مجلة ينابيع - تعنى بنشر فكر أهل البيت عليهم السلام - page 48

إن دولة يثرب التي أقامها رسول
والتي تستمد تشريعاتها
F
الله
من الإسلام، هي بلا شك انطلقت
ولا زالت الدولة الفكرية والقانونية التي
نشئت على أساس سيادة القانون الإلهي
ُ
أ
الخالد، ولازال المعاندون وعصاة التاريخ
وكل المتنكرين للفطرة والحق والعدالة
يتخبطون بين أقصى اليمين وأقصى
ً
الشمال، جاعلين من البشرية ألعوبة
ا لنظرياتهم القاصرة والمقصرة،
ً
ومختبر
قد صدعت
F
بينما نجد أن سيرة النبي
برسالة خاتم الأنبياء صلوات الله وسلامه
عليه وعلى آله الطاهرين ومنقذ البشرية
.
)1(
من الضلالات والانحراف
من مكة،
ً
يثربمهاجرا
F
فبعد وصوله
شرع بوضع أسس الدولة المدنية، فقام
ببناء مقر تلك الدولة الحديثة وهو المسجد
ً
ومقرا
ً
ا للعبادة، ومركزا
ً
مكان
ّ
الذي يعد
للحكومة، حيث تجري فيه الاجتماعات
والتخطيط للدفاع عن المدينة من الأعداء
وتعبئة الجند، وإلقاء البيانات والارشادات
وحل النزاعات بين الناس والقضاء بينهم،
لمال المسلمين فيه تجمع
ً
ومن ثم بيتا
الزكوات وفيه توزع على مستحقيها.
وبما أن مجتمع المدينة كان ذا ولاءات
ا لخلفياته القبلية والعرقية
ً
متعددة، نظر
والدينية، ففيه القبائل العربية ومنها الأوس
والخزرج المتناحرة عبر تاريخها، وقد
من مكة،
F
جاءهم المهاجرون مع النبي
وفيها اليهود، وحولهم النصارى. فقد قام
بتوحيد هذه الولاءات
F
الرسول الأكرم
وتذويب الفوارق الطبقية وتهذيب
الانتماءات القبلية والعرقية وجعل الإسلام
هو المعيار للتفاضل، والمحور الذي يدور
فيه مواطنو يثرب.
الدستور الأول
F
فقد أعلن النبي
للدولة الإسلامية الكبرى، وذلك في
وثيقة تنظم حياة الفرد والمجتمع وتحدد
الحقوق والواجبات لجميع الناس، وقد
سميت فيما بعد بـ (صحيفة المدينة)، (إن
F
الرسول الأعظم
ة
ّ
وبناء الدولة المدني
الشيخ د. جون العتابي
الكلية الإنسانية الجامعة
ÍÃMI¹Ä
ملف العدد
العدد (37) ربيع الأول - ربيع الثاني 8341 ه
48
1...,49,50,51,52,53,54,55,56,57,58 38,39,40,41,42,43,44,45,46,47,...132
Powered by FlippingBook