم اعلم منكم، دليل على أن من تأهل منهم للمراتب العلية
والوظائف الدينية كان مقدما على غيره إلى آخر كلامه فراجعه في باب وصية النبي
صلى الله عليه وآله بهم من الصواعق ص 135 ثم سله لماذا قدم الأشعري عليهم
عليهم السلام في أصول الدين والفقهاء الأربعة في الفروع، وكيف قدم في الحديث
عليهم عمران بن حطان وأمثاله من الخوارج؟ وقدم في التفسير عليهم مقاتل بن
سليمان المرجي المجسم وقدم في علم الأخلاق والسلوك وأدواء النفس وعلاجها معروفا
وأضرابه، وكيف اخر في الخلافة العامة والنيابة عن النبي أخاه ووليه الذي لا يؤدي
عنه سواه؟ ثم قدم أبناء الوزغ على أبناء رسول الله ومن أعرض عن العترة
الطاهرة في كل ما ذكرناه من المراتب العلية والوظائف الدينية واقتفى فيها مخالفيهم
فما عسى ان يصنع بصحاح الثقلين وأمثالها وكيف يتسنى له القول بأنه متمسك
بالعترة الطاهرة وراكب سفينتها وداخل باب حطتها انتهى.
(ابن الحداد)
أبو بكر محمد بن أحمد بن محمد الكناني المصري الفقيه الشافعي صاحب كتاب
263

الفروع في المذهب الذي شرحه جماعة منهم القفال المروزي وغيره تولى القضاء بمصر
والتدريس، وكانت الملوك والرعايا تكرمه وتعظمه وتقصده في الفتاوى والحوادث.
توفي بمصر سنة 345 (شمه). (وقد يطلق) على الشيخ الامام جمال الدين أبى العباس
أحمد بن محمد الحداد الحلي الشيعي الذي يروي العلويات السبع عن ناظمها ابن أبي
الحديد، ويروي فخر المحققين عن والده العلامة عن جده سديد الدين يوسف
عنه رضي الله عنهم أجمعين:
(ابن الحر الجعفي)
عبيد الله بن الحر الفارس الفاتك الشاعر، له نسخة يرويها عن أمير المؤمنين
عليه السلام. ذكرت مجملا من أحواله في نفس المهموم وليس هنا مقام نقله. قتل سنة 68
وعن كتاب الاعلام قال في ترجمته وكان معه ثلاث مائة مقاتل وأغار على الكوفة
وأعيى مصعبا امره ثم تفرق عنه جمعه فخاف ان يؤسر فألقى نفسه في الفرات فمات
غريقا وكان شاعرا فحلا.
(ابن حزم)
أبو محمد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم الأندلسي، يقال ان جده يزيد
كان من موالي يزيد بن أبي سفيان صخر بن حرب الأموي، كان متفننا في علوم
جمة وألف كتبا كثيرة منها: كتاب الملل والنحل وطوق الحمامة ومداواة النفوس
وكان كثير الوقوع في العلماء المتقدمين لا يكاد يسلم أحد من لسانه، حتى قيل في
حقه: كان لسان ابن حزم، وسيف الحجاج بن يوسف الثقفي شقيقين. فنفرت
منه القلوب واستهدف لفقهاء وقته، فتمالأوا على بغضه وردوا قوله وأجمعوا على
تضليله وشنعوا عليه وحذروا سلاطينهم من فتنته ونهوا عوامهم عن الدنو إليه
والاخذ عنه، فأقصته الملوك وشردته عن بلاده حتى انتهى إلى بادية لبلبة بفتح
اللامين بينهما باء موحدة ساكنة بلدة بالأندلس فتوفي فيه سنة 456 (تون).
264

ويحكى عنه انه قال في الجزء الثالث من الفصل (1) واما من سب أحدا من
الصحابة فان كان جاهلا فمعذور وإن قامت عليه الحجة فتمادى غير معاند فهو فاسق
كمن زنى أو سرق وإن عاند الله ورسوله فهو كافر، قال: وقد قال عمر بحضرة
النبي صلى الله عليه وآله عن حاطب وحاطب مهاجري بدري دعني اضرب عنق هذا المنافق فما
كان بتكفيره حاطبا كافرا بل كان مخطئا متأولا.
(ابن حماد)
أبو الحسن علي بن عبيد الله بن حماد العدوي الشاعر البصري من أكابر
علماء الشيعة وشعرائهم ومحدثيهم ومن المعاصرين للصدوق ونظرائه ويأتي في
الجلودي ان (جش) رآه ويروي عنه بواسطة واحدة، ومن شعره في مدح
أمير المؤمنين " ع " قوله:
وردت لك الشمس في بابل * فساميت يوشع لما سما
ويعقوب ما كان أسباطه * كنجليك سبطي نبي الهدى
(وقد يطلق ابن حماد) على علي بن حماد البصري الشاعر المشهور من
المتأخرين، وقد أورد القاضي نور الله قصيدتين بائية وتائية لعلي بن حماد في مدح
أمير المؤمنين عليه السلام ولم يبين من أيهما كانتا فلنتبرك بذكر بعض قصيدته
التائية، قال:
بقاع في البقيع مقدسات * وأكناف بطف طيبات
وفي كوفان آيات عظام * تضمنها عرى المتوثقات
وفى غربي بغداد وطوس * وسامرا نجوم زاهرات
مشاهد تشهد البركات فيها * وفيها الباقيات الصالحات

(1) هو كتاب في الملل والأهواء والنحل.
265

ظواهرها قبور دارسات * بواطنها بدور لامعات
جبال العلم فيها راسيات * بحار الجود فيها زاخرات
معارج تعرج الأملاك فيها * وهن بكل أمر هابطات
أناس تقبل الحسنات منا * بحبهم وتمحى السيئات
ولا تتقبل الصلوات إلا * بحبهم ولا تزكو الزكاة
فان المرتضى الهادي عليا * ليقصر عن مناقبه الصفات
وزير محمد حيا وميتا * شواهده بذلك واضحات
أخوه كاشف الكربات عنه * وقد همت إليه الداهيات
ترى أسيافه يضحكن ضحكا * بها هام الفوارس باكيات
صوارمه يزوجها نفوسا * وللأبدان هن مطلقات
له كفان واحدة حياة * إذا جاءت وواحدة ممات
(أقول) ويعجبني ان أذكر في هذا المقام ثلاثة أبيات مما قاله الشيخ
الآزري في شجاعة أمير المؤمنين " ع " وفي وصف سيفه، مع تسميطه للشيخ جابر
ولله درهما:
ميت الغي بأسه أفناه * والهدى الحي سيفه أحياه
كم عرين ورى ببرق شباه * أسد الله ما رأت مقلتاه
نار حرب تشب إلا اصطلاها
ذو سنان وصارم يوم معضل * ذا يخيط الكلى وهذا يفصل
والى رمحه انتهت نهشة الصل * وإذا ما انتهت قبائل حي
الموت كانت أسيافه آباها
أسد ان رأى الهياج تبختر * وإذا الرعب لجلج الأسد زمجر
وذراها ذرو الهشيم بصرصر * من ترى مثله إذا صرت الحر
ب ودارت على الكماة رحاها
266

(ابن حمدون)
انظر أبو عبد الله النديم، وبهاء الدين بن حمدون هو أبو المعالي محمد بن
الحسن بن محمد بن علي بن حمدون الكاتب الملقب كافي الكفاة بهاء الدين البغدادي،
كان فاضلا ذا معرفة تامة بالأدب والكتابة من بيت مشهور بالرياسة والفضل وصنف
كتاب التذكرة وهو من الكتب الممتعة وتوفي سنة 562 ودفن بمقابر قريش ببغداد
(ابن حمزة الطوسي (1))
عماد الدين محمد بن علي بن محمد الطوسي المشهدي، فقيه عالم فاضل واعظ،
له تصانيف منها: الوسيلة في الفقه والرايع في الشرايع والثاقب في المناقب وفيه
بعض المعجزات الغريبة. قال صاحب (ضا) اني إلى الآن لم أعرف تأريخ مولده
ووفاته، وقال يظهر من كتبه ومما يوجد في النقل عنه انه كان في طبقة تلاميذ
شيخ الطائفة أو تلاميذ ولده الشيخ أبي علي، وذكر في (ضا) ثلاث معاجز من ثاقب
المناقب. ونحن نتبرك بالإشارة إلى ذكر خبر منه أورده صاحب المناقب وغيره
وحاصله ان شطيطة كانت امرأة مؤمنة بنيسابور، ولما بعثت شيعة نيسابور
الأموال إلى موسى بن جعفر " ع " بعثت هي درهما وشقة خام من غزل يدها تساوى
أربعة دراهم فقبل الإمام عليه السلام ما بعثته دون بقية الأموال وقال للحامل أبلغ
شطيطة سلامي واعطها هذه الصرة وكانت أربعين درهما ثم قال وأهديت لها شقة من
أكفاني من قطن قريتنا صيدا قرية فاطمة " ع " وغزل أختي حليمة رضي الله تعالى
عنها، ولما توفيت جاء الامام " ع " على بعير له، فلما فرغ من تجهيزها ركب بعيره
وانثنى نحو البرية، وقال: إني ومن يجري مجراي من الأئمة لا بد لنا

(1) هو غير الشيخ الامام العلامة نصير الدين عبد الله بن حمزة الطوسي المشهدي
الثقة الفقيه الجليل كان من أعيان علماء الإمامية قرأ عليه قطب الدين الكيدري
بسبزوار بيهق سنة 573.
267

من حضور جنائزكم في اي بلد كنتم فاتقوا الله في أنفسكم.
(أقول) هذا الخبر إلى هنا رواه صاحب المناقب وغيره، ولكن في رواية
ثاقب المناقب هذه الزيادة: فماتت شطيطة رحمة الله عليها فتزاحمت الشيعة على
الصلاة عليها فرأيت أبا الحسن " ع " على نجيب فنزل عنه وهو آخذ بخطامه ووقف
يصلي عليها مع القوم وحضر نزولها إلى قبرها وشهدها وطرح في قبرها من تراب
قبر أبى عبد الله عليه السلام.
(ابن حنبل)
أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني المروزي الأصل البغدادي المنشأ
والمسكن والمدفن، رابع الأئمة الأربعة السنية وهو كما قيل في حقه كان في علم
الحديث قريع أقرانه وواحد زمانه والمقتدى به في هذا الفن في أبانه وبالفارس الذي
لا يجارى في ميدانه.
قال ابن خلكان في وصفه: كان امام المحدثين صنف كتابه المسند وجمع
فيه من الحديث ما لم يتفق لغيره وقيل إنه كان يحفظ الف الف حديث وكان من
أصحاب الإمام الشافعي وخواصه لم يزل مصاحبه إلى أن ارتحل الشافعي إلى مصر
وقال في حقه: خرجت من بغداد وما خلفت بها اتقى ولا أفقه من ابن حنبل ودعي
إلى القول بخلق القرآن فلم يجب وضرب وحبس انتهى.
روى لأمير المؤمنين " ع " فضائل كثيرة. وفي البحار نقلا من الطرائف
قال رأيت كتابا كبيرا مجلدا في مناقب أهل البيت عليهم السلام تأليف أحمد بن حنبل
فيه أحاديث جليلة قد صرح فيها نبيهم بالنص على علي بن أبي طالب بالخلافة على
الناس ليس فيها شبهة عند ذوي الانصاف وهي حجة عليهم. وفي خزانة مشهد
علي بن أبي طالب " ع " بالغري من هذا الكتاب نسخة موقوفة ومن أراد الوقوف
عليها فليطلبها من خزانته المعروفة انتهى.
268

وفي الدر النظيم لجمال الدين يوسف بن حاتم الشامي قال: قال أحمد بن حنبل
دخلت في بعض الأيام على الإمام موسى بن جعفر " ع " حتى اقرأ عليه إذا ثعبان
قد وضع فمه على اذن موسى بن جعفر كالمحدث له فلما فرغ حدثه موسى بن جعفر
حديثا لم أفهمه ثم انساب الثعبان فقال يا احمد هذا رسول من الجن قد اختلفوا في
مسألة جاءني يسألني فأخبرته بها بالله عليك يا احمد لا تخبر بهذا أحدا إلا بعد موتي
فما أخبرت به أحدا حتى مات عليه السلام.
(أقول) وهذه المنقبة مثل ما روي عن أمير المؤمنين " ع " انه كان على
المنبر في المسجد الأعظم في الكوفة، إذ اقبل ثعبان من ناحية باب من أبواب
المسجد، فاضطرب الناس وماجوا وهموا بقصده ودفعه عن أمير المؤمنين " ع "
فأومأ إليهم بالكف عنه فلما صار على المرقاة التي عليها أمير المؤمنين قائم انحنى إلى
الثعبان، وتطاول الثعبان إليه حتى التقم اذنه وسكت الناس وتحيروا لذلك، ونق
نقيقا سمعه كثير منهم ثم انه زال عن مكانه وأمير المؤمنين " ع " يحرك شفتيه
والثعبان كالمصغي إليه ثم انساب وكأن الأرض ابتلعته، وعاد أمير المؤمنين " ع "
إلى خطبته فلما فرغ منها سأله الناس عن حال الثعبان فقال: هو حاكم من حكام
الجن التبست عليه قضية فصار إلي أفهمته إياها فدعا لي بخير وانصرف.
(أقول) والى هذه الفضيلة أشار ابن الأسود الكاتب بقوله:
أو يعلمون وما البصير كذي العمى * تأويل آية قصة الثعبان
إذ جاء وهو على مراتب منبر * يعظ العباد مبارك العيدان
فأسر نجواه إليه ولم يروا * من قبل ذاك مناجيا للجان
سأل الحكومة بين حربي قومه * عنه ودان لحكمه الجريان
قيل ولذلك صار هذا الباب من المسجد كان يعرف بباب الثعبان إلى أن
حدثت التسمية بباب الفيل ولزمته، وسبب ذلك كما في فتوح البلدان ص 286
للبلاذري انه لما فتح المسلمون المدائن أصابوا بها فيلا وقد كانوا قتلوا ما لقيهم قبل
269

ذلك من الفيلة فاشتراه رجل من أهل الحيرة فكان عنده يريه الناس ويجلله ويطوف
به في القرى، فرغبت في النظر إليه أم أيوب بنت عمارة بن عقبة بن أبي معيط امرأة
المغيرة بن شعبة وهي التي خلف عليها من بعده زياد بن أبيه وكانت أحبت النظر إليه
وهي تنزل دار أبيها فاتي به ووقف على باب المسجد الذي يدعى اليوم باب الفيل،
فجعلت تنظر إليه ووهبت لصاحبه شيئا وصرفته فلم يخط إلا خطى يسيرة حتى
سقط ميتا، فسمي الباب باب الفيل وقيل غير ذلك، وهذا أثبت. توفي ابن حنبل
سنة 241 (مار) ببغداد ودفن بمقبرة باب حرب المنسوب إلى حرب بن عبد الله
أحد أصحاب المنصور الدوانيقي.
قال المسعودي وحضر جنازته خلق من الناس لم ير مثل ذلك اليوم والاجتماع
في جنازة من سلف قبله وكان للعامة فيه كلام كثير جرى بينهم بالعكس والضد
في الأمور منها ان رجلا منهم كان ينادي العنوا الواقف عند الشبهات وهذا بالضد
عما جاء عن صاحب الشريعة " ع " في ذلك وكان عظيم من عظمائهم ومقدم فيهم يقف
موقفا بعد موقف امام الجنازة وينادي بأعلى صوته:
واظلمت الدنيا لفقد محمد * واظلمت الدنيا لفقد ابن حنبل
وفي العبقات نقلا عن ابن حاتم قال: سمعت أبا زرعة يقول بلغني ان المتوكل أمر
ان يمسح الموضع الذي وقف الناس فيه للصلاة على أحمد بن حنبل فبلغ مقامهم مقام
ألفي الف نفس وخمسمائة الف انتهى.
(ابن حنزابة)
أبو الفضل جعفر بن الفضل بن جعفر بن محمد بن موسى بن الحسن بن الفرات
كان وزير بنى الإخشيد بمصر مدة وكان عالما محبا للعلماء وكان يملي الحديث بمصر
وهو وزير وقصده الأفاضل من البلدان الشاسعة وحكي ان المتنبي لما قصد مصر
ومدح كافورا مدح الوزير أبا الفضل المذكور بقصيدته التي أولها (باد هواك
270

صبرت أم لم تصبرا) وجعلها موسومة باسمه فيكون إحدى القوافي جعفرا فلما لم
يرضه صرفها عنه ولم ينشده إياها، فلما توجه إلى عضد الدولة قصد أرجان وبها
أبو الفضل بن العميد وزير ركن الدولة ابن بويه والد عضد الدولة فحول القصيدة
إليه ومدحه بها وبغيرها وهي من غرر القصائد. ويأتي ذكر بعض اشعارها في
ابن العميد. توفي ابن حنزابة بمصر سنة 371 أو سنة 391، وهل هو دفن بمصر
أو حمل إلى المدينة الطيبة؟ اختلاف. وحنزابة بكسر الحاء المهملة وسكون النون
وفتح الزاي وبعد الألف الباء الموحدة المفتوحة وهي أم أبيه الفضل بن جعفر وكانت
جارية رومية والحنزابة في اللغة المرأة القصيرة الغليظة.
(ابن حواش)
هو الحبر الذي جاء من الشام إلى المدينة ليدرك النبي صلى الله عليه وآله. روى الصدوق عن
ابن عباس قال لما: دعا رسول الله بكعب بن أسد ليضرب عنقه فاخرج وذلك في
غزوة بني قريظة نظر إليه رسول الله فقال له يا كعب اما نفعك وصية ابن حواش
المقبل من الشام؟ وقال تركت الخمر والخمير وجئت إلى البؤس والتمر لنبي يبعث هذا
أوان خروجه يكون مخرجه بمكة وهذه دار هجرته وهو الضحوك القتال يجتزئ
بالكسرة والتميرات ويركب الحمار العاري في عينيه حمرة وبين كتفيه خاتم النبوة
يضع سيفه على عاتقه لا يبالي بمن لاقى يبلغ سلطانه، سنقطع الخف والحافر قال كعب
قد كان ذلك يا محمد ولولا أن اليهود تعيرني انى جئثت إلى القتل لآمنت بك
وصدقتك ولكني على دين اليهودية عليه أحيى وعليه أموت فقال رسول الله قدموه
واضربوا عنقه فقدم وضرب عنقه. (بيان) قال الفيروزآبادي جئث كفرح ثقل
عند القيام أو عند حمل شئ ثقيل.
(ابن حيوس) انظر صفي الدولة
(ابن خاتون)
يطلق على جماعة من علمائنا العظام أولهم جمال الدين أحمد بن محمد بن علي بن
271

محمد بن محمد بن خاتون العاملي العيناثي عالم جليل يروي عنه الشهيد الثاني وهو عن
المحقق الكركي وكان شريكا له في القراءة على أبيه شمس الدين الشيخ محمد بن خاتون
والرواية عنه. وذكر صاحب أعيان الشيعة اجازة المحقق الكركي لصاحب الترجمة
ولولديه نعمة الله علي وزين الدين جعفر كتبها في المشهد المقدس الغروي 15 ج 1
سنة 931 (ظلا). ثانيهم حفيد الأول جمال الدين أحمد بن نعمة الله علي بن أحمد بن محمد
ابن خاتون صاحب مقتل الحسين " ع " وابنه الشيخ محمد بن أحمد عالم جليل استجاز منه
الميرزا إبراهيم الهمداني المعاصر لشيخنا البهائي في مكة المعظمة فأجازه بإجازة بالغ في
الثناء عليه وكان ذلك في سنة 1008 ثمان وألف.
ثالثهم محمد بن علي بن خاتون وهذا أشهرهم كان عالما فاضلا أديبا، له شرح
الارشاد وترجمة كتاب الأربعين للشيخ البهائي بالفارسية وكان ساكنا في حيدر آباد
من بلاد الهند، وكانت نسخة من ارشاد العلامة عندي بخطه تأريخ كتابته خامس
المحرم سنة 1068 (غسح).
وفي أعيان الشيعة في ترجمة الشيخ إبراهيم بن حسن بن علي بن أحمد بن محمد
ابن علي بن خاتون العاملي صاحب قصص الأنبياء من طرق الشيعة الذي فرغ منه
سنة 1092 قال ما ملخصه: آل خاتون من بيوتات العلم القديمة في جبل عامل من
أقدمها كانوا معروفين بالعلم قبل المائة السابعة وكانوا أولا في قرية أمية من قرى
جبل عامل بقرب قرية أرشاف ثم انتقلوا منها إلى عيناثا واستقروا أخيرا في جويا
وخاتون هذه التي ينسبون إليها إحدى بنات الملوك الأيوبية وهي كلمة فارسية معناها
السيدة والأميرة كان أبوها مجتازا بقرية أمية فنزل هناك وكان فيها جد آل خاتون
وهو من العلماء الزهاد فلم يذهب لزيارة الملك وزاره جميع أهل القرية فأرسل إليه
الملك يسأله عن سبب تركه زيارته فأجابه بما هو مأثور (إذا رأيتم العلماء على
أبواب الملوك فبئس العلماء وبئس الملوك، وإذا رأيتم الملوك على أبواب العلماء فنعم
الملوك ونعم العلماء) فعظم في عينيه وزوجه ابنته الملقبة بالخاتون ونسبت ذريته
272

إليها هذا خبر مشهور مستفيض عند أهل جبل عامل يرويه خلفهم عن سلفهم وبينا
قلة شيوخ علمائهم ومؤرخيهم وخرج من آل خاتون مالا يحصى من العلماء
في جبل عامل والعراق وبلاد العجم والهند وغيرها واليهم كانت الرحلة في
عيناثا انتهى.
(ابن الخازن)
أبو الحسن زين الدين علي بن الخازن الحائري الشيخ الفقيه الفاضل الكامل
من أعاظم علماء الإمامية أستاذ الشيخ الأجل أحمد بن فهد الحلي كان من كبار
تلامذة الشيخ الشهيد، كتب الشهيد له اجازة معروفة مذكورة في إجازات البحار
فيها رواية الشهيد عن فخر المحققين وجمع آخر عن جمال الدين العلامة عن والده
سديد الدين عن ابن نما عن محمد بن إدريس عن عربي بن مسافر العبادي عن إلياس
ابن هشام الحائري عن أبي علي المفيد عن والده أبى جعفر الطوسي عن المفيد عن أبي
جعفر بن بابويه عن الشيخ أبي عبد الله الحسن بن محمد الرازي قال حدثنا علي
ابن مهرويه القزويني عن داود بن سليمان الغازي عن الامام المرتضى أبي الحسن علي
ابن موسى الرضا عن آبائه عن أمير المؤمنين " ع " عن النبي صلى الله عليه وآله قال مثل أهل بيتي
كمثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها زج في النار.
(أقول) هذا الحديث مذكور في كتب الجمهور بطرق مختلفة، فممن رواه
الحاكم بالاسناد إلى أبي ذر من المستدرك، والطبراني في الأوسط عن أبي سعيد
وغيرهما انه قال النبي صلى الله عليه وآله: ألا ان مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح من ركبها
نجا ومن تخلف عنها غرق. وأنت تعلم أن المراد بتشبيههم عليهم السلام بسفينة
نوح " ع " إن من لجأ إليهم في الدين فاخذ فروعه وأصوله عن أئمتهم الميامين نجا
من عذاب النار ومن تخلف عنهم كان كمن آوى يوم الطوفان إلى جبل ليعصمه من
أمر الله غير أن ذلك غرق في الماء وهذا في الحميم والعياذ بالله. (وقد يطلق ابن الخازن)
273

على أبى الفضل أحمد بن محمد بن الفضل الكاتب الشاعر الدينوري البغدادي، كان
أوحد وقته في الفضل والأدب وهو والد أبى الفتح نصر الله الكاتب المشهور توفي
سنة 518 أو 512 (وقد يطلق على معاصره) أبى الفوارس الحسين بن علي المتوفى
سنة 502 (شرب).
(أبى خالويه)
بفتح اللام والواو، أبو عبد الله الحسين بن أحمد بن خالويه النحوي اللغوي،
شيخ جليل أديب شاعر متبحر من فضلاء الامامية والعارفين بالعربية أصله من
همذان ولكنه دخل بغداد وأدرك جلة العلماء بها، واستفاد من أعيانهم كابن
الأنباري وابن عمر الزاهد وابن دريد والسيرافي انتقل إلى الشام واستوطن حلب
وصار بها أحد افراد الدهر وآل حمدان يكرمونه ويدرسون عليه يقتبسون منه
وهو القائل: دخلت يوما على سيف الدولة فلما مثلت بين يديه قال لي اقعد ولم يقل
اجلس فتبينت (1) بذلك اعتلاقه بأهداب الأدب واطلاعه على اسرار كلام العرب.
ولابن خالويه مصنفات كثيرة منها: كتاب كبير في الأدب سماه كتاب ليس
وهو يدل على اطلاع عظيم فان مبنى الكتاب من أوله إلى آخره على أنه ليس في
كلام العرب كذا وليس كذا، وله كتاب لطيف سماه الآل وذكر في أوله ان
الآل ينقسم إلى خمسة وعشرين قسما وذكر فيه الأئمة الاثني عشر " ع " وتأريخ
مواليدهم ووفياتهم وأمهاتهم، وله كتاب في امامة علي عليه السلام وكتاب اعراب
ثلاثين سورة من الكتاب العزيز، وله كتاب شرح المقصورة لابن دريد
إلى غير ذلك.
حكي انه ذكر للحية مائتي اسم وقال إن للأسد خمسمائة اسم وصفة، وصنف

(1) انما قال ذلك لان المختار عند أهل الأدب ان يقال للقائم اقعد وللنائم
أو الساجد اجلس.
274

جزءا في الألفاظ المصدرة بالكاف من اجزاء الانسان وعدها إلى مائة وهذا يدل
على كثرة اطلاعه وطول باعه، وله شعر حسن فمنه قوله:
إذا لم يكن صدر المجالس سيد * فلا خير فيمن صدرته المجالس
وكم قائل مالي رأيتك راجلا * فقلت له من اجل انك فارس
وأورد السيد ابن طاوس في الاقبال في اعمال شعبان دعاء مرويا من ابن خالويه
كان أمير المؤمنين والأئمة " ع " يدعون به في شهر شعبان. توفي بحلب سنة 370
(شع). (وقد يطلق ابن خالويه) على أبى الحسن علي بن محمد بن يوسف بن
مهجور الفارسي، الثقة الجليل أحد مشايخ أهل الحديث الذي ذكره (جش)
و (صه) وغيرهما.
(ابن خانبه)
بتقديم النون المكسورة على الباء الموحدة أبو جعفر أحمد بن عبد الله بن
مهران الكرخي، كان من أصحابنا الثقاة، له كتاب التأديب، وهو كتاب يوم
وليلة حسن جيد صحيح، وكان أحد غلمان يونس بن عبد الرحمن وكان من العجم
قال العلامة المجلسي في البحار: روى السيد ابن طاوس في فلاح السائل بسند
صحيح عن سعد بن عبد الله انه قال عرض أحمد بن عبد الله بن خانبة كتابه على
مولانا أبى محمد الحسن بن علي العسكري فقرأه وقال صحيح فاعملوا به (ذكر في
عين وفاته سنة 234).
(ابن الخباز الموصلي)
أحمد بن الحسين بن أحمد الأربلي النحوي اللغوي صاحب شرح ألفية ابن
معيط وغيره توفي بالموصل سنة 637 (خلز). وهو غير أحمد بن الحسين بن أحمد
الضبي النيسابوري الناصبي الذي ذكر اسمه في أسانيد كتاب عيون أخبار الرضا
عليه السلام ونقل عن الصدوق انه قال في حقه: ما رأيت أنصب منه وبلغ من نصبه
275

انه كان يقول اللهم صلى على محمد فردا ويمتنع من الصلاة على آله.
(ابن خروف)
كعطوف نظام الدين أبو الحسن علي بن محمد بن علي بن محمد بن خروف
الحضرمي الأندلسي النحوي، صاحب شرح الكتاب لسيبويه وشرح الجمل للزجاجي
حكي انه لم يتزوج قط وكان يسكن الخانات واختل في آخر عمره حتى مشى في
الأسواق عريانا توفي سنة 610 (يخ).
(ابن خزيمة)
أبو بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة السملي النيسابوري، ولد سنة 223
(ركج) سمع من إسحاق بن راهويه وله شيوخ كثيرة انتهت إليه الإمامة
والحفظ في عصره بخراسان، حدث عنه الشيخان خارج صحيحيهما وعن الدارقطني
قال: كان ابن خزيمة إماما ثبتا معدوم النظير.
وحكى ابن أبو بشر القطان قال رأى جار لابن خزيمة من أهل العلم كأن لوحا
عليه صورة نبينا (ص) وابن خزيمة يصقله فقال المعبر هذا رجل يحيى سنة رسول الله
صلى الله عليه وآله. قال أبو العباس بن سريح وذكر ابن خزيمة فقال: يستخرج النكت من
حديث رسول الله صلى الله عليه وآله بالمنقاش. وقال الحاكم في كتاب علوم الحديث: فضائل
ابن خزيمة مجموعة عندي أوراق كثيرة ومصنفاته تزيد على مائة وأربعين
كتابا سوى المسائل.
(ابن الخشاب)
أبو محمد عبد الله بن أحمد البغدادي اللغوي النحوي الأديب المفسر الشاعر،
صاحب تأريخ مواليد ووفيات أهل بيت النبي صلى الله عليه وآله كان من تلامذة الجواليقي
وابن الشجري وكان خطه في نهاية الحسن، توفي ببغداد سنة 567 (سزث) ودفن
بقرب قبر بشر الحافي.
276

(ابن الخطيب) انظر الفخر الرازي
(ابن خفاجة)
أبو إسحاق إبراهيم بن أبي الفتح بن عبد الله بن خفاجة الشاعر الأندلسي،
كان من أهل الفضل والأدب، له ديوان شعر أحسن فيه، توفي سنة 533 (ثلج).
(ابن خلدون)
أبو زيد عبد الرحمن بن محمد بن خلدون المالكي الإشبيلي، فاضل مؤرخ
صاحب التأريخ المعروف الذي قيل في حقه: مقدمة ابن خلدون خزانة علوم
اجتماعية وسياسية وأدبية، توفي سنة 808 (ضح) بالقاهرة.
(ابن الخل)
أبو الحسن محمد بن المبارك الفقيه الشافعي البغدادي، تفقه على المستظهر
وبرع في العلم وكان يفتي ويدرس. يحكى انه كان يكتب خطا جيدا وان الناس
كانوا يحتالون على اخذ خطه في الفتاوي من غير حاجة إليها بل لأجل الخط لا غير،
فكثرت عليه الفتاوى وضيقت عليه أوقاته ففهم ذلك منهم، فصار يكسر القلم
ويكتب جواب الفتوى به فاقصروا عنه. توفي سنة 552 (ثنب) ببغداد ونقل إلى
الكوفة دفن بها. كذا قال ابن خلكان: ويحتمل انه كان شيعيا وأوصى ان
يحمل ويدفن بظهر الكوفة في جوار أمير المؤمنين عليه السلام.
(ابن خلكان)
أبو العباس أحمد بن محمد بن إبراهيم بن أبي بكر بن خلكان الأربلي البرمكي
الشافعي صاحب كتاب التأريخ المشهور الموسوم بوفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان
الذي تعرض فيه لذكر المشاهير من التابعين ومن بعدهم إلى زمان نفسه يشتمل على
864 ترجمة، ولم يذكر فيه الصحابة وقد ذيله صلاح الدين الصفدي بمجلدات تدارك
فيها ما قد فاته من الوفيات سماها الوافي بالوفيات
277

وكان ابن خلكان أديبا فاضلا يحب الشعر والأدب وكان مغرما بشعر يزيد
ابن معاوية بن أبي سفيان وكان شديد الاهتمام به بحيث خلصه من شر غيره ليكون
حافظا شعره الخالص لا المنسوب إليه وكان يفتخر بذلك.
قال في أحوال محمد بن عمران المرزباني ما هذا لفظه: وشعر يزيد مع قلته في
نهاية الحسن وكنت حفظت جميع ديوان يزيد لشدة غرامي به وذلك في سنه 633
(خلج) بمدينة دمش وعرفت صحيحه من المنسوب إليه الذي ليس له وتتبعته حتى
ظفرت بصاحب كل أبيات ولولا خوف الإطالة لبينت ذلك انتهى بلفظه.
وكان في نهاية التعصب ويظهر ذلك لمن طالع كتابه. قال في أحوال
المستنصر الفاطمي المتوفى ليلة غدير خم ورأيت جماعة كثيرة يسألون عن هذه الليلة
متى كانت من ذي الحجة، وهذا المكان بين مكة والمدينة وفيه غدير ماء ويقال انه
غيضة هناك ولما رجع النبي صلى الله عليه وآله من مكة شرفها الله تعالى عام حجة الوداع ووصل
إلى هذا المكان وآخى علي بن أبي طالب " ع " قال: علي مني كهارون من موسى
اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله، وللشيعة
به تعلق كبير. وقال الحازمي: هو واد بين مكة والمدينة عند الجحفة غدير،
عنده خطب النبي وهذا الوادي موصوف بكثرة الوخامة وشدة الحر انتهى كلامه.
ولنكتف هنا ببيتين لبقراط النصراني:
أليس بخم قد أقام محمد * عليا باحضار الملا والمواسم
فقال لهم من كنت مولاه منكم * فمولاكم بعدي علي بن فاطم
ينتهي نسب ابن خلكان إلى البرامكة وكانت البرامكة مبغضين لآل
رسول الله صلى الله عليه وآله مظهرين العداوة لهم. قال ابن قتيبة في المعارف: وكان جعفر بن
يحيى يرمى بالزندقة وكذا البرامكة كانوا يرمون بالزندقة إلا أقلهم وفيهم قال الأصمعي:
إذا ذكر الشرك في مجلس * أضاءت وجوه بنى برمك
وإن تليت عندهم آية * أتوا بالأحاديث عن مزدك
278

(أقول) روي أن يحيى بن خالد البرمكي بعث إلى موسى بن جعفر " ع "
بالرطب والريحان المسمومين وسمه في ثلاثين رطبة فدعا مولانا الرضا " ع " عليهم
بعرفة فلما انصرف لم يلبث إلا يسيرا حتى بطش بجعفر ويحيى وتغيرت أحوالهم
فانتقم الله منهم. كان مولد ابن خلكان سنه 608 بمدينة إربل وتوطن بقاهرة مصر
وكان من كبار قضاتها، وصنف فيها كتابه المذكور، وتوفي 26 رجب سنة
681 (خفا) بمدينة دمشق ودفن بسفح جبل قاسيون.
(وينبغي) هنا ذكر مطلبين: (الأول) قيل في وجه تسمية جد ابن خلكان
بخلكان انه كان يوما يفاخر أقرانه ويفتخر بآبائه من آل برمك فقيل له خل كان
أبى كذا ودع جدي كذا ونسبي كذا وحدثنا عما يكون في نفسك الآن
كما قال الشاعر:
إن الفتى من يقول ها انا ذا * ليس الفتى من يقول كان أبى
وقال الفارسي:
جائيكه بزرگ بايدت بود * فرزندي كس نداردت سود
چون شير بخودسيه شكن باش * فرزند خصال خويشتن باش
فعل هذا يكون خلكان بفتح الخاء وتشديد اللام المكسورة. ولنتبرك هنا بذكر
حديث شريف روى شيخنا الصدوق عن الإمام الصادق " ع " انه قيل له: أترى
هذا الخلق كله من الناس: فقال عليه السلام الق منهم التارك للسواك والمتربع على
الضيق والداخل فيما لا يعنيه والمعاري فيما لا علم له به والمتمرض من غير علة والمتشعث
من غير مصيبة والمخالف على أصحابه في الحق وقد اتفقوا والمفتخر يفتخر بآبائه
وهو خلو من صالح أعمالهم فهو بمنزلة الخلنج يقشر (1) لحا من لحا حتى يوصل

(1) " بيان " خلنج كسمند، در ختي است نيك سخت كه از جوب آن
تيرونيزه ميسازند معرب خدنك ولحا بوست درخت.
279

إلى جوهريته وهو كما قال الله عز وجل (إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلا).
والظاهر أنه عليه السلام شبه المفتخر بآبائه مع كونه خاليا من صالح أعمالهم بلحا
شجر الخلنج فان لحاه فاسد ولا ينفع اللحا كون لبه صالحا لان ينحت منه الأشياء
بل إذا أردوا ذلك قشروا لحاه ونبذوها وانتفعوا بلبه واصله.
(الثاني) قال صاحب (ضا) بعد أن ذكر ابن خلكان في كتابه ومدح
كتابه بالاتقان وكثر الفوائد: ان الرجل كان شافعي الفروع أشعري الأصول
من أشد الناس تعصبا لأهل السنة والجماعة الخ. ثم بين ان أهل السنة انما تعين لهم
هذا اللقب من بعد وقوع المقاتلة بين علي " ع " ومعاوية في كلام طويل، إلى أن
قال: واما لفظة الشيعة المقولة دائما في مقابلة أهل السنة فإنما هي عبارة عن طوائف
مخصوصة من الأمة المرحومة باعتبار انهم شايعوا عليا " ع " في جميع الأمور ولم
يفارقوا إلى غيره.
وفي القاموس: وشيعة الرجل بالكسر اتباعه وأنصاره والفرقة على حدة
ويقع على الواحد والاثنين والجمع والمذكر والمؤنث وقد غلب هذا الاسم على كل
من يتولى عليا وأهل بيته حتى صار اسما لهم خاصا وعن تعريفات العلوم ان الشيعة
هم الذين شايعوا عليا وقالوا انه امام بعد رسول الله صلى الله عليه وآله واعتقدوا ان الإمامة
لا تخرج عنه وعن أولاده. وفي كنز اللغة ان الشيعة هم العدلية غير السنية إلى غير
ذلك من عبائر أهل اللغة، ثم انه نقل عن الجزء الثالث من كتاب الزينة في تفسير
الألفاظ المتداولة بين أرباب العلوم للشيخ أبي حاتم الرازي صاحب الرد على القول
بالرجعة وغيره. إن أول اسم ظهر في الاسلام على عهد النبي صلى الله عليه وآله الشيعة وكانت
هذه من ألقاب هؤلاء الأربعة اي سلمان وأبي ذر والمقداد وعمار رضي الله تعالى
عنهم إلى أوان صفين فانتشرت بين موالي علي " ع " فكل من كان في عسكره لقب
شيعة، ومن كان من اتباع معوية لقب بالسني إلى أن اشتهر اطلاقهما على مطلق
من كان من الموافقين لأهل البيت " ع " أو المخالفين لهم على التدريج انتهى.
280

(ابن خميس الكعبي)
أبو عبد الله الحسين بن نصر بن محمد بن الحسين بن القسم بن خميس بن عامر
الموصلي الجهني الملقب تاج الاسلام مجد الدين الفقيه الشافعي، اخذ الفقه عن أبي
حامد الغزالي ببغداد وولي القضاء برحبة مالك بن طوق ثم رجع إلى الموصل
وسكنها، وصنف كتبا كثيرة منها: مناقب الأبرار على أسلوب رسالة القشيري،
ومنها: مناسك الحج واخبار المنامات توفي سنة 552.
(ابن الخياط الشاعر)
أبو عبد الله أحمد بن محمد بن علي الدمشقي الكاتب، كان من الشعراء
المجيدين، طاف البلاد وامتدح الناس ولما اجتمع بأبي الفتيان بن حيوس الشاعر
المشهور بحلب وعرض عليه شعره، قال: قد نعاني هذا الشاب إلى نفسي فقلما
نشأ ذو صناعة ومهر فيما إلا وكان دليلا على موت الشيخ من أبناء جنسه. ودخل
مرة إلى حلب وهو رقيق الحال لا يقدر على شئ فكتب إلى ابن حيوس يستميحه
شيئا من بره بهذين البيتين:
لم يبق عندي ما يباع بجبة * وكفاك علما منظري عن مخبري
إلا بقية ماء وجه صنتها * عن أن يباع وأين أين المشتري
فلما وقف عليها ابن حيوس قال لو قال (وأنت نعم المشتري) لكان أحسن. توفي
بدمشق سنة 517 (ثيز).
(ابن دأب)
أبو الوليد عيسى بن يزيد بن بكر بن دأب كفلس كان من أهل الحجاز من
كنانة معاصرا لموسى الهادي العباسي، وكان من أكثر أهل عصره أدبا وعلما
ومعرفة بأخبار الناس وأيامهم، وكان موسى الهادي يدعو له متكئا ولم يكن غيره
يطمع منه في ذلك وكان يقول له يا عيسى ما استطلت بك يوما ولا ليلة، ولا غبت
281

عني إلا ظننت انى لا أرى غيرك. ذكر المسعودي في مروج الذهب بعض اخباره
مع الهادي ثم قال: ولابن دأب مع الهادي اخبار حسان يطول ذكرها ويتسع
علينا شرحها ولا يتأتى لنا إيراد ذلك في هذا الكتاب لاشتراطنا فيه على أنفسنا
الاختصار والايجاز انتهى.
(قلت) ويظهر من رواية نقلها صاحب الاختصاص عنه في الخصال الشريفة
التي جمعت في أمير المؤمنين " ع " ولم تجتمع في أحد غيره تشيعه والرواية طويلة
أوردها العلامة المجلسي في البحار التاسع ص 450 لا يحتمل المقام ذكرها. قال
ابن قتيبة: ولان دأب عقب بالبصرة وأخوه يحيى بن يزيد وكان أبوهما يزيد أيضا
عالما بأخبار العرب وأشعارها وكان شاعرا أيضا والأغلب على آل دأب الاخبار انتهى
(ابن داحة)
ويقال أيضا ابن أبي داحة إبراهيم بن سليمان المزني. يحكى عن الجاحظ انه
ذكره في كتاب الحيوان وقال: وكان ابن داحة رافضيا:
(ابن داود)
تقي الدين الحسن بن علي بن داود الحلي الشيخ العالم الفاضل الجليل الفقيه
المتبحر صاحب كتاب الرجال المعروف ونظم التبصرة وغيرهما مما ينوف على الثلاثين
تلمذ على السيد الاجل جمال الدين أحمد بن طاوس والمحقق قدس سرهما، وكانت
ولادته 5 ج 2 سنة 647 (خمز). يروي عنه الشيخ الشهيد بواسطة ابن معية. وحكي
ان الشيخ أبا طالب بن رجب العالم الذي ينقل عنه دعاء الجوشن الكبير وشرحه هو
سبط ابن داود المذكور. (وقد يطلق ابن داود) على الشيخ الأجل الأقدم
أبى الحسن محمد بن أحمد بن داود القمي صاحب كتاب المزار وغيره كان رحمه الله
شيخ هذه الطائفة وعالمها وشيخ القميين في وقته وفقيههم. حكى الغضائري انه لم ير
أحدا احفظ منه ولا أفقه ولا أعرف بالحديث منه يروي عنه المفيد وأحمد بن
282

عبدون وأبو عبد الله الغضائري مات سنة 368 (شسح) ببغداد وكان مقيما بها
ودفن بمقابر قريش رضوان الله تعالى عليه.
(ابن دباس)
الحسين بن محمد بن عبد الوهاب احمد النحوي اللغوي الشيعي، كان من بيت
الوزارة وأضر في آخر عمره، وله ديوان روى عنه ابن عساكر وابن الجوزي، ولد
سنة 443 وتوفي سنة 524 كذا عن إجازات البحار.
(ابن الدباغ)
أبو القسم خلف بن القاسم بن سهل الأزدي القرطبي، اخذ عن جماعة كثيرة
من أهل الفضل وروي عنه: ابن عبد البر الحافظ وأبو الوليد عبد الله بن محمد بن
يوسف الفرضي وأبو عمرو الداني، كان حافظا للحديث الف كتابا في الزهد،
مولده سنة 325 توفي سنة 393، والقرطبي يأتي في ابن عبد ربه.
(ابن الدرا)
محمد بن نور الدين الشامي الشافعي الشاعر الأديب المتوفي سنة 1065.
(ابن دراج)
أبو عمر أحمد بن محمد بن العاصمي الأندلسي الشاعر الكاتب، كاتب المنصور
ابن أبي عامر وشاعره، توفي سنة 421 (تكا)
(أقول) واما جميل بن دراج فهو من أصحاب الصادق والكاظم " ع " روى
عنهما كان وجه الطائفة ثقة جليل القدر اخذ عن زرارة. روى (كش) عن ابن أبي
عمير قال قلت لجميل بن دراج ما أحسن محضرك وأزين مجلسك فقال أي والله
ما كنا حول زرارة بن أعين إلا بمنزلة الصبيان في الكتاب حول المعلم، وأخوه
نوح بن دراج القاضي كان أيضا من أصحابنا وكان يخفي امره وكان جميل أكبر
من نوح، وعمي في آخر عمره ومات في أيام الرضا عليه السلام له كتاب. روي
283

(كش) عن محمد بن مسعود قال: سألت أبا جعفر حمدان بن أحمد الكوفي عن نوح
ابن دراج فقال كان من الشيعة وكان قاضي الكوفة فقيل له لم دخلت في أعمالهم؟
فقال لم ادخل في اعمال هؤلاء حتى سألت أخي جميلا يوما فقلت لم لا تحضر المسجد؟
فقال ليس لي إزار. في تنقيح المقال نقل ثقة عن خبير ثقة: ان قبر جميل بن دراج
في الطارمية على الدجلة فيما يحاذي ما يسمى الآن سميكة، وان هناك قبرا وقواما
ويسمى قبر الشيخ جميل بن الكاظم وهو قبر جميل بن دراج انتهى.
(ابن درستويه)
أبو محمد عبد الله بن جعفر بن درستويه الفارسي الفسوي النحوي، كان
عالما فاضلا، اخذ الأدب عن ابن قتيبة والمبرد ببغداد، واخذ عنه الدارقطني وغيره
له تصانيف منها: كتاب خبر قس بن ساعدة وشرح الفصيح وغريب الحديث
وغيره، توفي ببغداد سنة 347 (شمز) وكان أبوه من كبار المحدثين وأعيانهم.
(ابن دريد)
مصغرا أبو بكر محمد بن الحسن بن دريد الأزدي القحطاني البصري الشيعي
الامامي عالم فاضل أديب حفوظ شاعر نحوي لغوي، اخذ عن الرياشي وأبى حاتم
السجستاني وغيرهما، وكان واسع الرواية لم ير احفظ منه. يحكى انه كان إذا قرئ
عليه ديوان شعر مرة واحدة حفظه من أوله إلى آخره. قال المسعودي وكان ابن
دريد ببغداد ممن يرع في زماننا هذا في الشعر وانتهى في اللغة وقام مقام الخليل بن أحمد
فيها وأورد أشياء في اللغة لم توجد في كتب المتقدمين وكان يذهب في الشعر
كل مذهب فطورا يجزل وطورا يرق، وشعره أكثر من أن نحصيه أو يأتي عليه
كتابنا هذا فمن جيد شعره قصيدته (1) المقصورة أولها:

(1) هي قصيدة يمدح بها ابن ميكال ويصف مسيره إلى فارس وتشوقه إلى
البصرة وإخوانه بها فيها، كثير من آداب العرب واخبارهم وحكمهم.
284

يا ظبية أشبه شئ بالمها * ترعى الخزامى بين أشجار النقي
أما ترى رأسي حاكي لونه * طرة صبح تحت أذيال الدجى
واشتمل المبيض في مسوده * مثل اشتعال النار في جزل الغضا
انتهى. له مصنفات منها: كتاب الجمهرة وهو من الكتب المعتبرة في اللغة حكي
انه أملاها من حفظه سنة 297 فما استعان عليها بالنظر في شئ من الكتب إلا في
الهمزة واللفيف واشتهرت مقصورته غاية الاشتهار، وقد اعتنى بشرحها خلق كثير وعارضه فيها جماعة من الشعراء منهم أبو القسم علي التنوخي الأنطاكي. وعد ابن
شهرآشوب ابن دريد من شعراء أهل البيت عليهم السلام ومن شعره:
أهوى النبي محمدا ووصيه * وابنيه وابنته البتول الطاهرة
أهل العباء فإنني بولائهم * أرجو السلامة، والنجا في الآخرة
وارى محبة من يقول بفضلهم * سببا يجير من السبيل الجائره
أرجو بذاك رضى المهيمن وحده * يوم الوقوف على ظهور الساهره
توفي ببغداد 18 شعبان سنه 321 (شكا) يوم وفاة أبي هاشم الجبائي. قال
الناس مات علم اللغة وعلم الكلام بموت ابن دريد وأبى هاشم.
(ابن دقماق)
صارم الدين إبراهيم بن محمد بن أيدمر الحنفي مؤرخ الديار المصرية له نزهة
الأيام في تأريخ الاسلام والكنوز الخفية في تأريخ الصوفية، اخذ عنه المقريزي.
توفي حدود سنة 809 أو غير ذلك.
(ابن دقيق العيد)
قاضي القضاة تقي الدين محمد بن دقيق العيد، قاضي قضاة الشافعية بالديار
المصرية، توفي سنة 703 واستقر مكانه بدر الدين الحموي المعروف بابن جماعة
قاله ابن شحنة.
285

(ابن الدهان)
يطلق على جماعة المشهور منهم اثنان (أحدهما) أبو محمد سعيد بن المبارك
ابن علي بن عبد الله النحوي البغدادي الشاعر الأديب المتصل نسبه بكعب
الأنصاري كان سيبويه عصره له في الأدب والنحو تصانيف منها شرح الايضاح
وشرح لمع ابن جنى وغير ذلك من الكتب الكثيرة.
يحكى انه كان ببغداد انتقل إلى الموصل قاصدا جناب الوزير جمال الدين
الأصبهاني المعروف بالجواد فتلقاه بالاقبال وأحسن إليه وأقام في كنفه مدة سنة
وكانت كتبه قد تخلفت ببغداد فاستولى الغرق في تلك السنة على البلد فسير من
من يحضرها إليه ان كانت سالمة فوجدها قد غرقت وكان خلف داره مدبغة قد
غرقت أيضا وفاض الماء منه إلى داره فتلفت الكتب بهذا السبب زيادة على اتلاف
الغرق، وكان قد أفنى في تحصيلها عمره فلما حملت إليه على تلك الصورة أشاروا
عليه ان يطيبها بالبخور ويصلح منها ما أمكن، فبخرها باللاذن ولازم ذلك إلى أن
بخرها بأكثر من ثلاثين رطلا لاذنا، فطلع ذلك إلى رأسه وعينيه فأحدث له العمى
وكف بصره وانتفع عليه خلق كثير. توفي غرة شوال بالموصل سنة 569 أو 566
(وثانيهما) وجيه الدين مبارك بن سعيد بن أبي السعادات الواسطي الأصل
البغدادي المنشأ والاشتغال، من أعيان من قرأ على ابن الخشاب ولازم ابن
الأنباري وسمع الحديث من طاهر المقدسي، وكان إماما في كثير من العلوم سيما
النحو واللغة والتصريف.
حكي انه كان كثير الاحتمال للتلامذة واسع الصدر لم يغضب قط من شئ
وشاع ذلك حتى بلغ بعض الخلفاء فجهد على أن يغضبه فلم يقدر.
(قلت) هذه صفة شريفة تشبه بها هذا الرجل بذي الكفل " ع " فقد ورد
انه كان نبيا بعد سليمان بن داود " ع " وكان يقضي بين الناس كما كان يقضي
286

داود " ع " ولم يغضب إلا لله عز وجل. وروي انه وكل إبليس من اتباعه واحدا
يقال له الأبيض لعل يغضبه فلم يقدر. توفي وجيه الدين المذكور ببغداد سنة 612
(خيب) ويأتي في برهان الدين اطلاق ابن الدهان عليه أيضا.
(ابن الدهان الموصلي)
أبو الفرج عبد الله بن أسعد بن علي بن عيسى الفقيه الشافعي الفاضل الأديب
الشاعر، كان من أهل الموصل وضاقت به الحال عزم على قصد الصالح بن رزيك
وزير مصر فاتصل به، ثم تقلبت به الأحوال إلى أن تولى التدريس بمدينة حمص
وأقام بها فلهذا ينسب إليها أيضا وتوفي بها سنة 581.
(ابن الديبغ)
وجيه الدين أبو عبد الله عبد الرحمن بن علي بن حمد بن عمر الشيباني الزبيدي
كان بارعا في الحديث والتفسير والفقه والعربية، كان إليه الرحلة في طلب الحديث
وقصده الطلبة من نواحي الأرض ولم يزل على الافادة وملازمة بيته ومسجده
لتدريس الحديث واشتغاله بما يعنيه عما لا يعنيه، وله بغية المستفيد في اخبار
مدينة زبيد، وتيسير الوصول إلى جامع الأصول، اختصر جامع الأصول وتمييز
الطيب من الخبيث فيما يدور على السنة الناس من الحديث إلى غير ذلك.
توفي سنة 944 (ظمد). والديبغ بتقديم المثناة على الموحدة الأبيض بلغة
النوبة ناداه به وهو صغير عبد لهم فلزمه.
(ابن الراوندي)
أبو الحسين أحمد بن يحيى بن إسحاق الراوندي البغدادي العالم المقدم
المشهور، له مقالة في علم الكلام وله مجالس ومناظرات مع جماعة من علماء الكلام،
وله من الكتب المصنفة نحو من مائة وأربعة عشر كتابا وكان عند الجمهور يرمى
بالزندقة والالحاد. وفي (ضا) وعن ابن شهرآشوب في كتابه المعالم: ان ابن
287

الراوندي هذا مطعون عليه جدا ولكنه ذكر السيد الاجل المرتضى في كتابه الشافي
في الإمامة: انه انما عمل الكتب التي قد شنع بها عليه مغالطة للمعتزلة ليبين لهم عن
استقصاء نقصانها وكان يتبرأ منها تبرءا ظاهرا وينتحي من علمها وتصنيفها إلى
غيره، وله كتب سداد مثل كتاب الإمامة والعروس، ساق (ضا) الكلام في ترجمته
وفي آخره ان صاحب رياض العلماء قال ظني ان السيد المرتضى نص على تشيعه
وحسن عقيدته في مطاوي الشافي أو غيره انتهى.
توفي سنة 245 (رمه) وراوند بفتح الواو وسكون النون قرية من قرى
قاسان وفي القاموس: راوند موضع بنواحي أصبهان وأحمد بن يحيى الراوندي
من أهل مرو الروذ انتهى.
قال ابن خلكان في ترجمة أبى الحسين أحمد بن يحيى الراوندي المذكور:
راوند قرية من قرى قاسان بنواحي أصبهان وراوند أيضا ناحية ظاهرة بنيسابور
وقال ذكروا ان رجلين من بني أسد خرجا إلى أصبهان فآخيا دهقانا بها في موضع
يقال له راوند وخزاق ونادماه فمات أحدهما وغبر (اي بقي) الآخر والدهقان ينادمان
قبره يشربان كأسين ويصبان على قبره كأسا ثم مات الدهقان فكان الأسدي
الغابر ينادم قبريهما ويترنم بهذا الشعر:
خليلي هبا طالما قد رقدتما * أجدكما لا تقضيان كراكما
أمن طول نوم لا تجيبان داعيا * كأن الذي يسقي المدام سقاكما
ألم تعلما مالي براوند كلها * ولا بخزاق من صديق سواكما
أقيم على قبريكما لست بارحا * طوال الليالي أو يجيب صداكما
وأبكيكما حتى الممات وما الذي * يريد على ذي لوعة ان بكاكما
فلو جعلت نفس لنفس وقاية * لجدت بنفسي ان تكون فداكما
أصب على قبريكما من مدامة * فالا تنالاها تروي ثراكما
وخزاق: بضم الخاء المعجمة وبعدها زاي وبعد الألف قاف قرية أخرى
288

مجاورة لها انتهى.
(أقول) ويناسب هنا ذكر قس بن ساعدة الأيادي وعكوفه على قبر أخويه
روي عن ابن عباس في حديث انه قال: لما قدم على النبي وفد إياد وذكر (ص)
قس بن ساعدة وتكلمه بسوق عكاظ بكلام عليه حلاوة، قال رجل من القوم
يا رسول الله لقد رأيت من قس عجبا! قال وما الذي رأيت؟ قال بينا انا يوما
بجبل في ناحيتنا يقال له سمعان في يوم قايظ شديد الحر إذا انا بقس بن ساعدة
في ظل شجرة عندها عين ماء وإذا حواليه سباع كثيرة وقد وردت حتى تشرب من
الماء وإذا زأر سبع منها على صاحبه ضربه بيده وقال كف حتى يشرب الذي ورد
قبلك فلما رأيته وما حوله من السباع هالني ذلك ودخلني رعب شديد فقال لي
لا بأس عليك لا تخف إن شاء الله، وإذا انا بقبرين بينهما مسجد فلما أنست به
قلت ما هذان القبران؟ قال قبر أخوين كانا لي يعبدان الله في هذا الموضع معي فماتا
فدفنتهما في هذا الموضع واتخذت فيما بينهما مسجدا أعبد الله فيه حتى الحق بهما
ثم ذكر أيامهما وفعالهما فبكى.
(قلت) وينبغي لنا نقل هذه الاشعار في هذا المقام:
زنده دلي در صف افسرد كان * رفت بهمسايكي مرد كان
حرف فناخواند زهر لوح خاك * روح بقاجست زهر روح پاك
كار شناسي پى تفتيش حال * كرداز اوبر سر راهي سؤال
كين همه از زنده رميدن چراست * رخت سوي مرده كشيدن چراست
كفت بليدان بمغاك اندرند * پاك نهادان ته خاك اندرند
مرده دلانند بروي زمين * بهرچه بأمر ده شوم همنشين
همدمي مرده دهد مردكي * صحبت افسرده دل افسردكي
زير كل انان كه پراكنده اند * كرچه بتن مرده بدل زنده اند
مرده دلي بود مرابيش أزين * بسته هرچون وچرابيش أزين
289

زنده شدم از نظر پاكشتان * آب حياتست مراخا كشان
(ابن راهويه)
أبو يعقوب إسحاق بن أبي الحسن إبراهيم بن مخلد (كجعفر) بن إبراهيم
الحنظلي المروزي المحدث الفقيه. حكي عن ابن حنبل انه قال: إسحاق عندنا امام
من أئمة المسلمين وما عبر الجسر أفضل منه، وقال: إسحاق احفظ سبعين الف حديث
وأذاكر بمائة الف حديث وما سمعت شيئا قط إلا حفظته ولا حفظت شيئا فنسيته
وكان قد رحل إلى الحجاز والعراق واليمن والشام وسمع من سفيان بن عيينة الهلالي
ومن في طبقته، وسمع منه البخاري ومسلم والترمذي أصحاب الصحاح ولد سنة
161 وسكن في آخر عمره نيسابور وتوفي بها منتصف شعبان سنة 237 (لرز).
حكي انه جرى بينه وبين الشافعي مناظرة بمكة وكان إسحاق لا يرخص في كراء
دور مكة فاحتج الشافعي بقوله تعالى (الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق) فأضيف
الديار إلى مالكها وقال رسول الله صلى الله عليه وآله يوم فتح مكة من أغلق بابه فهو آمن وقال
هل ترك لنا عقيل من ريع وقد اشترى عمر دار السجن أترى انه اشترى من
مالكيها أو غير مالكيها؟ قال إسحاق فلما علمت أن الحجة لزمتني تركت قولي.
(ثم اعلم) انه أحد المحدثين تعلقوا بلجام بغلة مولانا الرضا " ع " في مربعة
نيسابور وطلبوا منه حديثا يرويه عن آبائه الطاهرين " ع " فحدثهم الرضا بالحديث
المشهور. وراهويه بالواو المفتوحة بين الساكنتين أو بفتح الهاء لقب أب أبى الحسن
إبراهيم، وانما لقب بذلك لأنه ولد في طريق مكة، والطريق بالفارسية رآه، وويه
معناه وجد، فكأنه وجد في الطريق.
(ابن رشد)
أبو الوليد محمد بن أحمد بن محمد الأندلسي المالكي أوحد زمانه في العلم
والفضل والطب والفلسفة، له تهافت الفلاسفة وهو رد على تهافت الفلاسفة للغزالي
290

قال فيما حكي عنه: ان ما ذكره الغزالي بمعزل عن مرتبة اليقين والبرهان، وقال في
آخره لا شك ان هذا الرجل أخطأ على الشريعة كما أخطأ على الحكمة ولولا ضرورة
طلب الحق من أهله ما تكلمت في ذلك توفي سنة 595.
(ابن رشيق) انظر القيرواني
(ابن الرضا)
عيسى بن جعفر بن الإمام علي بن محمد بن علي الرضا " ع " عالم فاضل كامل،
سمع منه الحديث الشيخ الأجل أبو محمد هارون بن موسى التلعكبري في سنة 325
(شكه) واستجاز منه فأجازه. وله أخ يقال له أبو الرضا وهو محسن بن جعفر قتل
في أيام الخليفة المقتدر بالله في اعمال دمشق سنة 300 وحمل رأسه إلى بغداد وصلب
على الجسر. ولابن الرضا عيسى هذه الأبيات:
يا بني احمد أناديكم اليوم * وأنتم غدا لرد جوابي
الف باب أعطيتم ثم أفضى * كل باب منها إلى الف باب
لكم الامر كله وإليكم * ولديكم يؤول فصل الخطاب
(ابن الرفاعي) السيد أحمد الذي يأتي في الرفاعي
(ابن الرومي)
أبو الحسن علي بن العباس بن جريج (سريج خ ل) البغدادي الشاعر ذكره
بعض العلماء في شعراء الشيعة ويؤيده ما نقل من شعره:
تراب أبى تراب كحل عيني * إذا رمدت جلوت بها قذاها
تلذ لي الملامة في هواه * لذكراه وأستحلي أذاها
وعن الفصول المهمة لابن الصباغ المالكي: ان ابن الرومي كان شاعرا للإمام الهادي
" ع " ذكره عامة أهل التأريخ وأثنوا عليه انتهى.
له ديوان، وكان مشهورا بكثرة التطير وله فيه اخبار غريبة ونوادر بديعة
291

وكان أصحابه يعبثون به فيرسلون إليه من يتطير من اسمه فلا يخرج من بيته
أصلا ومن شعره:
رأيت الدهر يرفع كل وغد * ويخفض كل ذي شيم رضيفه
كمثل البحر يغرق فيه حي * ولا تنفك تطفو فيه جيفه
أو الميزان يخفض كل واف * ويرفع كل ذي زنة خفيفه
وله أيضا:
كفى بسراج الشيب في الرأس هاديا * لمن قد أضلته المنايا لياليا
وكان كرامي الليل يرمي ولا يرى * فلما أضاء الشيب شخصي رمانيا
وله في هجاء المفضل بن سلمة (سلمه بن عاصم كان صاحب الفراء وراويته)
ابن عاصم الضبي البغدادي اللغوي، صاحب المصنفات في فنون الأدب ومعاني
القرآن والد أبى الطيب محمد بن المفضل الفقيه الشافعي المتوفى سنة 308 من أهل بيت
فضلاء قوله:
لو تلففت في كساء الكسائي * وتفريت فروة الفراء
وتخللت بالخليل وأضحى * سيبويه لديك رهن سباء
وتكونت من سواد أبى الأسود * شخصا تكنى أبا السوداء
لأبي الله ان يعدك أهل ال‍ * علم إلا من جملة الأغبياء
ولا يخفى انه ليس ابن جريح المعروف فإنه عبد الملك بن عبد العزيز بن جريح
المكي، سمع جمعا من العلماء. يقال انه أول من صنف الكتب وكان أحمد بن حنبل
يقول: كان ابن جريح من أوعية العلم، وعن ابن جريح انه قال:
خلت الديار فسدت غير مسود * ومن الشقاء تفردي بالسؤدد
توفي سنة 151، وتوفي ابن الرومي سنة 283 ببغداد. وقال المسعودي وغيره ان
القسم بن عبيد الله وزير المكتفى بالله العباسي قتله بالسم.
(أقول) التطير التشاؤم من الفال الردي واشتقاقه من الطير لان أصل الزجر
292

في العرب كان من الطير كصوت الغراب فالحق به غيره وكان رسول الله يحب الفال
الحسن ويكره الطيرة واعلم أن كفارة الطيرة التوكل وعدم الاعتناء بها وان التطير
يضر من أشفق منه وخاف، واما من لم يبال به ولا يعبأ به فلا يضره البتة لا سيما
ان قال عند رؤية ما يتطير منه أو سماعه ما روي عن النبي صلى الله عليه وآله: اللهم لا طير إلا
طيرك، ولا خير إلا خيرك ولا إله غيرك، اللهم لا يأتي بالحسنات إلا أنت ولا يذهب
بالسيئات إلا أنت، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. واما من كان معتنيا
بها فهي أسرع إليه من السيل إلى منحدره تفتح له أبواب الوساوس فيما يسمعه
ويراه ويفتح له الشيطان من المناسبات البعيدة والقريبة في اللفظ والمعنى كالسفر
والحلاء من السفرجل. واليأس. والمين من الياسمين وسوء سنة من السوسنة وأمثال
ذلك ما يفسد عليه دينه وينكد عليه معيشته فليتوكل الانسان على الله تعالى في
جميع أموره ولا يتكل على سواه وليقل ما روى عن أبي الحسن " ع " لمن أوجس في
نفسه شيئا: اعتصمت بك يا رب من شر ما أجد في نفسي فاعصمني من ذلك.
(ابن الزبعرى)
بكسر الزاي وفتح الموحدة وسكون العين اسمه عبد الله وهو أحد شعراء
قريش، كان يهجو المسلمين ويحرض عليهم كفار قريش في شعره وهو الذي يقول
في غزوة أحد:
يا غراب البين أسمعت فقل * انما تندب شيئا قد فعل
الأبيات. وهي التي تمثل بها يزيد لما جئ برأس الحسين " ع " والأسارى
من أهل بيته فوضع الرأس بين يديه ودعا بقضيب خيزران فجعل ينكت به ثنايا
الحسين " ع " متمثلا:
ليت أشياخي ببدر شهدوا * جزع الخزرج من وقع الأسل
وكان أبو الزبعرى يهجو النبي صلى الله عليه وآله ويعظم القول فيه. وقصته في الفرث والدم
293

تقدم في أبو طالب مشهورة فهرب يوم فتح مكة ثم رجع إلى رسول الله واعتذر
فقبل صلى الله عليه وآله عذره فقال ابن الزبعري في أبيات كثيرة يعتذر فيها:
اني لمعتذر إليك من الذي * أسديت إذ أنا في الضلال أهيم
فاغفر فدا لك والداي كلاهما * زللي فإنك راحم مرحوم
ولقد شهدت بأن دينك صادق * حق وانك في العباد جسيم
روي أنه لما نزل قوله تعالى (انكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم)
قال ابن الزبعرى: اما والله لو وجدت محمدا (ص) في المجلس لخصمته فاسألوا محمدا
اكل ما يعبد من دون الله في جهنم مع من عبده؟ فنحن نعبد الملائكة، واليهود
تعبد عزيرا، والنصارى تعبد عيسى " ع " فأخبر النبي فقال: يا ويل أمه اما علم أن
(ما) لما لا يعقل و (من) لمن يعقل فنزل (ان الذي سبقت لهم منا الحسنى أولئك
عنها مبعدون).
(ابن الزبير)
عبد الله بن الزبير بن العوام أمه أسماء ذات النطاقين بنت أبي بكر كان من
المبغضين لأمير المؤمنين " ع " كان يبغض بني هاشم ويلعن ويسب أمير المؤمنين " ع "
وروي انه بقي أربعين يوما لا يصلي عن النبي في خطبته حتى التاث عليه الناس
فقال إن له صلى الله عليه وآله أهل بيت سوء إذا ذكرته اشرأبت نفوسهم إليه
وفرحوا بذلك فلا أحب ان أقر أعينهم بذلك. قتله الحجاج بمكة 17 ج 2 سنة 73
(عج) وصلبه وقد أشار إلى ذلك أمير المؤمنين " ع " في الاخبار الغيبية بقوله: فيه
خب ضب يروم أمرا فلا يدركه ينصب حبالة الدين لاصطياد الدنيا وهو بعد
مصلوب قريش.
قال ابن قتيبة في المعارف: لما خرج ابن الزبير وقوتل زمانا قال الحجاج
لعبد الملك انى رأيت في منامي كأني أسلخ عبد الله بن الزبير فوجهني إليه فوجهه
294

في الف رجل وأمره ان ينزل الطائف حتى يأتيه رأيه ثم كتب إليه بقتاله وأمره
فحاصره حتى قتله ثم أخرجه فصلبه وذلك في سنة 73 (عج) انتهى.
وتقدم ذكر والده في ابن جرموز. وكان أخوه عروة بن الزبير أحد الفقهاء
السبعة بالمدينة حكي انه قدم على الوليد بن عبد الملك بن مروان ومعه ولده محمد بن عروة
فدخل محمد دار الدواب فضربته دابة فخر ميتا ووقعت في رجل عروة الاكلة ولم
يدع ورده تلك الليلة فقال له الوليد اقطعها وإلا أفسدت عليك جسدك فقطعها
بالمنشار وهو شيخ كبير ولم يمسكه أحد وقال: لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا.
وقدم تلك السنة قوم من بنى عبس فيهم رجل ضرير فسأله الوليد عن عينيه فقال
يا أمير المؤمنين بت ليلة في بطن واد ولا اعلم عبسيا يزيد ماله على مالي فطرقنا سيل
فذهب بما كان لي من أهل وولد ومال غير بعير وصبي مولود، وكان البعير صعبا
فند فوضعت الصبي واتبعت البعير فلم أجاوز إلا قليلا حتى سمعت صيحة ابني
ورأسه في فم الذئب وهو يأكله فلحقت البعير لأحبسه فنفحني برجله على وجهي
فحطمه وذهب بعيني فأصبحت لا مال لي ولا أهل ولا ولد ولا بصر، فقال الوليد
انطلقوا به إلى عروة ليعلم ان في الناس من هو أعظم منه بلاءا، توفي في فرع وهي
من ناحية الربذة بينها وبين المدينة أربع ليال سنة 93 (ثم اعلم) ان ابن الزبير
غير عبد الله بن الزبير بفتح الزاي الأسدي الذي مدح إبراهيم بن مالك الأشتر في
قتله ابن زياد بقوله:
الله أعطاك المهابة والتقى * وأحل بيتك في العديد الأكثر
وأقر عينك يوم وقعة خاذر * والخيل تعثر بالقنا المتكسر
الأبيات. (وقد يطلق ابن الزبير) على الشيخ أبى الحسن علي بن محمد بن
الزبير القرشي الكوفي الامامي، المتولد في سنة 254 والمتوفى سنة 348 صاحب
كتاب الرجال الذي كان عند ابن النديم وأكثر النقل عنه، يروي عنه ابن عبدون
وهو يروي عن علي بن فضال.
295

(ابن الزبير الغساني)
أبو الحسين أحمد بن علي بن إبراهيم بن محمد بن الحسين بن الزبير الغساني
الأسواني المصري الشاعر المعروف والملقب بالرشيد بن الزبير في مقابلة الرشيد الوطواط
والرشيد الفارقي، كان كاتبا شاعرا فقيها نحويا لغويا جامعا لفنون كثيرة، وكان من بيت
كبير بصعيد مصر، له تآليف ونظم ونثر، ولي النظر بثغر الإسكندرية والدواوين
السلطانية بمصر ثم سافر إلى اليمن وتقلد قضاءها وتلقب بقاضي قضاة اليمن وداعي
دعاة الزمن، ثم سمت نفسه إلى رتبة الخلافة فأجابه قوم إليها ونقشت له السكة
ثم قبض عليه ثم أطلق وصار عاقبة امره انه قتل وصلب وذلك في المحرم سنة 563
(تجس). وينسب إليه:
خذوا بيدي يا أهل بيت محمد * إذا زالت الاقدام في غدوة الغد
أبى القلب إلا حبكم وولاءكم * وما ذاك إلا من طهارة مولدي
(قلت) ان كان هذا الشعر له فيشهد على تشيعه.
وعن ياقوت الحموي قال: حدثني الشريف محمد بن عبد العزيز قال: كنا
نجتمع في منزل واحد منا وكان الرشيد لا ينقطع عنا فغاب عنا يوما وكان ذلك
في عنفوان شبابه ثم جاء وقد مضى معظم النهار فقلت له ما أبطأك عنا؟ فتبسم وقال
لا تسألوا عما جرى فقلنا له لابد ان تخبرنا فقال مررت اليوم بالموضع الفلاني
وإذا بامرأة شابة قد نظرت إلي نظرة مطمع في نفسها فتوهمت انى وقعت منها
بموقع ونسيت نفسي، فأشارت إلي بطرفها فتبعتها، وهي تدفع في سكة وتخرج
من أخرى حتى دخلت دارا وأشارت إلي فدخلت فرفعت النقاب عن وجه كالقمر
في ليلة تمامه ثم صفقت بيدها منادية يا بنت الدار فنزلت إليها طفلة كأنها فلقة قمر
فقالت لها ان رجعت تبولين في الفراش تركت سيدنا القاضي يأكلك ثم التفتت
إلي وقالت لا أعدمني الله تفضلك يا سيدنا القاضي فخرجت وانا حزين خجل
لا اهتدي الطريق. الغساني نسبة إلى غسان قبيلة كبيرة من الأزد شربوا من ماء
296

غسان وهو باليمن فسموا به. والأسواني بضم الهمزة وسكون السين، وحكي عن
السمعاني فتح الهمزة نسبة إلى أسوان بلدة بصعيد مصر.
(ابن الزرقاء)
مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس، كان مولده سنة
اثنتين من الهجرة وكان أبوه أسلم عام الفتح ونفاه رسول الله صلى الله عليه وآله إلى الطائف لأنه
كان يتجسس عليه فسمي طريد رسول الله، ورآه النبي يوما يمشي ويلجلج في
مشيه كأنه يحكيه فقال له كن كذلك فما زال كذلك إلى أن مات، ولم يزل كان
بالطائف إلى أن ولي عثمان فرده إلى المدينة لأنه عمه، فكان ذلك مما أنكر الناس
عليه وتوفي في خلافة عثمان فصلى عليه. قال ابن الأثير وقال أيضا: وقد رويت
اخبار كثيرة في لعنه ولعن من في صلبه وقال وكان يقال لمروان ولولده بنو الزرقاء
يقول ذلك من يريد ذمهم وعيبهم، وهي الزرقاء بنت موهب جدة مروان بن الحكم
لأبيه وكانت من ذوات الرايات التي يستدل بها على ثبوت البغاء فلهذا كانوا
يذمون بها.
(أقول) ثم أصلح ابن الأثير ذلك بقوله: ولعل هذا كان منها قبل ان
يتزوجها أبو العاص بن أمية والد الحكم فإنه كان من اشراف قريش ولا يكون هذا
من امرأة له وهي عنده والله أعلم انتهى.
روى الحاكم عن عبد الرحمن بن عوف قال: كان لا يولد لأحد مولود إلا
اتى به رسول الله صلى الله عليه وآله فيدعو له فادخل عليه مروان بن الحكم فقال هو الوزغ
ابن الوزغ الملعون ابن الملعون ثم قال صحيح الاسناد وكان هلاك مروان سنة 45
وسبب هلاكه ان زوجته أم خالد بنت أبي هاشم بن عتبة وكانت قبل زوجة يزيد
غضبت عليه غطته بوسادة لما كان نائما عندها فقعدت على وجهه فقتلته، ولما توفي
قام بعده عبد الملك بن مروان وقد تقدم ذكره في أبو الذبان.
297

(ابن زكى الدين)
محيي الدين أبو المعالي محمد بن أبي الحسن علي بن محمد بن يحيى العثماني
الدمشقي الفقيه الشافعي، كان ذا فضائل عديدة من الفقه والأدب وغيرهما وله النظم
والخطب والرسائل وتولى القضاء بدمشق وكذلك أبوه وجده وولداه كانوا قضاتها
ولما ملك السلطان صلاح الدين فوض الحكم والقضاء بها إليه ولما فتح القدس امره
السلطان ان يخطب وحضر السلطان وأعيان دولته وذلك في أول جمعة صليت بالقدس
بعد الفتح فقرأ التحميدات القرآنية ثم قال: الحمد لله معز الاسلام بنصره ومذل
الشرك بقهره، الخطبة بطولها. توفي بدمشق سنة 598.
(ابن زولاق)
بضم الزاي وسكون الواو أبو محمد الحسن بن إبراهيم بن الحسين بن الحسن
ابن علي الليثي المصري المؤرخ الفاضل صاحب كتاب خطط مصر في التأريخ،
وكتاب اخبار قضاة مصر. توفي سنة 387 (شفز). وكان جده الحسن بن علي
من العلماء المشاهير. والليثي نسبة إلى ليث بن كنانة وهي قبيلة كبيرة.
(ابن زهر)
(كقفل) أبو بكر محمد بن عبد الملك بن زهر بن أبي مروان عبد الملك بن
محمد بن مروان بن زهر الأيادي الأندلسي الإشبيلي، كان من أهل بيت كلهم
علماء رؤساء حكماء وزراء، وكان ابن زهر طبيبا مشهورا وكان شاعرا أديبا لغويا
مات آخر سنة 595 (ثصه) وأوصى انه إذا مات يكتب على قبره هذه الأبيات
وفيها إشارة إلى طبه ومعالجته للناس وهي:
تأمل؟ بحقك يا واقفا * ولاحظ مكانا دفعنا إليه
تراب الضريح على وجنتي * كأني لم امش يوما عليه
أداوي الأنام حذار المنون * وها أنا قد صرت رهنا لديه
298

قال ابن شحنة في روضة المناظر: في سنة 596 توفي محمد بن عبد الملك بن
زهر الطبيب الأندلسي وهو الذي قيل فيه:
قل للوباء أنت وابن زهر * جاوزتما الحد في النكاية
ترفقا بالورى قليلا * في واحد منكما كفاية
(ابن زهرة)
أبو المكارم حمزة بن علي بن زهرة الحسيني الحلبي العالم الفاضل الجليل الفقيه
الوجيه صاحب المصنفات الكثيرة في الإمامة والفقه والنحو وغير ذلك منها: غنية
النزوع إلى علمي الأصول والفروع وقبس الأنوار في نصرة العترة الأطهار. هو
وأبوه وجده وأخوه أبو القاسم عبد الله بن علي صاحب التجريد في الفقه وابنه محمد
ابن عبد الله كلهم من أكابر فقهائنا وبيتهم بيت جليل بحلب. توفي أبو المكارم بن
زهرة سنه 585 (ثفه) في سن أربع وسبعين وقبره بحلب بسفح جبل جوشن عند
مشهد السقط.
وفي كتاب غاية الاختصار (1) ان له تربة معروفة مكتوب عليها اسمه ونسبه
إلى الإمام الصادق " ع " وتأريخ موته أيضا انتهى.
يروي عنه شاذان بن جبرئيل والشيخ محمد بن إدريس والشيخ معين الدين
المصري وابن أخيه السيد النحرير العالم المعظم محيي الملة والدين أبو حامد نجم
الاسلام محمد بن أبي القسم عبد الله بن علي بن زهرة صاحب كتاب الأربعين في
حقوق الاخوان الذي نقل منه الشهيد الثاني في كشف الريبة رسالة مولانا الصادق
عليه السلام إلى النجاشي والي الأهواز. ويروي أبو المكارم عن والده وغيره عن جماعة
كثيرة منهم: السيد الجليل العالم الفقيه أبو منصور محمد بن الحسن بن منصور
النقاش عن أبي علي بن شيخ الطائفة. ومنهم: الشيخ الفقيه أبى عبد الله الحسين بن

(1) طبع في النجف في المطبعة الحيدرية.
299

طاهر بن الحسين عن الشيخ أبي الفتوح. (أقول) ويأتي في الحلبي ما يتعلق به.
(ابن الزيات)
محمد بن عبد الملك الزيات وزير المعتصم والواثق، كان كاتبا بليغا ذا فضل
ماهر. وله اشعار رائقة وديوان رسائل، وكان قد هجا القاضي أحمد بن داود
بتسعين بيتا فعمل فيها القاضي بيتين وهما:
أحسن من تسعين بيتا سدى * جمعك مسناهن في بيت
ما أحوج الملك إلى مطرة * تغسل عنه وضر الزيت
وكان ابن الزيات قد اتخذ في أيام وزارته تنورا من حديد وأطراف مساميره
محدودة إلى داخل وهي قائمة مثل رؤوس المسال، وكان يعذب فيه المصادرين وأرباب
الدواوين المطلوبين بالأموال فكيفما انقلب واحد منهم أو تحرك من حرارة العقوبة
تدخل المسامير في جسمه، فيجدون لذلك أشد الألم، ولم يسبقه أحد لهذه المعاقبة.
فلما تولى المتوكل الخلافة اعتقل ابن الزيات، وامر بادخاله التنور وقيده بخمسة
عشر رطلا من الحديد فأقام في التنور أربعين يوما ثم مات وذلك في سنة 233 (رجل)
قال المسعودي: انه قال للموكل به ان يأذن له في دواة وبطاقة ليكتب فيها
ما يريد فاستأذن المتوكل في ذلك فأذن له فكتب:
هي السبيل فمن يوم إلى يوم * كأنه ما تريك العين في نوم
لا تجز عن رويدا انها دول * دنيا تنقل من قوم إلى قوم
قال وتشاغل المتوكل في ذلك اليوم فلم تصل الرقعة إليه، فلما كان الغد قرأها
فامر باخراجه فوجده ميتا. قال ابن خلكان: قال احمد الأحول لما قبض علي بن
الزيات تلطفت إلى أن وصلت إليه فرأيته في حديد ثقيل فقلت له يعز علي
ما أرى فقال:
سل ديار الحمى من غيرها * وعفاها ومحا منظرها
300

وهي الدنيا إذا ما أقبلت * صيرت معروفها منكرها
إنما الدنيا كخلل زائل * نحمد الله الذي قدرها
ولما جعل في التنور قال له خادمه: يا سيدي قد صرت إلى ما صرت إليه وليس
لك حامد انتهى، وقال ابن الأثير في الكامل فلما مات حضره أبناء سليمان وعبيد الله
وكانا محبوسين وطرح على الباب في قميصه الذي حبس فيه فقال: الحمد لله الذي
أراح من هذا الفاسق وغسلاه على الباب ودفناه فقيل ان الكلاب نبشته وأكلت
لحمه. (وقد يطلق ابن الزيات) على شمس الدين أبي عبد الله محمد بن ناصر الدين
محمد بن عبد الله الأنصاري، صاحب الكواكب السيارة في ترتيب الزيارة في الفرافتين
الكبرى والصغرى توفي سنة 814.
(ابن زياد)
هو عبيد الله بن مرجانة (1) الزانية التي أشار إليها أمير المؤمنين " ع " بقوله
لميثم التمار: ليأخذنك العتل الزنيم ابن الأمة الفاجرة عبيد الله بن زياد. وأبوه زياد
يقال له زياد بن أمة وتارة زياد بن سمية ومرة زياد بن أبيه ولما استلحقه معاوية يقال
له زياد بن أبي سفيان، وكان يقال له أبو المغيرة وكان مع أمير المؤمنين في مشاهده
ومع الحسن بن علي " ع " إلى زمان صلحه مع معاوية ثم لحق معاوية، قال ابن
أبي الحديد: روى أبو جعفر محمد بن حبيب قال كان علي " ع " قد ولى زيادا قطعة
من اعمال فارس واصطنعه لنفسه فلما قتل علي " ع " بقي زياد في عمله وخاف معاوية
جانبه وأشفق من ممالاته الحسن " ع " فكتب إليه كتابا يهدده ويوعده ويدعوه إلى
بيعته فأجابه زياد بكتاب أغلظ منه فشاور معاوية في ذلك المغيرة بن شعبة فأشار عليه

(1) أشار السراقة الباهلي بقوله:
لعن الله حيث حل زيادا * وابنه والعجوز ذات البعول
301

بأن يكتب إليه كتابا يستعطفه فيه ويذهب المغيرة بالكتاب إليه فلما اتاه أرضاه،
واخذ منه كتابا يظهر فيه الطاعة بشروط فأعطاه معاوية جميع ما سأله، وكتب
إليه بخط يده ما وثق به فدخل إليه الشام وقربه وأدناه وأقره على ولايته ثم استعمله
على العراق. وقال المدائني: لما أراد معاوية استلحاق زياد وقد قدم عليه الشام
جمع الناس وصعد المنبر واصعد زيادا معه على مرقاة تحته وحمد الله وأثنى عليه ثم
قال: أيها الناس اني عرفت شبهنا أهل البيت في زياد، فمن كان عنده شهادة فليقم
بها فقام الناس فشهدوا انه من أبى سفيان وانهم سمعوه أقر به قبل موته، فقام
أبو مريم السلولي وكان خمارا في الجاهلية فقال اشهد يا أمير المؤمنين ابن أبا سفيان
قدم علينا بالطائف فأتاني فاشتريت له لحما وخمرا وطعاما فلما اكل قال يا أبا مريم أصب
لي بغيا فخرجت فاتيت سمية فقلت لها ان أبا سفيان من قد عرفت شرفه وجوده
وقد امرني ان أصيب له بغيا فهل لك؟ فقالت نعم يجئ الآن عبيد بغنمه وكان
راعيا فإذا تعشى ووضع رأسه اتيت فرجعت إلى أبى سفيان فأعلمته فلم يلبث ان
جاءت تجر ذيلها فدخلت معه، فلم تزل عنده حتى أصبحت فقلت له لما انصرفت
كيف رأيت صاحبتك؟ فقال خير صاحبة لولا ذفر في إبطيها فقال زياد من فوق
المنبر: يا أبا مريم لا تشتم أمهات الرجال فتشتم أمك. فلما انقضى كلام معاوية
ومناشدته قام زياد فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أيها الناس ان معاوية والشهود
قد قالوا ما سمعتم ولست أدري حق هذا من باطله وهو والشهود اعلم بما قالوا
وانما عبيد أب مبرور وآل مشكور ثم نزل انتهى.
ولما استلحقه معاوية كان يقال له زياد بن أبي سفيان. فحكي عن الجاحظ
انه قال: ان زيادا مر وهو والي البصرة بأبي العريان العدوي وكان شيخا مكفوفا
ذا لسن وعارضة شديدة فقال أبو العريان ما هذه الجلبة؟ قالوا زياد بن أبي سفيان
فقال ما ترك أبو سفيان إلا فلانا وفلانا من أين جاء زياد؟ فبلغ ذلك زياد فأرسل
إليه مائتي دينار فقال له الرسول ابن عمك زياد الأمير أرسل إليك هذه، قال وصلته
302

رحم اي والله ابن عمي حقا ثم مر به زياد من الغد في موكبه، فسلم عليه فبكى
أبو العريان فقيل له ما يبكيك؟ قال عرفت صوت أبي سفيان في صوت زياد فبلغ
ذلك معاوية فكتب إلى ابن العريان:
ما لبثتك الدنانير التي بعثت * أن لونتك أبا العريان ألوانا
أمسى إليك زياد في أرومته * نكرا فأصبح ما أنكرت عرفانا
لله در زياد لو تعجلها * كانت له دون ما يخشاه قربانا
فقال أبو العريان اكتب جوابه يا غلام:
أحدث لنا صلة تحيى النفوس بها * قد كدت يا ابن أبي سفيان تنسانا
اما زياد فقد صحت مناسبه * عندي فلا ابتغي في الحق بهتانا
من يسد خيرا يصبه حين يفعله * أو يسد شرا يصبه حيثما كانا
وقال في ذلك عبد الرحمن بن الحكم أخو مروان:
ألا أبلغ معاوية بن حرب * لقد ضاقت بما تأتي اليدان
أتغضب ان يقال أبوك عف * وترضى ان يقال أبوك زان
فاشهد ان رحمك من زياد * كرحم الفيل من ولد الأتان
واشهد انها حملت زيادا * وصخر من سمية غير دان
فبلغ معاوية فغضب على عبد الرحمن وقال لا أرضى عنه حتى يأتي زيادا
فيترضاه ويعتذر فاتاه فأنشده من الأبيات:
إليك أبا المغيرة تبت مما * جرى بالشام من خطل اللسان
عرفت الحق بعد ضلال رأيي * وبعد الغي من زيغ الجنان
زياد من أبى سفيان غصن * تهادى ناظرا بين الجنان
وان زيادا من آل حرب * أحب إلي من وسطي بنان
ألا أبلغ معاوية بن حرب * لقد ظفرت بما تأتي اليدان
فقال معاوية ولحى الله زيادا لم ينتبه لقوله: (ان زيادا من آل حرب) انتهى
303

قال ابن شحنة الحنفي في الروضة: في سنة 44 استلحق معاوية زيادا وأثبت
نسبه من أبى سفيان بشهادة أبى مريم الحمار انه زنى بسمية البغي وحملت منه وكان
زياد ثابت النسب من عبيد الرومي وشق ذلك على بني أمية، ثم ولاه معاوية البصرة
والكوفة وخراسان وسمنان والهند والبحرين وعمان، وظلم وفجر وقويت به شوكة
معاوية وكان معاوية وعماله يسبون عليا " ع " على المنابر، وكان من عادة حجر
ابن عدي إذا سبوا عليا عارضهم وأثنى عليه ففعل كذلك في إمرة زياد بالكوفة
فأمسكه وأرسل به مع جماعة من أصحابه إلى معاوية فامر بقتله وثمانية من جماعته
فقتلوا بقرية عذراء وعظم ذلك على المسلمين انتهى.
(أقول) حجر بن عدي الكندي بضم الحاء وسكون الجيم من أصحاب
أمير المؤمنين " ع " وكان من الابدال ويعرف بحجر الخير وكان معروفا بالزهد
وكثرة العبادة والصلاة. روي أنه كان يصلي في اليوم والليلة الف ركعة بل كان
من فضلاء الصحابة ومع صغر سنه من كبارهم وكان على كندة يوم صفين وعلى
الميسرة يوم النهروان، قتله معاوية سنة 51، وقد ذكرت مقتله في كتاب نفس
المهموم. قال ابن قتيبة: حجر بن عدي (ره) يكنى أبا عبد الرحمن وكان وفد إلى
النبي صلى الله عليه وآله وشهد القادسية وشهد الجمل وصفين مع علي فقتله معاوية بمرج عذراء
مع عدة، وكان له ابنان يتشيعان يقال لهما عبد الله و عبد الرحمن قتلهما مصعب
ابن الزبير صبرا، وقتل حجر سنة 53 ثلاث وخمسين انتهى.
قال ابن الأثير: وقبره مشهور بعذراء وكان مجاب الدعوة.
(قلت) عذراء بفتح المهملة وسكون المعجمة قرية بغوطة دمشق وقد زرت
قبره في سنة 1355 ه‍. وما ورد في مدح حجر والانكار على معاوية في قتله أكثر
من أن يذكر، كما أن ما جرى من زياد على شيعة أمير المؤمنين " ع " لما ولاه
معاوية العراقين من الظلم والعدوان أكثر من أن يحيط به القلم والبيان. هلك
بالكوفة في شهر رمضان سنة 53 بالفالج أو بالطاعون بدعاء الحسن بن علي " ع ".
304

قال ابن خلكان في ترجمة الحجاج ويقال ان زياد بن أبيه أراد ان يتشبه
بأمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه في ضبط الأمور والحزم والصرامة
وإقامة السياسات إلا أنه أسرف وتجاوز الحد، وأراد الحجاج ان يتشبه بزياد
فأهلك ودمر انتهى.
واما ابن زياد وولايته على الكوفة وما جرى منه على الحسين بن علي " ع "
وأهل بيته وشيعته فهو أشهر من أن يذكر. قتله إبراهيم بن الأشتر على نهر الخازر
بالموصل واحتز رأسه واستوقد عامة الليل بجسده. حكي ان قتله كان يوم عاشوراء
سنة 67 ه‍ وكان عمره لعنه الله دون الأربعين.
(ابن زيدون) انظر أبو الوليد بن زيدون
(ابن زينب) انظر الآبي
(ابن الساعاتي)
مظفر الدين أحمد بن علي بن تغلب البعلبكي البغدادي، الحنفي لقب
ابن الساعاتي لكون أبيه هو الذي عمل الساعات المشهورة على باب المستنصرية كان
من كبار فقهاء الحنفية، له مجمع البحرين في الفقه، توفي سنة 694 (خصد).
(وقد يطلق على بهاء الدين) علي بن رستم بن هردوز المصري الشاعر المشهور،
له دواوين من الشعر توفي بالقاهرة سنة 604 (خد).
(ابن الساعي)
تاج الدين علي بن أنجب بن عثمان بن عبد الله البغدادي خازن الكتب
للمستنصر العباسي، قرأ القراءات على العكبري وصحب ابن النجار واخذ عنه،
وسمع الحديث من جماعة، وكان فقيها محدثا مؤرخا شاعرا أديبا، صنف تأريخا
كبيرا بلغ فيه إلى آخر سنة 656 يتضمن تأريخ الخلفاء العباسيين. توفي سنة 674
(خدع). وتقدم في ابن الأخضر ان صاحب كشف الغمة علي بن عيسى الأربلي
305

يروي كتاب معالم العترة النبوية عن تاج الدين علي بن أنجب ابن الساعي عن مصنفه
الجنابذي الحافظ.
(ابن السراج)
أبو بكر محمد بن السري بن السهل النحوي، أحد أئمة الأدب اخذ عن أبي
العباس المبرد، واخذ منه جماعة منهم السيرافي والرماني، ونقل عنه الجوهري في
كتاب الصحاح، له مصنفات في النحو. توفي سنة 316 (شيو). والسراج بفتح
السين وتشديد الراء هذه النسبة إلى عمل السروج.
(ابن سريج)
مصغرا القاضي أبو العباس أحمد بن عمر بن سريج الفقيه الفارسي الشيرازي
الشافعي المشهور أحد المجتهدين على مذهب الشافعي، يقال له الباز الأشهب، ولي
القضاء بشيراز، وكان يفضل على جميع أصحاب الشافعي حتى على المزني وان فهرست
كتبه كان يشتمل على أربعمائة كتاب توفي ببغداد سنة 306 (شو).
(ابن سعد)
إذا أطلق في بعض المقامات، فهو أبو عبد الله محمد بن سعد الزهري البصري
كاتب الواقدي صاحب طبقات (1) الصحابة والتابعين والخلفاء في خمس عشرة مجلدة
كان أحد الفضلاء الاجلاء صحب الواقدي الذي يأتي ذكره إن شاء الله تعالى
وكتب له فعرف به وكان كثير العلم غزير الحديث والرواية كثير الكتب ينقل
منه السبط ابن الجوزي كثيرا في التذكرة. توفي ببغداد سنة 230 (رل). (وقد
يطلق ابن سعد) على قاتل الحسين بن علي " ع " عمر بن سعد بن أبي وقاص مالك بن
أهيب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب القرشي قتله المختار سنة 65، قال ابن نما
في رسالة شرح الثار: وقد كان الحسين " ع " دعا عليه ان يذبح على فراشه عاجلا

(1) وللسيد الاجل قريش بن مهنا كتاب المختار من الطبقات.
306

ولا يغفر الله له يوم الحشر، وقال له في احتجاجه عليه أنت تقتلني تزعم أن يوليك
الدعي ابن الدعي بلاد الري وجرجان، والله لا تتهنأ بذلك ابدا عهدا معهودا فاصنع
ما أنت صانع فإنك لا تفرح بعدي بدنيا ولا آخرة، كأني برأسك على قصبة قد
نصب بالكوفة يتراماه الصبيان ويتخذونه غرضا بينهم. فصار كما قال عليه السلام.
قال ابن حجر في التقريب: عمر بن سعد بن أبي وقاص المدني نزيل الكوفة
صدوق لكنه مقته الناس لكونه كان أميرا على الجيش الذين قتلوا الحسين بن علي
من الثانية قتله المختار سنة خمس وستين أو بعدها ووهم من ذكره في الصحابة فقد
جزم ابن معين بأنه ولد يوم مات عمر بن الخطاب انتهى.
(قوله) من الثانية أي من الطبقة الثانية والمراد بها كبار التابعين كابن
المسيب فعلم أن ابن سعد عند ابن حجر صدوق منزلته منزلة سعيد بن المسيب الذي
اتفقوا على أن مرسلاته أصح من المسانيد. وقال الذهبي في ميزان الاعتدال: عمر
ابن سعد بن أبي وقاص الزهري هو في نفسه غير متهم لكنه باشر قتال الحسين " ع "
وفعل الأفاعيل روى شعبة عن أبي إسحاق عن العيزار بن حريث عن عمر بن سعد
فقام إليه رجل فقال اما تخاف الله تروي عن عمر بن سعد فبكى وقال لا أعود.
وقال العجلي: روى عنه الناس تابعي ثقة وقال أحمد بن زهير سألت ابن معين أعمر بن
سعد ثقة؟ فقال كيف يكون من قتل الحسين " ع " ثقة؟ قتله المختار سنة 65 انتهى
واما أبوه الذي ينسب إليه سعد بن أبي وقاص هو الذي تخلف عن بيعة
أمير المؤمنين " ع " وكتب أمير المؤمنين إلى والي المدينة لا تعطين سعدا ولا ابن
عمر من الفئ شيئا وكان سعد ممن يروم الخلافة بنفسه وقد عرض بذلك عند
معاوية فقال له يأبى ذلك بنو عذرة وضرط له معرضا لسعد بمدخولية نسبه في
قريش ولا يكون الخليفة إلا قرشيا، وكان سعد فيما يقال لرجل من بني عذرة وفي
ذلك يقول السيد الحميري:
سائل قريشا بها إن كنت ذا عمه * من كان أثبتها في الدين أوتادا
307

من كان أقدمها سلما وأكثرها * علما وأطهرها أهلا وأولادا
من وحد الله إذ كانت تكذبه * تدعو مع الله أوثانا وأندادا
من كان يقدم في الهيجاء إن نكلوا * عنها وإن يخلوا في أزمة جادا
إن يصدقوك فلم يعدوا أبا حسن * إن أنت لم تلق للأبرار حسادا
إن أنت لم تلق من تيم أخا صلف * ومن عدي لحق الله جحادا
أو من بنى عامر أو من بني أسد * رهط العبيد وذي جهل وأوغادا
أو رهط سعد وسعد كان قد علموا * عن مستقيم صراط الله صدادا
قوم تداعوا زنيما ثم سادهم * لولا خمول بني زهر لما سادا
وكان سعد أحد العشرة المبشرة عند العامة واحد أصحاب الشورى قال
الذهبي في محكي تذكرة الحفاظ: كان سعد أول من رمى بسهم في سبيل الله وكان
سعد مجاب الدعوة له مناقب جمة وجهاد عظيم وفتوحات كبار ووقع في نفوس
المؤمنين اعتزل الفتنة ولم يقاتل مع علي ومعاوية ثم كان علي عليه السلام يغبطه
على ذلك انتهى.
لا يخفى ان هذا القول لم يقبله من له أدنى مرور على التواريخ والاخبار.
قال ابن عبد البر سئل علي " ع " عن الذين قعدوا عن بيعته ونصرته والقيام معه
قال عليه السلام: هؤلاء قوم خذلوا الحق ولم ينصروا الباطل. أفيلصق بقلب أحد
ان أمير المؤمنين عليا " ع " الذي كان مع الحق والحق معه كان يغبط على خذلان
الحق نعوذ بالله من خذلان الحق وترك الصدق ونصر الباطل. وذكر أبو الفرج
في مقاتل الطالبيين: ان الحسن بن علي " ع " بعد صلحه لمعاوية انصرف إلى المدينة
فأقام بها وأراد معاوية البيعة لابنه يزيد فلم يكن شئ أثقل عليه من أمر الحسن
ابن علي وسعد بن أبي وقاص فدس إليهما سما فماتا منه. وروي عنه قال سمعت
رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: لعلي " ع " ثلاث فلئن يكون لي واحدة منهن أحب إلي
من حمر النعم. ثم ذكر حديث المنزلة والراية والمباهلة وذكر المسعودي في مروج
308

الذهب في اخبار النعمان بن المنذر وقتل كسرى إياه قال: وقد كانت خرقاء بنت
النعمان بن المنذر إذا خرجت إلى بيعتها يفرش لها طريقها بالحرير والديباج مغشى
بالخز والوشي ثم تقبل في جواريها حتى تصل إلى بيعتها وترجع إلى منزلها فلما هلك
النعمان نكبها الزمان فانزلها من الرفعة إلى الذلة ولما وفد سعد بن أبي وقاص القادسية
أميرا عليها وهزم الله الفرس وقتل رستم فاتت خرقاء بنت النعمان في حفدة من قومها
وجواريها وهن في زيها عليهن المسوح والمقطعات السود مترهبات تطلب صلته فلما
وقفن بين يديه أنكرهن سعد فقال أيكن خرقاء؟ قالت ها انا ذه، قال أنت
خرقاء؟ قالت نعم فما تكرارك في استفهامي؟ ثم قالت: ان الدنيا دار زوال
ولا تدوم على حال، تنقل أهلها انتقالا وتعقبهم بعد حال حالا، كنا ملوك هذا
المصر يجبى لنا خراجه ويطيعنا أهله مدى المدة وزمان الدولة، فلما أدبر الامر
وانقضى صاح بنا صائح الدهر، يا سعد انه ليس يأتي قوما بمسرة إلا ويعقبهم
بحسرة، ثم أنشأت تقول:
فبينا نسوس الناس والامر أمرنا * إذا نحن فيهم سوقة ليس نعرف
فأف لدنيا لا يدوم نعيمها * تقلب تارات بنا وتصرف
فأكرمها سعد وأحسن جائزتها، ثم خرجت من عنده فلقيها نساء المدينة فقلن لها
ما فعل بك الأمير؟ قالت أكرم وجهي، انما يكرم الكريم الكريما.
(ابن سعيد الحلي)
أبو زكريا يحيى بن أحمد بن يحيى بن الحسن بن سعيد الهذلي العالم الفاضل
الفقيه الورع الزاهد الأديب النحوي المعروف بالشيخ نجيب الدين ابن عم المحقق
الحلي وسبط صاحب السرائر رضوان الله عليهم أجمعين. قال ابن داود في حقه:
شيخنا الامام العلامة الورع القدوة جامع فنون العلم الأدبية والفقهية والأصولية
أورع فضلاء زماننا وأزهدهم انتهى.
309

له كتاب الجامع للشرائع ونزهة الناظر وغير ذلك. يروي عنه العلامة الحلي
السيد عبد الكريم بن طاوس. تولد سنة 601 (خا) وتوفي ليلة عرفة سنة 689
(حفظ) وقبره بالحلة. ويأتي في الحلي ما يتعلق به.
(ابن سعيد المغربي)
أبو الحسن نور الدين علي بن موسى بن عبد الملك بن سعيد الغرناطي تلميذ
أبى علي الشلوبين، له كتب واشعار كثيرة منها: قصيدة ذكر فيها وصيته لولده
علي يجعلها امامه في الغربة حين أراد ولده النهوض من ثغر الإسكندرية إلى
القاهرة فمنها قوله:
اجعل وصاتي نصب عين ولا * تبرح مدى الأيام من فكرتك
خلاصة العمر التي حنكت * في ساعة زفت إلى فطنتك
فلا تجالس من فشا جهله * واقصد لمن يرغب في صنعتك
ولا تجادل ابدا حاسدا * فإنه ادعى إلى هيبتك
إفش التحيات إلى أهلها * ونبه الناس إلى رتبتك
وأنطق بحيث العي مستقبح * واصمت بحيث الخير في سكتتك
ولا تكن تحقر ذا رتبة * فإنه أنفع في عزتك
وللرزايا وثبة مالها * إلا الذي تذخر من عدتك
واعتبر الناس بألفاظهم * واصحب أخا يرغب في صحبتك
بعد اختبار منك يقضي بما * يحسن في الاخذ من خلطتك
كم من صديق مظهر نصحه * وفكره وقف على عثرتك
وقال في النصيحة له منثورا: وفي أمثال العامة من سبقك بيوم فقد سبقك
بعقل، فاحتذ بأمثلة من جرب، واستمع إلى ما خلد الماضون بعد جهدهم وتعبهم
من الأقوال فإنها خلاصة عمرهم وزبدة تجاربهم، ولا تتكل على عقلك فان النظر
310

فيما تعب فيه الناس طول أعمارهم وابتاعوه غالبا بتجاربهم يربحك ويقع عليك
رخيصا، وإن رأيت من له عقل ومروة وتجربة فاستفد منه ولا تضيع قوله ولا
فعله فان فيما تلقاه تلقيحا لعقلك وحثا لك واهتداء، واقلل من زيارة الناس
ما استطعت ولا تجفهم بالجملة وليكن ذلك بحيث لا يلحق منه ملل ولا ضجر ولا جفاء،
واحرص على ما جمع قول القائل: ثلاثة تبقي لك الود في صدر أخيك ان تبدأه
بالسلام، وتوسع له في المجلس، وتدعوه بأحب الأسماء إليه. ومتى دفعك الزمان
إلى قوم يذمون من العلم ما تحسنه حسدا لك وقصدا لتصغير قدرك عندك وتزهيدا
لك فيه فلا يحملك ذلك على أن نزهد في عملك وتركن إلى العلم الذي مدحوه
فتكون مثل الغراب الذي أعجبه مشي الحجلة فرام ان يتعلمه فصعب عليه ثم أراد
ان يرجع إلى مشيه فنسيه فبقي المشي كما قيل:
ان الغراب وكان يمشي مشية * فيما مضى من سالف الأجيال
حسد القطا وأراد يمشي مشيها * فأصابه ضرب من العقال
فأضل مشيته وأخطأ مشيها * فلذاك سموه أبا مرقال
ولا يفسد خاطرك من جعل يذم الزمان ويقول ما بقي في الدنيا كريم ولا فاضل
ولا مكان يرتاح فيه الخ. توفي سنة 685 (خفه).
(ابن السقا)
أبو محمد عبد الله بن محمد المحدث الذي أملا حديث الطير على أهل واسط
فلم تحمله نفوسهم فوثبوا به فأقاموه وغسلوا موضعه فمضى ولزم بيته ولم يحدث
أحدا من الواسطيين فلهذا قل حديثه عندهم. توفي سنة 371 (شعا) كذا عن
تذكرة الحفاظ للذهبي.
(أقول) حديث الطير هو ما رواه العامة والخاصة بأسانيدهم عن انس بن
مالك قال: أهدي لرسول الله طائر فوضع بين يديه فقال اللهم ائتني بأحب خلقك
311

إليك يأكل معي فجاء علي فدق الباب فقلت من ذا فقال انا علي فقلت ان النبي صلى الله عليه وآله
على حاجة حتى فعل ذلك ثلاثا فجاء الرابعة فضرب الباب برجله فدخل فقال النبي
ما حبسك؟ قال قد جئت ثلاث مرات فقال النبي: ما حملك على ذلك؟ قال:
قلت كنت أحب ان يكون رجلا من قومي.
وروى النسائي في الخصائص (1) باسناده عن السدي عن أنس بن مالك:
ان النبي (ص) كان عنده طائر فقال اللهم ائتني بأحب خلقك إليك يأكل معي
من هذا الطائر فجاء أبو بكر فرده ثم جاء عمر فرده ثم جاء علي فأذن له إلى غير ذلك
من الروايات في ذلك وللصاحب كافي الكفاة في مدح علي " ع ":
يا أمير المؤمنين المرتضى * إن قلبي عندكم قد وقفا
كلما جددت مدحي فيكم * قال ذو النصف تسب السلفا
من كمولاي علي زاهد * طلق الدنيا ثلاثا ووفى
من دعي للطير إذ يأكله * ولنا في مثل هذا مكتفى
وله أيضا في مدحه عليه السلام:
علي له في الطير ما طار ذكره * وقامت به أعداؤه وهي تشهد
وله أيضا:
ما لعلي العلى أشباه * لا والذي لا إله إلا هو
مبناه مبنى النبي تعرفه * وابناه عند التفاخر ابناه
إن عليا علا على شرف * لو رامه الوهم زل مرقاه
أيا غداة الكسا لا تهني * عن شرح علياه إذ تكساه
يا ضحوة الطير هنئي شرفا * فاز به لا ينال أقصاه
وقال ابن الحجاج في مدحه عليه السلام في القصيدة الفائية:
وقصة الطائر المشوي عن أنس * يخبر بما نصه المختار من شرف

(1) طبع في النجف في المطبعة الحيدرية
312

(أقول) ذكر في العبقات عن تذكرة الحفاظ انه قال: واما حديث الطير فله طرق
كثيرة جدا قد أفردتها بمصنف ومجموعها يوجب ان يكون الحديث له أصل انتهى.
(قلت) وتقدم في ابن جرير الطبري امامي ان له كتابا جمع فيه طرق حديث الطير
(ابن سكرة)
محمد بن عبد الله بن محمد الهاشمي البغدادي ينتهي إلى علي بن المهدي
العباسي شاعر معروف معاصر لابن الحجاج الشاعر وبينهما منافرة ومهاجاة وإياه
أراد ابن الحجاج بقوله:
قل لابن سكرة ذي البخل والخرف * عن ابن حجاج قولا غير منحرف
يا ابن البغايا الزواني العاهرات ومن * سلقلقياتهم قد حضن من خلف
يا من هجا بضعة الهادي لئن نشبت * كفاي منك على تمكين منتصف
(لأوردنك يا من) الأبيات المشتملة على الشتم المقذع التي لا يناسب هنا
نقلها فقد ورد ان أمير المؤمنين " ع " منع حجر بن عدي وعمرو بن الحمق عن شتم
أهل الشام واظهار البراءة منه لما أظهروا البراءة من أهل الشام وقال لهما: كرهت
لكم ان تكونوا لعانين شتامين تشتمون وتبرؤون ولكن لو وصفتم مساوئ أعمالهم
فقلتم من سيرتهم كذا وكذا ومن أعمالهم كذا وكذا كان أصوب في القول
وأبلغ في العذر وقلتم مكان لعنكم إياهم وبراءتكم منهم اللهم احقن دماءهم ودماءنا
وأصلح ذات بينهم وبيننا واهدهم من ضلالتهم حتى يعرف الحق منهم من جهله
ويرعوي من الغي والعدوان منهم من لج به لكان أحب إلي وخيرا لكم. فقالا
يا أمير المؤمنين نقبل عظتك ونتأدب بأدبك. ولابن سكرة البيت المشهور في كافات
الشتاء، ولقد أجاد من قال:
يقولون كافات الشتاء كثيرة * وما هي إلا واحد غير مفترى
إذا صح كاف الكيس فالكل حاصل * لديك وكل الصيد يوجد في الفرا
توفي ابن سكرة 11 ع 2 سنة 385 (شفه).
313

(ابن السكون)
بفتح السين أبو الحسن علي بن محمد بن محمد بن علي الحلي العالم الفاضل العابد
الورع النحوي اللغوي الشاعر الفقيه من ثقات علمائنا الامامية، ذكره السيوطي
في الطبقات ومدحه مدحا بليغا وكان رحمه الله حسن الفهم جيد الضبط حريصا على
تصحيح الكتب كان معاصرا لعميد الرؤساء راوي الصحيفة الكاملة. وحكي عن
شيخنا البهائي انه قال: ان قائلا حدثنا في أول الصحيفة السجادية على منشئها آلاف
السلام والتحية هو ابن السكون، توفي في حدود سنة 606 (خو).
(ابن السكيت)
بكسر السين وتشديد الكاف أبو يوسف يعقوب بن إسحاق الدورقي (1)
الأهوازي الامامي النحوي اللغوي الأديب، ذكره كثير من المؤرخين وأثنوا
عليه وكان ثقة جليلا من عظماء الشيعة ويعد من خواص الامامين التقيين " ع "
وكان حامل لواء علم العربية والأدب والشعر واللغة والنحو وله تصانيف كثيرة
مفيدة منها: تهذيب الألفاظ وكتاب اصلاح المنطق. قال ابن خلكان: قال بعض
العلماء ما عبر على جسر بغداد كتاب من اللغة مثل اصلاح المنطق ولا شك انه
من الكتب النافعة الممتعة الجامعة لكثير من اللغة ولا نعرف في حجمه مثله في بابه
وقد عني به جماعة واختصره الوزير المغربي وهذبه الخطيب التبريزي، وذكر ابن
خلكان انه قال أبو العباس المبرد ما رأيت للبغداديين كتابا أحسن من كتاب ابن
السكيت في المنطق وقال ثعلب أجمع أصحابنا انه لم يكن بعد ابن الاعرابي اعلم
باللغة من ابن السكيت وكان المتوكل قد ألزمه تأديب ولده المعتز بالله انتهى.
قتله المتوكل في خامس رجب سنة 244 (رمد) وسببه ان المتوكل قال له
يوما أيما أحب إليك ابناي هذان أي المعتز والمؤيد أم الحسن والحسين؟ فقال ابن

(1) دورق كجعفر بليدة من اعمال خوزستان من كور الأهواز.
314

السكيت: والله إن قنبرا خادم علي بن أبي طالب خير منك ومن ابنيك فقال
المتوكل للأتراك سلوا لسانه من قفاه ففعلوا فمات، وقيل بل اثنى على الحسن
والحسين " ع " ولم يذكر ابنيه فامر المتوكل الأتراك فداسوا بطنه فحمل إلى داره
فمات بعد غد ذلك. ومن الغريب انه وقع فيما حذره من عثرات اللسان بقوله
قبل ذلك بيسير:
يصاب الفتى من عثرة بلسانه * وليس يصاب المرء من عثرة الرجل
فعثرته في القول تذهب رأسه * وعثرته في الرجل تبرأ عن مهل
(أقول) نقل عن المجلسي الأول انه قال إعلم ان أمثال هؤلاء الاعلام كانوا
يعلمون وجوب التقية، ولكنهم يصيرون غضبا لله تعالى بحيث لا يبقى لهم
الاختيار عند سماع هذه الأباطيل كما هو الظاهر لمن كان له قوة في الدين
(قلت) وقريب من ذلك ما جرى بين أبي بكر بن عياش وموسى بن عيسى
العباسي الذي أمر بكرب قبر الحسين " ع " في قصة طويلة ليس مقام نقلها حكى
(ضا) عن الشهيد الثاني انه كتب في بعض تصانيفه ان من الالقاءات الجائزة
المستحسنة للأنفس إلى الهلكة فعل من يعرض نفسه للقتل في سبيل الله إذا رأى أن
في قتله يسبب ذلك عزة للاسلام ولكن الصبر والنقية أحسن كما ورد في قصة عمار
ووالديه وخباب وبلال في تفسير قوله تعالى: (إلا من أكره وقلبه مطمئن بالايمان)
وروى صاحب المحاسن عن ابن مسكان قال: قال لي أبو عبد الله " ع " انى لأحسبك
إذا شتم علي " ع " بين يديك لو تستطيع ان تر كل أنف شاتمه لفعلت فقلت إي والله
جعلت فداك إني لهكذا وأهل بيتي فقال لي فلا تفعل فوالله لربما سمعت من يشتم
عليا " ع " وما بيني وبينه إلا أسطوانة فاستتر بها فإذا فرغت من صلاتي فامر به
فأسلم عليه وأصافحه. وتقدم في أبو القسم الروحي ما يتعلق بذلك ولكن لا يخفى
عليك ان هذا في مقام التقية ولو لم يكن محل التقية يجب الامر بالمعروف والنهي
عن المنكر وترك المداهنة فقد قال أمير المؤمنين " ع " ان الله تعالى ذكره لم يرض
315

من أوليائه ان يعصى في الأرض وهم سكوت مذعنون لا يأمرون بمعروف ولا ينهون
عن منكر. وروى الشيخ الكليني عن أبي جعفر " ع " قال أوحى الله تعالى إلى
شعيب النبي " ع " انى معذب من قومك مائة الف، أربعين ألفا من شرارهم وستين
ألفا من خيارهم فقال يا رب هؤلاء الأشرار فما بال الأخيار فأوحى الله عز وجل إليه
داهنوا أهل المعاصي ولم يغضبوا لغضبي. وروى شيخ الطائفة عن أبي عبد الله " ع "
ان الله تعالى اهبط ملكين إلى قرية ليهلكهم فإذا هما برجل تحت الليل قائم يتضرع
إلى الله تعالى ويتعبد قال فقال أحد الملكين للآخر انى أعاود ربى في هذا الرجل
وقال الآخر بل تمضي لما أمرت ولا تعاود ربي فيما أمر به قال فعاود الآخر ربه
في ذلك فأوحى الله إلى الذي لم يعاود ربه ان أهلكه معهم فقد حل به معهم سخطي
ان هذا لم يتمعر وجهه قط غضبا لي والملك الذي عاود ربه فيما أمر سخط الله عليه
فأهبطه في جزيرة فهو حي الساعة فيها ساخط عليه ربه.
(ابن السماك)
أبو العباس محمد بن صبيح مولى بني عجل الكوفي الزاهد المشهور، كان حسن
الكلام صاحب مواعظ، جمع كلامه وحفظ ولقي جماعة من الصدر الأول واخذ
عنهم مثل هشام بن عروة والأعمش وغيرهما. وروى عنه أحمد بن حنبل وأمثاله
وهو كوفي قدم بغداد زمن الرشيد فمكث بها مدة ثم رجع إلى الكوفة فمات بها.
قال ابن أبي الحديد: دخل ابن السماك على الرشيد فقال له عظني ثم دعا بماء ليشربه
فقال ناشدتك الله لو منعك الله من شربه ما كنت فاعلا؟ قال كنت أفتديه بنصف
ملكي قال فاشرب فلما شرب قال ناشدتك الله لو منعك الله من خروجه ما كنت
فاعلا قال كنت أفتديه بنصف ملكي قال إن ملكا يفتدى به شربة ماء لخليق ان
لا ينافس عليه، توفى بالكوفة سنة 183 (قفج).
قال ابن خلكان: السماك بفتح السين المهملة والميم المشددة وبعد الألف كاف
هذه النسبة إلى بيع السمك وصيده.
316

(ابن سمعون)
أبو الحسين محمد بن أحمد بن إسماعيل الواعظ البغدادي، كان وحيد دهره
في الكلام على الخواطر وحسن الوعظ وعذوبة اللفظ وحلاوة الإشارة ولطف العبارة
وكان لأهل العراق فيه اعتقاد كثير ولهم به غرام شديد وإياه عنى الحريري في
المقامة الرازية بقوله ومتواصفون واعظا يقصدونه ويحلون ابن سمعون دونه
وذكروا من كلامه البديع انه قال: سبحان من أنطق باللحم وابصر بالشحم واسمع
بالعظم إشارة إلى اللسان والعين والاذن، ولكن لا يخفى ان ابن سمعون اخذ هذه
الكلمات من كلام مولانا أمير المؤمنين فإنه قال عليه السلام: اعجبوا لهذا الانسان
ينظر بشحم ويتكلم بلحم ويسمع بعظم. وليس هذا مختصا بابن سمعون بل كل
خطيب في الدنيا اخذ عنه وتعلم منه وكيف لا فإنه عليه السلام باتفاق الموافق
والمخالف كان امام الفصحاء وسيد البلغاء وكلامه دون كلام الخالق وفوق كلام
المخلوق ومنه تعلم الناس الخطابة والكتابة.
حكي عن عبد الحميد بن يحيى كاتب مروان الذي يضرب به المثل في الكتابة
انه قال: حفظت مائة فصل من مواعظ علي بن أبي طالب " ع ". وحكي انه أيضا
قال: حفظت سبعين خطبة من خطب الأصلع يعني الامام " ع " ففاضت قريحتي.
وزعم أهل الدواوين انه لولا كلام أمير المؤمنين " ع " وخطبه وبلاغته في منطقه
ما أحسن أحد ان يكتب إلى أمير جند ولا إلى رعية:
ازر هگذر خاك سر كوي شما بود * هرنافه كه دردست نسيم سحر افتاد
توفى ابن سمعون ببغداد سنة 387 (شفز) (وقد يطلق ابن سمعون)
على أبي الحجاج يوسف بن يحيى بن إسحاق المغربي الإسرائيلي كان فاضلا في
صناعة الطب وخبيرا في أعمالها وعالما بالهندسة وعلم النجوم، له شرح فصول بقراط
توفي بحلب سنة 623 (خكج).
317

(ابن سنان الخفاجي) انظر الخفاجي
(ابن السيد)
على وزن العيد أبو محمد عبد الله بن محمد بن السيد البطليوسي الأندلسي
النحوي اللغوي صاحب كتب في اللغة والنحو والفتاوى النادرة في كتب العامة
توفي سنة 521 (ثكا) ومن شعره:
أخو العلم حي خالد بعد موته * وأوصاله تحت التراب رميم
وذو الجهل ميت وهو ماش على الثرى * يظن من الاحياء وهو عديم
(وقد يطلق ابن سيد) على أحمد بن أبان الأندلسي الأديب اللغوي صاحب
كتاب العالم واللغة في مائة مجلد ابتدأ بالفلك وختم بالذرة توفي سنة 382 (شفب)
وابن السيد القيسي أبو محمد عبد العزيز بن أحمد بن السيد بن مغلس الأندلسي،
كان من أهل العلم باللغة والعربية مشارا إليه فيهما سكن مصر واستوطنها، وله اشعار
كثيرة توفي بمصر سنة 427.
(ابن سيدة)
بكسر السين وسكون المثناة وفتح الدال المهملة أبو الحسن علي بن إسماعيل
المرسي، كان إماما في اللغة والعربية حافظا لهما صاحب كتاب المحكم في اللغة وله
كتاب المخصص في اللغة أيضا، وكان ضريرا وأبوه ضريرا أيضا، وكان أبوه قيما
بعلم اللغة، توفي سنة 458 (تنح). والمرسي بضم الميم وسكون الراء نسبة إلى
مريسية مدينة في شرق الأندلس.
(ابن سيد الناس)
كنيته أبو الفتح واسمه محمد الأندلسي الإشبيلي، ولد بالقاهرة سنة 661
وسمع الكثير من الجم الغفير وارتحل إلى دمشق واخذ عن ابن دقيق العيد وقرأ
النحو على ابن النحاس وولي دار الحديث بالظاهرية وكان حافظا بارعا أديبا لطيف
318

العبارة فصيح الألفاظ وكان بينه وبين الصلاح الصفدي مكاتبات، له كتاب
عيون الأثر في فنون المغازي والشمائل والسير ثم اختصره وسماه نور العيون توفي
بالقاهرة فجأة سنة 734 (ذلد).
(ابن سيرين)
أبو بكر محمد بن سيرين البصري الذي كان له يد طولى في تأويل الرؤيا،
كان أبوه عبدا لأنس بن مالك ويحكى انه كان رجلا بزازا وكان جميلا فعشقته
امرأة وطلبته لتشتري منه بزا فأدخلته دارها وطلبت منه الرفث قال معاذ الله وشرع
في ذم الزنا فلم ينفع ذلك فخرج من عندها إلى الكنيف فلطخ بدنه بالقذارات فلما
رأته المرأة بتلك الهيئة القبيحة تنفرت منه فأخرجته من دارها.
فحكي انه بعد ذلك رزق هذا العلم، وحكي أيضا انه اشترى أربعين حبا من
سمن فاخرج غلامه فارة من حب فسأله من أي حب أخرجتها؟ قال لا أدري فصبها
كلها. وليعلم ان ما ينقل من ابن سيرين من قضايا عجيبة في تأويل الرؤيا انه كان
ذلك صادرا عن ذوق سليم وفكر ثاقب فإنه كان يطبق حوادث الرؤيا على ما يشاكلها
من الحقائق وتارة يطبقها على ما يستفاد من عبارات القرآن الكريم أو الحديث
كما ينقل عن المهدى العباسي، انه رأى في المنام ان وجهه قد اسود فسأل المعبرين
عن تعبيرها فعجزوا إلا إبراهيم الكرماني فإنه قال توجد لك بنت قالوا من أين علمت
ذلك؟ قال لقوله تعالى (وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسودا) فأعطاه المهدي
ألف درهم ولما حصل له بنت زاد عليه ألف درهم اخر. وحكي ان المتوكل رأى
أمير المؤمنين " ع " بين نار موقدة ففرح بذلك لنصبه فاستفتى معبرا فقال المعبر
ينبغي ان يكون هذا الذي رأيت نبيا أو وصيا قال من أين قلت هذا؟ قال من
قوله تعالى (ان بورك من في النار ومن حولها) إلى غير ذلك.
وحكي عن ابن سيرين انه سأله رجل عن الاذان فقال الحج وسأله آخر فأول
319

بقطع السرقة وقال رأيت الأول في سيماء حمنة فأولت (وأذن في الناس بالحج)
ولم ارض هيئة الثاني فأولت (فأذن مؤذن أيتها العير إنكم لسارقون) إلى غير ذلك.
وحكي انه قالت له امرأة رأيت كأني اصنع البيض تحت الخشب فتخرج فراريج
فقال ابن سيرين: ويلك اتقي الله فإنك امرأة توفقين بين الرجال والنساء فيما لا يحبه
الله عز وجل فقيل له من أين اخذت ذلك؟ قال من قوله تعالى في النساء (كأنهن
بيض مكنون) وشبه المنافقين بالخشب (كأنهم خشب مسندة) فالبيض النساء
والخشب هم المفسدون والفراريج هم أولاد الزنا. وكان بينه وبين الحسن البصري
من المنافرة ما هو مشهور قيل جالس اما الحسن أو ابن سيرين، توفي سنة 110 عشر
ومائة بعد الحسن بمائة يوم. وهذا كما يحكى عن جرير والفرزدق فإنه كان بينها
من المنافرة والمهاجاة كما كان بين الحسن وابن سيرين، فلما مات الفرزدق وبلغ
خبره جريرا بكى وقال: اما والله اني لأعلم اني قليل البقاء بعده ولقد كان نجمنا
واحدا وكان كل واحد منا مشغولا بصاحبه. وقل ما مات ضد أو صديق إلا
وتبعه صاحبه وكان كذلك فإنه مات الفرزدق في سنة 110 ومات جرير بعده
في تلك السنة.
(ابن سينا)
أبو علي الحسين بن عبد الله بن سينا البخاري الشيخ الفيلسوف المعروف
الملقب بالشيخ الرئيس، كان أبوه من بلخ في شمال أفغانستان وسكن مملكة بخارا
في زمن نوح بن منصور من الدولة السامانية فولد ولده بها. وحكي عن ولده قال
لما بلغت التميز سلمني أبى إلى معلم القرآن ثم إلى معلم الأدب فكان كل شئ قرأ
الصبيان على الأديب احفظها والذي كلفني أستاذي كتاب الصفات وغريب المصنف
ثم أدب الكاتب ثم اصلاح المنطق ثم كتاب العين ثم شعر الحماسة ثم ديوان ابن الرومي
ثم تصريف المازني ثم نحو سيبويه فحفظت تلك الكتب في سنة ونصف سنة ولولا
320

تعويق الأستاذ لحفظتها بدون ذلك وهذا مع حفظي وظائف الصبيان في المكتب فلما
بلغت عشر سنين كان في بخارا يتعجبون مني ثم شرعت في الفقه فلما بلغت اثنتي
عشرة سنة كنت أفتي في بخارا على مذهب أبي حنيفة ثم شرعت في علم الطب
وصنفت القانون وانا ابن ست عشرة سنة فمرض نوح بن منصور الساماني فجمعوا
الأطباء لمعالجته فجمعوني معهم فرأوا معالجتي خيرا من معالجات كلهم فصلح على
يدي فسألته ان يوصي خازن كتبه ان يعيرني كل كتاب طلبت ففعل فرأيت في
خزانته كتب الحكمة من تصانيف أبى نصر طرخان الفارابي فاشتغلت بتحصيل
الحكمة ليلا ونهارا حتى حصلتها فلما انتهى عمري إلى أربع وعشرين كنت أفكر
في نفسي ما كان شئ من العلوم انى لا أعرفه انتهى.
ويحكى انه لم يكن في آن فارغا من المطالعة والكتابة وقليلا من الليل يهجع،
وإذا تردد في مسألة يتوضأ ويعزم جامع البلد ويصلي فيه ركعتين بالخشوع ويشتغل
بالدعاء والاستعانة إلى أن ترتفع شبهته ومرت به طواري مختلفة وقاسى ما يقاسيه
طالب العلى، وله تأليفات مشهورة منها: القانون والشفا والإشارات وقد شرح
القسم الإلهيات من الإشارات الخواجة نصير الدين الطوسي والفخر الرازي وكتب
القطب الرازي المحاكمات وهو شرح له، حكم بينهما في شرحيهما على الإشارات.
ولابن سينا رسالة في جواب سؤالات أبى الريحان البيروني وهذه الرسالة مذكورة
بالفارسية في المجلد الثاني من نامه دانشوران. ومن شعره القصيدة العينية:
هبطت إليك من المحل الا رفع * ورقاء ذات تعزز وتمنع
محجوبة عن كل مقلة عارف * وهي التي سفرت ولم تتبرقع
وصلت على كره إليك وربما * كرهت فراقك وهي ذات تفجع
أنفت وما ألفت فلما واصلت * ألفت مجاورة الخراب البلقع
وأظنها نسيت عهودا بالحمى * ومنازلا بفراقها لم تقنع
حتى إذا اتصلت بهاء هبوطها * من ميم مركزها بذات الأجرع
321

علقت بها ثاء الثقيل فأصبحت * بين المعالم والطلول الخضع
تبكي وقد نسيت عهودا بالحمى * بمدامع تهمي ولما تقلع
حتى إذا قرب المسير إلى الحمى * ودنا الرحيل إلى الفضاء الأوسع
وغدت تغرد فوق ذروة شاهق * والعلم يرفع كل من لم يرفع
وتعود عالمة بكل خفية * في العالمين فخرقها لم يرقع
القصيدة وآخرها:
فكأنها برق تألق بالحمى * ثم انطوى فكأنه لم يلمع
وله أيضا وقيل إنها لأبي المؤيد الجزري:
إسمع جميع وصيتي واعمل بها * فالطب مجموع بنظم كلامي
أقلل جماعك ما استطعت فإنه * ماء الحياة تصب في الأرحام
واجعل غذاءك كل يوم مرة * واحذر طعاما قبل هضم طعام
لا تحقر المرض اليسير فإنه * كالنار تصبح وهي ذات ضرام
وينسب إليه أيضا:
في أول النزلة فصد وفي * أواخر النزلة حمام
بينهما ماء شعير به * صحت من النزلة أجسام
وينسب إليه هذه الأرجوزة:
بدأت بسم الله في نظم حسن * أذكر ما جربت في طول الزمن
نجم السهى مأمنة من سارق * ومن سموم عقرب وطارق
ومن رأى عشية نجم السهى * لم تدن منه عقرب يمسها
وقيل لا يدنو إليه سارق * في سفر ولا بسوء طارق
أبلغ من الصابون وزن درهم * تنج من القولنج غير محكم
الأرجوزة، وهي مذكورة في حياة الحيوان في عقرب. توفي بهمذان سنة 428
أو 427 وقد مررت بقبره في سنة 1338، فرأيت في لوح قبره مكتوبا:
322

حجة الحق بو علي سينا * در شجع آمد از عدم بوجود
373.
در شصا كرد كسب جمله علوم * در تكز كرد أين جهان بدرود
391، 427
وممن تلمذ عليه ولازمه واختص به الحكيم الفاضل أبو عبيد الله عبد الواحد
ابن محمد الجوزجاني المتوفي بهمذان سنة 438 والمدفون عند أستاذه، والحكيم الماهر
الكامل أبو عبد الله المعصومي الذي قال ابن سينا في حقه: أبو عبد الله مني بمنزلة
أرسطاطاليس من أفلاطون وهو الذي كتب ابن سينا رسالة العشق باسمه.
(ابن شاذان)
أبو الحسن محمد بن أحمد علي بن الحسن بن شاذان القمي من أجلاء
العلماء الامامية الفقيه النبيه ابن أخت الشيخ أبي القسم جعفر بن محمد بن قولويه
القمي (ره) له كتاب ايضاح دفائن النواصب ومناقب أمير المؤمنين " ع " مائة منقبة
من طريق العامة. قرأ عليه الشيخ الكراجكي بمكة المعظمة في المسجد الحرام محاذي
المستجار سنة 312 (شيب).
يروي عن والده أبي العباس (أحمد بن علي صاحب كتاب زاد المسافر والأمالي
وكان أبو العباس احمد سمع من محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد ومحمد بن علي
ابن تمام الدهقان، وكان شيخ الشيعة في وقته كما نقل عن لسان الميزان. وليعلم
ان مناقب ابن شاذان غير كتاب فضائل شاذان بن جبرائيل القمي الذي ينقل منه
العلامة المجلسي في البحار وجعل رمزه (يل).
(ابن شاكر الكتبي)
صلاح الدين محمد بن شاكر بن أحمد بن عبد الرحمن الحلبي الداراني سمع
من ابن شحنة والمزي وغيرهما، وكان فقيرا تعاطي التجارة في الكتب فرزق منها
323

مالا طائلا جمع تأريخا سماه فوات الوفيات جعلة ذيلا لوفيات الأعيان لابن خلكان
قالوا يشتمل على 572 ترجمة. توفي سنة 764 (ذسد).
(ابن شاهين)
أبو حفص عمر بن أحمد بن عثمان بن أحمد الواعظ سمع جماعة كثيره من
المحدثين أصله من مروروز ومولده سنه 297، وكان ابتداء كتبه للحديث سنة
308 وله إحدى عشرة سنة، ذكر ذلك الخطيب في تأريخ بغداد ثم قال وكذلك
انا أول ما سمعت الحديث وقد بلغت إحدى عشرة سنة لأني ولدت في يوم الخميس
لست بقين من ج 2 سنة 392 وأول ما سمعت في المحرم سنة 403، أخبرنا القاضي
أبو الحسين محمد بن علي بن محمد الهاشمي قال قال لنا أبو حفص بن شاهين ولدت
في صفر سنة 397 وأول ما كتبت الحديث سنة 308 وصنفت ثلاثمائة مصنف
وثلاثين مصنف أحدها التفسير الكبير الف جزء والمسند الف جزء وخمسمائة جزء
والتأريخ مائة وخمسين جزء والزهد مائه جزء وأول ما حدثت بالبصرة سنة 332
سمعت ابن الساجي القاص يقول سمعت من ابن شاهين شيئا كثيرا وكان يقول
كتبت بأربعمائة رطل حبر وسمعت محمد بن عمر الداودي يقول كان ابن شاهين
شيخا ثقة يشبه الشيوخ إلا أنه كان لحانا وكان أيضا لا يعرف من الفقه لا قليلا
ولا كثيرا وكان إذا ذكر له مذاهب الفقهاء كالشافعي وغيره يقول انا محمدي
المذهب. توفي سنه 385 (شفه) ودفن بباب حرب عند قبر أحمد بن حنبل.
(ابن شبرمة)
عبد الله بن شبرمة البجلي الضبي الكوفي، كان قاضيا لأبي جعفر المنصور
على سواد الكوفة وكان شاعرا توفي سنة 144 (قمد) ويظهر من الروايات ذمه
وانه كان يعمل بالرأي والقياس.
(ابن شبل)
أبو علي الحسين بن محمد بن عبد الله بن يوسف بن شبل البغدادي، كان
324

حكيما فيلسوفا طبيبا متكلما فاضلا أديبا بارعا شارعا مجيدا ومن شعره:
لا تظهرن لعاذل أو عاذر * حاليك في السراء والضراء
فلرحمة المتوجعين حزازة * في القلب مثل شماتة الأعداء (1)
وله أيضا:
يفنى البخيل بجمع المال مدته * وللحوادث والأيام ما يدع
كدودة القز ما تبنيه يهدمها * وغيرها بالذي تبنيه ينتفع
وله في رثاء أخيه احمد:
غاية الحزن والسرور انقضاء * ما لحي من بعد ميت بقاء
إنما نحن بين ظفر وفاب * من خطوب أسودهن ضراء
فتمنى وفي المنى قصر العمر * فنغدوا بما نسر نساء
ما لقينا من غدر دنيا فلا كانت * ولا كان اخذها والعطاء
صلف تحت راعد وسراب * كرعت فيه مومس خرقاء
راجع جودها عليها فمهما * تهب الصبح يسترد المساء
توفي ببغداد سنه 475 (تعه) ودفن بباب حرب.
(ابن شبيب)
الريان بن شبيب خال المعتصم الخليفة العباسي أخو ماردة، كان ثقة سكن
قم وروى عنه أهلها، وله كتاب جمع فيه كلام الرضا " ع " وحديثه عن الرضا في
أول يوم من المحرم مشهور. وقد يطلق على أبي عبد الله الحسين بن علي بن أحمد
الأديب الظريف نديم المستنجد بالله الخليفة العباسي. يحكى انه كان مقداما في
حل الألغاز، لا يكاد يتوقف عما يسئل عنه فعمل بعضهم لغزين لا حقيقة لهما
فسأله عنهما وهما قوله:

(1) مكواندوه خويش باد شمنان * كه لا حول كويند شادي كنان
325

وما شئ له في الرأس رجل * وموضع وجهه منه قفاه
إذا أغمضت عينك أبصرته * وإن فتحت عينك لا تراه
وقوله:
وجار وهو تيار * ضعيف العقل خوار
بلا لحم ولا ريش * وهو في الرمز طيار
بطبع بارد جدا * ولكن كله نار
فقال الأول هو طيف الخيال فقال السائل هب ان البيت الثاني فيه معنى طيف
الخيال فما تأويل البيت الأول؟ فقال المعنى كله فيه فقال وكيف ذلك؟ فقال إن
المنامات تفسر بالعكس، إذا رأى الانسان انه مات فسر بطول العمر وان رأى أنه
يبكي فسر بالفرح والسرور، وعلى هذا جرى اللغز في جعل رأسه رجله ووجهه
قفاه. والثاني هو الزئبق، وقوله: (وفي الرمز طيار) لان أرباب صنعة الكيمياء
يرمزون للزئبق بالطيار والفرار والآبق وما أشبه ذلك، واما برده فظاهر ولافراط
برده ثقل جسمه وكله نار لسرعة حركته وتشكله في افتراقه والتئامه، وعمل بعضهم
ألغازا من هذه المادة التي لا حقيقة لها وأنشده إياها فكان يجيب عنها على الفور
وينزلها على الحقائق، منها هذا اللغز:
ما طائر في الأرض منقاره * وجسمه في الأفق الأعلى
ما زال مشغولا به غيره * ولا يرى أن له شغلا
فقال في الحال هو الشمس واخذ يشرح ذلك. توفي سنة 580 ودفن بمقبرة
معروف الكرخي ببغداد.
(ابن الشجري)
أبو السعادات هبة الله بن علي بن محمد بن حمزه الحسني البغدادي، كان رحمه
الله من أكابر علمائنا الامامية ومشايخهم ومن أئمة النحو واللغة واشعار العرب
326

وأيامها وكان نقيب الطالبيين ببغداد وهو صاحب الحماسة كحماسة أبى تمام وشرح
لمع ابن جني وكتاب الأمالي الذي الفه في أربعة وثمانين مجلسا وغير ذلك، أقواله
منقولة في كتب العلوم العربية والأدبية كمغني اللبيب وغيره. قال تلميذه أبو
البركات عبد الرحمن بن محمد الأنباري في كتاب نزهة الألباء في طبقات الأدباء في
ترجمته ما هذا لفظه: كان فريد عصره ووحيد دهره في علم النحو وكان تام المعرفة
باللغة اخذ عن أبي المعمر يحيى بن طباطبا العلوي وكان فصيحا حلو الكلام حسن
البيان والإفهام، وكان نقيب الطالبيين بالكرخ نيابة عن الطاهر وكان وقورا في
مجلسه ذا سمت حسن لا يكاد يتكلم في مجلسه بكلمة إلا ويتضمن أدب نفس أو
أدب درس، ولقد اختصم إليه يوما رجلان من العلويين فجعل أحدهما يشكو
ويقول عن الآخر انه قال في كذا وكذا، فقال له الشريف يا بنى احتمل فان
الاحتمال قبر المعايب وهذه كملة نافعة حسنة فان كثيرا من الناس تكون لهم عيوب
فيغضون عن عيوب الناس ويسكتون عنها فتذهب عيوب لهم كانت فيهم وكثير من
الناس يتعرضون من الناس لعيوب الناس فيصير لهم عيوب لم تكن (1) فيهم وكان
الشريف ابن الشجري أنحا من رأينا من علماء العربية وآخر من شاهدنا من حذاقهم
وأكابرهم توفي سنة اثنين وأربعين وخمسمائة في خلافة المقتفي وعنه اخذت علم العربية
وأخبرني انه اخذه عن ابن طباطبا واخذه ابن طباطبا عن علي بن عيسى الربعي.
(أقول) ثم ذكر سنده إلى أمير المؤمنين " ع " ملخصه انه اخذ الربعي عن أبي
علي الفارسي وهو عن أبي بكر بن السراج وهو عن المبرد والمبرد عن المازني
والجرمي وهما عن الأخفش عن سيبويه عن الخليل عن عيسى بن عمر عن ابن أبي
إسحاق عن ميمون الأقرن عن عنبسة الفيل عن أبي الأسود الدئلي عن
أمير المؤمنين عليه السلام.
(أقول) ودفن في داره بكرخ بغداد ولما قدم الزمخشري بغداد قاصدا

(1) هذا مضمون رواية وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم
327

الحج مضى إلى زيارة ابن الشجري فلما اجتمع به أنشده شعر المتنبي:
واستكثر الاخبار قبل لقائه * فلما لقينا صغر الخبر الخبر
ثم أنشده بعد ذلك:
كانت مسائلة الركبان تخبرنا * عن جعفر بن فلاح أحسن الخبر
ثم التقينا فلا والله ما سمعت * أذني بأحسن مما قد رأى بصري
فقال الزمخشري روي عن النبي صلى الله عليه وآله انه لما قدم عليه زيد الخيل قال له: يا زيد
ما وصف لي أحد في الجاهلية فرأيته في الاسلام إلا رأيته دون ما وصف لي غيرك.
الشجري نسبة إلى شجرة إليها ينسب مسجد الشجرة قرية من اعمال
المدينة الطيبة.
(ابن الشحنة)
يطلق على جماعة منهم. أبو الوليد محب الدين محمد بن محمد بن الشحنة الحنفي
قاضي الحنفية بحلب صاحب كتاب التأريخ المسمى روضة المناظر في اخبار الأوائل
والأواخر وهو كتاب مختصر جدا ذكر فيه تأريخ السنين إلى سنة 806، توفي
سنة 815 أو 817، وهو غير ابن الشحنة الموصلي أبى حفص عمر صاحب القصيدة
التي مدح بها السلطان صلاح الدين منها قوله:
وإني امرؤ أحببتكم لمكارم * سمعت بها والاذن كالعين تعشق
(ابن الشخباء)
بفتح الشين وسكون الخاء المعجمة أبو علي الحسن بن عبد الصمد العسقلاني
صاحب الخطب المشهورة والرسائل المحبرة كان من فرسان النثر وله فيه اليد الطولى
وله شعر وهذا من بعض قصيدة له:
ما زال يختار الزمان ملوكه * حتى أصاب المصطفى المتخيرا
قل للأولى ساسوا الورى وتقدموا * قدما هلموا شاهدوا المتأخرا
328

تجدوه أوسع في السياسة منكم * صدرا واحمد في العواقب مصدرا
الأبيات، توفى مقتولا بالقاهرة سنة 482.
(ابن شداد)
بهاء الدين أبو المحاسن يوسف بن رافع بن تميم الفقيه الشافعي اخذ الحديث
والاجازة عن جم غفير من العلماء والمحدثين، واخذ منه جمع كثير ولاه الملك
الظاهر قضاء حلب، فاعتنى بترتيب أمورها وجمع الفقهاء وعمرت في أيامه المدارس
الكثيرة، وعمر حتى ظهر عليه الخرف بحيث انه صار إذا جاءه أحد لا يعرفه. قال
ابن خلكان: وكنا نسمع عليه الحديث ونتردد إليه في داره وقد كانت له قبة تختص
به وهي شتوية لا يجلس في الصيف والشتاء إلا فيها لان الهرم قد أثر فيه حتى صار
كفرخ الطائر من الضعف لا يقدر على الحركة للصلاة وغيرها إلا بمشقة عظيمة،
وقال: وكان كلما نظر إلى نفسه على تلك الحالة من الضعف والعجز ينشد:
من يتمنى العمر فليدرع * صبرا على فقد أحبائه
ومن يعمر ير في نفسه * ما يتمناه لأعدائه
واستمر على هذه الحالة مدة إلى أن مات بحلب سنة 632 (خلب).
(ابن شعبة)
الحراني أبو محمد الحسن بن علي بن شعبة، كان رحمه الله عالما فقيها محدثا
جليلا من مقدمي أصحابنا، صاحب كتاب تحف العقول (1) وهو كتاب نفيس
كثير الفائدة. قال الشيخ الجليل العارف الرباني الشيخ حسين بن علي بن صادق
البحراني في رسالته في الأخلاق والسلوك إلى الله على طريقة أهل البيت عليهم السلام في
أواخرها. ويعجبني ان انقل في هذا الباب حديثا عجيبا وافيا شافيا عثرت عليه في
كتاب تحف العقول للفاضل النبيل الحسن بن علي بن شعبة من قدماء أصحابنا حتى

(1) طبع في النجف في المطبعة الحيدرية.
329

ان شيخنا المفيد ينقل عن هذا الكتاب وهو كتاب لم يسمح الدهر بمثله انتهى.
وصرح الشيخ الجليل النبيل الشيخ إبراهيم القطيفي في محكي كتاب الفرقة
الناجية وشيخنا الحر العاملي في أمل الآمل بأن كتاب التمحيص له والى ذلك مال
صاحب رياض العلماء وعلى هذا فهو القائل فيه حدثنا أبو علي محمد بن همام، ومحمد
ابن همام كان من أهل بغداد ثقة جليل القدر يروي عنه التلعكبري ومات سنة 336
فابن شعبة من أهل طبقته.
(ابن شكلة)
أبو إسحاق إبراهيم بن المهدي بن أبي جعفر المنصور بن محمد بن علي بن
عبد الله بن العباس أخو هارون الرشيد، كانت له يد طولى في الغناء والضرب بالملاهي
وحسن المنادمة، وكان اسود اللون لان أمه كانت جارية سوداء اسمها شكلة وكان
مع سواده عظيم الجثة ولهذا قيل له التنين، وكان فصيحا وافر الفضل، بويع له
بالخلافة ببغداد بعد المائتين والمأمون يومئذ بخراسان وقصته مشهورة وأقيم خلافة
بها مقدار سنتين فلما توجه المأمون من خراسان إلى بغداد خاف إبراهيم على نفسه
فاستخفى وكان استخفاؤه ليلة الأربعاء لثلاث عشرة ليلة بقيت من ذي الحجة سنة
203 (جر) ودخل المأمون بغداد لأربع عشرة ليلة بقيت من صفر سنة 204 ولما
استخفى إبراهيم عمل فيه دعبل الخزاعي:
نعر ابن شكلة بالعراق وأهله * فهفا إليه كل اطلس مائق
إن كان إبراهيم مضطلعا بها * فلتصلحن من بعده لمخارق
ولتصلحن من بعد ذاك لزلزل * فلتصلحن من بعده للمارق
انى يكون وليس ذاك بكائن * يرث الخلافة فاسق عن فاسق
مخارق بضم الميم وزلزل بضم الزائين والمارق هؤلاء الثلاثة كانوا مغنين في ذلك
العصر. حكي انه دخل إبراهيم على المأمون فشكى إليه حاله وقال يا أمير المؤمنين ان
330

الله سبحانه وتعالى فضلك في نفسك علي وألهمك الرأفة والعفو علي والنسب
واحد وقد هجاني دعبل فانتقم لي منه فقال المأمون وما قال لعل قوله (نعر ابن شكلة
بالعراق) وأنشده الأبيات فقال هذا من بعض هجائه وقد هجاني بما هو أقبح من
هذا فقال المأمون لك أسوة بي فقد هجاني واحتملته وقال في:
أيسومني المأمون خطة جاهل * أو ما رأى بالأمس رأس محمد
إني من القوم الذين سيوفهم * قتلت أخاك وشرفتك بمقعد
شادوا بذكرك بعد طول خموله * واستنقذوك من الحضيض الأوهد
يحكى ان المأمون كان إذا أنشد هذه الأبيات يقول قبح الله دعبلا فما
أوقحه كيف يقول علي هذا؟ وقد ولدت في حجر الخلافة ورضعت ثديها وربيت
في مهدها.
(أقول) وكأن المأمون نسى أمه المرجل وانها غلبت على أبيه الرشيد بخلاف
شقيقه محمد الأمين بن زبيدة فقال إبراهيم زادك الله حلما يا أمير المؤمنين وعلما فما
ينطق أحدنا إلا عن فضل علمك ولا يحلم إلا اتباعا لحلمك، وأشار دعبل الخزاعي
في هذه الأبيات إلى قضية طاهر بن الحسين الخزاعي وحصاره بغداد وقتله محمد
الأمين، وحكي أيضا انه هجا المأمون إبراهيم بن المهدي عمه، وكان المأمون يظهر
التشيع وابن شكلة التسنن فقال المأمون:
إذا المرجي سرك ان تراه * يموت لحينه من قبل موته
فجدد عنده ذكرى علي * وصل على النبي وآل بيته
فأجابه إبراهيم رادا عليه:
إذا الشيعي جمجم في مقال * فسرك ان يبوح بذات نفسه
فصل على النبي وصاحبيه * وزيريه وجاريه برمسه
(ابن شنبوذ)
أبو الحسن محمد بن أحمد بن أيوب بن الصلت بن شنبوذ المقري البغدادي
331

كان من مشاهير القراء وأعيانهم، وكان دينا وفيه سلامة صدر، وتفرد بقراءات
من الشواذ كان يقرأها فأنكرت عليه وبلغ ذلك الوزير أبا علي بن مقلة فاستحضره
واعتقله في داره أياما ثم أمر بضربه فضرب سبع درر فمما حكي عنه انه يقرأه قوله
تعالى (إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فامضوا إلى ذكر الله وتجعلون شكركم انكم
تكذبون فاليوم ننجيك بندائك فلما خر تبينت الانس ان الجن لو كانوا يعلمون
الغيب ما لبثوا حولا في العذاب المهين، كالصوف المنفوش) إلى غير ذلك توفي
ببغداد سنة 328 (شكح) وشنبوذ بفتح الشين والنون وضم الموحدة وسكون
الواو وآخره ذال معجمة.
(ابن شهاب) انظر أبو بكر بن شهاب
(ابن شهرآشوب)
رشيد الدين أبو جعفر محمد بن علي بن شهرآشوب السروري المازندراني
فخر الشيعة ومروج الشريعة محيي آثار المناقب والفضائل والبحر المتلاطم الزخار
الذي لا يساجل:
هو البحر لا بل دون ما علمه البحر * هو البدر لا بل دون طلعته البدر
هو النجم لا بل دونه النجم رتبة * هو الدر لا بل دون منطقه الدر
هو العالم المشهور في الدهر والذي * به بين أرباب النهى افتخر الدهر
هو الكامل الأوصاف في العلم والتقى * فطاب به في كل ما قطر الذكر
محاسنه جلت عن الحصر وازدهى * بأوصافه نظم القصائد والنثر
شيخ مشايخ الامامية صاحب كتاب المناقب (1) والمعالم (2) وغيرهما وكفى
في فضله إذعان فحول اعلام أهل السنة بجلالة قدره وعلو مقامه. حكي عن الصفدي
انه قال في ترجمته: حفظ أكثر القرآن وله ثماني سنين وبلغ النهاية في أصول الشيعة

(1) (2) طبعا في المطبعة الحيدرية في النجف الأشرف.
332

كان يرحل إليه من البلاد ثم تقدم في علم القرآن والغريب والنحو ووعظ على المنبر
أيام المقتفي ببغداد فأعجبه وخلع عليه وكان بهي المنظر حسن الوجه والشيبة صدوق
اللهجة مليح المحاورة واسع العلم كثير الخشوع والعبادة والتهجد لا يكون إلا على
وضوء اثنى عليه ابن أبي طي في تأريخه ثناءا كثيرا توفي سنة 588 (ثفح) انتهى.
وذكر ما يقرب منه الفيروز آبادي في محكي بلغته وقال: عاش مائة 100 سنة
إلا عشرة أشهر. وقال غيره في حقه: وكان امام عصره ووحيد دهره أحسن الجمع
والتأليف وغلب عليه علم القرآن والحديث وهو عند الشيعة كالخطيب البغدادي
لأهل السنة في تصانيفه وتعليقات الحديث ورجاله ومراسيله ومتفقه ومتفرقه إلى
غير ذلك من أنواعه واسع العلم كثير الفنون مات في شعبان سنة 588.
(قلت) وقبره خارج حلب على جبل جوشن عند مشهد السقط. يروي عن
جماعة كثيرة من المشايخ العظام منهم: أبو منصور الطبرسي صاحب الاحتجاج
ووالده الشيخ علي بن شهرآشوب العالم الفاضل الفقيه عن والده الفاضل المحدث
شهرآشوب ومنهم الشيخ عبد الجليل الرازي صاحب المناظرات مع المخالفين وأمين
الدين الطبرسي صاحب مجمع البيان والشيخ أبو الفتوح الرازي والقطب الراوندي
والسيد ناصح الدين الآمدي الفاضل العالم المحدث الامامي الشيعي كما عن رياض
العلماء والفتال النيسابوري والسيد ضياء الدين الراوندي وغيرهم رضوان
الله عليهم أجمعين.
(ابن صابر)
نجم الدين أبو يوسف يعقوب بن صابر بن بركات الحراني البغدادي المنجنيقي
الشاعر، كان شاعرا معروفا جمع من شعره كتابا سماه مغاني المعاني كانت له
منزلة لطيفة عند الامام الناصر لدين الله. قال ابن خلكان: كانت اخباره في حياته
متواصلة إلينا ولم يتفق لي رؤيته مع المجاورة وقرب الدار من الدار لأنه كان ببغداد
333

ونحن بمدينة إربل وهما متجاورتان لكن لكثرة اطلاعي على اخباره كأني كنت معاشره
وما زلت مشغوفا بشعره مستعذبا أسلوبه فيه ثم ذكر جملة من اشعاره منها قوله:
كلفت بعلم المنجنيق ورميه * لهدم الصياصي وافتتاح المرابط
وعدت إلى نظم القريض لشقوتي * فلم أخل في الحالين من قصد حائط
وأنشد في جماعة من الصوفية أضافهم فأكلوا جميع ما قدمه لهم فكتب إلى شيخهم
يذكر حاله معهم:
مولاي يا شيخ الرباط الذي * أبان عن فضل وعلياء
إليك أشكو جور صوفية * باتوا ضيوفي وأودائي
أتيتهم بالزاد مستأثرا * وبت تشكو الجوع أحشائي
مشوا على الخبز ومن عادة * الزهاد ان يمشوا على الماء
وهم إلى الآن ضيوفي فجد * لهم بخبز أو بحلواء
أولا فخذهم واكفنيهم فما * يحسن في مثلهم رائى
وأنشد في الصوفية أيضا:
قد لبسوا الصوف لترك الصفا * مشايخ العصر لشرب العصير
الرقص والشاهد من شأنهم * شطر طويل تحت ذيل قصير
(أقول) قال الشيخ الشهيد على ما حكي عن أحد مجاميعه ما هذا لفظه: بلغ من
عناية الصوفية بكثرة الاكل ان كان نقش خاتم بعضهم (اكلها دائم) وآخر (آتنا
غداءنا) وآخر (لا تبقى ولا تذر) وفسر بعضهم الشجرة الملعونة بالخلال المجيئة
بعد الطعام واليأس منه، وفسر بعضهم الأخسرين أعمالا، فقال هم الذين يثردون
ويأكل غيرهم وقيل هم الذين لا سكاك لهم في أيام البطيخ وقال بعضهم العيش فيما بين
الخشبتين الخوان والخلال، ولقبوا الطست والإبريق إذا قدما قدام المائدة بمبشر
وبشير وبعدها بمنكر ونكير.
توفى ابن صابر سنة 626 (خكو) ببغداد ودفن بباب المشهد المعروف
334

بموسى بن جعفر " ع " والمنجنيقي بفتح الميم والجيم نسبة إلى المنجنيق، وهو
معروف والأصل فيه (من چمه نيك) تفسيره بالعربية: ما أجودني. عن أبي هلال
العسكري قال: أول من وضع المنجنيق جذيمة الأبرش ملك العرب، ولكن ورد في
الروايات ان أول منجنيق وضع المنجنيق الذي علم إبليس لعنه الله المشركين من
أصحاب نمرود لاحراق إبراهيم الخليل " ع ". قال الواحدي المفسر وغيره.
(ابن الصائغ)
من علماء السنة يطلق على جماعة منهم: أبو بكر محمد بن ماجة التجيبي
الأندلسي الفيلسوف الشاعر المعروف المتوفى سنة 533 (ثلج). ومنهم: موفق الدين
أبو البقاء يعيش بن علي بن يعيش الموصلي الحلبي النحوي المعروف شارح كتاب
المفصل للزمخشري وشارح كتاب تصريف الملوكي لابن جني، توفي بحلب سنة
643 (خمج). ومنهم: محمد بن عبد الرحمن الحنفي النحوي له شرح على ألفية ابن مالك
والقصيدة البردة والحواشي على المغني وغير ذلك توفي سنة 776 أو 777، ومن شعره:
لا تفخرن بما أوليت من نعم * على سواك وخف من كسر جبار
فأنت في الأصل بالفخار مشتبه * مما أسرع الكسر في الدنيا لفخار
واما من علماء الإمامية: فهو السيد علي بن الحسين الصائغ الحسيني العاملي
الجزيني، كان فاضلا عابدا فقيها محدثا محققا من تلامذة الشهيد الثاني وله به خصاصة
تامة، يحكى ان الشهيد الثاني كان له اعتقاد تام فيه وكان يرجو من فضل الله تعالى
ان رزقه الله تعالى ولدا ان يكون مربيه ومعلمه السيد علي بن الصائغ فحقق الله
رجاءه وتولى السيد على المذكور والسيد علي بن أبي الحسن رحمهما الله تربية ابنه
الشيخ حسن إلى أن كبر وقرأ عليهما خصوصا على ابن الصائغ هو والسيد محمد
صاحب المدارك أكثر العلوم التي استفاداه من والده الشهيد من معقول ومنقول
وفروع وأصول وغير ذلك، وللسيد ابن الصائغ كتاب شرح الشرايع وشرح
الارشاد وغير ذلك.
335

(ابن الصباغ)
أبو نصر عبد السيد بن محمد بن عبد الواحد الفقيه الشافعي كانت الرحلة
إليه من البلاد وتولى التدريس بالمدرسة النظامية ببغداد. قال ابن خلكان: كان
ثقة حجة صالحا ومن مصنفاته كتاب الشامل في الفقه وهو من أجود كتب
أصحابنا وأصحها نقلا وأثبتها أدلة، وله كتاب تذكرة العالم والطريق السالم والعدة
في أصول الفقه وتولى التدريس بالمدرسة النظامية ببغداد أول ما فتحت ثم عزل
بالشيخ أبي إسحاق وكانت ولايته لها عشرين يوما وذكر وفاته ببغداد سنة
477 (تعز) انتهى.
(وقد يطلق ابن الصباغ) على نور الدين علي بن محمد بن الصباغ المكي
المالكي صاحب كتاب الفصول المهمة في معرفة الأئمة (1) " ع " قال الكاتب الجلبي
وقد نسبه بعضهم إلى الترفض لما ذكر في أول خطبته: الحمد الله الذي جعل من صلاح
هذه الأمة نصب الإمام العادل الخ، توفي سنة 855 (ضنه).
(ابن الصلاح)
تقي الدين أبو عمرو عثمان بن صلاح الدين عبد الرحمن الشهرزوري الأربلي
الشافعي، كان من معاريف فقهاء الجمهور وصاحب علم الحديث والفتاوى المعروفة
والفروع المنقولة المشهورة، جمع بعض أصحابه فتاويه في مجلد، توفي بدمشق سنة
643 (خمج) وكان أبوه من العلماء والفقهاء مدرسا بالمدرسة الأسدية بحلب، توفي
بحلب سنة 618 (خيح). والشهرزوري يأتي في الشهرزوري.
(ابن الصوفي)
السيد الشريف أبو الحسن علي بن أبي الغنائم محمد بن علي العلوي العمري
النسابة مؤلف كتاب المجدي في أنساب الطالبيين، كان معاصرا للسيد المرتضى،

(1) طبع في النجف الأشرف بالمطبعة الحيدرية.
336

وكتابه في نهاية الاعتبار ومعتمد العلماء الكبار كما يظهر من صورة اجازة السيد
عبد الحميد بن فخار الموسوي للسيد عبد الكريم بن طاوس لما قرأ هذا الكتاب عليه
وقال شيخنا في المستدرك في أحوال السيد الرضي ونقل في الدرجات الرفيعة (1)
عن أبي الحسن العمري: وهو السيد الجليل صاحب المجدي في أنساب الطالبيين
المعاصر للسيدين قال دخلت على الشريف المرتضى فأراني بيتين قد عملهما وهما:
سرى طيف سعدى طارقا فاستفزني * هبوبا وصحبي بالفلاة هجود
فقلت لعيني عاودي النوم واهجعي * لعل خيالا طارقا سيعود
فخرجت من عنده ودخلت على أخيه الرضي فعرضت عليه البيتين فقال بديها:
فردت جوابا والدموع بوادر * وقد آن للشمل المشتت ورود
فهيهات من لقيا حبيب تعرضت * لنا دون لقياه مهامه بيد
فعمدت إلى المرتضى بالخبر فقال يعز علي أخي قتله الذكاء فما كان إلا يسيرا حتى
مضى الرضي بسبيله انتهى.
فان كان اخذ هذه الحكاية من كتابه المجدي فلا مجال لردها وإلا ففي النفس
منها شئ لكثرة غرابتها انتهى.
(بيان بيد جمع بيداء أي الفلاة). وقد يطلق ابن الصوفي على عمر بن
الحسين بن عبد الله بن محمد الصوفي بن يحيى بن عبد الله بن محمد بن عمر بن
أمير المؤمنين علي بن أبي طالب " ع ". وقد يطلق على أبى الوفاء محمد بن علي بن
محمد بن ملقطة البصري بن عم جد صاحب المجدي.
(ابن الصيفي)
شهاب الدين أبو الفوارس سعد بن محمد بن سعد بن الصيفي التميمي ويقال له
حيص بيص أيضا كان فقيها شاعرا أديبا له رسائل فصيحة بليغة وكان من أخبر

(1) طبع في المطبعة الحيدرية في النجف الأشرف.
337

الناس بأشعار العرب واختلاف لغاتهم ومن شعره:
يا طالب الرزق في الآفاق مجتهدا * أقصر عناك فان الرزق مقسوم
الرزق يسعى إلى من ليس يطلبه * وطالب الرزق يسعى وهو محروم
وله أيضا:
أنفق ولا تخش اقلالا فقد قسمت * على العباد من الرحمن أرزاق
لا ينفع البخل مع دنيا مولية * ولا يضر مع الاقبال انفاق
وله في جواب من هجاه بقوله:
كم تباري وكم تطول طر * طورك ما فيك شعرة من تميم
فكل الضب واقرط الحنظل * اليابس واشرب ما شئت بول الظليم
ليس ذا وجه من يضيف ولا * يقري ولا يدفع الأذى عن حريم
قال أبو الفوارس:
لا تضع من عظيم قدر وإن * كنت مشارا إليه بالتعظيم
فالشريف الكريم ينقص قدرا * بالتعدي على الشريف الكريم
ولع الخمر بالعقول رمى الخمر * بتنجيسها وبالتحريم
قال ابن خلكان: قال الشيخ نصر الله بن مجلي مشارف الصناعة بالمخزن وكان
من ثقات أهل السنة رأيت في المنام علي بن أبي طالب " ع " فقلت له يا أمير المؤمنين
تفتحون مكة فتقولون من دخل دار أبي سفيان فهو آمن ثم يتم على ولدك الحسين
عليه السلام يوم الطف ما تم؟ فقال اما سمعت أبيات ابن الصيفي في هذا؟ فقلت لا، فقال
اسمعها منه ثم استيقظت فبادرت إلى دار حيص بيص فخرج إلي فذكرت له الرؤيا
فشهق وأجهش بالبكاء وحلف بالله إن كانت خرجت من فمي أو خطي إلى أحد
وإن كنت نظمتها إلا في ليلتي هذه ثم أنشدني:
ملكنا فكان العفو منا سجية * فلما ملكتم سال بالدم أبطح
وحللتم قتل الأسارى وطالما * غدونا على الأسرى نمن ونصفح
338

فحسبكم هذا التفاوت بيننا * وكل إناء بالذي فيه ينضح
وانما قيل له حيص بيص لأنه رأى الناس يوما في حركة مزعجة وامر شديد فقال
ما للناس في حيص بيص فبقي عليه هذا اللقب. ومعنى هاتين الكلمتين الشدة
والاختلاط وكانت وفاته 6 شعبان سنة 574 (ثعد) ببغداد ودفن بمقابر قريش.
(أقول) ويأتي في ابن الفضل ما يتعلق به.
(ابن طاووس)
يطلق غالبا على رضي الدين أبى القاسم علي بن موسى بن جعفر بن طاوس
الحسني الحسيني السيد الاجل الأورع الأزهد قدوة العارفين الذي ما اتفقت كلمة
الأصحاب على اختلاف مشاربهم وطريقتهم على صدور الكرامات عن أحد ممن
تقدمه أو تأخر عنه غيره. قال العلامة في اجازته الكبيرة: وكان رضي الدين علي
صاحب كرامات حكي لي بعضها وروى لي والدي رحمة الله عليه البعض الآخر انتهى
وذكر شيخنا في المستدرك بعض كراماته ثم قال شيخنا رحمه الله: ويظهر
من مواضع من كتبه خصوصا كشف المحجة (1) ان باب لقائه الإمام الحجة " ع "
كان مفتوحا وقد ذكرنا بعض كلماته في رسالتنا جنة المأوى، وقال رحمه الله: وكان
رحمه الله من عظماء المعظمين لشعائر الله تعالى لا يذكر في أحد تصانيفه الاسم المبارك
الله إلا يعقبه بقوله جل جلاله.
وقال العلامة في منهاج الصلاح في مبحث الاستخارة: ورويت عن السيد
السند رضي الدين علي بن موسى بن طاوس وكان أعبد من رأيناه من أهل زمانه
انتهى. وكان رأيه في زكاة غلاته كما ذكره في كشف المحجة ان يأخذ العشر منها
ويعطى الفقراء الباقي منها وكتابه هذا مغن عن شرح حاله وعلو مقامه وعظم شأنه.
(أقول) ورأيت في كتاب من كتب الأنساب انه لما تولى السيد

(1) المطبوع في المطبعة الحيدرية في النجف الأشرف.
339

رضي الدين علي بن موسى محمد جعفر بن طاوس النقابة وقد جلس في مرتبة خضراء
وكان الناس عقيب واقعة بغداد قد رفعوا السواد ولبسوا لباس الخضرة قال علي
ابن حمزة الشاعر:
فهذا علي نجل موسى بن جعفر * شبيه علي نجل موسى بن جعفر
فذاك بدست للإمامة أخضر * وهذا بدست للنقابة أخضر
لان المأمون لما عهد إلى الرضا " ع " ألبسه لباس الخضرة وأجلسه على وسادتين
عظيمتين في الخضرة وامر الناس بلبس الخضرة والخبر بذلك معروف، وكان رحمه
الله مجمع الكمالات السامية حتى الشعر والأدب والانشاء وذلك فضل الله يؤتيه من
يشاء. مؤلفاته مشهورة لا تحتاج إلى الإشارة إليها، ومن شعره:
خبت نار العلى بعد اشتعال * ونادى الخير حي على الزوال
عدمنا الجود إلا في الأماني * وإلا في الدفاتر والأمالي
فياليت الدفاتر كن قوما * فأثرى الناس من كرم الخصال
ولو انى جعلت أمير جيش * لما حاربت إلا بالسؤال
لان الناس ينهزمون منه * وقد ثبتوا لأطراف العوالي
توفي رحمه الله يوم الاثنين خامس ذي القعدة سنة 664 (خسد) (وقد يطلق
ابن طاوس) على أخيه أبى الفضائل جمال الدين بن أحمد بن موسى بن جعفر العالم
الفاضل الفقيه الورع المحدث صاحب التصانيف الكثيرة المتوفى سنه 673 والمدفون
بالحلة. قال شيخنا في المستدرك في ذكر مشائخ آية الله العلامة الحلي (ره) السابع
من مشائخ العلامة جمال الدين أبو الفضائل والمناقب والمكارم السيد الجليل أحمد بن
السيد الزاهد سعد الدين أبى إبراهيم موسى بن جعفر (الذي هو صهر الشيخ
الطوسي على ابنته) ابن محمد بن أحمد بن محمد بن أبي عبد الله محمد الملقب بالطاوس
لحسن وجهه وجماله.
وفي مجموعة الشهيد: كان أول من ولي النقابة بسوراء وانما لقب بالطاوس
340

لأنه كان مليح الصورة وقدماه غير مناسب لحسن صورته وهو ابن إسحاق الذي
كان يصلي في اليوم والليلة الف ركعة خمسمائة من نفسه وخمسمائة عن والده، كما في
مجموعة الشهيد ابن الحسن بن محمد بن سليمان بن داود رضيع أبى عبد الله جعفر
ابن محمد " ع " - ابن الحسن المثنى بن الإمام الهمام الحسن السبط الزكي " ع " فقيه
أهل البيت " ع " وشيخ الفقهاء وملاذهم صاحب التصانيف الكثيرة البالغة إلى حدود
الثمانين التي منها: كتاب البشرى في الفقه في ست مجلدات والملاذ فيه في أربع
مجلدات ولم يبق منها أثر لقلة الهمم سوى بعض الرسائل كعين العبرة في غبن
العترة (1) عثرت منها على نسخة عليها خط شيخنا الحر وكتاب بناء المقالة العلوية
في نقض الرسالة العثمانية للجاحظ وعندنا منه نسخة بخط تلميذه الأرشد تقي الدين
حسن بن داود وقرأه عليه وفيه بعض التبليغات بخط المصنف.
(أقول) ثم ساق الكلام في وصف الكتاب ليعلم وضع الكتاب ومقام صاحبه
في البلاغة ثم قال وهو رحمه الله أول من نظر في الرجال وتعرض لكلمات أربابها في
الجرح والتعديل وما فيها من التعارض وكيفية الجمع في بعضها ورد بعضها وفتح
هذا الباب لمن تلاه من الأصحاب وكلما أطلق في مباحث الفقه والرجال ابن طاوس
فهو المراد منه انتهى.
الثالث من بني طاوس غياث الدين عبد الكريم بن أحمد بن طاوس قال شيخنا
في المستدرك في حقه: نادرة الزمان وأعجوبة الدهر الخوان صاحب المقامات
والكرامات كما أشار إليه الشهيد الثاني في اجازته الكبيرة قال تلميذه الأرشد تقي الدين
الحسن بن داود في رجاله سيدنا الامام المعظم غياث الدين الفقيه النسابة النحوي
العروضي الزاهد العابد أبو المظفر قدس الله روحه انتهت رياسة السادات وذوي
النواميس إليه وكان أوحد زمانه حائري المولد حلي المنشأ بغدادي التحصيل كاظمي
الخاتمة، ولد في شعبان سنة 648 وتوفى في شوال سنة 693، وكان عمره خمسا

(1) طبع في المطبعة الحيدرية في النجف الأشرف.
341

وأربعين سنة وأياما كنت قرينه طفلين إلى أن توفى ما رأيت قبله ولا بعده بخلقه
وجميل قاعدته وحلو معاشرته ثانيا ولذكائه وقوة حافظته مماثلا ما دخل ذهنه شئ
قط فكاد ينساه حفظ القرآن في مدة يسيرة وله إحدى عشرة سنة اشتغل بالكتابة
واستغنى عن المعلم في أربعين يوما وعمره إذ ذاك أربع سنين ولا تحصى مناقبه
وفضائله وله كتب منها الشمل المنظوم في مصنفي العلوم ما لأصحابنا مثله ومنها
كتاب فرحة الغري (1) وغير ذلك.
وفي الرياض وقد لخص بعض العلماء كتابه هذا يعني الفرحة وسماه الدلائل
البرهانية في تصحيح الحضرة الغروية رأيته بطهران ولم أعرف مؤلفه.
(قلت) وترجمه العلامة المجلسي رحمه الله بالفارسية وهو كتاب حسن
كثير الفوائد ويظهر من قول أبي داود كاظمي الخاتمة انه رحمه الله توفي في بلد
الكاظم " ع " وفي الحلة مزار شريف ينسب إليه يزار ويتبرك به. ونقله منها إليها
بعيد في الغاية مثل هذا الاشكال يأتي في ترجمة عمه الاجل رضي الدين علي بن
طاوس رحمه الله وهذا السيد الجليل يروي عن جماعة من أساطين الملة منهم والده
وعمه رضي الدين علي والمحقق وابن عمه يحيى بن سعيد والخواجة نصير الدين
والشيخ مفيد الدين والشيخ ابن جهم والسيد عبد الحميد بن فخار
وغيرهم رضوان الله عليهم أجمعين. الرابع من بنى طاوس السيد رضي الدين علي بن
رضي الدين علي بن طاوس الذي شرك والده في الاسم واللقب صاحب كتاب زوائد
الفوائد الذي ينقل عنه العلامة المجلسي (ره) الحديث المشهور في فضل تاسع شهر
ربيع الأول. وبالجملة بنو طاوس هم السادة الاجلاء والعلماء الفقهاء الأتقياء:
سدتم الناس بالتقى وسواكم * سودته البيضاء والصفراء
(ابن طباطبا) انظر طباطبا

(1) طبع في المطبعة الحيدرية في النجف الأشرف.
342

(ابن طبرزد)
أبو حفص عمر بن أبي بكر محمد بن معمر البغدادي المحدث، كان عالي
الاسناد في سماع الحديث، طاف البلاد وأفاد أهلها وطبق الأرض بالسماعات
والاجازات، توفي ببغداد سنة 607 (خز). طبرزد بالراء الساكنة بين الفتحات
اسم لنوع من السكر.
(ابن الطقطقي)
فخر الدين محمد بن نقيب النقباء تاج الدين علي الحسنى، ولد في حدود
سنة 660 ونشأ في الموصل وألف كتابه الفخري (1) في الآداب السلطانية والدول
الاسلامية لفخر الدين عيسى بن إبراهيم فرغ من تأليفه بالموصل سنة 701
وتوفي سنة 709.
(ابن طلحة)
كمال الدين محمد بن طلحة بن محمد بن الحسن النصيبي العدوي الشافعي أحد
الصدور والرؤساء المعظمين، له مطالب السؤول في مناقب آل الرسول. والعقد
الفريد للملك السعيد، توفي بحلب سنة 652 (خنب).
(ابن طولون)
الأمير أبو العباس أحمد بن طولون صاحب الديار المصرية والشامية والثغور،
كان المعتز بالله قد ولاه مصر ثم استولى على دمشق وأنطاكية والثغور، وكان
شجاعا طائش السيف يقال انه أحصى من قتله ابن طولون صبرا ومن مات في حبسه

(1) قال في أول الكتاب في مدح النظر في الكتب والاشتغال بالعلم قال: وكان
الفتح بن خاقان إذا كان جالسا في حضرة المتوكل وأراد ان يقوم إلى المتوضأ اخرج
من ساق موزته كتابا لطيفا فلا يزال يطالعه في ممره وعوده فإذا وصل إلى الحضرة
الخليفية أعاده إلى ساق موزته.
343

فكان عددهم ثمانية عشر ألفا، وكان يحب أهل العلم، وكانت له مائدة يحضرها
كل يوم الخاص والعام، وكان له ألف دينار في كل شهر للصدقة، وبنى الجامع
المنسوب إليه بين القاهرة ومصر سنة 259 وتوفي بمصر سنة 270 (رع)
وتقدم ذكر ابنه أبو الجيش. ثم اعلم أن بدر الكبير غلام ابن طولون كان
أميرا على بلاد فارس كلها وتوفي بتلك النواحي فقام ابنه أبو بكر محمد بن بدر
مقامه فأطاعه الناس وصار أميرا على بلاد فارس مدة ثم قدم بغداد وحدث بها.
ذكره الخطيب في تأريخه وقال: توفي في رجب سنة 364 وكان مذهب في الرفض
(ابن طيفوري)
إسرائيل بن زكريا بن يوحنا بن طيفوري من مشاهير أطباء بغداد، له
الخطوة والمكانة عند المتوكل وفتح بن خاقان كما لبختيشوع عند هارون حكي انه
كان بعد المتوكل عند المنتصر كما كان عند أبيه المتوكل لكن الأتراك أعطوه جعلا
ان يسم المنتصر ففصده بمبضع مسموم فعمل السم فيه فمات فاتفق انه عرض له النسيان
ففصد نفسه بذلك المبضع فمات وكان ذلك في سنة 268، وأبوه زكريا طبيب مشهور
له الحظوة عند أفشين من أمراء المعتصم.
(ابن طي)
أبو القاسم علي بن علي بن محمد بن طي العاملي الامامي العالم الفاضل
الكامل الفقيه صاحب مسائل ابن طي ورسالة في العقود والايقاعات، توفي
سنة 855 (ضنه).
(ابن ظافر الأزدي)
جمال الدين علي بن ظافر بن حسين الفقيه الوزير المصري، كان بارعا في علم
التأريخ واخبار الملوك مدرسا بمدرسة المالكية بمصر بعد أبيه اقبل آخر عمره على
مطالعة الأحاديث النبوية وأدمن النظر فيها، له بدايع الولاية جمع فيه اخبار الشعراء
توفي سنة 623 والأزدي يأتي في الطحاوي.
344

(ابن ظهيرة)
جمال الدين محمد بن امين المكي الحنفي صاحب الجامع اللطيف في فضائل
مكة وبناء البيت وذكر فيه أمراء مكة من لدن عهد النبي صلى الله عليه وآله إلى عام 949 وكان
موجودا سنة 960.
(ابن عابدين)
محمد امين بن عمر بن عبد العزيز الدمشقي الشافعي الحنفي علامة عصره اخذ
عن الشيخ الأمير المصري، وأجازه محدث الديار الشامية الشيخ محمد الكزبري،
واخذ عنه كثير من العلماء، له مصنفات كثيرة مطبوعة في الفقه وغيره توفي
بدمشق سنة 1253 ودفن بمقبرة باب الصغير.
(ابن عاصم)
القاضي أبو بكر محمد بن محمد بن عاصم الأندلسي الغرناطي المالكي، صاحب
الدر النفيس والياقوت الثمين وحدائق الأزهار وتحفة الحكام وغير ذلك، ولد سنة
760 وتوفي سنة 829 والى التأريخين أشار من قال:
وقد رقصت غرناطة بابن عاصم * وسحت دموعا للقضاء المنزل
وفي كشف الظنون توفي سنة 835.
(ابن عايشة)
يطلق على جماعة منهم: أبو عبد الرحمن عبيد الله بن محمد بن حفص التيمي
يعرف بابن عايشة، لأنه من ولد عائشة بنت طلحة بن عبيد الله التيمي سمع حماد بن
سلمة، وكان عنده تسعة آلاف حديث. قاتل الخطيب في تأريخه: وكان من أهل البصرة
فقدم بغداد وحدث بها ثم عاد إلى البصرة وكان فصيحا أديبا سخيا حسن
الخلق غزير العلم عارفا بأيام الناس توفي بالبصرة سنة 282، ومنهم: محمد المغني الذي
345

يضرب به المثل في الغناء وله نوادر وحكايات في أيام بني مروان مذكورة في
الأغاني وغيره فمما يحكى عنه ما رواه المسعودي في مروج الذهب عن سمير للوليد
ابن يزيد بن عبد الملك بن مروان قال: رأيت ابن عائشة القرشي عند الوليد
وقال له غنني فغناه:
إني رأيت صبيحة النحر * حورا نعين عزيمة الصبر
مثل الكواكب في مطالعها * عند العشاء أطفن بالبدر
وخرجت أبغي الاجر محتسبا * فرجعت موفورا من الوزر
فقال له الوليد أحسنت والله أعد بحق عبد شمس فأعاد فقال أحسنت والله
بحق أمية أعد فأعاد فجعل يتخطى من أب إلى أب ويأمره بالإعادة حتى بلغ نفسه
فقال أعد بحياتي فأعاد فقام إلى ابن عائشة فأكب عليه ولم يبق عضوا من أعضائه إلا
قبله وأهوى إلى.. فجعل ابن عائشة يضم ذكره بين فخذيه فقال الوليد والله
لا زلت حتى أقبله فقبل رأسه وقال وا طرباه وا طرباه ونزع ثيابه فألقاها على ابن
عائشة وبقي مجردا إلى أن أتوه بثياب غيرها ودعا له بألف دينار فدفعت إليه وحمله
على بغلة وقال اركبها على بساطي وانصرف فقد تركتني على أحر من جمر الغضا.
(وقد يطلق ابن عائشة) على إبراهيم بن محمد بن عبد الوهاب بن إبراهيم
الامام بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب الذي سعى في البيعة
لإبراهيم بن المهدي فاخذه المأمون وقتله وصلبه في سنة 209 (رط) وهو أول
عباسي صلب في الاسلام.
(ابن عباس)
عبد الله بن العباس بن عبد المطلب أمه لبانة بنت الحرث بن الحزن أخت
ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وآله. قال العلامة: كان محبا لعلي " ع " وتلميذه حاله في الجلالة
والاخلاص لأمير المؤمنين " ع " أشهر من أن يخفى وقد ذكر (كش) أحاديث
346

تتضمن قدحا فيه وهو اجل من ذلك وقد ذكرناه في كتابنا الكبير
واجبنا عنها انتهى.
(أقول) ذكروا انه ولد بمكة قبل الهجرة بثلاث سنين ودعا له النبي صلى الله عليه وآله
بالفقه والتأويل، وكان حبر هذه الأمة وترجمان القرآن، وكان عمر يقربه ويشاوره
مع جملة الصحابة (1) كف بصره في أواخر عمره وتوفي بالطائف سنة 86 وله
تفسير مطبوع واني ذكرت كثيرا مما يتعلق بأحواله في كتاب سفينة البحار،
ولنكتف هنا بذكر خبر واحد رواه العلامة المجلسي عن كفاية الأثر عن عطاء قال:
دخلنا على عبد الله بن عباس وهو عليل بالطائف في العلة التي توفي فيها ونحن زهاه
ثلاثين رجلا من شيوخ الطائف وقد ضعف فسلمنا عليه وجلسنا فقال لي يا عطاء
من القوم؟ قلت يا سيدي هم شيوخ هذا البلد منهم عبد الله بن سلمة بن حصرم
الطائفي وعمارة بن أبي الأجلح وثابت بن مالك فما زلت أعد له واحدا بعد واحد
ثم تقدموا إليه فقالوا يا ابن عم رسول الله انك رأيت رسول الله وسمعت منه
ما سمعت فأخبرنا عن اختلاف هذه الأمة فقوم قدموا عليا على غيره وقوم جعلوه
بعد الثلاثة قال فتنفس ابن عباس فقال سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: علي مع
الحق والحق معه وهو الامام والخليفة من بعدي فمن تمسك به فاز ونجا ومن تخلف
عنه ضل وغوى، إلى أن قال ثم بكى بكاءا شديدا فقال له القوم أتبكي ومكانك
من رسول الله صلى الله عليه وآله مكانك؟ فقال لي يا عطاء انما أبكي لخصلتين هول المطلع وفراق
الأحبة ثم تفرق القوم عنه فقال لي يا عطاء خذ بيدي واحملني إلى صحن الدار
وأخذنا بيده انا وسعيد وحملناه إلى صحن الدار ثم رفع يديه إلى السماء وقال:

(1) روى الخطيب البغدادي عن عطاء قال: ما رأيت مجلسا قط كان أكرم
من مجلس ابن عباس أكثر علما وأعظم جفنة وان أصحاب القرآن عنده يسألونه
وأصحاب النحو عنده يسألونه وأصحاب الشعر عنده يسألونه وأصحاب الفقه عنده
يسألونه كلهم يصدرهم في واد واسع انتهى.
347

اللهم إني أتقرب إليك بمحمد وآل محمد اللهم إني أتقرب إليك بولاية الشيخ علي بن أبي طالب
" ع " فما زال يكررها حتى وقع إلى الأرض فصبرنا عليه ساعة ثم أقمناه
فإذا هو ميت رحمة الله عليه انتهى.
رواية أخرى لما مات غسل وكفن ثم صلى على سريره فجاء طائران أبيضان
فدخلا في كفنه فرأى الناس انما هو فقهه فدفن.
وروي عن محمد بن أمير المؤمنين انه قال حين مات ابن عباس اليوم مات رباني
هذه الأمة. وابنه أبو محمد علي بن عبد الله بن العباس جد السفاح والمنصور كان
شريفا وكان أصغر أولاد أبيه: روي أنه لما ولد أخرجه أبوه إلى أمير المؤمنين
عليه السلام فحنكه ودعا له ثم رده إليه وقال خذ إليك أبا الأملاك قد سميته عليا
وكنيته أبا الحسن.
قال ابن خلكان: قال الحافظ أبو نعيم في كتابه حلية الأولياء: انه لما قدم
على عبد الملك بن مروان قال له غير اسمك وكنيتك قال اما الاسم فلا واما الكنية
فنعم فاكتبني بابى محمد فغير كنيته. قال ابن خلكان: وانما قال له عبد الملك هذه
المقالة لبغضه في علي بن أبي طالب فكره ان يسمع اسمه وكنيته وكان علي المذكور
عظيم المحل عن أهل الحجاز وكان إذا قدم حاجا أو معتمرا عطلت قريش مجالسها
في المسجد الحرام ولزمت مجلسه اعظاما وله وتبجيلا وكان ادم جسيما له لحية طويلة
وكان عظيم القدم جدا لا يوجد له نعل ولا خف حتى يستعمله وكان مفرطا في الطول
إذا طاف فكأنما الناس حوله مشاة وهو راكب من طوله وكان مع هذا الطول يكون
إلى منكب أبيه عبد الله وعبد الله إلى منكب أبيه العباس، وكان العباس إذا طاف
كأنه فسطاط أبيض. وذكر المبرد في الكامل: ان العباس كان عظيم الصوت
وجاءتهم مرة غارة وقت الصباح فصاح بأعلى صوته وا صباحاه فلم تسمعه حامل في
الحي إلا وضعت. وذكر أبو بكر الحازمي: انه كان العباس يقف على سلع وهو
جبل بالمدينة فينادي غلمانه وهم بالغابة فيسمعهم وذلك من آخر الليل وبين الغابة
348

وسلع ثمانية أميال (1) توفي علي بن عبد الله المذكور سنة 117 بالشراة وهي صقع
بالشام في طريق المدينة من دمشق وفي بعض نواحيه الحمية بضم الحاء المهملة وفتح
الميمين وهذه القرية كانت لعلي المذكور وأولاده في أيام بنى أمية وفيها ولد السفاح
والمنصور وكان علي المذكور يخضب بالسواد وابنه محمد والد الخليفتين يخضب
بالحمرة فيظن من لا يعرفهما ان محمدا علي وان عليا محمد، وأولاد علي: (1) عبد الله
(2) عبد الصمد (3) إسماعيل (4) عيسى (5) داود (6) صالح (7) سليمان
(8) إسحاق (9) محمد (10) يحيى هؤلاء بن علي بن عبد الله بن العباس وكان محمد
ابن علي المذكور من أجمل الناس عظيم الشأن وكان بينه وبين أبيه في العمر أربع
عشرة سنة، وقد ورد مع أبيه علي على عبد الملك بن مروان بدومة الجندل ومعه
قائف يحدثه فلما رآهما عبد الملك انتقع لونه وقطع حديثه وأجلسهما وأكرمهما فلما
ذهبا التفت إلى القائف فقال أتعرف هذا؟ فقال لا ولكن أعرف من امره واحدة
قال وما هي؟ قال إن كان الفتى الذي معه ابنه فإنه يخرج من عقبه فراعنة يملكون
الأرض ولا يناويهم مناو إلا قتلوه فأربد لون عبد الملك ثم قال زعم راهب إيليا
ورآه عندي انه يخرج من صلبه ثلاثة عشر ملكا وصفهم بصفاتهم. وكان سبب

(1) العباس بن عبد المطلب عم النبي يكنى أبا الفضل، كانت له السقاية. وأسلم يوم
بدر، واستقبل النبي صلى الله عليه وآله عام الفتح بالأبواء وكان معه حين فتح وبه ختمت الهجرة
ومات بالمدينة في أيام عثمان وكف بصره روي عنه خبر أحببت ذكره هنا. روى
الخطيب في تأريخ بغداد عن أحمد بن إبراهيم الموصلي قال: كنت ذات ليلة بإزاء
المأمون فما مر واحد من غلمانه وخدمه إلا أعتقه ووصله إذ مر به غلام من أحسن
الناس وجها فقلت يا أمير المؤمنين ما بال عبدك هذا حرم ما رزقه غيره من عبيدك؟
فقال سمعت أبي يقول سمعت جدي يقول عن ابن عباس قال سمعت العباس بن
عبد المطلب يقول: طينة المعتق من المعتق. فان ذا حجام فكرهت ان يكون
من طينتي حجام.
349

انتقال الامر إليه أبو هاشم بن محمد بن الحنفية، وتقدم الإشارة إليهم في أبو هاشم
توفي محمد بن علي المذكور سنة 126 أو 122 بالشراة. ومولى ابن عباس أبو
عبد الله عكرمة بسكون الكاف وكسر طرفيها ابن عبد الله البربري، كان أحد
فقهاء مكة حدث عن ابن عباس وابن عمر وعبد الله بن عمرو بن العاص وأبي هريرة
وأبي سعيد الخدري وعائشة.
حكي انه قيل لسعيد بن جبير هل تعلم أحدا اعلم منك؟ قال عكرمة.
قال ابن خلكان: وقد تكلم الناس فيه لأنه كان يرى رأي الخوارج. وقد
روى عن جماعة من الصحابة قال عبد الله بن الحرث: دخلت على علي بن عبد الله
ابن عباس وعكرمة موثق على باب كنيف فقلت أتفعلون هذا بمولاكم؟ فقال إن
هذا يكذب على أبي. توفى عكرمة سنة 107، وقيل مات عكرمة وكثير عزة في
يوم واحد بالمدينة سنة 105 إنتهى.
وذكر ابن قتيبة في المعارف عن يزيد بن هارون قال: قدم عكرمة البصرة
فاتاه أيوب وسليمان التيمي ويونس فبينا هو يحدثهم سمع صوت غناء فقال عكرمة
اسكتوا فنسمع ثم قال قاتله الله لقد أجاد أو قال ما أجود ما غنى، فاما سليمان ويونس
فلم يعودا إليه وعاد أيوب قال يزيد وقد أحسن أيوب.
(ابن عبد البر)
الحافظ أبو عمر يوسف بن عبد الله الأندلسي المغربي الأشعري صاحب
كتاب الاستيعاب في معرفة الأصحاب، كان امام عصره في الحديث والأثر، قيل
وله مختصر جامع في بيان العالم وفضله قال فيه وأحسن ما رأيت في آداب التعلم
والتفقه من النظم ما ينسب إلى اللؤلؤي من الرجز وبعضهم ينسبه إلى المأمون وقد
رأيت إيراده هنا لحسنه رجاء النفع به قال:
واعلم بأن العلم بالتعلم * والحفظ والاتقان والتفهم
350

والعلم قد يرزقه الصغير * في سنه ويحرم الكبير
فإنما المرء بأصغريه * ليس برجله ولا يديه
لسانه وقلبه المركب * في صدره وذاك خلق عجب
والعلم بالفهم وبالمذاكرة * والدرس والفكرة والمناظرة
فرب انسان ينال الحفظا * ويورد النص ويحكي اللفظا
وما له في غيره نصيب * مما حواه العالم الأريب
فالتمس العلم وأجمل في الطلب * والعلم لا يحسن إلا بالأدب
والأدب النافع حسن الصمت * وفي كثير القول بعض المقت
فكن لحسن الصمت ما حييتا * مقارفا تحمد ما بقيتا
وان بدت بين اياس مسأله * معروفة في العلم أو مفتعله
فلا تكن إلى الجواب سابقا * حتى ترى غيرك فيها ناطقا
فكم رأيت من عجول سابق * من غير فهم بالخطأ ناطق
أزرى به ذلك في المجالس * عند ذوي الألباب والتنافس
والصمت فاعلم بك حق أزين * ان لم يكن عندك علم متقن
وقل إذا أعياك ذاك الامر * مالي بما تسأل عنه خبر
فذاك شطر العلم عند العلما * كذاك ما زالت تقول الحكما
إياك والعجب بفضل رأيكا * واحذر جواب القول مع خطائكا
كم من جواب أعقب الندامة * فاغتنم الصمت مع السلامة
ولو يكون القول في القياس * من فضة بيضاء عند الناس
إذن لكان الصمت من عين الذهب * فافهم هداك الله آداب الطلب
توفي بشاطبة سنة 463 (تسج). والأندلسي يأتي في ابن عبد ربه.
(ابن عبد الدائم المقدسي)
زين الدين احمد الحنبلي الشامي الفاضل الكاتب، حكي انه كان يكتب إذا
351

تفرغ في اليوم تسع كراريس وكان ينظر في الصفحة مرة واحدة ويكتبها ولازم
النسخ خمسين سنة وخطه لا نقط ولا ضبط وكتب الفين كتابا، وفي أواخر عمره
عجز عن الكتابة فقال في ذلك:
عجزت عن حمل قرطاس وعن قلم * من بعد إلفي بالقرطاس والقلم
كتبت ألفا وألفا من مجلدة * فيها علوم الورى من غير ما ألم
ما العلم فخر امرئ إلا لعامله * إن لم يكن عمل فالعلم كالعدم
توفي سنة 660.
(ابن عبد ربه)
أبو عمر أحمد بن محمد بن عبد ربه القرطبي الأندلسي المرواني المالكي
فاضل شاعر أديب صاحب كتاب العقد الفريد وهو من الكتب الممتعة حوى من
كل شئ طبع مرات في مجلدات، قال في المجلد الثاني منه ص 205 الذين تخلفوا
عن بيعة أبي بكر علي والعباس والزبير فقعدوا في بيت فاطمة " ع " حتى بعث إليهم
أبو بكر عمر بن الخطاب ليخرجهم من بيت فاطمة وقال له إن أبوا فقاتلهم فاقبل
بقبس من نار على أن يضرم عليهم الدار فلقيته فاطمة فقالت يا ابن الخطاب جئت
لتحرق دارنا؟ قال نعم أو تدخلوا فيما دخلت به الأمة فخرج علي حتى دخل على
أبى بكر فبايعه.
توفي سنة 328 بقرطبة. وقرطبة بالراء الساكنة بين المضمومتين مدينة
كبيرة من بلاد الأندلس كانت بها ملوك بني أمية. والأندلس بفتح الهمزة
وسكون النون وفتح الدال المهملة وضم اللام وآخره سين مهملة جزيرة متصلة بالبر
الطويل متصل بالقسطنطينية العظمى، وانما قيل للأندلس جزيرة لان البحر محيط
بها من جهاتها إلا الجهة الشمالية. حكي ان أول من عمرها بعد الطوفان أندلس بن
يافث بن نوح عليه السلام فسميت باسمه والله العالم.
352

(ابن عبدون)
كعصفور، من العلماء الامامية أبو عبد الله أحمد بن عبد الواحد الشيخ
الأقدم الأديب المحدث الجليل صاحب تفسير خطبة فاطمة عليه السلام وكتاب عمل الجمعة
وغير ذلك. قال (جش) كان قويا في الأدب وقد قرأ كتب الأدب على شيوخ
أهل الأدب وقد لقي أبا الحسن علي بن محمد القرشي المعروف بابن الزبير وكان علوا
في الوقت انتهى.
وقال الشيخ الطوسي: أحمد بن عبدون المعروف بابن الحاشر يكنى أبا عبد الله
كثير السماع والرواية سمعنا منه وأجاز لنا جميع ما رواه مات سنة 423 (تكج) انتهى
وابن عبدون من علماء العامة أبو محمد عبد المجيد بن عبدون اليابري الفهري
وزير بني الأفطس كان أديبا شاعرا فاضلا اخذ الناس عنه واستوزره المتوكل
أبو محمد عمر بن الأفطس وشهد ابن عبدون نكبته سنة 487 فرثاه بقصيدته الرائية
وهي من أمهات القصائد أولها:
الدهر يفجع بعد العين بالأثر * فما البكاء على الأشباح والصور
أنهاك أنهاك لا آلوك معذرة * عن نومة بين ناب الليث والظفر
وقد شرح هذه القصيدة أبو مروان عبد الملك بن عبد الله بن بدرون الحضرمي
الإشبيلي المعروف بابن بدرون من أدباء القرن السادس، وشرحها أيضا ابن الأثير
الحلبي عماد الدين إسماعيل بن محمد بن سعد بن أحمد بن الأثير الشافعي المتوفي سنة
696 صاحب احكام الاحكام شرح عمدة الحكام للمقدسي الحنبلي، توفي ابن
عبدون هذا سنة 520، وقد يطلق على محمد بن عبد الله الحنفي صاحب كتاب
الاحتجاج بقول أبي حنيفة، توفي سنة 299 (صرط).
(ابن العبري)
غريغور يوس أبو الفرج الملطي بن هارون المؤرخ الطبيب النصراني، ولد
353

بملطية من ديار بكر سنة 623 قرأ الطب على أبيه وكان أبوه طبيبا ماهرا وله خبرة
بالفلسفة فلقن ابنه مبادئ العلوم ثم قرأ أبو الفرج اللغات اليونانية والسريانية
والعربية ثم اشتغل بالفلسفة واللاهوت على مذهب اليعقوبية، له تأريخ مختصر
الدول ولمع من اخبار العرب وغير ذلك. توفي بمراغة سنة 685.
(ابن العتايقي)
كمال الدين عبد الرحمن بن محمد بن إبراهيم بن العتايقي الحلي الامامي الشيخ
العالم الفاضل المحقق الفقيه المتبحر، كان من علماء المائة الثامنة معاصرا للشيخ الشهيد
وبعض تلامذة العلامة رحمهم الله تعالى، له مصنفات كثيرة في العلوم رأيت جملة
منها في الخزانة المباركة الغروية ولعل بعضها كانت بخطه، وله شرح على نهج البلاغة
قال (ض) وله ميل إلى الحكمة والتصوف لكن قد اخذ أصل شرحه من شرح ابن ميثم
وكان تأريخ فراغه من تصنيف المجلد الثالث من شرحه على النهج في شعبان سنة 780
(ذف) انتهى. والعتائق كما في القاموس قرية بنهر عيسى وقرية بشرقي الحلة المزيدية.
(ابن عدي)
عبد الله بن عدي الجرجاني أحد أئمة الحديث والرجال من أهل السنة صاحب
كتاب الكامل يذكرون قوله في الجرح والتعديل كثيرا، توفي سنة 365 (شسه).
وهو غير ابن عدي التكريتي أبو زكريا يحيى بن عدي بن حميد المنطقي نزيل بغداد
كان نصرانيا يعقوبي النحلة قرأ على الفارابي، واليه انتهت رياسة أهل المنطق في
زمانه، له تهذيب الأخلاق وكتاب البرهان وغير ذلك. توفي ببغداد سنة
364 (شد).
(ابن الصديم)
كمال الدين عمر بن أحمد بن هبة الله الحلبي المعروف بابن أبى جرادة من أعيان
أهل حلب وأفاضلهم، تقدم ذكره في أبو جرادة. له زبدة الحلب في تاريخ حلب،
354

وله قصيدة ميمية ذكر فيها ما فعله التتر بحلب من تخريب بنيانها وقتل أهلها أولها:
هو الدهر ما تبنيه كفك يهدم * وإن رمت إنصافا لديه فتظلم
توفي بالقاهرة سنة 660 (خس).
(ابن عربشاه الأسفرايني) انظر عصام الدين
(ابن عربشاه الدمشقي)
أحمد بن محمد بن عبد الله الدمشقي الرومي الحنفي فاضل معروف، له مصنفات
بلغة الترك والعجم والعرب منها: عجائب المقدور في اخبار نوائب تيمور وهو
كتاب بديع الانشاء مسجع مقفى ترجمه الفاضل الأديب المرتضى المعروف بنظمي
زاده البغدادي الذي كان في أوائل القرن الثاني عشر وفاكهة الخلفاء ومفاكهة
الظرفاء ومرزبان نامه، توفي سنة 854 (ضند).
(ابن العربي)
يطلق على محيي الدين الآتي ذكره، وقد يطلق على القاضي أبى بكر محمد بن
عبد الله الأندلسي المالكي الحافظ المحدث الذي صحب أبا بكر الشاشي وأبا حامد
الغزالي وغيرهما من العلماء فكتب عنهم واستفاد منم وصنف كتاب عارضه (1)
الأحوذي في شرح سنن الترمذي، توفي سنة 543 (ثمج أو ثمود).
(ابن عساكر)
أبو القسم علي بن الحسن بن هبة الله الدمشقي الشافعي المحدث الحافظ
المشهور صاحب كتاب تأريخ دمشق وكتاب الأربعين قيل كان عدة شيوخه الف
وثلثمائة شيخ وثمانون امرأة وحدث بأصفهان وخراسان وكان الملك العادل محمود
ابن زنكي نور الدين قد بنى له دار الحديث النورية فدرس بها إلى حين وفاته، ومن
شعره في علم الحديث:

(1) العارضة القدرة على الكلام، والأحوذي الخفيف في الشئ لحذقه.
355

ألا إن الحديث اجل علم * وأشرفه الأحاديث العوالي
وأنفع كل نوع منه عندي * وأحسنه الفوائد والأمالي
وإنك لن ترى للعم شيئا * يحققه كأفواه الرجال
فكن يا صاح ذا حرص عليه * وخذه عن الرجال بلا ملال
ولا تأخذه عن صحف فترمى * من التصحيف بالداء العضال
وينسب إليه أيضا:
أيا نفس ويحك جاء المشيب * فماذا التصابي وماذا الغزل
تولى شبابي كأن لم يكن * وجاء المشيب كأن لم يزل
كأني بنفسي على غرة * وخطب المنون بها قد نزل
فيا ليت شعري ممن أكون * وما قدر الله لي في الأزل
توفي سنة 571 (ثعا) بدمشق وحضر جنازته بالميدان للصلاة عليه الملك الناصر
صلاح الدين يوسف بن أيوب ودفن بمقبرة باب الصغير في الحجرة التي فيها قبر
معاوية، وابن أخيه أبو منصور عبد الرحمن بن محمد بن الحسن بن هبة الله فخر الدين
ابن عساكر الفقيه الشافعي كان مرجع الفضلاء درس بالقدس زمانا وبدمشق
واشتغل عليه خلق كثير توفي سنة 620 (خك). وقد يطلق ابن عساكر على احمد
ابن هبة الله بن أحمد بن محمد الدمشقي الشافعي المتوفي سنة 738 (ذلح) كما في
الروضات. ولا يخفى انه غير ابن عساكر محمد بن علي بن مصباح صاحب دوحة
الناشر لمحاسن من كان بالمغرب من مشايخ القرن العاشر.
(ابن عصفور)
علي بن مؤمن بن محمد بن علي الحضرمي الأندلسي النحوي حامل لواء
العربية في زمانه بمملكة الأندلس صاحب الشروح على الجمل وشرح الجزولية وغيره
توفي سنة 663 وقيل 669.
356

(أقول) العصفور بضم العين، والأنثى عصفورة، ويتميز الذكر منهما
بلحية سوداء كالرجل والتيس والديك وليس في الأرض حيوان أحنى منه على ولده ولا
أشد له عشقا، وإذا خلت مدينة عن أهلها ذهبت العصافير منها فإذا عادوا عادت
وهو لا يعرف المشي بل يثب وثبا وهو كثير السفاد فربما سفد في ساعة واحدة
مائة مرة ولذلك قصر عمره فإنه لا يعيش في الغالب أكثر من سنة. روي أن سليمان
النبي " ع " رأى عصفورا يقول لعصفورة لم تمنعين نفسك مني؟ ولو شئت اخذت
قبة سليمان بمنقاري فألقيتها في البحر فتبسم سليمان من كلامه ثم دعاهما وقال للعصفور
أتطيق ان تفعل ذلك؟ فقال لا يا رسول الله ولكن المرء قد يزين نفسه ويعظمها
عند زوجته والمحب لا يلام على ما يقول، فقال سليمان للعصفورة لم تمنعينه من
نفسك وهو يحبك؟ فقالت يا نبي الله انه ليس محبا ولكنه مدع لأنه يحب معي
غيري فأثر كلام العصفورة في قلب سليمان وبكى بكاءا شديدا واحتجب عن الناس
أربعين يوما يدعو الله ان يفرغ قلبه لمحبته وان لا يخالطها بمحبة غيره.
(ابن عطاء الله)
الشيخ تاج الدين أبو الفضل أحمد بن محمد بن عبد الكريم بن عطاء الله
الإسكندري الشاذلي كان جامعا لأنواع العلوم من تفسير وحديث ونحو وأصول
وفقه على مذهب مالك وصحب في التصوف أبا العباس المرسي، وكان أعجوبة زمانه
فيه واخذ عنه التقي السبكي استوطن القاهرة يعظ الناس ويرشدهم، وله الكلمات
البديعة دونها أصحابه له تاج العروس وقمع النفوس في التصرف ومفتاح الفلاح
وحكم ابن عطاء الله والتنوير في اساقط التدبير إلى غير ذلك توفي سنة 709 (ذط).
(ابن العفيف التلمساني)
شمس الدين محمد بن سليمان بن علي المعروف بالشاب الظريف، شاعر مجيد
ابن شاعر مجيد كان لأهل عصره ومن جاء على آثارهم افتنان بشعره خاصة أهل
357

دمشق فلا يرون عليه تفضيل شاعر ولا يروون له شعرا إلا ويعظمونه كالمشاعر،
مولده بالقاهرة سنة 661 ومات شابا بدمشق سنة 688، له ديوان ومقامة.
والتلمساني يأتي في محله.
(ابن عقدة)
الحافظ أحمد بن محمد بن سعيد الهمداني الكوفي. قال العلامة، يكنى
أبا العباس جليل القدر عظيم المنزلة وكان زيديا جاروديا وعلى ذلك مات، وانما
ذكرناه من جملة أصحابنا لكثرة رواياته عنهم وخلطته بهم وتصنيفه لهم روى جميع
كتب أصحابنا وصنف لهم وذكر أصولهم وكان حفظة. قال الشيخ الطوسي سمعت
جماعة يحكون عنه انه قال احفظ مائة وعشرين الف حديث بأسانيدها وأذاكر
بثلثمائة الف حديث، له كتب ذكرناها في كتابنا الكبير منها كتاب أسماء الرجال
الذين رووا عن الصادق " ع " أربعة آلاف رجل خرج فيه لكل رجل الحديث
الذي رواه، مات بالكوفة سنة 333 انتهى.
كان مولده سنة 249 (مطر). وعن الدارقطني انه قال: أجمع أهل الكوفة
انه لم ير بها من زمن ابن مسعود الصحابي إلى زمن ابن عقدة المذكور من هو احفظ
منه، وقال: انه يعلم ما عند الناس ولا يعلم الناس ما عنده. وذكره الذهبي في كتبه
وقال: كان ابن عقدة من الحفظ والمعرفة بمكان، وقال: كان مقدما في الشيعة
وحكي ان مجموع كتبه كانت ستمائة حمل بعير. ومن شعره:
وقائل كيف تهاجرتما * فقلت قولا فيه انصاف
لم يك من شكلي فتاركته * والناس أشكال وألاف
وعن ابن كثير والذهبي واليافعي: ان هذا الشيخ كان يجلس في جامع براثا
ويحدث الناس بمثالب الشيخين ولذا تركت رواياته وإلا فلا كلام لأحد في
صدقه وثقته.
358

(قلت) ومن كتبه كتاب الولاية في طريق حديث غدير خم، ذكرت
ما يتعلق به في فيض القدير فيما يتعلق بحديث الغدير، يروي عن أبي محمد عبد الرحمن
ابن يوسف بن سعيد بن خراش الحافظ المروزي أحد الرحالين في الحديث الا الأمصار
وممن يوصف بالحفظ والمعرفة بالحديث والرجال اثنى عليه الخطيب وقال: انه كان
خرج مثالب الشيخين وكان رافضيا توفي سنة 283، وذكر الخطيب في تأريخ بغداد:
ابن عقدة وقال قدم بغداد فسمع من محمد بن عبيد الله المناوي وعلي ابن داود القنطري
ثم عد جماعة كثيرة ممن سمع منهم ثم قال: وكان حافظا عالما مكثرا جمع التراجم
والأبواب والمشيخة وأكثر الرواية وانتشر حديثه وروى عنه الحفاظ والأكابر مثل
أبى بكر ابن الجعابي وعبد الله بن عدي الجرجاني وأبى القسم الطبراني، وذكر جماعة
من نظرائهم وقال: وعقدة والد العباس كان أنحى الناس، وقال: كان يورق بالكوفة
ويعلم القرآن والأدب وكان زيديا وكان ورعا ناسكا وانما سمي عقدة لأجل
تعقيده في التصريف وكان وراقا جيد الخط وكان ابنه أبو العباس احفظ من
كان في عصرنا للحديث، ثم روى عن الدارقطني انه يقول: أجمع أهل الكوفة
انه لم ير من زمن عبد الله بن مسعود إلى زمن أبى العباس بن عقدة احفظ منه،
قال: حدثنا علي بن أبي علي البصري عن أبيه قال سمعت أبا الطيب أحمد بن الحسن
ابن هرثمة يقول كنا بحضرة أبى العباس بن عقدة الكوفي المحدث نكتب عنه وفى
المجلس رجل هاشمي إلى جانبه فجرى حديث حفاظ الحديث فقال أبو العباس انا
أجيب في ثلاثمائة الف حديث من حديث أهل بيت هذا سوى غيرهم وضرب بيده
على الهاشمي إلى غير ذلك انتهى. وابنه الحافظ محمد بن أحمد بن عقدة،
كان من أجلاء الشيعة الإمامية يروي عنه التلعكبري.
(ابن عقيل)
قاضي القضاة أبو محمد عبد الله (1) بن عبد الرحمن الهاشمي العقيلي الآمدي

(1) في معجم المطبوعات ذكر اسم ابن عقيل: محمد بن محمد بن عقيل فلاحظ.
359

المصري الشافعي الفقيه الأصولي النحوي شارح التسهيل وألفية بن مالك، كان
أستاذ الشيخ سراج الدين البلقيني توفي بالقاهرة سنة 769 (ذسط) ودفن بقرب
قبر الشافعي.
(ابن العلاف)
أبو بكر الحسن بن علي بن أحمد بن بشار بن زياد الضرير النهرواني الشاعر
نديم المعتضد بالله العباسي صاحب القصيدة المعروفة في رثاء الهر المشتملة على الحكم
والمواعظ ومنها:
يا هر فارقتنا ولم تعد * وكنت عندي بمنزل الولد
وكيف ننفك عن هواك وقد * كنت لنا عدة من العدد
تطرد عنا الأذى وتحرسنا * بالغيب من حية ومن جرد
وتخرج الفار من مكامنها * ما بين مفتوحها إلى السدد
لا ترهب الصيف عند هاجرة * ولا تهاب الشتاء في الجمد
وكان يجري ولا سداد لهم * أمرك في بيتنا على سدد
حتى اعتقدت الأذى لجيرتنا * ولم تكن للأذى بمعتقد
وحمت حول الردى لظلمهم * ومن يحم حول حوضه يرد
وكان قلبي عليك مرتعدا * وأنت تنساب غير مرتعد
تدخل برج الحمام متئدا * وتبلغ الفرخ غير متئد
وتطرح الريش في الطريق لهم * وتبلع اللحم بلع مزدرد
أطعمك الغي لحمها فرأى * قتلك أربابها من الرشد
صادوك غيظا عليك وانتقموا * منك وزادوا ومن يصد يصد
فلم تزل للحمام مرتصدا * حتى سقيت الحمام بالرصد
أذاقك الموت ربهن كما * أذقت أفراخه يدا بيد
360

عشت حريصا يقوده طمع * ومت ذا قاتل بلا قود
يا من لذيذ الفراخ أوقعه * ويلك هلا قنعت بالغدد
ألم تخف وثبة لزمان كما * وثبت في البرج وثبة الأسد
عاقبة الظلم لا تنام وإن * تأخرت مدة من المدد
أردت ان تأكل الفراخ ولا * يأكلك الدهر اكل مضطهد
هذا بعيد من القياس وما * أعزه في الدنو والبعد
لا بارك الله في الطعام إذا * كان هلاك النفوس في المعد
كم دخلت لقمة حشاشره * فأخرجت روحه من الجسد
ونقتصر من القصيدة على هذا القدر وهو زبدتها. توفي ابن العلاف سنة
318 (شيح) وعمره مائة سنة. والنهرواني بفتح النون وسكون الهاء نسبة إلى
النهروان بليدة قديمة بالقرب من بغداد.
(ابن علان)
محمد بن علي بن محمد الصديقي البكري المكي المولد والمنشأ من أكابر علماء
العامة. حكي انه روى صحيح البخاري من أوله إلى آخره في الكعبة المعظمة، له
مؤلفات كثيرة منها رسالة الصبيح في ختم الصحيح وتحفة ذوي الادراك في المنع
من التنباك وغير ذلك، يقال انه كان سيوطي زمانه ومن شعره قوله في الزهد:
الموت بحر موجه طافح * يغرق فيه الماهر السابح
ويحك يا نفس واسمعي * مقالة قد قالها ناصح
ما ينفع الانسان في قبره * إلا التقى والعمل الصالح
(قلت) ويناسب هنا نقل هذه الاشعار في الزهد لبعض الشعراء:
يا عبد كم لك من ذنب ومعصية * إن كنت ناسيها فالله أحصاها
لا بد يا عبد من يوم تقوم له * ووقفة لك يدمي القلب ذكراها
361

إذا تعرضت على قلبي تذكرها * وساء ظني قلت استغفر الله
توفي بمكة المعظمة سنة 1057 (غنز). وقد يطلق على شهاب الدين أحمد بن
إبراهيم الصديقي المكي الشافعي، له شرح على بعض القصائد، توفي سنة
1033 (غلج).
(ابن العلقمي)
هو الوزير أبو طالب مؤيد الدين محمد بن محمد (احمد خ ل) بن علي العلقمي
البغدادي الشيعي، كان وزير المستعصم آخر خلفاء بني العباس وكان كاتبا خبيرا
بتدبير الملك ناصحا لأصحابه، وكان امامي المذهب صحيح الاعتقاد رفيع الهمة
محبا للعلماء والزهاد كثير المبار ولأجله صنف ابن أبي الحديد شرح النهج في عشرين
مجلدا والسبع العلويات، توفي في 2 جمادي الآخرة سنة 656 (خون). وقد يطلق
على ابنه شرف الدين أبي القسم علي بن محمد.
(ابن عمار الأندلسي)
ذو الوزارتين أبو بكر محمد بن عمار الشاعر المشهور كان هو وابن زيدون
فرسي رهان ورضيعي لبان في التصرف في فنون البيان اتصل بالمعتمد على الله ابن
عباد صاحب غرب الأندلس فانهضه جليسا وسميرا وقدمه وزيرا ومشيرا بعد أن
لم يكن شيئا مذكورا، وكان عاقبة امره ان قتله المعتمد في سنة 477 بأشبيلية. وله
اشعار كثيرة في مدح المعتمد.
قال ابن خلكان: ومن جملة ذنوبه عند المعتمد بن عباد ما بلغه عنه
من هجائه وهجاء أبيه المعتضد في بيتين وكانا من أكبر أسباب قتله وهما:
مما يقبح عندي ذكر أندلس * أسماء معتضد فيها ومعتمد
أسماء مملكة في غير موضعها * كالهر يحكي انتفاخا صولة الأسد
والأندلسي تقدم في ابن عبد البر.
362

(ابن عمر)
عبد الله بن عمر بن الخطاب صحابي معروف قال ابن عبد البر في الاستيعاب
كان من أهل الورع والعلم وكان كثير الاتباع لآثار رسول الله شديد التحري
والاحتياط والتوقي في فتواه وكل ما يأخذ به نفسه وكان لا يتخلف عن السرايا
على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله ثم كان بعد موته مولعا بالحج قبل الفتنة وفي الفتنة إلى أن
مات، ويقولون انه كان من اعلم الصحابة بمناسك الحج، وقال رسول الله صلى الله عليه وآله
لزوجته حفصة بنت عمر: ان أخاك عبد الله رجل صالح. لو كان يقوم من الليل
فما ترك ابن عمر بعدها قيام الليل، وكان لورعه قد أشكلت عليه حروب علي " ع "
وقعد عنه وندم على ذلك حين حضرته الوفاة انتهى.
(أقول) هو أحد من لم يبايع أمير المؤمنين عليا " ع " قال المسعودي في
مروج الذهب في ذكر خلافة أمير المؤمنين علي " ع ": وقعد عن بيعته جماعة عثمانية
لم يروا إلا الخروج عن الامر منهم سعد بن أبي وقاص وعبد الله بن عمر وبايع
يزيد بعد ذلك والحجاج لعبد الملك بن مروان انتهى.
وفى كلزار قدس للمحقق الكاشاني قال: لما دخل الحجاج مكة وصلب ابن
الزبير راح عبد الله بن عمر إليه وقال مد يدك لأبايعك لعبد الملك قال رسول الله
صلى الله عليه وآله من مات ولم يعرف امام زمانه مات ميتة جاهلية فاخرج الحجاج رجله وقال
خذ رجلي فان يدي مشغولة فقال ابن عمر أتستهزئ مني؟ قال الحجاج يا أحمق
بني عدي ما بايعت مع علي وتقول اليوم من مات ولم يعرف امام زمانه مات ميتة
جاهلية أو ما كان علي امام زمانك؟ والله ما جئت إلي لقول النبي صلى الله عليه وآله بل جئت
مخافة تلك الشجرة التي صلب عليها ابن الزبير انتهى.
وفى الاستيعاب وأسد الغابة: توفي عبد الله بن عمر سنة 73 بعد قتل ابن
الزبير بثلاثة أشهر وكان سبب قتله ان الحجاج أمر رجلا فسم زج رمحه وزحمه
363

في الطريق ووضع الزج في ظهر قدمه، وقالا: وكان ابن عمر يتقدم الحجاج في
الموقف بعرفة وغيرها وكان يشق على الحجاج فقتله انتهى.
وقبره بمكة بموضع يقال له فخ. وقد ذكر ابن عبد البر عدة روايات في أنه
قال حين حضرته الوفاة ما أجد في نفسي من أمر الدنيا شيئا إلا اني لم أقاتل الفئة
الباغية مع علي بن أبي طالب " ع ". ويأتي في الجوهري ما يتعلق به. ومولاه نافع
من المشهورين بالحديث عند العامة ومن الثقات الذين يأخذون عنهم ومعظم حديث
ابن عمر عليه دائر فإنه نشر عنه علما جما، وأهل الحديث منهم يقولون قراءة
الشافعي عن مالك عن نافع عن ابن عمر سلسلة الذهب توفي سنة 117 أو سنة 120
وقد يقال ابن عمر لعبد العزيز بن عمر رجل من أهل برقعيد من عمل الموصل بنى
مدينة قرب الموصل تسمى جزيرة ابن عمر ينسب إليها ابن الأثير الجزري وغيره.
(ابن العميد)
أبو الفضل محمد بن أبي عبد الله الحسين العميد القمي الكاتب الشاعر الأديب
الفاضل الألمعي الامامي المعروف. قال ابن خلكان: والعميد لقب والده ولقبوه
بذلك على عادة أهل خراسان في إجرائه مجرى التعظيم، وكان فيه فضل وأدب وله
ترسل، واما ولده أبو الفضل فإنه كان وزير ركن الدولة والد عضد الدولة الديلمي
تولى وزارته عقيب موت وزيره أبي علي القمي وذلك في سنة 328 وكان متوسعا
في علوم الفلسفة والنجوم واما الأدب والترسل فلم يقاربه فيه أحد في زمانه وكان
يسمى الجاحظ الثاني وكان كامل الرياسة جليل القدر وكان له في الرسائل اليد
البيضاء، قال الثعالبي في كتاب اليتيمة: ان يقال بدأت الكتابة بعبد الحميد (1)

(1) هو عبد الحميد بن يحيى بن سعيد الكاتب البليغ المشهور الذي يضرب به
المثل، كان في الكتابة وفي كل فن من العلم والأدب معروفا وهو من أهل الشام،
وكان أولا معلم صبية انتقل في البلدان وعنه اخذ المترسلون ولآثاره اقتفوا،
364

وختمت بابن العميد، وكان الصاحب بن عباد قد سافر إلى بغداد فلما رجع إليه
قال له كيف وجدتها فقال بغداد في البلاد كالأستاذ في العباد، وكان يقال له
الأستاذ، وكان سائسا مدبرا للملك قائما بحقوقه وقصده جماعة من مشاهير الشعراء
من البلاد الشاسعة ومدحوه بأحسن المدائح فمنهم أبو الطيب المتنبي ورد عليه وهو
بأرجان ومدحه بقصائد إحداها التي أولها:
باد هواك صبرت أم لم تصبرا * وبكاك إن لم يجرد معك أو جرى
ومنها:
ارجان أيتها الجياد فإنه * عزمي الذي يذر الوشيج مكسرا
من مبلغ الاعراب إني بعدها * شاهدت رسطاليس والاسكندرا
وسمعت بطليموس دارس كتبه * متملكا متبديا متحضرا
ولقيت كل الفاضلين كأنما * رد الاله نفوسهم والاعصرا
نسقوا لنا نسق الحساب مقدما * واتى فذلك إذ اتيت مؤخرا
وهي من القصائد المختارة أعطاه ثلاثة آلاف دينار.
(أقول) لما كان ابن خلكان محبا للأدب أطال الكلام في أحوال ابن العميد
وذكر جملة من الأبيات الواردة في مدحه وقال: ان أبا حيان التوحيدي قد وضع
كتابا سماه مثالب الوزيرين اي ابن العميد والصاحب بن عباد وضمغه معائنهما وما
أنصفهما وهذا الكتاب من الكتب المحذورة (اي شوم) ما ملكه أحد إلا وانعكست
أحواله ولقد جربته وجربه غيري على ما أخبرني من أثق به انتهى ملخصا. وبالجملة
كان ابن العميد رحمه الله أوحد العصر في الكتابة وجميع أدوات الرياسة وآلات
الوزارة، يضرب به المثل في البلاغة وينتهي إليه الإشارة بالفصاحة، إن عدت

وكان كاتب مروان بن محمد آخر ملوك بني مروان قتل مع مروان، وكان قتل
مروان 13 ذي الحجة سنة 132 بقرية بوصير من اعمال الفيوم بالديار المصرية.
365

شجعان اليراعة فهو ملاعب أسنة الأقلام، أو ذكرت فرسان البراعة فهو ثاني
أعنة الكلام، ملك زمام القريض فأشاده حيث شاء، وتلا لسان قلمه ان الفضل بيد
الله يؤتيه من يشاء، ومن اتباعه الصاحب بن عباد ولصحبته مع ابن العميد اشتهر
بالصاحب. وله اشعار كثيرة في مدح ابن العميد منها قصيدة أولها:
من لقلب يهيم في كل واد * وقتيل للحب من غير واد
وقوله فيها:
لو دري الدهر انه من بنيه * لازدرى قدر سائر الأولاد
لو رأى الناس كيف يهتز للجو * د لما عددوه في الأطواد
أيها الآملون حطوا سريعا * برفيع العماد واري الزناد
فهو إن جاد ضن حاتم طي * وهو إن قال قل قس إياد
إن خير المداح من مدحته * شعراء البلاد في كل واد
توفي سنة 360 ببغداد، قيل كان يعتاده القولنج تارة والنقرس أخرى فيسلمه هذا
إلى هذا، وسأله سائل أيهما أصعب عليك واشق؟ فقال إذا عارضني النقرس فكأني
بين فكي سبع يمضغني، وإذا اعترانى القولنج وددت لو استبدلت النقرس عنه.
وحكي انه رأى اكارا في بستان يأكل خبزا ببصل ولبن وقد أمعن منه فقال
وددت لو كنت كهذا الأكار آكل ما أشتهي. وتقدم ذكر ابنه أبو الفتح بن
العميد. وذكر (جش) في أحوال أحمد بن إسماعيل بن عبد الله القمي: انه بجلي
عربي من أهل قم يلقب سمكة، كان من أهل الفضل والأدب والعلم يقال ان عليه
قرأ أبو الفضل محمد بن الحسين بن العميد، وله عدة كتب لم يصنف مثلها وكان
إسماعيل بن عبد الله من غلمان أحمد بن أبي عبد الله البرقي وممن تأدب عليه ومن
كتبه كتاب العباسي وهو كتاب عظيم نحو من عشرة آلاف ورقة في اخبار
الخلفاء والدولة العباسية رأيت منه اخبار الأمين وهو كتاب حسن، وله كتاب
الأمثال كتاب حسن مستوفى ورسالة إلى أبى الفضل بن العميد انتهى.
366

(ابن عنبة)
جمال الدين أبو العباس أحمد بن علي بن الحسين بن علي بن مهنا بن عنبة
الأصغر الحسني الداودي صاحب كتاب عمدة الطالب (1) سيد جليل علامة نسابة
كان صهر السيد تاج الدين بن معية النسابة شيخ الشهيد الأول وتلميذه، كان من
علماء الإمامية بل هو من عظمائها تلمذ على السيد ابن معية اثنتي عشرة سنة فقها
وحديثا ونسبا وحسابا وأدبا وغير ذلك، له عمدة الطالب الكبرى وعمدة الطالب
الصغرى وكتاب في الأنساب فارسي وبحر الأنساب في نسب بني هاشم وهو مركب
على مقدمة وخمسة فصول، حكي ان منه نسخة في المكتبة الخديوية في 276 صفحة
في آخرها كتابة بخط السيد المرتضى الزبيدي صاحب تاج العروس توفي بكرمان
سنة 828 (ضكح).
(ابن عنين)
بالنونين مصغرا، أبو المحاسن محمد بن نصر الدين بن نصر بن الحسين بن عنين
الأنصاري الكوفي الدمشقي الشاعر المشهور، كان خاتمة الشعراء مطلعا على معظم
اشعار العرب، وكان السلطان صلاح الدين نفاه عن دمشق بسبب بعض اشعاره
فقال لما خرج منها:
فعلام أبعدتم أخا ثقة * لم يقترف ذنبا ولا سرقا
إنفوا المؤذن من بلادكم * إن كان ينفي كل من صدقا
وطاف البلاد من الشام والعراق والجزيرة وآذربيجان وخراسان وغزنة
وما وراء النهر وخوارزم وحضر درس الفخر الرازي بها ثم دخل الهند واليمن ثم
رجع على طريق الحجاز إلى الديار المصرية وعاد إلى دمشق بعد أن مات صلاح الدين
واستأذن أخاه الملك العادل في الدخول إليها في قصيدته الرائية منها قوله:

(1) طبع في المطبعة الحيدرية في النجف الأشرف.
367

ومن العجائب ان يقيل بظلكم * كل الورى ونبذت وحدي بالعراء
وله أيضا قصيدة في مدح الملك العادل أبى بكر محمد بن أيوب ملك دمشق المتوفى
سنة 615 أولها:
ماذا على طيف الأحبة لو سرى * وعليهم لو سامحوني بالكرى
ومنها:
العادل الملك الذي أسماؤه * في كل ناحية تشرف منبرا
بين الملوك الغابرين وبينه * في الفضل ما بين الثريا والثرى
نسخت خلائقه الحميدة ما اتى * في الكتب عن كسرى الملوك وقيصرا
يعفو عن الذنب العظيم تكرما * ويصد عن قول الخنا متكبرا
لا تسمعن حديث ملك غيره * يروى فكل الصيد في جوف الفرا
أولاده في كل ارض منهم * ملك يجر إلى الأعادي عسكرا
من كل وضاح الجبين تخاله * بدرا فان شهد الوغى فغضنفرا
وكان له في عمل الألغاز وحلها اليد الطولى توفى بدمشق سنة 630 (خل)
ودفن بمسجده بأرض المزة قرية على باب دمشق.
(ابن العودي)
بهاء الملة والدين محمد بن علي بن الحسن العودي الجزيني تلميذ الشهيد
الثاني الذي حاز على حظ وافر من خدمته وتشرف مدة مديدة بملازمته، وكان
وروده إلى خدمته في 10 ع 1 سنة 945 (ظمه) وانفصاله عنه بالسفر إلى خراسان
في 10 (قع) سنة 962 وكتب رسالة في أحوال شيخه الشهيد من حين ولادته
إلى انقضاء عمره تأدية لبعض شكره سماها بغية المريد من الكشف عن أحوال
الشيخ زين الدين الشهيد قال بعد ذكر طرف بالغ من الثناء البليغ عليه لم يصرف
لحظة من عمره إلا في اكتساب فضيلة ووزع أوقاته على ما يعود نفعه إليه في
368

اليوم والليلة، اما النهار ففي تدريس ومطالعة وتصنيف ومراجعة، واما الليل فله
فيه استعداد كامل لتحصيل ما يبتغيه من الفضائل هذا مع غاية اجتهاده في التوجه
إلى مولاه وقيامه بأوراد العبادة حتى تكل قدماه وهو مع ذلك قائم بالنظر في
أحوال معيشته على أحسن نظام وقضاء حوائج المحتاجين بأتم قيام يلقى الأضياف
بوجه مسفر عن كرم كانسجام الأمطار وبشاشة تكشف عن شمم كالنسيم المعطار
ثم سرد فضائله وعلومه إلى أن قال: ولقد كان من علو رتبته وسمو منزلته على غاية
من التواضع ولين الجانب ويبذل جهده مع كل وارد في تحصيل ما يبتغيه من
المطالب إذا اجتمع بالأصحاب عد نفسه كواحد منهم ولم تمل نفسه إلى التميز بشئ
عنهم ولقد شاهدت منه سنة ورودي إلى خدمته انه كان ينقل الحطب على حمار
في الليل لعياله ويصلي الصبح في المسجد ويشتغل بالتدريس بقية نهاره فلما أشعرت
منه بذلك كنت اذهب معه بغير اختياره وكنت استفيد من فضائله وارى من
حسن شمائله ما يحملني على حب ملازمته وعدم مفارقته وكان يصلي العشاء جماعة
ويذهب لحفظ الكرام ويصلي الصبح في المسجد ويجلس للتدريس والبحث كالبحر
الزاخر ويأتي بمباحث غفل عنها الأوائل والأواخر، إلى آخر ما قال ويأتي في
الشهيد الثاني ما لخصناه من كلامه رحمه الله.
(ابن عياش)
أحمد بن محمد بن عبد الله بن الحسن بن عياش الجوهري المعاصر للشيخ
الصدوق، كان من أهل العلم والأدب طيب حسن الخط وصنف كتبا عديدة منها:
كتاب مقتضب الأثر في النص على الأئمة الاثني عشر عليهم السلام وكتاب الأغسال
وكتاب اخبار أبى هاشم الجعفري وغير ذلك. قال الشيخ: انه سمع الحديث
وأكثر واختل في آخر عمره وكان جده وأبوه وجيهين ببغداد.
وقال (جش): رأيت هذا الشيخ وكان صديقا لي ولوالدي وسمعت منه
369

شيئا كثيرا ورأيت شيوخنا يضعفونه فلم أرو عنه وتجنبته، مات سنة
401 (تا) انتهى.
(أقول) هو غير ابن عياش الذي يروي عنه الهيثم بن عدي وهو عبد الله
ابن عياش ويعرف بالمنتوف لأنه كان ينتف لحيته، وكان خاصا بأبي جعفر المنصور
كذا في المعارف لابن قتيبة.
(ابن عيينة)
بضم عينه، أبو محمد سفيان بن عيينة بن أبي عمران الكوفي المكي تابعي
التابعين، كان جده أبو عمران من عمال خالد بن عبد الله القسري فلما عزل خالد
عن العراق وولي يوسف بن عمر طلب عمال خالد فهرب منه إلى مكة فنزلها وولد
سفيان سنة 107 ذكره الخطيب في تأريخه وأثنى عليه وقال: كان له في العلم قدر
كبير ومحل خطير وأدرك فيفا وثمانين نفسا من التابعين وسمع ابن شهاب الزهري
وعمرو بن دينار وأبا إسحاق السبيعي، ثم ذكر جماعة كثيرة من نظرائهم انتهى.
وهو عندنا كسفيان الثوري الذي يأتي ذكره في الثوري ليسا من أصحابنا
ولا من عدادنا، وكانا يدلسان، وروي ان ابن عيينة قال لأبي عبد الله انه روي أن
علي بن أبي طالب " ع " كان يلبس الخشن من الثياب وأنت تلبس القوهي المروى
قال ويحك ان عليا " ع " كان في زمان ضيق فإذا اتسع الزمان فأبرار الزمان أولى به
وروي عن الرضا " ع " ان سفيان بن عيينة لقي أبا عبد الله " ع " فقال
يا أبا عبد الله إلى متى هذه التقية وقد بلغت هذا السن؟ فقال والذي بعث محمدا
صلى الله عليه وسلم بالحق لو أن رجلا صلى ما بين الركن والمقام عمره ثم لقي الله بغير ولايتنا
أهل البيت لقى الله بميتة جاهلية.
(أقول) قد ظهر ان ابن عيينة كان مدلسا ومنحرفا عن إمامنا الصادق " ع "
ولكن ينقل منه بعض الكلمات الحكمية التي ينبغي اخذها وإن كان منشأه التدليس
370

لان أمير المؤمنين " ع " قال: الحكمة ضالة المؤمن فخذ ضالتك ولو من أهل الشرك.
حكي انه كتب إلى أخ له: اما آن لك يا أخي ان تستوحش من الناس ولقد أدركنا
الناس وهم إذا بلغ أحدهم أربعين سنة جن (اي ستر) عن معارفه وصار كأنه
مختلط العقل من شدة تأهبه للموت. وكان إذا أعطاه الناس شيئا قال أعطوا لفلان
فإنه أحوج مني وقال خصلتان يعسر علاجهما: الطمع فيما بأيدي الناس، واخلاص
العمل لله، ويقول إذا كان نهاري نهار سفيه وليلي ليل جاهل فماذا اصنع بالعلم
الذي كتبت؟ ويقول من يزيد في عقله نقص من رزقه. توفي في غرة رجب سنة
198 (قصح) بمكة ودفن بالحجون. والحجون بتقديم الحاء المهملة على الجيم موضع
بمعلاة مكة، ومعلاة مقبرة بها دفنت خديجة رضي الله تعالى عنها.
وعن تفسير أبو الفتوح الرازي عن النبي صلى الله عليه وآله قال: إن الله عز وجل يأمر يوم القيامة
ان يأخذوا بأطراف الحجون والبقيع (وهما مقبرتان بمكة والمدينة) فيطرحان في الجنة
(ابن غانم المقدسي)
نور الدين علي بن محمد بن علي بن خليل المنتهي نسبه إلى سعد بن عبادة
المقدسي الأصل القاهري المولد والمسكن قيل في حقه العالم الكبير الحجة القدوة
رأس الحنفية في عصره، اتفق الجميع على جلالته وبراعته وتفوقه في كل فن من
الفنون، توفي سنة 1004 (غد). ويأتي في الرملي ما يتعلق به.
(ابن الغضائري)
أبو الحسين أحمد بن الحسين بن عبيد الله الغضائري من المشايخ الأجلة
والثقات الذين لا يحتاجون إلى التنصيص بالوثاقة ويذكر المشايخ قوله في الرجال
ويعدونه من جملة الأقوال ويأتون به في مقابلة أقوال أعاظم الرجال ويعبرون عنه
بالشيخ ويذكرونه مترحما وهو المراد بابن الغضائري على اطلاق كذا عن المحقق
البهبهاني رحمه الله تعالى وكان هذا الشيخ معاصرا للشيخ الطوسي والنجاشي.
371

ويأتي ذكر أبيه الحسين في الغضائري والغضائر بفتح الغين والضاد المعجمتين جمع
الغضارة وهي الآنية المعمولة من الخزف وما قد يصنع لدفع العين، وفي القاموس
الغضارة الطين اللازب الأخضر الحر كالغضار إلى أن قال وكسحاب خزف يحمل
لدفع العين انتهى. والحر خيار كل شئ ومن الطين والرمل الطيب.
(ابن فارس)
أبو الحسين أحمد بن فارس بن زكريا القزويني الرازي النحوي اللغوي كان
إماما في علوم شتى وخصوصا اللغة فإنه أتقنها، اخذ عن أبيه وكان والده فقيها
لغويا، وعن ياقوت انه اخذ عن علي بن عبد العزيز المكي وأبي عبيد وأبى القسم
سليمان بن أحمد الطبراني. وقال وكان الصاحب بن عباد يكرمه ويتلمذ له انتهى.
وعن يتيمة الدهر انه قال في حقه: كان من أعيان العلم وافراد الدهر يجمع
إتقان العلماء وظرف الكتاب والشعراء وهو بالجبل كابن لنكك بالعراق وابن خالويه
بالشام وابن العلاف بفارس وأبى بكر الخوارزمي بخراسان انتهى.
له مصنفات كثيرة منها كتاب المجمل في اللغة وحلية الفقهاء ومسائل
في اللغة ومنها كتاب الحجر الذي أرسله من همذان إلى الصاحب بن عباد فلما كان
الصاحب منحرفا عنه قال ردوا الحجر من حيث جاءك ثم لم تطب نفسه بتركه فنظر
فيه وامر له بصلة، وله الصاحبي في فقه اللغة وسنن العرب في كلامها عنونه بهذا
الاسم لأنه الفه للصاحب بن عباد والاتباع والمزاوجة جمع فيه ما ورد في كلام العرب
مزدوجا وأوجز السير لخير البشر إلى غير ذلك، وله اشعار جيدة منها قوله:
قد قال فيما مضى حكيم * ما المرء إلا بأصغريه
فقلت قول امرئ لبيب * ما المرء إلا بدرهميه
من لم يكن معه درهماه * لم يلتفت عرسه إليه
وكان من ذله حقيرا * يبول سنوره عليه
372

وله أيضا:
إذا كنت في حاجة مرسلا * وأنت بها كلف مغرم
فأرسل حكيما ولا توصه * وذاك الحكيم هو الدرهم
(أقول) ذلك مثل قول أبى الفضل الهروي:
وما أرسل الأقوام في نيل حاجة * كأبيض وضاح صحيح مدور
ويأتي بقيته في الهروي، ولابن فارس أيضا:
إذا كان يؤذيك حر المصيف * وكرب الخريف وبرد الشتا
ويلهيك حسن زمان الربيع * فأخذك للعلم قل لي متى
وله في الحكم:
إسمع مقالة ناصح * جمع النصيحة والمقه
إياك واحذر ان تبيت * من الثقات على ثقة
وقال في رسالة لمحمد بن سعيد الكاتب في الانكار على من قال ما ترك
الأول للآخر شيئا، كان بقزوين رجل معروف بأبي محمد الضرير حضر طعاما
والى جنبه رجل أكول فقال:
وصاحب لي بطنه كالهاوية * كأن في أمعائه معاوية
قال فانظر إلى وجازة هذا اللفظ وجوده وقوع الأمعاء إلى جنب معاوية وهل
ضر ذلك أن لم يقله حماد عجرد وأبو الشمقمق (1) وبقزوين رجل يعرف بابن الرياشي

(1) أبو الشمقمق مروان بن محمد الشاعر البصري قال الخطيب قدم بغداد في
أيام هارون الرشيد وكان ربما لحن ويهزل كثيرا ويجد فيكثر صوابه. حكي عنه
قال اتيت بشارا وقد اخذ صلة جزيلة بشعر عمله فسألته مواساتي بشئ فقال لي
عافاك الله تسألني وما لي صنعة ولا مكسب سوى الشعر وأنت شاعر مثلي تتكسب
بالشعر فقلت صدقت ولكني مررت الساعة بصبيان يقولون:
سبع جوزات وتينة * فتحوا باب المدينة
373

نظر إلى حاكمها مقبلا عليه عمامة سوداء وطيلسان أزرق وقميص شديد البياض
وخفه احمر وهو قصير على برذون أبلق هزيل فقال
وحاكم جاء على أبلق * كعقعق جاء على لقلق
فلو شاهدت هذا الحاكم على فرسه لشهدت للشاعر بصحة التشبيه وانه لم
يقصر عن قول بشار:
كأن مثار النقع فوق رؤوسنا * وأسيافنا ليل تهاوى كواكبه
إلى غير ذلك، وكان مقيما بهمذان واخذ منه بديع الزمان الهمداني، ويروي عنه
الخطيب التبريزي والصاحب بن عباد والشيخ الصدوق وكان كريما جوادا فربما
سئل فيهب ثيابه وفرش بيته وحمل من همذان إلى الري ليقرأ عليه أبو طالب بن
فخر الدولة بن بويه الديلمي. توفي بالري سنة 395 (شصه) أو 390، وصرح
جمع من العلماء بتشيعه ويؤيد ذلك ذكر ابن شهرآشوب إياه في المعالم وابن داود
في القسم الأول من رجاله والشيخ الطوسي في مصنفي الامامية واختيار آل بويه إياه
معلما لهم إلى غير ذلك، قيل ولعل لأجل تشيعه لم ينقل الحلبي أسامي كتبه في
كشف الظنون ومما يخبر عن تشيعه ما حكاه من سبب تشيع بني راشد والحكاية
رواها الشيخ الصدوق رحمه الله تعالى في اكمال الدين ونقلها العلامة المجلسي في
البحار المجلد الثالث عشر ص 115، وحكي انه قال قبل وفاته بيومين:
يا رب إن ذنوبي قد أحطت بها * علما وبي وبإعلاني وإسراري
انا الموحد لكني المقر بها * فهب ذنوبي بتوحيدي وإقراري
(ابن الفارض)
شرف الدين أبو القسم عمر بن أبي الحسن علي بن المرشد بن علي الحموي

(1) إن بشار بن برد * تيس أعمى في سفينة
فسكت ساعة ثم قال يا جارية هاتي مائة درهم لشمقمق ثم قال خذها يا أبا محمد
ولا تكن رواية للصبيان، قال فاخذتها وخرجت فألقيتها على الصبيان.
374

المصري العارف المشكور والشاعر المشهور، له ديوان شعر لطيف وأسلوب فيه
رائق طريف ينحو منحى طريقة الفقراء، جمع في شعره بين صنعة عشاق الجناس
والطباق وبين معاني القوم الرقاق ورموزهم الدقاق ومن العجب اجتماع الحالين
وشتان ما بين الطريقين. صرح جمع بتشيعه ونسبوا إليه هذه الاشعار التي أظنها
للناشئ الأصغر:
بآل محمد عرف الصواب * وفي أبياتهم نزل الكتاب
وهم حجج آلاء له على البرايا * بهم وبجدهم لا يستراب
ولا سيما أبو حسن علي * له في الحرب مرتبة تهاب
طعام سيوفه مهج الأعادي * وفيض دم الرقاب لها شراب
وضربته كبيعته بخم * معاقدها من القوم الرقاب
إذا نادت صوارمه نفوسا * فليس لها سوى نعم الجواب
وبين سنانه والدرع صلح * وبين البيض والبيض اصطحاب
علي الدر والذهب المصفى * وباقي الناس كلهم تراب
هو البكاء في المحراب ليلا * هو الضحاك ما اشتد الضراب
هو النبأ العظيم وفلك نوح * وباب الله وانقطع الخطاب
قيل: كان إذا مشى في المدينة ازدحم الناس عليه يلتمسون منه البركة
والدعاء، وكان وقورا إذا حضر مجلسا استولى السكون عليه أهله جاور بمكة زمنا
وكان يسبح في أودية مكة وجبالها واستأنس بالوحوش ليلا ونهارا، وأشار إلى
هذا في قصيدته التائية المعروفة:
فلي بعد أوطاني سكون إلى الفلا * وبالوحش انسي إذ من الانس وحشتي
وأبعدني عن اربعي بعد أربع * شبابي وعقلي وارتياحي وصحتي
وزهدني وصل الغواني إذ بدا * تبلج صبح الشيب في جنح لمتي
توفي بالقاهرة سنة 632 (خلب) ودفن بالقرافة بسفح جبل المقطم ذيل
375

المسجد المعروف بالعارض وقد أشار إلى ذلك سبطه بقوله:
جز القرافة تحت ذيل العارض * وقل السلام عليك يا بن الفارض
سلكت في نظم السلوك عجائبا * وكشفت عن سر مصون فامض
وشربت من نهر المحبة والولا * فرويت من بحر محيط فائض
وعن كشف الظنون قال: اختلف العلماء فيه وافترقوا فرقا فمنهم من أفرط في
مدحه واشتغل بتوجيه كلامه، ومنهم من فرط وأفتى بكفره، ومنهم من كف
وسكت ولعله هو الطريق الأسلم في أمثاله انتهى.
(ابن الفحام)
أبو محمد الحسن بن محمد بن يحيى من أهل سر من رأى، اخذ عن جماعة
كثيرة وقرأ القرآن على أبى بكر النقاش، قال الخطيب في حقه: وكان ثقة على
مذهب الشافعي وكان يرمى بالتشيع، ومات بسر من رأى سنة 408 (تح).
(ابن الفرات)
أبو الحسن علي بن محمد بن موسى بن الحسن بن الفرات وزير المقتدر بالله،
وزر وقبض عليه ثم وزر فقبض عليه إلى ثلاث دفعات. ويحكى له فضائل وأخلاق
حسنة منها: انه كان إذا رفعت إليه قصة فيها سعاية خرج من عنده غلام فنادى
أين فلان بن فلان الساعي؟ فلما عرف الناس ذلك من عادته امتنعوا عن السعاية
بأحد. واغتاظ يوما من رجل فقال اضربوه مائة سوط ثم أرسل رسولا فقال
اضربوه خمسين ثم أرسل رسولا آخر فقال لا تضربوه وأعطوه عشرين دينارا
فكفاه ما مر به المسكين من الخوف وكان يجري الرزق على خمسة آلاف من أهل العلم
والدين والبيوت والفقراء أكثرهم مائة دينار في الشهر وأقلهم خمسة دراهم وما بين
ذلك قتل نازوك صاحب الشرطة أبا الحسن بن الفرات المذكور وابنه المحسن 13 ع 2
سنة 312 (شيب). وتقدم في ابن العلات مرثيته التي كنى عن المحسن بالهر لأنه لم
376

يجسر ان يذكره ويرثيه على قول وكان أبو العباس أحمد بن محمد بن الفرات أخو
أبى الحسن المذكور اكتب أهل زمانه وأضبطهم للعلوم والآداب، واما أخوه
أبو الخطاب جعفر بن محمد بن الفرات فإنه عرضت عليه الوزارة فأباها وتولاها ابنه
الفتح الفضل بن جعفر، وكان كاتبا مجودا وهو والد أبى الفضل جعفر بن الفضل
الذي تقدم في ابن خنزابة، وفي أعيان الشيعة وبنو الفرات كلهم شيعة.
(ابن الفرضي الحافظ)
أبو اليد عبد الله بن محمد بن يوسف بن نصر الأندلسي الفرضي، كان فقيها
عالما في فنون علم الحديث والرجال والأدب وغير ذلك، وله من التصانيف تأريخ
علماء الأندلس الذي ذيله ابن يشكوال بكتاب الصلة، وكتاب في اخبار شعراء
الأندلس وغير ذلك، رحل من الأندلس إلى الشرق سنة 382 (بفش) واخذ عن
العلماء وسمع منهم وكتب من أماليهم ومن شعره قوله:
أسير الخطايا عند بابك واقف * على وجل مما به أنت عارف
يخاف ذنوبا لم يغب عنك غيها * ويرجوك فيها فهو راج وخائف
ومن ذا الذي يرجو سواك ويتقي * ومالك في فصل القضاء مخالف
فيا سيدي لا تخزني في صحيفتي * إذا نشرت يوم الحساب الصحائف
وكن مؤنسي في ظلمة القبر عندما * يصد ذو والقربى ويجفو المؤالف
لئن ضاق عني عفوك الواسع الذي * أرجى لاسرافي فإني لتالف
مولده سنة 351 (شنا) وقتله البربر يوم فتح قرطبة 6 شوال سنة 403 (تج)
وبقي في داره ثلاثة أيام ودفن متغيرا من غير غسل ولا كفن ولا صلاة. وروي
عنه انه قال: تعلقت بأستار الكعبة وسألت الله تعالى الشهادة ثم انحرفت وفكرت
في هول القتل فندمت وهممت ان ارجع فاستقبل الله سبحانه ذلك فاستحييت كذا
قاله ابن خلكان.
377

(ابن فضال)
قد يطلق على علي بن الحسن بن علي بن فضال. (جش) كان فقيه أصحابنا
بالكوفة ووجههم وثقتهم وعارفهم بالحديث والمسموع قوله فيه سمع منه شيئا كثيرا
ولم يعثر على زلة فيه ولا ما يشينه، وقل ما روى عن ضعيف، وكان فطحيا ولم
يرو عن أبيه شيئا، وقال: كنت أقابله وسني ثماني عشرة سنه بكتبه ولا أفهم إذ
ذاك الروايات ولا استحل ان أرويها عنه، وروى عن أخويه عن أبيهما انتهى.
وقد يطلق على الحسن بن علي بن فضال يكنى أبا محمد روى عن الرضا " ع "
وكان خصيصا به وكان جليل القدر عظيم المنزلة زاهدا ورعا ثقة في رواياته له كتب
قال أبو عمرو الكشي، كان الحسن بن علي بن فضال فطحيا يقول بامامة عبد الله
ابن جعفر فرجع. (جش) قال الفضل بن شاذان كنت في قطيعة الربيع في مسجد
الربيع اقرأ على مقر يقال له إسماعيل بن عباد فرأيت قوما يتناجون فقال أحدهم
بالجبل رجل يقال له ابن فضال أعبد من رأينا وسمعنا، قال: فإنه ليخرج إلى
الصحراء فيسجد السجدة فيجئ الطير فيقع عليه وما يظن إلا أنه ثوب أو خرقة
وان الوحش لترعى حوله فما تنفر منه لما قد أنست به وان عسكر الصعاليك
ليجيئون يريدون الغارة وقتال قوم فإذا رأوا شخصه طاروا في الدنيا فذهبوا،
قال أبو محمد فظننت ان هذا رجل كان في الزمن الأول فبينا انا من بعد ذلك
بيسير قاعد في قطيعة الربيع مع أبي رحمه الله إذ جاء شيخ حلو الوجه حسن الشمائل
عليه قميص نرسي ورداء نرسي وفي رجله نعل مخصر فسلم على أبي فقام إليه أبى فرحب
به وبجله فلما ان مضى يريد ابن أبي عمير قلت من هذا الشيخ؟ قال هذا الحسن
ابن علي بن فضال قلت هذا ذاك العابد الفاضل؟ قال هو ذاك قلت ليس هو ذاك
ذاك بالجبل قال هو ذاك كان يكون بالجبل قال ما أقل عقلك من غلام! فأخبرته
بما سمعته من القوم فيه قال هو ذلك وكان بعد ذلك يختلف إلى أبي ثم خرجت
378

إليه بعد إلى الكوفة فسمعت منه كتاب ابن بكير وغيره من الأحاديث وكان يحمل
كتابه ويجئ إلى الحجرة فيقرأه علي.
(ابن الفضل)
أبو القسم هبة الله بن الفضل بن القطان المعروف بابن القطان الشاعر البغدادي
كان قد سمع الحديث من جماعة من المشايخ وكان كثير المزاح والمداعبات وله
نوادر وحكايات طريفة، وله مع حيص بيص ما جريات حكي انهما كانا ليلة على
السماط عند الوزير شرف الدين علي بن طراد الزيني فاخذ ابن الفضل قطاة مشوية
وقدمها إلى حيص بيص، فقال حيص بيص للوزير يا مولانا هذا الرجل يؤذيني
فقال الوزير كيف ذلك؟ قال لأنه يشير إلى قول الشاعر:
تميم بطرق اللؤم أهدى من القطا * ولو سلكت سبل المكارم ضلت
وكان حيص بيص تميميا. وهذا البيت للطرماح بن حكيم الشاعر وبعد هذا البيت
أرى الليل يجلوه النهار ولا أرى * خلال المخازي عن تميم تجلت
ولو أن برغوثا على ظهر قملة * يكر على صفي تميم لولت
وحكي انه لما ولي الزيني المذكور الوزارة دخل عليه ابن الفضل والمجلس محتفل
بأعيان الرؤساء وقد اجتمعوا للهناء فوقف بين يديه ودعا له وأظهر السرور والفرح
ورقص فقال الوزير لبعض من يفضي إليه بسره قبح الله هذا فإنه يشير برقصه إلى
ما تقوله العامة في أمثالها: أرقص للقرد في زمانه. وقد نظم هذا المعنى في أبيات
منها قول من قال:
إذا رأيت امرءا وضيعا * قد رفع الدهر من مكانه
فكن له سامعا مطيعا * معظما من عظيم شانه
فقد سمعنا بأن كسرى * قد قال يوما لترجمانه
إذا زمان السباع ولى * أرقص إلى القرد في زمانه
379

وقعد يوما مع زوجته يأكل طعاما فقال لها اكشفي رأسك ففعلت وقرأ
(قل هو الله أحد) فقالت له ما الخبر؟ فقال إن المرأة إذا كشفت رأسها لم تحضر
الملائكة، وإذا قرأ (قل هو الله أحد) هربت الشياطين، وانا أكره الزحمة على
المائدة، واخباره كثيرة، توفي ببغداد سنة 558 (ثنح) ودفن بمقبرة معروف الكرخي
(ابن فورك)
بضم الفاء وفتح الراء، الأستاذ أبو بكر محمد بن الحسن (الحسين خ ل)
ابن فورك الأصبهاني المتكلم العارف الأديب الفاضل الواعظ أقام بالعراق مدة يدرس
العلم ثم توجه إلى الري، والتمس منه أهل نيسابور التوجه إليهم ففعل فبني له بها
مدرسة ودار، فأفاد فيها وصنف من الكتب ما يقرب من مائة. ومن كلماته:
شغل العيال نتيجة متابعة الشهوة بالحلال فما ظنك بقضية شهوة الحرام؟. توفي
سنة 446 أو 406 ودفن بنيسابور بالحيرة. والحيرة بكسر الحاء المهملة وسكون
الياء وفتح الراء محلة كبيرة بنيسابور، وهي تلتبس بالحيرة التي بظاهر الكوفة.
(ابن فهد)
جمال السالكين أبو العباس أحمد بن محمد بن فهد الحلي الأسدي، الشيخ الأجل
الثقة الفقيه الزاهد العالم العابد الصالح الورع التقي صاحب المقامات العالية
والمصنفات الفائقة كالمهذب البارع شرح المختصر النافع والموجز والتحرير وعدة
الداعي والتحصين واللمعة الجلية وغير ذلك. حكي انه رأى في الطيف أمير المؤمنين
عليه السلام آخذا بيد السيد المرتضى رضي الله عنه يتماشيان في الروضة المطهرة الغروية
وثيابهما من الحرير الأخضر فتقدم الشيخ أحمد بن فهد وسلم عليهما فأجاباه فقال
السيد له أهلا بناصرنا أهل البيت ثم سأله السيد عن أسماء تصانيفه فلما ذكرها له
قال السيد صنف كتابا مشتملا على تحرير المسائل وتسهيل الطرق والدلائل واجعل
مفتتح ذلك: (بسم الله الرحمن الرحيم) الحمد لله المقدس بكماله عن مشابهة المخلوقات
380

فلما انتبه الشيخ شرع في تصنيف كتاب التحرير، وافتتحه بما ذكره السيد (ره)
ولد سنة 757 وتوفى سنة 841 (ضما) ودفن في جوار أبي عبد الله الحسين " ع " قرب
خيمكاه وقبره مشهور يزار وينقل عن السيد الاجل صاحب الرياض ان ينتابه
ويتبرك به. يروي عنه الشيخ الأجل علي بن هلال الجزائري وهو يروي عن جماعة
من أجلاء تلامذة الشهيد الأول وفخر المحققين كالفاضل المقداد والشيخ علي بن
الخازن الفقيه والعلامة النحرير بهاء الدين علي بن عبد الكريم وغيرهم رضوان الله
عليهم أجمعين. وقد يطلق ابن فهد على الشيخ شهاب الدين أحمد بن فهد بن حسن
ابن محمد بن إدريس بن فهد المقري الأحسائي من أهل أوائل المائة التاسعة شارح
الارشاد تلميذ ابن المتوج البحراني كان معاصرا لابن فهد الحلي ويروي كل
منهما عن ابن المتوج البحراني ومن غريب الاتفاق ان لكل منهما شرح على الارشاد
(ابن القابسي)
أبو الحسن علي بن محمد بن خلف المعافري كان إماما في علم الحديث ومتونه
وأسانيده وجميع ما يتعلق به، له كتاب الملخص توفي بالقيروان سنة 403 (تج).
والقابسي بالقاف الموحدة المكسورة نسبة إلى قابس مدينة بإفريقية بقرب المهدية.
(ابن القادسي)
أبو عبد الله الحسين بن أحمد بن محمد بن حبيب البزاز، كان قد مكث يملي في
جامع المنصور مدة. قال الخطيب البغدادي: وكان ممن حضره انه مضى إلى مسجد
براثا فأملى فيه وكانت الرافضة تجتمع هناك وقال لهم قد منعني النواصب ان أروي
في جامع المنصور فضائل أهل البيت عليه السلام ثم جلس في مسجد الشرقية واجتمعت إليه
الرافضة، ولهم إذ ذاك قوة وكلمتهم ظاهرة، فأملى عليهم العجائب من الأحاديث
الموضوعة في الطعن على السلف، انتهى كلام الخطيب. مات في سنة
447 (تمز).
381

(ابن قاسم العاملي)
محمد بن محمد بن الحسن الحسيني العاملي العيناثي الجزيني فاضل صالح أديب
شاعر زاهد عابد صاحب كتاب الاثني عشرية في المواعظ العددية فرغ منه سنة 1068
(غسح) في المشهد المقدس الرضوي، كانت أم أمه بنت الشهيد الثاني رضوان الله
تعالى عليهم أجمعين.
(ابن قاسم الغزي)
أبو عبد الله شمس الدين محمد بن قاسم الشافعي تلميذ الجلال المحلى، كانت
ولادته بغزة ونشأ بها، له فتح القريب المجيب في شرح ألفاظ التقريب المشهور
بشرح ابن قاسم على متن أبي شجاع الأصبهاني، توفي سنة 918.
(ابن القاص الطبري)
أبو العباس أحمد بن أبي احمد الفقيه الشافعي، اخذ الفقه عن ابن سريج
وصنف كتبا منها: التلخيص وأدب القاضي وكان يعظ الناس وعرف والده بالقاص
لأنه كان يقص الاخبار والآثار، توفي سنة 335 والطبري يأتي في الطبرسي.
(ابن قبة)
بكسر القاف وفتح الموحدة المخففة كعدة، أبو جعفر محمد بن عبد الرحمن
ابن قبة الرازي، فقيه رفيع المنزلة من متكلمي الإمامية صاحب كتاب الانصاف
في الإمامة الذي ينقل منه الشيخ المفيد رحمه الله تعالى في العيون والمحاسن. وذكره
(جش) وقال: متكلم عظيم القدر حسن العقيدة قوي في الكلام، كان قديما من
المعتزلة وتبصر وانتقل، له كتب في الكلام وقد سمع الحديث واخذ عنه ابن بطة
وساق كلامه إلى أن روى عن أبي الحسين السوسنجردي وكان من عيون أصحابنا
وصالحيهم المتكلمين، وله كتاب في الإمامة معروف، وكان قد حج على قدمه
382

خمسين حجة، يقول مضيت إلى أبى القاسم (1) البخلي إلى بلخ بعد زيارة الرضا
عليه السلام بطوس فسلمت عليه وكان عارفا بي ومعي كتاب أبى جعفر بن قبة في الإمامة
المعروف بالإنصاف، فوقف عليه ونقضه بالمسترشد في الإمامة فعدت إلى الري
فدفعت الكتاب إلى ابن قبة فنقضه بالمستثبت في الإمامة فحملته إلى أبي القاسم
فنقضه بنقض المستثبت فعدت إلى الري فوجدت أبا جعفر قد مات رحمه الله انتهى.
وذكره العلامة في (صه) وقال: كان حاذقا شيخ الامامية في زمانه.
(ابن قتة)
بفتح القاف وبعدها التاء المشددة المفتوحة سليمان بن قتة التابعي الخزاعي
الشيعي، قيل إنه أول من رثى الحسين " ع " مر بكربلا فنظر إلى مصارع شهداء
الطف فبكى حتى كاد ان يموت ثم قال:
وإن قتيل الطف من آل هاشم * أذل رقابا من قريش فذلت
مررت على أبيات آل محمد * فلم أرها أمثالها يوم حلت
فلا يبعد الله الديار وأهلها * وإن أصبحت منهم برغمي تخلت
ألم تر ان الأرض أضحت مريضة * لفقد حسين والبلاد اقشعرت
(ابن قتيبة)
مصغرا، أبو محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة بن مسلم بن عمرو الباهلي
الدينوري المروزي الكاتب (2) اللغوي النحوي صاحب كتاب المعارف في التأريخ

(1) هذا كان شيخ المعتزلة ببغداد وقد أكثر ابن أبي الحديد في النقل عنه.
(2) عن ابن خلدون قال: سمعنا من شيوخنا في مجالس التعليم ان أصول
فن الأدب وأركانه أربعة دواوين وهي: أدب الكتاب لابن قتيبة، وكتاب الكامل
للمبرد، وكتاب البيان والتبيين للجاحظ وكتاب النوادر لأبي علي القالي،
وما سوى هذه الأربعة فتبع لها وفروع عنها.
383

وأدب الكاتب والإمامة والسياسة وعيون الاخبار وغريب القرآن وغير ذلك، كان
من أكابر علماء العامة، وكان قاضيا بالدينور مدة فنسب إليها، ومسلم بن عمرو
الباهلي جده كان حامل عهد يزيد لابن زياد وابنه قتيبة كان أمير خراسان من جهة
الحجاج بن يوسف زمن عبد الملك بن مروان وهو الذي افتتح خوارزم
وسمرقند وبخارا، وتولى خراسان بعد أن عزل عنها يزيد بن المهلب بن أبي صفرة
وبقي إلى زمان سليمان بن عبد الملك فخلع بيعة سليمان وخرج عليه فقتله وكيع بن
حسان الذي كان عزله قتيبة عن رياسة بنى تميم فقتل بفرغانة مع أحد عشر من
أهله وذلك في سنة 96 (صو).
قال ابن خلكان: يقال ان قتيبة كان يضرب بالصنج في بدأ امره وكان أحول
والى ذلك أشار عبد الله بن همام السلولي في شعره في تولية قتيبة وعزل يزيد:
أقتيب قد قلنا غداة اتينا * بدل لعمرك من يزيد أعور
إن المهلب لم يكن كأبيكم * هيهات شأنكم أدق وأحقر
شتان من بالصنج أدرك والذي * بالسيف شمر والحروب تسعر
وقتيبة جد سعيد بن سلم بن قتيبة بن مسلم، وكان سعيد كبيرا مدحه
الشعراء تولى أرمينية والموصل وطبرستان وسجستان وغيرها، ولما مات ولده
عمر بن سعيد رثاه أبو عمرو أشجع بن عمرو السلمي الرقي نزيل البصرة الشاعر
المشهور بقوله:
مضى ابن سعيد حين لم يبق مشرق * ولا مغرب إلا له فيه مادح
وما كنت أدري ما فواضل كفه * على الناس حتى غيبته الصفائح
كأن لم يمت حي سواك لم يقم * على أحد إلا عليك النوائح
لقد حسنت فيك المراثي وذكرها * لقد حسنت من قبل فيك المدائح
توفي سعيد سنة 217 (ريز)، وفيه يقول عبد الصمد بن المعدل:
كم يتيم أنعشته بعد يتم * وفقير أغنيته بعد عدم
384

كلما عضت النوائب نادى * رضي الله عن سعيد بن مسلم
توفي ابن قتيبة على الأشهر في رجب سنة 276 (عور) كانت وفاته فجأة
صاح صيحة سمعت من بعد ثم أغمي عليه ومات. وحكى الخطيب البغدادي: انه
اكل هريسة فأصاب حرارة ثم صاح صيحة شديدة ثم أغمي عليه إلى وقت صلاة
الظهر ثم اضطرب ساعة ثم هدأ فما زال يتشهد إلى وقت السحر ثم مات وذلك أول
ليلة من رجب سنة 276 إنتهى.
والباهلي نسبة إلى باهلة، وكانت العرب تستنكف من الانتساب إلى هذه
القبيلة حتى قال الشاعر:
وما ينفع الأصل من هاشم * إذا كانت النفس من باهله
وقال الآخر:
ولو قيل للكلب يا باهلي * عوى الكلب من لؤم هذا النسب
وروى الخطيب البغدادي عن سعيد بن مسلم بن قتيبة قال: خرجت حاجا ومعي
قباب وكنائس فدخلت البادية فتقدمت القباب والكنائس على حمير لي فمررت
بأعرابي محتب على باب خيمة له وإذا هو يرمق القباب والكنائس فسلمت عليه فقال
لمن هذه القباب والكنائس؟ قال: قلت لرجل من باهلة قال تالله ما أظن الله يعطي
الباهلي كل هذا قال فلما رأيت ازراءه بالباهلية دنوت منه فقلت يا اعرابي أتحب
ان يكون لك القباب والكنائس وأنت رجل من باهلة؟ فقال لا ها الله
قال فقلت أتحب ان تكون أمير المؤمنين وأنت رجل من باهلة؟ قال لا ها لله قال
قلت أتحب ان تكون من أهل الجنة وأنت رجل من باهلة؟ قال بشرط، قال قلت
وما ذاك الشرط؟ قال لا يعلم أهل الجنة اني باهلي، قال ومعي صرة دراهم قال
فرميت بها إليه فاخذها وقال لقد وافقت مني حاجة قال قلت له لما ان ضمها إليه انا
رجل من باهلة قال فرمى بها إلي وقال لا حاجة لي فيها قال فقلت خذها إليك
يا مسكين فقد ذكرت من نفسك الحاجة فقال لا أحب ان ألقى الله وللباهلي عندي
385

يد قال فقدمت فدخلت على المأمون فحدثته بحديث الاعرابي فضحك حتى استلقى
على قفاه وقال لي يا أبا محمد ما أصبرك وأجازني بمائة الف
(أقول) روي عن كتاب الغارات عن أمير المؤمنين " ع " انه قال ادعوا
لي غنيا وباهلة وحيا آخر قد سماهم فليأخذوا عطاياهم فوالذي فلق الحبة وبرأ النسمة
ما لهم في الاسلام نصيب وإني لشاهد لهم في منزلي عند الحوض وعند المقام المحمود
انهم أعدائي في الدنيا والآخرة، الخبر. والدينوري يأتي في الدينوري، وليعلم ان
كتاب الإمامة والسياسة لابن قتيبة طبع بمصر، قال في أوائله ص 13 كيف كانت
بيعة علي بن أبي طالب كرم الله وجهه؟ قال: وان أبا بكر رضي الله عنه تفقد
قوما تخلفوا عن بيعته عند علي كرم الله وجهه فبعث إليهم عمر فجاء فناداهم وهم
في دار علي فأبوا ان يخرجوا فدعا بالحطب وقال والذي نفس عمر بيده لتخرجن
أو لأحرقنها على من فيها فقيل له يا أبا حفص ان فيها فاطمة فقال وإن، فخرجوا
فبايعوا إلا عليا الخ. انتهى بلفظه. وقد تقدم في ابن عبد ربه انه ذكر في كتاب
العقد الفريد خبر الاحراق وان عمر اقبل بقبس من نار على أن يضرم على المتخلفين
عن بيعة أبى بكر في بيت فاطمة " ع " الدار. وقال ابن الشحنة الحنفي في روض
المناظر في ذكر السقيفة ثم إن عمر جاء إلى بيت علي ليحرقه على من فيه فلقيته فاطمة
فقال ادخلوا فيما دخلت فيه الأمة الخ. وقال المسعودي في مروج الذهب في اخبار
عبد الله بن الزبير وحصره بني هاشم في الشعب وجمعه لهم الحطب ما هذا لفظه:
وحدث النوفلي في كتابه في الاخبار عن ابن عائشة عن أبيه عن حماد بن سلمة قال
كان عروة بن الزبير يعذر أخاه إذا جرى ذكر بني هاشم وجمعه الحطب لتحريقهم
ويقول انما أراد بذلك ارهابهم ليدخلوا في طاعته كما أرهب بنو هاشم وجمع لهم
الحطب لاحراقهم إذ هم أبوا البيعة فيما سلف وهذا خبر لا يحتمل ذكره هنا
وقد اتينا على ذكره في كتابنا في مناقب أهل البيت واخبارهم المترجم بكتاب
(حدائق الأذهان)، انتهى.
386

قال السيد المرتضى علم الهدى في الشافي في رد كلام قاضي القضاة في خبر
الاحراق ما هذا لفظه: خبر الاحراق قد رواه غير الشيعة ممن لا يتهم على القوم،
وان دفع الروايات من غير حجة لا يجدي شيئا، فروي البلاذري وحاله في الثقة
عند العامة والبعد عن مقاربة الشيعة والضبط لما يرويه معروفة، عن المدائني عن
سلمة بن محارب عن سليمان الليثي عن ابن عون ان أبا بكر أرسل إلى علي يريده
الجبر على البيعة فلم يبايع فجاء عمر ومعه قبس فلقيته فاطمة على الباب فقالت يا ابن
الخطاب أتراك محرقا علي داري قال نعم وذلك أقوى فيما جاء به أبوك وجاء علي
فبايع، وهذا الخبر قد روته الشيعة من طرق كثيرة وانما الطريف ان يرويه شيوخ
محدثي العامة، وروى إبراهيم بن سعيد الثقفي باسناده عن جعفر بن محمد " ع " قال
والله ما بايع علي " ع " حتى رأى الدخان قد دخل بيته انتهى.
(أقول) وقد أشار إلى قصة الاحراق الحافظ إبراهيم شاعر النيل في
القصيدة العمرية المعروفة:
وكلمة لعلي قالها عمر * أكرم بسامعها أعظم بملقيها
حرقت بيتك لا أبقي عليك بها * إن لم تبايع وبنت المصطفى فيها
ما كان غير أبى حفص بقائلها * يوما لفارس عدنان وحاميها
وقد يطلق ابن قتيبة على الشيخ الأجل أبى الحسن علي بن محمد بن قتيبة
النيسابوري تلميذ أبي محمد الفضل بن شاذان الذي يروي عنه (كش) كثيرا في كتابه
(ابن قدامة المقدسي)
شمس الدين عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن قدامة قاضي القضاة كان
محيي الدين النووي يقول هو اجل شيوخي وهو أول من ولي قضاء الحنابلة بالشام،
له شرح المقنع في عشره مجلدات، والمقنع الذي شرحه كتاب في فقه ابن حنبل
387

لعمه موفق الدين عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي الدمشقي المتوفى سنة 620
وتوفي عبد الرحمن بن قدامة سنة 682.
(ابن قرة الحراني الصابي) انظر الصابي
(ابن قريعة)
مصغرا، القاضي أبو بكر محمد بن عبد الرحمن البغدادي، كان قاضي السندية
قرية بين بغداد والأنبار وكان من إحدى عجائب الدنيا وكان فصيحا مزاحا لطيف
الطبع يسأل السؤالات المضحكة فيجيب بديهة ما يطابق السؤل فمنها: ما يقول
القاضي وفقه الله تعالى في يهودي زنى بنصرانية فولدت ولدا جسمه للبشر ووجهه
للبقر وقد قبض عليهما فما يرى القاضي فيهما؟ فكتب جوابه بديها: هذا من أعدل
الشهود على الملاعين اليهود بأنهم اشربوا حب العجل في صدورهم حتى خرج من
أيورهم وأرى ان يناط برأس اليهودي رأس العجل ويصلب على عنق النصرانية
الساق والرجل ويسحبا على الأرض وينادى عليهما ظلمات بعضها فوق بعض
والسلام. وله الاشعار المعروفة في مظلومية فاطمة عليها السلام:
(يا من يسائل دائبا عن كل معضلة سخيفة)، الأبيات
ومنها يظهر تشيعه. توفي سنة 367 (سزش).
(ابن القرية)
بكسر القاف والراء المشددة، أبو سليمان إسماعيل (أو أيوب) بن زيد بن
قيس الهلالي النمري، كان أعرابيا أميا يعد من خطباء العرب المشهورين بالفصاحة
والبلاغة، وقصته مع الحجاج وكلماته في جواب أسئلة الحجاج معروفة، قتله
الحجاج سنة 82 لخروجه مع ابن الأشعث وانشائه الكتب له. قيل إنه لما أراد
الحجاج قتله قال له: العرب تزعم أن لكل شئ آفة قال صدقت أصلح الله الأمير
قال فما آفة الحلم؟ قال الغضب، قال فما آفة العقل؟ قال العجب، قال فما آفة العلم؟
388

قال النسيان، قال فما آفة السخاء؟ قال المن عند البلاء، قال فما آفة الكرام؟
قال مجاورة اللئام، قال فما آفة الشجاعة؟ قال البغي، قال فما آفة العبادة؟ قال
الفترة، قال فما آفة الذهن؟ قال حديث النفس، قال فما آفة اللسان؟ قال الكذب
قال فما آفة المال؟ قال سوء التدبير، قال فما آفة الكامل من الرجال؟ قال العدم،
قال فما آفة الحجاج بن يوسف؟ قال أصلح الله الأمير لا آفة لمن كرم حسبه،
وطاب نسبه، وزكا فرعه، قال امتلأت شقاقا، وأظهرت نفاقا اضربوا عنقه فلما
رآه قتيلا ندم على قتله.
قال ابن الأثير في الكامل في سنة 84 قتل الحجاج أيوب بن القرية وكان
مع ابن الأشعث بدير الجماجم فلما هزم ابن الأشعث التحق أيوب بحوشب بن يزيد
عامل الحجاج على الكوفة فاستحضره الحجاج فقال له: أقلني عثرتي واسقني
ريقي فإنه ليس جواد إلا له كبوة ولا شجاع إلا له هبوة ولا صارم إلا له نبوة
فقال الحجاج كلا والله لأوردنك جهنم، قال فأرحني فاني أجد حرها فامر به فضربت
عنقه فلما رآه قتيلا قال لو تركناه حتى نسمع من كلامه.
(ابن القصار اللغوي)
مهذب الدين أبو الحسن علي بن عبد الرحيم بن الحسن البغدادي، كان من
الأدباء المشاهير، قرأ الأدب على أبي السعادات ابن الشجري وأبي منصور بن
الجواليقي وبرع في فنه وكتب بخطه كثيرا من كتب الأدب، توفي ببغداد سنة
576 (ثعو) ودفن بمقبرة الشونيزي.
(ابن قضيب البان)
عبد الله بن محمد الحلبي الحنفي، كان فاضلا أديبا له تأليفات شائعة منها:
نظمه للأشباه الفقهية وحل العقال وغير ذلك وكان أحد المبرزين بحسن الخط ولي
قضاء ديار بكر قتل سنة 1096.
389

(ابن القطاع)
أبو القسم علي بن جعفر بن علي بن محمد بن عبد الله السعدي الصقلي المولد،
والمصري الدار والوفاة، كان أحد أئمة الأدب خصوصا اللغة، له تصانيف نافعة
واشعار كثيرة، توفي بمصر سنة 515 (ثيه).
(ابن القطان)
في علماء العامة أبو الحسين أحمد بن محمد بن أحمد البغدادي الفقيه الشافعي
اخذ الفقه عن ابن سريج وأبى إسحاق المروزي ودرس ببغداد توفي سنة 359
(شنط). وقد يطلق على ابن الفضل الذي تقدم ذكره في علماء الإمامية هو الشيخ
شمس الدين محمد بن شجاع القطان الأنصاري الحلي العالم العامل الكامل صاحب
كتاب معالم الدين في فقه آل يس " ع " المنقولة فتاويه في كتب العلماء، يروي
عن الفاضل المقداد عن الشهيد رحمه الله، ويروي الشيخ الأجل علي بن عبد العالي
الميسي عن الشيخ محمد بن داود الجزيني عن السيد الاجل علي بن دقماق
عنه رحمه الله.
(ابن قطلوبغا)
زين الدين قاسم بن قطلوبغا بن عبد الله المصري الحنفي، اخذ العلم عن التاج
احمد الفرغاني والحافظ ابن حجر، له رسائل كثيرة ومصنفات تشهد على تبحره
في فن الفقه والحديث، توفي سنه 879 وهو ابن سبع وسبعين، ومن مصنفاته
تاج التراجم في طبقات الحنفية.
(ابن قلاقس (1)
أبو الفتوح نصر الله بن عبد الله اللخمي الإسكندري القاضي الأغر الشاعر، كان
شاعرا مجيدا وفاضلا نبيلا صحب السلفي وانتفع بصحبته وله فيه غرر المدائح،

(1) كحناجر جمع قلقاس أصل نبات يؤكل مطبوخا.
390

له ديوان ومن شعره قوله في جارية سوداء:
رب سوداء وهي بيضاء معنى * نافس المسك عندها الكافور
مثل حب العيون يحسبه الناس * سوادا وانما هو نور
توفي سنة 567.
(ابن القلانسي)
أبو يعلى حمزة بن أسد بن علي التميمي الدمشقي، كان أديبا كاتبا جمع
تأريخ دمشق وسماه الذيل، توفي سنة 555.
(ابن القوطية)
أبو بكر محمد بن عمر بن عبد العزيز بن إبراهيم الأندلسي القرطبي اللغوي،
كان عالما فاضلا محدثا فقيها مضطلعا بأخبار الأندلس، روى عنه الشيوخ والكهول
صنف في اللغة وغيرها، توفي بقرطبة سنة 367 (زشس) والقوطية بضم القاف والياء
المشددة بعد الطاء المكسورة نسبة إلى قوط بن حام بن نوح " ع " نسب إليه جده
أبى بكر المذكور، وقوط أبو السودان والهند والسند.
(ابن قولويه)
أبو القسم جعفر بن محمد بن جعفر بن موسى بن قولويه القمي الشيخ الفقيه
المحدث الثقة الجليل الصدوق السعيد أستاذ أبى عبد الله المفيد من مصنفاته كتاب
كامل الزيارات وهو كتاب نفيس طبع في هذا الزمان (جش): كان أبو القسم من
ثقات أصحابنا وأجلائهم في الحديث والفقه روى عن أبيه وأخيه عن سعد وقال
ما سمعت من سعد إلا أربعة أحاديث وعليه قرأ شيخنا أبو عبد الله الفقه ومنه حمل
وكلما يوصف به الناس من جميل وفقه فهو فوقه، له كتب حسان وعد كتبه،
ثم قال: قرأت أكثر هذه الكتب عن شيخنا أبى عبد الله وعلي بن الحسين بن
عبيد الله انتهى.
391

ويروي عن الشيخ الكليني (ره) أيضا، توفي سنة 368 أو 367 ودفن في
الحضرة الكاظمية في طرف الرجل وبجنبه قبر الشيخ المفيد رحمه الله واما ابن قولويه
الذي دفن بقم وله مقبرة معروفة قرب الشيخان الكبير، فهو والد هذا الشيخ الجليل
محمد بن جعفر الذي كان من خيار أصحاب سعد بن عبد الله الأشعري القمي
أبو القسم شيخ هذه الطائفة وفقيهها ووجهها، كان سمع من حديث العامة شيئا
كثيرا، وسافر في طلب الحديث لقى من وجوههم الحسن بن عرفة ومحمد بن
عبد الملك الدقيقي وأبا حاتم الرازي وعباس البرقعي كذا عن (جش) وقال: توفي
سنة 301 أو 299 وأصحاب سعد أكثرهم ثقات كعلي بن الحسين بن بابويه ومحمد
ابن الحسن بن الوليد وحمزة بن القسم ومحمد بن يحيى العطار، فهو اما ان يكون
عداده مع هؤلاء أو من خيارهم ومن كل منهما يستدل على ثقته وجلالته. واما
أخو ابن قولويه الذي يروي عنه فهو أبو الحسين علي بن محمد بن جعفر قال (جش)
ومات حدث السن لم يسمع منه. له كتاب فضل العلم وآدابه.
(ابن القيسراني)
شرف الدين أبو عبد الله محمد بن نصر بن صغر الخالدي الحلبي الشاعر
المعروف، كان هو وابن منير الشاعر شاعري الشام وجرت بينهما ملح ونوادر،
توفي بدمشق سنة 548 (ثمح). وقد يطلق على أبى الفضل محمد بن طاهر بن علي
المقدسي الحافظ صاحب المصنفات الكثيرة منها: تذكرة الموضوعات والجمع بين رجال
الصحيحين البخاري ومسلم، توفي ببغداد سنة 507 (ثز) وكان ولده أبو زرعة
طاهر بن محمد من المشهورين بعلو الاسناد وكثرة السماع، توفي سنة 566
(ثوس) بهمذان والقيسراني بفتح القاف والسين المهملة نسبة إلى قيسرية بليدة
بالشام على ساحل البحر.
(ابن قيم الجوزية)
محمد بن أبي بكر الحنبلي المتوفى سنة 751 صاحب زاد المعاد في هدى خير
392

العباد تفقه على ابن تيمية نقل عن صاحب الدرر الكامنة انه قال: غلب على ابن
قيم حب ان تيمية حتى كان لا يخرج عن شئ من أقواله بل يقتصر له في جميع
ذلك وهو الذي هذب كتبه ونشر علمه، وكان له حظ عند الامراء المصريين
واعتقل مع ابن تيمية بالقلعة بعد أن أهين وطيف به على جمل مضروبا بالدرة فلما
مات ابن تيمية أفرج عنه، وامتحن مرة أخرى بسبب فتاوى ابن تيمية وكان
ينال من علماء عصره وينالون منه.
(ابن كثير)
يطلق على جماعة أحدهم: أبو معبد عبد الله بن كثير أحد القراء السبعة
كانت وفاته بمكة المعظمة سنة 120 (قك) وكان شيخا كبيرا أبيض الرأس واللحية
طويلا جسيما أسمر يغير شيبته بالحناء أو بالصفرة. ومنهم: عماد الدين إسماعيل بن
عمر بن كثير القرشي البصري الدمشقي الفقيه الشافعي، سمع ابن الشحنة وابن
عساكر والمزي وغيرهم واقبل على علم الحديث والأصول وحفظ المتون والتواريخ،
شرع في كتاب كبير في الاحكام ولم يكمل وجمع التأريخ الذي سماه البداية والنهاية
وكانت له خصوصية بابن تيمية ومناصفة منه واتباع له في كثير من آرائه، وله
أيضا كتاب مختصر علوم الحديث وشرح البخاري وطبقات الشافعية وتفسير القرآن
توفي بدمشق سنة 774 (ذعد) ودفن عند شيخه ابن قيمية.
(ابن الكلبي) انظر الكلبي
(ابن كناسة)
أبو محمد عبد الله بن يحيى الكوفي الشاعر المتوفى بالكوفة سنة 207 (رز) له
من الكتب كتاب سرقات الكميت من القرآن وغيره وكان هذا الرجل ابن أخت
أبى إسحاق (إبراهيم بن أدهم) الزاهد المشهور الذي كان قديما من ملوك بلخ ثم
ترجب ولبس المسوح وصار من رؤساء أرباب السير والسلوك ونقل في سبب توبته
393

حكايات منها: انه نظر يوما إلى رجل ساكن في ظل قصره قد اخرج من جراب
خلق كان عنده رغيف كعك فأكله وشرب عليه من ماء كان معه ثم استلقى على
قفاه ونام فقام إبراهيم من رقدته واخذ يتفكر في نفسه ان النفس إذا كانت تقنع
بمثل هذا فما نصنع بالدنيا وزخارفها التي لا تبقي إلا حسرة في صدورنا حين وداعنا
إياها؟ ثم خرج من ساعته من زي الملوك واخذ طريقة الفقراء في السير والسلوك
إلى أن توفي في نيف وستين ومائة.
وحكي من زهده وطريقته حكايات لا يهمنا نقلها لأنه لم يأخذ طريقته من
أئمتنا " ع ". ذكر القاضي نور الله (ره) إبراهيم بن أدهم في عداد الشيعة، ويؤيده
ما عن (قب) انه قال: قال أبو جعفر الطوسي كان إبراهيم بن أدهم ومالك بن دينار
من غلمان الصادق " ع " أي من تلاميذه بل يظهر من بعض المواضع انه اخذ من
سفيان الثوري ومقاتل ومالك بن دينار ومن طبقتهم من النساك ويشهد لذلك
ما رواه الشيخ الأجل جمال الدين أحمد بن فهد الحلي في عدة الداعي عن أبي حازم
عبد الغفار بن الحسن قال قدم إبراهيم بن أدهم الكوفة وانا معه وذلك على عهد
المنصور وقدمها جعفر بن محد العلوي يعني به الصادق " ع " فخرج جعفر يريد
الرجوع إلى المدينة فشيعه العلماء وأهل الفضل من الكوفة وكان فيمن شيعه الثوري
وابن أدهم فتقدم المشيعون له فإذا هم بأسد على الطريق فقال لهم إبراهيم قفوا حتى
يأتي جعفر فننظر ما يصنع فجاء فذكروا له الأسد فاقبل حتى دنا منه واخذ باذنه
حتى نحاه عن الطريق ثم اقبل عليهم فقال: اما ان الناس لو أطاعوا الله حق طاعته
لحملوا عليه أثقالهم. وحكي عنه انه مر في أسواق البصرة فاجتمع عليه الناس وسألوه
عن قوله تعالى (ادعوني استجب لكم) فكنا ندعوه فلم يستجب لنا فقال لان
قلوبكم ماتت في عشرة أشياء: أولها عرفتم الله فلم تؤدوا حقه، والثانية انكم قرأتم
القرآن فلم تعملوا به الخ.
(أقول) هذا مأخوذ من كلام أمير المؤمنين " ع " روى العلامة المجلسي
394

رحمه الله تعالى في البحار عن دعائم الدين قال روي في كتاب التنبيه عن أمير المؤمنين
عليه السلام انه خطب في يوم جمعة خطبة بليغة قال في آخرها: أيها الناس سبع
مصائب عظام نعوذ بالله منها، عالم زل، وعابد مل، ومؤمن خل، ومؤتمن غل،
وغني أقل، وعزيز ذل، وفقير اعتل، فقام إليه رجل فقال صدقت يا أمير المؤمنين
أنت القبلة إذا ما ضللنا والنور إذا ما أظلمنا ولكن نسألك عن قول الله سبحانه
(ادعوني استجب لكم) فما بالنا ندعو فلا تجاب؟ قال إن قلوبكم خانت بثمان خصال
(أولها) انكم عرفتم الله فلم تؤدوا حقه كما أوجب عليكم فما اغنت عنكم معرفتكم شيئا.
(والثانية) انكم آمنتم برسوله ثم خالفتم سنته وأمنتم شريعته فأين ثمرة ايمانكم؟.
(والثالثة) انكم قرأتم كتابه المنزل عليكم فلم تعملوا به وقلتم سمعنا وأطعنا ثم
خالفتم (والرابعة) انكم قلتم انكم تخافون من النار وأنتم في كل وقت تقدمون
إليها بمعاصيكم فأين خوفكم؟. (والخامسة) انكم قلتم انكم ترغبون في الجنة وأنتم
في كل وقت تفعلون ما يباعدكم منها فأين رغبتكم فيها؟. (والسادسة) انكم أكلتم
نعمة المولى ولم تشكروا عليها. (والسابعة) ان الله امركم بعداوة الشيطان وقال
إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا فعاديتموه بلا تول وواليتموه بلا مخالفة.
(والثامنة) وانكم جعلتم عيوب الناس نصب عيونكم وعيوبكم وراء ظهوركم تلومون
من أنتم أحق باللوم منه، فأي دعاء يستجاب لكم مع هذا وقد سددتم أبوابه وطرقه؟
فاتقوا الله وأصلحوا أعمالكم وأخلصوا سرائركم وأمروا بالمعروف وانهوا عن المنكر
فيستجيب الله لكم دعاءكم.
(ابن الكواء)
اسمه عبد الله من أصحاب أمير المؤمنين " ع " خارجي ملعون وهو الذي
قرأ خلف علي " ع " جهرا (ولقد أوحي إليك والى الذين من قبلك لان أشركت
ليحبطن عملك وتكونن من الخاسرين) وكان علي يؤم الناس ويجهر بالقراءة
395

فسكت علي حتى سكت ابن الكواء ثم عاد في قراءته حتى فعله ابن الكواء ثلاث
مرات فلما كان في الثالثة قال أمير المؤمنين (فاصبر إن وعد الله حق ولا يستخفنك
الذين لا يوقنون) وهو الذي سأل أمير المؤمنين " ع " عن مسائل شتى فأجابه
أمير المؤمنين وقد أشرنا إلى ذلك في سفينة البحار. والكواء كشداد الخبيث
الشتام. وأبو الكواء من كناهم. قال الفيروزآبادي وذكر ابن قتيبة في المعارف
في ذكر النسابين أصحاب الاخبار ابن الكواء الناسب وقال هو عبد الله بن عمرو
من بني يشكر وكان ناسبا عالما كبيرا وقال قيل لأبيه الكواء لأنه كوي في
الجاهلية انتهى.
(ابن الكيزاني)
أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن ثابت المقري الأديب المصري الشاعر الزاهد
له ديوان شعر توفي سنة 562.
(ابن كيسان)
أبو الحسن محمد بن أحمد بن إبراهيم بن كيسان البغدادي النحوي، اخذ
عن المبرد وثعلب ويقال انه أنحى منهما. وعن أبي حيان التوحيدي قال: ما رأيت
مجلسا أكثر فائدة واجمع لأصناف العلوم والتحف والنتف من مجلسه، وكان يجتمع
على بابه نحو مائة رأس من الدواب للرؤساء والاشراف الذين يقصدونه وكان
اقباله على صاحب المرقعة والخلق كاقباله على صاحب الديباج والدابة والغلام،
ومن تصانيفه المهذب في النحو وكتاب غلط أدب الكاتب وغيره، ومات كما عن
تأريخ ابن الخطيب سنة 299 (صرط). وكيسان اسم للغدر وسمي به جمع. ولقب
المختار بن أبي عبيد المنسوب إليه الكيسانية. واما ما ورد عن أبي عبد الله " ع "
قال ما زال سرنا مكتوما حتى صار في يدي ولد كيسان فتحدثوا به في الطريق
وقري السواد قيل المراد بولد كيسان أولاد المختار؟ وقيل المراد بهم أصحاب
الغدر والمكر الذي ينسبون أنفسهم إلى الشيعة وليسوا منهم.
396

(ابن اللباد)
الشيخ موفق الدين عبد اللطيف بن يوسف البغدادي الشافعي الموصلي
كان مشهورا بالعلوم عارفا بعلم الكلام والطب أقام مدة في القاهرة، وله الراتب
والجرايات من أولاد الملك الناصر صلاح الدين، واتى إلى مصر الغلاء العظيم
والموتان الذي لم يشاهد مثله وألف ابن اللباد في ذلك كتابا ذكر فيه أشياء شاهدها
وسمعها ممن عاينها تذهل العقل وسماه كتاب الافادة والاعتبار في الأمور المشاهدة
والحوادث المعاينة بأرض مصر، وله ذيل الفصيح (أي فصيح ثعلب) توفي
سنة 629 (خكط).
(ابن لرة)
أبو عمرو بندار بن عبد الحميد الأصبهاني اللغوي، كان متقدما في علم اللغة
ورواية الشعر وكان استوطن الكرخ ثم العراق فظهر هناك فضله، اخذ عن القسم
ابن سلام وعنه ابن كيسان: حكي انه كان يحفظ سبعمائة قصيدة أول كل
قصيدة بانت (1) سعاد، وكان معاصرا للمتوكل ويحضر مجلسه وله معه حكاية
مذكورة في (ضا).
(ابن لهيعة)
كسفينة، أبو عبد الرحمن عبد الله بن لهيعة الحضرمي المصري، كان كثير
الرواية في الحديث والاخبار، تولى قضاء مصر بأمر المنصور الدوانيقي سنة 155
وصرف عن القضاء سنة 164، يحكى عن ابن قتيبة انه عده من رجال الشيعة.
وعن ابن عدي انه ذكره فقال: مفرط في التشيع يروي عنه مشايخ الحديث،

(1) بانت سعاد قصيدة مشهورة أنشدها كعب بن زهير في مدح النبي صلى الله عليه وآله
منها قوله:
كل ابن أنثى وإن طالت سلامته * يوما على آلة الحدباء محمول
397

وحديثه مذكور في صحيحي الترمذي وأبي داود وغيرهما، توفي بمصر سنة 174
(قعد). قال الفيروزآبادي في القاموس: اللهيعة الغفلة كاللهاعة والكسل والفترة في
البيع حتى يغبن وعبد الله ابن لهيعة الحضرمي قاضي مصر محدث وثق انتهى.
والحضرمي بفتح أوله وثالثه نسبة إلى حضر موت وهي من بلاد اليمن في أقصاها
(ابن الماجشون) يأتي في الماجشون
(ابن ماجة)
أبو عبد الله محمد بن يزيد القزويني الحافظ المشهور صاحب كتاب السنن
أحد الصحاح الستة، توفي 22 شهر رمضان سنة 273 (عرج). قال صاحب
القاموس: ماجة لقب والد محمد بن يزيد القزويني صاحب السنن لا جده انتهى.
وأخوه الحسن بن يزيد أيضا محدث قدم بغداد حاجا وحدث بها.
(ابن ماسويه)
يوحنا الطبيب المشهور الذي لازم المأمون والمعتصم والواثق والمتوكل،
توفي سنة 243 (جمر). حكي ابن النديم: انه عبث ابن حمدون النديم بابن ماسويه
بحضرة المتوكل فقال له ابن ماسويه لو أن مكان ما فيك من الجهل عقل ثم قسم
على مائة خنفساء لكانت كل واحدة منهن أعقل من أرسطاطاليس. وممن تلمذ
عليه واخذ عنه أبو زيد حنين بن إسحاق العبادي اشتغل عليه بصناعة الطب
وتوجه إلى بلاد الروم وأقام بها سنتين حتى احكم اللغة اليونانية. وهو الذي أوضح
معاني كتب ابقراط وجالينوس ولخصها أحسن تلخيص، واتصل خبره بالمتوكل
العباسي فاستدعاه وجعله رئيس الأطباء في بغداد، توفي سنة 253 أو 260 وليعلم
انه كان في أوائل القرن الثالث أربعة من الأطباء يسمون ابن ماسويه، أكملهم
وأشهرهم يوحنا المذكور، ثم عيسى ثم ميخائيل رابعهم جرجيس، ولبني ماسويه
في تراكيبهم الأدوية أشياء مجربات منها: انه إذا اكل الانسان قبل الطعام عددا
398

قليلا من الفستق فان كان في الطعام من الأدوية السمية لا يضره السم. ومنها: ان
شحم اليحمور وهو حمار الوحش إذا دلك به الوجه يذهب بالكلف (وهو شئ
يعلو الوجه كالسمسم). ومنها: انه إذا خرج في الصبي الجدري ففي أوائله لو
وضع الحناء على رجله ويكرر ذلك في أيام يحفظ عينه من ضرر النقطة.
(ابن ماكولا)
الأمير سعد الملك علي بن هبة الله العجلي الجرفادقاني (1) ينتهي إلى أبى دلف
العجلي، وهو أحد الفضلاء المشهورين والمحدثين المعروفين صاحب كتاب الاكمال
تتبع الألفاظ المشتبهة في الأسماء والاعلام وجمع منها شيئا كثيرا وعليه اعتماد
المحدثين وأرباب هذا الشأن، كان أبوه وزير القائم بأمر الله وعمه أبو عبد الله
الحسين بن علي بن جعفر كان يعرف بابن ماكولا أيضا، ولي القضاء بالبصرة من
قبل ابن أبي الشوارب إلى أن مات أبو الحسن في سنه 417 فاستحضر ابن ماكولا
وولاه القادر بالله قضاء القضاة ببغداد في سنة 240 وكان نزها عفيفا يذكر انه
سمع الحديث بأصفهان من ابن مندة الحافظ وتوفي سنة 447، واما ابن ماكولا
الأمير سعد الملك قتله غلمانه بجرجان سنة 475 وينسب إليه:
قوض خيامك عن ارض تهان بها * وجانب الذل إن الذل يجتنب
وارحل إذا ان في الأوطان منقصة * فالمند الرطب في أوطانه حطب
(ابن مالك)
جمال الدين أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن مالك الجياني الأندلسي الشافعي
ناظم كتاب الألفية في تدوين المقاصد النحوية ولد بجيان من بلاد الأندلس سنة
601 (خا) وقدم دمشق وتصدر بها ثم جاء حلب وتصدر بها أيضا، واشتغل بفقه
الشافعي، قيل كان آية في الاطلاع على الحديث وكان أكثر ما يستشهد بالقرآن

(1) جرفادقان معرب (كلبايكان) من نواحي أصبهان.
399

فان لم يكن فيه شاهد عدل إلى الحديث فان لم يكن فيه عدل إلى اشعار العرب،
وكان كثير العبادة كثير النوافل كثير المطالعة سريع المراجعة لا يكتب شيئا
من محفوظه حتى يراجعه في محله ولا يرى إلا وهو يتلو أو يصلي أو يصنف أو
يقرأ، له مصنفات منها الألفية وشرح التسهيل وشرح الجزولية إلى غير ذلك نظمها
بعضهم في أبيات مذكورة في (ضا) منها قوله:
وأعرب توضيحا أحاديث ضمنت * صحيح البخاري الامام وسهلا
توفي بدمشق سنة 672 (خعب). وقد يطلق على ابنه بدر الدين محمد بن محمد
ابن عبد الله الشافعي النحوي الملقب بابن الناظم، اخذ عن والده وسكن بعلبك
فقرأ عليه بها جماعة فلما مات والده اتى دمشق وولي وظيفة والده وتصدى للاشتغال
والتصنيف، مات بالقولنج بدمشق سنة 686 (خفو) له شرح على ألفية والده.
(ابن الماهيار)
أبو عبد الله محمد بن العباس بن علي بن مروان الماهيار المعروف بابن جحام
بتقديم الجيم المضمومة على الحاء المهملة كغلام، كان ثقة كثير الحديث من أجلاء
علماء الإمامية ومن مشايخ التلعكبري. وفي البحار عن منتخب البصائر قال: ومن
كتاب ما نزل من القرآن في النبي صلى الله عليه وآله تأليف أبى عبد الله محمد بن العباس بن مروان
وعلى هذا الكتاب خط السيد رضى الدين علي بن موسى بن طاووس ما صورته قال
النجاشي في كتاب الفهرست ما هذا لفظه: محمد بن العباس ثقة ثقة في أصحابنا
عين سديد له كتاب المقنع في الفقه. وكتاب الدواجن، وقال جماعة من أصحابنا
انه لم يصنف في معناه مثله.
(ابن المبارك)
أبو عبد الرحمن عبد الله بن المبارك المروزي العالم الزاهد العارف المحدث،
كان من تابعي التابعين ذكره الخطيب في تأريخ بغداد وأثنى عليه وروى عن أبي
400

أسامة قال: ابن المبارك في أصحاب الحديث مثل أمير المؤمنين في الناس. وعن
ابن مهدي قال: كان ابن المبارك اعلم من سفيان الثوري وعن ابن عيينة قال:
نظرت في أمر الصحابة وامر ابن المبارك فما رأيت لهم عليه فضلا إلا بصحبتهم
النبي (ص) وغزوهم معه. وعن عمار بن الحسن انه مدح ابن المبارك وقال:
إذا سار عبد الله بن مرو ليلة * فقد سار منها نورها وجمالها
إذا ذكر الأحبار في كل بلدة * فهم أنجم فيها وأنت هلالها
يحكى انه أحسن إلى علوية ملهوفة فرأى في المنام انه يخلق الله تعالى على صورته
ملكا يحج عنه كل عام. وروى أنه قال لأبي جعفر محمد بن علي الباقر " ع " قد
أتيتك مسترقا مستعبدا فقال قد قبلت واعتقه وكتب له عهدا. حكى الدميري:
انه استعار قلما من الشام فعرض له سفر فسار إلى أنطاكية، وكان قد نسي القلم
معه فذكره هناك فرجع من أنطاكية إلى الشام ماشيا حتى رد القلم إلى صاحبه
وعاد. وروى الخطيب انه استعار قلما بأرض الشام فذهب عليه ان يرده على
صاحبه فلما قدم مرو نظر فإذا هو معه فرجع إلى ارض الشام حتى رده على
صاحبه انتهى.
وكان يقول أربع كلمات انتخبن من أربعة آلاف حديث: لا تثقن بامرأة
ولا تغترن بمال، ولا تحمل مالا تطيق، وتعلم من العلم ما ينفعك فقط. ويروى له:
قد أرحنا واسترحنا من غدو ورواح * واتصال بأمير ووزير ذي سماح
بعفاف وكفاف وقنوع وصلاح * وجعلنا اليأس مفتاحا لأبواب النجاح
وله أيضا:
قد يفتح المرء حانوتا لمتجره * وقد فتحت لك الحانوت بالدين
بين الأساطين حانوت بلا علق * تبتاع بالدين أموال المساكين
صيرت دينك شاهينا تصيد به * وليس يفلح أصحاب الشواهين
401

وكتب لبعض أصحابه من أهل العلم وقد دخل في عمل القضاء:
يا جاعل العلم له بازيا * يصطاد أموال المساكين
احتلت للدنيا ولذاتها * بحيلة تذهب بالدين
فصرت مجنونا بها بعدما * كنت دواء المجانين
أين رواياتك في سردها * عن ابن عون وابن سيرين
أين رواياتك والقول في * اتيان أبواب السلاطين
إن قلت أكرهت فذا باطل * زل حمار العلم في الطين
مولده بمرو سنة 118 ووفاته بهيت سنة 181 (قفا). وهيت بكسر الهاء
مدينة على الفرات فوق الأنبار من اعمال العراق لكنها في بر الشام والأنبار في بر
بغداد والفرات يفصل بينهما. قال ابن خلكان: وقبره ظاهر بها يزار، وقال:
قد جمعت اخباره في جزأين انتهى.
(أقول) ابن المبارك هو أحد من رد على ابن حنيفة وهم جماعة كثيرة بين
الثلاثين والأربعين من مشاهير العلماء ذكرهم الخطيب في الجزء الثالث عشر من
تأريخه منهم أبو عوانة ومالك بن انس وعمر بن قيس وأبو إسحاق الفزاري
ويوسف بن أسباط وحمادان ابنا سلمة وزيد وسفيانان والأوزاعي وأبو بكر بن
عباس وشريك بن عبد الله ووكيع بن الجراح وابن أبي ليلي وابن شبرمة وذكر
الخطيب في الجزء الرابع عشر روايات عن ابن المبارك في ذم أبى يوسف القاضي
لا يهمنا ذكرها.
(ابن المتوج)
الشيخ فخر الدين أحمد بن سعيد المتوج البحراني، من علماء الإمامية
عالم بالعلوم العربية والأدبية فاضل فقيه مفسر أديب شاعر معروف بالعلم
والتقوى صاحب المؤلفات الكثيرة، كان من أجلاء تلامذة الشهيد وفخر المحققين،
من مشايخ ابن فهد الحلي، وله اشعار في رثاء الأئمة عليهم السلام أورد بعضها الشيخ
402

الطريحي في المنتخب، وينسب إليه القول باشتراط علم الفصاحة والبلاغة في الاجتهاد
ونقل من غاية حفظه انه ما فطن شيئا فنسيه. ووالده الشيخ عبد الله أيضا من
الفضلاء الفقهاء الأدباء الشعراء وكذا ولده ناصر بن أحمد رضوان الله تعالى عليهم
أجمعين واستظهر بعض انه غير الشيخ جمال الدين أحمد بن عبد الله بن علي بن الحسن
ابن المتوج البحراني المتوفى سنة 820 (ضك) تلميذ فخر المحققين وأستاذ ابن
فهد الأحسائي.
(ابن متويه)
أبو الحسن علي بن محمد بن علي بن سعد الأشعري القمي، له كتاب نوادر
كبير، يروي عنه الشيخ الأجل الثقة الفقيه أبو جعفر محمد بن الحسن بن الوليد
القمي المتوفي سنة 343 (شمج).
(أقول) وليس هذا ابن متويه الذي نقل صحيفة إدريس من السورية إلى
إلى العربية فان اسمه أحمد بن حسين بن محمد. وقد يطلق ابن متويه على أبى الحسن
علي بن أحمد بن محمد بن علي بن متويه الواحدي الذي يأتي ذكره في الواحدي.
وقد يطلق على أبى القسم عبد الرحمن بن محمد بن حامد بن متويه الزاهد البلخي
محدث بلخ في عصره قدم نيسابور وأقام مدة يحدث ثم انصرف، توفي سنة 355
(شنه). ومتويه بضم الميم وضم المثناة الفوقانية المشددة وسكون الواو وفتح المثناة
التحتانية وبعدها هاء ساكنة.
(ابن محبوب) انظر السراد
(ابن المدبر)
كمكبر، إبراهيم بن المدبر أحد الامراء في أيام الواثق والمتوكل، وكان
محل في العلم والأدب والمعرفة، وكان سئ الرأي في أبي تمام الشاعر. قال محمد بن
الأزهر أنشدته أرجوزة لأبي تمام ولم أنسبها إليه وهي:
وعاذل عذلته من عذله * فظن انى جاهل من جهله
403

ما غبن المغبون مثل عقله * من لك يوما بأخيك كله
فقال لابنه اكتبها فكتبها على ظهر كتاب من كتبه، فقلت له جعلت فداك
انها لأبي تمام فقال خرق خرق. قال المسعودي بعد نقل هذه القصة: وهذا من
ابن المدبر قبيح من عمله، لان الواجب ان لا يدفع احسان محسن عدوا كان أو
صديقا، وان تؤخذ الفائدة من الوضيع والرفيع فقد روي عن أمير المؤمنين " ع "
انه قال الحكمة ضالة المؤمن فخذ ضالتك ولو من أهل الشرك. وقد ذكر عن
بزرجمهر وكان من حكماء الفرس انه قال: اخذت من كل شئ أحسن ما فيه حتى
الكلب والهرة والخنزير والغراب قيل ما اخذت من الكلب؟ قال الفه لأهله وذبه عن
صاحبه. قيل فما اخذت من الغراب؟ قال شدة حذره. قيل فمن الخنزير؟ قال
بكوره في حوائجه. قيل فمن الهرة؟ قال حسن نغمتها وتملقها لأهلها عند المسألة.
ومن عاب مثل هذه الاشعار التي ترتاح لها القلوب وتحرك لها النفوس وتصغي إليها
الاسماع وتشحذ بها الأذهان ويعلم كل من له قريحة وفضل ومعرفة ان قائلها قد
بلغ في الإجادة أبعد غاية وأقصى نهاية فإنما غض من نفسه وطعن على معرفته
واختياره انتهى.
(قلت) اخذ المسعودي كلامه هذا من ابن المعتز فقد ذكر الخطيب في
تأريخ بغداد انه لما أمر ابن المدبر بتخريق الكتاب قال قال ابن المعتز: وهذا الفعل
من العلماء مفرط القبح لأنه يجب ان لا يدفع إحسان محسن عدوا كان أو صديقا
وان تؤخذ الفائدة من الرفيع والوضيع فإنه يروي عن علي بن أبي طالب " ع " انه
قال: الحكمة ضالة المؤمن فخذ ضالتك ولو من أهل الشرك. ويروى عن بزرجمهر
انه قال: اخذت من كل شئ أحسن ما فيه الخ انتهى.
وقد يطلق ابن المدبر على أحمد بن محمد بن عبيد الله أبي الحسن الكاتب الضبي
حكي انه كان إذا مدحه شاعر فلم يرض شعره قال لغلامه امض به إلى المسجد الجامع
ولا تفارقه حتى يصلي مائة ركعة ثم أطلقه، فتحاماه الشعراء إلا الافراد المجيدين
404

فورد عليه الحسين بن عبد السلام المصري المعروف بالجمل فأنشده:
أردنا في أبي حسن مديحا * كما بالمدح تنتجع الولاة
فقالوا يقبل المدحات لكن * جوائزه عليهن الصلاة
فقلت لهم وما تغني صلاتي * عيالي إنما الشأن الزكاة
فيأمرني بكسر الصاد منها * فيفتح لي الصلاة هي الصلاة
فضحك ابن المدبر واستطرفه وأحسن صلاته وكان أحمد بن المدبر المذكور
يتولى الخراج بمصر فحبسه أحمد بن طولون في سنة 265 فمات أو قتل في حبسه
سنة 270 (رع).
(ابن المديني)
أبو الحسن علي بن عبد الله بن جعفر، بصري الدار أحد أئمة الحديث في
عصره والمقدم على حفاظ وقته. وأبوه محدث مشهور روى عن غير واحد من
مشيخة مالك بن انس. واما علي فسمع أباه وحماد بن زيد، وسفيان بن عيينة،
وجرير بن عبد الحميد، ويحيى بن سعيد القطان وعبد الرزاق بن همام إلى غير ذلك
قدم بغداد وحدث بها فروى عنه أحمد بن حنبل وابنه صالح، والحسن بن محمد
الزعفراني، ومحمد بن يحيى الذهلي والبخاري، وأبو حاتم الرازي وغيرهم من المشايخ
قال الخطيب قال أبو حاتم: كان علي علما في الناس في معرفة الحديث والعلل وكان
احمد لا يسميه انما يكنيه تبجيلا له وكان سفيان بن عيينة يسمى ابن المدايني حية
الوادي وروى الخطيب عن أبي يحيى قال: كان علي بن المدايني إذا قدم بغداد
وتصدر الحلقة وجاء احمد ويحيى وخلف والمعيطي والناس يتناظرون فإذا اختلفوا
في شئ تكلم فيه علي.
وروي عن الأعين قال: رأيت علي بن المدني مستلقيا وأحمد بن حنبل على
يمينه ويحيى بن معين عن يساره وهو يملي عليهما. وروي عن يحيى بن معين قال:
405

كان علي بن المديني إذا قدم علينا أظهر التسنن وإذا ذهب إلى البصرة أظهر التشيع
مات بسر من رأى سنة 236، وقد يطلق ابن المديني على ابنه عبد الله بن علي بن
عبد الله البصري قدم بغداد وحدث بها عن أبيه.
(ابن مرار)
الشيباني أبو عمرو إسحاق بن مرار بكسر الميم، كان شاعرا محدثا من أهل العلم
، اخذ منه أحمد بن حنبل وأبو عبيد وابن السكيت، مات ببغداد سنة
213 وقيل 206.
(ابن مردويه)
الحافظ أحمد بن موسى الأصبهاني المحدث المفسر المشهور من كبار المحدثين
ومن عظماء علماء الجمهور، توفي بإسكاف سنة 352 (شنب).
(ابن المزرع)
أبو بكر يموت بن المزرع بن يموت ينتهي إليه حكيم بن جبلة وكان
ابن أخت أبى عثمان الجاحظ، وكان أديبا اخباريا، له ملح ونوادر وكان لا يعود
مريضا خوفا من أن يتطير باسمه وكان يقول: بليت بالاسم الذي سماني به أبى فإذا
عدت مريضا فاستأذنت عليه فقيل من هذا؟ قلت انا ابن المزرع وأسقطت اسمي،
مات بدمشق سنة 304 (شد). وجده حكيم بن جبلة كان من أعوان أمير المؤمنين
عليه السلام على شرطة البصرة، قتله أصحاب الجمل وسبعين رجلا من أصحابه، حكي ان
طلحة والزبير لما قدما البصرة استقر الحال بينهم وبين عثمان بن حنيف أميرا لعلي
عليه السلام ان يكفوا عن القتال إلى أن يأتي علي ثم إن عبد الله بن الزبير بيت عثمان
رضي الله عنه فأخرجه من القصر فسمع حكيم فخرج في سبعمائة من ربيعة فقاتلهم
حتى أخرجهم من القصر، ولم يزل يقاتلهم حتى قطعت رجله فاخذها وضرب بها
الذي قطعها فقتله، ولم يزل يقاتل ورجله مقطوعة حتى نزفه الدم فاتكى على الرجل
406

الذي قطع رجله وهو قتيل فقال له قائل من فعل بك هذا؟ قال وسادتي. فما رؤي
أشجع منه. ثم قتله سحيم الحدائي انتهى.
وفي المستدرك: حكيم بن جبلة العبدي في الدرجات الرفيعة (1) عن جماعة
من أهل السير: انه كان رجلا صالحا شجاعا مذكورا مطاعا في قومه، إلى أن قال:
وكان حكيم المذكور أحد من شنع على عثمان لسوء أعماله وهو من خيار أصحاب
أمير المؤمنين " ع " مشهورا بولائه والنصح له وفيه يقول أمير المؤمنين " ع " على
ما ذكره ابن عبد ربه في العقد:
دعا حكيم دعوة سميعة * نال بها المنزلة الرفيعة
ثم ذكر شهادته يوم الجمل الأصغر ويظهر قوة إيمانه وشدة يقينه انتهى.
(ابن المستوفى)
أبو البركات شرف الدين المبارك بن أبي الفتح أحمد بن المبارك اللخمي
الأربلي، كان رئيسا جليل القدر جم الفضائل عارفا بالحديث ورجاله ماهرا في
الأدب وفنونه بارعا في علم الديوان وحسابه جمع تأريخا لإربل في أربع مجلدات وله
النظام في شرح شعر المتنبي وأبى تمام وله ديوان شعر وكان له من الكتب النفيسة
شئ كثير توفي بالموصل سنة 637 (خلز).
(ابن مسعود)
عبد الله بن مسعود بن غافل أو عاقل شهد مع رسول الله صلى الله عليه وآله مشاهده
وكان أحد حفاظ القرآن قال الخطيب البغدادي وكان من فقهاء الصحابة، ذكره
عمر بن الخطاب فقال كنيف ملئ علما، وبعثه إلى الكوفة ليقرئهم القرآن ويعلمهم
الشرايع والاحكام فبث عبد الله فيهم علما كثيرا وفقه منهم جما غفيرا انتهى. وقد
تقدم ما يتعلق به في ابن أم عبد.

(1) طبع المطبعة الحيدرية في النجف.
407

(ابن مسكان)
كسبحان، اسمه عبد الله كوفي من أجلاء أصحاب الصادق " ع " أحد من
أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنه، روي أنه كان لا يدخل على أبى عبد الله
عليه السلام شفقة ان لا يوفيه حق اجلاله وكان يسمع من أصحابه ويأبى ان يدخل عليه
إجلالا له وقد أطال الكلام في ذلك شيخنا في المستدرك وذكر روايات رواها عنه
عليه السلام بحيث لا يحتمل الارسال قال الفيروز آبادي في القاموس: مسكان
بالضم شيخ للشيعة اسمه عبد الله.
(ابن مسكويه)
الحكيم أبو علي أحمد بن محمد بن يعقوب بن مسكويه الحازن الرازي الأصل
الأصبهاني المسكن والخاتمة، كان من أعيان العلماء وأركان الحكماء معاصرا للشيخ
أبي علي بن سينا صحب الوزير المهلبي في أيام شبابه وكان خصيصا به إلى أن اتصل
بخدمة عضد الدولة فصار من كبار ندمائه ورسله إلى نظرائه ثم اختص بالوزير
ابن العميد وابنه أبى الفتح له مؤلفات في الحكمة منها كتاب الفوز الأكبر وكتاب
الفوز الأصغر وجاويدان خرد بالفارسية في الحكمة وهو يقرب من خمسه آلاف
بيت وتجارب الأمم في التأريخ وكتاب الطهارة في علم الأخلاق وهو مشهور قد
مدحه المحقق الطوسي بأبيات ولم يتعين حقيقة مذهبه وله عبارات متعارضة في
كتابه هذا فقال في بحث الشجاعة من كتاب الطهارة واستمع كلام الامام الاجل
سلام الله عليه الذي صدر عن حقيقة الشجاعة فإنه قال لأصحابه: انكم إن لم تقتلوا
تموتوا والذي نفس ابن أبي طالب بيده لألف ضربة بالسيف على الرأس أهون من
ميتة على الفراش. وهذا الكلام يومي إلى تشيعه، وقال في مقام آخر نقلا عن
الحسن البصري لقد حذق أبو بكر في خطبته حيث قال: أشقى الناس في الدنيا
والآخرة الملوك ثم وصفهم الخ. وهذا الكلام يومي إلى تسننه ولكن النقل عن
408

الحسن البصري باب شائع عند صوفية الشيعة فلا يدل على تسننه.
(قلنا) ثم الدائر على السنة أهل العصر ان السيد الداماد كان يعتقد تشيعه
وكان قبره على باب درب جناب (في أصبهان) وكان السيد الداماد كلما يجتاز
يقف ويقرأ الفاتحة ثم يعبر عنه، نقلت ذلك من رياض العلماء، توفي سنة 421
قال الفيروز آبادي في القاموس: مسكويه بالكسر كسيبويه علم.
(ابن المشهدي)
أبو عبد الله محمد بن جعفر بن علي بن جعفر المشهدي الحائري الشيخ الجليل
السعيد المتبحر عظيم المنزلة والمقدار مؤلف المزار المشهور الذي اعتمد عليه علماؤنا
الأبرار الملقب بالمزار الكبير في بحار الأنوار وله أيضا كتاب بغية الطالب وإيضاح
المناسك وكتاب المصباح يروي عن جماعة من الاعلام منهم: ابن البطريق والسيد
ابن زهرة وشاذان بن جبرائيل القمي والشيخ هبة الله بن نما وأبى عبد الله الحسين
ابن جمال الدين هبة الله بن الحسين بن رطبة السوراوي الفقيه الجليل الموصوف في
الإجازات بكل جميل والأمير ورام بن أبي فراس وسديد الدين محمود الحمصي
الرازي ووالده وغيرهم رضوان الله عليهم أجمعين ويروي عنه نجيب الدين بن نما.
(ابن مضا اللخمي) انظر قاضي الجماعة
(ابن المعتز)
عبد الله بن المعتز بن المتوكل العباسي الأديب الشاعر العالم بالموسيقى اخذ
الأدب عن المبرد وثعلب وغيرهما، وله اشعار معروفة منها قوله:
عجبا للزمان من حالتيه * وبلاء دفعت منه إليه
رب يوم بكيت فيه فلما * صرت في غيره بكيت عليه
وله:
إصبر على حسد الحسود فان صبرك قاتله
كالنار تأكل نفسها إن لم تجد ما تأكله
409

وله قصيدة في تفضيل بني العباس على آل أبي طالب المنتجبين:
أبى الله إلا ما ترون فمالكم * غضابا على الاقدار يا آل طالب
القصيدة. ورد عليه القاضي التنوخي وغيره ويأتي في التنوخي ما يتعلق بذلك.
قيل كان ابن المعتز شبيه جده المتوكل في النصف والعناد لأهل بيت النبي صلى الله عليه وآله
إلى يوم التناد، فصار عاقبة امره انه حبس بأمر المقتدر لكائنة جرت له ثم عصرت
خصيتاه حتى مات وكان ذلك في سنة 296 (صور) ودفن في خربة في نهاية الذلة
وصار مصداقا للخبر المشهور: نحن بنو عبد المطلب ما عادانا بيت إلا وقد خرب
ولا عاوانا كلب إلا وقد جرب ومن لم يصدق فليجرب. قال ابن شحنة الحنفي:
ولي ابن المعتز الخلافة يوما واحدا ورثاه ابن بسام بأبيات منها قوله:
لله درك من ميت بمضيعة * ناهيك في العلم والآداب والحسب
ما فيه لولا ولا ليت فتنقصه * وإنما أدركته حرفة الأدب
والحق ان اصابته دعوة العلويين فإنه كان يقول إن وليت ما أبقيت علويا
فدعوا عليه انتهى.
(أقول) ولما كان لأمير المؤمنين " ع " من جملة دلائله الباهرة ومناقبه
الفاخرة انه جرى كثير من مناقبه على لسان أعدائه قال ابن المعتز مع شدة نصبه
وعداوته هذه الأبيات وهي موجودة في ديوانه ص 129:
رثيت الحجيج فقال العدا * ة سب عليا وبيت النبي
أآكل لحمي وأحسو (1) دمي * فيا قوم للعجب الأعجب
علي يظنون بي بغضه * فهلا سوى الكفر ظنوه بي
إذا لا سقتني غدا كفه * من الحوض والمشرب الأعذب
سببت فمن لا مني منهم * فلست بمرض ولا معتب
مجلي الكروب وليث الحروب * في الرهج الساطع الأهيب

(1) أي اشرب.
410

وبحر العلوم وغيظ الخصوم * متى يصطوع وهم يغلب
يقلب في فمه مقولا * كشقشقة الجمل المصعب (1)
وأول من ظل في موقف * يصلي مع الطاهر الطيب
وكان أخا لنبي الهدى * وخص بذاك فلا تكذب
وكفوا لخير نساء العبا * د ما بين شرق إلى مغرب
وأقضى القضاء لفصل الخطاب * والمنطق الاعدال الأصوب
وفي ليلة الغار وقى النبي * عشاء إلى الفلق الأشهب (2)
وبات ضجيعا به في الفرا * ش موطن نفس على الأصعب
وعمرو بن ود وأحزابه * سقاهم حسا الموت في يثرب
وسل عنه خيبر ذات الحصو * ن تخبرك عنه وعن مرحب
أقول:
وإذا أراد الله نشر فضيلة * طويت أتاح لها لسان حسود
روى صاحب بشارة المصطفى (3): عن هشام بن محمد عن أبيه قال: اجتمع
الطرماح وهشام المرادي ومحمد بن عبد الله الحميري عند معاوية بن أبي سفيان
فاخرج بدرة فوضعها بين يديه ثم قال يا معشر شعراء العرب قولوا قولكم في علي بن
ابن أبي طالب ولا تقولوا إلا الحق وانا نفي من صخر بن حرب إن أعطيت
هذه البدرة إلا من قال الحق في علي فقام الطرماح فتكلم وقال في علي ووقع فيه،
فقال معاوية اجلس فقد عرف الله نيتك ورأى مكانك ثم قام هشام المرادي فقال
أيضا ووقع فيه، فقال معاوية اجلس مع صاحبك فقد عرف الله مكانكما، فقال
عمرو بن العاص لمحمد بن عبد الله الحميري وكان خاصا به تكلم ولا تقل إلا الحق،
قال يا معاوية قد آليت أن لا تعطي هذه البدرة إلا قائل الحق في علي قال نعم أنا
نفي من صخر بن حرب إن أعطيتها منهم إلا من قال الحق في علي، فقام محمد بن

(1) اي الذي لا ينقاد (2) اي الأبيض (3) طبع في المطبعة الحيدرية في النجف
411

عبد الله فتكلم ثم قال:
بحق محمد قولوا بحق * فان الإفك من شيم اللئام
أبعد محمد بأبي وأمي * رسول الله ذي الشرف التمام
أليس علي أفضل خلق ربى * وأشرف عند تحصيل الأنام
ولايته هي الايمان حقا * فذرني من أباطيل الكلام
علي إمامنا بأبي وأمي * أبو الحسن المطهر من حرام
إمام هدى اتاه الله علما * به عرف الحلال من الحرام
ولو انى قتلت النفس حبا * له ما كان فيها من أثام
يحل النار قوما أبغضوه * وإن صاموا وصلوا الف عام
ولا والله ما تزكو صلاة * بغير ولاية العدل الامام
أمير المؤمنين بك اعتمادي * وبالغر الميامين اعتصامي
برئت من الذي عادى عليا * وحاربه من أولاد الحرام
تناسوا نصبه في يوم خم * من الباري ومن خير الأنام
برغم الانف من يشنأ كلامي * علي فضله كالبحر طام
وأبرأ من أناس أخروه * وكان هو المقدم بالمقام
على آل النبي صلاة ربي * صلاة بالكمال وبالتمام
فقال معاوية: أنت أصدقهم قولا فخذ هذه البدرة.
(ابن معتوق)
السيد شهاب الدين أحمد بن ناصر الموسوي الحويزي الأديب الشاعر له
ديوان شعر توفي سنة 1087 أو 1111.
(ابن معط)
أبو الحسين يحيى بن معط المغربي الحنفي النحوي صاحب (الألفية) في النحو
412

التي نسج على منوالها ابن مالك قرأ على الجرولي وسمع من ابن عساكر سكن
دمشق زمنا طويلا وصنف تصانيف منها ألفيته التي قيل فيها:
الدرة المنظومة الألفية * اجل ما في الكتب النحوية
لكونها في حجمها صغيرة * جليلة في قدرها كبيرة
توفي بالقاهرة سنة 638 (خكح) وقبره عند قبر الشافعي.
(ابن المعلم)
يطلق على جماعة منهم: الشيخ المفيد ويأتي في المفيد. ومنهم: أبو الغنائم
نجم الدين محمد بن علي بن فارس الواسطي الشاعر المشهور أحد من سار شعره
وانتشر ذكره وبينه وبين ابن التعاويذي تنافس حكى عنه قال: كنت ببغداد
فاجتزت يوما بموضع رأيت الخلق مزدحمين فسألت بعضهم عن سبب الزحام فقال
هذا ابن الجوزي الواعظ جالس فزاحمت وتقدمت حتى شاهدته وسمعت كلامه وهو
يعظ حتى قال مستشهدا على بعض إشاراته ولقد أحسن ابن المعلم حيث يقول:
يزداد في مسمعي تكرار ذكر كم * طيبا ويحسن في عيني تكرره
فعجبت من اتفاق حضوري واستشهاده بشعري ولم يعلم بحضوري لا هو
ولا غيره من الحاضرين. توفي بالهرث سنة 592 (ثصب). والهرث بضم الهاء
وسكون الراء قرية بينها وبين واسط نحو عشرة فراسخ وكانت وطنه ومسكنه إلى أن
توفي بها.
(ابن معين)
كأمين، أبو زكريا يحيى بن معين بن عون بن زياد البغدادي الحافظ
المشهور صاحب الجرح والتعديل. روى الخطيب: ان أباه كان على خراج الري
فمات فخلف لابنه يحيى المذكور الف ألف درهم وخمسين ألف درهم فأنفق جميع المال
على الحديث حتى لم يبق له نعل يلبسه.
413

(أقول) ويأتي في العياشي نظير ذلك روى عنه البخاري ومسلم وأبو داود
وابن حنبل وغيرهم من الحفاظ وكان بينه وبين أحمد بن حنبل من الصحبة والألفة
والاشتراك في علم الحديث ما هو مشهور. وتأنى في الطيبي قصة تتعلق بهما. وسئل
كم كتبت من الحديث؟ فقال كتبت بيدي هذه ستمائة الف حديث قال احمد
ابن حنبل كل حديث لا يعرفه يحيى بن معين فليس هو بحديث. وكان يحيى
ابن معين ينشد كثيرا: المال يذهب حله وحرامه * طرا ويبقى في غد آثامه
ليس التقي بمتق لإلهه * حتى يطيب شرابه وطعامه
ويطيب ما تحوي وتكسب كفه * ويكون في حسن الحديث كلامه
نطق النبي لنا به عن ربه * فعلى النبي صلاته وسلامه
توفي بالمدينة سنة 233 (دلج).
(أقول) الذي ظهر لي من أحوال ابن معين انه كان لا يراعي الانصاف
في المحدثين من الشيعة فإذا رآه شيعيا يحكم بكذبه أو ضعفه أو تدليسه وأمثال
ذلك مثلا أبو إدريس تليد بن سليمان المحاربي الكوفي كان من المحدثين المشهورين
من الشيعة قدم بغداد وحدث بها، روى عنه جماعة من مشايخ أهل السنة أحدهم
امام المحدثين أبو عبد الله أحمد بن حنبل. روى الخطيب في تأريخ بغداد عنه قال:
كتبت عن تليد حديثا كثيرا وروى عن أبي بكر المروزي قال قال أبو عبد الله
أحمد بن حنبل في تليد بن سليمان: كان مذهبه التشيع ولم ير به بأسا ولكن روى
عن ابن معين انه يقول تليد كان ببغداد وقد سمعت منه ولكن ليس هو بشئ.
وروى عنه أيضا يقول: تليد كذاب كان يشتم عثمان وكل من شتم عثمان أو
طلحة أو أحدا من أصحاب رسول الله دجال لا يكتب عنه وعليه لعنة الله والملائكة
والناس أجمعين.
(قلت) والذي يهون الخطب ان هذه شنشنة في أهل العناد. ذكر الخطيب
414

انه سأل أبو داود سليمان بن الأشعث عن تليد بن سليمان فقال رافضي خبيث
ويأتي في الجهضمي ان نصر بن علي البصري روى حديثا في أهل البيت " ع " فامر
المتوكل بضربه الف سوط فقيل له انه من أهل السنة ولم يزل به حتى تركه قال
الخطيب: انما أمر المتوكل بضربه لأنه ظنه رافضيا فلما علم أنه من أهل السنة تركه
وروى عن يحيى بن معين انه سئل عن أبي الصلت الهروي فقال: ثقة صدوق إلا أنه
يتشيع. وروي عن العباس بن محمد الدوري قال سمعت يحيى بن معين يوثق
أبا الصلت فقلت أو قيل له انه حدث عن أبي معاوية عن الأعمش انا مدينة العلم
وعلي بابها؟ فقال ما تريدون من هذا المسكين؟ أليس قد حدث به محمد بن جعفر
الفيدي عن أبي معاوية هذا أو نحوه؟ قال الخطيب: وقد ضعف جماعة من الأئمة
أبا الصلت وتكلموا فيه لغير هذا الحديث أخبرنا البرماني قال ذكر أبو الصلت عند
أبي الحسن الدارقطني فقال أبو الحسن وانا اسمع كان خبيثا رافضيا وحكى لنا
أبو الحسن انه سمعه يقول.. للعلوية خير من جميع بني أمية فقيل فيهم عثمان؟
فقال فيهم عثمان انتهى.
(ابن معية)
كسمية تاج الدين أبو عبد الله محمد بن السيد جلال الدين أبى جعفر القسم
ابن الحسين العلوي الحسني الديباجي الحلي العالم الفاضل الجليل القدر واسع الرواية
كثير المشايخ شاعر أديب صاحب كتاب معرفة الرجال ونهاية الطالب في نسب
آل أبي طالب، يروي عنه الشهيد رحمه الله وعبر عنه في بعض إجازاته بأنه أعجوبة
الزمان في جميع الفضائل والمآثر. وقال تلميذه في كتاب عمدة الطالب: شيخي
المولى السيد العالم الفاضل الفقيه الحاسب النسابة المصنف إليه انتهى علم النسب في
زمانه وله الاسناد العالية والسماعات الشريفة انتهى.
يروي عن آية الله العلامة وفخر المحققين والعميدي والسيد رضي الدين
415

الآوي والسيد علي بن عبد الحميد وأبيه أبي جعفر القسم وغير ذلك مما يبلغ ثلاثين
من أعاظم العلماء، وله اسناد عال إلى الإمام العسكري " ع " وهو من خصائصه
وهو روايته عن أبيه عن المعمر عن غوث السنبسي الذي يحكى انه كان أحد غلمان
أبي محمد العسكري " ع " وقد أشرنا إلى ذلك في سفينة البحار في اخبار المعمرين
ومن شعره لما وقف على بعض أنساب العلويين ورأى قبح أعمالهم فكتب:
يعز على أسلافكم يا بني العلى * إذا نال من أعراضكم شتم شاتم
بنوا لكم مجد الحياة فما لكم * أسأتم إلى تلك العظام الرمائم
أرى الف بان لا يقوم بهادم * فكيف ببان خلفه الف هادم
وله أيضا:
أحسن الفعل لا تمت بأصله * إن بالفعل خسة الأصل توسى
نسب المرء وحده ليس يجدي * إن قارون كان من قوم موسى
فعن مجموعة الشهيد قال القاضي تاج الدين لما اذن لي والدي بالفتيا ناولني رقعة
قال اكتب عليها فلما أمسكت القلم قبض على يدي وقال أمسك فإنك لا تدري أين
يؤديك قلمك؟ ثم قال هكذا فعل معي شيخي لما اذن لي وقال لي شيخي هكذا
فعل معي شيخي، وقال الشهيد أيضا مات السيد المذكور 8 ع 2 سنة 776 (ذعو)
بالحلة وحمل إلى مشهد أمير المؤمنين " ع " قال قد أجاز لي هذا السيد مرارا وأجاز
لولدي أبى طالب محمد وأبى القسم علي في سنة 776 قبل موته وخطه عندي شاهدا انتهى
(ابن المغازلي)
أبو الحسن علي بن محمد بن الطيب الخطيب الواسطي الفقيه الشافعي صاحب
كتاب المناقب المتوفى سنة 483، وهو غير ابن المغازلي القاص الذي يضحك الناس
وقصته على ما لخصناها من مروج الذهب: انه كان ببغداد رجل يتكلم على
الطريق ويقص على الناس بأخبار ونوادر ومضاحك ويعرف بابن المغازلي وكان في
416

نهاية الحذق لا يستطيع من يراه ويسمع كلامه ان لا يضحك.
قال ابن المغازلي: فوقفت يوما في خلافة المعتضد بالله على باب الخاصة
أضحك وأنادر فحضر حلقتي بعض خدمة المعتضد فأعجب الخادم بحكايتي، ثم
انصرف عني فلم يلبث ان عاد وأخذ بيدي وقال اني ذكرت حكايتك لأمير المؤمنين
فأمرني باحضارك ولي نصف جائزتك، فقلت: يا سيدي أنا ضعيف وعلي عيلة
وقد من الله علي بك فما عليك ان اخذت سدسها أو ربعها فأبى إلا نصفها
فأخذ بيدي وأدخلني عليه فسلمت ووقفت في الموضع الذي أوقفت فيه فرد علي
السلام وقد كان ينظر في كتاب فلما نظر في أكثره أطبقه ثم رفع رأسه إلي
وقال: أنت ابن المغازلي، قلت: نعم يا أمير المؤمنين قال: قد بلغني انك
تحكي وتضحك وتأتي بحكايات عجيبة ونوادر ظريفة، قلت نعم يا أمير المؤمنين
الحاجة تفتق الحيلة أجمع بها الناس وأتقرب إلى قلوبهم بحكايتها التمس برهم وأتعيش بما
أناله منهم قال فهات ما عندك فان أضحكتني أجزتك بخمسمائة درهم وان لم أضحك فما لي
عليك فقلت ما معي إلا قفاي فاصفعه ما أحببت قال قد أنصفت إن أضحكتني فلك
ما ضمنت وإلا صفعتك بهذا الجراب عشر صفعات، فالتفت فإذا أنا بجراب ادم
ناعم في زاوية البيت، فقلت: جراب فيه ريح إن أنا أضحكته ربحت وإن
لم أضحكه فأمر عشر صفعات بجراب منفوخ هين ثم اخذت في النوادر والحكايات
فلم ادع حكاية اعرابي ولا نحوي ولا مخنث ولا قاض ولا زطي ولا نبطي ولا
سندي ولا زنجي إلى غير ذلك إلا أحضرتها وأتيت بها حتى نقد جميع ما عندي
وتصدع رأسي ولم يبق ورائي خادم إلا هرب ولا غلام إلا ذهب لما استفزهم
الضحك فقلت: يا أمير المؤمنين قد نفد والله ما معي وما رأيت مثلك قط وما
بقيت لي إلا نادرة واحدة قال هاتها، فقلت وعدتني ان تصفعني عشرا وجعلتها
مكان الجائزة فأسألك ان تضعف الجائزة وتضيف إليها عشرا فأراد ان يضحك
فاستمسك فقال: يا غلام خذ بيده فأخذ بيدي ومددت على قفاي فصفعت بالجراب
417

صفعة فكأنما سقط على قفاي قلعة وإذا فيه حصى مدور كأنه صنجات فصفعت
به عشرا كادت ان تنفصل رقبتي وينكسر عنقي وطنت أذناي وقدح الشعاع من
عيني فلما استوفيت عشرة صحت يا سيدي نصيحة فرفع الصفع عنى فقال: ما
نصيحتك؟ قلت: يا سيدي انه ليس في الدنيا أحسن من الأمانة ولا أقبح
من الخيانة، وقد ضمنت للخادم الذي أدخلني عليك نصف هذه الجائزة على
قلتها أو كثرتها وأمير المؤمنين أطال الله بقاءه بفضله وكرمه قد أضعفها فقد
استوفيت نصفها وبقي لخادمك نصفها فضحك حتى استلقى استفزه ما كان قد
سمعه مني أولا وتحامل له فما زال يضرب بيده ويفحص برجله ويمسك بمراق بطنه
حتى إذا سكن ضحكه قال: علي بفلان الخادم فأتي به، وكان طوالا فأمر
بصفعه فقال: يا أمير المؤمنين أي شئ قصتي؟ وأي جناية جنايتي؟ فقلت له
هذه جائزتي وأنت شريكي وقد استوفيت نصفها وبقى نصيبك منها فلما استوفى
صفعه اخرج من تحت تكائه صرة فيها خمسمائة درهم فقسم الدراهم بيننا وانصرفنا
(ابن مفرغ)
أبو عثمان يزيد بن زياد بن ربيعة بن مفرغ الحميري لقب جده مفرغا لأنه
راهن على سقاء لبن ان يشربه كل فشربه حتى فرغ فلقب به.
وكان ابن مفرغ شاعرا، ومن شعره ما تمثل به الحسين بن علي عليه السلام:
لا ذعرت السوام في غلس الصبح * مغيرا ولا دعيت يزيدا
يوم أعطي على المخافة ضيما * والمنايا يرصدنني ان أحيدا
وهجا ابن مفرغ عباد بن زياد وعبيد الله بن زياد وقد نكلا به وحبساه،
ولولا قومه وعشيرته الذي كانوا مع يزيد بن معاوية لقتلاه، ومن شعره في لحية
عباد، وكان عظيم اللحية كأنها جوالق:
ألا ليت اللحى كانت حشيشا * فنعلفها خيول المسلمينا
418

وله أيضا في هجاء زياد:
فاشهد ان أمك لم تباشر * أبا سفيان واضعة القناع
ولكن كان أمر فيه لبس * على وجل شديد وامتناع
وله في هجاء عبيد الله بن زياد:
وقل لعبيد الله مالك والد * بحق ولا يدرى امرؤ كيف ينسب
إلى غير ذلك. (وروى) ان عبيد الله بن زياد استأذن معاوية في قتله فلم يأذن له
وأمره بتأديبه، فلما قدم ابن زياد البصرة إذ ابن مفرغ من دار المنذر بن الجارود
وكان أجاره فأمر به فسقي نبيذا حلوا قد خلط معه الشبرم فأسهل بطنه وطيف
به وهو في تلك الحال وقرن بهرة وخنزير، فكان الصبيان يهزأون به في
أسواق البصرة، وألح عليه الاسهال حتى أضعفه فسقط، فعرف ابن زياد
ذلك فأمر ان يغسل، ثم رده إلى الحبس، فقال قصيدة يصف فيها حاله،
فمنها خطابه لابن زياد:
أيها المالك المرهب بالقتل * بلغت النكال كل النكال
فاخش نارا تشوي الوجوه ويوما * يقذف الناس بالدواهي الثقال
قد تعديت في القصاص وأدركت * ذحولا لمعشر اقيال
وكسرت السن الصحيحة مني * لا تذلل فمنكر إذلالي
وقرنتم مع الخنازير هرا * ويميني مغلولة وشمالي
وكلابا ينهشنني من ورائي * عجب الناس ما لهن وما لي
يغسل الماء ما صنعت وقولي * راسخ منك في العظام البوالي (1)

(1) قال ابن خلكان في ترجمة يزيد بن مفزع المذكور: وكان يزيد شاعرا
غزلا محسنا، والسيد الحميري الشاعر المشهور من ولده وهو إسماعيل بن محمد
ابن بكار بن يزيد المذكور، كذا ذكره ابن ماكولا في كتاب الاكمال
ولقبه السيد، وكنيته أبو هاشم، وهو من كبار الشيعة، وله في ذلك
419

ومن شعره أيضا:
إن زيادا ونافعا وأبا * بكرة عندي من أعجب العجب
هم رجال ثلاثة خلقوا * في رحم أنثى وكلهم لأب
ذا قرشي كما يقول وذا * مولى وهذا ابن عمه عربي
توفى سنة 69 (طس).
(تذييل) اعلم أن الحرث بن كلدة بن عمرو بن علاج بن أبي سلمة الثقفي
طبيب العرب عالج أبا الجبر أحد ملوك اليمن فأعطاه سمية وعبيدا بضم العين،
فزوج الحرث عبيدا سميته المذكورين فولدت سمية زيادا وأبا بكرة نفيع بن
الحرث بن كلدة ويقال: نفيع بن مشروح وولدت أيضا شبل بن معبد ونافع
ابن الحرث وهؤلاء الاخوة غير شبل هم الذين أشار إليهم ابن مفرغ، فقوله:
(ذا قرشي) أشار إلى زياد (وذا مولى) المراد أبو بكرة لأنه أسلم، وكان
يقول: أنا مولى رسول الله صلى الله عليه وآله.
والثالث نافع لأنه كان الحرث بن كلدة قال له أنت ابني ونسب إلى الحرث
وكان أبو بكرة قبل ان يسلم ينسب إلى الحرث أيضا فلما حسن اسلامه ترك
الانتساب، وهؤلاء الاخوة مع شبل هم الذين شهدوا على زناء المغيرة بن شعبة
بأم جميل عند عمر بن الخطاب فشهدوا جميعا إلا زياد ان المغيرة ولج فيها ولوج
الميل في المكحلة، وكان زياد غائبا فلما قدم قال عمر: اني أرى رجلا لا
يخزي الله على لسانه رجلا من المهاجرين، ثم رفع رأسه فقال: ما عندك
يا سلح الحبارى؟ فشهد انه رآه رافعا رجليها وخصيته تتردد إلى ما بين فخذيها
فقال عمر: رأيته يدخله ويخرجه كالميل في المكحلة؟ فقال: لا، فقال عمر:
الله قم يا مغيرة إليهم فاضربهم فقام إلى أبى بكرة فضربه ثمانين وضرب الباقين
وأعجبه قول زياد ودرء الحد عن المغيرة فقال أبو بكرة بعد أن ضرب اشهد ان

اخبار وأشعار مشهورة.
420

المغيرة فعل كذا وكذا فهم عمر ان يضربه حدا ثانيا فقال علي بن أبي طالب:
ان ضربته فارجم صاحبك فتركه، نقل ذلك ابن خلكان، ونقل ان عمر قال
للمغيرة: والله ما أظن أن أبا بكرة كذب عليك وما رأيتك إلا خفت ان أرمى
بحجارة من السماء إنتهى.
(ابن المقري) انظر شرف الدين المقري
(ابن المقفع)
عبد الله بن المقفع الفارسي المشهور الماهر في صنعة الانشاء والأدب كان
مجوسيا أسلم على يد عيسى بن علي عم المنصور بحسب الظاهر، وكان كابن
أبى العوجاء وابن طالوت وابن الأعمى على طريق الزندقة، وهو الذي عرب كليلة
ودمنة (1)، وصنف الدرة اليتيمة في طاعة الملوك.
روى الشيخ الصدوق في كتاب التوحيد (2) عن أبي منصور المتطبب
قال: أخبرني من أصحابي قال كنت أنا وابن أبي العوجاء وعبد الله بن المقفع
في المسجد الحرام فقال ابن المقفع: ترون هذا الخلق وأومى بيده إلى موضع
الطواف ما منهم أحد أوجب له اسم الانسانية إلى ذلك الشيخ الجالس يعني جعفر
ابن محمد عليه السلام، فأما الباقون فرعاع وبهائم، فقال له ابن أبي العوجاء: وكيف

(1) هو كتاب في الأخلاق وتهذيب النفوس، وضعه بيدبا الفيلسوف
الهندي لدبشليم ملك الهند على السنة البهائم والطيور، وجعله باللغة الفهلوية،
فترجمه ابن المقنع.
وعن ابن النديم صاحب الفهرست قال: وكان قبل ذلك من يعمل الأسمار
والخرافات على السنة الناس والطير والبهائم جماعة منهم عبد الله بن المقفع وسهل بن
هارون وعلي بن داود كاتب ربيعة وغيرهم.
(2) طبع في المطبعة الحيدرية في النجف.
421

أوجبت هذا الاسم لهذا الشيخ دون هؤلاء؟ قال: لأني رأيت عنده ما لم أر
عندهم، فقال ابن أبي العوجاء: لابد من اختبار ما قلت فيه منه، فقال له
ابن المقفع: لا تفعل فاني أخاف ان يفسد عليك ما في يدك، فقال: ليس ذا
رأيك ولكنك تخاف ان يضعف رأيك عندي في احلالك إياه المحل الذي وصفت
فقال ابن المقفع: أما إذا توهمت على هذا فقم إليه وتحفظ ما استطعت من
الزلل ولا تثن عنانك إلى استرسال يسلمك إلى عقال وسمه مالك أو عليك قال
فقام ابن أبي العوجاء وبقيت وابن المقفع فرجع إلينا وقال: يا ابن المقفع ما هذا
ببشر وإن كان في الدنيا روحاني يتجسد إذا شاء ظاهرا ويتروح إذا شاء باطنا
فهو هذا فقال له: وكيف ذاك؟ قال: جلست إليه فلما لم يبق عنده غيري
ابتدأني فقال: إن يكن الامر على ما يقول هؤلاء وهو على ما يقولون يعني
أهل الطواف فقد سلموا وعطبتم وإن يكن الامر كما تقولون وليس كما يقولون
فقد استويتم وهم فقلت له: يرحمك الله وأي شئ تقول؟ وأي شئ يقولون
ما قولي وقولهم إلا واحد، فقال: كيف يكون قولك وقولهم واحدا وهم
يقولون: إن لهم معادا وثوابا وعقابا يدينون بأن للسماء إلها وانها عمران
وأنتم تزعمون أن السماء خراب ليس فيها أحد، قال: فاغتنمتها منه فقلت له
ما منعه إن كان الامر كما تقول ان يظهر لخلقه ويدعوهم إلى عبادته حتى لا
يختلف منهم اثنان ولم احتجب عنهم وأرسل إليهم الرسل ولو باشرهم بنفسه كان
أقرب إلى الايمان به؟ فقال لي: ويلك وكيف احتجب عنك من أراك قدرته
في نفسك؟ نشأك ولم تكن وكبرك بعد صغرك، وقوتك بعد ضعفك وضعفك
بعد قوتك وسقمك بعد صحتك وصحتك بعد سقمك ورضاك بعد غضبك
وغضبك بعد رضاك وحزنك بعد فرحك وفرحك بعد حزنك وحبك بعد بغضك
وبغضك بعد حبك وعزمك بعد إبائك وإبائك بعد عزمك، وشهوتك بعد
كراهتك وكراهتك بعد شهوتك، ورغبتك بعد رهبتك ورهبتك بعد رغبتك
422

ورجاءك بعد يأسك ويأسك بعد رجائك، وخاطرك بما لم يكن في وهمك وعزوب
ما أنت معتقده من ذهنك، وما زال يعد علي قدرته التي هي في نفسي التي لا
ادفعها حتى ظننت انه سيظهر فيما بيني وبينه.
حكي عن محاضرات الراغب انه قال: أربعة لم يدرك مثلهم في الاسلام في
فنونهم الخليل وابن المقفع وأبو حنيفة والفزاري.
(أقول): أما أبو حنيفة فقد تقدم، والفزاري يأتي، والخليل هو
ابن أحمد بن عمرو بن تميم الأزدي البصري اللغوي العروضي النحوي من
علماء الإمامية، كان أفضل الناس في الأدب، وقوله حجة فيه، واخترع علم
العروض، وأسس كتاب العين، وفضله أشهر من أن يذكر، وكان من
الزهاد في الدنيا، والمنقطعين إلى العلم، اخذ عن عمرو بن العلاء وغيره،
وأخذ عنه سيبويه وغيره.
قال تلميذه النضر بن شميل الذي يأتي ذكره في العرجي، أقام الخليل
في خص من أخصاص البصرة لا يقدر على فلسين وأصحابه يكسبون بعلمه
الأموال، وقال: حمزة بن الحسن الأصبهاني في حقه بنقل ابن خلكان عنه:
ان دولة الاسلام لم تخرج أبدع للعلوم التي لم تكن لها عند علماء العرب أصول
من الخليل وليس على ذلك برهان أوضح من علم العروض الذي لا عن حكيم
اخذه ولا على مثال تقدمه احتذاه وإنما اخترعه من ممر له بالصفارين من
وقع مطرقة على طست ليس فيها حجة ولا بيان يؤديان إلى غير حليهما أو يفسران
غير جوهرهما، إلى أن قال: ومن تأسيسه كتاب العين (1) الذي يحصر لغة
أمة من الأمم قاطبة ثم من أمداده سيبويه من علم النحو بما صنف منه كتابه الذي
هو زينة لدولة الاسلام إنتهى.

(1) يحكى ان الخلفاء الفاطميين بمصر كانت لهم خزانة كتب عظيمة
كان فيها عدة نسخ من كتاب العين للخليل بن أحمد، أحدها بخط الخليل.
423

وللخليل كلمات حكمية منها: العلم لا يعطيك بعضه حتى تعطيه كلك،
ومنها: لا يعلم الانسان خطأ معلمه حتى يجالس غيره، وقال إذا نسخ الكتاب
ثلاث نسخ ولم يعارض تحول بالفارسية، وقال: أصفى ما يكون ذهن الانسان
وقت السحر، وقال: ثلاثة ينسين المصائب مر الليالي والمرأة الحسناء ومحادثات
الرجال، وقال: الدنيا مختلفات تأتلف ومؤتلفات تختلف: وقال: إنما يجمع
المرء المال لأحد ثلاث كلهم أعداؤه، إما زوج امرأته أو زوج ابنته أو زوجة
ابنه، والعاقل الناصح لنفسه الذي يأخذ معه زادا لآخرته، ولا يؤثر
هؤلاء على نفسه.
روي عن يونس بن حبيب النحوي، وكان عثمانيا قال: قلت للخليل بن أحمد
أريد ان أسألك عن مسألة ثم سأله ما بال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله كأنهم
كلهم بنو أم واحدة وعلي بن أبي طالب عليه السلام من بينهم كأنه ابن علة؟ قال:
قد ضمنت لي الكتمان؟ قال قلت أيام حياتك، فقال إن عليا تقدمهم اسلاما
وفاقهم علما وبزهم شرفا وأرجحهم زهدا وطالهم جهادا فحسدوه، والناس إلى
أشكالهم وأشباههم أميل منهم إلى من بان منهم فافهم.
توفى الخليل على قول ابن النديم سنة 170 (قع) وعمره أربع وسبعون
سنة، حكي انه كان بين الخليل وابن المقفع مكالمات وأنهما اجتمعا ليلة
يتحدثان إلى الغداة فلما تفرقا قيل للخليل: كيف رأيت أن المقفع؟ قال:
رأيته رجلا علمه أكثر من عقله.
وقيل لابن المقفع: كيف رأيت الخليل؟ فقال: رأيت رجلا علمه
أكثر من عقله.
(قلت): ويصدق ما قال الخليل ما حكي عن خاتمة ابن المقفع فإنه قتله
سفيان بن معاوية بن يزيد بن المهلب بن أبي صفرة أمير البصرة سنة 143 بأمر
المنصور لكتاب كتبه وكيفية قتله انه كان سفيان عليه ساخطا لأنه قال يوما له
424

يا ابن المغتلمة فدخل ابن المقفع يوما على سفيان وعنده غلمانه وتنور نار يسجر
فقال سفيان: أتذكر يوما قلت لي كذا وكذا أمي مغتلمة إن لم أقتلك قتلة
لم يقتل بها أحد، ثم قطع أعضاءه عضوا عضوا وألقاها في التنور وهو ينظر
إليها حتى اتى على جميع جسده، ثم أطبق التنور عليه، ذكر ذلك ابن أبي
الحديد في شرح قول أمير المؤمنين عليه السلام: رب عالم قد قتله جهله وعلمه
معه لم ينفعه.
قال الفيروز آبادي في القاموس: رجل مقفع اليدين كمعظم متشنجهما
ومروان بن المقفع تابعي، وأبو محمد عبد الله بن المقفع فصيح بليغ، وكان
اسمه روز به أو راذ به بن وإذ جشنش قبل إسلامه وكنيته أبو عمر ولقب أبوه
بالمقفع لان الحجاج ضربه فتقفعت (أي تقبضت) يده إنتهى. وقيل: انه
بكسر الفاء لان أباه كان يعمل القفاع ويبيعها، والقفاع شئ يعمل من خوص
شبيه الزنبيل لكنه بغير عروة.
(ابن مقلة)
أبو علي محمد بن علي بن الحسين بن مقلة، الوزير الفاضل الأديب
المنشئ الكاتب المشهور الذي يضرب بخطه المثل كفصاحة سحبان،
قال الشاعر:
خط ابن مقلة من وعاه مقلته * ودت جوارحه لو أصبحت مقلا
وتقدم في ابن البواب ان ابن مقلة أول من نقل هذه الطريقة من الخط
من خط الكوفيين وأبرزها في هذه الصورة، وله فضيلة السبق وله حكايات
من عزله ونصبه وحبسه وقطع يده.
توفي 10 شوال سنة 328 (شكح)، وأخوه أبو عبد الله الحسن
خطه أيضا حسن كخطه يعسر التمييز بينهما من شدة المشابهة، وكان كاتبا
425

أديبا بارعا، توفي سنة 338 (شلح).
(ابن مكتوم)
تاج الدين أبو محمد أحمد بن عبد القادر بن أحمد بن مكتوم القيسي الحنفي
الفقيه اللغوي النحوي، ولد آخر سنة 682 (خفب) ولازم أبا حيان دهرا طويلا
وأخذ عن السروجي وغيره.
وله مصنفات كثيرة منها: شروحه على الكافية والشافية والفصيح،
توفى سنة 749 (ذمط).
(ابن الملقن)
سراج الدين عمر بن علي بن أحمد بن محمد الشافعي من كبار علماء العامة
له مختصر مسند ابن حنبل، توفى سنة 805 (ضه).
(ابن ملك)
عز الدين عبد اللطيف بن عبد العزيز بن فرشته، وفرشته هو الملك الحنفي
شارح مجمع البحرين، ومشارق الأنوار والمنار، كان أحد المشهورين بالحفظ
الوفر من أكثر العلوم، وأحد المبرزين في حل عويصات العلوم، له القبول التام
عند الخاص والعام، توفى سنة 885.
(ابن مناذر (1))
أبو جعفر محمد بن المنذر بن المنذر بن المنذر بصري شاعر فصيح مادح
آل برمك، كان محبا لعبد المجيد بن عبد الوهاب الثقفي، قيل: كان
ابن مناذر مستورا متألها جميل الامر في أيام حياة عبد المجيد فلما مات عبد المجيد
عدل عن ذلك وهجا الناس، حتى حكي انه قذف اعراض أهل البصرة فنفي إلى
الحجاز فمات هناك سنة 198 (قصح).

(1) لأنه محمد بن المنذر بن المنذر بن المنذر ويضم فينصرف.
426

وحكي انه لما عدل عن نسكه يمنعونه دخول المسجد فيهجوهم، وكان
يأخذ المداد بالليل فيطرحه في مطاهرهم فإذا توضأوا به سود وجوههم وثيابهم
وله في كثرة محبته لعبد المجيد حكايات، ولما مات عبد المجيد رثاه بقصيدته
الدالية المشهورة منها قوله:
كل حي لاقى الحمام فمود * ما لحي مؤمل من خلود
لا تهاب المنون شيئا ولا * تبقي على والد ولا مولود
إن عبد المجيد يوم تولى * هد ركنا ما كان بالمهدود
ما درى نعشه ولا حاملوه * ما على النعش من عفاف وجود
يحكم الله ما يشاء ويمضي * ليس حكم الاله بالمردود
(ابن المنجم)
أبو أحمد يحيى بن علي بن يحيى بن أبي منصور، كان في أول أمره نديم
الموفق أبى احمد طلحة بن المتوكل، ثم اختص بمنادمة المكتفي بالله بن المعتضد،
وكان متكلما معتزلي الاعتقاد.
وله كتب كثيرة، فمنها كتاب الباهر في اخبار شعراء مخضرمي الدولتين
لم يتمه، وتممه ولده أبو الحسن أحمد بن يحيى، وكان أبو الحسن المذكور
متكلما فقيها على مذهب أبي جعفر الطبري، له كتب وتوفى يحيى سنة ثلاثمائة،
ويأتي ما يتعلق بذلك في المنجم النديم.
(ابن مندة)
بفتح الميم وسكون النون أبو زكريا يحيى بن عبد الوهاب بن أبي عبد الله
محمد بن إسحاق بن محمد بن يحيى بن مندة بن الوليد الأصبهاني، كان من الحفاظ
المشهورين من بيت العلم والحديث، وهو محدث بن محدث إلى خمسة آباء كلهم
427

علماء محدثون، قيل في حقهم: بيت ابن مندة بدأ بيحيى وختم بيحيى (يريد
في معرفة الحديث والعلم والفضل).
وكان جده محمد بن يحيى بن مندة الحافظ المشهور، أحد الحفاظ الثقاة
صاحب كتاب تاريخ أصبهان.
وكانت ولادة يحيى بأصبهان 19 شوال سنة 434 (تلد)، ولما بلغ الرشد
سافر وأدرك المشايخ وسمع منهم وصنف على الصحيحين ودخل بغداد حاجا وحدث
بها وأملى بجامع المنصور وكتب عنه الشيوخ، وكان كثيرا ما ينشد:
عجبت لمبتاع الضلالة بالهدى * وللمشتري دنياه بالدين أعجب
وأعجب من هذين من باع دينه * بدنيا سواه فهو من ذين أخيب
توفى يوم النحر سنة 512 (ثيب)، وعمه أبو القسم عبد الرحمن
ابن أبي عبد الله محمد بن إسحاق، كان واسع الرواية، حسن الخط، له
أصحاب وأتباع، توفى سنة 470.
(ابن المنذر)
أبو بكر محمد بن إبراهيم بن المنذر النيسابوري الفقيه، له كتاب في اختلاف
العلماء، توفي بمكة زادها الله تعالى شرفا سنة 310 (شي)
(ابن منظور) انظر جمال الدين الإفريقي
(ابن منقذ الكناني) مؤيد الدولة أبو المظفر أسامة بن مرشد الشيزري من أكابر بني منقذ
أصحاب قلعة شيزر، وهو حصن قريب من حماة، وله تصانيف حسان،
توفي بدمشق سنة 584
(ابن المنلا)
يطلق على جمع، منهم: شهاب الدين أحمد بن محمد بن علي بن أحمد بن
428

يوسف بن حسين الحصفكي الحلبي العباسي الشافعي، كان من علماء الديار الحلبية
والشامية، معاصرا للشيخ البهائي والشيح حسن بن الشهيد الثاني، وكان
صاحب تحقيق وتدقيق ومهارة كاملة في توضيح مشكلات السلف بالفكر العميق
صنف كتابا كبيرا في شرح مغني اللبيب لابن هشام وسماه منتهى امل الأديب،
قرأ على الشيخ رضي الدين أبى البقاء محمد بن إبراهيم بن يوسف الحلبي المعروف
بابن الحنبلي المتوفى سنة 971.
وتوفى ابن المنلا سنة 1003 (غج). وابنه شمس الدين محمد بن أحمد
جامع تاريخ حلب، وابنه الآخو برهان الدين إبراهيم بن أحمد
ناظم الدرر والغرر.
(ابن منير)
مهذب الدين أحمد بن منير العاملي الطرابلسي (1) الشاعر الماهر الشيعي،
حافظ القرآن والعالم باللغة والأدب، له ديوان شعر ومدائح في أهل بيت النبي
عليهم السلام وله القصيدة المشهورة:
بالمشعرين وبالصفا * والبيت أقسم والحجر
وبحرمة البيت الحرام * ومن بناه واعتمر
لئن الشريف الموسوي * أبو الرضا ابن مضر
أبدى الجحود ولم يرد * على مملوكي تتر
واليت آل أمية * الطهر الميامين الغرر
وجحدت بيعة حيدر * وعدلت منه إلى عمر
وبكيت عثمان الشهيد * بكاء نسوان الحضر
وإذا رووا خبر الغدير * أقول ما صح الخبر

(1) الطرابلسي بضم الباء واللام نسبة إلى طرابلس مدينة بساحل الشام.
429

وإذا جرى ذكر الصحابة * بين قوم واشتهر
قلت المقدم شيخ تيم * ثم صاحبه عمر
وأقول أم المؤمنين * عقوقها إحدى الكبر
وأقول إن أخطأ * معاوية فما أخطأ القدر
وأقول ذنب الخارجين * على علي مغتفر
ورثيت طلحة والزبير * بكل شعر مبتكر
وأقول ان يزيد ما * شرب الخمور وما فجر
ولجيشه بالكف عن * أولاد فاطمة أمر
وقلوب سكان المدينة * ما أخاف ولا ذعر
وغسلت رجلي ضلة * ومسحت خفي في سفر
وحلقت في عشر المحرم * ما استطال من الشعر
وسهرت في طبخ الحبوب * من العشاء إلى السحر
ونويت صوم نهاره * مع صوم أيام اخر
ولبست فيه اجل ثوب * للملابس يدخر
وغدوت مكتحلا أصافح * من لقيت من البشر
ووقفت في وسط الطريق * اقص شارب من عبر
وأقول في يوم تحار * له البصائر والبصر
مالي مضل في الورى * إلا الشريف أبو مضر
(أقول): حكي في اقناع اللائم ان المقريزي قال في خططه ج 2 ص 385
بعد أن ذكر ان العلويين المصريين كانوا يتخذون يوم عاشوراء يوم حزن
تتعطل فيه الأسواق، قال: فلما زالت الدولة اتخذ الملوك من بني أيوب يوم
عاشوراء يوم سرور يوسعون فيه على عيالهم، ويتبسطون في المطاعم ويتخذون
الأواني الجديدة ويكتحلون، ويدخلون الحمام جريا على عادة أهل الشام التي سنها
430

لهم الحجاج في أيام عبد الملك بن مروان ليرغموا بذلك آناف شيعة علي بن أبي طالب
كرم الله وجهه الذين يتخذون يوم عاشوراء يوم عزاء وحزن على الحسين
ابن علي عليه السلام لأنه قتل فيه، قال: وقد أدركنا بقايا مما عمله بنو أيوب من
اتخاذ عاشوراء يوم سرور وتبسط إنتهى.
ونقل عن أبي الريحان انه قال في آثار الباقية: وكانوا يعظمون هذا
اليوم أي يوم عاشوراء إلى أن اتفق فيه قتل الحسين بن علي بن أبي طالب عليه السلام
وأصحابه وفعل به وبهم ما لم يفعل في جميع الأمم بأشرار الخلق من القتل
بالعطش والسيف والاحراق وصلب الرؤوس وإجراء الخيول على الأجساد
فتشاءموا به.
فأما بنو أمية فقد لبسوا فيه ما تجدد، وتزينوا واكتحلوا وعيدوا،
وأقاموا الولائم والضيافات، وأطعموا الحلاوات والطيبات، وجرى الرسم في
العامة على ذلك أيام ملكهم وبقي فيهم بعد زواله عنهم.
وأما الشيعة فإنهم ينوحون ويبكون أسفا لقتل سيد الشهداء فيه ويظهرون
ذلك بمدينة السلام وأمثالها من المدن والبلاد، ويزورون فيه التربة المسعودة
بكربلاء، ولذلك كره فيه العامة تجديد الأواني والأثاث إنتهى.
توفي ابن منير سنة 548 ودفن بجبل جوشن قرب مشهد السقط، قال
ابن خلكان زرته ورأيت على قبره مكتوبا:
من زار قبري فليكن موقتا * إن الذي ألقاه يلقاه
فيرحم الله امرءا زارني * وقال لي يرحمك الله
ولا يخفى انه غير أحمد بن المنير الإسكندري فإنه: أحمد بن محمد بن منصور
المالكي النحوي قاضي القضاة ناصر الدين علامة الإسكندرية وفاضلها ومدرسها
الذي اخذ منه أبو حيان وغيره، وصنف كتاب الانتصاف من صاحب الكشاف
توفى سنة 683 (خفج) بالإسكندرية ودفن بتربة والده.
431

(ابن مهزيار)
بفتح الميم وسكون الهاء وكسر الزاي هو الثقة الجليل علي بن مهزيار
الأهوازي أبو الحسن الدورقي الأصل مولى، كان أبوه نصرانيا فأسلم،
وقيل: إن عليا أيضا أسلم وهو صغير ومن الله تعالى عليه بمعرفة هذا الامر
وتفقه، وروى عن الرضا وأبى جعفر (ع) واختص بأبي جعفر الثاني وتوكل
له وعظم محله منه، وكذلك أبو الحسن الثالث عليه السلام وتوكل لهم في بعض النواحي
وخرجت إلى الشيعة فيه توقيعات بكل خير، وكان ثقة في روايته لا يطعن
عليه صحيحا اعتقاده.
روى الكشي: انه كان علي بن مهزيار نصرانيا فهداه الله تعالى، كان
من أهل هند قرية من قرى فارس، ثم سكن الأهواز فأقام بها، قال: كان إذا
طلعت الشمس وسجد كان لا يرفع رأسه حتى يدعو لألف من اخوانه بمثل ما
دعا لنفسه، وكان على جبهته سجادة مثل ركبة البعير.
وقال: لما مات عبد الله بن جندب قام علي بن مهزيار مقامه، ولعلي بن
مهزيار مصنفات كثيرة زيادة على ثلاثين كتابا إنتهى.
وهو الذي خرج من مسواكه نور له شعاع مثل شعاع الشمس لما خرج
يتوضأ بالقرعاء في آخر الليل في خبر طويل مذكور في (كش).
وهو الذي كتب إليه أبو جعفر (ع) كتابا ذكر فيه مدحه والدعاء له بأن
يسكن الجنة ويحشر معهم، وفيه: (يا علي قد بلوتك وخبرتك في النصيحة
والطاعة والخدمة والتوقير والقيام بما يجب عليك فلو قلت اني لم أر مثلك لرجوت
ان أكون صادقا فجزاك الله جنات الفردوس نزلا فما خفي علي مقامك ولا خدمتك
في الحر والبرد في الليل والنهار فأسأل الله تعالى إذا جمع الخلائق ان يحبوك برحمة
تغتبط بها انه سميع الدعاء).
432

ثم اعلم أنه غير علي بن إبراهيم بن مهزيار الذي تشرف بلقاء الحجة صلوات
الله عليه بعد أن حج عشرين حجة بطلبه وخبره مذكور في البحار الثالث عشر
وفيه ذكر شمائله عليه السلام وقوله عليه السلام له يا ابن المازيار أبى أبو محمد " ع "
عهد إلى أن لا أجاور قوما غضب الله عليهم ولهم الخزي في الدنيا والآخرة ولهم
عذاب أليم، وأمرني ان لا أسكن من الجبال إلا وعرها ومن البلاد إلا قفرها
والله مولاكم أظهر التقية فوكلها بي فانا في التقية إلى يوم يؤذن لي فاخرج الخ.
ولكن روي بعده عن كتاب اكمال الدين هذه الرواية بنحو أبسط: عن أبي إسحاق
إبراهيم بن مهزيار وإبراهيم بن مهزيار هذا من سفراء المهدي " ع " ذكره ابن طاووس
في ربيع الشيعة ومدحه مدحا جليلا يزيد على التوثيق. وابنه محمد بن إبراهيم بن
مهزيار هو الذي عده ابن طاووس من الوكلاء والأبواب المعروفين للناحية المباركة
الذين لا تختلف الامامية القائلين بأبي محمد العسكري " ع " فيهم.
(ابن ميثم)
كمال الدين ميثم بن علي بن ميثم البحراني العالم الرباني والفيلسوف المتبحر
المحقق والحكيم المتأله المدقق جامع المعقول والمنقول أستاذ الفضلاء الفحول صاحب
الشروح على نهج البلاغة. يروي عن المحقق نصير الدين الطوسي والشيخ كمال الدين
علي بن سليمان البحراني، ويروي عنه آية الله العلامة والسيد عبد الكريم بن
طاووس، قيل إن الخواجة نصير الدين الطوسي تلمذ على كمال الدين ميثم في الفقه
وتلمذ كمال الدين على الخواجة في الحكمة، توفي سنة 679 (خعط) وقبره في هلتا
من قرى ماحوز. وحكي عن بعض العلماء: ان ميثم حيثما وجد فهو بكسر الميم إلا
ميثم البحراني فإنه بفتح الميم والله تعالى العالم. وكتب الشيخ سليمان البحراني رسالة
في أحواله سماها السلافة البهية.
(ابن النابغة)
عمرو بن العاص قال ابن خلكان ما ملخصه: انه كان عمر قد ولى عمرو
433

ابن العاص بعد موت يزيد بن أبي سفيان فلسطين والأردن وولى معاوية دمشق
وبعلبك والبلقاء ثم جمع الشام كلها لمعاوية وكتب إلى عمرو فسار إلى مصر
فافتتحها في سنة عشرين للهجرة فلم يزل عليها واليا إلى أن مات عمر فأقره عثمان
أربع سنين أو نحوها ثم عزل وولى أخاه من الرضاعة عبد الله بن سعد بن أبي صرح
العامري فاعتزل عمرو بن العاص في ناحية فلسطين فلما قتل عثمان سار إلى معاوية
باستجلاب معاوية إياه وشهد صفين معه كان منه في صفين وقضية التحكيم ما هو
مشهور، وكان قد طلب من معاوية إذا تم له الامر يوليه مصر، وكتب إليه في بعض
الأيام يطلبها من معاوية:
معاوي لا أعطيك ديني ولم أنل * به منك دنيا فانظرن كيف تصنع
فان تعطني مصرا فاربح بصفقة * أخذت بها شيخا يضر وينفع
ثم ولاه معاوية مصر، ولم يزل بها أميرا إلى أن مات يوم عيد الفطر سنة 43
(مج). وذكر المبرد في الكامل: ان عمرو بن العاص لما حضرته الوفاة دخل عليه
ابن عباس فقال له يا أبا عبد الله كنت أسمعك كثيرا تقول وددت لو رأيت
رجلا عاقلا حضرته الوفاة حتى أسأله عما يجد؟ فكيف تجد؟ فقال: أجد كأن
السماء منطبقة على الأرض وكأني بينهما وكأنما أتنفس من خرم إبرة انتهى.
(أقول) قال الدميري في حياة الحيوان نقلا من صحيح مسلم ان عمرو بن
العاص قال عند موته: إذا دفنتموني فسنوا علي التراب سنا ثم أقيموا حول قبري
قدر ما تنحر الجزور ويقسم لحمها حتى استأنس بكم وانظر ماذا أراجع به رسل ربي
(قلت) وانما ضرب المثل بنحر الجزور وتقسيم لحمها لأنه كان في أول امره
جزارا بمكة فألف نحر الجزر ويضرب به المثل انتهى.
وكان على شرطة عمرو بن العاص بمصر خارجة بن حذافة بن غانم بن عبد الله
ابن عوف العبدري، يقال انه كان يعد بألف فارس. حكي ان عمرو بن العاص
كتب إلى عمر يستمده بثلاثة آلاف فارس فأمده بخارجة بن حذافة والزبير بن
434

العوام والمقداد بن الأسود الكندي، وشهد خارجة فتح مصر. وقيل إنه كان
قاضيا لعمرو بن العاص بها ولم يزل بها إلى أن قتل. قتله أحد الخوارج الثلاثة
الذين كانوا انتدبوا لقتل علي بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان وعمرو بن
العاص، واليه أشار أبو محمد عبد المجيد بن عبدون الأندلسي في قصيدته التي رثى
بها بني الأفطس ملوك بطليموس بقوله:
وليتها إذ فدت عمرا بخارجة * فدت عليا بمن شاءت من البشر
قال ابن ميثم كتب أمير المؤمنين " ع " إلى عمرو بن العاص: من عبد الله علي
أمير المؤمنين إلى الأبتر بن الأبتر عمرو بن العاص شانئي محمد وآل محمد في الجاهلية
والاسلام، سلام على من اتبع الهدى، اما بعد: فإنك تركت مروتك لامرئ
فاسق مهتوك ستره يشين الكريم بمجلسه ويسفه الحليم بخلطته فصار قلبك لقلبه
تبعا كما وافق شن طبقة فسلبك دينك وأمانتك ودنياك وآخرتك قوله عليه السلام:
كما وافق شن طبقة قال في مجمع الأمثال قال الشرفي ابن القطامي: كان رجل من
دهاة العرب وعقلائهم يقال له شن فقال والله لأطوفن حتى أجد امرأة مثلي
فأتزوجها فبينما هو في بعض مسيره إذ رافقه رجل في الطريق فسأله شن أين تريد؟
فقال موضع كذا وكذا يريد القرية التي يقصدها شن فرافقه حتى إذا أخذا في
مسيرهما، قال شن أتحملني أم أحملك؟ فقال له الرجل يا جاهل انا راكب وأنت
راكب فكيف أحملك أم تحملني؟ فسكت عنه شن، فسار حتى إذا قربا من
القرية إذا هما بزرع قد استحصد، فقال أترى هذا الزرع اكل أم لا؟ فقال له
الرجل: يا جاهل ترى نبتا مستحصدا فتقول: أكل أم لا! فسكت عنه شن،
حتى إذا دخلا القرية لقيتهما جنازة فقال شن أترى صاحب هذا النعش حيا أو
ميتا؟ فقال الرجل ما رأيت أجهل منك، جنازة تسأل عنها أميت صاحبها أم حي؟
فسكت عنه شن فأراد مفارقته فأبى الرجل ان يتركه حتى يسير به إلى منزله فمضي
معه، وكان للرجل بنت يقال لها طبقه فلما دخل عليها أبوها سألته عن ضيفه فأخبرها
435

بمرافقته إياه وشكا إليها جهله وحدثها بحديثه فقالت يا أبت ما هذا بجاهل اما قوله
أتحملني أم أحملك فأراد تحدثني أم أحدثك حتى نقطع طريقنا؟ واما قوله أترى
هذا الزرع اكل أم لا فإنما أراد هل باعه أهله فأكلوا ثمنه أم لا؟ واما قوله في
الجنازة فأراد هل ترك عقبا يحيي بهم ذكره أم لا؟ فخرج الرجل فقعد مع شن
فحادثه ساعة ثم قال أتحب ان أفسر لك ما سألتني عنه فقال نعم ففسره فقال شن
ما هذا من كلامك فأخبرني من صاحبه فقال ابنة لي فخطبها إليه فزوجه وحملها إلى
أهله فلما رأوها قالوا وافق شن طبقة فذهبت مثلا يضرب للمتوافقين.
(ابن الناظم) انظر ابن مالك
(ابن نباتة)
بضم النون، يطلق على جماعة منهم: أبو يحيى عبد الرحيم بن محمد بن
إسماعيل بن نباتة الفارقي صاحب الخطب المعروفة المتوفى سنة 374 (شعد) وكان
يلقب بالخطيب المصري ذكره القاضي نور الله في خطباء الشيعة: رزق السعادة في
خطبه وفيها دلالة على غزارة علمه وجودة قريحته وهو من أهل ميافارقين وبها دفن،
وكان خطيب حلب وبها اجتمع بخدمة سيف الدولة وكان سيف الدولة كثير الغزوات،
بحيث نقل صاحب نسمة السحر انه كان يجمع الغبار الذي يقع عليه أيام غزواته الروم
حتى اجتمع منه لبنة بقدر الكف فأوصى ان يجعل خده عليها في قبره فنفذت وصيته
وقال المتنبي في مدحه بذلك.
لكل امرئ من دهره ما تعودا * وعادة سيف الدولة الطعن في العدا
فلذلك أكثر الخطيب من خطب الجهاد يحض الناس عليه. وقد ذكر ابن أبي
الحديد بعض خطبه في شرح النهج في شرح خطبة أمير المؤمنين عليه السلام في
الجهاد. وقد يطلق ابن نباتة على أبى نصر عبد العزيز بن عمر بن محمد بن أحمد بن
نباتة الشاعر المشهور طاف البلاد ومدح الملوك والوزراء والرؤساء، وله في
436

سيف الدولة بن حمدان غرر القصائد ونخب المدائح وكان قد أعطاه فرسا أدهم
أغر محجلا، وله ديوان شعر كبير، ومن شعره:
ومن لم يمت بالسيف مات بغيره * تنوعت الأسباب والداء واحد
وهو الشاعر الذي حكي عنه انه ذكر ان رجلا من المشرق ورجلا من المغرب وردا
عليه وأرادا منه ان يأذنهما لروايته، توفي ببغداد سنة 405 (ته). وقد يطلق
أيضا على جمال الدين محمد بن محمد بن نباته المصري الأديب الشاعر صاحب ديوان
من الشعر وزهر المنثور وسجع المنطوق وغير ذلك، توفي بالبيمارستان المنصوري
سنة 768 (ذسح).
(ابن النبيه)
أبو الحسن علي بن محمد بن الحسن بن يوسف بن يحيى المصري الشاعر له
ديوان شعر أورد (ضا) كثيرا من شعره، ومن شعره الذي أنشده الصاحب
صفي الدين الوزير:
قمت ليل الصدود إلا قليلا * ثم رتلت ذكركم ترتيلا
ووصلت السهاد أقبح وصل * وهجرت الرقاد هجرا جميلا
انا عبد للصاحب بن علي * قد تبتلت للثنا تبتيلا
لا تسمه وعدا بنيل نوال * إنه كان وعده مفعولا
إلى آخر الأبيات بهذه الكيفية، توفي بنصيبين سنة 619 (خيط).
(ابن النجار)
محمد بن جعفر بن محمد بن هارون الكوفي النحوي المؤرخ صاحب كتاب
تأريخ الكوفة ومختصر في النحو، المتوفي سنة 402 (تب) اخذ عن ابن دريد
ونفطويه. وقد يطلق على محب الدين محمد بن محمود بن الحسن البغدادي تلميذ
ابن الجوزي صاحب كتاب الكمال في معرفة الرجال وتذييل تأريخ بغداد في
437

ثلاثين مجلدا والقمر المنير في المسند الكبير ذكر كل صحابي وماله من الحديث
والدرة الثمينة في اخبار المدينة وغير ذلك، وله الرحلة الواسعة إلى كثير من البلاد، قيل
اشتملت مشيخته على ثلاثة آلاف شيخ وعن معجم الأدباء قال ياقوت أنشدني لنفسه:
وقائل قال يوم العيد لي ورأى * تمللي ودموع العين تنهمر
مالي أراك حزينا باكيا أسفا * كأن قلبك فيه النار تستعر
فقلت اني بعيد الدار عن وطني * ومملق الكف والأحباب قد هجروا
توفي 5 شع سنة 643 (خمج). وقد يطلق على الشيخ الجليل العالم الفقيه جمال الدين
أحمد بن النجار الامامي تلميذ الشيخ الشهيد صاحب الحاشية النجارية على قواعد
العلامة رفع الله مقامه ذكر فيها ما استفاد من تحقيقات الشهيد على القواعد وهي
حاشية جليلة مشحونة بالفوائد.
(ابن نجدة)
الشيخ شمس الدين أبو جعفر محمد بن الشيخ تاج الدين أبي محمد عبد العلي
ابن نجدة الذي أجازه الشيخ الشهيد بإجازة طويلة معروفة.
(ابن نجيم المصري)
زين العابدين بن إبراهيم بن محمد بن نجيم المصري الحنفي اخذ عن جماعة
منهم: شرف الدين البلقيني واخذ الطريقة عن العارف سليمان الخضري مدحه
الشعراني وقال حججت معه فرأيته على خلق عظيم مع جيرانه وغلمانه مع أن
السفر يسفر عن أخلاق الرجال، له الأشباه والنظائر في أصول الفقه وشرح كنز
الدقائق لحافظ الدين النسفي، توفي حدود سنة 970.
(ابن النحاس)
أبو عبد الله بهاء الدين محمد بن إبراهيم بن محمد شيخ الديار المصرية في علم
اللسان، كان معروفا بحل المشكلات والمعضلات اقتنى كتبا نفيسة وتفرد بسماع
438

صحاح الجوهري. قيل إنه لم يتزوج ولم يأكل العنب قط، توفي سنة 698
(خصح). وقد يطلق على فتح الله بن النحاس الحلبي المدني الشاعر المشهور، له
ديوان شعر توفي سنة 1052 (غبن).
(ابن النحوي)
أبو الحسين محمد بن العباس بن الوليد حدث عن أبيه وعن إبراهيم الحربي
وثعلب وغيرهم. وروى عنه أبو حفص بن شاهين وغيره ذكره الخطيب في تأريخه
ونقل عنه قال: كتب إلي لمحة يستزيرني فكتبت إليه:
أنست نفسي بنفسي * وهي في الوحدة انسي
وإذا آنست غيري * فأحق الناس نفسي
فسد الناس فاضحي * جنسهم من شر جنس
فلزمت البيت إلا * عند تأذيني لخمس
وقال: كان مؤذن مسجده. توفى ابن النحوي سنة 343 (شمح).
(ابن النحوي التوزري)
التوزري أبو الفضل يوسف بن محمد بن يوسف التوزري. قيل كانوا
يشبهونه بالغزالي في العلم والعمل. حكي انه شكا إليه بعض أهله من ظالم بلده ورغبه
في رفع الامر إلى الظالم لعل يرفق عليه فقال سأفعل فترك ملاقاة الظالم بل تضرع
إلى الله تعالى في تهجده وقال:
لبست ثوب الرجا والناس قدر قدوا * وقمت أشكو إلى مولاي ما أجد
وقلت يا سيدي يا منتهى أملي * يا من عليه بكشف الضر اعتمد
أشكو إليك أمورا أنت تعلمها * مالي علي حملها صبر ولا جلد
وقد مددت يدي للضر مستكنا * إليك يا خير من مدت إليه يد
توفي سنة 543 (ثمج) التوزري نسبة إلى توزر من اعمال تونس.
439

(ابن النديم)
أبو الفرج محمد بن إسحاق النديم المعروف بابن أبى يعقوب الوراق النديم
البغدادي الكاتب الفاضل الخبير المتبحر الماهر الشيعي الامامي مصنف كتاب
الفهرست الذي جود فيه واستوعب استيعابا يدل على اطلاعه على فنون من العلم
وتحققه بجميع الكتب، حكي انه كانت ولادته في جمادي الآخرة سنة 297 وتوفي
يوم الأربعاء لعشر بقين من شعبان سنة 385 (شفة). وليعلم انه قد ذكر في
حقه انه كان وراقا ويصفه بعض الكتب أيضا بأنه كان كاتبا وكلا الحرفتين أعانه
على تأليف هذا الكتاب فالوراقة كانت حرفة احترفها كثير من العلماء، ووظيفتها
انتساخ الكتب وتصحيحها وتجليدها والتجارة فيها، فهذه المهمة كانت تقوم في
ذلك العصر مقام الطباعة في عصرنا، وقد اتخذ صناعة الوراقة كثير من الأدباء
والعلماء ترجم لهم ياقوت في معجم الأدباء بل كان ياقوت نفسه وراقا ينسخ الكتب
وببيعها وخلف مكتبة كبيرة انتفع بها ابن الأثير صاحب الكامل في التأريخ
فالوراقة والكتابة مكنتا ابن النديم من سعة الاطلاع على النمط الغريب الذي نعرفه
في كتاب الفهرست فهو مطلع على كل ما الف باللغة العربية في كل فن ديني أو
فلسفي أو تأريخي أو أدبي هذا إلى الدقة المتناهية في تحري الحق فما رآه يقول قد
رأيته وما سمعه ينص على أنه لم يره ويخلي نفسه من تبعته.
(ابن النديم الموصلي)
أبو محمد إسحاق بن إبراهيم بن ماهان الأرجاني المحدث اللغوي الشاعر المتكلم اشتهر
بالغناء والخلاعة وكان من ندماء الخلفاء ومن شعره ما كتبه إلى هارون الرشيد:
وآمرة بالبخل قلت لها اقصري * فليس إلى ما تأمرين سبيل
أرى الناس خلان الجواد ولا أرى * بخيلا له في العالمين خليل
وإني رأيت البخل يزري بأهله * فأكرمت نفسي ان يقال بخيل
ومن خير حالات الفتى لو علمته * إذا نال شيئا ان يكون ينيل
440

وقد عمي في أخر عمره قبل موته بسنتين توفي سنة 235 (رله).
(ابن النرسي)
أحمد بن محمد بن أحمد بن علي أبو منصور الصيرفي، سمع أبا الحسن
الدارقطني والمعافى بن زكريا وعيسى بن علي بن عيسى الوزير وغيرهم.
قال الخطيب البغدادي: كتبت عمه وكان سماعه صحيحا وكان رافضيا انتهى.
توفي سنة 440، (نرس) بفتح النون كفلس قرية بالعراق.
(ابن نفيس)
علاء الدين علي بن أبي الحزم القرشي الطبيب المصري قيل لم يكن على وجه
الأرض في الطب مثله ولا جاء بعد ابن سينا مثله بل قالوا انه كان في العلاج أعظم
من ابن سينا، له في الطب الموجز (أي موجز قانون ابن سينا) وشرح الكليات
وغيرها وصنف كتابا في الطب سماه الشامل قيل لو تم لكان ثلاثمائة مجلدا وصنف
في أصول الفقه والمنطق أيضا، توفي سنة 687 أو 689 عن نحو ثمانين سنة وخلف
مالا كثيرا وأوقف كتبه وأملاكه على المارستان المنصوري.
(ابن النقاش) انظر النقاش
(ابن نقطة)
أبو بكر محمد بن عبد الغنى بن أبي بكر معين الدين البغدادي المحدث، له
التذييل على الاكمال لابن ماكولا وله كتاب في الأنساب توفي ببغداد سنة 629 ه‍
(ابن النقيب)
الشيخ العلامة جمال الدين أبو عبد الله محمد بن سليمان المقدسي الحنفي صاحب
التفسير الكبير، توفي سنة 698 (خصح).
(ابن نما)
نجيب الدين أبو إبراهيم محمد بن جعفر بن أبي البقاء هبة الله بن نما بن علي
441

ابن حمدون الحلي شيخ الفقهاء في عصره أحد مشايخ المحقق الحلي والشيخ سديد
الدين والد العلامة والسيد احمد ورضي الدين ابني طاووس قال المحقق الكركي في
وصف المحقق الحلي: واعلم مشايخه بفقه أهل البيت الشيخ الفقيه السعيد الأوحد
محمد بن نما الحلي، وأجل أشياخه الامام المحقق قدوة المتأخرين فخر الدين محمد بن
إدريس الحلي العجلي برد الله مضجعه انتهى.
يروى عن الشيخ محمد بن المشهدي وعن والده جعفر بن نما عن ابن إدريس
وعن أبيه هبة الله بن نما وغير ذلك، توفي بالنجف الأشرف سنة 645 (خمه). وقد
يطلق ابن نما على ابنه الشيخ الفقيه نجم الدين جعفر بن محمد بن جعفر بن هبة الله
ابن نما الحلي كان رحمه الله من الفضلاء الأجلة ومن كبراء الدين والملة عظيم
الشأن جليل القدر أحد مشايخ آية الله العلامة وصاحب المقتل الموسوم بمثير
الأحزان (1) وقد ظهر ان أباه وجد جده جميعا كانوا من العلماء رضوان الله
عليهم أجمعين وعن إجازات البحار عن خط الشيخ الشهيد محمد بن مكي قال: كتب
ابن نما الحلي إلى بعض الحاسدين له:
انا ابن نما إن نطقت فمنطقي * فصيح إذا ما مصقع القوم أعجما
وإن قبضت كف امرئ عن فضيلة * بسطت لها كفا طويلا ومعصما
بنى والدي نهجا إلى ذلك العلا * بأفعاله كانت إلى المجد سلما
كبنيان جدي جعفر خير ماجد * فقد كان بالاحسان والفضل مغرما
وجد أبي الحبر الفقيه أبي البقا * فما زال في نقل العلوم مقدما
يود أناس هدم ما شيد العلى * وهيهات للمعروف ان يتهدما
يروم حسودي نيل شأوي سفاهة * وهل يقدر الانسان يرقى إلى السما
منالي بعيد ويح نفسك فانئد * فمن أين في الأجداد مثل التقي نما

(1) طبع في المطبعة الحيدرية في النجف.
442

(ابن نوبخت)
أبو الحسن علي بن أحمد بن نوبخت الشاعر، كان شاعرا مجيدا إلا أنه
كان قليل الحظ من الدنيا، توفي بمصر سنة 416 على حال الضرورة وشدة الفاحة
كفنه ابن خيران الكاتب الشاعر.
(ابن واضح) انظر اليعقوبي
(ابن الوردي)
زين الدين عمر بن مظفر بن عمر البكري الحلبي المعري الشافعي الفقيه
النحوي الشاعر الأديب صاحب التأريخ المعروف (1)، وشرح ألفية بن مالك
وأرجوزة في تعبير المنام، ومن شعره لاميته المعروفة مطلعها:
اعتزل ذكر الغواني والغزل * وقل الفصل وجانب من هزل
وله حكاية لطيفة حاصلها انه: دخل الشام وكان ضيق المعيشة رث الهيئة
ردئ المنظر، فحضر إلى مجلس القاضي نجم الدين بن صصري من جملة الشهود
فاستخفت به الشهود وأجلسوه في طرف المجلس فحضر في ذلك اليوم مبايعة مشترى
ملك فقال بعض الشهود أعطوا المعري يكتب هذه المبايعة على سبيل الاستهزاء
به فقال ابن الوردي اكتبه لكم نظما أو نثرا فتزايد استهزاؤهم به فقالوا له بل
اكتب لنا نظما فاخذ ورقة وقلما وكتب فيها نظما لطيفا أوله:
باسم إله الخلق هذا ما اشترى * محمد بن يونس بن شنفرى
من مالك بن أحمد بن الأزرق * كلاهما قد عرفا من خلق
إلى ثمانية عشر بيتا فلما فرغ من نظمه ووضع الورقة بين يدي الشهود تأملوا
هذا النظم مع سرعة الارتجال قبلوا يده واعتذروا له من التقصير في حقه واعترفوا

(1) المطبوع في المطبعة الحيدرية في النجف الأشرف.
443

بفضيلته عليهم وله أيضا البهجة الوردية نظم فيها الحاوي الصغير للشيخ نجم الدين
عبد الغفار بن عبد الكريم القزويني الشافعي المتوفي سنة 665، وهذا الكتاب في
فقه الشافعي وهو من الكتب المعتبرة بين الشافعية وجيز اللفظ بسيط المعنى محرر
المقاصد. ومن شعر ابن الوردي قوله:
لا تقصد القاضي إذا أدبرت * دنياك واقصد من جواد كريم
كيف ترجى الرزق من عند من * يفتي بأن الفلس مال عظيم
وله أيضا:
بالله يا معشر أصحابيه * اغتنموا علمي وآدابيه
فالشيب قد حل برأسي وقد * أقسم لا يرحل إلا بيه
وعن إجازات البحار عن خط الشيخ محمد بن علي بن الجبعي قال: قال الشيخ
محمد بن مكي أنشدني مولانا السيد النقيب الحسيب الطاهر الفقيه العلامة امين الدين
أبو طالب أحمد بن السيد السعيد بدر الدين محمد بن زهرة العلوي الحسيني الحلبي
قال أروي عن شيخنا القاضي الامام العلامة زين الدين عمر بن مظفر بن الوردي
المقري بحلب لنفسه في سنة 744.
ولقد وعدت بأن تزور ولم تزر * فطفقت محزون الفؤاد مشتتا
لي مقلة في المرسلات ومهجة * في النازعات وفكرة في هل أتى
قال وأنشدني أيضا لنفسه:
يا سائلي عن مذهبي إن مذهبي * ولاية حب للصحابة تمزج
فمن رام تقويمي فاني مقوم * ومن رام تعويجي فاني معوج
قال وأنشدني لنفسه:
يا آل بيت النبي من بذلت * في حبكم روحه لما غبنا
من جاء عن فضلكم يحدثكم * قولوا له البيت والحديث لنا
مات بالطاعون العام المشهور في 17 ذي الحجة سنة 749 (ذمط).
444

(ابن الوزان)
أبو القسم إبراهيم بن عثمان القيرواني اللغوي النحوي، له تصانيف في
النحو واللغة، وكان يستخرج من العربية مالا يستخرجه أحد، توفي سنة
346 (موش).
(ابن وكيع)
أبو محمد الحسن بن علي بن أحمد بن محمد بن خلف البغدادي الأصل التنيسي
المولد والمدفن شاعر فاضل بارع قد برع على أهل زمانه يتقدمه أحد في أوانه،
له ديوان شعر جيد، ومن شعره:
لقد قنعت همتي بالخمول * وصدت عن الرتب العالية
وما جهلت طعم طيب العلا * ولكنها تؤثر العافية
وقريب منه قول من قال:
بقدر الصعود يكون الهبوط * فإياك والرتب العالية
وكن في مقام إذا ما سقط * ت تقوم ورجلاك في العافية
توفي بمدينة تنيس سنة 393، وتنيس كتنين مدينة بديار مصر بالقرب من
دمياط بناها تنيس بن حام بن نوح ووكيع كوضيع لقب جده أبى بكر محمد بن
خلف وكان فاضلا نبيلا من أهل القرآن والفقه والنحو والسير وأيام الناس واخبارهم
وله مصنفات، توفي ببغداد سنة 306.
(ابن ولاد)
أبو العباس أحمد بن محمد بن ولاد النحوي المصري، كان شيخه الزجاج
يفضله علي أبى جعفر النحاس له المقصور والممدود توفي سنة 332 (شلب).
445

(ابن الوليد)
أبو جعفر محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد شيخ القميين وفقيههم ومتقدمهم
ووجههم ثقة ثقة عين مسكون إليه، له كتب منها: كتاب تفسير القرآن وكتاب
الجامع قاله (جش). وقال العلامة في حقه: جليل القدر عظيم المنزلة عارف بالرجال
موثوق به روى عن الصفار وسعد انتهى.
وعن الصدوق انه قال في ذيل خبر صلاة الغدير ما هذا لفظه: إن شيخنا
محمد بن الحسن رضى الله تعالى عنه لا يصححه ويقول إنه من طريق محمد بن موسى
الهمداني وكان غير ثقة وكلما لم يصححه ذلك الشيخ قدس سره ولم يحكم بصحته
من الاخبار فهو عندنا متروك غير صحيح انتهى. توفي سنة 343، وابنه احمد
ابن محمد بن الحسن بن الوليد أستاذ الشيخ المفيد ومن مشايخ الإجازة، وروى
الشيخ في التهذيب وغيره عن المفيد عنه كثيرا. وروى عنه الحسين بن عبيد الله
وأحمد بن عبدون، ويطلق ابن الوليد أيضا على: مسلم بن الوليد الأنصاري
الملقب بصريع الغواني من شعراء الدولة العباسية، كان أبوه مولى الأنصار ولد
بالكوفة ونشأ بها ويقال انه أول من قال الشعر المعروف بالبديع وتبعه فيه جماعة
وكان منقطعا إلى البرامكة ثم اتصل بالفضل بن سهل وحظي عنده فقلده اعمال
جرجان اكتسب فيها أموالا وكان جوادا فأضاعها ثم صار إليه فقلده الضياع
بأصبهان، فلما قتل الفضل لزم منزله ولم يمدح أحدا حتى مات سنة 208، له
ديوان شعر.
(ابن هاني)
أبو القسم أو أبو الحسن محمد بن هاني الأزدي الأندلسي الشاعر المشهور
بحيث قيل فيه:
إن تكن فارسا فكن كعلي * أو تكن شاعرا فكن كابن هاني
446

عن ابن خلكان قال: ليس في المغاربة من هو أفصح منه لا متقدميهم ولا متأخريهم
بل هو أشعرهم على الاطلاق وهو عند المغاربة كالمتنبي عند المشارقة انتهى. كان
شيعيا من آل يزيد بن حاتم بن قبيصة بن المهلب بن أبي صفرة الأزدي، عده
معالم العلماء من شعراء أهل البيت " ع " ولد بأشبيلية من بلاد المغرب سنة 326
ونشأ بها وصاحب المعز العبيدي ولقى منه حفاوة وجميلا وخرج معه إلى الديار
المصرية ثم استأذنه في العود إلى المغرب ليأتي بعائلته فلما وصل إلى برقة قتل،
وقيل وجد مخنوقا وذلك في رجب سنة 362 (شبس) قتل على التشيع وولائه
الخالص، له ديوان كبير ومن شعره:
ولم أجد الانسان إلا ابن سعيه * فمن كان أسعى كان بالمجد اجدرا
وبالهمة العلياء يرقى إلى العلى * فمن كان أعلى همة كان أظهرا
ولم يتأخر من أراد تقدما * ولم يتقدم من أراد تأخرا
(ابن الهبارية)
الشريف أبو يعلى محمد بن محمد بن صالح الهاشمي العباسي البغدادي الشاعر
المشهور الملقب نظام الدين، كان شاعرا مجيدا وله اتصال بنظام الملك وله معه
قضية تأتي في نظام الملك، له كتاب نتائج الفطنة في نظم كليلة ودمنة وله ديوان
شعر كبير يدخل في أربع مجلدات، ومن غرائب نظمه كتاب الصادح والباغم
وهو على أسلوب كليلة ودمنة نظمه للأمير سيف الدولة صدقة بن دبيس صاحب الحلة.
وفي نفس المهموم عن تذكرة السبط (1) قال: أنشدنا أبو عبد الله محمد بن النبديجي
قال أنشدنا بعض مشايخنا ان ابن الهبارية الشاعر اجتاز بكربلا فجلس يبكي على
الحسين وأهله " ع " وقال بديها:
أحسين والمبعوث جدك بالهدى * قسما يكون الحق عنه مسائلي

(1) طبع في المطبعة الحيدرية في النجف
447

لو كنت شاهد كربلا لبذلت في * تنفيس كربك جهد بذل الباذل
وسقيت حد السيف من أعدائكم * عللا وحد السمهري البازل
لكنني أخرت عنك لشقوتي * فبلابلي بين الغري وبابل
هبني حرمت النصر من أعدائكم * فأقل من حزن ودمع سائل
ثم نام من (في خ ل) مكانه فرأى رسول الله صلى الله عليه وآله في المنام فقال له يا فلان
جزاك الله عني خيرا إبشر فان الله تعالى قد كتبك ممن جاهد بين يدي الحسين
انتهى. وله قصة مع ابن جهير الوزير، وقد تقدم في ابن جهير. توفي بكرمان
سنة 504 (شرد). وعن أنساب السمعاني: انه توفي بعد سنة 490 وقال: له في
رثاء الحسين " ع " ومدح آل الرسول اشعار كثيرة والهبارية بفتح الهاء وتشديد
الباء الموحدة نسبة إلى هبار جده لامه.
(أقول) قد رثى الحسين بن علي " ع " جماعة كثيرة من الشعراء بحيث
لو انتخب وجمع أناف على مجلدات كثيرة. وقال أبو الفرج في مقاتل الطالبيين (1).
قد رثى الحسين بن علي " ع " جماعة عن متأخري الشعراء استغني عن ذكرهم في
هذا الموضع كراهية الإطالة، واما ما تقدم فما وقع إلينا شئ رثى به وكانت الشعراء
لا تقدم على ذلك مخافة من بني أمية وخشية منهم انتهى.
(أقول) مع هذا فقد رثاه جماعة كثيرة في أيام بني أمية ليس هنا محل
ذكرهم فمنهم: عوف الأزدي فعن معجم الشعراء للمرزباني قال: عوف بن عبد الله
ابن الأحمر الأزدي شهد مع علي " ع " صفين وله قصيدة طويلة رثى بها الحسين " ع "
وحض الشيعة على الطلب بدمه وكانت هذه المرثية تخبأ أيام بني أمية وانما خرجت
بعد، كذا قال ابن الكلبي منها:
ونحن سمونا لابن هند بجحفل * كرجل الدبا يزجي إليه الدواهيا

(1) طبع في المطبعة الحيدرية في النجف الأشرف.
448

فلما التقينا بين الضرب أينا * لصفين كان الأضرع المتوانيا
ليبك حسينا كلما ذر شارق * وعند غسوق الليل من كان باكيا
لحا الله قوما أشخصوهم وغرروا * فلم ير يوم البأس منهم محاميا
ولا موفيا بالعهد إذ حمس الوغا * ولا زاجرا عند المضلين ناهيا
فيا ليتني إذ كان كنت شهدته * تضاربت عنه الشانئين الأعاديا
ودافعت عنه ما استطعت مجاهدا * وأعملت سيفي فيهم وسنانيا
(ابن هبيرة)
قال ابن قتيبة في المعارف: عمر بن هبيرة بن سعد بن عدي بن فزارة وجده
من قبل أمه كعب بن حسان بن شهاب رأس بني عدي في زمانه، ولي العراقين
ليزيد بن عبد الملك ست وسنين وكان يكنى أبا المثنى وفيه يقول الفرزدق ليزيد:
أوليت العراق ورافديه * فزاريا احذ يد القميص
تفتق بالعراق أبو المثنى * وعلم قومه اكل الخبيص
ورافداه: دجلة والفرات. وقوله احذ يد القميص: يريد انه خفيف اليد
نسبه إلى الخيانة، وكانت حبابه جارية يزيد بن عبد الملك سبية في ولاية العراقين
وكانت تدعوه أبى ومات بالشام فولد عمر يزيد بن عمر وسفيان وعبد الواحد،
فاما يزيد فولي العراقين لمروان بن محمد خمس سنين وكان شريفا يقسم على زواره في
كل شهر خمسمائة الف ويعشي كل ليلة من شهر رمضان ثم يقضي للناس عشر حوائج
لا يجلسون بها، وكان جميل المرآة عظيم الخطر، وأمه سندية فولد يزيد المثنى ومخلدا
فاما المثنى فولي اليمامة لأبيه وقتله أبو حماد المروزي بالبادية. واما مخلد فكان شريف
الولد ولهم بالشام قدر وعدد، وكان ليزيد ابن يقال له داود وقتل مع يزيد أبيه،
وكان أبو جعفر المنصور حصر يزيد بواسط شهورا ثم أمنه وافتتح البلد صلحا
449

وركب يزيد إليه في أهل بيته فكان يقول أبو جعفر لا يعز ملك هذا فيه
ثم قتله انتهى
وكان قتله سنة 132 (قلب) وكان أبو الوليد معن بن زائدة الشيباني
من أصحابه ومنقطعا به، وقد ذكرنا خبره في ابن جهم.
(ابن هرمة)
أبو إسحاق إبراهيم بن علي بن سلمة بن عامر بن هرمة بن هذيل القرشي
الفهري المدني شاعر مفلق من أهل المائة الثانية وكان حيا في سنة 146، وكان
أحد الشعراء المخضرمين أدرك الدولتين الأموية والهاشمية قال الأصمعي: ختم
الشعر بإبراهيم بن هرمة وهو آخر الحجج وكان ممن اشتهر بالانقطاع إلى الطالبيين،
وقد أكثر من مدائحهم ورثائهم وكان ذلك دليلا واضحا على تشيعه. حكي انه
قيل له في دولة بني العباس ألست القائل؟
فمهما الام على حبهم * فإني أحب بني فاطمة
بني بنت من جاء بالمحكمات * والدين والسنن القائمة
ولست أبالي بحبي لهم * سواهم من النعم السائمة
فقال أعض الله قائلها بهن أمه، فقال له من يثق به: ألست قائلها؟ فقال
بلى ولكن أعض بهن أمي خير من أن اقتل. وكان معروفا بالتشيع عند الأمويين
والعباسيين وكانوا مع ذلك يكرمونه لشعره فيمدحهم ويجيزونه الجوائز الجليلة،
وكان جوادا كريما وكانت له كلاب إذا أبصرت الأضياف لم تنبح عليهم
وبصبصت بأذنابها بين أيديهم فقال يمدحها:
ويدل ضيفي في الظلام على القرى * إشراق ناري أو نبيح كلابي
حتى إذا واجهنه وعرفنه * فدينه ببصابص الأذناب
وجعلن مما قد عرفن يقدنه * ويكدن ان ينطقن بالترحاب
450

ومن شعره:
ما رغبة الناس في الحياة وإن * عاشت طويلا فالموت لاحقها
يوشك من فر من منيته * في بعض غراته يوافقها
من لم يمت غبطة يمت هرما * الموت كأس والمرء ذائقها
حكي انه وفد أهل الكوفة على معن بن زائدة لما ولاه المنصور أذربيجان فرأى
معن هيئته رثة فأنشأ يقول:
إذا نوبة نابت صديقك فاغتنم * مرمتها فالدهر بالناس قلب
فأحسن ثوبيك الذي أنت لابس * وافره مهريك الذي ليس يركب
فبادر بمعروف إذا كنت قادرا * زوال اقتدار أو غنى عنك يذهب
فقال له رجل: أصلح الله الأمير ألا أنشدك أحسن من هذا لابن عمك ابن
هرمة فأنشده:
وللنفس تارات يحل بها العزا * وتسخو عن المال النفوس الشحايح
إذا المرء لم ينفعك حيا فنفعه * أقل إذا ضمت عليه الصفايح
لأية حال يخبأ المرء ماله * حذار غد والموت غاد فرائح
قال معن أحسنت والله وإن كان الشعر لغيرك يا غلام اعطهم أربعة آلاف أربعة
آلاف، فقال الغلام يا سيدي دراهم أو دنانير؟ قال والله لا تكون همتك ارفع
من همتي صفرها لهم - (اي اعطهم دنانير) -.
(ابن هشام)
يطلق على جماعة من علماء العامة منهم: جمال الدين عبد الله بن يوسف
المصري الحنبلي النحوي المتوفي سنة 761 (ساذ) وهو صاحب كتاب مغني اللبيب
وكتاب التحصيل والتوضيح على الألفية سماه أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك
وشذرات الذهب في معرفة كلام العرب وقطر الندى وشرح التسهيل وغير ذلك
451

وكان كثير المخالفة لأبي حيان شديد الانحراف عنه، وعن ابن خلدون انه قال:
ما زلنا نحن بالمغرب نسمع انه ظهر بمصر عالم بالعربية يقال له ابن هشام أنحى من
سيبويه انتهى.
ومن شعره:
ومن يصطير للعلم يظفر بنيله * ومن يخطب الحسناء يصبر على البذل
ومن لم يذل النفس في طلب العلى * يسيرا يعش دهرا طويلا أخا ذل
والى هذا المعنى الطريف يشير ما عن بعض الحكماء من جلس في صغره حيث
يحب يجلس في كبره حيث يكره وله كلام في قوله تعالى (فاغسلوا وجوهكم وأيديكم
إلى المرافق) يظهر من أن الابتداء في غسل اليد من المرفق ويبطل ما ذهب إليه
العامة من غسل اليد إلى المرفق فراجع كتاب الطهارة من البحار ص 57، وقد
يطلق ابن هشام على ابن ابن هاشم المذكور محب الدين محمد بن عبد الله النحوي.
وقد يطلق على حفيده أحمد بن عبد الرحمان بن عبد الله صاحب الحاشية على توضيح
جده. ومنهم أبو محمد عبد الملك بن هشام بن أيوب الحميري البصري نزيل مصر
صاحب كتاب السيرة النبوية المعروفة بسيرة ابن هشام جمعها من المغازي والسير
لابن إسحاق، توفي سنة 218 (ريح).
ورثاه ابن نباتة بقوله:
سقى ابن هشام في الثرى نوء رحمة * يجر على مثواه ذيل غمام
سأروي له من سيرة المدح مسندا * فما زلت أروي سيرة ابن هشام
ومنهم: جمال الدين يوسف بن هشام الحنبلي المتأخر صاحب المغني وغيره
والعجب أن كتابه المغني أيضا في النحو كمغني اللبيب المعروف.
452

(ابن الهمام)
كمال الدين محمد بن القاضي عبد الواحد بن عبد الحميد الإسكندري الحنفي،
كان علامة في الفقه والأصول والنحو وسائر العلوم، له التحرير في أصول الفقه وقد
شرحه تلميذه القاضي محمد ابن أمير حاج الحلبي المتوفي سنة 879 شرحا ممزوجا
سماه التقرير والتحبير، وله فتح القدير للعاجز الفقير فقه حنفي إلى غير ذلك،
توفي سنة 861 (ساض).
(ابن يعيش)
أبو البقاء موفق الدين يعيش بن علي بن يعيش الموصلي الحلبي النحوي الفاضل الأديب صاحب كتاب شرح المفصل للزمخشري في النحو، ومن تلاميذه
ابن خلكان وذكر ترجمته في تأريخه.
توفي بحلب 25 جمادى الأولى سنة 643 (خمج).
(وقد يطلق) على أبي إسحاق إبراهيم بن أحمد بن عبد الله بن يعيش الذي
سمع الواقدي وخلقا من طبقته.
قال الخطيب البغدادي: وكان ثقة فهما صنف المسند وجوده وكان قد
انتقل إلى همذان وسكنها وحصل حديثه عن أهلها انتهى توفي في حدود سنة 257.
(ابن اليزيدي)
أبو عبد الرحمن عبد الله بن أبي محمد بن المبارك بن المغيرة العدوي، كان
أديبا عالما بالنحو واللغة، اخذ عن الفراء وغيره، وصنف في غريب القرآن وكتابا
في النحو وغير ذلك، ويأتي ذكر أبيه اليزيدي. وقد يطلق على أخيه إبراهيم بن أبي
محمد يحيى بن المبارك الأديب الشاعر، هو بصري سكن بغداد سمع ابن أبي
زيد الأنصاري والأصمعي، وله كتاب ما اتفق لفظه واختلف معناه يفتخر
به اليزيديون وغير ذلك.
453

(ابن يمين)
الأمير محمود بن الأمير يمين الفريومدي الشاعر الفاضل الأديب، ومن شعره
مدح مولانا أبي الحسن الرضا عليه السلام:
به پندا بن يمين گفت دوستي كه توئي
كه شعر تواست كه بر آسمان رسيده سرش
چرا مديح سراى رضا همى نشوي
كه در جهان نبود كس بباكى گهرش
بگفتمش كه نيارم ستود امامي را
كه جبرئيل امين بوده خادم بدرش
(قلت) اخذ هذا من أبي نؤاس في قوله (قيل لي أنت أوحد الناس طرا)
وقد تقدم في أبي نؤاس. توفي سنة 745 (ذمه).
تم المجلد الأول ومن كتاب الكنى والألقاب،
ويتلوه المجلد الثاني منه في المعروفين بالألقاب
والأنساب، والحمد لله أولا وآخرا
وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
الأطياب من الآن إلى
يوم المآب.
في المجلد الأخير من الكتاب فهرس تفصيلي يتضمن التراجم الواردة
في الكتاب بصورة وافية؟ مع بيان التراجم المذكورة ضمن التراجم، بالإضافة
إلى ترجمة المؤلف الشيخ المحدث القمي
454